تحرير أوجه الأزرق من طريق النشر الكبير.

ياشيخنا محمد الحسن بوصو " حفظكم الله ورعاكم :
تأخذون على الشيخ محمد يحي شريف بناءه الأحكام على " لعل " ثم تبنون كلامكم على ماهو داخل في باب " لعل " وإن كنتم لم تصرحوا بها ، وذلك قولكم :
وهو الرجل الوحيد الذي نستطيع أن نسمي رجال الشاطبي عبره إلى النبي صلى الله عليه وسلم. القصر والتوسط والطول كله من طريق الداني، ولو لم يرتض الطول كما في جامع البيان. فالتوسط من الداني نصا في التيسير، والطول من الداني رواية
فسؤالي ، بعد إذنكم :
هل كلامكم هذا يقيناً أو ظناً ؟
وأين رواه الداني ورضاه ؟
أما مسألة أن الداني هو الرجل الوحيد ... فكلام أرى أنه سال من حبر قلمكم دون تحرير منه .
ولككم كل تحية وتقدير .
 
وتبنون، يا شيخ محمد، وجها على ما "لا ندري" ؟ وعلى "لعل" ؟
لا يا مشايخنا الكرام لا أريد أن يُفهم من كلامي ما لم أقصده.
نحن نعلم مسبّقاً أنّ للشاطبية طرقاً أخرى على التيسير وهذه الطرق مجهولة عندنا كما سبق بيانه غير ما مرّة ، ومن هنا لا يمكننا منع أيّ وجه من الشاطبية ما دام الوجه يحتمله ويتضمنّه إلاّ ما حكم عليه في النشر أنّه خارج من طرقها.
فنخلص مما سبق :
- أنّ طرق زيادات الشاطبية على التيسير مجهولة عندنا
- توسط البدل مع الترقيق وارد في الشاطبية ولا وجه لمنعه إلاّ بدليل
- لا دليل على أنّ كتاب التيسير هو المصدر الوحيد لتوسط البدل من الشاطبية و من ادّعى فعليه بالدليل لأنّ الأصل هو جهالة مصادر الزيادات ، وترقيق {ذكراً} من الزيادات ولا يجوز أن نحكم بمنعه مع توسط البدل مع جهالة المصادر.

والإباحة التي أردتّها هي التي يتضمّنها الشاطبية لا الإباحة المطلقة. فالأصل أنّ كلّ في الشاطبية صحيح إلاّ ما قيّده أو منعه ابن الجزريّ الذي هو عالم بمصادر الشاطبية.

وثوت وجه التوسط عن الداني لا يعني أنّه المصدر الوحيد لهذا الوجه عند الإمام الشاطبيّ.

أرجو أن تنقلوا لي كلام المنتوري بارك الله فيكم لنناقشه.
 
نحن نعلم مسبّقاً أنّ للشاطبية طرقاً أخرى على التيسير وهذه الطرق مجهولة عندنا كما سبق بيانه غير ما مرّة
يا أيها الشيخ محمد ! قد سبق غير مرة أن أنكرتُ عليكم العلمَ بالمجهول عندكم. أنا أعلم بأن البرد شديد هذه السنة في الجزائر ولكنه غير كاف لأن يوردكم فيما أراه تناقضا في العبارة.
- أنّ طرق زيادات الشاطبية على التيسير مجهولة عندنا
وهذا التبرع من لدن حضرتكم كاف للتدليل على عدم الأخذ بالزيادات أيا تكن. وبه نقول.
لأنّ الأصل هو جهالة مصادر الزيادات
من أصّل ذلك ؟ من يلزمنا بقراءة لا تصلنا بأحد ممن شافهوا الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
أنا - ومن أنا ؟ - أقبل كل طرق الأخذ من النص من كل الفاهيم المعروفة في الأصول والمنطق، لكني لا أقبل في القراءة الافتراض والاحتمال. وهذا رأيي وإن خالفتموني فإنكم أجل مني وأثبت.
أرجو أن تنقلوا لي كلام المنتوري بارك الله فيكم لنناقشه.
أستطيع أن أرسل لكم الكتاب عن طريق البريد العادي لو حصلت على عنوانكم أما نقل النص بما يكفي للتدليل فلا أقدر على ذلك لأنه طويل جدا كما قال الأستاذ/ مدثر خيري، جزاكما الله خيرا !
 
هل هناك دليل يثبت مصادر أخرى للشاطبية غير التيسير ؟ وما هي ؟



شيخنا الحسن وهل قصر البدل وطوله واردان من التيسير ؟

وهل كلّ ما ورد في الشاطبية ثابت عن الداني رواية ؟؟؟؟؟؟ وهل الطول في اللين المهموز ، والبسمل بين السورتين صحيحان عن للأزرق من طريق الداني ؟

فإن صحّ فهات الدليل وإلاّ فما هو مصدرهما من الشاطبية إذن ؟

- لو سألتكم ما هو مصدر قصر البدل لورش من الشاطبية لأجبتم بأنّه كتاب التذكرة لأنّ الداني قرأ بمضمونه على أبي الحسن.

الجواب : هناك الكثير من الأوجه التي صحّت من التذكرة ولم تُذكر في الشاطبية كتفخيم {إرم} ، والتمكين في {شيء} و {شيئاً} دون غيرها مما لم يثبت في الشاطبية أصلاً لا سيما وأنّ أبا الحسن لم ينقل الخلاف فيهما إذ لو نقل الخلاف لقنا أنّ الشاطبيّ اختار من التذكرة بعض الأوجه دون بعض.

وهل طول البدل صحيح عن الداني ؟ الشيخ سلطان اتّبع القسطلاني لأنّ هذا الأخير ظهر له الطول من جامع البيان مع أنّ ابن الجزريّ لم يذكره في نشره لا على سبيل الرواية ولا على سبيل الحكاية ولم يقرأ به من طريق الداني. والشيخ سلطان من شيوخ المنصوري ويوسف زادة في الإسناد ، ويوسف زادة من شيوخ الأزميري وهم أخذوا جميعاً بطول البدل عن الداني اتّباعاً للشيخ سلطان ، لذا فإنّ طول البدل عن الداني لا يصحّ أداءً إلى ابن الجزريّ وإنّما هو اجتهاد من القسطلاني على ما ظهر له من جامع البيان ، ولا يصحّ من ابن الجزريّ إلى الداني لأنّه لم يقرأ به ، ولا أتصوّر أنّ يكون صحيحاً عن الداني مع أنّ الشاطبيّ يضعّفه ويجعله في المرتبة الأخيرة بقوله : فقصرٌ وقد يُروى لورش مطوّلاً ووسطه قوم. و أمّا القيطاجي فلا أدري لماذا تعتمد عليه في المسألة مع أنّكم تصفونه بالمتشدّد.

-لو كانت مصادر الشاطبية مقتصرة على طرق الداني فلماذا لم يصرّح به ابن الجزريّ ولم يقل ولو مرّة واحدة : هذا الوجه لا يصحّ من الشاطبية لأنّه ليس من طرق الداني أو لم يصح عن الداني.

- لماذا نجد في النشر بعض الأسانيد للإمام الشاطبيّ التي لا تمرّ على الداني أصلاً.

- إن كانت مصادر الشاطبية غير مجهولة فإنّي أطلب من فضيلتكم أن تخبرنا عن مصدر طول البدل مع الفتح في ذوات الياء.

أكتفي بهذا القدر والحمد لله ربّ العالمين.
 
الجزء الأوّل : المقصود من جهالة زيادات الشاطبية على التيسير بمنظار المحرّرين.

الجزء الأوّل : المقصود من جهالة زيادات الشاطبية على التيسير بمنظار المحرّرين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

الجزء الأوّل : المقصود من جهالة مصادر زيادات الشاطبية على التيسير بمنظار المحرّرين.

الذي لاحظته أنّ الكثير من مشايخنا الأفاضل لم يتقبّل جهالة مصادر زيادات الشاطبية على التيسير لأنّ اصطلاح الجهالة كناية عن القدح في الرواية وهذا مما لا يليق بمقام الشاطبية لا من قريب ولا من بعيد ، ولأجل ذلك نجد بعض الاعتراضات تتجلّى من هنا وهناك وهذا أمرٌ طبيعيّ لبشاعة الوصف في حقّ هذه المنظومة العظيمة ، ولولا أنّ المتولّي صرّح بذلك لما تجرّأت أن أبوح بهذا المصطلح أبداً. ولا شكّ أنّ أسانيد الشاطبية ومصادرها كانت معلومة لدى ابن الجزريّ وإنّما اختصرها في بعض الطرق ليتفادى كثرة الأسانيد لقوله في النشر : "مع أنا لم نعد للشاطبي رحمه الله وأمثاله إلى صاحب التيسير وغيره سوى طريق واحدة وإلا فلو عددنا طرقنا وطرقهم لتجاوزت الألف." ولمّا كنت الشاطبية مصدراً منفرداً من نوعه من حيث شهرته واعتناء الأئمّة به حفظاً وشرحاً ورواية مّما لا يعرف له نظير في كتب القراءات بل ولا في باقي العلوم الشرعيّة إن لم أبالغ ، ومن كان من هذا القبيل يمكن الاستغناء عن ذكر بعض أسانيده اختصاراً. ولا ريب أنّ جميع ما في الشاطبية صحيح مقطوع به كما صرّح بذلك ابن الجزريّ في منجد المقرئين حيث قال : "قلتُ : الكتب المؤلّفة في هذا الفنّ في العشر والثمان وغير ذلك مؤلّفوها على قسمين : منهم من اشترط الأشهر واختار ما قطع به عنده ، فتلقّى الناس كتابه بالقبول وأجمعوا عليه من غير معارض كغايتي ابن مهران وأبي العلاء الهمذاني ، وسبعة ابن مجاهد وإرشادي أبي العز القلانسي وتيسير أبي عمرو الداني ، وموجز أبي علي الأهوازي و تبصرة أبن أبي طالب ، وكافي ابن شريح وتلخيص أبي معشر ، وإعلان الصفراوي وتجريد ابن الفحام وحرز أبي القاسم الشاطبيّ. فلا إشكال في أنّ ما تضمّنته من القراءات مقطوع به إلاّ أحرفاً يسيرة يعرفها الحفاظ الثقات والأئمّة النقاد."(منجد المقرئين ص86). ثمّ قال : "فإن قلت قد وجدنا في الكتب المشهورة المتلقّاة بالقبول تبايناً في بعض الأصول والفرش كما في الشاطبية نحو قراءة ابن ذكوان {تتبعانّ} بتخفيف النون ، وقراءة هشام {أفئدة} بياء بعد الهمزة وقراءة قنبل {على سوقه} بواو بعد الهمزة وغير ذلك من التسهيلات والإمالات التي لا توجد في غيرها في الكتب إلاّ في كتاب أو اثنين وهذا لا يثبت به التواتر. قلت : هذا وشبهه إن لم يبلغ مبلغ التواتر صحيح مقطوع به نعتقد أنّه من القرءان وأنّه من الأحرف السبعة التي نزل بها."(نفس المصدر ص90). من هنا يظهر جلياً أنّ جميع ما في الشاطبية صحيح مقطوع به وإنّما تتفاوت الأوجه في الشهرة فبعضها يبلغ مبلغ التواتر وبعضها يبلغ مبلغ الشهرة فيما دون المتواتر ومنها ما هو أقلّ شهرة وهو الأقلّ ، وهي جميعاً صحيحة مقطوع بها لأنّها تتوفّر فيها الشروط الثلاثة.

وعلى ما سبق نُدرك أنّ أسانيد الشاطبية كانت معلومة لدى ابن الجزريّ كما يظهر من كلامه في النشر بدليل أنّه حكم على كثير من أوجهها أنّها ليست من طرقها ، ولا يمكنه معرفة ذلك إلاّ بمعرفته مصادرها وأسانيدها. وأمّا المضمون فهو مقطوع بصحّته كما يظهر من كلام ابن الجزريّ في منجد المقرئين بدليل أنك لو تأملت في كلّ وجه ثابت في الشاطبية لوجدت له شاهداً أو متابعاً في المصادر الأخرى.

فالجهالة التي يراد بها هنا هي بالنسبة للمحرّرين الذين لا يمكنهم عزو كلّ وجه إلى مصدره جزئيّة جزئيّة وليس بالنسبة إلى الرواية ككل. فنظرة المحرّر تختلف عن نظرة غيره لأنّ عمله يتوقّف على وجود شيئين أساسيين : الأوّل : الإسناد. والثاني : المصدر.

فالإسناد لوحده لا يكفي لأنّه لا يعرّفك بالمنقول من أصول وفرش لتحرير ما ثبت في تلك الرواية. وأمّا المصدر المجرّد عن الإسناد فيقدح في صحّة الرواية من جهة ولا يمكنك استخراج من المصدر اختيارات ابن الجزريّ إن كانت جزءاً منه أو تختصّ برواية دون أخرى ، فمثلا لو نقل ابن الجزريّ عن الداني من غير إسناد فلا ندري هل هو على سبيل الحكاية أو الرواية ، ولا ندري بأيّ رواية ؟ فهل هي من رواية الداني عن ابن خاقان أو عن فارس ابن أحمد أو عن أبي الحسن ولا ندري هل هي من رواية مكي عن أبي عدى أو عن أبي الطيّب أو عن الأذفوي وهكذا. وهذه المعلومات هي أساسيّة لتحرير أيّ مسألة فلو نقل مكي القيسي وجهاً في التبصرة عن أبي عدى ووجهاً ثانياً عن أبي الطيّب فبأيّهما نأخذ ؟ لا شكّ أننا سنأخذ برواية مكي عن أبي عدي لأنّها هي الرواية المسندة من النشر من طريق التبصرة لورش. فبالإسناد نتعرّف على الرواية التي اختارها ابن الجزريّ من المصدر كطريق مكي عن أبي عدي من التبصرة ، وبالمصدر نتعرّف على الوجه الذي قرأ به مكي على أبي عدى. وبهذا يُنزّل الوجه اللائق على الرواية المختارة في النشر.

وهذان الشرطان الأساسيان لا يتوفّران في الشاطبية فكانت بذلك مجهولة المصادر بمنظار المحرّرين.

أكتفي بهذا القدر والحمد لله ربّ العالمين.

وفي الجزء الثاني سنثبت إن شاء الله تعالى جهالة مصادر زيادات الشاطبية.
 
في المشاركة السابقة تفضل الشيخ/ محمد يحيى شريف الجزائري واعتذر عن وصف زيادات الشاطبي بـ[مجهولة المصادر والأسانيد]، واعتبر ذلك الوصف قدحا في حق الشاطبي أو الشاطبية، وأنه ما كان له أن يكتب ذلك لولا أن سيدي وسيده/ المتولي قال كذلك. وفسّر جهالة مصادر وأسانيد الشاطبي بمعرفة ابن الجزري لها لكنه لم يصرح بها، فقال الشيخ/ محمد:
وإنّما اختصرها في بعض الطرق ليتفادى كثرة الأسانيد لقوله في النشر : "مع أنا لم نعد للشاطبي وأمثاله إلى صاحب التيسير وغيره سوى طريق واحدة وإلا فلو عددنا طرقنا وطرقهم لتجاوزت الألف."
كما اعتبر معرفة ابن الجزري لها معرفةً تنوب عن معرفة الأمة بأكملها. وبذلك تصبح طرق زيادات الشاطبية ومصادرها الخارجة عن طرق الداني مصحفا آخر من مصاحف فاطمة، لا يعرفه إلا ابن الجزري، وقد دخل به السرداب، وعلى كافة الحوزات "العلمية" الإيمان بذلك والعمل بمقتضاه. ثم خلص إلى الإقرار بأنه ليس لزيادات الشاطبية لا مصدر ولا سند.
هذه خلاصة ما جاء في مشاركة الشيخ الفاضل، وما لم نعرج إليه منها إما موعظة حسنة، أو حريٌّ بأن يحول إلى ملتقى الانتصار للقرآن الكريم.
وكان الشيخ محمد قد تساءل في مشاركة له قبل الأخيرة فقال ما نصه:
لماذا نجد في النشر بعض الأسانيد للإمام الشاطبيّ التي لا تمرّ على الداني أصلاً ؟
فطلبنا منه، في مشاركة قصيرة لكن صارمة، أن يأتينا من النشر بطرق للشاطبي "لا تمر على الداني أصلا" فجاء بقول لسيدي وسيده ابن الجزري يفيد أن ليس للشاطبي طريق ملموس إلا الداني، وذلك عند قوله الذي نقله الشيخ محمد يحيى شريف من النشر، وهو:
مع أنا لم نعد للشاطبي وأمثاله إلى صاحب التيسير وغيره سوى طريق واحدة وإلا فلو عددنا طرقنا وطرقهم لتجاوزت الألف."
ولم يلحظ الشيخ محمد أن ابن الجزري قيّد طرق الشاطبي بالتيسير !
 
تفضلوا بهذه الأسانيد من النشر
لم أتنبه انه سؤال مواجه لي
وسأنقل لك الأسانيد إن شاء الله تعالى لأن كتاب النشر ليس بحوزتي الآن ولكن ريثما أطلع عليه أحيلك إلى أسانيد رواية قالون ستجد رواية الشاطبي عن النفزي من غير أن يمر على الداني إن لم تخني داكرتي.

أما كون الجهالة تقدح في الشاطبية فهو على ما يظهر ولكن إن عرُف السبب انتفى القدح لأجل هدا كان كلام المتولي صواباً.

أما قول ابن الجزري : مع أنا لم نعد للشاطبي وأمثاله إلى صاحب التيسير وغيره سوى طريق واحدة وإلا فلو عددنا طرقنا وطرقهم لتجاوزت الألف."
تأمل في قوله : إلى صاحب التيسير وغيره. قال : وغيره أي وغير التيسير يريد المصادر الأخرى.
 
تابع لما قبله.

ابن الجزري ذكر في رواية قالون من طريق أبي نشيط قال :
" طريق ابن غصن قرأ بها الشاطبي على النفزي على ابن غلام الفرس على أبي الحسن بن شفيع على ابن سهل على ابن غصن ،وقرأ ابن غصن على عبد المنعم ابن غلبون وقرأ على أبي سهل وقرأ على القزاز وقرأ على أبي حسان وقرأ على أبي نشيط "النشر :1/101-102

فهدا سند للإمام الشاطبي لا يمر على الداني.
 
ابن الجزري ذكر في رواية قالون من طريق أبي نشيط قال :
" طريق ابن غصن قرأ بها الشاطبي على النفزي على ابن غلام الفرس على أبي الحسن بن شفيع على ابن سهل على ابن غصن ،وقرأ ابن غصن على عبد المنعم ابن غلبون وقرأ على أبي سهل وقرأ على القزاز وقرأ على أبي حسان وقرأ على أبي نشيط "النشر :1/101-102
هذه هي الطريق الأولى لصالح بن إدريس، التي هي الأولى من طريقين للقزاز، وهذه الطريق لا علاقة لها بالشاطبية البتة. ومثله موجود في قراءة ابن عامر. إنما سند الشاطبي في رواية قالون هو:
وَمِنَ الشَّاطِبِيَّةِ قَرَأَ بِهَا الشَّاطِبِيُّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَاصِ النِّفْزِيِّ ، وَقَرَأَ بِهَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غُلَامِ الْفُرْسِ ، وَقَرَأَ بِهَا عَلَى أَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنِ نَجَاحٍ وَأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الدَّوَشِ وَأَبِي الْحُسَيْنِ يَحْيَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَيَّازِ ، وَقَرَءُوا بِهَا عَلَى الدَّانِيِّ ، وَقَرَأَ بِهَا الشَّاطِبِيُّ أَيْضًا عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هُذَيْلٍ ، وَقَرَأَ بِهَا عَلَى أَبِي دَاوُدَ عَلَى الدَّانِيِّ بِسَنَدِهِ .
ونذكر بأن ابن هذيل نص على إجازته للإمام الشاطبي ما يلي:
وأذنت له أن يقرأ ويقرئ بها على حسب ما قرأها عليّ وأخذها عني وسمعها مني وعلى حسب ما نص عليه الإمام المقرئ اللغوي أبو عمرو في مصنفاته التي سمع بعضها علي، ولا يخالف ذلك ولا يتعداه إلى غيره، فهو الطريق الواضح والسبيل الناجح إن شاء الله
ولو أخذنا بطريق القزاز، وهي معدومة في الشاطبية، لاقتصرت زياداته على الإرشاد فقط، وكيف ولا تكاد توجد له زيادة موجودة في الإرشاد ؟
 
الشيخ محمد الحسن بوصو : حفظكم ربي ورعاكم :
قلتم :
وهذه الطريق لا علاقة لها بالشاطبية البتة. ومثله موجود في قراءة ابن عامر. إنما سند الشاطبي...الخ
وقلتم :
ولو أخذنا بطريق القزاز، وهي معدومة في الشاطبية، لاقتصرت زياداته على الإرشاد فقط، وكيف ولا تكاد توجد له زيادة موجودة في الإرشاد ؟
وأقول بعد إذنكم وإذن الشيخ محمد يحي شريف :
أولاً : هل قول ابن الجزري رحمه الله " الشاطبية " هو نفسه مراد " الشاطبي " ؟ ومن قال إن طريق القزاز في الشاطبية أصلاً ؟
أما كاتب الحروف فيقول : لا وألف لا .
ثانياً :ابن الجزري يقول " قرأ بها الشاطبي ...الخ" ثم يذكر سنده ، وفضيلتكم يقول : " وإنما سند الشاطبي.." ثم تذكرون سنداً غير الذي ذكره ابن الجزري !!!
والسؤال : هل صنيعكم هذا : اجتهاد منكم في رد " أسانيد ابن الجزري ، أم استدراك عليه في أسانيده ، أم تصحيح لكلامه ؟ أم ماذا ؟
والله إني أحبكم في الله أخي محمد الحسن وأنتم تعلمون ذلك ، ولكن ابن الجزري " لايعترض عليه بهذه السهولة ، خاصة وأن كلامه " خاصة في الأسانيد " لاتشوبه شائبة ، والقصور منا وليس منه .
 
ثانياً :ابن الجزري يقول " قرأ بها الشاطبي ...الخ" ثم يذكر سنده ، وفضيلتكم يقول : " وإنما سند الشاطبي.." ثم تذكرون سنداً غير الذي ذكره ابن الجزري !!!
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، شكر الله أدبكم وأعلى مقامكم.
كيف خفي على محقق النشر أن سند الشاطبي الذي أوردته من صميم النشر، بل قبل أسانيد الشاطبي من طرق ابن غصن الثلاثة ؟ وأني، رغبة في اتباع من سلف، لم آت بشيء من عندي على الإطلاق ؟
 
مولاي الشيخ بوصو حفظني الله وإياك :
النزاع ليس في أن السند من النشر أم لا !
النزاع في أن ابن الجزري يقول طريق ابن غصن من طريق الشاطبي ، والحسن بوصو يرده إلى الشاطبية بسند آخر .
أما قولكم :
وأني، رغبة في اتباع من سلف، لم آت بشيء من عندي على الإطلاق ؟
فإني أقول أنكم جئتم ب " بدعة " لم يقل بها أحد من السلف - حسب علمي القاصر غيركم وغير كتاب " السلاسل الذهبية - وهي تغيير بعض أسانيد ابن الجزري بما ترونه وبما يظهر لكم أن ابن الجزري وهم فيه أو " لُبّس " عليه فيه ، وهو برئي منه براءة كاتب الحروف من كلامكما واجتهادكما .
ملاحظة :
لم يجبني فضيلتكم - وليس واجباً عليكم - هل التعبير ب "الشاطبية " هو نفسه التعبير ب " الشاطبي " ؟
تحيتي وسلامي .
 
لم يجبني فضيلتكم - وليس واجباً عليكم - هل التعبير ب "الشاطبية " هو نفسه التعبير ب " الشاطبي " ؟
تحيتي وسلامي .
يختلف التعبير عن "الشاطبي" و"الشاطبية". الأول شخص، واسع الأفق، والثاني عمل هذا الشخص مقيد بالتيسير. وقد أحسنتم بالسؤال فعلا، لأن كلامي كله كان ينصب على الشاطبية وأعبر عنه بالشاطبي.
 
قال ابن الجزري في نشره عنذ ذكره لأسانيد أبي عمرو البصري من رواية الدوري طريق أبي الزعزاء. : "طريق السامري وهي (الثانية) عن ابن مجاهد من ثمان طرق من قراءة الداني على أبي الفتح ومن كتاب التجريد من طريقين قرأ بها ابن الفحام على عبد الباقي ابن أبي الفتح وقرأ بها على أبيه وقرأ بها ابن الفحام أيضاً على ابن نفيس ومن كتاب تلخيص ابن بليمة من طريقين أيضاً قرأ بها عبد الباقي بن أبي الفتح وابن نفيس ومن قراءة الشاطبي على النفزي على ابن غلام الفرس على ابن شفيع على ابن سهل على الطرسوسي ومن كتاب العنوان والمجتبى قرأ بها صاحب العنوان على صاحب المجتبى الطرسوسي ومن كتاب الكافي قرأ بها ابن شريح على ابن نفيس ومن كتاب تلخيص أبي معشر قرأ بها عل إسماعيل ابن عمرو الحداد ومن كتاب الإعلان من ثلاث طرق قرأ بها الصفراوي على ابن الخلوف وقرأ على أبيه وقرأ على أبي الحسين الخشاب وعبد القادر الصدفي وأبي الحسن بن أبي داود ومن كتاب القاصد للخزرجي وقرأ بها الخزرجي وابن أبي داود والصدفي والخشاب والحداد وابن نفيس والطرسوسي وأبو الفتح ثمانيتهم على أبي أحمد السامري (فهذه) أربع عشرة طريقاً عن السامري."(النشر 1/124).

وهذا بغضّ النظر عن بعض أسانيد للإمام الشاطبيّ التي ذكرها تلميذه السخاوي في فتح الوصيد.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد.

كثيراً ما كنت أقرأ في كتب التحريرات والقراءات على غرار البدور الزاهرة للشيخ القاضي و شرح أتحاف البرية وغيث النفع وغيرهم أنّ الوجه الفلاني ليس من طرق الشاطبية ، فكنت أتسائل ما هي مصادر الشاطبية ؟ وعلى أيّ أساس حكموا على بعض الأوجه أنّها ليس من طرق الشاطبية.
سألت بعض المشايخ فلم أجد إجابة تشفي العليل وتروي الغليل إذ كانت إجاباتهم نظريّة سطحيّة لا تنطبق مع الممارسة العمليّة للتحريرات. وانصدمت حين سألت بعض المشايخ الذين أجلّهم كثيراً عن مصدر قصر البدل لورش من الشاطبية فقال لي هو كتاب التذكرة لأنّ الداني من رجال الشاطبي وهو قرأ على أبي الحسن صاحب التذكرة بالقصر فسُئل كيف يكون كتاب التذكرة مصدراً للشاطبية مع وجود الكثير من الفروق في الأصول. فأجاب حفظه الله : التزم بما في الشاطبية ولا تسأل هذه الأسئلة. ومن هنا أدركت أنّ المسألةَ هي في حدّ ذاتها لغزٌ يجب أن أحلّه بإذن الله. فبدأت أبحث في الكتب وللأسف لم أجد من فصّل في هذه المسألة إلاّ كلاماً للشيخ سلطان المزاحي حيث يقول : " فإن قلت من أين يعلم أنّ مكياً وابن بليمة ليسا منطريق الشاطبي ؟ قلتُ : لأنّ الشاطبي ينتهي سنده للداني لأنّه أخذ القراءة عن أبيالحسن عن ابن هذيل عن أبي داود الأموتي عن الداني وكل ما كان من طريق الداني سواءكان في التيسير أم جامع البيان أم المفردات فهو طريق له وما خرج عن ذلك فليس منطريقه ، ومكي وابن بليمة ليسا من طريق الداني. أمّا مكي فإنّه كان معاصراً للدانيوتوفي قبله بست سنين وأشهر لأنّ مكياً توفي في ثاني المحرم سنة سبع وثلاثينوأربعمائة ، والداني توفي في نصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة ، ولا يكون منطريقه إلاّ إن كان شيخاً له ، ولا نعلم أحداً ذكره من مشايخه إذ مشايخ الداني الذيأسند قراءة عنهم : أبو القاسم خلف بن إبراهيم بن محمد بن خاقان ، أبو الفتح فارسابن أحمد ، وأبو الحسن طاهر بن غلبون كما يعلم ذلك من مراجعة النشر. أمّا ابن بليمةفتأخرت وفاته عن الداني بثمانية ستين سنة ، فهو إن كان موجوداً عند وفاة الداني لميكن متأهّلاً لأن يأخذ القراءة عنه حتى يكون من رواية الأكابر عن الأصاغر إذ لو كانكذلك لذكره من مشايخه ، فاتضحا أنّهما ليسا من طريقه ، ومن هنا يعلم أنّ كلّ منتأخّرت وفاته كصاحب التجريد والإعلان والمبهج وأبي العز القلانسي والغرناطي صاحبالإقناع ةالشهرزوري صاحب المصباح وصاحب الكامل والمفيد أو كان معاصراً له ولم يعدمن مشايخه ليس من طريقه." انتهى كلامه رحمه الله وبركاته (رسالة الشيخ سلطانالمزاحي في أجوبة المسائل العشرين ص23 و24).

كلامه هذا صريح في أنّ طرق الشاطبية عنده تختصّ بطرق الداني ومشايخه الذين أخذ عنهم ، وهذا الكلام فيه نظر لعدّة أسباب :

أوّلاً : قد ذكر السخاوي في فتح الوصيد وابن الجزريّ في نشره بعض الأسانيد للإمام الشاطبيّ التي لا تمرّ على الداني وهذا لوحده يُبطل كلام الشيخ سلطان عليه رحمة الله تعالى.

ثانياً : إنّ الشاطبية تحوي على بعض الأوجه التي ما ثبتت عن الداني كالبسملة بين السورتين لورش ، والطول في اللين المهموز لورش وغير ذلك.

ثالثاً : إن اعتبرنا بكلام الشيخ سلطان ، يكون طريق قصر البدل هو التذكرة ، لأنّ الداني لم يقرأ بالقصر للأزرق إلاّ على أبي الحسن. فإن كان طريق التذكرة هو مصدر القصر فكيف نجد اختلافاً كثيراً في الأصول : فأبو الحسن يرقّق {إرم} ويخصّص التمكين إلاّ في {شيء} و {شيئا} دون {كهيئة} و {سوء} ونحو ذلك , ويفخّم الراءات المضمومة نحو { يبصرون} والقائمة طويلة. فإن كان كتاب التذكرة من مصادر الشاطبية فلمَ لم ينقل الشاطبيّ الخلاف فيما اختصّ من طريق التذكرة ؟. ومن هنا نُدرك أنّ طريق التذكرة ليس من طرق الشاطبية لورش اللهمّ إلاّ إذا زعمنا أنّ الشاطبيّ خلط بين الطرق والروايات وهذا مستبعد إذ لو كان كذلك لبيّنه ابن الجزريّ كما بيّن الكثير من الأوجه التي خرجت عن طرق التيسير والشاطبية. فإن يم يكن كتاب التذكرة هو مصدر القصر فما هو إذن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

رابعاً : نحن نعلم يقيناً أنّ الداني لم يقرأ بطول البدل مع الفتح في ذوات الياء. لأنّ مشايخه ينحصرون في ثلاثة لا رابع لهم وهم أبو الحسن وابن خاقان وفارس بن أحمد. فأمّا قراءته على أبي الحسن فبالقصر مع الفتح ، وأمّا التوسط مع التقليل فعن ابن خاقان وفارس ابن أحمد ، وبعضهم أضاف وجه الطول مع التقليل على ما يظهر من جامع البيان. أمّا الطول مع الفتح فلم يقرأ به الداني ولم يُنقل عنه ذلك فكيف يكون هذا الوجه من طرق الداني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

فبعد هذا البيان الواضح الساطع كيف يُقال أنّ مصادر الشاطبية لا تخرج عن مرويّات الداني ؟؟ أليس من المعلوم لدى الجميع أنّه لولا ابن الجزريّ الذي حرّر أوجه البدل والذات لقرأ المتأخرون بالأوجه الستة ولما استطاع واحدٌ غيره أن يمنع وجهاً منها لأنّ المصادر مجهولة فهو الوحيد الذي يدركها ، بدليل أنّ كلّ ما حرّر من الشاطبية كان تبعاً لما في النشر لا أكثر ولا أقلّ.

وأناشد مشايخنا الذي يخالفونني في هذه المسألة أن يحرّروا لنا لورش : البدل مع الذات ، والبدل مع اللين المهموز ثمّ يُثبتون بالدليل أنّ كلّ وجه منها ثابت عن الداني.
ولا أقول هذا الكلام من باب التحدّي حاش لله وإنّما نحن طلبة علم نستفيد من بعضنا ونريد إخراج ما في جعبة مشايخنا الأفاضل.


أكتفي بهذا القدر والحمد لله رب العالمين.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
 
تابع لما قبله

تابع لما قبله

النصّ الثاني :
قال الإمام السخاوي : "يقول محمد بن علي بن محمد بن أبي العاص النفزي المقرئ وفّقه الله : إنّ صاحبنا أبا القاسم بن فيرّه بن أبي القاسم الرّعيني حفظه الله وأكرمه قرأ عليّ القرءان كلّه مكرّراً ومردّداً مُفرداً لمذاهب القراءات السبعة أئمّة الأمصار رحمهم الله من رواياتهم المشهورة ، وطرقهم المعروفة التي تضمّنها كتاب التيسير والاقتصاد للحافظ أبي عمرو المقرئ وغيرهما وهم :
نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني ، وعبد الله بن كثير المكي ، وأبو عمرو بن العلاء البصري ، وعبد الله ابن عامر الشامي ، وعاصم بن أبي النجود الكوفي ، وحمزة بن حبيب الزيّات الكوفي ، وعليّ بن حمزة الكسائي الكوفي.
فأمّا قراءة نافع من رواية ورش عنه فقرأت بها القرءان كلّه وبغيرها من الروايات بالطرق المتضمّنة في الكتابين المذكورين على الفقيه الأجل الشيخ المقرئ الإمام الأوحد أبي عبد الله محمد بن الحسن بن سعيد رحمه الله. قال : قرأت بها القرءان كلّه أيضاً على الفقهاء الأجلّة الشيوخ المقرئين الأئمّة أبي الحسن علي بن عبد الرحمن الأنصاري المعروف بابن الدّوش ، وأبي داود سليمان بن أبي القاسم العُمري ، وأبي الحسن يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد رحمة الله عليهم قال : أخبروني به عن الحافظ أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان المقرئ مؤلّف الكتابين المذكورين تلاوةً منهم عليه رضي الله عنه بالأسانيد المذكورة فيهما إلى الأئمّة السبعة الموصلة إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فأغنى ذلك عن ذكرها هنا.
وقال لي : قرأت أنا أيضاً برواية ورش على الشيخ أبي الحسن يحيى بن أبي زيد المذكور على الفقيه الفاضل الإمام المقرئ أبي الحسن عند العزيز بن عبد الملك بن شفيع رضي الله عنهما ، قال : قال أبو الحسن : حدّثنا بها الإمام مكي بن أبي طالب القيسي ، عن أبي عدى عبد العزيز بن علي ، وقال أبو الحسن : قرأت بها على الشيخ أبي محمد عبد الله بن سهل المقرئ ، وأخذ على التحقيق ، وأخبرني أنّه قرأ بهما على أبي القاسم عبد الجبار الطؤسوسي بمصر ، وتلقّاها أبو القاسم من أبي عدي المذكور ، وتلقّاها أبو عدي من أبي بكر عبد الله بن سيف ، وتلقّاها أبو بكر من أبي يعقوب يوسف بن عمرو الأزرق ، وتلقّاها أبو يعقوب من ورش وقرأها ورش عن نافع."(فتح الوصيد 1/117و118و119و120).

من خلال ما ذكره السخاوي يمكن استخراج من مرويّات الشاطبي عن النفزي ثلاثة أسانيد : الأوّل هو من طريق الداني بمضمون التيسير والاقتصاد. والثاني من طريق مكي القيسي لكن بالتحديث لا بالأداء. والثالث من طريق الطرسوسي صاحب المجتبى.

فأمّا رواية الداني من التيسير فظاهر. وأمّا من كتاب الاقتصاد للداني فهي نفس طرق التيسير حيث ذكر العلامة الدكتور عبد الهادي حميتو في كتابه معجم مؤلّفات أبي عمرو الداني أنّ كتاب الاقتصاد هو نثر أوسع من كتاب التيسير أي أنّ كتاب التيسير هو مختصر لكتاب الاقتصاد كما ذكر المنتوري في فهرسته خلافاً لما ذكره ابن الجزريّ في غاية النهاية من أنّه نظم إذ يقول ابن الجزريّ بعد أن ذكر كتاب التيسير : "ومنظومته الاقتصاد أرجوزة مجلد". قال العلامة عبد الهادي حميتو معلّقاً على كلام ابن الجزريّ : "وهذا يفيد أنّ أبا عمرو قد ألفه نظماً لكتاب التيسير ، وهو خلاف الواقع ، إذ النقل عنه في المصادر يدلّ على أنّه نثر وأنّه أوسع مادة من التيسير ، بل نقل المنتوري – في فهرسته كما في الهامش- في شأنه عن بعض الشيوخ أنّه أي التيسير "مختصر كتاب الاقتصاد له". (معجم مؤلّفات الداني ص45). أقول : إن كان كتاب التيسير هو مختصر لكتاب الاقتصاد فهذا يدلّ أنّ طرق التيسير والاقتصاد واحد أي من قراءة الداني على ابن خاقان بتوسط البدل مع التقليل في ذوات الياء لا غير.

وأمّا طريق مكي القيسي فهي بالتحديث وليست بالتلاوة والأداء فلا ينبغي الاعتبار بها وحتّى أن اعتبرنا بها فإنّ في رواية مكي عن أبي عدي ما يخالف ما في الشاطبية كتفخيم {عشرون} و {وزرك} و{وزر أخرى} و {ذكرك} و {حذركم} و {لعبرة} و {كبره} و ترقيق {إرم} ، وكذا تفخيم اللام في {صلصال} إذ به قرأ على غير الأذفوي بمعنى أنّه على أبي عدي بالتفخيم وهو خلاف ما في الشاطبية. وحتّى إن سلمنا أنّه من طرق الشاطبية فهذا لا يعني أنّ الشاطبيّ أختار هذه الرواية في قصيدته الحرز.

وأمّا طريق الطرسوسي صاحب المجتبى فإنّ في روايته ما يخالف مضمون الشاطبية كتفخيم {سراعاً}، و{ذراعاً}، {ذراعيه} ، وترقيق {إرم} والإشباع في نحو {ايت} و {اوتمن} حال الابتداء وهو خلاف ما في الشاطبية. فإمّا أن يكون الإمام الشاطبيّ قد خلط بين الطرق وهذا مستبعد تنزيها له من هذا الصنيع ولا أعتقد أن يفوت صاحب النشر التنبيه على هذا الأمر ، وإمّا أن تكون هذه الرواية غير مختارة عند الإمام الشاطلبيّ في قصيدته.

فالإمام السخاوي ذكر فقط مرويّات الإمام الشاطبيّ عن النفزي دون غيره وهذا لا يعني أنّ الإمام الشاطبيّ لم يأخذ عن غير النفزي ، ولا يعني من ذكره في الأسانيد طريق مكي والطرسوسي ، أنّهما من مصادر الشاطبية بالضرورة لأنّنا لا ندري هل اختارها الإمام الشاطبيّ لتكوم ضمن روايات القصيدة أم لا ، والذي يظهر عند المقارنة أنّهما ليسا من طرق الشاطبية لوجود فروق كبيرة في الأصول بين التبصرة والمجتبى وبين الشاطبية.

وعلى ما سبق يظهر جلياً أنّ ما ذكره السخاوي لا يحلّ المشكلة بل يبقى الإشكال مطروحاً.ً

وللحديث بقيّة إن شاء الله تعالى.
 
تابع لما قبله.

تابع لما قبله.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد.

من خلال ما يظهر من النصّين المذكورين آنفاً اتّضح لي استحالة التعرّف على مصادر الشاطبية وتحرير طرقها وأوجهها ، والغريب في المسألة أنّ العلماء ما تعرّضوا لها وأخصّ بالذكر المحرّرين الكبار باستثناء العلامة النحرير المتولّي عليه رحمة الله ، وذلك مع شهرة القصيدة التي تميّزت بكثرة الاعتناء بها شرحاً وحفظاً ورواية.
وازداد يقيني بذلك لما وقفت على كلام المتولّي في روضه يصرّح فيه بأنّ طرق الشاطبية مجهوله وتحريرها متوقّف على معرفتها.قال العلامة المتولي عليه رحمة الله تعالى : " وكذلك منع الشيخ سلطانوتابعوه – أي ترقيق ذكراً- على التوسط – أي توسط البدل- من الشاطبية ، ولا أدري ماعلّة ذلك لأنّ الترقيق من زيادات القصيدة على التيسير وطرقها مجهولة ، وليس فيكلامهم ما يُعيّنها وغاية ما في النشر أنّه أوصل سند الشاطبي عن النفزي إلى صاحبالتيسير من قراءته على ابن خاقان فقط وسكت عن ما وراء ذلك له في طريق الأزرق ، وقدأقرّ بذلك حيث قال- أي ابن الجزري- "مع أنّا لم نعد للشاطبيأمثاله إلى صاحب التيسير وغيره سوى طريق واحدة وإلاّ فلو عددنا طرقناوطرقهم لتجاوزت الألف ، وهذا علمٌ أُهمل وباب أُغلق وهو السبب الأعظم في ترك الكثيرمن القراءات والله تعالى يحفظ ما بقي " ل " (روض النضير ص 268و269). وقال عند تعرّضه لتحرير أوجه اللين المهموز لورش ، فقال عليه رحمة اللهتعالى : " وأمّا تحرير المسألة – أي أوجه اللين - من طريق الشاطبية فكما ذكرنا ،فهذا مشهورٌ وتفريعنا عليه ولكنّي لا أدري من أين ذلك ؟ لأنّ طرق الشاطبية التيزادها على التيسير مجهولة وهذا أمرٌ متوقّف على معرفتها ، ولم يُبرّر أحد ممن قالبذلك شيئاً منها " ( روض النضير ص253).

والشاطبية منظومة راقية استطاع صاحبها حصر أصول فرش القرءات السبع بطريقة عجيبة وبأسلوب راق ومبدع أعجز أهل اللغة والبلاغة ولكن مع ذلك كانت مجملة من حيث بيان الطرق والمصادر وتحرير الأوجه ، ولولا أنّ المتأخّرين حرّروا بعض أوجهها لما مُنع وجه واحد من مقتضاها ومضمونها. فهذا الإمام السخاوي تلميذ الناظم هو أوّل من بيّن أنّ الإدغام الكبير يختصّ برواية السوسي دون الدوريّ عن أبي عمرو ثمّ بعده بن الجزريّ الذي حرّر بعض أوجهها في مسائله التبريزية ولا ندري هلّ حرّر جميع أوجهها أو تعرّض إلى بعض المسائل دون البعض. ولا يمكننا أن نتثبّت مّما حرّره ابن الجزريّ لأنّ ذلك متوقّف على معرفة مصادرها وطرقها وذلك متعذّر كما سبق بيانه. والرواية تقتضي بيان الإسناد و المصدر الذي أُخذت منه تلك الرواية لا سيما إن كان المنقول يُؤخذ بالرواية ويُروى بالإسناد ليتسنّ تحرير الأوجه وتنزيلها على مصدرها وحيّزها الذي انبثقت منه ، ولأجل هذا نجد معظم المؤلّفين للحروف يذكرون أسانيدهم حتّى يُظهروا مصدر رواياتهم ليسهل على المتأخّرين إدراكها والتثبّت منها لأنّ الأئمّة مهما بلغوا في العلم والضبط فإنّهم معرّضون للوهم ، وبتلك الأسانيد والمصادر يُمكن للأئمّة النقاد تنقيح الروايات من الأخطاء وإبعاد كلّ دخيل عليها ، وها هو إمام الفنّ ابن الجزريّ الذي لم يسلك طريقة الإمام الشاطبيّ ولم يكتف بوضع منظومته الطيّبة دون أن يضع لها نثراً يُبيّن فيه المصادر والطرق والأسانيد مع عزو الوجوه إلى مصادرها وتحقيق مسائلها وبيان الصحيح منها والضعيف والأقوى من جهة الرواية حيث قال في النشر : ً وجمعتها في كتاب يرجع إليه، وسفر يعتمد عليه، لم أدع عن هؤلاء الثقات الأثبات حرفاً إلا ذكرته، ولا خلفاً إلا أثبته، ولا إشكالاً إلا بينته وأوضحته، ولا بعيداً إلا قربته، ولا مفرقاً إلا جمعته ورتبته، منبهاً على ما صح عنهم وما شذ ما انفرد به منفرد وفذ. ملتزماً للتحرير والتصحيح والتضعيف والترجيح معتبراً للمتابعات والشواهد. رافعاً إبهام التركيب بالعزو المحقق إلى كل واحد جمع طرق بين الشرق والغرب،....."(النشر 1/56).

وما ذكرته من خصائص الشاطبية لا يمسّ بنيتها وتواترها وصحّة ما فيها فهو أمرٌ مفروغ منه مقطوع به وإنّما هو بالنسبة لنظرة المحرّر الذي لم يجد الآليات والوسائل المناسبة التي تمكّنه من تحرير هذه المنظومة العظيمة إذ تحريرها هو استكمال للعناية الكبيرة التي امتازت بها القصيدة عبر الأجيال.


أكتفي بهذا القدر والحمد لله ربّ العالمين.
 
وازداد يقيني بذلك لما وقفت على كلام المتولّي في روضه يصرّح فيه بأنّ طرق الشاطبية مجهوله وتحريرها متوقّف على معرفتها.قال العلامة المتولي عليه رحمة الله تعالى : " وكذلك منع الشيخ سلطانوتابعوه – أي ترقيق ذكراً- على التوسط – أي توسط البدل- من الشاطبية ، ولا أدري ماعلّة ذلك لأنّ الترقيق من زيادات القصيدة على التيسير وطرقها مجهولة ، وليس فيكلامهم ما يُعيّنها وغاية ما في النشر أنّه أوصل سند الشاطبي عن النفزي إلى صاحبالتيسير من قراءته على ابن خاقان فقط وسكت عن ما وراء ذلك له في طريق الأزرق ، وقدأقرّ بذلك حيث قال- أي ابن الجزري- "مع أنّا لم نعد للشاطبيأمثاله إلى صاحب التيسير وغيره سوى طريق واحدة وإلاّ فلو عددنا طرقناوطرقهم لتجاوزت الألف ، وهذا علمٌ أُهمل وباب أُغلق وهو السبب الأعظم في ترك الكثيرمن القراءات والله تعالى يحفظ ما بقي " ل " (روض النضير ص 268و269). وقال عند تعرّضه لتحرير أوجه اللين المهموز لورش ، فقال عليه رحمة اللهتعالى : " وأمّا تحرير المسألة – أي أوجه اللين - من طريق الشاطبية فكما ذكرنا ،فهذا مشهورٌ وتفريعنا عليه ولكنّي لا أدري من أين ذلك ؟ لأنّ طرق الشاطبية التيزادها على التيسير مجهولة وهذا أمرٌ متوقّف على معرفتها ، ولم يُبرّر أحد ممن قالبذلك شيئاً منها " ( روض النضير ص253).
إذا كان المتولي رحمه الله والشيخ محمد يحيى شريف الجزائري حفظه الله قد أجمعا على أن طرق ومصادر زيادات الشاطبية مجهولة فما الداعي إلى الأخذ بها على أنها من طريق الشاطبية ؟
نجدد موقفنا: ليس للشاطبية أصلا طرقٌ غير طرق التيسير، وليس للشاطبي سند معتبر إلا من طريق الداني. لم يقرأ بطريق التبصرة ولا بطريق التذكرة ولا بطريق المستنير ولا بطريق المجتبى، ولا روى بسند عن ابن عديّ شيئا !
 
تحرير {حيران}.

تحرير {حيران}.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد.

تحرير {حيران}.

قال ابن الجزريّ : "سادسها : {حيران} فخّمها من أجل عدم الصرف صاحب التجريد وأبو القاسم خلف بن خاقان ونص عليه كذلك إسماعيل النحاس. قال الداني وبذلك قرأت على ابن خاقان وكذلك رواه عامة أصحاب أبي جعفر بن هلال عنه. قال وأقرأنيه غيره بالإمالة قياساً على نظائره انتهى. ورققها صاحب العنوان وصاحب التذكرة وأبو معشر وقطع به في التيسير فخرج عن طريقه فيه. والوجهان جميعاً في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية.". انتهى كلامه رحمه الله.
ونظراً لوجود سقط في النسخة المطبوعة اعتمدتّ على النسخة التي قام بتحقيقها شيخنا السالم الجكنيّ حفظه الله تعالى.(منهج ابن الجزريّ في كتابه النشر مع تحقيق قسم الأصول ص1429و1430).

أقول وبالله التوفيق : الذي يظهر من كلام ابن الجزريّ عليه رحمة الله أنّ التفخيم في {حيران} هو مذهب صاحب التجريد ، وابن خاقان وبه قرأ الداني عليه وهو أحد وجهي جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية. والترقيق هو مذهب الداني في تيسيره وهو خروج عن طريقه لأنّه قرأ على ابن خاقان بالتفخيم ، وكذا مذهب صاحب العنوان والتذكرة وأبي معشر وهو الوجه الثاني في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية وبه قرأ الداني على أبي الحسن وأبي الفتح.

1 – أصحاب مذهب التفخيم على ما في النشر : وهم صاحب التجريد ، وابن خاقان وبه قرأ الداني عليه وهو أحد وجهي جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية.

فأمّا من التجريد فقال ابن الفحام : "وخالف أصله في {ولو أراكهم} فرقّق وروايته التفخيم وفخّم {حيران} ..."(التجريد ص179 ).

وأمّا قراءة الداني على ابن خاقان فقال الداني : "فأقرأني ابن خاقان {حيران} بإخلاص الفتح لامتناعه من الصرف بكون مؤنّثة حيرى ، وكذلك نصّ عليه إسماعيل النحاس في كتابه في الأداء ، وكذلك رواه أيضاً عامّة أصحاب أبي جعفر أحمد بن هلال عنه ، وأقرأنيه غيره بإمالة الراء قياساً على نظائره."(جامع البيان ص354). وهذا الوجه هو الأوّل من جامع البيان.

وأمّا أحد الوجهين من الكافي فقال ابن شريح : "واختلف عنه في {عشيرتكم} في التوبة وفي {حيران} في الترقيق والتفخيم ، وبالوجهين قرأت وبهما آخذ."(الكافي ص75).

وأمّا أحد الوجهين من التبصرة فقال مكي القيسي : "وقرأت بالوجهين في {حيران} و {إجرامي} و {عشيرتكم} في سورة براءة خاصّة"(التبصرة ص149).

وأمّا أحد الوجهين من الهداية فقال المهدوي : "وذكر الرواة عنه في {حيران} الترقيق والتفخيم ، وترقيق الوجه لجريانه على الأصل ، ولا علّة لمن روى التفخيم إلاّ الجمع بين اللغتين."(شرح الهداية ص147).

وأمّا أحد الوجهين من تلخيص العبارات فقال ابن بلّيمة : "تفرّد ورش بترقيق الراء إذا وليها ياء ساكنة ، وسواء انفتح ما قبل الياء أو انكسر أو لقيها كسرة لازمة أو حال بينهما ساكن. فالياء الساكنة المفتوح ما قبلها نحو قوله تعالى {خيرات حسان} ، {وافعلوا الخير} و {حيران}...."(تلخيص العبارات ص49). أقول : الذي يظهر من كلام ابن بلّيمة أنّ مذهبه هو الترقيق لا غير خلافاً لظاهر النشر الذي ذكر له الوجهين ، وعليه فإنّي اقتصر له على الترقيق كما اقتصر له عليه العلامة المتولي والضباع. قال المتولي : ولم أجد في هذا التلخيص سوى الترقيق .."(الروض النضير ص274).

وأمّا من الشاطبية فقال صاحبها : (وحيران بالتفخيم بعض تقبّلا).

2– أصحاب مذهب الترقيق على ما في النشر : وهم الداني في تيسيره و مذهب صاحب العنوان والتذكرة وأبي معشر وهو الوجه الثاني في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية وبه قرأ الداني على أبي الحسن وأبي الفتح.

فأمّا من التيسير فقال الداني : "وأمّا ما وليت الراء فيه الياء ، وسواء انفتح ما قبلها أو انكسر فذلك نحو قوله عزّ وجلّ : {الخيرات} و {حيران} و {الخير} و {الطير} ....."(التيسير ص192). أقول : الترقيق من التيسير خروج من طريقه إذ قرأ الداني بالتفخيم على ابن خاقان وهو روايته من التيسير ، لذا ينبغي أن يُقرأ بالتفخيم من طريق التيسير اتباعاً للرواية.

وأمّا من العنوان فقال أبو طاهر : "إذا كانت الراء مفتوحة، وكان قبلها كسرة أو ياء قرأها ورش بين اللفظين- سواء كانت الكسرة قبل الراء بلا حائل بينهما أو حال بينهما ساكن- نحو (خيرا) و (غيركم) و (فاطر السموات) و (خسر الدنيا والآخرة) و (الذكر) و (وزر أخرى) وما أشبهه."(العنوان 62). أقول : لم يستثن أبو طاهر {حيران} ، دلّ أنّها مرقّقة عنده على الأصل. قال ابن الجزري في كتابه التحفة : "ورقق {إرم} و باب {ذكراً} و {ستراً} بلا خلاف وكذلك {حيران}."(تحفة الإخوان ص180).

وأمّا من التذكرة فلم يستثن أبو الحسن {حيران} من القاعدة ، وبالتالي فإنّها مرقّقة عنده وجهاً واحداً.

وأمّا من طريق أبي معشر فالذي يظهر من النشر هو الترقيق.

وقد سكت في النشر عن صاحب الإرشاد والكامل والمجتبى فأمّا من الإرشاد فمذهب صاحبه الترقيق . قال أبو الطيّب : "فالاختلاف بين ورش عن نافع وبين القراء إنّما هو في المفتوحة لا غير ، وسواء وقعت في اسم أو فعل ، نحو {الخيرات} و {الميراث} و {المحراب} و {سراجاً} و {إخراج} و {حيران} وماكان مثله إذا كان قبل الراء كسرة أو ياء ساكنة."(الإرشاد 1/460).فلم يستثن أبو الطيّب {حيران} من القاعدة ، وبالتالي فإنّها مرقّقة عنده وجهاً واحداً.

وأما من الكامل فمذهبه الترقيق. قال الهذلي : "وكان ورش يلطف الإمالة من طريق الأزرق وداود في {جاء} و {شاء} وما جاز فيه الإمالة و {رءا الشمس} و {ترآءا الجمعان} ، {نئا بجانبه} و {حتّى نرى الله} و {المحراب} و {الخيرات} و {حيران} و {إخراجهم} و {مراءً} و {إسرافاً}...."(الكامل ص327). وبه أخذ العلامة الضباع في كتابه المطلوب. قد يقول القائل لماذا لم تأخذ بوجه التفخيم من الكامل وقد أسند ابن الجزريّ رواية الكامل من طريق ابن هلال عن النحاس وقد ذكر الداني في جامعه وابن الجزري ناقلاً عن الداني أنّ التفخيم هو مذهب عامة أصحاب أبي جعفر بن هلال عن النحاس ؟ الجواب كلام الهذلي صريح وقويّ الحجيّة أمام القرائن التي تُستعمل عادة عند عدم النصّ ، فوجود نصّ الهذلي يغنينها عن هذه القرائن. ومن جهة أخرى إن سلمنا أنّ وجه التفخيم ثابت عن الهذلي بهذه القرينة فلا يعني ذلك أنّه اختاره في كتابه الكامل ، فاقتصاره على الترقيق دلالة على عدم اختياره لوجه التفخيم ونحن ملزمون بهذا الاختيار والعلم عند الله تعالى.

وأمّا من المجتبى فقد أسند له في النشر من طريق ابن هلال عن النحاس ، والتفخيم هو مذهب عامة أصحاب أبي جعفر بن هلال عن النحاس ، وعليه فإنّي آخذ بوجه الترقيق من طريق المجتبى. قد يقول القائل لماذا لم تأخذ بالوجهين تبعاً لتلميذه صاحب العنوان ؟ الجواب : الاقتصار على الترقيق مبنيّ على قرينة قويّة وهو كلام الداني في جامع البيان الذي صرّح بأنّ التفخيم هو مذهب عامة أصحاب ابن هلال عن النحاس وهو طريق صاجب المجتبى ، بينما الأخذ بالوجهين تبعاً لصاحب العنوان مبنيّ على احتمال وهذه القرينة ضعيفة لا قوام لها أمام القرينة الأولى. والعلم عند الله تعالى.

أمّا الوجه الثاني من جامع البيان فهو من قراءة الداني على أبي الحسن وأبي الفتح.

وأمّا الوجه الثاني من الكافي والهداية والتبصرة والشاطبية فظاهر قد سبق نقل أقوال مؤلّفيها عند ذكرنا للمذهب الأوّل

3 – خلاصة المسألة :

نخلص مما سبق أنّ التفخيم هو مذهب صاحب التجريد ، والمجتبى والداني في تيسيره على الصحيح إذ به قرأ على ابن خاقان ، وهو أحد الوجهين في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة والشاطبية. وأمّا الترقيق فهو مذهب صاحب العنوان والتذكرة والإرشاد والتلخيص وأبي معشر والكامل والوجه الثاني في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة والشاطبية وبه قرأ الداني على أبي الحسن وأبي الفتح.

ففي قوله تعالى : {...بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب} أربعة أوجه كلّها صحيحة من الشاطبية والطيّبة.

- الفتح في {هدانا} مع التفخيم في {حيران} من التجريد وأحد وجهي الشاطبية والتبصرة والهداية والكافي.
- الفتح مع الترقيق من التذكرة والإرشاد والكامل وأبي معشر والوجه الثاني في الشاطبية والتبصرة والهداية والكافي والأوّل من جامع البيان من قراءة الداني على أبي الحسن.
- التقليل مع التفخيم من التيسير على الصحيح والمجتبى والثالث من الشاطبية والثاني جامع البيان من قراءة الداني على ابن خاقان.
- التقليل مع الترقيق من العنوان والتلخيص والرابع من الشاطبية والثالث من جامع البيان من قراءة الداني على أبي الفتح.

ويصحّ منها ثلاثة عن الداني وهي :
- الفتح مع الترقيق من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- التقليل مع التفخيم من التيسير على الصحيح وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
- التقليل مع الترقيق من جامع البيان أيضاً وبه قرأ الداني على أبي الفتح.

أمّا الرّابع وهو الفتح مع التفخيم فيصحّ من الشاطبيّة ولا يصحّ عن الداني وهذا دليل على أنّ طرق الشاطبية ليست مقتصرة على طرق الداني بل تزيد عليه طرقاً أخرى. وبالمناسبة أسأل أولئك الذين يقولون بعدم جهالة طرق الشاطبية أن يبيّنوا لنا مصدر الشاطبية في وجه الفتح مع التفخيم.

أكتفي بهذا القدر والحمد لله ربّ العالمين.
 
تحرير {ذكرك} و {وزرك}.

تحرير {ذكرك} و {وزرك}.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

تحرير {ذكرك} و {وزرك}.

قال ابن الجزريّ : "سابعها (وزرك، وذكرك). في ألم نشرح فخمها مكي وصاحب التجريد والمهدوي وابن سفيان وأبو الفتح فارس وغيرهم من أجل تناسب رؤوس الآي. ورققه الآخرون على القياس. والوجهان في التذكرة والتلخيصين والكافي. وقال إن التفخيم فيهما أكثر. وحكى الوجهين في جامع البيان وقال إنه قرأ بالتفخيم على أبي الفتح واختار الترقيق."(النشر 2/97).


1-أصحاب مذهب التفخيم على ما في النشر : وهم صاحب التبصرة و التجريد والهداية والهادي وأبو الفتح وأحد وجهي التذكرة وتلخيص ابن بلّيمة والكافي وجامع البيان من قراءة الداني على أبي الفتح.

فأمّا من التبصرة فقال مكي القيسي : "وخالف أصله في المفتوحة في مواضع ، وهي : {إبراهيم} و {إسرائيل} و {وزرك} و {وزر أخرى} و {ذكرك}.."(التبصرة ص149).

وأمّا من التجريد فقال ابن الفحام : "وفخّم {وعشيرتكم} في التوبة خاصّة و {إرم} {ذكرك}."(التجريد ص179). أقول : لم يذكر ابن الفحام {وزرك} لأنّها مفخّمة عنده كأصل مستقل فقال عند ذكره الراءات المفخّمات : "أو ما يهوي فيتصل بها نحو {حذركم} و {عبرة} و {إبراهيم} و {إسرائيل} و {عمران} و {وزر أخرى}.". (التجريد ص178).

وأمّا من الهداية فقال المهدوي : ذلك أنّه يُفخّم {كبره} و {حذركم} وما أشبههما ...".(شرح الهداية ص 149).

وأمّا من الهادي فليس من طرق الطيّبة.

وأمّا الوجهان من التذكرة فقال أبو الحسن : "واعلم أنّ في قوله تعالى (لم نشرح لك) : {وزرك} و {ذكرك} وجهين لورش :
أحدهما : أن تقرأهما له بين اللفظين من أجل الكسرة التي قبل الراء فيهما ، طرداً لأصله فيها كما تقدّم.
والآخر : أن تقرأهما له بالفتح ، إتّباعاً لما قبلهما وما بعدهما من رؤوس الآي التي قد فتح فيها الراء ، لانفتاح ما قبلهما لكي تتشاكل رؤوس الآي في الفتح فتتفق ولا تختلف."(التذكرة ص1/226).

وأما الوجهان في جامع البيان فقال الداني : "فأمّا قوله في {ألم نشرح} {وزرك} و {ذكرك} فإنّ أبا الحسن قال لنا : إنّ الراء يحتمل فيها وجهين : الإمالة اليسيرة طرداً للقياس مع الكسرة ، والفتحة للموافقة بين رؤوس آي السورة التي الراء فيها مفتوحة بإجماع للفتحة التي قبلها ، نحو {صدرك} و {ظهرك} وهذا الذي قاله حسن."(جامع البيان ص354).أقول : كلام الداني يدلّ على أنّ أبا الحسن يجوّز الوجهين فقط ، ولا يعني ذلك أنّه قرأ عليه بالوجهين ، بل نقل المنتوري عن الداني في الإبانة أنّه لم يقرأ {وزرك} و {ذكرك} إلاّ بالترقيق. قال المنتوري : "قال في الإبانة : وبالإمالة قرأت في ذلك كلّه من أجل الكسرة وهو القياس."(شرح الدرر ص2/ 564). وقال ابن القاضي : "أمّا {وزرك} و {ذكرك} في الشرح فنقل – أي الدانيّ- الخلاف في إرشاد المتمسّكين والإبانة وإيجاز البيان وجامعه والتلخيص والموضح. قال في الإبانة : "وبالإمالة قرأت في ذلك كلّه من أجل الكسرة وهو القياس."(الفجر الساطع ص3/348).وما نقله ابن الجزريّ عن الداني في جامع البيان من أنّه قرأ بالتفخيم على أبي الفتح واختار الترقيق ، لم أجده فيه ولم ينقله عنه المنتوري و لا ابن القاضي سواء من جامع البيان أو غيره من كتب الداني. وعليه يظهر أنّ الداني لم يقرأ على مشايخه {وزرك} و {ذكرك} إلاّ بالترقيق ، باستثناء كلمة {وزر} حيث ما وقعت فإنّه قرأ على أبي الفتح بالتفخيم. قال الداني : "وأقرأني أبو الفتح {وزر} حيث وقع بإخلاص الفتح وأقرأني ذلك غيره بالإمالة لأجل الكسرة."(جامع البيان ص354).

وأمّا الوجهان من تلخيص العبارات فقال ابن بلّيمة : "وكذلك {وزرك} و {ذكرك}. فالترقيق طردُ أصله ، والتفخيم اتّباعاً لما قبلها وما بعدها من رؤوس الآي."(تلخيص العبارات ص50).

وأمّا الوجهان من الكافي فقال ابن شريح : "وقرأت له {وزرك} و {ذكرك} في ألم نشرح بين اللفظين وبالتفخيم وتفخيمها أكثر."(الكافي ص76).

2-أصحاب مذهب الترقيق على ما في النشر : وهم الباقون أي الداني في تيسيره والشاطبيّ وصاحب العنوان والمجتبى والكامل والإرشاد وأبو معشر والثاني من جامع البيان والتلخيص والكافي والتذكرة وبه قرأ الداني على ابن خاقان وأبي الحسن.

فأمّا من العنوان والشاطبية والتيسير والإرشاد والكامل فلم أجد في هذه الكتب إشارة إلى التفخيم في {وزرك} و {ذكرك} وعليه فإنّها ترقّق على الأصل من طريقهم إذ هو الموافق لظاهر النشر بقول صاحبه: "ورققه الآخرون على القياس."

أمّا من طريق أبي معشر وصاحب المجتبى فالذي يظهر من النشر هو الترقيق لقول ابن الجزريّ :"ورققه الآخرون على القياس.".

3 – خلاصة المسألة :

نخلص مما سبق أنّ الخلاف بين أهل الأداء يدور بين ثلاثة مذاهب :
الأوّل : التفخيم في {ذكرك} و {وزرك} وهو مذهب صاحب التبصرة و التجريد والهداية وأحد وجهي التذكرة وتلخيص ابن بلّيمة والكافي.
الثاني : الترقيق فيهما وهو مذهب صاحب العنوان والمجتبى والشاطبية والتيسير والإرشاد والكامل وطريق أبي معشر والثاني من التذكرة وتلخيص ابن بلّيمة والكافي وأحد وجهي جامع البيان وبه قرأ الداني على ابن خاقان وأبي الحسن.
الثالث : تفخيم {وزر} حيث ما وقعت بما فيها {وزرك} دون {ذكرك} وهو الوجه الثاني من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.

والعلم عند الله تعالى.
 
إستدراك على مسألة {وزرك} و {ذكرك}

إستدراك على مسألة {وزرك} و {ذكرك}

عند تدقيق النظر في المسألة يظهر من كلام الداني في جامع البيان أنّ قراءته بالتفخيم على أبي الفتح هي خاصّة ب {وزر} دون {وزرك} حيث ذكر في الإبانة أنّه لم يقرأ في {وزرك} و {ذكرك} إلاّ بالترقيق فيما نقل عنه المنتوري. قال الداني في الإبانة : "وبالإمالة قرأت في ذلك كلّه من أجل الكسرة وهو القياس.".
وبالتالي فإنّ قراءة الداني بالتفخيم على أبي الفتح تكون إلاّ في {وزر أخرى} دون {وزرك} إذ لا خلاف عن الداني في قراءته بالترقيق في {وزرك}. ويؤكّد ذلك أنّ أئمّتنا فرّقوا في الحكم بين {وزرك} و {وزر أخرى} وما جمعوا بينهما في التمثيل والحكم ، وها هو ابن الجزريّ يجل كلّ واحد منهما في باب مستقل فجعل الأوّل في باب {وزرك} و{ذكرك} والثاني في باب {وزر أخرى}.

وحينئذ يصير التحرير كالتالي :
- التفخيم في {ذكرك} و {وزرك} هو من طريق التبصرة و التجريد والهداية وأحد وجهي التذكرة وتلخيص ابن بلّيمة والكافي.
- الترقيق فيهما من العنوان والمجتبى والشاطبية والتيسير وجامع البيان والإرشاد والكامل وطريق أبي معشر والثاني من التذكرة وتلخيص ابن بلّيمة والكافي وبه قرأ الداني على مشايخه الثلاثة.

والعلم عند الله تعالى.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير {وزر أخرى}.

قال ابن الجزريّ : "(وزر أخرى) فخمه مكي وفارس بن أحمد وصاحب الهداية والهادي والتجريد. وبه قرأ الداني على أبي الفتح وذكر الوجهين في الجامع. ورققه الآخرون على القياس."(النشر 2/97).

1-أصحاب مذهب التفخيم على ما في النشر : وهم صاحب التبصرة والهداية والهادي والتجريد وأحد وجهي جامع البيان من قراءة الداني على أبي الفتح.

فأمّا من التبصرة فقال مكي القيسي : "وخالف أصله في المفتوحة في مواضع وهي : {إبراهيم} و {إسرائيل} و {وزرك} و {وزر أخرى} و {ذكرك} ...."التبصرة ص148).

وأمّا من الهداية فقال المهدوي : ذلك أنّه يُفخّم {كبره} و {حذركم} وما أشبههما ...".(شرح الهداية ص 149). أقول {وزر أخرى} تندرج تحت هذا الأصل.

وأمّا الهادي فليس من طرق النشر.

وأمّا من التجريد فقال ابن الفحام : "أو ما يهوي فيتصل بها نحو {حذركم} و {عبرة} و {إبراهيم} و {إسرائيل} و {عمران} و {وزر أخرى}.". (التجريد ص178).

وأمّا الوجهان من جامع البيان فقال الداني "وأقرأني أبو الفتح {وزر} حيث وقع بإخلاص الفتح وأقرأني ذلك غيره بالإمالة لأجل الكسرة."(جامع البيان ص354).

2-أصحاب مذهب الترقيق على ما في النشر : وهم الباقون أي صاحب الشاطبية والتذكرة والإرشاد والتلخيص والتجريد والكافي والعنوان والمجتبى والكامل وأبي معشر و الداني في تيسيرة والثاني من جامع البيان من قرأءته على ابن خاقان وأبي الحسن.

فأمّا من الشاطبية والتذكرة والإرشاد والتلخيص والعنوان والكامل والتيسير فلم أجد في هذه الكتب إشارة إلى التفخيم في {وزر أخرى} وهو الذي يتوافق مع ما في النشر لقول صاحبه: رققه الآخرون على القياس."

وأمّا طريق أبي معشر والمجتبى فيظهر الترقيق من طريقهما في النشر لقول صاحبه: رققه الآخرون على القياس."

وأمّا الثاني من جامع البيان فسبق نقل كلام الداني في المذهب الأوّل.

3- خلاصة المسألة :
نخلص مما سبق أنّ التفخيم هو مذهب صاحب التبصرة والهداية والتجريد وأحد وجهي جامع البيان من قراءة الداني على أبي الفتح. والترقيق مذهب الباقين وبه قرأ الداني على أبي الحسن وابن خاقان.

ففي قوله تعالى { قل اغير الله أبغي ربّا وهو ربّ كلّ شيء ولا تكسب كلّ نفس الا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى} أربعة أوجه كلّها صحيحة من الطيّبة ، يصحّ منها اثنان من الشاطبية.

الأوّل: توسط {شيء} مع التفخيم في {وزر أخرى} من التبصرة وأحد الوجهين في جامع البيان من قراءة الداني على أبي الفتح.
الثاني: التوسط مع الترقيق من التيسير والتذكرة والإرشاد وتلخيص العبارات والكامل والعنوان وطريق أبي معشر وأحد وجهي الشاطبية والكافي والثاني في جامع البيان من قراءة الداني على أبي الحسن وابن خاقان.
الثالث: الطول مع التفخيم من الهداية والتجريد.
الرابع : الطول مع الترقيق من المجتبى والثاني من الشاطبية والكافي.
 
تحرير {إجرامي}.

تحرير {إجرامي}.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد.

تحرير {إجرامي}.

قال ابن الجزريّ : "تاسعها" (إجرامي) فخمه صاحب التجريد وهو أحد الوجهين في التبصرة والكافي، ورققه الآخرون ومكي وابن شريح في الوجه الآخر وقال إن ترقيقها أكثر."(النشر 2/97).

1– أصحاب مذهب التفخيم على ما في النشر : وهم صاحب التجريد وأحد وجهي التبصرة والكافي.

فأمّا من التجريد فقال ابن الفحام : "وخالف أصله في {ولو أراكهم} فرقّق وروايته التفخيم وفخّم {حيران} و {إجرامي}..."(التجريد ص179 ).

وأمّاأحد الوجهين من التبصرة فقال مكي القيسي : "وقرأت بالوجهين في {حيران} و {إجرامي} و {عشيرتكم} في سورة براءة خاصّة"(التبصرة ص149).

وأمّا أحد الوجهين من الكافي فقال ابن شريح : "واختلف عنه في {إجرامي} فقرأته له بين اللفظين وبالتفخيم وبين اللفظين أكثر."(الكافي ص77).

2– أصحاب مذهب الترقيق على ما في النشر : وهم الباقون أي صاحب الشاطبية والتيسير وجامع البيان والتذكرة والإرشاد والعنوان والمجتبى والكامل والهداية وأبو معشر والثاني من التبصرة والكافي.

فأمّا من الشاطبية والتذكرة والإرشاد والتلخيص والعنوان والكامل والهداية والتيسير فلم أجد في هذه الكتب إشارة إلى التفخيم في {إجرامي} وهو الذي يتوافق مع ما في النشر لقول صاحبه: رققه الآخرون."

وأمّا طريق أبي معشر والمجتبى فيظهر الترقيق عنهما في النشر لقول صاحبه: رققه الآخرون."

وأمّا من التلخيص فقال ابن بليمة عند ذكره لحالات التفخيم : "والحرف نحو قوله {إجرامي} فروي عنه الفتح وبين اللفظين والفتح أجود."(تلخيص العبارات ص50). أقول : قد ذكر ابن بلّيمة التفخيم في {إجرامي} وقدّمه في الأداء بينما اقتصر له في النشر على الترقيق ونحن ملزمون بهذا الاختيار ما دام ثابتاً بالرواية عند ابن بليمة في تلخيصه.

أمّا الثاني من التبصرة والكافي فسبق نقل كلام أصحابها في المذهب الأوّل.

3 – خلاصة المسألة :

نخلص مما سبق أنّ التفخيم في {إجرامي} هو مذهب صاحب التجريد وأحد وجهي التبصرة والكافي والترقيق مذهب الباقين والثاني من التبصرة والكافي.

ففي قوله تعالى {قل إن افتريته فعليّ إجرامي} إلى قوله { وأوحي إلى نوح أنّه لن يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن} ، حيث اجتمع {إجرامي} مع بدل محقّق{وأوحي} وبدل مغيّر {قد آمن}. فتكون الأوجه ستّة من الطيّبة ، يصحّ منها ثلاثة من الشاطبية وهي كالتالي.

الأوّل : ترقيق {إجرامي} مع قصر البدلين من الشاطبية والتذكرة والإرشاد وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
الثاني : ترقيق {إجرامي} مع توسط البدلين من التيسير والشاطبية وتلخيص ابن بلّيمة وبه قرأ الداني على ابن خاقان وفارس ابن أحمد.
الثالث : ترقيق {إجرامي} مع توسط {وأوحي} وقصر {قد آمن} من تلخيص ابن بليمة.
الرابع : ترقيق {إجرامي} مع طول البدلين من الشاطبية والهداية والمجتبى والعنوان وأحد وجهي الكامل والعنوان وطريق أبي معشر والكافي والتبصرة.
الخامس: ترقيق {إجرامي} مع طول {وأوحي} وقصر {قد آمن} وهو الوجه الثاني من الكامل والعنوان وطريق أبي معشر.
السادس : تفخيم {إجرامي} مع طول البدلين من التجريد والثاني من التبصرة والكافي.

ويمتنع تفخيم {إجرامي} مع قصر البدل وتوسّطه لأنّ التفخيم هو من التجريد والتبصرة والكافي ومذهب هؤلاء الطول في البدل.
ويختصّ التفخيم بالتسوية بين البدل المغيّر والمحقّق.

والعلم عند الله تعالى.
 
تحرير {حذركم}.

تحرير {حذركم}.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم.

تحرير {حذركم}.

قال ابن الجزريّ : "عاشرها : (حذركم) فخمه مكي وابن شريح والمهدوي وابن سفيان وصاحب التجريد وانفرد بتفخيم (حذرهم) ورقق ذلك الآخرون وهو القياس."(النشر 2/98).
قد وقع خطأ في النسخة المطبوعة وهو قول ابن الجزريّ : "وانفرد بتفخيم (حذرهم)" فكُتبت بالكاف أي {حذركم} بدل الهاء أي {حذرهم} كما أثبتّها في الأعلى إذ لو كانت الكلمة بالكاف لما صار انفراداً من صاحب التجريد. وقد نبّه شيخنا السالم الجكني حفظه الله تعالى على هذا الخطأ على هامش النشر.

1– أصحاب مذهب التفخيم على ما في النشر : وهم صاحب التبصرة والكافي والهداية والهادي والتجريد.

فأمّا من التبصرة فقال مكي القيسي : "وخالف أصله في المفتوحة في مواضع وهي : {إبراهيم} و {إسرائيل} و {وزرك} و {وزر أخرى} و {ذكرك}و{فطرة} و {إصرهم} و {حذركم}. (التبصرة ص148).

وأمّا من الكافي فقال ابن شريح : "وقرأ {مصر} و {فطرت} و {إعراضاً} و {إبراهيم} و {إسرائيل} و {حذركم} و {عمران} و {لامرأته} و {قطراً} و {إصراً} و {الإشراق} بالتفخيم في ذلك كلّه."(الكافي ص76).

وأمّا من الهداية فقال المهدوي : "وذلك أنّه يُفخّم {كبره} و {حذركم}."(الهداية ص149).

وأمّا الهادي فليس من طرق النشر.

وأمّا من التجريد فقال ابن الفحام : "أو ما يهوي فيتصل بها نحو {حذركم} و {عبرة} و {إبراهيم} و {إسرائيل} و {عمران} و {وزر أخرى}.". (التجريد ص178). وأمّا انفراد ابن الفحام بتفخيم {حذرهم} بالهاء على ما يظهر في النشر فلم أجده في كتاب التجريد.

2– أصحاب مذهب الترقيق على ما في النشر : وهم الباقون أي صاحب الشاطبية والتيسير وجامع البيان والتلخيص والتذكرة والإرشاد والعنوان والمجتبى والكامل وأبو معشر.

فأمّا من الشاطبية والتيسير وجامع البيان والتلخيص والتذكرة والإرشاد والعنوان والكامل فلم أجد في هذه الكتب إشارة إلى تفخيم {حذركم} وهو الذي يظهر من النشر لقول صاحبه : "ورقق ذلك الآخرون وهو القياس."

وأمّا من المجتبى وطريق أبي معشر فمذهبهما الترقيق لقول ابن الجزريّ : "ورقق ذلك الآخرون وهو القياس."

3 – خلاصة المسألة :
نخلص مما سبق أنّ التفخيم في {حذركم} هو مذهب صاحب التبصرة والكافي والهداية والتجريد والترقيق مذهب الباقين.

ففي قوله تعالى {يآ أيّها الذين آمنوا خذوا حذركم} أربعة أوجه صحيحة من الطيّبة ، ثلاثة منها صحيحة من الشاطبية وهي كالتالي :

- قصر البدل مع ترقيق {حذركم} من الشاطبية والتذكرة والإرشاد وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- التوسط مع الترقيق من الشاطبية والتيسير وجامع البيان والتلخيص وبه قرأ الداني على ابن خاقان وفارس ابن أحمد.
- الطول مع الترقيق من الشاطبية والعنوان والمجتبى والكامل وطريق أبي معشر.
- الطول مع التفخيم من التبصرة والكافي والهداية والتجريد.

ويمتنع التفخيم على قصر البدل وتوسطه.

والعلم عند الله تعالى.
 
تحرير {لعبرة} و {عبرة} و {كبره}

تحرير {لعبرة} و {عبرة} و {كبره}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

تحرير {لعبرة} و {عبرة} و {كبره}

قال في النشر : "الحادي عشر: منها (لعبرة، وكبره) فخمها صاحب التبصرة والتجريد والهداية والهادي ورققهما الآخرون."(النشر 2/98).

1– أصحاب مذهب التفخيم على ما في النشر : وهم صاحب التبصرة والتجريد والهداية والهادي.

فأمّا من التبصرة فقال مكي القيسي : "وخالف أصله في المفتوحة في مواضع وهي : {إبراهيم} و {إسرائيل} و {وزرك} و {وزر أخرى} و {ذكرك}و{فطرة} و {إصرهم} و {حذركم} و{عمران} و {لعبرة} و {كبره}". (التبصرة ص148).

وأمّا من التجريد فقال ابن الفحام : "أو ما يهوي فيتصل بها نحو {حذركم} و {عبرة} و {إبراهيم} و {إسرائيل} و {عمران} و {وزر أخرى}.". (التجريد ص178).

وأمّا من الهداية فقال المهدوي : "وذلك أنّه يُفخّم {كبره} و {حذركم}. وما أشبههما"(الهداية ص149).

وأمّا الهادي فليس من طرق النشر.

2– أصحاب مذهب الترقيق على ما في النشر : وهم الباقون أي الداني والشاطبي وأبو معشر وصاحب الكافي والكامل والعنوان والمجتبى والتذكرة والإرشاد والتلخيص.

فأمّا من الشاطبية والتيسير وجامع البيان الكافي والكامل والعنوان والتذكرة والإرشاد والتلخيص فلم أجد في هذه الكتب إشارة إلى التفخيم في الكلمات الثلاث وهو الذي يتوافق مع قول ابن الجزريّ : "ورققهما الآخرون."

وأمّا من طريق أبي معشر والمجتبى فإنّ الثابت من الطريقين الترقيق لقول ابن الجزريّ : "ورققهما الآخرون.".

3 – خلاصة المسألة :

نخلص مما سبق أنّ التفخيم هو مذهب صاحب التبصرة والتجريد والهداية ، والترقيق مذهب الباقين.

ففي قوله تعالى : {والذي تولّى كبره منهم له عذاب عظيم} ثلاثة أوجه صحيحة من الطيّبة منها اثنان من الشاطبية.

- الفتح في {تولّى} مع التفخيم في {كبره} من التبصرة والتجريد والهداية.
- الفتح مع الترقيق من التذكرة والإرشاد والكافي والكامل وطريق أبي معشر وأحد وجهي الشاطبية وجامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- التقليل مع الترقيق من التيسير والتلخيص والعنوان والمجتبى والثاني من الشاطبية وجامع البيان وبه قرأ الداني على ابن خاقان وفارس ابن أحمد.
ويمتنع التقليل مع التفخيم.

وفي قوله تعالى {والله يؤيّد بنصره من يشاء إنّ في ذلك لعبرة لأولي الأبصار} أربعة أوجه كلّها صحيحة لا يمنع منها شيء واثنان منها صحيحة من الشاطبية.

- تسهيل الثانية في { يشاء إنّ} مع التفخيم في {لعبرة} من التبصرة والهداية وأحد الوجهين من التجريد.
- تسهيل الثانية مع الترقيق من العنوان والكامل والمجتبى وطريق أبي معشر وأحد وجهي الشاطبية والتذكرة والإرشاد والكافي والتلخيص وجامع البيان من قراءة الداني على أبي الحسن وأبي الفتح.
- إبدال الثانية واواً خالصة مكسورة مع التفخيم وهو الوجه الثاني من التجريد.
- الإبدال مع الترقيق من التيسير والثاني من الشاطبية والتذكرة والإرشاد والكافي والتلخيص وجامع البيان من قراءة الداني على ابن خاقان.


4- تنبيه :
قد فهم بعض شراح الطيّبة وغيرهم كابن الناظم والنويري والبنّا أنّ المَعْنيَّ بالتفخيم هما الكلمتان : {لعبرة} و {كبره} فقط دون {عبرة} المجرّدة عن اللام في قوله تعالى {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} مع أنّ عبارة ابن الجزريّ لا تقتضي الحصر بقوله : "منها (لعبرة، وكبره)" وقوله : "فخمها" ولم يقل فخّمهما. وقد ذكر الصاحب التجريد {عبرة} المجرّد عن اللام وأطلق المهدوي الحكم فيما يُشبه {كبره} فقال : "{كبره} و {حذركم}. وما أشبههما".
وقال ابن سفيان : "فإن حال بين الراء المفتوحة وبين المكسورة ساكن ، وكانت الراء غير منوّنة فهي رقيقة مثل : {إخراج} و {إكرام} و {المحراب} ، إلاّ أن يكون الساكن مطبقاً أو يأتي بعدها حرف من حروف الاستعلاء أو يكون المكسور حرفاً من حروف الحلق أو ما قرُب منها جداً مثل الكاف ، ويكون مع ذلك الحرف الساكن أقرب إلى خارج الفم من الراء فإنّه يُفخّم ذلك مثل {ملك مصر} و {فطرت} و {إعراضاً} و {الإشراق} و {إسرائيل} و {إبراهيم} و{حذركم}".(الهادي ص221و222). أقول : ولا شكّ أنّ الكلمات الثلاث داخلة في الضابط الذي وضعه ابن سفيان لأنّ الحرف المكسور وهو العين من حروف الحلق والكاف مما يقاربه.

وقال أبو الحسن الحصري (ت488):
وإن كان من (زد سوف تذنب ثم) وال*****لذي قبله من أحرف الحلق في كسرِ
أو الكاف فالتفخيم عندي حكمُها ***** فكن يقظاً أذكر ذكاءً من الجمرِ

قال ابن عظيمة الأشبيلي (ت543) عند شرحه للبيتين : "وخالف أصله إذا كانت الكسرة في حرف الحلق ، ففخّم الراء بعده ، وكذا إن كانت الكسرة في الكاف لقربه من الحلق أو كانت في واو لأنّها تهوي في الفم حتّى تتّصل بمخرج الألف في الحلق وذلك نحو {حذركم} و {عبرة} و {إسرائيل} و {عمران} و{إبراهيم} و {كيره} و {وزر} و {إمراً} وذلك لكون الساكن الحاجز أقرب إلى خارج الفم من الراء ، والحروف التي هي على هذه الصفة أربعة عشر حرفاً نظم منها في شعره أحد عشر ، وأوّلها زاي (زد) و آخرها ميم(ثم) في البيت الثاني من هذه الأبيات ، جمعها في كلام ليسهل حفظها ، ونقصه من الحروف الموصوفة الصاد والطاء والظاء لأنّه ذكرها في قوله : (وإن حرف إطباق)."(منح الفريدة الحمصيّة في شرح القصيدة الحُصريّة ص411و412).

فتمثيل صاحب التجريد بلا (لام) في {عبرة} وإطلاق صاحب الهداية والهادي والقصيدة الحصرية الحكم من غير قيد ، دليل على أنّ كلمة {عبرة} المجرّدة عن اللام داخلة في الحكم. ولذلك قال الأزميري عليه رحمة الله : "ووهم ابن الناظم في شرح الطيبة عند قوله : {كبره} {لعبره} ، فذكر فيه الإتفاق على الترقيق حيث قال : "وكأنهم لاحظوا اللام والعين مع طول الكلمة ، فإنهم اتفقوا على ترقيق {عبرة} وهو في آخر يوسف" اِهـ ، قلت – أي الأزميري - ليس كذلك ، لأني رأيت في التجريد وعقد اللآلئ مثّل بلا (لام) فقط وفي التبصرة (باللام) فقط ، ولم يمثل في الهادي بلام ولا بلا لام بل أدخله تحت الضابط ، فإن عمل بالمثال يختص من التبصرة بغير يوسف ومن التجريد وعقد اللآلئ بيوسف ويعمّ من الهادي ، والصواب التفخيم من الكل لأن العلة في التفخيم أن يكون الحرف المكسور عينا والساكن باء موحدة ولا علاقة للام أصلا ، وأيضا عللوا وجه تخصيص تفخيم {وعشيرتكم} بسورة التوبه لمن فخمها بكونها مرفوعة دون سائرها ، وسائرها منصوبة ، فعلى هذا التفخيم في {عبرة} في يوسف أولى من غيرها فاحفظه." انتهى كلام الأزميري عليه رحمة الله.
قال المتولّي بعد أن نقل كلام الأزميري : "وهذا التحقيق لا مزيد عليه وقد وجدتّ في التجريد التمثيل بلا (لام) كما قال شكر الله سعيه."(الروض ص272). أقول : ولقد نقلت في الأعلى كلام صاحب التجريد المؤكّد لما قاله الأزميري والمتولّي.
وعلى ما سبق يتبيّن أنّ تعميم الحكم في {لعبرة} و {عبرة} هو الذي عليه العمل كما قال العلامة الضباع في كتابه المطلوب.

والعلم عند الله تعالى.
 
تحرير {الإشراق}.

تحرير {الإشراق}.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد.

تحرير {الإشراق}.

قال في النشر : "الثاني عشر منها : (والإشراق). في سورة ص~. رققه صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار من أجل كسر حرف الاستعلاء بعد وهو أحد الوجهين في التذكرة وتلخيص أبي معشر وجامع البيان وبه قرأ على ابن غلبون وهو قياس ترقيق."(النشر 2/98).

1– أصحاب مذهب الترقيق على ما في النشر : وهم صاحب العنوان والمجتبى وأحد الوجهين في التذكرة وتلخيص أبي معشر وجامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الحسن.

فأمّا من العنوان فلم أجد في الكتاب إشارة إلى حكم {الإشراق} وحتّى ابن الجزريّ نفسه لم يذكر في كتابه (تحفة الإخوان في الخلف بين الشاطبيّة والعنوان) هذه الكلمة ولم يُشر إليها مطلقاً وعليه فأنّي آخذ له بوجه التفخيم خلافاً لظاهر النشر.

وأمّا من المجتبى فالذي يظهر من النشر هو الترقيق فحسبنا به.

وأمّا الوجهان من التذكرة فقال أبو الحسن : "وأمّا ما حال بينهما فيه ساكن فكقوله تعالى {الذكر لتبيّن} ، {وما علمناه الشعر} و {وزر أخرى} و {غير إخراج} و {إخراجهم} و {إكراههنّ} و {المحراب} و {إسرافنا} و {الإشراق} و {عبرة} و {سدرة} و {سرّكم} و {ذو مرّة} و {إسرافاً} و {صهراً} و {ذكراً} وما أشبه هذا : فورش وحده يقرأ هذه الراء مع هذه الكسرة في هذين الضربين بين اللفظين ........."(التذكرة ص1/221 و222). أقول : لم يذكر أبو الحسن الوجهين و ما أشار إلى التفخيم البتة ، بل ذكر {الإشراق} ضمن الكلمات التي ترقّق عنده وجهاً واحداً ، ولم يقرأ عليه الداني إلاّ بالترقيق كما سيأتي وعليه فينبغي أن يُقتصر على الترقيق من طريق التذكرة.

وأمّا الوجهان من طريق التلخيص لأبي معشر ، ينبغي التذكير بأنّ أبا معشر لم يُسند طريق الأزرق في كتابه التلخيص بل روايتة عن الأزرق هي من طريق كتابه الجامع الموسوم بسَوْق العروس وهذا الكتاب ليس بحوزتي لأفتّش فيه عن مذهب أبي معشر في المسألة ، لذلك فأنّي آخذ له بالوجهين اتّباعاً لما في النشر.

وأمّا الوجهان من جامع البيان فقال الداني : "وقد كان شيخنا أبو الحسن يرى إمالة الراء في قوله {الإشراق} لكون حرف الاستعلاء فيه مكسوراً ، وخالف في ذلك عامة أهل الأداء من المصريين وغيرهم فأخلصوا الفتح للقاف في ذلك حملاً على ما انعقد الإجماع على إخلاص الفتح فيه مع كون حرف الاستعلاء فيه مكسوراً نحو {إلى صراط} و {عن الصراط} و {إلى سواء الصراط} وشبهه ، وبذلك قرأت على ابن خاقان وأبي الفتح عن قرائتهما." (جامع البيان ص353).

أقول : قد ضعّف الداني وجه الترقيق ولم يأخذ به لأنّه يعتقد أنّ أبا الحسن قد انفرد به عن سائر أهل الداء ، والأمر ليس كذلك إذ يظهر من النشر أنّ غير أبي الحسن روى هذا الوجه فلا يكون حينئذ منفرداً به عن غيره. قال المنتوري : قال الداني : "ولا أعلم خلافا بين أهل الأداء لقراءة ورش عن نافع من المصريين وغيرهم في إخلاص الفتح للراء في ذلك ، وإنّما قال ذلك شيخنا ، فيما أحسبه قياساً دون أداء لإجماع الكلّ على خلاف ما قاله...."(شرح الدرر 2/574). وقال : "وبذلك – أي بالتفخيم مع الطاء والضاد والقاف - قرأت للجماعة عن ورش ، على أبي الفتح ، وبه قرأت في رواية أبي يعقوب على ابن خاقان وبه آخذ."(شرح الدررص575). وعند رجوعي إلى مصادر النشر التي وقفت وهو كتاب العنوان لم أجد فيه وجه الترقيق ، وأمّا كتاب المجتبى والجامع لأبي معشر فليسا بحوزتي لأفتّش عن ثبوت الوجه فيهما وأمّا من جامع البيان فيظهر فيه تضعيف الداني له ولكن ثقتنا بابن الجزري في نقله الترقيق عن أبي معشر والطرسوسي يمنعنا من تضعيف هذا الوجه لا سيما أننا لم نقف على المصدرين.


2 – أصحاب مذهب التفخيم على ما في النشر وهم الباقون والثاني من التذكرة وتلخيص أبي معشر وجامع البيان من قراءة الداني على ابن خاقان وأبي الفتح.

فأمّ من الشاطبية والتجريد والتبصرة فقد أطلق اصحابها التفخيم فيما وقع بعد الراء حرف استعلاء فتكون مفخّمة عندهم.

وأمّا من الإرشاد فقال أبو الطيّب : "وأما ما جاء فيه راء قبلها كسرة أو ياء نحو {ميراث} و{الخيرات} و{إخراج} و{الإكرام} و {فراشا} و {سراجا} وما كان مثله فورش عن نافع وحده يقرأ في هذا الباب حيث وقع في وصله ووقفه بين اللفظين."( الإرشاد ص448). أقول : ما أشار إلى {صراط} و {فراق} و{الإشراق} وشبهه ، فدلّ أنّها مفخّمة عنده لإجماع أهل الأداء على تفخيم {صراط} و {الفراق} وغيرهما. وهو الذي يتوافق مع ما في النشر لأنّ صاحبه ذكر أصحاب الترقيق على سبيل الحصر.

وأمّا من الكامل فلم يشر إلى لمسألة مطلقاً فيكون مذهبه التفخيم لأنّ صاحب النشر حصر أصحاب الترقيق.

وأمّا من الهداية فقال المهدوي : "ووجه هذا بيّن لأنّ المستعلي رأيناه يمنع من الترقيق في {الإشراق}."(شرح الهداية ص149).

وأمّا من التلخيص فقال ابن بليمة : "وعند حروف الاستعلاء نحو الصراط و صراط والفراق و فراق وإعراضاً و إعراضهم وعند تكرر الراء مضمومة أو مفتوحة نحو قوله تعالى ضرارا و إسرارهم والفرار والإشراق."(تلخيص العبارات ص50).

وأمّا من الكافي فقال ابن شريح : "وقرأ {مصر} و {فطرت} و {إعراضاً} و {إبراهيم} و {إسرائيل} و {حذركم} و {عمران} و {لامرأته} و {قطراً} و {إصراً} و {الإشراق} بالتفخيم في ذلك كلّه."(الكافي ص76).

وأما من التيسير فقال الداني : "ونقض مذهبه مع الكسرة في ضربين : في قوله الصراط صراط حيث وقعا الفراق فراق بيني والإشراق."(التيسير ص193).

وأما قراءة الداني على ابن خاقان وأبي الفتح فقوله في جامع البيان : "فأخلصوا الفتح للقاف في ذلك حملاً على ما انعقد الإجماع على إخلاص الفتح فيه مع كون حرف الاستعلاء فيه مكسوراً نحو {إلى صراط} و {عن الصراط} و {إلى سواء الصراط} وشبهه ، وبذلك قرأت على ابن خاقان وأبي الفتح عن قرائتهما." (جامع البيان ص353).

3 - خلاصة المسألة :

نخلص مما سبق أنّ الترقيق هو مذهب صاحب التذكرة والمجتبى وأحد وجهي أبي معشر والداني في جامعه من قراءته على أبي الحسن. والتفخيم مذهب الباقين والثاني من جامع أبي معشر ، وجامع الداني من قراءته على ابن خاقان وأبي الفتح.

والعلم عند الله تعالى.
 
تحرير {حصرت صدورهم}.

تحرير {حصرت صدورهم}.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد.

تحرير {حصرت صدورهم}.

قال ابن الجزريّ : "والثالث عشر : (حصرت صدورهم) فخمه وصلاً من أجل حرف الاستعلاء بعده صاحب التجريد والهداية والهادي ورققه الآخرون في الحالين والوجهان في جامع البيان. قال ولا خلاف في ترقيقها وقفاً انتهى. وانفرد صاحب الهداية بتفخيمها أيضاً في الوقف في أحد الوجهين. والأصح ترقيقها في الحالين ولا اعتبار بوجود حرف الاستعلاء بعد لانفصاله وللإجماع على ترقيق (الذكر صفحاً. ولينذر قوماً، والمدثر قم فأنذر) وعدم تأثير حرف الاستعلاء في ذلك من أجل الانفصال والله أعلم."(النشر 2/98).
هناك خطأ في النسخة المطبوعة وهو قول ابن الجزريّ : "والوجهان في جامع البيان. قال ولا خلاف في ترقيقها وقفاً انتهى " والصحيح هو : "والوجهان في الكافي." ، إذ لم أجد في جامع البيان إشارة إلى هذه المسألة وإنّما نقل الداني الخلاف في المسألة في كتابه التمهيد والإبانة على سبيل الحكاية فقط مع ردّه لوجه التفخيم. وقد أخبر في كتابه التمهيد أنّه قرأ بالترقيق بقوله : "وبترقيق الراء قرأت في ذلك." انظر (شرح الدرر للمنتوري).ولم أجد في كلام المحرّرين ذكراً للوجهين في {حصرت صدورهم} من جامع البيان بل ذكروا الوجهين لابن شريح دون الداني. وقد نبّه شيخنا السالم الجكني حفظه الله عليه في تحقيقه لكتاب النشر.

1– أصحاب مذهب التفخيم على ما في النشر : وهم صاحب التجريد والهداية والهادي وأحد الوجهين في الكافي.

فأمّا من التجريد فقال ابن الفحام : "وفخّم {حيران} و {إجرامي} و {حصرت صدورهم} ، ورُقّقت {حصرت صدورهم} في الوقف."(التجريد ص179).

وأمّا من الهداية فقال المهدوي : "واختُلف عنه في {حصرت صدورههم} فرُوي عنه تفخيمه في الوصل ، وترقيقه في الوقف ، وهذا هو المشهور"(شرح الهداية ص146). ثمّ قال : "وقد رُوي عنه التفخيم في الحالين والأوّل أحسن."(شرح الهداية ص147). قال ابن الجزريّ : "وانفرد صاحب الهداية بتفخيمها أيضاً في الوقف في أحد الوجهين. والأصح ترقيقها في الحالين".
أقول : قد ضعّف في النشر وجه التفخيم في الوقف من طريق الهداية ولم يختره لانفراد المهدوي به عن سائر أهل الأداء ، فينبغي إهماله و الاقتصار على التفخيم في الوصل دون الوقف.

وأمّا من الهادي فليس من طرق النشر.

وأمّا من الكافي فقال ابن شريح : "وقرأ {حصرت صدورهم} بالتفخيم في الوصل. وبالترقيق في الوقف وقرأتها بالترقيق في الوصل أيضاً."(الكافي ص75). وقد نقل ابن الجزريّ عن صاحب الكافي أنّه قال : :"ولا خلاف في ترقيقها وقفاً". وهذا النصّ غير موجود في الكافي وإنّما نقله عنه المالقي في كتابه الدرّ النثير كما ذكر شيخنا السالم الجكني في الهامش ، وقد وجدتّه فيه أيضاً.

2– أصحاب مذهب التفخيم على ما في النشر : وهم الباقون والثاني من الكافي.

فأمّا من الشاطبية والتيسير وجامع البيان والتذكرة والإرشاد والتلخيص والكامل والعنوان فلم أجد في هذه الكتب إشارة إلى التفخيم في {حصرت صدورهم} ، وهو الذي يتوافق مع قول ابن الجزريّ : "ورققه الآخرون في الحالين".

وأمّا من المجتبى وطريق أبي معشر فالذي يظهر من النشر هو الترقيق لقول صاحبه : "ورققه الآخرون في الحالين"

وأمّا من التبصرة فقال مكي القيسي : "و {حصرت صدورهم} فإن وقفت على ٍ{حصرت} رقّقت لزوال الصاد الثانية..."(التبصرة ص149). أقول : كلام مكي صريح في تفخيمه لراء {حصرت صدورهم} في الوصل وهو خلاف ما في النشر ، وعليه فإنّي آخذ له بوجه التفخيم في الوصل كما أخذ به الأزميري والمتولّي والضباع عليهم رحمة الله تعالى.

3 - خلاصة المسألة :
نخلص مما سبق أنّ التفخيم وصلاً في {حصرت صدورهم} هو من التجريد والهداية والتبصرة وأحد والوجهين في الكافي ، والترقيق مذهب الباقين والثاني من الكافي.

ففي قوله تعالى : { أو جآءوكم حصرت صدورهم} أربعة أوجه من الطيّبة يصحّ منها ثلاثة من الشاطبية وهي كالتالي :

- قصر البدل مع الترقيق في الحالين من الشاطبية والتذكرة والإرشاد وبه قرأ الداني على أبي الحسن
- توسط البدل مع الترقيق في الحالين من الشاطبية والتيسير وتلخيص العبارات وبه قرأ الداني على ابن خاقان وأبي الفتح.
- طول البدل مع الترقيق في الحالين من الشاطبية والعنوان والمجتبى والكامل وطريق أبي معشر وأحد الوجهين في الكافي.
- طول البدل مع التفخيم في الوصل دون الوقف من التجريد والهداية والتبصرة والثاني من الكافي.
ويتعيّن وجه التفخيم على طول البدل. ويمتنع التفخيم وقفاً لأنّه انفراد من المهدوي عليه رحمة الله.

والعلم عندالله تعالى.
 
تحرير {بشرر}.

تحرير {بشرر}.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

تحرير {بشرر}.

قال في النشر : "وبقي من الراآت المفتوحة مما اختص الأزرق بترقيقه حرف واحد وهو (بشرر) في سورة المرسلات وهو خارج عن أصله المتقدم فإنه رقق من أجل الكسرة المتأخرة. وقد ذهب الجمهور إلى ترقيقه في الحالين وهو الذي قطع به في التيسير والشاطبية وحكيا على ذلك اتفاق الرواة وكذلك روى ترقيقه أيضاً أبو معشر وصاحب التجريد والتذكرة والكافي. ولا خلاف في تفخيمه من طريق صاحب العنوان والمهدوي وابن سفيان وابن بليمة وقياس ترقيقه ترقيق (الضرر) ولا نعلم أحداً من أهل الأداء روى ترقيقه وإن كان سيبويه أجازه وحكاه سماعاً من العرب...". (النشر 2/98).

1– أصحاب مذهب الترقيق على ما في النشر : وهم صاحب التيسير و الشاطبية والتجريد والتذكرة والكافي وأبو معشر.

فأمّا من التيسير فقال الداني : "وأمال أيضاً فتحة الراء قليلاً في قوله عزّ وجلّ قي المرسلات {بشرر} من أجل جرّة الراء الثانية بعدها."(التيسير ص193). وقال في جامع البيان : "وقرأت له من طريقهم {بشرر كالقصر} في المرسلات بإمالة فتحة الراء يسيراً من أجل جرّة الراء المتطرّفة بعدها...."(جامع البيان ص356).

وأمّا من الشاطبية فقال صاحبها :(وَفي شَرَرٍ عَنْهُ يُرَقِّقُ كُلُّهُمْ).

وأمّا من التجريد فقال ابن الفحام : "ورقّق {بشرر} و {وإسرافنا} حيث وقع ".(التجريد ص179).

وأمّا من التذكرة فقال أبو الحسن : "وقرأ ورش {بشرر} يلفظ بالراء الأولى بين اللفظين وفتحها الباقون".(التذكرة ص 2/610).

وأمّا من الكافي فقال ابن شريح : "إلاّ {بشرر}فإنّه رقّق راءه المفتوحة."(الكافي ص 75).

وأمّا من طريق أبي معشر فهو صريح في النشر.

وقد سكت في النشر عن صاحب التبصرة ، ومذهبه الترقيق قال مكي : "وقرأ {بشرر} بترقيق الراء الأولى ، ولا اختلاف في ترقيق الثانية."(التبصرة ص149).


2– أصحاب مذهب التفخيم على ما في النشر : وهم صاحب العنوان والهداية والهادي والتلخيص.

وأمّا من العنوان فلم يذكر أبو طاهر الترقيق في {بشرر} فهي إذن مفخّمة عنده على الأصل. قال ابن الجزريّ في التحفة : "وفخّم {بشرر}."(تحفة الإخوان ص180).

وأمّا من الهداية فقال المهدوي : "غير أنّ ورشاً رُوي عنه أنّه يرقّق الراء الأولى من {بشرر} فقال الرواة : إنّه خالف أصله في هذا الحرف ، وكان يحب أن يُفخّمها ولم يعتلوا لذلك. وله عندي علّة أنا ذاكرها لك إنشاء الله تعالى."(شرح الهداية ص 144). ثمّ قال :"فعلى هذا يكون ورش إنّما رقّق الراء الأولى من {بشرر} من أجل قوّة الكسرة في الراء الثانية على هذه اللغة التي ذكرناها."(شرح الهداية ص145). أقول : وهذا خلاف ما في النشر ، وعليه فإنّي آخذ له بوجه الترقيق.

وأمّا من الهادي فليس من طرق الطيّبة

وأمّا من التلخيص فلم يذكر أبن بلّيمة الترقيق في {بشرر} فهي إذن مفخّمة عنده على الأصل.

وقد سكت في النشر عن صاحب المجتبى ومذهبه التفخيم على ما ذكر الأزميري ومن تبعه كالمتولّي والضباع.

وسكت أيضاً عن مذهب الهذلي وأبي الطيّب ولم أجد في الكامل والإرشاد إشارة إلى الكلمة ، وذكر لهما العلامة الضباع الترقيق فقال : "فخّمها صاحب العنوان والمجتبى والهداية والتلخيص ورقّقها غيرهم وحكى الداني والشاطبيّ الاتّفاق عليه." (المطلوب ص12).


3 - خلاصة المسألة :
نخلص مما سبق أنّ الترقيق هو من الشاطبية والتيسير وجامع البيان والهداية على الصحيح والتجريد والتذكرة والكافي الكامل والإرشاد وطريق أبي معشر وبه قرأ الداني على مشايخه الثلاثة ، والتفخيم من العنوان والمجتبى والتلخيص.
ويمتنع التفخيم على قصر البدل لأنّ القصر هو من الشاطبية والتذكرة والإرشاد وقراءة الداني على أبي الحسن وهؤلاء مذهبهم الترقيق.

والعلم عند الله تعالى.
 
تحرير الراءات المضمومة.

تحرير الراءات المضمومة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد.

تحرير الراءات المضمومة.

قال في النشر بعد أن ذكر أقسام الراءات المضمومة : "وهذه أقسام المضمومة مستوفاة" فأجمعوا على تفخيمها في كل حال إلا أن تجيء وسطاً أو آخراً بعد كسر أو ياء ساكنة أو حال بين الكسر وبينها ساكن فإن الأزرق عن ورش رققها في ذلك على اختلاف بين الرواة عنه فروى بعضهم تفخيمها في ذلك ولم يجروها مجرى المفتوحة. وهذا مذهب أبي الحسن طاهر بن غلبون صاحب التذكرة وأبي طاهر إسماعيل بن خلف صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار صاحب المجتبى وغيرهم وبه قرأ الداني على شيخه أبي الحسن. وروى جمهورهم ترقيقها وهو الذي في التيسير والهادي والكافي والتلخيصين والهداية والتبصرة والتجريد والشاطبية وغيرها وبه قرأ الداني على شيخه الخاقاني وأبي الفتح ونقله عن عامة أهل الأداء من أصحاب ورش من المصريين والمغاربة. قال وروى ذلك منصوصاً أصحاب النحاس وابن هلال وابن داود وابن سيف وبكر بن سهل ومواس بن سهل عنهم عن أصحابهم عن ورش (قلت) والترقيق هو الأصح نصاً وروايةً وقياساً والله أعلم. واختلف هؤلاء الذين رووا ترقيق المضمومة في حرفين وهما: (عشرون و كبر ما هم ببالغيه) ففخمها منهم أبو محمد صاحب التبصرة والمهدوي وابن سفيان وصاحب التجريد. ورققها أبو عمرو الداني وشيخاه أبو الفتح والخاقاني وأبو معشر الطبري وأبو علي بن بليمة وأبو القاسم الشاطبي وغيرهم."(النشر 2/99و100).

من خلال ما ذكره في النشر يمكن تلخيص الخلاف الواقع في الراءات المضمومة في ثلاثة مذاهب :

الأوّل : أصحاب التفخيم المطلق وهم صاحب التذكرة والعنوان والمجتبى وهو أحد الوجهين في جامع البيان من قراءة الداني على أبي الحسن.
الثاني : أصحاب الترقيق المطلق :وهم الداني في التيسير وصاحب الكافي وتلخيص ابن بليمة وأبي معشر والشاطبيّ والثاني من جامع البيان من قراءة الداني على ابن خاقان وأبي الفتح.
الثالث : التفخيم في { عشرون} و {كبرٌ} دون غيرهما : وهم صاحب التبصرة والهداية والهادي والتجريد.

1- أصحاب التفخيم المطلق على ما في النشر : من التذكرة والعنوان والمجتبى وأحد الوجهين في جامع البيان من قراءة الداني على أبي الحسن.

فأمّا من التذكرة فقال أبو الحسن في أوّل الباب : " اعلم أنّ ورشاً كان يقرأ الراء المفتوحة بين اللفظين إذا وقع قبلها ياء ساكنة أو كسرة فقط."(التذكرة ص219). أقول : فخرج بقوله :"كان يقرأ الراء المفتوحة بين اللفظين" الراء المضمومة ، والتي ما أشار إلى ترقيقها البتة.

وأمّا من العنوان فقال أبو طاهر : "إذا كانت الراء مفتوحة، وكان قبلها كسرة أو ياء قرأها ورش بين اللفظين سواء كانت الكسرة قبل الراء بلا حائل بينهما أو حال بينهما ساكن- نحو (خيرا) و (غيركم) و (فاطر السموات) و (خسر الدنيا والآخرة) و (الذكر) و (وزر أخرى) وما أشبهه."(العنوان ص62). أقول : خصّ أبو طاهر الترقيق بالراء المفتوحة دون المضمومة. قال ابن الجزريّ في التحفة : "فخّم ورش كلّ راء مضمومة ، سواء كان قبلها كسرةٌ أو ياءٌ ساكنة نحو : {ففرّوا}و {بكرٌ} و {خبيرٌ} و {بصيرٌ} ...."(تحفة الإخوان في الخلف بين الشاطبيّة والعنوان ص180).

وأما التفخيم من المجتبى فهو صريح في النشر.

وقد سكت في النشر عن مذهب صاحب الإرشاد ومذهبه التفخيم كمذهب تلميذه أبي الحسن. قال أبو الطيّب : "فالاختلاف بين ورش عن نافع وبين القراء إنّما هو في المفتوحة لا غير ، وسواء وقعت في اسم أو فعل ، نحو {الخيرات} و {الميراث} و {المحراب} و {سراجاً} و {إخراج} و {حيران} وماكان مثله إذا كان قبل الراء كسرة أو ياء ساكنة."(الإرشاد 1/460). أقول : كلامه صريح في كون الراء المضمومة مفخّمة عنده لقوله : "فالاختلاف بين ورش عن نافع وبين القراء إنّما هو في المفتوحة لا غير".

وأمّا قراءة الداني على أبي الحسن فقد نقل المنتوري عن الداني في كتابه الإبانة أنّه قال : "وقد كان شيخنا أبو الحسن ينكر أن يجعل حكم المضمومة كحكم المفتوحة."(شرح الدرر ص2/527).

2- أصحاب الترقيق المطلق على ما في النشر : وهم الداني في التيسير وصاحب الكافي وتلخيص ابن بليمة وأبي معشر والشاطبية وغيرها والثاني من جامع البيان من قراءة الداني على ابن خاقان وأبي الفتح.

فأمّا من التيسير فقال أبو عمرو : "وحكم الراء المضمومة مع الكسرة اللازمة والياء الساكنة في مذهبه حكم الراء المفتوحة سواء نحو {يسرّون} و {منذرون}....."(التيسير ص194).

وأما من الكافي فقال ابن شريح : "وقراءة الراء المضمومة إذا كان قبلهما ضمّة أو فتحة أو ساكن قبله فتحة أو ضمّة مفخّمة نحو {بل أكثرهم} و {بما لم يبصروا به} و {إن كان مكرهم} { حُمر مختلف ألوانها} وشبهه. فإن كان الساكن الذي قبل ياء ساكنة نحو {خيرُ الرازقين} فإن انكسر ما قبلها أو سكن وقبل الساكن كسرة رققها نحو {يبصرونِ} و {يُسرّون} و {سخرو} و {لذكرُالله} و {ذكرٌ مبارك} وشبهه إلاّ أن تكون أوّل كلمة ويدخل عليها حرف جرّ فإنّه يُفخّمها نحو {لرُقيّك} و {برُبوة}. واختلف عنه في {كبرٌ ما هم ببالغيه} و {عشرون} في الترقيق والتفخيم ، وبالوجهين قرأت وبهما آخذ.".(الكافي ص74و75). أقول : كلام صاحب الكافي صريح في أخذه بوجه الترقيق في الراء المضمومة وبالوجهين في {عشرون} و {كبرٌ} مع أنّ أبن الجزريّ اقتصر له على الترقيق فيهما قياساً على سائر الباب ونحن ملزمون بهذا الاختيار ما دام ثابتاً في الكافي خلافاً للأزميري والمتولّي والضباع الآخذين له بالوجهين فيهما من الكافي لثبوتهما فيه.

وأما من التلخيص فقال ابن بلّيمة : "وحكم المضموم مع الياء والكسرة في مذهبه حكم المفتوحة ، خالف أصله مع الكسرة في {كبرٌ} و {عشرون} ففتحهما ومع الياء نحو قوله تعالى {خيرُ الرازقين}." (تلخيص العبارات ص51). كلام ابن بلّيمة صريح في أخذه بوجه التفخيم في {عشرون} و {كبرٌ} و الواقعة بعد الياء الليّنة نحو {خيرٌ} وهذا مذهب رابع يُضاف إلى المذاهب الثلاثة المذكورة في البداية ، وبذلك أخذ له المتولّي في روضه والضباع في المطلوب.

وأما من طريق أبي معشر فالذي يظهر من النشر هو الترقيق الطلق بقوله : "ورققها أبو عمرو الداني وشيخاه أبو الفتح والخاقاني وأبو معشر الطبري وأبو علي بن بليمة". أمّا قوله في النشر : "وروى جمهورهم ترقيقها وهو الذي في التيسير والهادي والكافي والتلخيصين" مراده بالتلخيصين : ابن بليمة وأبي معشر وقد نبّهنا أنّ طريق أبي معشر هو من كتابه الجامع وليس من التلخيص.

وأمّا من الشاطبية فقال صاحبها : رقّق ورش كلّ راء وقبلها ...مسكّنة ياء أو الكسر موصلا). والمضمومة داخلة في المضمون.

وأمّا من الكامل فما رأيته أشار إلى المضمومة واكتفي بذكر المفتوحة في الأمثلة فقال الهذلي : "وكان ورش يلطف الإمالة من طريق الأزرق وداود في {جاء} و {شاء} وما جاز فيه الإمالة و {رءا الشمس} و {ترآءا الجمعان} ، {نئا بجانبه} و {حتّى نرى الله} و {المحراب} و {الخيرات} و {حيران} و {إخراجهم} و {مراءً} و {إسرافاً}...."(الكامل ص327). ولكن بهذا النصّ بمفرده لا يمكن أنّ نحكم بأنّ مذهبه في المضمومة هو التفخيم لأنّ ذلك يحتاج إلى نصّ واضح ، لذا فالأولى أنّ نأخذ له بوجه الترقيق المطلق لكونه مذهب الجمهور وعليه جرى عمل المحرّرين كالمتولّي والضباع وغيرهما.

3- أصحاب التفخيم في { عشرون} و {كبرٌ} دون غيرهما :وهم صاحب التبصرة والهداية والهادي والتجريد.

فأمّا من التبصرة فقال مكي القيسي : "أنه خالف أصله في المضمومة فغلّظها في موضعين وهو قوله تعالى {عشرون} و {كبرٌ ما هم ببالغيه} وقد رقّق بعضهم هذين الموضعين لورش على أصله وبالتغليظ قرأت له."(التبصرة ص149).

وأما من الهداية فقال المهدوي :"فأما الحرفان اللذان خالف أصله فيهما وهما : {كبرٌ} و{عشرون}.."(شرح الهداية ص142).

وأما من الهادي فليس من طرق النشر.

وأما من التجريد فقال ابن الفحام : "وخالف أصله في {كبرٌ} و {عشرون} ففخّم.".(التجريد ص179).


4 – خلاصة المسألة :

نخلص مما سبق أنّ الخلاف في الراء المضمومة ينحصر في أربعة مذاهب :

الأوّل : مذهب التفخيم المطلق ، من التذكرة والإرشاد والعنوان والمجتبى وأحد الوجهين من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
الثاني : مذهب الترقيق المطلق ، من الشاطبية والتيسير والكافي والكامل وطريق أبي معشر والثاني من جامع البيان وبه قرأ الداني على ابن خاقان وفارس ابن أحمد.
الثالث : التفخيم في { عشرون} و {كبرٌ} دون غيرهما ، من التبصرة والهداية والتجريد
الرابع : التفخيم في { عشرون} و {كبرٌ} و نحو {خيرُ} من تلخيص ابن بليمة.

ففي قوله تعالى {يا أيّها الذين آمنوا اصبروا وصابروا} خمسة أوجه كلّها صحيحة من الطيّية يصحّ منها ثلاثة من الشاطبية.

- قصر البدل مع الترقيق من الشاطبية
- قصر البدل مع التفخيم من التذكرة والإرشاد وأحد الوجهين من جامع البيان من قرأ الداني على أبي الحسن.
- توسط البدل مع الترقيق من الشاطبية والتيسير والتلخيص والثاني من جامع البيان من قراءة الداني على ابن خاقان وفارس ابن أحمد.
- طول البدل مع الترقيق من الشاطبية والكافي والكامل والتبصرة والهداية والتجريد وطريق أبي معشر.
- الطول مع التفخيم من العنوان والمجتبى.
ويمتنع وجه التوسّط مع التفخيم.

والعلم عند الله تعالى.
 
=محمد يحيى شريف;171863]أقول : كلام صاحب الكافي صريح في أخذه بوجه الترقيق في الراء المضمومة وبالوجهين في {عشرون} و {كبرٌ} مع أنّ أبن الجزريّ اقتصر له على الترقيق فيهما قياساً على سائر الباب ونحن ملزمون بهذا الاختيار ما دام ثابتاً في الكافي خلافاً للأزميري والمتولّي والضباع الآخذين له بالوجهين فيهما من الكافي لثبوتهما فيه
يلزم الأخذ بالوجهين للكافي كما عمل أئمة الفن: الإزميري والمتولي والضباع رحمهم الله ورضي عنهم وأتباعهم الأكرمون حفظهم الله. ذلك لأن ابن الجزري اعتمد الكتاب. والطرق المؤدية إلى ترقيق الكلمتين هي نفسها، وعلى المقاس، المؤدية إلى تفخيمهما. ولا يوجد نص واحد من ابن الجزري - ولو مصابا بـأمراض الطرق مثل الاحتمال و "لعل" والطرق الأدائية - ينص على انه لم يقرأ بالتفخيم أو أنه ضعف التفخيم من طريق الكافي.
من باب الإمعان في الالتزام بما ذكره ابن الجزري فقط على أنه لا يسهو لما ذا أخذتم بنص الإرشاد في تفخيم المضمومة مع سكوت ابن الجزري، والترقيقِ من الكامل مع ان الهذلي لم يذكر إلا المفتوحة ؟
وعلى ما سبق تقريره فالمذاهب خمسة:
1- التفخيم المطلق ، من التذكرة والإرشاد والعنوان والمجتبى وأحد الوجهين من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
2- الترقيق المطلق ، من الشاطبية والتيسير والكامل وطريق أبي معشر والثاني من جامع البيان وبه قرأ الداني على غير ابن غلبون وأحد الوجهين من الكافي
3- التفخيم في عشرون و كبرٌ دون غيرهما ، من التبصرة والهداية والتجريد.
4- الخلاف في {كبر} و {عشرون} وترقيق باقي المضمومة بشرطه من الكافي، وفاقا لابن شريح وابن الجزري والإزميري والمتولي والضباع
5- التفخيم في عشرون و كبرٌ و نحو خيرُ من تلخيص ابن بليمة.
تجب العناية بأي شيء أجمع عليه الإزميري والمتولي والضباع، إنهم من تلاميذ ابن الجزري المخلِصين !
 
يلزم الأخذ بالوجهين للكافي كما عمل أئمة الفن: الإزميري والمتولي والضباع رحمهم الله ورضي عنهم وأتباعهم الأكرمون حفظهم الله. ذلك لأن ابن الجزري اعتمد الكتاب. والطرق المؤدية إلى ترقيق الكلمتين هي نفسها، وعلى المقاس، المؤدية إلى تفخيمهما. ولا يوجد نص واحد من ابن الجزري - ولو مصابا بـأمراض الطرق مثل الاحتمال و "لعل" والطرق الأدائية - ينص على انه لم يقرأ بالتفخيم أو أنه ضعف التفخيم من طريق الكافي.
من باب الإمعان في الالتزام بما ذكره ابن الجزري فقط على أنه لا يسهو لما ذا أخذتم بنص الإرشاد في تفخيم المضمومة مع سكوت ابن الجزري، والترقيقِ من الكامل مع ان الهذلي لم يذكر إلا المفتوحة ؟
لا يلزم من ابن الجزريّ أن يأخذ بجميع الأوجه الواردة في المصدر ، وما هو الدليل على هذا الإلزام ؟ وما الذي يمنعه من أن يختار بعض الأوجه دون البعض ، بل شرطه الذي ألزم به نفسه في النشر يُجبره أن يختار من المصدر بعض الأوجه أو بعض الطرق أو بعض الروايات دون الأخرى.
وأنت على دراية أنّه لم يختر من تلك المصادر كلّ الطرق والروايات ، فيكون بحسب ما سطرتم مخطئاً بذلك وهذا لا يقوله عاقل.
فإن كانت له الصلاحيات إن صحّ التعبير أن يختار من المصادر البعضَ منها ، ومن تلك المصادر المختارة بعض الرويات والطرق فله كلّ الصلاحيات بالضرورة أن يختار من ذاك الطريق ما يشاء من الأوجه ، ومهمّتنا نحن التأكّد من صحّة ذاك الاختيار وأنّه ثابت في المصدر. لذلك وجب أن نحترم ما اختاره ابن الجزريّ وعدم مجاوزته ، لأننا نقرأ من طريقه وهذا في حدّ ذاته يكفي في استبعاد ما لم يختره بغضّ النظر هل قرأ به أم لم يقرأ به.

أمّا من الإرشاد فالأمر يختلف تماماً لأنّ النصّ صريح من الإرشاد وابن الجزريّ قال في نشره : " وهذا مذهب أبي الحسن طاهر بن غلبون صاحب التذكرة وأبي طاهر إسماعيل بن خلف صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار صاحب المجتبى وغيرهم ".
فكلمة "غيرهم" تدلّ على أنّ العزو لم يكن للحصر بل للتمثيل ، ولا شك عندي أنّ الإرشاد هو من ضمن هؤلاء الذين سكت عنهم لأنّ كلام أبي الطيّب صريح وهو من مشايخ ابنه أبي الحسن في الرواية فتوافقا في الحكم في هذه المسألة.
بينما في الكافي اقتصرنا على وجه ثابت فيه ولم يختره ابن الجزريّ. وفي الإرشاد اعتمدنا على نصّ صريح ، بل أقطع أنّه لو وقع بين يدي المحرّرين لاعتمدوا عليه.
وأذكركم أنّ الأزميري لم يكن بحوزته كتاب الإرشاد كما قال في غير ما مرّة ، والمتولّي والضباع قلّدوه في ذلك لأنّ الإرشاد لم يكن بحوزتهما.
فليست أذكى من هؤلاء العظماء وإنّما وقوفي على المصدر جعلني أخالفهم.

والفرق بين مسألة الكافي والإرشاد كالسماء والأرض فلا ينبغي أن تقاس أحدهما على الأخرى.
 
تابع لما قبله.

تابع لما قبله.

وفي قوله تعالى { إنّ الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلاّ كبرٌ..}. اجتمع في الآية بدل (آيات} وذات (أتاهم) و {كبرٌ}. ثمانية أوجه صحيحة من الطيّبة ، أربعة منها تصحّ من الشاطبية.

- قصر البدل مع فتح {أتاهم} والترقيق في{كبرٌ} من الشاطبية.
- القصر مع الفتح والتفخيم من التذكرة والإرشاد وأحد الوجهين من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- التوسط مع التقليل والترقيق من الشاطبية والتيسير والثاني من جامع البيان وبه قرأ الداني على ابن خاقان وفارس ابن أحمد.
- التوسط مع التقليل والتفخيم من التلخيص.
- الطول مع الفتح والترقيق من من الشاطبية والكافي والكامل وطريق أبي معشر.
- الطول مع الفتح والتفخيم من والتبصرة والهداية والتجريد.
- الطول مع التقليل والترقيق من الشاطبية
- الطول مع التقليل والتفخيم من العنوان والمجتبى

وفي قوله تعالى {فمآ أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خيرٌ وأبقى}. اجتمع في الآية بدل(أوتيتم) ولين مهموز(شيء) وذات(الدنيا) و (خيرٌ). يصحّ منها من الطيّبة عشرة أوجه من الطيّبة ، يصحّ منها ستّة من الشاطبية.

- قصر {أوتيتم} و توسط {شيء} وفتح {الدنيا} مع ترقيق {خيرُ} من الشاطبية
- قصر {أوتيتم} و توسط {شيء} وفتح {الدنيا} مع تفخيم {خيرُ} من التذكرة والإرشاد وأحد الوجهين في جامع البيان من قراءة الداني على أبي الحسن.
- توسط البدل و اللين مع التقليل والترقيق من الشاطبية والتيسير والثاني من جامع البيان من قراءة الداني على ابن خاقان وأبي الفتح.
- توسط البدل واللين مع التقليل والتفخيم من تلخيص ابن بلّيمة.
- طول البدل مع توسط اللين وفتح {الدنيا} وترقيق {خير} من الشاطبية والتبصرة والكامل وطريق أبي معشر وأحد الوجهين من الكافي.
- طول البدل مع توسط اللين وتقليل {الدنيا} وترقيق {خير} من الشاطبية.
- طول البدل مع توسط اللين وفتح {الدنيا} وتفخيم {خير} من العنوان.
- طول البدل مع طول اللين وفتح {الدنيا} وترقيق {خير} من الشاطبية والهداية والتجريد والثاني من الكافي.
- طول البدل مع طول اللين وتقليل {الدنيا} وترقيق {خير}من الشاطبية.
- طول البدل مع طول اللين وتقليل {الدنيا} وتفخيم {خير}من المجتبى.

وفي قوله تعالى{يآ أيّها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا} الآية. اجتمع فيها بدل و {حذركم} و{فانفروا}. ستّة أوجه صحيحة من الطيّبة ، يصحّ منها ثلاثة من الشاطبية وهي كالتالي :

- قصر البدل مع ترقيق{حذركم}و {فانفروا} من الشاطبية
- القصر مع ترقيق{حذركم}وتفخيم {فانفروا} من التذكرة والإرشاد وأحد الوجهين في جامع البيان من قراءة الداني على أبي الحسن.
- التوسط معترقيقهما من الشاطبية والتيسير وجامع البيان والتلخيص والثاني من جامع البيان وبه قرأ الداني على ابن خاقانوفارس ابن أحمد.
- الطول مع ترقيقهما من الشاطبية والكاملوطريق أبي معشر.
- الطول مع ترقيق {حذركم} وتفخيم {فانفروا} والعنوان والمجتبى.
- الطول مع تفخيم {حذركم} وترقيق {فانفرو} من التبصرة والكافي والهدايةوالتجريد

أكتفي بهذه التفريعات، والحمد لله ربّ العالمين.
 
تحرير { المرء} وتصحيح الترقيق من النشر.

تحرير { المرء} وتصحيح الترقيق من النشر.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

تحرير { المرء} وتصحيح الترقيق من النشر.

قال ابن الجزريّ في نشره : "وأما (المرء) من قوله تعالى (بين المرء وزوجه، والمرء وقلبه) فذكر بعضهم ترقيقها لجميع القراء من أجل كسرة الهمزة بعدها وإليه ذهب الأهوازي وغيره وذهب كثير من المغاربة إلى ترقيقها لورش من طريق المصريين وهو مذهب أبي بكر الأذفوي وأبي القاسم بن الفحام وزكريا بن يحيى ومحمد بن خيرون وأبي علي بن بليمة وأبي الحسن الحصري وهو أحد الوجهين في جامع البيان والتبصرة والكافي إلا أنه قال في التبصرة إن المشهور عن ورش الترقيق وقال ابن شريح التفخيم أكثر وأحسن وقال الحصري:
ولا تقرأن را المرء إلا رقيقة لدى سورة الأنفال أو قصة السحر
وقال الداني وقد كان محمد بن علي وجماعة من أهل الأداء من أصحاب ابن هلال وغيره يروون عن قراءتهم ترقيق الراء في قوله (بين المرء) حيث وقع من أجل جرة الهمزة وقال وتفخيمها أقيس لأجل الفتحة قبلها وبه قرأت انتهى. والتفخيم هو الأصح والقياس لورش وجميع القراء وهو الذي لم يذكر في الشاطبية والتيسير والكافي والهادي والهداية وسائر أهل الأداء سواه وأجمعوا على تفخيم (ترميهم، وفي السرد، ورب العرش والأرض) ونحوه ولا فرق بينه وبين (المرء) والله أعلم."(النشر 2/102).

الذي يظهر من النشر أنّ الترقيق في {المرء} لجميع القراء هو مذهب الأهوازي ، وأمّا لورش خاصّة فهو مذهب ابن الفحام وابن بلّيمة و أبو الحسن الحصري صاحب القصيدة وأحد الوجهين في التبصرة والكافي. والتفخيم هو مذهب صاحب الشاطبية والتيسير والكافي والهادي والهداية وسائر أهل الأداء.

1 – مذهب أصحاب الترقيق على ما في النشر وهم الأهوازي وابن الفحام وابن بلّيمة و أبو الحسن الحصري وأحد الوجهين في جامع البيان والتبصرة والكافي.

فأمّا الأهوازي فليس من طرق النشر وقد نقل عنه الترقيق ابن الباذش في الإقناع وعبد المؤمن الواسطي في الكنز وغيرهما.

وأما ابن الفحام فقال عند ذكره لراءات ورش: "فإن وقع قبلها ضمة أو فتحة فهي مفخّمة إلاّ أن يكون بعدها ياء أو همزة مكسورة نحو {قرية} و {مريم} و {المرء وقلبه} فهي رقيقة.."(التجريد ص180).

وأما ابن بليمة فقال في باب مذهب ورش في الراءات مجملاً : "وأمّا الراء الساكنة إن انفتح ما قبلها أو انضمّ فهي مفخّمة نحو قوله تعالى {كرسيّه} و {نرتع ونلعب} و {مرفقاً} وما أشبه هذا حيث وقع إلاّ أن يأتي بعد الراء ياء مفتوحة نحو قوله تعالى {مريم} أو همزة مكسورة نحو قوله تعالى{ بين المرء وزوجه} و {المرء وقلبه} ، أو تكون قبل الراء كسرة لازمة نحو قوله تعالى{مرية} و {فرعون} وما أشبه هذا."(تلخيص العبارات ص51).

وأمّا أبو الحسن الحصريّ فقال في قصيدته :
ولا تَقْرَ راء {المرء} إلاّ رقيقة **** لدى سورة الأنفال أو قصّة السحر.
قال ابن عظيمة الإشبيلي في كتابه منح الفريدة الحمصية في شرح القصيدة الحُصريّة (ت543) : "فإن كان بعد هذه الراء همزة مكسورة نحو {المرء} وهو في البقرة عند قصّة السحر وفي الأنفال فبالتفخيم قرأتها فيهما وقرأت لورش بترقيقها."(منح الفريدة ص421).

وأمّا الوجهان من جامع البيان فقال أبو عمرو الداني : "وقد كان محمد بن عليّ وجماعة من أهل الأداء من أصحاب ابن هلال وغيره يروون عن قرّائهم ترقيق الراء في قوله {بين المرء} حيث وقع من أجل جرّة الهمزة ، وتفخيمها أقيس لأجل الفتحة قبلها ، وبه قرأت."(جامع البيان ص358). أقول : الترقيق من جامع البيان هو للحكاية لا الرواية كما يظهر.

وأما الوجهان من التبصرة فقال مكي القيسي : "وأمّ الساكنة فلا اختلاف فيها أنّها غير مغلّظة إذا كان قبلها كسرة لازمة أو بعدها ياء نحو {فرعون} و {مريم} ، فإن كان بعدها حرف استعلاء غُلّظت نحو {قرطاس} إلاّ أن يكون مكسوراً فإنّك لا تُغلّظ نحو {فرق} فإن انفتح ما قبلها أو انضمّ فهي مغلّظة للجميع نحو {تُرجعون} و {ترهقهم} و {كُرسيّه} غير أنّي نقلت {بين المرء وقلبه} و {بين المرء وزوجه} بالتغليظ وتركه لورش خاصّة ، وللجماعة بالتغليظ ، والمشهور عن ورش الترقيق."(التبصرة ص148).

وأما الوجهان من الكافي فقال ابن شريح في باب مذهب ورش في الراءات : وأمّا الراء الساكنة فوافق – أي ورش- الجماعة فيها على جميع أحوالها المذكورة في الباب الذي قبل هذا إلاّ {المرء} فإنّه رُوي عنه ترقيق رائه ، والتفخيم أكثر وأحسن."(الكافي ص76).

2– مذهب أصحاب التفخيم على مافي النشر : وهو مذهب صاحب الشاطبية والتيسير والكافي والهادي والهداية وسائر أهل الأداء.

فأمّا من الشاطبية والتيسير فما أشار الشاطبيّ والداني إلى كلمة {المرء} فتكون مفخّمة عندهما على الأصل.

وأمّا من الكافي فأغربُ كيف يقول ابن الجزريّ "وهو الذي لم يذكر في الشاطبية والتيسير والكافي والهادي والهداية وسائر أهل الأداء سواه". مع أنّه قال في موضع آخر "وهو أحد الوجهين في جامع البيان والتبصرة والكافي." وهذه العبارة الأخيرة هي التي تتوافق مع كلام ابن شريح المنقول أعلاه. وعليه فيصحّ الوجهان من الكافي ، والتفخيم فقط من النشر من طريق الكافي لأنّ ابن الجزريّ اقتصر عليه.


وأمّا من الهداية فقال المهدوي في باب مذهب ورش في الراءات : "أمّا الراء الساكنة فقد بيّنّا أنّه يوافق القراء فيها ، ولا يخالفهم إلاّ في {المرء وقلبه} و {المرء وزوجه} على اختلاف عنه في ذلك."(شرح الهداية ص141و142). أقول كلام المهدويّ صريح في أخذه بالوجهين لورش فكيف يقول في النشر : "وهو الذي لم يذكر في الشاطبية والتيسير والكافي والهادي والهداية وسائر أهل الأداء سواه".

وأما من الهادي وإن لم يكن من طرق النشر إلا أنني أنقل كلامه للفائدة وتقوية لوجه الترقيق. قال ابن سفيان في باب : (ذكر ما انفرد به ورش في ترقيق الراءات وتفخيمها) :"وأمّا الراء الساكنة فإن انفتح ما قبلها أو انضمّ فهي مفخّمة في قراءته مثل : {كرسيّه} ، ويرتفع {مَرْفِقاً} في قراءته وما اشبه ذلك ، إلاّ أن يأتي بعد الراء ياء أو همزة مكسورة فإنّه يرقّق مثل {قرية} و {مريم} و {المرء وقلبه} و {المرء وزوجه}."(الهادي ص225). وأغرب كيف يقول ابن الجزريّ في النشر : "وهو الذي لم يذكر في الشاطبية والتيسير والكافي والهادي والهداية وسائر أهل الأداء سواه" مع أنّ أن كلام ابن سفيان واضح كالشمس.

وقد سكت في النشر عن صاحب العنوان والكامل ومذهبهما التفخيم لأننّي لم أجد في الكتابين إشارة إلى الترقيق ، فتفخّم على الأصل.

وقد سكت أيضاً عن مذهب صاحب المجتبى وأبي معشر ومذهبهما التفخيم لقوله في النشر :وهو – أي التفخيم- الذي لم يذكر في الشاطبية والتيسير والكافي والهادي والهداية وسائر أهل الأداء سواه."


3 – بيان أنّ وجه الترقيق في {المرء} صحيح على شرط ابن الجزريّ ؟

إنّ الترقيق في {المرء} لورش صحيح على شرط ابن الجزري فيما يظهر من أقوال رجال النشر الذين أسند إليهم ابن الجزريّ رواياته بل قد يبلغ درجة التواتر لأنّه مرويّ عن الأهوازي وابن الفحام ومكي وابن شريح والمهدويّ وابن سفيان وابن خيرون وغيرهم. بل خطأ بعض أهل الأداء من قرأ بالتفخيم كأبي الحسن الحصري حين قال (ولا تَقْرَ راء {المرء} إلاّ رقيقة). وبه قرأ ابن عظيمة الإشبيلي لورش كما أخبر في شرحه على القصيدة . وقال مكي : "والمشهور عن ورش الترقيق."
ولم يُخطئ الداني الآخذين بوجه الترقيق بل اكتفى بالقول : "وتفخيمها أقيس لأجل الفتحة قبلها وبه قرأت انتهى". وحتّى ابن الجزريّ نفسه لم يُسقطه بل وصفه بالصحّة عند قوله : "والتفخيم هو الأصح والقياس لورش وجميع القراء. انتهى".أقول : فقوله : "والتفخيم هو الأصح دليل على أنّ الترقيق صحيح".
ولا أدري السبب الذي حمل الشاطبيّ على تضعيفه بقوله : (وما بعده كسر أو اليا***فما لهم بترقيقه نصّ وثيق فيمثلا). فقوله : وما بعده كسرٌ يقصد { المرء}. وهذا التضعيف غير مسلّم به لسببين :
الأول : لم يُضعّف الداني وجه الترقيق في {المرء} ، وأنّما ضعّف الراء الساكنة المتبوعة بالياء نحو {قرية} و {مريم}. إذ لو كان تضعيف الشاطبيّ مقتصراً على المتبوعة بالياء لقنا إنّه اتّبع الداني في ذلك ، ولكن لم نر تضعيفاً للداني في {المرء} وبالتالي فلا وجه لمنعه. اللهمّ إلاّ إذا كان تضعيفه له بسبب عدم ثبوته عنده بالرواية.
الثاني : وهلّ الصحّة فيما ثبت عن الأئمّة بالأداء ونُقل في كتبهم منوطة بوجود نصّ وثيق. ؟

4 – خلاصة المسألة :
نخلص مما سبق أنّ وجه الترقيق في {المرء} صحيح على شرط ابن الجزريّ ، وقد صحّ رواية عن الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى فمنهم من اقتصر عليه دون سواه ومنهم من نقل شهرته. ولا أدرى لماذا سكت المحرّرون عن هذا الوجه ، فلعلّه لعدم وروده في الطيّبة. فالترقيق صحيح من النشر من طريق التجريد والتلخيص.
أمّا من التبصرة والكافي والهداية فقد ثبت فيها الوجهان ولكننا نأخذ له بالتفخيم تبعاً لابن الجزريّ لأنّه ثابت في هذه المصادر. .
وأمّا غير هؤلاء المذكورين فبالتفخيم لا غير.

ويأتي الترقيق مع طول البدل والفتح من التجريد. والتوسط مع التقليل من التلخيص
ويمتنع على قصر البدل مطلقاً ، وطوله مع التقليل.

والعلم عند الله تعالى.
 
تحرير اللامات.

تحرير اللامات.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد.

تحرير اللامات.

قال ابن الجزريّ : "واتفق الجمهور منهم على تغليظ اللام إذا تقدمها صاد أو طاء أو ظاء بشروط ثلاثة وهي : ...". ثم قال : "وروى بعضهم ترقيقها مع الطاء عنه كالجماعة وهو الذي في العنوان والمجتبي والتذكرة وإرشاد ابن غلبون وبه قرأ الداني على شيخه أبي الحسن بن غلبون وبه قرأ مكى على أبي الطيب إلا أن صاحب التجريد استثنى من قراءته على عبد الباقي من طريق ابن هلال (الطلاق، وطلقتم) ومنهم من رققها بعد الظاء وهو الذي في التجريد وأحد الوجهين في الكافي. وفصل في الهداية فرقق إذا كانت الظاء مفتوحة نحو: (ظلموا، وظللنا) وفخمها إذا كانت ساكنة نحو: (أظلم، ويظللن). وذكر مكى ترقيقها بعدها إذا كانت مشددة من قراءته على أبي الطيب قال وقياس نص كتابه يدل على تغليظها وإن كانت مشددة. وقال الحافظ أبو عمرو الداني ما نصه: وجماعة من أصحاب ابن هلال كالأذفوي لا يفخمها إلا مع الصاد المهملة.."(النشر 2/112).

1 – مذهب من رقّقها مع الحروف الثلاثة جميعاً بشروطها : وهو مذهب الجمهور وبه أخذ الداني في التيسير والشاطبيّ وصاحب التلخيص والكامل وطريق أبي معشر وهو أحد الوجهين في جامع البيان من قراءة الداني على ابن خاقان وفارس ابن أحمد.

فأما من التيسير فقال الداني : " واعلم أنّ ورشاً كان يُغلّظ اللام إذا تحرّكت بالفتح ، ووليها من قبلها صادٌ أو ظاءٌ أو طاءٌ ، وتحرّكت هذه الحروف الثلاثة بالفتح أو سُكّنت لا غير."(التيسير ص197).

وأما من التلخيص فقال ابن بليمة : "فإذا جاء قبلها صاد أو طاء أو ظاء مثل قوله {الصلاة} و {الطلاق} {وما صلبوه} {ومن أظلم} و {إذا أظلم عليهم} وما أشبه هذا ، سكن ما قبل اللام أو انفتح فورش يلفظ بها مغلّظة."(تلخيص العبارات ص52).

وأما من الشاطبية فقال صاحبها :

غلّظ ورش فتح لام لصادها********أو الطاء أو للظاء قبل تنزُلاَ
إذا فُتحت أو سُكّنت كصلاتهم*****ومطلع أيضاً ثمّ ظلّ ويوصلا

وأما من الكامل وطريق أبي معشر فالذي يظهر من النشر هو تغليظ اللام مع الحروف الثلاثة لكونه مذهب الجمهور.

وأمّا أحد الوجهين من جامع البيان فقال : ذه قراءتي – أي بتغليظ اللام مع الحروف الثلاثة- له من الطريق المذكور على ابن خاقان وأبي الفتح عن قراءتهما.وقرأت له على ابن غلبون بتغليظ اللام وتفخيمها مع الصاد والظاء المعجمة وترقيقها مع الطاء."(جامع البيان ص361).


2- مذهب أصحاب ترقيق اللام مع الطاء على ما في النشر : وهم صاحب العنوان والمجتبى والتذكرة والإرشاد وبه قرأ الداني على أبي الحسن ، ومكي على أبي الطيّب.

فأمّا من العنوان فقال أبو طاهر : "اعلم أن ورشا كان يفخم اللام المفتوحة إذا وقع قبلها صاد أو ظاء مفتوحتين أو ساكنتين نحو: {الصلاة} ، و{يصلي} ، و{سيصلون} ، و{ظلموا} و {من أظلم} وما أشبهه."(العنوان ص65).

وأما من المجتبى فهو صريح في النشر فلتكتف بذلك لكون الكتاب مفقود.

وأما من التذكرة فقال أبو الحسن : "اعلم أن ورشا كان يفخم اللام المفتوحة إذا وقعت بعد الصاد أو الظاء لا غير ، وسواء كانت الصاد أو الظاء مفتوحتين أو ساكنتين فقط ...."(التذكرة ص246).

وأما من الإرشاد فلم أجد فيه إشارة إلى اللامات لورش إلاّ أنّ ابن الباذش في الإقناع بيّن مذهبه فقال بعد أن ذكر اتّفاق الرواة عن ورش تغليظ اللام المسبوقة بالصاد : "وكان أبو الطيّب وأبنه وأصحابهما يزيدون إلى ذلك تفخيم اللام المفتوحة إذا كان قبلها يليها الظاء متحرّكة بالفتح أو ساكنة ، على شرط الصاد."(الإقناع ص339). أقول فإن كانت الظاء تضاف إلى الصاد لتغليظ اللام فهذا يدلّ أنّ ترقّق مع الطاء عند صاحب الإرشاد.

وأما قراءة الداني على أبي الحسن فقال أبو عمرو : "وقرأت له على ابن غلبون بتغليظ اللام وتفخيمها مع الصاد والظاء المعجمة وترقيقها مع الطاء."(جامع البيان ص361).

وأما قراءة مكي على أبي الطيّب فقال مكي : "والذي قرأت به لورش على شيخنا أبي الطيّب رحمه الله هو بتغليظ اللام المفتوحة إذا أتت بعد الصاد والظاء تسكّنا أو تحرّكا بغير كسر وضمّ". وقال : "فأمّا وقوع المفتوحة بعد الطاء فقرأت على غير الشيخ أبي الطيّب فيها بالتغليظ نحو {الطلاق} ، {والمطلّقات} وشبهه وهو الأشهر عن ورش."(التبصرة ص151). أقول : قراءة مكي القيسي على أبي الطيّب ليست من طرق النشر ، وإنّما طريق النشر يختصّ بقراءة مكي على أبي عدي وقد قرأ عليه بتغليظ اللام بعد الطاء لقول صاحب التبصرة : "فقرأت على غير الشيخ أبي الطيّب فيها بالتغليظ." وقال ابن الباش : "وكان أبو عدي وغيره يزيدون إلى ذلك الطاء ، سكنت أو تحرّكت بالفتح إذا انفتحت اللام ، مخفّفة كانت الطاء أو اللام أو مشدّدتين."(الإقناع ص339و340). وعليه فإنّ قراءة مكي على أبي عدي بالتغليظ في الحروف الثلاثة وهو طريق التبصرة من النشر.


3 - مذهب أصحاب ترقيق اللام مع الظاء على ما في النشر : وهم صاحب التجريد وأحد الوجهين في الكافي. وتغليظها مع الظاء الساكنة دون المفتوحة من الهداية.

فأمّا من التجريد فقال ابن الفحام "فإن كان قبلها الطاء والصاد فهي مفخّمة نحو { الصلاة} و {الطلاق} وقرأت على عبد الباقي في {طلقتم} و{الطلاق} بالترقيق من طريق أصحاب ابن هلال والاختيار ما ذكرت لك."(التجريد ص181). أقول : طريق ابن هلال من التجريد ليست من طرق الطيّبة لأنّ طرق ابن الفحام لورش من النشر ثلاثة وهي : طريق الخولاني عن النحاس عن الأزرق قرأ بها ابن الفحام على عبد الباقي. وطريق بن النفيس عن أبي عدي عن ابن سيف عن الأزرق قرأ بها ابن الفحام على ابن النفيس. وطريق الحوفي عن أبي عدي عن ابن سيف عن الأزرق قرأ بها ابن الفحام على عبد الباقي. ولمّا كان ترقيق {طلقتم} و{الطلاق} هو من رواية ابن الفحام من طريق ابن هلال وهذا الطريق ليس من طرق النشر وجب إهمال هذا الوجه والاقتصار على تغليظ اللام عند الطاء والصاد من غير استثناء. وعلى هذا الأساس تكون اللام عند الطاء مغلّظة وجهاً واحداً من طريق التجريد وهو الذي اختاره ابن الفحام بقوله : "والاختيار ما ذكرت لك" أي تفخيمها مع الصاد والطاء دون الظاء.

وأمّا أحد الوجهين من الكافي فقال ابن شريح : "اعلم أنّ ورشاً يُفخّم اللام المفتوحة إذا أتت بعد صاد أو طاء مالم تكونا مكسورتين نحو {الطلاق} و {طلقتم} و {الصلاة} وشبهه."(الكافي ص70). وقال : "وقرأت له اللام المفتوحة بعد الظاء مفخمة على حال ، فإن سكنت الظاء والضاد فخمها نحو {أضللتم} و {أظلم}."(الكافي ص71). أقول : الذي يظهر من كلام ابن شريح : أنّه يُفخّم اللام بعد الظاء الساكنة بقوله : "فإن سكنت الظاء والضاد فخمها نحو {أضللتم} و {أظلم}". وله الوجهان فيما بعد الظاء المفتوحة. فالترقيق لقوله :"اعلم أنّ ورشاً يُفخّم اللام المفتوحة إذا أتت بعد صاد أو طاء". والتفخيم لقوله : "وقرأت له اللام المفتوحة بعد الظاء مفخمة على حال ، فإن سكنت الظاء والضاد فخمها". قال المالقي في الدرّ النثير :"ووافق الإمام – أي ابن شريح- الحافظَ – أي الداني- بعد الظاء الساكنة ، وذكر فيما بعد المفتوحة وجهين : التغليظ وبين اللفظين ، وكان بين اللفظين أشهر عنده."(الدرّ النثير ص570).
فعلى ما سبق فإننا نأخذ من طريق ابن شريح بالوجهين في اللام الواقعة بعد الظاء المفتوحة نحو {ظلموا} ونقتصر له على التغليظ في اللام الواقعة بعد الظاء الساكنة نحو {أظلم} إذ هو الموافق لكلام ابن شريح والمؤكّد من طرف المالقي.

وأمّا من الهداية فقال المهدويّ : "وعلّته في اللام إذا انفتحت أو ضمّت وقبلها ظاء أو ضاد ساكنتان فخّمها.." (شرح الهداية ص 133).أقول كلامه صريح في تفخيمه للام المفتوحة الواقعة بعد الظاء الساكنة نحو {أظلم} وترقيقه لها فيما عدا ذلك وهو الذي يتوافق مع قول ابن الجزريّ : "وفصل في الهداية فرقق إذا كانت الظاء مفتوحة نحو: (ظلموا، وظللنا) وفخمها إذا كانت ساكنة نحو: (أظلم، ويظللن)."

وأمّا قراءة مكي على أبي الطيّب بترقيق اللام المشدّدة بعد الظاء في نحو {ظلّلنا} ، وإن صحّ فإنّ قراءة مكي على أبي الطيّب ليست من طرق الطيّبة وإنّما طريق الطيّبة يختصّ بقاءته على أبي عدي.

4 – خلاصة المسألة :

نخلص مما سبق أنّ خلاف في اللامات لورش تنحصر فيما يلي :
- المذهب الأوّل تغليظ اللام مع الحروف الثلاثة من الشاطبية والتيسير والتبصرة والتلخيص والكامل وطريق أبي معشر وأحد الوجهين في الكافي وجامع البيان من قراءة الداني على ابن خاقان وفارس ابن أحمد.
- المذهب الثاني تغليظ اللام مع الصاد والظاء دون الطاء من العنوان والمجتبى والتذكرة والإرشاد والثاني في جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- المذهب الثالث تغليظ اللام مع الصاد والطاء دون الظاء من التجريد
- المذهب الرابع تغليظ اللام مع الصاد والطاء مطلقاً ، والظاء الساكنة نحو {أظلم} مع ترقيق الظاء المفتوحة نحو {ظلموا} من الهداية والثاني في الكافي.



ففي قوله تعالى : {الطلاق مرتان} .. إلى قوله تعالى : {آتيتموهن شيئا} سبعة أوجه يصحّ منها أربعة من الشاطبيّة وهي كالتالي :
- تغليظ اللام مع قصر البدل وتوسط {شيئا} من الشاطبية
- تغليظ اللام مع توسطهما من التيسير والشاطبية وتلخيص ابن بلّيمة وأحد الوجهين في جامع البيان من قرأ الداني على ابن خاقان وفارس ابن أحمد.
- تغليظ اللام مع طول البدل وتوسط {شيئا} من الشاطبية والتبصرة والكامل وطريق أبي معشر والأوّل من الكافي.
- تغليظ اللام مع طولهما من الشاطبية والتجريد والهداية والثاني من الكافي.
- ترقيق اللام مع قصر البدل وتوسط {شيئا} من التذكرة والإرشاد والثاني من جامع البيان من قراءة الداني على أبي الحسن.
- ترقيق اللام مع طول البدل وتوسط {شيئا} من العنوان والثالث من الكافي.
- ترقيق اللام مع طولهما من المجتبى والرابع من الكافي.
ويمتنع الترقيق مع توسط البدل.

والعلم عند الله تعالى.
 
تحرير {فصالاً} و {يصالحا} و {طال}.

تحرير {فصالاً} و {يصالحا} و {طال}.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد.

تحرير {فصالاً} و {يصالحا} و {طال}.

قال ابن الجزريّ : "واختلفوا فيما إذا حال بين الحرف وبين اللام فيه ألف وذلك في ثلاثة مواضع: موضعان مع الصاد وهما (فصالاً، ويصالحا) وموضع مع الطاء وهو (طال) في طه (أفطال عليكم العهد) وفي الأنبياء (حتى طال عليهم العمر) وفي الحديد (فطال عليهم الأمد) فروى كثير منهم ترقيقها من أجل الفاصل بينهما وهو الذي في التيسير والعنوان والتذكرة وتلخيص ابن بليمة والتبصرة وأحد الوجهين في الهداية والهادي والتجريد من قراءته على عبد الباقي وفي الكافي وتلخيص أبي معشر. وروى الآخرون تغليظها اعتداداً بقوة الحرف المستعلى وهو الأقوى قياساً والأقرب إلى مذهب رواة التفخيم. وهو اختيار الداني في غير التيسير. وقال في الجامع: إنه الأوجه. وقال صاحب الكافي: إنه أشهر. وقال أبو معشر الطبري: إنه أقيس. والوجهان جميعاً في الشاطبية والتجريد والكافي والتلخيص وجامع البيان إلا أن صاحب التجريد أجرى الوجهين مع الصاد وقطع بالترقيق مع الطاء على أصله."(النشر 2/113 و 114).


1أصحاب مذهب الترقيق على ما في النشر : وهم الداني في التيسير وصاحب والعنوان والتذكرة وتلخيص ابن بليمة والتبصرة وأحد الوجهين في الهداية والهادي والتجريد من قراءته على عبد الباقي وفي الكافي وتلخيص أبي معشر.

فأمّا من التيسير والعنوان والتذكرة والتلخيص والتبصرة فلم يذكر أصحاب هذه الكتب حكم ما فُصل بالألف بين الأحرف الثلاثة واللام فيكون الحكم عندهم الترقيق لا غير.

وقد سكت في النشر عن مذهب صاحب الإرشاد ، ولم أجد في الكتاب ذكراً لباب اللامات والذي يظهر لي أنّ مذهبه هو الترقيق لأنّه مذهب تلميذَيْهِ في الرواية : أبو الحسن ومكي القيسي. وبذلك أخذ له الأزميري والضباع.

وقد سكت في النشر عن مذهب صاحب المجتبى والظاهر أنّه كصاحب العنوان أي الترقيق وبه أخذ الأزميري والضباع.

وقد سكت عن مذهب صاحب الكامل ، ولم أجد فيه إشارة إلى اللامات ، وقد أخذ له الأزميري والضباع بالترقيق.

وأمّا الوجهان في الهداية فقال المهدويّ : "فإذا حالت الألف بين اللام والصاد نحو {فصالا} فقد ذكرنا أنّ عن ورش فيه الوجهين : الترقيق والتفخيم ، فمن أخذ بالترقيق فلأنّ الألف قد حجزت بين اللام والصاد ، ومن أخذ بالتفخيم فإنّه لم يعتدّ بالألف لضعفها ، ولأنّها تزيد التفخيم حسناً والأخذ بالترقيق أولى ويُقوّي ذلك أنّه لم يرو أحد عن ورش أنّه فخّم {فطال عليهم الأمد}....."(شرح الهداية ص130 و 131). أقول : الذي يظهر صريحاً من كلام المهدويّ أنّ خُلفَهُ في التغليظ يختصّ بالصاد دون الطاء أي {فصالا} و {يصالحا} دون {طال} لقوله : "فإذا حالت الألف بين اللام والصاد نحو {فصالا}" وقوله : "ويُقوّي ذلك أنّه لم يرو أحد عن ورش أنّه فخّم {فطال عليهم الأمد}". وهذا خلاف ما في النشر حيث أطلق الخلاف من غير قيد ، وعليه فإنّ الخلاف في التغليظ يختصّ بالصاد دون الطاء من طريق الهداية والعلم عند الله تعالى.

وأمّا الهادي فليس من طرق الطيّبة.

وأمّا الوجهان من التجريد فقال ابن الفحام : "فإن حالت الألف بين الصاد واللام المفتوحة فقرأت على عبد الباقي بالترقيق وعلى الجماعة بالتفخيم نحو {فصالا} و{يصالحا}."(التجريد ص181). أقول : كلامه صريح في اختصاص التغليظ بالصاد دون الطاء بخلف عنه. فالترقيق هي من قراءته على عبد الباقي والتفخيم من قراءته على غير عبد الباقي بما فيهم ابن النفيس وكلا الروايتين من طرق النشر.

وأما الوجهان من الكافي فقال ابن شريح : "واختلف عنه في اللام المشدّدة بعد الصاد ، وإذا حال بين اللام والصاد ألف نحو {صلّى} و {يُصلّبوا} و {يصالحا} و{وفصالا} فبعضهم فخّم وبعضهم قرأ بين اللفظين والتفخيم أشهر."(الكافي ص70). أقول : الذي يظهر صريحاً من كلام ابن شريح أنّ الخُلف في التغليظ خاصّ بالصاد دون الطاء لقوله : "وإذا حال بين اللام والصاد ألف" وبتمثيله ب {يصالحا} و{وفصالا} دون {طال}. قال المالقي "ووافقه الإمام – أي وافق ابن شريح الداني – فيما بعد الصاد."(الدرّ اليتيم ص571). وعليه فإنّ الخلاف الوارد من الكافي يختصّ بالصاد في {فصالا} و {يصالحا} دون الطاء في {طال}.

وأمّا الوجهان من طريق أبي معشر فحسبنا بظاهر النشر.

وأمّا الوجهان من جامع البيان فقال الداني : "فإن حال بين الصاد والطاء وبين اللام ألف نحو قوله : {فصالا} و {أن يصالحا} و {أفطال} وشبهه فالترقيق لأجل الفاصل الذي فصل بينه وبين اللام ، والتغليظ لأجل قوّة المستعلي والتغليظ أوجه."(جامع البيان ص362). أقول : أشار الداني إلى الوجهين من غير عزو كلّ وجه إلى مشايخه الثلاثة. والذي يظهر أنّ الترقيق هو من قراءته على أبي الحسن وابن خاقان كما يظهر في التيسير والتذكرة ، والتفخيم هو من قراءته على أبي الفتح.

وأمّا الوجهان من الشاطبية فقال صاحبها : (وفي طال خلف مع فصالاً). وقد ألحقّ أئمّتنا {يصالحا} بالكلمتين لأنّ الداني لم يُفرّق بين الكلمات الثلاثة في الحكم.


2 – أصحاب مذهب المقتصرين على التغليظ :

الذي يقتضيه كلام صاحب النشر أنّ المقتصرين على وجه التفخيم هم المسكوت عنهم ، وهم صاحب الإرشاد والمجتبى والكامل. والذي يظهر من القرائن وأقوال المحرّرين الكبار أنّ مذهب هؤلاء هو الترقيق. وعليه فلا يوجد من اقتصر على وجه التغليظ في الكلمات الثلاث. وهذا يدلّ أنّ وجه الترقيق هو الأقوى والأشهر من جهة الرواية فينبغي تقديمه على وجه التغليظ ولا عبرة بقوّة وجه التغليظ من جهة القياس.

3 – خلاصة المسألة :
نخلص مما سبق أنّ الخلاف بين رجال النشر يدور بين ثلاثة مذاهب :

الأوّل : الترقيق في {فصالا} و {يصالحا} و {طال} وهو مذهب الداني في التيسير وصاحب العنوان والتذكرة والتلخيص والتبصرة والإرشاد والمجتبى والكامل.
الثاني : الوجهان في {فصالا} و {يصالحا} و {طال} وهو مذهب الشاطبيّ وأبي معشر والداني في جامع البيان.
الثالث : الوجهان في {فصالا} و {يصالحا} دون {طال} وهو مذهب صاحب الهداية والتجريد والكافي.

ففي قوله تعالى : {بل متّعنا هؤلاء وآباءهم حتّى طال عليهم العمر} ستّة أوجه كلّها صحيحة من الشاطبية والطيّبة وهي كالتالي :

- قصر البدل مع الترقيق من الشاطبية والتذكرة والإرشاد وأحد الوجهين في جامع البيان من قراءة الداني على أبي الحسن.
- قصر البدل مع التغليظ من الشاطبية.
- التوسط مع الترقيق من الشاطبية والتيسير والتلخيص والثاني من جامع البيان.
- التوسط مع التغليظ من الشاطبية والثالث من جامع البيان.
- الطول مع الترقيق من الشاطبية والعنوان والتبصرة والمجتبى والكامل والهداية والتجريد والكافي وأحد الوجهين لأبي معشر.
- الطول مع التغليظ من الشاطبية والثاني لأبي معشر.

وفي قوله تعالى {فإن أرادا فصالاً} إلى قوله {إذا سلّمتم ما آتيتم} ستّة أوجه كلّها صحيحة من الشاطبية والطيّبة وهي كالتالي :

- ترقيق {فصالا} مع قصر {آتيتم} من الشاطبية والتذكرة والإرشاد وأحد الوجهين من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- الترقيق مع التوسط من الشاطبية والتيسير والتلخيص والثاني من جامع البيان
- الترقيق مع الطول من الشاطبية والعنوان والمجتبى والكامل وأحد الوجهين من الهداية والتجريد والكافي وطريق أبي معشر.
- التغليظ مع القصر من الشاطبية.
- التغليظ مع التوسط من الشاطبية والثالث من جامع البيان.
- التغليظ مع الطول من الشاطبية والثاني من الهداية والتجريد والكافي وطريق أبي معشر.

والعلم عند الله تعالى.
 
تحرير اللام التي تسكن في الوقف نحو {بطل} {يوصل} و {فصل}.

تحرير اللام التي تسكن في الوقف نحو {بطل} {يوصل} و {فصل}.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد :

تحرير اللام التي تسكن في الوقف نحو {بطل} {يوصل} و {فصل}.

قال ابن الجزريّ : "واختلفوا أيضاً في اللام المتطرفة إذا وقف عليها وذلك في ستة أحرف وهي (أن يوصل) في البقرة والرعد (ولما فصل) في البقرة (وقد فصل لكم) في الإنعام، (وبطل) في الأعراف (وظل) في النحل والزخرف (وفصل الخطاب) في ص. فروى جماعة الترقيق في الوقف وهو الذي في الكافي والهداية والهادي والتجريد وتلخيص العبارات. وروى آخرون التغليظ وهو الذي في العنوان والمجتبي والتذكرة وغيرها والوجهان جميعاً في التيسير والشاطبية وتلخيص أبي معشر. وقال الداني إن التفخيم أقيس في جامع البيان أوجه (قلت) والوجهان صحيحان في هذا الفصل والذي قبله. والأرجح فيهما التغليظ لأن الحاجز في الأول ألف وليس بحصين ولأن السكون عارض وفي التغليظ دلالة على حكم الوصل في مذهب من غلظ والله أعلم."(النشر 2/114).


أقول وبالله التوفيق :
اختلف الرواة في هذه المسألة إلى ثلاثة مذاهب : الأوّل : الآخذين بالترقيق وهم صاحب الكافي والهداية والهادي والتجريد وتلخيص العبارات ، والثاني : الآخذين بالوجهين وهم الداني والشاطبيّ وأبي معشر ، والثالث : الآخذين بالتغليظ وهم الباقون أي صاحب العنوان والمجتبى والتذكرة والإرشاد والتبصرة والكامل.


1 – مذهب أصحاب الترقيق : وهم صاحب الكافي والهداية والهادي والتجريد وتلخيص العبارات.

فأمّا من الكافي فقال ابن شرح : "وكلّ ما ذكرته من تفخيم اللام أو ترقيقها فالوصل والوقف فيه سواء إلاّ أن تقع طرفاً مفتوحة فهي بين اللفظين في الوقف نحو {أن يوصل} و {بطل} وشبهه..."(الكافي ص71).

وأمّا من الهداية فقال المهدوي : "وعلّة ما ذكرناه من الوقف على اللام المفتوحة بالترقيق إذا كانت في طرف الكلمة نحو {يوصل} و {وأنّ الفضل} أنّ التفخيم إنّما وجب فيها حين انفتحت ، وإذا وقفت عليها سكنت ، إذ الفتحة تذهب في الوقف ، ولا رَوْم في المفتوح فرجع حكمها إلى حكم الساكنة."(شرح الهداية ص134).

وأمّا من الهادي قليس من طرق الطيّبة.

وأمّا من التجريد فقال ابن الفحام : "ووقف الجميع كما يصلون إلاّ أن تكون مفتوحة متطرّفة."(التجريد ص 182).قال ابن القاضي في الفجر الساطع 3/425 : وقطع الصقلي –أي ابن الفحام - والحصري بالترقيق...".

وأمّا من التلخيص فقال ابن بلّيمة : "وكلّ ما وصله بالتفخيم أو الترقيق فهو يقف كما يصل إلاّ أن تكون اللام طرفاً مفتوحة فهو يُرقّق."(تلخيص العبارات ص53).

2 – مذهب القائلين بالوجهين : وهم الداني والشاطبيّ وأبو معشر.

فأمّا الداني فقال في التيسير : "وكذلك إن وقعت اللام طرفاً ، ووليتها الثلاثة الأحرفُ ، فالوقف عليها يحتمل التغليظ والترقيق ، والتغليظ أقيس ، بناء على الوصل."(التيسير ص197). وقال في جامع البيان فقال : "فإن وقعت اللام مع الثلاثة الأحرف المذكورة الجالبة لتغليظها وتفخيم اللفظ بها طرداً في الكلمة نحو قوله {يوصل} و {فصل} وما أشبهه ، ووقف على ذلك احتمل وجهين أيضاً في الوقف التغليظ والترقيق ، فالتغليظ لكون سكونها عارضاً إذ هو للوقف فقط ، فعوملت لذلك معاملة المتحرّكة المفتوحة ، والترقيق لكونها ساكنة لأنّ ما سكن للوقف ماللازم ، فعوملت كذلك معاملة الساكتة في كلّ حال. والأوّل أوجه."(جامع البيان ص362).
أقول : انظر إلى قوله في التيسير : "فالوقف عليها يحتمل التغليظ والترقيق" وإلى قوله في الجامع : "ووقف على ذلك احتمل وجهين أيضاً في الوقف التغليظ والترقيق". فالذي يُلفت النظر أنّ ذكر الوجهين على سبيل الاحتمال والقياس المحض بدليل أنّه لم يذكر قراءته بالوجهين على مشايخه الثلاثة أو على بعضهم أو واحد منهم وكذا بالنسبة للتغليظ.

وأمّا الوجهان من الشاطبية فيظهر من قوله : (وفي طَالَ خُلْفٌ مَعْ فِصَالاً وَعِنْدَماَ *** يُسَكَّنُ وَقْفاً وَالمُفَخَّمُ فُضِّلاَ). فذكره للوجهين كان تبعاً للداني والداني أشار إلى احتمال الوجهين مع غير قطع ويقين.

وأمّا من طريق أبي معشر فلنكتف بما في النشر.

وقد ذكر مكّي القيسي الوجهين في الكشف حيث قال فتقف لورش على {فصل} و {تصل} بالتفخيم لأنّ الوقف عارض ، فتجريها لورش في الوقف مجرى حالها في الوصل فهة قياس. وإن شئت وقفت بالترقيق لأنّها سُكّنت."(الكشف 1/222). أقول : كتاب الكشف ليس كتاب رواية من جهة ثم إنه لم يعتمد على النقل بل اعتمد على القياس المحض لقوله في الكشف : "وهذا على قياس ما ذكرنا في باب الراءات فابن عليه."(الكشف 1/222).

فالمتأمّل في هذه النصوص يُدرك أنّ الذاكرين للوجهين كان على أساس قياس محض وهذا يظهر صريحاً في كلام الداني في التيسير والجامعه وفي كلام مكي في الكشف.

3 - مذهب أصحاب التغليظ : وهم صاحب العنوان والمجتبى والتذكرة والإرشاد والتبصرة والكامل.

فأمّا من العنوان والتذكرة والإرشاد والتبصرة والكامل فإنّي لم أجد في هذه الكتب إشارة إلى التغليظ اللهم إلاّ مكي القيسي الذي أشار إلى الوجهين في الكشف دون التبصرة بل ظاهر كلام هؤلاء هو الترقيق لأنّهم ذكروا جميعاً أنّ ورشاً يُغلّظ اللام إذا كانت مفتوحة ، والوقف على اللام المتطرّفة يكون بالسكون والسكون يمنع التغليظ. ولا أدري على أيّ أساس ذكر لهم ابن الجزريّ التغليظ ؟ ولكن مع التأمّل والنظر ظهر لي والله أعلم أنّه ذكر التغليظ لهؤلاء اجتهاداً منه وقياساً لأنّه اعتبر أنّ التغليظ وقفاً في {يوصل} و {وبطل} هو الأصل والترقيق هو الفرع الذي ينبغي أن يُقيّد بالدليل كما يظهر من أقوال أصحاب المذهب الأوّل. وكان الأوْلى على ابن الجزريّ أن يجعل الترقيق هو الأصل لأنّ الوقف على اللام يكون بالسكون والتغليظ منوط بفتح اللام ، بدليل أنّ أهل الأداء قاطبة ذكروا التغليظ في اللام إذا كانت مفتوحة وكلّ ما يخرج من هذا الأصل إلاّ قيّدوه كما في {صلصال} ، وهذا التقييد لا بُدّ له من نصّ ، وليس في كلام من ذكر لهم ابن الجزريّ وجه التغليظ ما يدلّ عليه ، وسأبيّن ذلك إن شاء الله بنقل أقوال هؤلاء الأئمّة.

فأمّا من العنوان فقال أبو طاهر : "اعلم أنّ ورشاً كان يُفخّم اللام المفتوحة إذا وقع قبلها..."(العنوان ص65). وقال نحوه في كتاب الاكتفاء الذي هو أوسع مادّة من كتاب العنوان. فالذي يظهر من عبارته أنّها مرقّقة لأنّ اللام في الوقف تسكُن ، ومن شروط تغليظها عنده أن تكون مفتوحة ، ولم يذكر حكمها في الوقف وبالتالي فإنّها مرقّقة عنده.

وأمّا من التذكرة فقال أبو الحسن : "اعلم أنّ ورشاً كان يُفخّم اللام المفتوحة فقط ، إذا وقعت...."(التذكرة ص246). أقول : خصّ أبو الحسن التغليظ باللام المفتوحة ولم يستثن التي تسكن وقفاً ولم ينقل عنه الداني في جامعه التغليظ.

وأمّا من التبصرة فقال مكي القيسي "والذي قرأت به لورش على شيخنا أبي الطيّب رحمه الله هو بتغليظ اللام المفتوحة إذا أتت بعد..." وقال : "فأمّا وقوع المفتوحة بعد الطاء فقرأت على غير الشيخ أبي الطيّب فيها بالتغليظ .."(التبصرة ص151). فظاهر التبصرة الترقيق أنّ التغليظ عنده مشروط بفتح اللام.

وأمّا من الكامل فلم أقف على نصّ في الكتاب و القياس الصحيح أنّ تُرقّق من الكامل لأنّ التغليظ في الساكن هو الفرع وفي المفتوح هو الأصل ، والفرع يلزمه الدليل لإجماعهم على تغليظ اللام في المفتوحة دون الساكنة. وقد علمنا أنّ ابن الجزريّ قال بالتغليظ بالقياس وعلمنا أيضاً بأنّ القياس الصحيح هو الترقيق لأنّ التغليظ يلزمه الفتح.

وأمّا من الإرشاد فلم أقف على نصّ في الكتاب والذي يظهر لي أنّ مذهبه الترقيق لأنّ كلاً من تلمذيْه أبي الحسن ومكي القيسي لم ينقلا في كتابهما الترقيق عنه ولا عن غيره.

وأمّا من المجتبى فالكتاب مفقود وبالتالي يصعب الحزم في المسألة لذا أفضّل أن أقلّد ابن الجزريّ.


4 - خلاصة المسألة :

نخلص من أقوال الأئمّة الذي وقفنا عليهم من رجال النشر أنّ الذاكرين للوجهين كان على أساس الاجتهاد والاحتمال كما ظهر صريحاً من أقوالهم. وأمّا وجه الترقيق لصاحب الكافي والهداية والتجريد وتلخيص العبارات صاحب فكان على اساس أقوالهم الصريحة المنقولة من كتبهم. وأمّا وجه التغليظ فليس في أقوال أصحاب هذا المذهب ما يدلّ عليه بل هو مجرّد اجتهاد من ابن الجزريّ الذي جعل التغليظ هو الأصل والترقيق هو الفرع الموجب للدليل ، وهذا القياس غير صحيح لأنّ الأصل في التغليظ هو الفتح في اللام ، والسكون مانع له فكان ينبغي أن يكون التغليظ مع السكون العارض للوقف هو الفرع الموجب للدليل ، ولادليل على ذلك لمن ذكر لهم صاحب النشر التغليظ .

وعلى ما سبق فإنّ الترقيق هو مذهب جميع الرواة عن الأزرق عدا صاحب المجتبى لأنّنا لم نقف على الكتاب فلعلّ فيه ما ينصّ على تغليظ اللام الساكنة وقفاً. وأمّا الوجهان فهما في الشاطبية والتيسير وجامع البيان وطريق أبي معشر كما يظهر صريحاً من أقوال مؤلّفيها بالنسبة للداني والشاطبيّ ، وكما يظهر صريحاً في النشر بالنسبة لطريق أبي معشر.
والترقيق هو الأقوى من جهة الرواية والقياس فينبغي تقديمه في الأداء والله أعلم بالصواب.

أكتفي بهذا القدر والحمد لله ربّ العالمين.
 
تحرير اللام الواقعة قبل الألف الممالة,

تحرير اللام الواقعة قبل الألف الممالة,

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

تحرير اللام الواقعة قبل الألف الممالة,

قال ابن الجزريّ : "واختلفوا فيما إذا وقع بعد اللام ألف ممالة نحو: (صلى، وسيصلى، ومصلى، ويصلاها). فروى بعضهم تغليظها من أجل الحرف قبلها. وروى بعضهم ترقيقها من أجل الإمالة. ففخمها في التبصرة والكافي والتذكرة والتجريد وغيرها ورققها في المجتبي وهو مقتضى العنوان والتيسير وهو في تلخيص أبي معشر أقيس. والوجهان في الكافي وتلخيص ابن بليمة والشاطبية والإعلان وغيرها. وفصل آخرون في ذلك بين رؤوس الآى وغيرها فرققوها في رؤوس الآى للتناسب وغلظوها في غيرها لوجود الموجب قبلها وهو الذي في التبصرة وهو الاختيار في التجريد والأرجح في الشاطبية والأقيس في التيسير وقطع أيضاً به في الكافي إلا أنه أجرى الوجهين في غير رؤوس الآى والذي وقع من ذلك رأس آية ثلاث مواضع: (فلا صدق ولا صلى) في القيامة (وذكر اسم ربه فصلى) في سبح (إذا صلى) في العلق. والذي وقع منه غير رأس آية سبعة مواضع (مصلى) في البقرة حالة الوقف، وكذا: (يصلى النار) في سبح (ويصلاها) في الإسراء والليل (ويصلى) في الانشقاق، و(تصلى) في الغاشية (وسيصلى) في المسد."(النشر 2/113).

الذي يظهر في النشر أنّ أصحاب التغليظ المطلق هم صاحب التذكرة والتجريد وأحد الوجهين في تلخيص العبارات والشاطبية والإعلان
والترقيق المطلق من المجتبى وهو مقتضى العنوان والتيسير وتلخيص أبي معشر وأحد الوجهين في الكافي والثاني في تلخيص ابن بليمة والشاطبية والإعلان.
الترقيق في رؤوس الآي دون غيرها وهو مذهب صاحب الكافي والتبصرة والاختيار في التجريد والأرجح في الشاطبية والأقيس في التيسير

1- أصحاب المذهب التغليظ المطلق على ما في النشر وهم : صاحب التذكرة والتجريد وأحد الوجهين في تلخيص العبارات والشاطبية والإعلان

فأما من التذكرة فلم يُشر أبو الحسن إلى اللام الواقعة قبل الألف الممالة مطلقاً فيكون مذهبه التغليظ مطلقا وهذا ما يتوافق مع ظاهر النشر.

وقد سكت في النشر عن مذهب صاحب الإرشاد ، ولم أجد في الكتاب إشارة إلى اللام الواقعة قبل الألف الممالة فيكون مذهبه التغليظ المطلق إذ هو مذهب ابنه وتلميذه في الإسناد ، ويتوافق مع ما في النشر لقوله : " ففخمها في التبصرة والكافي والتذكرة والتجريد وغيرها". قال العلامة الضباع في المطلوب : "فروى ابنا غلبون تفخيم الجميع."

وأمّا من التجريد فلأنّه انفرد عن سائر الرواة بفتح ذوات الياء والواو الواقعة في رؤوس الآي وبالتالي فاللام تُغلّظ عنده بالضرورة تبعاً لفتح الذوات. قال ابن الجزريّ : "وانفرد صاحب التجريد عن الأزرق بفتح جميع رؤوس الآي مالم يكن رائياً سواء كانواوياً أو يائياً فيه (ها) أو لم يكن فخالف جميع الرواة عن الأزرق". والاختيار عند ابن الفحام هو ترقيق اللام في رؤوس الآي دون غيرها كما قال ابن الجزريّ : "وفصل آخرون في ذلك بين رؤوس الآى وغيرها فرققوها في رؤوس الآى للتناسب وغلظوها في غيرها لوجود الموجب قبلها وهو الذي في التبصرة وهو الاختيار في التجريد..." ويؤكّد هذا الاختيار قول ابن الفحام : "ووقف الجميع كما يصلون إلاّ أن تكون مفتوحة متطرّفة نحو {فصلّى} فإنّه رقّق في الوقف."(التجريد ص182).
من خلال ما يظهر في هذه الأقول : أنّ الخلاف في التجريد إنّما هو في رؤوس الآي ، فجاز تغليظها لثبوت فتح ذوات الياء والواو في رؤوس الآي ، إذ الفتح يستلزم التغليظ إلاّ أنّ اختياره وقع على الترقيق وهو الذي ينبغي إعماله من طريق التجريد.

وأما الوجهان في تلخيص العبارات فقال ابن بليمة : "وكل ما امتنعت فيه الإمالة في حال الوصل لأجل ساكن أو تنوين كقوله {مصلى} و {مسمى} و {النصارى المسيح} و {موسى الكتاب} وشبه هذا فالإمالة فيه سائغة في الوقف لعدم العلّة.")تلخيص العبارات ص48). أقول : قد أوجب الإمالة وقفاً في {مصلى} وهذا التصريح يدلّ أنّ اللام مرققة عنده في غير رؤوس الآي وجهاً واحداً. أمّا في رؤوس الآي فترقيقها آكد وأولى لأنّها الأوْلى بالترقيق إن رُقّقت في غيرها ، ويؤيّد ذلك قوله في باب الإمالة : "وقرأ ورش جميع ذلك بين اللفظين إلاّ ما كان من ذلك في سورة أواخر آيها (ها ألف) فإنّه أخلص الفتح فيه."(تلخيص العبارا ص46). فلم يستثن اللام من الإمالة في رؤوس الآي. وعليه فإنّ الصحيح في مذهب ابن بليمة هو الترقيق المطلق..

وأما الوجهان في الشاطبية قفال صاحبها :
وفي طال خلفٌ مع فصالاً وعندما***يسكن وقفا ًوالمفخّم فُضّلا
وحكم ذوات الياء منها كهذه****وعند رءوس الآي ترقيقها اعتلا
أشار الشاطبيّ إلى الخلف في اللام الواقعة قبل ذوات الياء في غير رؤوس الآي بقوله : (وحكم ذوات الياء منها كهذه).
وأشار إلى أنّ تقديم الترقيق في رؤوس بقوله : ترقيقها اعتلا أي اعتلى على التغليظ ، ويؤيّد ذلك قول الداني :"والترقيق أقيس لتأتي الآي بلفظ واحد." وعليه يكون عدد الأوجه من الشاطبية أربعة وهي :
- الترقيق المطلق أي ترقيق الواقعة في رؤوس الآي وفي غير رؤوس الآي
- التغليظ الواقعة في غير رؤوس الآي وترقيق الواقعة فيها
- التغليظ المطلق وهو ضعيف لأنّ الشاطبيّ ذكر أنّ في رؤوس الآي ترقيقها اعتلى على تقخيمها
- ترقيق الواقعة في غير رؤوس الآي وتغليظ الواقعة فيها وهو أضعفها من جهة القياس إذ لا يُعقل أن تغلّظ في روؤس الآي وترٌقق في غيرها لأنّ رؤوس الآي أولى بالترقيق من غيرها.
وقد جرى العمل من طريق الشاطبية على الأخذ بالوجهين الأوّليْن.

وأما الإعلان فليس من طرق النشر.

وقد سكت في النشر عن مذهب صاحب الكامل ، والذي يظهر في بدائع البرهان هو الترقيق في رؤوس الآي والخلف في غيرها. قال العلامة الضباع في كتابه المطلوب : "وروى ابن شريح وأبو معشر والهذلي وابن بليمة ترقيق ما كان منها رأس آية، والوجهين في غيرها."


2- أصحاب المذهب الترقيق المطلق وهم : من المجتبى وهو مقتضى العنوان والتيسير وتلخيص أبي معشر وأحد الوجهين في الكافي والثاني في تلخيص ابن بليمة والشاطبية والإعلان

فأما من المجتبى فحسبنا بظاهر النشر.

وأما من العنوان فقال أبو طاهر : "أعلم أن ورشا كان يفخم اللام المفتوحة إذا وقع قبلها صاد أو ظاء مفتوحتين أو ساكنتين نحو: {الصلاة}، {ويصلي}، و{سيصلون}، و{ظلموا} و{من أظلم} وما أشبهه."(العنوان ص65). قال ابن الجزري في تحفة الإخوان : وفي مثل رؤوس الآي احتمالان : إن أخذنا بعموم قوله في الإمالة أملنا ورققنا وإن أخذنا بعموم لفظه في التغليظ فتحنا وفخّمنا ، ولا يجوز الإمالة مع التفخيم بوجه. وقد أجرى هذين الوجهين عبد الظاهر في شرح العنوان ، ورجّح مثل : {ولا صلّى} الإمالة مع الترقيق ، وفي مثل {من مقام إبراهيم مصلّى} التفخيم كما هو مشهور. والله أعلم."(تحفة الإخوان ص182). أقول : وكأنّ ابن الجزريّ رجع عن كلامه في النشر فأخذ له بالترقيق مطلقاً لأنّ مذهب صاحب العنوان التقليل في ذوات الياء مطلقاً ويروي عن شيخه صاحب المجتبى ومذهب هذا الأخير هو الترقيق المطلق في اللام الواقعة قبل الألف الممالة ، ولكن من تأمّل كلام أبي طاهر في العنوان يجد أنّه مثل ب {ويصلى} مما يدلّ أنّها مغلّظة عنده وهي ليست رأس آية. وعليه فإنّي آخذ له بالتغليظ في غير رؤوس الآي وبالترقيق في رؤوس الآي كما أخذ به عبد الظاهر في شرحه على العنوان ومن تبعه كابن الجزريّ في كتابه التحفة.

فأما من التيسير فقال الداني : "فإن وقعت اللام مع الصاد في كلمة هي رأس آية في سورة أواخر آيها على الياء نحو {ولا صلّى} و {فصلّى}احتملت التغليظ والترقيق ، والترقيق أقيس لتأتي الآي بلفظ واحد."(التيسير ص197). وأمّا التي لا تقع في رؤوس الآي فإنّها مغلّظة لقوله : "اعلم أنّ ورشاً كان يُغلّظ اللام إذا تحرّكت بالفتح ، ووليها من قبلها صاد أوظاء أو طاء ، وتحرّكت هذه الحروف الثلاثة بالفتح أو سُكّنت لا غير. فالصاد نحو قوله عزّ وجلّ : {الصلاة} و {مصلّى}و {فيُصلب} و {فصلّى} وشبهه." (التيسير ص197).
وقال في جامع البيان : فإن وقعت هذه اللام مع الصاد آخر فاصلة في سورة أو آخر فواصلها على ألف منقلبة من الياء ، وجملة ذلك ثلاثة مواضع : في القيامة {فلا صدّق ولا صلّى} وفي سبّح {وذكر اسم ربّه فصلّى} وفي العلق {عبداً إذا صلّى} ففيها على مذهب أبي يعقوب وأبي الأزهر وجهان : التغليظ لكونها مفتوحة قد وليها صاد مفتوحة طرداً لمذهبهما في نحو ذلك. والثاني : الترقيق ، فتكون بين بين لأجل الألف المنقلبة عن الياء بعدها حملاً على ما قبل ذلك وما بعده من رؤوس الفواصل ، وإتباعاً له ليأتي الجميع بلفظ واحد ولا يختلف. والوجهان صحيحان ، غير أنّ الثاني أقيس. فإن أتت اللام وقبلها صاد وبعدها ألف منقلبة عن الياء في غير فاصلة ، وجملة ذلك خمسة مواضع : في سبحان {يصلاها مذموماً} ، وفي الانشقاق {ويصلّى سعيراً} ، وفي الغاشية { تصلى ناراً حامية} ، وفي الليل {لا يصلاها إلاّ الأشقى} ، وفي المسد {سيصلى ناراً} و كذا قوله {من مقال إبراهيم مصلّى} عند الوقف خاصّة لأنّه منوّن و {الذي يصلى النار} لأنّ الألف تذهب في الوصل على مذهبهما ففي هذه اللام وجهان : التغليظ والترقيق ، فالتغليظ على ما أصّلاه في اللام مع الصاد ، والترقيق على قولهما في إمالة الألف المنقلبة من الياء وما قبلها ، والأقيس ههنا التغليظ بخلاف ما هو فيما قبله لعدم الإتباع والتشاكل الذيْن حسّنا الترقيق وقرّباه ههنا."(جامع البيان ص361).
أقول : مذهب الداني في التيسير هو تغليظ اللام الواقعة في غير رؤوس الآي والوجهان فيما وقع في رؤوس الآي من السور المعروفة مع تقديم الترقيق لقوّته في القياس ، وأمّا في جامع البيان فأجري الوجهين جميعاً في كلّ من الجنسين إلاّ أنّه قدّم التقليل في رؤوس الآي وقدّم التغليظ في غير رؤوس الآي. فيكون عدد الأوجه من التيسير اثنان وهما :
- تغليظ اللام في غير رؤوس الآي وترقيقها في رؤوس الآي.
- وتغليظهما وهو أضعف الوجهين بدليل أنّ ابن برّي لم يأخذ به في درره.
وأمّا من جامع البيان فجازت الأوجه الأربعة التي ذكرناها للإمام الشاطبيّ.

وأما من طريق أبي معشر فالذي يظهر في النشر الوجهان لقول ابن الجزريّ : "ورققها في المجتبي وهو مقتضى العنوان والتيسير وهو في تلخيص أبي معشر أقيس". أقول : إن كان الترقيق المطلق هو الأقيس فالوجه الثاني لا يكون إلاّ مع تغليظ اللام في غير رؤوس الآي لأنّها الأولى بالتغليظ ، ويؤيّد ذلك قول العلامة الضباع في كتابه المطلوب : "وروى ابن شريح وأبو معشر والهذلي وابن بليمة ترقيق ما كان منها رأس آية، والوجهين في غيرها."

وأمّا الوجهان من الكافي ففيه نظر. فقال ابن شريح : "واختلف عنه في اللام المشدّدة بعد الصاد ، وإذا حال بين اللام والصاد ألف نحو {يصلّى} و {يُصلّبوا} و {يصالحا} و{وفصالا} فبعضهم فخّم وبعضهم قرأ بين اللفظين والتفخيم أشهر عنه الأصلي إذا كان رأس آية فإنّه بين اللفظين لأنّ ورشاً يقرأ ما كان من ذوات الياء بين اللفظين."(الكافي ص70 و 71). أقول : الذي يظهر في الكافي هو التغليظ في غير رؤوس الآي والترقيق فيها لأنّ الخلاف عنه يختصّ باللام المشدّدة في نحو {يصلّى} دون المخففة وكذا في التي يحول بينها وبين الصاد ألف. وعليه يكون مذهب ابن شريح هو التغليظ في غير رؤوس الآي عدا المشدّدة في نحو {يُصلّى} ففيها الخلف ، والترقيق وجهاً واحدا في رؤوس الآي.

وأمّا من الشاطبية فقد سبق توضيح مذهب صاحبها.

3 - أصحاب المذهب الترقيق في رؤوس الآي دون غيرها : وهم صاحب الكافي والتبصرة والاختيار في التجريد والأرجح في الشاطبية والأقيس في التيسير

وأمّا من الكافي والتجريد فقد سبق ذكر مذهبهما وهو الترقيق في رؤوس الآي دون غيرها.

وأمّا من التبصرة فقال مكي القيسي بعد ذكر التغليظ : "إلاّ ما وقع في رأس آية وبعد اللام ألف تكتب بالياء فإنّه يرقّق اللام على أصله في قراءته بين اللفظين في رؤوس الآي ذوات الياء نحو {وذكر اسم ربّه فصلّى} و {عبداً إذا صلّى} ونحوه."(التبصرة ص416).

وأمّا من التيسير والشاطبية فظاهر.

وقد سكت في النشر عن مذهب صاحب الهداية وظاهر كلامه في الشرح هو الترقيق في رؤوس الآي دون غيرها لقوله في الهداية : "وكان شيخنا أبو عبد الله بن سفيان رحمه الله يختار في هذا الأصل أن يُفخّم منه مالم يكن رأس آية نحو {طلقتم} و {يُصلّبوا} و{مصلّى} ، وأن يرقّق منه ما وقع رأس آية وبعد اللام فيه ألف منقلبة عن ياء نحو {عبداً إذا صلّى} و {ذكر اسم ربّه فصلّى} واختياره في ذلك حسن ووجهه : ..."(شرح الهداية ص131). ثم قال : "وهو الاختيار عندي وبه آخذ." ..."(شرح الهداية ص132).

4 – خلاصة المسألة :

نخلص مما سبق أنّ :
- التغليظ المطلق من التذكرة والإرشاد وأحد الأوجه في الشاطبية والتيسير وجامع البيان على غير الأجود.
- الترقيق المطلق من المجتبى والتلخيص وأحد وجهي الكامل وطريق أبي معشر والثاني من الشاطبية وجامع البيان.
- الترقيق في رؤوس الآي دون غيرها من الكافي والهداية والتبصرة والعنوان والتجريد والثاني من التيسير والكامل وطريق أبي معشر والثالث من الشاطبية وجامع البيان.
- التغليظ في رؤوس الآي مع ترقيق غيرها وهو الرابع من الشاطبية وجامع البيان وهوأضعفها. وهذا الوجه وإن احتمله كلام الشاطبيّ والداني في جامعه إلاّ أنّ عمل أهل الأداء على خلافه لأنّه لا يُعقل أن تغلّظ اللام في رؤوس الآي وترقّق في غيرها لأنّها لو رققت في غير رؤوس الآيّ كان ترقيقها آكداً فيها.
 
تحرير {صلصال}

تحرير {صلصال}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

تحرير {صلصال}

قال ابن الجزريّ : "واختلفوا أيضاً في تغليظ اللام من (صلصال) وهو في سورة الحجر والرحمن وإن كانت ساكنة لوقوعها بين الصادين فقطع بتفخيم اللام فيهما صاحب الهداية وتلخيص العبارات والهادي وأجرى الوجهين فيها صاحب التبصرة والكافي والتجريد وأبو معشر وقطع بالترقيق صاحب التيسير والعنوان والتذكرة والمجتبي وغيرها وهو الأصح رواية وقياساً حملاً على سائر اللامات السواكن."(النشر 2/104).

1-أصحاب مذهب التغليظ على ما في النشر : هم : صاحب الهداية وتلخيص العبارات والهادي وأحد وجهي التبصرة والكافي والتجريد وأبو معشر.

فأما من الهداية فقال المهدوي : "فلما وقع في القرءان في القرءان موضع واحد وقعت اللام الساكنة فيه بين حرفين مطبقين ، حسن التفخيم فيها حين اكتنفها الحرفان المطبقان وذلك قوله {صلصال} ، ولم تقع في القرءان لام ساكنة بين مطبقين سواها."(شرح الهداية ص134).

وأمّا من التلخيص فقال ابن بلّيمة : "وإذا كانت ساكنة أو مكسورة فلا خلاف في ترقيقها إلاّ أنّ ورشاً فخّم {صلصال} لوقوعها بين صادين."(تلخيص العبارات ص42).

وأما من الهادي فليس من طرق النشر

وأمّا الوجهان في التبصرة فقال مكي القيسي : "وقرأت على غيره –أي على غير أبي الطيّب – بتفخيم {صلصال} و أنا آخذ في {الطلاق} وبابه و {صلصال} لورش بالوجهين.."(التبصرة ص151). فقوله وقرأت على غير أبي الطيّب بتفخيم {صلصال} أي قرأ على أبي عدي والأذفوي بالتغليظ وجهاً واحداً ، وطريقه مكي من النشر يختصّ بطريق أبي عدي ، وبالتالي يلزم علينا الاقتصار على وجه التغليظ من التبصرة.

وأمّا الوجهان من الكافي فقال ابن شريح : "ولم يختلف في ترقيق اللام الساكنة والمكسورة ، والمكسور ما قبلها على كلّ حال إلاّ أنّ ورشاً فخّم لام {صلصال} لوقوعها بين صادين."(الكافي ص71). فقوله : "لم يختلف....إلاّ"دلالة على أخذه بالوجهين على ما يظهر لأنّه استثناء لقوله : "ولم يختلف". ومن تمعّن في عبارته يُدرك أنّه استثناءٌ منقطع يراد به الاستدراك لقوله : "إلاّ أنّ ورشاً فخّم" أيّ فخّم وجهاً واحداً. والذي يدلّ عليه أنّ المالقي في شرحه على التيسير لم يذكر لابن شريح سوى التغليظ. قال المالقي : "المسألة الثامنة : اللام الأولى في {صلصال} مذهب الحافظ ترقيقها ومذهب الإمام تفخيمها ، وأخذ الشيخ فيها بالوجهين.."(الدر اليتيم ص572). ومراده بالإمام هو ابن شريح ، وعليه فإنّي اقتصر على التغليظ من طريق الكافي.

وأمّا الوجهان من التجريد فقال ابن الفحام : "وفخّم ورش {صلصال} لوقوعها بين صادين."(التجريد ص182). أقول : كلام ابن الفحام صريح في اقتصاره على وجه التغليظ خلاقاً لظاهر النشر حيث ذكر له الوجهين. وعليه فإنّي اقتصر على التغليظ من طريق التجريد.

وأمّا الوجهان من طريق أبي معشر فهو صريح في النشر.


2-أصحاب مذهب الترقيق على ما في النشر وهم : صاحب التيسير والعنوان والتذكرة والمجتبى وغيرهم وهو الثاني في التبصرة والكافي والتجريد وطريق أبي معشر.

فأمّا من التيسير وجامع والعنوان والتذكرة فلم أجد في هذه الكتب إشارة إلى تغليظ {صلصال}.

وأمّا من المجتبى فحسبنا بما في النشر.

وسكت في النشر عن مذهب الإمام الشاطبي وأبي الطيّب والهذلي ، ومذهب هؤلاء هو الترقيق لأنّهم ما ذكروا التغليظ في {صلصال} فيما يظهر في كتبهم وفي النشر.

3- خلاصة المسألة :
نخلص مما سبق أنّ التغليظ هو مذهب صاحب الهداية وتلخيص العبارات والتبصرة والكافي والتجريد وأحد وجهي أبي معشر ، والترقيق مذهب الباقين.
ويمتنع التغليظ مع قصر البدل.

والعلم عند الله تعالى.


 
حكم تغليظ اللام المضمومة في نحو {مظلوماً} و{فضل الله} وبيان صحّته على شرط ابن الجزريّ رحمه

حكم تغليظ اللام المضمومة في نحو {مظلوماً} و{فضل الله} وبيان صحّته على شرط ابن الجزريّ رحمه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

حكم تغليظ اللام المضمومة في نحو {مظلوماً} و{فضل الله} وبيان صحّته على شرط ابن الجزريّ رحمه الله.

قال ابن الجزريّ : وقد شذ بعض المغاربة والمصريين فرووا تغليظ اللام في غير ما ذكرنا فروى صاحب الهداية والكافي والتجريد تغليظها بعد الظاء والضاد الساكنتين إذا كانت مضمومة أيضاً نحو (مظلوماً وفضل الله)."(النشر 2/114و115).

فأمّا من الهداية فقال المهدوي : "فإن كانت مضمومة نحو {فضل} الله فهي مفخّمة في الوصل على ما ذكرناه من مذهبه ، فإذا وقفت عليها فله فيها وجهان : الترقيق والتفخيم."(شرح الهداية ص134).

وأمّا من الكافي فقال ابن شريح : " فإن انضمّت اللام أو انفتحت وقبلها الظاء والضاد متحرّكتين قرأها بين اللفظين نحو {ضللنا} و {ظلموا}."(الكافي ص71). أقول : كلام ابن شريح يدلّ بمفهوم المخالفة أنّ تُغلّظ إذا كانت مضمومة أو مفتوحة وكانت الظاء والضاد ساكنتين نحو {مظلوماً} و{فضل الله}.

وأمّا من التجريد فقال ابن الفحام : "فإن كان قبل اللام المضمومة والمفتوحة أحد هذه الحروف ساكناً ، فاللام مفخّمة نحو {مظلوماً} و {فضلُ الله} و {سيصلون} و {مطلع الفجر} فاعرفه."(التجريد ص181).

وقال ابن سفيان : " فإن انفتحت أو انضمّت وكانت قبلها الظاء والضاد متحرّكتين فهي رقيقة مثل {ظلموا} و {ضللنا في الأرض} ، فإن سكنت الظاء والضاد فخّم اللام مثل {ومن أظلم} ، واللام الأولى {أضللتم}."(الهادي ص202). وهذا يُفهم منه أنّ الظاء والضاد إذا لم يتحرّكا فإنّ اللام تغلّظ إذا انفتحت أو انضمّت نحو {مظلوماً} و {فضل}. قال ابن الباذش : ذكر ابن سفيان في {فضلُ} ، {وتطلُع} التفخيم."(الإقناع ص340).


أقول : الذي ذهب إليه ابن الجزريّ من أنّ تغليظ اللام في نحو {مظلوماً} و{فضل الله} شذوذ فيه نظر لعدّة أسباب

الأوّل : قد روى هذا الوجه أربعة من الأئمّة من طرق مختلفة. ثلاث منها عن النحاس ، وواحد منها عن ابن سيف وهي كالتالي :
فالمهدوي من طريق ابن هلال عن النحاس عن الأزرق.
وابن الفحام من طريق الخولاني عن النحاس عن الأزرق.
وابن سفيان من طريق القرويّ المهري عن أبي علي الحمراوي عن النحاس عن الأزرق وهي ليست من طرق الطيّبة.
وابن شريح من طريق ابن النفيس عن ابن سيف عن الأزرق.

ثانياً : لم ينقل هؤلاء الأئمّة الخلاف في ذلك إلاّ المهدوي ، وهذا يدلّ أنّ هذا الوجه مقطوع به عندهم لأنّهم ما نقلوا الخلاف فيه وما أشاروا إلى ضعفه.

ثالثاً : ذكر ابن الجزريّ في منجد المقرئين أنّ الأئمّة الناقلين للحروف على ضربين : منهم من اشترط الشهرة واختار ما قطع به عنده فتلقّى الناس كتابه القبول وأجمعوا عليه من غير معارض. ثمّ ذكر من هذه الكتب الكافي والتجريد. ثمّ قال :"فلا إشكال في أنّ ما تضمنته من القراءات مقطوع به إلاّ أحرفاً يسيرة يعرفها الحفاظ الثقات والأئمّة النقاد."(منجد المقرئين ص88).
ثمّ قال : "فإن قلت : قد وجدنا في الكتب المشهورة المتلقاة بالقبول تبايناً في بعض الأصول والفرش كما في الشاطبية نحو قراءة ابن ذكوان {تتبعآنّ} بتخفيف النون وقراءة هشام {أفئدة} بياء بعد الهمزة ، وكقراءة قنبل : {على سوقه} بواو بعد الهمزة وغير ذلك من التسهيلات والإمالات التي لا توجد في غيرها من الكتب إلاّ في كتاب أو اثنين ، وهذا لا يثبت به التواتر. قلتُ : وهذا وشبهه إن لم يبلغ مبلغ التواتر صحيح مقطوع به نعتقد أنّه من القرءان وأنّه من الأحرف السبعة التي نزل بها القرءان."(منجد المقرئين ص89و90).ً أقول : فكذلك ما ورد في التجريد والكافي والهداية والهادي فهو مقطوع به صحيح على شرط ابن الجزريّ في نشره.

رابعاً : قال المنتوري : "قال الداني في الإبانة في اللام المضمومة : على أنّ قوماً من المغاربة يأخذون لورش بتغليظ هذه اللام إذا سكنت الحروف الثلاثة فيها لا غير والقياس ما قدّمناه –أي بالترقيق-."(شرح الدرر ص2/614). أقول : الذي يظهر من كلام الداني عدم إنكاره لهذا الوجه بل أشار إلى أنّ العمل بخلافه هو القياس ولم يقل هو الصحيح. وقد نقل ابن الباذش هذا الوجه عن ابن سفيان كما مرّ ولم يُشر إلى شذوذه وضعفه.

وعليه فإنّ تغليظ اللام المضمومة بعد الظاء والضاد الساكنتين في نحو {مظلوماً} و{فضل الله} صحيح على شرط ابن الجزريّ في نشره ، وكان الأحرى على صاحب النشر الالتزام بما في المصادر لأنّ سنده يمرّ على أصحاب تلك المصادر والرواية تقتضي الخضوع لما فيها وعدم العدول عنها إلاّ إذا ثبت شذوذ الوجه ، وقد علمنا أنّ هذا الوجه ليس شاذاً لشهرته وثبوته من أربعة طرق مستقلة عن أئمّة ثقات.

ومن هنا يمكن القول بأنّه ليس كلّ ما حكم عليه ابن الجزريّ بالشذوذ يكون كذلك بالضرورة ، فيجب التأكّد من هذا الشذوذ بتتبع رواة هذا الوجه فإن ثبت من طريقين أو أكثر وتلقّاه رواته بالقبول كان على شرط ابن الجزريّ رحمه الله.

ويُستفاد من هذه الجزئيّة أنّ تحرير طرق النشر لا ينبغي أن يتوقّف على ما ثبت خلافه في النشر والطيّبة بل ينبغي أن يتعدّى ذلك بالتفتيش على الأوجه المذكورة في المصادر التي أسند إليها ابن الجزريّ لإعمالها وإضافتها إلى الأوجه النشرية بشرطين :
الأوّل : أن يكون رواة هذا الوجه مقتصرين عليه إذ لو رووا معه وجهاً آخر موافقاً لما في النشر للزم الاقتصار عليه لأنّه اختيار صاحب النشر.
ثانياً : أن يكون موافقاً لشرط ابن الجزريّ : وهو اتصال السند عن العدول الضابطين مع شهرة الوجه.
فإن تحقّق الشرطان وجب إضافة الوجه إلى الأوجه النشرية.

فإن تقرّر ما ذكرناه ، تعيّن الأخذ بوجه التغليظ في نحو {مظلوماً} و{فضل الله} من طريق الكافي والتجريد. أمّا من الهداية فلا ، لأنّه ذكر الخلاف في ذلك فيكون ما في النشر مطابقاً لأحد الوجهين في الهداية ، والاكتفاء بما في النشر في هذه الحالة لازم للزوم اتّباع اختيار ابن الجزريّ.
وأمّا من الهادي فليس من طريق النشر.

أرجو من مشايخنا الأفاضل أن ينظروا في هذه المسألة بكلّ تأمّل وتفكّر وأن يشاركوني في المسألة بوضع ملحوظاتهم.
 
حكم تغليظ اللام الواقعة بين حرفين مستعليين نحو (خلطوا، واستغلظ، والمخلصين والخلطاء)

حكم تغليظ اللام الواقعة بين حرفين مستعليين نحو (خلطوا، واستغلظ، والمخلصين والخلطاء)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

حكم تغليظ اللام الواقعة بين حرفين مستعليين نحو (خلطوا، واستغلظ، والمخلصين والخلطاء) وبيان صحّته على شرط ابن الجزريّ رحمه الله.

قال ابن الجزريّ : "وقد شذ بعض المغاربة والمصريين فرووا تغليظ اللام في غير ما ذكرنا فروى صاحب الهداية والكافي والتجريد تغليظها بعد الظاء والضاد الساكنتين إذا كانت مضمومة أيضاً نحو (مظلوماً وفضل الله).وروى بعضهم تغليظها إذا وقعت بين حرفي استعلاء نحو (خلطوا، وأخلصوا. واستغلظ، والمخلصين والخلطاء وأغلظ) ذكره في الهداية والتجريد وتلخيص ابن بليمة وفي وجه في الكافي ورجحه وزاد أيضاً تغليظها في (فاختلط، وليتلطف) وزاد في التلخيص تغليظها في (تلظى)." (النشر 2/115).

قال المهدوي : "...ولهذه العلّة فخّم ورش {المخلصين} ، ولم يعتدّ بكسر الصاد."(شرح الهداية ص130). وقال أيضاً : "وعلّته في تفخيم : {خلطوا} و {أخلصوا} و {اغلظ عليهم} وقوع اللام بين حرفين إمّا مطبقين ، وإمّا مطبق ومستعل فحسن التفخيم فيها لذلك. وفخّم : {فاختلط} و {ليتلطّف} من أجل الطاء بعد اللام..."(شرح الهداية ص135).

قال ابن الفحام: "فإن وقعت اللام المفتوحة أو المضمومة بين الخاء والطاء ، أو خاء و صاد ، أو غين وظاء أو تاء وطاء فقرأت بالوجهين كما ذكرت لك من الرواية نحو {واغلظ} و {الخلطاء} و {المخلصين} و {وليتلطف}."(التجريد ص181).

وقال ابن شريح : "واختُلف عنه في قوله تعالى : {وأخلصوا} و {المخلصين} و{ليتلطف} و {اختلط} و {خلطوا} و {اغلظ} وشبه ذلك. فبعضهم قرأ اللام فيهنّ بين اللفظين وبعضهم مفخّماً وهو أكثر."(الكافي ص71).

وقال ابن بليمة : "فإذا جاءت قبل صاد أو طاء أو ظاء وقبلها حرف من حروف الحلق أو ياء نحو قوله تعالى : {خلطوا} و {أخلصوا} و {اغلظ عليهم} و {ناراً تلظّى} و {ليتلطّف} انفتحت أو انضمّت فورش وحده يلفظ بها مغلّظة والباقون يلفظون بها مرقّقة."(تلخيص العبارات ص52).

وقال ابن سفيان : "فإن وقعت مضمومة أو مفتوحة بين (خاء) و (طاء) أو (خاء) و (صاد) أو (تاء) و (طاء) أو (غين) و (ظاء) فهي مفخّمة مثل {خلطوا} و {أخلصوا} ، و {فاختلط} و {وليتلطّف} و {واغلظ عليهم} و {المخلصين} وما أشبه ذلك باختلاف عنه."(الهادي ص203). وقد نقله عنه ابن الباذش في الإقناع ص341.

وقوله في النشر : "وفي وجه في الكافي ورجحه وزاد أيضاً تغليظها في (فاختلط، وليتلطف)" فيه نظر فقد نقل التغليظ في(فاختلط، وليتلطف) أيضاً المهدوي وابن سفيان وابن بليمة وابن الفحام.

يظهر مما سبق من الأقوال أنّ وجه التغليظ في اللام الواقعة بين حرفين مستعليين أو بين التاء والطاء نحو {فاختلط} ثبت عن المهدوي وابن بليمة من غير خلاف عنهما وعن ابن شريح وابن الفحام وابن سفيان بخلف عنهم ، وهذا يكفي في كونه مشهوراً وصحيحاً على شرط ابن الجزريّ.

وقد قدّم ابن شريح وجه التغليظ لكونه الأكثر شهرة بقوله : "فبعضهم قرأ اللام فيهنّ بين اللفظين وبعضهم مفخّماً وهو أكثر."

وقد أشار الداني إلى هذه المسألة في جامع البيان ولم ينكر على من قرأ بالتفخيم. قال الداني : "فإن وقعت اللام المفتوحة بين حرفين مستعليين نحو قوله {خلطوا} و {ما اختلط} و من {الخلطاء} و {أخلصوا} و {المخاصين} و {فاستغلظ} و {غلّقت الأبواب} و {خلق} و {خلقوا} و {الخلاق} و {مخلقة} وما أشبهه ، فقوم من أهل الأداء يغلّظون اللام في ذلك في مذهب ورش من طريق الأزرق من أجل حرفيّ الاستعلاء ، وآخر يرقّقونها لعدم النصّ عن ورش فيه. وبذلك قرأت وبه آخذ."(جامع البيان ص363). قال المنتوري : "وقال –أي الداني- في الموضح والإبانة نحوه. وقال في كتاب الراءات واللامات لورش : "فبعضهم يُغلّظها ، وبعضهم يُرقّقها وهو الأقيس".وذكر في إرشاد المتمسكين و إيجاز البيان والتحديد الترقيق في ذلك خاصّة."(شرح الدرر للمنتوري 2/615).
فقول الداني : "فقوم من أهل الأداء يُغلّظون.." وقوله : "فبعضهم يُغلّظها ، وبعضهم يُرقّقها وهو الأقيس" يدلّ على شهرة وجه التغليظ عند أهل الأداء ، فلو قرأ به الداني لأخذ به ولكنّه لم يقرأ به فلم يأخذ به ، وقرأ به غيره فأخذ به وكلّ يروى بما قرأ وثبت عنده والقراءة سنّة متّبعة.

وقال ابن الباذش : "وسمعت أبا القاسم شيخنا يحكي عن ابن عبد الوهاب أنّ الأهوازي قرأ عليه قارئ {فاختلط به} بالتفخيم لورش فقال له : ارفع هذا إلى الختمة الأخرى."(الإقناع ص341).
وهذا دليل أيضاً أنّ وجه التغليظ في هذا الجنس كان معروفاً عند الأئمّة عليهم رحمة الله متلقىً بالقبول فلا وجه لمنعه وردّه.
فإن كان وجه التغليظ في هذه النوع مشهوراً متلقّى بالقبول وثابتاً بالرواية الصحيحة من طرق النشر فلماذا أهمله ابن الجزريّ في طيّبتة ؟

وعلى ما سبق يظهر جلياً أنّ التغليظ في هذا النوع هو صحيح على شرط ابن الجزريّ في نشره فيجب إضافته إلى الأوجه النشرية )وإعماله من طريق المهدوي وابن بليمة لثبوته عندهما من خير خلاف. فيكون التغليظ خاصاً بإشباع البدل من الهداية وتوسطه من التلخيص ويمتنع على قصره.

أمّا التغليظ في {ناراً تلظّى} فقد انفرد به ابن بليمة فينبغي إهماله لأنّ المشهور عن الأئمّة هو تغليظ اللام الواقعة بين التاء والطاء نحو {وليتلطف} و {فاختلط}.

والعلم عند الله تعالى.
 
جواز ترقيق اللام المشددة من طريق النشر نحو {يصلّى} و {يصلّبوا}

جواز ترقيق اللام المشددة من طريق النشر نحو {يصلّى} و {يصلّبوا}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

جواز ترقيق اللام المشددة من طريق النشر نحو {يصلىّ} و {يصلّبوا}.

لم يُشر ابن الجزريّ رحمه الله في نشره إلى التفريق بين اللام المفتوحة المشددة والمخففة من حيث التغليظ والترقيق ولم ينقل الخلاف في ذلك إلاّ عن مكي القيسي مع أنّ عدداً معتبراً من الأئمةّ نقلوا الترقيق في اللام المشددة كابن الفحام وابن شريح والمهدوي وابن سفيان ، وهذا ما يجعله مشهوراً وبالتالي يكون موافقاً لشرط ابن الجزريّ الذي ألزم به نفسه في النشر.
والعلّة في جواز الترقيق هو الفاصل لأنّ التشديد بمثابة حرفين ساكن فمتحرّك فكأنّ الساكن حال بين الحروف الثلاثة واللام. ولم يعتبر ابن الجزريّ بهذا الفاصل لأنّه أُدغم في اللام المفتوحة فصار حرفاً واحداً. ولعلّه السبب الذي حمله على عدم التفريق بين المشدد والمخفف ، فردّ الرواية بالقياس وكان الأحرى له أن يُفرّق بين المشدد والمخفف لثبوتهما في الرواية على حدة. قال ابن الجزريّ : (السابع) اللام المشددة نحو (يصلبوا، وطلقتم، وظل وجهه)، لا يقال فيها إنه فصل بينها وبين حرف الاستعلاء فاصل فينبغي أن يجرى الوجهان لأن ذلك الفاصل أيضاً لام أدغمت في مثلها فصار حرفاً واحداً فلم تخرج اللام عن كون حرف الاستعلاء وليها. وقد شذ بعضهم فاعتبر ذلك فصلاً مطلقاً، حكاه الداني. وبعضهم قد أثبته فيما تقدم والله أعلم."(النشر 2/119)

فأمّا ثبوت التفريق بين الجنسين فقال ابن الفحام : "وقرأت على جماعة في المشددة بعد الصاد نحو {مصلّى} بالتفخيم ، وقرأت على عبد الباقي بالترقيق ، فإن كانت اللام المشددة رأس آية نحو {مصلّى} و {ولا صلّى} فالاختيار الترقيق فاعرفه."(التجريد ص181).

وقال ابن شريح : "واختلف عنه في اللام المشددة بعد الصاد وإذا حال بين اللام والصاد ألف نحو {يصلّى} و {يُصلّبوا} و {يصّالحا} و {فصالاً} فبعضهم فخّم وبعضهم قرأ بين اللفظين والتفخيم أشهر وإذا كان رأس آية فإنّه بين اللفظين لأنّ ورشاً يقرأ ما كان رأس آية من ذوات الياء بين اللفظين."(الكافي ص71،71).

وقال المهدويّ : "فإذا كانت اللام مشددة نحو {طلقتم} و {مصلّى} فقد ذكرنا أيضاً أنّه رُويَ عنه في ذلك الترقيق والتفخيم." (شرح الهداية ص131). وقال : "وكان شيخنا أبو عبد الله بن سفيان رحمه الله يختار في هذا الأصل أن يُفخّم أن يفخّم منه ما لم يكن رأس آية نحو {طلّقتم} و {يُصلّبوا} و {مصلّى} ، وأن يرقّق منه ما وقع رأس آية وبعد اللام فيه ألف منقلبة عن ياء نحو {عبداً إذا صلّى} ، {واذكر اسم ربه فصلّى} ، واختياره في ذلك حسن.."(شرح الهداية ص131). وقال :"وهو الاختيار عندي وبه آخذ."(شرح الهداية ص132).

وقال ابن سفيان : "واختلف المتعقبون عنه في المفتوحة المشددة إذا كانت قبلها الصاد نحو {مصلّى} ، و {فصلّى} و {أو يصلّبوا} و {يصلّى} فأخذ له قوم بالتفخيم ، وقوم بين اللفظين أعني الترقيق ، والذي أختار أي يكون {فصلّى} وما أشبهها إذا وقعت رأس آية رقيقة لأنّ من أصل ورش أنّه يُميل ذوات الياء إذا وقعت رأس آية بين اللفظين ، وما سوى ذلك مفخّماً حيث وقع."(الهادي ص200).

وقال مكي القيسي : "فإن كانت اللام المفتوحة مشددة فإنّي قرأت عليه – أي على أبي الطيّب - بتغليظها بعد الصاد وبترقيقها بعد الظاء نحو {مصلّى} و {يصلّبوا} و {وظلّلنا} وقياس نصّ كتابه بدلّ على تغليظها بعد الظاء وإن كانت مشددة لأنّه لم يشترط في المفتوحة تشديداً ولا غير ، وبالترقيق قرأت عليه في المشدد بعد الظاء."(التبصرة ص151).

أقول : الذي نستفيده من هذه النصوص أنّ هؤلاء الأئمّة اتفقوا على ترقيق اللام المشددة إذا كانت رأس آية نحو {فلا صدّق ولا صلّى} وجهاً واحداً ، وأنّهم نقلوا الخلاف فيما لم تقع اللام فيه رأس آية. ثمّ اختلف هؤلاء فمنهم من خصّ الترقيق باللام المشددة الواقعة بعد الصاد لا غير وهو ابن الفحام وابن شريح والمهدوي ومنهم من أضاف الطاء إلى الصاد وهو المهدوي ومنهم من خصّ الظاء لا غير وهو مكي القيسي.

فأمّا ابن الفحام فذكر في تجريده أنّه قرأ بالترقيق عن عبد الباقي والتغليظ عن غيره وطريقه في النشر هو عن عبد الباقي ، وعن ابن النفيس ، فتكون قراءته بالتغليظ على ابن النفيس وبالترقيق على عبد الباقي. ولما كان الطريقان مستقلّيْنِ في النشر وجب إعمال الوجهين جميعاً : الترقيق من قراءة ابن الفحام على عبد الباقي والتغليظ من قراءته على ابن النفيس.

وأما ابن شريح والمهدوي فقد نقلا الخلاف وبالتالي يجوز الاقتصار على ما في النشر وهو التغليظ في المشدد.

وأمّا ابن سفيان فليس من طرق الطيّبة.

وأمّا مكي القيسي فقراءته بترقيق اللام المشددة بعد الظاء هي على شيخه أبي الطيّب وهو ليس من طرق الطيّبة لأنّ طريق الطيّبة يختصّ بقراءته على أبي عدي.

خلاصة المسالة :
نخلص مما سبق أنّ ترقيق اللام المشددة صحيح على شرط ابن الجزريّ في النشر لشهرته. وترقيق اللام المشدّدة الواقعة بعد الصاد يختصّ بطريق التجريد من قراءة ابن الفحام على عبد الباقي ، فيصحّ الوجهان جميعاً من طريق التجريد ، فيكون الترقيق في اللام المفتوحة المشددة بعد الصاد خاصاً بطول البدل والفتح في ذوات الياء.
وأمّا من الهداية والكافي فلنكتف بوجه التغليظ لثبوته في الكتابين وفي النشر جميعاً.
وأمّا من التبصرة فترقيق اللام المشددة بعد الظاء هي من قراءة مكي على أبي الطيب وليست من طرق النشر.
وأمّا من الهادي فليس من طرق النشر.
 
حكم تغليظ اللام في {ثلاثة} من طريق التجريد.

حكم تغليظ اللام في {ثلاثة} من طريق التجريد.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

حكم تغليظ اللام في {ثلاثة} من طريق التجريد.

قال ابن الجزريّ رحمه الله : "وشذ صاحب التجريد من قراءته على عبد الباقي فغلظ اللام من لفظ (ثلاثة) حيث وقع إلا في قوله عز وجل (ثلاثة آلاف، وثلاث ورباع وظلمات ثلاث، وظل ذي ثلاث شعب)."(النشر 2/115).

قال ابن الفحام : "واختلف عنه في {ثلاثة} ، فقرأت على عبد الباقي بتفخيم اللام إلاّ قوله عزّ وجلّ {بثلاثةآلاف} و{وثلاث ورُباع}، و {ظلمات ثلاث} و{ظلّ ذي ثلاث شعب} ، وقرأت على أبي العباس كذلك. وقال هكذا قرأت ، وهو الاختيار ، ورقّقت اللام في قراءتي على من بقي. مع أنّهم يختارون التفخيم ، ولم يعلم ذلك الفارسي ، وذكر أنّه لم يقرأ إلاّ بالترقيق ، وكذلك ذكر أبو العاس عن ابن بكار إلاّ من طريق الزعفراني.."(التجريد ص182).

أقول : قد سبق ذكر في غير ما مرّة أنّ طريق ابن الفحام من النشر هو من قراءته على عبد الباقي وابن النفيس. وقد صرّح ابن الفحام أنّه قرأ على عبد الباقي بالتغليظ. أمّا قراءته على ابن النفيس فبالترقيق لقوله "ورقّقت اللام في قراءتي على من بقي" ، وبالتالي فرواية ابن الفحام من طريق النشر هي بالوجهين : التفخيم عن عبد الباقي والتغليظ عن ابن النفيس.
ولم يأخذ ابن الجزريّ بوجه التفخيم لأنّه اعتبره شاذاً مع أنّ ابن الفحام قرأ به كذلك على أبي العباس وأخير أنّ الذين قرأ عليهم بالترقيق يختارون التفخيم بقوله : "ورقّقت اللام في قراءتي على من بقي. مع أنّهم يختارون التفخيم". وهذا دليل على أنّ وجه التغليظ أخذ به جماعة من أهل الأداء وليس انفراداً من صاحب التجريد عن عبد الباقي. ومما يدلّ على ذلك أنّ ابن سفيان أخذ بهذا الوجه فقال في كتابه الهادي : "وأما {ثلاث} فإنّي قرأت على إسماعيل بتفخيم اللام حيث وقع إلاّ قوله {بثلاثةآلاف} و{وثلاث ورُباع}، و {في ظلمات ثلاث} و{إلى ظلّ ذي ثلاث شعب} فإنّه بترقيق اللام ، وعلى هذا تدلّ رواية داود بن أبي طيبة ، وقد ذكر يونس عن ورش وسقلاب أنّه قرأ {ثلاث} عليهما بالفتح في جميع القرءان يعني بالتفخيم وكثير من المصريين يأخذون به ، وكثير يأخذون بترقيق ذلك كلّه."(الهادي ص204).
فقوله : "وكثير من المصريين يأخذون به ، وكثير يأخذون بترقيق ذلك كلّه." دليل على أنّ هذا الوجه مشهورٌ وهو ينافي تماماً الشذوذ الذي قال به ابن الجزري.
قال ابن الباذش بعد نقله كلام ابن سفيان : ذا ما جاء عنهم في هذا الباب ، واختيار أبي رضي الله عنه من ذلك ، واختياري ما أخذ به الأذفوي لأنّه الأقرب إلى ما حكى سيبويه من الألف المفخّمة التي يُنحى بها نحو ما انقلبت عنه ، وهو الواو ، كما ينحو من أمال {رمى} نحو الياء التي انقلبت عنه. قال الأهوازي : أهل العراق ومدينة السلام وأصبهان وخراسان ما يعرفون ذلك عن ورش ولا يأخذون به."(الإقناع ص343).

الذي فهمته من كلام ابن الباذش أنّ وجه التعليظ هو اختيار والده وأنّ اختياره هو هو الترقيق الذي أخذ به الأذفوي وغيره ، واختيار ابن الباذش للترقيق خلافاً لوالده لا يعني أنكاره لوجه التغليظ .

وأمّا من النشر فالتغليظ صحيح من طريق التجريد من قراءة ابن الفحام على عبد الباقي ولكن ثمّة سؤال مهمّ وهو إن كان هذا الوجه صحيحاً من طريق عبد الباقي لماذا لم ينقل عنه ابن بلّيمة في تلخيصه هذا الوجه وهو يشترك مع ابن الفحام في الرواية عن عبد الباقي من طريق الأزرق ؟ هذا ما يحعلني أتريّث في الحكم على صحّة وجه التغليظ لابن الفحام عن عبد الباقي من النشر لا سيما وأنّه الطريق الوحيد من النشر الذي يروي التغليظ ، لأنّ كتاب الهادي هو الكتاب الوحيد الذي وقفت عليه يروى هذا الوجه مع ابن الفحام وهذا لا يكفي في نظري لأن يكون الوجه مشهوراً ، والأخذ بالعزيمة في مثل هذا أحرى وأورع.

وعليه فإنّ الصحيح من طريق التجريد هو الترقيق لا غير وهو الذي عليه أهل الأداء المتأخرين.

والعلم عند الله تعالى.
 
البسملة بين السورتين.

البسملة بين السورتين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

البسملة بين السورتين.

قال ابن الجزريّ : "وأما ورش من طريق الأزرق فقطع له بالوصل صاحب الهداية وصاحب العنوان والحضرمي صاحب المفيد وهو ظاهر عبارة الكافي وأحد الوجوه الثلاثة في الشاطبية وقطع له بالسكت ابنا غلبون وابن بليمة صاحب التلخيص وهو الذي في التيسير وبه قرأ الداني على جميع شيوخه وهو الوجه الثاني والشاطبية وأحد الوجهين في التبصرة من قراءته على أبي الطيب وهو ظاهر عبارة الكامل الذي لم يذكر له غيره وقطع له بالبسملة صاحب التبصرة من قراءته على أبي عدي وهو اختيار صاحب الكافي وهو الوجه الثالث في الشاطبية وبه كان يأخذ أبو غانم أبو بكر الأذفوي وغيرهما من الأزرق."(النشر 1/261).

الذي يظهر من كلام ابن الجزريّ أنّ الوصل هو مذهب صاحب الهداية والعنوان والمفيد والكافي وأحد الوجوه في الشاطبية. والسكت مذهب صاخب التذكرة والإرشاد وتلخيص العبارات والكامل والتيسير وبه قرأ الداني على شيوخه الثلاثة وهو الوجه الثاني في الشاطبية ووأحد الوجهين في التبصرة من قراءة مكي على أبي الطيّب. والبسملة مذهب صاحب التبصرة والكافي في ثاني وجههما والثالث من الشاطبية.

1- أصحاب مذهب الوصل : وهم صاحب الهداية والعنوان والمفيد وأحد الوجهين في الكافي وأحد الوجوه في الشاطبية.

فأما من الهداية فلم يذكر المهدوي في شرحه اختلاف القراء في البسملة بين السورتين بل اكتفى بالتوجيه والتعليل. قال المنتوري : "وقال المهدوي في الشرح : "والمأخوذ لورش بترك البسملة."(شرح الدرر 1/103). وترك البسملة يحتمل السكت والوصل ولكنّي آخذ بوجه الوصل عملاً بظاهر النشر.

وأما من العنوان فقال أبو طاهر : "فقرأ أبو عمرو وحمزة وورش بغير فصل بين السورتين ب{بسم الله الرحمن الرحيم} في حميع القرءان."(العنوان ص65). فقوله بغير فصل أي بالوصل بين السورتين من غير بسملة ولا يمكن أن يكون المراد السكت من غير بسملة لأنّ حمزة يصل السورتين من غير بسملة من غير خلاف عنه وقد ذُكر مع أبي عمرو وورش فدلّ أنّ مذهب ورش هو الوصل كحمزة. قال ابن الجزريّ في التحفة : "ورش وأبو عمرو كحمزة بالوصل."(تحفة الإخوان ص123).

وأما المفيد فليس من طرق النشر.

وأما الوجهان من الكافي فقال ابن شريح : "واختلف القراء في قراءة ورش وأبي عمرو وابن عامر إذ لم يأت عنهم شيء ، فبعضهم لهم بالفصل ، وبعض تركه ، والبغداديون يأخذون في قراءة أبي عمرو بسكتة خفيفة بين السورتين ، والاختيار الأخذ لجماعة القراء إلاّ حمزة بالفصل بها بين كلّ سورتين إلاّ بين الأنفال وبراءة ، وبه قرأت على أكثر من قرأت عليه..."(الكافي ص36). أقول : قد اختار ابن شريح البسملة بين السورتين لورش والاختيار خلاف التخيير فالأوّل كناية عن الأخذ به وإعماله في الأداء والثاني هو التخيير في إعمالهما جميعاً ، ولما كان مذهبه اختيار البسملة وجب الاقتصار عليه من طريق الكافي.

وأمّا من الشاطبية فقال صاحبها : (وصل واسكتن كلّ حلاياه حصّلا) وقوله (وفيها خلاف جيده واضح الطلا).

2 - أصحاب مذهب السكت : وهم صاخب التذكرة والإرشاد وتلخيص العبارات والكامل والتيسير وبه قرأ الداني على شيوخه الثلاثة وهو الوجه الثاني في الشاطبية ووأحد الوجهين في التبصرة من قراءة مكي على أبي الطيّب.

فأما من التذكرة فقال أبو الحسن : "وأما ابن عامر وأبوعمرو فإنّه يُختارُفي قراءتهما أن يُفصل بين كلّ سورتين بالسكت في جميع القرءان ، إلاّ في هذه الأربعة المواضع التي تقدّم ذكرها ، فإنّه يفصل فيها ب {بسم الله الرحمن الرحيم}وكذلك يُحتارفي قراءة ورش ، وبه قرأتُ ، وبه آخذ."(التذكرة ص1/64).

وأما من الإرشاد فقال أبو الطيّب : "وأما رواية ورش عن نافع فجاءت الرواية عنه أنّه لا يفصل ، وكذلك قرأت به وبه آخذ.."(الإرشاد 1/248). وقال : "والمختار أن يفصل القارئ في هذه الثلاث قراءات بالسكت سوى هذه الأربع – أعني قراءة ابن عامر وأبي عمرة وورش عن نافع- ومن شاء فصل ومن شاء سكت إلاّ في الأربع السور ، وكان ابن مجاهد يختار أن يسكت القارئ بين السورتين في هذه الثلاث القراءات ، وهو اختياري وبه آخذ."(الإرشاد 1/ص248). وبالسكت قرأ عليه مكي القيسي. قال مكي : "وكذلك قرأت لورش على أبي الطيب بسكت بين كلّ سورتين من غير تسمية."(التبصرة ص58).

وأما من التلخيص فقال ابن بليمة : "وكان ورش وأبوعمرو وابن عامر لا يُبسملون ويفصلون بين السورتين إلا في أربعة مواضع : ..."(تلخيص العبارات ص22). فقوله : "لا يُبسملون ويفصلون بين السورتين" بمعنى لا يُبسملون ويفصلون بين السورتين بالسكت.

وأما من الكامل فقال الهذلي : "وروى الأزرق عن ورش غير ابن مطير والنحاس ترك التسمية في أوائل السور إلاّ في مواضع..."(الكامل ص474). أقول : الذي يظهر من عبارة الهذلي هو الوصل لقوله : "ترك التسمية في أوائل السور" وهي نفس العبارة التي استعملها لحمزة بقوله : "ورُوي عن حمزة طريق ابن عطية زابن زربي ترك التسمية في جميع القرءان ، وهكذا جميع طرق الزيات إلاّ الفاتحة." ولما كان مذهب حمزة الزيات هو الوصل لا غير كان كذلك بالنسبة لورش لاستعمال الهذلي عبارة : "ترك التسمية" لهما. وأمّا البسملة فهي من طريق النحاس لقول الهذلي "وروى الأزرق عن ورش غير ابن مطير والنحاس ترك التسمية". وبالتالي يصحّ الوجهان من طريق الكامل : البسملة و الوصل بغير بسملة ، فالبسملة من طريق النحاس والوصل من طريق ابن سيف.
قد يقول القائل لعلّ ابن الجزريّ اعتمد على بعض الطرق الأدائيّة. أقول: لا بل اعتمد على ظاهر عبارة الهذلي بقوله : " وهو – أي السكت- ظاهر عبارة الكامل الذي لم يذكر له غيره" ورأينا أنّ عبارة الهذلي تدور حول البسملة وتركها ، وتركها عنده هو بمعنى الوصل لأنّها ذُكرت لحمزة ، وهذا الأخير ليس له السكت إلاّ في الأربع الزهر ، بل لم أجد في الكامل أشارة إلى السكت سواء لورش أو لغيره وعليه فالذي يظهر من كلام الهذلي الوجهان : البسملة من طريق النحاس وتركها بالوصل من طريق ابن سيف. والعلم عند الله تعالى.

وأمّا من طريق الداني فقال الداني في التيسير : "ويُختار في مذهب ورش وأبي عمرو وابن عامر : السكتُ بين السورتين من غير قطع."(التيسير ص124). قال المنتوري : "قال الداني في كتاب رواية ورش من طريق المصريين : والمختار السكت على آخر السورة والابتداء بالثانية من غير قطع شديد. وقال في التمهيد : وهو مذهب أكثر شيوخنا ، وهو اختيار الحذاق من أهل هذه الصنعة. وقال في إيجاز البيان : وعى هذا المذهب أكثر شيوخنا ، والجلّة من المتصدّرين ، وهو الذي أختار". وقال في التلخيص : وهو الاختيار. وقال في إرشاد المتمسكين : والذي أختار في مذهب أبي يعقوب أن يسكت القارئ على آخر السورة ، من غير وصل ولا فصل..."(شرح الدرر 1/108).

وأما من التبصرة فقال مكي القيسي : "وقد قرأت على الشيخ أبي عدي بالفصل لورش وهو اختيار أبي بكر الأذفوي رحمه الله ، وقرأ على أبي الطيب رحمه الله لورش بترك الفصل." وقال : "وكذلك قرأت لورش على أبي الطيب بسكت بين كلّ سورتين من غير تسمية."(التبصرة ص58). طريق التبصرة لورش من النشر هو من طريق أبي عدي وقد قرأ عليه مكي بالبسملة بين السورتين وبالتالي يختصّ طريق التبصرة من النشر بالبسملة بين السورتين لا غير. أمّا السكت من التبصرة فهي من قراءة مكي على أبي الطيّب وهو ليس من طرق النشر.

3- أصحاب مذهب البسملة : وهم مكي من قراءته على أبي عدي ، والكافي في اختياره والثالث من الشاطبية.

فأمّا قراءة مكي على أبي عدي فقد سبق بيان ذلك.

وأمّا الثاني من الكافي فقد بيّنا أنّه هو المختار عنده.

وأمّا الثالث من الشاطبية فظاهر.

وسكت في النشر عن مذهب صاحب المجتبى والظاهر أنّه كالعنوان أي الوصل : قال العلامة الضباع : "وسكت في النشر عن مذهب صاحب المجتبى والظاهر أنّه الوصل كصاحب العنوان."(المطلوب ص3).

وسكت في النشر عن مذهب أبي معشر ويظهر من كلام المتولّي والضباع أنّه الوصل وهذا فيه نظر لأنّ الهذلي ذكر البسملة من طريق النحاس ، وطريق أبي معشر يشترك مع الهذلي من طريق النحاس فيكون الأخذ بوجه البسملة من طريق أبي معشر أولى وأحرى. والعلم عند الله تعالى.

وقد سكت في النشر عن مذهب صاحب التجريد. قال ابن الفحام : "وروى عبد الباقي عن أصحاب ابن هلال عن ورش بالتسمية بين السور إلا بين القرينتين- أي بين الأنفال وبراءة- ، وروى بعد ذلك عن ورش مثل حمزة يصل السورة بالسورة ، ووافقه على ذلك أبو العباس.."(التجريد 183).
أقول : طرق ابن الفحام من النشر ثلاثة :
- قراءة ابن الفحام على عبد الباقي من طريق ابن هلال بالبسملة لقول ابن الفحام : "وروى عبد الباقي عن أصحاب ابن هلال عن ورش بالتسمية بين السور"
- قراءة ابن الفحام على عبد الباقي من طريق ابي عدي بالوصل لقوله : "وروى –أي عبد الباقي- بعد ذلك عن ورش مثل حمزة يصل السورة بالسورة"
- قراءة ابن الفحام على أبي العباس من طريق أبي عدي بالوصل لقوله "ووافقه على ذلك أبو العباس.."
وعليه فإنّ مذهب ابن الفحام هو الوصل والبسملة جميعاً الوجهان عن عبد الباقي والوصل عن أبي العباس.

4 – خلاصة المسألة :

نخلص مما سبق أنّ الوصل هو مذهب صاحب الهداية والعنوان والمجتبى وأحد الوجهين في التجريد وأحد الثلاثة في الشاطبية. والسكت مذهب صاحب التذكرة والإرشاد وتلخيص العبارات والداني من جميع طرقه والثاني في الشاطبية. والبسملة من التبصرة والكافي وطريق أبي معشر والثاني من الكامل والتجريد والثالث في الشاطبية.

والعلم عند الله تعالى.
 
تحرير {محياي}

تحرير {محياي}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

تحرير {محياي}

قال ابن الجزري : "واختلف عن ورش من طريق الأزرق عنه فقطع بالخلاف له فيها صاحب التيسير والتبصرة والكافي ابن بليمة والشاطبي وغيرهم وقطع له بالإسكان صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار وأبو الحسن بن غلبون وأبو علي الأهوازي والمهدوي وابن سفيان وغيرهم وبه قرأ صاحب التجريد على عبد الباقي عن والده وبذلك قرأ أيضاً أبو عمرو الداني على خلف بن إبراهيم الخاقاني وطاهر بن غلبون، قال الداني وعلى ذلك عامة أهل الأداء من المصريين وغيرهم وهو الذي رواه ورش عن نافع أداءاً وسماعاً قال والفتح اختيار منه اختاره لقوته في العربية قال وبه قرأت على أبي الفتح في رواية الأزرق عنه من قراءته على المصريين وبه كان يأخذ أبو غانم المظفر بن أحمد صاحب هلال ومن يأخذ عنه فيما بلغني (قلت) وبالفتح أيضاً قرأ صاحب التجريد عن ابن نفيس عن أصحابه عن الأزرق وعلى عبد الباقي عن قراءته على أبي حفص عمر بن عراك عن ابن هلال. والوجهان صحيحان عن ورش من طريق الأزرق إلا أن روايته عن نافع بالإسكان واختياره لنفسه الفتح كما نص عليه غير واحد من أصحابه. وقيل بل لأنه روى عن نافع أنه أولاً كان يقرأ (ومحياي) ساكنة الياء ثم رجع إلى تحريكها وروى ذلك الحمراوي عن أبي الأزهر عن ورش."

الذي يظهر من النشر أنّ أالآخذين بالوجهين هم : الداني ومكي القيسي وابن شريح وابن بلّيمة والشاطبي وابن الفحام. والمقتصرين له على السكون هم : صاحب العنوان والمجتبى والتذكرة والهداية والوجيز والهادي وغيرهم.

1 - أصحاب الآخذين بالوجهين وهم : الداني ومكي القيسي وابن شريح وابن بلّيمة والشاطبي وابن الفحام.

فأمّا الداني فقرأ بالإسكان على ابن خاقان وأبي الحسن وقرأ بالفتح على أبي الفتح. قال في التيسير : "{ومحيايْ} سكّنها نافع بخلاف عن ورش. والذي أقرأني به ابن خاقان عن أصحابه عنه بالإسكان وبه آخذ."(التيسير ص286). وقال في جامع البيان : فأمّا الاختلاف الذي جاء عن ورش في {محياي} فإنّ أحمد بن صالح روى عنه أنّه فتحها ، وقال حدّثنا محمد بن علي عن أبن مجاهد عن أصحابه عن ورش عن نافع أنّه فتح ياء {محياي} بعد إسكانها ، وبذلك قرأت على أبي الفتح في رواية أبي يعقوب الأزرق عنه من قراءته على المصريّين ، وبه كان يأخذ أبو غانم المظفر بن أحمد صاحب أبي جعفر أحمد بن هلال ومن أخذ عنه فيما بلغني. وروى الأصبهاني عن أصحابه عنه أنّه فتحها ، قال عنه في سورة البقرة حين ذكر ها مع {هداي} وقال ههنا عنه أنّه أسكنها وهو الصحيح من قوليه ، وبذلك قرأت على الخاقاني خلف بن إبراهيم عن قراءته على إسماعيل النحاس عن أبي يعقوب عنه ، وبذلك أقرأني ابن غلبون أيضاً عن قراءته على أصحاب أبي بكر بن سيف عن أبي بكر بن يوسف عن أبي يعقوب..."(جامع البيان ص508). ووجه الفتح من التيسير خروج عن طريقه لأنّ قراءة الداني على ابن خاقان هي بالإسكان لا غير.

وأمّا من طريق مكي القيسي فقال في التبصرة : "{محيايْ} قالون بالإسكان وقرأت لورش بالوجهين أي الفتح والإسكان والباقون بالفتح."(التبصرة ص507 الطبعة الهندية).

وأمّا من طريق ابن شريح فقال في الكافي : "قرأ نافع {محياي} بإسكان الياء وفتحها الباقون. ورُوي عن ورش أنّه كان يأخذ بفتحها وروايته الإسكان وبالوجهين قرأت له."(الكافي ص107).

وأما ابن يليمة فقال في التلخيص : "{محياي} أسكنها نافع بخلاف عنه وفتحها الباقون."(تلخيص العبارات ص61).

وأما أبو القاسم الشاطبي فقال : (ومحيايَ جئْ بالخلف والفتح خُوّلا).

وأما ابن الفحام فقال : "وروى الفارسي {ومحياي} ساكنة الياء عن نافع ، وقال عبد الباقي قرأت لأصحاب ابن هلال عن ورش بسكون الياء ، وقرأت على أبي حفص عمر ابن عراك بفتحها. ولا خلاف بين القراء في فتحها سوى ما ذكرت"(التجريد ص 223). قال ابن الجزري : وبه – بالإسكان - قرأ صاحب التجريد على عبد الباقي عن والده. وقال :"وبالفتح أيضاً قرأ صاحب التجريد على ابن نفيس عن أصحابه عن الأزرق وعلى عبد الباقي عن قراءته على أبي حفص عمر بن عراك عن ابن هلال."
فالذي يظهر من كلام ابن الفحام أنّ السكون هو من رواية الفارسي ، ومن رواية عبد الباقي من طريق ابن هلال وكلا الطريقين ليسا من طرق النشر بما فيها قراءة عبد الباقي عن والده إذ إنّها من طريق ابن هلال. قال ابن الفحام : "وقرأت بها على أبي الحسن عبد الباقي وأخبرني أنّه قرأ بها على والده." ثمّ قال : "فأمّا والده فقرأ بها على أبي غانم المظفّر بن أحمد ، على أبي جعفر أحمد بن هلال على أبي الحسن إسماعيل بن عبد الله النحاس على الأزرق.". وهذا الإسناد هو من طريق ابن هلال وهو يختصّ بوجه الإسكان كما ذكر ابن الفحام لكنّه ليس من طرق النشر لأنّ طريق ابن الفحام عن النحاس من النشر هو من طريق ابن عراك عن الخولاني عن النحاس لا غير.
وبالتالي فإنّ الطرق التي ورد فيها الإسكان ليست من طرق النشر فلم يتبق إلاّ الفتح من الطرق الثلاثة المسندة في النشر وهي
- قراءة ابن الفحام على عبد الباقي على ابن عراك عن الخولاني عن النحاس
- قراءة ابن الفحام على ابن النفيس من طريق أبي عدي عن ابن سيف
- قراءة ابن الفحام على عبد الباقي من طريق أبي عدي ابن سيف.
فالطريق الأوّل لقول ابن الفحام نقلاً عن عبد الباقي : "وقرأت على أبي حفص عمر ابن عراك بفتحها" وأما الطريق الثاني فلقول ابن الجزريّ : "وبالفتح أيضاً قرأ صاحب التجريد على ابن نفيس عن أصحابه عن الأزرق" و لقول صاحب التجريد : "ولا خلاف بين القراء في فتحها سوى ما ذكرت" وقد حصر طرق الإسكان وبيّنّا أنّها ليست من طرق النشر وأطلق الفتح فيما عدا ذلك. وكلام ابن الفحام الأخير ينطبق على الطريق الثالث له من النشر. وعليه فإنّ طرق ابن الفحام المسندة من النشر تختصّ بوجه الفتح لا غير فيجب الاقتصار عليه وإلى ذلك جنح العلامة الضباع في كتابه المطلوب.

2 - الآخذين بالإسكان : وهم : صاحب العنوان والمجتبى والتذكرة والهداية والوجيز والهادي وغيرهم.

فأما من العنوان فقال أبو طاهر : "(ومحياي) بالإسكان (وَمَماتي) بالفتح، نافع. الباقون بعكسه. وروي عن ورش في محياي بالفتح أيضا." (العنوان ص). وقال في الاكتفاء : "{ومحياي} اسكنها نافع وحده إلاّ أنّ ورشاً روي عنه فيها الفتح والإسكان جميعاً."(الاكتفاء ص131). فالظاهر من العنوان والاكتفاء أنّ أبا طاهر أخذ لورش بالوجهين خلافاً لظاهر النشر ، وقد جرى عملنا الاقتصار على اختيار ابن الجزريّ إن كان ثابتاً في المصدر.

وأمّا من المجتبى فظاهر من النشر.

وأمّا من التذكرة فقال أبو الحسن : "فقرأ نافع بإسكان الياء في {محيايْ} وفتح ياء {مماتيَ}."(التذكرة 2/388).

وأما من الهداية فالإسكان وجهاً واحداً على ما في النشر ، ولم يذكر المهدوي العزو في شرحه بل اكتفى بتعليل والتوجيه.

وأمّا الوجيز والهادي فليسا من طرق النشر.

وقد سكت في النشر عن صاحب الكامل والظاهر هو الإسكان لقول الهذلي : "{ومحيايَ} فأسكنها مدني غير العمري وحمصي وأبو بشر ، واختيار ورش والأدموني عتبة عن نافع واختيار المسيبي."(الكامل ص447). وهو مذهب الأزميري في بدائعه والضباع في المطلوب.

وقد سكت في النشر عن صاحب الإرشاد. قال أبو الطيّب : "وبالإسكان قرأت على سائر من قرأتُ عليه لورش وقالون جميعاً ، وبالإسكان آخذ."(الإرشاد 2/635).

وقد سكت أيضاً عن مذهب أبي معشر وهو كمذهب صاحب الكامل وإليه جنح العلامة الضباع.

3- خلاصة المسألة :
نخلص مما سبق أنّ الإسكان هو مذهب صاحب العنوان والمجتبى والتذكرة والإرشاد والهداية والكامل وأبي معشر والتيسير على الصحيح إذ به قرأ الداني على ابن خاقان ، وبه قرأ أيضاً على أبي الحسن وهو أحد وجهي الشاطبية والتبصرة والكافي وتلخيص العبارات. والفتح مذهب صاحب التجريد والداني من قراءته على أبي الفتح وهو الثاني في الشاطبية والتبصرة والكافي والتلخيص.

ففي قوله تعالى {ومحياي ومماتي} أربعة أوجه كلّها صحيحة من الشاطبية والطيّبة ، حيث اجتمع في الكلمة ذات الياء على وزن {فَعلى} وياء الإضافة المختلف فيها.

- الفتح مع الإسكان من التذكرة والإرشاد والهداية والكامل وطريق أبي معشر وبه قرأ الداني على أبي الحسن وهو أحد أوجه الشاطبية وجامع البيان وأحد وجهي التبصرة والكافي.
- الفتح مع فتح الياء من التجريد والثاني من الشاطبية والتبصرة والكافي.
- التقليل مع الإسكان من التيسير والعنوان والمجتبى والثالث من الشاطبية والثاني من جامع البيان وأحد وجهي التلخيص وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
- التقليل مع فتح الياء وهو الرابع من الشاطبية والثالث من جامع البيان والثاني من التلخيص وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
أمّا من طرق الداني فثلاثة أوجه :
- الفتح مع الإسكان من جامع البيان وبه قرأ على أبي الحسن
- التقليل مع الإسكان من التيسير وثاني جامع البيان وبه قرأ على ابن خاقان.
- التقليل مع فتح الياء ثالث جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
 
عودة
أعلى