((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16) أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20))
لو نتأمل الآيات مع الأحاديث النبوية وبعض آثار السلف ، لوجدنا تناسباً بين الآيات الكريمة الملوّنة بالأزرق وبين جزاء الكفار وجزاء المؤمنين السابقَي الذكر :
1- ((أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت))
بالنسبة للكفار : فإنهم يملأون بطونهم من الضريع ، كما تملأ الإبل ، وأيضاً : ((فشاربون شرب الهيم)) .
وبالنسبة للمؤمنين : فكما ترتفع هذه الإبل بعد بروكها ، ترتفع سررهم .
2- ((وإلى السماء كيف رُفعت))
بالنسبة للكفار : فقد قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ الْكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ) متفق عليه . فتخيلوا طوله !
وبالنسبة للمؤمنين : فقد قال صلى الله عليه وسلم عن دخولهم الجنة : (عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ
سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ) ، وأيضاً ترتفع سررهم عالياً في السماء .
3- ((وإلى الجبال كيف نُصبت))
بالنسبة للكفار : فقد قال صلى الله عليه وسلم : (ضرس الكافر مثل أُحد) .
وبالنسبة للمؤمنين : فلعل سررهم ونمارقهم مصفوفة كالجبال المنصوبة .
4- ((وإلى الأرض كيف سُطحت))
بالنسبة للكفار : فقد جعل الله النار لهم مهاداً ، كما أن الأرض كذلك .
وبالنسبة للمؤمنين : فالزرابي كبيرة ، تُذكّر بحجم أرض من أرضين الدنيا ، وأيضاً ليس فيها اعوجاج ظاهر .
ولعل الإشارة إلى هذا العدد (السبعين) من القرآن الكريم يؤخذ من قوله تعالى : ((ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه)) .
إذْ السلسلة التي ذرْعها ذراع واحد تكفي للسحب ، فأشارت الآية إذاً إلى المقادير التي تستخدم في تعذيب الكفار . والعياذ بالله
الزهد لابن المبارك - (1 / 87) :
قال رسول الله صلى الله عيه وسلم : (بصر جلد الكافر -يعني غلظ جلده- سبعون ذراعا ، وضرسه مثل أُحد وفي سائر خلقه) .