القراءات القرآنية ومنهج المحدثين في التوثيق

إنضم
31/07/2006
المشاركات
896
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المغرب - الجديدة
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين

( سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )
ـ البقرة: من 32 ـ

الإخوة الأفاضل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أما بعد ، فإني أشكر للسادة الأساتذة المشاركين في هذا الموقع كافة ، وللأخوين الفاضلين جكني و أنمار ـ حفظهما الله ـ تثويركم لعلم القراءات، بما يشحذ الهمم، ويوقظ الوسنان، ويحرك الراكض، ويدفع إلى إعادة النظر في كثير من القضايا التي يعتبرها البعض مسلمات، وهي في حاجة إلى دراسة تستجلي غوامضها، وتكشف أسرارها. ومن ثم فإنني أشاطركم فكرة إعادة النظر في موروثنا القرائي بما يحقق فهمه، ويمكن مكن استيعابه، فاستبطانه، فالوصول إلى عتبات الإبداع والإضافة العلمية .
إن جامعاتنا ـ كما هو الشأن بالنسبة للساحة الثقافية عموما ـ ابتليت اليوم بإعادة إنتاج ما هو موجود دون فهمه. ومن ثم تجدنا غير قادرين على الإبداع ، بل إننا نعيش المنحدر. فما منا أحد إلا ويشكو إلى الله تدني المستوى العلمي لطلابنا وباحثينا، دون أن ندرك أن هذه الآفة يساهم فيها كثير من الأساتذة الباحثين ، بشكل كبير للأسف الشديد .
إن للقراءات القرآنية صلة وثيقة بعلوم الحديث عامة، وما يتعلق بالتوثيق خاصة، أما التفريق بين الحقول العلمية فيرجع إلى أسباب تعليمية ، أكثر من أن يكون حقيقة واقعية، لأن العلوم الإسلامية تشكل منظومة متكاملة . ومن ثم تجدنا في حقل التفسير ـ مثلا ـ نكون في حاجة إلى إعمال كل الحقول المعرفية لتحديد مراد الله تعالى من الخطاب القرآني .
أما بالنسبة للقراءات القرآنية، بل كثير من الحقول المعرفية الأخرى فهي في حاجة ماسة إلى إعمال منهج المحدثين في التوثيق، لأن جامعي الثقافة العربية الإسلامية اعتمدوا ـ في الغالب ـ الإسناد ، المؤسس على قاعدة : " من أسند إليك فقد أبرأ ذمته " ، ومن ثم فإنه يبقى على عاتق من أتى بعدهم من الدارسين نخل هذه المرويات والروايات باستخدام منهج المحدثين في التوثيق لتمييز صحيحها من سقيمها .
أما بالنسبة للوعي بالتمايز الحاصل بين الحقول المعرفية فهو أمر أساس في كل دراسة تتوخى العلمية والموضوعية ، والوصول إلى النتائج المرضية المؤسسة على البرهان العلمي . فكل حقل معرفي له خصوصياته، ومن ثم فإن الباحث المقتدر هو الذي يدرك تلك الخصوصيات التي تجنبه الوقوع في إسقاط مناهج وأدوات علمية مجافية لمجال الدراسة .
وإذا تقرر ذلك نقول ـ وبالله التوفيق ـ إن القراءات القرآنية لها صلة وثيقة بعلم الحديث، خاصة ما يتعلق بدراسة السند، ومعرفة الرجال، وما يتعلق بكل ذلك مما هو مقرر في علم الجرح و التعديل ، ولكن مع احترام خصوصيات مجال القراءات القرآنية .
إن القراءة لا يمكن أن تكون قراءة ما لم يتحقق فيها شرط صحة السند، أي صحة نسبتها إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فالقراءة سنة متبعة ، أي : ما قرأ به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو ما قرئ بحضرته فأقره ، فالقراءة إذن هي ما فعل الرسول وإقراره . ومن ثم جاءت مشروعية إعمال منهج المحدثين في توثيق القراءات القرآنية ، وجاء حديثهم عن سند القراءات ، ورجال القراءات .
أما ما يتعلق بدراسة المصطلحات التي يستعملها علماء القراءات القرآنية فإن ملاحظات الأستاذ الدكتور الجكني ـ حفظه الله ـ القيمة والوجيهة تظل ـ في اعتقادي ـ ملاحظات تؤسس للدراسة العلمية التي تعتمد الاستقراء، وذلك بتتبع المصطلح في كتاب معين وتحديد صيغه وسياقاته، وضبط معناه من خلال السياقات التي استعمل فيها، معتمــدين نظرية " الحقول الدلالية " ونظرية " السياق". وبعد الانتهاء من هذه الدراسات التفصيلية التي تعتمد الاستقراء ، يمكننا أن ننتهي إلى دراسة شاملة تمكننا من تحديد المعنى الاصطلاحي كما هو متداول عند أهل الجـهة ـ الاختصاص ـ .
إننا في حاجة ماسة لمثل هذه الدراسات العلمية الرصينة التي تحدد المعنى الاصطلاحي للألفاظ المستعملة في كل حقل معرفي، مما يرفع اللبس، ويحقق التواصل العلمي بين أهل الاختصاص، ويؤسس لنهضة علمية راشدة .

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
جزاك الله خيراً أخي د/أحمد الضاوي 0
وإثراءً للموضوع أطرح هذا الإشكال وهو قديم عند كاتب هذه الحروف له علاقة بما ذكره فضيلتكم ،ولعل أهل القراءات يدلون بآرائهم فيه ، وهو:
أني لاحظت الإمام ابن الجزري رحمه الله شرح قوله :"وصح سندها " بقوله :" نعني به :أن يروي القراءة العدل الضابط عن مثله كذا حتى تنتهي وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذ بها بعضهم "انته :النشر :1/13
ولاشك أن هذا التعريف هو نفسه تعريف جل "المحدّثين" للحديث الصحيح ،وفي ذاكرتي أنه من شروط البخاري رحمه الله للصحيح ،فليحرر،وعليه أستفسر:
1- لماذا لم يعامل ابن الجزري بالذات بعض القراء المتكلم فيهم من حيث الصنعة الحديثية –وهم ثقاة في القراءة- معاملة المحدثين من حيث الجرح والتعديل ،طالما أنه رحمه الله قيّد "صحة السند " بتقييد المحدثين ؟
خاصة وأن الإمام العراقي رحمه الله قال :" من يصنف في علم الحديث إنما يذكر "الحدّ" عند أهله لا عند "غيرهم " من أهل علم آخر 0(تدريب الراوي:1/65)
2-لماذا "عدل" القراء عن تعريف "الأصوليين " وهو أقرب نسبة إليهم وأسلم من الاعتراضات إلى تعريف المحدّثين الذي سبب لهم اعتراضاً وإشكالاً لا شك أنه قوي وهو ذاك البحث في كون أي الأمرين هو الأصح : صحة السند أم التواتر 0
أقول –والله أعلم – إن هذا كله إنما هو من بقايا تأثير "الصنعة " الحديثية على الإمام ابن الجزري رحمه الله 0
وأقول : "رأي ما لنا إلا التسليم له "
والله من وراء القصد 0
 
سعادة الدكتور الجكني
في ظني أنه لو ألزم نفسه بالتعريف الذي اقترحتموه لما استطاع تأليف النشر.

وجمهور علماء الأمة أن القراءات في حقيقة أمرها متواترة في معظمها مستفيضة فيما تبقى منها

لكن هذا لا يناسب منهج الجمع وهو الذي اقتضى الحافظ ابن الجزري التزام شروط أكثر تطبيقا مما اطمئنت له النفس فمشى على تحقيق اتصال السند بالرجال العدول كما ألزم نفسه بثبوت كل حرف يعزى لكل راو في مرجعين مقبولين عند القراء على الأقل كما لا يخفى عليكم. وهذا الذي حداه إخراج بعض ما العشر الصغرى من أحرف معدودة لم يجدها في مرجع آخر بالرغم من أنها من زياداته أقصد تحبيره على التيسير ودرته على الشاطبية. فرفض ما أقر سابقا لالتزامه بشرطه الذي شرطه على نفسه رحمه الله تعالى

وأعود فأقول وهذا لا يمنع القول بالتواتر إلا أن إثبات ذلك عمليا في كل حرف على طريقة المحدثين أمر عسير حال تأليفه مثل كتاب النشر.

وقطعا العدالة لا خلاف عليها أما الضبط فهو خاص في تلقي القراء لضبط القارئ بالقبول حيث لا يخالف جمهور أهل ناحيته وبلده ولا عبرة في ذلك بقول المحدثين في ذلك الرجل.

وأنت عليم بأننا نرى مئات القراء الضابطين لحروف العشر الصغرى بل والكبرى وفيهم من لا يحسن يسوق لك عشرة أحاديث بأسانيدها بل بمتونها وعزوها لمصادره كأربعين النووي

فالضبط باتفاقهم إنما هو لحروف القراء لا للحديث الشريف.

ولا أرى غضاضة في تطبيق التعريف على القراءة إن علمت ماهية أفراده

ونحن في انتظار بقية ملاحظاتكم على تعاريف ابن الجزري في غاية النهاية فهو بحث موفق

وجزاك ربي خيرا على ما تقدم وأقر به عين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين تلقاه في الفردوس الأعلى آمين
 
وجزاك ربي ألف خير أخي د/ أنمار 0
وأتفق معكم في ما ذكرتم ،لكن عبارة :
"أما الضبط فهو خاص في تلقي القراء لضبط القارئ بالقبول حيث لا يخالف جمهور أهل ناحيته وبلده ولا عبرة في ذلك بقول المحدثين في ذلك الرجل."
أقول : رأيت ما قد يكون مؤكداً لها وهو ما ذكره ابن الجزري رحمه الله في (النشر:1/99) حيث قال :
"الثانية عن ابن بويان : من طريقي الهداية والكافي :قال كل من ابن شريح والمهدوي :قرأت بها على أبي الحسن أحمد بن محمد المقرئ القنطري 0انتهى 0
فوجدت الإمامين :الذهبي في معرفة القراء الكبار (2/754) وابن الجزري في الغاية (1/1369 )رحمهما الله تعالى ينقلان عن الإمام الداني رحمه الله تعالى في حق هذا الشيخ القنطري رحمه الله أنه :" لم يكن بالضابط ولا الحافظ " انتهى
فهذا الحكم من الداني يستوجب رد هذه الطريق ،ومع هذا فهي غير مردودة ،بل هي "مقبولة " مقروء " بها وذلك لاختلاف المقياس بين المحدثين والقراء وبيان ذلك والعلم عند الله تعالى :
أنه لايعقل أن يكون رجل يقرئ الناس بمكة دهراً طويلاً ويقرأ عليه من الأئمة الكبار في القراءات أمثال ابن شريح والمهدوي مع وجود غيره من أهل الإقراء في مكة معه - ويرضيان "طرقه" ويسجلانها في كتبهما ويقرئان بها الناس ما لم يكن هذا الرجل "ضابطا" و"حافظاً " للقراءة وتقبلها أهل "مصره" و"عصره"
وهذا دليل على أن "مقياس المحدثين ليس من اللازم أن يطبق على أفراد و"جزئيات "علم "القراءة " والله تعالى أعلم 0
أما موضوع "غاية النهاية " فكان القصد في البداية هو تنبيه أهل القراءات إلى ما في هذا الكتاب من كنوز علمية دفينة بين خبايا وثنايا هذا الكتاب ،فيولوه شيئا من الاهتمام والدراسة ولا أقصد الأبحاث العلمية للماجستير أو الدكتوراة بل أقصد خدمته حقيقة لا لغرض آخر يتحكم الوقت فيه مما قد يؤدي إلى نتيجة غير دقيقة ،والنية إن شاء الله معقودة على مواصلة هذا العمل 0
أسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين القبول والتوفيق 0
 
السيد الدكتور الجكني،
أبو الحسن أحمد بن محمد القنطري صاحب كتاب فأمره هين وكما تعلم أن ابن شريح إنما قرأ عليه وسمع منه كتابه "الاختصار في القراءات" عام 433 هـ كما ذكر ابن خير في فهرسته ص 26 فهي قراءة موثقة بالكتاب فلا تضر قلة الضبط في الحفظ إن كان هناك أصل مكتوب يعتمد عليه والله أعلم

والأهم هو عدم مخالفته للثقات -كما افترضتم في ثنايا كلامكم السابق-
والإثبات العملي على ذلك هو ما ذكر ابن شريح في الكافي فقد قال:
وقرأت برواية قالون على أبي علي الحسن بن محمد بن إبراهيم المقرئ البغدادي
وقرأ أبو علي على أبي أحمد بن عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مهران المقرئ
وقرأ أبو أحمد على أبي الحسن أحمد بن عثمان بن محمد بن بويان الحربي

وقرأت بها أيضا على أبي الحسن أحمد بن محمد المقرئ القنطري بمكة حرسها الله في المسجد الحرام
وقرأ أبو الحسن على الحسن بن محمد بن الحباب البزاز المقرئ
وقرأ الحسن بن الحباب على أبي الحسن بن بويان
اهـ من الكافي باب اتصال قراءتي بهؤلاء الأئمة السبعة

فأنت ترى أن ابن شريح إنما ذكره متابعة ولم يبدأ به، والمتابعات كما لا يخفى عليكم يتساهل فيها ما لا يتساهل في الأصل وهذا عند كبار المحدثين كما عند أئمة القراء. وابن الجزري اختصر ما هو أعلاه بإحالتكم على المصدر الذي نقل منه ولا أشك أن المهدوي عنده ما عند ابن شريح لكن كتابه مفقود حتى الآن

وما رواه ابن شريح في الكافي من الطريقين لا خلاف بينهما البتة في ثنايا الكتاب في رواية قالون التي أحال فيها على الطريقين اللذين سبقا. فقد تطابقا حرفا حرفا، وهذا فيه رد على الداني من جهة، ومن جهة أخرى لو افترضنا جدلا أنه غير ضابط فإنما ذكر متابعا وليس أصلا.

والطريق الأصل أعلاه عن الحسن بن علي المالكي البغدادي وهو صاحب الروضة في القراءات الإحدى عشر وهو الإمام شيخ القراء بمصر كما ذكر الذهبي (1/369) والأستاذ كما عند ابن الجزري (1/230) والعالم بالقراءات كما عند ابن تغري (النجوم الزاهرة 5/42)
عن عبيد الله بن مهران وهو كما في الغاية (1/491 ) إمام كبير ثقة ورع وهو آخر من بقي من أصحاب ابن بويان

فهذا الأصل وكما ترى لا مطعن فيه، ولم يخالف القنطري في أي حرف ما رواه الأئمة أصحاب السند الأصل.
 
وهذه صورة ق 3 من مخطوط الكافى فى القراءات السبع
للإمام محمد بن شريح بن أحمد الرعينى وفيها السند المذكور
 
(نصوص لبعض القراء في أحكام القراءات الشواذ )

(نصوص لبعض القراء في أحكام القراءات الشواذ )

(نصوص لبعض القراء في أحكام القراءات الشواذ )
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإنّ طبيعة القراءات الشاذة المنشرة في كتب القراءات المتقدمة، معروفة فقد حكم عليهاالعلماء في العصور المتقدمة بدْءً من القرن الأول، ثم تتابع على ذلك العلماء في العصور المتأخرة حتى القرن التاسع.
فمن نصوص العصور المتقدمة: 1- قال خلاّد بين يزيد الباهلي: ومايسرّني أن يَقرأ بها هكذا، ولي كذا؛ وكذا، قلت: ولِمَ ؟ وأنت تزعم أنّها قالت ؟ قال :لأنّه غير (قراءة النّاس ) ، ونحن لووجدنا رجلاً يقرأ ( بما ليس بين اللّوحين) ماكان بيننا وبينه إلاّ التّوبة ، أوتُضرب عنقه.(جمال القراء للسخاوي1/234ـ235).
2-قال هارون بن موسى: ذكرت ذلك لأبى عمرو ـ يعنى القراءة المعزوّة إلى عائشة رضي الله عنها ـ فقال: قد سمعت هذا قبل أن تُولد، ولكنّا لانأخذ به.(السابق).
3-قال نافع:قرأت على سبعين من التابعين أو اثنين وسبعين، فنظرت مااجتمع عليه اثنان أخذته، وماشذّ فيه واحد تركته،حتى ألفت هذه القراءات.(الكامل للهذلي/3)، (فضل المقرئين السبعة ومن تبعهم).
3- قال ابن مجاهد: عن محمد بن صالح، قال: سمعت رجلا يقول لأبي عمرو كيف تقرأ( فيومئذ لايعذب..) الفجر/26، فقال: (لا يعذَّب) بالفتح ، فقال له أبو عمرو لوسمعت الرّجل الذي قال سمعت النّبي صلى الله عليه وسلم ما أخذته عنه، وتدري ما ذاك ؛ لأني أتّهم الواحد الشاذ إذا كان على خلاف ما جاءت به العامة،قلت: علّل أبوعمرو ردّ قراءة (يعذب) بالفتح،وهي متواترة عن الكسائي ويعقوب ،بأنّه يتّهم الواحد الشاذ إذا كان على خلاف ما جاءت به العامة .وقد أجاب عن هذا الإنكار (السخاوي فى جمال القراء ) بقوله: وإنّما أنكرها أبوعمرو ،لأنهالم تبلغه على وجه التواتر. (1/234/235) .
وقال ابن مجاهد أيضاً: وأمّا الآثار التى رويت في الحروف فكالآثار الفقهية منها المجتمع عليه السّائر المعروف ،ومنها المتروك عند الناس المعيب من أخذ به ، وإن كان قد رُوي، وحُفِظ، ومنها ما توهَّم فيه من رواه فضيّع روايته ونَسِي سماعه لطول عهده ….إلى أن يقول :وإنّما ينتقد ذلك أهل العلم بالأخبار والحرام والحلال والأحكام - أى الفقهاء المحدّثون الثقات العارفون بالأخبار الصحيحة - وليس انتقاد ذلك إلى من لايعرف الحديث، ولايبصر الرواية والاختلاف .(السبعة لابن مجاهد /49). .
5- قال الدّاني: وسألت شيخنا عن هذه الأشياء التي توجد مسطورة في النصوص ... والتلاوة بالنقل عن مسطّريها بخلاف ذلك، فقال لي:ذلك بمنزلة الآثار الواردة في الكتب في الأحكام وغيرها بنقل الثقات والعمل بخلافها فكذلك ذلك، ثم قال الداني :وهذا من لطيف التأويل وحسن الاستخراج. (الدر النثير للمالقي 1/113).
6- قال أبو شامة : لاينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وأنها هكذا أنزلت إلا إذا دخلت في الضابط المذكور..الى أن قال فإن القراءة المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ ( المرشد الوجيز/ 173)..
- قول ابن الجزري في النشر: انفرد … فخالف جميع النصوص الواردة عنه، وعن أصحابه وعن نافع (النشر 1/410 ، 424، 2/62، 2/6، 2/16).، وقوله كذلك : ولا يتابع الشيخ ولا الرّاوي عنه على ذلك أي -الهمز والإدغام لأبى عمرو-، إذا كان على خلافه أئمة الأمصار في سائر الأعصار.)( النشر 1/ 278).
تنبيه: صاحب (كتاب النشر لابن الجزري) أحد أعلام القرن التاسع،
وقد تصدّى لعزل ما انفردوشذّ، مبيّنا ذلك في منهجه الذي ذكره في مقدمة كتابه السابق، فقد نهج في كتابه:أن ينقل الرواية مع الاقتصار على صحيح القراءات والمتلقى بالقبول من منقول مشهور الروايات.
ونهج في اختيار شيوخه في هذا الكتاب على شرطين هما:الأخذ عمن ثبت عدالته عنده أو عمّن تقدّمه،وتحقّق لقيه لمن أخذ عنه، إذا صحّت معاصرته.
وأن تكون الكتب التي قرأ بها على شيوخه فيه، مشتملة على شرطين هما:ثبوت الرواية فيها نصّاً، وثبوته فيها آداءَ. (النشر 1/192-193 )..
-أخيراً :
كان اختيار (نهج القراء المتأخرين) اعتماد كتب معتمدة في القراءات السبع والعشرككتاب التسير في القراءات السبع للداني، ونظمه المعروف بالشاطبيّة للشاطبي، وكتاب النشر في القراءات العشر، ونظمه المعروف بالطّيبة كلاهما لابن الجزري، وكتابه أيضاً تحبير التّيسير،ونظمه المعروف بالدّرة كلاهما له،لأجل منع القراءة بالشواذ.
ختاماً:
فهذه النصوص،وغيرها مفيدة جدا في اضطلاع طائفة من الباحثين بجمع أحكام شاملة للشواذ من كتب القراءات، لدراستها، كي تكون مانعاً من تحميل بعض القراءات(كالقراءات التفسيرية) أكثر مـمّا تتحمله من أحكام،ومانعاً من تعديل وجرح بعض الرواة، بأكثر ممّا هو معهود عند المحدثين ومن ثمّ عند الأصوليين،والقراء. والله أعلم.
 
أنواع التحمل والأخذ عن المشايخ

أنواع التحمل والأخذ عن المشايخ

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .
الإخوة الأفاضل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد ، فحبذا لو اقتصرنا على ما له صلة وثيقة بمنهج المحدثين وصلته بالقراءات القرآنية ، مع بيان خصوصيات مجال القراءات عن مجال الحديث ، لنبين التعالق الحاصل بين علوم الشريعة الإسلامية مما يجعلها تشكل منظومة متكاملة لا يمكن فهم إحدى جزئياتها إلا في إطارها الشمولي ، دون أن نغفل خصوصيات كل مجال . ونعتبر ذلك تأصيلا لعلوم الشريعة من جهة ، ومحاولة جادة للفهم و الإفهام.
أما عن موضوعنا الخاص بأنواع التحمل و الأخذ عن المشايخ ، فقد ذهب القسطلاني ـ رحمه الله ـ في كتابه لطائف الإشارات في فنون القراءات إلى أن أنواع اتحمل والأخذ عن المشايخ يمكن حصرها في طرق ثلاث وهي :
1- السماع من لفظ الشيخ ، ويحتمل أن يقال به هنا ، لأن الصحابة إنما أخذوا القرآن الكريم من في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولكن لم يأخذ به أحد من القراء ، والمنع ظاهر، فالعبرة بكيفية الأداء . فليس كل من سمع من لفظ الشيخ بقادر على الأداء كهيئته ، بخلاف الحديث النبوي الشريف فإن المقصود فيه المعنى أو اللفظ ، لا الهيئات المعتبرة في أداء القراءة .
وأما الصحابة فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تمكنهم من الأداء كما سمعوا من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالقرآن نزل بلغتهم .(اللطائف 181) .
2-قراءة الطالب على الشيخ : وهو أثبت من الأول وأوكد . قال مالك ـ رحمه الله ـ : قراءتك علي أصح من قراءتي عليك . وقال ابن فارس : السامع أربط جأشا ، وأوعى قلبا " ( اللطائف 181 )
3- الإجازة المجردة عنهما ، واختلف فيها ، والذي استقر عليه عمل أهل الحديث قاطبة العمل بها حتى صار إجماعا ، وأحيا الله بها كثيرا من دواوين الحديث وغيرها ، وقال الإمام أحمد : لو بطلت لضاع كثير من العلم .
وهل يلتحق بذلك الإجازة بالقراءات ؟
الظاهر : نعم ، ولكن منعه الحافظ أبو العلاء الهمذاني ، وبالغ في ذلك حيث قال : إنه كبيرة من الكبائر ، لأن في القراءات أمورا لا تحكمها إلا المشافهة .(اللطائف 181/182 ).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
(القراءات القرآنية وضرورة المنهج)

(القراءات القرآنية وضرورة المنهج)

(القراءات القرآنية وضرورة المنهج)
أخي الكريم الدكتورأحمد البزي الضاوي:
قلتم حفظكم الله أعلاه : فحبذا لو اقتصرنا على ما له صلة وثيقة بمنهج المحدثين وصلته بالقراءات القرآنية ، مع بيان خصوصيات مجال القراءات عن مجال الحديث ، لنبين التعالق الحاصل بين علوم الشريعة الإسلامية مما يجعلها تشكل منظومة متكاملة لا يمكن فهم إحدى جزئياتها إلا في إطارها الشمولي ، دون أن نغفل خصوصيات كل مجال . ونعتبر ذلك تأصيلا لعلوم الشريعة من جهة ، ومحاولة جادة للفهم و الإفهام.
من منطلق كلامكم هذا اسمح لي أن أقول: إنّ ماطرحتموه (في عنوان المشاركة الأصلي ) يعدّ موضوعا بحثيا ممتازا من الدرجة الأولي للمتخصصين في علمي القراءة والحديث،فأنتم بارك الله فيكم،تطمحون للوصول إلى منهج ضروي للقارئ،وقد أشرتم إلى تأسيس (الدكتورالسالم) للنهج مناسب لذلك،ولجهود (الدكتورأنمار) وفقهما الله الاستطلاعية للمصادر الأصيلة، ،وهذا في نظركم قد يؤدي لنتيجة مهمة،مهد لها علماء القراءات قديما،كابن الجزري في كتابه طبقات القراء عند ترجمة: هارون بن حاتم بن أبي بشر الكوفي البزاز حيث قال: "مقرئ مشهور ضعفوه. (غاية النهاية لابن الجزري 2/7) .
وبالنسبة لمدخلتي معكم أعلاه،فقدكان عامل التشخيص عندي،ينظر من جهة التوجيه بسرعة البدء في إيجاد هذه العلاقة الوثيقة بين العلمين، على أن تكون منبثقة من خصوصية مجال القراءات ومعارف أهله، وبماأن أمر التوافق بين العلمين حاصل ونصّ عليه صراحة علماء كثيرون كابن الجزري المقرئ المحدث،والعلامة سلطان المزاحي أحد علماء القراءات المشهورين في رسالته في المسائل المشكلات في القراءات،وغيرهما،فهذا فطنني لمقصدكم الطيب حفظكم الله ،الذي يهدف لإيجاد مادة علمية مجمعة،موثّقة من كتب القراءات،وتراجم القراء كي تكون نواة،لتجديد مصطلحات القراءات وبث الروح فيها، وتصير بحوثا متخصصة لمن أرادها، فوجدت الأمر يحتاج إلى توضيح التالي: ياسيدي الكريم: بحكم تخصصي في هذا الفن، ولي رسالتان علميتان، وإجازة معتبرة من أحد مشايخ القراءات البارزين،لم تتبين لي صورة هذا المنهج خلال فترة الدراسة، فأرجوا أن أتبين منكم كمتخصص في علوم الحديث،(ومن بقيةالأعضاء في الملتقى) كيف يكون هذا التوثيق؟
وكيف يكون مرتبا موضوعيا لكي تتم الفائدة؟، فهل يراعي فيه المنهج التاريخي التحليلي بعد تتبع (كمية محددة كـ(خمسة كتب)مثلا،أو إحاطة استقصائية، بجميع ذلك في (الكتب المسندة، وفي كتب تراجم القراء كمعرفة القراء للذهبي،وغاية النهاية لابن الجزري).
وأن تبيّنوا كيفية وضع اعتبارات للعرف القرائي التاريخي، لماهو في الكتب المسنِدة للقراءات، في ظل وجود مصطلحها الخاص بها، وهو التحريرات فهي بمنزلة (مصطلح الحديث عند القراء)،
ثم تبينوا العرف الخاص بالجرح والتعديل في المصطلح الحديثي المتوافق مع القراءات (بالنسبة لتراجم القراء والرواة والطرق على شاكلة كتاب تقريب التهذيب لابن حجر )؟
وفي نظري أننا لوتوصلنا إلى ذلك وطبقناه علىكثير من قضايا القراءات المهمة فسنجد إن شاء الله المنهج الذي نبحث عنه كيفية وضع المصطلحات، وحلّ القضايا المهمة في القراءات ذات وجهات نظر المختلفة: كقضية (أركان القراءة)، واختلاف القراء في ركن الإسناد،بين مؤيد للتواتر،ومقتصر على الآحاد)، وكذلك قضية (توثيق القراء والرواة والطرق عند غير القراء، ففي كتب الحديث مثلا شيء كثير من جرحهم)،وكذلك ( قضية وصل الطريق بالرواية، والرواية بالكتاب الذي رواها)،(وكذلك قضية جرح وتعديل القراء الكبار، والرواة والطرق، ووضع ميزان لذلك من كل كتاب على حدة، دون اختيار بعض وترك بعض،وخاصة أولئك الذين يروون المتواتر لأن السؤال كيف يروى المتواتر ضعيف مثلا،وكيف يقبل بعد ذلك )،وقضية (جرح وتعديل رواة الشاذ ،وطرقهم، وبيان ذلك لفائدته في تحديد مصطلح معين).وقضية كيفية الاتفاق على مايقال في ذلك مقارنة مع ماتصدقه مناهج المحدثين.(بغض النظر عن المعمول به عند القراء).
ياسيدي الكريم: أبرز ماأفدته من أطروحتكم هذه، هو أنكم تريدون نقاشا تجديديا دون ضمان اتفاق، سار عليه الكثيرون ضمن ردودهم على مناهج المستشرقين، لكنّ من المهم أن أوضح لكم وفقكم الله أن هناك منهجا قد تناول المسألة من وجهة نظرة توافقية مع القراء من حيث التأريخ أولا،ثم من حيث المقارنة ومراعاة التوافق والمقارنة العلمية المنهجية، وهذا المنهج لايخرج عن الوفاق وخير مثال عليه كتاب (المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل دراسة منهجية في علوم الحديث د:فاروق حمادة،الأستاذ بجامعة محمد الخامس)،وهناك من عرضه منهجيا -كدراسة من هذا النوع- من خلال التوثيق بين المحدثين والدعاة،للدكتور علي عبد الحليم محمود من علماء الأزهر، وقد ركز على النقاط التالية تحديد مصطلحات محددة،ثم ببيان مكانة التوثيق والتضعيف في حياة المسلمين،ثم ببيان التوثيق والتضعيف عند المحدثين،ثم مفهوم الدعاة قديما وحديثا،وأشهر الدعاة المصلحين، مفهوم الدعاة حديثا،وأشهر الجماعات الإسلامية، شروط في الداعي لكي يمارس توثيق غيره، أوتضعيفه،وفيه عمل الداعي إلى الله وأنواعه،الشروط التي يجب أن تتوفر في الداعي لكي يمارس التوثيق،أو التضعيف، الآداب التي تراعى عند التوثيق لأحد أو تضعيفه، وفصل لشروط في المدعو الذي يوثق، وفيها شروط أخلاقية سلوكية،وشروط عملية علمية، وشروط في السابقة والخبرة .
ختاما: هناك بحوث في الموضوع الذي ذكرته منها: الأخذ والتحمل عند القراء لمحمد سيدي الأمين أستاذ القراءات في الجامعة الإسلامية بالمدينة. جاء في مجلة البحوث الإسلامية عدد (70)،وإجازات القراء للدكتور محمد بن فوزان، أستاذ الدراسات بكلية المعلمين.ففي الثاني طرق الإجازة،والخلاف الذي ذكرته في المجردة من طرقها.
أخير : أخي أحمد بزي أرجوا( واسمك يشبه الراوي أحمد البزي المشهور في الشاطبية) أن يستمر التواصل وفق الله الجميع.
 
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .
الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور أمين الشنقيطي ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد ، فإني أشكر لكم اهتمامكم وتواصلكم ، وأقدر فيكم حرصكم الشديد على المنهجية العلمية و التوثيق ، وأعتبر ما ذكرتموه إضافة علمية متميزة ، فضلا عن أنها فتحت آفاقا جديدة للبحث ، حيث أرشدتم إلى أمور تأصيلية غاية في الأهمية . وإن ما نفعله بدعوى التأصيل إن هو إلا محاولة جادة لفهم تراثنا القرائي خاصة و الشرعي عامة ، لأنني أعتقد أن ذلك هو المدخل الأساس لفهم عمل علمائنا الأجلاء ، ومن ثم القدرة على تمثله وصولا إن شاء الله تعالى إلى الإضافة العلمية للمجال .
وإني أشكر لفضيلتكم توجيهاتكم السديدة ، وملاحظاتكم القيمة ، آملا أن نعمل جميعا على فهم تراثنا فهما جيدا ، وتبليغه بكل صدق وأمانة ، فذلك السبيل لإقامة الحجة على العباد بالدليل و البرهان .
وتفضلوا أخي الفاضل خالص تحياتي وتقديري لشخصكم الكريم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
بسم الله والحمد لله

أولا أعتقد أن اسم الفقير قد ذكر سهوا بينكم، فما أنا إلا طويلب علم بخلاف السادة أمثال الدكتور السالم والدكتور أحمد والدكتور أمين

فمجهوداتكم ظاهرة في مجال التحقيق العلمي والقراءات أما أنا فمتطفل على موائد أهل العلم، والمعذرة على التدخل بين أهل الاختصاص.

ثانيا: أرجو من السادة العلماء إفادتنا فيما يلي:

طالما أن الأمة متفقة على صحة التعبد إلى الله بالقراءة بما في الشاطبية والدرة والطيبة
ولم يزل العلماء من لدن الشاطبي ثم من لدن ابن الجزري يصححون التعبد إلى الله بالقراءة بما سبق
ثم أننا لن نستطيع إضافة أي حرف على العشر الصغرى أو العشر الكبرى

فهل لكم أن تحددوا لنا المطلوب من البحث السابق.

أقصد لنفترض جدلا أننا وصلنا لكتاب في تراجم أصحاب رجال السند في القراءات يقتصر على رجال كتب القراءات السابقة كما اقتصر التقريب على رجال الستة ثم الحكم عليهم بما يناسب مصطلح القراء أو مصطلح المحدثين.

هل سينتج عن ذلك رد بعض الطرق المقروء بها.

الواضح أن التعامل مع رجال الحديث مختلف تماما فأحاديث الكتب الستة فيها الصحيح الضعيف باتفاق العلماء

ولما اتفقت الأمة على صحة الصحيحين وصرح كثير من العلماء بأن من أخرج له في الصحيح فقد تجاوز القنطرة.

لكن بقيت فائدة في معرفة درجة الرواة حتى من أخرج له في الصحيح لما قد يروى له خارج الصحيح.

ثم لما فتح باب تضعيف أحاديث الصحيحين والجرأة عليها ماذا حصل؟
فتح باب فتنة جر على الأمة ويلات كانت في غنى عنها.

وهنا زيادة على ما سبق فرق كبير فلدينا كتب اتفقت الأمة على صحة التعبد إلى الله بما فيها باستثناء أحرف يسيرة نبه عليها العلماء فهل حين نصل لكتاب يشابه التقريب وأصله هل سيوصلنا إلى حكم على بعض الطرق مما يؤدي إلى التوقف عن قبول بعض ما اتفقت الأمة على صحته فنكون قد خرقنا إجماعا سبق. أليس في ذلك محذور من أمر خطير.

ثم أنه ليس لنا اليوم أن نضيف صحة القراءة بأي كتاب آخر فأسانيد القراءة بها لم تتصل إن لم تكن من الشاطبية والدرة أو أصول النشر بل من الطرق التي اختارها الإمام ابن الجزري، فهل البحث المطروح أكاديمي بحت أم غير ذلك.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصبح وسلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .
الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور أنمار ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد ، فلا يخفى على فضيلتكم أننا نريد أن نبين بالأدلة العملية تعالق العلوم الشرعية وتكاملها ، وأن من لم يدرك هذه الحقيقة يصعب عليه أن يفهم الشريعة ، لأنه يكون فاقدا لعنصر أساس ، وهو عنصر منهجي يكمن في أن الشريعة كل متكامل ، وكذلك العلوم التي نتوسل بها إلى التوثيق والفهم ، وهي أدوات منهجية ابتكرها علماء المسلمين وأصلوا بها لمناهج البحث العلمي . وأعتقد أننا إذا بينا ذلك للعالمين ، فإننا سنقطع الطريق بالعلم و المعرفة على كل طاعن أو مشكك ، وانتصرنا لديننا توثيقا وفهما . وعليه فإننا نعول على مجهوداتكم لبناء معرفة تمكن طلبة العلم وعموم الأمة من اكتساب المناعة العلمية ، وتجعل منهم حماة للدين ، تحقيقا لمصلحة الإنسانية في الحال والمآل ، فالله تعالى غني عن العباد (ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله . والله هو الغني الحميد ) ( فاطر /15) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
ثبتت القراءة بالتواتر

ثبتت القراءة بالتواتر

يقول الشوشاوي (ت899هـ) في كتابه الفوائد الجميلةعلى الآيات الجليلة : " وأما بماذا ثبتت القراءة هل بالتواتر أم بالآحاد ؟ فاعلم أنها إنما ثبتت بالتواتر في الحروف والحركات دون أحكام التلاوة من المد والقصر ، والتفخيم والترقيق والتحقيق والتسهيل ، والإظهار والادغام ، والفتح والإمالة ، وغير ذلك من أحكام القراءة . وإلى هذا أشار ابن الحاجب في الأصول بقوله : " مسألة القراءات السبع متواترة فيما ليس من قبيل الأداء كالمد والإمالة ، وتخفيف الهمز ونحوها ، لأنها لو لم تكن لكان بعض القرآن غير متواتر كملك ومالك ونحوهما ، وتخصيص أحدهما تحكم باطل لاستوائهما " مختصر أصول الفقه لابن الحاجب 2/21. " الفوائد للشوشاوي ص 244/245 .
 
(تعقيب على موانع التجديد في علم القراءات،والدعوة لمنهج توثيقي جديد)

(تعقيب على موانع التجديد في علم القراءات،والدعوة لمنهج توثيقي جديد)

(تعقيب على موانع التجديد في علم القراءات،والدعوة لمنهج توثيقي جديد)
أخي العزيز الدكتور الضاوي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعد قراءة متأنية في أطروحتك الجيدة، جاء إلى خاطري عبارات ردّدها أمامي بعض إخواني الكرام، وكانت حول ماهو الجديد في القراءات بعد ماسطره العلماء،ومالذي سنجنيه من المنهجيات ومايقترح منها، وكيف نأتي بالجديد المفيد منها مع المحافظة على أصالة القديم على فرض التسليم بأهميتها؟ فأحببت أن أحيطك بها علما وفقني الله وإياك؟
وأقول بعد التأمل فيها أنّي وجدتها أسئلة معقولة بعض الشيء، لكن لم تكن لتمنعني إطلاقا من التصديق بوجود علاقة واضحة بين مصطلح أهل الحديث بـ(القراءات) أو القراء، فالمنهج الذي سلكه العلماءالسابقون يدل عليه صراحة.
ثمّ كذلك حسبت هذه التساؤلات وقتية سريعا ماتنسى،ولايكون الأمر فيها بتلك الأهمية التي لها الآن، فينعكس ذلك سلبا،على واقع القراءات والقراء في عصرنا ومن بعدنا، ولانلبث أن تعود الأسئلة ذاتها،وتلقى باللائمة على الباحثين المتخصصين لتفريطهم في الإجابة عليها.
بناء على هذا كان من الضروري طرح أفكار جديدة مبنية على البحث والدراسة المنهجية،وفق أسس العلوم الشرعية، لتسهم كلها في رفع مستوى الدراسة في هذا العلم،وشحذ همم طلابه ،وتحفيز باحثيه للوصول إلى سلم الدراسات العليا ثم الوصول إلى العالمية والآفاقية،وقبل ذلك كله رضا الله عزوجل .
ولكن تبقى الملاحظة التي قيدها الدكتور أنمار – وهو المقرئ المعروف بمشاركاته البحثية وجولاته الاستطلاعية في مصادر القراءات بأنواعها- فهي تساهم بشكل أو بآخر مع جولاته الطيبة في تشكيل دراسات تجديدية منهجية وفق منهج متعدد الجوانب له متعلقاته بالعلوم المساندة،لكن دون توسع في نقد القراءات نافية وجود قراءات غير معروفة للقدماء يحتمل أن يأتي بها المعاصرون، أو نقد رجال القراءات بقصد التشويه لتراثهم، فعباراته أعلاه توحي بهذا وبالحاجة إلى التقييد والاحتراز،وهو الذي ينبغي جزاه الله خيراً.
وأحسب أخيراً بعد التقييد والاحتراز أن في الأمر سعة من جهة حتمية للأخذ بمنهجية علمية واضحة حافظة لعلم القراءات،والقراءات القرآنية من شبهات المستشرقين، مبينة لما يحتاجه علم القراءات والقراء، ومصادرهما،من خلال منهج يظهر في التأليف فيه عامل الجدة،والموضوعية، أوتجليتها،وغير ذلك مما هو من أغراض البحث العلمي المعروفة، التي تبقى مقرونة بالتعالق والتواصل مع العلوم الشرعية الأخرى كمصطلح الحديث والأصول والتفسير واللغة والبلاغة وغيرها.
كما أحسب أنّ الجمع بين الرؤى المتعددة حال إمكانها،عند علماء الشريعة، بغرض حمل الأمور على محمل حسن،من الأمور المعروفة، والتذكير بجرح من جرحه العلماءمع ذكره مفسراً،دون قصد التشويه،هو كذلك معروف عندهم، ولاشك أنّ كلّ هذه التوسعات ستؤدي إلى الحصول على خطة بحث عملية علمية منهجية يقدمها الباحث وقت ماشاء،سواء كان عمله تحقيقا أوتأليفا.
(محاولة أخرى لإبراز معالم المنهج الجديد) :
إنّ المنهج الجديد هذا ينبني على ماطرحه الإخوة من قبل في الملتقى حفظهم الله من واجب الحرص والمحافظة على قدسية القراءات القرآنية،ووثاقة قرائها ومُسْنِدِيهَا ليس إلاّ، ليتفق ضمنا والمنهج العلمي للقراءات الذي وضعه العلماء رحمهم الله،فلقد قرّر كثير من العلماء رحمهم الله ذلك،المبدأ وهوأنّ القراءات علم أصيل له مبادئ، ضمنها غايات، من الواجب معرفتها قبل الدّخول فيها أوالتّعمق في مباحثها، هذه الغايات النبيلة كانت هي الدافع الكبير للتأليف فيه يقول الصفاقسي : ((قد ابتلي كثير من الناس للتصدر للإقراء قبل إتقان العلوم المحتاج إليها فيه دراية ورواية،وتمييز الصحيح من السقيم والمتواتر من الشاذ ومالاتحل القراءة به بل وماتحل،بعضهم يعتقد أن جميع مايجد في كتب القراءات صحيح يقرأ به وليس كذلك بل فيها مالاتحل القراءة به،وصدر منهم رحمهم الله على وجه السهو والغلط أو القصور وعدم الضبط،ويعرف معناه ذلك الأئمة المحققون والحفاظ الضابطون تحقيقا لوعده الصادق إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون،الحجر/9،
وقال أيضاً : ((وقد وقع بعض ذلك في الكتب التي انكب أهل العصر عليها كشراح الشاطبية ...وقد اخذ الله العهد على العلماء أن لايكتموا ماعلمهم ويبينوه غاية جهدهم.. فاستخرت الله تعالى في تأليف كتاب أبين فيه القراءات السبع ...وإن كان المتواتر والصحيح أكثر من ذلك... ماشيا على طريقة المحققين كالشيخ العلامة أبي الخيرمحمد ...الجزري ..رحمه الله .. من تحرير الطرق وعدم القراءة بما شذ، وبما لايوجد))، (غيث النفع/4)
وماأريد أن أضيفه أخي الكريم هو تقسيّم العلماء المعروف لعلم القراءات وتوزيعه إلى عدة قضايا منها:
1-(قضيتا القراءات(المتواترة والشاذة): وهما بشكل عام كلمات تبدأ من أول باب في أصول القراءات حتى آخر سورة الناس في الفرش)،ويمكن منهجيا دراستهما بجمعهما، جمعا إحصائياً،ثمّ يحاول باحث أو أكثر أن يتبيّن حكم مافيهما من الزيادات و النقص ؟ ثمّ يستخرج نتائج بحثه ويعرضها ماتوصل إليه بطريقة ثابتة واضحة، وقد قُدِّمت في هاتين القضيتين دراستان جيدتان واحدة للدكتور محمد الحبش،والثانية للدكتور محمود الصغير،وهما بعنوان: القراءات المتواترة،والثانية بعنوان الشاذة.
2-(قضية الإسناد، وتوثيق الرجال) بمعزل عن الرواية : فقد قرر العلماء شروط المقرئ،بمعزل عن الرواية (الكلمات)، وهي الإسلام العقل البلوغ الأمن الضبط الخلو من الفسق ومسقطات المروءة، وعدم الإقراء إلا بماسمعه، أو قرأه عليه وهو مصغ له،أوسمعه بقراءة غيره عليه فإن قرأ نفس الحروف المختلف فيها خاصة أو سمعها وترك ماتفق عليه جاز إقراؤه واختلف في إقرائه بما أجيز فيه،... فهذا كله يتفق ومصطلح الحديث.
وقرروا كذلك في مقدمات كتبهم أسانيدهم الموصلة لطرقهم ،ثم لرواتهم ثم لقرائهم إلى التابعين إلى النبي صلى الله عليه وسلم،فصارالمقرئ يحتاج إلى الإسناد وهو الطرق الموصلة إلى القرآن لأنه من أعظم مايحتاج إليه، لأن القراءاة سنة متبعة ونقل محض فلابد من إثباتها وتواترها ولاطريق إلى ذلك إلا بهذا.
وقد ثبت بالاستقراء أنهم فرقوا في التأليف بين مؤلفات القراءات والتراجم فالكلمات القرآنية (في الأصول والفرش) بأسانيدها الواردة في مقدمة الكتاب، التي أوصلتها إلينا كانت في جهة، و(تراجم القراء وضبط القراء وجرحهم وتعديلهم) التي ألّف فيها الداني،والذهبي،وابن السلار،وابن الجزري، في جهة، وهي لازالت كذلك إلى اليوم، وفي هذا دلالة على قصدهم وهو حفظ القراءات ككلمات محفوظة بحفظ الله لها، ومن جهة أخرى حفظ نقد الطرق الموصلة لها بذكر الثقة والضعيف،ونحوه.
3-(قضية تعليم القراءات) والإجازة: فقد كانت طريقة المقرئين في الإقراء : هي أنه لابد لكل من أراد أن يقرأ بمضمن كتاب أن يحفظه على ظهر قلب ليستحضر به اختلاف القراء أصلا وفرشا ويميز قراءة كل قارئ بانفراده وإلا فيقع له من التخليط والفساد الكثير فإن أراد القراءة بمضمن كتاب آخر فلابد من حفظه أيضا....) .وغير ذلك من التقسيمات المعروفة لهذا العلم، وأحسب أنّ الباحث المنصف يعترف بضمان هذه الضوابط التي لاتختلف عن مصطلح الحديث كثيراً فهي اصول ثابتة فيهما.
هذا بعض ما أردت أن أسجله في هذه المداخلة التي تسعى للتوصل إلى (المنهج التوثيقي للقراءات وفق أسس شرعية مقبولة). وفق الله الجميع.
وسأحاول إن شاء الله في دراسة قريبة تناول الموضوع التالي: (اختلاف القراء في ركن الإسناد،بين مؤيد للتواتر،ومقتصر على الآحاد مقارنة بمصطلح المحدثين). والله أعلم.
 
القراءة سنة

القراءة سنة

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .
الأخ الفاضل أمين الشنقيطي ـ حفظه الله ـ .
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته .
أما بعد ، فإني أحمد الله إليكم على ما فتح الله عليكم من علم وبصيرة ، وآمل أن نتعاون لجمع ما يبين لمن يحتاج إلى بيان ، ولطمأنة قلوب المؤمنين ، أن القراءات القرآنية موثقة توثيقا لا يرقى إليه ، الشك ، وأن نقد بعض المحدثين لبعض القراء ، هو من باب الصناعة الحديثية ، وهو دليل على تحري الصدق و الأمانة العلمية ، و القيام بواجب صيانة النص الشرعي من كل تحريف ، فذلكم الإعجاز : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (الحجر:9) مع التنبيه على ضرورة احترام خصوصية كل حقل معرفي ، فلا ينبغي إسقاط المقررات العلمية والمنهجية الحديثية جملة و تفصيلا على القراءات القرآنية ، التي تحتكم إلى المقياس القرائي الثلاثي الأبعاد :
1- صحة السند .
2- موافقة الرسم العثماني ولو احتمالا .
3- موافقة العربية و لو بوجه .
إنها محاولة فهم و إفهام ، وبيان تهافت دعاوى المبطلين ، الذين يهرفون بما لا يعرفون ، أكثر منها محاولة تجديد .
وهذا نصا لأحد العلماء المغاربة الفضلاء ، إنه للشيخ سعيد أعراب ـ رحمه الله ـ حيث يقول : " إن من أركان القراءة الصحيحة صحة الإسناد، فعلى القارئ أن يعرف أحوال الرواة وطبقاتهم، و القراءة سنة متبعة ، ونقل محض ، وقد تقرر أن من شروط المقرئ أن يكون عاقلا ، عدلا ، ثقة، كامل الضبط ، ولا يجوز له أن يقرأ إلا بما سمع ممن تتوفر فيه هذه الشروط ، أو قرأ عليه وهو مصغ له ، أو سمعه بقراءة غيره عليه . وتشدد المتأخرون فلم يجيزوا إلا القراءة على الشيخ ، لأن المقصود كيفية الأداء ، ولا تتحقق إلا بذلك ، وليس كل من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته.
أما الصحابة ، فربما ساعدتهم فصاحتهم و سليقتهم على الأداء كما سمعوه من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولأن القرآن نزل بلغتهم .
والإسناد من خصائص هذه الأمة ... وقد تنافس الناس في الأسانيد العالية ، وشدوا الرحال من أجلها ، وحلوا فهارسهم وأثباتهم بها " . ( القراء و القراءات بالمغرب : سعيد أعراب ، ص 72 ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، 1410 هـ / 1990 م .
والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته .
 
فائدة جليلة:الأصوليون أكثر اعترافا بالتواتر من القراء

فائدة جليلة:الأصوليون أكثر اعترافا بالتواتر من القراء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،أخي العزيز الدكتورالضاوي،
لقد كنت أتجول بفكري في المصادر المتنوعة، لأجد ما يعين على تحري مسألة التواتر عند القراء فوجدت غرائب منها أن علماء الأصول رحمهم الله كانوا أكثر اعترافا بالتواتر في القراءات السبع من القراء أنفسهم،(شرح الكوكب الساطع على جمع الجوامع للسيوطي1/72 ، ونقل عن السبكي قوله: والسبع قطعا للتواتر انتهى وقيل إلا هيئة الأداء قيل وخلف اللفظ للقراء ...
فالقراء كانوا يعتمدون في نقل التواتر عليهم،(منجد المقرئين /81)، وكان المحدثون من المؤيدين لهذا الاعتراف المبني على أصول قوية متينة(كابن الصلاح في كتابه علوم الحديث/81)،
كيف لا وهم قد جددوا (علم الجرح والتعديل في القراءات) وأثبتوا أن هذين جائزان في الشريعة الإسلامية صونا لها عن الكذب، وحكى الإجماع علي جواز الجرح والتعديل في الشريعة الإسلامية في رياض الصالحين ،باب مايباح من الغيبة/279.
وفي الحق لقد كان القراء من القدرة على تأييد التواتر أنّهم لازالوا ينقلون هذه المسألة من كتاب منجد المقرئين الذي لم يفقد قيمته في العمل،بسبب رجوع ابن الجزري عن قوله بالتواتر فيه ،إلى القول بصحة السند، بل لايزال المنجد يحمل قيمة علمية عالية في التعريف بالقراءات، بدليل استشهاد العلماء به في غير مسألة التواتر، وفي تقريرهاكما هو الحال في لطائف الإشارات أحمد القسطلاني/(923هـ)،وغير ذلك من الأدلة التي سأسعى لإيرادها إن شاء الله.
وكان أيضا من منهجيتهم المؤصلة التوثيق للأسانيد والرجال، من كتب محررة على شاكلة (تقريب التهذيب في الحديث) فكتب الأئمة كالذهبي معرفة القراء على الطبقات والأعصار لمحمد الذهبي (748هـ)، ،وعبد الوهاب بن وهبان المزي(768هـ) بتحقيق د:أحمد بن فارس السلوم، وابن السلار (عبد الوهاب بن السلار 782هـ)، في طبقات القراء السبعة بتحقيق أحمد محمد عزوز،والجزري محمد (833هـ)، وكتابه غاية النهاية في طبقات القراء،والبقاعي أبو الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي(885هـ)، وكتابه عنوان العنوان بتحقيق د:حسن حبشي شاهدة على ذلك.
إن هذا كله بكل تأكيد منهجية تسعى للحفاظ على أسانيد القراءات العشر : لئلا تخرج عن الطريق الموثوق إلى المشكوك فيه.. القراءات القرآنية الفضلي/39.
وهي تتحرى إضافة القراءات للقراء العشرة لأنه لايصح القول فيها بأنها ليست مضافة لأحد،وعلل السخاوي سبب ذلك، لأنهم تصدوا لضبطها،ولأنها طريق اصطلاحي للنقل،ولأن القراءاة حاصلة قبلهم،جمال القراء 2/457.
 
(ختم المشاركة،واقتراح ندوة في موضوع المشاركة)
أخي الدكتور: أحمد بزوي الضاوي،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : في ختام مشاركتكم القيمة،التي عنوانها( القراءات القرآنية ومنهج المحدثين في التوثيق)، بما اشتملت عليه من محاورة هادئة بين المختصين في أواصر العلاقة بين العلمين، بناء عليه أطرح عليك أخي الكريم، وعلى مشرفي الملقى -حفظهم الله- مقترحا ليكون -إن شاء الله- نواة لندوة علمية عبر ملتقى التفسير،يشارك فيها عضوان من كلا التخصصين، يتحدث كل منهما في ما يتيسر له من معلومات وتأصيلات وفوائد لاغنى عنها للمتخصصين في كلا العلمين، وبالطبع بعد موافقتكم وموافقة مشرفي الملتقى المكرمين، وتكرمهم بوضع إعلان بارز لهذه الندوة في بوابة الملتقى.وإليك أخي الكريم عدداً من الموضوحات المقترحة:
من جانب الحديث
1- عرض لمصطلحات مشتركة بين العلمين.
2- حجية القراءات عند المحدثين ودفاعهم عنها.
3- بعض كتب تراجم الحديث التي ترجمت للقراء.
4-دور المدارس الحديثية في نشر القراءات.
من جانب القراءات
1- عرض لأسماء المحدثين المقرئين وجهودهم في نشر القراءات.
2- جملة من أسانيد القراءات مقارنة بأخرى حديثية.
3-بعض مناهج المحدثين التي استخدمها علماء القراءات.
4- دور مدارس القراءات في نشر دروس الحديث ومصطلحه.
وفق الله الجميع،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
صديقنا العزيز:الدكتور أحمد الضاوي ،بعد السلام،
فلازالت في انتظار إفادتكم حول الندوة المقترحة عبر الملتقى،ولعلكم بخير دائما إن شاء الله.
 
ندوة علمية أو بحث علمي

ندوة علمية أو بحث علمي

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .
الأخ الفاض الأستاذ الدكتور أمين الشنقيطي ـ حفظه الله ـ : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
أما بعد .
فإني أشكر لكم اهتمامكم بالموضوع ، كما أقدر فيكم نباهتكم العلمية ، وتميزكم في المناقشة العالمة المتزنة ، المتوشحة بالوقار ، و المتسربلة بالأدب الجم .
وإني أرى ما اقترحتموه يصلح أن يكون ندوة علمية ، بل إنني لا أكون مبالغا إن قلت أنكم رسمتم المحاور الأساسية لخطة علمية لبحث أكاديمي على مستوى الماجستير و يمكن تطويره ليصلح كأطروحة دولة .
وإنني أخي العزيز لم أتأخر في الرد على اقتراحكم إلا طمعا في أن يمن الله علي بجمع أطراف ماتدولناه حول هذه القضية العلمية المهمة ، ليكون فاتحة للندوة العلمية أو البحث الأكاديمي ، تضاف إلى المحاور المقترحة كتوطئة للموضوع . ولكن نزولا عند طلبكم ، وحبا في التواصل معكم ، و تقديرا لشخصكم الكريم آليت على نفسي المبادرة بالاتصال .
وتفضلوا أخي العزيز بقبول خالص تقديري و مودتي .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
 
أخي العزيز الدكتور أحمد بزوي الضاوي: بارك الله فينا وفيك،ومتعنا ومتعك بالصحة والعافية،وبالتوفيق لكل خير.
وبالدعوات الصادقة من بلد الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم.
وبالنسبة للمحاورالسابقة سأقوم إن شاء الله بجمع ماتوفر لدي من معلومات فيها،
وسأتقدم بها عبر الملتقى محوراً محورا، بحسب الترتيب أعلاه،معتمدا منهجاتاريخيا،مبرزا الغرض الذي وضعته -وفقك الله- في عنوان هذه المشاركة.
ليتسنى من خلال ذلك كله دعوة رواد هذا الملتقى المبارك ،(ملتقى أهل التفسيرالكرام ) إلى الاستمتاع إلى فوائد علم القراءات وشيء من فوائد توثيق المحدثين لأسانيدها، وكذلك إلى ذكر جوانب هامة في الأمة الإسلامية شهدتها عبر مسيرتها فيها خير وثواب وعزة وكرامة ، كان الفضل في ترسيخها بعض الله عزوجل يرجع لأعلام الأمة من محدثين وفقهاء ومفسرين ولغويين وقراء ..وغيرهم.
وختاما: وفق الله الجميع، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

إنّ باب تصحيح وتضعيف الأحاديث والاجتهاد فيه لا زال مفتوحاً حيث هناك الكثير من الأحاديث التي تحتاج إلى نظر في أسانيدها ومتنها ، ولأجل ذلك فإنّ مجال الاجتهاد فيها لا يزال قائماً ، بخلاف القراءات القرءانية التي يُقرأ بها اليوم فهي محصورة ومصادرها كذلك وهي الشاطبية والدرة والطيبة وطرق هذه المصادر هي كذلك محصورة ومذكورة في كتاب النشر وهي في الجملة متواترة وإن كان ذلك التواتر لا يعمّ جميع الأوجه إلاّ أنها على ضربين متواتر وصحيح مستفاض متلقىً بالقبول والقطع حاصل بهما كما ذكر ابن الجزري في منجد المقرئين ، ويعني هذا الكلام أنّ كل ما ورد في النشر مقطوع بصحته وهذا راجع إلى شرطه الذي ألزم به نفسه عند تأليف كتابه النشر. ومن شكك في قطعية هذه المصادر فهو تشكيك في القرءان الذي نقرؤه ، فأكثر المصاحف اليوم كتبت على وفق ما رواه حفص عن عاصم من طريق الشاطبية وهو من طرق النشر والشاطبية مصدرها الأصلي كتاب التيسير لأبي عمرو الداني ومصدر رواية حفص من التيسير هو كتاب التذكرة لابن غلبون بسنده إلى حفص عليه رحمة الله تعالى. فانظر أخي الكريم إلى أهمية هذه المصادر في نقل القرءان الكريم وأقصد من ذلك ما تضمنه كتاب النشر من الطرق والمصادر وما كان على شرط مؤلفه ، ومن اعتقد أنها هذه المصادر والطرق تفيد الظنّ فهو تشكيك في القرءان الذي نقرؤه نعوذ بالله من ذلك.

وعلى ما تقدم يظهر الفرق جلياً بين القراءات المتواترة التي يُقرأ بها اليوم والتي تفيد القطع من حيث الصحة وبين السنة النبوية المدوّنة والتي تحتوي على الصحيح والضعيف والموضوع والتي تخضع إلى قواعد مصطلح الحديث وقواعد الجرح والتعديل وغيرها من العلوم لتنقيحها من المعلل المقدوح واستخراج الصحيح منها وقد يقع الخلاف في بعض الأحاديث من حيث التصحيح والتضعيف وهذا منعدم في القراءات التي يقرأ بها اليوم. أمّا ما يتعلّق بالتحريرات فإنّ الأمر هيّن لأنّ الخلاف في ذلك لا يُخرِجُ القراءة عن حدّ التواتر إلى الشاذ.


وعلى ما سبق فالتجديد الذي يدندن حوله مشايخنا الكرام وهو التقارب بين قواعد الحديث والقراءات القرءانية لا يؤدي إلى نتيجة إيجابية لما سبق من البيان لأنّ الأهداف تتغاير فعلوم الحديث هدفها صيانة السنة النبوية من الأحاديث الضعيفة والموضوعة ومساحة هذا الهدف لا تزال لكثرة الأحاديث النبوية التي تحتاج إلى نظر بخلاف القراءات التي يُقرأ بها الآن فإنها متواترة لا تحتاج إلى إعادة النظر في صحتها لأنّ المساحة محدودة ومحصورة بالصحيح المتواتر الذي لا يترك مجالا للاجتهاد والتصحيح إلاّ إذا كان من باب التأكيد والبيان. فالحاصل أنّ المشكل في علم القراءات والتجويد لا ينحصر في الأسانيد من حيث الصحة والضعف والتواتر بل الأمر أصعب من ذلك وهو الذي سأقترحه على مشايخنا الكرام فأقول وبالله التوفيق :

المشكل الذي يعاني منه المتخصصون في القراءات هو الخلاف في بعض المسائل الأدائية وهذا الخلاف نشأ من عدّة عوامل :
أوّلاً : التمسك بالمشافهة وعدم العدول عنها بأيّ حال ولو كان مخالفاً للحقّ
ثانياً : التمسّك بالنصّ على حساب المشافهة وهذا مذهب المحققين عموماً لا سيما في المسائل التحريرية
ثالثاً : الأخذ بالقياس والاجتهاد على حساب المشافهة والنص.

ولا أريد أن أضرب أمثلة لكلّ قسم حتّى لا يشوب هذا البحث نوع من الحساسية المترتبة على بعض المسائل التي كثر النقاش فيها وليس هذا محلّ البحث.
فمن الضروري أن يجتمع المتخصصون في علم التجويد والقراءات على ضبط بعض القواعد التي تكون مرجعاً معتمداً يُرجع إليها عند وقوع الخلاف وهذه الضوابط تتمثل في حلّ بعض المسائل التي يتخبط فيها مشايخ القراءات وسأذكر بعضاً منها على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر :

- هل المشافهة لوحدها تكفي في صحة القراءة ؟
- عند تعارض المشافهة بالنص فأيّهما يقدّم ؟
- ما هي ضوابط المشافهة ؟
- ما هي النصوص المعتبرة من النصوص الغير المعتبرة ؟
- كيف التعامل مع النصوص المتعارضة ؟ متى يكون الترجيح وكيف ؟ ومتى نُثبتُ الوجهين جميعاً من غير ترجيح ؟
- ما هي منزلة نصوص المتأخرين مقارنة مع نصوص القدامى ؟
- على أيّ أساسٍ يُقدّمُ وجه على وجه آخرٍ ؟ ومتى يكون الوجه أقوى قياساً ؟ ومتى يكون الأقوى شهرة وانتشاراً ؟
- متى يُتعامل بالقياس في القراءة وما هي حدوده وضوابطه ؟ وهل يقدّم على النص والمشافهة
- ما هي قواعد وأصول علم التحريرات ؟ على أيّ أساس أثبت المحررون بعض الطرق التي لم تذكر في النشر ؟ ما هي طرق الشاطبية ومصادرها على سبيل الحصر ؟ وكيف يُحكم على طريق من الطرق أو مصدر من المصادر أنّه من أصول الشاطبية ؟ .............وغيرها من الأمور التي لا بدّ أن تضبط جيّداً ، وعدم الاعتناء بهذه الأمور ترتّب عنه الخلاف الذي نشاهده اليوم مع اتفاق الأسانيد والمصادر وسيكون الخلاف أكثر في المستقبل إن لم يتدارك العلماء ذلك.

وإذا كثر الخلاف في أيّ علم فلا بدّ له من ضوابط ، فعلم أصول الفقه وُضِع نتيجة الخلاف الذي كان بين الفقهاء قديماً وهذا يقال في العلوم الأخرى كعلم مصطلح الحديث وعلم الجرح والتعديل وعلم أصول التفسير وغيرها لتكون الأمور محصورة قدر الإمكان لتضييق مجال الخلاف الذي قد يؤدّي إلى الفرقة. فكذلك علم التجويد والقراءات فلا بدّ من ضوابط تجمع مشايخ الإقراء على الأمور التي يختلفون فيها وخاصّة ما نراه الآن من بعض المسائل التي أخذ فيها بالقياس والاجتهاد على حساب النصّ والمشافهة وبعد أمدٍ قريب يصبح ذلك القياس من المشافهة فتتغيّر المشافهة من زمن إلى زمن.

هذا ما أردتّ قوله باختصار وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
- هل هناك علاقة بين علم القراءات وعلم الحديث ولو من وجه؟

- هل هناك علاقة بين علم القراءات وعلم الحديث ولو من وجه؟

أخي الشيخ يحي شريف السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: قلت: ومن اعتقد أن هذه المصادر والطرق تفيد الظنّ فهو تشكيك في القرءان الذي نقرؤه نعوذ بالله من ذلك.
وقلت: وعلى ما سبق فالتجديد الذي يدندن حوله مشايخنا الكرام وهو التقارب بين قواعد الحديث والقراءات القرءانية لا يؤدي إلى نتيجة إيجابية لما سبق من البيان لأنّ الأهداف تتغاير فعلوم الحديث هدفها صيانة السنة النبوية من الأحاديث الضعيفة والموضوعة ومساحة هذا الهدف لا تزال لكثرة الأحاديث النبوية التي تحتاج إلى نظر بخلاف القراءات التي يُقرأ بها الآن.
قلت: يبدوا أنك ياشيخ يحي لم تقرأ ماعلّق به المشايخ الكرام جيدا،
وأريد أن أسألك أسئلة تجيبني عليها بنعم أولا، وعلى القول بتواتر القراءات العشر.
1- هل هناك علاقة بين علم القراءات وعلم الحديث ولو من وجه؟
2- هل هناك حاجة لمعرفة رجال السند في القراءات؟وما هي أهميته لمن يحاول تحقيق كتاب في القراءات فيه رجال فيهم جرح مفسر مثلا؟
3- هل من الترف الفكري قيام علماء كالذهبي وابن الجزري بعمل تراجم للقراء؟
4-هل علم القراءات قاصر على القراءات القرآنية المتواترة؟
5- هل نص أحد العلماء على أن القراءات تتاثر بجرح الرواة والطرق والرجال؟
هذه الأسئلة إن تمت الإجابة عليها بنعم فخذ في دراسة موضوعها مع الإخوة،وإن كانت الأخرى فعلل بإجابات وافية سلمك الله وافادنا من علمك.والله أعلم.
ولي إن شاء الله تعقيب، وقد قيل في الأصول: المثبت مقدم على النافي.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

فضيلة الشيخ الدكتور ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أمّا عن سؤالكم الأوّل : فأقول نعم هناك علاقة بين علم القراءات وعلم الحديث لأنّ كلا العلمين مبنيّ على الإسناد ، وصحة السند مبني على أسسٍ وقواعد يتفق عليها عموما كلا العلمين.

أما عن سؤالكم الثاني : نعم هناك حاجة عظيمة لمعرفة رجال السند في القراءات وله أهمّية كبيرة لمن يحاول تحقيق كتابٍ من الكتب لمعرفة أحوال رجاله وهذا من الزيادة في العلم والمعرفة وهذا لا أظنّ أنّ واحداً ينكره ولكن هل هذا العلم يزيد في قوّة سند القراءات التي يقرأ بها اليوم مع تواترها جملة كما سبق بيانه ؟ هل هذا العمل سَيُسقِط بعض الطرق أو الروايات التي يُقرأ بها اليوم ، مع العلم أنّ دراسة علم الحديث فائدته عموماً هو صيانة السنة النبوية من الأحاديث الضعيفة والموضوعة ومجال ذلك لا يزال مفتوحاً. أقول : هل هو كذلك بالنسبة للقراءات التي يُقرأ بها اليوم ؟ لا شك أنّه ليس كذلك لتواترها جملة وصحتها تفصيلاً. أقول : إن كان الغرض من معرفة إسناد رجال القراءات من باب التصحيح والتضعيف فلا حاجة في ذلك في نظري وهو مجرّد رأي فقط يحتمل الخطأ وإن كان لأغراض أخرى فلا شكّ أنّه أمرٌ مفيد بل عظيم الفائدة. إذن فالمسألة متعلّقة بالغرض والهدف من معرفة رجال أسانيد القراءات والدليل على ذلك أنّ علم التحريرات قائم على معرفة الرجال والأسانيد والطرق بعزوها إلى أصولها فكانت الثمرة ولله الحمد واضحة مع العلم أنّ المحررين أنفسهم لم يقدحوا في تواتر طرق النشر جملة ولم يعترضوا على شرط ابن الجزري واختياره للطرق ، إلاّ أنهم قاموا بعزو كلّ طريق على حدة منعاً للتركيب والخلط بين الطرق.

أمّا عن سؤالكم الثالث : أعوذ بالله أن أقول ما ليس لي بحق. تراجم القراء والتأليف في ذلك أمرٌ ضروري ، ولا أدري هل هناك وسيلة أخرى لبيان أحوال الرجال الذين نقلوا لنا العلم. وتعلم جيّداً أنّ صحة القراءة متوقفة على صحة السند. وصحة السند متوقفة على أحوال الرجال وأحوال الرجال لا تُعرف إلاّ بالترجمة لهم. وفي وقت الإمام الذهبي عليه رحمة الله تعالى لم تكن طرق القراءات المتواترة محصورة بالشاطبية والدرة والطيبة فكانت هناك طرق أخرى صحيحة ممن توفرت فيها الشروط الثلاثة ولكنها ليست على شرط ابن الجزري ويُحتمل أن يكون بعضاً منها على شرطه ولم تُنقل في كتاب النشر. أمّا كتاب غاية النهاية فلا بدّ منه ليبيّن مؤلّفُه أحوال الرجال الذين نقل عنهم القراءات ممن كانوا من رجال النشر أو غيرهم وليبيّن السبب الذي من أجله لم يدخل بعض الرجال ضمن رواة كتاب النشر وكذلك السبب الذي ردّ به بعض الأوجه الأدائية بسبب علة قادحة في بعض الرواة الذين نقلوا الوجه المردود.

أمّا عن سؤالكم الرابع : أجيبك بسؤال : هل هناك قراءات غير القراءات القرءانية وهل هناك قراءات غير متعلقة بالقرءان الكريم ؟ أظن أنّه لم يتضح لي السؤال ؟

أمّا عن سؤالكم الخامس يكفي الجواب عنه أنّ أسانيد القراءات متوقفة على أحوال الرواة.

والخلاصة أنّي لم أقل أنّ المقارنية بين العلمين لا يؤدّي إلى فائدة وإنّما يكون ذلك عندما يكون الغرض التصحيح والتضعيف ما هو موجودٌ في النشر كالذي يريد تصحيح صحيح البخاري وصحيح مسلم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
سلمك الله ياشيخ شريف، وردك موفق إن شاء الله،
ومرحبا بك معقباً في ندوات أو مداخلات في هذا الموضوع وغيره،في هذا الملتقى الطيب.
 
جزاك الله خيراً شيخنا على الترحيب بي في هذه المشاركات الطيبة ولي في ذلك الشرف العظيم


محمد يحيى شريف الجزائري
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
حبذا ياشيخ يحي شريف لو الفت وريقات في الموضوعين أعلاه، وتحاول أن تنجزهما كلا على حدة، سالكا منهجا علميا محددا، وفق رؤية تتناسب والشريحة التي تريد خطابها،ثم تعرض ذلك على المختصين،واحسب أن قيامك بذلك سيلاقي نجاحا كبيرا لدى المختصين وفقني الله وإياك. والسلام.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أخي الدكتور الضاوي سلمك الله عودا على بدء، مارأيكم في إيجاد وسيلة لتعديل عنوان موضوع المشاركة ليكون (جهود القراء المحدثين في حفظ القراءات وتعليمها من خلال تراجمهم)،
أرجوا الإفادة وفي انتظار عودتك للتعليق في الموضوع بعباراتك المشرقة الفياضة المتلئلئة دائما.والله يحفظكم ويرعاكم.
 
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

إنّ ما نشاهده اليوم من الخلاف في مسائل التجويد والقراءات مع اتفاق المصادر والتقاء الأسانيد في طبقة من الطبقات يجعلنا نتساءل عن سبب ذلك ، والأدهى مع ذلك أننا نجد الخلاف يعتري المسائل الأدائية التي لا اجتهاد فيها والتي لم يختلف فيها القدامى ولم يُنصّ على التخيير فيها ، ولقد حاولت أن أتتبع هذه المسائل الخلافية ووجدتّ أنّ السبب الرئيسي لهذا الاختلاف يرجع إلى الاختلاف والاضطراب في المنهجية المتمثلة في التعامل مع مصادر علم التجويد والقراءات والتي يمكن حصرها في ثلاثة أمور :
أوّلاً : المشافهة ، ثانياً : النصوص ، ثالثاً : القياس.

يختلف العلماء ومشايخ الإقراء في التعامل مع هذه المصادر الثلاثة ويمكن تقسيم هذا الخلاف إلى ثلاثة أقسام :
1 - فمن المشايخ من يعتمد على المشافهة مطلقاً ولو على حساب النصّ.
2 - ومن المشايخ من يقدّم النصّ على المشافهة.
3 - ومن المشايخ من يقدّم القياس في بعض المسائل على حساب النصّ والمشافهة ويصير ذلك القياس مع مرّ الزمان من المشافهة إذا تلقاه المشايخ بالقبول.
4 - ومن المشايخ من يخلط بين المناهج الثلاثة فتارة يتمسّكون بالمشافهة على حساب النصّ كما هو الحال في مسألة الضاد ، وتارة يتمسكون بالنصّ على حساب المشافهة كما هو الحال في التحريرات ، وتارة أخرى يقدّمون القياس على النصّ والمشافهة كمسألة الفرجة في الميم المخفاة وغيرها. وهذه الأمثلة ذكرتها من باب توضيح اختلاف المناهج واضطرابها وليس من باب إثارتها من جديد والله على ما أقول شهيد.

فمن الضروري أن يتفق المشايخ على منهجية معيّنة يتعاملون بها مع هذه المصادر في كلّ المسائل التي يختلفون فيها حتّى يضيق مجال الخلاف وتكون الأمور أكثر انضباطاً وتقعيداً ويزول الاضطراب الذي سبب الفرقة والتعصّب الذي نشاهده اليوم في بعض المسائل.

وللوصول إلى هذه المنهجية لا بدّ من مراحل وخطوات والتي تتمثّل فيما يلي :

أوّلا: بيان معنى المشافهة ومنزلتها اليوم في الحكم على صحة الوجه. وهل كلّ ما أُخذَ من المشايخ يستلزم الصحة ؟
ثانياً : بيان منزلة النصوص في الحكم على صحة الوجه وبيان المعتبر منها من غيره وما الذي يفيد القطع من غيره ومتّى يُحكم عليه أنّه يحتمل أكثر من وجه وغير ذلك.
ثالثاً : القياس وبيان معناه وحدوده وضوابطه في علم القراءة وهل يجوز العمل به الآن أم لا بدّ من غلق بابه مطلقاً أم يجوز في حالات معيّنة وما هي هذه الحالات ؟
رابعاً : بيان كيفية التعامل بين هذه المصادر الثلاثة عند التعارض فإذا تعارض النص مع المشافهة فأيّهما يقدّم ، وإذا تعارض النصّ مع القياس فأيهما يقدّم وإذا تعارضت المشافهة مع القياس فأيّهما يقدّم.
خامساً : معالجة كلّ المسائل الخلافية وفق المنهجية التي يتفق عليها المشايخ.
هذا ما أردتّ عرضه باختصار على مشايخنا الكرام قبل الخوض في هذه المراحل بشيء من التفصيل راجياً أن يلقى موضوعي هذا دعماً وتوجيهاً منكم ليكون شاملاً وملماً بجميع الجوانب خدمة لهذا العلم وأكثر نفعاً للمتخصصين فيه.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
القراءات القرآنية و منهج المحدثين في التوثيق

القراءات القرآنية و منهج المحدثين في التوثيق

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .
الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور أمين الشنقيطي ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
أما بعد ، فإني أشكر لكم تواصلكم وتقديركم ، وكم أنا حريص أن أقرأ لكم ، مستمتعا بردودكم العلمية الرصينة ، و أدبكم الجم . ونزولا عند رغبتكم ، وحرصا على إيفاء الموضوع حقه ، وبيانا لأهميته فإني قد عملت على تدوين ما عن لي عن الموضوع ، أرجو أن يكون سبيلا لمزيد من النقاش العلمي .
و لا أخفي على فضيلتكم أن ما أثرتموه حثني على المزيد من البحث والتنقيب في كتب تنتمي لمجالات علمية قد يظنها البعض بعيدة عن القراءات القرآنية ، فإذا بي أجد بها قضايا مثارة منذ زمن بعيد من قبل الفقهاء المالكية ، و نص عليها الونشريسي ( ت 914 هـ ) في كتابه الرائع : " المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب " تحقيق مجموعة من الفقهاء تحت إشراف أستاذنا الدكتور محمد حجي ـ رحمه الله ـ ، نشر وزارة الأوقاف ، المغرب . مما يؤكد ما أشرت إليه في أول عرض للموضوع من أن العلوم الإسلامية تشكل منظومة متكاملة لا يمكن فهم إحدى جزئياتها إلا في إطارها الشمولي ، مما يحتم علينا كباحثين تجاوز النظرة التجزيئية ، وأن تكون مقارباتنا العلمية ذات بعد شمولي تتمثل الإسلام باعتباره منظومة متكاملة .
و قبل أن أشرع في عرض ما نوهت به ، أحب أن أبين أنكم ـ يا أخي الشنقيطي ـ بالعنوان الذي اقترحتموه، تفتحون بابا آخر لمعالجة المسألة . و ليت الذين يبحثون عن مواضيع تصلح لإنجاز أبحاث الماجستير والدكتوراه ، يتابعون مثل هذه المحاورات العلمية ، فإنهم سيقعون على نفائس ودرر، تحتاج عينا بصيرة ترمقها ، و عقلا كبيرا يستوعبها ، و قلبا فياضا يحتضنها ، ويدا قديرة تتعهدها.
كما أنوه بمشاركة الأخ الفاضل محمد يحيى شريف ـ حفظه الله ـ متمنيا على الله تعالى أن يوفقه لما يحبه و يرضاه ، و أن تكون هذه المناسبة فرصة لمزيد من التواصل و التعاون .
** تسير العلوم الإسلامية في خطين متوازيين :
1- التوثيق .
2- الفهم .
وما يهمنا هنا هو التوثيق مناهجه ، قواعده و أصوله العامة ، وطرقه الإجرائية التي اعتمدها العلماء في كل حقل معرفي من حقول المنظومة المعرفية الإسلامية. تجنبا لما يمكن الاصطلاح عليه بالإسقاط المنهجي ، حيث اعتماد مناهج لا تراعي خصوصيات المجال أو الموضوع ، مما يجعل الدراسة غير علمية ، و تفتقد للمصداقية ، فضلا عن أنها تنتهي إلى نتائج غير مرضية ، و غير علمية ، لأن ما أسس على باطل فهو باطل . وهذه المسألة لا ينتبه إليها كثير من الباحثين ، حيث تجدهم حذرين من الوقوع في الإسقاط المعرفي ، و لكنهم لا يرون بأسا في الإسقاط المنهجي ، علما أن البحث العلمي يعتمد الرؤية و المنهج ، فهما رجلاه اللتان يستوي عليهما قائما، و دعامتاه اللتان يبنى صرحه عليها . و من ثم وجب التنبيه إلى أن الإسقاط إسقاطان : معرفي و منهجي .
أ ـ البديهيات المعرفية و المنهجية : لا بد لنا من بيان البديهيات المعرفية و المنهجية بالنسبة للقراءات القرآنية في صلتها بعلوم الحديث من حيث التوثيق ، و التي يمكن حصرها في ما يلي :
1- للقراءات القرآنية صلة بعلوم الحديث .
2- القراءة سنة متبعة .
أهمية السند بالنسبة للقراءات القرآنية .
3- لا يمكن أن تكون القراءة قراءة ما لم تكن صحيحة السند .
4- التواتر عند القراء ليس هو التواتر عينه عند المحدثين ، باعتباره يعتمد المقياس القرائي :
أ ـ صحة السند .
ب ـ موافقة الرسم العثماني و لو احتمالا .
ج - موافقة اللغة العربية و لو بوجه .
إن القراءة متى توفرت فيها شروط المقياس القرائي فهي قراءة صحيحة ، لا يجوز ردها سواء كانت من السبعة أم غيرها . ومن ثم يمكننا أن نفهم كيف أن بعض العلماء قد تكلموا في بعض القراء ، و مع ذلك فإن ذلك لم يؤثر في صحة قراءتهم ، و صحة الأخذ عنهم .
إن القراءة متى اتصل سندها برسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ ، ووافقت الرسم العثماني ، ووافقت سنن العرب في الكلام ، فإنها أصبحت قراءة متواترة . أليس رسم المصحف متواترا ، أخذه الجمع الغفير الذين لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن نظائرهم وصولا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ . أليست موافقة العربية محققة للتواتر ؟، باعتبارها القوانين التي تحكم اللغة العربية ، و التي يستبطنها الوجدان العربي ، و يستطيع بفضلها قبول أو رد جملة أو جملا دون الاحتكام إلى قواعد مقررة ، و دون حاجة إلى التعلم . إنها السليقة اللغوية التي يمتلكها صاحب اللسان العربي ، باعتبارها لغته الأم ، كما هو متعارف عليه في العلوم اللغــــوية : " اللسانيات " .
تأسيسا على ما سبق نجد القراء يشترطون في قبول القراءة أن تكون غير مخالفة لما استقر عند ائمة الإقراء قراءة صحيحة سليمة من الغلط و الشذوذ .
وهنا نتساءل : الشذوذ عن ماذا ؟ إنه الشذوذ عن العرف القرائي ، حيث استقرت القراءة بأن أخذها جيل عن جيل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ .
إن المسألة عندي شبيهة بموقف المحدثين و الفقهاء من الحديث المرسل ، فبينما يعتبره المحدثون حديثا ضعيفا باعتبارها لا تتحقق فيه شروط الصحة بفقدانه شرط اتصال السند . نجد قطاعا عريضا من الفقهاء يعتبرونه حديثا صحيحا قد يرقى إلى مرتبة المتواتر ، باعتبار المُرسل لا يُرسله إلا بعد أن يكون قد رواه عن أئمة عدول ثقاة ضابطين كثر ، يطول الأمر بذكرهم ، فلما اطمأن لصحته أرسله .
إن الحرص على التوثيق حرص على سلامة النصوص الشرعية من التحريف بالزيادة أو النقصان ، أو التغيير و التبديل ، أو غيرها من صنوف التحريف التي تلحق ضررا بالغا بالمتلقين ، ونخص بالذكر منهم المؤمنين ، لأنهم يتعبدون الله تعالى بما تقرره النصوص الشرعية . فضلا على أن الحكم التوقيفي و الاجتهادي مرتبط من جهة بوثوقية النص ، ومن جهة أخرى بدلالته . إن الأمر باختصار شديد يتعلق بالتوثيق و الفهم .
إن خصوصية القراءات القرآنية تحتم علينا عدم إسقاط أحكام المحدثين و مقاييسهم على القراء و القراءات جملة و تفصيلا . مما يلزمنا برد الأمور إلى نصابها بالاحتكام إلى قواعد علم القراءات ومقرراته التي لا يمكن أن ينضبط إلا بها . يقول الونشريســي ( ت 914 هـ ) ـ رحمه الله ـ : " لا يعرف القراءة ووجوهها إلا أهلها ، وغيرهم لا يعرفون أصلها ، فضلا عن توافرها . وسبيل ذلك سبيل أصحاب الصنائع و الآلات يعرفونها ، فتواترها عندهم خاص بهم ، وهكذا أرباب العلوم في اصطلاحات لهم تتواتر عندهم " ( المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية و الأندلس و المغرب ، ج 12 ، ص 118 ) .
فلا تناقض ـ في اعتقادي ـ بين تعامل القراء مع المجروحين من قبل علماء الحديث ، لأن المحدثين يتكلمون بمقاييسهم ، و يحتكمون إلى قواعدهم ، و كل ذلك يخص مجال الحديث ، و نخل المرويات ، ليصطفوا منها أحاديث نبوية شريفة ، ترقى من حيث الوثوق لأن تكون المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي .
ومن ثم فإنه يمكن أن نجد من القراء من هو في عداد المجروحين عند المحدثين ، ورغم ذلك تؤخذ عنه القراءة ، لأن مجال القراءة يعتمد مقياسا ثلاثي الأبعاد :
أ‌. السند .
ب‌. الرسم .
ت‌. العربية .
فضلا عن العرف القرائي المتمثل في ما اجتمعت عليه العامة ، كما بين مكي بن أبي طالب ( ت 437 هـ ) في كتابه الإبانة عن معاني القراءات : " إن الصفات المعتبرة في المختار من القراءات أن تكون القراءة قد اجتمعت عليها العامة " فمكي ـ رحمه الله ـ يرد الأمر إلى الاتباع من غير نظر في شروط و لا في أركان ، و السبع عنده و عند غيره من القراءات المختارة . و الصواب في القراءة اتباع الجماعة و تقليد الأمة الماضية ، و لاأجد حجة عن الحق ، و الحق هو الحجة على الخلق " ( المعيار 12 / 121 ).
ويؤكد ذلك علم الدين السخاوي ( ت 643 هـ ) في كتابه جمال القراء وكمال الإقراء في رده على انتقاد محمد بن جرير الطبري لقراءة ابن عامر : " وأما ما رواه عن ابن عامر أنه قال : هذه حروف أهل الشام التي يقرؤونها فليس في ذلك ما يناقض رواية هشام عن عراك ، بل في ذلك تأييد لروايته وتقوية لها ، إذ كان أهل الشام قد أجمعوا عليها ، و لا يلزمه أن يذكر الإسناد في كل وقت ، و من أين للطبري أنه كان يقول ذلك في كل وقت و لا يذكر إسـنادا " ( جمال القراء ج 2 ، ص 435 ) .
بل إن ما ينبغي الإشارة إليه أنه داخل مجال الحديث نجد العلماء يجرحون بعض العلماء الأفذاذ في مراحل متقدمة من حياتهم ، باعتبار المسألة نسبية و ليست على إطلاقها كما يعتقد الغر الذي لم يتمرس بصناعة القوم . وهنا نتساءل من من الناس ـ إلا من رحم الله ـ من يظل ضابطا متقنا دون أن تنوء به نوائب الدهر ، وتعود عليه عوادي الزمان ؟ . وكل ذلك يقوم شهادا على حراسة العلماء للدين ، ونزاهتهم العلمية ، ودقتهم في التوثيق ، وصدقهم و أمانتهم وإخلاصهم . وما دفعهم إلى ذلك إلا إيمانهم بأن الله تكفل بحفظ الدين عامة و كتابه خاصة ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) .فلم يكن لديهم ما يخشونه أو يتسترون عليه ، بل كان رائدهم الحق ، ومقصدهم الحقيقة ، و سبيلهم بذل الجهد ، و صدق التوجه ، و إخلاص النية ، وعزيمة و عمل ، و توكل ، وتعليق النتائج على رب الأسباب .فلم يجعلوا من أنفسهم أوصياء على الدين ، و لم يدعوا احتكار الحقيقة ، فالله تعالى حافظ كتابه ، و ناصر دينه ، و مظهره و لو بعد حين ، فالعاقبة للمتقين : ( إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(لأعراف: من الآية128).
إننا كما سبق أن بينا مقصدنا الفهم و الإفهام ، و الاطمئنان و الطمأنة ، ليصبح إيماننا مؤسسا على العلم و المعرفة ، فيرقى إلى اليقين ، هذا من جهة ، و من جهة أخرى نطمح إلى أن نوفق إلى بيان لمن يحتاجه ، أن نصوص الشريعة الإسلامية موثقة محفوظة ، وأن الذين يحاولون اللعب على وتر التشكيك في النصوص الشرعية من حيث التوثيق لن يفلحوا لأنهم بذلك إنما يحادون الله تعالى ، و الله بالغ أمره . كما أنني طرحت الموضوع عندما وجدت من ينسبون إلى الثقافة ظلما و عدوانا ، ويتبوؤون مقاعد قيادية ، يهرفون بما لا يعرفون ، حتى إنك لتجد أحدهم ينسب التحريف لقراءة حفص ، ويزعم أنها مخالفة لمعهود قراءة المغاربة ، ويعلن ذلك على الناس في إحدى الفضائيات الإخبارية : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً)(الكهف: من الآية5).
ونخلص مما سبق إلى تقرير ما يلي :
1- القراءة سنة ، و من ثم لا يردها كما قال ابن الجزري في النشر : " قياس عربية، و لا فشو لغة " النشر 1/10 .
2- وجوب الاقتداء بمن سلف .
3- تلقى الصحابة القرآن الكريم عن الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ بالسماع و العرض ، وكذلك نقلوها إلى التابعين ، فأتباع التابعين إلى أن وصلنتا ، و لا زال الأمر كذلك .
4- تواتر نقل الوجوه الصحيحة للقراءات .
5- القراءة موثقة بالمشافهة و الكتابة .
6- لا يخالف القارئ جمهور أهل بلده الثقات ، باعتبار القراءة عرفا مستقرا .
7- لا يخالف القارئ ما رواه الأئمة أصحاب السند الأصل ، فالقراءة توقيفية ، لا مجال للاجتهاد فيها .
8- شروط المقرئ :
أ‌. الإسلام .
ب‌. العقل .
ت‌. البلوغ .
ث‌. العدالة .
ج‌. الأمانة .
ح‌. الخلو من الفسق .
خ‌. المروءة .
د‌. الضبط .
ذ‌. التمكن المعرفي .
ر‌. الشهرة العلمية .
ز‌. الخبرة الناتجة عن طول الممارسة للقراءة و الإقراء .
س‌. الإقراء بما سمعه من شيوخه أو عرضه عليهم ، أو سمعه بقراءة غيره عليه .
ش‌. الاقتصار على القراءات الصحيحة .
ص‌. اختيار الشيوخ بأن يأخذ عمن ثبتت عدالته عنده أو عمن تقدمه ، وتحقق لقيه لمن أخذ عنه إذا صحت معاصرته .
ض‌. أن تكون الكتب التي قرأ بها على شيوخه مشتملة على شرطين : أحدهما ثبوت الرواية فيه أصلا .و الثاني ثبوته فيه أداء . ( النشر 1/192 – 193 .
ط‌. بركة العمر .
و الله من وراء القصد و هو يهدي السبيل .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
 
السلام عليكم
معذرة لهذه المداخلة ، ولكني أود طرح سؤال وهذا السؤال ناتج عن طريقة تعامل القراء مع السند .

وسؤالي : هل هناك قراءة رُدت بسبب ضعف في السند ـ أي في أحد القراء ـ ؟؟ وهل هناك من رد قراءة بسبب فسق قارئ ؟؟

أم أنهم يردون القراءة بسبب انفراد الراوي ومخالفته لسائر من في عصره ؟؟

أم أن مسألة السند مسألة زائدة علي الموضوع ، والأصل الشهرة والاستفاضة . ؟؟
وجزاكم الله خيرا
 
نتحدث عن علاقة قضية السند بعلوم القراءات

نتحدث عن علاقة قضية السند بعلوم القراءات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أخي الكريم :
قلت في مداخلتك : هذا السؤال ناتج عن طريقة تعامل القراء مع السند . وسؤالي : هل هناك قراءة رُدت بسبب ضعف في السند ـ أي في أحد القراء ـ ؟؟ وهل هناك من رد قراءة بسبب فسق قارئ ؟؟ أم أنهم يردون القراءة بسبب انفراد الراوي ومخالفته لسائر من في عصره ؟؟ أم أن مسألة السند مسألة زائدة علي الموضوع ، والأصل الشهرة والاستفاضة . ؟؟
أخي الكريم مداخلتك هذه هل جاءت من واقع قراءة سابقة للمداخلات أعلاه أم هي وجهة نظر فقط ظهرت من خلال العنوان.
أخي نحن نتحدث في واقع معروف ولانريد أن نعطي أحكاما في المسلمات المتيقنة عند القراء ،
أخي نحن أبناء مدرسة القراءات،
ولن نقول إن شاء الله إلا حقا، وتذكيرا أقول: لاعلاقة لما نبحثه بإدخال قراءة متواترة جديدة،ولارد قراءة لضعف سندها،أو لضعف راويها،ولا لانفراده ومخالفته .
نحن كما قلت: نتحدث عن علاقة قضية السند بعلوم القراءات وهي أحد علومه كما هو معروف، بمصطلح علوم الحديث، أخي الكريم: نحن نتحدث عن فهم موضوعي لتاريخ توثيق القراءات برؤية توافقية على عدة مسائل نريد إيجادها بين العلمين، تكون حلا لكثير من الإشكالات العلمية المطروحة.
و نريد كذلك أن نقول أنّ القراء المتأخرين استندوا على القول بالتواتر عند المحدثين وعند الأصوليين فهل في ذلك ضير علينا،
نحن نريد أن نقول إن مدرسة ابن الجزري اشتملت على قولين يرجعان إلى اشتراطه التواتر أولا ثم إلى اشتراطه صحة السند كيف نفهم هذا التحول..الخ
هذا بعض ماكنا ندندن حول وتحياتي القلبية ودعواتي لصديقي العزيزين الدكتور الضاوي والشيخ محمد شريف. والله الموفق، ولي مداخلة قريبة إن شاء الله في الموضوع الأول الذي هو عنوان المشاركة.
 
أخي العزيز الدكتور أحمد الضاوي: العنوان مرة أخرى هو ( القراءات القرآنية ومنهج المحدثين في التوثيق)، ومضمونه يحتوي على مسألتين:
1- قضية التوثيق وهي مما ابتكره قلمك السيال، فلم يثر أي جدل عند أحد من المتخصصين المتابعين.
2- قضية التلقي بين القراء وقد أسهم صديقنا الشيخ شريف في تحديد معالمها بشكل واضح،وسيأتي إن شاء الله تناولها في مداخلة تالية.
ودعنا ياصديقي الكريم: نتحدث عن الأولى منهما،وهي مداخلتك حيث أرى أننا إن جئنا بأمثلة واضحة، كان ذلك معقولاً ويدل على نجاح كبير في هذه المشاركة الطيبة، وإليك هذه الأمثلة ، المثال الأول يتمثل في قول بعض المحدثين بالتواتر. والثاني أنّ السند في الاصطلاح طريق المتن،وأنّ الإسناد رفع الحديث على قائله أي بيان طريق المتن برواية الحديث مسنداً، وأنّ السند عند علماء القراءات : هوسلسلة الرواة الذين نقلوا القراءة والرواية والطريق والوجه عن المصدر الأول، أو هو الطريق الموصلة إلى القرآن. والثالث ماقرره د:محمد سيدي في كتابه الإسناد عند علماء القراءات حيث قال : قال ابن مجاهد(السبعة /48، 49) مشبها للآثار الواردة في حروف القرآن بالاثار الواردة في الحديث من حيث القبول والرد والصحة والضعف ،مما يستلزم النظر في الأسانيد وفحص الروايات من العلماء المختصين العارفين/159.
بعد هذه الأمثلة دعنا نواصل الحديث عن ( توثيق السند بين القراء و المحدثين وأوجه العلاقة واثر ذلك على علم القراءات)،
يا صديقي العزيز الدكتور الضاوي : كنتَ ذكرت لي في أقرب مداخلاتك في هذه المشاركة أعلاه ،أمورا هامة أشرت فيها إلى التوثيق والفهم ،والإسقاط المنهجي، وإمكانيته في علم القراءات ،وأنّه منه كانت للقراءات صلة بالحديث، وأنه لسندها أهميته الخاصة فهو يدل على الحرص على التوثيق، ثم بنيت على هذا أنه لا تناقض بين أن يعامل المحدثون القراء (أي من كان فيه جرح) معاملة مجروحي الحديث لأن مقياس الجرح بحثي صرف. وأنّه عند البحث بطريقة القراء عن هؤلاء المجروحين،قد يستنبط من كلام مكي مثلا أنه يرى الأخذ بشرط (العامة) في الحكم على المروي دون نظر في الأركان الثلاثة، وهذا يستفاد منه جواز عدم الأخذ بالجرح إن تقدم وقته، وتمّ نسخه بتعديل متأخر،ثم قدمت النتائج مقرراً: أنّ نصوص الشريعة موثقة، وأنه لم يفلح المشككون في التشكيك في القراءات، وأن الدليل على ذلك عدم نجاحهم في التشكيك في حفص وروايته لمجرد ورود نقد فيها، ثم ذكرت (خلاصة): ذكرت فيها مسلك القراء في معرفة القراءة، وفي معرفة المقرئ.وقد سبق كلامك هذا مقدمة منهجية رائعة تحوي عبير العبارات الرائقة،والمقدرة الأصيلة فلله دركم.
ثمّ كان تعليقي عليها اليوم : هوأنّ عنونة المشاركة بـ( القراءات القرآنية ومنهج المحدثين في التوثيق)،كان صائبا، وصادقا فيما وضع له،
وقد عجلت إليك ياصديقي بالجديد في المسألة أذكره لك من خلال قصص واقعية علّك ترضى:
1- سألت مرة شيخنا الدكتور أحمد عبد الوهاب الشنقيطي حفظه الله أستاذ الأصول في الجمعة الإسلامية عن آحاد القراءات، وقدكان ألف كتابا في (خبرالآحاد وحجيته)، وسألته بعد أن قرأت كتابه فرأيته لم يتعرض لأخبار الآحاد الواردة بالقراءات، فقال لي: تتبعت الآحاد عند المحدثين والفقهاء والأصوليين واللغويين وتوقفت عند القراء إذلم أجد سبيلا لمعرفة حجيتها ، وأخبرني أنه سأل مشرفه الشيخ (أبوشهبة) فأجابه: بعدم قدرته على الدخول في هذه المسألة لغموضها وتشعبها، فقال الشيخ أحمد محمود : فاستجبت لطلبه،وخلت الرسالة من آحاد القراء.
2- سألت كذلك الشيخ الدكتور حازم حيدر حفظه الله المقرئ المعروف عن السبب في عدم إدراج (أسانيد القراء) في ندوة أقامها مجمع المصحف الشريف في المدينة وكانت حول (خدمة السنة النبوية) وقد أثار سؤالي استغرابه حينها ، وكأني فهمت ألا علاقة تذكر بين العلمين وأن أسانيد القراء قديما وحديثا لامجال لتناولها في هذه المناسبات الحديثية.
3- جاءتني تساؤلات من بعض الإخوة الباحثين، عن حقيقة الهدف من التوثيق للقراءات من خلال منهج المحدثين؟ وهل سيجرنا هذا التوثيق يوما ما، إلى الإتيان بقراءة متواترة جديدة ،أو تشذيذ قراءة متواترة؟ وهل يعني أنّ المحدثين قد نأوا بأنفسهم قديما وحديثا بمصطلحهم عن أسانيد القراء؟ وأننا اليوم إذا قلنا بالتوافق فنكون نسبنا لهم ماليس لهم؟ ومالم يريدوه في مصطلحهم؟وهل سيضر هذا بوثاقة بعض القراء أو الرواة المعروفين إذا ماجُرحوا؟
ولمّا كنت المسؤول سعيت لإرشاد السائل وإجابته، بتحقيق مناط التوثيق، عند القراء ، وصولا إلى تبيين توافقه في (قدر مشترك) مع منهج التوثيق عند المحدثين.هذا القدر المشترك سأوضحه إن شاء الله بأمثلة أذكرها باختصار:
1- تراجم القراء وكثرة مصطلحات الجرح والتعديل فيها، إثبات بعض المحدثين لشرط التواتر للقراءات السبع، شرط ابن الجزري لصحة السند.
2- كون علم الإسناد أحد علوم القراءات، وكون القراءة سنة متبعة، وكون كثير من محدثي الأمة من تلاميذ القراء، فهم بهذا ضمن أسانيد القراءات ..إلى غير ذلك من الأمثلة.
أخي الكريم: لقدكان أعظم دليل على وجود هذا القدر المشترك غير الأمثلة السابقة هو طبيعة (السند أو الإسناد) وتعريفه، ومفهومه عند كلا الطرفين القراء والمحدثين،فمن خلال بحث شيخنا الأستاذ الدكتور محمد سيد الأمين الذي عنوانه: (الإسناد عند علماء القراءات)، والذي رسم خطته على النحو التالي : السند عند المسلمين، تعريفه لغة واصطلاحا، عناية علماء المسلمين بالإسناد، عناية علماء القراءات بالأسانيد، مكانة السند عند علماء القراءات،تواتر السند وصحته شرط في قبول القراءة، رحلة علماء القراءات في طلب الأسانيد،بيان علماء القراءات لبعض الأسانيد الضعيفة الواهية.فكان من أقواله فيه:
1-لقد عني علماء القراءات بالأسانيد أيما عناية ورحلوا في طلبها وبينوا العالي منها والنازل والمتصل والمنقطع.... وهو فن قد يخفى على كثير من طلاب العلم لاعتقاد البعض أن تتبع الأسانيد والكشف عنها وتتبع طبقات النقلة والرواة، هومن اختصاص علماء الحديث وفاتهم أن لعلماء القراءات باع طويل في معرفة رجالهم وطبقاتهم ورواتهم بل ولازالوا يحافظون على أسانيدهم إلى يومنا هذا في الوقت الذي تقطعت فيه كل الطرق والأسانيد في العلوم الأخرى وهذا من حفظ الله لكتابه الذي وعد به.../158.
2-إن المطالع لمقدمات كتب القراءات المعتبرة الجامعة للروايات والطرق التي تلقى بها أولئك الأئمة يقف مشدودا أمام ذلك الكم الهائل من الأسانيد التي أحيطت بالعناية والرعاية حتى تصل إلى منتهاها.../158
3-هذه الآثار الواردة عن السلف ونحوها دالة على مدى تمسكهم بالرواية الصحيحة المتواترة المسندة فلايعدلون عنها إلى غيرها ولوكان أقيس في العربية./172.
4- وعن رجوع ابن الجزري عن التواتر قال: على أن ابن الجزري رجع عن القول بالتواتر إلى الاكتفاء بصحة السند وهو مخالف لماعليه جمهور القراء،وقد بين النويري ذلك خير بيان ورد على شيخه ابن الجزري قوله فأجاد وأفاد، ولست هنا معرض مناقشة هذين الرأيين إذ أن كلامنهما شاهد على اهتمام علماء القراءات بالإسناد.../172. فشيخنا في أول اقواله يعلن اتفاق العلمين في قدر مشترك في التوثيق هو الإسناد والحرص عليه.
إلاإنه وبالنظر لما تقدم عند شيخنا الدكتور محمد سيدي،فإنه كان من المهم الإشارة في هذا الموضوع الهام إلى مسائل، وهي : 1-كيف قال المحدثون بتواتر القراءات وهي من اختصاص القراء؟
2- كيف ظهرت مصطلحات عند القراء بنفس مسميات المحدثين؟
3- لماذا رجع ابن الجزري إلى قول أشبه بمصطلح الآحاد المعروف بنصه عند المحدثين؟
4-لماذا لم يوافق القراء على رأي ابن الجزري هذا، وهو القريب من صحيح السند عند المحدثين، وهل كان في الرجوع إليه خطورة من نوع ما بحيث تؤثر على علاقة القراء بالمحدثين؟
5- هل أثر كتاب ابن الجزري الذي ألفه في مصطلح الحديث على منهجه في القراءات؟كل هذه الأسئلة كنا نود أن يتناولها شيخنا في بحثه الرائع والممتع.
أخيرا: بهذه المناسبة فإن معنى كلمة (التوثيق) كما جاء في موسوعة المفاهيم الإسلامية:التوثيق لغة: هو الإحكام، تقول: وثق الشىء قوى وثبت وكان محكما، وتوثق تقوى وتثبته.واصطلاحا: هو إثبات صحة الشىء أو التثبت من صحة النص ، وهو مشتق من الثقة ومنه وثيقة الزواج، وتوثيق العقود أى إثبات صحتها ومصلحة التوثيق هى الجهة المنوط بها إثبات صحة العقود والمعاملات
المكتوبة بين الناس.والتوثيق فى البحوث العلمية يقصد به:ربط كل الأفكار والقضايا والمسائل الواردة بها بالمصادر والمراجع
التى أخذت منها ، وتدعيمها بالاقتباسات والشواهد المأخوذة من تلك المصادر والمراجع .وأول مظهر لاهتمام العرب بتوثيق النصوص هو عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن الكريم، وحرصه على ضبط ما يكتبه كتبة الوحى فقد روى عن زيد بن ثابت قوله "كنت أكتب الوحى عند رسولالله صلى الله عليه وسلم وهو يملى على، فإذا فرغت قال:اقرأه ، فأقرأه فإن كان فيه سقط أقامه ثم أخرج به إلى الناس".وبما أن الحديث النبوى هو المصدر الثانى من مصادر التشريع ونظرا لأنه لم يدون إلا على رأس المائة الثانية للهجرة فقد كان طبيعيا أن يهتم المسلمون بتوثيقه اهتماما بالغا لما له من أهمية فى شئون أمور الدين والدنيا. ولهذا وضعت القواعد لقبول الحديث وظهر الاهتمام بصحة الإسناد منذ عهد مبكر، فقد روىعن عبد الله بن المبارك قوله:"مثل الذى يطلب أمردينه بلا إسناد كمثل الذى يرتقى السطح بلا سلم "،ونتج عن ذلك الاهتمام بصدق الرواة والتأكد من حسن سماعهم لما يروونه ،وحقيقة لقائهم بشيوخهم وعدم الزيادة أو النقصان أو التحريف أو التصحيف أو المخالفة فيما يروون من أجل التثبت من أهليتهم لرواية الحديث ، وكما نتج عنه الاهتمام بمعرفة اتصال السند أو انقطاعه ،وعلوه ونزوله ، وغير ذلك مما فصلته علوم الحديث ، وقد تمخض هذا كله عن ظهور علم مصطلح الحديث من ناحية وكتب الجرح
والتعديل من ناحية أخرى.وكان لتوثيق النصوص مظاهر متعددة تمثلت فى تدوين السماعات والقراءات والإجازات والمقابلات والمعارضات
والتصحيحات والاستدراكات على النسخ المخطوطة إحكاما واستيثاقا.أ.د/عبد الستار عبدالحق الحلوجى.
ختاما: أضيف لعنوان هذه المشاركة عنوان بحث هو ((توثيق أسانيد القراء من عصر بن مجاهد الى عصر النبوة دراسة وتوثيق)). وهذا العنوان انظره في قائمة بأسماء الأبحاث المسجلة في الماجستير والدكتوراة بكلية القرآن الكريم بطنطا في جمهورية مصر العربية ,مستقاة من ملتقى اهل التفسير. والله الموفق.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

سأتعرض في هذه الأسطر اليسيرة إلى موضوع مهمّ في غاية الأهمّية وهو :

هل المشافهة لوحدها تكفي في إثبات صحة وجه من أوجه الأداء ؟

فأقول وبالله التوفيق :


قد تلقّى النبيّ عليه الصلاة والسلام القرءان الكريم عن جبريل عليه السلام كما قال جلّ في علاه " وإنّك لتلقّى القرءان من لدن حكيم عليم ". وتلقّى الصحابة ذلك عن النبيّ عليه الصلاة والسلام وكذا التابعون عن الصحابة عليهم رضوان الله حتّى وصل إلى القراء العشرة المعروفين وعنهم وصل إلينا مسلسلاً. وقد اشتهر عن السلف أنهم قالوا" القراءة سنّة متبعة يأخذها الآخر عن الأوّل ".
فعلى هذا الأساس فإنّ أحكام التلاوة من إظهار وإدغام ومدّ وقصرٍواختلاف القراءات القرءانية وغير ذلك لم ترد في القرءان ولا في السنّة بل هي ثابتة بالتلقّي من أفواه المشايخ الموثوق بهم. إذن فالتلقّي من المشايخ هو المصدر الأساسي والأصلى في علم التلاوة.
ولما طال الزمن ضعفت الهمم وقلّ الضبط والإتقان ، تفطّن العلماء أنّ المشافهة لا تكفي للحفاظ على النطق السليم للقرءان الكريم وقراءاته فدوّنوا كتباً في كيفية النطق بالحروف وما يترتّب عن ذلك من مخارج الحروف والصفات وما يعرض للحروف حال التركيب وجمعوا القراءات الثابتة عن أئمّة الأمصار فكانت هذه الكتب عمدة لهم ولمن جاء بعدهم حيث أنّها تحتوي على مضمون ما تلقوه عن مشايخهم بالسند.
إذن فالدافع إلى التدوين هو ضعف الهمم وقلة العلم وتدهوره أي تدهور المشافهة لأنّ علم القراءة قبل عصر التدوين لم يعرف إلاّ بالتلقي فقط.
ولأجل ذلك قد اشتكى أبو عمرو الداني قلة المهرة من أهل الأداء في وقته فقال في مقدمة كتابه التحديد " أمّا بعد فقد حداني ما رأيته من إهمال قرّاء عصرنا ومقرئي دهرنا تجويد التلاوة وتحقيق القراءة ......" التحديد ص66. وقال القرطبي(ت461) في كتابه الموضح " ولمّا رئيت من قرأة هذا الزمان وكثيراً من منتهيهم قد أغفلوا اصطلاح ألفاظهم من شوائب اللحن الخفي وأهملوا تصفيتها من كدره وتخليصها من درنه....." الموضح ص54.
وعلى ما سبق من قول أبي عمرو الداني والقرطبي يمكن أن نقول ما يلي :

أوّلاً : إنّ المشافهة قد اعترتها شيء من النقص بالإهمال والغفلة في وقتهما.
ثانياً : تدارك العلماء هذا النقص بالتدوين والتأليف.
ثالثاً : صيانة المشافهة بالتدوين والتأليف فكانت هذه التآليف سببا لصيانة القرءان من اللحن والخطأ.
رابعاً : التأليف والتدوين قد عوّض النقص الذي اعترى القراءة في ذلك الزمان.

وعلى ما سبق أقول : إن كانت المشافهة قد اعترتها شيء من النقص والإهمال في وقت الداني ومكي القيسي والقرطبي ألاّ يكون ذلك في زماننا من باب أولي ؟ إن كانت هذه النصوص سبباً في صيانة القرءان من اللحن في ذلك الوقت ألا يكون ذلك في وقتنا من باب أولي ؟ إن كان في ذلك الزمان أئمّة مثل الداني والقيسي والقرطبي ومع ذلك دوّن هذا العلم ليكون عمدة للمتأخرين ألا يكون الاعتماد على هذه النصوص في وقتنا هذا من باب أولي مع انعدام إمثال هؤلاء ؟
ولأجل ذلك لا يمكن الاعتماد على المشافهة لوحدها للحكم على صحة وجه من الأوجه إلاّ إذا كان موافقاً للنصّ لما سبق من البيان قال المرعشي رحمه الله تعالى " وتجويد القرءان قد يحصّله الطالب بمشافهة الشيخ الموجود بدون معرفة مسائل هذا العلم ، بل المشافهة هي العمدة في تحصيله ، لكنّ بذلك العلم يسهل الأخذ بالمشافهة ، ويزيد به المهارة ويُصانُ به المأخوذ عن طريان الشكّ والتحريف كما صرّح به في الرعاية." جهد المقل ص110.

وللأسف فإنّ أكثر مشايخ الإقراء في هذا الزمان يعتمدون على المشافهة ولو كان على حساب النصّ والدليل فتراهم يجيبون بالتلقي في كلّ سؤال يُطرح عليهم ليُغطّوا جهلهم أو عدم استطاعتهم على الجواب ، فصارت المشافهة سقفاً يختبأ وراءه الجميع. قال مكيّ القيسي في الرعاية " القرآء يتفاضلون في العلم بالتجويد : فمنهم من يعلمُه رواية وقياساً وتمييزاً فذلك الحاذق الفطن. ومنهم من يعرفه سماعاً وتقليداً ، فذلك الوهن الضعيف. لا يلبثُ أن يشكّ ويدخله التحريف والتصحيف إذ لم يبن على أصل ولا نقل عن فهم. فنقل القرءان فطنة ودرايةً أحسن منه سماعاً وروايةً. فالرواية لها نقلها ، والدراية لها ضبطها وعلمها. فإذا اجتمع للمقرئ النقل والفطنة والدراية وجبت له الإمامة وصحّت عليه القراءة. ( الرعاية ص90).
قال أبو عمرو الداني :" وقرّاء القرءان متفاضلون في العلم بالتجويد والمعرفة بالتحقيق ، فمنهم من يعلم ذلك قياساً وتمييزاً ، وهو الحاذق النبيه ، ومنهم من يعلمُهُ سماعاً وتقليداً ، وهو الغبيّ الفهيه ، والعلم فطنةً ودرايةً آكذ منه سماعاً وروايةً. وللدراية ضبطها وعلمها ، وللرواية نقلها وتعلّمها ، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم." التحديد ص67.
أقول : وهذا يدلّ على أفضلية علم الدراية وهو العلم بنصوص أهل الأداء على علم الرواية وهو المشافهة من المشايخ وذلك عند قولهم رحمهم الله " فنقل القرءان فطنةً ودراية أحسن منه سماعاً ورواية ".

قال المرعشي رحمه الله تعالى "....لكن لما طالت سلسلة الأداء تخلل أشياء من التحريفات في أداء أكثر شيوخ الأداء ، والشيخ الماهرالجامع بين الرواية والدراية المتفطن لدقائق الخلل في المخارج والصفات أعزّ من الكبريت الأحمر ، فوجب علينا أن لا نعتمد على أداء شيوخنا كلّ الاعتماد ، بل نتأمّل فيما أودعه العلماء في كتبهم من بيان مسائل هذا الفنّ ، ونفيس ما سمعناه من الشيوخ على ما أودع في الكتب ، فما وافق فهو الحقّ ، وما خالفه فالحقّ ما في الكتب " انظر بيان جهد المقلّ.
أقول : لا أعني مما سبق من البيان أنّ المشافهة لا منزلة لها حاش لله بل تبقى هي الأصل إلاّ أنها معرّضة للنقص بالإهمال والغفلة كما ذكر القدامى بخلاف النصّ فإنّه لا يتغيّر مهما طال الأمد. فالمشافهة لا بدّ أن تكون موافقة للنصّ لأنّ النصّ يعوّض ما قد يعتري التلقي من النقص مع طول سلسلة أهل الأداء.
وسأقصّ حادثة وقعت لي مع أحد مشايخي في دمشق ، فقد ألفت رسالة سميتها مذكرة فيما خالف فيه شعبة حفصاً من طريق الحرز وذكرت في تلك الرسالة أنّه لم يرد لشعبة قصر المنفصل مطلقاً بخلاف حفص فقد ورد عنه من الطيّبة ، فأخبرني الشيخ أنّه قرأ بقصر المنفصل لشعبة من طريق الطيّبة وأخذ أوراقه التي نقل فيها أوجه الطيّبة فرأيت وجه القصر لشعبة فتعجّبت وسألت الشيخ هل ورد هذا الوجه في النشر والطيّبة فأجاب ب"لا" فقلت له ولِمَ تقرءون بذلك فأجاب حفظه الله تعالى هكذا تلقيته عن شيخي. وقد بحثت في كتب التحريرات فلم أجد هذا الوجه مذكور لا من قريب ولا من بعيد وقد سألت كبار المشايخ في المدينة النبوية عن هذا الوجه فأنكروه.
وقد أخبرني الشيخ أبو الحسن الكردي حفظه الله تعالى أنّه تلقّى القرءان برواية حفص عن عاصم بقصر المنفصل من طريق الشاطبية مع أنّه لا يختلف اثنان على عدم ثبوته لحفص من الشاطبية. والأمثلة في هذا كثيرة ، فأقول هل يجوز اليوم أن نقرأ بقصر المنفصل لشعبة من الطيبة أو لحفص من الشاطبية اعتماداً على المشافهة ؟ وأنبّه على أنّ أسانيد الشيخين المذكورين يُعتبران من الأسانيد العالية المعروفة. الجواب : لا يجوز أن نقرأ بالوجهين المذكورين لعدم ورودهما نصاً. فانظر يا أخي العزيز كيف أنّ المشافهة لوحدها لا تكفي لإثبات صحة الوجه وهذا يقال في جميع مسائل الأدائية المختلف فيها لأنّ المشافهة قد يعتريها شيء من التغير مع مرّ الزمان بخلاف النصّ فإنّه لا يتغيّر والواقع يثبت ذلك وما سبب الخلاف الذي نعاني منه اليوم إلاّ بسبب تغيّر المشافهة.

فالحاصل مما سبق من البيان أنّ المشافهة لا تكفي في إثبات صحة الوجه بل لا بدّ أن تكون موافقةً لنصوص الأئمّة الذين نقلوا لنا القرءان لأنّ النصّ هو المعبّر عن الكيفية الصحيحة التي تلقاها هؤلاء الأعلام بخلاف المشافهة فإنّها لا تعبّر عن تلك الكيفية الصحيحة على سبيل القطع بل يصير ذلك القطع ظنياً لاحتمال تغيّر المشافهة مع مرّ الزمان كما أخبر بذلك العلماء وكما يُثبته الواقع اليوم.

هذا ما أردتّ قوله في هذه المسألة وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
السلام عليكم

المثال الذي ذكره الأخ محمد لشيوخ الشام فيه تفصيل :

هناك فرق بين الأداء الصوتي مثل كيفية نطق الغنن والروم والإشمام .......ألخ

وبين المشافهة في جواز القصر أو التوسط لقارئ أو هل هنا غنة للقارئ أم لا ؟؟ وهذا الأخير الذي بني عليه المحررون تحريراتهم ، وهو عزو الوجه لقارئه .

أما طرق الأداء الصوتي فالخلاف قديم في تقدير المدود وكيفية أداء الغنة وهذه مرجعها للمشافهة.كل بحسب ما هو متداول في بلده . والأمر فيه سعة ـ إن شاء الله ـ

والسلام عليكم
 
االحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

المشافهة لا بدّ أن توافق النصّ في جميع الحالات فإن كان الوجه المختلف فيه لا يصادم نصاً ولا يخالفه فيمكن أن يقال في هذه الحالة أنّ الأمر فيه سعة وهذا النوع يحتاج إلى إحصاء وضبط ولكن إذا كان الوجه مخالفاً للنصوص المعتبرة فهو مردود للعلّة الذي ذكرناها آنفاً ولأنّ القدامى دوّنوا في كيفية أداء جميع الأحكام من أصول وفرش وهيئة ، فلا يجوز أن نخرج عن دائرة المنصوص ما دام المنصوص نفسه موجود ومدوّن. فإن جاز الخلاف في مراتب المدود والغنّة في اللام والراء والترقيق والتفخيم وما كان على سبيل الهيئة فلا شكّ أنّ هذا النوع من ضمن المنصوص والخلاف فيه مذكور في الكتب فهو داخل في دائرة المنصوص وبالتالي فلا يجوز مخالفتة ، فيبقى الخلاف دائماً في دائرة المنصوص لا يتعدّاه.

وأمّا مسألة قصر المنفصل لشعبة ولحفص من الشاطبية فلا علاقة لها بالتحريرات لأنّ التحريرات عبارة عن مقارنة ظاهر النشر أو الشاطبية أو الدرة بالأصول أي أصول النشر ، وقصر المنفصل لشعبة و لحفص من طريق الشاطبية لم يرد لا في المصادر ولا في الأصول فهو خارج عن مجال التحريرات.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري
 
أولاً :أرحب بأخي الشيخ المحقق -مع اختلافي معه -محمد يحي شريف وعودته للملتقى من جديد 0
ثانياً :أعتذر من الأخوة المشاركين في هذا البحث لتأخر دخولي معهم في النقاش من بدايته ،حتى إذا جئت الآن شعرت وكأنني أما م بحر من المعلومات والمداخلات لا أستطيع إيفاءها حقها في مداخلة واحدة مما يجعلني أستأذنكم بالتعليق جزئية جزئية 0
المداخلة الأولى :
أطلب من الشيخ محمد يحي شريف - تكرماً وفضلاً منه حفظه الله - التوضيح أكثر لعبارته :

"ومن اعتقد أنها هذه المصادر والطرق تفيد الظنّ فهو تشكيك في القرءان الذي نقرؤه "
فحقيقة لم أستوعبها 0
ولكم كامل التحية 0
 
صديقي العزيز الشيخ محمد يحي شريف السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: وبعد:
قرأت مداخلاتك في موضوع ( طريقة التلقي أو المشافهة المعمول بها عند القراء قديما وحديثا، وما لاحظتَه من مسائل تحتاج إلى إعادة دراسة وبحث من المتخصصين)
أحسب ياشيخ محمد يحي أنك مقرئ وتطلب مقرئين على درجة عالية من الدراية والرواية، بدليل حديثك عن مجالسك الطويلة مع المقرئين ، وأن الحال على غير ماتود وترغب والله المستعان،وأنك كذلك كنت تود أن تعرف الإجابة المتخصصة في (قضايا كثيرة كررت بعضا منها مع أدلته كبيان معنى المشافهة ....بيان منزلة النص... بيان معنى القياس..... بيان كيفية التعامل مع المصادر.....)، وقد طالبت المختصين بمنهجية معتمدة في ذلك كله، وبإيجاد أصول ينبغي الرجوع إليها، النص أولها،ثم ذكرت مفارقات ومغالطات وقعت معك خلال بعض لقاءتك العلمية، أرجعت سببها إلى النقل غير المستوثق من بعض المقرئين، ...الخ كلامك.
لاأريد ياصديقي أن استرسل في حصر ماأتيت به - فهو بين يدي القارئ –
إنما أريد منك ياصديقي العزيز أن تتكرم: بتقسيم هذه القضايا إلى مسائل ثم تعرض لكل مسألة تحت (عنوان مستقل خاص بالمقرئين) تطلب من خلاله مرئياتهم العلمية الموثقة ، وتبرز فيه كذلك رؤيتك وأدلتك ونتائج جلساتك العلمية باختصار،فإن تم الوفاق على تلك المسألة انتقلت إلى غيرها،
ياصديقي العزيز اريدك أن تستبين من إخوانك في الملتقى دون هذه الإجابات المسبقة فهي تستغرق وقتا لقراءتها(والوقت كما تعلم مفقود في ظل كثرة الأعمال ) وأن تكون في حدود فهم المختصين ،ودون استقصاء في التوجيه فاللبيب بالإشارة يفهم،وقبل هذا وهذا، كان رأيي هو أن تعرض هذه المسألة وغيرها على متخصصين قبل طرحها للنقاش في الملتقى،ثم تعرضها حفظك الله ومعها ماتوصلت إليه دون أن تكون هناك ضرورة لأحكام ثابتة.
ياصديقي العزيز: لوتأملنا في علم القراءات لوجدناه يستغرق وقتا طويلا في إسناد القراءات وهذا يدل على قرب موارده من مصطلح الحديث وهي فيه أكثر من بقية العلوم الأخرى كالتفسير والفقه.. وهو كذلك يستغرق وقتا طويلا في مباحث اللغة والتجويد وكل هذا فيه دلائل يمكن أن يرجع إليها حين التوثيق لبعضهامن العلوم الإسلامية الأخرى .
ياصديقي العزيز :لازلت أكرر بأن هناك قدرا مشتركا متفقا عليه وهناك مسائل خلافية الواجب اولا أن تذكر بأدلتها، علما بأنه لاسبيل إلى الاجتهاد في هذه القراءات وعلومها ، وإنما الاجتهاد قد يكون بالشرح لتلك المسائل وتقريبها وتبسيطها...
ياصديقي العزيز:حال المقرئين اليوم طيبة لاباس بها وهي مبنية على أسس ثابتة وقد سمعت شيخي المقرئ العلامة محمد الأمين الأيدة الشنقيطي يردد هذا البيت في مسألة المشافهة ،يقول رحمه الله:
ولا يجوز أخذها من الكتب كما به قد صرحوا بل قديجب عليك أن تعرفها ممن يريك كيفية النطق بها فاه لفيك.
أرجوا أن تكون مداخلتي واضحة في مشاركتك، وفي انتظار تقسيمك لهذه البحوث القيمة ياصديقي العزيز.وفق الله الجميع.
 
السلام عليكم
الشيخ / محمد

لا أريد الخروج عن موضوع البحث في قضية التوثيق ، ولكني سأشير إليك ببعض النقاط :
1.تفخيم الغنة مع حروف التفخيم غير موثقة في كتب القدامي ، والمقروء اليوم تفخيم الغنة عند قراء الشام ومصر والمغاربة وغيرهم إلا القلة من القراء وهم لا يقارب عددهم اصبع اليد الواحدة . حتي فضيلتكم في مناقشة سابقة فرقتم بين غنة ( من كان ـ ومن قبل ) . فلماذا تفرق بين الغنتين وهي ليست موثقة في كتب القدامي ؟؟؟ وهذه كافية في هذه المرة لبطلان القول بأن المشافهة توافق المنصوص أو الموثق في الكتب .

2. صوت الضاد الموثق في الكتب يخالف ما عليه أكثر القراء اليوم ـ علي حد قولكم ـ هل جميع القراء الذين يقولون بالضاد الشديدة جانبهم الصواب في التلقي ؟؟ لست بصدد النقاش لا في الضاد ولا في الغنة المفخمة

أما التحريرات ، فقد أجبت دون أن تدري لأن ثبوت القصر لشعبة غير ثابت أصلا ..وكيف عرفنا ذلك ؟ بالرجوع إلي أصول النشر والشاطبية وليس إلي الاستحسان أو التخمين فقد حرروا الوجه بناء علي الأصول . ولعل مرادي ظهر
والسلام عليكم
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

أشكر فضيلة الشيخ أمين على تدخله المبارك فقد كان تدخلاً في محلّه ، وليس هدفي فيما ذكرت التشويش على الآخرين.
، والذي حملني إن أخوض في هذه الأمور :

أوّلاً : لم أجد من المشايخ من أجاب على هذه الأمور أجابة علمية تشفي العليل وتروي الغليل وهذا لا يعني عدم وجودهم.

ثانياً : لا يتيسر لي السفر عدة مرّات إلى المشايخ لأجد ظآلّتي فيما أريد

ثالثاُ : لم يبق لي إلا المنتديات لأعرض هذه المسائل فيها على العلماء. وما وجدتّ إلاّ هذا المنتدى الطيّب الذي قد أجد فيه ما أبغي لكفاءة المشايخ الذين ينتمون إليه.

واعلم شيخي العزيز أنّي لم أنف وجود العلماء الربانيين في هذا العلم المبارك الذين لهم القدرة على التوجيه والتحقيق في هذه المسائل حيث لا يخلو زمان منهم لقوله عليه الصلاة والسلام " لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرهم من خذلهم " وهذا الحديث عام لجميع العلوم الشرعية .
زيادة على ذلك أنّ المنهجية التي اقترحتها لا تمسّ جميع المسائل بل هي نتحصر في المسائل المختلف فيها وهذه المسائل تعدّ على الأصابع ويُخشي في المستقبل أن تكثر هذه المسائل إذ الوقاية خير من العلاج. ونحمد الله تعالى أنّ المسائل المتفق عليها بين المشايخ كثيرة وكثيرة بخلاف المختلف فيه فإنّه يُعدّ على الأصابع كما ذكرت.

وسأحاول في المستقبل أن أطرح على المشايخ هذه المسائل عن طريق الرسائل الخاصة وما هدفي إلاّ الاستفادة. وقبل ذلك أريد أن أجيب على شيخي الجكني فيما يريد استفساره فأقول وبالله التوفيق :

شيخنا العزيز نتشرّف برجوعكم إلى هذا المنتدى المبارك أسأل الله تعالى أن يجعل في ذلك النفع للجميع.


قال ابن الجزري في منجد المقرئين ص86 " قلت : الكتب المؤلّفة في هذا الفنّ في العشر والثمان وغير ذلك مؤلّفوها على قسمين :
منهم من اشترط الأشهر واختار ما قطع به عنده ، فتلقّى الناس كتابه بالقبول ، وأجمعوا عليه من غير معارض كغايتي ابن مهران وأبي العلاء الهمذاني وسبعة ابن مجاهد وإرشادي أبي العز القلانسي ، وتيسير أبي عمرو الداني وموجز أبي علي الأهوازي وتبصرة ابن أبي طالب ، وكافي ابن شريح ، وتلخيص أبي مشعر الطبري ، وإعلان الصفراوي وتجريد ابن الفحّام ، وحرز أبي القاسم الشاطبي. فلا إشكال في أنّ ما تضمنته من القراءات مقطوع به ، إلاّ أحرفاً يسيرة يعرفها الحفّاظ الثقات ، والأئمّة النقّاد......." انتهى كلامه رحمه الله.

ثمّ قال رحمه الله " فإن قلت : قد وجدنا في الكتب المشهورة المتلقّاة بالقبول تبايناً في بعض الأصول والفرش ، كما في الشاطبية نحو قراءة ابن ذكوان } تتبعانّ } بتخفيف النون وقراءة هشام { أفئدة } بياء بعد الهمزة ، وكقراءة قنبل على سوقه } بواوٍ بعد الهمزة ، وغير ذلك من التسهيلات والإمالات التي لا توجد في غيرها في الكتب إلاّ في كتابٍ أو اثنين وهذا لا يثبت به التواتر. قلت : هذا وشِبهه وإن وإن لم يبلغ مبلغ التواتر صحيح مقطوع به ، نعتقد أنّه من القرءان ، وأنّه من الأحرف السبعة التي نزل بها." نفس المصدر ص90.
وقال رحمة الله عليه " ونحن ما ندّعي التواتر في كلّ فردٍ فردٍ مما انفرد به بعض الرواة ، أو اختصّ ببعض الطرق ، لا يدّعي ذلك إلاّ جاهل لا يعرف ما التواتر ، وإنّما المقروء به عن القراء العشرة على قسمين :
1- متواترٌ.
2- وصحيح مستفاض ، متلقّى بالقبول ، والقطع حاصلٌ بهما ." نفس المصدر ص91.

أقول : على ما تقدّم من كلام ابن الجزري رحمه الله يتبيّن أنّ نصوص الأئمّة المتضمنة لما تلقوه بالقبول تفيد القطع واليقين.
فالقرءان الكريم قد ثبت بالتواتر الذي يفيد القطع وهذا يستلزم ضرورة قطعية مصادره وهو المشافهة الموافقة للنص المعتبر لأنّ النصوص المعتبرة هي التي مضمونها متواترٌ متلقىً بالقبول ، ومن أعتبر أنّ هذه النصوص لا تفيد القطع في بيان الكيفية الصحيحة للنطق بحروف القرءان وكلماته وقراءاته فهو تشكيك في القرءان نفسه معاذ الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أظنّ أني قد أجبت على السؤال ولا أدعّي الكمال فيما أقول وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري
 
أسئلة تواصلية في التوثيق المستقبلي للقراءات

أسئلة تواصلية في التوثيق المستقبلي للقراءات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
عودة إلى موضوع هذه المشاركة وصاحبها الدكتور أحمد الضاوي حفظه الله،ياصديقي العزيز إن قضية التوثيق للقراءات عند المحدثين تشوبها بعض الاختلافات في وجهات النظر،لانعدام البحث فيها بسبب توقف قرائنا اليوم عند أربعة كتب معتمدة،
على هذا إذا قلنا:
بعدم وجود هذه العلاقة فمن يضمن للقراء منهجا خاصا لقراءة النص في كتب القراءات ، أي بما أنها في حكم المفروغ من الحكم عليها سلفا وبطريقة خاصة (أي عند ابن الجزري ولاسبيل لمعرفتها كمصطلح خاص بل يجب القول فقط بأن هذا الذي كان عند القراء)؟
وإذا قلنا بوجودها فأين أمثلة هذا التوثيق؟ كيف يمكن تطبيقها؟
أخيراً: جزاك الله خيرا ياصديقي محمد يحي شريف على مدارستك وعودتك لتجميع مسائلك وفي انتظارك، وأقول لعزيزنا الدكتور السالم الجكني: من وثق ابن الجزري لابد أنه نصب شباك البحث في هذه المسألة فهل وجدتم حفظكم الله علاقات بين العلمين من وجه ما؟ ثمّ أخير تحياتي لضيفنا الجديد المقرئ صاحب مشاركة التواتر بين القراء والمحدثين واقول له:
بين القراء والمحدثين فرق في الاسم؟ أو هو المنهج بكامله من الألف إلى الياء وفي انتظار ردك ياضيفنا العزيز.والله الموفق.
 
السلام عليكم
فضيلة د/ أمين : قولكم :" وإذا قلنا بوجودها فأين أمثلة هذا التوثيق؟ كيف يمكن تطبيقها؟ "

هذا الكلام هو عين المقصود ، وهذا ما قلتُه في أول المداخلة ، أين الأمثلة ؟؟
وإلا ستصبح المسألة نظرية فقط ، دون أن تحل قضية من القضايا ، لأن المسألة عند القراء أصبحت مقطوعة ، ولا يخرق هذا إلا بمثال ، وفي حدود بحثي لم أجد ، ولعل أحد الإخوة يجد نصا
والسلام عليكم
 
السلام عليكم
سيدي الفاضل : كما قلت من قبل أن قضية السند وغيره كل ذلك من الكماليات تأثرا بأهل الحديث ولأن القرآن أحق بهذا ، ولكن في الحقيقة لا يشترطون في الإقراء هل القارئ صاحب دين أم لا ؟ وللأسف غالب المقرئين البارعين أصحاب طرق صوفية وأصحاب بدع ، ولو قلت لكم : إن بعضهم كانوا يتعاطون المحرمات ، ولقد رأيت بعضهم من مشاهير القراء ، ورغم ذلك كانوا من البراعة ـ في قراءة القرآن ـ بمكان ، وأصحاب في فضل في انتشار القرآن ـ نسأل الله أن يعفو عنا وعنهم ـ

فالشروط التي نقلها الدكتور الضاوي عن أحد شيوخ المغرب من اشتراط العدالة وغيرها الواقع يقول بخلافه.

وقد أورد الإمام السيوطي هذه الفتوي في كتابه " الإتقان في علوم القرآن " : فائدة ثالثة ما اعتاده كثير من مشايخ القراء من امتناعهم من الإجازة إلا بأخذ مال في مقابلها لا يجوز إجماعاً، بل إن علم أهلينه وجب عليه الإجازة أوعدمها حرم عليه، وليست الإجازة مما يقابل بالمال فلا يجوز أخذه عنها ولا الأجرة عليها. وفي فتاوى الصدر موهوب الجزري من أصحابنا أنه سئل عن شيخ طلب من الطالب شيئاً على إجازته فهل للطالب رفعه إلى الحاكم وإجباره على الإجازة. فأجاب: لا تجب الإجازة إلى الشيخ، ولا يجوز أخذ الأجرة عليها. وسئل أيضاً عن رجل أجازه الشيخ بالإقراء ثم بان أنه لا دين له وخاف الشيخ ممن تفريطه، فهل له النزول عن الإجازة، فأجاب: لا تبطل الإجازة بكونه غير دين. وأما أخذ الأجرة على التعليم فجائز، ففي البخاري إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله وقيل إن تعين عليه لم يجز، واختاره الحليمي.

وقيل لا يجوز مطلقاً، وعليه أبوحنيفة لحديث أبي داود عن عبادة بن الصامت أنه علم رجلاً من هل الصفة القرآن، فأهدى له قوساً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن سرك أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها. وأجاب من جوزه بأن في إسناده مقالاً، وأنه تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئاً، ثم أهدى إليه على سبيل العوض فلم يجز له الأخذ بخلاف من يعقد معه إجازة قبل التعليم. وفي البستان لأبي الليث: التعليم على ثلاثة أوجه. أحدها للحسبة، ولا يأخذ به عوضاً. والثاني: أن يعلم بالأجرة. والثالث: أن يعلم بغير شرط، فإذا أهدى إليه قبل، فالأول مأجور وعليه عمل الأنبياء، والثاني مختلف فيه، والأرجح الجواز، والثالث يجوز إجماعاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان معلماً للخلق وكان يقبل الهدية.

فائدة رابعة كان ابن بطحان إذا ردّ على القارئ شيئاً فاته فلم يعرفه كتبه عليه عنده، فإذا أكمل الحتمة وطلب الإجازة سأله عن تلك المواضع، فإن عرفها أجازه وإلا تركه يجمع ختمة أخرى." 1/ 123
وهذا بالنسبة لقضية العدالة وغيرها مما خالف فيه القراء المحدثين .
والسلام عليكم
 
دعوة إلى التأمل وعدم القياس

دعوة إلى التأمل وعدم القياس

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
شيخنا الفاضل: طرحت رأيك في الموضوع بناء على أدلة،
لكن لماذا التفريق بقياس المسألة على الواقع اليوم بذكر مسألة أومسألتين.
في رأي ياشيخي الكريم:
أن القراء هم في الزمن الأول والمحدثين كانوا جميعا على أصول واحدة في كثير من الأحيان،
وأما قراؤنا اليوم فهم في حاجة إلى العودة إلى قراءة أصول أولئك السلف سواء كانوا محدثين أم قراءً،دون العمل على الاجتهاد وإلقاء التبعة على السابقين بعدم تبيينهم.
أنا معك ياشيخي الكريم:
هناك مسائل في التوثيق تفرد بها القراء كالرسم والعربية،لكن هناك مسائل كالبسملة مثلا هي من القدر المشترك في التوثيق بين العلمين،هناك التكبير هو أيضا من القدر المشترك في التوثيق،
هناك جرح بعض الرواة كحفص مثلا هوايضا من القدر المشترك، لكن الدراسة والحكم في ذلك كله تناط قديما وحديثا بمتخصصي ذلك العلم،فلو جرّح المحدثون حفصا وهو لم يرو حديثا،فليس لذلك في ظني فائدة،ولما جرحوه وهو يروي قراءة أنيط ذلك الجرح بالمتخصصين في القراءة، فكان لهم دراسته على أساس معرفة ما جُرِح به حفص،
ولم يتركوا مع ذلك قراءته لعلمهم بتواترها.
أرجوا أن تكون المسألة واضحة،وأرجوا ياشيخي الكريم أن نعلم جميعا أن دراسة العلم تحتاج أن تبنى على أسس واضحة،وإذا بحثنا يوما ماعن التعليل لهذه الأسس وجدناه حال طلبه من مظانه أو من اي علم كان،فالحكمة ضالة المؤمن.والله أعلم.
 
الشخ الكريم الدكتور / أمين الشنقيطي – حفظه الله تعالى –
كان مما قلتم حفظكم الله في تعقيباتكم الكريمة : " ثمّ أخير تحياتي لضيفنا الجديد المقرئ صاحب مشاركة التواتر بين القراء والمحدثين واقول له: بين القراء والمحدثين فرق في الاسم؟ أو هو المنهج بكامله من الألف إلى الياء وفي انتظار ردك ياضيفنا العزيز "
أحببتُ أن أنبهكم والإخوة القراء إلى أنّ صاحب موضوع " التواتر بين القراء المحدّثين " ليس الأخ الكريم sherif_sam
بل هو الشيخ المقرئ أبو عمر عبد الحكيم...ولذا فقد صرح الأخ الكريم شريف في موضوع " التواتر بين القراء والمحدّثين " بأنه ناقلٌ فحسب.
قلتُ ما قلتُ حتى لا يحصل اللبس لدى القارئ والمتابع العزيز.
وشكرا ،،،
 
السلام عليكم

سيدي الفاضل : د/ أمين
معذرة علي التأخير

يبدوا أن فضيلتكم وافقتم علي السند وأنه ليس له وجود في إثبات القراءة ، بل وما نقلتموه عن تجريح حفص وعدم قبول هؤلاء القراء لجرح المحدثين لأكبر دليل علي عدم التفاتهم لهذا الأمر ، ومع ما ذكرتُه للسيوطي . (( بل وانتشار قراءة حفص في الآفاق ـ وهو ضعيف عند المحدثين ـ لأبلغ رد علي المحدثين بأن أصولكم لا تسير علينا معشر القراء ـ ابتسامة ـ ))

وأما ما ذكرتموه من قضية الاشتراك بين القراء والمحدثين في قضيتي " البسملة والتكبير "

فالأمر أن المحدثين تناولوا القضية من الجهة الحديثية حيث اعتمدوا علي تتبع الأحاديث الخاصة بالمسألتين .
والتكبير ليس من القرآن باتفاق ، والبسملة علي الراجح عند القراء فكلٌ أخذ المسألة من جانبه . ولو وردت من جهة القراءة فقط ما تدخل المحدثون .

فوضع أسس في القراءة شئ يكاد يكون مستحيلا إلا أن يكون كليات ، وانظر إلي الإمام نافع فقد اختار في " يحزن " ضم الياء وكسر الزاي في جميع القرآن ما عدا موضع الأنبياء ، وعكس ذلك أبو جعفر ، فقرأ في " يحزن " ضم الياء وكسر الزاي في الأنبياء ، وبالفتح والضم في بقية القرآن ، فلو قلنا لم فعل ذلك ؟؟ الجواب هكذا قرأ .

بل هو من اختياراته ولكن أسس القراء في الاختيار تختلف من قارئ إلي آخر ، فكل قارئ خالف أصله في موضع مع جواز القراءة في نفس الموضع لقارئ آخر . فكيف يكون وضع الأسس ؟؟ والكل منقول عن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ فإجماع الأمة علي قراءة هؤلاء مع تلقي الناس لها بالقبول كفيلة في هذا الشأن ، ، وأورد لك أمثلة .

1. الإمام الداني قبل قراءة حفص بضم " ضعف " رغم عدم قراءة حفص بالضم علي عاصم . مع تمسكهم بمراعاة قبول طريق القارئ ، لكن الاختيار والقبول .
2. ابن الجزري رفض انفرادات الشطوي عن ابن وردان في الطيبة ، وقبل هذه الانفرادات في الدرة والتحبير . فكيف ذلك ؟
3. د/ الجكني كتب في قضية التحريرات ، فقد أجاب في أحد المنتديات علي سؤال مفاده : هل تقرأ بمطلق الشاطبية ؟؟ فأجاب بكل صراحة : نعم
فقيل له : هل تقرأ بالإدغام لأبي عمرو؟؟ أم للسوسي بخلاف مطلق الشاطبية ؟ هل تقرأ يواري أواري بالإمالة من طريق الشاطبية ؟؟ لو قال نعم ، ما أخذ أحد بقوله لأن المقبول بين القراء بخلاف ذلك .

الشيخ محمد يحيي شريف كتب في بحث عن المنهجية ، ولابد من موافقة النصوص للمقروء وإلا طرح المقروء المخالف للنص ، ثم تناقض وقبل قراءة تفخيم الغنة رغم أن المنصوص بخلاف ذلك . وقبل في إخفاء الميم بدون كز مع عدم وروده عن القدامي .
4. الشيخ أيمن سويد يقول في إخفاء الميم مع الباء إن نصوص الأئمة تقول بالإطباق ـ وتمسك بالنصوص ـ ثم قيل له : إن أطبقنا الشفتين أين الإخفاء ؟؟ وأترك لك جوابه ورد الشيخ المقرئ عليه ومدي التناقض في التأويل : (( وقد علق الشيخ أيمن على هذه المقولة " بأنهما ذهبا لرأى الشيخ عامر بناء على قوة شبهة هذه المسألة ، وهو أن يقال " إذا أطبق الشفتين فأين الإخفاء؟.

ورد الشيخ أيمن على هذه الشبهة فقال "... إن الأصل أن يقرع اللسان كل حرف على حدة فعندما نقول " ترميهم بحجارة " نطبق الشفتين على الميم ونفتحهما على الباء – فهذا العمل يشبه الإدغام – فلذلك هل نقول ذلك إدغام بالطبع لا ، لأن الإدغام يذهب معه الحرف الأول ويكون النطق بباء مشددة ، فلو نطقنا باء مشددة لكان إدغامان ولو قلنا " ترميهم بحجارة " بإظهار الميم – فهذا يسمى إظهارا – فنحن عندما ننطق الإخفاء الشفوي : نطبق الشفتين على ميم ونفتحها على باء فهذا عمل بين الإظهار والإدغام اسمه الإخفاء ، وتعريف الإخفاء منطبق عليه .... " أ.هـ

هذا ما نقل عنه ، ويا ليته أحال المسألة إلى المشافهة لكان أوجه. وما قاله الشيخ في طريقة الإخفاء حيث قال " نطبق الشفتين على ميم ونفتحها على باء " فهذا كلام ينقض أوله آخره وآخره أوله.

كيف يا شيخ تطبق الشفتين على الميم وتفتحها على باء ؟ ! ، فإنك إن فتحت على باء فقد انتهت غنة الميم وذهبت إلى الحرف الذي بعده أى – الباء – فقد ذهب محل النزاع لأن محل النزاع إنما هو على غنة الميم وإن فتحت الشفتين على باء فإن الباء لا تنطق بفتح الشفتين بل بإطباقهما والفتحة – أي فتح الشفتين – التى تعقب الباء إنما هى حركة الباء – فتحة– فعند قولنا (ب) نجد أن الصوت اعتمد على مخرج الباء وهو مخرج محقق حيث التقى طرفي المخرج – باطن الشفة العليا بباطن الشفة السفلي – ثم تباعد الطرفان لأجل الحركة التى تكون على الباء – فكيف لك النطق بميم أو باء ساكنتين مع فتح الشفتين ؟! ثم تقول إن هذا عمل بين الإظهار والإدغام اسمه الإخفاء !!! فالشيخ حفظه الله أراد أن يأتي بمعنى الإخفاء فقال كلاما عجيبا !!

إن هذا ليس إخفاء ، إنما هي ميم مظهرة مصاحبة للغنة ثم انتقلت إلى مخرج الباء بانطباق الشفتين ثم فتحها لأجل حركة الباء ، لأن الحركات جزء من حروف المد ، فقولك انطباق الشفتين في الميم ثم فتحها على باء كلام لا يستقيم ، نحن لا نقول بزوال الميم ولكن بتبعيض مخرجها وما أقوله لك ليس من تلقاء نفسى , لقد فسر المرعشى هذا النص فقال " والظاهر أن معنى إخفاء الميم ليس إعدام ذاتها بالكلية بل إضعافها وستر ذاتها فى الجملة بتقليل الاعتماد على مخرجها وهذا كإخفاء الحركة فى قوله "لا تأمنا" إذ ذلك ليس بإعدام الحركة بالكلية بل تبعيضها." أ.هـ.

ا.د / غانم قدوري أجاب بأن نصوص القدامي تقول : بالإطباق ، ثم جاء عند قول المرعشي وعلق عليه قائلا : السابق :" ولا يبدوا الفرق جليا بين إخفاء الميم وإظهارها في كلام المرعشي السابق ، مع تقديرنا لدقة تحليله ولا نكاد نجد تفسيرا لقوله في أول كلامه : إن إخفاء الميم هو إضعافها بتقليل الاعتماد علي مخرجها ، فالناطق لا يحتاج إلي تكلف هذا النوع من الإخفاء حين ينطق الميم ساكنة قبل الباء ، ويكفيه أن يضم شفتيه ويجري النفس من الخيشوم ....." الدراسات الصوتية عند علماء التجويد صـ393
فلماذا ترك نص المرعشي وهو مفسر لنصوص القدامي ؟

ولست بصدد مناقشة هذه المواضيع المطروحة إنما ذلك للتمثيل وفقط
سيدي الفاضل : لاتكاد أحدا منضبطا في وضع قواعد يسير عليها ولا يناقضها طول الطريق . يصعب أن تجد هذا ، وهو من إعجاز القرآن . لأن القرآن مهما بحث فيه يأتي يوم القيامة بكرا ولا تنقضي عجائبه .

فلربما يكون هذا الأمر غريبا أو حتي بعيدا عن منهج العلم لكن بما تسمي هذا التناقض ؟

أري ـ والله أعلم ـ أن الأسلم أن نأخذ بما هو مقروء اليوم واشتهر بين القراء سواء كانت موافقة للنصوص أم لا ، ولا نخلط بين علم القرآن والقراءات وبين المحدثين أو النحاة أو غيرهم .
والخلاصة :أن القراء والمحدثين يكادون يشتركون فقط في أسماء المصطلحات ، ويختلفون في طريقة تطبيقها عمليا . والله أعلم

والسلام عليكم
http://www.alquraat.201mb.com/vb/index.php
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم

قولكم " أري ـ والله أعلم ـ أن الأسلم أن نأخذ بما هو مقروء اليوم واشتهر بين القراء سواء كانت موافقة للنصوص أم لا ، ولا نخلط بين علم القرآن والقراءات وبين المحدثين أو النحاة أو غيرهم . "

أقول : " هذا كلام خطير جداً ولم يقل به أحد من أهل الأداء قديماً وحديثاً وهو مخالف لمناهج المحققين وأوّلهم الحافظ ابن الجزري الذي ألّف كتابه النشر واعتمد على الكتب التي روى منها القراءات وذكر أسانيده إلى أصحاب تلك المصادر وما ذكر وجهاً من الأوجه إلاّ ونسبه إلى من سبقه من أهل الأداء. فذكره للمصادر ولأقوال من سبقه من أهل العلم في كلّ جزئية كأنّه يريد أن يوثّق ما تلقاه عن مشايخه بتلك النصوص وكان باستطاعته أن يذكر السند دون ذكلر المصادر كما كان يفعل القدامى. وما فعله المحررون والمحققون من بعده في التحقيق وتحرير أوجه القراءات باعتمادهم على النشر ومصادره وهو منهج يوسف أفندي زاده والأزميري والمتولي والضباع وغيرهم أكبر دليل على ذلك لأنّ المشافهة قد يعتريها شيء من النقص كما ذكر الداني وابن الجزري في النشر والقرطبي في الموضح والمرعشي بخلاف النصوص فإنّها لا تتغيّر مهما طال الزمن. أكرّر أنّ هذا الكلام خطير لأننا لو سلكنا هذا المسلك الخطير سنبتعد عن النطق الصحيح الذي قرأ به أسلافنا والذي دوّنوه في كتبهم.



قولكم . "الخلاصة :أن القراء والمحدثين يكادون يشتركون فقط في أسماء المصطلحات ، ويختلفون في طريقة تطبيقها عمليا . والله أعلم "

أقول : هذا كلام صحيح وهو ما أدندن حوله من اختلاف المناهج فلذلك أدعوا المشايخ المتخصصين في هذا الفنّ على الاجتماع في وضع منهجية علمية في التعامل مع مصادر علم التجويد والقراءات وحصر المسائل المختلف فيها ودراستها دراسة علمية بعيدة عن العصبية والتقليد ، هذا أفضل من الخوض في بعض المسائل النظرية التي لا تحلّ أيّ مشكلة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم


قولكم (( أقول : " هذا كلام خطير جداً ولم يقل به أحد من أهل الأداء قديماً وحديثاً وهو مخالف لمناهج المحققين .......))

سيدي الفاضل الشيخ / محمد يحيى شريف الجزائري

لست أدري إلي الآن ما الخطير في ذلك الأمر ؟؟
وكلامك يشعر بأن المقروء اليوم يخالف ما عليه القدامي ، والأمر ليس صحيحا بالطبع ، ولو فرقت يا سيدي بين النصوص القرآنية ـ أي من جهة الطرق ونسبة كل وجه لقائله ـ
وبين النصوص الأدائية من الجهة الصوتية . وأظنك تقصد ذلك . لاستطعت أن تصل لشئ واضح .
فلو سألت فضيلتكم : هل نقل ابن الجزري كل ما قرأ به ؟؟ وبمعني آخر : هل نقل ابن الجزري كل ما صح عنده من الأوجه ؟؟ أم أخذ بما اشتهر في عصره ؟؟

قولكم : ((. أكرّر أنّ هذا الكلام خطير لأننا لو سلكنا هذا المسلك الخطير سنبتعد عن النطق الصحيح الذي قرأ به أسلافنا والذي دوّنوه في كتبهم.))


وأكرر لك كلامي وأقول : هل المقروء به اليوم مما أخذ عن القدامي أم هو اجتهاد ؟؟




قولكم . "الخلاصة :أن القراء والمحدثين يكادون يشتركون فقط في أسماء المصطلحات ، ويختلفون في طريقة تطبيقها عمليا . والله أعلم "

أقول : هذا كلام صحيح وهو ما أدندن حوله من اختلاف المناهج فلذلك أدعوا المشايخ المتخصصين في هذا الفنّ على الاجتماع في وضع منهجية علمية في التعامل مع مصادر علم التجويد والقراءات وحصر المسائل المختلف فيها ودراستها دراسة علمية بعيدة عن العصبية والتقليد ، هذا أفضل من الخوض في بعض المسائل النظرية التي لا تحلّ أيّ مشكلة. ((
قولك صحيح يا شيخ محمد ونحن في انتظار هذه المنهجية رغم أني متأكد من أن فضيلتكم لن تأخذوا بهذه المنهجية إن قالوا : ببطلان الضاد الظائية .
كما أننا لن نأخذ بهذه المنهجية إن قالوا : ببطلان الضاد الحالية .
وهذه مسألة واحدة من عشرات المسائل الذي يختلفون فيها ، فعلي مذهب من تكون المنهجية ؟؟ وهذا سؤال مهم .
بل هناك بعض المسائل تكاد تساوي الخلاف بين السنة والشيعة ، مثل : الفرجة ، والتحريرات وغيرهما ولا أظن فيها بتا .
وليست في ذلك نظرة شؤم ، بل نظرة واقعية لما عليه أهل الإقراء
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

والسلام عليكم
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

أخي الشيخ المقرئ السلام عليكم ورحمة الله تعالى كان الأفضل لك أن تكتب اسمك تحت هذا الردّ لأنّي أعلم أنّ الأخ شريف سام هو ناقل فقط منذ البداية

أقول :
قد روى ابن الجزري ما تلقاه عن مشايخه على ما يوافق المصادر التي روى منها القراءات ، فإن كان ابن الجزري قد اعتمد اعتماداً كبيراً إن لم أقل كليّاً على المصادر التي نقل منها القراءات وأقوال من سبقوه من أهل العلم وهو من هو رحمه الله عليه ، فكيف بمن دونه لا سيما في هذا الوقت و تقول بكلّ بساطة أنّ العبرة بما تلقيناه عن مشايخنا سواء واقفنا النصوص أم لا ؟ أهذا كلام يعقل ؟ أهذه منهجية ؟ لا تريد أن تتعب نفسك فقد أخذت بأسهل الحلول مع كلام ربّ العباد.
أن أخذ ابن الجزري برأيه فهو في القليل القليل فيما يتعلّق بتقديم بعض الأوجه الأدائية وحتّى في القياس فقد اعتمد على من سبقوه في أغلب الحالات ولم يتهساهل في ذلك عليه رحمة الله بخلاف ما نشاهده اليوم.

أمّا بالنسبة للمنهجية فهو مجرّد اقتراح فقط وهذا أفضل عندي من الأخذ بأسهل المسالك ، وأعلم جيّداً أنّ الكثير ما رضوا بهذه المنهجية لأجل مسألة الضاد ولأنّ هذه المنهجية ستجبرهم على أعادة النظر في الكثير من المسائل. إلاّ أنّني أقول أنّ هذه المنهجية لا تكون من محمد يحيى شريف فقط بل يساهم فيها الجميع بأسلوب علميّ بعيد عن العصبية وحتّى إن لم نتفق فإننا سنستفيد ويستفيد باقي الأعضاء والزوار.

وأخر دهوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

وأقوال من سبقوه من أهل العلم وهو من هو رحمه الله عليه ، فكيف بمن دونه لا سيما في هذا الوقت و تقول بكلّ بساطة أنّ العبرة بما تلقيناه عن مشايخنا سواء واقفنا النصوص أم لا ؟ أهذا كلام يعقل ؟ أهذه منهجية ؟ لا تريد أن تتعب نفسك فقد أخذت بأسهل الحلول مع كلام ربّ العباد.

وأخر دهوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري

سيدي الفاضل : لي سؤال علي هذا التعقيب : أولا : إن فعلت ذلك هل أنا أقرأ بوجه ليس من القرآن ؟؟

ثانيا : لم هذا العتاب ؟ بينما فضيلتكم ما زلتم تبحثون عن المنهجية ، أليس من الأولي إيجاد البديل ثم نقض الموجود ؟؟

ثالثا : الجمع الذي سوف يضع المنهجية هل سيأخذ بالمنصوص أم بالمقروء ؟؟ فإن أخذ من المقروء ما يوافق المنصوص فماذا سيفعل في الضاد الظائية ، والفرجة ، والتحريرات . ضع لنا حلولا عملية بعيدا عن التخيل والاقتراح ؟؟

سيدي الفاضل : ستجد في نهاية الأمر ما قلتُه لك لأنه هو الموجود الآن . وتحياتي لفضيلتكم
والسلام عليكم
 
الحمد لله والثلاة والسلام على رسول الله وبعد

أخي لا تذهب يميناً ولا شمالاً لقد ذكرت أنّ العبرة بالمشافهة سواء كانت المشافهة مخالفة للنصوص أم لا ، هذا الذي قلت ، طيّب هل هناك من قال هذا الكلام من أهل العلم ؟ وتعلم جيّداً أنّ ما ذكرت هو مخالف لمنهج جميع المحققين والعلماء بل هو مخالف لما ذكره ابن الجزري والداني والقرطبي والمرعشي وغيرهم فقد نصوا على نقصان مستوى المشافهة فاضطروا إلى التدوين ، والآن تريد أن تنزع الجذور التي كانت سبباً في نقل القرءان و صيانة النطق الصحيح للقرءان ، وتعلم جيّداً أنّ نزع الجذور معناه قطع الشجرة عن أصولها ولله الحمد فقد حفظ الله تعالى كتابه بتلك النصوص. أيمكنك أن تقطع بأنّ ما يُسمع اليوم من التلاوات هي قراءة النبي عليه الصلاة والسلام وخاصّة فيما خالف المنصوص ؟ فإن لم تستطع القطع بذلك فلماذا السند إذن. ؟ آلسند لأجل السند ؟ أم السند دلالة على تطابق الكيفية المتلقاة بالكيفية التي قرأ بها النبيّ عليه الصلاة والسلام. من أعلم الناس بقراءة النبيّ أنحن أم الداني ومكي القيسي وابن مجاهد وابن الجوري ووووووووو.؟ من هم أقرب الناس سنداً إلى النبيّ عليه الصلاة والسلام أنحن أم أولائك ؟

فأرجو أن تجيب على هذه الأسئلة من غير حيدة وأن لا تخرج من الموضوع إن أردتّ مواصلة النقاش.

وخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
عودة
أعلى