اخي هذه الأية ورد فيها حديث صحيح :
"عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ قَالُوا قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ قَالُوا قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالُوا جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ قَالَ:
كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ
وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ
وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ
فَنَادَى مُنَادٍ ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا ابْنَ الْحُصَيْنِ فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا هِيَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا"صحيح البخاري - (ج 10 / ص 464)
"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ وَقَالَ يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَقَالَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ"صحيح البخاري - (ج 14 / ص 263)
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
أخى الفاضل أبا عيشة
الآثار التى أوردتها من صحيح البخارى لا علاقة لها بتفسير آية سورة هود ، ومعرفة مناسبة ذكرها تؤكد ذلك
وقد صدق أخونا المجريسى حين سألك مستنكرا :
ما وجه ايراد هذه الآثار على الآية وعلى النظرية ؟!
ومع ذلك فسوف أبين لك من شرح صحيح البخارى ما يدل على صدق ما نقول
قال الامام ابن حجر فى شرحه على صحيح البخارى :
(( قوله : ( كان الله ولم يكن شيء
غيره ) في الرواية الآتية في التوحيد " ولم يكن شيء
قبله " وفي رواية غير البخاري " ولم يكن شيء
معه " والقصة متحدة فاقتضى ذلك أن
الرواية وقعت بالمعنى , ولعل راويها أخذها من قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه في صلاة الليل - كما تقدم من حديث ابن عباس - " أنت الأول فليس قبلك شيء " لكن رواية الباب أصرح في العدم , وفيه دلالة على أنه لم يكن شيء غيره
لا الماء ولا العرش ولا غيرهما , لأن كل ذلك غير الله تعالى ))
وجاء بصحيح البخارى كذلك : (( حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال :
جاء نفر من بني تميم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا بني تميم أبشروا قالوا بشرتنا فأعطنا فتغير وجهه فجاءه أهل اليمن فقال يا أهل اليمن اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا قبلنا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يحدث بدء الخلق والعرش فجاء رجل فقال يا عمران راحلتك تفلتت ليتني لم أقم )) "
وجاء التعليق عليه فى فتح الباري بشرح صحيح البخاري هكذا :
(( قوله : ( فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يحدث بدء الخلق والعرش ) أي عن بدء الخلق وعن حال العرش , وكأنه ضمن " يحدث " معنى يذكر , وكأنهم سألوا عن أحوال هذا العالم
وهو الظاهر , ويحتمل أن يكونوا سألوا عن أول جنس المخلوقات ,
فعلى الأول يقتضي السياق أنه أخبر أن أول شيء خلق منه السماوات والأرض , وعلى الثاني يقتضي أن العرش والماء تقدم خلقهما قبل ذلك ))
فها أنت تراه قد رجح المعنى الأول القائل بأن أول شىء خلقه تعالى من العالم هو السموات والأرض ( راجع شرح الحديث فى فتح البارى ) .
وجاء بفتح البارى أيضا :(( وقال الكرماني : قوله ( وكان عرشه على الماء ) معطوف على قوله كان الله ولا يلزم منه المعية إذ اللازم من الواو العاطفة الاجتماع في أصل الثبوت وإن كان هناك تقديم وتأخير ))
فتأمل أخى فى قول الكرمانى عن الواو العاطفة لتدرك منه أنها لا تقتضى ترتيبا أو تدرجا على النحو الذى فهمه البعض فظن أن هذه الراوية تشرح معنى الآية فطار بها فرحا ، وأغلق فهمه على ذلك دون تدبر
ولتتذكر أخى ما نقلته عن الامام ابن حجر فى صدر كلامى من قوله أن تلك الرواية وقعت بالمعنى ، فكيف نجعل لألفاظها قدسية مثل قدسية النص القرآنى فنقول كما قال الأخ جمال منذ قليل :
بعض روايات الحديث تصرح بالترتيب ب ( ثم )
وردا عليه أقول : فلماذا لم تذكر هذا باقى الروايات ؟
ان هذا يؤكد مرة أخرى ما قاله الامام ابن حجر من أن الرواية قد وقعت بالمعنى ، ومن ثم فلا حجة لمن استشهد باحداها من دون الأخريات ليؤيد بها نظريته ، وهذا ملحظ هام علينا أن نضعه فى الاعتبار
وفى مداخلات قادمة ان شاء الله سوف يتبين بتفصيل أوسع أن القرآن ذاته قد فسر آية هود السابعة وفقا لقاعدة ( القرآن يفسر بعضه بعضا ) وكذلك قاعدة ( رد المتشابه الى المحكم ) ، وسيأتى بيانه قريبا ان شاء الله