الأخت الباحثة...
وفقك الله وسددك...
ماأردنا أن نقرره: هو أن هناك فرقا بين مايعرفه السلف،وبين ماقد قالوه.
وكان موضوعنا :هل هناك معنى لم (يعرفه)السلف؟.
لذلك ذكرنا ذلك التفريق.
ونحن حينما نشدد في ذلك لانحاول أن نحرج فيمن أجاز ذلك الوصف.
إلا أننا نرى أن فيمن قال:لقد أتيت بمعنى جديد لم يعرفه السلف.
بأنه قد أقبل على مادونه خرط القتاد.
لأن السلف رحمهم الله-ونحن حينما نقول السلف أي ذلك الرعيل بأكمله- قد أوتوا قوة عارضة،ودقة فهم ،ومتانة لسان.
وأن من يدعي أنه أتى بمعنى جديد لم (يعرفه) السلف-ولم يقصد أقالوه أم لا-
هو زعم بأن ماجاء به غاب عن السلف كلهم.
وهذا القول فيه تعالي وتقدم على مقام السلف رحمهم الله.
وإليك هذا المثال:
هل عندما قرر عبد القاهر الجرجاني رحمه الله نظرية النظم في البلاغة،وفصلها وأبرز مزاياها ،ومعانيها ،وكان في هذا البيان والتقرير هو سابق على غيره بالإجماع.
هل بعد ذلك زعم عبدالقاهر رحمه الله أن العرب لم (تعرف) تلك المقاصدالبيانيه التي هو قررها؟
وأن في تقديم ((إياك نعبد)) معنى لم تعرفه العرب؟
أم أن عبدالقاهررحمه الله أكد (معرفتهم) بذلك في أذهانهم ثم استشهد بكلام سيبويه :في أنهم يقدمون الذي بيانه أهم لهم وهم به أعنى. ؟
أيتها الكريمة نحن لانحاول إغلاق باب الفهم والاستنباط .
لكن الذي ندندن حوله هو التزام شدة التحري على من يدعي سبقا في معنى تفسيري.
فربما القوم قد تكلموا بنحوه لكن لم يبحث،أويفهم قولهم.
وإن لم يكن ذلك فأخلق بأن السلف قد عرفوا أصل ذلك المعنى وعنى لمن بعدهم استغراق معرفة أفانينه وفروعه.
أخيرا أطرح سؤالا مهما:
وهو لماذا قل سؤال الصحابة رضوان الله عليهم للنبي صلى الله عليه وسلم في معاني القرآن؟
تعلمين حتما بأن الجواب هو أن القرآن الكريم نزل بلسان القوم.
وممالايماري فيه أولوالألباب هو أن اللسان العربي يمتاز باقتدار أهله على الإبانة، و متانتهم في الاستبانه.
والله المستعان.
أخي الكريم ، جزاك الله خيراً ..
ربما ظهر لك أنني تكلمت خارج الموضوع وتوسعت في غير المقصد المذكور ..
لكن هذا القول فيه إشكال كبير ويولد إشكالات أكبر خطيرة:
ماأردنا أن نقرره: هو أن هناك فرقا بين مايعرفه السلف،وبين ماقد قالوه.
وكان موضوعنا :هل هناك معنى لم (يعرفه)السلف؟.
لذلك ذكرنا ذلك التفريق.
إننا بهذا السؤال نفرض علماً "كمالياً" للسلف ، إن لم يكن مطلقاً.. علماً لم يكن الأنبياء من قبل وصولوا إليه لأنهم تفاوتوا في علمهم وفهمهم ..
وهذا ما جعلنا نتساءل هل كل ما (عرفوه) (قالوه)؟
فهنا نفترض كمال معرفتهم التي إن لم يصلنا شيء منها كان ذلك بسبب أنهم لم يقولوه ، -معذرة لكن هذا ما أفهمه-.
ثم خرج هذا السؤال بإشكال آخر فلو فرضنا أن كل من أتى بجديد خالف فيه السلف أو كان الجديد شيئاً لم يذكروه فإنه يرفض بحجة أن هذا إنقاص لفضلهم أو طعن في كمال توضيح الله لهم!
و تأمل: لا النبوة ولا الإيمان ولا تنزيل القرآن ولا الفضل ولا العبادة ولا السبق يمنح صاحبها علماً كاملاً ، بل أن البشر بشر يقع في الأخطاء ويمنُّ الله بالفهم على بعض دون بعض ..
ولا نقص في فضلهم و لا في نبوتهم ولا شك في ذلك ..
لأن السلف رحمهم الله-ونحن حينما نقول السلف أي ذلك الرعيل بأكمله- قد أوتوا قوة عارضة،ودقة فهم ،ومتانة لسان.
وأن من يدعي أنه أتى بمعنى جديد لم (يعرفه) السلف-ولم يقصد أقالوه أم لا-
هو زعم بأن ماجاء به غاب عن السلف كلهم.
وهذا القول فيه تعالي وتقدم على مقام السلف رحمهم الله.
وهذا ما ذكرتُ ، إن عدم العلم ليس نقص فضل إلا إذا كان علم الخضر تعالياً على مقام نبوة النبي موسى عليه السلام ..
إن المشكلة الخطيرة تكمن في التوقف عند قول السابقين وعدم الخروج عن قولهم ، فهل كان لهم علم كامل مطلق؟ أم كانوا غير البشر دون خطأ ..
وهذا ما حذرنا الله منه ، لا تظن أن الهدى هو في آثار السابقين فقط..(وإنا على آثارهم مهتدون)
فالهدى من عند الله ، والعلم من عند الله ..
إن القضية ليست إغلاق باب البحث والاستنباط ، بل ماذا لو أتى هذا البحث والاستنباط بنتيجة مختلفة..
إننا نطالب بشكل أو بآخر بالبحث والاستنباط لنصل إلى نتيجة متوافقة فهل هذا هو البحث والاستنباط الحقيقي؟
إنني أتصور أنه حتى لو أتى البحث بنتيجة معارضة فهذه فرصة للبحث والتأكيد ، وهذا كله يجعلك تزداد إيماناً ويقيناً وعلماً..
بل حتى الشُّبه التي تطرح من قبل غير المسلمين ، وقصدهم فيها الطعن في الإسلام ، هي فرصة للعلم والبحث ..
يقول تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا).
إن المثال الذي طرحته توافقيٌ ، لكن دعني أطرح مثالاً آخر غير ذلك:
ماذا لو قال قائل إن المحرمات من الرضاعة فقط الأم والأخت ، مستنبطاً ذلك من قوله تعالى:(وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) ولا يصح أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب بدلالة أنها لم ترد في المحرمات.
فهل يجاب عليه بأن هذا مجمع عليه ، وهي قاعدة وانتهى؟
أظن أن الصواب يكون في الرد على هذا بطريقة تفصيلية توضح كيف استنبط الرأي الأول ، وأوجه الصواب والخطأ في كليهما.
وهو لماذا قل سؤال الصحابة رضوان الله عليهم للنبي صلى الله عليه وسلم في معاني القرآن؟
تعلمين حتما بأن الجواب هو أن القرآن الكريم نزل بلسان القوم.
وممالايماري فيه أولوالألباب هو أن اللسان العربي يمتاز باقتدار أهله على الإبانة، و متانتهم في الاستبانه.
والله المستعان.
دعني أطرح السؤال بطريقة أخرى:
لماذا لم يفسر الرسول الكريم القرآن كاملاً؟
وما أحب أن أجيب به ليبقى للناس في كل زمان ، كلما تقدم العلم والزمن فإن لهم ما يجدونه ..
إنني أتصور أن في القرآن من الإعجاز والإحكام الباقي الذي لم يكتشف بعد الشيء الكثير والعظيم ،
وفيه من الفهم الذي لم نصل إليه بعد -بأشخاصنا- ..
و أن هذا كله موجود للهدى و (ليزداد الذين آمنوا إيماناً)..
ولتصل إلى الهدى لابد أن تبحث عنه .. (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا
زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ)
و إذا كان القرآن هو الهدى ، وهو المعين الأول .. فلن يضل من استمسك به والله ..(وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)
ولا شك أن معرفة الصحابة والسابقين باللغة العربية وقربهم من الرسول صلى الله عليه وسلم كان له أثر كبير على معرفتهم وعلمهم بكتاب الله .. فلهذا ينبغي أن ننهج منهجهم وأن نحاول أن نكون أقرب لكتاب الله وللغته..
والله تعالى أعلم ،
والحمد لله رب العالمين..