أحمد بزوي الضاوي
New member
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
( سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )
ـ البقرة: من 32 ـ
الإخوة الأفاضل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد ، فإني أشكر للسادة الأساتذة المشاركين في هذا الموقع كافة ، وللأخوين الفاضلين جكني و أنمار ـ حفظهما الله ـ تثويركم لعلم القراءات، بما يشحذ الهمم، ويوقظ الوسنان، ويحرك الراكض، ويدفع إلى إعادة النظر في كثير من القضايا التي يعتبرها البعض مسلمات، وهي في حاجة إلى دراسة تستجلي غوامضها، وتكشف أسرارها. ومن ثم فإنني أشاطركم فكرة إعادة النظر في موروثنا القرائي بما يحقق فهمه، ويمكن مكن استيعابه، فاستبطانه، فالوصول إلى عتبات الإبداع والإضافة العلمية .
إن جامعاتنا ـ كما هو الشأن بالنسبة للساحة الثقافية عموما ـ ابتليت اليوم بإعادة إنتاج ما هو موجود دون فهمه. ومن ثم تجدنا غير قادرين على الإبداع ، بل إننا نعيش المنحدر. فما منا أحد إلا ويشكو إلى الله تدني المستوى العلمي لطلابنا وباحثينا، دون أن ندرك أن هذه الآفة يساهم فيها كثير من الأساتذة الباحثين ، بشكل كبير للأسف الشديد .
إن للقراءات القرآنية صلة وثيقة بعلوم الحديث عامة، وما يتعلق بالتوثيق خاصة، أما التفريق بين الحقول العلمية فيرجع إلى أسباب تعليمية ، أكثر من أن يكون حقيقة واقعية، لأن العلوم الإسلامية تشكل منظومة متكاملة . ومن ثم تجدنا في حقل التفسير ـ مثلا ـ نكون في حاجة إلى إعمال كل الحقول المعرفية لتحديد مراد الله تعالى من الخطاب القرآني .
أما بالنسبة للقراءات القرآنية، بل كثير من الحقول المعرفية الأخرى فهي في حاجة ماسة إلى إعمال منهج المحدثين في التوثيق، لأن جامعي الثقافة العربية الإسلامية اعتمدوا ـ في الغالب ـ الإسناد ، المؤسس على قاعدة : " من أسند إليك فقد أبرأ ذمته " ، ومن ثم فإنه يبقى على عاتق من أتى بعدهم من الدارسين نخل هذه المرويات والروايات باستخدام منهج المحدثين في التوثيق لتمييز صحيحها من سقيمها .
أما بالنسبة للوعي بالتمايز الحاصل بين الحقول المعرفية فهو أمر أساس في كل دراسة تتوخى العلمية والموضوعية ، والوصول إلى النتائج المرضية المؤسسة على البرهان العلمي . فكل حقل معرفي له خصوصياته، ومن ثم فإن الباحث المقتدر هو الذي يدرك تلك الخصوصيات التي تجنبه الوقوع في إسقاط مناهج وأدوات علمية مجافية لمجال الدراسة .
وإذا تقرر ذلك نقول ـ وبالله التوفيق ـ إن القراءات القرآنية لها صلة وثيقة بعلم الحديث، خاصة ما يتعلق بدراسة السند، ومعرفة الرجال، وما يتعلق بكل ذلك مما هو مقرر في علم الجرح و التعديل ، ولكن مع احترام خصوصيات مجال القراءات القرآنية .
إن القراءة لا يمكن أن تكون قراءة ما لم يتحقق فيها شرط صحة السند، أي صحة نسبتها إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فالقراءة سنة متبعة ، أي : ما قرأ به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو ما قرئ بحضرته فأقره ، فالقراءة إذن هي ما فعل الرسول وإقراره . ومن ثم جاءت مشروعية إعمال منهج المحدثين في توثيق القراءات القرآنية ، وجاء حديثهم عن سند القراءات ، ورجال القراءات .
أما ما يتعلق بدراسة المصطلحات التي يستعملها علماء القراءات القرآنية فإن ملاحظات الأستاذ الدكتور الجكني ـ حفظه الله ـ القيمة والوجيهة تظل ـ في اعتقادي ـ ملاحظات تؤسس للدراسة العلمية التي تعتمد الاستقراء، وذلك بتتبع المصطلح في كتاب معين وتحديد صيغه وسياقاته، وضبط معناه من خلال السياقات التي استعمل فيها، معتمــدين نظرية " الحقول الدلالية " ونظرية " السياق". وبعد الانتهاء من هذه الدراسات التفصيلية التي تعتمد الاستقراء ، يمكننا أن ننتهي إلى دراسة شاملة تمكننا من تحديد المعنى الاصطلاحي كما هو متداول عند أهل الجـهة ـ الاختصاص ـ .
إننا في حاجة ماسة لمثل هذه الدراسات العلمية الرصينة التي تحدد المعنى الاصطلاحي للألفاظ المستعملة في كل حقل معرفي، مما يرفع اللبس، ويحقق التواصل العلمي بين أهل الاختصاص، ويؤسس لنهضة علمية راشدة .
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
( سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )
ـ البقرة: من 32 ـ
الإخوة الأفاضل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد ، فإني أشكر للسادة الأساتذة المشاركين في هذا الموقع كافة ، وللأخوين الفاضلين جكني و أنمار ـ حفظهما الله ـ تثويركم لعلم القراءات، بما يشحذ الهمم، ويوقظ الوسنان، ويحرك الراكض، ويدفع إلى إعادة النظر في كثير من القضايا التي يعتبرها البعض مسلمات، وهي في حاجة إلى دراسة تستجلي غوامضها، وتكشف أسرارها. ومن ثم فإنني أشاطركم فكرة إعادة النظر في موروثنا القرائي بما يحقق فهمه، ويمكن مكن استيعابه، فاستبطانه، فالوصول إلى عتبات الإبداع والإضافة العلمية .
إن جامعاتنا ـ كما هو الشأن بالنسبة للساحة الثقافية عموما ـ ابتليت اليوم بإعادة إنتاج ما هو موجود دون فهمه. ومن ثم تجدنا غير قادرين على الإبداع ، بل إننا نعيش المنحدر. فما منا أحد إلا ويشكو إلى الله تدني المستوى العلمي لطلابنا وباحثينا، دون أن ندرك أن هذه الآفة يساهم فيها كثير من الأساتذة الباحثين ، بشكل كبير للأسف الشديد .
إن للقراءات القرآنية صلة وثيقة بعلوم الحديث عامة، وما يتعلق بالتوثيق خاصة، أما التفريق بين الحقول العلمية فيرجع إلى أسباب تعليمية ، أكثر من أن يكون حقيقة واقعية، لأن العلوم الإسلامية تشكل منظومة متكاملة . ومن ثم تجدنا في حقل التفسير ـ مثلا ـ نكون في حاجة إلى إعمال كل الحقول المعرفية لتحديد مراد الله تعالى من الخطاب القرآني .
أما بالنسبة للقراءات القرآنية، بل كثير من الحقول المعرفية الأخرى فهي في حاجة ماسة إلى إعمال منهج المحدثين في التوثيق، لأن جامعي الثقافة العربية الإسلامية اعتمدوا ـ في الغالب ـ الإسناد ، المؤسس على قاعدة : " من أسند إليك فقد أبرأ ذمته " ، ومن ثم فإنه يبقى على عاتق من أتى بعدهم من الدارسين نخل هذه المرويات والروايات باستخدام منهج المحدثين في التوثيق لتمييز صحيحها من سقيمها .
أما بالنسبة للوعي بالتمايز الحاصل بين الحقول المعرفية فهو أمر أساس في كل دراسة تتوخى العلمية والموضوعية ، والوصول إلى النتائج المرضية المؤسسة على البرهان العلمي . فكل حقل معرفي له خصوصياته، ومن ثم فإن الباحث المقتدر هو الذي يدرك تلك الخصوصيات التي تجنبه الوقوع في إسقاط مناهج وأدوات علمية مجافية لمجال الدراسة .
وإذا تقرر ذلك نقول ـ وبالله التوفيق ـ إن القراءات القرآنية لها صلة وثيقة بعلم الحديث، خاصة ما يتعلق بدراسة السند، ومعرفة الرجال، وما يتعلق بكل ذلك مما هو مقرر في علم الجرح و التعديل ، ولكن مع احترام خصوصيات مجال القراءات القرآنية .
إن القراءة لا يمكن أن تكون قراءة ما لم يتحقق فيها شرط صحة السند، أي صحة نسبتها إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فالقراءة سنة متبعة ، أي : ما قرأ به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو ما قرئ بحضرته فأقره ، فالقراءة إذن هي ما فعل الرسول وإقراره . ومن ثم جاءت مشروعية إعمال منهج المحدثين في توثيق القراءات القرآنية ، وجاء حديثهم عن سند القراءات ، ورجال القراءات .
أما ما يتعلق بدراسة المصطلحات التي يستعملها علماء القراءات القرآنية فإن ملاحظات الأستاذ الدكتور الجكني ـ حفظه الله ـ القيمة والوجيهة تظل ـ في اعتقادي ـ ملاحظات تؤسس للدراسة العلمية التي تعتمد الاستقراء، وذلك بتتبع المصطلح في كتاب معين وتحديد صيغه وسياقاته، وضبط معناه من خلال السياقات التي استعمل فيها، معتمــدين نظرية " الحقول الدلالية " ونظرية " السياق". وبعد الانتهاء من هذه الدراسات التفصيلية التي تعتمد الاستقراء ، يمكننا أن ننتهي إلى دراسة شاملة تمكننا من تحديد المعنى الاصطلاحي كما هو متداول عند أهل الجـهة ـ الاختصاص ـ .
إننا في حاجة ماسة لمثل هذه الدراسات العلمية الرصينة التي تحدد المعنى الاصطلاحي للألفاظ المستعملة في كل حقل معرفي، مما يرفع اللبس، ويحقق التواصل العلمي بين أهل الاختصاص، ويؤسس لنهضة علمية راشدة .
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .