سؤال : هل أخذ الداني بالإظهار في الميم الساكنة مع الباء ؟

إنضم
9 أبريل 2007
المشاركات
1,499
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
سؤال : هل الداني أخذ بالإظهار في الميم الساكنة مع الباء ؟
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور[FONT=&quot] [/FONT]أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن[FONT=&quot] [/FONT]لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كثيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عليكم رَقِيباً
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما.
ثم أما بعد :
إن أصدق الحديث كتاب الله و خير الهدى هدى محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ .
وبعد :
لست بصدد النقاش هل الإخفاء بفرجة أو لا ، ولكني في صدد طرح سؤال : هل الداني أخذ بالإظهار في الميم الساكنة مع الباء ؟
وقد يتعجب البعض من هذا السؤال ؛ لأن الداني صرح في كثير من كتبه بالإخفاء حيث قال الداني في كتابه التحديد :" وإذا التقى الميم بالفاء أنعم ببيانه للغنة التي فيه ( أي أصل الغنة المظهرة ) ... روى عن الكسائي وذلك غير صحيح ولا جائز ... فإن التقت الميم بالباء فعلماؤنا مختلفون في العبارة عنهما : فقال بعضهم : هي مخفاة لانطباق الشفتين عليهما كانطباقهما على أحدهما وهذا مذهب بن مجاهد ، وإلى هذا ذهب شيخنا على بن بشر ... قال أبو الحسن ابن المنادى : أخذنا عن أهل الأداء بيان الميم الساكنة عند الواو والفاء والباء ... وقال أحمد بن يعقوب التائب : أجمع القراء على تبيين الميم الساكنة وترك إدغامها إذا لقيت باء في جميع القرآن ، قال : وكذلك الميم عند الفاء وذهب إلى هذا جماعة من شيوخنا ... وبالأول أقول ... " ا.هـ .166
فقوله ( مختلفون في العبارة عنهما ) أي أن الخلاف لفظي بين الفريقين ، فالحكم واحد والخلاف فقط في التعبير عن هذا الحكم وهذا ظاهر العبارة ، وقد ذكر الداني في مصطلح الإخفاء النون الساكنة والتنوين فقط حيث قال في التحديد : " وأما المخفى فعلى نوعين : إخفاء الحركات ، وإخفاء النون والتنوين . فأما إخفاء الحركات فحقه أن يضعف الصوت بهن ولايتم ، وقد بينا ذلك قبل. وأما إخفاء النون والتنوين فحقه أن يؤتى بهما لا مظهرين ولا مدغمين ، فيكون مخرجهما من الخياشيم لاغير ، ويبطل عمل اللسان بهما ، ويمتنع التشديد لامتناع قلبهما ، وذلك اذا لقيا حروف اللسان غير الراء واللام ، وسترى هذا مبينًا ممثلا - إن شاءالله - فى موضعه.
وقال الحسين بن على ، قال لن أحمد بن نصر، المخفى ما تبقى معه غنة. )أهــ100
فلم يذكر الداني في مصطلح "الإخفاء" إخفاء الميم الساكنة ، وقال في النون الساكنة والتنوين مع أحرفها (المخفى ما تبقى معه غنة.) وقال في الميم (قال سيبويه "المخفى بزنة المظهر" ) .
وقال عبد الواحد بن محمد بن على بن أبي السداد ، أبو محمد المالقي (ت 705هـ) الدر النثير والعذب النمير في شرح كتاب التيسير ص 448 وهو يتحدث عن قلب النون الساكنة والتنوين ميمًا قبل الباء : " لا خلاف في لزوم القلب في جميع هذه الأمثلة وما أشبهها ، وحقيقة القلب هنا أن تلفظ بميم ساكنة بدلاً من النون الساكنة [FONT=&quot]، ويُتَحَفَّظُ من سريان التحريك السريع ، ومعيار ذلك : أن تنظر كيف تلفظ بالميم في[/FONT] قولك : الخَمْر والشَّمْس، فتجد الشفتين تنطبقان حال النطق بالميم ، ولا تنفتحان إلا بالحرف الذي بعدها ، وكذا ينبغي أن يكون العمل في الباء ، فإن شرعت في فتح الشفتين قبل تمام لفظ الميم ، سرى التحريك إلى الميم ، وهو من اللحن الخفي الذي ينبغي التَّحَرُّزُ منه ، ثم تلفظ بالباء متصلة بالميم ، ومعها تنفتح الشفتان بالحركة ، وَلْيُحْرَزْ عليها ما تستحقه من الشدة والقلقلة "ا.هـ
فالمالقي يقصد الإظهار وينهى عن سريان التحريك ولم يحك غنة ـ وسيأتي توضيحه في كلام القيجاطي إن شاء الله ـ . وهذا كلام شارح التيسير أما ناظم التيسير وهوالإمام الشاطبي لم يحك خلافا في الميم الساكنة بل فقط ذكر إدغام الميم في الميم ويندرج ذلك في قوله (وما أول المثلين فيه مسكن فلابد من إدغامه متمثلا) أما الميم الساكنة مع الباء لم يحك فيه شيئا ، ولذا قال الجعبري في الكنز: : ( والذي استقر عليه رأي المحققين كابن مجاهد إظهارها عند الفاء والواو والتخيير بين إظهارها وإخفائها عند الباء مراعاة للانطباق والاختصاص..ثم قال الجعبري : وقطع أبو محمد البغدادي بعدم إخفائها عند الباء في قوله :
ولا تخفين الميم عند سكونها **إذا لقيت باء فذاك معطل
وأصل ظهور الميم للغنة التي ** تحل بها والقول فيها يفصل
وهذا هو المفهوم من إطلاق الناظم رحمه الله ..............)أ.هـ
وقوله(وهذا هو المفهوم من إطلاق الناظم رحمه الله) ويقصد به الإمام الشاطبي ويقصد بالمفهوم الإظهار كما هو ظاهر .
وقال عبد الوهاب القرطبي ( ت 461 هـ ) "الموضح في التجويد" عند كلامه على الميم الساكنة عند ملاقاتها صوت الباء ما نصه : فقال بعضهم : هي مخفاة لانطباق الشفتين عليهما كانطباقهما على أحدهما ..)ا.هـ
وقول الداني " مخفاة لانطباق الشفتين عليهما كانطباقهما على أحدهما ..)ا.هـ
وعند حكاية الإظهار قال أبو عمرو الداني : قال لي أبو الحسن بن شريح فيه بالإظهار ، ولفظ لي به فأطبق شفتيه علي الحرفين إطباقا واحدا..)
فعبارة الداني والقرطبي تقول(لانطباق الشفتين عليهما كانطباقهما على أحدهما) وعبارة ابن الباذش(فأطبق شفتيه على الحرفين إطباقًا واحدًا)
فالعبارة متطابقة بين الإخفاء وبين الإظهار فكلاهما بانطباق الشفتين علي الحرفين انطباقا واحدا .
أما في حالة الإخفاء المصاحب للغنة ينطبق الشفتان على الميم فقط حتى ينتهي القارئ من غنة الميم ثم ينتقل بإطباق آخر للباء فيفترقان .
إلا أن قول العلامة ابن الجزري في النشر : وأما الحكم الثالث وهو (القلب) : فعند حرف واحد وهي الباء فإن النون الساكنة والتنوين يقلبان عندها ميمًا خالصةً من غير إدغامٍ وذلك نحو :" أنبئهم ، ومن بعد ، وصم بكم " ولابد من إظهار الغنة مع ذلك فيصير في الحقيقة إخفاء الميم المقلوبة عند الباء فلا فرق حينئذٍ في اللفظ بين (أن بورك، وبين ، يعتصم بالله) إلا أنه لم يختلف في إخفاء الميم ولا في إظهار الغنة في ذلك.
وما وقع في كتب بعض متأخري المغاربة من حكاية الخلاف في ذلك فوهمٌ ولعله انعكس عليهم من الميم الساكنة عند الباء.
[FONT=&quot] والعجب أن شارح أرجوزة ابن بري في قراءة نافع حكى ذلك عن الداني ، وإنما حكى الداني ذلك في الميم الساكنة لا المقلوبة واختار مع ذلك الإخفاء. وقد بسطنا بيان ذلك في كتاب التمهيد والله أعلم.)ا.هـ 2/84 [/FONT]
وقوله(وإنما حكى الداني ذلك في الميم الساكنة لا المقلوبة واختار مع ذلك الإخفاء. ) نعم اختار الداني الإخفاء لكنه حكى أن الخلاف لفظي حيث قال ( مختلفون في العبارة عنهما ) ويدلك قول الإمام مرادي عند حكاية حكم الميم : أجمع القراء إلا من شذ علي الميم الساكنة لاتدغم في الباء ثم اختلفوا هل تظهر أو تخفي علي ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها تظهر ولا تخفي وإليه ذهب كثير من المحققين منهم طاهر ابن غلبون ، وابن المنادي والإمام شريح ، وبه جزم مكي .
والثاني : أنها تخفي ، وإليه ذهب قوم ، منهم أبو الحسن الأنطاكي وأبو الفضل الخزاعي ، وروي كل من القولين عن ابن مجاهد .
والثالث : التخيير في إظهارها وإخفائها ونسبهم بعضهم إلي ابن مجاهد أيضا ، وليس في كلام الناظم ترجيح .
قلت : القول بالبيان أشهر وعليه الأكثر . قال الإمام شريح : وبه قرأت وبه آخذ ، وقال أبو عمرو الداني قال لي أبو الحسن بن شريح فيه بالإظهار ، ولفظ لي به فأطبق شفتيه علي الحرفين إطباقا واحدا ... )

وهذا مبحث قد كنت كتبته تعليقا على كلام ابن الباذش :
يقول الإمام ابن الباذش :" قال لي أبي ـ رضي الله عنه ـ المعول عليه إظهار الميم عند الفاء والواو والباء ، ولا يتجه إخفاؤهن عندهن إلا بأن يزال مخرجها من الشفة ، ويبقي مخرجها من الخيشوم كما يفعل ذلك في النون المخفاة . وإنما ذكر سيبويه الإخفاء في النون ولا ينبغي أن تحمل الميم على النون في هذا لأن النون هي الداخلة على الميم في البدل في قولهم شنباء وعنبر وصم بكم " فحمل الميم عليها غير متجه ؛ لأن للنون تصرفا ليس للميم ألا تري أنها تدغم ويدغم فيها ، والميم يدغم فيها ولا تدغم ، إلا أن يريد القائلون بالإخفاء : انطباق الشفتين على الحرفين انطباقاواحدًا فذلك ممكن في الباء وحدها نحو " أكرم بزيد، فأما في الفاء والواو فغير ممكن فيهما الإخفاء إلا بإزالة مخرج الميم من الشفتين ، وقد تقدم امتناع ذلك ، فإن أرادوا بالإخفاء أن يكون الإظهار رفيقا غير عنيف فقد اتفقوا على المعني ، واختلفوا في تسميته إظهارًا أو إخفاء ، ولا تأثير لذلك . وأما الإدغام المحض فلا وجه له ... وقال لي : ما ذُكر عن الفراء من إخفاء النون عند الباء فوجه ذلك سمي البدل إخفاء كما سمي الإدغام في موضع آخر من كتابه إخفاء . فيرجع الخلاف إلي العبارة لا إلي المعني ؛ إذ الإخفاء الصحيح في هذا الموضع لم يستعمله أحد من المتقدمين والمتأخرين في تلاوة ولا حكوه لغة . وكذلك ما ذكر عن ابن مجاهد في إخفاء الميم عند الباء قول متجوز به على سيبويه ...) أ.هـ
بدأ الإمام عليّ ـ والد ابن الباذش ـ بقوله : " ... المعول عليه إظهار الميم عند الفاء والواو والباء ) أ.هـ . ذكر إظهار الميم عند الحروف الثلاثة [ الفاء ، والواو ، والباء ] فهل يشك أحد أنه يعني الإظهار المحض ـ أي بغير غنة ـ في هذه الثلاثة ومنها الباء ؟ بل لم يكتف بذلك وعضّد أخذه بالإظهار المحض بقوله : ( وإنما ذكر سيبويه الإخفاء في النون ولا ينبغي أن تحمل الميم على النون في هذا ) أ.هـ . فسيبويه لم يذكر إخفاء الميم عند الباء لأن مذهبه الإظهار كما أخذ به ابن الباذش وغيره . وقال أيضًا : ( وكذلك ما ذكر عن ابن مجاهد في إخفاء الميم عند الباء قول متجوَّز به على سيبويه ) فهو يردُّ نقل ابن مجاهد ويؤكد قول سيبويه ، وعليه فالإخفاء بالفعل ليس مذهبًا لسيبويه .
وبعد ما تقدم كيف يقال : إن ابن الباذش مذهبه الإخفاء في الميم مع الباء حتى يقال بأن مقصده الفرجة في النون والإطباق في الميم ؟ .أين ذهبت عقول القوم ؟!!
ثم أخذ ابن الباذش في محاولة منه لتقريب الأقوال والمعاني ليوجه كلام ابن مجاهد وإظهاره بأنه خلاف لفظي وليس خلافًا حقيقيًّا مع أخذه بوجه الإظهار في الميم الذي عوّل عليه . فقال : ( إلا أن يريد القائلون بالإخفاء انطباق الشفتين على الحرفين انطباقًا واحدًا فذلك ممكن في الباء وحدها نحو " أكرم بزيد .." ) أ.هـ . فهذا النص يتأول فيه ابن الباذش كلمة الإخفاء محاولاً تقريب الألفاظ ، ومعنى كلامه : إذا كان مقصد القائلين بالإطباق انطباق الشفتين علي الميم والحرف الذي بعده ـ أي حروف ( بوف ) ـ انطباقًا واحدًا فهذا ممكن في الباء وحدها ؛ لأن الإطباق الملاصق للحرفين لا يكون إلا في الباء وحدها ، أما الفاء والواو ستجد أنك إن نطقت بالميم ثم تفرج شفتيك عند الواو والفاء لأنهما بهما فرجة عند النطق نحو { بهم ويمدهم } ، { ولكم فيه } . فلن تجد فيهما الإطباق التام في الحرفين بين الميم والواو ، أو بين الميم والفاء ، مثل الذي تجده في الباء نحو { يعتصم بالله } والفرق واضح جليّ .
والميم في حالة الإظهار منطبقة الشفتين وكذا الباء فتلحظ انطباقًا واحدًا على الحرفين ، وهذا لا يتحقق مع الفاء والواو لحدوث انفراجة في الشفتين بالنسبة لحرفي الفاء والواو ـ كما سبق ـ فهو يقصد ( على الحرفين انطباقًا واحدًا ) الانطباق التام بين الميم والباء ، وكيفيته أن يخرج الميم والباء بانطباق واحد ، فلو أطلقوا على هذا الوضع إخفاء فيرجع الخلاف إلى العبارة لا إلى المعنى ، وهذا موافق لقوله في حكم الإظهار : ( وقال لي أبو الحسن بن شريح فيه بالإظهار ، ولفظ لي به فأطبق شفتيه على الحرفين إطباقًا واحدًا ..) ولاحظ أنه ذكر الانطباق على الحرفين أي الميم والباء معًا ، أما في حالة الإخفاء فلا يكون الانطباق إلا علي حرف الميم أولًا لأنك تصبر عليها بقدر زمن الغنة ثم تنتقل لإطباق الباء ، فلا يعقل أن تغن الميم وتكون مطبقًا على الباء أيضًا في آن واحد كما هو الحال في حكم إظهار الميم !! ، فهو يقول : ( إلا أن يريد القائلون بالإخفاء ... ) ، ثم يعلل بقوله : ( انطباق الشفتين على الحرفين انطباقًا واحدًا ) واستخدم لفظ ( الحرفين ) وليس الميم فقط ، وعند نقله الإظهار المحض عن أبي الحسن بن شريح قال : ( فأطبق شفتيه على الحرفين إطباقًا واحدًا ) استخدم لفظ ( الحرفين ) أيضًا ، وكذا استخدم عبارة ( إطباقًا واحدًا ) ففي الإظهار والإخفاء استخدم عبارة واحدة . فهل يقصد بذلك معنيين مختلفين ؟ أو يقصد بذلك طريقة واحدة والاختلاف فقط في مسمى الحكم ؟ وقوله : ( عنيف فقد اتفقوا على المعنى ، واختلفوا في تسميته إظهارًا أو إخفاء ، ولا تأثير لذلك .. ) وكذا قوله : ( فيرجع الخلاف إلى العبارة لا إلى المعني ) يحُلّ لك هذا الإشكال وأنه يريد أن يقول : إن الخلاف لفظي ولا يصح أن نعبّر عن ذلك بالإخفاء الصحيح ، وهذا الإخفاء الصحيح فسره في مقدمة كلامه بقوله : ( ولا يتجه إخفاؤهن عندهن إلا بأن يزال مخرجها من الشفة ) وكلمة ( يزال مخرجها ) يقصد به الميم المخفاة ، وهذا هو الإخفاء الصحيح في حالة إطلاق لفظ إخفاء الميم ، فمن قال بالإخفاء لا بد من إزالة المخرج ، ومن أبقى على انطباق الشفتين يقصد به الإظهار المحض لا غير .
أما أن يعتقد أنه يقصد الإخفاء ـ أي الغنة مع انطباق الشفتين ـ فهذا يبطله قول ابن الباذش : ( المعول عليه إظهار الميم عند الفاء والواو والباء ) ؛ إذ كيف يعوّل على حكم الإظهار في الباء ثم يأخذ بالإخفاء في الباء ؟ ويؤيد هذا الاتجاه ويقويه ويعضده قوله : ( فإن أرادوا بالإخفاء أن يكون الإظهار رفيقًا غير عنيف فقد اتفقوا علي المعني ، واختلفوا في تسميته إظهارًا أو إخفاء ، ولا تأثير لذلك ) . أ .هـ . وهذا تأويل آخر لمعنى الإخفاء عند ابن الباذش ، فتسميته ( إظهار أو إخفاء ) لا يضر ؛ لأنه من باب الخلاف اللفظي الذي لا تأثير معه في أصل الحكم وهو هنا حكم الإظهار المحض ، . وذكر الإمام ابن الجزريّ وجه إظهار الميم إظهارًا تامًّا بقوله : ( وقد ذهب جماعة كأبي الحسن أحمد بن المنادى وغيره إلى إظهارها عندها إظهارًا تامًّا ، وهو اختيار مكيّ القيسيّ وغيره ، وهو الذي عليه أهل الأداء بالعراق وسائر البلاد الشرقية ، وحكى أحمد بن يعقوب إجماع القراء عليه ، قلت : والوجهان صحيحان مأخوذ بهما إلا أن الإخفاء أولى للإجماع على إخفائها عند القلب ) أ.هـ .
وقوله : ( وغيره إلى إظهارها عندها إظهارًا تامًّا .. . وحكى أحمد بن يعقوب إجماع القراء عليه ) أي علي الإظهار ، وهذا الإجماع الذي حكاه الإمام أحمد بن يعقوب هو الذي دفع ابن الباذش للقول : ( إذ الإخفاء الصحيح في هذا الموضع لم يستعمله أحد من المتقدمين والمتأخرين في تلاوة ولا حكوه لغة ) . والذي يظهر من هذه العبارة أن الإظهار كان مجمعًا عليه عند ابن الباذش ولذا سارع بنفي الإخفاء الذي يزال فيه مخرج الميم . وقوله : ( ولا حكوه لغة ) لأن سيبويه لم يحك إخفاء في الميم وذلك من قوله : ( وإنما ذكر سيبويه الإخفاء في النون ولا ينبغي أن تحمل الميم ) أ .هـ.
وبعد أن أكدنا أن مذهب ابن الباذش الإظهار في الميم الأصلية نعود لعبارته ( ولا ينبغي أن تحمل الميم علي النون في هذا ؛ لأن النون هي الداخلة على الميم في البدل في قولهم : ( شنباء ، وعنبر ، و{ صم بكم } ) فحمل الميم عليها غير متجه ..) أ .هـ . تجده هنا غاير بين حكم النون ـ الإقلاب ـ وبين حكم الميم ـ الإخفاء ـ لأن الإقلاب لا خلاف بين القراء في الإتيان بالغنة ، إنما وقع الخلاف في حكم الميم ، قال ابن الجزري : قلت : وقد زل بسبب ذلك قوم وأطلقوا قياس ما لا يُروى على ما رُوِيَ وما له وجه ضعيف على الوجه القوي كأخذ بعض الأغبياء بإظهار الميم المقلوبة من النون والتنوين .. .) أ .هـ فإظهار النون المقلوبة ميمًا ( الإقلاب ) غير صحيح رواية بخلاف إظهار الميم الأصلية الساكنة مع الباء ، ولذا فرّق ابن الباذش بين الحكمين ( ولا ينبغي أن تحمل الميم علي النون ... ) من جهة أن حكم الميم الإظهار فقط ، وحكم النون المقلوبة الإخفاء فقط ، ولذا لم يحمل هذا على ذاك .. نعم ما ذهب إليه د. جبل بأن حكم القلب يكون معه الفرجة قول صحيح وهو صريح قول ابن الباذش : ( ولا يتجه إخفاؤهن عندهن إلا بأن يزال مخرجها من الشفة ) ، أما حكم الميم فلم يكن مقصد ابن الباذش سوي الإظهار التام في الميم ، ولذا قال ابن الجزري : ( أما الحكم الثالث وهو ( القلب ) فعند حرف واحد وهي الباء ، فإن النون الساكنة والتنوين يقلبان عندها ميمًا خالصة من غير إدغام ، وذلك نحو { أنبئهم } ، و { من بعد} ، و{ صم بكم } ولا بد من إظهار الغنة مع ذلك فيصير في الحقيقة إخفاء الميم المقلوبة عند الباء فلا فرق حينئذ في اللفظ بين { أن بورك } ، وبين { يعتصم بالله } إلا أنه لم يختلف في إخفاء الميم ولا في إظهار الغنة في ذلك وما وقع في كتب بعض متأخري المغاربة من حكاية الخلاف في ذلك فوهم ولعله انعكس عليهم من الميم الساكنة عند الباء . والعجب أن شارح أرجوزة ابن بري في قراءة (( نافع )) حكى ذلك عن الداني . وإنما حكى الداني ذلك في الميم الساكنة لا المقلوبة واختار مع ذلك الإخفاء . وفد بسطنا بيان ذلك في كتاب (( التمهيد )) والله أعلم ) .أ .هـ .
ووضوح المسألة تكمن في قوله : { واختلفوا في تسميته إظهارًا أو إخفاء ، ولا تأثير لذلك ) فالحكم هنا شيء واحد ، إما أن ينطبق على الإخفاء ، أو علي الإظهار . وقد ذكر في مقدمة كلامه مذهبه قائلاً : ( المعول عليه إظهار الميم عند الفاء والواو والباء ) فهل ننسب له مذهبًا لم يقل به ؟!! والخلاصة : أن من زعم أن ابن الباذش يأخذ بالإخفاء فهذا وهْم ومحض افتيات على والد ابن الباذش ـ رحمه الله ـ وأيضًا يظهر لك مما تقدم أن الإخفاء في الميم لا يكون إلا بفرجة ، والله أعلم وهو الموفق .
قال العلامة المنتوري في شرح الدرر اللوامع : ( وقال شيخنا " القيجاطي "ـ رحمه الله ـ فى بيان الميم السا كنه: وأما الميم فحرف شديد ، تجرى معه غنة من الخيشوم، فإذا نطق به ساكنا فهو مظهر أبدا ، لا يجوز إخفاؤه ولا إدغامه إلا في مثله ، فهكذا ينطق به أبدا منفردا ، ومع الفاء والباء وسائر الحروف قال:" ومن عبر من الإئمة بأنه يخفى مع الباء فلم يرد بذلك حقيقة الإخفاء ، وإنما أراد أن يحذر القارئ من الإسراف والتعسف حتى يمنعه من جريان الصوت ـ الذي هو الغنة ـ ويخرجه إلى حيّز الحركة " ، قال : "وإتقان النطق به إنما يؤخذ مشافهة من أفواه المتقنين ".
قال : وقوله الشاطبي " وغنة تنوين ونون وميم ان *سكن ولا إظهار في الأنف يجتلى " يوهم أن في الميم غنة كغنة النون ، ينفرد بها الخيشوم في بعض المواضع ، مع إبطال عمل الشفتين ، وتسير حرفا خفيا ، كما ينفرد بغنة النون مع إبطال عمل اللسان وذلك غير جائز " .
قلت : يريد شيخنا رحمه الله ـ بقوله" وذلك غير جائز" أنه لا يتأتى النطق به ) ص859
وقوله (وإنما أراد أن يحذر القارئ من الإسراف والتعسف حتى يمنعه من جريان الصوت ـ الذي هو الغنة ـ ويخرجه إلى حيّز الحركة) يريد التحذير من سريان الحركة وهو عين ما قاله المالقي رحمه الله ـ (فإن شرعت في فتح الشفتين قبل تمام لفظ الميم ، سرى التحريك إلى الميم ، وهو من اللحن الخفي الذي ينبغي التَّحَرُّزُ منه ، ثم تلفظ بالباء متصلة بالميم ، ومعها تنفتح الشفتان بالحركة)
يظهر أن الإمام الداني يقصد من الإخفاء في الميم أنها تكاد تختفي مع الباء وينطبق الشفتان بهما إنطباقا واحدا ولم يقصد الغنة . وهذا ما يظهر من كلام من تقدم ، ولذا عبّر بعضهم بالإدغام لشدة التلاصق بينهما .
بينما الأمر عند الجعبري وابن الجزري مختلف فالإخفاء يعنون به مصاحبة الغنة قياسا على إخفاء أبي عمرو والقلب في النون ، وحكاه ابن الناظم والقسطلاني وغيرهما . والله أعلم
قال الداني في الأرجوزة المنبهة :
القول في الغنة والنون والميم

واعلم هداك الله أن الغنة .............. من صيغة النون فكن ذا فطنة
والميم فيها غنة كالنون .............. لذاك ما تُختص بالتبيين
عند المُقارب لها في المخرج .............. فاستعملن بيانها بلا حرج
والنون في النطق لها صوتان ......... صوتٌ من الفم وصوت ثان
مخرجه من داخل الخيشوم .............. وهو الذي يفضي إلى الحلقوم
تجدُ هذا الصوت إن أمسكتا .............. بالأنف محصورا متى نطقتا
بالنون إن أردت فاختبره .............. وبالذي ذكرتُ فاعتبره
ذكرَ ذا النحويُّ سيبويهِ .............. مفسرا فاعتمدن عليه
وزعم الأخفش أن الغنة .............. هم بلفظ النون فاعلمنه
عند ادّغام النون في الحروف ...... كالروم والإشمام في الوقوف
وزعم النحاةُ منهم قطرب .............. بأن لفظ الميم ليس يذهب
ومخرج النون يزول عنها .............. فدل أن الميم أقوى منها


القول في التجويد وشرح حروفه
من ألزم الأشياء للقراء ............... تجويد لفظ الحرف في الأداء
وكل حرف من حروف الذكر ............... مما جرى قبل وما لم يجرِ
فحقه التفكيك والتمكين ............... وحكمه التحقيق والتبيين
فاستعمل التجويد عند لفظكا ....... بكل حرف من كلام ربكا
فعن قريب بالجزيل تجزى ............... وبنعيم الخلد سوف تحظى
قد جاء في الماهر بالقرءان ............... من الشفاء ومن البيان
ما فيه مقنع لمن تدبره ............... بأنه مع الكرام السفره
هذا مقال الصادق المصدوق .......... فليرغب القراء في التحقيق
وليسلكوا فيه طريق من مضى ......... من الأئمة مصابيح الدجى
ونحن ناتي الآن بالبيان ............... عن أحرف التجويد والإتقان
ونذكر الغامض والخفيا ............... من ذاك لا الظاهر والجليا
وقد مضى من ذاك في الأبواب ........... ما يكتفي به ذوو الألباب
فأحرف التجويد منها الضاد ........... والظاء والذال معا والصاد
والشين أيضا مثلها والخاء ............... والغين مثل ذاك ثم الطاء
ومثلهن الزاي ثم القاف ............... والراء عند النون ثم الكاف
ومثل ذاك الزاي عند الجيم ........... والواو أيضا عند حرف الميم
والشين تلتقي بحرف الراء ............... والذال مثل السين في اللقاء
والجيم أيضا تلتقي بالتاء ............... والزاي والسين معا والراء
والذال إن أتتك قبل الخاء ............... والسين مثل ذاك عند التاء
ومثلهن الميم عند الباء ............... ومثل ذاك الزاي قبل التاء
والتاء أيضا تلتقي بالطاء ............... والعين عند الغين في النساء
والغين عند العين حيثما أتت ........ والضاد عند الجيم أينما التقت
وأحرف اللين فديت منها ............... وقد مضى البيان قبل عنها
فكل ما ذكرته افتقده ............... باللفظ أينما أتى جوده
أخرجه من مخرجه ممكنا ............... ملخصا من شبهه مبينا
أنله ما له من المنازل ............... لا تتركن ذاك كفعل جاهل
لم يلق أهل الحذق بالأداء ............... ولا روى عن جلة القراء
لم آت في الجميع بالتمثيل ............... خوفا من الإكثار والتطويل
فاعمل بما قدمت في الجميع ............... تفز بعلم غامض بديع

هذا مجرد طرح آمل المشاركة من الإخوة الكرام ، وآمل في تجميع النصوص متى أمكن ، كما آمل في إمعان النظر في العبارات المتشابهة بين نصوص الإخفاء ونصوص الإظهار عند المغاربة والأندلسين ، لعلنا نصل لحل في المسألة .
والسلام عليكم
 
السلام عليكم
يبدو أن الفقرة طويلة ما رأيكم في تقطيعها .
(فلم يذكر الداني في مصطلح "الإخفاء" إخفاء الميم الساكنة .
وقال في النون الساكنة والتنوين مع أحرفها (المخفى ما تبقى معه غنة.)
وقال في الميم (قال سيبويه "المخفى بزنة المظهر" ) .
ما رأيك يا شيخ محمد في هذه الفقرة فقط ؟
ولا نتفرع عنها حتى تنتهي ونذهب لفقرة غيرها .
شيخنا الأهدل ما رأيك ؟ آمل لك في توبة عن الإطباق ..قل آمين
والسلام عليكم
 
شيخنا الأهدل ما رأيك ؟ آمل لك في توبة عن الإطباق ..قل آمين
والسلام عليكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.. قل آمين.
يبدو أني غير موافَق من أصحاب الإطباق وأصحاب الفرجة معاً (ابتسامة).
 
فيخلُص لنا من ذلك ثلاثةُ مذاهب .
ليس عندي مذهب ثالث، إلا أني قرأت على بعض مشايخي بالفرجة، وقرأت على بعضهم بالإطباق، وأنا أقرأ وأُقرِئ بالإطباق لنصوص الأئمة الكثيرة التي تنص عليه، ولأجل أن تلك النصوص ليست قطعية في الكيفية - من وجهة نظري - لورود مصطلح (الإطباق) فيما ليس إطباقاً تامًّا فلا أنكر على من يأخذ بالفرجة كون الأمر محتملاً أيضاً، ولا أؤمن - البتة - أن الشيخ عامر السيد عثمان رحمه الله هو أول من قال بالفرجة لإخبار بعض شيوخنا بأن شيوخهم وشيوخ شيوخهم رحمهم الله - ممن هو في طبقة متقدمة على الشيخ عامر - كانوا يقرؤون بالفرجة، فلذلك اختلف معي المطبقون والمُفرِجُون - إن صح التعبير -، وأسأل الله أن يهدينا إلى الصواب وهو الهادي إلى سواء السبيل.
 
ليس عندي مذهب ثالث، إلا أني قرأت على بعض مشايخي بالفرجة، وقرأت على بعضهم بالإطباق، وأنا أقرأ وأُقرِئ بالإطباق لنصوص الأئمة الكثيرة التي تنص عليه، ولأجل أن تلك النصوص ليست قطعية في الكيفية - من وجهة نظري - لورود مصطلح (الإطباق) فيما ليس إطباقاً تامًّا فلا أنكر على من يأخذ بالفرجة كون الأمر محتملاً أيضاً، ولا أؤمن - البتة - أن الشيخ عامر السيد عثمان رحمه الله هو أول من قال بالفرجة لإخبار بعض شيوخنا بأن شيوخهم وشيوخ شيوخهم رحمهم الله - ممن هو في طبقة متقدمة على الشيخ عامر - كانوا يقرؤون بالفرجة، فلذلك اختلف معي المطبقون والمُفرِجُون - إن صح التعبير -، وأسأل الله أن يهدينا إلى الصواب وهو الهادي إلى سواء السبيل.
ما علمناك ألا منصفا شيخنا أبا تميم ، كثّر الله من أمثالك .
 
السلام عليكم

شيخنا الأهدل ما رأيك ؟ آمل لك في توبة عن الإطباق ..قل آمين
اللهم آآآآآآآآآآميييييييييييييييييين .
والله ياشيخ عبد الحكيم أن تبت بـ ( رسالتك الفاصلة ) فقط ، ثم اطمأن قلبي بـ ( إلى قراء الشام)
فأجزل الله لك الثواب .
 
الميم والنون الساكنتان قبل الباء

الميم والنون الساكنتان قبل الباء

بسم1
يا أهل المعرفة والخبرة لقد ظننتُ منذ أكثر من شهر أن باب الجدل في هذا الأمر قد أُوصِد وانتهى تناوله ! لكن ظني لم يكن في محله !
لقد أتاحت التسجيلات الصوتية بحمد الله إمكان الاستماع إلى أداء القراء المشهود لهم بالإتقان في زمنهم ومنهم :
منصور الشامي الدمنهوري ، محمد فريد السنديوني ، عبد العظيم زاهر ، محمد الصيفي ، علي محمود ، كامل يوسف البهتيمي ، وعبد الرحمن الدروي ، وعلي حزيّن ، ومحمد رفعت ، وعبد الفتاح الشعشاعي ، وعبد الله خياط ، ومحمد عبد الله الخليفي وهم ممن توفوا بغير أن يؤدوا ما يُعرف بالمصحف المرتل . وتسجيلات من أدَّوا المرتل قبل أن يؤدوه ومنهم : محمود خليل الحصري ، ومحمود عبد الحكم ، وأحمد الرزيقي ، وعلي حجاج السويسي ، وعبد الباسط عبد الصمد ، وآخرون ... كل هؤلاء كانوا يتبعون في أدائهم ما أقرهم عليه شيوخ المقارئ في أزمنتهم ومنهم علي محمد الضباع ، ثم جاء من نحَّى التلقّي واستثار طريقة لم تكن مقصودة من كلمات لا تؤدِّي إلى ما انتهى إليه وأكره قراء المرتَّل على اتباع ما رآه ! وأشاع أتباعه ذلك فيما يُعرَف بمعاهد القراءات .
فليتَّقِ اللهَ من يزيد في إشعال الجدال !
 
السلام عليكم
شيخنا الأهدل مرحبا بكم
هل يا شيخنا من الأدلة السابقة نستخلص أن الداني أخذ بالإظهار ؟
هذا هو السؤال يا شيخنا ؛ لأنكم استدللتم من قبل بقول الداني على الإطباق ..والآن مطلوب من المطبقين الدليل القاطع ..ما رأيك يا شيخنا ؟
ولاحظ أن الشيخ محمد يحيي أخذ عطلة ويبدو أنه اقتنع بأن الداني يأخذ بالإظهار لأنه لم يورد دليلا إلى الآن .
والسلام عليكم
 
بسم1
يا أهل المعرفة والخبرة لقد ظننتُ منذ أكثر من شهر أن باب الجدل في هذا الأمر قد أُوصِد وانتهى تناوله ! لكن ظني لم يكن في محله !
لقد أتاحت التسجيلات الصوتية بحمد الله إمكان الاستماع إلى أداء القراء المشهود لهم بالإتقان في زمنهم ومنهم :
منصور الشامي الدمنهوري ، محمد فريد السنديوني ، عبد العظيم زاهر ، محمد الصيفي ، علي محمود ، كامل يوسف البهتيمي ، وعبد الرحمن الدروي ، وعلي حزيّن ، ومحمد رفعت ، وعبد الفتاح الشعشاعي ، وعبد الله خياط ، ومحمد عبد الله الخليفي وهم ممن توفوا بغير أن يؤدوا ما يُعرف بالمصحف المرتل . وتسجيلات من أدَّوا المرتل قبل أن يؤدوه ومنهم : محمود خليل الحصري ، ومحمود عبد الحكم ، وأحمد الرزيقي ، وعلي حجاج السويسي ، وعبد الباسط عبد الصمد ، وآخرون ... كل هؤلاء كانوا يتبعون في أدائهم ما أقرهم عليه شيوخ المقارئ في أزمنتهم ومنهم علي محمد الضباع ، ثم جاء من نحَّى التلقّي واستثار طريقة لم تكن مقصودة من كلمات لا تؤدِّي إلى ما انتهى إليه وأكره قراء المرتَّل على اتباع ما رآه ! وأشاع أتباعه ذلك فيما يُعرَف بمعاهد القراءات .
فليتَّقِ اللهَ من يزيد في إشعال الجدال !
صراحةً : عجزت عن فهم المراد من هذه المشاركة ، فليت الأستاذ الفاضل يصرح برأيه فيها ، جزاه الله خيرا .
 
أستاذي الفاضل / عبد الحكيم عبد الرازق ، اعذرني لتطفلي على هذا الموضوع وتطاولي بين جهابذة العلم ولا زلت طويلبة على أعتاب أبواب هذا العلم :
قرأت في إبراز المعاني لأبي شامة هذا الشرح للبيت رقم : (١٥٢) من الشاطبية :
وتسكن عنه الميم من قبل بائها *** على إثر تحريك فتخفى تنزلا
يقول رحمه الله :
( .... والمصنفون في التعبير عن هذا مختلفون ، فمنهم من يعبر عنه بالإدغام كما يطلق على ما يفعل بالنون الساكنة والتنوين عند الواو والياء أنه إدغام وإن بقي لكل واحد منهما غنة ، كما يبقى الإطباق في الحرف المطبق إذا أدغم ، ومنهم من يعبر عنه بالإخفاء لوجود الغنة وهي صفة لازمة للميم الساكنة ، فلم يكن إدغاما محضا ... ) انتهى .
فما فهمته من هذا الشرح :
أن العلامة أبو شامة ذكر مصطلح الإدغام للميم في الباء قبل مصطلح الإخفاء وكأنه يرجح أنه من باب الإدغام الناقص ، والإدغام لا يكون إلا في مخرج الحرف المدغم فيه ، بينما الإخفاء يكون عند مخرج الحرف ، ولكون الميم والباء مخرجهما واحد وهو منطبق الشفتين ، فإخفاء الميم عند الباء يشبه كثيرا الإدغام الناقص لأنك تكون في المخرج نفسه وهو مخرج الباء ، فلا بد حينئذ من انطباق الشفتين وإلا : فأين مخرج الباء الذي انطبقت معه الشفتان ليصف المصنفون الأوائل الإخفاء الشفوي دون الإخفاء اللساني بأنه : إدغام ناقص ؟؟؟
وكذلك لم يسمى الإخفاء الشفوي إخفاء مجازيا إلا لكون القارئ يكون في مخرج الحرف المخفى الذي هو مخرج الحرف المخفى عنده وهو منطبق الشفتين ، فلا نسمع غنة الميم المطلوبة من الشرح السابق إلا بانطباق الشفتين ، فإن انفتحتا بفرجة فالصوت صوت غنة نون وليس غنة ميم .
هذا ما فهمته ، وأنتظر التصحيح من فضيلتكم ، بارك الله فيكم .
 
ولاحظ أن الشيخ محمد يحيي أخذ عطلة ويبدو أنه اقتنع بأن الداني يأخذ بالإظهار لأنه لم يورد دليلا إلى الآن .
والله يا شيخ عبد الحكيم ما صرت أهتمّ كثيراً بهذه المسألة لأنّها أخذت أبعاداً أكبر من حجمها بكثير ، لا أدري هل ذلك يرجع إلى الدفاع على المرجعيّة المصريّة أو لضرب بعض المشايخ الفضلاء كالشيخ أيمن وغيره.

وقد نقلتم أدلّة وظننتم أنّها تضرب أصحاب الانطباق ضربة قاضية فإذا هي تضرب أصحاب الفرجة الضربة القاضية ، ولذلك أناشد المشايخ الفضلاء أن ينظروا في هذه النصوص المنقولة من طرف اخي وحبيبي الشيخ عبد الحكيم هل هي مؤيّدة لمن يقول بانطباق الشفتين أم مؤيّدة للقائلين بالفرجة.
ويكفيني في ذلك أن أقول لكم : إن كان الداني يقول بالإظهار فقوله بذلك يضرب القائلين بالفرجة فرّج الله كربهم. فيكون مذهب الداني أقرب إلى أصحاب الانطباق لأنّ الإظهار يكون بانطباق الشفتين.

وقد قرأت هذا البحث عن عجلة ولم أقف على مضمونه وقفة تأمّل واستوقفني أثناء ذلك استدلال أخي الحبيب بالنصّ التالي :

( فأطبق شفتيه على الحرفين إطباقًا واحدًا )

ففسّر كيفيته خروج الميم والباء بانطباق واحد ففهم أنّ انطباق الشفتين في الميم والباء يكون في آن واحد وهذا كلام غريب غير معقول إذ يستحيل النطق بحرفين في آن فإن كانت النون مظهرة قينطق بالنون ثم بالباء بانطباق واحد بمعنى لا يفصل بين النطقين انفراج للشفتين.

ففي حال إخفاء الميم عند الباء تنطبق الشفتين انطباقاً تاماً واحداً من أوّل الإخفاء حتى انفراج الشفتين حال النطق بالباء ، فقوله انطباقاً تاماً أو واحداً أي لا يفصله انفراج للشفتين بين الميم والباء ، والسبب أنّ الميم والباء كلاهما يخرجان بانطباق الشفتين خلافاً للواو الفاء وتبقى الغنّة جارية من الخيشوم أثناء الإخفاء وهذا لا يعارض المطبقين بل يعارض أصحاب الفرجة.

وهو عين ما قاله المالقي : فإن شرعت في فتح الشفتين قبل إتمام لفظ الميم سرى التحريك إلى الميم وهو من اللحن الخفيّ الذي ينبغي التحرّز منه ثم يلفظ بالباء متصلة بالميم ومعها تنفتح الشفتان بالحركة"

فالنطق بالميم أولاً ثم الباء مع انطباق الشفتين أثناء النطق بهما من غير انفراج ، وهذا واضح. ومتحقق عند إخفاء الميم عند الباء بانطباق الشفتين.

سؤال : إن كان الداني يقرأ بالإظهار المحض فلماذا سمّاه إخفاءً ؟

وسأنظر في البحث نظرة تأمّل وسآتيك بالجديد إن شاء الله ، إذ إنّي منشغل بالتحريرات هذه الأيّام.

وفقكم الله.
 
التعديل الأخير:
الميم الساكنة مع الباء : أصلية ومنقلبة

الميم الساكنة مع الباء : أصلية ومنقلبة

صراحةً : عجزت عن فهم المراد من هذه المشاركة ، فليت الأستاذ الفاضل يصرح برأيه فيها ، جزاه الله خيرا .​
وجُزيتِ الخير كله ، لقد جئتِ في نهاية الحفل ، يمكنك مراجعة كل المشاركات التي باسمي : أبو هاني فيما يخص إغلاق الشفتين وتركهما مواربتين أو ملويتين أو مقلوبتين كما يفعل بعض من تركوا التلقي وأخذوا بالتنطع بكلمات لا مدلول لها ، وعافوا العلم المنضبط : علم الأصوات لضعف قدراتهم العقلية وتعصبهم للموروث . لقد أردتُ إغلاق باب الشحناء التي تبذر بذور الفُرقة والنزاع فيما يخص تلاوة كتاب الله ، استمعي إلى من ذكرتُ أسماءهم واجعلي أذنيك مرهفتين وانفضي عنهما أقوال من يتعبد للأوثان أيا كانت مناصبهم الآن أو فيما غبر من الزمان !​
 
سؤال : إن كان الداني يقرأ بالإظهار المحض فلماذا سمّاه إخفاءً ؟​

بورك في فهمك يا أخي العزيز . المشكلة في أن مصطلح الإخفاء مصطلح رديء وقد فُهم اللفظ فهمًا سيئًا ، ولو رجعت إلى بحث النون الذي رفعتُه هنا لتبيَّن لك ما أعنيه ؛ فالإخفاء صورة من صور المماثلة في نطق صوتين لتجاورهما ؛ فيكون مخرج المتقدم ومخرج التالي مخرجا واحدا ، وفي هذه المسألة تحقق ذلك بغير تكلُّف ولا تعمُّل ، أما من يلوون الشفتين في الميم الأصلية والمنقلبة فهذا تعقيد وليس التجويد كذلك ، ولك أن تتصور العربي في كلامه وخطابته وإلقائه الشعر يفعل هذه الأمور المعقدة أفكانت هذه فصاحتهم ؟ فما بالك بتلاوة كتاب الله العزيز المعجز بكل صور الفصاحة !! لكن ضيق الأفق وضعف القدرات الذهنية والانكفاء على أقوال غير ذات مضمون حقيقي جعلهم يشرعون ألسنتهم وأقلامهم وكتاباتهم للترويج للتعقيد . عافانا الله وهداهم .​
 
السلام عليكم
شيخنا الأهدل مرحبا بكم
هل يا شيخنا من الأدلة السابقة نستخلص أن الداني أخذ بالإظهار ؟
هذا هو السؤال يا شيخنا ؛ لأنكم استدللتم من قبل بقول الداني على الإطباق ..والآن مطلوب من المطبقين الدليل القاطع ..ما رأيك يا شيخنا ؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شيخنا الكريم عبد الحكيم حفظكم الله، أولاً: أعتذر عن التأخر في الرد لأني لم أطلع على مشاركتكم إلا مؤخراً.
قرأت البحث كاملاً، النصف الأول منه بتمهل والنصف الآخر باستعجال مع نية العودة إلى قراءته كاملاً مرة أخرى قراءة أكثر تركيزاً، وأشكر لكم الجهد الذي بذلتموه في إعداده، وإلى أن ييسر الله قراءته مع الرجوع إلى بعض المراجع الأخرى أقول:
لو فرضنا أن الداني قرأ بالإظهار فقط الذي من لوازمه إطباق الشفتين ومع ذلك سماه إخفاءً، فلماذا يُستبعد إطباق الشفتين مع الغنة؟ ولمَ حينئذٍ يقال: كيف يتحقق الإخفاء مع إطباق الشفتين؟
أتوقع أنكم ستقولون بأن الخلاف هو لفظي فقط، وأن الجميع يقرأ بالإظهار وجهاً واحداً ولو سماه إخفاءً، فأطرح عليكم سؤالاً آخر وهو: ومن أين أخذ ابن الجزري رحمه الله خلاف الأئمة بين الإظهار والإخفاء؟ فلو كان الخلاف لفظيَّا فقط لما ذكر الوجهين، ولاكتفى بذكر الخلاف في التسمية فقط.
وأيضاً أنتم نقلتم كلام الجعبري الذي يحذر فيه من الإطباق، فكيف يكون التحذير من الإطباق والحكم هو الإظهار وجهاً واحداً بحسب ما فهمت من كلامكم.
وجزاكم الله خيراً على هذا الجهد المبارك.
 
ولاحظ أنه ذكر الانطباق على الحرفين أي الميم والباء معًا ، أما في حالة الإخفاء فلا يكون الانطباق إلا علي حرف الميم أولًا لأنك تصبر عليها بقدر زمن الغنة ثم تنتقل لإطباق الباء ، فلا يعقل أن تغن الميم وتكون مطبقًا على الباء أيضًا في آن واحد كما هو الحال في حكم إظهار الميم !!
شيخنا الفاضل عبد الحكيم حفظكم الله:
كيف يكون الانطباق على الحرفين الميم والباء معاً؟
هل يمكن أن يتأتَّى النطق بالميم والباء في آن واحد؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
مشايخي الكرام أود أن انقل نصا في ظني أنه يؤيد ما ذكره فضيلة الشيخ: عبد الحكيم عبد الرزاق في أن الخلاف لفظي بين من يقول بالإخفاء والإظهار للميم الساكنة عند الباء, قال الإمام أبو عمرو الداني في شرحه على الخاقانية 2/ 299: (وقال أبو العباس محمد بن يونس المقرئ النحوي-332هـ-:"بيان الميم الساكنة عند الباء قد يشكل على بعض السامعين؛ فيتوهم أنها مدغمة, ولو أدغمت لشدد الذي اندغمت فيه؛ ولكن الميم والباء متواخيان, واللفظ بهما بضم الشفتين, فإذا توالتا وكانت الأولى منهما ساكنة لم يفتح القارئ شفتيه حتى يتبعهما الأخرى إذا وصل القراءة؛ فتكون الشفتان على حال انضمامهما؛ فيتوهم من ذلك من لا يعرفه أنه أدغم وهو قد أظهر بحسب ما يجوز؛ حيث ترك تشديد الثاني من الحرفين, ووفى الأول تمام اللفظ به,
ومن أهل اللغة من يسمى هذا: الإخفاء, وقال سيبويه:"المخفى بوزن الظهر").
ثم قال أبو عمرو الداني بعد هذا النص: (وهذا شرح حسن وتلخيص واضح).
 
المشكلة يا أخي ليست في كون الخلاف لفظياً ، بل الصحيح عندي أنّ الخلاف لفظيّ.
وإنّما المشكلة هي : هل الداني قرأ بالإظهار المحض وسمّاه إخفاءً ؟ هذا الذي أراد إثباته شيخنا عبد الحكيم سلّمه الله.
 
لا أعلم كيف يكون الخلاف لفظيا ويرجح الداني أحد الوجهين على الآخر ، ثم يا شيخ عبد الحكيم إذا كان الداني قرأ بالإظهار وسماه إخفاء فهذا دليل مع من قال بالإطباق لا بالفرجة .
 
ثم يا شيخ عبد الحكيم إذا كان الداني قرأ بالإظهار وسماه إخفاء فهذا دليل مع من قال بالإطباق لا بالفرجة .
ما شاء الله، الشيخ أحمد نجاح في طريقه للإنضمام إلى أصحاب الإطباق، فمرحبا بك.. (إبتسامة)
 
أخي العزيز عبد الله : أنا منضم لهم كشخص لا مذهب ؛ فمنهم مشايخنا وأساتذتنا وأحبابنا , أما الإطباق فبيني وبينه بعد المشرقين .
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

لقد نوقشت هذه المسألة من قبل في هذا المنتدى مع الشيخ عبد الحكيم ، وكنت أقول أنّ الخلاف في إخفاء الميم هو خلاف لفظيّ وإلى هذا القول جنح شيخنا العلامة غانم الحمد سلّمه الله وحفظه من كلّ مكروه. بينما كان شيخنا عبد الحكيم يرفض هذه الفكرة تماماً لأنّه لو أقرّ بأنّ الخلاف هو خلاف عبارة لكانت النهاية على الفرجة.

ومن الأدلّة على ذلك قول الداني : "فعلماؤنا مختلفون في العبارة". هذا كلام صريح يدلّ أنّ الخلاف بينهم لم يكن أدائياً بل كان في التسمية والعبارة. وقد رجّج الداني التعبير بالإخفاء. بينما نجده في موضع آخر يُهمل اصطلاح الإخفاء في الميم الساكنة بقوله : "أما المخفى فهي نوعين : إخفاء الحركات وإخفاء النون والتنوين " ولم يذكر الميم الساكنة. فكأنّه كان يقول بالإظهار متبعاً لسيبويه وغيره ثمّ عدل عنه. ولم يُنقل عن الداني وغيره ممن كان في طبقته أنّه قرأ بالوجهين فيما أعلم وهذا يدلّ أنّ الخلاف في بين الإظهار والإخفاء كان لفظياً لا غير بدليل :
أنّ الداني يُسند بعض مروياته عن أبي الحسن عن أبي الطيّب. ومكي القيسي يُسند بعض مروياته عن أبي الطيّب. والداني يقول بالإخفاء ومكي يقول بالإظهار ، وكلّ واحد ينكر على الآخر ، ولم يُنقل عنهما أنّها قرآ بالوجهين ثم اختار كلّ واحد منهم وجهاً. هذا لم يُنقل عنهم.

وابن الباذش يقول بالإظهار وهو يُسند القراءات السبع إلى الداني ومكي القيسي ولم يُخبر أنّه قرأ من طريق الداني بالإخفاء وقرأ من طريق مكي بالإظهار بل أنكر الإخفاء وانتصر للإظهار.
وهذا دليل على أنّ الخلاف لفظيّ.

من جهة أخرى أتسائل : كيف ينقل بعض الأئمّة الإجماع على الإظهار إذا كان الإخفاء صحيحاً من جهة الأداء ومشهوراً عند المغاربة كما ذكر ابن الجزريّ.

إنّ أوّل من ذكر الخلاف في الأداء فيما وقفت عليه هو الإمام ابن المرابط في كتابه التقريب والحرش المتوفي في القرن السادس أين قال والوجهان صحيحان. وزاد الأمر تعقيداً عند نقل ابن الجزريّ في نشره الوجهين وقال الوجهان صحيحان مقروء بهما.

وسبب الخلاف أنّ القائلين بالإخفاء كان على أساس إشباع الغنّة مع انطباق الشفتين ، وإشباع الغنّة لا يكون مع الإظهار لأنّ الإظهار هو إخراج الحرف من مخرجه من غير غنّة مشبعة. والقائلون بالإظهار كان على أساس انطباق الشفتين لأنّ الإخفاء عندهم يكون بزوال المخرج كما في النون الساكنة ويؤيّد ذلك قول والد ابن الباذش :"ولا يتجه إخفاؤهن عندهن إلا بأن يزال مخرجها من الشفة ويبقى مخرجها من الخيشوم كما يُفعن في النون المخفاة.". أقول : كلام صريح في غاية الوضوح.

لذا فأنّ الصحيح هو الإخفاء مع انطباق الشفتين إذ به يحصل الخلاف اللفظي ، لأنّ القول بالإخفاء كان لأجل الغنّة ، والقول بالإظهار كان لأجل انطباق الشفتين.

أمّا إن قلنا أنّ الميم هي مظهرة كما تُظهر النون الساكنة والتنوين ، فيستحيل أن يترتّب عن ذلك خلاف لفظيّ إذ لا مبرّر يُبرّر القول بالإخفاء.

فلذلك أقول لأخي الحبيب أحمد نجاح سلّمك الله أنّ قولي من قبل : بل الصحيح عندي أنّ الخلاف لفظيّ. هو عنوان لما كتبته وناقشته من قبل.

فإن اتضح أنّ الخلاف لفظيّ لم يبق للفرجة بقاء البتّه ولأجل هذا كان شيخنا عبد الحكيم لا يطيق هذا القول ، والعجيب أنّه يقول به الآن فكأنّه وقع في فخّ. فأراد أن يُثبت أنّ الداني قرأ بالإظهار فإذا به يُبطل الفرجة من حيث لم يشعر.

فالخلاصة هي :

أنّ الخلاف اللفظي لا ينطبق إلاّ على القائلين بإخفاء الميم مع انطباق الشفتين. ولا ينطبق على القائلين بالإظهار المحض.

والعلم عند الله تعالى.
 
بين الشيخين الكريمين:
عبد الحكيم، ومحمد يحيى شريف حفظهما

نقطة اتفاق، ونقطة اختلاف.
فنقطة الاتفاق بينهما: أن الخلاف في هذه المسألة خلاف لفظيٌّ، وأن الأداء فيها واحدٌ وإن اختلفت العبارة في التعبير عنه.
ونقطة الاختلاف: أن شيخنا عبد الحكيم يرى بأن وجه الأداء المتفق عليه هو الإظهار المحض من غير غنة وإن سُمِّي إخفاءً، وشيخنا محمد يحيى يرى بأن وجه الأداء المتفق عليه هو الإخفاء مع انطباق الشفتين.


هذا الذي فهمته من كلامهما، والمسألة بحاجة إلى زيادة بحث واطلاع على جميع ما يتيسر من المصادر القديمة.


والسؤال لهما معاً:
ألا يعتبر قول ابن الجزري رحمه الله: " الوجهان صحيحان مقروء بهما" بأن الخلاف أدائي، وأن القراءة بوجهين مختلفين كان متداولاً ومعروفاً بدلالة قوله: "مقروء بهما"، ولماذا نجعل قول ابن الجزري إشكالاً، مع أنه يفترض أن يكون حلاًّ للإشكال؟


 
لا أظن أن الشيخ عبد الحكيم متفق مع الشيخ محمد يحي شريف في أن الخلاف لفظي ، وإن كان ذلك ظاهر كلامه هنا ؛ لأنه عارض الأخ محمد غير مرة في موطن آخر في ذلك .

ثم أقول لشيخنا الحبيب محمد يحي حفظه الله : قد سلمت سابقا بصراحة وصحة الاستدلال بكلام الجعبري ، فكيف يكون الخلاف لفظيا والجعبري يحذر من اطباق الشفتين .
وأعيد سؤالا ذكره الأخ الحبيب ( أبو تميم ) سابقا : من أين أخذ ابن الجزري خلاف الأئمة بين الإخفاء والإظهار ؟ فلو كان الخلاف لفظيا فقط لما ذكر الوجهين ، ولاكتفى بذكر الخلاف في التسمية فقط ، ثم عضد ذلك بعبارة ابن الجزري ( مقروء بها ) وذلك ينفي تماما أن يكون الخلاف لفظيا .

ونلاحظ أيضا أن الجعبري فرق بينهما ، مما يدل على أن الخلاف ليس لفظيا ، فقال في عقود الجمان ص 143 بعد أن ذكر سكون الميم قبل الفاء والواو والباء :

فيها لهم شعب وأقرب نصهم @ مع لاولين اظهر وللأعيان
مع بائها أيضا ولابن مجاهد @ خلف بإخفا الباء عند الداني

فأنت ترى تفرقته بين الحكمين ، ونقله الخلاف عن ابن مجاهد يفيد قطعا أن الخلاف ليس لفظيا .

أم استدلالكم بأن مرد سند كلا من الداني ومكي إلى أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون فأرجوا أن يعاد النظر في ذلك ؛ لأن أبا الطيب قرأ على تلاميذ ابن مجاهد ، وابن مجاهد جاء عنه الخلف في ذلك ، فلا يستبعد أن يكون أبو الطيب أقرأ ابنه أبا الحسن بالإخفاء ، وأقرأ مكيا بالإظهار ، أو أقرأهما بالوجهين كما تلقى عن تلاميذ ابن مجاهد وكان لكل منهما اختيار .

المسألة _ كما قال شيخنا محمد الأهدل _ تحتاج زيادة بحث واطلاع .
والسلام عليكم
 
مما يدل على أن الخلاف أدائي قول الإمام عبد الوهاب القرطبي (ت461):
"والعلة التي من أجلها أظهرت الميم عند الفاء والواو وأخفيت مع الباء، مع وجود المقاربة في الجميع، فإن الجميع من حروف الشفة أن في الميم غنة، والغنة مزيَّة في الميم يجب حفظها، فبعُدت بها من الفاء والواو، فوجب الإظهار وامتنع الإدغام، ... وكانت حال الباء وسطاً لاتحادها بالميم في انطباق الشفتين والقوة ما خلا الغنة، فلما جاء الاتصال والغنة وجب الإخفاء لذلك، وألحق بعضهم الباء بالفاء والواو في الإظهار عند الميم لما بين الباء والواو من الشبه، وليس إلحاق مساواة، فإن فك الفاء وإظهارها عند الميم أبين منه عند الباء، وإنما يظهر الباء معها ظهورَها مع غير ما ذكرناه من الحروف" (الموضح في التجويد، ص 165ـ 166).
ألا يفيد كلام القرطبي وجود الخلاف الأدائي في الميم عند الباء؟[FONT=&quot]
[/FONT]
 
بسم1

يا أهل المعرفة والخبرة لقد ظننتُ منذ أكثر من شهر أن باب الجدل في هذا الأمر قد أُوصِد وانتهى تناوله ! لكن ظني لم يكن في محله !
لقد أتاحت التسجيلات الصوتية بحمد الله إمكان الاستماع إلى أداء القراء المشهود لهم بالإتقان في زمنهم ومنهم :
منصور الشامي الدمنهوري ، محمد فريد السنديوني ، عبد العظيم زاهر ، محمد الصيفي ، علي محمود ، كامل يوسف البهتيمي ، وعبد الرحمن الدروي ، وعلي حزيّن ، ومحمد رفعت ، وعبد الفتاح الشعشاعي ، وعبد الله خياط ، ومحمد عبد الله الخليفي وهم ممن توفوا بغير أن يؤدوا ما يُعرف بالمصحف المرتل . وتسجيلات من أدَّوا المرتل قبل أن يؤدوه ومنهم : محمود خليل الحصري ، ومحمود عبد الحكم ، وأحمد الرزيقي ، وعلي حجاج السويسي ، وعبد الباسط عبد الصمد ، وآخرون ... كل هؤلاء كانوا يتبعون في أدائهم ما أقرهم عليه شيوخ المقارئ في أزمنتهم ومنهم علي محمد الضباع ، ثم جاء من نحَّى التلقّي واستثار طريقة لم تكن مقصودة من كلمات لا تؤدِّي إلى ما انتهى إليه وأكره قراء المرتَّل على اتباع ما رآه ! وأشاع أتباعه ذلك فيما يُعرَف بمعاهد القراءات .
فليتَّقِ اللهَ من يزيد في إشعال الجدال !
أعيدُ هذا الكلام وأضم إليه ما كتبته في مشاركات أخرى :
الإخفاء لا يعني الستر ، ستر الله عيوبنا ، ولا يعني إزالة الصوت ، كيف والصوت عنصر لغوي له دلالته ؟ إنما الإخفاء على سوء المصطلح معناه انتقال مخرج الصوت إلى مخرج الصوت التالي واتصال نطق الصوتين بغير فصل أعضاء النطق بينهما .
افحصوا نطقكم يا أهل الأداء ، وأنصتوا لأداء المُجِيدين رحمهم الله ، وارفضوا ما استحدثه أهل خالِفْ تُذكَرْ !
وليتَّقِ اللهَ من يزيد في إشعال الجدال !
 
غير مقبول لغة_ يا دكتور _ أن يكون الإخفاء انتقالا
ولابد أن نضع في الاعتبار أن المتقدمين وصفوا المنطوق ، ولم ينطقوا الموصوف .
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد.

أشكر الشيخ أبا تميم على حسن فهمه للخلاف الدي وقع بيني وبين شيخنا عبد الحكيم.
وقد اعترفت مند زمن أن كلام ابن الجزري مشكلة وهو عائق كبير لمن قال بأن الخلاف لفظي ، ولكن لا نتناسى أنه من المتأخرين والمسألة كما قال الشيخ أبوتميم تحتاج إلى نظر أكثر وأنا أوافقه على دلك ولكن ينبغي أن ندرك أن ابن الجزري هو ناقل للرواية وليس مصدراً لها فكلامه خاضع للنقد والاعتراض إدا كان مخالفاً لمن تقدمه من أهل الأداء ، وهده المسألة هي بمثابة المسائل التحريرية التي تخضع للتفتيش والنظر في المصادر.
أما كلام القرطبي فلم يظهر لي من كلامه أنه خلاف أدائي لا سيما قوله : "وألحق بعضهم الباء بالفاء والواو في الإظهار عند الميم" ولم يقل : وقرأ بعضهم بالإظهار وشبهه ، مما فيه تصريح بالقراءة والأداء.

أما كلام الجعبري فأقول لأخي أحمد نجاح : قد أشرت فقط إلى أن ظاهر كلامه يدل على اجتناب الانطباق بغض النظر عن صحته أم لا ، وهو عندي انفراد منه ، فلا اعتبار لي به لمخالفته لما نحن بصدد نقليه من النصوص الصريحة. وما قيل في ابن الجزري يقال في الجعبري الدي توفي في القرن الثامن ، فهو ليس مصدراً للرواية بل هو ناقل ومتبع لمن تقدموه من أهل الأداء ، والفصل في هده الأمور لا يكون إلا بالرجوع إلى المصادر.
 
أما كلام القرطبي فلم يظهر لي من كلامه أنه خلاف أدائي لا سيما قوله : "وألحق بعضهم الباء بالفاء والواو في الإظهار عند الميم" ولم يقل : وقرأ بعضهم بالإظهار وشبهه ، مما فيه تصريح بالقراءة والأداء.
المقصود شيخنا الكريم حفظكم الله إثبات أن الخلاف ليس في التسمية فقط، ولو كان كذلك لما قال: "وألحق بعضهم ..." ولاكتفى بذكر أن البعض يسميه إخفاءً والبعض يسميه إدغاماً، فمفاد كلامه أن فيه وجهاً آخر مغايراً لما ذكره أولاً، أما التصريح بالقراءة والأداء فهو لم يصرح أيضاً بالقراءة بالإخفاء فهل يمكن أن يقال بأنه ليس وجهاً أدائياً؟
 
ولكن ينبغي أن ندرك أن ابن الجزري هو ناقل للرواية وليس مصدراً لها فكلامه خاضع للنقد والاعتراض إدا كان مخالفاً لمن تقدمه من أهل الأداء ، وهده المسألة هي بمثابة المسائل التحريرية التي تخضع للتفتيش والنظر في المصادر.

وما قيل في ابن الجزري يقال في الجعبري الدي توفي في القرن الثامن ، فهو ليس مصدراً للرواية بل هو ناقل ومتبع لمن تقدموه من أهل الأداء ، والفصل في هده الأمور لا يكون إلا بالرجوع إلى المصادر.
ابن الجزري والجعبري رحمهما الله وإن كانا ناقلين للرواية إلا أن فهمهما معتبر، وله قيمته، وفرق بين أن يذكرا وجهاً في مصدر ثم لا نجده في ذلك المصدر، وبين أن تعبر المصادر بألفاظ مشكلة ويفهمان منها فهماً معيَّناً؛ لذلك أؤكد هنا ما ذكرتُه سابقاً بأن كلام ابن الجزري فيه حل للإشكال، لا أنه هو سبب الإشكال.
فهل ذكرت المصادر المتقدمة في الميم الإخفاء؟ الجواب: نعم، وهل ذكرت الإظهار؟ الجواب: نعم.
فابن الجزري لم يأت بشيء خلاف ما هو في المصادر، وفهمه لما فيها أولى من فهمنا؛ ولعله إن تيسر للباحثين الوقوف على جميع نصوص المتقدمين يتأكد بأن كلام ابن الجزري هو الحل لهذا الإشكال، والله أعلم.
 
هدانا الله جميعاً لما فيه الخير والسداد.
لا أريد أن أدخل في نقاش عقيم لا يأتي بأيّ فائدة.
مشكلتنا أننا لا نتفق في اصول المسائل فكيف نتفق في فروعها.
ولست مجبراً على إقناع الغير فأضع كلمتتي وأنصرف.
إنّ عبارة الداني صريحة في أنّ الخلاف خلاف عبارة ، وكلام القرطبي صريح في ورود الخلاف ولكنه ليس صريحاً في كونه أدائياً.
قد ذكر بعض الأئمّة الإجماع على الإظهار ، وذكر بعضهم أنّه خلاف عبارة ، وأنا أتكلّم عن المتقدّمين فقط دون غيرهم. أليس الأولى الجمع بين النصوص فنقول إنّ إجماعهم كان على الأداء وأنّ اختلافهم كان على التسمية والتعبير.
أخي الأدهل : إنّ كلام الداني صريح للغاية ، كان الأولى لك أن تقف عنده وأن لا تتسرّع في الرد ،ولكنّك تحبّ أن تستدلّ بالمتشابه وتترك المحكم بجعل كلام القرطبي صريحاً كصراحة كلام الداني. وتتغاظى عن ذكر بعض الأئمّة الإجماع على الإظهار ، ولم يحملك ذاك أن تتسائل ولو مرّة لماذا ؟
فما عساي أن أفعل مع صنيعكم هذا.

فلن ينفع معك أيّ جدال لا لأنك مخطئ وأنا مصيب ، بل لأننا نختلف في أصول المسائل.
أما كلامكم :
فابن الجزري لم يأت بشيء خلاف ما هو في المصادر، وفهمه لما فيها أولى من فهمنا؛ ولعله إن تيسر للباحثين الوقوف على جميع نصوص المتقدمين يتأكد بأن كلام ابن الجزري هو الحل لهذا الإشكال، والله أعلم

لماذا تقول إن تيسّر للباحثين. فابحث فإنّ باب البحث مفتوح ولا تتسرّع في الرد إلاّ بعد البحث ثمّ انتقد وسأحترم نقدك ، أمّا بهذه الطريقة فإنّي لم أعهدك عليها ، فالزم ما في النشر ولا تكن من الصآدّين عن البحث والتفتيش والتنقيب. ولا تعترض.
فإن اعترضت فابحث أوّلاً ثمّ أعترض.

أخي الأدهل إن غيّرت اسلوبك في الردّ ، وطريقتك في الاستدلال والنظر فأواصل معك الحوار. وإلاّ فالأولى أن يبقى كلّ واحد في طريقه ولنرجع إلى موضوع شيخنا عند الحكيم.
 
هدانا الله جميعاً لما فيه الخير والسداد.
لا أريد أن أدخل في نقاش عقيم لا يأتي بأيّ فائدة.
مشكلتنا أننا لا نتفق في اصول المسائل فكيف نتفق في فروعها.
ولست مجبراً على إقناع الغير فأضع كلمتتي وأنصرف.
إنّ عبارة الداني صريحة في أنّ الخلاف خلاف عبارة ، وكلام القرطبي صريح في ورود الخلاف ولكنه ليس صريحاً في كونه أدائياً.
قد ذكر بعض الأئمّة الإجماع على الإظهار ، وذكر بعضهم أنّه خلاف عبارة ، وأنا أتكلّم عن المتقدّمين فقط دون غيرهم. أليس الأولى الجمع بين النصوص فنقول إنّ إجماعهم كان على الأداء وأنّ اختلافهم كان على التسمية والتعبير.
أخي الأدهل : إنّ كلام الداني صريح للغاية ، كان الأولى لك أن تقف عنده وأن لا تتسرّع في الرد ،ولكنّك تحبّ أن تستدلّ بالمتشابه وتترك المحكم بجعل كلام القرطبي صريحاً كصراحة كلام الداني. وتتغاظى عن ذكر بعض الأئمّة الإجماع على الإظهار ، ولم يحملك ذاك أن تتسائل ولو مرّة لماذا ؟
فما عساي أن أفعل مع صنيعكم هذا.
فلن ينفع معك أيّ جدال لا لأنك مخطئ وأنا مصيب ، بل لأننا نختلف في أصول المسائل.
أما كلامكم :
لماذا تقول إن تيسّر للباحثين. فابحث فإنّ باب البحث مفتوح ولا تتسرّع في الرد إلاّ بعد البحث ثمّ انتقد وسأحترم نقدك ، أمّا بهذه الطريقة فإنّي لم أعهدك عليها ، فالزم ما في النشر ولا تكن من الصآدّين عن البحث والتفتيش والتنقيب. ولا تعترض.
فإن اعترضت فابحث أوّلاً ثمّ أعترض.

أخي الأدهل إن غيّرت اسلوبك في الردّ ، وطريقتك في الاستدلال والنظر فأواصل معك الحوار. وإلاّ فالأولى أن يبقى كلّ واحد في طريقه ولنرجع إلى موضوع شيخنا عند الحكيم.
سامحك الله وعفا الله عنا وعنكم، للتصحيح فقط أخي الحبيب وشيخنا الفاضل أنا لقبي (الأهدل) وليس (الأدهل)، والذي لا إله غيره أنه لم يكن شيءٌ مما اعتقدتَه فيَّ من أني أحب الاستدلال بالمحكم وأترك المتشابه حسب تعبيركم، ولم أصد أحداً عن البحث والتفتيش والتنقيب، وأنا لم أعترض إلا بعد أن بحثت بقدر جهدي وبحسب ما وجدت من الوقت -وما زلت- واقتنعت أن الخلاف حقيقي، وليس لفظيًّا فقط، وما زلت في الازدياد من البحث فإن أسفر عن رأي آخر فلن أتردد في البوح به، وكما أنك ترى بأن كلام الداني صريح في كون الخلاف لفظيًّا، فإني أرى كلام القرطبي لا يقل صراحة عنه في كون الخلاف حقيقياً، وفهْمُ الأئمة الذين تعتبرهم من المتأخرين أولى من فهمي وفهمك للمسألة، وإن كان في أسلوبي في الرد إزعاج لفضيلتكم فأعتذر عن ذلك، ورأيي أن يمضي كل واحد في طريقه طالما وصدرك لا يتسع للحوار، أو أنك ترى أن الآخرين لا يتفقون معك في أصول المسائل، وإن أضفتُ مشاركة لاحقاً هنا فأقصد بها الحوار مع شيخنا عبد الحكيم فلا تنزعج من ذلك، وأعتذر مرة أخرى عن إزعاجكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
شيخنا الكريم محمد يحي حفظك الله , لهجتك شديدة في الحوار ولا أجد لها مبررا ، وذلك خلاف ما اعتدناه منك ، فما علمنا عنك إلا الصبر والحلم ، والشيخ محمد الأهدل من أفضل من تحاورت معهم ؛ إذ لا أراه متعصبا لقول معين , بل وقاف مع الدليل ، ولك أن تلاحظ انصافه ، فهو ممن يرى إطباق الشفتين ، ولا يمنعه ذلك من التعامل مع النصوص بحيادية تامة ، ولا أرمي أحدا بشيء .
فأسأل الله أن يؤلف القلوب , ويجنبنا نزغ الشيطان .
ثم يا شيخنا الكريم أي أصول تريدنا أن نتفق عليها ؟
هل التسليم بأن الخلاف لفظي ؟
فإن كان كذلك فليس هناك فروع نتكلم فيها ؛ إذ المسألة بذلك قد حسمت .
 
شيخنا الكريم محمد يحي حفظك الله , لهجتك شديدة في الحوار ولا أجد لها مبررا ، وذلك خلاف ما اعتدناه منك ، فما علمنا عنك إلا الصبر والحلم ، والشيخ محمد الأهدل من أفضل من تحاورت معهم ؛ إذ لا أراه متعصبا لقول معين , بل وقاف مع الدليل ، ولك أن تلاحظ انصافه ، فهو ممن يرى إطباق الشفتين ، ولا يمنعه ذلك من التعامل مع النصوص بحيادية تامة ، ولا أرمي أحدا بشيء .
فأسأل الله أن يؤلف القلوب , ويجنبنا نزغ الشيطان .
ثم يا شيخنا الكريم أي أصول تريدنا أن نتفق عليها ؟
هل التسليم بأن الخلاف لفظي ؟
فإن كان كذلك فليس هناك فروع نتكلم فيها ؛ إذ المسألة بذلك قد حسمت .

معك في كل كلمة ، وأكن كل التقدير للشيخ يحيى شريف ، وللباحث المجتهد الذي سبق سنه وفاق أقرانه بعلمه ، الشيخ محمد الأهدل .
أسأل الله أن يذهب عنا نزغ الشيطان وأن يؤلف بين قلوب أهل القرآن . ‏‎
 
السلام عليكم
كم أنا حزين أن يتحدث الإخوة في واد وأنا في واد آخر .
يا سادة ..هل معنى الإخفاء في كلام الداني الإظهار ؟ هذا هو السؤال
وهل قول القيجاطي صواب .
وهذه المشاركة فيها بغيتي :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
مشايخي الكرام أود أن انقل نصا في ظني أنه يؤيد ما ذكره فضيلة الشيخ: عبد الحكيم عبد الرزاق في أن الخلاف لفظي بين من يقول بالإخفاء والإظهار للميم الساكنة عند الباء, قال الإمام أبو عمرو الداني في شرحه على الخاقانية 2/ 299: (وقال أبو العباس محمد بن يونس المقرئ النحوي-332هـ-:"بيان الميم الساكنة عند الباء قد يشكل على بعض السامعين؛ فيتوهم أنها مدغمة, ولو أدغمت لشدد الذي اندغمت فيه؛ ولكن الميم والباء متواخيان, واللفظ بهما بضم الشفتين, فإذا توالتا وكانت الأولى منهما ساكنة لم يفتح القارئ شفتيه حتى يتبعهما الأخرى إذا وصل القراءة؛ فتكون الشفتان على حال انضمامهما؛ فيتوهم من ذلك من لا يعرفه أنه أدغم وهو قد أظهر بحسب ما يجوز؛ حيث ترك تشديد الثاني من الحرفين, ووفى الأول تمام اللفظ به,
ومن أهل اللغة من يسمى هذا: الإخفاء, وقال سيبويه:"المخفى بوزن الظهر").
ثم قال أبو عمرو الداني بعد هذا النص: (وهذا شرح حسن وتلخيص واضح).
فلا داعي بوضع أسماء القراء أو أي شئ آخر ، ولا أتحدث عن الفرجة أو الإطباق وكلامي محدد .
من عنده زيادة بيان ..يا هلا
والسلام عليكم
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

أخي أحمد نجاع بارك الله فيك على نصيحتكم ، أعلم جيّداً أنّني قسوت على الشيخ أبي تميم وسبب ذلك حبّي له كثيراً إذ كانت كتاباته وتدخلاته ثعجبني كثيراً فالتمست فيه حبّ البحث والاجتهاد والتدقيق في المسائل وأحببت فيه حسن الخلق والإنصاف والبعد عن التعصّب ، فقسوتي عليه كانت بمثابة قسوة الصاحب لصاحبه إذا رءاه أخطأ السبيل فأراد تعزيره.

أعيب على الشيخ أبي تميم ما يلي :

- التسرّع في الردّ من غير نظر في المسألة.
- يقول أنّ المسألة تحتاج إلى نظر ومن جهة أخرى يردّ بنصّ واحد من غير تفكيك للعبارات واستخراج للأحكام التي تعزّز رأيه في المسألة. فالنصّ إن وُضع فلا بدّ أن يصاحبه بيان وجه الدلالة.
- اعتراضه على قولي : بأنّ ابن الجزريّ هو ناقل وليس مصدراً في الرواية وكأنّه يجهل أن كلّ كلام لم يأت من مصدره فحقّه التثبّت منه بالرجوع إلى منبعه لا سيما فيما يتعلّق بالرواية ، وعلى هذا النهج سار الجهابذة العظام من الأئمّة النقاد. وهذا أصل من أصول البحث يا أخي أحمد نجاح الذي إن اختلفنا فيه فلن نتفق أبداً في الفروع.
- اعتباره بأنّ فهم ابن الجزريّ للمسائل هو الفهم الصحيح فيكون كلامه حجّة ولو كان مخالفاً لكلام المتقدّمين ، وهذا كلام باطل لا يُؤيّده أيّ منهجيّة علميّة أكادميّة. نعم أقوال ابن الجزريّ لها منزلتها واعتبارها عند أهل الأداء لا سيما فيما لم يرد فيه نصّ صريح أو عند اضطراب الأقوال ، ولكن ليس على الإطلاق.

والعجيب أنّي لم أعهد عليه هذه الأمور فقسوت عليه من باب الإرشاد.

والآن أرجع إلى نقطة النزاع فأقول :

إنّ الأمر المتنازع فيه بيني وبين الشيخ الأهدل هو هل الخلاف الوارد في الميم الساكنة عند الباء من حيث الإظهار والإخفاء هو خلاف عبارة أم هو خلاف أداء.

إنّ إطلاق لفظ الخلاف قد يراد به الخلاف الأدائي والخلاف اللفظي ، ولتعيين نوع الخلاف ينبغي أن يكون النصّ في غاية الصراحة والوضوح ليكون صالحاً للاستدلال به ، إذ كلّما كان محتملاً لأكثر من نوع كلّما كان ناقصاً من جهة الدِلالة.؟

فلنبدأ بكلام الداني وهو قوله : "فعلماؤنا مختلفون في العبارة". أقول : هل كلام الداني يحتمل الخلاف الأدائي ؟ الجواب : هذا مستحيل لأنّه قال : "مختلفون في العبارة" وبالتالي فهو خلاف عبارة بكلّ بساطة.

الآن ننتقل إلى كلام القرطبي وهو قوله : "وألحق بعضهم الباء بالفاء والواو في الإظهار عند الميم لما بين الباء والواو من الشبه ، وليس إلحاق وساواة.". وهذا جزء من كلام القرطبيّ بعد تنقيح النصّ من كلّ ما لا علاقة له بموضوعنا.

أتسائل : لو اعتبرنا أنّ الخلاف هو خلاف أداء أيصحّ أن نلحق الباء بالفاء والواو ؟ الجواب نعم هذا محتمل.
ولو اعتبرنا أنّ الخلاف هو خلاف عبارة أيصحّ أن نلحق الباء بالفاء والواو ؟ الجواب نعم هذا محتمل. إذ يصحّ أن يقال : وقد ألحق سيبويه الواو المدية مع حروف الشفتين ، ومعلوم أنّ الخلاف في المخارج والصفات هو خلاف لفظيّ وليس أدائياً ، كما يصحّ أن يُقال : وقد ألحق بعض أهل اللغة الضاد بحروف التفشي مثلاً مع أنّ الخلاف لفظيّ. فالشطر الأوّل من كلام القرطبي يحتمل الخلاف اللفظي والخلاف الأدائيّ بينما كلام أبي عمرو الداني لا يحتمل إلاّ الخلاف اللفظيّ.

الشطر الثاني : وهو قوله : "وليس إلحاق مساواة ، فإن فك الفاء وإظهارها عند الميم أبين منه عند الباء ، وإنما يظهر الباء معها ظهورها من غير ما ذكرناه من الحروف"

أقول : بيّن القرطبي رحمه الله حتّى على مذهب القائلين بالإظهار أنّه لا ينبغي أنّ نسوّيّ بين الباء والفاء من جهة الأداء وذلك عند قوله : "وليس إلحاق مساواة"لأنّ إظهار الفاء عند الميم أبين منه عند الباء لأنّ الباء تشترك مع الميم بانطباق الشفتين ، وغنّة الميم تمنع انفكاك الميم عن الباء كما تنفكّ الميم عن الفاء ، فلذلك حذّر أن نعامل الميم عند الباء معاملة الميم عند الفاء إذا قلنا بالإظهار لأنّ الميم مع الباء تكون بإشباع الغنّة وذلك يمنع انفكاك الميم عن الباء كما انفكت عن الفاء.

أقول : كلام القرطبيّ صعب ، ومحتمل ، ويحتاج إلى نظر دقيق خلافاً لكلام الداني.

والآن أطلب من الشيخ أبي تميم أن يُثبت لنا أنّ إلحاق الباء بالفاء لا يحتمل إلاّ المعنى الأدائي ، وأن يُفسّر لنا معنى قول القرطبي : "وليس إلحاق مساواة" . ويُبيّن لنا لماذا فرّق بين إظهار الميم عند الباء وبين إظهارها عند الفاء . وهل إذا قرأنا بالإظهار المحض يظهر خلاف في الأداء بين إظهار الميم عند الباء وبين إظهارها مع الفاء.
 
الشطر الثاني : وهو قوله : "وليس إلحاق مساواة ، فإن فك الفاء وإظهارها عند الميم أبين منه عند الباء ، وإنما يظهر الباء معها ظهورها من غير ما ذكرناه من الحروف"
أقول : بيّن القرطبي رحمه الله حتّى على مذهب القائلين بالإظهار أنّه لا ينبغي أنّ نسوّيّ بين الباء والفاء من جهة الأداء وذلك عند قوله : "وليس إلحاق مساواة"لأنّ إظهار الفاء عند الميم أبين منه عند الباء لأنّ الباء تشترك مع الميم بانطباق الشفتين ، وغنّة الميم تمنع انفكاك الميم عن الباء كما تنفكّ الميم عن الفاء ، فلذلك حذّر أن نعامل الميم عند الباء معاملة الميم عند الفاء إذا قلنا بالإظهار لأنّ الميم مع الباء تكون بإشباع الغنّة وذلك يمنع انفكاك الميم عن الباء كما نفكت عن الفاء.

أقول : كلام القرطبيّ صعب ، ومحتمل ، ويحتاج إلى نظر دقيق خلافاً لكلام الداني.

السلام عليكم
شيخنا الحبيب محمد دعني أضع لك قولا وأهرب ..
كلام القرطبي لا يحتاج لكل هذا ..فالميم مع الباء والفاء حكى معناه ابن الباذش (فهذا ممكن في الباء وحدها ) وهذا يا شيخنا بخلاف الفاء والواو .
والغنة المقصودة في كلامه أصل الغنة لا الغنة بمقدار حركتين لأن أحرف (ضوي مشفر ) لا تدغم وقالوا عن سبب الميم لأجل الغنة التي فيها فهي لا تدغم إلا في مثلها أي الميم .
فالميم مع الباء لها خاصية عند إظهارها بأن الشفتين ينطبقان انطباقا واحدا بخلاف سائر الحروف ، فمع الحروف الأخري فيها التقطيع والتبيين بخلافها مع الباء .والله أعلم
والسلام عليكم
 
السلام عليكم
شيخنا الحبيب محمد دعني أضع لك قولا وأهرب ..
كلام القرطبي لا يحتاج لكل هذا ..فالميم مع الباء والفاء حكى معناه ابن الباذش (فهذا ممكن في الباء وحدها ) وهذا يا شيخنا بخلاف الفاء والواو .
والغنة المقصودة في كلامه أصل الغنة لا الغنة بمقدار حركتين لأن أحرف (ضوي مشفر ) لا تدغم وقالوا عن سبب الميم لأجل الغنة التي فيها فهي لا تدغم إلا في مثلها أي الميم .
فالميم مع الباء لها خاصية عند إظهارها بأن الشفتين ينطبقان انطباقا واحدا بخلاف سائر الحروف ، فمع الحروف الأخري فيها التقطيع والتبيين بخلافها مع الباء .والله أعلم
والسلام عليكم
وعليكم السلام
هارب فين ، رايح فين.
أقمتُ الدنيا و زعّلتُ حبيبي أبا تميم عشان أرَجّعك للحوار ، وتهرب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
انظر إلى عبارة القرطبي في نفس النصّ الذي نقله أخي الحبيب الأهدل. وهو قوله : "والغنّة مزيّة في الميم يجب حفظها". قوله : يجب حفظها. من الوجوب سواء قلنا بالإظهار أم بالإخفاء. ولو كان الخلاف عنده أدائي أي يجوز الإدغام والإظهار لما قال في الغنة : يجب حفظها.
وهذا دليل على أنّ القرطبيّ قصد الخلاف اللفظي ، والعلم عند الله تعالى.
 
وعليكم السلام
هارب فين ، رايح فين.
أقمتُ الدنيا و زعّلتُ حبيبي أبا تميم عشان أرَجّعك للحوار ، وتهرب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
انظر إلى عبارة القرطبي في نفس النصّ الذي نقله أخي الحبيب الأهدل. وهو قوله : "والغنّة مزيّة في الميم يجب حفظها". قوله : يجب حفظها. من الوجوب سواء قلنا بالإظهار أم بالإخفاء. ولو كان الخلاف عنده أدائي أي يجوز الإدغام والإظهار لما قال في الغنة : يجب حفظها.
وهذا دليل على أنّ القرطبيّ قصد الخلاف اللفظي ، والعلم عند الله تعالى.
السلام عليكم
أضحك الله سنك يا شيخ محمد .
قولك (وهذا دليل على أنّ القرطبيّ قصد الخلاف اللفظي)
القرطبي يا سيدي مذهبه الإظهار في الميم مع الباء فالخلاف بالفعل لفظي لأن أهل المغرب على الإظهار أقصد القدامى .
(سيبني أهرب.......)
والسلام عليكم

 
السلام عليكم
معذرة يا شيخ محمد أردت أن أنبهك لشئ آخر .
قد أخبرتك صوتيا كيف تأتي بالغنة ـ أي أصلها ـ مع انطباق الشفتين على الحرفين انطباقا واحدا .
أما لو قمنا بنطق الغنة كاملة ـ مقدار حركتين ـ فلا يمكن أن يأتي الإدغام الذي عبروا عنه مجازا لأن الميم كما سبق لا يدغم في سوي نفسها .
والسلام عليكم
 
الشكر الجزيل لشيخنا الفاضل أحمد نجاح، ولأختنا المباركة الأترجة المصرية حفظهما الله، على حسن ظنهما بأخيهما العبد الضعيف، وأسأل الله أن يدفع عن الجميع نزغات الشيطان.

وعفا الله عني وعن شيخنا الحبيب محمد يحيى حفظه الله ورفع قدره .
شيخنا محمد -رفعكم الله مكاناً علياً- أكثر ما أحب الحوار معكم للاستفادة من علمكم الغزير ولفهمكم الدقيق، فأرجو أن ترفقوا بأخيكم، ولأكون صريحاً مع فضيلتكم فإني أتجنب في أحيان كثيرة التعليق على مشاركاتكم مع رغبتي في التعليق على بعضها خوفاً من قسوتكم وشدتكم فأتمنى أن تكونوا أكثر ليناً طالما ومن يحاوركم لم يقسُ عليكم .

وأما قولكم :
[FONT=&quot]
[/FONT]
أعيب على الشيخ أبي تميم ما يلي :
- التسرّع في الردّ من غير نظر في المسألة.
[FONT=&quot]
[/FONT]بل نظرت في المسألة مراراً وتكراراً، وما كتبته هو الذي توصلت إليه -حالياً-، ولا مانع عندي من التراجع عنه إذا ظهر لي خلافه.[FONT=&quot]

[/FONT]
- يقول أنّ المسألة تحتاج إلى نظر ومن جهة أخرى يردّ بنصّ واحد من غير تفكيك للعبارات واستخراج للأحكام التي تعزّز رأيه في المسألة. فالنصّ إن وُضع فلا بدّ أن يصاحبه بيان وجه الدلالة.
[FONT=&quot]
قد بينت وجه الدلالة، بأن المغايرة بين تلك الحروف يلزم منها اختلاف الحكم، فقول القرطبي:
"والعلة التي من أجلها
أظهرت الميم عند الفاء والواو وأخفيت مع الباء
"
وقوله بعد ذلك
:
"
وألحق بعضهم الباء بالفاء والواو في الإظهار عند الميم لما بين الباء والواو من الشبه"
فهذا يدل على أن البعض أخفاها كما تقدم، والبعض ألحقها بالفاء والواو فأظهرها، فهذا كلام فيما يظهر لي يفيد المغايرة بين الحكمين.



[/FONT]
- اعتراضه على قولي : بأنّ ابن الجزريّ هو ناقل وليس مصدراً في الرواية وكأنّه يجهل أن كلّ كلام لم يأت من مصدره فحقّه التثبّت منه بالرجوع إلى منبعه لا سيما فيما يتعلّق بالرواية ، وعلى هذا النهج سار الجهابذة العظام من الأئمّة النقاد. وهذا أصل من أصول البحث يا أخي أحمد نجاح الذي إن اختلفنا فيه فلن نتفق أبداً في الفروع.
[FONT=&quot]
[/FONT]لا أجهل ذلك، ولكن عند الرجوع إلى ما تيسر من المصادر وجدت بأن الخلاف في الميم عند الباء بين الإخفاء والإظهار موجود، وهذا هو الذي ذكره ابن الجزري فلِمَ الاعتراض على نقله إذن؟[FONT=&quot]
[/FONT]
- اعتباره بأنّ فهم ابن الجزريّ للمسائل هو الفهم الصحيح فيكون كلامه حجّة ولو كان مخالفاً لكلام المتقدّمين ، وهذا كلام باطل لا يُؤيّده أيّ منهجيّة علميّة أكادميّة. نعم أقوال ابن الجزريّ لها منزلتها واعتبارها عند أهل الأداء لا سيما فيما لم يرد فيه نصّ صريح أو عند اضطراب الأقوال ، ولكن ليس على الإطلاق.
[FONT=&quot]
[/FONT]أوافقك في ما قلتَ هنا، ولكني لا أرى في كلام ابن الجزري مخالفة لكلام المتقدمين في هذه المسألة.
إنّ الأمر المتنازع فيه بيني وبين الشيخ الأهدل هو هل الخلاف الوارد في الميم الساكنة عند الباء من حيث الإظهار والإخفاء هو خلاف عبارة أم هو خلاف أداء.

إنّ إطلاق لفظ الخلاف قد يراد به الخلاف الأدائي والخلاف اللفظي ، ولتعيين نوع الخلاف ينبغي أن يكون النصّ في غاية الصراحة والوضوح ليكون صالحاً للاستدلال به ، إذ كلّما كان محتملاً لأكثر من نوع كلّما كان ناقصاً من جهة الدِلالة.؟
لا خلاف بيننا في هذا الكلام.
فلنبدأ بكلام الداني وهو قوله : "فعلماؤنا مختلفون في العبارة". أقول : هل كلام الداني يحتمل الخلاف الأدائي ؟ الجواب : هذا مستحيل لأنّه قال : "مختلفون في العبارة" وبالتالي فهو خلاف عبارة بكلّ بساطة.
[FONT=&quot]
[/FONT]مع شدة خوفي من قسوتكم (بسمة) أقول::
الإمام الداني لم ينفِ الخلاف الأدائي أبداً، وقوله: (فعلماؤنا مختلفون في العبارة) يحتمل اتفاقهم في الأداء، ويحتمل اختلافهم فيه، ولنتأمل قوله بعد ذلك:
فقال بعضهم هي مخفاة لانطباق الشفتين عليهما، كانطباقهما على إحداهما وهذا مذهب ابن مجاهد، فيما حدثنا به الحسين بن علي، عن أحمد بن نصر، عنه، قال: والميم لا تدغم في الباء، لكنها تخفى؛ لأن لها صوتاً في الخياشيم، تواخي به النون الخفيفة.
وإلى هذا ذهب شيخنا علي بن بشر رحمه الله.
قال أبو العباس محمد بن يونس النحوي المقرئ: في أهل اللغة من يسمي الميم الساكنة عند الباء إخفاء. قال: وقال سيبويه: المخفى بوزن المظهر.

ثم قال:
وقال آخرون: هي مبينة للغنة التي فيها، قال أبو الحسين بن المنادى: أخذنا عن أهل الأداء بيان الميم الساكنة عند الواو والفاء والباء، في حسن من غير إفحاش.
وقال أحمد بن يعقوب التائب: أجمع القراء على تبيين الميم الساكنة وترك إدغامها إذا لقيتها باء في جميع القرآن. قال: وكذلك الميم عند الفاء.
وذهب إلى هذا جماعة من شيوخنا، وحكاه أحمد بن صالح عن ابن مجاهد، وبالقول أقول، اهـ.
فيفهم من كلام الداني وجود الخلاف الأدائي –وإن لم يصرح به، كما أنه لم ينفه-، حيث قال في البداية:​
فقال بعضهم هي مخفاة لانطباق الشفتين عليهما كانطباقهما على إحداهما، وهذا مذهب ابن مجاهد ... قال: والميم لا تدغم في الباء، لكنها تخفى ... وإلى هذا ذهب شيخنا علي بن بشر رحمه الله.
وسيأتي التعليق على قول أهل اللغة وقول سيبويه في مشاركة أخرى بإذن الله تعالى.​
ثم قال بعد ذلك:​
"وقال آخرون: هي مبينة للغنة التي فيها، قال أبو الحسين بن المنادى: أخذنا عن أهل الأداء بيان الميم الساكنة عند الواو والفاء والباء، في حسن من غير إفحاش.
وقال أحمد بن يعقوب التائب: أجمع القراء على تبيين الميم الساكنة وترك إدغامها إذا لقيتها باء في جميع القرآن. قال: وكذلك الميم عند الفاء.
وذهب إلى هذا جماعة من شيوخنا، وحكاه أحمد بن صالح عن ابن مجاهد، وبالقول أقول، اهـ.
فليُتأمل قوله: (وقال آخرون: هي مبينة للغنة التي فيها)
وقد قال عند كلامه عن حرف الميم إذا التقى بالفاء أو الواو:​
"وإن التقى بالفاء أو الواو أنعم بيانه للغنة التي فيه؛ إذ كان الإدغام يُذهِبُها فيختل بذلك".
فيقارن بين هذا وبين:​
" قال أبو الحسين بن المنادى: أخذنا عن أهل الأداء بيان الميم الساكنة عند الواو والفاء والباء، في حسن من غير إفحاش".
وكذلك قوله:​
" وقال أحمد بن يعقوب التائب: أجمع القراء على تبيين الميم الساكنة وترك إدغامها إذا لقيتها باء في جميع القرآن. قال: وكذلك الميم عند الفاء".
وقوله في آخر المطاف:​
وذهب إلى هذا جماعة من شيوخنا، وحكاه أحمد بن صالح عن ابن مجاهد، وبالقول أقول.
فمفاد هذا الكلام وجود الخلاف الأدائي حيث ذهب بعض الشيوخ كما تقدم إلى الأخذ بالإخفاء، وذهب بعضهم - كما هنا- إلى الأخذ بالإظهار.

وهذا ما فهمه ابن الجزري رحمه الله حيث قال في "التمهيد":​

وإذا سكنت وأتى بعدها باء فعن أهل الأداء فيها خلاف: منهم من يظهرها عندها، ومنهم من يخفيها، وإلى إخفائها ذهب جماعة، وهو مذهب ابن مجاهد وابن بشر وغيرهما، وبه قال الداني.
وإلى إدغامها -(هكذا في أصل الكتاب، وفي الهامش: "وفي ط: إظهارها") وهو الصحيح؛ لموافقته ما في التحديد والنشر- ذهب ابن المنادى وغيره. وقال أحمد بن يعقوب التائب: أجمع القراء على تبيين الميم الساكنة وترك إدغامها إذا لقيها باء في كل القرآن، وبه قال مكي، وبالإخفاء أقول قياساً على مذهب أبي عمرو بن العلاء" اهـ.
ومن وجهة نظري أن فهم ابن الجزري لكلام المتقدمين في هذه المسألة فهم دقيق، وهو المزيل للإشكالات القائمة بإذن الله.


[FONT=&quot]
[/FONT]​

الآن ننتقل إلى كلام القرطبي وهو قوله : "وألحق بعضهم الباء بالفاء والواو في الإظهار عند الميم لما بين الباء والواو من الشبه ، وليس إلحاق وساواة.". وهذا جزء من كلام القرطبيّ بعد تنقيح النصّ من كلّ ما لا علاقة له بموضوعنا.

أتسائل : لو اعتبرنا أنّ الخلاف هو خلاف أداء أيصحّ أن نلحق الباء بالفاء والواو ؟ الجواب نعم هذا محتمل.
ولو اعتبرنا أنّ الخلاف هو خلاف عبارة أيصحّ أن نلحق الباء بالفاء والواو ؟ الجواب نعم هذا محتمل. إذ يصحّ أن يقال : وقد ألحق سيبويه الواو المدية مع حروف الشفتين ، ومعلوم أنّ الخلاف في المخارج والصفات هو خلاف لفظيّ وليس أدائياً ، كما يصحّ أن يُقال : وقد ألحق بعض أهل اللغة الضاد بحروف التفشي مثلاً مع أنّ الخلاف لفظيّ. فالشطر الأوّل من كلام القرطبي يحتمل الخلاف اللفظي والخلاف الأدائيّ بينما كلام أبي عمرو الداني لا يحتمل إلاّ الخلاف اللفظيّ.

الشطر الثاني : وهو قوله : "وليس إلحاق مساواة ، فإن فك الفاء وإظهارها عند الميم أبين منه عند الباء ، وإنما يظهر الباء معها ظهورها من غير ما ذكرناه من الحروف"

أقول : بيّن القرطبي
rhm.png
حتّى على مذهب القائلين بالإظهار أنّه لا ينبغي أنّ نسوّيّ بين الباء والفاء من جهة الأداء وذلك عند قوله :
"وليس إلحاق مساواة"لأنّ إظهار الفاء عند الميم أبين منه عند الباء لأنّ الباء تشترك مع الميم بانطباق الشفتين ، وغنّة الميم تمنع انفكاك الميم عن الباء كما تنفكّ الميم عن الفاء ، فلذلك حذّر أن نعامل الميم عند الباء معاملة الميم عند الفاء إذا قلنا بالإظهار لأنّ الميم مع الباء تكون بإشباع الغنّة وذلك يمنع انفكاك الميم عن الباء كما انفكت عن الفاء.

أقول : كلام القرطبيّ صعب ، ومحتمل ، ويحتاج إلى نظر دقيق خلافاً لكلام الداني.

والآن أطلب من الشيخ أبي تميم أن يُثبت لنا أنّ إلحاق الباء بالفاء لا يحتمل إلاّ المعنى الأدائي ، وأن يُفسّر لنا معنى قول القرطبي : "وليس إلحاق مساواة" . ويُبيّن لنا لماذا فرّق بين إظهار الميم عند الباء وبين إظهارها عند الفاء . وهل إذا قرأنا بالإظهار المحض يظهر خلاف في الأداء بين إظهار الميم عند الباء وبين إظهارها مع الفاء.
[FONT=&quot]
[/FONT]نعم كلام القرطبي فيه صعوبة، وله احتمالات، وأنا الآن أتراجع عن الاستدلال به، وأوافقكم أن القرطبي يجنح إلى الخلاف اللفظي وليس الأدائي بدلالة قوله في موضع آخر من نفس الكتاب، (الموضح، صـ 72-73):
"والميم: إذا سكنت وبعدها باء وجب إخفاء الميم معها، كقوله تعالى: (وأن احكم بينهم)، (أنبئهم بأسمائهم)، (هم به يؤمنون)، وذلك أن الباء قربت من الميم في المخرج فامتنع الإظهار، واستوتا في أن كل واحدة منهما تنطبق بها الشفتان فتحقق الاتصال والاستتار، وامتازت الميم عنها بمزية الغنة فامتنع الإدغام فلم يبق إلا الإخفاء.
وقد اختلف القراء في العبارة عنها، فقال بعضهم: هي مخفاة لانطباق الشفتين عليهما كانطباقهما على أحدهما، وهو مذهب ابن مجاهد، قال ابن مجاهد: والميم لا تدغم في الباء لكنها تخفى؛ لأن لها صوتاً من الخياشيم تؤاخي به النون الخفية.
وقال آخرون: هي مبيَّنة للغنة التي في الميم.
وقال بعضهم: أخذنا عن أهل الأداء بيان الميم الساكنة عند الفاء والواو والباء في حسن من غير إفحاش.
وقال بعضهم: أجمع القراء على تبيين الميم الساكنة في جميع القرآن إذا لقيت باءً.
والأول هو القول.
فأما عبارة بعضهم عن ذلك بالبيان، فالذي عندي أنهم لم يريدوا البيان الذي هو التفكيك والقطع؛ لأن ذلك إذا لُفظ به جاء في الغاية من الثِّقَل والاستبشاع، وإنما أرادوا بالبيان عدم الإدغام؛ لأن جماعة من أغمار القراء ذهبوا إلى أنه إدغام فسموه بياناً لينبهوا على أنه ليس بإدغام، وإن كان إخفاءً" اهـ.
فأؤكد على تراجعي عن الاستدلال بكلام القرطبي، وبأنه لا يفيد الخلاف الأدائي، وهذا ما وعدت به سابقاً بقولي:
وما زلت في الازدياد من البحث فإن أسفر عن رأي آخر فلن أتردد في البوح به.
ويلاحظ قول القرطبي رحمه الله: "فالذي عندي أنهم لا يريدون البيان الذي هو التفكيك والقطع...".
فهو واضح بأنه فهم منه لكلام من تقدمه، وهو خلاف الفهم الذي ذهب إليه ابن الجزري، وكنت أتعجب من عدم ذكر ابن الجزري لما ذهب إليه القرطبي فبحثت في التمهيد والنشر فلم أجد له نقلاً عن كتاب الموضح، فلعله لم يطلع على كلام القرطبي هذا، وإلا لذهب إليه أو لناقشه واعترض عليه على الأقل إن لم يرتضيه.
تنبيــه:
قد يلاحظ القارئ تناقضاً بين بداية المشاركة ونهايتها، والسبب أني كتبت هذا الكلام بعد كتابة ما تقدم من أن الخلاف أدائي فآثرت بقاءه على هو عليه، والذي يظهر لي الآن بعد الوقوف على كلام القرطبي الأخير أن الصواب في الخلاف أنه لفظيٌّ وليس أدائيًّا، وأن الحكم إنما هو الإخفاء فقط، وكلام القرطبي هنا أكثر صراحة من كلام الداني، والعلم عند الله تعالى.[FONT=&quot]

[/FONT]
كم أنا حزين أن يتحدث الإخوة في واد وأنا في واد آخر .
يا سادة ..هل معنى الإخفاء في كلام الداني الإظهار ؟ هذا هو السؤال[FONT=&quot]
[/FONT]
لم نتحدث في واد غير الواد الذي أنتم فيه شيخنا، وإنما الذي تعرضنا له كان مهمًّا لتحرير المسألة من أجل الإجابة على سؤالكم، والإجابة الآن:
لا، لم يقرأ الداني بالإظهار المحض، ويبدو أن القول بالفرجة لفظ أنفاسه الأخيرة.
شيخنا عبد الحكيم ما رأيك ؟ آمل لك في توبة عن الفرجة ..قل آمين (بسمة).
 
السلام عليكم ورحمة الله
فيفهم من كلام الداني وجود الخلاف الأدائي –وإن لم يصرح به، كما أنه لم ينفه-، حيث قال في البداية:
الداني يُصرّح بأنّ الخلاف خلاف عبارة وأنت تقول بأنّ كلامه يحتمل الخلاف الأدائي.
وأنت تعترف أنّه لم يُصرّح بأنّ الخلاف أدائي ، وأنت ترى تصريحة على الخلاف في العبارة. بل تقول كلامه يحتمل. فقولك يحتمل تكفيني لأكتفي بما ذكرته لك من قبل.
والغريب أنّك تأخذ بالاحتمال مع وجود التصريح ، وكان الأولى لكم أن تحملوا الاحتمال على التصريح لا العكس.
وهذه الأمور لا يتحمّلها صدري مما يجعلني اغضب ولكن لا ينبغي أن أغضب لعلمي أنّك حريص على الحقّ.

وقد بيّنت لك من قبل أنّ الفصل في الأمور يحتاج إلى عبارة صريحة واضحة ، وقد وافقتني على ذلك. وفي الأخير تقول كلام الداني يحتمل ، والاحتمال هو في حدّ ذاته ينافي الصراحة. اللهم إلاّ إذا قصدتّم أنّ كلام الداني ليس صريحاً ، فالسكوت لي هو الأفضل.ً

لا، لم يقرأ الداني بالإظهار المحض، ويبدو أن القول بالفرجة لفظ أنفاسه الأخيرة.

شيخنا عبد الحكيم ما رأيك ؟ آمل لك في توبة عن الفرجة ..قل آمين (بسمة).


الحمد لله على رجوعك.
ولقد كنت أعيب عليك قولك : إنّ نصوص الانطباق تحتمل الفرجة معتمداً على كلام الشاطبيّ والشاطبيّ قصد الإشمام لا غير.
لذا فلا استبعد الآن منك أن تحمل صراحة الداني على الاتحتمال كما حملت نصوص الانطباق على الفرجة.



وهذا آخر ما أقوله في الموضوع.
والحمد لله ربّ العالمين.

 
ولقد كنت أعيب عليك قولك : إنّ نصوص الانطباق تحتمل الفرجة معتمداً على كلام الشاطبيّ والشاطبيّ قصد الإشمام لا غير.
وقد عبتَ علينا هذا القول من قبل ، أو تعجبت َ ، فقلتَ :
والعجيب أنّ مصطلح الإطباق والانطباق حملوه على الفرجة. ولم يحملوا مصطلح الإخفاء على انطباق الشفتين.

لكنّ كلامَنا هذا له قرائن ودلائل ، والاستدلال بكلام الشاطبي كان على استعماله لفظة الاطباق مع وجود الفرجة التي هي أكبر من فرجة الإخفاء ، وكذلك قول الطيبي الذي لا يخفى علي فضيلتكم :
فإن ترى القارئ لن تنطبقا @ شفاهه بالضم كن محققا
فإذا جاء في كلام العلماء ما يدل على أنهم استعملوا كلمة الإطباق مع وجود الفرجة فلم تنكرون علينا حملها على ذلك في كلامهم .

هذا على صحة الاستدال بنصوص الإطباق ، وإلا فقد ظهر أن أغلبهم _ إن لم يكن جميعهم _ ممن مذهبه الإظهار لا الإخفاء .
ولقد حدثني الشيخ عبد الحكيم بما في هذه النقطة بما فيه الكفاية .

ويبدو أن القول بالفرجة لفظ أنفاسه الأخيرة.
شيخنا عبد الحكيم ما رأيك ؟ آمل لك في توبة عن الفرجة ..قل آمين (بسمة).
أضحك الله سنك ، ولكن الشيخ عبد الحكيم سينهي الموضوع بالضربة القاضية ، قريبا بإذن الله .
 
أدقّ ناقوس الخطر.
أرى أنّ الأمر وصل إلى حدّ العبث واللعب بعبارات الأئمة وكثرة الفلسفة فيها ، فانفتح الباب على مصرعيه ، فأردنا فتح باب الخير وهو الاجتهاد والنظر في النصوص وإذا بنا تجاوزنا الحدود فصار النطباق يُفسّر بالفرجة ووووووو.
وأخشى على هذا العلم من مثل هذه التجاوزات فيصير الكلّ يفسّر النصوص.
فينبغي في نظري تأصيل الأمور وضبطها قبل أن تنفلت.
والحمد لله ربّ العالمين.
 
أي عبث ولعب وفلسفة ؟ ! !
ألم يسم الشاطبي الانفراج إطباقا ؟ !
ألم يسم الطيبي الانفراج إطباقا ؟ !
أم أن هذه الأبيات نظمها أحمد نجاح ؟ !
أم ماذا ؟ !
مع كامل احترامي وتقديري ؛ أراك تهربت ، فبدلا من أن توجه النصوص المذكورة أو تبين لنا خطأ تفسيرنا لها ، أطلقت كلاما عاما و ( خلعت ) .
 
السلام عليكم ورحمة الله

الداني يُصرّح بأنّ الخلاف خلاف عبارة وأنت تقول بأنّ كلامه يحتمل الخلاف الأدائي.
وأنت تعترف أنّه لم يُصرّح بأنّ الخلاف أدائي ، وأنت ترى تصريحة على الخلاف في العبارة. بل تقول كلامه يحتمل. فقولك يحتمل تكفيني لأكتفي بما ذكرته لك من قبل.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مع أن هذا الاحتمال الذي ذكرتُه كان - كما بينتُ سابقاً- قبل اطلاعي على كلام القرطبي الأخير الذي أراه مقنعاً في أن الخلاف لفظيٌّ فقط، إلا أني سأحاول هنا توضيح وجهة نظري قدر الاستطاعة، فأقول:
لنفترض أن الداني قال:
فعلماؤنا مختلفون في العبارة [متفقون في الأداء].
فسيكون هذا الكلام صريحاً في أن الخلاف لفظيٌّ والأداء واحد، ولا يمكن هنا أن يرد أي احتمال آخر.

أعيد كلام الإمام الداني بافتراض آخر:
فعلماؤنا مختلفون في العبارة [وفي الأداء].
فسيكون هذا الكلام صريحاً في أن الخلاف لفظيٌّ وأدائيٌّ، ولا يمكن هنا أن يرد أي احتمال آخر أيضاً.

ولكن عبارة الداني رحمه الله:
فعلماؤنا مختلفون في العبارة عنهما:
فقال بعضهم :
هي مخفاة ... وهذا مذهب بن مجاهد ... وإلى هذا ذهب شيخنا على بن بشر رحمه الله...
وقال آخرون:
هي مبينة للغنة التي فيها، قال أبو الحسين بن المنادى: أخذنا عن أهل الأداء بيان الميم الساكنة عند الواو والفاء والباء، في حسن من غير إفحاش.
وقال أحمد بن يعقوب التائب: أجمع القراء على تبيين الميم الساكنة وترك إدغامها إذا لقيتها باء في جميع القرآن. قال: وكذلك الميم عند الفاء.
وذهب إلى هذا جماعة من شيوخنا، وحكاه أحمد بن صالح عن ابن مجاهد، وبالقول أقول، اهـ.

فهذا الكلام صريح في وجود الخلاف اللفظي، أما الجانب الأدائي فلم يصرّح به لا نفياً ولا إثباتاً، فيحتمل عدم وجود الخلاف الأدائي لعدم التصريح به حملاً كلام الداني على أن الخلاف في التسمية فقط، ويحتمل وجوده لعدم التصريح بنفيه، بالإضافة إلى باقي كلامه الذي يُفهم منه وجود الخلاف الأدائي، مثل قوله: قال أبو الحسين بن المنادى: أخذنا عن أهل الأداء بيان الميم الساكنة عند الواو والفاء والباء...الخ.
ولماذا الإنكار على من يقول باحتمال وجود الخلاف الأدائي، وقد فهِم وجوده من كلام الداني محققُ الفن الإمام ابن الجزري رحمه الله حيث قال: وإذا سكنت وأتى بعدها باء فعن أهل الأداء فيها خلاف: منهم من يظهرها عندها، ومنهم من يخفيها، وإلى إخفائها ذهب جماعة، وهو مذهب ابن مجاهد وابن بشر وغيرهما، وبه قال الداني.
وإلى إظهارها ذهب ابن المنادى وغيره...؟
فلو لم يكن الخلاف الأدائي محتملاً لما فهم ابن الجزري وجوده.
فأرجو أن أكون قد استطعت توضيح وجهة نظري التي ذهبت إليها سابقاً.



والغريب أنّك تأخذ بالاحتمال مع وجود التصريح ، وكان الأولى لكم أن تحملوا الاحتمال على التصريح لا العكس.
التصريح ليس فيه نفي الخلاف الأدائي، وإلا لما وُجد الاحتمال أصلاً، لا سيما وباقي كلام الداني يشعر بوجود الخلاف الأدائي، فلماذا الاستغراب إذاً؟

وقد بيّنت لك من قبل أنّ الفصل في الأمور يحتاج إلى عبارة صريحة واضحة ، وقد وافقتني على ذلك. وفي الأخير تقول كلام الداني يحتمل ، والاحتمال هو في حدّ ذاته ينافي الصراحة. اللهم إلاّ إذا قصدتّم أنّ كلام الداني ليس صريحاً ، فالسكوت لي هو الأفضل.ً
وما زلت موافقاً لك في ذلك؛ ولذلك لم أفصل -حينها- في الأمور لعدم وجود العبارة الصريحة الواضحة، وإنما كان الأمر محتملاً عندي، فلما وقفت على عبارة القرطبي رأيتها صريحة من وجهة نظري.
أما قولكم:
اللهم إلاّ إذا قصدتّم أنّ كلام الداني ليس صريحاً ،...
فقد وضحت بأنه صريح في وجود الخلاف اللفظي، ليس صريحاً لا في إثبات الخلاف الأدائي ولا في نفيه.

ولقد كنت أعيب عليك قولك : إنّ نصوص الانطباق تحتمل الفرجة معتمداً على كلام الشاطبيّ والشاطبيّ قصد الإشمام لا غير.
لذا فلا استبعد الآن منك أن تحمل صراحة الداني على الاتحتمال كما حملت نصوص الانطباق على الفرجة.
قد بينت سابقاً بأن كلام الداني لو كان صريحاً في نفي الخلاف الأدائي لما فهم منه ابن الجزري وجوده، فلماذا يعاب على من فهم ذلك بعد ابن الجزري.

 
ليس في كلام الداني تصريح بأنّ الخلاف عنده أدائيّ حيث كانت نقوله : وقال بعضهم هي مخفاة ، وقال بعضهم هي مبيّنة للغنّة التي فيها ثمّ نقل الإجماع عن أحمد بن يعقوب.
أقول ما الفرق بين قول بعضهم هي مخفاة وقول بعضهم مبيّنة الغنّة ؟ أليس مرادهما واحد ؟ ألا يكون الإخفاء إلاّ بتبيين الغنّة ؟ ألا تعلم أنّ الإظهار لا يكون بتبيين الغنّة ؟
لوكان الخلف أدائياً عند الداني كيف ينقل الإجماع عن أحمد بن يعقوب دون أن يعترض ؟ وقد نقل غيره الإجماع كمكي القيسي ؟ وكيف يكون الخلاف أدائياً وقد نقل بعضهم الإجماع على الإظهار ؟ ونقل الداني للخلاف في العبارة دلّ لأنّ الإجماع كان في الأداء وليس في العبارة لأنّ الداني صرّح بالخلاف في العبارة وكذلك القرطبي على قولكم.
لو كان الخلاف أدائياً عند الداني لماذا لم ينقله في التيسير وجامع البيان وغيرهما ؟ لماذا لم ينقل المغاربة عنه الخلاف الأدائي لا سيما في شروح الدرر اللوامع.
ما علاقة الخلاف الأدائي الذي نقله ابن الجزريّ بالداني ؟ وهل نقل ابن الجزريّ الخلاف عن الداني ؟ ولماذا تريد أن تربط ابن الجزريّ بالداني في المسألة ؟


.
 
ليس في كلام الداني تصريح بأنّ الخلاف عنده أدائيّ حيث كانت نقوله : وقال بعضهم هي مخفاة ، وقال بعضهم هي مبيّنة للغنّة التي فيها ثمّ نقل الإجماع عن أحمد بن يعقوب.
.
لم أدِّع تصريح الداني بأن الخلاف أدائي، بل قلت في المشاركة السابقة: "فهذا الكلام صريح في وجود الخلاف اللفظي، أما الجانب الأدائي فلم يصرّح به لا نفياً ولا إثباتاً..."، كما ذكرت كلاماً نحوه في مشاركات سابقة.

أقول ما الفرق بين قول بعضهم هي مخفاة وقول بعضهم مبيّنة الغنّة ؟ أليس مرادهما واحد ؟
الإمام الداني لم يقل مبيّنة الغنّة، وإنما قال: مبينة للغنة التي فيها، فالظاهر من كلامه أن الميم هي المبينة بسبب الغنة الأصلية التي فيها؛ لأن الضمير "هي" يعود إلى الميم، و"مبيَّنة" بفتح الياء: اسم مفعول.

ألا يكون الإخفاء إلاّ بتبيين الغنّة ؟ ألا تعلم أنّ الإظهار لا يكون بتبيين الغنّة ؟
قد سبق التوضيح بأن ظاهر عبارة الداني لا تعني تبيين الغنة، وإنما تبيين الميم من أجل الغنة التي فيها، ومع ذلك فالتبيين والإظهار من المترادفات، وقد عبر بعض الأئمة بإظهار الغنة وهو يتكلم عن الإظهار، ويكون مقصودهم أصل الغنة، ففي (الموضح، 164-165) للقرطبي: "الميم إذا سكنت عند الفاء والواو في مثل قوله تعالى: (يمدهم في) ... (هم وقود) فأظهر غنتها..."، ولا أظن أن أحداً يقول بأنه يقصد عدم إظهار الميم هنا.
[FONT=&quot]
[/FONT]​
لوكان الخلف أدائياً عند الداني كيف ينقل الإجماع عن أحمد بن يعقوب دون أن يعترض ؟ وقد نقل غيره الإجماع كمكي القيسي ؟ وكيف يكون الخلاف أدائياً وقد نقل بعضهم الإجماع على الإظهار ؟ ونقل الداني للخلاف في العبارة دلّ لأنّ الإجماع كان في الأداء وليس في العبارة لأنّ الداني صرّح بالخلاف في العبارة وكذلك القرطبي على قولكم.
قد نقل هذا الإجماع غير الداني أيضاً، وصرح -أي غير الداني- بوجود الخلاف الأدائي كابن الجزري، حيث قال: "وحكى أحمد بن يعقوب التائب إجماع القراء عليه، قلت: والوجهان صحيحان مأخوذ بهما إلا أن الإخفاء أولى ...".
فيلاحظ أن ابن الجزري نقل الإجماع وصرح بوجود الخلاف الأدائي، دون أن يعترض على القول بالإجماع.
ثم إن هذا الإجماع المنقول قد فسره بعض الأئمة بأن المراد به عدم الإدغام، فعندئذ يُحتمل وجود الإظهار والإخفاء، فقد قال القرطبي (الموضح، 174):
"وإنما أرادوا بالبيان عدم الإدغام؛ لأن جماعة من أغمار القراء ذهبوا إلى أنه إدغام فسموه بياناً لينبهوا على أنه ليس بإدغام، وإن كان إخفاءً".
وقال المرادي (المفيد في شرح عمدة المفيد، صـ 148-149):
"أجمع القراء إلا من شذ على أن الميم الساكنة لا تدغم في الباء، ثم اختلفوا هل تظهر أو تخفى؟ على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها تظهر ولا تخفى وإليه ذهب كثير من المحققين منهم طاهر ابن غلبون، وابن المنادي، والإمام شريح، وبه جزم مكي.
والثاني: أنها تخفى، وإليه ذهب قوم منهم أبو الحسن الأنطاكي، وأبو الفضل الخزاعي، وروي كل من القولين عن ابن مجاهد.
الثالث: التخيير في إظهارها وإخفائها، ونسبه بعضهم إلى ابن مجاهد أيضاً، وليس في كلام الناظم ترجيح، قلت: القول بالبيان أشهر، وعليه الأكثر. قال الإمام شريح: وبه قرأت وبه آخذ...".

لو كان الخلاف أدائياً عند الداني لماذا لم ينقله في التيسير وجامع البيان وغيرهما ؟ لماذا لم ينقل المغاربة عنه الخلاف الأدائي لا سيما في شروح الدرر اللوامع.

لأن التيسير وجامع البيان كتابا قراءات؛ ولم يلتزم الداني بذكر كل الأداءات التجويدية فيه، وإن ذكر بعضها.


ما علاقة الخلاف الأدائي الذي نقله ابن الجزريّ بالداني ؟ وهل نقل ابن الجزريّ الخلاف عن الداني ؟ ولماذا تريد أن تربط ابن الجزريّ بالداني في المسألة ؟
يا شيخنا الجليل حفظك الله: أنا قلت: وقد فهِم وجوده -أي وجود الخلاف الأدائي- من كلام الداني محققُ الفن الإمام ابن الجزري رحمه الله حيث قال: "وإذا سكنت وأتى بعدها باء فعن أهل الأداء فيها خلاف: منهم من يظهرها عندها، ومنهم من يخفيها، وإلى إخفائها ذهب جماعة، وهو مذهب ابن مجاهد وابن بشر وغيرهما، وبه قال الداني.
وإلى إظهارها ذهب ابن المنادى وغيره..."
فيلاحظ بأن أغلب الكلام الذي ذكره ابن الجزري هو الذي ذكره الداني، وإن اختلف في الصياغة والترتيب، فإن لم يكن اعتماد ابن الجزري على ما ذكره الداني في التحديد فعلى ماذا اعتمد إذن؟
ولست أنا الذي أربط ابن الجزري بالداني في المسألة، وإنما الواقع هو الذي يفرض ذلك.
وأسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأستغفر الله وأتوب إليه.
 
قول الداني : "مبينة للغنة التي فيها.".
قد فسّرتم بأنّ الغنّة هي الغنّة الغير المشبعة عند الإظهار أي أصل الغنّة. واصطلاح "أصل الغنّة" غير معروف عند المتقدّمين. فإذا أطلقت الغنّة عند المتقدّمين يراد بها الغنّة المشبعة وليس أصل الغنّة. لأنّه لو أراد أصل الغنّة لصرّح به ولاكتفى بذكر الإظهار والتبيين من غير الإشارة إلى الغنّة ، لأنّ الغنّة صفة لازمة لا تنفكّ عن النون وبالتالي ليس لازماً أن يذكر الغنّة مع الإظهار.
فالسبب الذي حمله أن يذكر الغنّة هو أنّها مشبعة. فأراد أن يقول : إنّ أهل الأداء قد اختلفوا في العبارة. فمنهم من قال هي مخفاة ومنهم من قال هي مبيّنة مع الغنّة أو للغنّة المشبعة التي فيها.
وعليه فالنطق الصحيح للميم المخفاة هو انطباق الشفتين مع إشباع الغنّة ، ونستدلّ بكلام الداني على هذا النطق فنقول : أمّا انطباق الشفتين فلكونها مبيّنة ، وأمّا إشباع الغنة فلقوله : "للغنّة التي فيها" ويستحيل أن يُراد من كلامه أصل الغنّة لما بيّناه.

من جهة أخرى لوكان الخلاف أدائياً لصرّح به ، ومادام لم يصرّح به فيبقى الأمر محتملاً عندكم ، وهذا الاحتمال باطل لأنّ الذي يُبطله تصريحه بأنّ الخلاف هو في العبارة ، وليس معقولاً أن يقع الخلاف في العبارة وفي الأداء ، فإمّا أن يكون الخلاف أدائياً وبالتالي يكون كذلك في العبارة بالضرورة ولا نحتاج إلى ذكر الخلاف في العبارة لأنّه لازم عند الخلاف الأدائي. وإمّا أن يكون في العبارة دون الأداء. فلو أراد الخلاف في الأداء لصرّح به لأنّ الخلاف في الأداء هو الأولى بالذكر والإشارة وبه يُستغنى عن ذكر الخلاف في العبارة. فاقتصاره على ذكر الخلاف في العبارة دون التصريح بالأداء يدلّ أنّ الخلاف عنده ليس أدائياً.

وقال الداني
في الأخير : "وذهب إلى هذا جماعة من شيوخنا، وحكاه أحمد بن صالح عن ابن مجاهد، وبالقول أقول، اه"
انظر إلى قوله وبالقول أقول ولم يقل وبه قرأت وبه آخذ.
لأنّ الخلاف في العبارة يُعبّر عنه بالقول. والخلاف الأدائي يُعبّر عنه بالأداء والقراءة والأخذ وووووووووو.

أكتفي بردّي هذا في هذه الجزئيّة أي في تفسير كلام الداني ، وعند الانتهاء منها سأتطرّق إلى الجزئيّات الأخرى إن شاء الله تعالى.




 
عودة
أعلى