رحاب بن محمد صبري
New member
الخطأ المنهجي الأول الذي يسلكه الذين يتحسسون مواضع ما يسمونه الإعجاز العلمي في القرآن أنهم إذا ما قابلهم أي شيء له أي صلة بأي علم من العلوم التجريبية يخرجون النص من سياقه و من عربيته أحيانا ليحاولوا تأطيره في إطار يوافق ما اشتهر من معاني العلوم التجريبية غير مبالين في ذلك كثيرا بكون هذا الذي يحاولون توفيق القرآن عليه حقيقة علمية أو نظرية قيد البحث ..
و خطورة هذا التناول اللامنطقي هو أنهم يقصرون فهم الآية على ما وصلت إليهم أفكارهم.
و يجعلون كل ما عداه من أوجه تحملها الآية خطأ يلتمس العذر لقاله بأنه لم يكن يعلم ما توصلت إليه العلوم الحديثة فس زعمهم.
لا ريب أن القرآن فيه من حقائق العلم المذهلة التي سبق بها البشر و العلم التجريبي و هذا أحد الأدلة على كونه من عند الله , لكن هذا ليس الخط الجوهري الأساسي في القرآن , فمنطلقه أن الله تعالى يعلم خلقه ,و الخالق إذا تحدث عن خلقه فهو أعلم بهم و يستحيل أن يرد الخطأ إلى قوله تعالى .
لكن الإشكال أن يتحول هذا إلى ما يشبه الهوس الذي يودي بالنهاية بصاحبه إلى أن يخرج بالقرآن عن أساليب فهمه ( قرآنا عربيا ) فيه من المعاني البلاغية و التشبيهات و مخاطبة الناس بما تباشره حواسهم من غير خروج عن الصواب و نحو ذلك إلى معاملته و كأنه مرجع (في العلوم التجريبية) يمكن أن تفهم مدلولات كلماته من معاجم الاصطلاحات العلمية و الـ Glossaries بشكل أدق من التفسير و المعاجم اللغوية.. ثم يسقط على كلمات القرآن حاملة المعاني العربية ضوابط الاصطلاحات العلمية و حدودها و تضميناتها!!
فالكوكب عنده ليس الكوكب الذي تعرفه العرب و الذي هو أي جرم سماوي طالع في السماء كما تقول العرب حيث العرب تقول للنجم كوكبا و للكوكب نجما.
فالتمييز بين لفظ الكوكب بمعنى Planet و النجم بمعنى star هو تفريق اصطلاحي حديث خاص بالفيزياء , يعني أصلا العلماء سموهما بهذين الاسمين ليفرقوا بينهما و لكن هذا ليس في أصل المعنى.
و ليس هذا التفريق في لغة العرب التي نزل بها القرآن
فلا يصح إسقاط المفهوم اللاحق على اللفظ المستخدم سابقا في القرآن بأثر رجعي.
مثل قولنا اليوم " سيارة " لوصف السيارة المعروفة car . . لا يمكن أن يسقط أحد هذا المعنى المحدث على قول الله " و جاءت سيارة فأرسلوا ورادهم ..... "
فالعرب حينما تقول كلمة كوكب فهي عندهم تعني كلمة نجم سواء بسواء.
فالكواكب عند العرب و كذلك كلمة نجم = الكواكب + النجوم بلغتنا المعاصرة.
لأن أصل كلمة كوكب في اللغة العربية معناه البياض الذي يظهر في سواد العين
لذا ألقته العرب على كل مايضيء في السماء في الليل
يقول العلامة اللغوي د. محمد حسن جبل في المعجم الاشتقاقي المؤصل في باب " كوكب " ما نصه
"الكَوْكبُ والكوكبة: النجم . .
وبياضٌ في سواد العين ذَهَبَ له البصرُ أو لم يذهب. وكَوْكبُ الحديد: بريقُه وتوقُّده. ويقال للأَمْعَز (الأرض الحَزْنة ذات الحصى والحجارة) إذا توقَّدَ حصاه ضَحَاءً: مُكَوْكِبٌ، وكَوْكب الروضة: نَوْرها "
و هذا امر لا خلاف فيه
بل يقول الإمام الماوردي رحمه الله تعالى في النكت و العيون
" وقَوْلُهُ "بِزِينَةٍ الكَواكِبِ" لِأنَّ مِنَ الكَواكِبِ ما خُلِقَ لِلزِّينَةِ، ومِنها ما خُلِقَ لِغَيْرِ الزِّينَةِ.
حَكى عُقْبَةُ بْنُ زِيادٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: خُلِقَتِ النُّجُومُ لِثَلاثٍ: رُجُومًا لِلشَّياطِينِ ونُورًا يُهْتَدى بِهِ، وزِينَةً لِسَماءِ الدُّنْيا. "
لاحظ هنا هو يتحدث عن الكواكب و النجوم كشيء واحد
و عليه فكلمة كوكب في العربية . . و في القرآن . . هي مكافيء لمصطلح فيزيائي آخر هو " الأجرام السماوية celestial bodies "
بل ن كلمة نجم أيضا في القرآن = كلمة كوكب
يقول الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن
" أصل النَّجْم: الكوكب الطالع، وجمعه: نُجُومٌ، ونَجَمَ: طَلَعَ، نُجُوماً ونَجْماً، فصار النَّجْمُ مرّة اسما "
لذا فإن خطورة هذا المسلك لأنه يحاول فهم القرآن في بيئة اصطلاحية و لغوية غريبة عنه.
كما أنه يغيب عن أتباع هذا المسلك في جلهم الفرق الحاسم بين الحقيقة العلمية الثابتة ( و هي قليلة جدا في كل فروع العلوم التجريبية و يعرف المتخصصون هذا جيدا ) .. وبين النظرية التي هي مجرد محاولة تفسير ناجحة .. لمشاهدة أو نتيجة .. لكن في لحظةقد يظهر ما يجعلها جزء من تاريخ العلم .
ثم تكون الصدمة عندما يكتشف العلم حقيقة مخالفة للنظرية السائدة أو تفسيرا أقوى .. و هذه عادة العلم الأصيلة المطردة و طبيعته .. فيفتح هذا الباب للسفهاء في الطعن في القرآن من خلال تفسيره المفتأت القسري لآيات القرآن .. و القرآن بريء من هذا
أو تكون المأساة أن يقع من يريد أن يقنع نفسه بالقرآن كونه كلام الله بهذه الطريقة في حبال الشك في كتاب الله .. لأنه من البداية جعل النظريات حكما على كتاب الله الثبات عقلا أنه كلام رب العالمين .. بطوفان من الأدلة لا مفر للعقل منها .
و نحن و الله في غنى عن هذا .. فعندنا طوفان من الأدلة العقلية القاطعة التي لا يمكن الهروب منها إلا بالجنون ..
و هذا مقطع كنت قد تعرضت فيه في الشق الثاني منه إلى الأمر بشكل يقربه إلى أذهان جمهور اليوتيوب و شبكات التواصل
<font size="5">
رحاب بن صبري
و خطورة هذا التناول اللامنطقي هو أنهم يقصرون فهم الآية على ما وصلت إليهم أفكارهم.
و يجعلون كل ما عداه من أوجه تحملها الآية خطأ يلتمس العذر لقاله بأنه لم يكن يعلم ما توصلت إليه العلوم الحديثة فس زعمهم.
لا ريب أن القرآن فيه من حقائق العلم المذهلة التي سبق بها البشر و العلم التجريبي و هذا أحد الأدلة على كونه من عند الله , لكن هذا ليس الخط الجوهري الأساسي في القرآن , فمنطلقه أن الله تعالى يعلم خلقه ,و الخالق إذا تحدث عن خلقه فهو أعلم بهم و يستحيل أن يرد الخطأ إلى قوله تعالى .
لكن الإشكال أن يتحول هذا إلى ما يشبه الهوس الذي يودي بالنهاية بصاحبه إلى أن يخرج بالقرآن عن أساليب فهمه ( قرآنا عربيا ) فيه من المعاني البلاغية و التشبيهات و مخاطبة الناس بما تباشره حواسهم من غير خروج عن الصواب و نحو ذلك إلى معاملته و كأنه مرجع (في العلوم التجريبية) يمكن أن تفهم مدلولات كلماته من معاجم الاصطلاحات العلمية و الـ Glossaries بشكل أدق من التفسير و المعاجم اللغوية.. ثم يسقط على كلمات القرآن حاملة المعاني العربية ضوابط الاصطلاحات العلمية و حدودها و تضميناتها!!
فالكوكب عنده ليس الكوكب الذي تعرفه العرب و الذي هو أي جرم سماوي طالع في السماء كما تقول العرب حيث العرب تقول للنجم كوكبا و للكوكب نجما.
فالتمييز بين لفظ الكوكب بمعنى Planet و النجم بمعنى star هو تفريق اصطلاحي حديث خاص بالفيزياء , يعني أصلا العلماء سموهما بهذين الاسمين ليفرقوا بينهما و لكن هذا ليس في أصل المعنى.
و ليس هذا التفريق في لغة العرب التي نزل بها القرآن
فلا يصح إسقاط المفهوم اللاحق على اللفظ المستخدم سابقا في القرآن بأثر رجعي.
مثل قولنا اليوم " سيارة " لوصف السيارة المعروفة car . . لا يمكن أن يسقط أحد هذا المعنى المحدث على قول الله " و جاءت سيارة فأرسلوا ورادهم ..... "
فالعرب حينما تقول كلمة كوكب فهي عندهم تعني كلمة نجم سواء بسواء.
فالكواكب عند العرب و كذلك كلمة نجم = الكواكب + النجوم بلغتنا المعاصرة.
لأن أصل كلمة كوكب في اللغة العربية معناه البياض الذي يظهر في سواد العين
لذا ألقته العرب على كل مايضيء في السماء في الليل
يقول العلامة اللغوي د. محمد حسن جبل في المعجم الاشتقاقي المؤصل في باب " كوكب " ما نصه
"الكَوْكبُ والكوكبة: النجم . .
وبياضٌ في سواد العين ذَهَبَ له البصرُ أو لم يذهب. وكَوْكبُ الحديد: بريقُه وتوقُّده. ويقال للأَمْعَز (الأرض الحَزْنة ذات الحصى والحجارة) إذا توقَّدَ حصاه ضَحَاءً: مُكَوْكِبٌ، وكَوْكب الروضة: نَوْرها "
و هذا امر لا خلاف فيه
بل يقول الإمام الماوردي رحمه الله تعالى في النكت و العيون
" وقَوْلُهُ "بِزِينَةٍ الكَواكِبِ" لِأنَّ مِنَ الكَواكِبِ ما خُلِقَ لِلزِّينَةِ، ومِنها ما خُلِقَ لِغَيْرِ الزِّينَةِ.
حَكى عُقْبَةُ بْنُ زِيادٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: خُلِقَتِ النُّجُومُ لِثَلاثٍ: رُجُومًا لِلشَّياطِينِ ونُورًا يُهْتَدى بِهِ، وزِينَةً لِسَماءِ الدُّنْيا. "
لاحظ هنا هو يتحدث عن الكواكب و النجوم كشيء واحد
و عليه فكلمة كوكب في العربية . . و في القرآن . . هي مكافيء لمصطلح فيزيائي آخر هو " الأجرام السماوية celestial bodies "
بل ن كلمة نجم أيضا في القرآن = كلمة كوكب
يقول الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن
" أصل النَّجْم: الكوكب الطالع، وجمعه: نُجُومٌ، ونَجَمَ: طَلَعَ، نُجُوماً ونَجْماً، فصار النَّجْمُ مرّة اسما "
لذا فإن خطورة هذا المسلك لأنه يحاول فهم القرآن في بيئة اصطلاحية و لغوية غريبة عنه.
كما أنه يغيب عن أتباع هذا المسلك في جلهم الفرق الحاسم بين الحقيقة العلمية الثابتة ( و هي قليلة جدا في كل فروع العلوم التجريبية و يعرف المتخصصون هذا جيدا ) .. وبين النظرية التي هي مجرد محاولة تفسير ناجحة .. لمشاهدة أو نتيجة .. لكن في لحظةقد يظهر ما يجعلها جزء من تاريخ العلم .
ثم تكون الصدمة عندما يكتشف العلم حقيقة مخالفة للنظرية السائدة أو تفسيرا أقوى .. و هذه عادة العلم الأصيلة المطردة و طبيعته .. فيفتح هذا الباب للسفهاء في الطعن في القرآن من خلال تفسيره المفتأت القسري لآيات القرآن .. و القرآن بريء من هذا
أو تكون المأساة أن يقع من يريد أن يقنع نفسه بالقرآن كونه كلام الله بهذه الطريقة في حبال الشك في كتاب الله .. لأنه من البداية جعل النظريات حكما على كتاب الله الثبات عقلا أنه كلام رب العالمين .. بطوفان من الأدلة لا مفر للعقل منها .
و نحن و الله في غنى عن هذا .. فعندنا طوفان من الأدلة العقلية القاطعة التي لا يمكن الهروب منها إلا بالجنون ..
و هذا مقطع كنت قد تعرضت فيه في الشق الثاني منه إلى الأمر بشكل يقربه إلى أذهان جمهور اليوتيوب و شبكات التواصل
<font size="5">
رحاب بن صبري