رؤى وأفكار حول الدراسات العليا والبحث العلمي في تخصص الدراسات القرآنية

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,698
مستوى التفاعل
5
النقاط
38
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعه إلى يوم الدين ، أما بعد:
فأريد في هذه الزاوية أن نتطارح في هذا الملتقى المبارك همًّا مشتركًا بين طلاب الدراسات العليا وأساتذتهم ، وأرجو أن يكون النظر إلى هذا الموضوع نظر تصحيح وتقويم وتطوير ، إذ ليس المراد منه نقد جهة بعينها أو توجيه النقد إلى وضعٍ قائمٍ ، وإنما أريد أن نطرح أفكارًا يستفيد منها من يقوم بالتدريس في الدراسات العليا ، وأرجو أن يكون هذا الملتقى فاتحة خير لموضوعاتٍ أكبر تُسهِم في الرقي بعلوم القرآن ودارسيه ، والله ولي التوفيق .
وأرجو أن يكون الحديث حول النقاط الآتية :

- كيفية قبول الدارسين للدراسات العليا .
- كيفية التدريس في الدراسات العليا .
- الموضوعات التي يُقترح تدريسها ، وكيفية تدريسها .
- كيفية دراسة الموضوعات وتحقيق المخطوطات .

وغير هذه مما يدخل في محيط الدراسات العليا والبحث العلمي .

وأرجو أن لا نُعدَم مشاركة أساتذتنا وإخواننا ممن مرَّ بهذه المرحلة ، وكانت له تطلعات يتمنى لو وجدها ، فحيَّهلا بكم في هذه الزاوية التي يراد لها أن تكون زاوية بناء وتقويم ، وأسأل الله لي ولكم السداد والتوفيق .
وإني سأبدأ بطرح بعض الأمور ، ومنها :

أولاً : احترام العقل بين الدارسين وأساتذتهم .
إني أرى أنَّ هذه المسألة من أهم المسائل ـ إن لم تكن أهمها ـ التي يمكن أن يبني فيها الأستاذ جسور الثقة والتفاعل البنَّاء بينه وبين طلابه ، فيمكنه الاستفادة منهم فيما يطرحون ، ويكون متلقيًا منهم فوائدهم ، كما يتلقون منه ، بل أرى أن يستحثهم على إبراز ما عندهم من الفوائد والإبداعات ، فالعلم ليس حكرًا على من وصل إلى مرتبة الدكتوراه ، ولا مرتبة الأستاذية ، وكم تعلم الكبير من الصغير ، وتاريخ السلف يزخر بأمثلة لا حصر لها .
إنَّ تحقيق هذه المسألة في الأستاذ تريحه من تعالى النفس عن تقبل النقد ، وتُكسبُه ثقة طلابه ، وتكسر بينهم حاجز التعلم ، فتجدهم يتعلمون ما عنده وهم مستمتعون راغبون .
وتحقيق هذه المسألة يكشف ما عند الطلاب من إبداعٍ لا يمكن أن يخرج من دون رعاية حانية تصوِّبه ، وتدله على طريق السداد العلمي .
ثانياً : من أكبر الأهداف الرئيسة التي هي مرادة من الدراسات العليا هو تخريج باحثين قادرين على البحث العلمي.
لذا فإن تحقيق هذه الهدف يتمُّ بأمورٍ ، منها :
1 ـ أن تكون قاعات الدراسات العليا قاعة بحث ومناقشة ، لا قاعات تلقينٍ وإملاء .
ويمكن تحقيق هذا بأمور متعددة يمكن للأستاذ أن يتفنن فيها مع طلابه ، ومنها :

أ ـ أن يُحدَّد الموضوع من عدة مراجع يتقاسمها الطلاب ، ويلخصون أفكار كل مرجع منها ، ثمَّ يتداولون هذه الأفكار بالنقاش في المحاضرة اللاحقة ، وبهذا تكون المعلومة سيدة الموقف ، فيتناقش الأستاذ وطلابه في هذه المعلومات ، وهو يدير النقاش ويصوب معهم ما يراه صوابًا ، ويذكر ما يراه محتملاً ، وينبه على ما يحتاج إلى تحرير في نظره ، ... وهكذا .

ب ـ أن يطلب من أحد الطلاب إعداد موضوع اللقاء القادم ، ويطلب من الآخرين مراجعة الموضوع لمناقشة ما سيطرحه زميلهم في لقائهم القادم ، ويكون معهم مديرًا للحوار .

ج ـ أن يحدد كتابًا يقرأ منه على طلابه ويتناقشون في ما طرحه من أفكار .
ويمكن تلخيص فوائد هذه الطرق في المناقشة وإدارة الحوار بما يأتي :
ـ إعداد الدارسين لقيادة الحوار الهادف .
ـ تنمية المهارات الحوارية في الدارسين ، وتنشئة عقلية فكرية قادرة على الحوار ، واتخاذ القرار في البحوث العلمية .
ـ تعويد الدارسين على قبول رأي الآخرين فيما يكون من مجالات الاجتهاد .
ـ إتاحة الفرصة للدارسين للإعداد النقدي للمادة العلمية التي سيناقشونها ، خصوصًا إذا قُرِّرت موضوعات المحاضرات ، ووزعت على الزمن الدراسي .

2 ـ أن تكثَّف مادة البحث ، ويزاد في ساعاتها بما يخدم التخصص ، وهذه المادة ـ فيما أرى ـ مادة حيوية جدًّا ، يمكن للأستاذ أن يبدع فيها إلى حدود كبيرة لا منتهى لها .
إذا خرج الأستاذ في هذه المادة من ربقة ما كُتب في مادة البحث ،وأراد أن لا تكون مادة تلقين ، يشرح لهم كيفية إعداد بطاقات البحث ... الخ ، وتطلَّع إلى إدخال التجارب الحيَّة ، فإنه سيجد عددًا من الأفكار ، منها :

أ ـ أن يَدْرُسَ مع طلابه بعض الخطط التي قُدِّمت للقسم وقُبِلَت ، ويدرس معهم بعض الخطط التي قدِّمت ولم تُقبل ، فيطلب منهم أن يدرسوا هذه الخطط ويقوِّموها ، وبعد ذلك يضعون مرئياتهم حولها .
ويكون بهذا قد أفاد طلابه في كيفية إعداد الخطة ، وفي التعلم على مناهج عملية متعددة في وضع الخطط .
ويمكن أن تكون الخطط متنوعةً ، فخطة لتحقيق كتاب في التفسير ، وخطة لتحقيق كتاب في علوم القرآن ، وخطة لدراسة منهج مفسر ، وخطة لبحث موضوع ... الخ .

ب ـ أن يتفق مع بعض زملائه الذين في القسم فيطلب منه أن يحضر فيف أحد ساعات المادة ليلقي على الطلاب فكرة عن بحثه ، وعن طريقته التي سلكها ، وأن يقدم نصائح لهم في مجال البحث .
كما يطلب من طلابه أن يُعدُّوا لهذا اللقاء بقراءة بحث الدكتور الذي سيأتيهم .
وتأمل كم هي الفوائد التي سيجنيها هؤلاء الطلاب لو حضر لهم في الفصل الواحد ستة أعضاء يعرضون بحوثهم عليهم ، ويتناقشون في همومهم البحثية المشتركة .

ج ـ أن يطلب منهم إعداد خطة لبحث مقترح ، ثمَّ يتداولون أراءهم التي توصلوا إليها في إعدادهم للخطة .
ويمكن أن يكون البحث المقترح من الخطط التي قُبلت في القسم ، بحيث يحضرها معه ، ويتداول معهم أوجه الاختلاف التي ذكروها مما هو ليس في الخطة المقبولة .

د ـ أن يقوموا بالموازنة ، ورصد أوجه الاختلاف بين تحقيقين لكتاب واحد من كتب التخصص .
هذا ، وستأتي بقية ما لدي ، وأرجو من الإخوة طرح آرائهم في هذه القضايا ، لتكون مرجعًا يستفاد منها ، والله ولي التوفيق .
 
أشكر أخي الكريم الدكتور مساعد الطيار على هذه الرؤى النيرة ، والأفكار الهادفة ، وأؤيده في أهمية هذا الموضوع ، وضرورة الكتابة حوله بطريقة علمية هادفة ، تتناول جوانب الموضوع بطريقة وقورة ، وعبارة نقية ، فالغرض من هذا الموضوع هو التعاون على السير في الطريق الصحيح ، والرقي بالدراسات القرآنية إلى المستوى اللائق بها، دون تعريض بأحد ، ولا انتقاص من فضل مخلص.
وأرجو من المشايخ الكرام والزملاء الفضلاء أن يشاركوا بتجاربهم الثرية التي مارسوها أساتذة وطلاباً في هذه المراحل العليا من الدراسة. وأرجو أن ينتفع الجميع من طرح هذا الموضوع في ملتقى أهل التفسير ، وقد كان لشيخنا الكريم الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشايع طريقة متميزة في التدريس في مرحلة الدكتوراه ، لعلي أطرحها إن شاء الله.
جزاك الله خيراً أخي عبدالملك ، ووفق الله الجميع للخير والسداد.
 
أشكر الأخ الدكتور مساعدالطيار على هذا الموضع الحيوي النافع .
ومن باب المشاركة أقترح أن يعاد النظر في الأطروحات العلمية حيث أن الواقع في الرسائل هي إما بحث او تحقيق وكلنا يرى تلك الجهود العظيمة التي بذلها المحققون والمؤلفون في رسائل علمية قضوا بها سنوات من العمر والجهد والمال ثم يكون مآلها رفوف لا أقول رفوف المكتبات ولكن رفوف ( مكتبة خاصة للرسائل العلمية قد يمنع منها كل أحد) في الجامعة التي سجلت فيها الأطروحة . فلماذا لا يعاد النظر فيها يعقليات متجردة من التقليد و متحررة من قوانين وضوابط سابقة .
فلماذا لاتكون الأطروحة ولنقل الماجستير مثلا أن يسجل الطالب المتخصص في التفسير مثلا موضوع تفسير ابن كثير من أوله إلى سورة الكهف . ويكون مطلوب من الطالب أن يهضم هذا التفسير لا أقول يحفظه بل يفهمه فهما كاملا بحيث يضبط المسائل الواردة فيه والترجيحات وأقوال المفسرين ومعرفة منهج ابن كثير في تفسيره وأسلوبه وما شابه ذلك ويحد للطالب سنة أو سنة ونصف للمناقشة وفي يوم المناقشة يعلن عنها وتعد أسئلة ويسأل الطالب لمدة ثلاث ساعات لمعرفة مدى فهم الطالب لهذا التفسير ويفتح الباب لمناقشة الطالب في أي سؤال متعلق في تفسير اب كثير ثم يطالب الطالب بكتابة تلخيص وتقويم لموضوعه في حدود 50 صفحة مثلا .وتجتمع لجنة المناقشة لإعطاء الدرجة للطالب بناء على مدى استيعابه وإدراكه لموضوعه .
وفي هذا فائدة أننا نكون خرجنا تلميذا من تلاميذ ابن كثير ضابطا لأقواله ومنهجه . هذا الطالب استطاع أن يلم بعدد كبير من المسائل التفسيرية إضافة إلى القدرة على المناقشة والحوار في الموضوع .
وهكذا تكون المواضيع من كتب التفاسير وعلوم القرآن .
أو يحدد للطالب جزءا من القرآن يكون موضوعا له بحيث يستطيع الطالب أن يضبط جميع مسائل هذا الجزء وهكذا في أجزاء القرآن . أو مواضيع علوم القرآن بدلا من الكتابة والتي تأخذ جهدا كبيرا ولربما أقول ولربما لا تقرأ إلا مرورا سريعا من المناقشين .
 
البحوث العلمية …… بين المظهر والجوهر

البحوث العلمية …… بين المظهر والجوهر

أشكر الشيخ الفاضل الدكتور/ مساعد على طرق هذا الموضوع وتثبيته في هذا الملتقى المميز ، وهذا الموضوع جدير بتطارح الهموم ، وتجاذب الآراء حوله .

أيها الإخوة :
يعتبر كثير من طلاب الدارسات العليا هذه الدراسة مرحلة جديدة عليهم ، تحمل في طياتها وبين تضاعيفها كثيراً من المستجدات ، لم يكونوا يألفوه في دارستهم السابقة .
ومن أبرز تلك المستجدات ما يسمى بالبحوث العلمية ، وهي - بلا شك - ميدان رحيب ، ومرتع خصيب للعقل والفكر والإبداع ، حيث يستطيع الباحث بما وهبه الله تعالى أن يتعامل مع المشكلة التي يريد بحثها من جميع جوانبها ، وتبرز من خلال ذلك سعة تفكيره ، وقوة تصوره ، ومدى أفقه العقلي والعلمي .
ولست أشير في هذه العجالة إلى بحوث الطلاب في المرحلة الجامعية فهي تعاني من الخواء والضعف - في الجملة - ما لا يحتاج إلى دليل ، ولكني أطرح هنا : البحوث العلمية في مرحلة الدراسات العليا ، وتحديداً في مجال الدراسات الإسلامية .

إن أمتنا الإسلامية في واقعها المعاصر تمر بأزمات ونوازل تحتاج إلى مجتهدين من الطراز الأول يبينون أحكام الله تعالى فيها على هدى قويم ، وصراط مستقيم .
ومن السبل المثالية التي يمكن فيها دارسة تلك الأزمات والنوازل ، على اختلاف مجالاتها سواء في ميدان الدعوة والتعامل مع غير المسلمين ، أو في مجال الاقتصاد والمعاملات ، أو السياسة أو الطب أو غيرها ؛ البحوث العلمية ، وذلك للمستوى العلمي الجيد للباحثين في تلك المستويات ، وقدرتهم على التعامل مع المصادر والمراجع ، مع النضح العقلي والإدارك ، والتفرغ الكلي أو الجزئي في فترة إعداد البحث ، فمع هذه المقومات كان يمكن أن تتوجه البحوث العلمية إلى ملامسة قضايا الأمة ، والإبداع في دارستها وعرضها وإيجاد الحلول واستخلاص النتائج والأحكام .
إلا أن الواقع لا يتواءم مع هذه الأمنية ، فمع وجود عدد من الدارسات الجادة المجددة التي تتسم بحيوية الموضوع ، والعمق في بحثه ومعالجة كافة جوانبه ، إلا أن الأغلب على تلك البحوث والرسائل العلمية أنها تخرج عن ذلك إما لقصور أصحابها ، أو تقصيرهم أو لأسباب أخرى الله أعلم بها .

إن الأهم والأولى من تلك البحوث العلمية هو أن يعالج البحث حقيقة البحث ، ويلامس شغافه ، ويتوغل في أعماقه ، بمعنى : أن يحتوي البحث على موضوع البحث أصلاً ، وما ينبغي أن يكتب فيه مما يكون القارئ في أشد الحاجة والتلهف إليه ، دون التزيد في النواحي الشكلية والأمور الفنية .
أقول هذا لأننا أصبحنا نرى كثيراً من البحوث العلمية في الآونة الأخيرة - وخاصة في مجال الدارسات الإسلامية والعربية - أصبحت تهتم بالصورة على حساب الحقيقة ، بالمظهر على حساب الجوهر ، فأصبحت ترى التوسع في أمور كثيرة - وهي مهمة بلا شك - فتؤثر على جوهر الموضوع وصلب البحث ، وعلى سبيل المثال : التوسع في الاشتقاقات اللغوية ، وتراجم الأعلام ، والإطالة المفرطة في تخريج الأحاديث ، التوطئات والتمهيدات ، الفهارس الفنية والغلو في ذلك أحياناً .. وغيرها .
ولذلك كانت النتيجة أن أصبحت ترى عشرات بل مئات البحوث والرسائل العلمية مسندة على أرفف المكتبات المركزية في حالك الظلمات ، وقد علاها الرهج الكثيف ، لأن القراء لم يجدوا بغيتهم فيها على الرغم من أن الباحث الذي كتبها قد أمضى سنوات من نفيس عمره في تدبيج تلك الرسالة .

إن هذه الرسائل في الحقيقة قد استهلكت صفوة طلاب العلم بل أخذت من هؤلاء الصفوة صفوة أوقات حياتهم ، ولم نجد لها الأثر في البناء العلمي ، والتأصيل المنهجي الذي يتناسب مع ما تأخذه من وقت وجهد ، بل أذهبت رونق العلم ، وبهاءه وهيبته ، حينما دخلت فيها بعض الشفاعات والوساطات والسرقات .
لذا فالحاجة ماسة إلى إعادة النظر في طريقة بناء أساتذة الجامعات وتأهيلهم علمياً وإتقان العلم الذي تخصصوا فيه ، ويمكن إيجاد بدائل أخرى أكثر فائدة وعمقاً وبناءاً وتأصيلاً في كل فن بحسبه .
وحتى ما قبل ذلك في مرحلة البحث عن موضوع التي أصبحت بعبعا يؤرق الدارسين ، أقول : يكتنف تلك المرحلة ما يكتنفها من أمور يقصر المقام عن ذكرها ، فالغالب يتوجه إلى ما يسمى بالمشاريع العلمية التي تطرحها الأقسام ، لأن الخطة جاهزة معدة ، والموافقة مضمونة ، والإجراءات الروتينية تمشي فيها سريعاً ، وأما الموضوعات المبدعة المجددة ، فيقدمها صاحبها في حماس متقد لكنه يواجه بتأخير ، وطلب تقارير ، ولجان وجلسات حتى ربما سحب نفسه وترك الموضوع برمته .
إن الموضوع – في ظني – جدير بالأهمية والبحث ، وإن كان هذا المنهج قد أخذ من الغرب في علومهم فقد يناسب بعض العلوم دون بعض ، ويجب على المسلم أن ينشد الحق ويتبعه حيثما كان .
ومن خلال هذا المنبر أردت أن أطرح هذه الفكرة علها تصادف التجاوب والنقد من الأساتذة والمختصين ، وأن يتوجه النظر في مجال البحوث والرسائل العلمية إلى الجوهر لا المظهر ، وإلى الكيف لا الكم ، ولقد أثرت أيها الشيخ مكنونا في النفس ، فهذه نفثات صدر المكمد ، والله تعالى أسأل أن يهدينا ويسددنا ، ويوفقنا لما يحبه ويرضاه إنه خير مسؤول وأجود مأمول .
 
في تقديم مخطط البحث

في تقديم مخطط البحث

في البداية أشكر فضيلة الدكتور الفاضل مساعد الطيار على هذا التميز في الطرح والتحرير الذي أصبح سمة من سمات كتاباته العديدة أسأل الله تعالى أن يوفقه لكل خير وأن يعينه في جميع أموره.
وفي هذا الموضوع الرائد أحب أن أقدم هذا الاقتراح فيما يخص تقديم المخطط للموضوع الذي يراد بحثه:

وكلنا يعلم مقدار الجهد والتعب الذي يقع فيه الباحث عندما يريد تقديم مخطط لقبول الموضوع الذي يريد بحثه والذي قد يستمر لعدة أشهر في إعداده وهو ما يشمل : أسباب الاختيار وأهمية الموضوع والدراسات السابقة وخطة البحث ونماذج من البحث وغير ذلك .
وقد يفاجأ الباحث بعد هذا الجهد المضني بعدم قبول الموضوع لسبب من الأسباب التي قد ترجع لعدم الأهمية أو للسبق في الموضوع أو لغير ذلك .
ولا يخفى ما هي نفسية الباحث الذي يفاجأ بذلك وكيف يستطيع بعد ذلك إعداد مخطط آخر لموضوع آخر .
وما أريد أن أقترحه على مشايخنا الكرام هو أن يُعاد النظر في خطوات التسجيل . ومن ذلك:

1- أنه يُكتفى بتقديم عنوان الموضوع وتصور مبدئي له ويقدم على القسم فإن تمت الموافقة يكون الباحث قد ضمن الموضوع فيفرغ فيه جهده ويبحث عن الدراسات التي تفيده .

2- أن تُعتبر الخطة المقدمة مبدئية قابلة للتعديل بنظام سريع داخل القسم بموافقة المشرف على الرسالة لأن الباحث لا يمكن أن يتصور البحث كاملاً إلا بعد الانتهاء منه .

3- أن يقترح القسم عدداُ من المواضيع التي يرى أنها ماسة للبحث والتي يمكن للطلاب الاختيار منها . وربما كان المقصود من عدم وجود ذلك هو معرفة رغبة الطالب في الموضوع عندما يبحث عنه ولعل هذا السبب مما ينبغي إعادة النظر فيه .
والله أعلم .
 
تجربة ناجحة في التدريس للدكتور محمد الشايع

تجربة ناجحة في التدريس للدكتور محمد الشايع

أشكر أخي الدكتور مساعد على اقتراحه وطرحه.
وأحب أن أشارك حول الطريقة المثلى للتدريس في الدراسات العليا ، إذ إن الدراسات العليا تختلف عن غيرها ، بل وربما تماثلها الدراسة الجامعية.
والتجربة التي أراها طريقة مثلى للتدريس في هذا المستوى من التعليم ، هي طريقة الحوار والمناقشة بين الأستاذ وطلابة ، ولقد سلك معنا هذه الطريقة شيخنا الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشايع - حفظه الله - في طريقة ناجعة ماتعة في مرحلة الدكتوراه ، حيث كلف الطلاب بتحضير مفردات المنهج ، ومن ثَمَّ مناقشتها بعد طرحها.
وقد لاقت هذه الطريقة قبولاً من الزملاء ، مع مافيها من متعة وإثراء للفكر ، وتبادل للآراء ، وتنقيح للرأي.
وقد سلكتُ هذه الطريقة في التدريس الجامعي مع طلابي فلاقت قبولاً ظاهراً ، إلا أنني فقدت جانب المناقشة من الطلاب ، ولكني أراها أنجع وأمتع من التلقين المجرد.
وأقترح لو طرح في هذا الملتقى موضوع حول الطرق المثلى للتدريس في الجامعة في مرحلة البكالوريوس ، أسوة بما اقترحة الدكتور مساعد وفقه الله في مرحلة الدراسات العليا.
 
بسم الله

هناك أفكار كثيرة ، وملحوظات متعددة حول الدراسات العليا والبحوث العلمية وما يتعلق بها ، ولعل ما سنّه الشيخ مساعد هنا يفتح الباب للإخوة الذين لهم صلة بهذا الموضوع للمشاركة .

بمناسبة ما ذكره الشيخ محمد الربيعة وفقه الله حول الطريقة المثلى للتدريس ، أنبه هنا على أن ما ذكره صحيح ، ولكنه يحتاج للتقليل من السلبيات التي تعكر عليه ، وتنقص من فائدته ، ومن هذه السلبيات :

ربط ما يُطرح من مناقشات ، ويُقيد من فوائد عند الحوار والمناقشة بالامتحان ، وأنا أعتبر هذه الامتحانات ، وما يرتبط بها من درجات من أكثر ما يفسد روعة الطلب ، ويقلل من فائدة التدريس . وأذكر [ وهذا من الأسرار التي يحسن إبداؤها والتصريح بها في هثل هذا المقام ] أننا كنا نتواصى عندما كان فضيلة الشيخ الموفق محمد الشايع يدرسنا في مرحلة الدكتوراه = نتواصى بعدم التفصيل في تحقيق المسائل ؛ لأننا مطالبون بكل ما يكتبه الباحث لمسألة ما في هذا الامتحان !!!.

ولذلك فإني أقترح - وبشدة - أن يلغى هذا الامتحان كما حصل ذلك في بعض أقسام جامعة أم القرى . ويكتفى في تقييم الطالب بما يكتبه في بحثه ، ويذكره في نقاشه . مع العلم بأن هناك اختبارات كثيرة سابقة ولاحقة -نسأل الله السلامة والعافية - . وهذه الامتحانات في الغالب يتفوق فيها من يذاكر أكثر ويحفظ أكثر لا غير.

وقد يقول قائل : هذا نظام ، فكيف نصنع به وهو يجعل الامتحان حتماً لازماً ، وفرضاً واجباً ؟ ؟

فأقول : وهذا النظام أيضاً من عوائق الإبداع ، وأسباب النزاع .

النظام يمكن التعامل معه بطريقة مناسبة كتلك الطرق التي نتعامل بها معه عندما نريد ذلك لسبب ما !!
أما أن يجعل ذريعة للاستمرار على أمور ليست من مصلحة المسيرة التعليمية ؛ فلا يقبل ذلك ، وخاصة من أهل العلم والفضل .



وفيما يتعلق بطريقة الحوار : أحب أن اقترح اقتراحاً لعله يجد قبولاً وانشراحاً ؛ وهو : أن تتحاح فرص الحوار العلمي الهادف بطريقة أكثر جدية وفاعلية . فمثلاً : أذكر أننا كنا عند مناقشة مسألة ما من مسائل البحث يظهر رأي ، ويقابله رأي آخر مضاد . فلماذا لا يخصص للمختلفَين فرصة أوسع بحيث يطلب من كل واحد منها أن يجمع أدلته ويرتب أوراقه ويعد نفسه لمحاورة صاحب الرأي المخالف ، ثم يبدأ الحوار في محاضرة مخصصة له باشراف مدرس المادة ، وبحضور بقية الطلاب ، ثم يكون الحكم بعد ذلك لمن وفق في تقرير ما يراه صواباً مع رده أو توجيهه لما يخالف قوله بالحجة والبرهان . وأيضاً يتعود الطرف الآخر على قبول الحق ، والرجوع إليه بكل تواضع وأدب .
أقول هذا ؛ لأننا كنا نعارض كثيراً ، ولا نقتنع بما يطرح لنا ، ثم نكتفي بقولنا : المسألة فيها نظر ، أو : تحتاج إلى بحث ، أو : قولك غير مسلّم . وهكذا انتهى الفصل الدراسي ، ولا زال كثير من المسائل يحتاج إلى بحث . وما ندري متى ستزول حاجته هذه إلى البحث .
وأيضاً : لعلنا نتدرب من خلال هذه الطريقة الحوارية على أدب الحوار ، الذي لا يعرفه أكثرنا إلا نظرياً . أما في الواقع فشيء آخر . ولذلك نسمع رفع الأصوات ، ونلاحظ التقليل من شأن المخالف ، والتهوين من شأن بحثه [وما أكثر ما نسمع عبارة : هيّن هيّن ، وما أدري ما معناها ؟ ] .

وأخيراً : أضم صوتي إلى صوت أخي محمد الربيعة في التأكيد على أهمية الطريقة الحوارية في التدريس عموماً ، وفي مرحلة الدراسات العليا خصوصاً . مع الاهتمام بتطويرها والتقليل مما يعكر عليها .
ولعل الله يوفق من يكتب بحثاً عن هذه الطريقة ، يبين فيه ما يتعلق بها من مسائل بالتفصيل .

وإنني بهذه المناسبة أستغرب من بعض الذين يدرسون في مثل هذه المراحل بالطريقة التقليدية العقيمة الثقيلة ، طريقة الإملاء والتلقين الجاف الذي لا يُسمع فيه إلا صوت واحد . والبقية يكلفون من يكتب مع المدرس ليغط الباقون في نوم عميق داعين الله أن يعجل بزوال الكربة وكشف الغمة .

وبقيت عندي بقية من الملحوظات ، وطائفة من الأقكاروالمعلومات أرجئها إلى مشاركة أخرى . والله المستعان (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب )
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة الكرام الذين تفاعلوا مع هذا الموضوع الحيوي الذي يُعنَى به كل من ارتبط بالدراسات العليا وفقهم الله
لقد سرَّني ما كتبتم ، وإني أتمنى أن يكثر الطرح في هذا الموضوع ؛ لأن المقصد منه أكبر من أن يكون موضوعًا مطروحًا في صفحات هذا الملتقى الكريم ، بل يراد له أن يُفَّعَل ويُنشر حتى يستفيد منه كل من له علاقة بالدراسات العليا في التخصصات الأخرى .
إن همَّ تطوير الدراسات العليا في الدراسات الشرعية والأدبية وغيرها مما لا يختص به فرد ولا جماعة بعينها ، لذا لابدَّ من تكاتف الجهود وطرح الرؤى ودراستها ، وهاهي الفرصة قد فُتحت هنا ، فياليت من له سابقة تدريسية متميزة أن يطرحها ، أو من له أفكار في ذلك أن يطرحها.
وقد سمعت أن قسم الكتاب والسنة في جامعة أم القرى قد تبنى طريقة جديدة في التدريس في برنامج الدكتوراه ، وأتمنى ممن يطلع على هذا من أعضاء هيئة التدريس أو من طلاب الدراسات العليا أن يتحفونا بهذه الطريقة ، كما أني قد سمعت من الأخ نوح الشهري المحاضر في كلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة طريقة استخدمها الدكتور سليمان العايد في تدريسه لطلاب الدراسات العليا في جامعة أم القرى ، وإني لأتمنى منه أن ينقل لنا عبر هذا الملتقى تلك التجربة .
كما أتمنى أن يشاركنا الإخوة الكرام في الدول العربية والإسلامية ممن يطلعون على هذا الملتقى ، وينقلون لنا تجاربهم في الدراسات العليا .
وليكن أيها الإخوة الكرام قصد تطوير الدراسات العليا والبحث العلمي هو الهمّ الذي يعنينا جميعًا ، لذا أتمنى أن لا يُعمد إلى تنقُّص أحد أو تجريحه ، وليكن تسديد النقص الذي يُرى ، وتجديد الطرق التي نراها مؤثرة في بناء الباحث بناءً علميًا وأدبيًا وفكريًّا هو الهدف الأسمى ، ونكون كما قال الشاعر :
نَبْنِي كَمَا كَانَتْ أوَائِلُنَا **تَبْنِي وَنَفْعَـلُ فَـوقَ ما فَعَلُـوا
فيكون ما فعلوه هو اللبنات التي نعتمدها في البناء ، وليس أن نهدم ما بنوا .
وإذا كان الواحد منا قد وصل إلى ما لم يفتح الله لغيره ، فليجعل ذلك مسخَّرًا لبناء جيل بعده ، يواصل المسيرة ، ويطوِّر الطرق والمناهج بما يفيد الحركة العلمية .
أقول هذا تذكرة ، وإن لم أكن قد رأيت هذا في طرح الإخوة الكرام ؛ لئلا يُفهم أني أقصد أحدًا منهم ـ معاذ الله ـ وإنما هي تذكرة عامة كان الأولى أن تكون في أول الطرح ، لكن طرح هذا الموضوع لم يكن مرتبًا ، فأرجو منكم المعذرة أيها القراء الكرام ، وأرجو أن لا أكون قد أثقلت عليكم بهذا ، وأتمنى أن تتقبلوه بالقبول الحسن ، فإني أراكم أهلاً لذلك ، وليسدد بعضنا نقص بعض ونكون بناء متكاملاً .

أيها الإخوة الكرام :
لقد طُرح في هذه الزاوية المتعلقة بالدراسات العليا والبحث العلمي عددٌ من الموضوعات ، وقد اتصل هاتفياً بعض من قرأ هذا الموضوع ، ورأى أنه لو قُسِّم على فِقَرٍ ليكون تركيز الفوائد في كل موضوع على حدة ، وإني أرى ما رأى ، لذا فأرجو ممن يكتب في هذه الموضوعات أن يُعَنْوِنَ لكل مشاركة بما يخص أحد الموضوعات ، ليكون فرزها سهلاً ؛ إذ قد تكفَّل بعض الإخوة بجمع ما يُطرح من الأفكار ، وتصنيفها وصياغتها ، ثم وضعها في زاوية في هذا الملتقى لتكون الاستفادة منها أكبر .

ويمكن أن أذكِّر برؤوس الموضوعات ، وهي :
1 ـ ما يتعلق بقبول طلاب الدراسات العليا ، بدءً بالمقابلة الشخصية وما يلحقها من إجراء اختبارات ، وتحديد كتب يدرسها الطالب للالتحاق بالدراسات العليا ، وما يتعلق بذلك .
2 ـ منهج تدريس طلاب الدراسات العليا .
3 ـ الموضوعات والكتب المقترحة في الدراسات العليا .
4 ـ منهج البحث العلمي وما يتعلق به من بدءًا بإعداد الخطة وختمًا بتسليم البحث .
5 ـ منهج مناقشة البحوث العلمية .

وبعد أيها الإخوة فأستميحكم عذرًا أن أقدِّم لكم ورقة كنت قد كتبتها لأحد أساتذتنا الأفاضل ، وهي تصبُّ في هذا الموضوع ، وقد كان عنوانها :

مقترحات في تحضير رسالة الدكتوراه:
وكنت قد أنسيتها لما فتحت هذا الموضوع في هذا الملتقى ، لذا قد يتكرر فيها بعض ما طُرِح سابقًا ، لكن بما أنه سيكون لها فرز فيما بعد ، فإني أتعلل بهذا لعدم تنقيحه ، وإليكم هذه الاقتراحات :

مما يحسنُ ملاحظته أنَّ الدارسين في هذا البرنامج أساتذةٌ تخطَّـوا مرحلة الإعداد الدراسي والبحثي ، وذلك بتجاوزهم المرحلة الجامعية ومرحلة الماجستير بما فيها من مواد دراسية وبحثيَّة .
وما يحسنُ عملُه مع هذه الفئةِ ؛ للارتقاءِ بالدراسةِ النظرية إلى مستوى محمودٍ ، ما يأتي :

أوَّلاً : عمل استبانة ، توزع فئتين :
الأولى : من سيشملهم برنامج الدراسة ؛ لأنهم أوَّلُ معنيٍّ بهذا البرنامج ، ومشاركتهم في تخطيطه لها أثر كبير في نجاحه ، وهم ـ كما يُعلم ـ أساتذة قد تخطَّوا مرحلة الدراسة إلى التدريس ، فيحسن مُراعاة ذلك الجانب .
الثانية : غيرهم من الذين تخطَّوا هذا البرنامج ، وكانوا قد درسوا في مرحلة الماجستير ، للاستفادة من آرائهم حول برنامج الدراسةِ .

ثانيًا : التجديد في طريقة الدراسة :
ومن ذلك : إشراك الدارس في تحضير الموضوعات، ويكونُ ذلك باختيارِ بحثٍ مطروحٍ ـ سواءً أكانَ في مجلة علمية ، أم كان كتابًا مستقلاً ، أم كان ضمن كتابٍ ـ يختارهُ الأستاذُ ، ويكلِّف الدارسين بقراءته ومناقشته في المحاضرةِ اللاحقة ، ثمَّ يقوم باختيار تفسيرٍ يُجري عليه التنظيرات العلمية التي درسها مع طلابِه ، ويمكن أن يشارك الدارسون كذلك باستخراج التطبيقات العملية لما درسوه من الكتاب المقترح .
فلو طُرِحَ ـ على سبيل المثالِ ـ موضوع المكي والمدني ، ونوقشَ من خلالِ بحثٍ مستقلٍّ ، أو من خلالِ كتابٍ من كتب علوم القرآن ، أو من خلال عدة كتبٍ ، ثُمَّ تمَّ التطبيقُ عليه من تفسيرِ ابن جريرٍ ، أو ابن عطية ، أو ابن كثير ، أو غيرها ، للوصول إلى ما يُعزِّزُ الدراسةَ النظريةَ ، أو يخالِفها ، أو يأتي بجديدٍ في هذه الأمثلةِ .
ومشاركةُ الدارسِ في إعداد المادة على هذا السبيل تفيدُه ، وتفيدُه بحصولِ المعلوماتِ التي تكوِّنُ أرضيَّةً مشتركةً بينه وبين الأستاذِ ، وهذا سيثري المناقشة التي تزدادُ أهميتها وفائدتها بالقيامِ بتكثيف المنهج الحواري في قاعة التدريس ، ومن فوائدِ هذه الطريقة الحواريةِ التي يُعدُّ له الأستاذُ والدارسُ معًا :
ـ أن تكون النتائج البحثية التي يُقـرِّرها الأستاذُ من تفاعـل الدارسين معه ، مما يجعلها معلومات ذات حيوية بالنسبة للدارسين .
ـ تعويد الدارس على التَّحليلِ والنَّقدِ ، ليتمكَّنَ ويستفيدَ منهما في رسالتِه العلميِّةِ التي سيقدِّمهـا .

ثالثًا : تجديد المواد الدراسية التي سيقدمها برنامج الدكتوراه :
ـ إن وُجدَ في برنامج الدكتوراه مادة التفسيرِ التحليلي ، فيحسنُ اعتماد كتابٍ من أمَّهاتِ كتبِ التفسيرِ ، على أن تكون دراسته منصبَّةً على معرفة منهج المؤلف ، ومعرفةِ طريقتِه في تفسيرِه ، ودراسةِ تفسير الآيات مفصَّلةً كما عرضها .
ـ أصول التفسير .
ـ مناهجُ التفسير والمفسرين ، ودراسة مقدمات التفاسير .
ـ الدراسات القرآنية المعاصرة :
1 ـ كالتفسير العلمي ، واتجاهات التفسير المعاصر ، والتفسيرُ البياني ، وغيرهما من الموضوعات المعاصرة التي تتعلق بالقـرآن .
2 ـ دراسة البحوث العلمية المتميِّزة ، والاستفادة ممن أعدُّوها باستضافتهم لإلقاء بحوثهم العلمية على الدارسين ، مع مراعاة إعداد المستضافِ ملخصًا ليكون بين الدارسين لمناقشته معه ، وليكونَ مرجعًا للاختبارِ في آخر الفصلِ .
3 ـ دراسة بعض البحوث الفكرية المخالفة ؛ لإعدادِ الطالبِ منهجيَّا على التَّصدي لمثل هذه المطروحات الفكريَّة ، ولتوسيع دائرة أفقه في البحث العلمي لمناقشة مثل هذه الأفكار في رسالة الدكتوراه .
ـ قراءة خطط بعض الرسائل العلميةِ ، ودراسةِ نتائجها ، ونقدها نقدًا علميًا ، لكي يستفيد منها الدارسون أفكارًا يُقدمونها في أطروحتهم العلمية
ـ إعداد صيغة لكيفية استفادة المتخصص في علوم القرآن من برامج علوم القرآن في الأقراص المضغوطة ، وكيفية إفادة القائمين عليها بإبداء الملاحظات حول ما طرحوه في هذه الأقراص ، وتعريفهم بما يحتاجه المتخصص في هذه البرامج .
ـ يرِدُ على الأستاذِ الذي سيدرسُ هذه الفئةَ معلومات علمية ، أو بحوثٌ مهمة يرى أنها صالحة للطرح والنقاشِ معهم ، فلم لا يُجعلُ له حريةَ التصرفِ في جزءٍ من الوقتِ ، فيما لو عرضَ له مثل هذه البحوثِ .
ويمكن قيام الدارسين ببحث ميداني لاستظهار هذه البرامج ، ومدى الفائدة منها ، وإبداء الملحوظات عليها ، ونشر مثل هذا العمل في المجلات العلمية ، لتكون إسهامًا فعَّالاً لقسـمِ القرآنِ وعلومه ، ولتكون له بصماته في هذه الأعمال التي هي من تخصصه ، أغلب الظَّنِّ أنه لم يُسْتَشَرِ في إعدادِها .
 
شكر الله لك أبا عبد الملك طرح هذا الموضوع , والذي هو هم كثير من رواد هذا الملتقى .
إن كثيراً من المشايخ الفضلاء مر عليه أثناء دراسته الأكاديمية تجارب كثيرة بل وحتى ربما مشاكل , فما إن ينتهي , إلا وتكون في ذاكرة النسيان دون العمل على التقويم والرقي في مستوى الدراسات الشرعية على حد قول من يقول : هذه أمور حصلت ممن قبلنا وسيصلحها من بعدنا.
فشكر الله لك ابا عبد الملك حمل هذا الهم ولعلي أضيف محور من محاور النقاش لا يقل أهمية عما ذكرت خاص بمرحلة الدكتوراه ألا وهو :
الاختبار الشامل ( مقراراته , وقته المناسب , الطريقة المثلى لإجرائه , طريقة التقويم فيه ....الخ
 
فبناء على رغبة الأخ الدكتور مساعد الطيار والذي تمنى ممن يطلع على برنامج الدكتوراه بجامعة أم القرى من أعضاء هيئة التدريس أو من طلاب الدراسات العليا اتحافه بطريقتهم في البرنامج ، وحيث أنني أحد الملتحقين ببرنامج الدكتوراه في هذه الجامعة قسم الكتاب والسنة لهذا العام الدراسي أقول :
إن جامعة أم القرى قررت مقررات دراسية لبرنامج الدكتوراه في تخصص التفسير وعلوم القرآن وهذه المقررات هي :
الفصل الأول : 1) دراسات في التفسير ومصادره (1) . 2) فقه الكتاب والسنة (1)
3) إعجاز القرآن 4) دفاع عن القرآن .
الفصل الثاني : 1) دراسات في التفسير ومصادره (2) . 2) فقه الكتاب والسنة (2)
3)التفسير الموضوعي 4)دفاع عن السنة .
كل مقرر وحدتان دراسيتان لتصبح مجموع الوحدات 16 وحدة دراسية مقسمة على الفصلين .ومجموع الوحدات الدراسية 70 وحدة دراسية . وعدد الوحدات المخصصة للرسالة 54وحدة دراسية من متطلبات المرحلة .

و الدراسة كانت بالرسالة وبعض المقررات ، وعلى طريقة الحلقات البحثية والندوات بحيث يكلف كل دارس بأحد البحوث فيقوم بالتحضير له ثم يناقش جماعيا تحت إشراف الأستاذ ثم يحرر بعد المناقشة ويوزع على الدارسين .
وقد قسمت درجات كل مادة على النحو التالي :
أ) 50% على البحث الذي يقدمه الطالب .
ب) 30% على التقويم كتابيا لبحوث زملائه لضمان قراءتها واستيعابها
ج)20% لحضور الطالب ومناقشاته ومشاركته في الحوارات العلمية .
وقد لاقت هذه الطريق قبولا لدى الطلاب لما فيها من التحرر من شبح الإختبارات وما فيها من احترام رأي الطالب وتعويده على البحث والمناقشة وتكوين الرأي الصحيح .

وأما بالنسبة لمرحلة الماجستير فقد قسمت الدراجات إلى قسمين 70% للاختبار النهائي و30% للأعمال الفصلية . ويستثنى المقررات التطبيقية مثل منهج البحث العلمي و مادة تحقيق التراث ومادة التخريج ودراسة الأسانيد فإنها قسمت إلى 40%على الإختبار النهائي و40%على البحث و20% على الأعمال الفصلية الأخرى .
وأتمنى أن أكون أعطيت بعض الإجابة عن هذا التساؤل متمنيا التوفيق للجميع .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
كم يشعر المرء بالسعادة وهو يطالع هذه المواضيع المتميز والكتابات الجادة الرصينة، وقد لفت نظري هذا الموضوع فأحببت المشاركة فيه بجهد المقل ، مع الشكر والتقديرلكل من أسهم فيه.
إن هذا الموضوع مع أهميته البالغة إلا أن العناية به في كثير من الأقسام العلمية دون المأمول، بل ـ والحق يقال ـ لا يخلو الحال من بعض مظاهر الارتجال والعشوائية، والنمطية التقليدية، وترى انعكاسات هذه المنهجية الواضحة على الباحثين في أدائهم البحثي ومنهجيتهم العلمية، مع أن أهم ما تهدف إليه الدراسات الأكاديمية هو بناء الطالب من الناحية المنهجية والبحثية؛ لأن العلم بحر واسع لا تكفي الدراسة النظامية لتحصيل حتى المفاتيح المفضية إليه، ولذا كان التركيز في الدراسات الأكاديمية على تنمية الروح البحثية والنَفَس المنهجي عند الطلاب، بما يساعدهم بعد ذلك على السباحة في بحور العلم.
إن هذه المرحلة الدراسية ـ أعني بها الدراسات العليا ـ هي التي تسهم بصورة كبيرة في تشكيل الشخصية العلمية المتخصصة عند الطالب، وتؤصل البناء المنهجي لديه، فيجب أن تكون العناية بها بقدر ما لها من أثر وتأثير. ومن هنا فلا بد أن يتنادى الأكاديميون والمتخصصون لهذا الأمر ويتداولون أرائهم ومقترحاتهم حتى ولو كان بعضها غريبا أو بعيد المنال، فإن بعض الآراء وإن لم تكن صحيحة في ذاتها فقد تفتح بابا يوصل إلى جادة الصواب، ثم ـ مع هذا ـ فالآراء عندما تعرض وتمحص، يذهب زبدها جفاء ويبقى ما ينفع الناس ثابتا.
ومن هذا المنطلق فإني أقترح أن تكون الدراسات العليا تنمي في الطالب القدرة العقلية والملكة البحثية والنَفَس المنهجي، وذلك على النحو الآتي :

أرى أن يكون التركيز في الدراسات العليا على المسائل المشكلة في التخصص والقضايا التي كانت محل بحث متعدد ونظر مختلف من أهل العلم، بحيث تحصر المسائل المشكلة في كل فن، ثم يستخلص منها أهمها وأبلغها أثرا وأعمقها بحثا، وتقسم على الطلاب في أول الدراسة ويمهلون وقتا لدراستها وبحثها، حتى إذا استكملوا ذلك عقدت جلسات علمية وحلقات حوارية لمناقشة هذه المسائل، وفي هذا السبيل فسيكون من الرائع حقا والمفيد جدا أن يستضاف بعض أعضاء القسم المتميزين لحضور هذه الجلسات والاستماع والمشاركة، وإن تيسر دعوة أحد المتخصصين ممن له بحث أو إسهام في تلك المسائل المشكلة لحضور هذه الجلسة والاستماع لرأيه فسيكون عملا رائدا.
إن مثل النوع من الدراسة والطريقة في البحث، تحقق عددا من الأهداف، من أبرزها:
1. هذا النوع من الدراسة يجعل الطالب مشاركا في إعداد المادة بل في الحقيقة هو الذي يتولى إعدادها بإشراف أستاذ المادة، وهذا يحقق عددا من الأمور الإيجابية، من أهم ذلك أن الطالب حتى يتمكن من إعداد المادة يلزمه أن يطلع على عدد من المؤلفات والكتب والدراسات حتى يصوغ بحثه بشكل جيد، ثم هو أيضا بتوليه دراسة تلك المسائل سيكون مشاركا في إعداد المنهج متفاعلا مع المادة التي يدرسها، وهذا مما يسهم في رسوخ المادة وثباتها في ذهن الطالب.

2. دراسة هذه المسائل على هذا النحو ينمي في الطالب القدرة على فهم كلام أهل العلم، وأساليبهم في تقرير أرائهم وطريقتهم في الاستدلال لها، ومنازع فهمهم للنصوص.

3. الوقوف على مناهج وطرائق أهل العلم في تطبيق القواعد العلمية والأصول الكلية التي يستدلون بها لتصحيح أرائهم، ومن المعلوم أن كثيرا من الآراء العلمية تنطلق من قواعد وأصول ومرجحات قد تقررت عند أهل العلم واستقر العمل بها، فهذه الطريق في الدراسة تنمي ملكة الطالب وتزيد خبرته بها وتجربته لها بشكل علمي.

4. كما تساعد هذه الطريقة على تنمية القدرة الذهنية عند الطالب لفهم الآراء والنصوص التي يدرسها، ومعرفة مواطن القوة فيها والمآخذ عليها، وهذه ملكة لا بد منها لطالب العلم في دراساته الأكاديمية.

5. بقي أن يقال: إن الدراسات العليا مرحلة متقدمة من التخصص، إذ من المفترض أن يكون الطالب قد تحصل على جملة لا بأس بها من أصول تخصصه ومسائله في المرحلة الجامعية، بل في الحقيقة إن المرحلة الجامعية من المفترض أن تكون دراسة تخصصية، وتكون الدراسات العليا مرحلة متقدمة من التخصص.
إن أي طرح أو مقترح لا يستصحب المرحلية في التخصص التي تبدأ من الدراسة الجامعية، لن يكتب له النجاح المأمول، لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار مبدأ التكامل والمرحلية في الدراسة الأكاديمية، ولهذا فإن من الخطأ أن تكون الدراسات العليا ـ لا سيما مرحلة الدكتوراه ـ مشتملة على مقدمات أوليه لبعض الفنون والعلوم، ـ كما حصل في بعض الأقسام العلمية ـ لأن الأصل أن تدرس هذه المقدمات في المرحلة الجامعية.

وأخيراً:
فهذا موضوع يجب أن يدرس بشكل موسع، ويكون تناوله من جوانب عدة، وفي هذا السبيل فإني أقترح على الأخوة الكرام المشرفين على هذا الملتقى الطيب أن يستكتبوا عددا من المتخصصين في الأقسام العلمية لطرح آرائهم ومقترحاتهم، حتى تكتمل الصورة وتتعدد الرؤية.
والله من وراء القصد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
 
من الاقتراحات :
1- التفريق بين مرحلة الماجستير والدكتوراه ، بحيث يلغى البحث في مرحلة الماجستير بشكله المعروف الآن ، وتجعل الدراسة خلال الثلاث سنوات على هيئة مشاريع فصلية ، بحيث يقدم الطالب في كل فصل مشروعا في فرع من فروع التفسير ، فمثلاً :
الفصل الأول : يقدم مشروعاً في التعرف على كتب علوم القرآن.
والفصل الثاني : مشروعاً في التعرف على كتب أحكام القرآن.
والفصل الثالث : مشروعاً في التعرف على كتب مشكل القرآن ، وهكذا.
ولا مانع من تعدد المشاريع في كل فصل ، حتى يتمكن الطالب من الاطلاع على قدر كبير من المراجع التي تعنيه في مجال تخصصه مع تصور شبه تام لمحتويات تلك المراجع ، مما يسهل عليه بعد ذلك سرعة الوصول للمعلومة .

2- أما في مرحلة الدكتوراه فيعطى الطالب الفرصة للإنتاج العلمي بتقديم مشاريع بحثية لا يتجاوز عمرها سنة واحدة ويراعى فيها الكيف لا الكم ، والتجديد لا التكرير ، بحيث ينجز الطالب خلال أربع سنوات أربعة مشاريع علمية ، مع مراعاة التنويع في البحوث ، وفي نظري أن في هذه الطريقة فرصة كبيرة للتنويع والاطلاع الأوسع لطالب الدراسات العليا ، بخلاف ما إذا ركز جهده خلال أربع أو خمس سنوات في فكرة واحدة ، ولنقل مثلاً منهج فلان في التفسير ، فإنه سيكون ضحل المعلومة في بقية المجالات في تخصصه ، وهذا مع الأسف ما نراه في طالب الدراسات العليا ، تجده حصل على الأستاذية ، وهو لم يتصور بعد جميع فروع تخصصه ، وإنما علمه منحصر في زاوية واحدة أو اثنتين من مجال تخصصه ، والله الموفق .
 
في الحقيقة .. قامت تتراقص.. بين يدي حبيبات لوحة المفاتيح ..منذ رأيت ذلك العنوان .. وتلك الأيدي التي تدفعه إلى الحقيقة والواقع ولسان الجميع يقول بصوت واحد : إن أريد إلا الإصلاح ماستطعت .
الجميع .. حسب علمي في الدراسات العليا :
كل من لاقيت يشكو دهره **** ليت شعري هذه الدنيا لمن
فجزيت خيراً أبا عبد الملك .. حين أجرى الله تعالى تلك الحاجة الملحة على يديك ..
يبقى المقترح :
وهو في الحقيقة نداء اطلقه أ د / محمد الشايع ... أطال الله عمره على عمل صالح .
وهو إضافة مادة الحاسب ساعة أسبوعية لطلاب الدراسات العليا.. والواقع المشاهد .. من بذل الجهد .. والمال .. في ذلك ويصاحبه كثيرا عدم الإتقان ..مايجعل تلك الساعة طلبا ملحا ً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
الأخ الفاضل ( الإداوة )
أرجو أن تتفضل بطرح فكرة تدريس الحاسب الآلي ، فماذا تقترح في ذلك ؟
ولك جزيل الشكر .
 
الشيخ الفاضل : ابو عبد الملك ..وجميع الإخوة.....حفظهم الله ورعاهم :
كنت قد ظننت أن الكلام السابق واضح في عموم التعامل مع الحاسب ..... ولعل المقترحات كما أراها :-
- إدراج محاضرة ضمن برنامج الدراسات العليا .. يتلقى الطلاب من خلالها طريقة إدخال البيانات ، والتعامل الامثل مع (الوورد) ، ومنها كتابتهم لرسائلهم بايديهم فهو أدق وأضبط .
- اصطحاب الأجهزة المحمولة والأقراص المدمجة كموسوعة التفسير وعلوم القرآن وغيرها ، والاستفادة من ذلك في حلقات النقاش ، وحفظ مايحتاج إلى حفظ في الجهاز المحمول .
- من خلال الأقراص .. والأجهزة يبدو أنه ليس من حاجة لحمل كتب او دفاتر فجهاز الحاسب كفيل بهذه الطريقة وبغيرها .
ولعل هناك مجالات للإفادة من الحاسب لم أذكرها ، يتفضل بها من حضرته .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
منهج تدريس طلاب الدراسات العليا
قال الشاعر :
مُنًى إن تَكُنْ حَقًّا تَكُنْ أجملَ المُنَى*** وإلاَّ فَقَدْ عِشْنَا بها زَمَنًا رَغْدًا
لقد طرح الأخ الفضل ناصر الصائغ تجربة تدريس برنامج الدكتوراه في قسم الكتاب والسنة بجامعة أم القرى ، وهي تجربة رائدة تحتاج إلى مطارحة فكرية ، وأتمنى أن يشارك فيها من تلقى هذه الطريقة ، وأن يتحف الإخوة المشاركين في الملتقى بمحاسن هذه الطريقة وبالمآخذ التي يرونها ، إن وُجِدت .
1 ـ ألا يمكن أن يكون للدكتور الخيار في طرح الموضوعات مع طلابه في المادة العلمية المقررة .
فإذا كانت المادة ـ مثلاً ـ ( علوم القرآن ) ، فللدكتور أن يعرض على طلابه أن المادة في هذا الموضوع المترامي الأطراف ، ثمَّ يتفق معهم على الموضوعات التي يرون أنها تستحقُّ الدراسة ، وأنهم بحاجة إليها .
ألم يبلغ أساتذتنا وطلابهم في الدراسات العليا إلى هذا المستوى بعدُ .
2 ـ ألا يمكن أن يكون للبحث العلمي أربع ساعات يقوم بها الطلاب بالدراسة التطبيقية لكل ما يُتوقع أن يواجههم في بحوثهم .
ـ علامات الترقيم .
ـ طريقة النقل من المصادر .
ـ طريقة اختصار الأفكار .
ـ طريقة دمج الأفكار والنقول .
ـ طريقة التصرف في النقل .
ـ طريقة ترتيب الأفكار .
ـ طريقة ترجمة الأعلام .
ـ طريقة عنونة المواضيع .
إلى غير ذلك مما يتعرض له الطلاب في بحوثهم .
2 ـ ألا يمكن أن يقرأ الطلاب مع أساتذتهم في مادة البحث قطوفًا من كتب الأدب لتقوية الجانب النقدي عند الطلاب ، وربطهم بالأساليب الرفيعة التي ستفيدهم في كتابة بحوثهم ، لكيلا يصطدموا بنقد مناقشيهم بضعف الأسلوب حال نقاش رسائلهم .
3 ـ ألا يمكن أن يُحضِّرَ الطلاب مع مدرسهم قراءة صفحات من مخطوط ، يتدارسون فيها ما يلزم من أراد تحقيق المخطوط ، ليكون الأمر عمليًا ، فيعرفون ما يحتاج إلى تعريف ، وإلى ترجمة ، وإلى ترقيم ... الخ .
وانظر كم ستثمر المناقشة العلمية الهادفة بين الطلاب وأستاذهم في هذه الورقات التي يقومون بدراستها ؟
4 ـ ألا يمكن أن يقوم الطلاب بالموازنة بين تحقيقين لكتابٍ واحدٍ ، لمعرفة أسباب الاختلاف في مناهج التحقيق ، ومعرفة أسباب القوة والضعف في التحقيق .
5 ـ ألا يمكن لأستاذ البحث أن يقوم بجولة علمية على مراكز البحث التي عندهم ، ليتعرف الدارسون على هذه المراكز ، وعلى كيفية استفادتهم منها .
6 ـ ماذا لو كانت قاعة محاضرات الدراسات العليا في مكتبة القسم التي تحتوي على جميع الرسائل المسجلة في القسم ، بحيث يتسنى لطلاب الدراسات العليا استثمار أوقات فراغهم في الاطلاع على هذه الرسائل والاستفادة منها في تفتيق المجال لبحوث أخرى .
7 ـ ماذا لو وُجِدَ مخطوط صغير الحجم ، أو عُيِّنت أوراق من مخطوط ، ثمَّ يقوم طلاب الدراسات العليا بتحقيقه ، ثمَّ يقوِّمه أساتذتهم الذين يدرسونهم ، كل في تخصصه المناسب ، إن وُجِدَ له علاقة ، ويكون هذا كافيًا عن مطالبة كل أستاذ ببحث ، ووقت الطالب قد لا يكفي .
أو يُحدَّدُ موضوع تكون جوانب المواد العلمية التي يدرسها الطالب متمثلةً فيه ، ويقوم الأساتذة كلهم بتقويم هذا البحث ، كل حسب مجاله .
 
علم جديد

علم جديد

أشكر الجميع على اثراء هذه الفكرة التي مازالت بحاجة للمزيد

أود ان ألفت النظر الى مسألة فيما يتعلق بالدراسات العليا والبحث العلمي في دراسات القرآن الا وهي:

اننا نجد ان مصادر العلم هي فقط القرآن والسنة وما كان بعدها يجب ان يكون في نفس اطارهما لكننا نجد ان علوم الشريعة المنبثقة منهما كثير فهناك:

علم المصطلح و علم الفقه وأصول الفقه وغيرها كثير، وبالنسبة للقرآن فيوجد التفسير و علوم القرآن و أصول التفسير و غريب القرآن و أسباب النزول و الناسخ والمنسوخ و التجويد وغيرها
لكنها كلها علوم انبثقت من القرآن ولخدمة القرآن والذي أراه انه يوجد علوم أخرى اما ان تكون جديدة تحتاج لأظهار واما ان تكون مبعثرة في الكتب تحتاج الى تجميع وتهذيب كما هو الحال في اسباب النزول مثلا

والذي أحث عليه اخواني القائمين على البحث العلمي هو اظهار الجديد أو المجمّع المهذب من هذه العلوم الخادمة لكتاب الله

هذه مجرد فكرة والله أعلم وهو الهادي الى الصواب
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما تفضل به الشيخ الدكتور مساعد وبقية الأخوة - سلمهم الله - من قواعد واطر هي قواعد ذهبية ينبغي السير عليها ، إنها أطر سليمة يجب أن تسير عليها العملية التعليمية والبحثية لطلاب الدراسات العليا ؛ خاصة والمشارب مختلفة ، ولكل شيخ فيها طريقته ... والطلبة - أعانهم الله - في جامعاتنا بين استاذ أثقل كواهلهم بالأبحاث الكثيرة ، والواجبات المتفرقة ، والتحضير ، والإلقاء ، والمشاركة ، و ..... و آخر طلب من طلابه في أول محاضرة تلخيص كتابين على أن يراهم في نهاية الفصل ، وآخر أشغل طلابه طوال الفصل الدارسي بجزيئيات ونتف ، وترك الأصول والقواعد المهمة ... والقصص في هذا لا تنتهي

لقد تبيانت طرق تدريس طلاب الدراسات العليا واختلف أيما اختلاف ، ويعود السبب في ذلك إلى أمور منها :
1- الجهل بآليات العملية التعليمية فيما بعد المرحلة الجامعية ، وعدم التنظير والتقعيد لطرق لتدريس طلاب الدراسات العليا .
2- هامش الحرية الكبير لدي أستاذ المادة .( وهذا يجب أن يكون مزية تدفع لتقديم الأفضل لا خللاً )
3- حداثة التجربة - نوعا ما - في الجامعات السعودية .
4- عدم وضوح أهداف المقررات ، فكثير من الأهداف قد صيغت بشكل متعجل و عمومي ؛ تتداخل هذه الأهداف بين كثير من المواد الشرعية.
5- قلة اعداد الطلاب أحيانا وكثرتهم في أغلب الأحيان .
6- التكرار في المفردات ... فكثيرا مما يطرح في مرحلة البكالرويس يطرح وبنفس الطريقة - تقريبا - في مرحلة الماجستير والدكتوراه

وأرى من الحلول الناجعة لتحسين طرق تدريس طلاب الدراسات العليا ما يلي :

1- إخلاص النية لله عزو جل في هذا العلم طلابا وأساتذة .
2- على الطلاب أن يكون هدفهم البحث عن الفائدة وطلب العلم والإستزاده منه ، وأن لا يجعلوا شغلهم الشاغل من بداية الفصل التقدير والدرجات ... التي - وللأسف - كثيرا ما أذهبت بركه العلم ، وأوغلت الصدور ، وأبعدت عن التلقي والطلب .
3- على الكليات والجامعات عمل الدورات للاساتذة الراغبين والمؤهلين لتدريس طلبة الدراسات العليا ، وأن يصبح (طرق تدريس طلاب الدرسات العليا ) علما قائما بذاته يدرَّس مثل ما تدرس المواد التالية في مرحلة البكالريوس : ( طرق تدريس المواد الشرعية ) : (طرق تدريس العلوم ) : ( طرق تدريس اللغة العربية ) ولا يحق للاستاذ تدريس الطلاب إلا بعد اجتياز هذه الدورة . وتكون هذه الدورات بإشراف نخبة من الأساتذة المتمرسين الذين لهم باع طويل مشرِّف ، و قدم ثابت في تدريس طلاب الدراسات العليا ، وجهد واضح في إثراء الطلاب ، وإظهار ملكاتهم المختلفة ، وهم - بحمدالله - لا يخفون على أحد في كل كلية و قسم .
4- البعد عن الأساليب التقليدية الرتيبة المملة المتمثلة في الإلقاء أو الإملاء أو القراءة - وقد ذكرها الأخوة - ؛ فإذا كنا نطالب بإلغاء هذه الطرق في نظم التعليم العام ، وفي مرحلة البكالريوس ؛ فمن باب أولى أن نطالب بإلغائها في مرحلتي الماجستير و الدكتوراه .
5- اختيار الوقت المناسب للمحاضرات ، وذلك لأن مواعيد محاضرات الدراسات العليا تكون بالإتفاق غالبا ... فلا يحسن أن تكون بعد الظهر - مثلا - بعد عمل شاق ، وليس من المستحسن أن تدمج في يوم واحد أو في يومين ...
6-على الاستاذ أن يقسم وقت المحاضرة إلى أقسام ولا تكون على نمط واحد ؛ فجزء مثلا لما تم مناقشته في المحاضرة السابقة مستعينا بذاكرة الطلاب ويكون كمقدمة للموضوع الجديد وجزء لموضوعه الجديد ، ويكون قد كلف كل طالب بنقطة أو عنصر يحاوره ، ويفتح باب النقاش بينه وبين زملائه ... وعليه ان يتنبه للوقت .. وكثيرا ما كان الطالب الأول يستغرق أكثر من نصف ساعة ، وآخر الطلاب دقائق معدودة ، أو تؤجل مواضيعهم ...
7- على الاستاذ أن يصنع مع طلابه خطط بحوثهم ، وأن يصححها قبل نهاية الفصل ، ويقوم بتسليمها لهم ، وأن يناقشهم فيها ، ولو كلف كل طالب بتصحيح بحثين من بحوث زملائه ، ثم اطلع على عمله كان ذلك مفيدا يربي عنده ملكة النقد .. وعين الناقد - كما يقال ومهما كان - بصيرة .
8- أن يحتوي مكتب الأستاذ على عدد لا بأس عليه من الكتب والمراجع والأصول ؛ إذا كان التدريس في مكتبه ؛ وإن ضاق ؛ فلا غنى عن الجزء الأول من كل مرجع مهم .
9- أن يربي طلابه على احترام العلماء وتوقيرهم وحسن التعامل مع كتبهم وأقوالهم وأخطائهم ... ومع ذلك يربي فيهم ملكات النقد البناء والحوار الهادف والنقاش المفيد
10- على الاستاذ ان يضع خطة عمل يسير عليها ... يمعنى أن يقسم عدد المحاضرات على مفرادات المنهج فبعض الاستاذة يمكث في مفردة بسيطه أسابيع ، ويجاوز فصول بأكلمها في محاضرة . كما عليه أن يقسم الدرجات على الأعمال المختلفة (حضور + بحوث + نقاش + اختبار) أو غير ذلك ...

وقد يكون للحديث بقية
 
حياك الله يا دكتور ناصر وسرني رؤيتك في الملتقى ونحن بانتظار مشاركاتك النافعة , ولعله يكون لك أجر الدلالة على الملتقى في الجامعة بين زملائكم , أملي بتحقيق رغبتي ولك جزيل الشكر .
 
اشكرك أخي الفاضل الشيخ أحمد البريدي على كريم تطلفك بالرد علي وجميل حفاوتك بي وهو أمر ليس غريبا عليك سلمك المولى
واتشرف بالالتقاء بك وبالاخوة الافاضل اعضاء المنتدى في فضاء هذه الشبكة الواسع وكما التقينا من قبل في فضاء الثعلبي وكتابه " الكشف والبيان "


واسلم لأخيك
 
منهج البحث العلمي بدءًا بإعداد الخطة وختمًا بتسليم البحث .
1 ـ ألا يمكن أن يبدأ الطلاب بإعداد خطط بحوثهم ودخولها إلى المجالس ، وهم في دراستهم بحيث يبدأ البحث فيها بعد الانتهاء من الدراسة المنهجية .
2 ـ لم لا يكون عند القسم مستودع للخط المقبولة وغير المقبولة ، ويمكَّن طلاب الدراسات العليا من الاطلاع عليها ، لمعرفة أسباب رفض ما رُفضَ منها ، ومحاولة إعادة بعض ما رُفِضَ من الموضوعات التي قد يكون سبب رفضِها لأمر قد زال .
3 ـ لم لا يُسمح للطالب بحضور مناقشة موضوعه ليتمكن من الدفاع عن أفكاره ، فكم يتعب الطالب في إعداد الخطة ، ثمَّ يفاجأ برفضها دون إبداء أي سبب ، إذ لا حقَّ له أن يعترض ، ولا أن يستأنف .
4 ـ ما المانع من دراسة موضوع من الموضوعات ـ خصوصًا إذا كان كبيرًا مترامي الأطراف ـ من أكثر من باحث ، فالعقول تختلف في طرحها ، وفي ما تصل إليه من النتائج .
وها أنت ترى باحثين يبحثان موضوعًا واحدًا ، من غير اتفاق بينهما ، ويخرجان بنتائج مختلفة .
بل إنك ترى كتابًا قد حقَّقه فلانٌ من الناس ، ثمَّ يخرج بتحقيق غيره ، وقد لاحظَ على تحقيق سابقه عددًا من الملاحظات التي ترى أنها مقنعة بخروج الكتاب محقَّقًا مرةً أخرى .
إن هذا من التنوع المحمود في البحث العلمي ، وليس الموضوع حكرًا على فلانٍ لأنه بحثه .
5 ـ هل يلزم الباحث أن يكون مُلمًّا بجميع أطراف البحث قبل أن يبحثه ، أم يكفي تصوُّره العام له ، ثمَّ يكون البحث محكَّ فرضياته ، فإما أن يُجيدَ في بحثه ، وإما أن يُخفِقَ .
وهنا يكون للقِسْمِ أحقِّية رفض البحث ؛ لأن الباحث لم يوفَّق في بحثه .
ويبدو أن هذا هو الأمر المنطقي ، بحيث يُترك الباحث للانطلاق بفرضيات بحثه ، ثم بحثها ، ثمَّ محاسبته عليها بعد انتهائه .
ويحسن هنا أن لا يكون هناك محاباة ، ولا مداهنة للباحث فإذا لم يقدِّم بحثًا متميِّزًا بعد هذه الحرية في اختيار البحث ، فإنه يُطلب منه أن يعيد بحثه محسَّنًا ، أو يختار غيره ، وبهذا يكون الطالب أمام جديَّةٍ تُلزِمه بالإتقان لا يمكنه أن ينفكُّ منها مادام يعرف أنه سيحاسب محاسبةً جادة على بحثه .
6 ـ قد يفترض الباحث في خطته التي يقدِّمها أمرًا ما ، إما لأنه نقله عن غيره فأخذه مسلِّمًا به ، وإما لبادئ رأي ظهر له ، لكنه بعد بحثه لهذه الفرضية تبين له خلاف ما قرَّره فيها وأخذه مسلَّمًا ، فأي غضاضةٍ أن يبيِّن أنه وصل بعد بحثه إلى نتيجة سلبية ، أي أنه سيقرِّر أنه لم يجد لهذه الفرضية ما يصدقها من خلال بحثه .
وهذه النتيجة في الحقيقة نتيجة إيجابية ؛ لأنه توصَّل إليها بعد البحث ، وهذا ييسِّر على من جاء بعده البحث فيها ، فلا يُعيدُها ، كما قد يظهر لباحث آخر خلاف ما ظهر له ، لخفاءِ بعض أفرادها ، أو لعدم تمام استقرائه .
والمشكلة هنا أنَّ الباحث حينما يُقدِّم الخطة ، فإنه سيكون ملزمًا بتعبئة فراغاتها ، فتراه يضع ما ليس مقتنعًا به ، كما تراه يذكر من المعلومات ما لا يتوافق مع التحرير والتدقيق في البحث ؛ لأنه ملزمٌ بهذه الفكرة ، وليس له فرصة للرجوع عنها . وهذه المسألة بحاجة إلى إعادة نظرٍ ، إذ أنَّ الباحث بعد بحثه سيكون له نظر آخر في الخطة ، فقد اكتسب من المعلومات في موضوعه ما يجعله يرجع عن بعض أفكار خطته ، فكيف يمكنه أن يعيدها ؟
إن الثقة بالباحث تصل إلى أنه أدرى الناس ببحثه ، فإذا كان هو أدرى ببحثه فلم لا تكون له فرصة التعديل ؟
ذلك أمر يحتاج إلى علاجٍ .
 
هذا الموضوع من أمتع الموضوعات ، وأجدرها بالنقاش بين ذوي العلاقة ، للخروج بتجارب وفوائد جديدة تثري الباحثين والقائمين على أمور البحث في الأقسام العلمية.
فيا حبذا لو أعيدت قراءته مرة أخرى من قبل الجميع الذين شاركوا فيه والذين لم يشاركوا بعد ؛ لنستفيد جميعاً ، فقد طال البعد بيينا وبين طرحه في الملتقى للنقاش.
سددكم الله ونفع بكم .
 
استجابة لطلب أخي الدكتور عبد الرحمن الشهري ، فإني اطرح هاتين المقالتين اللتين كنت قد طرحتهما في الشبكة ، وهما في الأصل تبع لهذا الموضوع .
المقالة الأولى :مسارات البحث العلمي في الدراسات القرآنية (1)
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير البشر أجمعين ، وعلى آله والصحب والتابعين إلى يوم الدين ، أما بعد :
فقد تأملتُ الموضوعات البحثية التي يقوم بها طلاب الدراسات العليا ، وكذا الموضوعات التي يكتبها عامة المتخصصين في الدراسات القرآنية أو المشاركين لهم في هذا العلم ، واجتهدت في تصنيفها ؛ ليكون هذا التصنيف منطلقًا لتصنيف أكثر شمولية للموضوعات التي يمكن بحثها في الدراسات القرآنية ، وهذا التصنيف يمكن تطبيقه كذلك على عموم الدراسات الإسلامية والعربية ، لكن لما كان المراد الحديث عن تخصص الدراسات القرآنية أوردته مستقلاًّ بهذا التخصص .
وهذا الاجتهاد في تقسيم الموضوعات ليس نهائيًّا ، وإنما هو تقريب لأطراف الموضوعات في هذا التخصص ، ولا أشكُّ أن ناظرًا لو نظر من زاوية أخرى ، بل من تلك الزاوية التي انتهجتها ، لا أشكُّ أنْ سيخرج بغير ما خرجت به ، بل أحسن من ذلك ، لكن حسبي هنا أن أفتِّق الموضوع ، وأن أضعه في حيِّز الشعور ، والله الموفق في جميع الأمور .
وقد ظهر لي في هذا الموضوع التقسيم الآتي:
1 ـ الدراسات المتعلقة بالتراث .
2 ـ الدراسات المتعلقة بالمستشرقين والمنصرين .
3 ـ الدراسات المتعلقة بالانحرافات المعاصرة .
4 ـ الدراسات القرآنية المعاصرة .
وهذا التصنيف تصنيف عامٌّ يندرج تحته كثيرٌ من التفصيلات العلمية المتعلقة بالكتابة في تخصص الدراسات القرآنية ، لذا لن ألتزم بذكر كل ما يدخل فيه من الموضوعات ، وإنما أذكر أمثلة فقط .

أولاً : الدراسات المتعلقة بالتراث.
يمكن تقسيم الموضوعات التي دُرست في التراث المتعلق بالدراسات القرآنية إلى أقسام ثلاثة :
الأول : دراسة موضوعات تراثية عامة .
ويشمل هذا كثيرًا من الدراسات العلمية التي قامت في سوق الدراسات القرآنية ؛ كدراسة منهج مفسر ، أو منهج نوعية من العلماء المشاركين في التفسير ؛ كالتفسير الفقهي ، أو دراسة موضوع بعينه من موضوعات التراث ؛ كتفسير التابعين ، والمكي والمدني ، وأسباب النُّزول ، وغيرها من هذه الموضوعات .
وينظر بعض الدارسين إلى هذه الدراسات بعين التقليل وعدم الفائدة ، كما يزعم بعضهم أنه لا يمكن المجيء بجديد في هذا الباب ، فتراهم يُغلقون هذا الباب ، ويطالبون بالتجديد والجديد ، وهذا ـ في نظري ـ غير مستقيمٍ لأمورٍ :
الأول : أنَّ بعض هذه الدراسات أثبتت جِدَّتها وجدِّيتها ، وأتت بما هو مفيد في مجال الدراسات القرآنية ، وأذكر على سبيل المثال :
1 ـ تفسير التابعين عرض ودراسة مقارنة ، للدكتور محمد بن عبد الله الخضيري .
2 ـ دراسة الطبري للمعنى من خلال تفسيره جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، للأستاذ محمد المالكي .
3 ـ قواعد الترجيح عند المفسرين ، للدكتور حسين الحربي .
وقائمة الدراسات الجديدة والجادة طويلة ـ ولله الحمد ـ ، لكن المراد هنا التمثيل لا الحصر .
الثاني : ما مفهوم الجِّدة والجديد عند المطالبين به ؟
لقد رأيت ـ من خلال مساعدتي لبعض طلاب الدراسات العليا في خطط رسائلهم ـ الجِدَّة والتجديد الذي يُطمحُ إليه ، لكن كان سبيل هذه الأفكار الرفض من آخرين عُرِض عليهم الموضوع بدعوى عدم وجود جديد يضيفه الباحث في موضوعه . والذي أريد التنبيه عليه هنا أن استعمال هذه الألفاظ فضفاض يرجع إلى تحكيم العقول ، وهي تختلف فيما بينها ، فما تراه حسنًا صالحًا يراه غيرك بخلافه ، وتلك طبيعة بشرية لا تثريب عليها ، لكنها سبب واضح في ردِّ كثيرٍ من الموضوعات التي تتسم بالجِدَّة والطرافة .
وأستطرد هنا فأقول : إنَّ سبيل البحث العلمي يختلف من موضوع إلى موضوع ، كما تختلف فائدة الباحثين منه ، فقد تراهم يكادون يُجمعون على بعض البحوث بما فيها من الجدَّة والتجديد ، كما تراهم يختلفون في بعض منها . ولست أرى أن يُطلق على بعض البحوث إطلاقات عامَّة من عدم وجود الفائدة إلا إذا تحقق ذلك بالفحص والقراءة المتأنية . وقد سمعت بعض الأحكام على رسائل علمية مفيدة جدًّا ، ولم يكن لمنتقدها سوى أنه سمع ذلك من فلان أو علان ، وقد يكون النقد غير عامٍ على جميع الرسالة فعمَّمه السامع ، أو يكون النقد في قضية تخصصية لا تؤثر على مجمل البحث ، فلم يفهم منها السامع المرام ، أو يكون غير ذلك من الأسباب . وليس يعني هذا أن لا تُنتقد الرسائل العلمية ، لكن مرادي أن يكون العدل ميزانًا في النقد والتقويم ، وأن يكون معتبرًا بالأمثلة الدالة على ذلك النقد .
ومن الأمور التي يحسن اعتناء الباحثين به حال النقد والتقويم إعطاء الباحث حظه من عمله ، فبعض الرسائل التي لا تتميز من جانب النقد والتحليل قد يكون تميزها في جانب النقل وجمع المتفرق ، وذلك أحد أسباب البحث والتأليف ، وهو جمع المتفرق ، فلِم يُنسى هذا الجانب للباحث ، وحقُّه أن يُشكر له ذلك ويذكر .
كما أذكر هنا عيبًا يطال بعض البحوث الجادة ، وهو التطويل فيما لا داعي له في البحث ، أو الاستطراد فيما لا يفيد البحث . وقد رأيت كثيرًا من البحوث لا تسلم من ذلك ، ويرجع ذلك لأسباب ، منها :
1 ـ أن الباحث عند إعداد الخطة لا يكون عنده التصور التامُّ لطبيعة قضايا بحثه ، فتراه لا يخرج عن الخطة المرسومة لأنها صارت حَكَمًا عليه لا يستطيع تغييرها إلا بشقِّ الأنفس ، فيقع عنده بسبب ذلك استطرادات أو تطويل في موضوع أو تكرار لبعض الموضوعات . ولو أعطي الباحث فرصة أخرى لتغيير خطة بحثه بعد انتصافه في البحث بشرط أن لا يُخلَّ بأصلها لسَلِم من كثير من عيوب بحثه ـ فيما أظُّن ـ والله أعلم .
2 ـ أن يكون ذلك من طبيعة الباحث البحثية والعلمية ، فتراه حيثما أعدَّ موضوعًا علميًّا لا ينفك عن مثل هذه الاستطرادات والتطويلات ، وذلك ـ في هذه الحال ـ عيب يحسن التخلص منه .
وهناك عيب في بعض البحوث العلمية ، حيث تراها في كل الرسالة تنحى المنحى الإنشائي في طرح الموضوعات ، فتكثر بذلك السطور والصفحات ، وتكون القضية التي يكفيها سطر أو سطران في صفحة أو عدد من الصفحات ، وذلك ـ عندي ـ عيب في البحوث العلمية التي سبيلها إيصال المعلومة بوضوح ، وبأدق عبارة . ولا يعني هذا أن لا تُطَّعم البحوث بالعبارات الأدبية الفائقة ، والإنشاءات البلاغية الرائقة ، لكني قصدي أن لا يكون الأسلوب الإنشائي الفضفاض هو السبيل في كتابة البحث العلمي ، فالكتاب الأدبية الإنشائية بمعزل عن إيصال الحقائق العلمية. ولقد قرأت لبعض الكبار الذين سلكوا سبيل الأساليب الإنشائية ، والتعبيرات الأدبية يُطوِّلون في عرض الفكرة ، ويعيدون ويُبدون حتى تضيع الفائدة على القارئ ، فتراه متحيِّرًا لا يدري ماذا يريد الكاتب ، ولا يدري ما النتيجة التي وصل إليها. ومثل هذا له قُرَّاءُه ومريدُوه ـ بلا شكٍّ ـ لكنه ليس السبيل الأمثل في طرح القضايا العلمية ، فمثل هذا يُشكر له هذا الأسلوب من حيث هو أسلوب ، لكن أراه عيبًا في طرح المسائل العلمية . وضابط ذلك العيب أنك لا تدري بعد قراءة نصَّه ماذا يريد ، وما هو الرأي الذي وصل إليه ، فتحتاج إلى قراءة نصَّه مرة بعد مرة ، ليس لصعوبة الفكرة التي يطرحها ، لكن لغموضها ودخولها وسط تلك السطور من الرقعة الأدبية الرائعة.

الثاني : دراسة الانحرافات المتعلقة بالتفسير.
لقد نشأت البدع في جيل الصحابة ، ثم بدأت تتنامى وتكثر ، فظهرت بدعة السبئية التي أنتجت بدعة الرفضِ ، ثمَّ ظهرت بدعة الخوارج ، ثم القدرية ، ثم المرجئة، ثم المعتزلة .... الخ من البدع التي ظهرت في المسلمين . ويجمع أقوام هذه البدع أنهم اعتقدوا رأيًّا ، ثمَّ أرادوا حمل القرآن على آرائهم . والملاحظ أنَّ بعض هذه البدع انحسر أو تداخلت مقولاتهم في مقولات آخرين بقيت آراؤهم مذهبًا متداولاً فترة من الزمن ، بل لا زال بعضها باقيًا إلى اليوم .
كما يلاحظ أنَّ بعض البدع صارت تتسمى باسم أهل السنة والجماعة على ما فيها من انحراف عن الشرع والعقل أيضًا ، ولا زالت إلى اليوم تزعم لنفسها هذا ، وآراءُها العقدية تملأ كتب التفسير ، حتى قد يلتبس الأمر على كثيرٍ ممن ليسوا من أهل هذه العقيدة ، ويقول : كيف يكون هذا الانتشار لهذه الفرقة ، وكيف يتبعها ـ مع ما فيها من خلل ـ طائفة من كبار العلماء ؟ وأنت تعلم أن الرجال يُعرفون بالحقِّ ، ولا يُعرف الحقُّ بالرجال على كلِّ حال.
ولقد ظهرت دراسات علمية في بعض هذه الطوائف ، فمنها الناقد لها ، المبين عن عُوارها ، ومنها المؤيد لها المنتصر لمذاهبها . وبعض الناس يتخوَّف من هذه الاختلافات ، ويغض الطرف عنها ، ويرى أن في دحضها وبيان زيفها تفريقًا أو غير ذلك . وذلك ـ في نظري ـ غير سديد ، فالذي ينتهج البحث العلمي يُبين الخطأ من الصواب من وجهة نظره ، ولئن استسلم هو لهذا الهاجس ، فلن يستسلم له مخالفوه ، وأرى أن يؤكَّد على ضرورة البحث العلمي العادل ، وأن يبين الدارس ما يراه من أخطاء دون تجريح أو إسفافٍ بالآخرين ، ومن كان عنده في ذلك اعتراض فليعترض بأسلوب علمي ، فإن الحق ـ لا محالة ـ منتصر .

الثالث : تحقيق المخطوطات.
هذا النوع من الدراسات قد أخذ نصيبًا وافرًا في الدراسات العليا ، وقد مرَّ بمراحل في طرائق التحقيق ، وصارت طريقة التحقيق تتضخم عامًا بعد عامٍ ، حتى أصبح المخطوط الذي يمكن أن يطبع في مجلد لا تكفيه ثلاث مجلدات ، والحال شاهد بهذا. ومشكلات المخطوط ، وما يتعلق به : من جودته في ذاته ، وأهليته للتحقيق من الجهة العلمية ، وما إلى ذلك أمر مطروق في كتب البحث العلمي التي قد لا تُطبَّق في بعض مجالس الأقسام العلمية عند طرح مخطوط ما ؛ لاعتبارات أخرى .
وقد سار التحقيق في المخطوط على مسارين :
الأول : أن يكون صاحب المخطوط ممن يوافقه الباحث من حيث المعتقد .
الثاني : أن يكون صاحب المخطوط ممن يخالفه الباحث من حيث المعتقد .
وهنا يقع الباحث في حرج النقد والتقويم ، فهل يترك الموضوعات المخالفة بلا تعليق ولو وجيز يشير إلى المخالفة إشارة عابرة ، أو يترك ذلك ويُعرض عنه ؟
وعند حديثه عن منهج المؤلف في كتابه ؛ هل يشير إلى مخالفته لأهل السنة أو يترك ذلك ؟
إنَّ الأمر يحتاج إلى طرحٍ بوضوح وصراحة من غير تزيُّدٍ ولا تجريح ، فيذكر عقيدة المؤلف ويبين مواطن الخلل فيها ، ويحسن أن يبيَّن أثرها على مؤلَّفه ، وكيف اختلَّت عنده بعض القضايا العلمية أو خالف فيها الحقَّ بسبب تلك العقيدة .
غير أن الملاحظ أنَّ كثيرًا من الباحثين المنتسبين لأهل السنة والجماعة لا يقفون في الاعتقاد إلا عند مسألة الصفات ؛ بل بعض الصفات ، ويغفلون عن قضايا الاعتقاد الأخرى ، وهذا فيه خطرٌ في تقويم عقيد المفسر ؛ إذ قد يكون وقع منه في بعض الصفات خطأ ، لكنه في الموضوعات الأخرى يتبع منهج السلف . كما إنه قد يكون ماتريديًّا فينسبه إلى الأشعرية أو العكس ، أو يكون إباضيًّا فينسبه إلى المعتزلة بسبب التوافق في بعض المعتقدات ، أو غير ذلك من الأمور التي يحتاج فيها إلى الإلمام بالمعتقدات إلمامًا واضحًا . ولقد رأيت بعض الفضلاء يعتمدون مسألة الصفات أصلاً في الحكم على معتقدات المفسرين ، وهذا ليس بكافٍ ، إذ الاعتقاد اوسع من أن يكون في الصفات فقط ، كما ان بعضهم قد ينقل قول المخالف له في الاعتقاد ولا ينتبه له او يهتدي إليه ، وما ذاك إلا بسبب عدم إدراكه للحق والباطل في مسائل الاعتقاد على وجه العموم .
وبمناسبة طرح هذا الموضوع أحبُّ أن أُذكِّر بأمر أراه مهمًّا للغاية فيه ، وهو أنَّ هذه النقاشات العقدية يحسن أن تكون علمية بحتة لا تصل إلى التجريح والتزييف وعدم الاعتداد بما عند المخالف من علم في الشريعة وفير ، واجتهاد صائب ، إذ قلَّ من يسلم من الدخول في معتقدٍ قد شابته شائبة الكلام ، وانحرف عن هدى رسول الأنام عليه الصلاة والسلام . ولو اتُّخذ منهج شيخ الإسلام في نقاش هؤلاء الأقوام ، لكان فيه خير كثير ، وفيه من تأليف المسلمين وتجميع كلمتهم ما فيه ، فالشِّدة ، وعدم احترام ما عند العلماء من فضل ودين وعلم سبب في نفور كثير منهم عن الحقِّ واتباعه . والحقُّ مطلب كل أحدٍ ، فلو سُلِك مع المخالفين سبيل الرفق واللين ، والنقاش العلمي الهادف ، فإنه ـ بإذن الله ـ السبيل الناجع في الهداية ، وإنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء .
وهناك أمر يتعلق بالمخطوط ، وهو كيفية التحقيق ، إذ الملاحظ أنَّ المخطوط الذي يخرجه فلان في مجلد صغير ؛ يخرجه غيره في مجلدين أو ثلاثة ، فهل يلزم التعليق على كل شيء في المخطوط ، أم ما هو السبيل ؟
إنَّ هذا الموضع مما يحسن إعادة النظر فيه ، ووضع ضوابط متفق عليها بين الجامعات ، بحيث لا يكون العمل في المخطوط مُرهقًا للطالب من جهة ، ولا يكون ناقصًا عند غيره من جهة أخرى . وإن من أهمِّ ما يُركَّز عليه في أمر المخطوط : أن يكون النصُّ المحقق هو نص المؤلف ، وإن لم يمكن فيكون قريبًا من نصِّ المؤلف قدر الطاقة . وهذا هو الأصل في التحقيق ، وما بعد ذلك تبعٌ له ؛ كدراسة منهج المؤلف، والتعليق على مواضع من المخطوط . ويا حبذا لو وُضعت ضوابط تقريبة لدراسة المخطوط ليتقارب عمل الباحثين ، خصوصًا إذا كان المخطوط كبيرًا ومُقسَّمًا على عدد من الباحثين ، حيث إن الناظر إلى تحقيقاتهم يرى التفاوت البيِّن في منهج التحقيق ، وكثيرًا ما يكون على حساب المخطوط وقضاياه العلمية التي طرحها المؤلف فيه. وعلى كل حال فإن أمر المخطوط ومشكلاته أوسع من أن تُطرح في مقالة كهذه ، والآراء فيها مختلفة متباينة ، والموضوع يحتاج إلى كتابات وتآليف ، والله الموفق .

ثانيًا : الدراسات المتعلقة بالمستشرقين والمنصرين.
يُعدُّ البحث في هذا المسار من البحوث قليلاً ، ولا زال بحاجة إلى دراسة وتقويم تقوم على نقد ما وقع فيه الخطأ من هؤلاء الذين دخلوا إلى تراث العربية بأفهام وتصورات ومعارف وأهداف مختلفة . وهذه الدراسات بما فيها من غثٍّ وسمين لا زالت بحاجة إلى تصفية وتجلية. وهذه الدراسات لا تخلو من وقفات ناقدة صحيحة لهذا التراث العظيم ، لكنها لا تُنقص منه قِيد أنملة . ولقد كانت أخطاء هؤلاء أو قصد بعضهم للتشويه ؛ كانت سببًا باعثًا لبعض الدراسات الجادة للرد والتقويم ، ولتعزيز كثيرٍ من المفاهيم التي قد تكون نُسِيت أو غُفِل عنها في بحوث المعاصرين. ولا يعني هذا قبول دراسات هؤلاء على علاَّتها كما وقع من بعض العرب المتأثرين بالثقافة الغربية ، الذين بهرهم ما وجدوا عندهم ـ وهم خالين من معرفة تراث قومهم ـ فاتبعوهم ، وانقادوا لآرائهم ، وتنكَّروا لتراثهم ، فصاروا أذنابًا لهم يرددون ما يقوله هؤلاء بلا نقد ولا تزييف . ومن حال بعض هؤلاء المستغربين أنه يعرف الحقَّ ، لكنه يخشى أن يفقد الجاه الذي ألبسه إياه هؤلاء ، فتراه لا يستطيع أن يخرج من بوتقتهم ، ولا يردد إلا ما يتفق مع كلمتهم ، فهو عضو في مجمع المستشرقين في دولة كذا ، وعضو في جامعة كذا من جامعات الغرب ، ويدعونه للمؤتمرات ، ويولونه أحسن الاهتمامات ، فأنَّى له أن ينفكَّ من ربقتهم !
ومن الجوانب المهمة في هذا الموضوع أن يعلم المسلم أنَّ شخصًا قضى قرابة ثلث عمره بعيدًا عن لغة العرب ، ثمَّ اعتنى بها بعد ذلك = أنَّى له أن يحيط بجوانب علمهم ، وأن يتقن دقائق مسالكهم !
كما أنَّ من الجوانب المهمة ـ وهي مُغفلة في بعض الدراسات عن المستشرقين ـ تفسير نقدهم للقضايا التي يدرسونها ، فقد يوجهون نقدهم لآيات ، وقد يوجهونها لأحاديث ، وقد يوجهونها لأعلام ، وقد يوجهونها لأفكار ومناهج. وهذا التفسير لا يعني التبرير ، فنحن في نهاية الأمر لا نقبل النقد إذا كان مخالفًا لأصول الإسلام ، أو مجانبًا لمنهج البحث العلمي ، لكني أرى أن هذا الجانب ـ وهو تفسير العمل ـ مهم جدًّا ، إذ يجعل الباحث يطَّلع على طريقة هؤلاء في التفكير ، ويستلهم مناهجهم في البحث ، ويعرف ثقافتهم ، فيردَّ عليهم بطريقتهم هم ، ويستخدم سلاحهم في نقض نقضهم ، إذ مثل هؤلاء لا ينفع معهم قال الله ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم ليسوا مؤمنين حتى يُحتكم معهم بهذا الاحتكام .
ومن الملاحظ أن هؤلاء يحشرون الباحثين في زوايا يختارونها ، ولا يكون من الباحثين إلا الردُّ عليهم ، ونقض أقوالهم ، وقد يغفل بعضهم عن نقد كتبهم التي يدينون بها ، وهي أسفار العهدين الجديد والقديم ، فلو وُجِّه إليها منهج النقد الذي يستخدمه هؤلاء لسقطت ، مع أن سقوطها كائن بأدنى من ذلك .
ومن العجيب أن كتبهم المقدسة عندهم لم تلق عناية مثلما لقيه القرآن والسنة فانبثق منهما علوم كثيرة ، ومع ذلك كله لم يكن ذلك داعيًا لمن كان له عقل منهم إلى أن يتساءل ؛ أفي الدنيا علوم نمت وتكاثرت وانبثقت بسبب مصدرين فكانت الكتب التي تتعلق بهما بحيث لا يمكن حصرها ؟!
والمستشرقون في دراساتهم على طبقات :
الأولى : المنصفون الذين يبحثون عن المعلومة من حيث هي معلومة ، ويفرح بها ، ويدافع عنها ، وما قد يصدر منه من نقد لشيء من علوم الإسلام فإنه ـ من حيث التفسير ـ ينتقد معلومة لا يرى عصمتها ، وليس في قاموسه أنها كذلك .
الثانية : المغرضون الذين دخلوا إلى التراث الإسلامي بأحقادهم وأرادوا النيل من الإسلام بطريقة دراسته ونقده ، وقد كان جيل من التوراتيين من يهود وغيرهم من المنصرين قد دخلوا في هذا العمل ، فاتَّسمت بحوثهم بالنيل المغرض من الإسلام ، وعدم الإنصاف ، وإزدراء جملة من البحوث المعاصرة الجادة الناقدة ، وطمرها وعدم ذكرها في كتبهم ومحافلهم .
الثالثة : جمع من الباحثين في الاستشراق الذين استغلهم التوراتيون ، فصار همُّهم إثبات صحة ما في التوراة من تاريخ وأخبار ولغات ، وهؤلاء يخرجون عن حدِّ الإنصاف إلى الحيف والجور ، وإلى إثبات ما لا يمكن إثباته باسم البحث العلمي .
وبعد ، فلا بدَّ من دراسات جادَّة في البحوث الاستشراقية ونقدِها وبيان ما فيها من عوار وخلل ، وأن لا تُترك هذه الدراسات يتلقَّفُها جَهَلَةٌ بالتراث ، فتقع منهم موقع الاستحسان ، ثمَّ يتبنونها ويدافعون عنها كما هو الحال في بعض من مضى من أعلام الفكر العربي ، ولا زال موجودًا في آخرين منهم . والملاحظات على الاستشراق أكثر من أن تُحصر في مقالة ، لكني أرشد إلى قراءة نقد الأستاذ المحقق محمود شاكر في مقدمته لكتابه (المتنبي) ، فقد نقد ظاهرة الاستشراق نقدًا جيداً.
وأختم بنقل للدكتور علي فهمي خُشيم في مقدمته لكتابه (آلهة مصر العربية1 : 7ـ9) ففيها فوائد تعلق بموضوع دراسة المستشرقين لتراثنا ، قال : (( الحقيقة التي لا ينبغي أن تنكر هي أن الغرب الأوروبيين هم الذين كشفوا أسرار الكتابة المصرية القديمة (الهيروغليفية) على يد الفرنسي (شامبليون) والإنجليزي (يونغ) في النصف الأول من القرن التاسع عشر ، وكذلك رموز الكتابة الهيراطيقية (الكهنوتية) والديموطيقية (الشعبية).
وتوالت الدراسات والبحوث المتواصلة في مختلف المجالات المتعلقة بآثار مصر وتاريخها ولغتها . وقد ساعدت سيطرة الاستعمار الغربي على مصر وبقية أقطار الوطن العربي أعدادًا لا تُحصى من علمائه وباحثيه على مزيد من الكشف عن الآثار المصرية في مختلف صورها وأشكالها ، ويسرت لهم الانفراد بدراسة الحضارة المصرية القديمة انفرادًا يكاد يكون كاملاً ، ولا يمكن حصر ما كُتب عن مصر القديمة من مؤلفات في شتى اللغات الأوروبية، ولا ما سطر من بحوث ودراسات ، أو صدر من دوريات ، أو عُقد من ندوات ومؤتمرات واجتماعات ومناقشات ، فهذا بحر زاخر لا يبلغ أحد مداه ، وليس لأمواجه حد ولا غاية ، ولم ينته البحث في هذا المجال ، ويبدو أنه لن ينتهي أبدًا .
وإذا كان من العدل أن نشكر لعلماء أوروبا جهدهم ، ونحمد لهم صبرهم ، ونشيد بكثير مما قدموه ، ونكبر حماسة العديد منهم ، بل وعشقهم لتاريخ مصر وحضارتها ، فإن الصواب ملاحظة أن استحواذهم على التاريخ وسيطرتهم على ميادين البحث فيه أدَّى إلى نتائج بالغة الخطر ؛ منها :
أولاً : أن الكتابة في هذا الميدان كانت في الأعم الأغلب باللغات الأوروبية مما حصر معرفته في أهل تلك اللغات أو في من يحسن لغة منها غير لغته هو ،و كان أشد الضرر وقع على العرب ، أو لنقل : على عامة القارئين بالعربية وحدها ، فإذا ما صدر كتاب أو دراسة بالعربية في الموضوع كانت الترجمة واضحة ، والنقل جليًّا عن المصادر الأوروبية .
ولقد بلغ من سيطرة اللغات الأوروبية على البحث في تاريخ مصر وحضارتها حد أن المجلة الرسمية التي تصدر عن هيئة الآثار المصرية في القاهرة تنشر البحوث فيها باللغات الأوروبية ، وبأقلام دارسين عرب ، حتى يومنا هذا . وقد اعتبر تقديم ملخص قصير بالعربية لبعض ما يُنشر من دراسات في هذه المجلة = ثورة جديرة بالتقدير والإعجاب .
من هذه النتائج ثانيًا : أن علماء الغرب ـ للأسف ـ مهما بلغ من موضوعيتهم لم يكونوا بقادرين على التجرد الكامل من الهوى ، فهم بشر ذوو نوازع وأغراض ، يتبعون أوطانًا كان ـ ولا يزال ـ لها مآرب وأهداف ، ولم يكن من اليسير الفصل بين الأهداف الاستعمارية والغايات العلمية ، فكان هؤلاء العلماء منحازين ـ تلقائيًا ـ لفكرة بذاتها مؤداها فصل مصر تاريخًا وحضارة وثقافة وأصولاً عما يحيط بها من جيرانها .. العرب . ويبدو هذا الاتجاه واضحًا عند العلماء الإنكليز والفرنسيين بالذات ؛ لأن دولتهما كانتا تستعمران الوطن العربي ، وتعملان على تقسيمه وتفتيته لتحقيق سياسة : فرِّق تسُد مما هو معروف مشهور يثبت هذا أن ما يسمى المدرسة الألمانية كانت تتخذ مسارًا آخر مخالفًا يقول بوحدة تاريخ مصر والوطن العربي ، والسبب ـ فيما نرى ـ راجع إلى أن ألمانيا لم تكن ذات مستعمرات في المنطقة فلم يكن لعلمائها غاية سياسية ترتدي لبوس العلم ، وبذا كانت دراساتهم تنصب على حضارة مصر بجيرانها ، واللغة المصرية بما أسموها اللغة السامية .
فإذا افترضنا حسن النية والبعد عن الهوى كانت ثالثة النتائج ؛ أعني : جهل الغربيين باللغة العربية ، أو لنقل جهل أغلب الغربيين بها ، فالحق أن الكثرة الوافرة ممن اهتموا باللغة المصرية القديمة لم يكونوا يحسنون العربية ، وإن ادَّعى بعضهم معرفته بها. وهم قد يتكلمون لغة التخاطب العربية المعاصرة ، أو لغة الصحف ، أو حتى اللهجة العامية الدارجة ، لكنهم لم يكونوا ليحيطوا علمًا بلغة الشعر والجاهلي مثلاً ، أو الأدب العربي القديم . فمن فعل ذلك من المستشرقين كان اهتمامه مقصورًا على الشعر والأدب بعيدًا عن اللغة المصرية ، فلا تمكنه المقارنة واستخلاص النتائج .
فإذا وجدنا من اهتم بمقارنة المصرية بما يدعونه ( اللغات السامية ) كانت مقارنته مبنية على معرفته بالعبرية أصلاً ، فإن أغلب هؤلاء من اليهود ، وقد يعرجون على العربية إذا تبحروا فيها كما فعل ( فرانز كاليس ) أو ( إمبير ) مثلاً ، ولكن دون أن تتيسر لهم الإحاطة الكاملة .
هناك أيضًا نتيجة أخرى لاستحواذ الأوروبيين على الدراسات المصرية تكمن في أنهم في مجال دراستهم للغة المصرية ، وفكهم رموز الهيروغليفية وجهوها وجهة تتفق مع نمط كتابتهم وأصوات لغاتهم ، فكان أن قلبوا أشكال هذه الرموز وعكسوها صورة ومسار كتابة ، فالرموز الهيروغليفية تمضي عادة من اليمين إلى اليسار ، وأحيانا من أعلى إلى أسفل ، فكان لابدَّ لكي تسهل قراءتها من أن يحولوا مسار الكتابة لتصبح من اليسار إلى اليمين ، وتبع هذا عكس صور الرموز بالطبع ، ونحن إذن نقرأ الهيروغليفية مقلوبة ، كما نقرأ التاريخ مقلوبًا هو الآخر .
ليس هذا فحسب ، بل ثمَّة نتيجة خامسة نجدها في ( النقحرة ؛ أي : النقل الحرفي ) للرموز الهيروغليفية إلى الحروف اللاتينية ، إذ المعلوم أن المصرية تحتوي على أصوات لا توجد في اللغات الأوربية ، من مثل العين والحاء والخاء والقاف ، مما لا مقابل له في الألف باء اللاتينية ، فكان كل باحث منهم يستنبط رمزًا من اللاتينية يضيف تحته نقطة أو خطًّا يشير به إلى الصوت المعنِيِّ ، ومن هنا جاءت الاختلافات في العلامات كما يلاحظ القارئ من الجداول المخصصة لهذا الغاية.
ومضوا فافترضوا أن المصرية لا تحتوي على أصوات نجدها في العربية ؛ مثل الضاد والطاء ، فوضعوا بدلاً منها الدال أو التاء ، ودرجت القراءات على هذه الصورة حتى رسخت ، وهي قد لا تكون كذلك .
وزادوا على ذلك أن افترضوا تحريكًا ، إذ المصرية كبقية العروبيات تعتمد الصوامت ، وأكثروا من الصائت (e) مساوقة للغات الأوروبية دون دليل على وجود هذه الصوت في المصرية ، فيحرِّكون (kmt) ـ وهو اسم لمصر ـ مثلاً ليقرأ (kemet) ، ولم أجد من قرأ (kamt) اتساقًا مع العربية .
والخلاصة أن علماء الغرب (أَوْرَبُوا ) اللغة المصرية وحرفوها بشكل جعلها تبدو بعيدة كل البعد عن أخواتها اللغات العروبية ، والعربية بصفة خاصة ، منفصلة عما حولها ، حتى أصبح العرب أنفسهم مقتنعين بأن هذه اللغة التي سرت تسميتها خطأً (الهيروغليفية) لا صلة لها بالعربية باعتبارها تمثِّل الحضارة الفرعونية الغربية ، ولا جدال في أن وراء هذه الاتجاه غايات استعمارية مخططة آن لنا أن ننتبه إليها وإلى خطورتها على مستقبل الوطن العربي والأمة العربية كلها .
وأذكر هنا مثلاً آخذُه عمن يُنسب له فضل فك هذه الرموز أنه تعلم العربية وأتقنها إلى جانب القبطية ؛ لكي يصل إلى فهم ألفاظ اللغة المصرية بعد قراءة رموزها ، ثمَّ تأتي الكتابات التالية لتتجاهل هذه الحقيقة تمامًا وتغفل ذكرها .. حتى يحسب المرء أن (شامبليون) كان يُوحى إليه وحيًا دون سابق علم بلغة أخرى يقارن بها اللغة المصرية ، وهذه صورة واحدة فقط من صورة التعمية وإخفاء الحقائق متعمدة ومدروسة . فماذا عن العلماء العرب ؟
لا نضيف جديدًا إذا قلنا إن الباحثين العرب لم يكونوا سوى تلاميذ للعلماء الأجانب في ميدان الدراسات المصرية ، هذه حقيقة بيِّنَةٌ بذاتها ، ومن الطبيعي أن يتبع التلميذ خُطى الأستاذ ، إلا في القليل النادر .وقد غطَّت الفكرة القائلة بانفصال الحضارة المصرية عما جاورها أغلب الدراسات والبحوث ... )) .
وبعد هذا النقل الطويل أقول : إن الموضوع لا يزال بحاجة إلى تصنيف وترتيب أكثر مما هو عليه ، لكني كما قلت لك سابقًا : إنما أردت أن يكون موضوع تصنيف الدراسات الجامعية في القرآن وعلومه مفهرسًا فهرسة موضوعية يسهل معها الوصول إلى الموضوعات ، كما أنها قد تفتح أبواب بحوث بسبب تصنيفها ، والله الموفق .
يتبع (حلقة أخرى إن شاء الله).
 
المقال الثاني : الدراسات العليا ...طالب الدراسات العليا (2)
بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ مَنْ مَنَّ الله عليه بالوصول إلى هذه المرحلة فإن المظنون به أنه مؤهَّل لخدمة هذا المستوى العلمي الذي وصل إليه ، وتَمَّ انتقاؤه من بين المتقدمين ، ففاز بالمنافسة. ومن التحق بهذه الدراسات فإنَّه يحسن به أن يتنبَّه إلى أمورٍ مهمة تتعلق بطالب الدراسات العليا ، منها :
1 ـ إنَّ طلاب الدراسات العليا على أصناف ، وهذه الأصناف تتأثرُ بما يحيط بها من أسباب التقدم لهذا القسم أو ذاك ، ويتأثر معها جديتهم في الطلب :
ـ فمنهم من مرُّوا بالمقابلة فانتُخِبوا ـ لسبب ما ـ وهم لا يصلحون لهذه المرحلة ، وهذا سيؤثّرُ على تحصيلهم ، وعلى حماس أستاذهم الذي يريد أن يفيدهم ، وهم لا استعداد لهم في ذلك السبيل ، فهمُّهم الأول قد يكون الوظيفة لا غير .
ـ وهناك بعض الطلاب الذين يُقبَلون في تخصص ما ، ولهم اعتناءٌ بتخصص آخر ، وهم لا تنقصهم الجديَّةُ في الطلب ، لكن ينقصهم الحماس لهذا التخصص الذي قُبِلوا فيه ، فتراهم قد قَبِلوا الدخول فيه بسبب إشكالية تتعلق بالتوظيف فحسب ، فتخصصهم لا يوجد فيه وظيفة ، وإنما توجد في التخصص الآخر ، ومن أجل أن لا تفرِّط الكلية بمثل هذه الطاقة العلمية تعرض عليه الدخول في تخصص آخر فيقبل ، لكن النتيجة أنه يكون محسوبًا على هذا التخصص عضوًا ، وحقيقة واقعه أن اهتماماته العلمية الأولى تجذبه وتصرفه عن التوغل والإبداع في هذا التخصص الذي ينتمي إليه أكاديميًّا . وهذا النوع ـ إن وُجِدَ العذر له ولمن قَبِلَه ـ يحسن به أن يتنبَّه إلى تخصصه ، وأن يعتني به ، ولا يُغفِله إغفالَ من لا ينتمي إليه ، حتى يغلب عليه اهتمامه العلمي الأول ؛ كالفقه والحديث واللغة وغيرها .
وليعلم أن مثله إذا برَّزَ في أكثر من علم فإنه هو المطلوب والمرغوب به ، لكن أن ينتمي إلى تخصص ، ولا يكون له أثر فيه ، فإن ذلك مما لا يحسن بأمثاله الذين يُعرفون بتميُّزهم العلمي في نوع من العلم .
ـ وهناك نوع من الطلابِ محبٌّ للعلم ، وحريصٌ عليه لكنه يرى أن قدراته البحثية لا تتناسب مع التخصص في الدراسات العليا لما يمرُّ به من أمور روتينية قد يرى فيها تعطيلاً له عن الإفادة والتحصيل ، وقد يكون الأمر كذلك ، وقد لا يكون ، بل يكون توهُّمًا أو تهرُّبًا من واقعٍ خاصٍّ به ، والذي يظهر لي أن من هذا حاله لا ينقصه سوى التنظيم ، ونحن معشر المسلمين عمومًا ـ مع أن هذا من صلب ديننا ـ نفتقد هذا الباب الذي فُتِحَ على أفراد ومؤسسات وشركات ، وصار يأتينا من الغرب ، ومصداق ذلك ما تراه من الدورات التدريبية التي يُصرفُ عليها مَبَالِغ مُبَالغٌ فيها مثل ما في العادات السبع الأكثر فاعلية في القادة ، وفي الأولويات ، وغيرها من دورات البرمجة العصبية ، وذلك حديث ليس هذا مجاله . فلو رتَّب طالب العلم وقته وحياته ونظَّمها لما حصل له مثل هذه الضغوط التي يراها قاطعة له عن العلم إن شاء الله.
ـ وهناك نوع من الطلاب ادعائي ، يتلبس لبوس طلب العلم ، وليس كذلك ، وقد يكون دخل الدراسات العليا بسببٍ آخر غير العلم ، إذ ليس ممن يجري عليه الاختيار جريًّا نظاميًّا ، وهذا الصنف من أتعب أنواع الطلاب ، وأبعدهم عن الاستفادة والتحصيل ، وتراه لا يفرح بالمعلومة ، ولا ترى للجدية عنده مكاناً ، كثير الغياب ، كثير المشكلات ، يثير زوابع من المناقشات غير الهادفة ، وقد تكون من باب (صدقك وهو كذوب). وممايؤسف عليه أن هذا الصنف على غير استعداد لكتابة رسالة علمية ، لذا تراه يرميها على غيره ، ويطلب منه أن يكتبها ، فهو غير آبهٍ بما يفعل ، ولا مقدِّر لما هو فيه من المرحلة الطلبية ، غشاشٌ بعد هذا السنِّ ، فأنى له أن يفيد أمته ، ويرفع مستواها .
وعلى كلِّ حالٍ فإن المطلوب من هؤلاء على السواء، أن تكون لهم نيَّة حسنة ، وإن تجديد النية أمر ممكن ، وليعلم أن الإنسان قد يدخل بلا نيةٍ ، فإذا بالله يمُنُّ عليه بالنية الصادقة ، فليبادر من كانت نيته غير خالصة ، وليذكر قول سفيان : ( طلبنا العلم لغير الله ، فأبى أن يكون إلا لله ) .
كما أن عليهم أن يتسموا الجديَّة في الطلب ، وعدم التكاسل في التحصيل ، والمثابرة في العمل والاجتهاد في القراءة العلمية المرتبطة بالتخصص ، والمشاركة النافعة في تقديم البحوث العلمية في الفصول التي يدرسها ، وفي النقاشات العلمية التي يُديرها أستاذه في القاعة .

2 ـ تقييد الفوائد العلمية ، وكتابة الأفكار والمشاريع العلمية للمستقبل ، وكذلك كتابة الملحوظات التي يلحظها على هذه المرحلة التي يمرُّ بها ، ليفيد من يجيء بعده ، كما يفيد من يريد تخطيط برنامج للدراسات العليا .
ولا يَقُل ـ محتقرًا شأنه : كيف أضع ملحوظات أكتب فيها ما رأيت من الإيجابيات والسلبيات ، وأذكر فيها ما أراه من مقترحات ؟!
فمن هو الذي أقدر منه بعد هذا العمر الدراسي أن يوصِّف المنهج ؟!
إن من ابتعد عن هذه المرحلة ، وانشغل بالأعمال الإدارية ، فأخذ يبتعد عن العلم بكثرة أشغاله لا يمكنه أن يكون في فهمه لحاجة هذه المرحلة كفهم من قَرُبَ منها وعَرَكَها من أساتذة الدراسات العليا وطلابها ، وهؤلاء هم أحقُّ من يقوِّم برنامج الدراسات العليا ، فإلى متى لا يُنظر لهم في هذا المجال الذي يَعْنِيهم هُمْ دون غيرهم ممن لم يمارس ما مارسوه .
وإن كان قد مارس ، فربما يكون ـ أثناء وضعه لخطة الدراسات العليا ومناهجها ـ قد بعُدت ممارسته عن هذه المرحلة ، وربما كان من أحد أصناف الطلاب الذين لا يعنيهم من هذه المرحلة سوى الحصول على الدال ، والسلام .
ومن العجيب أن يصل الأستاذ إلى مرحلة التدريس في الدراسات العليا ، ويُظَنُّ به أنه لا يستطيع رسم منهجٍ وخطةٍ لتدريس طلابه ، ولا يستطيع أن يبدع ويفيد طلابه ، ذلك أمر عجيب لا يخلو من حالين :
الأول : أن يكون الأستاذ الجامعيُّ لا يزال يحتاج إلى من يتابعه ويؤاخذه.
الثاني : ضعف تأهيل الأستاذ الجامعي ، وعدم تدريبه على قيادة هذه المرحلة.

3 ـ يعيش طلاب الدراسات العليا همَّ تسجيل موضوعٍ في أطروحتهم في المرحلتين ( الماجستير والدكتوراه ) ، وللموضوع ومشكلة قبوله ظروفٌ تخضع لأسباب ليس هذا محلُّها . لكن المراد هنا أن ينتبه الطالب أنه سيعيش مع بحثه ما لا يقل عن ثلاث سنوات ، حتى إنه سيرى بحثه يأكل معه ، وينام معه ويسير معه ، بل سيجده معه في صلاته . ذلك همٌّ لا يمكن التخلصُّ منه . فإذا كان ذلك كذلك فإني أنصح الطالب أن يتسم موضوعه بأمورٍ ، منها :
الأول : أن يكون الموضوع مما يرغبه الطالب ، ويكون بينه وبين موضوعه تناسب نفسي ؛ لأنه إن لم يكن كذلك فإنه سيزيد على نفسه همًّا فوق همِّ البحث ، وذلك عدم رغبته في الموضوع .
الثاني : أن يكون جادًّا في تحصيل الموضوع الذي يستفيد منه ، ويبني به نفسه في هذه الفترة التي سيقضيها مع بحثه ؛ إذ يمكن أن تكون هذه المرحلة مرحلة تأسيس علميٍّ له ، لكثرة ما سيطلع عليه من المعلومات والمراجع .
وإياك إياك من سماع بعض العاجزين الذين يهوِّنون عليك البحث ، ويحسبونه مجرد قصٍّ ولزق ، فإن من يصوِّر البحث بهذه الطريقة لم يستفد من بحثه ، ولم يتفاعل معه ، ولا تلذذ به ، وغالبًا ما يكون من هذا رأيه ممن ليس له همٌّ علميٌّ ، فتراه مشغولاً بغير العلم لا محالة .
الثالث : احرص على الموضوع الذي تتوقع أن تكون فوائده الجانبية كثيرة ، بحيث تستفيد من المسائل التي تطرأ لك أثناء البحث ، وهي ليست من صلبه ، وتجعلها بحوثًا للترقية ، أو للنشر عمومًا . وهذه الفائدة مما يحسن بطالب الدراسات العليا الحرص عليها ؛ لأنها من أكبر ثمار بحثه ، وهي فوائد يلقاها ملقاةً أمامه كما يلقى كنْزًا متناثرًا في طريقه ؛ لذا عليه أن يقيدها ، ويصنفها ليستفيد منها .
وفي نظري : أن من لم يستفد من بحثه إلا مسائل بحثه فقط ، فإن الأمر لا يخلو من أن يكون لعدم تنبه الباحث لهذه الفوائد ، فتضيع عليه ، أو أن البحث مما لا ثمرة فيه أكثر مما فيه.
الرابع : إياك والتكاسل أو الانقطاع عن البحث ، فإن وجدت في نفسك فتورًا عن الكتابة ، فاحمل أوراقًا مما كتبته من بحثك واقرأها ، وصحح ما يحتاج إلى تصحيح ، وقم بتعديل ما يحتاج إلى تعديل ، وبهذه الطريقة تكون متصلاً ببحثك نشيطًا له في كلِّ آنٍ .
ولا تنس نفسك من راحة واستجمام ، فأنت بحاجة لذلك ، فإذا أخذت لنفسك وقت راحة ، وسافرت ـ مثلاً ـ فتمتع بسفرك ، وانس بحثك ، فلا يشغلك في وقت راحتك ، فإنك إذا فعلت ذلك عُدت نشيطًا متلهِّفًا له ، أما إذا حملته معك وقت سفرك ، فإنك لن تستطيع النظر فيه ، وسيكون عبؤه النفسي عليك ثقيلاً ، وسيقع في نفسك أنك لم تنجز في فترة راحتك شيئًا في هذا البحث ، فتتحسر فيما لا يحتاج إلى تحسُّر.
الخامس : من المهم جدًّا أن لا تتأخر في كتابة البحث ، ولو كانت المعلومات ناقصة ، فإنها ستزداد شيئًا فشيئًا ، ويمكنك آنذاك أن تعدل وتضيف. أما إذا لم تمارس الكتابة فإنك ستشعر بأنك لم تبحث ، بل قد يصل الحدُّ بك أن تحسَّ بأنك غير قادر على البحث ، وتلك مرحلة مررتُ بها ، فأرشدني فيها المشرف جزاه الله خيرًا إلى هذا ، فوجدتُّ غِبَّ ذلك حُسنًا وسلامة ، وعلمت أن البحث الحقيقيَّ يبدأ بالكتابة ، أما القراءة وجمع المعلومات فلا تعدو ـ مع أهميتها ـ أن تكون مرحلة أولية ، والمعلومات ستظهر لك وتتجدد ، ولو كنت في آخر الوقت من بحثك ، فاستعن بالله ولا تتأخر .
وأخيرًا ، فأسأل الله أن يعينني وإياكم على حسن العمل ، وأن يجعل ما نقدمه ـ معشر الكتاب ـ في هذه الشبكة خالصًا لوجهه الكريم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر بداية أخي الدكتور مساعد على هذا الطرح الرائع للموضوع والمداخلات التي اتحفنا بها، وأعرب عن بالغ سروري بالمشاركات التي اسهم بها ثلة من الفضلاء، وأعرب عن أسفي البالغ للتأخر في الاطلاع على هذه الزاوية، ولعلي أكون ممن لحق بالركب وأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه نفع للمسلمين، هذا الوضوع حقيقة من الموضوعات التي كانت وما زالت تشغلني ، ولعلي حينما قمت بجمع الرسائل العلمية في ميدان الدراسات القرآنية - كما يعلم بعض الاخوة- لم يكن في بالي إلا النهوض بالمستوى العلمي الذي ينبغي ترتقي إليه الدراسات القرآنية، وربما موضوع ورقة المؤتمر التي قدمتها قبل شهرين تقريبا ( لمؤتمر التطورات الحديثة في دراسة القرآن) والذي انعقد في لبنان، وكان عنوانها: تطور البحث العلمي في العصر الحديث من خلال الرسائل الجامعية الدراسات القرآنية نموذجا) يكشف عن بعض الهم الذي ظل يساورني في هذا الميدان، ولعلي اتمكن من تزويد أفضالكم بهذه الورقة طمعا في كسب ملحوظاتكم نحو ما قدم فيها، وأيا ما كان الأمر فإنني سأقدم لكم ملخصها في الآتي:
تقدم هذه الورقة تصورا واضحا للدور الذي تلعبه الرسائل الجامعية في قضايا البحث العلمي، حيث تتخذ من ميدان الدراسات القرآنية نموذجا للدراسة ، فهي تبين بداية أهمية أبحاث هذا النوع والقيمة العلمية لها، والمكانة التي تتخذها أبحاث هذا النوع، كما تسلط الضوء على المعوقات التي تواجه البحث العلمي، وتكشف عن حجم العلاقة بين البحث العلمي وبين الرسائل الجامعية،
كما تقدم الورقة تفسيرا علميا واضحا لأسباب الضعف الذي أدى إلى تدني المستوى العلمي للرسائل التي تنتجها الجامعات، وتوضح أسباب هذه المحنة، ثم تبين كيفية التغلب عليها.
ويمثل القسم الثاني من الدراسة توضيحا عمليا للنسب التي تنتجها الجامعات من الرسائل العلمية ومدى مقاربة العناوين للمضامين، كما تعطي تصورا واضحا وترسم صورة إجمالية لهذا النتاج ضمن خريطة ترسم الخطوط العامة للجامعات، وتكشف عما إذا كانت الجامعات تسير وفق خطط مدروسة أم هي العشوائية التي أفضت إلى محنة في البحث العلمي، وتقدم الدراسة أخيرا مقترحات تعين في الخروج من أزمة البحث العلمي التي تنتج عن هذا الموروث بدلا من إثرائه.
كما أود أن أشير إلى أ، كثيرا مما تمناه الأساتذة معمول به عندنا في جامعة اليرموك، وهو بفضل الله تعالى يحقق تجديدا واضحا في الدراسات العليا، من ذلك مثلا ان الطالب بعد تقديم خطته يدعى لسيمينار يحضره اساتذة الاختصاص ويناقش الطالب فيما كتب في خطته، وبعدها يلزم بتعديل الخطة وفق ما اشيرعليه، وكم من الفوائد العلمية اكتسبها طلبة الدراسات العليا من حضورهم مثل هذه المجالس كما ان الدعوة عامة والحضور مفتوح حتى لطلبة البكالوريوس وكثيرا ما يستفيد عموم الطلبة من هذه المجالس العلمية، ومن ذلك:
المواد التي يدرسها الطالب، فمن ذلك غير الذي أشار إليه الاخوة، وبعضه كان قد ورد مقترحا في مشاركات بعض الاساتذة الكرام:
مادة المشكل حيث تدرس في مساق متكامل وتفتح آفاقا بعيدة للطلبة
ومنها مادة اتجاهات حديثة في التفسير، ومنها مادة التجديد والدراسات المعاصرة في التفسير ومناهجه
كما اود إعلامكم بأن مجلس الجامعة عندنا بصدد إقرار قانون لا يسمح بتخرج طالب الدراسات العليا إلا بعد أن يكون قد نشر بحثا في مجلة محمكة هذا بالنسبة لطالب الماجستير أما طالب الدكتوراة فيلزم بأن يكون له بحثان ويصح ان يكون احدهما مقتطع من رسالة الماجستير، وذلك بغرض التدرب على البحث
وحتى لا أطيل على الإخوة - وقد فعلت- فإني أشفع مداخلتي هذه ببعض المقترحات للنهوض بهذا الجانب مبتدئا بذكر بعض المصاعب:
أولها: انعدام روح التنسيق بين جامعات البلد الواحد فضلا عن التنسيق بين الجامعات في بلدان اخرى
فلو اراد احدنا الحصول على ملخص رسالة فانه ربما يقضي ما يزيد على الشهرين للحصول عليه وبعد مروره بامور رسمية كثيرة من واقع الحجر على هذه الرسائل
ثانيها: عدم تفرغ طالب العلم للدراسة حيث المعروف ان اغلب الملتحين ببرامج الدراسات العليا إما موظفون يأتون بعد فراغهم من دوامهم الشاق والطويل أو مشغولون بكيفية التوفيق بين هم طلب العيش وجمع رسوم الدراسة وتكاليفها، وهذا -كما لا يخفى - لا يوفر الجو العلمي الذي ننتظره منه،و بعد الفراغ من المواد يلاحقه هم الالتحاق بالوقت فهو يريد الانتهاء باي صورة، وينعكس همه على الكتابة، ويخرج نتاجه مسلوقا بصورة منعت الاخرين من الورود على الموضوع، وفي الوقت ذاته لم يف الموضوع حقه.
ومما اقترحه في هذا الموضوع:
1- ان يقدم الطالب بحثا في الموضوع الذي يريد الكتابة فيه، بمعنى أن ينظر في شروط القبول بحيث يكون ضمن الشروط تقديم مخطط لبحث الدكتوراة، ويسير الموضوع معه طيلة فترة الدراسة ويقدمه بحثا في احدى مواد الدراسة، فهو حقا السبيل الحقيقي لجعله يقتنع تماما بجدية السير بالموضوع، وهذا فعلا ما فعلته -بعد فضل الله علي - في مرحلة الدكتوراة، ولا غرابة فبعض الجامعات تقترح للقبول في برنامج الدكتوراة تقديم خطة.
2- اقترح ( وهذا يخص مدرس هذه المرحلة) أن يجعل المدرس مادته ورشة عمل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فيكون لدى المدرس من التفكير في المشاريع المتكاملة والتي تحتاج إلى جهود الطلبة بحيث يعودون إلى اكبر قدر من الكتب ويجمعون من موارد كتب التفسير، ولعلي اضرب لذلك مثلا يمكن ان يكون نموذجا لغيره
فمثلا إذا كنت ادرس مادة مشكل القرآن:
اختار آية من القرآن التي أثير حولها كثير من لمسائل ولم يستقر الرأي فيها، وأطلب من الطالب جمع أقوال المفسرين قديما وحديثا حولها، ثم يعمل على جمع هذه الأقوال وتصنيفها ثم فرزها، ثم الوقوف على طريقة ومنهجية كل مفسر في التعامل مع هذه الإشكالية ، ثم رصد التطور في مفهوم الآية ، وبيان
دور المذهبيات ، والزمان ، واتساع العلوم في تطور الفهم نحو هذه الاية فاكون حينها قد جمعت بين أكثر من فائدة
والله تعالى أعلم
وبارك الله فيكم
 
جزى الله الدكتور مساعد وكل المشاركين من قبلي خير الجزاء وأضيف ـ في هذا الموضوع الذي يثير شجوني ـ قائلا :
إن الموضوع يجب دراسته من الجذور ولو من قريب جذوره "مرحلة البكارليوس" مثلا
فالتدريس بصورته التلقينية هذه لا يفيد نفعا " فطريقة ابتلع ما يأتي" لا تصلح إلا في وصفة الأطباء فحسب ، وللأسف هي طريقتنا الآن في جامعاتنا ، وكم حاولتُ استنطاق تلاميذي لمجرد الإجابة عليّ بالفهم من عدمه فلا أجد جوابا ، الطالب يستحيي أن يجيب بنعم أو لا على استاذه ؛ لأنه ما تعلم أن يتكلم أصلا في الفصل الدراسي أو يبدي رأيا والمرء يشيب على ما شب عليه ، هذه واحدة .
أما الثانية : فمن المعلوم أن البحوث التي تجود بها قرائح الأساتذة ليست كلها مما يصلح للدرس في قاعات الجامعة ، ولكن منها ما هو جدير بالدرس والتعميم والطبع فلماذا لا ينتخب وينتقي مجلس الأقسام من ثمرات بحوث أعضاء هيئة التدريس ما ينع ونضج واجمعت الآراء على نفعه دون أدنى مجاملة؟ !!
إنني أعرف كتبا فيها صريح الخطأ والزيف والانحراف ولكن تدرس على الطلاب لأن كاتبها "فلان"
ثالثا: إن جامعة الأزهر لها دور هام في مجال الدراسات العليا أوجزه فيما يلى:
1ـ يدرس الطالب في قسم التفسير مثلا ما يتعلق بالتفسير التحليلي والموضوعي وعلوم القرآن والدخيل ومناهج المفسرين بتوسع وجمع بين التراث والمعاصرة وتحاور فكري شيق ممتع ومتعب ـ في نفس الوقت ـ مع الأساتذة الحاصلين على درجة أستاذ فحسب ، يتم الامتحان في السنة الأولى ثم الثانية تحريريا ،ويمتحن شفهيا في مواد معينة كالقرآن والتفسير وعلوم القرآن ليعرف ما تحت لسان الطالب من علم ومطابقته بالتحريري ويمتحن في القرآن الكريم كاملا قبل مناقشة الماجستير والدكتوراه شفهيا وتحريريا ثم تنتهي الاختبارات نهائيا من حياته، وبذا يعدّ الطالب لإنجاز بحث الماجستير الذي يختار موضوعه بعد مناقشة لخطته بمجلس القسم ثم أعضاء المجلس العلمي للكلية والكل يمحو ويثبت إثراء لخطة البحث وخدمة الطالب ، ثم بعد الموافقة يجوب الطالب جامعات مصر المناظرة من الاسكندرية وحتى أسوان معاينا بنفسه أن موضوعه لم يطرق بعد .
ثم تكتب هذه العباره الهادفة في نهاية كل خطة بحثية " و الخطة قابلة للتغيير حسب متطلبات البحث"

وهذا المنهج الذي اختطه أساتذتنا يقوم على صقل الطالب بمحاورته ومناقشته وربطه بالتراث والمعاصرة
والذي أرجوه في مسيرتنا العلمية أن نتعامل مع الموضوعات العلمية بروح الفريق فلو أننا نظرنا إلى التقدم في البحوث العلمية الطبية مثلا لوجدنا أن سببا رئيسا من أسباب تقدمها كون القائم على إنجازكل بحث من هذه البحوث فريق من المتخصصين وليس باحثا واحدا فحسب ، فماذا لو اشترك جمع من الباحثين في موضوع وأخذ كل باحث عدة نقاط ، والآخر مثله ثم قرأ الكل للكل ونقد الجميع للجميع نقدا بناء ، فهل القاريء معي في أن حياتنا البحثية ستتقدم تقدما مشرقا يسر المخلصين.
وأحب أن أقدم تجربتي الخاصة من مرحلة الدراسات العليا وحتى الحصول على درجة أستاذ والتي تتلخص في:
عمل جلسة علمية أسبوعية لكل أبناء قريتى المنتسبين للجامعة من أول مرحلة الدراسات العليا وحتى آخر الدرجات الجامعية المتاحة لدينا في المجموعة ، تقوم هذه الجلسة علي خطة منهجية نقرأ خلالها بعض الكتب في كافة الفنون المعرفية مجدولين ذلك ، ثم نجعل وقتا معينا للمستجدات ومنها البحثية ، ومن حق الأحبة في ملتقانا أن يصدقوني أن هذه الجلسة المباركة أنتجت ـ بفضل الله ـ لديّ كعضو فيها موضوع الماجستير والدكتوراه وثلاثة عشر بحثا حتي الآن ، ألستم معي في أن هذه الجلسات العلمية المجدولة بركة ما بعدها بركة على أهل العلم قاطبة لو التزموها ، وفرغوا لها من أوقاتهم جزءا.
وفي النهاية أحب أن أقول : إن لم يُربط النتاج العلمي بمصدر تمويل ينشره ويتبناه، ولو قياسا على كرة القدم فلن تفلح محاولاتنا فنحن في ظل الوضع الراهن كمن " يلد للموت ونبني للخراب "
فمن لي بدارنشر تنشر لي وتتعامل معي ومع أمثالي بما يرضى الله تعالى ؟؟؟!!
 
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .
الأخ الفاضل : الأستاذ الدكتور مساعد الطيار ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد، فإني أقدر فيكم غيرتكم على الدراسات الشرعية عامة و القرآنية خاصة . وما أثرتموه حديث ذو شجون ، ويحتاج منا ـ أقصد الأساتذة الباحثين ـ إلى صدق و إخلاص وتجرد للحق و الحقيقة .
وحتى نوفق في مقاربة هذا الموضوع الهام و الخطير لانعكاساته على واقع الأمة سلبا أو إيجابا بحسب وضعيته .فإني أرى أن تكون المناقشة ذات بعد شمولي .
1- مشكل إصلاح التعليم مشكل هيكلي ، فلا يمكن الحديث عن إصلاح التعليم العالي بمعزل عن المستويات الأخرى .
2- لا بد من توفر إرادة سياسية ، بحيث تصبح لدى مسؤولينا قناعة " التعليم قاطرة التنمية ، و البحث العلمي ركيزة أي نهضة حقيقية "، وذلك حتى ينهض الجميع لدعم هذا المشروع باعتبارها استثمارا في رأسمالنا البشري .
3-لا بد من القيام بنقد موضوعي لواقع تعليمنا الحالي .
4- لا بد لأساتذتنا المحترمين من وقفة مع الذات ، نتبين من خلالها عوامل النجاح و الإخفاق ، باعتبار الأستاذ الباحث مكونا أساسا من مكونات المجتمع الجامعي.
5- اقتراح البدائل .
وسنعمل ـ إن شاء الله تعالى ـ على نشر التجربة المغربية في إصلاح التعليم العالي .
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
 
أشكر للإخوة الكرام المرور على هذا الموضوع ، وأتمنى أن يشارك الإخوة في الدول العربية والإسلامية في إثراء الموضوع ، واتمنتى أن يفيدنا الدكتور أحمد بزوي الضاوي بالتجربة المغربية في إصلاح التعليم العالي .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا الموضوع مهم ، ويشكر الدكتور مساعد الطيار على طرحه .

من الملاحظات التي لاحظتها على الكتاب في هذا الموضوع الإطالة التامة في الطرح ، مع أن المسارات قد حددت في البداية .

أرجو أن يقبل اقتراحي وهو (( الاختصار في طرح الفكرة )) ووضعها في مسارها المحدد لها في البداية .

لي عودة إن شاء الله حول هذا الموضوع ؛ لأنه ملك لكل طالب دراسات عليا ، وإن اختلفت التخصصات .
 
ـ ما يتعلق بقبول طلاب الدراسات العليا

تهتم الأقسام العلمية بتطبيق النظام في القبول ، وهذا جيد ، ولذلك يمنع الطالب الذي حصل على تقدير : جيد في المرحلة الجامعية وهذه لا تعني ضعف الطالب علميا بقدر ما تكون عقبة في طريق موالة البحث العلمي .


الحل : يجعل الرأي الأول والأخير لأعضاء المقابلة في اختيار الباحث الجيد ، أو تلغى المقابلة الشخصية ، ويكون القبول حسب المعدل ، وتوفر المقاعد .


قد يختلف معي ، لكني أريد المصلحة فقط .

شكرا للجميع .
 
السلام عليكم هذه بعض المقالات وجدتها في محيطات النت ، وهي عناوين فقط ، فأرجو ممن تكون عنده أن يتحفنا بخلاصاتها لأنها تمس جانب الدراسات العليا ، هي :

الجامعات العراقية بين التخصص والشمول ( الجمهورية , العدد 7128 , الجمعة 24-3-1989, ص3 شؤون سياسية و فكرية ).


الامتحان الشامل لطلبة الدكتوراه ( الجامعة , العدد 22,الأربعاء 7-6-1989 , الجامعة الأدبية والفنية , ص7 ).


رأي حول إصلاح التعليم العالي في العراق ( الجامعة , العدد 25 , الأربعاء 28-6-1989, ص3- الحياة الجامعية ).


مشاكل ما بعد التعليم العالي – لمناسبة ندوة إصلاح التعليم العالي ( الجامعة , العدد 25 الأربعاء 28-6-1989, ص4 و المنبر الجامعي ).

الطلبة الأوائل في الدراسات العليا ( الجمهورية , العدد 7230 , الثلاثاء 4-7-1989 ص5-جامعات ).


مجلس الأساتذة ومشكلة الترقيات العلمية (الجامعة , العدد 40 , 18-10-1989 ص5-المنبر الجامعي ).

مجلس الأساتذة ومواصفات البحث الأصيل ( الجامعة, العدد45 , الأ ربعاء 22-11-1989,ص5 – المنبر الحر).

و "ضرس" طلبة الدكتوراه ( الجمهورية , العدد 7611 , الثلاثاء 24-7-1990 , ص4-جامعات ).

وهذه المقالات للدكتور : عبد الحسين زيني .


شكرا للجميع
 
بارك الله فيكم فضيلة الدكتور القدير مساعد على هذا الموضوع القيّم المبارك،
فقد استفدتُ منه استفادة عظيمة لا سيما وأني مقبل على اختيار الموضوع عما قريب..

لكم جميعاً جزيل الشكر وعاطر الثناء، والدعاء الصادق بأن يجعلكم الله مباركين أينما كنتم،
والشكر موصول لأصحاب الفضيلة والإخوة الكرام الذين أكرمونا ببديع أحرفهم ومكنوز معارفهم..

بارك الله في الجميع وجزاكم الله خيراً،
محبكم الداعي لكم بالخير دوماً..
 
[align=justify]هل من الممكن الإفادة من الاختبار الشامل بشكل جيد؛ بحيث توضع له آلية مناسبة، ويكون هناك تنسيق بين الجامعات للنظر في تجربة كل قسم، واختيار الأنسب من الطرائق المختلفة لهذا الاختبار.؟؟[/align]
 
هذا مقال بعنوان :
الدراسات العليا في الجامعات السعودية بين مطرقة سد الحاجة وسندان الجودة والتميز (1 - 3)
د. زايد بن عجير الحارثي
تعيش المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة ثورة الافتتاح والتأسيس لجامعات وكليات في أرجاء شتى مختلفة من البلاد حتى وصل عدد الجامعات الحكومية في هذا العام إلى إحدى وعشرين جامعة حكومية وحوالي ثماني جامعات خاصة بالإضافة إلى عشرات الكليات التقنية والصحية المختلفة، ...

... وهذه الثورة والزخم في هذا العدد من الجامعات والكليات هي ثورة صحية وتدل على اهتمام بقيمة التعليم العالي في تقدم الأمة وتطورها من قبل القيادة الرشيد؛ بل وزيادة على ذلك فإن الدعم المادي اللا محدود في ميزانيات الجامعات والكليات وفي بناها التحتية والفوقية أصبح واضحاً ومدركاً من الجميع.

وإذا أردنا أن نقارن نفسنا بالعالم المتقدم - ونحن في سباق لتحقيق أمنياتنا وطموحاتنا لنكون مع العالم الأول - فإننا نجد مثلاً أمريكا هي رأس وعنوان التقدم العلمي وبالذات في التعليم العالي؛ لديها ما يزيد عن ألف جامعة بمعدل أربع جامعات لكل مليون نسمة، بل المعدل وهذا المعدل يقل في كثير من الدول ولكن معظم الدول المتقدمة لديها معدل يساوي جامعة واحدة لكل مليون نسمة على الأقل.

وبناءً على افتتاح هذه الجامعات الجديدة في بلادنا - وأرى أننا لا نزال بحاجة إلى المزيد - أصبحت الآن الحاجة ماسة على الأقل في السنوات العشر القادمة إلى آلاف الكوادر من أعضاء هيئة التدريس ليغطوا الحاجة ويسدوا النقص في الجامعات وبخاصة الجامعات الحديثة مضافاً إلى ذلك نقص المدد من وظائف المعيدين والمحاضرين الذين هم الرافد الأساسي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات.

وليتم نجاح كل هذه الرعاية والدعم في تحقيق الأهداف من التعليم العالي ومخرجاته لا بد من توفر وتحقق بعض الشروط الأساسية في عناصر وأركان التعليم الجامعي. ومن أهم هذه الأركان في هذه المنظومة تغذية وتوفير الكوادر التعليمية والأكاديمية المؤهلة والناضجة والمسؤولة للتدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع، وبمعنى أكثر دقة كيف نسد العجز ونغطي الحاجة من الأساتذة، وهل الموجودون معدون إعداداً مناسباً وكفوءاً؟ وهل هناك برامج محلية أو خارجية لضخ الأساتذة وإمداد الجامعات بالحاجة؟ وما نوعية هذه البرامج؟ وما مستوى المخرجات من هذه البرامج؟

إن الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها تتطلب التركيز على ركن من أهم أركان العملية التعليمية والمنظومة الجامعية الأساسية وهل (الدراسات العليا) (graduate studies) والحديث عن هذا الموضوع حديث ذو شجون وشئون؛ ذلك أن مرحلة الدراسات العليا هي قمة الهرم في التعليم، وهي المرحلة التي تؤهل الكوادر التي تقوم على تدريس طلاب الجامعات في كافة المستويات والتخصصات، وفي هذه المرحلة التأهيل لا يقتصر على التأهيل العلمي وحسب، بل التأهيل النفسي والروحي وبناء الشخصية بكل أبعادها وتكاملها. ومتى كان البناء والإعداد سليماً في هذه المرحلة كانت المخرجات سليمة، ومتى اختل أو نقص أو فسد البناء في هذه المرحلة، أصبحت المخرجات غثّة وفاسدة وغير مؤهلة لتحمّل المسئولية وبناء وتنمية البلد والمجتمع.

إن مرحلة الدراسات العليا إما أن تكون داخل البلد وهذا هو الأصل، حيث يجب أن يكون المصنع والمطبخ هو في ذات البلد باعتبار ذلك مؤشراً على الاكتفاء الذاتي كما هو الحال في الولايات المتحدة والدول المتقدمة التي نعتبرها قدوة ومقياساً وإليها ترنو وترسل البعثات والدورات من كل الأجناس والدول، وإليها تتوق أفئدة الشباب والمبتكرين والأجيال. ولكننا في دولنا التي تحبو وما تسمى بالنامية لا يزال المشوار طويلاً وطويلاً جداً للاعتماد الذاتي في تخريج الكوادر المؤهلة الكافية لسد الحاجات للتعليم العالي بأكمله. وفي هذا السياق وبخاصة للدراسات العليا- فإن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث وبالذات للدراسات العليا هو في نظري سياسة حكيمة وبعيدة النظر وستؤتي ثمارها في القريب بإذن الله.

وإذا أردنا طرح الصورة أو الموضوع الرئيس بأبعاده المختلفة حتى ننطلق منه إلى تشخيص الواقع ومن ثم تفسيره وتقديم المقترحات المناسبة بخصوصه فعلينا إذن أن نبدأ من طرح هذا السؤال: لماذا الاهتمام والرغبة في تسليط الأضواء على هذا الموضوع الذي أرى أنه يستحق أن نتوقف عنده كثيراً من لدن وزارة التعليم العالي وعلى وجه الخصوص الجامعات بالدرجة الأولى مدراء وعمداء ورؤساء أقسام والمستفيدين من منتجات ومخرجات الدراسات العليا (طلاباً وأولياء أمور وأصحاب اختصاص وأصحاب القرارات والمخططين وسواهم).

إن جامعاتنا التي يمكن أن أصنفها إلى ثلاثة مستويات:

1) المستوى الأول: وهي تلك التي تجاوز تاريخها خمسة وعشرين عاماً عاماً، واكتملت لديها البُنى التحتية تقريباً وهي ثماني جامعات.

2) المستوى الثاني: وهي تلك التي تفرّعت وانبثقت من رحم جامعات المستوى الأول وأصبح عمرها يتجاوز العشرة الأعوام. وتقريباً في طريقها إلى اكتمال البنى التحتية وهي ست جامعات.

3) المستوى الثالث: وهي تلك الجامعات الناشئة حديثاً ولم يتجاوز تاريخها العشر السنوات ولا تزال في طور تشكيل البنى التحتية وهي بقية الجامعات التي لا تدخل في المستوى الثاني ويضاف إليها الجامعات الخاصة.

إن تلك الجامعات وبالذات في المستويين الثاني والثالث وهي الأكثرية لا تزال تزخر بأعداد هائلة من المتعاقدين الذين يشكّل كثير منهم بكل أسف عبئاً على التعليم الجامعي وقد جيء بالكثير منهم لضرورات الحاجة واستمرارية العمل، ومن هنا تتعالى الأصوات لسد الحاجة من أبناء الوطن في التدريس في التعليم الجامعي وخاصة لما نعلم أن هناك العديد من المتعاقدين الذين يعملون في كليات أو جامعات وبخاصة تلك الناشئة وهم لا يحملون إلا درجة البكالوريوس وكثير منهم الماجستير والدكتوراه هذا من حيث العدد!! أما من ناحية النوعية والكفاءة فهذا شأن آخر يخرج عن إطار أو الكتابة في هذا المجال ولكن المتعارف عليه أن بعضها نوعيات غير مؤهلة وغير جديرة بالتدريس بالجامعات.

ويجب أن أقر بحقيقة الآن وهي أنه يجب أن لا يختلف أحد على أن مطلب سد الحاجة هو مطلب وطني مشروع وملح لجامعات طموحها كبير وبلدها جدير.

ولكي نحصر القضايا الرئيسية التي أرى من خبرتي كأستاذ ومشرف للدراسات العليا في عدة أقسام أو مناقش ومشرف لرسائل في عدة كليات وجامعات مختلفة أنها تنحصر فيما يلي:

1) قضية القبول في الدراسات العليا والمواصفات والشروط والإجراءات.

2) قضية التدريس في الدراسات العليا.

3) قضية الإشراف.

4) قضية المناقشة وتوابعها.

5) قضية مخرجات الدراسات العليا:

أ . المهارات المكتسبة لطلاب الدراسات العليا.

ب . الرسائل وأهميتها للباحثين وللعلم والوطن.

ولعل من المناسب التقديم لتعريف الدراسات العليا وطبيعتها وأهدافها قبل الخوض في تفاصيل العناوين السابقة.

فيذكر الأستاذ الدكتور عدي الخفاف من جامعة الكوفة في العراق في ورقة قدمت في المؤتمر السادس لعمداء كليات الآداب في اتحاد الجامعات العربية الذي انعقد في طرابلس بلبنان في نيسان 21-22-2007م بعنوان (الرسائل العلمية ترف أم حل للمشكلات؟) بأن الدراسات العليا معروفة كوسيلة لبلوغ ناحية العلم منذ عهد ليس بالقريب، فقد عرف عصر الإغريق مدارس سقراط وأفلاطون، وأرسطو التي تتلمذ فيها العديد من رواد الفكر والمعرفة. ويواصل الأستاذ الدكتور الخفاف النظرة التاريخية في العصر الإسلامي للدراسات العليا ويرى أن مراحلها كانت كالآتي:

- مرحلة الكتاتيب: وهي ما يشبه مدراس التعليم الأساسي: حيث التلقين والتربية ومن تستهويه صنعة العلم وينتقل إلى حلقات الدرس أمام العلماء المبتدئون فيتلقى على أيدهم مبادئ المعرفة، ومن يرغب في مواصلة الدراسة فيطلب منه أن يتقن اللغة العربية تحدثاً وقراءة وكتابة، فمن لا يقدر أن يتمكّن من اللغة لا يقدر على الفهم ومواصلة البحث، وإذا رغب الطالب مواصلة دراسته فينتقل من دراسة المقدمات إلى حلقات الاجتهاد وهي حلقات الدرس المعمّقة أمام العلماء والأئمة، وكأنه بذلك انتقل من مستوى الدراسة الجامعية الأولية إلى مستوى الدراسات العليا.. وهكذا يدخل ضمن هذه المراحل وبالذات في أواخرها الترجمات ونقل المعارف من عربي إلى أعجمي والعكس، كما برهن على ذلك العديد من الرواد والعلماء المسلمين الأوائل الذين كانت تدرس كتبهم في العديد من الجامعات الأوربية إلى عهد قريب ككتاب الطب لابن سينا الذي كان يدرس في الجامعات الأوروبية إلى وقت قريب.

ويكمل الدكتور الخفاف بهذه الخاتمة الهامة والمعبّرة على أن الجامعات الأوربية الأولى مثل كامبردج واكسفورد ومومبليه وروما استفادت من تقاليد المستنصرية والأزهر ومدرس القرويين والزيتونة وغيرها.. وهكذا نجد أن دراسات الاجتهاد (الدراسات العليا) هي الآليات التي أفرزت مجتمع العلماء والمفكرين وهي الأساس التاريخي في تطوير العلم وهي إلى اليوم تحمل هذا المدلول التاريخي.

إن طبيعة الدراسات العليا تعني الانتقال من التلقي إلى العطاء ومن الحصول على المعرفة والعلوم الجاهزة إلى المساهمة في تأسيس العلم، بل هي بوابة للدخول إلى مجتمع العلماء الذين ينظّرون ويؤسسون لنظريات وبنظرياتهم يتم بناء المعرفة العلمية التي تسهم في خدمة المجتمع وتطوير الشعوب والدول.

وإن خدمة المجتمع بمفهومها الواسع تشمل حلولاً علمية لمشكلات كثيرة اجتماعية واقتصادية وصحية ونفسية وتربوية وغيرها وتفاصيلها معروفة للمنظرين والذين هم في الميدان.

وإذا أردنا الآن الدخول في موضوعنا الرئيسي الخاص بالدراسات العليا في جامعاتنا فأود أن أقرر أن ما يتعلق بالإحصاءات المتاحة والمتوفرة لأعداد المسجلين في الدراسات العليا في الجامعات السعودية، فبكل أسف ليست متاحة لدى الكاتب وقد لا تكون متاحة بشكل إجمالي وموحّد لدى الجهات المختصة المركزية وإنما تتاح لدى كل جهة مسئولة عن الدراسات العليا بشكل مستقل- كما هو العادة في مصادر المعارف والمعلومات لدى المكتبات والأبحاث والرسائل العلمية المختلفة. ولعل هذه الفجوة أو غياب مثل هذه المعلومة تعد أحد أسباب الإخفاق في الحكم والتقويم لدى أصحاب القرار أو الباحثين في تحديد الحاجة للأعداد الذين تحتاجهم البلد من خريجي الدراسات العليا والتخصصات المطلوبة - ولنا في هذه المسألة تعريج واقتراح في نهاية هذه السلسلة.

والآن دعنى أيها القارئ الكريم أن أبدأ أولى القضايا الرئيسية بقضية القبول في الدراسات العليا أي (شروط القبول والمواصفات والأعداد المطلوبة)، وفي هذا السياق يجب أن نعلم أن هناك شروطاً للقبول في الدراسات العليا محددة بأحكام اللوائح التي صدرت بقرار رقم 3- 6-1417 في 26-8-1417هـ وتم العمل بها في عام 1419هـ، وقبل الحديث عن شروط القبول وأحكامه لا بد من معرفة أهداف الدراسات العليا في الجامعات السعودية، وقد نصت المادة الأولى من الباب الأول لأهداف الدراسات العليا على ما يلي: (تهدف الدراسات العليا إلى تحقيق الأغراض الآتية:

1) العناية بالدراسات الإسلامية والعربية والتوسع في بحوثها والعمل على نشرها.

2) الإسهام في إثراء المعرفة الإنسانية بكافة فروعها عن طريق الدراسات المتخصصة والبحث الجاد للوصول إلى إضافات علمية وتطبيقية مبتكرة والكشف عن حقائق جديدة.

3) تمكين الطلاب المتميزين من حملة الشهادات الجامعية من مواصلة دراساتهم العليا محلياً.

4) إعداد الكفايات العلمية والمهنية المتخصصة وتأهيلهم تأهيلاً عالياً في مجالات المعرفة المختلفة.

5) تشجيع الكفايات العلمية على مسايرة التقدم السريع للعلم والتقنية ودفعهم إلى الإبداع والابتكار وتطوير البحث العلمي وتوجيهه لمعالجة قضايا المجتمع السعودي.

6) الإسهام في تحسين مستوى برامج المرحلة الجامعية للتفاعل معه برامج الدراسات العليا.

وللحديث الآن عن أهداف الدراسات العليا بحسب ما نصت عليه اللوائح المشار إليها أعلاه فإننا نجد بنظرة شكلية أنها تسهم في تحقيق الاختيار الأفضل للطلاب الذين يحققون بحق أهداف الدراسات العليا وبخاصة ما نصت عليه المادة الثالثة أعلاه وهي تمكين الطلاب المتميزين من حملة الشهادات الجامعية من مواصلة دراساتهم العليا وإن كان هناك ملاحظة على أحد الشروط وهو (التقدير) فقد حددت المادة الخاصة بالشروط أن يكون الحد الأدنى للقبول لا يقل عن تقدير جيد جداً وفي نظري ومن خبرتي الخاصة فإن هذا الشرط شرط جامد ولا يعكس بالضرورة تميز أو تفوق أو تأهيل الطالب للتقدم في الدراسات العليا كما أن من يقل عن هذا التقدير ليس بالضرورة هو الأسوأ أو غير مؤهل للدراسات العليا، فإنني أعرف العديد من الحالات التي تخرّجت بتقدير جيد أو حتى مقبول من بعض الجامعات أو الأقسام وهي حالات مؤهلة وجديرة وقادرة على مواصلة الدراسات العليا ولكن الظروف الشخصية أو الاستثنائية بالقسم أو الكلية تحول دون ترجمة مستوى الطالب بالدرجات والعكس صحيح وإن بعض الأقسام أو الكليات تتسم علامات الطلاب فيها بالتضخم Grade-Inflation مما ينتج عنه درجات عالية للطلاب بصفة عامة لا تعكس حقيقة مستواهم العلمي. كما أن بعض الأقسام أو الكليات تقسم الدرجات للطلاب فيها بالتعسف والجور- Deflation Grade - وهو لا يعكس مستوى الطلاب مما يحرمهم فرصة المواصلة للدراسات العليا. وفي ضوء هذه الخلل أو الفجوة في اللائحة فإن أنسب أسلوب يجب الاعتماد عليه هو وضع اختبار قدرات معيارية مقننة لطلاب الدراسات العليا بحيث يكون هو المحك الرئيسي للقبول على غرار ذلك الذي يتم في الجامعات المتقدمة مثل اختبارات ال(G R E) وغيرها بالإضافة إلى التمكّن من مهارة اللغات وعلى الأخص مهارتا اللغة العربية واللغة الإنجليزية وهو ما يحتاجه طالب الدراسات العليا، بل في نظري أن هذا النوع من الاختبارات يجب أن تتم على مستوى الجامعات والسياسات العليا في لوائح الدراسات العليا الموحّدة وهذا أولى من اختبارات القدرات التي تتم بعد الثانوية العامة حالياً والذي أظن أن الحاجة أصبحت الآن ماسة لإعادة النظر في أهميتها، بل الحاجة أمس إلى إلغائها بالنظر إلى التوسع في الجامعات مع تحسين اختبارات الثانوية العامة. ويكون التوظيف الفعلي لاختبارات القدرات فيما بعد المرحلة الجامعية لاختيار ذوي القدرات العالية والمميزة للدراسات العليا مع الحاجة لبعض الاختبارات الخاصة ببعض الكليات والأقسام مثل المقابلات المقننة.

الدراسات العليا في الجامعات السعودية بين مطرقة سد الحاجة وسندان الجودة والتميز 1

الدراسات العليا في الجامعات السعودية بين مطرقة سد الحاجة وسندان الجودة والتميز (2-3)
إن وضع معايير مقننة لاختيار طلاب الدراسات العليا (بدلاً من الاختبارات محلية الصنع من خلال الأقسام ولجانها التي يشوبها الكثير من الخلل والذاتية) أصبح أمراً ضرورياً لتستطيع أن تفرز من يستحق المواصلة من حيث القدرة والتأهيل.

إنَّ واقع الحال لدينا في جامعاتنا في الدراسات العليا على الرغم من عدم وجود دراسة شاملة تقيّم مخرجات الدراسات العليا وإجراءاتها - مع الأسف وعلى حد علم الكاتب - إلا أنني أستطيع إعطاء بعض المؤشرات من خلال الخبرة في إدارة عمادة بحث علمي بإحدى الجامعات العريقة الكبرى ومن خلال التدريس والإشراف والمناقشة على عشرات الرسائل في العديد من الجامعات السعودية، وكذلك عضوية مجالس الدراسات العليا وأقسامها والاشتراك في العديد من لجان القبول في الدراسات العليا. أقول هنا بأن هناك الكثير من المجاملات وحالات التجاوز التي تتم في القبولات وبخاصة في مرحلة الدكتوراه. ولك أن تستنتج مخرجات مثل هذه التجاوزات ممن سيحصل على الدكتوراه (أعلى شهادة علمية) بهذه الكيفية كيف سيكون؟

والتعميم على مثل هذه الحالات أمر غير وارد بل هي حالات استثنائية، ولكن المساحة والشروط المعمول بها تتيحان المجال للعديد من الاختراقات، وهنا أستطيع القول إن التجاوز لمثل هذه الحالات وغيرها سيؤسس لحالات وحالات من مثل هذه التجاوزات ويفقد الأمل في المعيارية والعدالة والثقة في حماة اللوائح ومشروعيتها، فضلاً عما يتبع ذلك من تساهل في التدريس وفي جودة الرسائل ومواضيعها ومخرجاتها.

وأود أن أسوق الآن مثلاً آخر على سوء التخطيط لبرامج الدراسات العليا وكذلك على جودة مخرجاتها بأحد الأقسام في إحدى الجامعات السعودية، فقد تخرج منه ما يقارب خمسين حاصلاً على الدكتوراه في تخصص نظري واحد، وذلك في غضون سنتين!!! فكيف لو أحصينا الخريجين في نفس التخصص في الجامعات الأخرى، لربما وجدنا مائة أو مائتين في هذا التخصص، فهل البلد بحاجة إلى مثل هذا العدد؟ وهل الخريجون الذين حصلوا على مثل هذه الدرجات في هذا الزمن القياسي مؤهلون وقادرون على العطاء ومزودون بالمهارات والمعارف اللازمة والكافية؟! للإجابة عن هذا السؤال أجد نفسي مكرراً ما سبق قوله بأن الحاجة ماسة وقائمة لدراسة علمية مثل هذا القضايا بل ولقضية القبول في الدراسات العليا ومخرجاتها وذلك انطلاقاً من مبدأ أن الحاجة إلى كوادر مؤهلة لتلبية الطلب والعجز فيه تقتضي بالتزامن معه الاهتمام بجوانب الجودة والكيف التي لا يتقدم بلد إلا بها وتنميتها. وإن اقتراح الخطط والاستراتيجيات والتفكير العالي الناقد والابتكاري لا ينبع إلا من النخب والعلماء الذين يولدون ويتشكلون من رحم الدراسات العليا ويحصلون على أعلى الدرجات فيها (ماجستير ودكتوراه ودبلومات عليا).

إن أهداف وشروط ومتطلبات ومواصفات طلاب الدراسات العليا وكذلك مخرجاتها يجب أن تكون واضحة ومميزة للجميع على المستوى الشعبي والرسمي بحيث لا تصبح كما هو الحال في خريجي الثانوية الراغبين جميعاً في الالتحاق بالجامعات؛ لأن الدراسات العليا كما أسلفت هي لفئة قليلة مميزة بالمواصفات التي تتصف دول العالم المتقدم بها.

أما القضية الثانية في الدراسات العليا في الجامعات لدينا فهي قضية التدريس في الدراسات العليا (Teaching Issue). وهذه في نظري أحد الأركان الأساسية التي يجب العناية بها في الدراسات العليا، بل هي العملية الأساسية الأولى التي يجب الاهتمام بها من حيث محتوى وأهداف المناهج والمقررات التي تدرس وكذلك القائمون على تدريسها وما يتبع ذلك من وسائل تقويم أو تدريس أو إدارة أو تنفيذ. وفي نظري وخبرتي طالباً في الدراسات العليا في جامعة محلية وجامعة أمريكية مميزة أو أستاذاً كذلك فقد وصلت إلى أن هناك أربعة أهداف رئيسية في التدريس للدراسات العليا، هي: (1) الاهتمام بتشكيل التفكير الاستقلالي والنقدي والابتكاري لدى الطالب (2) الاهتمام بتقديم المعرفة الصحيحة والثرية لطالب الدراسات العليا (3) الحرص على تقديم المهارات الأساسية لطالب الدراسات العليا وعلى وجه الخصوص مهارات اللغة العربية والإنجليزية (4) المهارات المنهجية البحثية والحاسوبية.

إن واقع ما يمارس في دراساتنا العليا من حيث التدريس يبعد كثيراً عما طرحته في أفكار وأهداف يجب أن تحقق في تدريس طالب الدراسات العليا؛ فلا نزال نشهد استمرارية للتدريس الجامعي الذي هو إلى حد كبير استمرارية للتدريس في التعليم العام من حيث التلقين والاستعلاء والبعد عن النقاش والحوار والبُعد عن إكساب المهارات الضرورية وبناء الشخصيات ذات الفكر المستقل والمسؤول. وقد يعود ذلك في جزء منه إلى افتقار من يقوم على التدريس في الدراسات العليا إلى الشخصية (القدوة) والشخصية القيادية للتدريس في هذا المستوى وكذلك الافتقار إلى المهارات الأساسية التي أشرت إليها فيما سبق، ومن هنا نقول (إن فاقد الشيء لا يعطيه)، وماذا نتوقع من نتاج الدراسات العليا إذا كان القائمون على التدريس فيها لا تتوافر فيهم الصفات اللازمة والضرورية للتدريس لهذا المستوى؟ أليست هي المرحلة الأخيرة التي تؤهل من ينتهي منها إلى التدريس والبحث وخدمة المجتمع بشكل مثالي وقيادي ورمزي؟ ألا تستحق تميزاً خاصاً وعناية خاصة في هذا المجال؟

لقد لاحظت الكثير ممن حصلوا على درجات الماجستير والدكتوراه في العديد من جامعاتنا لا يتقنون مهارات اللغة الأساسية (العربية) فما بالنا بمهارة اللغة الإنجليزية التي هي الآن مفتاح للكثير من المعارف والعلوم، وكذلك يفتقرون إلى مهارات التعامل مع الحاسب الآلي ومناهج البحث العلمي التي تجعل من الأستاذ قادراً على العطاء وقادراً على تنمية شخصية طلابه وتعليمهم وتدريبهم وإكسابهم المهارات التي يحتاجونها. وليس الخلل يتعلق بالأساتذة وحدهم فقط بل إنه في غياب أو ضعف الحوافز البيئية المنشطة للأداء المميز واللوائح المساندة ينتج ما نراه.

وفي غياب التقويم الفعّال لأداء أعضاء هيئة التدريس في الجامعات وفي الدراسات العليا على وجه الخصوص، لا غرابة أن نجد غياباً وعدم اكتراث بالتميز والنمو في شخصية الأساتذة في هذه الجوانب، ولتأكيد هذه الافتراضية أو الادعاء أود أن أشير إلى مثال واحد فقط مما يجري من كيفية احتساب أداء أعضاء هيئة التدريس المتقدمين للترقيات العلمية. كيف تحتسب درجة الـ25% للعضو المتقدم؟ إنني أقول وبكل ثقة إنه في غياب وجود المعايير الإدارية والفنية الواضحة في الجامعات في هذا المجال فإن معظم ما يجري - إن لم نقل كل ما يجري - هو عبارة عن مجاملات واجتهادات من قِبَل رؤساء الأقسام والعمداء لتقدير أداء الأساتذة في مجال التدريس، وهو في نظري لا يترجم حقيقة أداء الأساتذة فضلاً عن تحفيزهم وتشجيعهم للأداء الجيّد والكفء لوظائفهم والتمايز فيما بينهم فنراهم أو أغلبهم يمنحون الدرجة كاملة لبند التدريس لجميع المتقدمين فهل هذا وضع سليم؟ وهل هذا يخدم أهداف التدريس؟ ثم ألسنا بحاجة إلى وضع أساليب أنجع وأكفأ لتقييم أداء الأساتذة؟

أما القضية الثالثة في الدراسات العليا فهي قضية الإرشاد والإشراف على طلاب الدراسات العليا، سواء كان في المواد الأساسية لطلاب الماجستير أو بعد اجتياز ما يسمى بالاختبار الشامل Comprehensive or Qualifying Exams لطلاب الدكتوراه، وهذا الاختبار في نظري ضروري ومهم جداً؛ لأنه يقيس قدرة الطالب على التحصيل المعرفي الضروري، وكذلك تمثيل وتقييم وربط الأفكار والنظريات والقدرة على النقد الموضوعي والاستعداد للابتكار والإبداع.

إنَّ عملية الاختيار للمرشد على طلاب الدراسات العليا يجب أن تكون مرتبطة بعملية الإشراف بحيث تكون مخططاً لها وتحقق أهداف الدراسات العليا من حيث قدرة المرشد وكذلك المشرف على العطاء والتميز بحسب ووفق التخصص والخبرة والانسجام بين الطرفين؛ وذلك لأن المؤمل من عملية الإشراف هو الأخذ بيد الطالب واستثارة مكامن قدراته واستعداداته واهتماماته وأفكاره للبحث والكتابة الأصيلة المبدعة وتقديم النموذج العلمي الصالح والمناسب المتمثل في شخصية الأستاذ خلقاً وعلماً.

لقد شاهدت بعض المشرفين على طلاب الدراسات العليا وهم يقضون الساعات والساعات مع طلابهم وفق تنظيم وترتيب مسبق ويحتفظون بجداول أمامهم لتنظيم تلك المواعيد بشكل دوري، وهذا نموذج على المعنى الحقيقي للأستاذية والإخلاص والإشراف، ولنا أن نتوقع ما ينتج عن مثل هذا التفاعل وهذه العلاقة والعطاء والقدوة الفاضلة، وفي المقابل هناك بعض المشرفين على بعض الطلاب في الدراسات العليا يعتبر إشرافهم اسمياً فقط، بينما من يقوم بالإشراف إما مشرفين من الباطن أو يقوم الطلاب بالإشراف على أنفسهم، وهذه صورة أخرى، ومع الأسف الشديد لا أستطيع أن أقول إنها حالة أو حالات شاذة، وإنما تلحظ كثيراً، وقد يكون مبعث ذلك هو الضغط الضخم في عدد من يقوم البعض بالإشراف عليهم؛ فينتج عن ذلك عسر وابتسار في النواتج وغش وزيف لها. ومثل هذا النمط من المشرفين لا يجد وقتاً للعطاء - إذا كان لديه قدرة على العطاء - فضلاً عن السعي واللهفة على تخريج أكبر عدد ممكن لدوافع مادية أو ربما إعلامية صرفة ويا لهول النواتج في مثل حالات الإشراف الأخيرة. أما النوع الثالث (الوسط) فهو الذي يجتهد في حدود المعقول في الإشراف على الطلاب، وهو هنا يعاني من ضغط الطلاب في الرغبة في الإنجاز السريع في ضوء المقارنات مع الزملاء الذين يتخرجون في زمن قياسي، ولكن النتيجة والمحصلة في الأخير ترقى إلى الوصول إلى الحد المطلوب تحقيقه في طلاب الدراسات العليا.

فما نوع الإشراف والإرشاد الذي نحتاج؟ وكيف نقنن ونتابع عمليات الإشراف التي ينتج عنها الباحث والبحث الأصيل؟

إن الجامعات التي تقوم بتأسيس تقييم داخلي دوري للعملية التعليمية برمتها وعلى وجه الخصوص الدراسات العليا ومخرجاتها، هي الجامعات الحريصة على أدائها الجيد والأمين وهي الجامعات الحريصة على احتلال المرتبة التي تليق بها وبسمعتها.

إن موضوع العلاقة بين المشرف والطالب، وبخاصة في مرحلة الدكتوراه، يتجاوز المراجعة والتقييم لعمل الطالب؛ فهي تبدأ أساساً من حسن اختيار موضوع البحث (الدراسة) التي غالباً ما تتطلب خبرة وحصافة وقيادة من المشرف في الاختيار؛ لأن المطلوب في موضوع الدكتوراه أن يكون أصيلاً، كما نصت على ذلك لوائح الدراسات العليا، بل كما يتطلب ذلك المنطق العلمي لهذه المرحلة، ولكي يكون البحث أصيلاً ومبدعاً أعتقد أنه لا بد أن يتسم بالخصائص الآتية:

1) الجدة في الموضوع: ولا أعني بالجدة هنا ألا يكون قد سبق أن قام أحد ببحث الموضوع من قبل، وإن كان هذا وارداً، بل أن تكون المعالجة والإضافة فيها جدة وأصالة.

2) الإضافة العلمية للبحث: وبخاصة فيما يتعلق بالإضافة إلى النظرية أو الفكر العلمي في مجال الاختصاص.

3) حل مشكلة أو تقديم اقتراح أو تقديم اختراع أو ابتكار علمي؛ فإن البحث أو الدراسة الأصيلة هي التي تقدم حلولاً لمشكلة اجتماعية أو تربوية أو فقهية أو لغوية أو علمية أو طبية أو هندسية أو زراعية أو بيئية أو خلافها أو تقدم حلاً لمشكلة منهجية أو تقدم برنامجاً أو خطة لحل مشكلة أو تقديم اختراع أو ابتكار علمي. وما أحوجنا في أيامنا هذه لبحوث تسهم في حل مشكلات أمراض طارئة ومخيفة أو نقص حاد في مصادر المياه أو خلافها.

هذه في نظري أهم العناصر أو السمات التي يجب أن تتسم بها الرسائل العلمية في مرحلة الدكتوراه جميعها أو بعض منها وبالذات لتلك التي يطمح إلى أن تكون رسائل علمية يوصى بطبعها أو تستحق الجوائز والنشر.

وفي ضوء هذه المعطيات يبرز السؤال التلقائي: من هو المشرف القادر على تحفيز وتشجيع طلاب الدراسات العليا الموهوبين للوصول إلى مثل هذه المخرجات العلمية في رسائلهم؟ ألسنا بحاجة إلى إعادة تقييم برامجنا في الدراسات العليا برمتها وفي مرحلة الدكتوراه على وجه الخصوص للوصول إلى المعرفة الأصيلة والمبدعة والمنتجة ومعرفة واقعنا من هذه المعايير ومخرجات رسائل طلابنا وعلاقتها بتنمية المجتمع وحل مشكلاته وتطوير العلم وأدواته ونظيراته؟؟؟

الدراسات العليا في الجامعات السعودية بين مطرقة سد الحاجة وسندان الجودة والتميز 2
 
محجوز.
ولنا عودة إن شاء الله تعالى.
مع شكرنا الجزيل لفضيلة الدّكتور على عرضه لهذا الموضوع المهمّ جدّاً.
وفّق الله الجميع لما يحبّه ويرضاه.
 
محجوز.
ولنا عودة إن شاء الله تعالى.
مع شكرنا الجزيل لفضيلة الدّكتور على عرضه لهذا الموضوع المهمّ جدّاً.
وفّق الله الجميع لما يحبّه ويرضاه.

إلى متى الحجز؟!
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكر الله لشيخنا مساعد على طرحه هذا الموضوع الجيد
أنا طالب الدراسات العليا بقسم الدراسات القرآنية وفي الحقيقة عانيت بعض الأمور في برنامج الدراسة
أول هذه الأمور التي أود البوح بها لكم أن عمادة الدراسات العليا عملت مشكورة ورشة عمل لدراسة البرنامج من حيث الأساتذه ومقررات البرنامج إلى غير ذلك.. لكن المؤسف هو مجاملة الطلاب التي طغت على الورشة حتى خرجت النتيجة أن البرنامج من أوله لآخره ليس فيه سلبية واحدة ، وكان سبب هذه المجاملة هو الخوف من ردة الفعل من قبل القسم ..

الأمر الثاني : مما يعكر صفو الدراسة ويفوت الفائدة وجودة التحصيل هو وجود طلاب لا هم لهم من حيث المادة العلمية فيرفضون كثرة البحوث أو القراءة في كتب التفسير في قاعة الدرس ودراسة منهج المؤلف مما يضعف أداء المعلم ويحبط همم بقية الطلاب

الامر الثالث : مرحلة الماجستير مرحلة جديدة بالتأكيد على طالب الدراسات العليا فهو بحاجة لقرب القسم منه حيث يبين له شيئا من الصورة عن طبيعة الدراسة ومتطلابتها ويسمع آراء الطلبة ...
الأمر الرابع مشايخي الكرام هو أن خطة البرنامج تخول على من ليس أهلا لوضع الخطة وتحديد المفردات مما يجعل الطالب يدرس في أسوأ البرامج لمرحلة الدراسات العليا وعليه يكون الضعف في الطلبة واضح وذاك لضعف البرنامج ، وذلك اعتمادا فقط على الدرجة العلمية الحاصل عليها بغض النظر عن علميته أو اطلاعه ولكم أن تتصوروا أني أنهيت المرحلة التمهيدية بدون أن أتعرض ولو إشارة لأصول التفسير أو قواعده أوبعض علوم القرآن ، وأنا الآن اطمح للدكتوراة بإذن الله فمن الصعب علي أن أكمل بناءا على البرنامج السابق ..

الأمر الخامس : أحيانا نجد بعض الأساتذة يعتمد منهج التلقين دون ان يكون هناك نقاش بل يرفضه تماما ، ويسير على هذا الأسلوب وهو لم يفدك بشيء جديد مثري إلا النزر اليسير.. بل لا يفتح لي المجال في الترجيح في الاختبار إلا ان أذكر رايه حتى سبب الترجيح لا بد أن يكون ما قاله هو .. دعني أجتهد بين يديك وانت قم بالتصويب أحسن من اجتهد في وقت لا أحد يصحح لي شيئا .

الأمر السادس : الجانب التطبيقي مهمل جدا إلا القليل من المعلمين فمناهج المفسرين مثلا مما درست ولم أكلف ببحث بعض الكتب المقررة في البرنامج....

مما يلا حظ على بعض البرامج هو الملل بل الإملال منها فثلاث محاضرات تلين فقط أو قراءة فقط دون نقاش تعليق أسئلة في الحقيقة معاناة ..

كثير من رؤساء الأقسام يظن أن بمجرد تعيينه رئيسا لا بد أن يغير في مفردات البرنامج أوفي ساعاته وبالتالي تتغير في معظم الأحوال إلى الأسوأ..

ومما أرجوه فعلا هو أن نعيد النظر في برامج الدراسات القرآنية والاستفادة من الخبرات وأصحاب التجارب وأتمنى ممن يكون مسؤولا في برنامج معين أن ينظر بعين الاعتبار والمسؤولية لتقديم الأفضل والأنفع والمفيد للطلبة ..

وختاما أشكر شيخنا الكريم على طرحه الجيد..

في رعاية الله ..
 
حياك الله أبا طلال ، واقتراحك على العين والرأس ، وأبشر بالاختصار ، فأنا أكره الإطالة فيما يغني عنه الاختصار .
 
يرفع للفائدة القصوى !

حبذا تثبيت الموضوع لشدة الحاجة إلى إثراءه من الجميع .

وفقكم الله
 
شكر الله لك شيخنا الكريم الدكتور مساعد وكل من شارك في هذا الموضوع ولي ملاحظة أن كل المشايخ الذين درسونا في الماجستير والدكتوراة لا يأبهون بالتعرف على الطلاب ولا مستوياتهم العلمية والفكرية بل ربما لا يعرفون أسمائهم وهذا أرى أنه يتسبب في عدم إعطاء الطالب حقه فتجد الدكتور يساوي بين شاب حديث عهد بالبكالوريوس وآخر له في طلب العلم سنوات طويلة ولا مقارنة بينهما البتة فلا يقدر بعض الطلاب قدرهم بل ويتعجب إذا تكلم بخاطرة أو طرح فكرة نيرة وربما اتهمه أنها منقولة أو أشار إليه من طرف خفي بأنه سرقها وذلك ناتج عن نظرته الدونية القاصرة للطلاب..
فالذي أراه أن تكون أول محاضرة للتعرف على قدرات الدارسين وميولهم ومواطن الإبداع فيهم وما يتميز به كل فرد منهم وتنمية وتعزيز ذلك الجانب فيه ليبدع أكثر بإذن الله..
ولكم جزيل شكري جميعاً
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاستاذ الكريم عبد الرحمن الشهري حفظه الله تعالى يرجى تثبيت هذه المشاركة للإستاذ مساعد الطيار
وجزاكم الله تعالى خيرا .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى آله الطيبين
أما بعد فهذا الموضوع من أهم المواضيع المتعلقة بالدراسات العليا القرآنية ومن باب القول خير الكلام ما قل ودل
فستكون مشاركتي مقتصرة على موضوع البحث العلمي الذي أرى أن هناك تقصير واضح فيه وأقترح ما يأتي :
1- تدريس قواعد وأصول البحث العلمي في الماجستير والدكتوراه في السنة الأولى كمادة أساسية على أن تكون درجة النجاح جيد فما فوق .
2- تقسيم مادة البحث العلمي إلى نوعين من البحوث الأول : البحث الدراسي ، والثاني : البحث المعمق .
3- تكون أقسام البحوث بالشكل التالي : تحقيق ، إختصار ، تأليف ، إستدراك ، تقييم ، مقارنة ، وغيرها .
4- مشاركة الطلبة بتقييم بحوثهم ، وإقتراح عناوين لبحوث علمية هادفة .
5- التركيز على تفاسير الطبري والثعلبي والقرطبي وابن كثير رحمهم الله تعالى .
6- دراسة تفاسير الفرق المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة ، وتحديد المسائل المخالفة فيها .
7- تكليف طالب الماجستير بتأليف كتاباً في علوم القرآن بين 30 إلى 40 صفحة A 4 وطالب الدكتوراه بين 50 إلى 70 صفحة .
والله تعالى أعلم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الاستاذ الفاضل عبد الرحمن الشهري و الاساتذة الكرام المشاركون في هذا الموضوع أرغب بتأليف كتاباً يتضمن بعض المشاركات
المذكورة وخاصة مشاركات الاستاذ مساعد الطيار حفظه الله تعالى فمن يعترض على ذلك يرجى إعلامي وجزاكم الله تعالى خيرا .
 
عودة
أعلى