القرءان الكريم وليس التناخ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

إنضم
09/04/2011
المشاركات
483
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
5606alsh3er.jpg


5607alsh3er.jpg





القرءان الكريم
وليس التناخ
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ
إعداد المهندس زهدي جمال الدين
 
مقدمة الدراسة




الأسس والمقومات التي يجب أن يرتكز عليها الداعية المسلم
تمهيد

هذه الدراسة التي بين يديك هي حصاد خبرة في مجال الدعوة على مدى أكثر من أربعين عاماً وكأنني مازلت أعيش في فكر الأستاذ سعيد حوى في كتابه (جند الله)..
أو أعيش هموم شيخي وأستاذي الشيخ محمد الغزالي في كتابه (هموم داعية)..أو أعيش التوزان في شخصية المسلم كيف يكون وذلك من خلال
محاضرات أستاذي الدكتور عيسى عبده.. أو الرؤيا المستقبلية للأحداث من خلال فكر الفيلسوف الجزائري مالك بن بني..
أو المناخ النفسي للدكتور منيس عبد النور (رئيس الطائفة الإنجيلية الأسبق) وذلك من خلال نقاشي معه حول كتابه (شبهات وهمية حول الكتاب المقدس)..
والذي لو قدر له الاستمرار لكان للرجل شأناً أخر..أو لعله أصبح بعد أن كان..
ولما كانت الأحداث كثيرة والأفكار متلاحقة وجدت أنه من الأفضل أن اقتصر في دراستي هذه حول الأسس والمقومات
التي يجب
أن يرتكز عليها الداعية المسلم ليس على وجه العموم ولكن على وجه الخصوص أي في مواجهة المعسكر الأخر الغير مسلم..وبالذات المعسكر المسيحي..
وكان الدافع الأساس من وراء تلك الدراسة هو ذلك اللقاء الطيب الذي جمعني مع علماء وأساتذة الفكر بجامعة الأزهر بكلية الدعوة
في أواخر عام 2012م..وشرفت بلقاء سعادة الأستاذ الدكتور عميد الكلية وسعادة الأستاذ الدكتور وكيل الكلية وحضر اللقاء
نخبة من الأساتذة والمعيدين بالكلية..وكنت أنا المحاضر..وجرى بنا الوقت سريعاً فلقد امتد اللقاء من الساعة العاشرة صباحا وحتى الخامسة مساء..
وكان العنوان الذي دار حوله اللقاء هو الأسس والمقومات التي يجب أن يرتكز عليها الداعية المسلم في مواجهة المعسكر الأخر..
وتناولت في ذلك اللقاء موضوعات عده كان من أبرزها جهل الدعاة بأدوات الخصم..بالإضافة إلى وجود الإعلام القوي والذي يروج لأفكارهم..
وعلى الصعيد الأخر لا تجد عندنا الإعلام القوي والذي يقف بقوة في مواجهة الهجمة الشرسة على الإسلام..
فكل من يطلقون على أنفسهم لقب (الدعاة) لا يعرفون عن الإسلام سوى الجلباب واللحية الكثة..والخطب الرنانة والتي يستعرضون فيها
إمكاناتهم اللغوية والتي تأتي في النهاية خالية من أي مضمون..فالداعية الحق لا يطلق على نفسه هذه الصفة أبداً..
· خذ عندك مثلاً
في إحدى القنوات التبشيرية خرج القس (المبجل) على الشاشة ومعه المصحف الشريف طباعة مجمع الملك فهد وفتحه أولاً على الصفحة الأخيرة
وجعل الكاميرا تركز على ما يقول أثناء متابعتة للقراءة..قال:..انظروا إلى الأختام الحقيقية على المصحف حتى لا نتهم التزوير..هناك أختام ثلاثة..
خاتم رصاصي اللون مكتوب عليه 91 وخاتم لونه أخضر مكتوب عليه المراقبة النوعية رقم 139..وخاتم ثالث مكتوب عليه مجمع الملك فهد لطباعة
المصحف الشريف المراقبة النهائية 507..ثم راح يقرأ من الصفحة قبل الفهرست مباشرة..قال: (...وكانت اللجنة برئاسة الشيخ على عبد الله الحذيفي،
وعضوية المشايخ:عبد الرافع بن رضوان على، ومحمود عبد الخالق جادو، وعبد الرزاق على إبراهيم موسى..
وراح يقرأ السماء كلها..
ثم قال بمنتهى التريقة والتقليل من شأن هذه اللجنة فقال انظروا ..هذه اللجنة الكبيرة والتي راجعت المصحف..راجعته على ماذا؟..
لقد راجعته كتابة ونصوصاً ولكنها اعتمدت في تلاوته على كذاب مدلس اسمه حفص بن المغيرة..عزيزي المسلم لا تفاجأ بما أقول..
شاهدوا معي الصفحة رقم (أ) ـ وطلب من الكاميرا متابعة ما يقرأ ـ كُتب هذا المصحف الكريم، وضُبط على ما يوافق رواية حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي) أ ﻫ...
ثم قال: (شاهدوا بأنفسكم ما يقوله علمائهم عن حفص هذا في كتب الجرح والتعديل..وجعل الكاميرا تجول حول الكتب الموضوعة أمامه
وهو يفتح على الصفحات لنجده ـ أي حفصاً ـ تارة كذاب وأخرى مدلس وثالثة كثير السهو..) أ ﻫ...
ثم قال مظاهرة كبيرة من العلماء الذين راجعوا المصحف المنقول عن كذاب مدلس..ويدعونني للإسلام..يا شباب المسلمين..شاهدوا عن ماذا تأخذون مصحفكم..) أ ﻫ.
وأفاض كثيرا جداً عند التعليق على هذه النقطة..
وبالرجوع إلى المصادر المستشهد بها وجدنا كلامه صحيحاً..
فمن أين جاء الخلل؟..
يجب على الداعية عدم الانفعال والتشنج عند معالجته لمثل هذه الأمور..ولا يكتفي بالشجب والسباب..ويطالب بغلق مثل هذه القنوات..
ولكن عليه التأني والتروي والتحقق من الأدوات التي يستشهد بها الخصم فلعله يقرأ كلاما منحولاً..
لذلك فعند الرجوع إلى المراجع المستشهد بها وجدنا الكذب المتعمد على حفص بن سليمان الأسدي أبو عمر القارئ..إذ أنه
بخلاف حفص بن سليمان الأسدي راوي الأحاديث والذي استدل به القس على كلامه.. فلقد ذكرت كتب التراجم عدة أشخاص
من رواة الحديث باسم حفص بن سليمان ، عاشوا في القرن الثاني ، ذكرالبخاري منهم في كتابه التاريخ الكبير أربعة، هم :
أ . حفص بن سليمان البصري المنقري ، عن الحسن .
ب . حفص بن سليمان الأزدي ، روى عنه خليد بن حسان
ج . حفص بن سليمان ، سمع معاوية بن قرة عن حذيفة ، مرسل ...
د . حفص بنسليمانالأسدي أبو عمر القارئ ...
ومن المعروف أن الفصل بين الرواة المتشابهين من دقائق علم الرجال، وكم زلت أقدام الكبار في الخلط بين المتفقين والمفترقين من
كبار النقاد خاصة المصنفين منهم: كابن عدي، والدار قطني، وابن الجوزي، وغيرهم.. ولذا كان التمييز بين الرواة من الجوانب التي أوليت عناية
تامة عند المصنفين في علم الرجال. وكذلك أولاها المتأخرون عنايتهم فمن أشهر من اهتم بهذا اللون من التراجم المزِّي (رحمه اللَّه)
في كتابه (تهذيب الكمال) حيث تتبع رواة التمييز وأفردهم بتراجم عقب التراجم الأصلية، ثم تبعه على هذا النهج الذهبي، ومُغلطاي، وابن حجر،
وغيرهم.ولسوف نتناول هذه النقطة بشيء من التفصيل في الباب الثاني بإذن الله تعالى.
والخلاصة التي يمكن ننتهي إليها هي، أن حفص ا بن سليمان الأسدي كان إمام في القراءة ، ضابطاً لها ، أفنى عمره في تعليمها ، بدءاً ببلدته الكوفة التي نشأ فيها ،
ومروراً ببغداد التي صارت عاصمة الخلافة ، وانتهاء بمكة المكرمة مجاوراً بيت الله الحرام فيها ، وهو في أثناء ذلك أبدى اهتماماً برواية الحديث النبوي الشريف ،
لكنه لم يتفرغ له تفرغه للقراءة ، ومن غير أن يتخصص فيه ، ويكفيه فخراً أن القرآن الكريم يُتْلَى اليوم بالقراءة التي رواها عن شيخه عاصم بن أبي النجود
في معظم بلدان المسلمين ، ونرجو أن ينال من الثواب ما هو أهل له ، وما هو جدير به ، شهدنا بماعلمنا ، ولا نزكي على الله أحداً.
· ماذا كان ردة فعل الدعاة والقوى الإسلامية تجاه ما قاله هذا القس؟..
لا شيء...واحتار الشباب المسلم في المنتديات ولم يجدوا من يرد عليه ويطمئنهم تجاه كتابهم الكريم..وبفضل الله وحوله وقوته رددت عليه رداً مفحماً..
وتم نشر الرد في كافة المنتديات ولكنه لم يخرج إلى النور في الفضائيات وبقيت آثار كلمة القس في نفوس كل من شاهدوه ولم يطلعوا على
ردي عليه إذا أن المطلعون كانوا فقط من ارباب ارتياد المنتديات..
ونفس القس كان قد تناول مخطوطات قرءانية كشف عن مصدرها وأن هذه المخطوطات كانت تتعارض مع ما هو موجود في المصحف الشريف..
وكانت هذه المخطوطات بالذات لها قصة معي..فمنذ أكثر من عشر سنوات كنت أحاور الدكتور الشيخ عبد الله الأمين ( مسيحي سوداني مرتد )
مدير المركز الدولي للتبشير بلندن..
وكان عنوان المناظرة هي: ( هل الكتاب المقدس معصوم)..فكنت كلما بعثت إليه بشبهة رد علىّ بكتيب لشاب هندي ارتد عن دين الإسلام
ودخل المسيحية ويقص فيه تجربته في إيمانه بعقيدة الخلاص..والمطلع على هذه القصص يجدها معروضة بطريقة ركيكة وبإسلوب ينم على جهل
صاحبها بالإسلام اصلاً لأنني كمسلم أؤمن بعيسى عليه السلام ولا أكفر به ولست في حاجة لمن يدعوني للأيمان به..واستمر اللقاء بيننا
على مدى سنتين كنت اتبع معه في رسائلي الأسلوب العلمي الرصين..وعند الاستشهاد بنص معين لا أحيله إليه بل اقوم بتصوير النص المستشهد
به وأقوم بلصقه في الرسالة المبعوثة إليه..فلم يكن عالم النت قد دخل بلادنا بعد..وهذه بعض الصفحات من الرسائل التي كانت متبادلة بيننا..
حول المصادر التاريخية للأناجيل
 
5617alsh3er.jpg



5618alsh3er.jpg



5619alsh3er.jpg




5620alsh3er.jpg



أذكر هذه الأمثلة لأوضح لأبنائي كيف أننا كنا نتعب من أجل الحصول على المعلومة الأمر الذي يتطلب معه معرفة مبادئ اللغة بالقدر الذي يعين على الفهم..


ImageProxy.mvc



ولقد انتصرت عليه بفضل الله وتوفيقه وانسحب من المناظرة التي كانت بيني وبينه وكانت في صورة رسائل متبادلة بالبريد الدولي العاجل.أو هكذا كنت أظن..
فلقد انقطعت الرسائل بيننا إلى أن ظهر البريد الإليكتروني وعالم الإنترنت..
· ولم أكن ادري أنه كان يجهز أثناء ذلك لقنبلة كبرى استمر يعد لها أكثر من عشر سنوات لأفاجأ به
وقد أعاد الاتصال بي شاهرا في وجهي تلك القنبلة والتي كانت بمثابة الصاعقة..

ImageProxy.mvc


ImageProxy.mvc




ImageProxy.mvc


المهم أنه أرسل لي دراسة كان قد أعدها للنيل من عصمة القرآن الكريم بعنوان ( هل القرآن معصوم) وذلك على غرار عنوان المحاورة
التي كانت بيننا والمعنونة بـ (هل الكتاب المقدس معصوم)..

وجاء في مقدمة الدراسة التي بعث بها إلىّ ما يلي:
( هل القرآن الحالي يشبه المخطوطات القديمة..تعال وانظر بعينيك الدليل على تحريف كتابك
لا تكن جاهلا غضوباً بل افتح عقلك وقلبك لله وانظر التناقضات بروح الفاحص الأمين
أفلا يتدبَّرون القرآن و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً<
هذا هو الاختلاف وهذا الدليل أنه ليس من عند الله تعال معنا لترى) أ ﻫ.بتمامه
وفي نهاية الدراسة زيل كلامه بهذه النصيحة قائلاً: (هل تترك الضلال وطريق الهلاك ؟..
أني أشجعك على العودة لله وكتابه المقدس وإلى مخلصك ) أ ﻫ.
وقبل أن يمهلني الرد عليه وجدتها منتشرة في منتدياتهم وعرضها صاحب النيافة المبجل زكريا بطرس على الملأ في قناته الإخبارية..
وبحمد الله تعالى وتوفيقة رددت عليه في كتابي (هل القرءان الكريم معصوم..الرد المتين في الرد على عبد الله الأمين).
ومما يؤسف له أن رد الفعل عند الدعاة والقوى الإسلامية كان سالباً..وتواروا جميعاً عن الوجود لحين مرور الأزمة..
وعلى العكس من ذلك رأينا الغضبة في صورة مظاهرات اجتاحت الأمة بعد نشر رسوم مسيئة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..
وتبعها فيلم مسيء للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..أعقبه غضبا عارما..وهكذا يتم تناول القضايا الكبرى..بالشجب والاستنكار والغضب والمظاهرات..
بيد أن الإسلام قضية عادلة ولكنها وقعت بأيد محامين فشلة
إن المنهج المتبع عند الرد على هؤلاء يجب أن يكون بالحجة البالغة،وليس بالصوت العالي والشجب والاستنكار..
فهذه كلها أضواء مبهرة سرعان ما تخفت وتبقى المشكلة قائمة كما هي.
والسؤال هل أثرت هذه المظاهرات على الدراسات المناوئة للإسلام والطعون الموجهة إليه ولرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟..
 


فمثلاً كان منهجي عند الرد عليه كالتالي..خذ مثلا على سبيل المثال قوله

صفحة 90 من المخطوطة:النص في المخطوطة يقول وليتق ربه، ولا تكتموا شهادة

ImageProxy.mvc


النص الحالي وليتق الله ربه ولا تكتموا شهادة (البقرة 283:2)


ImageProxy.mvc



بداية لم أطعن في صحة النص المستشهد به من المخطوطة..فالصورة التي أمامي ليست صورة لمخطوطة..فصور المخطوطات معروفة جيدا
للدارسين ولغير الدارسين..فما أسهل علىّ أن أطعن في النص المستشهد به وأرح بالي..

ولكنني اسلم بصحة أدوات الخصم..وأقوم بعد بذلك بدحضها..فهذا هو المنهج الذي يجب أن يتبع عند مواجهة المعسكر الأخر..
تجدون هذا المنهج متبعاً في منتديات كثيرة متخصصة في هذا المجال مثل منتدى ابن مريم ومنتدى حراس العقيدة ومنتدى الفرقان ومنتدى سبيل الإسلام
هذا بخلاف المدونات الخاصة والمتخصصة في هذا المجال ورحت اعدد لهم الأسماء واحداً تلو الأخر..
فالقرآنالكريم هو الكتاب الوحيد المحفوظ الذي تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه وأهم مصدر من مصادر الحفظ هو الصدور..نعم ..
نحن نأخذ القرءان الكريم من صدور الرجال وليس من مخطوطاتهم وإن كانت المخطوطات مظهرا من مظاهرحفظه والتي بقيت سليمة
إلى الآن وهي مطابقة تماماً لما بين أيدينا منمصاحف والتي تعتبر وثيقة تاريخية على عدم تحريفه بعكس الكتاب (المقدس) والذي فقد قدسيته
نتيجة لفقدانوثائقه الأصلية وتحريف ما بقي منها ، وبذلك يكون القرآن الكريم هو الكتابالمقدس الوحيد الذي بقي كما هو غضا طرياً
بدون تحريف كما أنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الأحق أن يتبع.
يقول المعترض: (يعتقد المسلمون أن مخطوطة سمرقند هي نفسها التي قرأ فيها الخليفة عثمان عند وفاته عام 32 هجري) أ ﻫ..
وعند الرد عليه يجب التدقيق في كلامه أولاً..فهو لا يحدد من هم المسلمون الذين يقولون هذا، ولا يذكر مراجع إسلامية معتبرة تشير لهذا وتدعم كلامه.
· كما أنه يجب على الداعية المسلم أن يكون على إلمام تام بكافة جوانب القضية التي يتعرض لها عند النقاش..وقبل أن استرسل
في الإجابة قصصت عليهم موقفاً مؤلماً تعرضت إليه عام 1970م فلقد كان المد الشيوعي على أشدة وسمحت لنا إدارة الجامعة بممارسة
العمل الإسلامي فأنشأتُ ومعي مجموعة من الطلبة – على غير إرادة اساتذتنا - جماعة الدراسات الإسلامية وكنت أنا أميرها
في ذلك الوقت ـ والتي تحول اسمها فيما بعد إلى (الجماعة الإسلامية ) وذلك بعد تركي للجامعة بسنوات عدة ـ وشهدت مدينة الإسكندرية نهضة إسلامية كبرى ..
فلقد استدعيت أستاذي المغفور له الاستاذ الدكتور عيسى عبده والدكتور البهي الخولي والدكتور محمد البهي وفضيلة الشيخ صلاح ابو اسماعيل
والأستاذ محمد عبد الله السمان والشيخ السيد سابق وإمام الدعاة فضيلة الشيخ محمد الغزالي..وغيرهم وغيرهم من العلماء الأجلاء..
وكانت الثمرة هي معسكر المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوالذي تمخض عن حادثة الكلية الفنية العسكرية فيما بعد, بالإضافة إلى مجموعة
من المحاضرات النادرة والعظيمة والتي احتفظ بها في مكتبتي وكان من نتاج هذا كله كل كتب الدكتور عيسى عبده والتي كانت
في الأصل عبارة عن محاضرات.. ونظرة واحدة إلى أي كتاب منها يدرك أسلوب المحاضرة والتي كان يحضرها ما لا يقل عن خمسة آلاف مشاهد..
لقد حضر الأستاذ الدكتور عيسى عبده من القاهرة كمحاضر ليوم واحد فلم يخرج من مدينة الاسكندرية ويعود إلى بيته إلا بعد عام كامل..
وكان من نتاج ذلك أيضاً كتاب فضيلة الشيخ محمد الغزالي والمعنون بـ (قذائف الحق) وكنت قد جمعت اسئلة لفضيلته وقد أرفقها
في نهاية الكتاب بالردود عليها..وكان ثمرة هذا الكتاب هو المصادرة واعتقال صاحبه رضي الله تعالى عنه وغفر له..
المهم
وقفت في مناظرة مع أحد الطلبة الشيوعيين بالجامعة وكانت المناظرة في مدرج رقم 1 بكلية الهندسة..ولم يتم تحديد عنوان لها..فلقد كانت عامة..·
وقلت لنفسي..هذا شيوعي ملحد وما أسهل الرد عليه مهما كانت بضاعته فهي مزجاة..
وجاء اليوم الموعود..وامتلأ المدرج عن آخره من كلا المعسكرين..المسلم والشيوعي..
ووقفت امامه وكلي ثقة ويقين أنه لن يصمد امامي سوى خمسة دقائق لينفض بعدها المولد..
وهالني ما سمعت..
لقد بادرني بتوجيه صفعة قوية لم أكد افيق منها حتى أُجابه بصفعة أقوى من التي كانت قبلها..
قال لي وهو يحاورني وبصوت هاديء ونبرات تعبر عن ثقة ويقين بما يقول:
(طبعاً أنت عارف أننا في مجتمع ينطبق عليه قانون الديالكتيك الثالث..ومن هنا سوف يكون محور الارتكار.ووووووووووو...)..
ينهار ابيض..ماهذا الذي يقوله..قانون ماذا؟..الديا..الديا إيه..اول مرة يخترق مسمعي هذا اللفظ..وعند محاولتي استعادته ومحاولة
إعادة نطقه الدا يا لا كتيك.. الثالث..كنتُ قد أُسقِطتُ في يديه وخَزلتُ الجَمَاعةَ..وأنا أميرها في ذلك الحين..ولم نتعرض لما أعدت نفسي
إليه عند مواجهته بخصوص الأدلة على وجود رب العزة كما كنا نفهم ونتعلم من شيوخنا الأجلاء..ولقد بدأ هو المناظرة وأنهاها
وخرج من المدرج منتصراً ومعه فريقه..وخرجت منهزماً ومعي فريقي واللذين فوجئوا كمثلي بلغة جديدة وبحوار جديد
وأدركنا القصور الذي كنا عليه..فلقد كانت كتب الشيوعية والنصرانية من المحرمات والمحظورات التي يجب ألا نقترب منها..
لأن حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر بن الخطاب حينما سأله عن تلك التي بيمينه فقال له إنها التوراه ..
وزجره رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان، عن جابر، عن الشعبي، عن عبد الله بن ثابت
قال: جاء عمر إلى النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، إني مررتُ بأخٍ لي من قُرَيْظَة، فكتب لي جَوَامعَ من التوراة، ألا أعرضها عليك؟
قال: فتغيَّرَ وَجْهُ رسول اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال عبد الله بن ثابت: قلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فقال عمر: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا- قال: فسُرِّيَ عن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وقال: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى عليه السلام، ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ، إِنَّكُمْ حَظِّي مِنْ الأمَمِ، وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنْ النَّبِيِّينَ».
حديث آخر: قال الحافظ أبو بكر حدثنا إسحاق، حدثنا حماد، عن مُجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا، وَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ وإما أنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ،
وَإِنَّه واللهِ لَوْ كَانَ مُوسَى وَعِيسَى حَيَّينِ لَمَا وَسِعَهُما إلا اتِّباعِي)..
وفي هذا أمر صريح من رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدم الاقتراب من هذه الكتب نهائياً..هكذا كانوا يعلموننا..في حين أن الفهم الصحيح
لهذا الحديث إنما هو عكس ذلك تماماً فالرسول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينهاه عن الاطلاع ولكن نهاه عن الاتباع..والبون بينهما كبير..
بل على العكس من ذلك تماماً لقد أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتعلم والاطلاع فهو القائل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم)..
وقد أمر النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد بن ثابت أن يتعلم اللغة السُّرْيانية رواه أحمد ( 5 / 182 )
من طريق الأعمش عن ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت ورواه الترمذي ( 2715 ) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد
بن ثابت عن أبيه زيد قال أمرني رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أتعلَّم له كلمات من كتاب يهود قال(إني والله ما آمن يهود على كتاب)
قال : فما مرّ بي نصف شهر حتى تعلمته له قال : فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم ) .
ورواه أحمد و أبو داود والحاكم وغيرهم وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وخالفه غيره فتكلم في ابن أبي الزناد فقد ضعفه
يحي بن معين وأحمد وجماعة ووثقه مالك وغيره ولابأس به إذا لم يتفرد بالحديث وقد اعتبر بحديثه غير واحد والخبر محفوظ
وقد علقه البخاري في صحيحه ( 95 / 7 ) جازماً بصحته ...
فالشيوعية كانت في مفهومنا آنئذٍ عبارة عن إلحاد وإنكار وجود الله..والنصرانية تم اختزالها في التثليث واصبحت الأقانيم عبارة
عن ثلث إله وثلث إله وثلث إله..مجموعها إله واحد..هذه هي المسيحية..أو هكذا كنا نتعلم من أساتذتنا..وكان ثمرة هذا اللقاء
هو دراستي لخمسون مرجعاً من المراجع المعتمدة عند الشيوعية وأخذت حقي منهم بعد عشر سنوات من هذا اللقاء حينما سنحت لي الظروف..
فأدوات الخصم مهمةٌ جداً يا أبنائي ويا إخواني..
واستمر الحديث بيننا - نخبة السادة العلماء - وأطلعتهم على الدراسة التي أعددتها للرد عليه – الشيخ عبد الله الأمين -
ونُشِرَتْ في كافة المواقع الإسلامية..وكنت قد اكتفيت بنموذج واحد من الشبهات والرد عليها..نعود إلى الصفحة التي معنا من المخطوطة لنجد
أنه يصح أن نطلق عليه بدلاً من(عبد الله الأمين) ليصبح عبد اللات الغير أمين حيث يقول:النص في المخطوطة يقول وليتق ربه، ولا تكتموا الشهادة

ImageProxy.mvc


النص الحالي وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة (البقرة 283:2)

ImageProxy.mvc


وإليكم صورة من أصل المخطوطة ولسوف تجدون أن لفظ الجلالة موجود على الرغم من تآكل بعض أجزاءها ولكن شاء الله جل علاه
أن يفضح كذبه..فلتتأملوا..شاهدوا السطر رقم 4 من المخطوطة الأصلية..

ImageProxy.mvc


هذا هو أصل المخطوطة تأمل السطر رقم أربعة وقارن بما هو موجود في النص القرءاني المستشهد به


قارنوا بأنفسكم هل هناك تغيير؟..فمن أين أتي الشيخ الدكتور المرتد بكلامه هذا
مرة أخرى اقرءوا السطر رقم(4) في المخطوطة العليا....

ImageProxy.mvc


وفي نفس الصفحة من المخطوطة يستشهد بآية أخرى حيث يقول:


ImageProxy.mvc


نص المخطوطة يقول "ويعذب من يشاء وهو على كل شيء قدير"


ImageProxy.mvc


نص نص القرآن الحالي يقول "ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير" البقرة 284:2



نعود معه لنفس الصفحة..شاهدوا


ImageProxy.mvc

دققوا في النص الأصلي


5621alsh3er.jpg

العجيب أنه على الرغم من تآكل المخطوطة إلا أن الله قد أبقى على لفظ الجلالة محفوظاً شاهدوا وقارنوا بما هو موجود في المخطوطة المزعومة

ImageProxy.mvc





هل هناك خلاف بينها وبين ما هو موجود في كتاب الله تعالى


ImageProxy.mvc



ألا يذكرنا هذا بصحيفة المقاطعة الكبرى والتي حافظ الله على قولهم باسمك اللهم

أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله..اللهم فاشهد
والدراسة كاملة موجودة على الرابط التالي:
http://www.ebnmaryam.com/web/modules.php?name=myBooks2&op=open&cat=4&book=814
أو صفحتى على الويب بعنوان(موقع المهندس زهدي جمال الدين للدراسات الإسلامية)..
طµظٹط­ط© ط§ظ„ط­ظ‚ | ظ…ظˆظ‚ط¹ ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ ط²ظ‡ط¯ظٹ ط¬ظ…ط§ظ„ ط§ظ„ط¯ظٹظ† ظ„ظ„ط¯ط±ط§ط³ط§طھ ط§ظ„ط¥ط³ظ„ط§ظ…ظٹط©


 


فمثلاً كان منهجي عند الرد عليه كالتالي..خذ مثلا على سبيل المثال قوله

صفحة 90 من المخطوطة:النص في المخطوطة يقول وليتق ربه، ولا تكتموا شهادة

ImageProxy.mvc


النص الحالي وليتق الله ربه ولا تكتموا شهادة (البقرة 283:2)


ImageProxy.mvc



بداية لم أطعن في صحة النص المستشهد به من المخطوطة..فالصورة التي أمامي ليست صورة لمخطوطة..فصور المخطوطات معروفة جيدا
للدارسين ولغير الدارسين..فما أسهل علىّ أن أطعن في النص المستشهد به وأرح بالي..

ولكنني اسلم بصحة أدوات الخصم..وأقوم بعد بذلك بدحضها..فهذا هو المنهج الذي يجب أن يتبع عند مواجهة المعسكر الأخر..
تجدون هذا المنهج متبعاً في منتديات كثيرة متخصصة في هذا المجال مثل منتدى ابن مريم ومنتدى حراس العقيدة ومنتدى الفرقان ومنتدى سبيل الإسلام
هذا بخلاف المدونات الخاصة والمتخصصة في هذا المجال ورحت اعدد لهم الأسماء واحداً تلو الأخر..
فالقرآنالكريم هو الكتاب الوحيد المحفوظ الذي تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه وأهم مصدر من مصادر الحفظ هو الصدور..نعم ..
نحن نأخذ القرءان الكريم من صدور الرجال وليس من مخطوطاتهم وإن كانت المخطوطات مظهرا من مظاهرحفظه والتي بقيت سليمة
إلى الآن وهي مطابقة تماماً لما بين أيدينا منمصاحف والتي تعتبر وثيقة تاريخية على عدم تحريفه بعكس الكتاب (المقدس) والذي فقد قدسيته
نتيجة لفقدانوثائقه الأصلية وتحريف ما بقي منها ، وبذلك يكون القرآن الكريم هو الكتابالمقدس الوحيد الذي بقي كما هو غضا طرياً
بدون تحريف كما أنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الأحق أن يتبع.
يقول المعترض: (يعتقد المسلمون أن مخطوطة سمرقند هي نفسها التي قرأ فيها الخليفة عثمان عند وفاته عام 32 هجري) أ ﻫ..
وعند الرد عليه يجب التدقيق في كلامه أولاً..فهو لا يحدد من هم المسلمون الذين يقولون هذا، ولا يذكر مراجع إسلامية معتبرة تشير لهذا وتدعم كلامه.
· كما أنه يجب على الداعية المسلم أن يكون على إلمام تام بكافة جوانب القضية التي يتعرض لها عند النقاش..وقبل أن استرسل
في الإجابة قصصت عليهم موقفاً مؤلماً تعرضت إليه عام 1970م فلقد كان المد الشيوعي على أشدة وسمحت لنا إدارة الجامعة بممارسة
العمل الإسلامي فأنشأتُ ومعي مجموعة من الطلبة – على غير إرادة اساتذتنا - جماعة الدراسات الإسلامية وكنت أنا أميرها
في ذلك الوقت ـ والتي تحول اسمها فيما بعد إلى (الجماعة الإسلامية ) وذلك بعد تركي للجامعة بسنوات عدة ـ وشهدت مدينة الإسكندرية نهضة إسلامية كبرى ..
فلقد استدعيت أستاذي المغفور له الاستاذ الدكتور عيسى عبده والدكتور البهي الخولي والدكتور محمد البهي وفضيلة الشيخ صلاح ابو اسماعيل
والأستاذ محمد عبد الله السمان والشيخ السيد سابق وإمام الدعاة فضيلة الشيخ محمد الغزالي..وغيرهم وغيرهم من العلماء الأجلاء..
وكانت الثمرة هي معسكر المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوالذي تمخض عن حادثة الكلية الفنية العسكرية فيما بعد, بالإضافة إلى مجموعة
من المحاضرات النادرة والعظيمة والتي احتفظ بها في مكتبتي وكان من نتاج هذا كله كل كتب الدكتور عيسى عبده والتي كانت
في الأصل عبارة عن محاضرات.. ونظرة واحدة إلى أي كتاب منها يدرك أسلوب المحاضرة والتي كان يحضرها ما لا يقل عن خمسة آلاف مشاهد..
لقد حضر الأستاذ الدكتور عيسى عبده من القاهرة كمحاضر ليوم واحد فلم يخرج من مدينة الاسكندرية ويعود إلى بيته إلا بعد عام كامل..
وكان من نتاج ذلك أيضاً كتاب فضيلة الشيخ محمد الغزالي والمعنون بـ (قذائف الحق) وكنت قد جمعت اسئلة لفضيلته وقد أرفقها
في نهاية الكتاب بالردود عليها..وكان ثمرة هذا الكتاب هو المصادرة واعتقال صاحبه رضي الله تعالى عنه وغفر له..
المهم
وقفت في مناظرة مع أحد الطلبة الشيوعيين بالجامعة وكانت المناظرة في مدرج رقم 1 بكلية الهندسة..ولم يتم تحديد عنوان لها..فلقد كانت عامة..·
وقلت لنفسي..هذا شيوعي ملحد وما أسهل الرد عليه مهما كانت بضاعته فهي مزجاة..
وجاء اليوم الموعود..وامتلأ المدرج عن آخره من كلا المعسكرين..المسلم والشيوعي..
ووقفت امامه وكلي ثقة ويقين أنه لن يصمد امامي سوى خمسة دقائق لينفض بعدها المولد..
وهالني ما سمعت..
لقد بادرني بتوجيه صفعة قوية لم أكد افيق منها حتى أُجابه بصفعة أقوى من التي كانت قبلها..
قال لي وهو يحاورني وبصوت هاديء ونبرات تعبر عن ثقة ويقين بما يقول:
(طبعاً أنت عارف أننا في مجتمع ينطبق عليه قانون الديالكتيك الثالث..ومن هنا سوف يكون محور الارتكار.ووووووووووو...)..
ينهار ابيض..ماهذا الذي يقوله..قانون ماذا؟..الديا..الديا إيه..اول مرة يخترق مسمعي هذا اللفظ..وعند محاولتي استعادته ومحاولة
إعادة نطقه الدا يا لا كتيك.. الثالث..كنتُ قد أُسقِطتُ في يديه وخَزلتُ الجَمَاعةَ..وأنا أميرها في ذلك الحين..ولم نتعرض لما أعدت نفسي
إليه عند مواجهته بخصوص الأدلة على وجود رب العزة كما كنا نفهم ونتعلم من شيوخنا الأجلاء..ولقد بدأ هو المناظرة وأنهاها
وخرج من المدرج منتصراً ومعه فريقه..وخرجت منهزماً ومعي فريقي واللذين فوجئوا كمثلي بلغة جديدة وبحوار جديد
وأدركنا القصور الذي كنا عليه..فلقد كانت كتب الشيوعية والنصرانية من المحرمات والمحظورات التي يجب ألا نقترب منها..
لأن حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر بن الخطاب حينما سأله عن تلك التي بيمينه فقال له إنها التوراه ..
وزجره رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان، عن جابر، عن الشعبي، عن عبد الله بن ثابت
قال: جاء عمر إلى النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، إني مررتُ بأخٍ لي من قُرَيْظَة، فكتب لي جَوَامعَ من التوراة، ألا أعرضها عليك؟
قال: فتغيَّرَ وَجْهُ رسول اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال عبد الله بن ثابت: قلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فقال عمر: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا- قال: فسُرِّيَ عن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وقال: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى عليه السلام، ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ، إِنَّكُمْ حَظِّي مِنْ الأمَمِ، وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنْ النَّبِيِّينَ».
حديث آخر: قال الحافظ أبو بكر حدثنا إسحاق، حدثنا حماد، عن مُجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا، وَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ وإما أنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ،
وَإِنَّه واللهِ لَوْ كَانَ مُوسَى وَعِيسَى حَيَّينِ لَمَا وَسِعَهُما إلا اتِّباعِي)..
وفي هذا أمر صريح من رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدم الاقتراب من هذه الكتب نهائياً..هكذا كانوا يعلموننا..في حين أن الفهم الصحيح
لهذا الحديث إنما هو عكس ذلك تماماً فالرسول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينهاه عن الاطلاع ولكن نهاه عن الاتباع..والبون بينهما كبير..
بل على العكس من ذلك تماماً لقد أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتعلم والاطلاع فهو القائل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم)..
وقد أمر النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد بن ثابت أن يتعلم اللغة السُّرْيانية رواه أحمد ( 5 / 182 )
من طريق الأعمش عن ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت ورواه الترمذي ( 2715 ) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد
بن ثابت عن أبيه زيد قال أمرني رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أتعلَّم له كلمات من كتاب يهود قال(إني والله ما آمن يهود على كتاب)
قال : فما مرّ بي نصف شهر حتى تعلمته له قال : فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم ) .
ورواه أحمد و أبو داود والحاكم وغيرهم وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وخالفه غيره فتكلم في ابن أبي الزناد فقد ضعفه
يحي بن معين وأحمد وجماعة ووثقه مالك وغيره ولابأس به إذا لم يتفرد بالحديث وقد اعتبر بحديثه غير واحد والخبر محفوظ
وقد علقه البخاري في صحيحه ( 95 / 7 ) جازماً بصحته ...
فالشيوعية كانت في مفهومنا آنئذٍ عبارة عن إلحاد وإنكار وجود الله..والنصرانية تم اختزالها في التثليث واصبحت الأقانيم عبارة
عن ثلث إله وثلث إله وثلث إله..مجموعها إله واحد..هذه هي المسيحية..أو هكذا كنا نتعلم من أساتذتنا..وكان ثمرة هذا اللقاء
هو دراستي لخمسون مرجعاً من المراجع المعتمدة عند الشيوعية وأخذت حقي منهم بعد عشر سنوات من هذا اللقاء حينما سنحت لي الظروف..
فأدوات الخصم مهمةٌ جداً يا أبنائي ويا إخواني..
واستمر الحديث بيننا - نخبة السادة العلماء - وأطلعتهم على الدراسة التي أعددتها للرد عليه – الشيخ عبد الله الأمين -
ونُشِرَتْ في كافة المواقع الإسلامية..وكنت قد اكتفيت بنموذج واحد من الشبهات والرد عليها..نعود إلى الصفحة التي معنا من المخطوطة لنجد
أنه يصح أن نطلق عليه بدلاً من(عبد الله الأمين) ليصبح عبد اللات الغير أمين حيث يقول:النص في المخطوطة يقول وليتق ربه، ولا تكتموا الشهادة

ImageProxy.mvc


النص الحالي وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة (البقرة 283:2)

ImageProxy.mvc


وإليكم صورة من أصل المخطوطة ولسوف تجدون أن لفظ الجلالة موجود على الرغم من تآكل بعض أجزاءها ولكن شاء الله جل علاه
أن يفضح كذبه..فلتتأملوا..شاهدوا السطر رقم 4 من المخطوطة الأصلية..

ImageProxy.mvc


هذا هو أصل المخطوطة تأمل السطر رقم أربعة وقارن بما هو موجود في النص القرءاني المستشهد به


قارنوا بأنفسكم هل هناك تغيير؟..فمن أين أتي الشيخ الدكتور المرتد بكلامه هذا
مرة أخرى اقرءوا السطر رقم(4) في المخطوطة العليا....

ImageProxy.mvc


وفي نفس الصفحة من المخطوطة يستشهد بآية أخرى حيث يقول:


ImageProxy.mvc


نص المخطوطة يقول "ويعذب من يشاء وهو على كل شيء قدير"


ImageProxy.mvc


نص نص القرآن الحالي يقول "ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير" البقرة 284:2



نعود معه لنفس الصفحة..شاهدوا


ImageProxy.mvc

دققوا في النص الأصلي


5622alsh3er.jpg

العجيب أنه على الرغم من تآكل المخطوطة إلا أن الله قد أبقى على لفظ الجلالة محفوظاً شاهدوا وقارنوا بما هو موجود في المخطوطة المزعومة

ImageProxy.mvc





هل هناك خلاف بينها وبين ما هو موجود في كتاب الله تعالى


ImageProxy.mvc



ألا يذكرنا هذا بصحيفة المقاطعة الكبرى والتي حافظ الله على قولهم باسمك اللهم

أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله..اللهم فاشهد
والدراسة كاملة موجودة على الرابط التالي:
http://www.ebnmaryam.com/web/modules.php?name=myBooks2&op=open&cat=4&book=814
أو صفحتى على الويب بعنوان(موقع المهندس زهدي جمال الدين للدراسات الإسلامية)..
طµظٹط­ط© ط§ظ„ط­ظ‚ | ظ…ظˆظ‚ط¹ ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ ط²ظ‡ط¯ظٹ ط¬ظ…ط§ظ„ ط§ظ„ط¯ظٹظ† ظ„ظ„ط¯ط±ط§ط³ط§طھ ط§ظ„ط¥ط³ظ„ط§ظ…ظٹط©


 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إعادة للمشاركة 4 لعدم ظهور الصور
--------------------------------------------------------------


5634alsh3er.jpg


5635alsh3er.jpg


5636alsh3er.jpg



5637alsh3er.jpg



أذكر هذه الأمثلة لأوضح لأبنائي كيف أننا كنا نتعب من أجل الحصول على المعلومة الأمر الذي يتطلب معه معرفة مبادئ اللغة بالقدر الذي يعين على الفهم..


5638alsh3er.jpg

ولقد انتصرت عليه بفضل الله وتوفيقه وانسحب من المناظرة التي كانت بيني وبينه وكانت في صورة رسائل متبادلة بالبريد الدولي العاجل.أو هكذا كنت أظن..
فلقد انقطعت الرسائل بيننا إلى أن ظهر البريد الإليكتروني وعالم الإنترنت..
· ولم أكن ادري أنه كان يجهز أثناء ذلك لقنبلة كبرى استمر يعد لها أكثر من عشر سنوات لأفاجأ به
وقد أعاد الاتصال بي شاهرا في وجهي تلك القنبلة والتي كانت بمثابة الصاعقة..

5639alsh3er.jpg




5640alsh3er.jpg





5641alsh3er.jpg




المهم أنه أرسل لي دراسة كان قد أعدها للنيل من عصمة القرآن الكريم بعنوان ( هل القرآن معصوم) وذلك على غرار عنوان المحاورة
التي كانت بيننا والمعنونة بـ (هل الكتاب المقدس معصوم)..

وجاء في مقدمة الدراسة التي بعث بها إلىّ ما يلي:
( هل القرآن الحالي يشبه المخطوطات القديمة..تعال وانظر بعينيك الدليل على تحريف كتابك
لا تكن جاهلا غضوباً بل افتح عقلك وقلبك لله وانظر التناقضات بروح الفاحص الأمين
أفلا يتدبَّرون القرآن و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً<
هذا هو الاختلاف وهذا الدليل أنه ليس من عند الله تعال معنا لترى) أ ﻫ.بتمامه
وفي نهاية الدراسة زيل كلامه بهذه النصيحة قائلاً: (هل تترك الضلال وطريق الهلاك ؟..
أني أشجعك على العودة لله وكتابه المقدس وإلى مخلصك ) أ ﻫ.
وقبل أن يمهلني الرد عليه وجدتها منتشرة في منتدياتهم وعرضها صاحب النيافة المبجل زكريا بطرس على الملأ في قناته الإخبارية..
وبحمد الله تعالى وتوفيقة رددت عليه في كتابي (هل القرءان الكريم معصوم..الرد المتين في الرد على عبد الله الأمين).
ومما يؤسف له أن رد الفعل عند الدعاة والقوى الإسلامية كان سالباً..وتواروا جميعاً عن الوجود لحين مرور الأزمة..
وعلى العكس من ذلك رأينا الغضبة في صورة مظاهرات اجتاحت الأمة بعد نشر رسوم مسيئة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..
وتبعها فيلم مسيء للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..أعقبه غضبا عارما..وهكذا يتم تناول القضايا الكبرى..بالشجب والاستنكار والغضب والمظاهرات..
بيد أن الإسلام قضية عادلة ولكنها وقعت بأيد محامين فشلة
إن المنهج المتبع عند الرد على هؤلاء يجب أن يكون بالحجة البالغة،وليس بالصوت العالي والشجب والاستنكار..
فهذه كلها أضواء مبهرة سرعان ما تخفت وتبقى المشكلة قائمة كما هي.
والسؤال هل أثرت هذه المظاهرات على الدراسات المناوئة للإسلام والطعون الموجهة إليه ولرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟..
 
تعديل للمشاركة 5 بسبب عدم ظهور الصور


فمثلاً كان منهجي عند الرد عليه كالتالي..خذ مثلا على سبيل المثال قوله

صفحة 90 من المخطوطة:النص في المخطوطة يقول وليتق ربه، ولا تكتموا شهادة

5642alsh3er.jpg

النص الحالي وليتق الله ربه ولا تكتموا شهادة (البقرة 283:2)



5643alsh3er.jpg


بداية لم أطعن في صحة النص المستشهد به من المخطوطة..فالصورة التي أمامي ليست صورة لمخطوطة..فصور المخطوطات معروفة جيدا
للدارسين ولغير الدارسين..فما أسهل علىّ أن أطعن في النص المستشهد به وأرح بالي..

ولكنني اسلم بصحة أدوات الخصم..وأقوم بعد بذلك بدحضها..فهذا هو المنهج الذي يجب أن يتبع عند مواجهة المعسكر الأخر..
تجدون هذا المنهج متبعاً في منتديات كثيرة متخصصة في هذا المجال مثل منتدى ابن مريم ومنتدى حراس العقيدة ومنتدى الفرقان ومنتدى سبيل الإسلام
هذا بخلاف المدونات الخاصة والمتخصصة في هذا المجال ورحت اعدد لهم الأسماء واحداً تلو الأخر..
فالقرآنالكريم هو الكتاب الوحيد المحفوظ الذي تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه وأهم مصدر من مصادر الحفظ هو الصدور..نعم ..
نحن نأخذ القرءان الكريم من صدور الرجال وليس من مخطوطاتهم وإن كانت المخطوطات مظهرا من مظاهرحفظه والتي بقيت سليمة
إلى الآن وهي مطابقة تماماً لما بين أيدينا منمصاحف والتي تعتبر وثيقة تاريخية على عدم تحريفه بعكس الكتاب (المقدس) والذي فقد قدسيته
نتيجة لفقدانوثائقه الأصلية وتحريف ما بقي منها ، وبذلك يكون القرآن الكريم هو الكتابالمقدس الوحيد الذي بقي كما هو غضا طرياً
بدون تحريف كما أنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الأحق أن يتبع.
يقول المعترض: (يعتقد المسلمون أن مخطوطة سمرقند هي نفسها التي قرأ فيها الخليفة عثمان عند وفاته عام 32 هجري) أ ﻫ..
وعند الرد عليه يجب التدقيق في كلامه أولاً..فهو لا يحدد من هم المسلمون الذين يقولون هذا، ولا يذكر مراجع إسلامية معتبرة تشير لهذا وتدعم كلامه.
·كما أنه يجب على الداعية المسلم أن يكون على إلمام تام بكافة جوانب القضية التي يتعرض لها عند النقاش..وقبل أن استرسل
في الإجابة قصصت عليهم موقفاً مؤلماً تعرضت إليه عام 1970م فلقد كان المد الشيوعي على أشدة وسمحت لنا إدارة الجامعة بممارسة
العمل الإسلامي فأنشأتُ ومعي مجموعة من الطلبة – على غير إرادة اساتذتنا - جماعة الدراسات الإسلامية وكنت أنا أميرها
في ذلك الوقت ـ والتي تحول اسمها فيما بعد إلى (الجماعة الإسلامية ) وذلك بعد تركي للجامعة بسنوات عدة ـ وشهدت مدينة الإسكندرية نهضة إسلامية كبرى ..
فلقد استدعيت أستاذي المغفور له الاستاذ الدكتور عيسى عبده والدكتور البهي الخولي والدكتور محمد البهي وفضيلة الشيخ صلاح ابو اسماعيل
والأستاذ محمد عبد الله السمان والشيخ السيد سابق وإمام الدعاة فضيلة الشيخ محمد الغزالي..وغيرهم وغيرهم من العلماء الأجلاء..
وكانت الثمرة هي معسكر المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوالذي تمخض عن حادثة الكلية الفنية العسكرية فيما بعد, بالإضافة إلى مجموعة
من المحاضرات النادرة والعظيمة والتي احتفظ بها في مكتبتي وكان من نتاج هذا كله كل كتب الدكتور عيسى عبده والتي كانت
في الأصل عبارة عن محاضرات.. ونظرة واحدة إلى أي كتاب منها يدرك أسلوب المحاضرة والتي كان يحضرها ما لا يقل عن خمسة آلاف مشاهد..
لقد حضر الأستاذ الدكتور عيسى عبده من القاهرة كمحاضر ليوم واحد فلم يخرج من مدينة الاسكندرية ويعود إلى بيته إلا بعد عام كامل..
وكان من نتاج ذلك أيضاً كتاب فضيلة الشيخ محمد الغزالي والمعنون بـ (قذائف الحق) وكنت قد جمعت اسئلة لفضيلته وقد أرفقها
في نهاية الكتاب بالردود عليها..وكان ثمرة هذا الكتاب هو المصادرة واعتقال صاحبه رضي الله تعالى عنه وغفر له..
المهم
وقفت في مناظرة مع أحد الطلبة الشيوعيين بالجامعة وكانت المناظرة في مدرج رقم 1 بكلية الهندسة..ولم يتم تحديد عنوان لها..فلقد كانت عامة..·
وقلت لنفسي..هذا شيوعي ملحد وما أسهل الرد عليه مهما كانت بضاعته فهي مزجاة..
وجاء اليوم الموعود..وامتلأ المدرج عن آخره من كلا المعسكرين..المسلم والشيوعي..
ووقفت امامه وكلي ثقة ويقين أنه لن يصمد امامي سوى خمسة دقائق لينفض بعدها المولد..
وهالني ما سمعت..
لقد بادرني بتوجيه صفعة قوية لم أكد افيق منها حتى أُجابه بصفعة أقوى من التي كانت قبلها..
قال لي وهو يحاورني وبصوت هاديء ونبرات تعبر عن ثقة ويقين بما يقول:
(طبعاً أنت عارف أننا في مجتمع ينطبق عليه قانون الديالكتيك الثالث..ومن هنا سوف يكون محور الارتكار.ووووووووووو...)..
ينهار ابيض..ماهذا الذي يقوله..قانون ماذا؟..الديا..الديا إيه..اول مرة يخترق مسمعي هذا اللفظ..وعند محاولتي استعادته ومحاولة
إعادة نطقه الدا يا لا كتيك.. الثالث..كنتُ قد أُسقِطتُ في يديه وخَزلتُ الجَمَاعةَ..وأنا أميرها في ذلك الحين..ولم نتعرض لما أعدت نفسي
إليه عند مواجهته بخصوص الأدلة على وجود رب العزة كما كنا نفهم ونتعلم من شيوخنا الأجلاء..ولقد بدأ هو المناظرة وأنهاها
وخرج من المدرج منتصراً ومعه فريقه..وخرجت منهزماً ومعي فريقي واللذين فوجئوا كمثلي بلغة جديدة وبحوار جديد
وأدركنا القصور الذي كنا عليه..فلقد كانت كتب الشيوعية والنصرانية من المحرمات والمحظورات التي يجب ألا نقترب منها..
لأن حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر بن الخطاب حينما سأله عن تلك التي بيمينه فقال له إنها التوراه ..
وزجره رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان، عن جابر، عن الشعبي، عن عبد الله بن ثابت
قال: جاء عمر إلى النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، إني مررتُ بأخٍ لي من قُرَيْظَة، فكتب لي جَوَامعَ من التوراة، ألا أعرضها عليك؟
قال: فتغيَّرَ وَجْهُ رسول اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال عبد الله بن ثابت: قلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فقال عمر: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا- قال: فسُرِّيَ عن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وقال: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى عليه السلام، ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ، إِنَّكُمْ حَظِّي مِنْ الأمَمِ، وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنْ النَّبِيِّينَ».
حديث آخر: قال الحافظ أبو بكر حدثنا إسحاق، حدثنا حماد، عن مُجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا، وَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ وإما أنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ،
وَإِنَّه واللهِ لَوْ كَانَ مُوسَى وَعِيسَى حَيَّينِ لَمَا وَسِعَهُما إلا اتِّباعِي)..
وفي هذا أمر صريح من رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدم الاقتراب من هذه الكتب نهائياً..هكذا كانوا يعلموننا..في حين أن الفهم الصحيح
لهذا الحديث إنما هو عكس ذلك تماماً فالرسول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينهاه عن الاطلاع ولكن نهاه عن الاتباع..والبون بينهما كبير..
بل على العكس من ذلك تماماً لقد أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتعلم والاطلاع فهو القائل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم)..
وقد أمر النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد بن ثابت أن يتعلم اللغة السُّرْيانية رواه أحمد ( 5 / 182 )
من طريق الأعمش عن ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت ورواه الترمذي ( 2715 ) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد
بن ثابت عن أبيه زيد قال أمرني رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أتعلَّم له كلمات من كتاب يهود قال(إني والله ما آمن يهود على كتاب)
قال : فما مرّ بي نصف شهر حتى تعلمته له قال : فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم ) .
ورواه أحمد و أبو داود والحاكم وغيرهم وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وخالفه غيره فتكلم في ابن أبي الزناد فقد ضعفه
يحي بن معين وأحمد وجماعة ووثقه مالك وغيره ولابأس به إذا لم يتفرد بالحديث وقد اعتبر بحديثه غير واحد والخبر محفوظ
وقد علقه البخاري في صحيحه ( 95 / 7 ) جازماً بصحته ...
فالشيوعية كانت في مفهومنا آنئذٍ عبارة عن إلحاد وإنكار وجود الله..والنصرانية تم اختزالها في التثليث واصبحت الأقانيم عبارة
عن ثلث إله وثلث إله وثلث إله..مجموعها إله واحد..هذه هي المسيحية..أو هكذا كنا نتعلم من أساتذتنا..وكان ثمرة هذا اللقاء
هو دراستي لخمسون مرجعاً من المراجع المعتمدة عند الشيوعية وأخذت حقي منهم بعد عشر سنوات من هذا اللقاء حينما سنحت لي الظروف..
فأدوات الخصم مهمةٌ جداً يا أبنائي ويا إخواني..
واستمر الحديث بيننا - نخبة السادة العلماء - وأطلعتهم على الدراسة التي أعددتها للرد عليه – الشيخ عبد الله الأمين -
ونُشِرَتْ في كافة المواقع الإسلامية..وكنت قد اكتفيت بنموذج واحد من الشبهات والرد عليها..نعود إلى الصفحة التي معنا من المخطوطة لنجد
أنه يصح أن نطلق عليه بدلاً من(عبد الله الأمين) ليصبح عبد اللات الغير أمين حيث يقول:النص في المخطوطة يقول وليتق ربه، ولا تكتموا الشهادة

5644alsh3er.jpg



النص الحالي وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة (البقرة 283:2)

5645alsh3er.jpg


وإليكم صورة من أصل المخطوطة ولسوف تجدون أن لفظ الجلالة موجود على الرغم من تآكل بعض أجزاءها ولكن شاء الله جل علاه
أن يفضح كذبه..فلتتأملوا..شاهدوا السطر رقم 4 من المخطوطة الأصلية..

5646alsh3er.jpg


هذا هو أصل المخطوطة تأمل السطر رقم أربعة وقارن بما هو موجود في النص القرءاني المستشهد به


قارنوا بأنفسكم هل هناك تغيير؟..فمن أين أتي الشيخ الدكتور المرتد بكلامه هذا
مرة أخرى اقرءوا السطر رقم(4) في المخطوطة العليا....

5647alsh3er.jpg


وفي نفس الصفحة من المخطوطة يستشهد بآية أخرى حيث يقول:


5648alsh3er.jpg


نص المخطوطة يقول "ويعذب من يشاء وهو على كل شيء قدير"



5649alsh3er.jpg

نص نص القرآن الحالي يقول "ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير" البقرة 284:2




نعود معه لنفس الصفحة..شاهدوا

5650alsh3er.jpg



دققوا في النص الأصلي



5651alsh3er.jpg


العجيب أنه على الرغم من تآكل المخطوطة إلا أن الله قد أبقى على لفظ الجلالة محفوظاً شاهدوا وقارنوا بما هو موجود في المخطوطة المزعومة




5652alsh3er.jpg




هل هناك خلاف بينها وبين ما هو موجود في كتاب الله تعالى




5653alsh3er.jpg


ألا يذكرنا هذا بصحيفة المقاطعة الكبرى والتي حافظ الله على قولهم باسمك اللهم


أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله..اللهم فاشهد
والدراسة كاملة موجودة على الرابط التالي:
http://www.ebnmaryam.com/web/modules.php?name=myBooks2&op=open&cat=4&book=814
أو صفحتى على الويب بعنوان(موقع المهندس زهدي جمال الدين للدراسات الإسلامية)..
طµظٹط­ط© ط§ظ„ط­ظ‚ | ظ…ظˆظ‚ط¹ ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ ط²ظ‡ط¯ظٹ ط¬ظ…ط§ظ„ ط§ظ„ط¯ظٹظ† ظ„ظ„ط¯ط±ط§ط³ط§طھ ط§ظ„ط¥ط³ظ„ط§ظ…ظٹط©



 


ودار الحديث بيننا حول ما كان بيني وبين القس منيس عبد النور ـ صاحب كتاب (شبهات وهمية حول الكتاب المقدس) ـ

وذلك من خلال خطابات كانت متبادلة بيني وبينه بشأن ما جاء في كتابه فكنت له محاوراً..ولم يقو على الرد..
وبداية أحب أن انوه إلى أسلوب المحاورة التي يجب أن يتسلح بها الداعية المسلم..إذ يتعين عليه اتباع منهج الإسلام عند التحاور..
رأينا ذلك عند خطاب الحكام كيف يكون الأدب. عند الخطاب...يقول سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام موجهاً ومعلماً:
( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ) طه: 24..

( فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) طه: 44


وبالطبع أي حاكم مهما زاد في طغيانه لن يكون كفرعون..وأي داعية مهما عظم شأنه لن يكون كموسى عليه السلام..فمنهج الاسلام
عند تقوييم الحكام يجب ألا يتعدى هذا التوجيه الرباني مهما اختلفت الوسائل وتعددت الأسباب المؤدية للإحتلاف معه..
كذلك منهج الإسلام عند النقاش في قضايا مُختلف فيها..يجب أن لا يتعدى اثنان..لإنهما إن كانا جادين في البحث عن الحقيقة فلسوف
يوفقهما الله سبحانه وتعالى..أما إذا كانت الأخرى فلسوف يحاول كل طرف الانتصار لرأيه وهنا يكون الشيطان حاديهما..
وأيضاً منهج الإسلام عند مجادلة المعسكر الأخر والذي يتمتع بفكر مخالف لفكري تماماً..
يجب أن أكون على إلمام تام بكل أدوات الخصم معتمداً في ذلك على نفسي بالرجوع إلى المصادر الأصلية والمعتمدة عند الخصم

فبذلك تكون تكون الحجة..أذكر أنني كنت في نقاش مع زميل مسيحي أثناء الدراسة وحدث أن استشهدت بنص في الإنجيل اقتبسته
من كتاب لأحد مشايخنا وثقتي في الكاتب هي التي جعلتني اطمئن لما هو مكتوب بداخل كتابه..وإذا بالزميل يستخرج من حقيبته الإنجيل
ويفتح الصفحة لأجد عكس ما قلته تماماً..موقف أكثر إحراجاً من الذي قبله..الموقف الأول كنت لا أعرف..اما الثاني فكنت أتحدث بما أعرف..
وتعلمت التحقيق للنص المستشهد به مهما كان قدر كاتبه..
كما أنه يجب على الداعية الا يسفه من فكرالخصم وألا يحقر من رأيه لأنه في المقابل سينظر إليه ـ الخصم ـ بنفس النظرة

التي نظر إليه هو فيها وبالتالي لن يصل أحدهما إلى الحقيقة..ويزداد الأمر حساسية إذا انتقل الحوار من دائرة النقاش إلى دائرة الجدال..
يجب ألا ننسى أنفسنا فننساق وراء الانفعال الذي قد يفضي إلى السباب ومن ثم رأينا التوجه الرباني
(وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )العنكبوت: 46.
خذ عندك مثلاً حواري مع الدكتور منيس عبد النور رئيس الطائفة الإنجلية السابق حول كتابه
(شبهات وهمية حول الكتاب المقدس)..جاء في رسالتي الأولى إليه مايلي:
(السيد الدكتور منيس عبد النور راعي الكنيسة إلإنجيلية بقصر الدوبارة
تحية طيبة وبعد
أشكر لكم هذا المجهود المضني للدفاع عن الكتاب المقدس وإزالة الالتباس حول بعض الأعداد التي يتراءى للبعض أنها يتعارض بعضها مع بعض..
وبالمناسبة فإنني مسلم ومن الدارسين والمحققين للكتاب المقدس،ومن ثم فإنني أنتهز هذه الفرصة لأبعث إليكم ببعض الاستفسارات
والتي تحتاج إلى شرح وتفسير من جانبكم ونشكركم لو تفضلتم بنشرها في كتابكم (شبهات وهمية حول الكتاب المقدس) في طبعته الثانية وذلك حتى تعم الفائدة..
هذا ولسوف اقتصر في رسالتي هذه حول أسفار العهد القديم فقط وفي حال ردكم علىّ لإزالة الالتباس عندي سوف
أبعث إليكم باستفساراتي حول أسفار العهد الجديد..
وقبل أن اشرع في ذكر هذه الملاحظات أجد أنه لزاماً علىّ أن أبدأ بكلمة هامة حول الكتاب المقدس، إذ أنه من المعهود عند
الكثيرين أن يقرنوا (سؤ الفهم) بـ (سؤ النية) .. فغاية ما يقصد إليه هؤلاء من أمر الكتاب المقدس أنهم يلتمسون الإسناد المعتمد عندهم
وبذلك يأخذونه بالشك والتجريح وبذلك تراهم يهدمون الدعائم القائمة ليستجيزوا بعد ذلك كل ادعاء يدعونه وكل إنكار ينكرونه
من أصول اليقين والاطمئنان وتقديرهم لمسألة الشك في وحدة الكتاب المقدس أقل جداً من قدره الصحيح، إذ هي أصح
المقدمات للدلالة على ما بعدها وأصدق في التمهيد لنتائجها..
لذلك فإنه من المستحيل أو شبه المستحيل تزوير سجل كامل وفي بلاد مختلفة وأزمنة متباينة وله وحدة عنصرية واحدة ويصطبغ بالصبغة
التي تشمله على تباين القائلين..لذلك فإنني اعترض على قولكم في كتابكم( شبهات وهمية) ص 21: (...سنوضح بالأدلة العقلية
والنقلية تنزه الكتاب المقدس عن شوائب التحريف والتبديل)..فبناء على ما تقدم من كلامي تكون صحة العبارة السابقة كالتالي...
سنوضح بالأدلة العقلية والنقلية الفرق بين (سؤ الفهم) و(سؤ النية) عند النظر في الكتاب المقدس)..
والآن إلى ما أسميه بـ(سوء الفهم) عندي.. أعرض على حضرتكم بعض ما أشكل علىّ من نصوص والتي أطمع أن أجد لها شرحاً وتفسيراً من عندكم.. ).
وشرعت في سرد تناقضات رهيبة لم يشملها كتابه..وكلي يقين انه لن يستطيع الرد عليها..خذ على سبيل المثال استفساري التالي له:
(......ومن الأخطاء التاريخية في التوراة والتي تحتاج إلى توضيح ولم يتضمنها كتابكم ما جاء في سفر دانيال 5 : 1 – 30:
(1بَيْلْشَاصَّرُ الْمَلِكُ صَنَعَ وَلِيمَةً عَظِيمَةً لِعُظَمَائِهِ الأَلْفِ، وَشَرِبَ خَمْرًا قُدَّامَ الأَلْفِ. 2وَإِذْ كَانَ بَيْلْشَاصَّرُ يَذُوقُ الْخَمْرَ، أَمَرَ بِإِحْضَارِ
آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الَّتِي أَخْرَجَهَا نَبُوخَذْنَصَّرُ أَبُوهُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ، لِيَشْرَبَ بِهَا الْمَلِكُ وَعُظَمَاؤُهُ وَزَوْجَاتُهُ وَسَرَارِيهِ.
3حِينَئِذٍ أَحْضَرُوا آنِيَةَ الذَّهَبِ الَّتِي أُخْرِجَتْ مِنْ هَيْكَلِ بَيْتِ اللهِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ، وَشَرِبَ بِهَا الْمَلِكُ وَعُظَمَاؤُهُ وَزَوْجَاتُهُ وَسَرَارِيهِ.
4كَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيُسَبِّحُونَ آلِهَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالْخَشَبِ وَالْحَجَرِ.
5فِي تِلْكَ السَّاعَةِ ظَهَرَتْ أَصَابعُ يَدِ إِنْسَانٍ، وَكَتَبَتْ بِإِزَاءِ النِّبْرَاسِ عَلَى مُكَلَّسِ حَائِطِ قَصْرِ الْمَلِكِ،
وَالْمَلِكُ يَنْظُرُ طَرَفَ الْيَدِ الْكَاتِبَةِ. 6حِينَئِذٍ تَغَيَّرَتْ هَيْئَةُ الْمَلِكِ وَأَفْزَعَتْهُ أَفْكَارُهُ، وَانْحَلَّتْ خَرَزُ حَقْوَيْهِ،
وَاصْطَكَّتْ رُكْبَتَاهُ. 7فَصَرَخَ الْمَلِكُ بِشِدَّةٍ لإِدْخَالِ السَّحَرَةِ وَالْكَلْدَانِيِّينَ وَالْمُنَجِّمِينَ، فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِحُكَمَاءِ بَابِلَ:
«أَيُّ رَجُل يَقْرَأُ هذِهِ الْكِتَابَةَ وَيُبَيِّنُ لِي تَفْسِيرَهَا فَإِنَّهُ يُلَبَّسُ الأُرْجُوَانَ وَقِلاَدَةً مِنْ ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ، وَيَتَسَلَّطُ ثَالِثًا فِي الْمَمْلَكَةِ».
8ثُمَّ دَخَلَ كُلُّ حُكَمَاءِ الْمَلِكِ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَقْرَأُوا الْكِتَابَةَ، وَلاَ أَنْ يُعَرِّفُوا الْمَلِكَ بِتَفْسِيرِهَا. 9فَفَزَعَ الْمَلِكُ بَيْلْشَاصَّرُ جِدًّا
وَتَغَيَّرَتْ فِيهِ هَيْئَتُهُ، وَاضْطَرَبَ عُظَمَاؤُهُ. 10أَمَّا الْمَلِكَةُ فَلِسَبَبِ كَلاَمِ الْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ دَخَلَتْ بَيْتَ الْوَلِيمَةِ، فَأَجَابَتِ الْمَلِكَةُ
وَقَالَتْ: «أَيُّهَا الْمَلِكُ، عِشْ إِلَى الأَبَدِ! لاَ تُفَزِّعْكَ أَفْكَارُكَ وَلاَ تَتَغَيَّرُ هَيْئَتُكَ. 11يُوجَدُ فِي مَمْلَكَتِكَ رَجُلٌ فِيهِ رُوحُ الآلِهَةِ الْقُدُّوسِينَ،
وَفِي أَيَّامِ أَبِيكَ وُجِدَتْ فِيهِ نَيِّرَةٌ وَفِطْنَةٌ وَحِكْمَةٌ كَحِكْمَةِ الآلِهَةِ، وَالْمَلِكُ نَبُوخَذْنَصَّرُ أَبُوكَ جَعَلَهُ كَبِيرَ الْمَجُوسِ وَالسَّحَرَةِ
وَالْكَلْدَانِيِّينَ وَالْمُنَجِّمِينَ. أَبُوكَ الْمَلِكُ. 12مِنْ حَيْثُ إِنَّ رُوحًا فَاضِلَةً وَمَعْرِفَةً وَفِطْنَةً وَتَعْبِيرَ الأَحْلاَمِ وَتَبْيِينَ أَلْغَازٍ وَحَلَّ عُقَدٍ وُجِدَتْ فِي دَانِيآلَ هذَا،
الَّذِي سَمَّاهُ الْمَلِكُ بَلْطَشَاصَّرَ. فَلْيُدْعَ الآنَ دَانِيآلُ فَيُبَيِّنَ التَّفْسِيرَ».
13حِينَئِذٍ أُدْخِلَ دَانِيآلُ إِلَى قُدَّامِ الْمَلِكِ. فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِدَانِيآلَ: «أَأَنْتَ هُوَ دَانِيآلُ مِنْ بَنِي سَبْيِ يَهُوذَا، الَّذِي جَلَبَهُ أَبِي الْمَلِكُ مِنْ يَهُوذَا؟
14قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ أَنَّ فِيكَ رُوحَ الآلِهَةِ، وَأَنَّ فِيكَ نَيِّرَةً وَفِطْنَةً وَحِكْمَةً فَاضِلَةً. 15وَالآنَ أُدْخِلَ قُدَّامِي الْحُكَمَاءُ وَالسَّحَرَةُ لِيَقْرَأُوا هذِهِ
الْكِتَابَةَ وَيُعَرِّفُونِي بِتَفْسِيرِهَا، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُبَيِّنُوا تَفْسِيرَ الْكَلاَمِ. 16وَأَنَا قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُفَسِّرَ تَفْسِيرًا وَتَحُلَّ عُقَدًا.
فَإِنِ اسْتَطَعْتَ الآنَ أَنْ تَقْرَأَ الْكِتَابَةَ وَتُعَرِّفَنِي بِتَفْسِيرِهَا فَتُلَبَّسُ الأُرْجُوانَ وَقِلاَدَةً مِنْ ذَهَبٍ فِي عُنُقِكَ وَتَتَسَلَّطُ ثَالِثًا فِي الْمَمْلَكَةِ».
17فَأَجَابَ دَانِيآلُ وَقَالَ قُدَّامَ الْمَلِكِ: «لِتَكُنْ عَطَايَاكَ لِنَفْسِكَ وَهَبْ هِبَاتِكَ لِغَيْرِي. لكِنِّي أَقْرَأُ الْكِتَابَةَ لِلْمَلِكِ وَأُعَرِّفُهُ بِالتَّفْسِيرِ. 18أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ،
فَاللهُ الْعَلِيُّ أَعْطَى أَبَاكَ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَلَكُوتًا وَعَظَمَةً وَجَلاَلاً وَبَهَاءً. 19وَلِلْعَظَمَةِ الَّتِي أَعْطَاهُ إِيَّاهَا كَانَتْ تَرْتَعِدُ وَتَفْزَعُ قُدَّامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ
وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. فَأَيًّا شَاءَ قَتَلَ، وَأَيًّا شَاءَ اسْتَحْيَا، وَأَيًّا شَاءَ رَفَعَ، وَأَيًّا شَاءَ وَضَعَ. 20فَلَمَّا ارْتَفَعَ قَلْبُهُ وَقَسَتْ رُوحُهُ تَجَبُّرًا، انْحَطَّ عَنْ كُرْسِيِّ مُلْكِهِ،
وَنَزَعُوا عَنْهُ جَلاَلَهُ، 21وَطُرِدَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، وَتَسَاوَى قَلْبُهُ بِالْحَيَوَانِ، وَكَانَتْ سُكْنَاهُ مَعَ الْحَمِيرِ الْوَحْشِيَّةِ، فَأَطْعَمُوهُ الْعُشْبَ كَالثِّيرَانِ،
وَابْتَلَّ جِسْمُهُ بِنَدَى السَّمَاءِ، حَتَّى عَلِمَ أَنَّ اللهَ الْعَلِيَّ سُلْطَانٌ فِي مَمْلَكَةِ النَّاسِ، وَأَنَّهُ يُقِيمُ عَلَيْهَا مَنْ يَشَاءُ. 22وَأَنْتَ يَا بَيْلْشَاصَّرُ ابْنَهُ لَمْ تَضَعْ قَلْبَكَ،
مَعَ أَنَّكَ عَرَفْتَ كُلَّ هذَا، 23بَلْ تَعَظَّمْتَ عَلَى رَبِّ السَّمَاءِ، فَأَحْضَرُوا قُدَّامَكَ آنِيَةَ بَيْتِهِ، وَأَنْتَ وَعُظَمَاؤُكَ وَزَوْجَاتُكَ وَسَرَارِيكَ شَرِبْتُمْ بِهَا الْخَمْرَ،
وَسَبَّحْتَ آلِهَةَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالنِّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالْخَشَبِ وَالْحَجَرِ الَّتِي لاَ تُبْصِرُ وَلاَ تَسْمَعُ وَلاَ تَعْرِفُ. أَمَّا اللهُ الَّذِي بِيَدِهِ نَسَمَتُكَ،
وَلَهُ كُلُّ طُرُقِكَ فَلَمْ تُمَجِّدْهُ. 24حِينَئِذٍ أُرْسِلَ مِنْ قِبَلِهِ طَرَفُ الْيَدِ، فَكُتِبَتْ هذِهِ الْكِتَابَةُ. 25وَهذِهِ هِيَ الْكِتَابَةُ الَّتِي سُطِّرَتْ:
مَنَا مَنَا تَقَيْلُ وَفَرْسِينُ. 26وَهذَا تَفْسِيرُ الْكَلاَمِ: مَنَا، أَحْصَى اللهُ مَلَكُوتَكَ وَأَنْهَاهُ. 27تَقَيْلُ، وُزِنْتَ بِالْمَوَازِينِ فَوُجِدْتَ نَاقِصًا. 28فَرْسِ،
قُسِمَتْ مَمْلَكَتُكَ وَأُعْطِيَتْ لِمَادِي وَفَارِسَ».
29حِينَئِذٍ أَمَرَ بَيْلْشَاصَّرُ أَنْ يُلْبِسُوا دَانِيآلَ الأَرْجُوانَ وَقِلاَدَةً مِنْ ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ، وَيُنَادُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ يَكُونُ مُتَسَلِّطًا ثَالِثًا فِي الْمَمْلَكَةِ. 30فِي تِلْكَ
اللَّيْلَةِ قُتِلَ بَيْلْشَاصَّرُ مَلِكُ الْكَلْدَانِيِّينَ، 31فَأَخَذَ الْمَمْلَكَةَ دَارِيُّوسُ الْمَادِيُّ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً.) دانيال 5 : 1 – 30<O
في هذا النص نجد أن الملك (بَيْلْشَاصَّرَ) بن (نَبُوخَذْنَصَّر) قد أقام وليمة استعمل فيها أواني الذهب والفضة والتي أخذها أبوه من هيكل أورشليم
عند استيلائه على المدينة المقدسة في عام (587 ق.م ) ثم آنس الملك (بَيْلْشَاصَّرَ) يدًا بشرية تخط على جدران قصره كتابة مستعجمة توجل قلبه
واصطكت ركبتاه ، فأشارت عليه الملكة أن يفزع إلى دانيال قائلة له إن (الْمَلِكُ نَبُوخَذْنَصَّرُ أَبُوكَ جَعَلَهُ كَبِيرَ الْمَجُوسِ وَالسَّحَرَةِ
وَالْكَلْدَانِيِّينَ وَالْمُنَجِّمِينَ. أَبُوكَ الْمَلِكُ.) وجاء دانيال إلى الملك هادرا يعنف به لأنه احتسى الخمر في الآنية المجتلبة من هيكل أورشليم
وقال له : إن هذا الخط السحري المتوهج على الجدار يقرأ هكذا (مَنَا مَنَا تَقَيْلُ وَفَرْسِينُ.)، ثم شرع يفسر هذا
بقوله : (مَنَا، أَحْصَى اللهُ مَلَكُوتَكَ وَأَنْهَاهُ. 27تَقَيْلُ، وُزِنْتَ بِالْمَوَازِينِ فَوُجِدْتَ نَاقِصًا. 28فَرْسِ، قُسِمَتْ مَمْلَكَتُكَ وَأُعْطِيَتْ لِمَادِي وَفَارِسَ)..
ويستطرد سفر دانيال في روايته (30فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ قُتِلَ بَيْلْشَاصَّرُ مَلِكُ الْكَلْدَانِيِّينَ، 31فَأَخَذَ الْمَمْلَكَةَ دَارِيُّوسُ الْمَادِيُّ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً)..
وهذه الرواية تقف في قبولها عقبات كثيرة منها:
أولاً: إن التاريخ العالمي لم يعرف ملكاً يدعى (دَارِيُّوسُ الْمَادِيُّ) قتل(بَيْلْشَاصَّرَ) مَلِكُ الْكَلْدَانِيِّينَ ،
بل َيْلْشَاصَّرُ نفسه لم يكن ملكاً على الْكَلْدَانِيِّينَ في الأساس..
ثانياً:من المعروف أن البابليين ـ خلفوا السومريين والأكاديين على حكم جنوبى بلاد مابين النهرين قد اتخذوا مدينة بابل عاصمة لهم
وأشهر ملوك السلالة البابلية الأولى حمورابى من أصل أمورى عاش فى القرن 18 قبل الميلاد ـ وهى الفترة التى عاش فيها
ابراهيم عليه الصلاة والسلام تقريبا ـ واضع مجموعة شهيرة من الشرائع..ولقد خضع البابليون فى أوائل الألف الأول قبل الميلاد
للأشوريين لكن فى الفترة ما بين612-539قبل الميلاد سيطرت السلالة البابلية الحديثة أى الكلدانية على غربى آسيا.. ومن ملوك هذه
السلالة الملك البابلي (نَبُوخَذْنَصَّرَ 604 – 562 ق.م) ثم ولده (أمل ـ مردوك ..والذي هو فى الكتاب المقدس اسمه أويل مردوخ 561-560)..
ثم (نرجل شار أصر والذي هو فى الكتاب المقدس نرجل شراصر واسمه اليونانى نريجليسار 559-556).. وعليه فإن (بَيْلْشَاصَّرَ) هذا
لم يكن ابنا للمك البابلي (نَبُوخَذْنَصَّرَ 604 – 562 ق.م) ولا خليفة له، وقد سقطت بابل فى يد كورش الفارسى عام 593 قبل الميلاد..
ثالثاً: يحدثنا التاريخ أن الذي استولى على بابل إنما كان هو العاهل الفارسي ( كيروش الثاني 558 – 530 ق.م )،إذ استولت جيوشه
على المدينة العريقة في 13 أكتوبر من عام 539 ق.م ، وفي 20 من نفس الشهر بدأ الكتاب يؤرخون باسم العاهل الجديد
( كيروش ملك العالم )..وفي 29 أكتوبر 539 ق. م دخل كيروش نفسه بابل وفرشت الورود في طريقه وعين
( جوبرياس الذي يظن البعض أنه داريوس المذكور، ولكن الأرجح أن داريوس هو خال كورش).
 
وهذا ملخص لملوك الفرس وعلاقتهم بأورشليم:
أ‌. كورش: أصدر نداء بعودة الشعب من السبي سنة 536 ق.م. (عز2:1) فعاد الشعب وبدأوا في بناء الهيكل (عز8:3-13).
وكان ذلك سنة 535 ق.م. وبدأت مقاومة الأعداء (عز5:4) وتوفى كورش سنة 529 ق.م.
ب‌. قمبيز: (أرتحشستا): ابن كورش، وهذا أقنعه الوشاة بوقف العمل في بناء المدينة والهيكل فأصدر أمرًا بذلك (عز17:4-25)
وظل العمل متوقفًا طوال مدة حكمه، ومات سنة 522ق.م.
ت‌. ‌داريوس هستاسب: ملك سنة 521 ق.م. وامتدت مملكته جدًا. وفي أيامه قام النبيان حجي وزكريا يحثان الشعب للعمل في بناء الهيكل (عز1:5).
وكان ذلك سنة 520 ق.م. وقد أمر الملك بإعادة البناء (عز5، 6) وقد اكتمل بناء الهيكل وتم تدشينه سنة 515 ق.م. ومات سنة 486 ق.م.
ج ‌. ‌زركسيس الأول (أحشويرش): غالبًا هو زوج إستير. وهذا حاول غزو اليونان بجيش قوامه 2.5مليون جندي وهزم وأغتيل سنة 465 ق.م.
‌ﻫ. ‌ارتحشستا لونجيمانوس (أي طويل اليد): وهذا لاطف اليهود وسمح لعزرا بأن يعود بعدد منهم إلى أورشليم، كما أذن
لنحميا بإعادة أسوار المدينة (عز11:7-13) + (نح1:2-10). وكان ذلك غالبًا لأنه حدثت ثورة في أيامه من الشعوب، ولكن اليهود
لم يشتركوا فيها فحفظ لهم هذا الجميل وتوفى سنة 424. وفي عهده سنة 457 ق.م. صدر الأمر بإعادة بناء أورشليم.‌تعاقب بعده
على العرش عدة ملوك إلى أن قام الإسكندر الأكبر بإسقاط مملكة الفرس سنة 331 ق.م. لتقوم على أنقاضها مملكة اليونان.
وحتى لا يأتي ردكم علىّ بأن دانيال إنما كان يقصد بـ (داريوس المادي) الملك (دارا الأول522 – 489 ق.م )
الذي خلف (قمبيز الثاني 520 – 522 ق.م ) بن كيروش الثاني بعد أن تمكن من قتل المدعي ( جاد ماتا الماجي ) والقبض على
أنصاره في 29 سبتمبر من عام522 ق. م ..فمن الأهمية بمكان أن نشير إلى أن بابل إنما قد سقطت في أيدي الفرس على أيام (كيروش) الثاني
وليس على أيام (دارا الأول)..بل وقبل بداية حكمه بحوالي سبعة عشر عاماً من أكتوبر عام 539 وحتى سبتمبر عام 522 ق.
م. (دانيال تعني الرب قاضيَّ God is my Judge. وقد أسماه ملك بابل بلطشاسر، وهي تعني ليحفظ الإله بيل حياته،
وهكذا أبدل الوثنيون اسم الله باسم إلههم في اسم دانيال).
رابعاً: إن (دَارِيُوسَ) لم يكن ابن أَحْشَوِيرُوشَ (واسم أَحْشَوِيرُوشَ Ahasuerusهو نطق روماني وباليونانية زركسيس Ξέρξης.
أما بالفارسية فهو أردشير.)وذلك كما تقول التوراة في سفر دانيال : فِي السَّنَةِ الأُولَى لِدَارِيُوسَ بْنِ أَحْشَوِيرُوشَ مِنْ نَسْلِ الْمَادِيِّينَ
الَّذِي مُلِّكَ عَلَى مَمْلَكَةِ الْكَلْدَانِيِّينَ، فِي السَّنَةِ الأُولَى مِنْ مُلْكِهِ)دانيال1:9..وإنما هو ابن (هستاسب) من زوجته أتوسا ابنة كورش
وهو أمير من الأسرة الملكية في فارس. وقد خلعه على عرش فارس باسم ( أكزركسيس الأول) وذلك عام ( 486 – 424 ق.م ).
خامساً: لو افترضنا أن (دَارِيُّوسُ الْمَادِيُّ) هو(دارا الأول)..فإنه لم يكن في الثانية والستين من عمره كما تقول التوراة
فَأَخَذَ الْمَمْلَكَةَ دَارِيُّوسُ الْمَادِيُّ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً)( 5 : 31 ) عندما تولى العرش وإنما كان في الثامنة والعشرين..
ذلك لأنه – أي دارا الأول – مات في نوفمبر من عام 486 ق.م وهو في الرابعة والستين من عمره وبعد أن حكم 36 عاماً..
(يراجع بالتفصيل نجيب ميخائيل: مصر والشرق الأدنى القديم5/524 ، وحبيب سعيد : المدخل إلى الكتاب المقدس ص 167 ،
ومحمد بيومي مهران :حركات التحرير في مصر القديمة ص 342).
وجرياً على هذا المنوال كان حديثي معه والذي دام على مدى سنتين متواصلتين..
ولقد وصل التعليق على كتابه في حوالي خمسمائة صفحة استخرجت له 1000 تناقض في كتابه المقدس لأنتهي بعد ذلك كله بسؤال
موجه إليه مؤداه كيف يجرؤ نيافته على نعته للشبهات التي قد أثيرت حول كتابه المقدس بأنها (شبهات وهمية حول الكتاب المقدس)..
وبعد كل الذي قلنا هل هذه الشبهات مازالت (شبهات وهمية)؟...
وهذه صورة من خطاب الدكتور منيس عبد النور وهو يرد علىّ تعقيباً على رسالتي السابقة.
5655alsh3er.jpg
 
· هذا في حالة النقاش المكتوب..
أما في حالة المواجهة فإن أسلوب النقاش يجب أن يأخذ منحى أخر تماماً..إذ أنه يتعين على الداعية المسلم أن يتبع منهج الإسلام في الجدال
بحيث لا يتعدى دائرة قوله تعالى : (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي
أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )العنكبوت: 46..فإذا تجاوز الداعية المسلم ذلك الإطار (بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
فإن الجدال سيتحول إلى صراخ وزعيق ونهيق..وينطفئ نور الحق ويصبح الباطل هو الحادي..إذ أن كل من المجادلين يريد الانتصار لرأيه ولا يعرف الحق بينهما سبيلاً.
· كما أنه يجب على المتحاورين أن يوحدا خط البداية عند النقاشن فإذا تم ذلك كانت النتيجة محسومة حتما لصالح أحدهما..
فمن كان معه الحق طويت له المسافات طياً وكانت له قصبة السبق ووصل إلى النهاية بدون أدنى مشقة أو عناء..

كنت أتصفح إحدى الفضائيات ـ بقدر الله ـ و قد لفت نظري في برنامج حواري دماثة خلق الضيف والذي عرفت من سياق حديثه أنه مهندساً
وخيل إلى أنني أعرفه، ومن حديثه أدركت أنه كان مسيحياً وأسلم منذ أكثر من ثلاثين عاماً وأن الكثيرين لا يعرفون أنه كان مسيحياً أصلاً فشهرته
كمسلم ذائعة الصيت كما أنه لا يحب الحديث عن قصة إسلامه وأنه يفضل الكلام عن شخصه كمهندس مسلم وكان الامتعاض
بادياً على وجهه كأنه لا يفتخر بما كان عليه من ضلال ويفتخر بما هو عليه من هداية.. إنه مسلم.. .
وإلى هنا والأمر يبدو عادياً جداً..إلا أنني فوجئت بذكره لاسمي وذلك في معرض حديثه، وأن الحوار الهادئ والذي دار بيني وبينه منذ أكثر من ثلاثين عاماً،
كان قد ترك في نفسه الأثر الكبير وجعله يعيد حساباته ويقرأ ثم أسلم بعد ثلاثة سنوات من ذلك الحوار قضاها في الدراسة والبحث والتحصيل،
وترك بلدته وغير محل إقامته في بلد آخر عملاً بحديث رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المشهور والخاص بالرجل قاتل التسعة وتسعين نفساً،
و سافر بعد ذلك إلى الخارج ثم عاد إلى بلده محل إقامته وهو يمارس مهنته كداعية مسلم وكمهندس ناجح مشهور..لم يستغرق الحديث عن نفسه أكثر من خمسة دقائق.
والواقع أنني نسيته تماماً حتى أنني لا أعرف اسمه ولا أين يقيم..فلقد غير الزمن من جغرافية وجهه ولولا أنه قد ذكر اسمي في معرض حديثه
ما انتبهت كثيراً لما يقول ولكنه أعاد إلى ذاكرتي ذلك الحوار الهادئ جداً والذي كان قد دار بيني وبينه..
وكان محور الحوار كله يدور حول شخص الرسول الكريم محمد بن عبد الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واشترط في حديثه ألا نتناول
شخصية السيد المسيح بالذكر ولا نتحدث عن إلوهيته ولا بشريته ولا قصة صلبه, ولا نتناول البشارات الموجودة في الكتاب المقدس
والتي نستدل بها على نبوءة الرسول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقط على أن استمع إلى أسئلته ثم أجيب..
وقبلت الحوار الذي دار بيني وبينه ولم يكن أحداً بيننا سوى الله تبارك وتعالى
وصدق الله العظيم إذ يقول:
(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) سبأ : 46.
فالحوار بين اثنين في السر دون العلن أدعى للتفكر والبحث والنظر، فلن ينتصر أحداً لرأيه أمام الآخرين كما يحدث في المناظرات العامة.
أخرج من جيبه ورقة مكتوب بها بعض الأسئلة والخواطر فراح يقرأ منها ولم يطلعني عليها...وبدأ الحوار..
لقد بدأ الحوار بالطعن في نبوءة الرسول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..وأتهمه بالكذب..[حاشاه صلى الله عليه وسلم].
قلت له:
إنني أعرف أن أمك أستاذة جامعية..فلو أنني قلت لك واصفاً إياها بأنها طيبة السمعة وأنها رقيقة القلب والمشاعر وأنها كريمة شريفة عفيفة ذات أصل كريم وحسب عظيم..
وعلى الفور بادرتني بالتكذيب. وقلت لي أنت كذّاب..
فهل تكذيبك لي يضرني أم أنه يضر بأمك؟..
أنا أقول لك إن أمك شريفة عفيفة .. وأنت تقول لي أنت كذّاب..
أقول لك أمك طيبة السمعة رقيقة القلب و المشاعر.. وأنت تقول لي أنت كذّاب..
فهل تكذيبك لي يضرني أم أنه يضر بأمك..؟؟؟..
فهل تعني أن محمداً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذّاب عندما قال في القرآن الكريم:
[ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ] آل عمران 42.
أي أنه قد وصف السيدة مريم بأنها ساندويتش طهارة..[ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ] ..
ولك أن تتأمل أن صفتا الاصطفاء والطهارة كانتا..[ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ].
فهل تكذيبك بمحمد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضره أم أنه يضر بالسيدة مريم أم السيد المسيح؟..
أنت تعرف أن السيدة مريم بعد أن وضعت وليدها[فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ]مريم 27.
تأمل القرآن الكريم وهو يصف الموقف:
[فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ]..
[قَالُوا]..
[يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا]
والقرآن الكريم يقول ..حذار..انتبهوا إياكم أن تقولوا عنها ما يسوء..
إياكم أن تقولوا [ يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا].
إنها طاهرة مصطفاة.. إنها طاهرة مصطفاة.. إنها طاهرة مصطفاة.. إنها طاهرة مصطفاة..
هذه هي صفتها على لسان محمد بن عبد الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأنت تقول إن محمد كذّاب..
فهل كان قومها صادقين حينما [قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا].
إن تكذيبك بمحمد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يضر به ولكنه يضر بالسيدة مريم أم السيد المسيح عليهما السلام؟.
أم تعني أن محمداً كذّاب عندما قال عن السيد المسيح:
[ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)]آل عمران 45.
القرآن يصف السيد المسيح عليه السلام بأنه [وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ].
وأنت تقول محمد كذّاب..
فهل تكذيبك بمحمد يضر به أم أنه يضر بالسيد المسيح عليه السلام؟..
عندما يصف القرآن الكريم أتباع السيد المسيح بقوله ( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا
إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ) المائدة: 82
وأن هؤلاء القساوسة يقول الله سبحانه وتعالى واصفاً رقة قلوبهم ورقة مشاعرهم بعد أن وصفهم بالتواضع[ وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ]..
[وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ] (المائدة : 83 ).
يا ضيفي الكريم
إن تكذيبك بمحمد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَلم يترك شيئاً من دين السيد المسيح إلا وقد أضر به..
ومن يغمض عينيه دون النور يُضيَر بعينيه ولا يضير النور.
وصدق الله العلي العظيم إذ يقول:
[ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًالَهُمْ ] آل عمران 110.
قلت له: إن القرآن الكريم ذكر اسم النبي محمد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع مرات بكلمة محمد، وجاء مرة باسم أحمد..
أما السيد المسيح فجاء في القرآن الكريم 23 مرة، وجاء اسم السيدة مريم 34 مرة، واخبر النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أحاديثه أن السيدة مريم سيدة نساء العالمين.
وهذا التشريف لمريم لم يأت في القرآن لأحد غير مريم، حتى المرأة العظيمة السيدة خديجة بنت خويلد
التي آمنت بالنبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما كفر الناس به،لم يأت ذكرها في القرآن الكريم ولو لمرة واحدة،
حتى السيدة فاطمة وهي ذات قدر عظيم لم يأت ذكرها في القرآن الكريم ولو مرة واحدة..
قاطعني محدثي على الفور قائلاً: أرجوك.. لا تستشهد بما هو مكتوب عندنا بالكتاب المقدس حول نبوءة رسولكم الكريم.
فإن كافة النصوص المستشهد بها في هذا الباب من محض التأويل بمعرفتكم ولا نقتنع بتأويلاتكم.
قلت له: مهلاً..
إن القرآن الكريم إذا حدثنا بقوله سبحانه وتعالى:[ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ]..كان معنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى
قد أمسك يد التحريف أن تطال ما هو مكتوب في كتابكم حول النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع ذلك فأنا لن أتناول البشارات الخاصة بهذا الموضوع
فلقد سبقني إليها المهتدون الأجلاء من اليهود والنصارى.
إذ أنه قد بلغ التحدي مداه حينما تحدث مخاطباً علماء بني إسرائيل أنهم يعرفونه عليه الصلاة والسلام وأنه كشف عن تلاعبهم في نصوص التوراة
بأن أخفوا اسمه الشريف ووضعوا بديلاً عنه كلمات لا يعرفها إلا العلماء منهم.
 
والصورة التالية توضح إلام أرم بالضبط

5658alsh3er.jpg



لأن الكتاب المقدس كله تواريخ وأسماء..وللكشف عن التضارب بين التواريخ وما أكثرها في التوراة يتطلب مهارة شديدة وطول صبر وأناة..
ثانياً:ثم تناولنا الحديث عن الإسلام..وضرورة تسلح الداعية المسلم بالقرءان الكريم وعلومه
فعلوم القرآن هي العلوم التي تبحث فيما يتعلق بالقرآن من علم تجويد وقراءات، وعلم رسم، وعلم إعجاز، وعلم مشكل القرآن،
وعلم الناسخ والمنسوخ، وأصول التفسير، وغير ذلك من علوم القرآن الكثيرة، والتي أوصلها الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن
إلى سبعة وأربعين نوعاً ثم قال: (واعلم أنه ما من نوع من هذه الأنواع إلا ولو أراد الإنسان استقصاءه لا ستفرغ عمره ثم لم يحكم أمره.)انتهى.

وأوصلها الحافظ السيوطي في كتابه (الإتقان في علوم القرآن) إلى ثمانين نوعاً ثم قال: (فهذه ثمانون نوعاً على سبيل الإدماج
ولو نوعت باعتبار ما أدمجته في ضمنها لزادت على الثلاثمائة، وغالب هذه الأنواع فيها تصانيف مفردة وقفت على كثير منها.).انتهى
ونشأت هذه العلوم من حيث وجودها في زمن النبوة والصحابة، وأما من حيث تدوينها فيختلف باختلاف كل نوع منها ،
وأما من حيث تدوين كتاب يجمع مجمل علوم القرآن في كتاب فأول ما دون فيه هو كتاب الزركشي (البرهان في علوم القرآن)،
ولمزيد الفائدة يراجع هذا الكتاب، وكتاب السيوطي (الإتقان في علوم القرآن) ففيهما ما يغني عن غيرهما.
ثم معرفة السيرة النبوية المطهرة وعلوم الحديث الشريف دراية ورواية..ودراسته للتاريخ الإسلامي وغيره..مع معرفة كاملة لأطلس العالم الإسلامي..
والدراسة التي بين يديك هي حصاد خبرة في مجال الدعوة تعدت الأربعون عاما..وهي موجهة للدعاة المبتدئين في مجال الدعوة وليست للمتخصصين منهم..
وهي على غرار دراستي المعنونة بـ (اللؤلؤ المنثور) والمنشورة في الرابط التالي:
(اللؤلؤ المنثور)

والتي تحتوي على اللآلئ العشرة التالية:
اللؤلؤة الأولى: استخراج النصوص من المخطوطات بعنوان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة. بقلم التاعب.
اللؤلؤة الثانية؛: كتاب مقدس.....غير مهم !!!!! دراسة لأهم نصوص الكتاب المقدس من خلال المخطوطات. لجوين.
اللؤلؤة الثالثة: سلسلة تحريف مخطوطات الكتاب المقدس. لعلي الريس.
اللؤلؤة الرابعة:اكتشاف مخطوط في دير سانت كاترين يشير إلى وجود تحريف في الأناجيل لمحمد حارس.
اللؤلؤة الخامسة: دراسة نقدية لسفر التثنية إصحاح 33 للقبطان المسلم.
اللؤلؤة السادسة:نبوءات متى المزعومة( ج1 )لشيخ عرب.
اللؤلؤة السابعة: طفولة يسوع المزيفة في الأناجيل المحرفة لأبو حمزة.
اللؤلؤة الثامنة: (الله) اسم الخالق بالعبرية والآرامية والعربية.لياسر جبر.
اللؤلؤة التاسعة: من ثمارهم تعرفونهم للمشرف العام بموقع الفرقان.
اللؤلؤة العاشرة:مسك الختام (محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
ومن ثم فإن هذه الدراسة ليست بمعزل عن ما سبق الإشارة إليه..

كذلك كتابي الإيروتيكية والكتاب المقدس وهو يتناول القصص الجنسية التي يحتويها الكتاب المقدس مع التطبيقات
العملية وسط القساوسة والرهبان وكلها موثقة بالصور والمعلومات
الإيروتيكية والكتاب المقدس

وكتابي ألف تناقض في كتاب النصارى المقدس وهو رد على كتاب شبهات وهمية حول الكتاب المقدس دون الإشارة إلى مؤلفه حتى لا اتسبب في عمل دعاية لكتابه

ألف تناقض في كتاب النصارى المقدس


وكتابي حول ظهور السيدة العذراء وهو يناقش خرافة الظهوروتجربتي الشخصية في ذلك
حول ظهور السيدة العذراء

وكتابي عذرا الجلسة سرية وهو يناقش قضية صلب المسيح بين السياسة والدين
عذرا الجلسة سرية

وكتابي البرقليط وهو يتناول البشارات بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم كما هي في كتاب النصارى..
وهناك نسخة جديدة تحتوي على إضافات مهمة مازالت تحت الإعداد..

البرقليط

كتابي يوسف عليه السلام بين القرآن الكريم و الكتاب المقدس وهي دراسة مهمة جداً ونظراً لأهميتها اقتبست جزءاً كبيرا منها في نهاية الدراسة التي بين يديك الآن..

يوسف عليه السلام بين القرآن الكريم و الكتاب المقدس



 
5659alsh3er.gif


والدراسة التي بين يديك تحتوي على الموضوعات التالية:

فهرست
المقدمة
الباب الأول:التناخ والعهد الجديد
الفصل الأول:المطلب الأول:المنهج التاريخي ومبحث تدوين التناخ
الفرع الأول:الكتاب المقدس العبري (التناخ)
الفرع الثاني:بداية تدوين التناخ
الفرع الثالث:لغات الكتاب المقدس
الفرع الرابع:كيف جمعت أسفار العهد الجديد ؟.
الفرع الخامس:ماذا يقول علماء النصارى عن كتابهم المقدس ؟
الفرع السادس:المصادر التاريخية للوحي المقدس
الفرع السابع:مخطوطات العهد الجديد
الفرع الثامن:اختلاف مخطوطات العهد الجديد
الفرع التاسع:هل العهد الجديد كلمة الله ؟؟
الفرع العاشر:كتبة الاناجيل
الفرع الحادي عشر:قانونية العهد الجديد
الفرع الثاني عشر:كيفية اختيار الأناجيل الأربعة
الفرع الثالث عشر:ترتيب الأسفار المقدسة ودلالتها
المطلب الثاني:النقد الباطن للمتن
الفرع الأول:مغالطة يرددها المسيحيون
الفرع الثاني:مولد السيد المسيح
الفرع الثالث:حول صلب السيد المسيح
الفرع الرابع:وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا
الفرع الخامس:التناقضات في القصة الواحدة
الفرع السادس:ماذا عن إخوة الإله وأزواج أخواته
الفرع السابع:عقيدة بتولية السيدة العذراء
الفرع الثامن:عِمَّانُوئِيلُ
الفرع التاسع:أخطاء واضحة
الفرع العاشر: وحي من جهة بلاد العرب
الفرع الحادي عاشر:ملكي صادق
الفرع الثاني عشر:عهود مختلفة لكتابة التوراة والتلمود
المطلب الثالث:الأسفار المخفية
الفرع الأول: الأسفار المخفية المعترف بها ولكنها غير موجودة بين دفتي الكتاب المقدس

الفرع الثاني: الأسفار المخفية المُختلف فيها
الفرع الثالث:أي تناخ هو كلمة الله ؟
المطلب الرابع:الأسفار القانونية
الفصل الرابع:مريميات
المطلب الأول:التجلي المريمي حقيقة أم خرافة
المطلب الثاني:الرد على شبهة يَا أُخْتَ هَارُونَ
المطلب الثالث:إنَّ اللهَ واحدٌ ولا إلهَ سواه
المطلب الرابع:عِمَّانُوئِيلُ والثيؤوتوكوس
المطلب الخامس:ختان الإله
المطلب السادس:الماريولوجي
الفصل الخامس: شهادات آباء الكنيسة(على تحريف الكتاب المقدس)
الباب الثاني: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والعهد الأخير
الفصل الأول الفرع الأول مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والوحي المبارك 2
الفرع الثاني مَا أَنَابِقَارِئٍ
الفرع الثالث اسم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الملغز كما يعرفه علماء بني إسرائيل..
الفرع الرابع ماذا عن البرقليط والدكتور القس ( فاندر )؟.
الفرع الخامس المنحمانا
الفصل الثانيخاتم النبيين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفرع الأول أنا اللبنة وأنا خاتم النبيين
الفرع الثاني هُوَذَا عَبْدِيהןעבדי
الفرع الثالث صفة الرسول محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه في التوراة70
الفرع الرابع فتح مكة المكرمة
الفصل الثالث هذا نبيكم صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
الفرع الأول قَدْرُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الفرع الثاني القسم بحياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الفرع الثالث القسم بكلامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الفرع الرابع مكانته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الملأ الأعلى
الفرع الخامس فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الفرع السادس محبة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الفرع السابع وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى
الفصل الثاني: الفرع الأول فماذا عن زُبُرِ الصحابة والتابعين
الفرع الثاني إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ
الفصل الثالث:سيدي يا رسول الله من أنبأك هذا
الفرع الأول جناح الذبابة
الفرع الثاني الأسباط العشرة الضائعة
الفرع الثالث وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي
الفرع الرابع البقرة الحمراء ضمن أدبيات اليهود والمسلمين
الفرع الخامس وانشق القمر
الفرع السادس الفرع الخامس ظهور طوائف ذات عقائد وملل..
أولاً:عبدة الشيطان
ثانياً: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً
الفصل الرابع بين القصص القرآني والقصص التوراتي
الفصل الخامس ليلة القدر
الفصل السادس إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ
الفرع الأول المستهزؤون
الفرع الثاني(وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً)النساء:
الفرع الثالث عام الوفود
الفرع الرابع لماذا اعتنقوا الإسلام
الباب الثالث القرءان الكريم شبهات وردود
الفصل الأول:القرءان الكريم كلام الله تعالى
الفصل الثاني:الفرع الأول..أحاديث جمع القرآن بين الرد والتأويل
الفرع الثاني:نشأة القراءات المتواترة ومعناها ونزولها وحكمتها وغاياتها
الفرع الثالث:تنوير الأفهام في مصادر الإسلام
الفصل الثالث :الفرع الأول: ماذا يريد الملاحدة الجدد من القرآن الكريم
الفرع الثاني:الطعن في حفص بن سليمان بن المغيرة الأسَديّ الكوفي القارئ والرد عليه
الفرع الثالث:قال لي صاحبي وهو يحاورني
الفرع الرابع:الجمع العثماني
الفصل الرابع قضية الإعجاز البياني
الفصل الخامس: إعجاز النظم في القرآن الكريم
المطلب الأول الخصائص المتعلقة بالأسلوب
الفرع الأول الخاصة الأولى
الفرع الثاني الخاصة الثانية
الفرع الثالث الخاصة الثالثة
الفرع الرابع الخاصة الرابعة
الفرع الخامس الخاصة الخامسة
المطلب الثاني المفردة القرآنية
المطلب الثالث الجملة القرآنية و صياغتها
المطلب الرابع الباحثون في القرآن يجمعون على إعجازه
المطلب الخامس قرءان القرن العشرين

وهذه الدراسة وكافة دراساتي حق النشر والاقتباس مكفول لكل مسلم ومسلمة دون الإشارة إلى المصدر أو صاحبه..
فالمهم هو نشر المعلومة ومدى الاستفادة منها واعتذر لكل من اقتبست منهم وفاتني الإشارة إليهم
ليس عن عمد مني ـ فإنني أحب أن أنسب الفضل لصاحبه ـ ولكن نظراً لضياع المصدر بعد تعرض جهاز الكمبيوتر الخاص بي إلى الاختراق
وسرقة الملفات أو تلف الدراسات الخاصة بي ولا حول ولا قوة إلا بالله..فليكن ذلك في ميزان حسناتهم..والله ولي التوفيق..

 

الباب الأول

التناخ والعهد الجديد


الفصل الأول

التناخ

بايبل اليهود المقدس
5707alsh3er.jpg

بين الرواية والتدوين نسأل من كتب التناخ؟..
مقدمة:
إن منهج البحث التاريخي منهج استردادي يقوم بحركة معاكسة للتاريخ وذلك بهدف استعادة مجرى أحداث التاريخ الماضية ذهنياً
والاهتداء إلى الواقعة التاريخية التي اختفت والتثبت منها واسترجاعها بطريقة فكرية صرفه ، ويتم ذلك بضرب من تركيب أو إنشاء الواقعة التاريخية
بالاعتماد على الآثار التي خلفتها أحداث الماضي .
إذن نقطة البدء في المنهج التاريخي هي الوثائق أي الآثار المادية التي تركتها الوقائع، وهذه الآثار تنقسم إلى نوعين:

1 ـ الآثار والأشياء المصنوعة.
2 ـ الآثار الكتابية التي قد تكون وصفاً لحادث تاريخي، أو قد تكون رواية عينية لهذا الحادث التاريخي، وهذا النوع من الوثائق هو
الذي يهمنا من منهج البحث في هذه الدراسة.وهوعلى مطلبين:
المطلب الأول: المنهج التاريخي ومبحث تدوين التناخ وهو الخاص بالسند
المطلب الثاني : النقد الباطن للمتن
5708alsh3er.jpg


مخطوطة لشبونة للتناخ من القرن 15 الصفحة نشرها ابننا الفاضل أحمد سبيع على صفحته في الفيس بوك


المطلب الأول

الفرع الأول

المنهج التاريخي ومبحث تدوين التناخ

النقد الخارجي للسند
إن نقطة البدء في المنهج التاريخي هي الوثائق، والوثائق التي تهمنا في هذه الدراسة هي الوثائق الكتابية والتي تنقسم إلى قسمين:
روايات مباشرة وضعها مؤلف الوثيقة بنفسه :
ولكن هذا وحده لا يكفي ليدلنا على صحة الوثيقة بل علينا أن ننظر في الأحوال التي وضعت فيها الوثيقة والظروف التي أحاطت
بالمؤلف سواء أكانت هذه الظروف والأحوال خارجية عامة أم كانت ظروفاً شخصية متصلة بالمؤلف نفسه ، هذا إذا كان مؤلف الوثيقة
كان قد عاين الحادث مباشرة وجاءتنا روايته مباشرة ، أما إذا لم يكن قد عاين الحادث ، بل كانت روايته عن أخر عاينها أو قد ضم أخباراً
متفرقة عن مخبرين متنوعين لتكوين أخبار عن حادث معين فإنه في هذه الحالة يكون قد قدم لنا وثائق غير مباشرة ، وأكثر المؤرخين إنما
يسيرون على هذا الأساس ، فقليل من المؤرخين هم الذين شاهدوا الأحداث التاريخية ، وقليل من المؤرخين هم الذين استطاعوا
أن يبلغوا مرتبه واحدة فيما بين الحادث الأصلي وبينهم هم أنفسهم ، وهنا يتعين علينا أن نلجأ إلى طريقة أخرى وهي طريقة التسلسل .

طريقة التسلسل :
ويقصد بطريقة التسلسل أي محاولة التسلسل فيما بين الرواة المتوسطين حتى نصل إلى الراوي الأصلي الذي يكون قد عاين الحادث ،
فإذا استطعنا أن نبلغه تمكنا حينئذ من أن نحدد الرواية من حيث قيمتها الحقيقية على وجه التقريب ، كما هي الحال تماما إذا كانت
الرواية مباشرة وعند هذه النقطة نتبع منهجاً مشتركا في دراسة الرواية المباشرة وغير المباشرة حيث أننا قد وصلنا إلى الراوي الأصلي ،
فننظر في هذا الراوي من حيث أمانته ودقته والظروف التي وجد بها ، ولكن معرفة ذلك عسيرة وتبلغ في أكثر الأحيان درجة الاستحالة
ولا نكاد نجد لها شبيها في أي علم من العلوم إلا في حالة واحدة فقط ، تلك الحالة هي التي اختص بها الحديث الشريف فهي الحالة الوحيدة
والفريدة التي وردت برواياتها راوٍ عن راوٍ حتى نصل إلى الشاهد الحقيقي في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الصحابي الجليل
الذي استمع مباشرة من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونقله إلى من خلفه وهذا بدوره نقله إلى من يليه حتى تم تدوينه .
فالخطوة الأولى في المنهج التاريخي هي خطوة البحث عن الوثائق ، فعلينا أن نجمع كل ما يمكن جمعه من الوثائق المتعلقة بعصر من العصور أو بحدث
من الأحداث أياً كان نوع هذه الوثائق ومن أي مصدر كانت ، سواء أكانت هذه الوثائق كتابية أو رواية عينية أو شفهية.
إذا انتهت هذه الخطوة أمكن للعلماء أن يعنوا بهذه الوثائق ويقوموا على دراستها ليستطيعوا عن طريق النقد المنهجي أن يصلوا إلى الأحداث
التاريخية أو النصوص الأصلية كما وقعت وكما قيلت بكل دقة.
فعلينا إذن كخطوة أولى أن نضم كل الوثائق المتعلقة بشيء ما سواء أكانت حدثاً أم كتاباً.
وهو على مطلبين حيث نتناول الموضوع في المطلب الأول من حيث النقد الخارجي للسند..والمطلب الثاني من حيث النقد الداخلي للمتن..


5709alsh3er.jpg

أوباما ونتنياهو في زيارة لمتحف الشراين للإطلاع على مخطوطات البحر الميت المهرَّبة من بلاد العرب اثناء زيارته لإسرائيل في 24مارس 2013م.





 
الفرع الأول

المبحث الأول

الكتاب المقدس العبري (التناخ)


التناخ (Tanakhתנד) هو أكرنيم (ت ن خ)..اسم عبري للعهد القديم، وهو مختصر من الحروف الأولى لثلاث كلمات عبرية هي:
التوراة (توراه Torah תורה..وهي أسفار موسى الخمسةחמשהחומשיתורהحمشه حومشي توراه)..
و (نڤيئيم Nevieam נביים )..و(أسفار الأنبياء، كتوڤيم/ختوڤيم Ktouvimדתובים).. أحياناً يسمى التناخ المقرأ (Miqraa).
ويُفضِّل اليهود استخدام مصطلح «تَناخ» على عبارة «العهد القديم» لأن هذه العبارة الأخيرة تفيد أن العهد الجديد قد أكمل
كتاب اليهود المقدَّس وحل محله. أما مصطلح «تَناخ» فهو تعبير وصفي وحسب، وهو يخلو من أي اعتراف
ضمني بقدم الكتاب المقدَّس، وبأن (العهد الجديد) قد أكمله وحل محله.

لذلك فإنه من المناسب عند الحديث عن المنهج التاريخي وبحث تدوين الكتاب المقدس، نجد أنه من المهم جداً أن نعرف الظروف التي مرت
بها دولتي يهوذا وإسرائيل وهي الحقبة التي تم فيها تدوين الكتاب المقدس. حسب الرواية التوراتية نجد أن هيكل الرب والذي بناه
سليمان عليه السلام في خلال فترة حكمه والتي دامت أربعون عاماً ( 961ـ 921ق.م) استغرق سبع سنوات
وانتهى في عام 954ق.م (961-7= 954) ، في حين أن نفس التوارة تذكر في موضع أخر أن الهيكل تم بناؤه على يد
الملك سليمان عليه السلام بعد 480 سنة من الخروج ولم يكن فيه سوى لوحي الشهادة ، ولما كان الخروج قد تم سنة 1237ق.م
معنى ذلك أن البناء قد تم الانتهاء منه سنة 757ق.م ( 1237-480= 757)، وهذا التناقض التاريخي كثير جداً في التوراة.

إنني أسوق هذا المثال كمدخل للبحث وذلك لأدلل على حقيقة هامة خاصة بمنهج البحث التاريخي لاسيما وأن هذا المنهج كما ذكرنا
منهج استردادي يقوم بحركة معاكسة للتاريخ بغرض استعادة مجرى أحداث الماضي، ولما كانت نقطة البدء في المنهج التاريخي هي الوثائق الكتابية،
فإن القارئ سوف يدرك المعاناة الكبيرة والتي تقع على عاتق الباحث في هذا الأمر سيما وأن الوثائق المعتمد عليها قد تكون مغلوطة فيسعى
إلى تصحيحها أو متناقضة فيحاول التوفيق بينها، فالتوراة التي بين أيدينا لم يكن لها وجود حتى عهد سليمان عليه السلام والذي
كان يحتفظ بلوحي الشهادة كما هو ثابت في أسفارهم [ 9ولم يكُن في التَّابوتِ إلاَ لوحا الحجرِ اللَّذانِ وضَعَهُما فيهِ موسى في حوريبَ،
حَيثُ عاهدَ الرّبُّ بَني إِسرائيلَ عِندَ خروجهِم مِنْ أرضِ مِصْرَ.] 1ملوك 9:8.
وفي هذا يشير رب العزة عز وجل في كتابه الكريم آيه 248 من سورة البقرة:
{ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ المَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
ويزداد الأمر صعوبة حينما لا نعرف عن أي تناخ نتحدث.. إذ أن اليهود والنصارى بين أيديهم ثلاث نسخ مشهورة من التناخ،
وهي التي تتفرع عنها جميع النسخ والترجمات الأخرى وهي:
أولاًـ النسخة العبرية: وهي المقبولة والمعتبرة لدى اليهود وجمهور علماء البروتستانت وهي مأخوذة من النسخة الماسورية وما ترجم عنها.
ثانياً ـ النسخة اليونانية: وهي المعتبرة عند النصارى الكاثوليك، والأرثوذكس وهي التي تسمى السبعينية وما ترجم عنها.
ثالثاً ـ النسخة السامرية: وهي المعتبرة والمقبولة لدى السامريين من اليهود.
وإذا عقدنا مقارنة بين النسخ الثلاث، وجدنا بينها تبايناً شديداً فيه دلالة واضحة على التحريف.
ومن الأمثلة الدالة على ذلك:

أولاً : الاختلاف في عدد الأسفار :
بين النسخ الثلاث اختلاف كبير في عدد الأسفار وذلك أن النسخة العبرية عدد أسفارها تسعة وثلاثين سفراً وما عدا ذلك لا يعتبرونه مقدساً.
أما النسخة اليونانية: فهي تزيد سبعة أسفار عن النسخة العبرية ويعتبرها الكاثوليك والأرثوذكس قانونية ومقدسة.
أما النسخة السامرية: فلا تضم إلا أسفار موسى الخمسة فقط وقد يضمون إليها سفر يوشع فقط وما عداه فلا يعترفون به ولا يعدونه مقدساً.
فهذا الاختلاف الهائل بين النسخ لكتاب واحد والكل يزعم أنه موحى به من عند الله، ويدعى أن كتابه هو الكتاب الحق وما عداه باطل، ففي
ذلك دليل على التحريف من قبل المتقدمين، وأن المتأخرين استلموا ما وصل إليهم بدون نظر في ثبوته أو عدم ثبوته، أو أن المتأخرين
وصلتهم كتب عديدة ومتنوعة فأدخلوا ما رأوا أنه مناسب وذو دلالات مهمة، وحذفوا ما رأوا عدم تناسبه مع ما يعتقدون،
أو يرون، بدون أن يكون لهم دليل صحيح على إضافة ما أضافوا من الأسفار أو حذف ما حذفوا منها.
ثانياً: الاختلاف والتباين بين النسخ في المعلومات المدونة :
إذا قارنا بين النسخ الثلاث فيما اتفقت في ذكره من أخبار وقصص نجد بينها اختلافاً كبيراً ومن من الأمثلة على ذلك:
1ـ أن اليهود ذكروا تاريخ مواليد بني آدم إلي نوح عليه السلام، ونصوا على عمر كل واحد منهم، وكذلك عمره حين
ولد له أول مولود، وبعقد مقارنة بين ما ورد في النسخ الثلاث في أعمار من ذكروا حين ولد لهم أول مولود تتبين اختلافات واضحة، فمن ذلك:

5710alsh3er.jpg
 
فهذه أمثلة تدل على تحريفهم وتبديلهم لكلام الله ـ حيث لا يمكن الجمع بين هذه الروايات المتناقضة.
2ـ اختلاف المدة من الطوفان إلى ولادة إبراهيم عليه السلام في التوراة العبرية 292سنة، و في اليونانية 1072 سنة، و في السامرية 942 سنة.

3ـ اختلاف المدة من خلق آدم إلى ميلاد عيسى عليه السلام ففي التوراة العبرية 4004 سنة، وفى التوراة اليونانية 5872 سنة، و في السامرية 4700 سنة.

4ـ اسم الجبل الذي أوصى موسى ببناء الهيكل عليه: ففي التوراة العبرية: جبل عيبال وهو جبل للعن وهو أجرد يابس،
أما في السامرية: فجبل جرزيم وهو جبل مناسب للبركة لكثرة مياهه، أما في اليونانية: فجبل عيبال هو جبل البركة، وبنى عليه مذبح للرب (تثنية 26: 11).
5ـ الوصايا العشر: ففي التوراة العبرية واليونانية: عشر وصايا، أما فى التوراة السامرية: إحدى عشر.
6ـ أعداد بنى إسرائيل وأولاده عند دخولهم مصر: في السامرية: 75، و في التوراة اليونانية: 70.
7ـ يوم القيامة: في العبرية واليونانية لا يوجد ذكر لها، وفى السامرية صرَّحَ بها موسى عليه السلام.
ثالثاً: الاختلاف مع ما ذكروه في مواضع أخرى من كتابهم:
ذكر كاتب سفر التكوين أن سفينة نوح استقرت بعد الطوفان على جبال أراراط بعد سبعة أشهر وسبعة عشر يوماً، ثم ذكر أن
رؤوس الجبال بعد الطوفان لم تظهر إلا في أول الشهر العاشر.
وهذا نص سفر التكوين: { واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال أراراط وكانت المياه
تنقص نقصاً متوالياً إلي الشهر العاشر وفي العاشر في أول الشهر ظهرت رؤوس الجبال } [ تكوين 8: 4 ]
ففي هذا تناقض ظاهر فكيف رست السفينة على الجبال بعد سبعة أشهر مع أن رؤوس الجبال لم تظهر إلا في أول الشهر العاشر ؟!
وطبقاً للموسوعة البريطانية فإن النص السامري يختلف عن النص اليوناني في الأسفار الخمسة بما يزيد على أربعة آلاف اختلاف،
ويختلف عن النص العبري القياسي بما يربو على ستة آلاف اختلاف.
ومن أمثلة هذه الاختلافات:
1ـ مما زادت به السامرية وهو غير موجود في العبرية: [ كانت كل أيام سام ستمائة سنة ومات ] التكوين 11:11
2ـ وأيضاً جاء في العبرانية:
[ وقال قابيل لهابيل أخيه، ولما صارا في الحقل قام قابيل ] ( التكوين 4:8 ) ولم يذكر فيه مقال قابيل، وقد جاء النقص تاماً في السامرية، وفيه: [ قال نخرج إلى الحقل ] .
3ـ ومما زادت به العبرانية عن السامرية الآيات العشر الأول في الإصحاح الثلاثين من سفر الخروج، وقد بدأ الإصحاح الثلاثون في السامرية بالفقرة 11.
4ـ من زيادات السامرية على العبرانية ما وقع بين الفقرتين 10 - 11 من ( العدد 10 ) وفيه:
[ قال الرب مخاطباً موسى: أنكم جلستم في هذا الجبل كثيراً، فارجعوا، وهلموا إلى جبل الأمورانيين وما يليه إلى العرباء،
وإلى أماكن الطور والأسفل قبالة التيمن وإلى شط البحر أرض الكنعانيين ولبنان وإلى النهر الأكبر نهر الفرات، هوذا أعطيتكم فادخلوا،
ورثوا الأرض التي حلف الرب لآبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب أنه سيعطيكم إياها، ولخلفكم من بعدكم ] العدد 10 :10.
5ـ ومثله [ وأنت أبيت أن تطلقه، ها أنا سأقتل ابنك بكرك ] ( الخروج 11:7 ) وفي العبرانية مثله في ( 9 :1 - 3 ) .
6ـ ومنه الخلاف المشهور بين السامريين والعبريين في الجبل المقدس الذي أمر الله ببناء الهيكل فيه، فالعبرانيون يقولون: جبل عيبال،
لقوله: [ تقيمون هذه الحجارة ] وقع في
( الخروج 11 ) بين الفقرتين 3 - 4، ولا توجد في العبرانية وفيه: [ وقال موسى لفرعون: الرب يقول: إسرائيل ابني، بل بكري،
فقلت لك: أطلق ابني ليعبدني التي أنا أوصيكم بها اليوم في جبل عيبال ] ( التثنية 27:4 )،
وفي السامرية أن الجبل جرزيم: [ تقيمون الحجارة هذه التي أنا موصيكم اليوم في جبل جرزيم ].
7ـ وعند دراسة أعمار الآباء في الإصحاح الخامس من سفر التكوين حسب العبرانية يفهم منه أن طوفان نوح حصل بعد 1656 سنة من خلق آدم،
وتعتبره اليونانية قد حصل سنة 2262، والسامرية 1307. فكيف يجمع بين النصوص الثلاثة ؟
8ـ ثم حسب النص العبراني فإن ميلاد المسيح سنة 4004 من خلق آدم وهو في اليونانية سنة 5872، وفي السامرية 4700.
ومثله الخلاف في مقدار الزمن بين الطوفان وولادة إبراهيم، فإنه في العبرانية 292 سنة، وهو في اليونانية 1072 سنة، وفي السامرية 932 سنة.... وغير ذلك من الصور.
وأخيرا نقول: أي هذه كلمة الله، وما الدليل الذي يقدم توراة العبرانيين (البروتستانت واليهود) على توراة السامريين أو على توراة الأرثوذكس والكاثوليك اليونانية.


رابعاً : الاستشهاد بكتب سماوية أنزلها الله على أنبيائه ، وليس لها وجود فى الكتاب المقدس :
1. سفر حروب الرب وقد جاء ذكر اسم هذا السفر في (العدد21:14).
2. سفر ياشر وقد جاء ذكر اسم هذا السفر في (يشوع10: 13).
3. سفر أمور سليمان جاء ذكره في ( الملوك الأول11: 41 ).
4. سفر مرثية إرميا على يوشيا ملك أورشليم وجاء ذكر هذه المرثية في ( الأيام الثاني35: 25 ).
5. سفر أمور يوشيا ( الأيام الثاني35: 25 ).
6. سفر مراحم يوشيا ( الأيام الثاني35: 25 ).
7. سفر أخبار ناثان النبي ( أخبار الأيام الثاني9: 29 ).
8. سفر أخبار شمعيا النبي ( الأيام (2) 12/15 ).
9. سفر أخيا النبي الشيلوني ( أخبار الأيام الثاني9: 29 ).
10.وسفر رؤى يعدو الرائي وقد جاء ذكر هذه الأسفار في ( أخبار الأيام الثاني9: 29 ).
11.سفر أخبار جاد الرائي وقد جاء ذكره في ( أخبار الأيام الأول 29: 31 )
12.سفر شريعة الله ( يشوع 24: 26 ).
13.سفر توراة موسى ( يشوع 8: 31 ).
14.سفر شريعة موسى ( يشوع 23: 6 ).
15.سفر أخبار صموئيل الرائي ( الأيام الأول 29:29 ).
ويتمشدقون بعد ذلك ويقولون التناخ هو كلمة الله؟...
أي جزء من هذا الكتاب يحتوي على كلمة الله المقدسة؟
كم من أجزائه هي نتاج العقل البشري الفاني المحدود؟
هل تتجاوز الـ "قصص" الحدود التي تفصل الأسطورة عن التاريخ؟
أما زالت الكتب الأصلية كلها مدرجة فيه؟ أم أن الكثير من النصوص القديمة ضاعت أو استبدلت أم حذفت؟
هل كلها صحيحة أم نسبها أصحابها لهدف معين يتفاخرون بها؟
هذه أسئلة جعلت علماء الكتاب المقدس وآباء الكنيسة يعترفون بأن الكتاب المقدس مجموعة من الساطير والخرافات.
تقدم الرمال بين الحين والآخر قطعة صغيرة من الأحجية, التي تلقي الضوء على القصة الكتابية أو تناقضها, لكن على العلماء
أن يلجأوا الى مقارنة النصوص بحد ذاتها ليعرفوا كيف ومتى وًجد الكتاب, فغالباً ما تأتي أسماء العلم لتناقض الإكتشافات الأثرية
أو الإكتشافات الأثرية تأتي لتنقض كتاباً كاملاً وتثبت أنه "مختلق" للغاية, كحجر "منبتاح الفرعوني" عن حرب الهكسوس يبين تعاون الكنعانيين
وبنو اسرائيل والليبيين من جهة والفراعنة من جهة أخرى, الذي أدى الى إحتلال دلتا مصر, الذي لا يثبت أنه كان هناك حرب إبادة للكنعانيين
على يد بني إسرائيل والذي يدحض سفر يوشع بالكامل, وهو أمر وضع دارسي "الكتاب المقدس" في حيرة وضيق شديد جداً.
صدقوني هذه حقيقة صارخة.. سفر يشوع بأكمله ثبت كذبه لتناقضه مع نصب منبتاح الفرعوني الذي يثبت أن الكنعانيين
الحضر والرعاة العبرانيين كانوا على وفاق و تزاوجوا وعبد العبرانيون ما عبد الكنعانيون, فكيف أباد العبرانيون الكنعانيين وحيواناتهم وأشجارهم و كل شيء..
هل تعلم أن اليهود حتى القرن السادس, على الأقل عبدوا الشمس؟ فكيف تثق بكلامهم وما كتبوا ؟ ..
وحتى أسهل عليك الأمر إليك هذه الدراسة التفصيلية عن عبادة اليهود لتموز وكيف أن نساء اليهود كن يبكينه بعد فقد عضوه الذكري..
 
عبادة اليهود لتموز

وفقا للأساطير تزوجت الإلهة عشتار (إنانا)من الإله تموز زواجا قتل بعدة تموز ونزل إلى عالم الأموات في أسفل الأرض..فحزنت عشتار عليه
حتى بلغت حدا أبت تحت رزئه إلا النزول إلى عالم الموتى لترى تموز هناك.



الأمر الذي أدى إلى إستياء الأحوال على الأرض وتوقفها مع انقطاع النسل،وبكت النساء على تموز.. فأرسلت السماء أمرا إلى العالم السفلي بإخلاء سبيل عشتار.
عادت عشتار إلى الأرض ومعها عادت الحياة لزوجها تموز.
وكانت هذه القصة محورا أساسيا في الدين البابلي لفترة طويلة.
ويعتبر هبوط إنانا إلى العالم السفلي أول ملحمة إنسانية حول موضوع الإله الفادي, حيث تقوم إنانا بتضحية اختيارية وتنزل إلى العالم السفلي,
بحيث تلبث ثلاثة ايام, ثم يسعى خادمها الأمين لاستعادتها..
وقد سمّاها السومريون إناناوهي في أساطيرهم ابنة الإله سين إله القمر. وأمها الإلهة ننكال، وأخوها الإله أوتو إله الشمس، وأختها الإلهة إيرشيكال
إلهة العالم السفلي، عالم الأموات. وهي أعظم الآلهات وأسماهن منزلة. وكان مركز عبادتها الأصليّ مدينة الوركاء عاصمة بلاد سومر،
التي كانت تُعدّ من أهمّ المراكز الدينيّة والحضاريّة لعصور طويلة.
وهي نجمة الصباح والمساء معاً رمزها نجمة ذات ثماني أشعة منتصبه على ظهر أسدين، على جبهتها الزهرة، وبيدها باقة زهر.
وهي الهة الصباح والمساء في الدولة القديمة .
وقد كانت التضحية من اجل عشتار في ذكرى اختفاء ابنها وزوجها وعشيقها تموز باهظه الثمن على كل من يقدم على التضحية الاختياريه
لان قدرة عشتار على جمع اشلاء زوجها او ابنها تموز(تختلف الروايات عن تموز هل هو زوج او ابن ) وكان جسده شبه كامل ما عدا العضو الوحيد
الذي لم تتمكن من العثور عليه وهو عضو رمز الرجوله والذكوره والانجاب وهذا هو سر بكاء النساء عليه..وكان موعد اختفاء تموز ذكرى
حزينه ومؤلمه..تتجدد عند اليهود ونساء اليهود حتى الآن..
ويتسابق الزوار الى المعبد الراغبين بالتضحيه الى قطع اعضاء ذكورتهم ورميها في حوض تحت تمثال عشتار وبعد ذلك يخرجون من المعبد
وقد انقطع امتدادهم مع المستقبل بعد تخلصهم من عضو الذكوره الذي يمكنهم من الانجاب والتمدد الى المستقبل من خلال الابناء ويكون
خروجهم من المعبد ذكورا وخروجهم بدون أي رابط مع الذكوره وهذه التضحيه تجسد اغلى التضحيات لان من قدم التضحيه
قد ضحى بما لم يأت بعد وهو امتداده المستقبلي في الدنيا..وهو الأمر نفسه الذي جعل بولس يُخصي نفسه ويأمر الأتباع بالخصيان..
ولقد كشفت الحفريات من بعض ماكشفته عن ديانة الخصب في بلاد مابين النهرين القديمة ... والتي تسمى بالزواج المقدس والتي تعتبر
في مضمونها الملحمي احد صلواة السومريين ..
وعن بطليها " دموزي " ـ الملك او الراعي (الذي عرف في العهد القديم باسم تموز ( والنموذج له هو الاله الميت ـ ,وبين زوجته المحبة "ايناّنا "
(والتي عرفت باسم عشتار ( وخاصة عند القوم الساميين ...
حيث كان لهذا الزواج المقدس حفلاً يقام ابتهاجاً بهم تصحبه الاناشيد الغزلية التي تبعث الفرح والنشوة في نفوس الحاضريين..
لكن بالرغم من كله ما يمتلكه هذا الزواج من حب وفرح ونشوةالعاطفة , انتهى " دموزي " الى نهاية مؤلمة ... لقد كانت مأساة ساخرة ,
ويتمثل هذاالزواج بنزول أيناّنا " عشتار " الى العالم السفلي التي تتداخل مع الآم دموزي " تموز " ثم موته وانبعاثه من جديد ....
وعند وجودها في العالم السفلي، ولأنها إلهة الجنس فقد ألمت بالارض امور خطيرة. لقد ابتعد الثور عن انثاه وهجر الرجل زوجته، هذا ما تذكره نسخةآشورية.

وهذا هو كهف عبادة تموز في إسرائيل A Tammuz Cave in Israel

5711alsh3er.jpg

وهذا هو موضع عشتار في مدينة بابل

5712alsh3er.jpg

عشتار بوابة عبر اعماق الارض الي القارات الاخري تحت أعماق الارض


ونلاحظ أن البابليين والآشوريين حينما يرسمون أو ينحتون تماثيلهم لا يهتمون بمقاييس الجمال مثل ما يفعل الرومان..وإنما يهتمون
بالرموز والدلالات التي يقصدونها من وراء رسوماتهم أو تماثيلهم..
فهم يبعثون برسالات للعالم القادم من خلال تلك النقوش, فكأنهم يقولون:يا سكان آخر الزمان اعلموا ان تلك الأقوام المغلق عليهم
بإحكام عظيم سيخرجون مرة أخرى وعلامة خروجهم في حال ما تكون "المرأة عارية " ..ومن ثم رمزوا لعشتار أو آلة الحب عشتار لإمرأة عارية..
ومن بعدهم فعل الرومان لإفروديت.. والتمثال يبرز الجزء الاوسط من جسد عشتار مع الثديين الامر الذي يرمز الى الاخصاب
والعطاء والامومه بالإضافة إلى أنهما ـ أي الثديين ـ يمثلان رمز الأنوثة والغواية عند المرأة..



http://algayp.blogspot.com/2012/06/blog-post_04.html
لقد رسموها وصوروها عارية لأنها تمثل رمز الغواية والإضلال..ومن ثم رسموا أظافرها كحافر الانعام مما يدل على الضلالة التي وصلت
اليها المرأة بجميع اديانها..فهي مهما بلغ أمرها وعظم شأنها فمثلها كمثل الأنعام..
أما البومة المرسومة علي جانبي الصورة فدلاله علي الغمة والظلام الحالكين لهذا الزمن..أي زمن الاسطورة.. وكذلك دلاله علي
ان سكان آخر الزمان إذا وصل بهم الحال مثل ذلك الحال..فلسوف يكون مآلهم هو هو نفس المآل..
كما أن المرأة أو آلهة الحب عشتار واقفة علي الأسدين دلالة علي استئناس معيشة تلك الاقوام لحال النساء العاريات ويقصدون بذلك
ضياع القيم وفي المستقبل سوف تضيع القيم والمبادئ والأخلاق بالرغم من وجود الاديان إذا تحكمت المرأة في الرجال وداست عليهم بحوافرها.
http://algayp.blogspot.com/2012/06/blog-post_04.html
بقيت عبادة الإلهة عشتار منتشرة في العصور القديمة، من السومريين حتى الأكاديينوالبابليين والآشوريين، وبقي اسمها بارزاً حتى بعد سقوط
الامبراطورية الآشورية،وأطلق اسمها في العصر البابلي الحديث(625ـ 539ق.م)على واحدة من أشهر بوابات العاصمة بابل،
وهي تُعْرَفُ اليومَ ببوابة عشتار، وقد استمرت عبادة الإلهة عشتار حتى القرون الأولى لانتشار المسيحية، إلى أن قام الامبراطور المسيحي قسطنطين
بهدم آخر معابدها في جبل لبنان بسبب طقوسهم الجنسية أو ما يسمى بالزواج المقدس.
 
علاقة الأسطورة بميلاد السيد المسيح
عرفت عشتار قرينة تموز ( فهما زوج وزوجة مرة ..ومرة أم وابنها بحسب كل قوم وما اخترعوا) ..فتموز يهبط إلى العالم السفلي
في الانقلاب الصيفي ٢٤ يونيو / حزيران بما يُعرف بوفاة تموز.
وكون ذلك التاريخ تبدأ تقل ساعات النهار ، ثم يصعد للعالم العلوي في ٢٥ ديسمبر / كانون الأول ويُعرف بميلاد تموز مبشرا بالربيع ،
وتبدأ ساعات النهار تطول وساعات الليل تقصر ، ولهذا اختاره قسطنطين ليكون يوم ميلاد المسيح عندهم في مجمع نيقية عام ٣٢٥ م .

5742alsh3er.jpg


عشتار المهيمنة على الاسد المرتمي تحت قدميها وامامها تموز ومعه الوعلان رمز الفحولة والخصوبة التي تظهر بالنخيل المثمرة التي تحيط بهما
علاقتها بالعقائد المعاصرة :
شكل القمر والشمس والزهرة ثالوثا مقدسا عند الأقدمين ومعها معبودات أخرى كملحقات لها ، واختلاف التسميات بينها لا يعني اختلاف القدرات المزعومة لها .

تغلغل الفكرة لدى بني إسرائيل: كان تموز أحد آلهة الشرق الوثني.واشتركت في عبادته معظم الشعوب القديمة تحت أسماء مختلفة
وكان أدونيس الفينيقيين أشهرها. وكانت النسوة يبكين عليه، مرة في كل سنة، حزنًا على وفاته، وهو إله العشب الذي كان يعتقد أنه يبعث بعد الموت حيًا.
فها هي ذي صورة لتمثال تموز

5743alsh3er.jpg


وهذا نحت قديم له


5744alsh3er.jpg


ومن سفر حزقيال الإصحاح الثامن ننقل التالي.. حيث ينقسم الاصحاح الي :
1-4 عن تمثال الغيرة
5- 12 عن الوثنية
13-15 عن بكاء النساء علي تموز
16-18 عبادات وثنية اخري
لقد سمح الله بخراب الهيكل، نظراً لأن اليهود نجسوا الهيكل بأوثانهم، لذلك تركه لهم. وكأن الله حينما يظهر بشاعة خطيئتهم للنبى،
كأنه يسأل "هل مثل هؤلاء يُرحَمون". الله ما كان سيتخلى عن الهيكل إلا حينما نجسه هؤلاء، فلا شركة للنور مع الظلمة، وحين تركه الله دخله البابليون.
(1وَكَانَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ، فِي الشَّهْرِ السَّادِسِ، فِي الْخَامِسِ مِنَ الشَّهْرِ، وَأَنَا جَالِسٌ فِي بَيْتِي، وَمَشَايِخُ يَهُوذَا جَالِسُونَ أَمَامِي،
أَنَّ يَدَ السَّيِّدِ الرَّبِّ وَقَعَتْ عَلَيَّ هُنَاكَ. 2فَنَظَرْتُ وَإِذَا شِبْهٌ كَمَنْظَرِ نَارٍ، مِنْ مَنْظَرِ حَقْوَيْهِ إِلَى تَحْتُ نَارٌ، وَمِنْ حَقْوَيْهِ إِلَى فَوْقُ كَمَنْظَرِ
لَمَعَانٍ كَشِبْهِ النُّحَاسِ اللاَّمِعِ. 3وَمَدَّ شِبْهَ يَدٍ وَأَخَذَنِي بِنَاصِيَةِ رَأْسِي، وَرَفَعَنِي رُوحٌ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَأَتَى بِي فِي رُؤَى اللهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ،
إِلَى مَدْخَلِ الْبَابِ الدَّاخِلِيِّ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الشِّمَالِ، حَيْثُ مَجْلِسُ تِمْثَالِ الْغَيْرَةِ، الْمُهَيِّجِ الْغَيْرَةِ. 4وَإِذَا مَجْدُ إِلهِ إِسْرَائِيلَ هُنَاكَ مِثْلُ الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُهَا فِي الْبُقْعَةِ.
5ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، ارْفَعْ عَيْنَيْكَ نَحْوَ طَرِيقِ الشِّمَالِ». فَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ نَحْوَ طَرِيقِ الشِّمَالِ، وَإِذَا مِنْ شِمَالِيِّ بَابِ الْمَذْبَحِ تِمْثَالُ الْغَيْرَةِ هذَا فِي الْمَدْخَلِ.
6وَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ مَا هُمْ عَامِلُونَ؟ الرَّجَاسَاتِ الْعَظِيمَةَ الَّتِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ عَامِلُهَا هُنَا لإِبْعَادِي عَنْ مَقْدِسِي.
وَبَعْدُ تَعُودُ تَنْظُرُ رَجَاسَاتٍ أَعْظَمَ») حزقيال 8: 1- 6.

جاء شيوخ إسرائيل الذين فى السبى ليسمعوا من النبى حزقيال. وهنا رأى النبى رؤيا، والشيوخ لم يروا شيئاً
وما لاحظه غالباً هؤلاء الشيوخ، أن النبى فى شبه غيبوبة روحية.
فكان الله بمجده مازال فى الهيكل. وهذا مما يزيد بشاعة خطيئة يهوذا أنهم يتركون هذا المجد ليعبدوا تمثال الغيرة. ولاحظ انه كان متجهاً للشمال،
ومن الشمال جاء البابليون. فالضربات تأتى للأشرار من حيث توجد خطيئتهم. ولاحظ أيضاً عبارة لإِبْعَادِي عَنْ مَقْدِسِي .
(7ثُمَّ جَاءَ بِي إِلَى بَابِ الدَّارِ، فَنَظَرْتُ وَإِذَا ثَقْبٌ فِي الْحَائِطِ. 8ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، انْقُبْ فِي الْحَائِطِ». فَنَقَبْتُ فِي الْحَائِطِ، فَإِذَا بَابٌ.
9وَقَالَ لِي: «ادْخُلْ وَانْظُرِ الرَّجَاسَاتِ الشِّرِّيرَةَ الَّتِي هُمْ عَامِلُوهَا هُنَا». 10فَدَخَلْتُ وَنَظَرْتُ وَإِذَا كُلُّ شَكْلِ دَبَّابَاتٍ وَحَيَوَانٍ نَجِسٍ،
وَكُلُّ أَصْنَامٍ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، مَرْسُومَةٌ عَلَى الْحَائِطِ عَلَى دَائِرِهِ. 11وَوَاقِفٌ قُدَّامَهَا سَبْعُونَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ،
وَيَازَنْيَا بْنُ شَافَانَ قَائِمٌ فِي وَسْطِهِمْ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِجْمَرَتُهُ فِي يَدِهِ، وَعِطْرُ عَنَانِ الْبَخُورِ صَاعِدٌ. 12ثُمَّ قَالَ لِي:
«أَرَأَيْتَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا تَفْعَلُهُ شُيُوخُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ فِي الظَّلاَمِ، كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَخَادِعِ تَصَاوِيرِهِ؟ لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ:
الرَّبُّ لاَ يَرَانَا! الرَّبُّ قَدْ تَرَكَ الأَرْضَ!»). حزقيال8: 7 – 12
أقام هؤلاء الشيوخ، قادة الشعب المرائين، الذين يحكمون ضد عابدى الأوثان، وهم يعبدونها سراً، أقاموا حائطاً ليستر عملهم،
ولكن كان هناك ثقب، فمهما حاول المرائى أن يستر خطيته، فهناك ثقب يظهرها. وإذا إستمر المرائى فى خطيئته، فالله يعمل على
أن يتسع ذلك الثقب ليفضح هذا الخاطئ المرائى، هكذا طلب الله من حزقيال توسيع الثقب. وللأسف كانوا يعبدون تِمْثَالُ الْغَيْرَةِ الذي فِي الْمَدْخَلِ. وكانوا يقولون الله لا يرانا.
(13وَقَالَ لِي: «بَعْدُ تَعُودُ تَنْظُرُ رَجَاسَاتٍ أَعْظَمَ هُمْ عَامِلُوهَا». 14فَجَاءَ بِي إِلَى مَدْخَلِ بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ الَّذِي
مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ، وَإِذَا هُنَاكَ نِسْوَةٌ جَالِسَاتٌ يَبْكِينَ عَلَى تَمُّوزَ. 15فَقَالَ لِي: «أَرَأَيْتَ هذَا يَا ابْنَ آدَمَ؟ بَعْدُ تَعُودُ تَنْظُرُ رَجَاسَاتٍ أَعْظَمَ مِنْ هذِهِ».
16فَجَاءَ بِي إِلَى دَارِ بَيْتِ الرَّبِّ الدَّاخِلِيَّةِ، وَإِذَا عِنْدَ بَابِ هَيْكَلِ الرَّبِّ، بَيْنَ الرِّوَاقِ وَالْمَذْبَحِ، نَحْوُ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً ظُهُورُهُمْ
نَحْوَ هَيْكَلِ الرَّبِّ وَوُجُوهُهُمْ نَحْوَ الشَّرْقِ، وَهُمْ سَاجِدُونَ لِلشَّمْسِ نَحْوَ الشَّرْقِ. 17وَقَالَ لِي: «أَرَأَيْتَ يَا ابْنَ آدَمَ؟ أَقَلِيلٌ لِبَيْتِ يَهُوذَا
عَمَلُ الرَّجَاسَاتِ الَّتِي عَمِلُوهَا هُنَا؟ لأَنَّهُمْ قَدْ مَلأُوا الأَرْضَ ظُلْمًا وَيَعُودُونَ لإِغَاظَتِي، وَهَا هُمْ يُقَرِّبُونَ الْغُصْنَ إِلَى أَنْفِهِمْ.
18فَأَنَا أَيْضًا أُعَامِلُ بِالْغَضَبِ، لاَ تُشْفُقُ عَيْنِي وَلاَ أَعْفُو. وَإِنْ صَرَخُوا فِي أُذُنَيَّ بِصَوْتٍ عَال لاَ أَسْمَعُهُمْ».) حزقيال8: 13 – 18
كانت عبادة تموز عبادة كلدانية، يقدمون فيها ذبائح بشرية، وتمارس فى هذه الاحتفالات العلاقات الجنسية كجزء من العبادة
وكانوا يقيمون هذه الإحتفالات لتموز مرتين، الأولى فى زمن إشتداد الحر وفيها يبكون موت تموز (وشهور الحر هى يوليو وأغسطس،
وطالما هم يبكون هنا، فهم فى حوالى شهر أغسطس = الشهر السادس بحسب التوقيت اليهودى (8 : 1). ثم يقيمون حفلات الفرح بعودة تموز فى شهور الربيع.
وهنا كان النساء اليهوديات يشتركن فى هذه العبادة بالبكاء على تموز، وما سيأتى هو أسوأ مما سبق .. فهناك 25 رجلاً وغالباً
كانوا من الكهنة، كانوا واقفين بين الرواق والمذبح حيث تؤدى أقدس الشعائر الدينية، وكانوا يعبدون الشمس ناظرين للشرق،
أى أعطوا ظهورهم للهيكل، لأن الهيكل اليهودى كان متجهاً للغرب لا للشرق، وهذا يتطابق مع قول الله "هذا الشعب أعطانى القفا لا الوجه
(26كَخِزْيِ السَّارِقِ إِذَا وُجِدَ هكَذَا خِزْيُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، هُمْ وَمُلُوكُهُمْ وَرُؤَسَاؤُهُمْ وَكَهَنَتُهُمْ وَأَنْبِيَاؤُهُمْ،
27قَائِلِينَ لِلْعُودِ: أَنْتَ أَبِي، وَلِلْحَجَرِ: أَنْتَ وَلَدْتَنِي. لأَنَّهُمْ حَوَّلُوا نَحْوِي الْقَفَا لاَ الْوَجْهَ، وَفِي وَقْتِ بَلِيَّتِهِمْ يَقُولُونَ: قُمْ وَخَلِّصْنَا.) أرميا 2 : 26 ـ 27..
http://www.arabchurch.com/commentaries/father_antonios/Ezekiel/8

وعرف (تَمُّوز)عند العرب ببعل
ويُسمى تَمُّوز كذلك بعلا ، أو المعبود بعل، وقد سُميت مدينة بعلبك باسمه أي ( مدينة الشمس) وجاء ذكره بالقرآن الكريم
لما بعث الله نبيه إلياس عليه الصلاة والسلام ينهى عن عبادة بعل فقال لهم : (أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ)الصافات: 125 ،
بينما في اليمن القديم لم يعبدوا صنما ، بل الشمس مباشرة.
فقد عُرِف (بعل) بين العرب باسمه. أما عشتار فعُرِفت باسم: «عَثتر».
ولا يُستبعَد أن تكون الجزيرة العربية منشأ هذه العبادة؛ فاسم (بعل) عربي أصيلبمعنى الرب والمالك كما أن في قصة الهدهد في القرآن الكريم
إشارة صريحة إلى شيوععبادة الشمس في قوم سبأ.
وهنا لطيفة ذكرها بعض العلماء، وهي: أن الهدهد لَمَّاكان رِزقه متوقفاً على ما يخرجه الله من خبيء الأرض قال:
(أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْـخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَاتُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) [النمل: ٥٢] .
لكن عُبَّاد (بعل) (الشمس) – كماأشرت آنفاً – كانوا يؤمنون بأنه: هو الذي يُخْرِج الخبء في الأرض بعد أن حُبسفيها، فيسحب وراءه
خضرة الربيع؛ فهل كان استنكار الهدهد ردّاً على هذا المعتقد؟الله أعلم.
انتقلت عبادة عشتار وبعل إلى بني إسرائيل من طريق الكنعانيين وجاء في سفر القضاة. (11وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَعَبَدُوا الْبَعْلِيمَ.
12وَتَرَكُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمِ الَّذِي أَخْرَجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَسَارُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَهُمْ، وَسَجَدُوا لَهَا وَأَغَاظُوا الرَّبَّ.
13تَرَكُوا الرَّبَّ وَعَبَدُوا الْبَعْلَ وَعَشْتَارُوثَ. )سفر القضاة 2: 11-13.
لكن تغلغل الوثنية في بني إسرائيل بدأ على مراحل ، أولها اختلاطهم بالكنعانيين ، ثم بالبابليين الذين ورثروا ما تبقى من حضارات العراق ثم احتكاكهم المباشر بالفرس .
وتقدَّم إلياسُ عليه السلام يدعو إلى توحيد الله أمام ملك إسرائيل «أخْآب» و(أَنْبِيَاء ـ أي: كهنة ـ الْبَعْلِ الأَرْبَع مِئَةٍ وَالْخَمْسِينَ،
وَأَنْبِيَاءعَشْتَارُوثَ الأَرْبَع مِئَةِ»)الملوك الأول 18، فكذبوه.
قال تعالى -: (وَإنَّ إلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ *
اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإنَّهُمْ لَزمُحْضَرُونَ)الصافات: 123 - 127.
استمرت عبادة بعل في بني إسرائيل، بل صارت هي العبادةالرسمية في الهيكل الثاني الذي بناه الفرس بفلسطين برعاية من الملك الفارسي المجوسي(كورش)
بعد أن دمَّره (بُختنَصَّر). وهكذا أصبح دين اليهود مزيجاً من وثنية البابليين والكنعانيين ووثنية المجوس؛ حتى إن كهنة الهيكل الثاني
أصبحوا يُعرفون باسم: «الفريسيين» أي الفارسيين.
وقد انتقلت طقوس عبادة (بعل) إلى بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام في فارس.
وفي وصف هذه الطقوس يقول سِفر الملوك الأول: (وَظَلُّوا يَدْعُونَ بِاسْمِ الْبَعْلِ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الظُّهْرِ قَائِلِينَ: «يَابَعْلُ اسْتَجِبْ لَنَا»...
وَيُمَزِّقُونَ أَجْسَادَهُمْ بِالسُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ كَعَادَتِهِمْ، حَتَّى سَالَ مِنْهُمُ الدَّمُ) [الملوكالأول 18: 26-28].
ومن سدنة الهيكل الفريسيين نشأت اليهودية الحاخامية التي ابتدعت عقيدة القبَّالاه القائمة على عبادة الكواكب والتنجيم والسحر.
وأصبح (بعل) يسمى(لوسيفر) أي: مانح النور، ثم أصبح هذا الاسم مطابقاً للشيطان.
وهذا الترادف بينعبادة الشمس (بعل) وعبادة الشيطان (لوسيفر) يذكِّرنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم:
(... فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنِ الصَّلاَةِ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ) [رواه أحمد: (حديث 6966)، ومسلم: (حديث 1419).].
قال الإمام النووي معلقاً: ...، وقيل: القرنان ناحيتا الرأس، وأنه على ظاهره. وهذا هو الأقوى. قالوا: ومعناه: أنه يدني رأسه إلى الشمس
في هذه الأوقات؛ ليكون الساجدون لها من الكفاركالساجدين له في الصورة»[ أبو زكريا النووي، المنهاجشرح صحيح مسلم بن الحجاج،
(دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1392هـ)، 6/112 (وَفْقاً لترقيم المكتبة الشاملة). ].
ثم من حنادس اليهودية الفريسية (الفارسية) ظهر في القرن الأول الميلادي «شاول الطرسوسي» الباطني الذي تَسمَّى باسم: (بولس) وأفسد دين النصارى.
كان هذا الرجل فريسي الشريعة، كما قال عن نفسه رُوميَّ الولاء؛ فأدخل عبادة (بعل) بصورة أكثر تعقيداً من صورته البدائية؛
فأصبح (بعل) - الذي أسماه المخلِّص (يسوع) - يموت فيذهب إلى العالم السفلي ثم يقوم من بين الأموات ليخلِّص
البشر من خطاياهم؛ كما كان (بعل) يخلِّص البشر بخلاص زروعهم.
وبهذه الخلفية ينبغي أن يُفهَم كلام يوحنا الذي نَسَبه إلى المسيح ـ عليه السلام ـ كذباً وزوراً: (الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مُوسَى لَمْ يُعْطِكُمْ خُبْزاً مِنَ السَّمَاءِ،
وَإِنَّمَا أَبِي هُوَ الَّذِي يُعْطِيكُمُ الآنَ خُبْزَ السَّمَاءِ الْحَقِيقِيَّ، فَخُبْزُ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ) ...
(الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِذَا لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلاَ حَيَاةَ لَكُمْ فِي دَاخِلِكُمْ. مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي، فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ،
وَأَنَاأُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، لأَنَّ جَسَدِي هُوَ الطَّعَامُ الْحَقِيقِيُّ،وَدَمِي هُوَ الشَّرَابُ الْحَقِيقِيُّ) [يوحنا 6].
وطقس (القربان المقدس) هذا الذي يؤديه النصارى: من أَكْل (جسد) المسيح وشُرْب «دمه»، هو ما كان يصنعه عُباد (بعل)عبر القرون.
وفي مستهل القرن الرابع الميلادي ظهر الإمبراطور الروماني قسطنطين ـ ملكا من ملوك روما ـ وكانكان يعبد (بعلاً) باسم: Sol Invitesأي: (الشمس التي لا تقهر).
فنصر عُبَّاد الصليب الوثنيين وجعل يوم الأحدSun-dayعيداً للنصارى، ومعناه - كما هو ظاهر - (يوم الشمس).
وكانوا يحتفلون بيوم ٢٥ ديسمبر – كانون الأول يوما لميلاده .
 

5745alsh3er.jpg


تمثال روماني فضي يعود للقرن الثاني الميلادي

لما يُعرف بالشمس التي لا يُقهر أو SolInvites

استغل قسطنطين النصارى في بلاده فاعتنق دينهم على زعمه واستعملهم في حربه ضد منافسه ماكسنتيوس ، وانتصر في معركة جسر ميلفيوس ،
وزعم أنه راى رؤيا صليبا مكتوبا عليه ( بهذا تنتصر ) In Hoc Signo Vinces. وجعل الشعار على الدروع .
ولم يكتف قسطنطين بذلك فقط ، بل قام بجعل اليوم المقدس من السبت إلى الأحد فكان اسمه DieSolis أي يعني يوم الشمس ،
ولا زالت التسمية تُطلق على الأحد في كثير من اللغات .
بل وأن قسطنطين ومن معه أدخلوا المعتقدات الوثنية قسرا ، وليس مصادفة واعتمدوا كثيرا على كتابات بولس والذي
أصلا كان منحرف العقيدة كيهودي أو كقديس .
5746alsh3er.jpg



أحد أشكال (بهذا تنتصر) ، والقرص يمثل الشمس .


وأصبح يوم ميلاد «بعلٍ» (25 ديسمبر) يوم ميلاد المسيح. وفي هذه الحقبة نشأت الكنيسة الكاثوليكية الرومية التي قامت على عبادة الأم (العذراء)
والابن الفادي (يسوع)، وإن شئت فقل: (عشتار وبعل)، وعلى نهج قسطنطين يسير باباواتها إلى يومنا هذا.
يقول تعالى في إشارة إلى هذه العبادة الوثنية:
( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ
إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)المائدة: 1١6.
إن فَهْم هذا المشترك الوثني بين الباطنيين من يهود ونصارى ومجوس؛ والمتمثلِ فيعبادة (بعل) وأمه (أو زوجِه)، يُعَدُّ مفتاحاً لأسرار
تنظيماتٍ ومؤسساتٍ وجمعياتٍ لا يخطر بالبال أن ثمة رابطاً عقدياً يربطها. ومعرفة هذه التنظيمات وحقيقتها يجلِّي كثيراً من المؤامرات
التي طالما حارت بشأنها العقول؛ فلجأت إلى إنكارها باعتبارها وَهْماً..
http://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?ID=165

علاقتها بالنصرانية
ولا شك أن هناك تشابها كبيرا بين هذه العقيدة وبين الثالوث القديم ( سن ) و( تموزـ بعل)
( عشتار).
كما أن لشاول اليهودي الذي تحول إلى القديس بولس دورا كبيراً في تحريف ذلك الدين ، ثم المجامع الكنسية التي تلتها خصوصا مجمع
نيقية عام ٣٢٥ م والذي أدخل فيه الملك قسطنطين ملك روما ما يعجبه وترك مالا يعجبه .
كما ان دمجهم للتوراة المحرفة مع الإنجيل المحرف تحت مسمى الكتاب المقدس زاد في تسلسل تلك العقائد .
عشتار إنانا إيزيس = القديسة ماري
سيقول البعض إن تشبيه يسوع بالشمس أمر طبيعي كونه مصدر إلهام للمؤمنين به كما الشمس فلماذا كل هذا الإسقاط على الوثنيات القديمة ؟..فماذا عن أمه ؟؟
ألم تنسب لها صفات المعبودة القديمة عشتار بكافة أسماءها ؟؟ ..كانت عشتار تُسمى بملكة السماء في أساطير الأقوام ، وكذلك القديسة مريم عند النصارى ،
ألم تسمعوا للترنيمة التي تقول :
(افرحي وتهللي يا ملكة السماء افرحي يا والدة الاله لأن المسيح قد قام قد قام قد قام
افرحي فالمسيح حي دومًا الآن وإلى الأبد افرحي فالمسيح حي دومًا الآن والى الأبد
قام المسيح من بين الأموات ووطىء الموت بالموت
حقًا قام حقًا قام ، قام المسيح من بين الأموات
يسوع المسيح قام زال سلطان الظلام حقًا قام حقًا قام ، قام قد قام قد قام...) ؟.
http://st-takla.org/Lyrics-Spiritual-Songs/01-Coptic-Taraneem-Kalemat_Alef/Efra7y-Wa-Tahallaly-Ya-Malekat-Al-Samaa2.html

5747alsh3er.jpg


تشابه كبير بين رموز القديسة ماري وبين إيزيس المصرية

ألم تُسمى بـ نجمة البحر ؟ وهي التي كانت تُسمى بها إيزيس في مصر القديمة ؟؟ ألا توجد كنائس كاثوليكة حول العالم بهذا الاسم ؟..

5748alsh3er.jpg


بل أنهم نسبوا صفات المعبودات القديمة للقديسة مريم ، فهي إم لتموز ، لكنهم وقعوا في حرج شديد لما أرادوا تزويجها له ووصفها بصفات
غير حميدة كانت عليها إيزيس في مصر التي عُرف عنها الفسق ، فماذا فعلوا ؟..
جاء فريق منهم وأوجدوا شخصية مريم أخرى هي مريم المجدلية والتي كانت في بداية حياتها فيها نوع من الفسق ، فجاء يسوع وطهرها
وتزوجها وقد روّجت رواية شفيرة دافنشي لهذه النظرية وكتاب – الدم المقدس والكأس المقدسة ـ واعترض عدد كبير من الكاثوليك على هذه النظرية،
فقسموا عتشار القديمة والدة تموز إلى أم وزوجة !!..والنصارى اليوم يعبدون القديسة مريم رغم أنهم ينفون ذلك ويقولون كانت فرقة وانقرضت ،
وهذا غير صحيح فقد زعموا لها خوارق وقدرات ، بل قد يصيح أحدهم لا شعوريا : سانتاماريا !!!!! .
بعل تموز حورس = يسوع

كما اتضح معنا التشابه الكبير بين تموز وبين يسوع لدى النصارى ، فالميلاد والوفاة وانبثاقه من المعبودة عشتار ، وجعله رمزا للفداء ليس كمحض الصدفة ،
وإلا كيف تتشابه كافة صفات من يمثل الشمس لدى الأولين وبين يسوع معبودهم ؟؟.

نُصُب الشمس حول العالم
بُنيت معابد شتى ونصب للشمس ، فالأهرام مثلا كانت تمثل مدرجا للصعود للسماء عند والاقتراب من الشمس ، ثم جعلها المصريون
ملساء لتشابه أشعة الشمس الساقطة ، وذكرت في القرآن الكريم : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي
يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ).
فقد عُرفت الأهرام والتي هي بوابات الخروج للعالم الآخر.. والمسلّات ( جمع مسلة ) والتي هي رمز العضو الذكري عند الرجل
ومن ثم كان مفتاح الحياة يجمع بين رمزي الذكر والأنثى..
5749alsh3er.jpg


أنخ: Ankh(عنخ). هو مفتاح الحياة عند الفراعنه . وقد رسم بالهيروغليفية . ويتكونمن منحني فوق حرف T ، تعلوه دائرةٌ بيضاوية الشكل.
  • انخ الرمز المصرى القديم للحياة خلال فترة الفراعنة ( 323 – 3100) قبلالميلاد ونلاحظ ان القضبان الراسية والافقية تمثل العلاقة الانثوية والذكرية علىالتوالى وهذا المزيح بين الانوثة والذكورة ( العصا والدائرة) يمثل الخصوبة والقوة) الثراء فى معدل الانتاج(

    هناك الكثير يعتبرونه رمز الحياة والولادة لتمثيله الرحم.
  • البعض قال أن الممسك الملتوي على شكل بيضاوي بنقطتين متعاكستين يمثل بشكل رئيسي المؤنث والمذكر أساس وجود الحياة على الأرض.
  • أو أنه يدل على البعث وإعادة الحياة عند المصري القديم.
  • أما الخط العامودي في النصف فيمثل التقارب من القطبين أو التكاثف بين الأضداد.
وقد قيل ان الحلقة العلوية تمثل الشمس وهى فى الافقوقد يظهر بشكل متكرر فى الكتابات المصرية التى تتحدث عن النهضة
  • في الثقافة المعاصرة، وحتى وقنا هذا، يستخدم مفتاح الحياة لتمثيل كوكب الزهرة الذي يمثل بدوره الإلهة فينوس أو أفروديت عند الغربيين.
المفتاح كان يحمله الآلهة وملوك الفراعنة ....


5750alsh3er.jpg


وتعالوا نشاهد الصور أدناه .
مسلة مصرية قديمة في مدينة الأقصر

5751alsh3er.jpg

وأخرى في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان التي نلاحظ أنها تشكل مع الساحة الدائرية شكل قرص الشمس
5752alsh3er.jpg










 
صورة للمسلة الأمريكية في واشنطن
5757alsh3er.jpg

والصور التالية تحكي تقديس الشمس بعل في صورة يسوع



5758alsh3er.jpg




5759alsh3er.jpg



5760alsh3er.jpg



5761alsh3er.jpg



5762alsh3er.jpg




5763alsh3er.jpg



تمثال الحرية في نيويورك يشكل صورة امرأة ، إلا أنهم وضعوا لها كأشعة الشمس كما كان لدى ( الشمس الذي لا يُقهر ) المعبود الروماني القديم
تمثال الحرية العملاق المنتصب أمام نيويورك في عرض البحر [استلهم صانعُه] عشتار، سيدة الشعلة المقدسة، مؤكدةً وجودَها
في قلب أعتى ثقافة في نيويورك، ولقد اتُّخذَتْ رمزًا في بلدان عديدة.
فاذا لم يكن " نشيد الاناشيد " غير اغاني حب وجنس وهوى وبدون قاعدة دينية قدسية , فلماذا اتفق الاحبار المتزمتين انذاك
ان يجعلوه ضمن الاسفار المقدسة !! (على قولهمانها مقدسة ) ؟؟.
ولماذا يصور العاشق تارة انه ملك وله فتنة وقوي البنية .. وتارةً اخرى انه الراعي الوضيع يسير خلف قطعانه بصحبة الرعاة الاخريين ؟ (ايكونسليمان راعي وضيع ؟؟ ) ...
هذه الاسئلة تقودنا إلى ان ادراج مواضيع هذا الكتاب ليس لهاعلاقة بالرب هذا اولاً.. وثانيا ان من وضع هذه المواضيع هو انسان جاهل
بما يضعه مندون ادراك مجرد نسخ من مكان لمكان .
المهم , قام احد علماء الاثار والذي استطاع فك الرموز المسمارية واصبح من المتضلعين بها وهو العالم " تيوفيل ميك " , بوضع نظريته عن
اصل نشيد الاناشيد والمدعومة بالادلة ... فقال: "نشيد الاناشيد " هوصيغة معدلة او منسوخة تم وضع اسماء اجنبية عليها لتتلائم مع ناسخيها وتاريخهم
واساسها هو " الزواج المقدس " الموجود عند السومريين والذي كان هذا الزواج بين اله الشمس تموز وبين الالهة الام التي ازدهرت
عبادتها في بلاد مابين النهرين منذ اقدم العصور (اي بين تموز وعشتار المشار اليهم) .
واثبت صحة قوله عالم السومريات الامريكي كريمر فقد وجد هو ايضاً انه قد تم نقل او نسخ الزواج المقدس ووضعه بالكتاب المقد س
حرفياً مع اضافة بعض الاسماء الجديدة وتم حذف الاسماء القديمه له .
http://dreamsway.ahlamontada.net/t1359-topic
ومن أشهر الشخصيات التى تشابهت حياتها مع حياة يسوع وفقا لما دونه كتاب الأناجيل .....كان بوذا وكرشنا وميثرا وأوزوريس
وبعل البابلى وغيرهم .....وكانت أوجه التشابه كثيرة ربما بدءا من الميلاد وحتى انتهاء حياته على الأرض..
بالاضافة لكونهم آلهة ومخلصين وماتوا ونزلوا الى الجحيم وقاموا من الموت ......
ان حتى شكل الصليب الذى يتباهى به النصارى ...انما هو مسروق من رمز الاله تموز وفى ذلك تقول دائرة
المعارف البريطانية(1946),المجلد 6,ص753 .
"ان شكل الصليب الحالي يرجع اصله الى ارض الكلدانين القديمة وكان يستعمل رمزا لاسم الاله تموز (لكونه يشكل حرف T ) السري ,
أول حروف اسمه,في ذلك البلد والبلدان المجاورة , بما فيها مصر, وعند حلول القرن 3 ب.م كانت الكنائس اما انها هجرت او زورت
بعض عقائد الايمان المسيحي ولزيادة هيبة النظام الكنسي المرتد جرى قبول الوثنيين في الكنائس دون تجديدهم بالايمان ,
وجرى السماح لهم الى حد كبير بالمحافظة على اشارتهم ورموزهم الوثنية ,وهكذا فان الحرف T ,في شكله المألوف اكثر ,
بعد خفض الخط الافقي فيه ,جرى تبنيه ليمثل صليب المسيح."
-القاموس التفسيري لكلمات العهد الجديد (لندن 1962 )..

ونظراً لأهمية وقيمة شهر تموز عند اليهود أجد أنه من المناسب أن أنقل لكم فقرة من الفصل الثالث
من كتاب Tammuz لهربرت ر. ستولورز..Herbert R Stollorz
 






Tammuz




5768alsh3er.jpg



Mystery of Tammuz 17

Ancient Hebrew Keys to Dating the Apocalypse

Chapter 3:
The Beginning of God’s Wrath

The 11th and 12th Periods of the Apocalypse
(22 May 2014 – 21 December 2015)



حيث جاء في المقدمة

What’s a Tammuz?

Why is this book named after Tammuz 17?
Why will New York City be destroyed after 21 December 2008?
What other world events will kick-off the Apocalypse?
How can migrating birds of prey tell us the times of the end?
What does the Bible tell us about fallen angels or demons?



The Final Count Down of the Apocalypse



We have arrived at the last two of the seven-month-long periods of the Apocalypse.
Even after six years of destruction and death people will still refuse to
turn to God; suffering alone is apparently not enough to inspire humble repentance
from evil thoughts and lifestyles. Not even a big meteor shower that kills millions
will turn their mourning into repentance from wrongdoing. People worldwide will
continue in their rebellion against the Creator. It seems that their hearts will become
further hardened in their determination not to acknowledge God and submit their
naturally hostile wills to His righteous love.



ما هو تموز



الفصل الثالث


بداية غضب الله

الفترات 11 – 12 لصراع الفناء


22 أيار 2014 – 21 كانون الاول 2015

ما هو تموز ؟ لماذا دعي هذا الكتاب بـ 17 تموز ؟

لماذا ستُدمر نيويورك بعد 21 كانون الأول 2008 ؟
أي أحداث عالمية أخرى ستطلق صراع الفناء؟
كيف تخبرنا الطيور والكواسر المهاجرة عن نهاية الازمنة ؟

ماذا يخبرنا الكتاب المقدس عن الملائكة الساقطين أو الشياطين ؟

وقبل أن نستعرض ما جاء في بعض الفصل الثالث نحاول أن نفهم معاً لماذا اختار المؤلف في العنوان كلمة apocalypseما هو المعنى
الدقيق لكلمةapocalypse..إنه من الملاحظ أن هذه الكلمة تستخدم دائماً للإشارة إلى الأحداث التيقد تحمل نهاية العالم؟؟Apocalypse
الترجمة الحرفية لهذه الكلمة تعني سفرالرؤيا أو رؤيا نبوئية..



لاحظت أن أبكاليبس Apocalypse هي كلمة يونانية Ἀποκάλυψις:Apokلlypsis تعني ؛"رفع الحجاب" أو "الوحي"..
وهي مصطلحٌ يعني الإفصاح بشيءٍ مخفي عن أغلبية البشر، و ذلك من خلال الوحي به إلى بعض الأشخاص ذوي الأفضلية.



وغالبا ما يُستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى نهاية العالم، فقد يكون هذا إختصارا للفظة "أبوكاليبسيس إسكاتون" و التي تعني حرفيا:
وحيُ نهاية الدهرأو العصروذلك في الكتاب المقدس.وعليه فالترجمة الحرفية لهذه الكلمة apocalypse تعني سفرالرؤيا أو رؤيا نبوئية




5769alsh3er.jpg




فـ "سفر الرؤيا" : يُطلق عليه النصارى ..سفر رؤيا يوحنا ..وتم تدوينه بعد أن دمرت مدينة القدس على يد الرومان عام70 م
وفي العهد الجديد، يشير مصطلح الرؤيا إلى الوحي الذي يعتقد المسيحيون أنه مشيئة الله وتستخدم هذه الكلمة كثيراً في الأفلام ..
أو الوثائقيات التي بها دمار كبير في العالم .. ومن أمثلتها:
- الجزء الثاني من سلسلة ريزدنت ايفل الشهيرة ..كان اسمه Apocalypse.
- السلسة الوثائقية التي عرضتها ناشيونال جيوغرافيك حول الحرب العالمية الثانية...أيضاًسموها " apocalypse"

- والفيلم الوثائقي الذي عرضته قناة ديسكفري حول نهاية العالم عام 2012... أيضاً باسم apocalypse ..

والكتاب يربط بين عبادة تموز عند اليهود ودمار العالم الوشيك وزوال دولة إسرائيل الحتمي..

يقول المؤلف: (......نظرة أخرى على ما هو تموز؟



تاريخياً يأتي اسم تموز مشتقاً من اله بابلي. تموز كان ابن نمرود وسميراميس ، والذي عُرف طقسياً بـ " نمرود المولود ثانية ". نمرود قاد العالم
ما قبل الطوفان في عصيانهم ضد الله بانياً برج بابل الى جانب امور اخرى (تكوين 10: 8- 12) سميراميس وتموز يظهران تحت
اسماء متعددة كالهة وابنها في حضارات قديمة اخرى في انحاء العالم.



ان تموز هو " المسيح الطفل" البابلي صورة اخرى لـ ضد المسيح . حسب الاسطورة القديمة. الاله "تموز" اله العالم السفلي. نستطيع ان نعتبره
الشيطان ساكناً جسد ضد المسيح. سيكون نشطاً جداً في الفترة 12 الاخيرة لصراع الفناء . تواريخ تموز المختلفة تشير الى الاحداث الرئيسية
التي سمح بها الله ولكن ينتجها ويقودها الشيطان لدمار كل مجتمعات البشر في العالم باسره.



لماذا دائماً أذكر تموز اولاً ولماذا أسمي الكتاب به ؟ بما اني اخترت هذا الاسم لأبحاثي لنراجع فكرة تموز.)أﻫ.



والكتاب خطير جداً لأنه يشرح علاقة تموز بنهاية دولة إسرائيل.. والكتاب بالإنجليزية
على الرابط التالي:http://www.sacred-texts.com/ane/mba/mba11.htm




والآن في الأسواق كتاب بعنوان مائة خرافة بالكتاب المقدس Myths of the bible..



101 اسطورة داخل الكتاب المقدس




5770alsh3er.jpg


http://ggreenberg.tripod.com/101m/101-78-ten%20comm.htm


أساطير الكتاب المقدس



5771alsh3er.jpg
 

المبحث الثاني

الاستقراء التاريخي للأحداث

أولاً : انقسام اليهود إلى فرقتين

1ـ رحل يعقوب عليه السلام وبنوه [ رأوبين ـ شمعون ـ لاوي ـ يهوذا ـ زبولون ـ يسّاكر ـ دان ـ جاد ـ أشير ـ نفتالي ـ يوسف ـ بنيامين ]
وبنو بنيه ضيوفاً على المصريين في أرضهم، ثم في عام 1237ق.م خرج بنو يعقوب من مصر بقيادة نبي منهم وهو موسى عليه السلام [ من سبط لاوي ]
ثم سكنوا بين سكان سيناء والأردن وسوريا وفلسطين ولبنان.
جاء في سفر التكوين 19: 23ـ 26 { وكانَ بَنو يعقوبَ اَثنَي عشَرَ: «23بَنو لَيئةَ: رَأوبينُ، بِكْرُ يعقوبَ، وشِمعونُ ولاوي ويَهوذا ويسَّاكَرُ وزَبُولُونُ،
24واَبنا راحيلَ: يوسُفُ وبنيامينُ، 25واَبنا بِلْهَةَ، جاريةِ راحيلَ، دانُ ونفتالي، 26واَبنا زِلْفَةَ، جاريةِ لَيئَةَ، جادُ وأَشيرُ، هؤلاءِ بَنو يعقوبَ الذينَ وُلِدوا لَه في سَهلِ أَرامَ.}
وبعد موت موسى عليه السلام افترق بنو إسرائيل إلى فرقتين :
الفرقة الأولى: سبط يهوذا وسبط بنيامين ونفر من سبط لاوي.
الفرقة الثانية: بقية بني إسرائيل.
والفرقة الأولى اتخذت مدينة القدس ـ أورشليم ـ عاصمة لها وقالت إن جبل صهيون هو الجبل الذي قدسه الله وعظمه.
أما الفرقة الثانية فلقد اتخذت مدينة نابلس ـ شكيم ـ عاصمة لها وقالت إن جرزّيم هو الجبل الذي قدسه الله وعظمه.
وكان يطلق على الفرقتين لقب العبرانيين لأنهم كانوا قوما رحل يعبرون من مكان إلى مكان في سبيل الرزق، كما كان يطلق على الفرقتين
معا بني إسرائيل لأن أباهم واحد وهو إسرائيل عليه السلام.
ولما افترقوا صار لكل فرقة منهم اسم تتميز به وتعرف، فالذين اتخذوا القدس عاصمة لهم سُموا بالعبرانيين وهو اللقب الذي كان لجميع بني إسرائيل
وسُميت دولتهم (يهوذا) لأن الحكام عليهم كانوا من سبط يهوذا وسميت دولتهم أيضاً بمملكة (داود) لأن الحكام عليهم كانوا من نسل داود عليه السلام من سبط يهوذا.
أما الذين اتخذوا نابلس عاصمة لهم فسموا بالسامريين لأن (عمري) ملكهم اشترى جبلاً من ( شامر) بوزنتين من الفضة وبنى على الجبل
مدينة وسمى المدينة التي بناها على الجبل بالشامرة وذلك على اسم شامر صاحب الجبل ونطقت فيما بعد بالسامرة وسميت دولتهم بمملكة إسرائيل
نسبة إلى الجد الأول، وسميت أيضاً بمملكة (أفراييم) لأن الحكام عليهم كانوا من نسل (أفراييم) بن يوسف عليه السلام.
والمشهور قديما وحديثاً عن الفرقتين أن الأولى تلقب باليهود العبرانيين أو باليهود والثانية تلقب باليهود السامريين، وتوراة الفرقة الأولى تعرف
بالتوراة العبرانية وتوراة الفرقة الثانية تعرف بالتوراة السامرية، والسؤال الآن هل هما نسختان لأصل واحد وهو توراة موسى عليه السلام
أم أن توراة موسى شيء وكلا التوراتين شيء آخر ؟.
إن موسى عليه السلام لما أعطاه الله التوراة موعظة وتفصيلاً لكل شيء أفرز سبط لاوي ـ الذي هو منه ـ لحمل التوراة يَعْرفوها ويُعَرفوها للناس،
وكتب منها ثلاث عشرة نسخة، وضع نسخة في التابوت وسلم لكل سبط نسخة للذكرى والعمل بها ، وظلت التوراة صحيحة
في أيدي بني إسرائيل لم يغيروا منها حرفا واحداً إلى زمن سقوط دولتي يهوذا وإسرائيل بعد أن ظهر الفساد في المملكتين وبعد أن عبدوا الأصنام وقتلوا الأنبياء ،
الأمر الذي جعل الله عز وجل في غضب دائم عليهم وباءوا بغضب على غضب فسلط الله عليهم أعداءهم فأذلوهم وأذاقوهم مر العذاب
2ـ حسب الرواية التوراتية فإن خروج بني إسرائيل بقيادة موسى عليه السلام من مصر عام1250ق.م.
التيه في سيناء لأربعين عاما، بعد رفض بني إسرائيل دخول فلسطين إلا رجلين هما يوشع بن نون عليه السلام وكالب بن يفنه، واستمرار العصيان
في بني إسرائيل من عبادة العجل إلى إيذاء موسى والاحتيال على الشريعة...
ـ كان الجيل الأول أسوأ أجيالهم !(عكس المسلمين) ومع ذلك لم تتعظ الأجيال الأخرى من بعده .. وهذه النظرة هي التي صرح بها انجيل برنابا،
وهي متفقة مع مسارعة الجيل الأول من اليهود الذي رأى الآيات التسع التي أيد الله بها موسى، ورأى إنفلاق البحر وإنقاذ الله له،
ومع ذلك سارع الى إيذاء موسى، ومعصيته، وعبادة أوثان الأمم الأخرى والمطالبة بمثلها " .. إجعل لنا إلها كما لهم آلهة" الأعراف آية 138،
ومثل هذه المسارعة إلى الأوثان هي ما أكدتها التوراة، وسارع الى عبادة العجل، ورفض الجهاد، واشترط رؤية الله،
وقام بتحريف الكلم عن مواضعه.. وهو الجيل الذي رأى الآيات، ويعلم يقينا أن موسى هو رسول الله " ..
ياقوم لِمَ تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم .." الصف آية 5..

ـ هذا وقد وردت الإشارة إلى الرجلين الذين أطاعا أمر الجهاد بالقرآن الكريم " .. قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون.."
دخول الأرض المباركة ( أرض كنعان) بقيادة يوشع بن نون عليه السلام، ووقوع مجازر بشرية ضخمة لأهالي المدن الفلسطينية على أيدي
بني إسرائيل على ما ترويه إصحاحات الكتاب المقدس.
هل وقع فعلاً ذلك القتل الهائل وإبادة المدن بكل من فيها من أطفال ونساء ورجال كنعانيين ذلك القتل الذي يذكره
الكتاب المقدس الحالي (سفر يشوع) ؟.والذي يطلق عليه سفر المجازر.
عهد القضاة 1157 – 1020 ق م

تميز هذا العهد كما هو مذكور بالأسفار الملحقة بالتوراة بمخالفة بني إسرائيل للشريعة وتقليدهم للكنعانيين، بل وبعبادة آلهتهم،
ثم عقاب الله لبني إسرائيل بتعبيدهم للموآبيين، ثم توبة بني إسرائيل وإنقاذهم بإهود البنيامي، ثم فسقهم وعقابهم بتعبيدهم للكنعانيين،
ثم تخليصهم على يد باراق، ثم ضلالهم وعودتهم للأوثان فعقابهم بمديان، فتخليص الله لهم من مديان على يد جدعون، ثم عودتهم بعده لعبادة الأوثان،
ثم العقاب بتعبيدهم للفلسطينيين وبني عمون، ثم توبتهم ونصرهم على بني عمون، ثم..
 
عهد القضاة 1157 – 1020 ق م

تميز هذا العهد كما هو مذكور بالأسفار الملحقة بالتوراة بمخالفة بني إسرائيل للشريعة وتقليدهم للكنعانيين، بل وبعبادة آلهتهم،
ثم عقاب الله لبني إسرائيل بتعبيدهم للموآبيين، ثم توبة بني إسرائيل وإنقاذهم بإهود البنيامي، ثم فسقهم وعقابهم بتعبيدهم للكنعانيين،
ثم تخليصهم على يد باراق، ثم ضلالهم وعودتهم للأوثان فعقابهم بمديان، فتخليص الله لهم من مديان على يد جدعون، ثم عودتهم بعده لعبادة الأوثان،
ثم العقاب بتعبيدهم للفلسطينيين وبني عمون، ثم توبتهم ونصرهم على بني عمون، ثم.. وقامت حروب عدة فيما بين اليهود قتل فيها
ما قد يتجاوز المائة ألف كما تذكر الأسفار.. هذا هو مستهل تاريخهم بالأرض المباركة ! وقد تميّز بالمسارعة إلى الكفر والردة..
قيام الحكم الملكي لليهود، مبتدأً بحكم شاول ( طالوت) المعاصر للنبي صموئيل، وقتل داود عليه السلام لجليات ( جالوت)،
وقد كان قبلها فتى مجهول يرعى الغنم، أرسله والده إلى مقر مرابطة جيش شاول ليتفقد إخوته المقاتلين مع شاول، فسمع تحديّ جليات ( جالوت)
للإسرائيليين بالمبارزة، فخرج له بمقلاع وخمسة أحجار متوكلاً على الله، فأسقطه بحجر ثمّ اجتز رأسه بالسيف الذي كان يحمله جالوت..

ـ انتقال الحكم بعد استشهاد شاول(طالوت)، واستشهاد ابنه جوناثان في معركة مع الفلسطينيين، ثم اغتيال ابنه اشباول، وانتقال الملك بعد
ذلك إلى داود عليه السلام بعد بروزه وظهور كفاءته وقدراته..
مملكة داود عليه السلام 1020 ق.م، وإتخاذه أورشليم عاصمة لمملكته عليه السلام.
ـ كان داود عليه السلام أول من دخل القدس سلماً فيما يبدو من الآثار المتوفرة، وقد كانت حتى ذلك الحين تحت حكم سكانها
اليبوسيين وهم من الكنعانيين، وقد جعلها داود عليه السلام عاصمة مملكته، وصار لأورشليم من حينها مكانة خاصة بالفكر اليهودي.

ـ فترة نبوة صموئيل ثم ناثان

ـ وفي قيام الحكم الملكي، مبتدأً بحكم شاول (طالوت) جاء قوله تعالى " ..ألم ترَ إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي
لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا.." البقرة آية 246.. وأثبت بالقرآن والتوراة
و" كتب الأنبياء" الملحقة بالتوراة جبن أكثر اليهود وعصيانهم لأمر الجهاد.. والنبي هنا هو صموئيل عليه السلام.

ـ " وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء"
8 ـ مملكة سليمان وبناء المعبد الأول 950 ق.م
- بناء على التوراة المعاصرة فقد انتشرت في هذه الفترة عبادة الأوثان وتقليد الأمم الكافرة، إرضاءً لها أو إعجابا بها، وظهرت الردة عن الدين،
وكثر مدّعي النبوة كذبا بين اليهود بشكل سريع ومتكرر. وقد ظهر خلال هذه الفترة حكام مرتدون ظلمة كآحاب وأحزيا قتلوا الأنبياء،
وعبدوا الأوثان.. كما ظهر حكام مصلحون، أُيدوا بنصر الله طالما التزموا بدينه وحكموا شريعته.
ومن أنبياء هذه الفترة عزريا وميخا وإيلياء ( القرن التاسع إلى العاشر ق.م ) ويحزئيل وزكريا بن يهوياداع، وقد قتل الأخير رجما بالحجارة في ساحة الهيكل رغم نبوته.
وتمّ بعد ذلك في هذه الفترة ( الممتدة إلى الأسر البابلي) نشر إشعيا النبي بالمنشار، وقتل أنبياء آخرين كثيرين فوق أن يحصوا..
ومن الأنبياء الذين ظهروا بعد ذلك في هذه الفترة عاموس وهوشع واليشع ( اليسع) في مملكة إسرائيل، واشعيا وارميا..
وقد تنبأ كثير منهم بسقوط السامرة ( عاصمة مملكة إسرائيل بالشمال، وهي واقعة شمال غرب نابلس أو شكيم الحالية بستة أميال)
كما تنبئوا بسقوط أورشليم ( سيرد الاستشهاد بأمثلة منها).
ـ بنى سليمان عليه السلام بيتَ اللهِ بأورشليم House of God بطول 180 قدماً وعرض 90 قدما وارتفاع 50 قدماً أو 55 x 27 x 15 متراً ..
( تكاد أن تكون كل المساجد الجامعة بالمدن الإسلامية بأبعاد أطول من هذه الأبعاد التي زعمها اليهود لبيت الله الذي بناه سليمان عليه السلام).
أصبح لبيت الله ( أو المعبد) مكانة مقدسة في نفوس اليهود، وأصبح قيامه خلال القرون التالية رمزا لوجودهم...
قد يفهم ذلك من قبل المؤمنين منهم بالقرون الخالية.. ولكنه لدى العلمانيين من يهود هذا العصر لا يعدو إلا أثرا ورمزا قومياً..
ولا ينبغي لمن زعم لنفسه الإيمان منهم إلا التسليم بفناء البيت عقوبة مسطرة من الله لديهم..
ـ شوهت صورة داود وسليمان بالعهد القديم بشدة.

انقسام مملكة سليمان عليه السلام إلى مملكة يهوذا Judah بالجنوب (931 ق.م – 586 ق.م، وقد تعاقب عليها 20ملكاً).
ومملكة إسرائيل Israel بالشمال ( 931 – 721ق.م، تعاقب عليها 19ملكاً)، واستمرار القتال بينهما لفترة طويلة رغم إحاطة الأعداء بهما،
واستعانة بعضهم على بعض بأعدائهم من الخارج، مع تكرر الانقلابات المتتالية على الحكام في كل منهما، وانتهاء حياة معظم الحكام قتلا على أيدي منافسيهم من اليهود أنفسهم.
ـ أصبح لمملكة الشمال قبلتها ومكانها المقدس البديل الخاص بها ( جبل جروزيم بالسامرة).
ـ تمثل فترة حكم داود وسليمان عليهما السلام هذه الفترة العصر الذهبي بتاريخ بني إسرائيل، وفيه تمت حركة عمرانية ضخمة بأورشليم،
وتمّ لبني إسرائيل اكتمال مقومات الدولة أو الإمبراطورية.
10ـ هدمُ الآشوريين بقيادة شلمانصر لمملكة إسرائيل الشمالية عام 722 ق م، وتشريد سكانها، واستبدال أهل مملكة الشمال بأمم أخرى من غير اليهود.
وتم نفي العشرة أسباط من بني إسرائيل إلى آشور، وضياعهم بعد ذلك بشكل نهائي، ولم يبق بذلك من أحفاد أسباط بني إسرائيل الإثناعشر
سوى سبطي يهوذا وبنيامين، وهما السبطين الذين تشكل منهم يهود المملكة الجنوبية، إلا أنّ أعدادا بسيطة من أحفاد العشرة أسباط يبدو أنها بقيت بفلسطين ,
قد يكون بعضهم من ضمن ما عرف بعد ذلك بالسامريين.. وإن كان السامريين هؤلاء يُعتبروا من المتهودين من غير بني إسرائيل، من بقايا السومريين الذين جاءوا مع الآشوريين.
لازال اختفاء أسباط بني إسرائيل العشرة لغـزا لدى المؤرخين مستعصيا على التفسير.. وقد وُضعت بعض النظريات لكنها ظلت
عاجزة عن تفسير سرّ الاختفاء السريع للعشرة أسباط الكبيرة من بني إسرائيل..
جاء بالملوك الثاني إصحاح 17: 18 :[ 18فَغَضِبَ الرَّبُّ جِدًّا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَنَحَّاهُمْ مِنْ أَمَامِهِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ سِبْطُ يَهُوذَا وَحْدَهُ.
19وَيَهُوذَا أَيْضًا لَمْ يَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِهِمْ، بَلْ سَلَكُوا فِي فَرَائِضِ إِسْرَائِيلَ الَّتِي عَمِلُوهَا.
20فَرَذَلَ الرَّبُّ كُلَّ نَسْلِ إِسْرَائِيلَ، وَأَذَلَّهُمْ وَدَفَعَهُمْ لِيَدِ نَاهِبِينَ حَتَّى طَرَحَهُمْ مِنْ أَمَامِهِ،
21لأَنَّهُ شَقَّ إِسْرَائِيلَ عَنْ بَيْتِ دَاوُدَ، فَمَلَّكُوا يَرُبْعَامَ بْنَ نَبَاطَ، فَأَبْعَدَ يَرُبْعَامُ إِسْرَائِيلَ مِنْ وَرَاءِ الرَّبِّ وَجَعَلَهُمْ يُخْطِئُونَ خَطِيَّةً عَظِيمَةً.
22وَسَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي جَمِيعِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ الَّتِي عَمِلَ. لَمْ يَحِيدُوا عَنْهَا
23حَتَّى نَحَّى الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِهِ كَمَا تَكَلَّمَ عَنْ يَدِ جَمِيعِ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ، فَسُبِيَ إِسْرَائِيلُ مِنْ أَرْضِهِ إِلَى أَشُّورَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.].
ـونعلم نحن كمسلمين أن أقواما منهم اختفت لأنّ الله عز وجلّ قد مسخها خلقاً آخر..
قال تعالى في سورة البقرة :[ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ
(65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66)] البقرة : 65ـ 66
ويقول سبحانه وتعالى في سورة المائدة :[ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ
وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)] المائدة: 60
ويقول تعالى في سورة الأعراف: [فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)
فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ
إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ
وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى
وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ
وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169)] الأعراف 165ـ 169
كما أن الله عز وجلّ قد مسخ سبط منهم خلقاً آخر بخلاف القردة والخنازير فلقد روى الأمام احمد في مسنده
قال:[ حَدَّثَنَا ‏ ‏يُونُسُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏ ‏يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِضَبٍّ فَقَالَ اقْلِبُوهُ لِظَهْرِهِ فَقُلِبَ لِظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ اقْلِبُوهُ لِبَطْنِهِ فَقُلِبَ لِبَطْنِهِ فَقَالَ ‏ ‏تَاهَ ‏ ‏سِبْطٌ مِمَّنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ ‏ ‏بَنِي إِسْرَائِيلَ ‏ ‏فَإِنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا فَإِنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا فَإِنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا.].
مسند أحمد ،باقي مسند المكثرين ، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه حديث رقم 10949
11ـ كانت مملكة يهوذا بالجنوب أفقر وأضعف من مملكة إسرائيل بالشمال.. وأكثر عرضة للضياع أمام هجمات الفراعنة وإسرائيل ..
ولكنها استعانت بأموال المعبد وبدول مجاورة على أعدائها، بما فيهم أعداءها من اليهود بالشمال.. وربما كانت وبشكل عام أقل ردة عن الدين من إسرائيل بالشمال.
ـ كثُرت بالتأريخ اليهودي نماذج الحكام الفاسدين والمرتدين، والذين غيروا الدين والتعليم إرضاء لأسيادهم من الوثنيين أو إعجاباً بهم.. وآحاز هنا مجرد مثال من كثيرين مثله..
ـ هدم آحاز ملك مملكة يهوذا الأوعية البرونزية بالمعبد، ووضع مكانها معبدا وثنيا آشوريا، إرضاء لسادته الجدد بآشور الذين خلصوه
من أعدائه بمملكة الشمال (إسرائيل) وبدولة دمشق الآرامية.. وأدت هذه المداهنة الاختيارية إلى انتشار الوثنية المرتبطة بعبادة الشمس والقمر والنجوم بمملكة يهوذا.
12ـ حصار سنحاريب Sennacherib الملك الآشوري التام للقدس عام 705 حتى 681 ق م، وسخريته من إمكانية إنقاذ الله للمؤمنين،
وتضرع النبي إشعيا و الملك الصالح حزقيا ، وإهلاك الله جيش سنحاريب، مما كان نصرا بيّنا للمؤمنين.
ـ أخرج الملك حزقيا Hezekiah ( وهو ابن آحاز) وقد كان صالحا من قبل هذا الحصار من بيت الله بالقدس أصناما ورموزا كثيرة لعبادة غير الله.
ويعتقد أن حزقيا هو عمانوئيل الذي بشّر إشعيا أباه آحاز بقدومه حين طلب منه الصمود أمام الأعداء ( أراد البعض تأويل عمانوئيل بأنه عيسى عليه السلام).
13 ـ ارتداد الملك (مناسه) منسيّ ( عام 698 ق م) ابن حزقيا، وإدخاله عبادة بعل ومعبودات أخرى إلي داخل بيت الله بأورشليم.
ـ حكم مناسه أو منسيّ مملكة يهوذا لمدة خمسة وخمسين عاما، قام فيها بنقض كل الإصلاحات الدينية التي قام بها والده،
مع إدخال عبادة بعل، وعشيرة ( ربة الإخصاب!)، وعبادة عشتاروت وغيرها.. كل ذلك تقرباً للدولة العظمى في زمانه دولة آشور، ومحاولة لإظهار عدم التعصب لدين واحد.
14ـ إحياء الملك يوشيا ( 638-608 ق م) Josiah للديانة اليهودية مرة أخرى، وتجديده لبيت الله المقدس وإحراقه للأصنام
وتحطيمها به وإخراجها من البيت ترابا مهيلا، وقتله الكهنة المرتدين في كل أنحاء البلاد وإخراج أجساد موتاهم من قبورها وإحراقها،
وإعلان التوحيد وضرورة التمسك بالكتاب، ولكن هذه العودة إلى الله انتهت باستشهاد صاحبها يوشيا عند قتاله لفرعون مصر،
وهو قتال تجاهل فيه الأنبياء الذين عاصروه ولم يستأذن له منهم، ومع هذا فقد أبقى الله له بالتوراة وتأريخ بني إسرائيل ذكرا حسنا من بعده لا ينسى.

وفي هذه الفترة كانت نبوة حلقيا Hilkiah و تنبؤ ارمياءJeremiah ابن حلقيا بهدم القدس وأن الله لن يحميهم
من البابليين ما لم يتخلصوا من الأوثان التي أعيدت من بعد عهد يوشيا، ولكن اليهود صدقوا نبوات راقت لهم
من أنبياء كذبة(أدعياء للنبوة)! وعَدوهم بالنصر وبأن الله سينقذهم كما أنقذهم من حصار سنحاريب الآشوري من.
 
عهد القضاة 1157 – 1020 ق م


تميز هذا العهد كما هو مذكور بالأسفار الملحقة بالتوراة بمخالفة بني إسرائيل للشريعة وتقليدهم للكنعانيين، بل وبعبادة آلهتهم، ثم عقاب الله لبني إسرائيل بتعبيدهم للموآبيين، ثم توبة بني إسرائيل وإنقاذهم بإهود البنيامي، ثم فسقهم وعقابهم بتعبيدهم للكنعانيين، ثم تخليصهم على يد باراق، ثم ضلالهم وعودتهم للأوثان فعقابهم بمديان، فتخليص الله لهم من مديان على يد جدعون، ثم عودتهم بعده لعبادة الأوثان، ثم العقاب بتعبيدهم للفلسطينيين وبني عمون، ثم توبتهم ونصرهم على بني عمون، ثم.. وقامت حروب عدة فيما بين اليهود قتل فيها ما قد يتجاوز المائة ألف كما تذكر الأسفار.. هذا هو مستهل تاريخهم بالأرض المباركة ! وقد تميّز بالمسارعة إلى الكفر والردة..

قيام الحكم الملكي لليهود، مبتدأً بحكم شاول ( طالوت) المعاصر للنبي صموئيل، وقتل داود عليه السلام لجليات ( جالوت)، وقد كان قبلها فتى مجهول يرعى الغنم، أرسله والده إلى مقر مرابطة جيش شاول ليتفقد إخوته المقاتلين مع شاول، فسمع تحديّ جليات ( جالوت) للإسرائيليين بالمبارزة، فخرج له بمقلاع وخمسة أحجار متوكلاً على الله، فأسقطه بحجر ثمّ اجتز رأسه بالسيف الذي كان يحمله جالوت..


ـ انتقال الحكم بعد استشهاد شاول(طالوت)، واستشهاد ابنه جوناثان في معركة مع الفلسطينيين، ثم اغتيال ابنه اشباول، وانتقال الملك بعد ذلك إلى داود عليه السلام بعد بروزه وظهور كفاءته وقدراته..


مملكة داود عليه السلام 1020 ق.م، وإتخاذه أورشليم عاصمة لمملكته عليه السلام.

ـ كان داود عليه السلام أول من دخل القدس سلماً فيما يبدو من الآثار المتوفرة، وقد كانت حتى ذلك الحين تحت حكم سكانها اليبوسيين وهم من الكنعانيين، وقد جعلها داود عليه السلام عاصمة مملكته، وصار لأورشليم من حينها مكانة خاصة بالفكر اليهودي.

ـ فترة نبوة صموئيل ثم ناثان

ـ وفي قيام الحكم الملكي، مبتدأً بحكم شاول (طالوت) جاء قوله تعالى " ..ألم ترَ إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا.." البقرة آية 246.. وأثبت بالقرآن والتوراة و" كتب الأنبياء" الملحقة بالتوراة جبن أكثر اليهود وعصيانهم لأمر الجهاد.. والنبي هنا هو صموئيل عليه السلام.


ـ " وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء"


8 ـ مملكة سليمان وبناء المعبد الأول 950 ق.م


- بناء على التوراة المعاصرة فقد انتشرت في هذه الفترة عبادة الأوثان وتقليد الأمم الكافرة، إرضاءً لها أو إعجابا بها، وظهرت الردة عن الدين، وكثر مدّعي النبوة كذبا بين اليهود بشكل سريع ومتكرر. وقد ظهر خلال هذه الفترة حكام مرتدون ظلمة كآحاب وأحزيا قتلوا الأنبياء، وعبدوا الأوثان.. كما ظهر حكام مصلحون، أُيدوا بنصر الله طالما التزموا بدينه وحكموا شريعته. ومن أنبياء هذه الفترة عزريا وميخا وإيلياء ( القرن التاسع إلى العاشر ق.م ) ويحزئيل وزكريا بن يهوياداع، وقد قتل الأخير رجما بالحجارة في ساحة الهيكل رغم نبوته.


وتمّ بعد ذلك في هذه الفترة ( الممتدة إلى الأسر البابلي) نشر إشعيا النبي بالمنشار، وقتل أنبياء آخرين كثيرين فوق أن يحصوا.. ومن الأنبياء الذين ظهروا بعد ذلك في هذه الفترة عاموس وهوشع واليشع ( اليسع) في مملكة إسرائيل، واشعيا وارميا.. وقد تنبأ كثير منهم بسقوط السامرة ( عاصمة مملكة إسرائيل بالشمال، وهي واقعة شمال غرب نابلس أو شكيم الحالية بستة أميال) كما تنبئوا بسقوط أورشليم ( سيرد الاستشهاد بأمثلة منها).


ـ بنى سليمان عليه السلام بيتَ اللهِ بأورشليم House of God بطول 180 قدماً وعرض 90 قدما وارتفاع 50 قدماً أو 55 x 27 x 15 متراً .. ( تكاد أن تكون كل المساجد الجامعة بالمدن الإسلامية بأبعاد أطول من هذه الأبعاد التي زعمها اليهود لبيت الله الذي بناه سليمان عليه السلام).


أصبح لبيت الله ( أو المعبد) مكانة مقدسة في نفوس اليهود، وأصبح قيامه خلال القرون التالية رمزا لوجودهم... قد يفهم ذلك من قبل المؤمنين منهم بالقرون الخالية.. ولكنه لدى العلمانيين من يهود هذا العصر لا يعدو إلا أثرا ورمزا قومياً.. ولا ينبغي لمن زعم لنفسه الإيمان منهم إلا التسليم بفناء البيت عقوبة مسطرة من الله لديهم..

ـ شوهت صورة داود وسليمان بالعهد القديم بشدة.


انقسام مملكة سليمان عليه السلام إلى مملكة يهوذا Judah بالجنوب (931 ق.م – 586 ق.م، وقد تعاقب عليها 20ملكاً).


ومملكة إسرائيل Israel بالشمال ( 931 – 721ق.م، تعاقب عليها 19ملكاً)، واستمرار القتال بينهما لفترة طويلة رغم إحاطة الأعداء بهما، واستعانة بعضهم على بعض بأعدائهم من الخارج، مع تكرر الانقلابات المتتالية على الحكام في كل منهما، وانتهاء حياة معظم الحكام قتلا على أيدي منافسيهم من اليهود أنفسهم.


ـ أصبح لمملكة الشمال قبلتها ومكانها المقدس البديل الخاص بها ( جبل جروزيم بالسامرة).


ـ تمثل فترة حكم داود وسليمان عليهما السلام هذه الفترة العصر الذهبي بتاريخ بني إسرائيل، وفيه تمت حركة عمرانية ضخمة بأورشليم، وتمّ لبني إسرائيل اكتمال مقومات الدولة أو الإمبراطورية.


10ـ هدمُ الآشوريين بقيادة شلمانصر لمملكة إسرائيل الشمالية عام 722 ق م، وتشريد سكانها، واستبدال أهل مملكة الشمال بأمم أخرى من غير اليهود.


وتم نفي العشرة أسباط من بني إسرائيل إلى آشور، وضياعهم بعد ذلك بشكل نهائي، ولم يبق بذلك من أحفاد أسباط بني إسرائيل الإثناعشر سوى سبطي يهوذا وبنيامين، وهما السبطين الذين تشكل منهم يهود المملكة الجنوبية، إلا أنّ أعدادا بسيطة من أحفاد العشرة أسباط يبدو أنها بقيت بفلسطين , قد يكون بعضهم من ضمن ما عرف بعد ذلك بالسامريين.. وإن كان السامريين هؤلاء يُعتبروا من المتهودين من غير بني إسرائيل، من بقايا السومريين الذين جاءوا مع الآشوريين.


لازال اختفاء أسباط بني إسرائيل العشرة لغـزا لدى المؤرخين مستعصيا على التفسير.. وقد وُضعت بعض النظريات لكنها ظلت عاجزة عن تفسير سرّ الاختفاء السريع للعشرة أسباط الكبيرة من بني إسرائيل..

جاء بالملوك الثاني إصحاح 17: 18 :[ 18فَغَضِبَ الرَّبُّ جِدًّا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَنَحَّاهُمْ مِنْ أَمَامِهِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ سِبْطُ يَهُوذَا وَحْدَهُ. 19وَيَهُوذَا أَيْضًا لَمْ يَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِهِمْ، بَلْ سَلَكُوا فِي فَرَائِضِ إِسْرَائِيلَ الَّتِي عَمِلُوهَا. 20فَرَذَلَ الرَّبُّ كُلَّ نَسْلِ إِسْرَائِيلَ، وَأَذَلَّهُمْ وَدَفَعَهُمْ لِيَدِ نَاهِبِينَ حَتَّى طَرَحَهُمْ مِنْ أَمَامِهِ، 21لأَنَّهُ شَقَّ إِسْرَائِيلَ عَنْ بَيْتِ دَاوُدَ، فَمَلَّكُوا يَرُبْعَامَ بْنَ نَبَاطَ، فَأَبْعَدَ يَرُبْعَامُ إِسْرَائِيلَ مِنْ وَرَاءِ الرَّبِّ وَجَعَلَهُمْ يُخْطِئُونَ خَطِيَّةً عَظِيمَةً. 22وَسَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي جَمِيعِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ الَّتِي عَمِلَ. لَمْ يَحِيدُوا عَنْهَا 23حَتَّى نَحَّى الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِهِ كَمَا تَكَلَّمَ عَنْ يَدِ جَمِيعِ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ، فَسُبِيَ إِسْرَائِيلُ مِنْ أَرْضِهِ إِلَى أَشُّورَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.].
ـونعلم نحن كمسلمين أن أقواما منهم اختفت لأنّ الله عز وجلّ قد مسخها خلقاً آخر..
قال تعالى في سورة البقرة :[ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66)] البقرة : 65ـ 66
ويقول سبحانه وتعالى في سورة المائدة :[ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)] المائدة: 60
ويقول تعالى في سورة الأعراف: [فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169)] الأعراف 165ـ 169
كما أن الله عز وجلّ قد مسخ سبط منهم خلقاً آخر بخلاف القردة والخنازير فلقد روى الأمام احمد في مسنده قال:[ حَدَّثَنَا ‏ ‏يُونُسُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏ ‏يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِضَبٍّ فَقَالَ اقْلِبُوهُ لِظَهْرِهِ فَقُلِبَ لِظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ اقْلِبُوهُ لِبَطْنِهِ فَقُلِبَ لِبَطْنِهِ فَقَالَ ‏ ‏تَاهَ ‏ ‏سِبْطٌ مِمَّنْ غَضِبَ اللَّهُعَلَيْهِمْ مِنْ ‏ ‏بَنِي إِسْرَائِيلَ ‏ ‏فَإِنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا فَإِنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا فَإِنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا.]. مسند أحمد ،باقي مسند المكثرين ، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه حديث رقم 10949

11ـ كانت مملكة يهوذا بالجنوب أفقر وأضعف من مملكة إسرائيل بالشمال.. وأكثر عرضة للضياع أمام هجمات الفراعنة وإسرائيل .. ولكنها استعانت بأموال المعبد وبدول مجاورة على أعدائها، بما فيهم أعداءها من اليهود بالشمال.. وربما كانت وبشكل عام أقل ردة عن الدين من إسرائيل بالشمال.


ـ كثُرت بالتأريخ اليهودي نماذج الحكام الفاسدين والمرتدين، والذين غيروا الدين والتعليم إرضاء لأسيادهم من الوثنيين أو إعجاباً بهم.. وآحاز هنا مجرد مثال من كثيرين مثله..


ـ هدم آحاز ملك مملكة يهوذا الأوعية البرونزية بالمعبد، ووضع مكانها معبدا وثنيا آشوريا، إرضاء لسادته الجدد بآشور الذين خلصوه من أعدائه بمملكة الشمال (إسرائيل) وبدولة دمشق الآرامية.. وأدت هذه المداهنة الاختيارية إلى انتشار الوثنية المرتبطة بعبادة الشمس والقمر والنجوم بمملكة يهوذا.


12ـ حصار سنحاريب Sennacherib الملك الآشوري التام للقدس عام 705 حتى 681 ق م، وسخريته من إمكانية إنقاذ الله للمؤمنين، وتضرع النبي إشعيا و الملك الصالح حزقيا ، وإهلاك الله جيش سنحاريب، مما كان نصرا بيّنا للمؤمنين.


ـ أخرج الملك حزقيا Hezekiah ( وهو ابن آحاز) وقد كان صالحا من قبل هذا الحصار من بيت الله بالقدس أصناما ورموزا كثيرة لعبادة غير الله.


ويعتقد أن حزقيا هو عمانوئيل الذي بشّر إشعيا أباه آحاز بقدومه حين طلب منه الصمود أمام الأعداء ( أراد البعض تأويل عمانوئيل بأنه عيسى عليه السلام).


13 ـ ارتداد الملك (مناسه) منسيّ ( عام 698 ق م) ابن حزقيا، وإدخاله عبادة بعل ومعبودات أخرى إلي داخل بيت الله بأورشليم.


ـ حكم مناسه أو منسيّ مملكة يهوذا لمدة خمسة وخمسين عاما، قام فيها بنقض كل الإصلاحات الدينية التي قام بها والده، مع إدخال عبادة بعل، وعشيرة ( ربة الإخصاب!)، وعبادة عشتاروت وغيرها.. كل ذلك تقرباً للدولة العظمى في زمانه دولة آشور، ومحاولة لإظهار عدم التعصب لدين واحد.


14ـ إحياء الملك يوشيا ( 638-608 ق م) Josiah للديانة اليهودية مرة أخرى، وتجديده لبيت الله المقدس وإحراقه للأصنام وتحطيمها به وإخراجها من البيت ترابا مهيلا، وقتله الكهنة المرتدين في كل أنحاء البلاد وإخراج أجساد موتاهم من قبورها وإحراقها، وإعلان التوحيد وضرورة التمسك بالكتاب، ولكن هذه العودة إلى الله انتهت باستشهاد صاحبها يوشيا عند قتاله لفرعون مصر، وهو قتال تجاهل فيه الأنبياء الذين عاصروه ولم يستأذن له منهم، ومع هذا فقد أبقى الله له بالتوراة وتأريخ بني إسرائيل ذكرا حسنا من بعده لا ينسى.
وفي هذه الفترة كانت نبوة حلقيا Hilkiah و تنبؤ ارمياءJeremiah ابن حلقيا بهدم القدس وأن الله لن يحميهم
من البابليين ما لم يتخلصوا من الأوثان التي أعيدت من بعد عهد يوشيا، ولكن اليهود صدقوا نبوات راقت لهم
من أنبياء كذبة(أدعياء للنبوة)! وعَدوهم بالنصر وبأن الله سينقذهم كما أنقذهم من حصار سنحاريب الآشوري من.
 
15ـ جاء بعد يوشيا ابنه، وحكم لثلاثة أشهر، ثم وضع فرعون مصر مكانه أخا يوشيا: يهوياكيم Jehoiakim
الذي عاث في الأرض فسادا فأرسل الله إليه نبوخذنصر واقتاده مقيدا بالسلاسل إلى بابل عام 597 ق م،
ووضع بعده يهوياشين فأفسد، فأهلكه الله بنبوخذنصر الذي أسره في العام التالي، ووضع صدقيا Zedkiah
مكانه ملكا على اليهود فعصى صدقيا النبي إرميا واستهزأ بالرسل، ونكث عهده مع نبوخذنصر
( وقد أنبته كتاب حزقيال على ذلك)، فكان أن عاد نبوخذنصر ونفذ باليهود عقاب عام 586 ق م المشهور،
وقد امتد حكم صدقيا لمدة 11 عاما، ثم انتقم الله منه بنبوخذنصر أشد انتقام كما سنرى.
استسلمت أورشليم لنبوخذنصر عام 597ق م، فاكتفى بنهب ثروات البيت، وأسر الملك يهوياكيم.
ولم يتب اليهود ويسمعوا للنبي ارميا الذي استمر يحذرهم عواقب ردتهم من بعد يوشيا،
فكانت عودة نبوخذنصر في أغسطس 586 ق م.
16ـ مملكة بابل ( 612- 538 ق م) التي قامت باحتلال القدس وهذه هي الأولى من الممالك
الأربع منذ عصر النبي دانيال عليه السلام التي ستحكم الأرض المباركة قبل قيام مملكة الله ،
(موضوع الإصحاح الثاني والسابع من كتاب دانيال)..
وقد جاءت المملكة البابلية ( الكلدانية) على إثر هزيمتها للآشوريين، واستيلائها على عاصمتهم نينوى عام 612 ق م
وقد تغلب نبوخذنصر على المملكة الجنوبية، فأحرق أورشليم وهدم المعبد الأول 586ق م،
بل وهدم كل القصور، وكل بيوت المدينة بيتا بيتا، وقتل أولاد الملك صدقيا أمامه ثم فقأ عينيه،
وأخذه مع سبعين ألفا من اليهود أسرى إلى بابل.
وفي هذا عقوبة أخرى جديدة للردة والعصيان ( من بعد إبادة مملكة إسرائيل والأسباط العشرة بها).
17ـ اليهود في الأسر ببابل ( 586- 538 ق م) وظهور النبيين حزقيال ودانيال في بابل ( إرمياء توفى عام 585 ق م بمصر).
18ـ سقوط بابل على أيدي الفرس ( بزعامة سايروس) 539 ق.م وظهور المرسوم بالسماح لليهود بالعودة إلى فلسطين وببناء الهيكل 538ق.م.
ثم كانت فترة نبوة حجي وزكريا ( هو نبي آخر غير زكريا أبي يحي ) عليهم السلام.
وجاء بناء المعبد أبسط من ذلك الذي بناه سليمان عليه السلام، وقد أثار افتتاح المعبد الثاني الذي بدا كأنه
لا شيء بجانب الأول ( حجي 2: 3) أثار بكاء الكهنة وكبار الرؤساء الذين عرفوا الهيكل الأول،
بينما هتف العامة بهتافات البهجة والفرح ( عزرا 3: 12).
19ـ بناء الهيكل الثاني جاء عام520- 515 ق م بناء أبسط كثيرا من البناء الأول
( تمّ البناء الثاني تحت قيادة زربابل، وهو يهودي من نسل داود ولكنه كان في نفس الوقت حاكم اليهود باسم الدولة الفارسية).
20ـ دولة الفرس ( 538- 333 ق م) هي المملكة الثانية من الممالك الأربع التي تنبأ بها دانيال عليه السلام اتفاقاً،
جاءت على إثر هزيمتها للبابليين والميديين ( الميديين هم فرس كذلك)، واستيلائها على أرض تلك الدولتين،
وقد حكمت أرض كنعان لما يزيد عن مائتي عام، وكان فيها تخفيف على اليهود رغم استمرار
انقطاع الاستقلال والملك عنهم منذ عام 586 ق م.
21ـ إعادة نحميا عليه السلام لبناء سور المدينة عام 445 ق.م وكانت الآرامية محل العبرية لغة للتخاطب في هذه الفترة.
22ـ قيام المعبد الثاني على يد عزرا ونحميا 428 ق.م.ومن المتعارف عليه أن كثيرا من الأسفار ألفت
بعد عصر عزرا بقرون عديدة.وتم إعادة جمع التوراة على يد عزرا ( بناء على المصادر اليهودية) بعد ضياعها،
وتثبيت الشريعة بعد نسيانها.
23ـ الانتهاء من كتابة أسفار موسى الخمسة (وهي أعظم العهد القديم وربما أصحه) عام399 ق م.
وكتابة أسفار العهد القديم بعد قرون طويلة ممن تنسب إليهم لهو عامل آخر ـ إضافة إلي التحريف المتعمد ـ
في تفسير وجود الأخطاء الكثيرة الموجودة بالكتاب المقدس.
24ـ سيطرة اليونانيين على فلسطين وسوريا 333 ق.م بقيادة الإسكندر الأكبر وبداية الانحراف الثقافي
والتأثر بالإغريق Hellenism الذي بلغ اقتباس أسماء وعادات وأفكار اليونان الوثنيين.
25ـ اليهود في عهد الإمبراطورية اليونانية ( 333- 63 ق م) كانت هي المملكة الثالثة التي حكمت
الأرض المباركة من بعد البابليين والفرس.
ـ انتشار الردة عن تعاليم الأنبياء بين اليهود، وتقليدهم للغربيين المتفوقين مدنيا.. وتولي الكثير منهم لليونانيين الوثنيين..
26ـ أ ـ رغم أن الفرس هم الذين سعوا إلى إعادة اليهود إلى أورشليم حيث كانت لليهود حظوة
كبيرة عند ملوك فارس وذلك منذ أيام أحشويروش وداريوس وقورش ، إلا أنهم ـ أي اليهود ـ
خانوا أسيادهم وتحولوا إلى القوة الشابة الجديدة والتي ظهرت على يد الإسكندر المقدوني والذي
استطاع القضاء على الحكم الفارسي في بلاد الشام كلها ومن بينها فلسطين وذلك في عام 323 ق.م.
ب ـ ولما مات الإسكندر العام 323 ق.م وتولى بطليموس الأول حكم مصر وفلسطين
والذي دام حكمه من ( 323 ـ 285 ق.م ) بدأ اليهود أول تمردهم على اليونان، فقام بطليموس الأول
باعتقالهم وأخذ منهم مائة ألف أسير إلى مصر.
تمّ في إصحاح دانيال الثامن ذكر الإسكندر الكبير صراحة باسم ملك اليونان الأول، ومن بعده انقسام
مملكته إلى أربع ممالك.. وهو ما أشير إليه في الفصل السابع من كتاب دانيال بنمر له أربعة رؤوس وأربعة أجنحة.
ولما تولى بعده بطليموس الثاني ( 285 ـ 247 ق.م ) حكم مصر وفلسطين وكان رجلاً مثقفاً
وفي عهده تم تدوين التوراة باللغة اليونانية حيث اجتمع سبعون أو اثنين وسبعون عالما من اليهود،
ستة من كل قبيلة من قبائل اليهود الأثنى عشرة وقاموا بهذا العمل والذي دام على ما يقال مائة عام تقريباً.
ج ـ وهكذا لم يكن للنص العبري أي وجود أو أي أثر نتيجة لفقده وضياعه بسبب الحروب والأسر
والتشتت والضياع وبقي النص اليوناني هو المحفوظ بسبب حرص اليونان على الثقافة والذي أصبح
هو النص الوحيد والمعتمد عند اليهود، وأنت تقرأ على الصفحة الأولى للكتاب المقدس ما يفيد الترجمة عن النص اليوناني.
د ـ تولى بطليموس الثالث الحكم ( 247 ـ 222 ق.م ) ثم من بعده بطليموس الرابع ( 222 ـ 202 ق.م )
وهذا الأخير بعد أن تحالف اليهود معه، جرت بينه وبين السلوقيون الموجودون بسوريا عدة حروب
نظرا لأن السلوقيون كانوا يريدون توسعة حكمهم في فلسطين واستطاع انطوخيوس الثالث السلوقي
الانتصار على بطليموس الرابع في فلسطين وأذل اليهود إذلالاً شديداً نظراً لمناصرتهم بطليموس الرابع.
ه‍ ـ ومنذ عام 200 ق.م إلى ثورة المكابيين كان السلوقيون يعاملون اليهود باحتقار شديد وأدت
معاملة السلوقيين القاسية إلى انفجار ثورة المكابيين سنة 166 ق.م واستطاعوا بقيادة يهوذا المكابي الاستيلاء
على أورشليم وذلك في عام 165 ق.م ولكن السلوقيون عادوا وهزموا يهوذا وقتلوه العام 161 ق.م
واستعادوا سيطرتهم على مدينة السلام ( أورشليم ) والتي لم تشهد سلاماً أبداً منذ تكونت خلال تاريخها القديم
إلا في فترات محدودة كان أطولها أثناء الحكم الإسلامي .
و ـ في العام 134 ق.م تولى القيادة بعد يهوذا المكابي أخوه يوناثان ثم أخوه سمعان وبعد سمعان تولى
ابنه يوحنا والمشهور عند اليهود باسم هركانوس قيادة اليهود.
ز ـ وقد دوّن تاريخ المكابيين في سفر المكابيين الأول والذي ينتهي عند موت سمعان واعتلاء هركانوس العرش.
ويتحدث سفر المكابيين الثاني عن أهمية الاحتفال بعيد الحانوكا وهو التذكار السنوي لإعادة العبادة
على يد يهوذا المكابي بعد أن أبطلها انطوخيوس السلوقي وهذين السفرين من الأسفار الأبوكريفية.
ح ـ في العام 104 ق.م تولى القائد المكابي ارستبولس المُلك.
27ـ وقوع السامرة وفينيقيا تحت ملك السلوقيين( حكام سوريا اليونانيين) ثم عودتها إلى البطالمة
( تكرر الاحتلال المتبادل بين البطالمة والسلوقيين للقدس ست مرات على الأقل في هذه الفترة).
تم تفصيل هذه الأحداث في الإصحاحين الحادي عشر والثاني عشر من كتاب دانيال.
28ـ امتلاك السلوقيين ( يونانيين) لفلسطين وفينيقيا وطرد البطالمة ( يونانيين كذلك) عام 203 –200 ق م،
بمساعدة اليهود المتدينين.
29ـ تثبيت انطيوخوس AntiochusIII الملك اليوناني بسوريا لسيمون الثاني ( سمعان) المحافظ على
حكم اليهود عام 200ق م، وإعطاء المدن اليهودية واليهود معاملة خاصة كأمة تُحكم بالتوراة وذلك في
وثيقة خاصة عام 200 ق م، وانتصار دعاة الصلاح والعودة إلى التوراة على دعاة التغريب وتقليد اليونانيين.
30ـ هجوم هيليودوس قائد السلوقيين ( تحت حكم الملك السلوقي سليوكاس Seleucus)
على القدس عام 180 ق م لاغتصاب أموال الهيكل، واستجابة الله لتضرع المؤمنين تحت
زعامة الكاهن Onias أونياس ابن سيمون، وإصابة القائد السلوقي بصرع مشل.
ـ جأر الناس رجالا ونساء بالاستغاثة بالله تعالى، فاستجاب لهم ووقع القائد اليوناني مشلولا عند اقترابه من الهيكل..
فكانت بذلك آية أخرى لبني إسرائيل وللمؤمنين من بعدهم.
31ـ انتقال الكهانة إلى يوشعJoshua ( الملقب جاسون) أخي أونياس بخيانة وتآمر مع الملك
السلوقي سليوكاس، ومقتل أونياس ( الكاهن الصالح) بعد ذلك عام 180 ق. م .
32ـ محاولة يوشع الكاهن تغريب القدس لتكون حاضرة يونانية، ونجاحه في إقناع انطيوخوس
ايبيفانوس ملك اليونانيين السلوقيين لإلغاء معاهدة عام 200 ق م التي تعطي لليهود وضعا خاصا ليُحكموا بالتوراة،
وقبول عامة اليهود لهذا الإلغاء الذي يعني عدم تمييز مدنهم عن بقية المدن اليونانية، بما في ذلك من تعطيل الشريعة والتوراة.
33ـ إزاحة الملك اليوناني Epiphanies Antiochus أنطيوخوس ايبيفانوس ليوشع عام 172 ق. م
ووضع مينيلاوس Menelaus مكانه على الكهانة بعد رشوة الأخير للملك اليوناني، وتغيير الكاهن الجديد
لاسم القدس إلى اسم "أنطاكية اليهودية" إرضاء لليونانيين حكام أنطاكية (الاسم مشتق من اسم الحاكم نفسه).
ومن المعروف أن الملك اليوناني أنطيوخوس ايبيفانوس هو الطاغية المقصود في دانيال: الإصحاحات الثامن،
الحادي عشر والثاني عشر ، وكلمة ايبيفانوس تعني ادعاء للإلوهية.
 


34ـ استعانة يوشع ( جاسون أو ياسون) بالبطالمة حكام مصر اليونانيين واستعادته معظم القدس بشكل مؤقت عام 170 ق.م،
ثم دخول أنطوخيوس للقدس وسلبه للهيكل ومحتوياته، ثم هدمه لأسوار المدينة في السنة التالية، ثم إصداره لمرسوم تحريم الطقوس الدينية بالهيكل وتحريم الراحة يوم السبت، وتحريم الختان وإتباع الشريعة، وفرض عقوبة الإعدام للمخالفين.

ـ على القاري ملاحظة أن أنطوخيوس عاش ضمن فترة الحكم اليوناني ( المملكة الثالثة)، وليس ضمن فترة الحكم الروماني ( المملكة الرابعة) ،
فليس هو المعني بأحداث بشارة دانيال بالإصحاح السابع.

ـ روما تسيطر على أرض اليونان عام 168 ق م، مع بقاء استقلال الممالك اليونانية بالمشرق.

35ـ تدنيس أنطوخيوس للبيتAbomination بإقامة نصب من الحجر لآلهة اليونان ZeusOlympios عام 167 ق م ليشترك
الناس يهوداً وغير يهود في عبادة واحدة ، وتأييد اليهود المستغربين لذلك.. وتغييره لاسم أورشليم إلى اسم إنطيوخيا/ إنطاكية ( اشتقاقا من اسمه).

36ـ هروب يهوديّ اسمه ماتاثياس Mattathias وأولاده الخمسة إلى التلال خارج القدس، وذلك بعد قتله يهودياً قرّب قرباناً لأصنام اليونان
وانضمام اليهود الصالحين إليه، في حملة تمرد وحرب عصابات رأسـها فيما بعد ابنه جوداس أو يهودا Judas ( الملقب بالمكابي ) عام 166ق.م.

ـ ثورة الحشمونيين ضد اليونانيين 164ق.م قامت غيرةً لله وتوجت بنصر عاجل وعظيم للمؤمنين الضعفاء أمام قوة اليونان الغاشمة..

37ـ انتصار جوداس على اليونانيين وأتباعهم من اليهود المستغربين بعد 3 سنوات من الحروب المتتابعة واستعادة القدس في 25 من شهر Kisliv اليهودي
( ثبته اليهود بالنسيئة التي يضيفونها على الشهور القمرية ليوافق أحد أيام ديسمبر) عام 164 ق.م بعد أن خلت من أهلها وعطلت عبادة الله عز وجل
في بيت الله بها، واحتفال اليهود به بعد ذلك كعيد التشانوكا السنوي Chanukkah، وقيام حكم الحشمونيين Hasmonean بعد ذلك.

ـ كانت حروبا لفئة قليلة من المؤمنين في وجه أعداد كبيرة من الكفار، ولكنها استعانت عليهم بالدعاء والتوبة والصوم قبل المعارك،
فنصرها الله عز وجل على قلتها، وأعادت بيت الله وطهرته من أوثان اليونانيين بعد أن بقي سنوات مهجوراً.

ـ يلاحظ في هذه الحروب شدة اليهود على أعدائهم بذبحهم كل الذكور في عدد كبير من المدن التي سيطروا عليها ( لم يكن معهم نبي في هذه الحروب).

38ـ استشهاد جوداس ( 160 ق م)، وزعامة أخيه جوناثان للقتال حتى قبض اليونانيون عليه غدرًا وقتلوه عام 142 ق م،
ثم توليّ أخيهم سيمون لزعامة حروب التحرير حتى اكتمل الاستقلال في عهده ولكنه استقلال غير مستقر وغير تام.. واستمرار الخيانة من اليهود المستغربين:

ـ تميزت الفترة باستمرار القتال والغدر المتبادل والثأر بين ملوك اليونان بمصر وسوريا وقادتهم وأبنائهم، وتنافسهم في بعض الفترات
لكسب ود اليهود مما أفاد اليهود وثبت حكمهم ولو إلى حين.

ـ وفاة الطاغية أنطوخيوس بعد سماعه بانتصارات اليهود، وكانت وفاته بالعراق كسيرا ومهزوما من أعدائه.. تحقيقا لقوله تعالى بسورة البقرة آية114:
[ ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها، أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين، لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم].

ـ مقتل سيمون عام 134 ق م على يد زوج ابنته جون هيركانوس John Hyraccanus ، وتتابع قتل الحكام من الحشمونيين
من أبناء جوناثان على أيدي إخوانهم وأولادهم، وانحراف الحكم عن الالتزام بالشريعة، ووقوعهم تحت حركة التغريب الإغريقي،
هذا رغم تميز هذه الفترة بإجبار غير اليهود مع ذلك على اعتناق اليهودية أو القتل.

39ـ انقسام اليهود إلي ثلاث فرق:

الصدوقيين Sadducees الموالين للحكام، والفريسين Pharisees، والأسينيين Essen's نهاية القرن الثاني قبل الميلاد
وخروج الأسينيين إلي الصحاري حنقاً على التغريب وعدم الالتزام بالشريعة.

وقد ظهر بعد ذلك "الغيورون Zealots" وهم الذين آمنوا بقرب قيام مملكة الله عن طريق قتال الرومان، وكانوا المسئولون
عن الثورات ضد الرومان في الأعوام 70 و 132م.

وهذه هي المجموعات الدينية الرئيسة في تلك الفترة.

40 ـ اليهود في العهد الروماني ( 63 ق.م ـ 614 ب.م )

أ ـ في هذه الفترة كان اليهود يقعون تحت الحكم الروماني، حيث أنه بعد سقوط أورشليم على يد القائد الروماني بومبيوس (بومبي)
لم يعمد الرومان إلى حكمها مباشرة ولكنهم فضلوا أن يجعلوها مثل كثير من الولايات، حيث يجعلون الحكم فيها على يد حاكم محلي يكون
ولاؤه للحاكم الروماني، وقد جعل بومبيوس عليها هركانوس أخو أرستبولس، وفي عام 57 ق.م ثار إسكندر بن أرستبولس على عمه
هركانوس ليأخذ منه الحكم إلا أن الرومان أرسلوا حملة لتأديبه وأسقطوا ثورته على عمه، إلا أنه في عام 49 ق.م حاول أرستبولس
للمرة الثالثة الاستيلاء على أورشليم فهزمه بومبيوس وأرسله إلى سوريا وأمر بإعدامه.

وفي عام 37 ق.م وأثناء حكم الملك الروماني هيرودوس ثار الابن الثاني لأرستبولس والذي يدعى أنتوجينيس واستولى على أورشليم
إلا أن الرومان استطاعوا الاستيلاء عليها وقتلوا الثائر عليها، وهدموا هيكل سليمان وهدموا القدس وهدموا أسوارها.

ب ـ في عام 30 ق.م أعاد هيرودوس بناء السوار استمالة لقلوب اليهود بعد أن تزوج منهم

ج ـ وفي الفترة ( 20 ـ 19 ق.م ) وبعد تحطيم الهيكل بالكامل أُعيد بناؤه مرة أخرى على يد هيرودوس والذي مات
قبل أن يتم البناء والذي كان قد استغرق عاماً واحداً فقط.

د ـ في العام 68 بعد الميلاد اشتعلت الحرب بين اليهود والرومان حتى سيطر اليهود على أورشليم، وفي خريف عام 68 بعد الميلاد قام القائد
الروماني فسبازيان بمحاصرة أورشليم وترك لأبنه تيتوس مهمة الاستيلاء على أورشليم.

ه‍ ـ في عام 70 بعد الميلاد هدم القائد الروماني تيتوس الهيكل للمرة الأخيرة ولم تقم له قائمة حتى اليوم وفر من بقي من اليهود إلى مصر وليبيا والجزيرة العربية.

41ـ تقاتل أولاد الإسكندر: هيراكانوس الثاني Hyrcanus II مع أخيه اريستبولاس الثاني AristobulusII على الملك،
واستعانتهم بقوى خارجية، الأمر الذي انتهى بعد أربع سنوات من الحرب الأهلية بدخول الروم وطرد اليونان من أنطاكية عام 64 ق.م،
ثم دخول القائد الروماني بومبي Pompey القدس عام 63 ق.م وذبحه 12 ألف من اليهود وهدمه لأسوار المدينة.

تعيين بومبي لهيراكانوس الثاني كاهنا، وهو ـ أي هيراكانوس ـ الذي كان قد استدعاه ليستعين به على أخيه اريستبولاس الثاني الذي تمّ أسره إلى روما،
وتمّ اختيار انتيبارتر(من المتهِّودين الإيدومييين) الذي ساعد في نصرة هيراكانوس والروم، وتم اختياره رئيساً للجيش و مستشاراً لهيراكانوس.

ـ انتهاء فترة شبه الاستقلال ( تحت مرجعية يونانية)، وانتقال اليهود من الحكم اليوناني (المملـكة الثالثة) إلـي الحـكم الروماني (المملكة الرابعة)
واضح دور فساد الحكام في إضاعة الحكم الذي أقامه أجدادهم.. فمصيبة اليهود بالروم ( الذين سموهم بالكتيم ) كانت قطعا أشدّ..

42ـ وعليه فإنه يمكننا أن نلخص الأحداث كما يلي:

تم تدمير الدولتين تدميراً كاملاً على النحو التالي:

1ـ في عهد رحبعام بن سليمان ( أول ملك على دولة يهوذا ) ويربعام بن نباط ( أول ملك على دولة إسرائيل )، في هذا العهد غزا فرعون مصر ( شيشنق) فلسطين.

2ـ وفي عام 740ق.م غزا تجلات فلاسر ملك أشور دولة إسرائيل.

3ـ وفي عام 722ق.م هجم شلمناصر الثالث الآشوري على مملكة إسرائيل ودمرها تدميرا.

4ـ وفي عام 721ق.م قام سرجون الثاني خليفة شلمناصر بغزو إسرائيل ودمر ما بقي منها وأباد أهلها وبذلك انتهت دولة إسرائيل إلا بقايا من الزمنى والشيوخ.

5ـ وطدّ اسرحدون بن سرجون الثاني الآشوري سيطرته المطلقة على سوريا وذلك بعد وفاة أبيه، وفي هذه الأثناء اضطرت مملكة يهوذا
بالمسارعة إلى استرضائه ودفع الجزية له، كما قدم الملك منسّى ـ الطاغية الجبار الذي نشر النبي اشعياء بالمنشارـ فروض الطاعة والولاء
للملك الآشوري والذي أعاده إلى العرش في حدود سنة 677 ق.م.

6ـ وفي عام 620 ق.م وفي عهد الملك يوشيا، قام فرعون مصر ( نخو ) ـ نخاوـ بالهجوم على فلسطين وزحف إلى الفرات في حربه للآشوريين.

7ـ وهكذا وقعت دويلتي إسرائيل ويهوذا منذ البداية بين فكي كماشة:

الدولة الآشورية من الشمال الشرقي.. والدولة المصرية من الجنوب الغربي.

8ـ في عام 606ق.م انتهت الدولة الآشورية وحل محلها الدولة البابلية، وبقيام الدولة البابلية خضعت تلك المناطق كلها لحكم نبوخذ نصر البابلي
والذي أغار على أورشليم لأول مرة في عام 606ق.م ونهبها وقبض على ملكها يهواقيم ونفاه مع جماعة كبيرة إلى بابل وأقام مكانه صدقيا بن يهواقيم
والذي تمرد عليه كثيراً الأمر الذي جعل نبوخذ نصر يدمر أورشليم ويقتل ثلث سكانها ويسبي الثلث الأخر إلى بابل وقد دام حكمه 43 سنة
وذلك في الفترة من (605ـ 562 ق.م ) وهو يعتبر من أشهر ملوك الدولة الكلدانية .

9ـ في عام 562 ق.م توفى نبوخذ نصر تاركاً العرش لابنه ابيل مروداخ والذي ملك من عام 562 ق.م إلى عام 556 ق.م حيث قتله
زوج أخته واغتصب العرش منه ثم قُتل هذا الأخير بعد عام واحد ثم خلفه ولده لباش مروداخ في عام 556 ق.م وكان طفلاً إلا أنه
قد ذبح بعد تسعة أشهر ليحل محله نبونيد ( 555 ق.م ـ 538 ق.م ) وهو أخر ملوك الدولة البابلية (ونبونيد هذا ليس هو من ادعته التوراة
باسم بلتّصر، فكتّاب سفر دنيال يفيدون تأويل بأن بلتّصر هو ابن نبوخذنصر ثم أرغمه على الموت في ليلة سقوط بابل بيد داريوس ،
ولكن التاريخ الحقيقي يفيد إلى أن بابل لم تخضع لداريوس في عام 538 ق.م بل كانت خاضعة لحكم قورش الفارسي. ).
 



الفرع الثاني
بداية تدوين (التناخ) التوراة

1ـ أولى بدايات التدوين:


تمت أولى بدايات تدوين التوراة في الفترة ما بين 586 و538 ق.م فمن الصفحات القليلة

السابقة عرفنا انه في عام 586 ق.م وهو تاريخ سقوط مملكة يهوذا ومن قبلها سقطت مملكة إسرائيل في عام 722 ق.م وحتى عام 538 ق.م
وهو تاريخ سقوط الدولة البابلية الكلدانية واستيلاء قورش على بابل الذي أسس إمبراطورية فارسية كبيرة ضمت فارس وليديا وميديا وآشور،
وامتدت سلطته على أسيا الغربية كلها، ثم جاء ابنه قمبيز وضم مصر إلى إمبراطورية أبيه في عام 525 ق.م ثم توفى قمبيز في عام 523 ق.م
ولم يكن له ولد فانتقل التاج إلى أخيه سميرديز والذي قتله كهنة ميديا سراً ووضعوا أحدهم بدلاً منه ولكن أمرهم كُشف بعد عدة أشهر،
فنظم قادة الفرس مؤامرة قتلوا فيها الكهنة و( سميرديزهم ) المزعوم وقدموا التاج لداريوس والذي كان قد غدا صهراً لقورش مرتين
وقد عُرف في التاريخ باسم داريوس المادي وقسم داريوس إمبراطوريته إلى إحدى وعشرين مقاطعة وحكم ما بين عامي 521 إلى 481 ق.م
وبعد فترة من الزمن أعلن حاكم مقاطعة بابل نابوا ينتوك وابنه بلساروسو الأمر الذي أرغم داريوس على الأمر الذي أرغم داريوس
على الاستيلاء عليها مرة أخرى في عام 516 ق.م .

ترجع أهمية هذه الأحداث للوقوف على التزوير المتعمد في التوراة فمن المعروف أن نبونيد هو أخر ملوك الدولة البابلية وهو ليس من
ادعته التوراة بـ ( بلتّصر) لأن بابل عادت وسقطت ثانية بيد داريوس الأول بعد اثنتين وعشرين عاماً، ويحاول كُتاب التوراة أن ينفذوا عبر هذا الباب
ليؤكدوا أن الملك البابلي الذي كان في هذا العصر هو بلتصر التوراتي.


2ـ المبادئ التي كتبت عليها التوراة:


بعد سقوط دولة بابل في يد الفرس، وتحدياً بعد مرور 66 عاماً أُعيد بناء الهيكل مرة أخرى وذلك بإذن من الملك الفارسي داريوس وذلك على يد جماعة
من الكهان اليهود وأشهرهم زربابل بن شالتئيل وعزرا ونحميا.

هذا وقد استغرق بناء الهيكل خمس سنوات وذلك فيما بين عامي ( 520 ـ 515 ق.م ). وفي مدينة بابل اتفق العبرانيون والسامريون
على تدوين التوراة لأنهم في الأسر لما تأكدوا من إدبار الدنيا عنهم وإقبال الخير على بني إسماعيل بعد سنوات طويلة، رأوا أن يحتفظوا بكيان مستقل إلى الأبد.

ومن أجل ذلك كتبوا التوراة بأيديهم وذلك على المبادئ التالية:

أ ـ الله تعالى إله واحد ولكن ليس للعالمين، بل لبني إسرائيل وحدهم من دون الناس

ب ـ شريعة التوراة أنزلها الله تعالى ولكن ليست للعالمين بل لبني إسرائيل وحدهم من دون الناس.

ج ـ النبي المنتظر الذي أخبر عنه موسى سوف يأتي ولكن ربما من بني إسرائيل لا من إسماعيل.

وكتب لهم عزرا كتاب التوراة على تلك المبادئ وعرضها عليهم فسُروا بها واستحسنوها.

ولما رجع بنو إسرائيل من بابل بتوراة عزرا وسكن العبرانيون في مدنهم وسكن السامريون في مدنهم، ظهر عداء شديد بين العبرانيين والسامريين،
حيث يقول العبرانيون أننا على حق ويقول السامريون بل نحن وحدنا على الحق وانتم الذين حرفتم وغيرتم وزدتم أنقصتم من كتاب الله.

موجز عن الكتاب المقدس وأسفارهولغته الأصلية وترجماته الأساسية

الكتاب المقدس عند النصارى قسمان العهد القديم والعهد الجديد.

أسفار العهد القديم قبل المسيح وعددها مع الأسفار غير القانونية يزيد على الأربعين.

أما أسفار العهد الجديد وهي الأسفار المقدسة عند المسيحيين بعد السيد المسيح فهي الأناجيل الأربعة والأسفار الملحقة بها.

ينقسم الكتاب المقدس العبري إلى ثلاثة أقسام:

التوراة – قسم الشريعة, الأنبياء – القسم المتعلق بالأنبياء والكتابات – قسم الأدبيات

ترمز التوراة للأسفار الخمسة الأُولى من الكتاب المقدّس العبري (التناخ) وهم:

القسم الأول:أسفار العهد القديم

ما يعرف اليوم بـ(العهد القديم) (OldTestament) هو ثلاث مجموعات من الكتب والأسفار.

المجموعة الأولى : التوراة [תורה ]

وهي الأسفار الخمسة (Pentateuch) وتعرف بالتوراة الخماسية (The chum ash) [חמשהחומשיתורה ] (حمشه حومشي توراه).

وهي :

سفر التكوين [ ברא שית ] (براشيت) (Genesis).

سفر الخروج [ שמות ] (شموت) (Exodus).

سفر الأخبار [וידרא ] (ويكرا) (Leviticus).

سفر العدد [במדבר] (بمدبار) (Numbers).

سفر التثنية [דוברימ ] (دوبريم) (Deuteronomy).

وتعرف هذه الأسفار الخمسة بتوراة موسى وتعرف أيضا بـ(الناموس) وهي لفظة يونانية تعني القانون .

المجموعة الثانية : أسفار الأنبياء [נביימ ] (نبييم) أي (الشريعة).

وتشتمل على:

الأنبياء الأوائل

سفر يشوع [ יהושע ] (يهوشوع Yehoshoua’).

وسفر القضاة [ שופטימ ] (شوفطيم Shoftim).

و(صموئيل الأول) شموؤيل اليف Shmuel Alef و(صموئيل الثاني) شموؤيل بيت [שמואיל אשמואיל ב].

والملوك الأول والثاني ملخيم اليف و ملخيم بيت [מלוימ א מלוימ ב ].

الأنبياء المتأخرون

وإشعياء (يشعيهو Yesha’yahu)[ ישעיה ].

وإرميا (يرمياه Yirmiyah) [ירמיה ].

وحزقيال (يحزقيال Yehezkel) [ יחזכ אל ].

أسفار الأنبياء الأثنين العاشر

سفر هوشع (بالعبرية: הושע هوشيع Hoshea’)

سفر يوئيل (بالعبرية: יואל يوئيل Yoel)

سفر عاموس (بالعبرية: עמוס عاموس A’mos)

سفر عوبديا (بالعبرية: עובדיה عوبديا O’vadya)

سفر يونان (بالعبرية: יונה يوناه Yonah)

سفر ميخا (بالعبرية: מיכד ميخا Mikha)

سفر ناحوم (بالعبرية: נחום ناحوم Nah’oum )

سفر حبقوق (بالعبرية: חבקוק حبقوق H’avaqouq )

سفر صفنيا (بالعبرية: צפניה صفنيا Sefanya)

سفر حجى (بالعبرية: חגי حجاي H’agay)

سفر زكريا (بالعبرية: זקריה زكيرا Zekharya)

سفر ملاخى (بالعبرية: מלאדי ملاخي Malakhi)

المجموعة الثالثة : وهي الكتب [כתובים ].

وتشتمل على:الكتابات

أسفار الحكمة الشعرية

سفر المزامير (بالعبرية: תהלים تهيليم Tehilim)

سفر الامثال (بالعبرية: משל י مشلي Mishley)

سفر ايوب (بالعبرية: איוב ايوب Eyob)

سفر نشيد الاناشيد (بالعبرية: שר השרים شير هاشيريم Shir Ha-Shirim)

سفر الجامعه (بالعبرية: קהלת قوهيليت Qohelet)

سفر راعوت (بالعبرية: רות روت Rut)

سفر المراثي (بالعبرية: איכא ايخا Eykha)

سفر استير (بالعبرية: אשתר استير Ester)

سفر دانيال (خليط من اللغتين العبرية والآرامية الغربية, بالعبرية: دانيئيل Daniel)

سفر عزرا (خليط من اللغتين العبرية والآرامية الغربية, بالعبرية: عزرا E’zra)

سفر اخبار الايام الآول (بالعبرية: דברי הימים א دبري هاياميم اليف Divrey Hayamim Alef)

سفر أخبار الأيام الثاني (بالعبرية: דברי הימים ב دبري هاياميم بيت Divrey Hayamim Bet)

وهذا الترتيب هو الترتيب الثابت في التوراة العبرية المتداولة عند اليهود إلى اليوم، كما ان هذه المجموعات الثلاثة
تحمل اســم (تناخ) [תנד] (Tanach) عند اليهود كعنوان للكتاب الذي يجمعها وهي لفظة مكونة
من الأحرف الأولى لـ(توراه) [תורה] ونبييم [נביים] وكتوبيم [דתובים] .

أما الترجمة اليونانية (السبتوجنت) (Septuagint) وهي ترجمة يهودية فقد صنفت الأسفار فيها إلى مجموعتين:

الأولى : تحمل عنوان كتب الشريعة والتاريخ.

الثانية : تحمل عنوان كتب الشعر والأنبياء.

وتختص الترجمة اليونانية إضافة إلى اختلافها في ترتيب الأسفار باحتوائها على أسفار جديدة كان علماء اليهود ومن تبعهم
من علماء النصارى فيما بعد قد اعتبروها غير قانونية وهذه الأسفار الإضافية هي (نشيد الثلاثة الفتية المقدسين) و(تتمة سفر دانيال)
و(تاريخ سوسنة) و(تاريخ انقلاب بيل) و(بقية سفر استير) و(رسالة ارميا) و(صلاة منسى) و(سفر باروخ) و(سفر طوبيت) و(سفر يهوديت)
و(اسدراس الثاني) [(عزرا)] و(سفر حكمة سليمان) و(سفر حكمة يشوع بن سيراخ) ومعظم هذه الأسفار كتب ما بين سنة 200ق.م و 100م).
(قاموس الكتاب المقدس لفظة ابوكريفا.) .

وقد ترجمت بعض هذه الأسفار إلى العربية وطبعت في الكتاب المقدس الترجمة العربية ـ المطبعة الكاثوليكية بيروت سنة 1960م.

وقد تبنى علماء النصارى في ترجماتهم السريانية والعربية والإنجليزية وغيرها ترتيب أسفار العهد القديم على طريقة التوراة اليونانية (السبتوجنتا)
مع حذف الإسفار غير القانونية منها.


التلمود


التلمود هو أحد كتب اليهود الدينية ، وهو عبارة عن موسوعة تتضمن الدين، والشريعة، والتأملات الغيبية، والتاريخ، والآداب ،والعلوم الطبيعية؛
كما يتضمن علاوة على ذلك فصولاً في الزراعة، وفلاحة البساتين، والصناعة، والمهن، والتجارة؛ والربا، والضرائب، وقوانين الملكية؛
والرق؛ والميراث؛ وأسرار الأعداد؛ والفلك، والتنجيم؛ والقصص الشعبي، بل أنه ليغطى جوانب الحياة الخاصة لليهودي، إذ يتناول -في جملة ما يتناول-
كل دقائق إعداد الطعام وتناوله، والعلاقات الخاصة بين الرجل وزوجته، والطمث - وحتى الدعوات التي يقولها الإنسان بعد الذهاب إلى دورة المياه،
أي أنه لا يدع للفرد اليهودي حرية الاختيار في أي وجه من وجوه النشاط في حياته العامة والخاصة.

?‏وقد بـدأ تدوين التلمود مع بداية العصر المسيحي ، واستغرق تأليفه ما يقرب من خمسمائة عام. ويوجد تلمودان وهما : التلمود البابلي،
والتلمود الفلسطيني "الأورشاليمى"، وكلاهما مكون من "المشنا" و" الجمارا" . ووجه الاختلاف بينهما في الجمارا، وليس في المشنا؛ لأنها واحدة في الاثنين.
أما الجمارا فاثنتان إحداهما في فلسطين والأخرى في بابل، وحيث أن الجمارا البابلية أكمل وأشمل من الجـمارا الفلسطينية؛ فإننا نجد أن التلمود البابلى
هو الأكثر تداولاً، وهو الكتاب القياسي عند اليهود.

وتبلغ أقسام المشنا ستة أقسام، وهى الأقسام الأساسية للتلمـود، باعتبار أن الجمارا تعليق على المشنا وشرح لـها. ويبلغ عدد صفحات
التلمود "مشنا وجمارا" حوالي ستة ألاف صفحة في كل منها 400 كلمة.

?‏والتلمود هو أول محاولة من جانب حاخامات اليهود لتفسير العهد القديم، بـما يتناسب مع وضع اليهود الجديد كأقليات تجارية متناثرة في العالـم،
وليس كشعب مستقر في أرضه. ولكن التلمود هو أيضًا تعبير عن محاولة اليهودية الحاخامية التلمودية السيطرة على جماهير اليهود، وعزلـهم عن بقية الشعوب،
خاصة بعد ظهور المسيحية التي اتخذت من العهد القديم كتاباً مقدساً، وأكملته وعدلته بالعهد الجديد. وهذه الانعزالية مسألة منطقية
في الـمجتمعات الإقطاعية التي كانت تشجع الفصل بين الطبقات والجماعات الدينية، وهى انعزالية كانت تأخذ في الغالب شكل التعالي على الناس.
وتسري هذه النزعة الانعزالية الـمتعالية بحدة في معظم صفحات التلـمود.

وقد كان التلمود يستخدم أساساً للتربية اليهودية؛ فكان الدارسون اليهود يستذكرونه لـمدة سبع ساعات يومياً طوال سبع سنوات.
وقد نجح التلمود في ضرب العزلة الوجدانية والروحية والعقلية على اليهود؛ حتى أن أحد الشعراء الألمان أسـماه وطن اليهود الـمتنقل.

ومما زاد من حدة هذه الانعزالية تلك القداسة التي تحيط بالتلمود ، فعلى الرغم من أنه مجرد "تفسير" للمقرا ، فإنه مثل كل كتب
الشروح اليهودية يكتسب قداسة معينة، خاصة وأن أسطورة الشريعة الشفوية سيطرت على الوجدان اليهودي سيطرة تامة بعد ظهور المسيحية؛
فكان ينظر للتلمود في بداية الأمر على أنه يأتي في المرتبة الثانية بعد التوراة، ولكنه بعد حين أصبح يلقب بالتوراة الشفوية، أي صار مساوياً لتوراة
موسى في المرتبة، ولـم يعد في وسع أي يهودي مخالفته، ثم أخذت درجة قداسته في الازدياد والاتساع حتى أصبح أكثر قداسة من التوراة ذاتها.
 
الجماراه

الجماراه كلمة آرامية تعني :
1. اسم عام للتلمود .
2. الجزء الذى يشتمل على أقوال " – الأمورائيم" "المفسرين" فقط في الفترة من 220 – 500 م في صورة أسئلة وأجوبة.
3. "القبالاه" : وهى الأمور التي تلقاها اليهود من الحاخامات.
وتُعَدُّ الجماراه جزءاً من الشريعة الشفوية. لكن تسميتها بالجماراه، أي "المكملة"، هي من قبيل المجاز؛ فالشراح لم يكتفوا بالتفسير والتوضيح فحسب،
بل قاموا بالتعديل حتى تطابق المشناه ظروف الزمان والمكان، أي أنهم فعلوا بالمشنا ما فعله رواة المشنا بالعهد القديم.
وكما أن المشنا أطول من العهد القديم، فإن الجمارا أطول من المشنا. وهناك جماراتان: إحداهما فلسطينية، والأخرى بابلية.
ويبلغ عدد كلمات الأولى نحو ثلث عدد كلمات الثانية.
وفي القرن الرابع، نسقت مدارس فلسطين التلمودية شروحها في الصورة المعروفة بالجمارا الفلسطينية. أما الجمارا البابلية،
وهي أطول من المشنا عشر مرات، فقد جُمعت في مائة عام كاملة، وظل الحاخامات المفسرون " صبورائيم"
نحو مائة وخمسين سنة أخرى يراجعون هذه الشروح الضخمة ويصقلونها حتى أخذت صورتها التي لدينا.
ووجه الاختلاف بين التلمود البابلي والتلمود الفلسطيني متمثل في الجمارا وليس في المشنا، فالمشنا مشتركة بينهما.
ولما كانت الجمارا البابلية أكمل وأشمل من الجمارا الفلسطينية، ويزيد حجمها على حجم الجمارا الفلسطينية، فإن التلمود البابلي هو
التلمود المتداول الآن بين اليهـود، وهو الكتاب القيـاسي عندهم. والواقع أن كلمة "التلمود"، في الأوساط العلمية، تشير إلى الجماراه وحسب.
ولغة الجماراتين هي الآرامية "الآرامية الشرقية في حالة التلمود البابلي والآرامية الغربية في حالة التلمود الفلسطيني"،
وقد كُتبتا بأسلوب إيضاحي بسيط. وإذا كان معظم المشناه تشريعياً قانونياً هالاخياً، فإن الجماراه تجمع بين القانون والمواعظ والقصص " أجاداه".

المشنا

"المشنا " كلمة عبرية مشتقة من الفعل العبري ومعناه "كرر"، ولكن بتأثير اللغة الآرامية صار معناها "درس"،
ثم أصبحت الكلمة تشير بشكلٍّ محدد إلى دراسة الشريعة الشفوية، وخصوصاً حفظها وتكرارها وتلخيصها. و"المشنا" عبارة عن مجموعة كبيرة
من الشروح والتفاسير تتناول أسفار التناخ "المقرا"، وتتضمن مجموعة من الشرائع اليهودية التي وضعها معلمو "المشنا" " التنائيم" على مدى ستة أجيال.
وتُعَتبر "المشنا" مصدراً من المصادر الأساسية للشريعة اليهودية، وتأتي في المقام الثاني بعد التناخ
"المقرا" باعتباره هو الشريعة المكتوبة التي تُقرأ. أما "المشنا"، فهي الشريعة الشفوية، أو التثنية الشفوية، التي تتناقلها الألسن،
فهي إذن تكرار شفوي لشريعة موسى، مع توضيح وتفسير ما التبس منها. وقد دوِّنت "المشنا" نتيجة تراكم فتاوى الحاخامات اليهود
وتفسيراتهم وتضاعفها كمياً، بحيث أصبح من المستحيل استظهارها، فبدأ تصنيفها على يد الحاخام "هليل" "القرن الأول الميلادي"،
وبعده الحاخام "عقيبا" ثم "مائير". أما الذي قيدها في وضعها الحالي كتابةً، فهو الحاخام "يهودا هاناسي" "عام 189م" الذي دونها
بعد أن زاد عليها إضافات من عنده "ولكن هناك من يقول إنه لم يدونها رغم اقترانها باسمه، وقد ظلت الأجيال تناقلها حتى القرن الثامن الميلادي".
ولغة "المشنا" هي تلك اللغة العبرية التي أصبحت تحتوي على كلمات يونانية ولاتينية وعلى صيغ لغوية يظهر
فيها تأثر عميق بقواعد الآرامية ومفرداتها، وتُسمَّى "عبرية المشنا".
تنقسم المشناه إلى ستة أقسام (سداريم):
1 ـ "سيدر زراعيم" أي "قسم البذور": ويُعنى بالقوانين الدينية الخاصة بالزراعة والحاصلات الزراعية، وبنصيب الحاخام من الثمار والمحصول.
2 ـ "سيدر موعيد" أي "قسم العيد": ويُعنى بالأعياد "والسبت"، والأحكام الخاصة بها.
3 ـ " سيدر ناشيم" أي "قسم النساء": وفيه النظم، والأحكام الخاصة بالزواج والطلاق.
4 ـ "سيدر نزيقين" أي "قسم الأضرار": ويتناول الأحكام المتعلقة بالأشياء المفقودة، والبيع والمبادلة، والربا والغش والاحتيال،
كما يُعنى بالحديث عن عصر المسيح، ومحاكمته وصلبه. وهذا الكتاب موضع اهتمام الذين حاولوا إرجاع ما يُسمَّى "الأخلاق اليهودية"» إلى تعاليم التلمود.
5 ـ " سيدر قُدَاشيم" أي "قسم المقدَّسات" : ويحوي الشرائع الخاصة بالذبح الشرعي، والطقس القرباني وخدمة الهيكل.
ويُقال إن واضعي "المشنا" قد أدركوا أنه "بعد القضاء على ثورة بركوخبا" لم يَعُد هناك احتمال في المستقبل القريب لإعادة بناء الهيكل،
ولذا فقد وضعوا القوانين الخاصة بالهيكل على مستوى آخر، حيث أصبحت دراسة قوانين الهيكل بديلاً دينياً للطقوس المقدَّسة التي يقوم بها الكهنة في المعبد.
6 ـ " سيدر طهاروت" أو (كتاب الطهارة) : ويعالج أحكام الطهارة والنجاسة.
وهذه الكتب الستة أو السداريم، أصبحت تُسمَّى " شيشا سداريم"، وهي تنقسم بدورها إلى أحكام فرعية، أو مباحث تُسمَّى " ماسيخوت"،
ومفردها مسيخت، ويتناول كل كتاب موضوعاً بعينه في عدة فصول . ويتألف كل فصل بدوره من فقرات عــديدة تُعرف باسم أ "الأحكام الشرعية".
ويرى واضعو "المشنا" أنها جزء لا يتجزأ من الوحي الذي تلقاه موسى، فهي "التوراة الشفوية" لا بمعنى أن بعض أجزائها تلقاه موسى شفاهة في سيناء،
ثم تم تناقلها شفاهة عبر الأجيال من حاخام إلى آخر، وإنما بمعنى أن تقاليد التوراة الشفوية لا تزال مستمرة حتى وقتنا هذا.
وقد ظلت "المشنا" أهم كتب اليهود المقدَّسة والمصدر الحقيقي للتشريع والأحكام والفتاوى، رغم كل الهالة الشعائرية التي تحيط "بالمقرا".
ومع هذا، فإن "المشنا" بدأت تفقد منذ القرن السادس عشر، مثلها مثل باقي أقسام الشريعة الشفوية ككل، شيئاً من أهميتها ومركزيتها،
وذلك مع شيوع "القبَّالا" وازدياد نفوذ أتباعها الذين أخذوا يهاجمون الحاخامات، ويُصدرون الفتاوى استناداً إلى "الزوهار" وغيره من كتب التصوف.
 
الفرع الثالث

لغات الكتاب المقدس


قالوا في قاموس الكتاب المقدس :

" كتب أكثر العهد القديم بالعبرانية.وكتب العهد الجديد باليونانية وكان قد شاع استعمال هذه اللغة بين يهود الشتات بعد فتوحات الإسكندر والرومانيين.
النص العبري والعهد القديم (Old Testament) العبراني الموجود بين أيدينا مأخوذ عن النسخة الماسورية(Massoretic text)
التي أعدتها جماعة من علماء اليهود في طبرية من القرن السادس إلى الثاني عشر للميلاد.
وقد وضع هؤلاء المعلمون الشكل على الكلمات بواسطة النقط وعملوا للنص تفسيراً يسمى (الماسورة) أي التقليد يتضمن كل ما يتعلق بصحة ذلك النص.
وكانت العبرانية تكتب قبل ذلك بدون شكل أو حركات فثبتت تلك الحركات الألفاظ ووحدت قراءتها.
وقد دون الماسوريون الإصلاحات التي ارتأوها على النص وجعلوها في الحاشية تاركين للعلماء الخيار في قبولـها أو رفضها بعد البحث والتدقيق.
وأقدم النسخ من مخطوطات بعض أسفار العهد القديم في اللغة العبرية هي التي كشفت في القرن العشرين الميلادي وهي التي وجدت
في وادي قمران بقرب البحر الميت ويرجع تاريخ بعض هذه المخطوطات إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
وأقدم المخطوطات من العهد القديم بجملته في اللغة العبرية ترجع إلى القرن العاشر الميلادي وقد بقيت إحدى هذه المخطوطات المهمة
في حلب قروناً طويلة أما الثانية فلا تزال في ليننجراد.
وأول مرة طبع فيها العهد القديم بالعبرانية كانت سنة 1488م في سونشيومن في دوقية ميلانو.
ثم طبع ثانية عام 1494م في بريسشيا ، وهذه هي النسخة التي استعملـها لوثيروس للقيام بترجمته الألمانية المشهورة " (قاموس الكتاب المقدس لفظة كتاب .) .
ترجمات الكتاب المقدس
وقد حظي الكتاب المقدس بأكبر عدد من الترجمات في العالم، فقد تُرجم بأكمله إلى أكثر من مئتي لغة، في حين تُرجمت أسفار معينة منه إلى حوالي ألف لغة؛
لتقرأها شعوب مختلفة، وكانت أول ترجمة للكتاب المقدس "الترجمة السبعينية" في بداية القرن الثالث ق. م.،
وهي ترجمة إلى اليونانية قام بها 72 عالماً يهودياً في 72 يوماً؛ ليستخدمها اليهود في مصر القديمة.
ومع أن أحداً لا يدخل أي تعديل أو تغيير على نصوص الكتاب المقدس لكونها نصوصاً دينية، فقد نشأ في القرن التاسع عشر فرع أكاديمي
جديد يُدعى الدراسة النقدية للكتاب المقدس؛ ينتهج نهجاً تاريخياً نقدياً. وأنتج الدارسون في هذا المجال كمية هائلة من الدراسات والتحليلات.
تفاسير الكتاب المقدس:
ظهرت في أعقاب التوراة تفاسير عديدة، تُعدُّ ضمن النصوص اليهودية المقدسة، وتعود التفسيرات اليهودية الأولى إلى القرن الثاني ق. م.،
حين حلّت الآرامية محل العبرية كلغة متداولة. ومع أن هذه التفاسير تُعرف باسم " تارجوميم" "ترجمات"، فإنها تحمل صبغة تفسيرية
وتشتمل على مقطوعات من التفسير ومن الأساطير، وتوجد تفاسير "تارجوميم" لجميع أسفار التوراة، فيما عدا تلك التي تم تدوين الجزء الأكبر منها بالآرامية.
انتقلت تفاسير الحاخامات من عصر التلمود إلى يومنا هذا، وكانت الغاية منها، في كثير من الأحيان، تسهيل استيعاب نصوص الكتاب المقدس
والتفاسير المتعلقة به للجمهور في القرون الوسطى، وبعد ذلك في العصر الحديث أيضاً. وتتناول التفسيرات نواحي مختلفة تتراوح بين النص الحرفي
والمعنى الباطني، كما أنها تعلق أهمية بالغة على كافة التفاصيل المتعلقة بالنص المقدس، سواء كان ذلك حذفاً أو ظاهرة نحوية غريبة، أو "خطأ في الكتابة"،
أو حتى ظهور حرف ذي حجم مختلف. وقد تتولد عن مثل هذه الأمور كميات كبيرة من التفسيرات.
ويعتبر الحاخام شلومو بن يتسحاق المعروف ب – "راشي" (1040- 1105) أشهر المفسّرين للكتاب المقدس، وقد حاول إيجاد توازن
بين التفسير الحرفي للنص والمواعظ الأخلاقية التقليدية للحاخامين.
أشهر الترجمات القديمة المعروفة اليوم التي أخذت العهد القديم عن اللغة العبرية والعهد الجديد عن اللغة اليونانية رأسا أربع هي :
1. اليونانية المعروفة بالسبعينية وتشتمل على أسفار العهد القديم فقط ترجمت قبل العهد المسيحي.
2. الكلدانية (الآرامية) المعروفة بالترجومات وتشتمل على أسفار العهد القديم فقط ترجمت قبل العهد المسيحي.
3. السريانية المعروفة بالبشيتا وتشتمل على أسفار العهد القديم والعهد الجديد.
4. اللاتينية المعروفة بـ(الفولكات) وتشتمل على أسفار العهد القديم والعهد الجديد .

الترجمة اليونانية :
وتعرف بـ (ترجمة السبعين) (السبتوجنت) (Septuagint) (نسبة إلى سبعين أو اثنين وسبعين عالما قاموا بترجمتها من العبرية إلى اليونانية)
وهي أقدم ترجمة حيث ترجمت في مصر في منتصف القرن الثالث ق.م بأمر الملك بطليموس الثاني (285ـ247 ق.م)
الذي أسس المكتبة الشهيرة في الإسكندرية (انظر قاموس الكتاب المقدس ، لفظة ترجمات الكتاب المقدس الترجمة اليونانية أيضا.Encyclopedia. of Jewishconcepts , pp.666.).
الترجمة الآرامية :
وتسمى هذه الترجمة (ترجومات) (AramaicTargum)(ترجوم) [תרגום] والميسر منها فعلا ترجوم أونقيلوس (90م)
وترجوم يوناثان بن عزيل تلميذ هليل (70ق.م ـ 10م). (Enc. of Jew concepts , pp.664-666.).
ويرى البعض ان الترجومين من عمل أحبار اليهود في بابل في فترة زمنية أقدم من ذلك بكثير (The Targums , Etheridge. J.w. 1862 London. Introductionpp,6. وأيضا قاموس الكتاب المقدس لفظة عزرا : وفيه ان عزرا كان في فلسطين سنة 458ق.م
حين قرأ التوراة وفسرها لبني إسرائيل استعان بالترجمة الآرامية.).
حيث سادت اللغة الآرامية في أرجاء الإمبراطورية الفارسية منذ القرن السادس ق.م ولعدة قرون ومن ثم كانت لغة اليهود الموجودين
في بابل وغيرها من المناطق التابعة للإمبراطورية.
ويتميز ترجوم أونقيلوس بابتعاد عبارته عن كل مظاهر التجسيم (المصدر الأسبق وأيضا موسى بن ميمون في كتابه دلالة الحائرين ص63تحقيق موسى اتاي ، وقد جاء فيه (ان أونقيلوس المتهود كامل جدا في اللغة العبرانية والسريانية وقد جعل وكده رفع التجسيم فكل صفة يصفها الكتاب تؤدي إلى جسمانية يتأولـها بحسب معناها).
وقد حذا حذو أونقيلوس سعاديا في ترجمته للتوراة العربية للتوراة العبرانية ، وكذلك جاءت الترجمة العربية المطبوعة في مجموعة لندن سنة 1657م وباريس 1647م.
الترجمة السريانية (البشيتا) :
ترجم العهد القديم إلى السريانية في القرن الثاني أو الثالث للميلاد من اللغة العبرية. وقد أصلحت هذه الترجمة فيما بعد بالمقابلة مع الترجمة اليونانية.
الترجمة اللاتينية (الفولجاتا) :
لقد وجدت ولاشك ترجمة للكتاب المقدس في اللغة اللاتينية القديمة حوالي أواخر القرن الثاني للميلاد ترجمت من الترجمة السبعينية اليونانية وليس من العبرانية.
ولما دعت الحاجة في القرن الرابع إلى ترجمة لاتينية موحدة مقبولة اللغة، طلب (ديماسيوس) أسقف رومية من ايرونيموس المعروف بجيروم (340-420م) وكان أعظم علماء المسيحيين في عصره، ان يقوم بتنقيح العهد الجديد اللاتيني.
وقد نشر تنقيحه للأناجيل بمقابلتها مع الترجمة اليونانية عام 384م وكذلك ترجمتين للمزامير بمقابلتها بالترجمة السبعينية، أرسل احدهما إلى رومية عام 384م والثانية إلى بلاد الغال (فرنسا) عام 387-390م.
وقد انتقل ايرونيموس إلى دير في بيت لحم عام 387م حيث ترجم العهد القديم عن اللغة العبرانية رأسا بالمقابلة المستمرة مع الترجمات اليونانية.
ولما كان قد بدأ درس اللغة العبرانية في حداثته فقد أكمل دراسته فيها حال انتقالـه إلى بيت لحم مستعيناً ببعض الأساتذة اليهود.
وهكذا بدأ عملـه في ترجمة الفولجاتا عام 390م وأنهاه عام 405م ولم يُقدر معاصروه عظم هذا العمل الذي قام به والذي ما برح العالم المسيحي والكنيسة مدينين لـه فيه ديناً عظيما جداً (قاموس الكتاب المقدس .).
الترجمة القبطية :
ظهرت هذه الترجمة بلهجات كثيرة أشهرها الصعيدية والبحيرية.
وكانت الصعيدية أقدم هذه الترجمات، ولكن البحيرية هي التي قبلتها الكنيسة القبطية.
ولا يمكننا تحديد وقت الترجمة بالتمام، ومن الممكن ان وجدت أجزاء من العهد الجديد في اللهجة الصعيدية والبحيرية قبل نهاية القرن الثاني للميلاد ، ومن الممكن أيضاً ان تكون الترجمة في القرن الثالث أو حوالي عام 350 م أما ترجمته إلى البحيرية فقد أكملت بين عام 600 و 650م.
الترجمة الحبشية :
تقول التقاليد ان المسيحية أدخلت إلى بلاد الحبشة في أيام الملك قسطنطين (324-337م) . وقد كرس أثناسيوس بطريرك الإسكندرية فرومنتيوس السرياني أسقفا على الحبشة قبل عام 370م وربما عام 330م.
ولما تنصر جرانا ملك أكسوم حوالي عام 340م تنصرت جميع مملكته أيضاً.
ومن الممكن ان فرومنتيوس نفسه بدأ بترجمة الكتاب المقدس أو ان هذه الترجمة جرت تحت إشرافه.
وتقول تقاليد أخرى ان القديسين التسعة هم الذي ترجموا الكتاب المقدس إلى اللغة الحبشية وهؤلاء القديسون هم الذين هربوا عام 451م من سوريا إلى مصر بعد مجمع خلقدونية بسبب عقيدتهم بالطبيعة الواحدة، وتوجهوا من مصر إلى الحبشية، ومن الممكن أنهم راجعوا هناك الترجمة الأصلية التي يقال أنها تمت في منتصف القرن الرابع للميلاد.
وقد نقحت الترجمة الحبشية في القرن الرابع عشر وما يليه مع مراجعتها مع الترجمات العربية.
الترجمة الغوطية :
نقل الأسقف أولفيلاس الكتاب المقدس إلى اللغة الغوطية عام 350م. ولم يترجم أسفار صموئيل الأول والثاني ولا الملوك الأول والثاني لأنه ادعى انه من الخطر وضع هذه الأسفار بين أيدي الشعب الغوطي بسبب الروح الحربية الموجودة فيها. وهذه الترجمة هي أقدم أثر أدبي باق في أية لغة توتونية.
الترجمة الأرمنية : يقول الكاتب الأرمني موسى الخوريني الذي عاش في القرن الخامس : ان أول ترجمة للكتاب المقدس في اللغة الأرمنية قام بها إسحاق (البطريرك من 390-428م )وقد كانت من الترجمة السريانية.
وكتب كوريون (القرن الخامس ) أن مسروب مخترع الأبجدية الأرمنية (406م) عمل بمساعدة احد الكتبة اليونانيين على ترجمة الكتاب المقدس كله من اللغة اليونانية .
الترجمة الجورجانية :
وهي الترجمة المدعوة (الأخت التوأم للترجمة الأرمنية) وقد أكملت في القرن السادس. واشتغل في ترجمتها عدة كتاب من اللغات الأرمنية والسريانية مع أنها لم تخل من تأثير اليونانية. (قاموس الكتاب المقدس لفظة : كتاب.) .
الترجمة العربية :
يرى البعض انه من غير المحتمل ان يكون المبشرون الذين أدخلوا المسيحية إلى الجزيرة العربية قبل الإسلام قد أهملوا تزويد المسيحيين العرب بترجمة عربية.
ويرى اغلب الباحثين ان الحاجة إلى الترجمة العربية للكتاب المقدس بدأت تظهر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسم، وسيادة الإسلام، وانضواء المجتمعات المسيحية واليهودية تحت سيطرته. وانه لا يوجد دليل يعول عليه لإثبات أي ترجمة عربية قبل الإسلام.
قال الدكتور جواد علي:
(ذكر ابن النديم ان احمد بن عبد اللـه بن سلام كان قد ترجم التوراة أيضا ، وترجم كتبا دينية أخرى ، يهودية ونصرانية وصابئية ، ترجمها من العبرانية واليونانية والصابئية ، ويريد بها لغة بني ارم ترجمها ترجمة حرفية كلمة كلمة مع محافظته على المعنى والنسق العربي . ترجمها (لأمير المؤمنين هارون) ، وهو هارون الرشيد . وقد وقف عليها ابن النديم وقرأها ونقل منها، وكانت في كتاب قديم، يظهر انه من خزانة كتب المأمون).
وقال جواد علي: ويظهر ان الشروح والتفاسير التي ذكرها (ابن النديم) ، هي تفاسير لأسفار من التوراة ألفها (سعديا). انظر بحثه (ما عرفه ابن النديم عن اليهودية والنصرانية) المنشور في مجلة المجمع العلمي العراقي ج10 ص164 /1962.
وأهم ترجمة هي ترجمة سعادية بن يوسف (892 ـ942م) (269ـ331ﻫ) عن الأصل العبري وقد كتبت بحروف عبرية (وقد طبعت لأول مرة في باريس سنة 1893 ثم طبعت في أورشليم سنة 1894م–1901م .وأصبحت الترجمة القياسية (Standard) لكل يهود الأقطار الإسلامية وامتد أثرها على الترجمات التي قام بها المسيحيون المصريون فيما بعد وكذلك على ترجمة التوراة السامرية لأبي الحسن في القرن الحادي عشر والثاني عشر للميلاد.
وهناك ترجمة عربية سامرية أخرى من قبل أبي سعيد (أبي البركات) في القرن الثالث عشر. هذا مضافا إلى ترجمة القرائي يافث بن علي عن العبرية في القرن العاشر للميلاد وهي جديرة بالاهتمام.
وفي عام (946م) قام الراهب الاسباني اسحق فالكيز (Isaac Velasques) في قرطبة بترجمة الإنجيل من اللاتينية إلى العربية.
وظهرت الترجمة العربية للعهد القديم والجديد في كتاب موحد في لينينجراد في القرن السادس عشر ، ثم ظهرت كذلك في باريس ولندن ضمن مجموعة متعددة اللغات (Biblia Sacra Polyglotta) في القرن السابع عشر للميلاد في ستة مجلدات وتحتوي على التوراة العبرانية بالخط العبري والسامرية بالخط الفينيقي والترجمة السريانية بالخط السرياني والترجمة العربية بالخط العربي والترجمة اللاتينية المعروفة بالفولجاتا (Vulgata) والترجمة الإغريقية وترجوم انقيلوس مع ترجمة لاتينية للنسخة العربية والسريانية والإغريقية وترجوم انقيلوس.
علق أصحاب الموسوعة البريطانية بعد ان أوردوا ما نقلناه عنها آنفا بما يلي:
(وبشكل عام فان المخطوطات العربية للكتاب المقدس المترجمة عن العبرية والإغريقية والسامرية والسريانية والقبطية واللاتينية تكشف عن اختلافات مربكة ومحيرة وعلى هذا الأساس ليس لها قيمة في البحوث النقدية. برزت عدة ترجمات عربية حديثة من قبل البروتستانت والكاثوليك في القرن التاسع عشر والقرن العشرين للميلاد) .
أقول ولنا عدة ملاحظات على هذا الكلام:
1:ان منشأ الاختلافات بين النسخ العربية لا يعدو ان يكون احد أمور أربعة وقد تجيء مجتمعة وهذه الأمور هي :
الأول: اشتباه الناسخين عن غير عمد.
الثاني: تعمد الناسخين للتغيير.
الثالث: اختلاف فهم المترجمين.
الرابع : اختلاف النسخ المعتمدة في الترجمة.
ومما لا شك فيه ان احتمال الاشتباه غير العمدي اقل من غيره للظروف المحيطة باستنساخ الكتاب المقدس إذ من البعيد جدا ان لا تقابل النسخة بعد استنساخها على الأصل لان المقابلة جارية في الكتاب الاعتيادي فكيف بالكتاب المقدس.
أما عن التغيير العمدي للنص فقد ذكر المتخصصون اللاهوتيون (ان بعض النساخ الأتقياء أقدموا بإدخال تصحيحات لاهوتية على تحسين بعض التعابير التي كانت تبدو لـهم عرضة لتفسير عقائدي خطر) (الكتاب المقدس طبعة دار المشرق بيروت 1989 المقدمة ص 52) وفي ضوء ذلك فان احتمال التغيير المتعمد من الناسخ أكثر قوة.
أما الأمران الأخيران فلا خلاف عليهما بين المتخصصين.
وفي ضوء ذلك تصبح الاختلافات بين النسخ ذات قيمة مهمة جدا في البحوث النقدية خلافا لما ذكرته الموسوعة البريطانية.
2:لم تسلم المخطوطات غير العربية كاللاتينية والإغريقية والآرامية وغيرها من اختلافات مربكة ومحيرة ولكن الموسوعة البريطانية لم تسقط قيمتها العلمية كما فعلت مع المخطوطات العربية.
3:أعطت الموسوعة البريطانية (وهي محقة في ذلك) أهمية خاصة لترجمة سعادية (سعادية أو سعيد بن يوسف الفيومي هو من أهل مصر في الأصل ولد في الفيوم سنة (892م) في اغلب الروايات أو سنة (882م)على رواية ولـهذا نسب إلى الفيوم وقد غادر مصر إلى فلسطين فالعراق فسكن في مدينة (سورا) القريبة من الحلة وكانت من أهم مراكز العلم والثقافة بالنسبة إلى اليهود في ذلك العهد وتولى رئاسة يهود سورا حتى سنة (942م)(331ﻫ) فتوفى فيها ودفن في قبر جعلـه اليهود مزارا يقصدونه من مختلف أنحاء العراق درس العلوم العربية بأنواعها ودرس العبرانية والكتب الدينية اليهودية من توراة تلمود ومشنا وكتب دينية أخرى وتعلم الإغريقية ومعارف اليونان وأحاط بمعارف زمانه من فلسفة ورياضيات وجغرافية وتاريخ وموسيقى وشعر ولغة وهيئة وديانات وانكب على تعلمها حتى برع فيها وحاز على شهرة كبيرة عند بني قومه اليهود وعند المسلمين كذلك. وهاجر إلى فلسطين وأقام أمدا في طبرية مركز العلم والثقافة عند اليهود في ذلك العهد وقد اشتهرت بالعناية بدراسة التلمود والمدراشيم وحديث اليهود باللغة العبرانية وبالمحافظة على التقاليد اليهودية القديمة وبأخذها بظواهر النص ثم ترك طبرية وسار إلى بلاد الشام فالعراق واختار (سورا) (SURA) القريبة من الحلة مكانا لـه وكانت (سورا) مركزا من مراكز العلم لليهود في العراق لا ينافسها في ذلك إلا بومبديثة (Pumbedeta) بجوار الأنبار التي اشتهرت بمدارسها في دراسة التلمود وبعلمائها الذين ذاع صيتهم بين يهود العراق وفلسطين وقد كانت مثل (سورا) من المستوطنات اليهودية القديمة التي سكن فيها اليهود منذ أيام السبي (البابلي) وتمتعت باستقلال في إدارة شؤونها وفق الشرع اليهودي. ولـ(سعديا) مؤلفات عديدة ألفها بالعربية سمى ابن النديم اغلبها ولـه مؤلفات بالعبرانية كذلك ، ومن مؤلفاته ((كتاب التاج)) وهو ترجمة أسفار العهد القديم إلى اللغة العربية (جواد علي في بحثه ما عرفه ابن النديم عن اليهودية والنصرانية مجلة المجمع العلمي العراقي م10/164).
ويضيف يوسف رزق اللـه غنيمة (وهو من يهود العراق) في كتابه (نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق) ص114 (طبعة بغداد 1924م) سعديا بن يوسف من مدرسة سورا المعروف بـ(سعديا الفيومي) طبق صيته الخافقين وخلد ذكره على ممر القرون والأجيال وتضاءلت أمامه شهرة أعظم طائفة من المؤلفين اليهود رقي إلى منصب الجاوون في سورا سنة 928 وكان معظم سعيه موجها إلى مناضلة القرائيين ومحاربتهم وقد خلف تَآليف كثيرة نشرت كلـها ورأس تركته العلمية ترجمته العربية للعهد القديم نقلـه عن العبرية.
ومن المعروف أن (جاوون) لفظة عبرية (جاون) تعني: حاخام ، علامة شهير ، عبقري (المعجم الحديث ربحي كمال) وفي معجم قوجمان اللفظة تعني عبقري نابغة مثقف.
وهذا الكتاب والمسمى بـ "الكتاب المقدس" هو أحد أكثر الكتب انتشاراً في العالم, بالعبرية وباقي لغات العالم, رغم اختلافات نسخها وتناقضها وتعددها الكثيرة جداً, فهو مثير للجدل وغامض.
إنه مكتبة خاصة اختيرت لمصلحة واحدة والمكتبات تشيَّد على مدى سنوات طويلة وقرون عدة طويلة وطويلة جداً, إنه نتاج مجموعة كبيرة من مجتمعات "رعاة بدو رحل" وأناس, رجالاً ونساءً, وتفصل بينهم السنوات بل الآلاف من السنوات ابتداءً من أولى كلمات الكتاب العبري إلى آخر الكلمات اليهودية أو السامرية أو الكنسية الرومانية...
لا أوافق الكثير من الأحبار اليهود الذين يعتبرون أن كتابات العهد القديم - التناخ- لا سيما شريعة الله على يدي سيدنا موسى - التوراة وما إلى ذلك - هي مكتملة روحياً لدرجة أنه ما من عقل بشري يستطيع أن يفهم كل ما كتب.
هذا الكتاب يحتوي على سجل جزئي لتاريخ بني إسرائيل رغم التناقضات والأنانية الموجودتين., وما نبحث في ثناياه عن نواقص... قد نجده في التلمود وهو الكتاب المعترف به يهودياً والكتب الربانية والرسائل الكهنوتية... هو ما لا تعترف به جميعاً الكنائس المسيحية النصرانية.
يقوم العهد الجديد على قصة المدعو "يسوع", إلا أن هذا القول حتى, يلفه الغموض , لا نعرف أين كتبت الأناجيل أو متى كتبت , أو من كتبها, هذه الأمور كلها يجب أن نحزرها.
كيف نملك هذه الوثيقة؟
هناك مجموعة من النصوص كتبت مرات في أماكن مختلفة, وأزمان مختلفة بواسطة أشخاص مختلفين بنصوص متباينة فيما بينها, فلماذا جمعت معاً؟ لأننا فيما ندرسها ونفهمها تاريخياً نرى أن مصدرها مجموعات متباينة لا يمكن أن تكون قد اتفقت في ما بينها على أمور متعددة معينة. ولمَ ضمت بعضها إلى بعض إذاً؟
أصحيح أنه من غير الممكن تحديد أصل هذا الكتاب, كما هي الحال لظهور الدين بحد ذاته تاريخياً بادئ ذي بدء؟
رغم قصة سيدنا إبراهيم, عليه السلام, مع نمرود, فهي قصة لا ينوط بها فقط ظهور الدين والإيمان بخالق واحد!
هل هو, إذن, يقِدم أول بحث قام به الجنس البشري عن الخالق؟
هل نحن قادرون على معرفة من نقل إلينا كتَّاب هذه الكتب كلها؟
أيمكن أن تكون المفاتيح الكفيلة بحل هذا اللغز في نصوصه الأقدم التي وصلتنا؟
و لم يصلنا سوى نصوص البحر الميت والنسخة السبعينية التي كتبها اليهود في الإسكندرية وهي لا تكفي بسبب عمر هذا الدين لأكثر من خمسة آلاف سنة, أي ألفي سنة ونيف قبل تاريخ نصوص مغاور البحر الميت!
خاصة أن اللغات تغيرت وحروف اختفت أو تبدلت؟
و مقابل كل اكتشاف يتم وكل جواب يتم التوصل إليه, يطرأ سؤال جديد, سيقوم العلماء الدائمو الاندفاع بالتحري عن لغز هوية كـّتاب هذه "المكتبة"؟
 
الفرع الرابع

كيف جمعت أسفار العهد الجديد ؟.


يجيب عن ذلك السؤال الدكتور فيزيلن كيزيتشVaseline Kesichفي كتابه:
The Gospel Image of crest. The church and Modern riticism.
aseline Kesich
الصادر عن:
St. Vladimir’s orthodox Theological seminary Crestwood, New York - 1972
تعريب الأب ميشال نجم. منشورات النور بلبنان 1981 م حيث يقول المؤلف الدكتور ف. كيزيتش ص 36ـ 38 :
[ تعرف الأناجيل الثلاثة الأولى بالأناجيل السينابتية Synoptiques أي المتماثلة لأننا إذا وضعنا محتوياتها في ثلاثة أعمدة نلاحظ توافق هذه المحتويات إلى درجة استخدام الكلمات نفسها في وصف لأعمال يسوع وتدوين أقواله، ويشكل مدى التوافق أو الاختلاف بين موادها ( المسألة السينابتية) بالذات.
ويوافق معظم علماء الكتاب المقدس على أن إنجيل مَرْقَس هو الإنجيل الأول بين الروايات المدونة عن يسوع وأن متى ولوقا عرفا هذا الإنجيل وكان أحد مصادر إنجيليهما، واستناداً إلى المواد المشتركة بين إنجيلي متى ولوقا وغير الموجودة في (مَرْقَس) قال العلماء بأن متى ولوقا استخدما مصدراً أخراً يدعى Q وهو الحرف الأول من كلمة Quelle الألمانية والتي تعني مصدراً. وهذا المصدر فُقد فور إفادتهما منه و مازال الخلاف قائما حول محتوياته، ويضاف إلى ذلك أن متى اعتمد مصادر خاصة به ويرمز لها بالحرف M وكذلك لمَرْقَس مصادره الخاصة به ويرمز لها بالحرف L.
ومع أن معظم نقاد العهد الجديد يأخذون بأهم فرضية في هذه النظرية أي بأسبقية الإنجيل الثاني (مَرْقَس) فإن بعض العلماء الكاثوليك يُسَلِّمون بأسبقية النص الآرامي لإنجيل متى ويقولون بأن متى وضع إنجيله بالآرامية حوالي السنة الخمسين ميلادية مباشرة قبل ظهور مجموعة آرامية لأقوال المسيح ولم يطل الوقت حتى نقل الإنجيل الآرامي وكذلك المجموعة الخاصة إلى اليونانية، ومن المفروض أن تكون قد ظهرت في وقت قصير ترجمات عدة يونانية لإنجيل متى فعرف مرقس واحدة منها واستخدمها في كتابة إنجيله، لكنه لم يكثر من أقوال يسوع الموجودة في الإنجيل الأول، كما أنه لعدم اطلاعه على المجموعة الخاصة لم يلجأ إليها، وبعد إكمال إنجيل مرقس لجأ أحد المسيحيين المجهولي الهوية والذي كان تلميذاً لمرقس إلى ترجمة النسخة العبرية إلى اليونانية، وفي عمله هذا استخدم إنجيل مرقس معيداً إليه الأقوال التي حذفها مرقس من قبل، ويضيف أقوالا مستقاة من المجموعة الآرامية ومعلوماته الخاصة التي وجدها خلال بحثه عن التقاليد الإنجيلية الأولى، إن الرأي القائل بأسبقية النص الآرامي لإنجيل متى يبدو نظرياً أكثر من الرأي القائل بأسبقية إنجيل مرقس.
نظرية الوثائق المتعددة:
أُعْتُرِضَ جدياً في السنوات الأخيرة على نظرية المصدرية، لأنها لا تعطي التقليد الشفهي حقه، ولأنها تعتبر عملية تكوين الأناجيل مشكلة أدبية صرفة، وقد ظهرت نظرية جديدة إلى تكوين الإنجيل، وهي لاتزال في طور النمو، وتعتمد التقليد الشفهي والتقليد الكتابي وقد دعاها أصحابها بنظرية الوثائق المتعددة، وهذه النظرية تستند إلى الفرضية القائلة بأن مجموعات أقوال يسوع وأعماله قد ترجمت إلى اليونانية في وقت مبكر وأن الإنجيليين اعتمدوا هذه المجموعات، والمهم في هذه النظرية أنها تؤكد على وجود اتصالات بين المصادر الإنجيلية قبل تأليف الأناجيل وبالتالي فإن التأثيرات والاحتكاكات الأدبية قد حصلت قبل كتابة إنجيل مرقس وليس بعده، أي بين وثائق سابقة للمواد المستعملة في الأناجيل السينابتية والتي كانت قد انتظمت آنذاك على نحو منهجي تقريباً.
وقصارى القول أن نظرية " المصدرين" مبنية على مبدأ الاقتباس وبالتالي فإن متى ولوقا كانا قد اقتبسا من مرقس، أما المتمسكون بنظرية الوثائق المتعددة فيعتبرون أن نظرية المصدرين ذات اتجاه واحد وصارم ويرفضون كل الحلول المبنية عليها وهم يعتقدون بوجود مصادر متعددة سابقة للأناجيل ].
2ـ ما هو أصل كلمة إنجيل ؟

يقول الدكتور كيزيتش في نفس المرجع السابق ص 14: [ هذه الكلمة ( الإنجيل ) كغيرها من العبارات الكثيرة الواردة في العهد الجديد كانت متداولة في العالم الروماني وكانت تشير إلى ميلاد الملك Euaggelion ( إيفاجيليون) وقد يكون المعنى الذي نعطيه لكلمة الإنجيل مستقى من نصوص العهد القديم وخاصة الموجود في سفر إشعياء يقول النبي { ما أجمل على الجبال قدمي المبّشر، المخبر بالسلام، المبشر بالخير، المخبر بالخلاص، القائل لصهيون: قد ملك إلهك } 52 :7 نلاحظ في هذا المقطع أن الفعل العبريBissar قد ترجم إلى السبعينية بفعل Euaggelizomai والذي يعني بّشرَ بالأخبار السارة ، ومع أن العهد القديم لا يستخدم إطلاقاً الاسم العبري المرادف للاسم اليوناني Euaggelion فمن الأرجح أن يكون معنى هذه الكلمة في العهد الجديد قد اشتق من النص العبري للكتاب المقدس أكثر من الطقوس الرومانية الخاصة بالإمبراطور في الآرامية اسم مرادف لكلمة Euaggelion (منقول بتمامه من كتاب المسيح في الأناجيل للدكتور كيزيتش ص 36ـ 38، منشورات النور بلبنان 1981، تعريب الأب ميشال نجم) .
ومع ذلك يميل البحاثة الذين ينكرون على يسوع ادعائه في وعيه أنه ماسيّا (يقول د. ف . كيزيتش في كتابه المسيح في الأناجيل ص 79، 80 : [ من علماء العهد الجديد من يزعم أن يسوع لم يُعلن أبداً أنه ماسيّا ، وإنما الكنيسة اخترعت بعد قيام المسيح من الأموات ( السر الماسيّاني ) ويقولون بأن العبارات الماسيّانية المدونة في الأناجيل ليست ليسوع بل من وضع الكنيسة إلى الجزم بأن يسوع لم يستخدم هذه الكلمة أبداً عن نفسه، أما البحاثة الذين يؤمنون بأن الأناجيل وثائق تاريخية فلا يجدون صعوبة في إسناد الكلمة إلى يسوع ]اه‍. المصادر التاريخية للأناجيل .

ويشير كيزيتش إلى مرجعه بالأتي:

Wrede : The Messianic Secret in the Gospels 1901 فيكتابAlbet Schweitzer; The Quest, of the Historical Jesus , New York. Mecmillon, 1961, pp330-348. =

وذلك طبقاً لنظرية الوثائق المتعددة والمعترف بها عند علماء النصارى والتي تقرر وجود وثائق سابقة للأناجيل ثم الاقتباس منها وهو ما جعل القس صموئيل حبيب مشرقي راعي الكنيسة الخمسينية بالقاهرة يقر في كتابه " الكتاب المقدس يتحدى مشاكل الاعتراضات " ص 43 ما نصه:{ هيمن الوحي على كل كلمة فيه، بل حدد لكل حرف مكانه } ، ويقول الدكتور القس منيس عبد النور رئيس الطائفة الإنجيلية بالقاهرة في كتابه " شبهات وهمية حول الكتاب المقدس " ص 264 والمنشور على صفحة الإنترنت ما نصه : { التاريخ المقدس منزه عن الخطأ وهذا يستلزم الإلهام لأن البشر يخطئون في أقوالهم وكتاباتهم ، فيثبت إذن أن الكتب التاريخية المقدسة كُتبت بإلهام الروح القدس } . والباحث المنصف الذي يقرأ ما يقوله علماء النصارى يتعين عليه أن يبحث أولاً عن المصادر التاريخية التي أقتبس الوحي المقدس منها مادته سيما أنه لم يتم الإشارة إليها من جهة ، ومن جهة أخرى يتعين عليه الوقوف على نسخ الكتاب المقدس القديمة منها والحديثة حتى يضع يده على التنقيح الذي حدث فيها ـ هم يعترفون بالتنقيح ويثبتونه على الصفحة الأولى من الكتاب المقدس ـ سواء بالحذف أو الإضافة . ويقول ص 76 ، 77 [ المسيح في اليونانيةChristos وفي العبرية Mashiah ، فعندما قوي التعلق بالقومية اليهودية وخاصة في العصر الهليني ، أخذ الرجاء الماسيّاني معني سياسية فكان معاصرو يسوع يتوقعون مجيء زعيم قومي ، وملك قومي ، يلعب دور مسيح الرب ويخلص شعبهم من النير الروماني ، ويعيد الملك إلى إسرائيل، وكانت الجموع التي تقبلت بغبطة كلام يسوع وتلاميذه تشارك في هذا المفهوم لمجيء الماسيّا وقد استمرت في هذا الفهم وهذا الرجاء حتى النهاية ], فمن هو الماسيّا ؟ إن عيسى عليه السلام في الأناجيل يعترف بأنه جاء ليهيئ الطريق للماسيّا كما هو وارد في إنجيل يوحنا 1: 19ـ 26 وفي متى 23: 37ـ 39 وفي ملاخي 4: 4ـ 6 وفي الإصحاح الثامن عشر من سفر التثنية إنه باختصار شديد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
الفرع الخامس

ماذا يقول علماء النصارى عن ترجمة كتابهم المقدس ؟


1ـ انقل من على صفحة الإنترنت موقع النور :


ترجمات الكتاب المقدس إلى اللغة الإنجليزية:


جرت في إنجلترا محاولات كثيرة باكرة لترجمة أجزاء من الكتاب المقدس إلي لغة البلاد. أشهرها قام به الوقور بيد (وقد ترجم إنجيل يوحنا في القرن السابع إلي الانجلوسكسونية) ثم أخرى ترجمها الملك الفريد (في القرن التاسع) قام بها هو والشهير ويكليف. أما تندل فكان أول من طبع الجديد باللغة الإنجليزية مترجماً عن اليونانية مباشرة. وفي العام 1535 نشر كوفرديل الكتاب المقدس بكامله باللغة الإنكليزية وظهرت ترجمات أخرى غير هذه قبل أن تصدر ترجمة الملك جيمس الشهيرة في العام 1611 م . وقد تميزت هذه الترجمة عن سابقاتها بكونها عملاً صادراً عن لجنة من العلماء يمثلون خبرات وتيارات متعددة، الأمر الذي لم يتوافر للترجمات الأخرى. في العام 1881 م صدرت الترجمة المنقحة The Revised Version ونقلت عن نص محقق للكتاب المقدس فاق في دقته ما سبقه. وانتهج واضعوها سبيل النقل الحرفي كلمة كلمة عن الأصل، فأجادوا في هذا لكنهم قصروا في استعمال المصطلحات اللغوية الحديثة، فكانت النتيجة صدور ترجمات أخرى مثل الترجمة المنقحة المعتمدة The Revised standard Version والكتاب المقدس الجديد باللغة الإنجليزية The New English Bible وكتاب الخبر السار The Good News Bible وهاتان الترجمتان الأخيرتان بخاصة، انتهجتا سياسة استعمال المصطلحات اللغوية المعاصرة. زد على ذلك الترجمات التي قام بها عدد من العلماء أفراداً مثل: ويموث، وموفرات، وفيليبس، وتايلر، وآخرين ومع نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر تأسست جمعيات للكتاب المقدس لدعم الكنائس في نشر الإنجيل. وقد كانت غاية هذه الجمعيات إعداد ترجمات جديدة للكتاب المقدس أو أجزاء منه وتوزيعها على أكبر عدد ممكن من اللغات والشعوب. وما قامت به هذه الجمعيات من ترجمات حتى الآن يُعد بالمئات؛ وثمة جماعات متخصصة مثل جمعية ويكليف لترجمة الكتاب المقدس، لا تزال تعمل على سد الكثير من الفجوات الباقية لإتمام هذه الغاية السامية.


2ـ العجيب أن علماء النصارى يعترفون أنفسهم بالتحريف المتعمد في كتابهم المقدس وإلا فما هو معنى قولهم " منقحة “، ويكفي أن نقرأ مقدمة النصوص المنقحة لنسخة الملك جيمسRSV وهي اختصار لكلمةVersion Revised Standard



329169647.jpg

فمن هذه المقدمة نجد أن النصوص المفوضة من الملك جيمس الأول قد طبعت لأول مرة في عام 1611م ثم عُدِلتْ في عام 1881م فسميت بالنصوص المنقحة ثم نقحت أكثر وسميت Version Revised Standard ثم عُدلت بعد ذلك عام 1952م ثم أعيد تنقيحها عام 1971م.


وتقول دار النشر في ملاحظاتها عن الكتاب المقدس حيث تفاخر بالمجهود المضني الذي بذل في إعداده وذلك في المقدمة IV ما ترجمته:


{ إن هذا الكتاب المقدس هو ثمرة جهد اثنين وثلاثين عالماً في علم اللاهوت، ساعدهم فيها هيئة استشارية تمثل خمسين طائفة دينية متفاوتة } ، إنني لأتساءل لم كل هذه المباهاة ؟ وهل من اللائق في حق الوحي المقدس أن ينقح بالحذف والإضافة ؟ و أليس هذا اعتراف صريح على الكتاب المقدس أنه ليس مقدساً ؟ إذا كانوا يقولون أن هذا الكتاب المقدس هو ثمرة جهود علماء كثيرون فكيف هيمن الوحي على كل حرف فيه ؟ وما علاقة الوحي المقدس هنا بعبث العابثين حتى ولو كانوا من العلماء ؟ .


ومع ذلك فهل تخلو نسخة الملك جيمس من التحريف والخطاء ؟ إن الصفحة الأولى من مجلة استيقظوا Awake بتاريخ 8/9/1957م والرسالة مبدؤه بالعدد رقم 13 : 11 من رسالة أهل رومية والتي تقول :


" استيقظوا إن ساعة استيقاظنا من النوم قد حانت " ، فماذا تجد في العنوان ؟ تجد عنوان المقال مصدر بالجملة التالية:


" خمسون ألف خطأ في الكتاب المقدس " خمسون ألف، فكم خطأ من الخمسين ألفاً تم إزالتها ؟ خمسة آلاف ؟ خمسمائة ؟ خمسون ؟ فهل كتاب به مثل هذا الحشد الكبير من الأخطاء من الممكن أن يكون مقدساً ؟ هذا الكلام عن نسخة الملك جيمس المنقحة والمعدلة والتي تباهي بها دار النشر الإنجليزية والتي عنها أخذت كل الملل والطوائف المسيحية وترجمتها إلى اللغة العربية، فالنصوص العربية الموجودة بيد النصارى هي ترجمة أمينة لنصوص الملك جيمس وليست ترجمة عن الأصل اليوناني.


عموماً ماذا يقول المقال الذي نحن بصدد الحديث عنه ؟ : " اشترى شاب نسخة من إنجيل الملك جيمس معتقداً أنها بدون أخطاء وذات يوم بينما كان يتصفح مجلة Look وجد مقالاً بعنوان { الحقيقة بشأن الإنجيل } وجاء في ذلك المقال : " إنه منذ عام 1720م أعلنت واحدة من الهيئات البريطانية إنه يوجد عل الأقل عشرون ألف خطأ في الطبعتين الموجودتين بالأسواق ـ آنذاك ـ من الإنجيل الذي يقرأه البروتستانت والكاثوليك ، ويقول الدارسون المحدثون إنه من المحتمل وجود خمسين ألف خطأ " ـ انتهى كلام مجلة لووك Look الذي طالعه الشاب ـ وصدم الشاب ، لقد اهتز إيمانه بقداسة الإنجيل وقال في نفسه ، كيف يمكن الثقة بالإنجيل والاعتماد عليه بينما هو يحوي آلاف الأخطاء والمعلومات غير الصحيحة ؟. “.


972755163.jpg




3ـ وهاهو الدكتور ( ج.ب.فيلبس ) وهو واحد من أكبر علماء المسيحية يقرر في مقدمته لإنجيل متى أن القديس متى كان يقتبس من إنجيل مرقس وكان ينقحه محاولاً الوصول إلى تصور أحسن وأفضل لله؟ ، وهكذا يصبح تصور الله خاضعاً لاجتهاد البشر فيما يكتبونه بأيديهم عن الله سبحانه وتعالى.الخطان تحت الجملة التي تدل على أن علماء المسيحية يعترفون بأن متى في إنجيله كان ينقل عن مرقس ، وأما الخط المتعرج فتم وضعه تحت العبارة التي تدل على أن متى كان يعيد ترتيب الأحداث .


336564939.jpg



4ـ يقول القس صموئيل حبيب مشرقي في كتابه السابق ص 44 { وحي الكتاب المقدس اُقْتُبِسَ من مصادر تاريخية وأن الوحي انتخب من كتب التاريخ ما رآه مناسب، وأنه لا غرابة عند الاقتباس من هذه المصادر التاريخية من أي إضافات أو حذف } .


892407900.jpg



إن العبارة الأخيرة تغنينا عن مؤنه البحث، فيكفي أن القس يعترف بالاقتباس من مصادر تاريخية أولاً، ثم يعبث في الوحي المقدس فيضيف هذا ويحذف هذا ثانياً.


والسؤال الآن ما هي هذه المصادر التاريخية التي استقى الوحي المقدس علومه ومعارفه منها ؟ ، ولما كانت الخطوة الأولى في المنهج التاريخي هي خطوة البحث عن الوثائق، فإذا عثرنا عليها فإنها تعيننا على دراسة المتن الموجود بين أيدينا لأن هذه الوثائق ما هي إلا نافذة على أحداث معينة تمت زمن كتابتها ولا يشترط أن تتساوى الظروف والأحداث التي جعلت من كتبة الأناجيل إلباس كتاباتهم ثوب الماضي من الأحداث، فإذا كان القس صموئيل لم يخبرنا عن المصادر التاريخية التي اقتبس الوحي المقدس وحيه منها فإنني في هذه الدراسة أطلعه على وثائق الوحي المقدس التاريخية.
 
الفرع السادس

المصادر التاريخية للوحي المقدس
لقد استقى الوحي المقدس علومه من ( الفيدا ) وهو كتاب الهندوس المقدس ، ولقد ثبت عند أشهر العلماء المستشرقين مثل ( جاكوليو ) و ( ديبوري جانسبن ) و(هلهن) و ( برتوف ) وغيرهم أن أسفار الفيدا كانت موجودة قبل التوراة والإنجيل بما لا يقل عن ألف سنة ، لذلك كان من المناسب العودة إلى المراجع الأصلية والمكتوبة بلغة أهلها فندرسها ثم نقارن بما هو مكتوب فيها مع ما هو موجود بالأناجيل ، هذا ولقد يسر الله سبحانه وتعالى لنا كتاباً في العقيدة الهندوسية عنوانه
Hindu Dharma Parichayam(Malayalam)
/oPY Sadhusilan K. Parameswaran Pillai
عنوان الكتاب المكتوب بلغة الماليالم (Malayalam)هو " هندو دَهَرْما باري جاياْم" ومعناه بالعربية " مقدمة في عقيدة الهندوس ".

والكتاب تأليف " ساد وسيلان.ك باراميه سوارن بيلي " وهو من كبار علماء الديانة الهندوسية في الهند، ولقد يسر الله سبحانه وتعالي لي الإطلاع على هذا الكتاب عن طريق أحد أصدقائي من مدينة الهند والذي تفضل بإحضار الكتاب والمدون بلغة الماليالم والتي هي لغة صديقي الأصلية، والكتاب كان مترجما عن اللغة الأصلية له وهي السنسكريتية القديمة ـ مثل اللاتينية في دول أوربا ـ وهذه اللغة السنسكريتية أصبحت غريبة على كل أهلها في الهند فهناك لغة الِتلوجو Teluguوهناك لغة التاميل Tamil وهناك لغة الماليالم Malayalam وعكفنا سوياً على دراسته لمدة زادت عن أكثر من عام، كان صديقي يقوم خلالها بقراءة النص بلغته الماليالمية ثم يقوم بشرحه لي بالإنجليزية وأقوم بدوري بترجمة النص إلى العربية وكانت المفاجأة التي سوف تدهش إليها أيها القارئ الكريم وهي أن الوحي المقدس كان قد اقتبس نصوصه من الفيدا كتاب الهندوس المقدس ، نعم إن الفيدا هي أهم مصدر من مصادر الوحي المقدس ولسوف أنقل لك عزيزي القارئ النصوص من مصادرها مقارنا إياها بما هو موجود بالأناجيل المعترف بها عند علماء النصارى ، وقبل أن اشرع في ذلك من المهم أن تعرف ماهية عقيدة الهندوس .
نظرة سريعة في عقيدة الهندوس
يذكر المؤلف في مقدمة كتابه
Hindu Dharma Parichayam

(Malayalam)

PY Sadhusilan K. Parameswaran Pillai
ما ترجمته:

<IMG style="TEXT-INDENT: 0px !important">" إن هذه العقيدة كانت منذ زمن بعيد مثل الشمس عند الشروق إلا أنها الآن أصبحت مثل الشمس في لحظة الغروب، لقد أخذت العقيدة في الأفول..." وراح المؤلف يعدد الأسباب التي من أجلها غرب نجم هذه العقيدة، ثم بدأ يذكر كيفية إعادة البعث مرة أخرى لهذه العقيدة خصوصاً وأنها محفوظة في الفيدا، ونحن هنا لسنا بصدد دراسة عقيدة الهندوس ولكن ما يهمنا هنا هو دراسة الفيدا والتي هي المصدر الأم لوحي الله المقدس والذي انتخب منها ما رآه مناسباً فأضافه إلى الأناجيل.
والفيدا كما يقول المؤلف: " عبارة عن أربع مجموعات لكل منها منهج في القراءة وتلحين خاص بها عند الترانيم والإلقاء ومواضع لا يتلى فيها غيرها، وهي مجموعة من الأشعار ليس في كلام الناس ما يماثلها." .
والمجموعات الأربع هي:
ـالرجفيدا...RIGVEDAM
ـإيجورفيدا. YAJURVEDAM..
ـالسامافيدا...SAMA VEDAM
ـإدهروافيدا... ATARVA VEDAM
أولاً: الرجفيداRIGVEDAM

207880413.jpg


جاء في تعريف الفيدا أنها تحتوي على عشرة أجزاء { حاول أن تدقق في النص المصور وتبصر الأرقام الواردة فيه حتى تسهل عملية الشرح } و1028 آية.
ويحتوي الجزء الأول على 191 آية.
و يحتوي الجزء الثاني على 43 آية.
والجزء الثالث على 62 آية.
والرابع على 58 أية.
والخامس على 87 أية.
والسابع على 104 آية.
والثامن على 103 آية.
والتاسع على 114 آية.
والعاشر على 191 آية..
والرجفيدا تتناول العقيدة الهندوسية من خلال طرح ثلاث أسئلة، وهي:
هل الهندوس أصحاب ديانة ؟ ومن الذي أوجد هذه الديانة ؟ وما هو كتابهم المقدس ؟.
وتبدأ الرجفيدا بالشرح فتقول إن دينهم هو الهندوسية ( سنادنادِرَمْمْ ).
والذي أوجده هو الله ( إيشْوارَنْ ) وكتابهم المقدس هو ( الفيدا ) .
وجاء في صفحة 107 عند شرح عقيدة الإلوهية ( أفادارامْ ) ما نصه:


275296155.jpg


والآلهة التي تتناولها العقيدة الهندوسية كما هو وارد بالنص أهمها عشرة وهم:
مالسّيمْ ـ كوممْ ـ ثاراهمْ ـ ناراسيمْهَمْ ـ فامانْسَنْ ـ باراشو رامانْ ـ شري رامانْ ـ شري كرشننْ ـ شري بودنْ ـ كالكيْ
ولسوف نرى في الصفحات القادمة كيف أن الوحي المقدس قد انتخب من الآلهة العشرة الإله رقم 8 شري كرشننْ وأثبته في الكتاب المقدس مع تغير طفيف في الاسم فقط وليس في متن النص ففي الفيدا نجده كرشنة أو كرشنن وفي الإنجيل تم تحويله إلى يسوع، سوف نثبت ذلك عند مقابلة النصوص بعضها البعض.
ثانياً: إيجورفيداYAJURVEDAM
جاء في تعريف الإيجورفيدا ص181 ما نصه;
825874727.jpg


هذا الجزء خاص بالعبادات والطقوس الدينية الخاصة بالكوارث والظواهر الطبيعية مثل الأعاصير والرياح والأمطار والزلازل ...الخ ، وهي تتكون من 12 جزء ويحتوي الجزء على فصل أو ما يطلق عليه بالوِرد ويطلق عليه الشوكلاإيجورفيدا ويبلغ عدد الشوكلاإيجورفيدا 18000 .

والصفحة رقم 182 توضح أن كل فصل أو وِرد يحتوي على 17 باراجراف أو مقطع يطلق عليه برهامْنمْ
470000097.jpg


وكل برهامْنمْ يحتوي على 1900 ماندرا أي ذكر وهي موضوعة على هيئة نثرية ، وتحتوي الشوكلاإيجورفيدا على 76000 ماندرا ،
 
PROPHET MUHAMMAD IN HINDU SCRIPTURES<O:p

DR. Z. HAQ

(Copyright 1990, 1997, All Rights Reserved)<O:p




Verily We have sent thee (Muhammad) in truth as a bearer of glad tidings and as a warner:
And there never was a people without a warner having lived among them (in the past).
<O:pQur'an 16:36
For We assuredly sent amongst every People an apostle (with the Command) "Serve Allah and eshew Evil":
Of the people were some whom Allah guided and some on whom Error became inevitably (established).
So travel through the earth and see what was the end of those who denied (the Truth).
<O:pQur'an 4:164
And Messengers (Prophets who received revealed books) We have mentioned unto thee (Muhammad) before
And Messengers We have not mentioned unto thee;
And Allah spake directly unto Moses.
<O:pThese verses of the Holy Qur’an testify that Allah (the One True God) has sent prophets to every people. Therefore, it is not surprising to Muslims to find prophecies about the Last Prophet, Muhammad (s), in previously revealed scriptures. Moreover, Allah had taken covenant with the Prophets to believe and help future Prophets of Allah, as indicated by the verse quoted below.<O:p
<O:p

Allah's Covenant With Prophets <O:p

Qur'an 3:81-82
Behold! Allah took the covenant of the Prophets saying:
"I give you a Book and Wisdom; then comes to you an Apostle confirming what is with you; do ye believe him and render him help."
Allah said: "Do ye agree and take this My Covenant as binding on you?"
They said: "We agree."
He said: "Then bear witness and I am with you among the witnesses."
If any turn back after this they are perverted transgressors.<O:p


A Brief Introduction To Hindu Scriptures <O:p

The Vedas, Upanishads, Puranas, and Brahmanas Granth are the four sacred books in Hindu religion. The last one is a commentary on the Vedas, but it is considered as a revealed book. These books are in Sanskrit, the sacred language of the Hindus. The Vedas are divided into four books: Rig Veda, Yajur Veda, Sam Veda and Atharva Veda. Of these, the first three books are considered the more ancient books, and the Rig Veda is the oldest of them. The Rig Veda was compiled in three long and different periods. Opinions greatly differ as to the date of compilation or revelation of the four Vedas. Swami Daya Nand, founder of the Arya Samaj, holds the opinion that the Vedas were revealed 1.3 billion years ago, while others (Hindu scholars and orientalists) hold the opinion that they are not more than four thousand years old. Analysis of the Vedas reveal differences in the accounts of the places where these books were revealed and the Rishis (Prophets) to whom these scriptures were given. Nevertheless, the Vedas are the most authentic scriptures of the Hindus. <O:pThe Upanishads are considered next to the Vedas in order of superiority and authenticity. However, some Pandits consider the Upanishads to be superior to the Vedas primarily from the internal evidence found in the Upanishads. Next in authenticity to the Upanishads are the Puranas. The Puranas are the most widely read of all Hindu Scriptures, as these are easily available (the Vedas are difficult to find). The compiler of the Puranas is Maha Rishi Vyasa, and he arranged the Puranas in eighteen volumes. These books contain the history of the creation of the universe, the history of the early Aryan people, and life stories of the divines and deities of the Hindus. The Puranas were either revealed simultaneously with the Vedas or some time before. The sanctity and reverence of the Puranas is admitted and recognized in all the authentic books of the Hindus. <O:pFor a long time, the Hindu Scriptures were primarily in the hands of Pandits and a small group of men who had learned Sanskrit (The majority of the Hindu population knew Hindi and could comprehend only a smattering of Sanskrit words). Sir William Jones, who was a Judge and founded the Asiatic Society of Bengal, learned Sanskrit in the last decade of the Eighteenth century. He was instrumental in generating interest in Sanskrit and Hindu Scriptures in Europe, and it was due to his efforts that the Hindu scriptures were translated into English.
<O:pIn 1935, Dr. Pran Nath published an article in the Times of India that showed that the Rig Veda contains events of the Babylonian and Egyptian kings and their wars. Further, he showed that one-fifth of the Rig Veda is derived from the Babylonian Scriptures. From a Muslim perspective, it is likely that the Hindus were given a revealed book or books that contained description and struggles of Allah’s Prophets sent previously to other peoples. It is also possible that commentaries written about them were incorporated later and became a part of the revealed books.
There are a number of examples of these in Hindu scriptures. The Atharva Veda is also known as ‘Brahma Veda’ or in its meaning as the Devine Knowledge. An Analysis of the Vedas reveal that ‘Brahma’ is actually Abraham, where the initial letter A in Abraham is moved to the end making it Brahma. This analysis is accurate when one writes the two words in Arabic script, a language close to that spoken by Prophet Abraham. Similarly, Abraham’s first wife Sarah is mentioned in the Vedas as Saraswati, and Prophet Nuh (Noah of The Flood) is mentioned as Manuh or Manu. Some Pundits consider Atharva Veda as the Book of Abraham. Prophets Ismail (Ishmael) and Ishaq (Isaac) are named Atharva and Angira, respectively, in the Vedas.
<O:p

Table 1 <O:p

201037732.jpg


Background To Prophecies <O:p

It is well known that the Hindus love hero worship, and it is reasonable to assume that over a long period of time the high regard and reverence for some Prophets led to some of them considered as god or God. Further, it is likely that the Book of Abraham and those of other Prophets contained prophecies about the Last Prophet, Muhammad (s). Muslim historians of India hold the opinion that the graves of Prophets Sheesh and Ayyub (Job) are in Ayodhya, in the province of Uttar Pradesh, India. In ancient times, Ayodhya was known as Khosla according to Shatpath Brahmanas.
<O:pSome Pundits have now begun to reject the Puranas simply because they find in them many prophecies and vivid signs of the truth of Prophet Muhammad. A case has been made that the present Puranas are not the same collection that Vedas refer to and the real books were lost. Nevertheless, this contention is not correct. It is impossible that all the Puranas which were so widely read and keenly studied, could have fallen in oblivion and totally wiped out, whereas the Vedas, which only a few could read and understand, remained intact until now.
<O:pAnother argument against the prophecies is that these were added to the Puranas at a later date. Nevertheless, this argument is also without a basis. Such a well-known book, in vast circulation and read at appointed times in prayers, cannot be easily tampered with. Moreover, all the Pandits and the learned divines of the Hindus could not have conspired and secretly added these prophecies to the Puranas. The most strange thing is that the corruption is made in favor of the Prophet and against their own religion.
All major books of the Hindus prophesy about Prophet Mohammad. In addition to many of his qualities, his life events, Abraham, Ka'bah, Bakkah (Makkah) and Arabia, the prophecies mention his name as Mahamad, Mamah, and Ahmad. The name Mahamad appears in the Puranas, Mamah in Kuntap Sukt (in Atharva Veda) and Ahmad in Sama Veda. Many different classifications as to the degree of importance of the Vedas have been made. For example, in Shatpath it is stated that Sama Veda is the essence of all the Vedas. At another place in Taitttriya Brahmana, it is stated that “This world was created from Brahma, the Vaishas were created from the mantras of the Rig Veda, the Kashtriyas were created from Yajur Veda and Brahmans were created from Sama Veda.”

Prophecy In The Puranas <O:p

<O:p


The compiler of the Puranas, Mahrishi Vyasa, is highly honored among the Hindus as a great rishi and learned person. He was a pious and God fearing man. He also wrote the Gita and the Maha Bharat. Among the eighteen volumes of the Puranas is one by the title ‘Bhavishya Puran,’ literally meaning future events. The Hindus regard it as the Word of God. The prophecy containing Prophet Muhammad by name is found in Prati Sarg Parv III: 3, 3, Verse 5.
Before the English translation is presented, a note on the word Malechha that appears in the first part of verse 5 is in order. The word Malechha means a man belonging to a foreign country and speaking foreign language. This word is now used to degrade people meaning unclean or even worse. Its usage varies and depends on who is using it and for whom. Sir William Jones had great difficulty in recruiting a Pundit to teach him Sanskrit because he was considered unclean (Malechha). It was only after the direct intervention of Maharaja (King) Shiv Chandra that Pundit Ram Lochna agreed to teach him Sanskrit.
<O:pIt is not known when this word began to be used in the derogatory sense, whether before the advent of Prophet Muhammad (s), after the conversion of Hindu King Chakrawati Farmas (of Malabar, located on the southwest coast of India) to Islam during the lifetime of the Prophet, soon after the arrival of Muslims in India (711 CE) or sometime later. Mahrishi Vyasa, the compiler of the Puranas, has defined a wise Malechha as “a man of good actions, sharp intellect, spiritual eminence, and showing reverence to the deity (God).
<O:pMany Sanskrit words have borrowed from Arabic and Hebrew with a slight change as was shown in the examples of Brahma, Saraswati and Manu, and as indicated in Table 2 below. It appears that this word is derived from the Hebrew word Ma-Hekha (<?xml:namespace prefix = v ns = "urn:schemas-microsoft-com:vml" /><v:shape style="Z-INDEX: -1; POSITION: absolute; MARGIN-TOP: 41pt; WIDTH: 48pt; HEIGHT: 18.75pt; VISIBILITY: visible; MARGIN-LEFT: 3.75pt; mso-position-horizontal-relative: text; mso-position-vertical-relative: text" id=Picture_x0020_7 type="#_x0000_t75" alt="http://www.cyberistan.org/islamic/a-images/malechha.gif" o:spid="_x0000_s1026"> <v:imagedata src="file:///C:\DOCUME~1\salem\LOCALS~1\Temp\msohtml1\01\clip_image003.png" o:title="malechha"></v:imagedata>ffice:word" /><?xml:namespace prefix = w ns = "urn:schemas-microsoft-com
><w:wrap type=
</w:wrap>
</v:shape>), which means thy brethren (e.g., And he (Ishmael) shall dwell in the presence of all his brethren. Genesis 16:12; i.e., Ismaelites are the brethren of the Israelites). In the context of Biblical scriptures this word meant a descendant of Prophet Ismail (Ishmael), and it is well known that Muhammad (s) is a descendant of Prophet Ismail through his second son Kedar. Those who can read Arabic Script can easily see that a mistake in separating Ma from Hekha will produce a single word ‘Malhekha,’ and when adapted in another tongue like Sanskrit might sound like Malechha. <O:p

Table 2

667998387.jpg


The Sanskrit text and translation of Verse 5 of Bhavishya Puran, Prati Sarg Parv III: 3, 3 are given below. (The boxed area in the Sanskrit text identifies the word Mahamad or Mohammad).
<O:p
661973479.jpg


</O:pA malechha (belonging to a foreign country and speaking foreign language) spiritual teacher will appear with his companions. His name will be Mahamad...<O:p</O:p
The translation of Verses 5-27 (Sanskrit text of the Puranas, Prati Sarg Parv III: 3, 3) is presented below from the work of Dr. Vidyarthi. <O:p“A malechha (belonging to a foreign country and speaking foreign language) spiritual teacher will appear with his companions. His name will be Mahamad. Raja (Bhoj) after giving this Mahadev Arab (of angelic disposition) a bath in the 'Panchgavya' and the Ganges water, (i.e. purging him of all sins) offered him the presents of his sincere devotion and showing him all reverence said, 'I make obeisance to thee.' 'O Ye! the pride of mankind, the dweller in Arabia, Ye have collected a great force to kill the Devil and you yourself have been protected from the malechha opponents (idol worshipers, pagans).' ‘O Ye! the image of the Most Pious God the biggest Lord, I am a slave to thee, take me as one lying on thy feet.' <O:p></O:p>
“The Malechhas have spoiled the well-known land of the Arabs. Arya Dharma is not to be found in that country. Before also there appeared a misguided fiend whom I had killed [note: e.g., Abraha Al-Ashram, the Abyssinian viceroy of Yemen, who attacked Mecca]; he has now again appeared being sent by a powerful enemy. To show these enemies the right path and to give them guidance the well-known Mahamad (Mohammad), who has been given by me the epithet of Brahma is busy in bringing the Pishachas to the right path. O Raja! You need not go to the land of the foolish Pishachas, you will be purified through my kindness even where you are. At night, he of the angelic disposition, the shrewd man, in the guise of a Pishacha said to Raja Bhoj, "O Raja! Your Arya Dharma has been made to prevail over all religions, but according to the commandments of ‘Ashwar Parmatma (God, Supreme Spirit), I shall enforce the strong creed of the meat-eaters. My follower will be a man circumcised, without a tail (on his head), keeping beard, creating a revolution, announcing call for prayer and will be eating all lawful things. He will eat all sorts of animals except swine. They will not seek purification from the holy shrubs, but will be purified through warfare. Because of their fighting the irreligious nations, they will be known as Musalmans (Muslims). I shall be the originator of this religion of the meat-eating nation."<O:p


More Prophecies In Hindu Scriptures <O:p

The Vedas contain many prophecies about Prophet Muhammad. Some European and Hindu translators of the Vedas have removed the name referring to the Prophet, while others have tried to explain away the mantras (verses) on his life events, Ka’bah, Makkah, Medinah, Arabia, and other events using the terminology of the Hindus, such as purification rituals, and lands and rivers in India. Some mantras containing prophecies are inter-mixed with explanatory phrases, and it may be that these were commentaries and explanatory notes on the prophecies, which later became a part of the prophecy.
<O:pSeveral prophecies are found in Atharva Veda: (1) XX: 21, Mantras 6, 7, and 9, (2) XX: 137, Mantras 7 through 9, and (3) X: 2, Mantras 26, 27, 29, 30, and 32. Similarly, in Rig Veda, additional prophecies are found in: (1) VII: 96, Mantras 13 through 16, and (2) I: 53, Mantras 6 and 9. Finally, a prophecy is found in Sama Veda III: 10, Mantra 1. These are a sample of many prophecies. The serious reader may want to refer to scholarly work of Dr. A.H. Vidyarthi, entitled “Mohammad in World Scriptures,” 1990. This book explains the Hindu terminology used in the Mantras and the meaning and usage of certain words and phrases from within the Vedas and other Hindu Scriptures. <O:p


No Compulsion In Religion <O:p

Qur'an 2:256
There is no compulsion in religion.
The right direction is henceforth distinct from error.
And he who rejecteth false deities and believeth in Allah hath grasped a firm handhold which will never break.
Allah is Hearer, Knower.
<O:pAllah: Allah is the proper name of the One True God, creator and sustainer of the universe, who does not have a partner or associate, and He did not beget nor was He begotten. The word Allah is used by the Arab Christians and Jews for The God (Eloh-im in Hebrew; 'Allaha' in Aramaic, the mother tongue of Jesus). The word Allah does not have a plural or gender.
<O:ppbuh: Peace Be Upon Him. This expression is used for all Prophets of Allah. Abreviations derived from Arabic words are (s) and (as).
<O:pra: Radiallahu Anhu (May Allah be pleased with him).<O:p


References:
1. Abdul Haq Vidyarthi, "Muhammad in World Scriptures," Adam Publishers, 1990. (includes chapters on Zoroastrian and Hindu Scriptures)
2. A.H.Vidyarthi and U. Ali, "Muhammad in Parsi, Hindu & Buddhist Scriptures," IB.<O:p: http://www.cyberistan.org/islamic/prophhs.html#mahamad.<O:p



437036075.jpg
490754042.jpg




Copyright © 1990, 1997-99 Dr. Z. Haq

All Rights Reserved<O:p

<v:shape style="WIDTH: 34.5pt; HEIGHT: 18.75pt; VISIBILITY: visible" id=Picture_x0020_13 type="#_x0000_t75" alt="http://www.cyberistan.org/islamic/a-images/rafile.gif" o:spid="_x0000_i1025"><v:imagedata src="file:///C:\DOCUME~1\salem\LOCALS~1\Temp\msohtml1\01\clip_image003.gif" o:title="rafile"></v:imagedata></v:shape>​


</O:p
 


رابعاً : إدهروافيدا ATARVA VEDAM


851541697.jpg


i_safe.gif
هذا المقطع من صفحة 184 يتناول موضوع الإدهروافيدا وهو عبارة عن الطقوس الخاصة التي يقوم بها الكهان وهي طقوس السحر والشعوذة ضد الشياطين وهي تكاد تكون مقصورة على كهان المعابد ، وتحتوي على تسعة أفرع أشهرها فرع واحد يطلق عليه الشوانجمْ ، والشوانجمْ يحتوي على 760 آية ويحتوي على 6000ماندرا.


483246337.jpg


نكتفي بهذا القدر من كتاب مقدمة في عقيدة الهندوس.
وفي الصفحات القادمة سوف نتناول التطبيق لنرى مدى صدق الوحي المقدس عند اقتباسه من كتب الفيدا وذلك على حد قول القس صموئيل حبيب مشرقي في كتابه " الكتاب المقدس يتحدى مشاكل الاعتراضات " ص 44 { وحي الكتاب المقدس اُقْتُبِسَ من مصادر تاريخية وأن الوحي انتخب من كتب التاريخ ما رآه مناسباً، وأنه لا غرابة عند الاقتباس من هذه المصادر التاريخية من أي إضافات أو حذف } .
مقابلة عقيدة النصارى بما هم مكتوب في الفيدا

1 ـ عقيدة التثليث: أي القول بالأب والابن والروح القدس عند الهندوس والنصارى:
ففي إنجيل يوحنا 7: 5 نجد حديثاً عن الأقانيم الثلاثة { فَإِنَّ هُنَالِكَ ثَلاَثَةَ شُهُودٍ فِي السَّمَاء ِ، الآبُ وَالْكَلِمَةُ وَالرُّوحُ الْقُدُسُ ، وَهَؤُلاءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ.}.
يقول العلامة " موريس بوكاي " في كتابه " الآثار الهندية القديمة " ص 35 ما نصه:

472703467.jpg


فقول موريس بوكاي إن عقيدة التثليث(Trinity) كفكرة لها أصل هندوسي، وأن الكلمة مشتقة من كلمة " TRIMURTI" في اللغة السنسكريتية والتي تعني ثلاثة أجساد في اله واحد، وهي الاتحاد المقدس بين براهما، فيشنو و سيفاDivine unity of Brahma, Vishnu and Siva))
نجد أصله في كتاب " مقدمة في عقيدة الهندوس "HINDU DHARMA PARICHAYAM ص 358 حيث ذكر المؤلف الأقانيم الثلاثة ( الاتحاد المقدس بين براهما، و فيشنو و سيفا) .
وذيل كلامه بالإصحاح 191 والأعداد من 2ـ4 من الرجفيدا الجزء العاشر:


الاتحاد المقدس بين براهما، و فيشنو و سيفا

476369085.jpg


حاول أن تدقق النظر في تذييل كلامه بالإصحاح 191 والأعداد من 2ـ4 من الرجفيدا الجزء العاشر.
وأليس هذا الكلام هو الموجود في رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الخامس، العدد السابع والذي ينص على:
[6هذا الذي جاءَ هوَ يَسوعُ المَسيحُ، جاءَ بِماءٍ ودَمِ، جاءَ لا بِالماءِ وحدَهُ، بَل بِالماءِ والدَّمِ. والرُّوحُ هوَ الذي يَشهَدُ، لأنَّ الرُّوحَ هوَ الحَقُّ. 7والذينَ يَشهَدونَ هُم ثلاثةِ. 8الْآبُ، والْكَلِمَةُ والرُّوحُ اَلقُدُسُ، وهَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ هُم في الواحدِ. ].
2ـ عقيدة الصلب والفداء
عقيدة صلب الإله كما هي عند الوثنيين ومقارنتها بما هو موجود في الكتاب المقدس حيث يذكر الهنود بأن كرشنة المولود البكر الذي هو نفس الإله فشنو فتراهم يصفونه بالبطل الوديع المملوء لاهوتا لأنه مات معلقا على الصليب حيث قدم نفسه ذبيحة وخلص الإنسان من خطاياه.
وإليك النص بتمامه كما ذكره صاحب كتاب العقائد الوثنية ص 49 ما نصه:
716539952.jpg



وإليك النص الأصلي كما جاء في الفيدا الإصحاح 16 عدد 61 ـ انظر أسفل النص ـ كما ذكره صاحب كتاب مقدمة في عقيدة الهندوس ص 318:
843040653.jpg


وهذا الكلام هو عين ما قال به البشير متى 27: 1ـ 43
(39وكانَ المارةُ يَهُزّونَ رُؤوسَهُم ويَشتِمونَهُ ويَقولونَ: 40"يا هادِمَ الهَيكَلِ وبانِـيَهُ في ثلاثَةِ أيّامِ، إنْ كُنتَ اَبنَ الله، فخلَّصْ نفسَكَ واَنزِلْ_ ..عَنِ الصَّليبِ". 41وكانَ رُؤساءُ الكَهنَةِ ومُـعلَّمو الشّريعَةِ والشٌّيوخُ يَستهزِئونَ بِه، فيَقولونَ: 42"خَلَّصَ غيرَهُ، ولا يَقدِرُ أنْ يُخلَّصَ نفسَهُ! هوَ مَلِكُ إِسرائيلَ، فلْيَنزِلِ الآنَ عَنِ الصَّليبِ لِنؤمِنَ بِه! 43توَكَّلَ على الله وقالَ: أنا اَبنُ الله، فليُنقِذْهُ الله الآنَ إنْ كانَ راضيًا عنهُ". 44وعيَّرَهُ اللَّصانِ المَصلوبانِ مَعهُ أيضًا، فقالا مِثلَ هذا الكلامِ.)
ونفس الكلام قاله البشير لوقا 23: 38ـ 42
(38وكانَ فَوقَ رأسِهِ لَوحَةِ مكتوبٌ فيها: «هذا مَلِكُ اليَهودِ! «39وأخَذَ أحَدُ المُجرِمَينِ المُعلَّقَينِ على الصَّليبِ يَشتُمُهُ ويَقولُ لَه: «أما أنتَ المَسيحُ؟ فخَلِّصْ نَفسَكَ وخَلِّصْنا! « 40فاَنتَهَرَهُ المُجرِمُ الآخَرُ قالَ: «أما تَخافُ الله وأنتَ تَتحَمَّلُ العِقابَ نَفسَهُ؟ 41نَحنُ عِقابُنا عَدلٌ، نِلناهُ جَزاءَ أعمالِنا، أمَّا هوَ، فما عَمِلَ سُوءًا«. 42وقالَ: «اَذكُرْني يا يسوعُ، متى جِئتَ في مَلكوتِكَ«. 43فأجابَ يَسوعُ: «الحقَّ أقولُ لكَ: سَتكونُ اليومَ مَعي في الفِردَوسِ«.
عجائب رافقت موت المصلوب:
ومثله يرفض العقل ما حكاه متى من عجائب حصلت عند موت المسيح يقول: [51فاَنشَقَّ حِجابُ الهَيكلِ شَطرَينِ مِنْ أعلى إلى أسفَلَ. وتَزلْزَلتِ الأرضُ وتَشقَّقتِ الصٌّخورُ. 52واَنفتَحَتِ القُبورُ،. فقامَتْ أجسادُ كثير. مِنَ القِدَّيسينَ الرّاقِدينَ. 53وبَعدَ قيامَةِ يَسوعَ، خَرَجوا مِنَ القُبورِ ودَخلوا إلى المدينةِ المقدَّسَةِ وظَهَروا لِكثير.? مِنَ النّاسِ. 54فلمّا رأى القائِدُ وجُنودُهُ الَّذينَ يَحرُسونَ يَسوعَ الزَّلزالَ وكُلَ ما حدَثَ، فَزِعوا وقالوا: "بالحَقيقةِ كانَ هذا الرَّجُلُ اَبنَ الله!" 55وكانَ هُناكَ كثيرٌ مِنَ النَّساءِ يَنظُرنَ عَنْ بُعدٍ، وهُنَّ اللَّواتي تَبِعنَ يَسوعَ مِنَ الجَليلِ ليَخدُمْنَه، 56فيهِنّ مَريمُ المَجدليَّةُ، ومَريمُ أمٌّ يَعقوبَ ويوسفَ، وأُمٌّ اَبنَي زَبدي.] ( متى 27/51 - 54 ).
والقصة من الغلط بل والكذب، إذ لم يعهد مثل هذه العودة للقديسين والراقدين، ولم يعهد أن عاد هؤلاء أو غيرهم من الموت و ثم ماذا بعد العودة هل تزوجوا ؟ وهل عادوا لبيوتهم ؟ أم ماتوا بعدها ؟ أم .... ثم ماذا كانت ردة فعل اليهود وبيلاطس والتلاميذ أمام هذا الحدث العظيم ؟ الإجابة : لا شيء .
إذ لم يذكر شيء عند متى ولا عند غيره ممن لم يذكر هذه العجائب، ولو كانت حقاً لسارت في خبرها الركبان، ولآمن الناس بالمسيح حينذاك. يقول الأب كننغسر : يجب الامتناع عن الهزء (أي بمثل هذه الأخبار ) ، لأن نية متى كانت محترمة جداً ، إنه يدمج المعطيات القديمة للرواية الشفهية مع مؤلَفه ، ولكن يبقى إخراجه لائقاً بعيسى ، المسيح النجم .
وقال نورتن الملقب بحامي الإنجيل :" هذه الحكاية كاذبة ، والغالب أن أمثال هذه الحكايات كانت رائجة عند اليهود بعد ما صارت أورشليم خراباً ، فلعل أحداً كتب في حاشية النسخة العبرانية لإنجيل متى ، وأدخلها الكاتب في المتن ، وهذا المتن وقع في يد المترجم، فترجمها على حسبه".
ويعلق العلامة أبو زهرة " لعل كثيراً مما في المتن أصله في الحاشية ثم نقل خطأ في المتن " ومما يدل على كذب خبر متى في قيام الراقدين من الموت أن بولس وغيره يصرح بأن المسيح هو أول القائمين ، وأنه باكورة الراقدين ففي أعمال 26/23:
[22ولكِنَ الله أعانني إلى هذا اليومِ، لأشهَدَ لَه عِندَ الصَّغيرِ والكبيرِ، ولا أقولُ إلاَّ ما أنبأَ بِه موسى والأنبياءُ، 23مِنْ أنَّ المَسيحَ يتألَّمُ ويكونُ أوّلَ مَنْ يَقومُ مِنْ بَينِ الأمواتِ ويُبشِّرُ اليَهودَ وسائِرَ الشُّعوبِ بِنُورِ الخلاصِ«.].
ومثله قوله في (كورنثوس (1) 15/20)[ 20لكِنَ الحقيقَةَ هِيَ أنَّ المَسيحَ قامَ مِنْ بَينِ الأمواتِ هوَ بِكرُ مَنْ قامَ مِنْ رُقادِ المَوتِ. 21فالمَوتُ كانَ على يَدِ إنسانٍ، وعلى يَدِ إنسانٍ تكونُ قيامَةُ الأمواتِ. ].

3 : الظلمة التي حدثت عند موت أحد الآلهة المخلصين للعالم كما هي واردة في كتابي الهندوس والنصارى

يقول " توما موريس " في كتابه عن الهند ص 75 ما نصه :
616345324.jpg



ولك أن تتأمل هذا الكلام وتحاول مقارنته بما هو موجود في إنجيل متى الإصحاح 27: 45ـ 4645وعِندَ الظٌّهرِ خيَّمَ على الأرضِ كُلَّها ظلامٌ حتىَّ السّاعةِ الثّالِثةِ. 46ونحوَ الساعةِ الثالثةِ صرَخَ يَسوعُ بِصوتٍ عَظيمِ: "إيلي، إيلي، لِما شَبقتاني؟" ).


وقارن نفس الكلام بما هو موجود في إنجيل لوقا 23 : 44ـ 46: (44وعِندَ الظُّهرِ خَيَّمَ الظلامُ على الأرضِ كُلِّها حتى السّاعةِ الثالِثةِ. 45واَحتَجَبَتِ الشَّمسُ واَنشَقَّ حِجابُ الهَيكَلِ مِنَ الوَسَطِ. 46وصرَخَ يَسوعُ صَرخةً قويَّةً: «يا أبـي، في يَدَيكَ أستَودِعُ رُوحي«. قالَ هذا وأسلَمَ الرُّوحَ. ).


4: ولادة أحد الآلهة الذين قدموا أنفسهم فداءً عن الناس

قال صاحب كتاب العقائد الوثنية ص 60 ما نصه:
876902464.jpg


قارن هذا الكلام بما هو موجود في متى 1 : 21 ـ25
(20وبَينَما هوَ يُفَكَّرُ في هذا الأمْرِ، ظَهَرَ لَه مَلاكُ الرَّبَّ. في الحُلُمِ وقالَ لَه: "يا يوسفُ اَبنَ داودَ، لا تخَفْ أنْ تأخُذَ مَرْيمَ اَمرأةً لكَ. فَهيَ حُبْلى مِنَ الروحِ القُدُسِ، 21وسَتَلِدُ اَبناً تُسمّيهِ يَسوعَ، لأنَّهُ يُخَلَّصُ شعْبَهُ مِنْ خَطاياهُمْ".22حَدَثَ هذا كُلٌّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبٌّ بلِسانِ النَّبـيَّ: 23"سَتحْبَلُ العَذْراءُ، فتَلِدُ اَبْناً يُدْعى "عِمّانوئيلَ"، أي الله مَعَنا.)
5: النجوم التي ظهرت في الشرق عند ولادة أحد آلهة الهندوس ومقارنتها بما هو موجود بالكتاب المقدس
يقول صاحب كتاب مقدمة في عقيدة الهندوس ص 110 ما ترجمته " أنهم عرفوا بولادة كرشنة حينما أبصروا نجما في المشرق يتقدمهم حتى وقف حيث كان الصبي
117904155.jpg


وهذا هو النص من الفيدا والذي استشهد به الكاتب وأثبته في الهامش
626633569.jpg


قارن هذا الكلام بما هو موجود في إنجيل متى 2: 7 ـ 12
(7فَدَعا هيرودُسُ المَجوسَ سِرُا وتَحقَّقَ مِنْهُم مَتى ظَهَرَ النَّجْمُ، 8ثُمَّ أرسَلَهُم إلى بَيتَ لَحْمَ وقالَ لَهُم: "اَذْهَبوا واَبْحَثوا جيَّدًا عَنِ الطَّفلِ. فإذا وجَدْتُموهُ، فأَخْبِروني حتى أذهَبَ أنا أيضًا وأسْجُدَ لَه". 9فلمَّا سَمِعوا كلامَ المَلِكِ اَنْصَرَفوا. وبَينَما هُمْ في الطَّريقِ إذا النَّجْمُ الذي رَأَوْهُ في المَشْرقِ، يَتَقَدَّمُهُمْ حتى بَلَغَ المكانَ الذي فيهِ الطِفلُ فوَقَفَ فَوْقَه. 10فلمَّا رَأوا النَّجْمَ فَرِحوا فَرَحًا عَظيمًا جِدُا، 11ودَخَلوا البَيتَ فوَجَدوا الطَّفْلَ معَ أُمَّهِ مَرْيَمَ. فرَكَعوا وسَجَدوا لَه، ثُمَّ فَتَحوا أَكْياسَهُمْ وأهْدَوْا إلَيهِ ذَهَبًا وبَخورًا ومُرُا.)
نجم يتمشى في سماء أورشليم :
ذكر متى قصة المجوس الذين جاءوا للمسيح عند ولادته وسجدوا له فقال: [ ولمَّا وُلِدَ يَسوعُ في بَيتَ لَحْمِ اليَهودِيَّةِ، على عَهْدِ المَلِكِ هِيرودُسَ، جاءَ إلى أُورُشليمَ مَجوسٌ. مِنَ المَشرِقِ 2وقالوا: "أينَ هوَ المَولودُ، مَلِكُ اليَهودِ؟ رَأَيْنا نَجْمَهُ في المَشْرِقِ، فَجِئْنا لِنَسْجُدَ لَه".3وسَمِعَ المَلِكُ هِيرودُسُ، فاَضْطَرَبَ هوَ وكُلُّ أُورُشليمَ. 4فجَمَعَ كُلَ رُؤساءِ الكَهَنةِ ومُعَلَّمي الشَّعْبِ وسألَهُم: "أينَ يولَدُ المَسيحُ؟" 5فأجابوا: "في بَيتَ لَحْمِ اليَهودِيَّةِ، لأنَّ هذا ما كَتَبَ النَبِـيٌّ: 6"يا بَيتَ لَحْمُ، أرضَ يَهوذا، ما أنتِ الصٌّغْرى في مُدُنِ يَهوذا، لأنَّ مِنكِ يَخْرُجُ رَئيسٌ يَرعى شَعْبـي إِسرائيلَ".7فَدَعا هيرودُسُ المَجوسَ سِرُا وتَحقَّقَ مِنْهُم مَتى ظَهَرَ النَّجْمُ، 8ثُمَّ أرسَلَهُم إلى بَيتَ لَحْمَ وقالَ لَهُم: "اَذْهَبوا واَبْحَثوا جيَّدًا عَنِ الطَّفلِ. فإذا وجَدْتُموهُ، فأَخْبِروني حتى أذهَبَ أنا أيضًا وأسْجُدَ لَه".9فلمَّا سَمِعوا كلامَ المَلِكِ اَنْصَرَفوا. وبَينَما هُمْ في الطَّريقِ إذا النَّجْمُ الذي رَأَوْهُ في المَشْرقِ، يَتَقَدَّمُهُمْ حتى بَلَغَ المكانَ الذي فيهِ الطِفلُ فوَقَفَ فَوْقَه. 10فلمَّا رَأوا النَّجْمَ فَرِحوا فَرَحًا عَظيمًا جِدُا، 11ودَخَلوا البَيتَ فوَجَدوا الطَّفْلَ معَ أُمَّهِ مَرْيَمَ. فرَكَعوا وسَجَدوا لَه، ثُمَّ فَتَحوا أَكْياسَهُمْ وأهْدَوْا إلَيهِ ذَهَبًا وبَخورًا ومُرُا.] (متى 2/1-10).
فعند عرض القصة على العقل فإنه يرفضها لأمور:
- أن متى يتحدث عن نجم يمشي ، وحركته على رغم بعده الهائل ملحوظة على الأرض تشير إلى بعض أزقة أورشليم دون بعض ، ثم إلى بيت من بيوتها، حيث يوجد المسيح ، فيتوقف وهو في السماء فكيف مشى ، وكيف دلهم على البيت ، وكيف وقف ؟!! وكيف رأوا ذلك كله ؟ أسئلة ليس لها إجابة.
- كيف عرف المجوس خبر المسيح ونجمه وهم لا يعرفون الله ؟ وكيف يسجدون لنبي وهم لا يؤمنون بدينه ؟ فهذا من الكذب بدليل أن أحد من قدماء المجوس ومؤرخيهم لم ينقل مثل هذا، وكذلك لم ينقله الإنجيليون الآخرون.
- ولماذا تحملوا عناء هذه الرحلة الطويلة لمجرد أن يسجدوا بين يديه ويقدموا له الهدايا ثم يعودون !!
- يتحدث النص عن اهتمام الوالي هيرودس بأمر المولود وأنه أضمر قتله ، وطلب من المجوس أن يخبروه إذا وجدوا الطفل ليسجد له ، ثم أُوحي للمجوس في المنام أن لا يرجعوا لهيرودس ففعلوا، فلو كان اهتمام هيرودس حقاً لقام معهم إلى بيت لحم وهي على مقربة من أورشليم ، أو لأرسل معهم خاصته.
وأما ما ذكره متى عن قتل هيرودس للأطفال بعد تواري المجوس قبل أن يقف على الطفل فهذا كذب بدليل أن أحداً من المؤرخين لم يذكره على أهمية هذا الحدث .
6: نصيحة إبليس للإله كما وردت عند الوثنيين ومقارنتها بما هو موجود في الأناجيل
قال صاحب كتاب " العقائد الوثنية " ص 93 ما نصه:

222515922.jpg



و أليس هذا هو عين المكتوب في إنجيل متى 4: 1ـ9 (وقادَ الرٌّوحُ القُدُسُ يَسوعَ إلى البرَّيَّةِ ليُجَرَّبَهُ إِبليسُ. 2فصامَ أربعينَ يومًا وأربعينَ لَيلةً حتَّى جاعَ. 3فَدنا مِنهُ المُجَرَّبُ وقالَ لَه: "إنْ كُنْتَ اَبنَ الله، فقُلْ لِهذِهِ الحِجارَةِ أنْ تَصيرَ خُبزًا". 4فأجابَهُ: "يقولُ الكِتابُ: ما بِالخبزِ وحدَهُ يحيا الإنسانُ، بل بكلٌ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِنْ فمِ الله". 5وأخذَهُ إبليسُ إلى المدينةِ المُقَدَّسَةِ، فأوْقَفَهُ على شُرفَةِ الهَيكل 6وقالَ لَه: "إنْ كُنتَ اَبنَ الله فأَلقِ بِنَفسِكَ إلى الأسفَلِ، لأنَّ الكِتابَ يقولُ: يُوصي ملائِكَتَهُ بكَ، فيَحمِلونَكَ على أيديهِم لئلاَّ تَصدِمَ رِجلُكَ بِحجرٍ". 7فأجابَهُ يَسوعُ: "يقولُ الكِتابُ أيضًا: لا تُجرَّبِ الرَّبَّ إلهَكَ". 8وأخَذَهُ إبليسُ إلى جبَلٍ عالٍ جدُا، فَأراهُ جَميعَ مَمالِكِ الدٌّنيا ومجدَها 9وقالَ لَه: "أُعطِيكَ هذا كلَّهُ، إنْ سجَدْتَ لي وعَبدْتَني". 10فأجابَهُ يَسوعُ: "إِبتَعِدْ عنّي يا شَيطانُ! لأنَّ الكِتابَ يقولُ: للربَّ إلهِكَ تَسجُدُ، وإيّاهُ وحدَهُ تَعبُدُ". ) .
 


الفرع السابع
مخطوطات العهد الجديد

يقول القس سويجارت: " يوجد ما يقرب من أربعة وعشرين ألف مخطوط يدوي قديم من كلمة الرب من العهد الجديد ... وأقدمها يرجع إلى ثلاثمائة وخمسين عاماً بعد الميلاد ،
والنسخة الأصلية أو المنظورة ، أو المخطوط الأول لكلمة الرب لا وجود لها ..".
ولو فصلنا أكثر في ذكر ما وصل إلينا من مخطوطات العهد الجديد، فإنا نقول:
إنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام
أ ) مخطوطات البردي، والكتابة على ورق البردي: وكانت تستخدم في القرن الثاني والثالث الميلادي, وقد وصل إلينا عن طريقها قطعتين فقط من العهد الجديد.
الأولى : تضم جملتين من إنجيل يوحنا 18/31 ، 18/37 - 38، وقد كتبتا في القرن الثاني وهي محفوظة في مانشستر.
والثانية: وتضم مقطعين من إنجيل متى 1/1 - 9، 12/14 - 20.كما يوجد بعض مخطوطات البردي والتي تحوي نصوصاً إنجيلية صغيرة،
وتعود للقرون اللاحقة
ب ) مخطوطات إغريقية مكتوبة على رقوق الحيوانات : ولم تعرف هذه الطريقة في الكتابة إلا في القرن الميلادي الرابع ، ويوجد منها عدد كبير من المخطوطات أهمها النسخة الإسكندرية والفاتيكانية والسينائية .
ج ) مخطوطات متأخرة ترجع للقرون 13 - وما بعده : وذكر منها البروفسور كولينز سبع مخطوطات أهمها البازلية
ومن أهم المخطوطات المكتوبة على رقوق الحيوانات المخطوطة الفاتيكانية والسينائية والإسكندرانية ، وهي مخطوطات كتبت في القرن الرابع الميلادي، ونذكر هنا بعض ما يتعلق بالعهد الجديد في هذه المخطوطات .
1 ) النسخة الفاتيكانية : وجاء في مقدمة العهد الجديد للكاثوليك : " وأقدم كتب الخط التي تحتوي على معظم العهد الجديد أو نصه الكامل كتابان مقدسان يعودان إلى القرن الرابع وأجلّهما المجلد الفاتيكاني .. وهذا الكتاب الخط مجهول المصدر ، وقد أصيب بأضرار لسوء الحظ ، ولكنه يحتوي على العهد الجديد ما عدا الرسالة إلى العبرانيين ( 9/14 - 13/25 ) والرسالتين الأولى والثانية إلى تيموثاوس والرسالة إلى تيطس ، والرسالة إلى فليمون ، والرؤيا " .
وقد أضاف ناسخ مجهول في القرن الخامس عشر الميلادي هذه الرسائل , وينتهي إنجيل مرقس في هذه النسخة عند الجملة 16/9 ، وترك بعده بياض
2 ) النسخة السينائية: ويقول عنها المدخل الفرنسي:
" والعهد الجديد كامل في الكتاب الخط الذي يقال له المجلد السينائي .. لا بل أضيف إلى العهد الجديد الرسالة إلى برنابا وجزء من ( الراعي ) لهرماس ، وهما مؤلفان لم يحفظا في قانون العهد الجديد صيغته في الأخيرة " ولا تتضمن هذه النسخة خاتمة مرقس 16/9 - 20 ولا يوجد فيها بياض عند هذه الخاتمة بل يبدأ على الفور إنجيل لوقا

3 ) النسخة الإسكندرانية : وتحوي العهد الجديد مع النقص الواضح فيه ، ومن النقص الموجود فيها (1) في أول متى - 25/6 ، (2) وفي يوحنا من 6/51 - 8/52
وتضم أيضاً رسالتي كلمنت - وهما أيضاً ناقصتين - اللتين لم تضما إلى العهد الجديد إضافة إلى زبور غير معترف فيه، وينسب لسليمان، كما فيه أشياء أخرى لم تدخل في الكتاب المقدس
4 ) النسخة الافرايمية : وتحوي هذه النسخة العهد الجديد فقط ، وهي محفوظة في باريس في المكتبة الوطنية ، ويرى المحققون أنها كتبت في القرن السادس أو السابع ، وقال بعضهم : بل القرن الخامس .
5 ) نسخة بيزا : وتعود للقرن الخامس ، وتحوي الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل ، وهي محفوظة في جامعة كمبرج ، وتخلو من كثير من النصوص مثل مقدمة يوحنا . وقد تحرر ناسخها من المخطوطات القديمة التي ينقل عنها أيما تحرر ، فقد قام بكتابة نسب المسيح كما أورده متى ، ثم لما نسخ إنجيل لوقا ولاحظ الفوارق الكبيرة بين قائمتي لوقا ومتى أعاد قائمة متى في إنجيل لوقا ، ولما كانت قائمة متى ناقصة لكثير من الأسماء أضاف الناسخ أسماء إضافية من عنده
6 ) النسخة البازلية : ويفترض تدوينها في القرن الثامن ، وهي محفوظة بجامعة بازل بسويسرا ، وتضم الأناجيل الأربعة بنقص كبير
7 ) نسخة لاديانوس : وترجع هذه النسخة للقرن التاسع ، وهي محفوظة في بولديانا بأكسفورد ، وتضم سفر أعمال الرسل فقط .كما ثمة مخطوطات أخرى متأخرة عنها ، فهي أقل أهمية .
الفرع الثامن
اختلاف مخطوطات العهد الجديد
نلحظ أولاً أن هذه النسخ جميعاً ليست من خط كاتبها أو ليس منها شيء كتب في وجوده، بل إن أولها كتب بعد وفاة كُتاب الأناجيل بما لا يقل عن قرنين من الزمان.

ولا يستطيع النصارى أن يثبتوا سنداً لهذه المخطوطات إلى كتبتها ، واعترف بذلك القسيس فرنج فقال " إن سبب فقدان السند عندنا وقوع المصائب والفتن على المسيحيين إلى مدة ثلاثمائة وثلاث عشرة سنة " لكن رحمة الله الهندي يعتبره عذراً لا يقيلهم من إحضار سند هذه الكتب ، فمثل هذه المسائل لا تقبل من طريق الظن والتخمين . <O
وهذه النسخ وغيرها التي يتحدث النصارى عن كثرتها لا يتفق منها اثنان ، فقد تعرضت للزيادة والنقصان حسب أهواء النساخ وهو ما يعترف به النصارى ومنهم سويجارت الذي يحاول التقليل من أهمية هذه الاختلافات فيقول : " المبادئ العلمية تخبرنا أنه فيما يختص بكتب العهود القديمة إذا توفر لدينا عشر نسخ منها فإننا لا نحتاج بالضرورة إلى الأصل لنضمن تحققنا من النسخة الأصلية ، وعندما نفكر أن لدينا أربعة وعشرين ألف نسخة ، وأن بعض الاختلافات موجودة فيما بين هذه النسخ ، وهذا ما نعترف به ، فالمهم أن جوهر النص لم يتغير" .
لكن الدكتور روبرت في كتابه " حقيقة الكتاب المقدس " يرد ذلك ويخالفه ، وكان روبرت قد أعد لمطبعة " تسفنجلي " مذكرة علمية تطبع مع الكتاب المقدس ، ثم منع من طبعها ، ولما سئل عن السبب في منعها قال : " إن هذه المذكرة ستفقد الشعب إيمانه بهذا الكتاب " .
يقول د. روبرت : " لا يوجد كتاب على الإطلاق به من التغييرات والأخطاء والتحريفات مثل ما في الكتاب المقدس " ، وينقل روبرت أن آباء الكنيسة يعترفون بوقوع التحريف عن عمد ، وأن الخلاف محصور فيمن قام بهذا التحريف .
ويقول كينرايم : إن علماء الدين اليوم على اتفاق واحد يقضي بأن الكتاب المقدس وصل إلينا منه أجزاء ضئيلة جداً فقط هي التي لم يتم تحريفها .
ويقول الدكتور روبرت : " لن يدعي أحداً أبداً : أن الله هو مؤلف كل أجزاء هذا الكتاب قد أوحى إلى الكتبة هذه التحريفات أو لم يكن يعرفها أكثر من ذلك " .
يقول موريس نورن في " دائرة المعارف البريطانية " : " إن أقدم نسخة من الأناجيل الرسمية الحالية كتب في القرن الخامس بعد المسيح ، أما الزمان الممتد بين الحواريين والقرن الخامس فلم يخلف لنا نسخة من هذه الأناجيل الأربعة الرسمية ، وفضلاً عن استحداثها وقرب عهد وجودها منا، فقد حرفت هي نفسها تحريفاً ذا بال خصوصاً منها إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا
وعن إنجيل مرقس ، فيتحدث عنه نينهام مفسر إنجيل مرقس ، فيقول : " لقد وقعت تغييرات تعذر اجتنابها ، وهذه حدثت بقصد أو بدون قصد ، ومن بين مئات المخطوطات لإنجيل مرقس ، والتي لا تزال باقية حتى اليوم لا نجد نسختان تتفقان تماماً ، وأما رسائل بولس فلها ستة قراءات مختلفة تماماً "
ويقول : " ليس لدينا أي مخطوطات يدوية يمكن مطابقتها مع الآخرين " ويستعين بما ذكره القس شورر عن مخطوطات الأناجيل وأن بها 50000 اختلاف ، وقال كريسباخ 150000 وتؤكد ذلك دائرة المعارف البريطانية بقولها " إن مقتبسات آباء الكنيسة من العهد الجديد والتي تغطي كله تقريباً تظهر أكثر من مائة وخمسين ألف من الاختلافات بين النصوص " . وممن اعترف بكثرة هذه الاختلافات العالم ميل ، وذكر بأنها ثلاثون ألفاً ، ووافقه القس باركر البروتستانتي ، وأوصل هذه الاختلافات العلامة وتيس تين إلى أزيد من ألف ألف .
ويقول شميت: لا توجد صفحة واحدة من الأناجيل العديدة التي لا تحتوي نصها الأقدم على اختلافات عديدة".
ويحاول النصارى تبرير هذه الاختلافات الكثيرة بين المخطوطات فيقول صاحب كتاب " مرشد الطالبين " : " لا تعجب من وجود اختلافات في نسخ الكتب المقدسة ، لأن قبل ظهور صناعة الطبع في القرن الخامس عشر من الميلاد كانت تنسخ بالخط ، فكان بعض النساخ جاهلاً وبعضهم غافلاً وساهياً " ، لكن الحق أن هناك تحريفاً متعمداً وهو ما أقر به المدخل الفرنسي للعهد الجديد " إن نسخ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة . بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية .. هناك فوارق أخرى بين الكتب الخط تتناول معنى فقرات برمتها واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير , فإن نص العهد الجديد قد نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء ... يضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحياناً عن حسن نية أن يصوبوا ما جاء في مثالهم ، وبدا لهم أنه يحتوي أخطاء واضحة أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي ، وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطأ ، ثم يمكن أن يضاف إلى ذلك كله أن الاستعمال لكثير من الفقرات من العهد الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة أدى أحياناً إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت على التلاوة بصوت عال.
ومن الواضح أن ما أدخله النساخ من التبديل على مر القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذي وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مثقلاً بمختلف ألوان التبديل .. والمثال الأعلى الذي يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يمحص هذه الوثائق المختلفة ، لكي يقيم نصاً يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول، ولا يمكن في حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه". ويؤكد هذا كله جورج كيرد رئيس الجمعية الكندية لدراسة الكتاب المقدس بقوله : " كان يحفظ النص في مخطوطات نسختها أيدي مجهدة لكتبة كثيرين ، ويوجد اليوم من هذه المخطوطات 4700 ما بين قصاصات من ورق إلى مخطوطات كاملة على رقائق من الجلد أو القماش . إن نصوص جميع هذه المخطوطات تختلف اختلافاً كبيراً ، ولا يمكننا الاعتماد بأن أياً منها قد نجا من الخطأ .. إن أغلب النسخ الموجودة من جميع الأحجام قد تعرضت لتغييرات أخرى على يد المصححين الذين لم يكن عملهم دائماً إعادة القراءة الصحيحة ''
 
أمثلة لتحريف النساخ :
وذكر المحققون أمثلة صريحة لتدخل النساخ في النص عن عمد ، منه ما جاء فيمتى( متى 24/15 - 16 )" 15"فإذا رَأيتُم "نَجاسَةَ الخَرابِ" التي تكلَّمَ علَيها النَّبـيٌّ دانيالُ قائِمةً في المكانِ المُقَدَّ?ِ (إفهَمْ هذا أيٌّها القارئْ)، 16فَلْيَهرُبْ إلى الجِبالِ مَنْ كانَ في اليهودِيَّةِ.
فلفظه " (إفهَمْ هذا أيٌّها القارئْ)، " من زيادة الناسخ .وما معنى في المكانالمُقَدَّ?ِ . وجدناها في بعض النسخ ( المقدس ).
ومثله ما جاء في آخر يوحنا ( يوحنا 21/24 ) " 23فشاعَ بَينَ الإخوةِ أنَّ هذا التِّلميذَ لا يَموتُ، معَ أنَّ يَسوعَ ما قالَ لبُطرُسَ إنَّهُ لا يَموتُ، بل قالَ لَه: «لَو شِئتُ أنْ يَبقى إلى أنْ أَجيءَ، فَماذا يَعنيكَ؟« 24وهذا التِّلميذُ هوَ الذي يَشهَدُ بِهذِهِ الأمورِ ويُدوِّنُها، ونَحنُ نَعرِفُ أنَّ شَهادَتَهُ صادِقَةِ." فقوله " ونَحنُ نَعرِفُ أنَّ شَهادَتَهُ صادِقَةِ " من زيادة النساخ .
ومثله ما جاء في يوحنا ( يوحنا 19/34 - 36 ) 34ولكِنَ أحدَ الجُنودِ طَعَنَهُ بِحَربَةٍ في جَنبِهِ، فخَرَجَ مِنهُ دَمٌ وماءٌ. 35والذي رأى هذا يَشهَدُ بِه وشهادَتُهُ صَحيحَةِ، ويَعرِفُ أنَّهُ يَقولُ الحقَ حتى تُؤمِنوا مِثلَه. 36وحدَثَ هذا ليَتِمَ قَولُ الكتابِ: «لَنْ يَنكسِرَ لَه عَظْمٌ«. 37وجاءَ في آيةٍ أُخرى: «سيَنظُرونَ إلى الذي طَعَنوه«.
فالعدد 37 من قول الكاتب وفي نسخة الأرثوذكس نجد النص كالتالي :" للوقت خرج دم وماء ، والذين عاين شهد ، وشهادته حق ، وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم ".
فالجملة الأخيرة أراد الناسخ بها التأكيد والتنبيه على صدق يوحنا ، وهي ليست من كتابته .

الفرع التاسع

هل العهد الجديد كلمة اللـه ؟؟

من هم كتبة العهد الجديد؟ .. إنهم كثيرون ولكن أشهرهم على الإطلاق هو بولس ، فهل كان بولس رسولاً ؟.إن بولس أشهر كتبة العهد الجديد، وأهم الإنجيليين على الإطلاق، فقد كتب 14 رسالة تشكل ما يقارب النصف من العهد الجديد، وفيها فقط تجد العديد من العقائد النصرانية، إنه مؤسس النصرانية وواضع عقائدها؟ وهو الوحيد الذي ادعى النبوة دون سائر الإنجيليين.
فمن هو وكيف أصبح رسولاً؟.
أهمية بولس في الفكر النصراني : تقوم النصرانية المحرفة وعمادها الرئيس رسائل بولس ،فقد كانت رسائله أول ما خط من سطور العهد الجديد والذي جاء متناسقاً إلى حد ما مع رسائل بولس لا سيما إنجيل يوحنا، فيما رفضت الكنيسة النصرانية تلك الرسائل التي تتعارض مع نصرانية بولس التي طغت على النصرانية الأصلية التي نادى بها المسيح وتلاميذه من بعده. و هذا الأثر الذي تركه بولس في النصرانية لا يغفل ولا ينكر، مما حدا بالكاتب مايكل هارت في كتابه"الخالدون المائة" أن يجعل بولس أحد أهم رجال التاريخ أثراً إذ وضعه في المرتبة السادسة بينما كان المسيح في المرتبة الثالثة,و قد برر هارت وجود النبي صلى الله عليه وسلم في المرتبة الأولى، وتقدمه على المسيح الذي يعد المنتسبون لدينه الأكثر على وجه الأرض، فقال: "فالمسيحية لم يؤسسها شخص واحد، وإنما أقامها اثنان: المسيح عليه السلام والقديس بولس، ولذلك يجب أن يتقاسم شرف إنشائها هذان الرجلان. فالمسيح عليه السلام قد أرسى المبادئ الأخلاقية للمسيحية، وكذلك نظراتها الروحية وكل ما يتعلق بالسلوك الإنساني. وأما مبادئ اللاهوت فهي من صنع القديس بولس"، ويقول هارت: "المسيح لم يبشر بشيء من هذا الذي قاله بولس الذي يعتبر المسئول الأول عن تأليه المسيح". وقد خلت قائمة مايكل هارت من تلاميذ المسيح الذين غلبتهم دعوة بولس مؤسس المسيحية الحقيقي، بينما كان الامبرطور قسطنطين صاحب مجمع نيقية (325م) في المرتبة الثامنة والعشرين.
1- بولس وسيرته وأهميته كما في الكتاب المقدس والمصادر المسيحية
ولد بولس لأبوين يهوديين في مدينة طرسوس في آسيا الصغرى ، ونشأ فيها وتعلم حرفة صنع الخيام، ثم ذهب إلى أورشليم، فأكمل تعليمه عند رجل يدعى غمالائيل أحد أشهر معلمي الناموس في أورشليم (انظر أعمال 22/39، 18/3،23/3).وقد أسماه والده "شاول "و معناه:"مطلوب" ، ثم سمى نفسه بعد تنصره "بولس" ومعناه "الصغير" (أعمال 13/9).و لا تذكر المصادر النصرانية لقيا بولس المسيح، وأول ذكر لبولس فيما يتصل بالنصرانية شهوده محاكمة وقتل استفانوس أحد تلاميذ المسيح، ويذكر بولس أنه كان راضياً عن قتله (انظر أعمال 8/1) فقد كان يهودياً معادياً للمسيحيين الأوائل.و يحكي سفر الأعمال عن اضطهاد بولس للكنيسة وأنه " كان يسطو على الكنيسة وهو يدخل البيوت، ويجر رجالاً ونساءً ، ويسلمهم إلى السجن"(أعمال 8/3).و يذكر سفر الأعمال تنصر بولس بعد زعمه بأنه رأى المسيح (بعد رفع المسيح) فبينما هو ذاهب إلى دمشق في مهمة لرؤساء الكهنة رآه في الفضاء، ويزعم أنه أعطاه حينئذ منصب النبوة، فكان مما قاله المسيح له كما زعم: " ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت، وبما سأظهر لك به، منقذاً إياك من الشعب، ومن الأمم الذين أنا أرسلك إليهم، لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلماتٍ إلى نور، ومن سلطان الشيطان إلى الله ، حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين" (أعمال 16/16-18).
و مكث بولس ثلاثة أيام في دمشق ، ثم غادرها إلى العربية ( يطلق اسم العربية في الكتاب المقدس ويراد منه جزيرة العرب كما قد يراد به بعض المواقع شمال الجزيرة كسيناء وجنوب الشام.انظر قاموس الكتاب المقدس،ص615).ثم عاد إليها " ثم بعد ثلاثة سنين صعدت إلى أورشليم لأتعرف ببطرس، فمكثت عنده خمسة عشر يوماً" (غلاطية 1/18).ثم بدأ دعوته في دمشق فحاول اليهود قتله، فهرب إلى أورشليم فرحب به برنابا، وقدمه للتلاميذ الذين يصفه أعمال الرسل بأنهم " يخافونه غير مصدقين أنه تلميذ" (أعمال9/26).ثم ذهب للدعوة في قيصرية( جنوب حيفا ) ،ثم سافر مع برنابا إلى آسيا الصغرى، ثم حضر مجمع أورشليم مع التلاميذ، ثم رجع إلى أنطاكيا، واختلف فيها مع برنابا بسبب ( زعمته الأناجيل ) وهو إصراره على اصطحاب مرقس معهما في رحلتهما التبشرية، وعندها افترقا.و استمر بولس يدعو إلى المسيحية في أماكن عدة من أوربا سجن خلالها مرتين إحداهما في روما سنة 64م ، ثم ثانيةً عام 67 ، وقتل عام 68م.وتذكر بعض المصادر أنه أسر مرة واحدة عام 64م وفيها مات.
2- بعض الملامح في شخصية بولس كما وردت في رسائله
و لا بد من سبر هذه الشخصية الهامة في تاريخ المسيحية بقراءة الرسائل المنسوبة إليه أو ما جاء عنه في سفر أعمال الرسل. وعند السبر سنجد ملاحظات هامة.
تناقضات قصة الرؤية والنبوة المزعومة : زعم بولس أنه لقي المسيح بعد ثلاث سنوات من رفعه، حين كان متجهاً إلى دمشق ، لكن عند التحقيق في قصة رؤية بولس للمسيح يتبين أنها إحدى كذبات بولس وأوهامه، ودليل لذلك يتضح بالمقارنة بين روايات القصة في العهد الجديد حيث وردت القصة ثلاث مرات: أولاها في أعمال الرسل9/3-22،
[3وبَينَما هوَ يَقتَرِبُ مِنْ دِمَشقَ، سَطَعَ حَولَهُ بغتةً نُورٌ مِنَ السَّماءِ، 4فوقَعَ إلى الأرضِ، وسَمِعَ صَوتًا يَقولُ لَه: «شاوُلُ، شاوُلُ، لِماذا تَضطَهِدُني؟« 5فقالَ شاوُلُ: «مَنْ أنتَ، يا ربُّ؟« فأجابَهُ الصوتُ: «أنا يَسوعُ الذي أنتَ تَضْطَهِدُهُ. [صَعْبٌ علَيكَ أنْ تُقاوِمَني«. 6فقالَ وهوَ مُرتَعِبٌ خائِفِ: «يا ربُّ، ماذا تُريدُ أن أعمَلَ؟« فقالَ لَه الرَّبُّ:] «قُمْ واَدخُلِ المدينةَ، وهُناكَ يُقالُ لَكَ ما يَجبُ أنْ تَعمَلَ«. 7وأمَّا رِفاقُ شاوُلَ فوَقَفوا حائِرينَ يَسمَعونَ الصَّوتَ ولا يُشاهِدونَ أحدًا. 8فنهَضَ شاوُلُ عَنِ الأرضِ وفتَحَ عَينَيهِ وهوَ لا يُبصِرُ شيئًا. فقادوهُ بِـيَدِهِ إلى دِمَشقَ. 9فبَقِيَ ثلاثةَ أيّامِ مكفوفَ البَصَرِ لا يأكُلُ ولا يَشرَبُ.10وكانَ في دِمَشقَ تِلميذٌ اَسمُهُ حَنانيَّا. فناداهُ الرَّبُّ في الرُؤيا: «يا حَنانيَّا! « أجابَهُ: «نعم، يا ربُّ! « 11فقالَ لَه الرَّبُّ: «قُمِ اَذهَبْ إلى الشـارِعِ المَعروفِ بالمستَقيمِ، واَسألْ _في بَيتِ يَهوذا عَنْ رَجُلٍ مِنْطَرسوسَ اَسمُهُ شاوُلُ. وهوَ الآنَ يُصلِّي، 12فيَرى في الرُؤيا رَجُلاً اَسمُهُ حنانيَّا يَدخُلُ ويَضَعُ يَدَيهِ علَيهِ فيُبصرُ«. 13فأجابَهُ حنانيَّا: «يا ربُّ، أخبَرَني كثيرٌ مِنَ النـاسِ كم أساءَ هذا الرَّجُلُ إلى قِدِّيسيكَ في أُورُشليمَ. 14وهوَ هُنا الآنَ ولَه سُلْطَةِ مِنْ رُؤساءِ الكَهنَةِ أنْ يَعتَقِلَ كُلَ مَنْ يَدعو باَسمِكَ«. 15فقالَ لَه الرَّبُّ: «إذهَبْ، لأنِّي اَختَرتُهُ رَسولاً لي يَحمِلُ اَسمي إلى الأُمَمِ والمُلوكِ وبَني إِسرائيلَ. 16وسأُريهِ كم يَجبُ أنْ يَتَحَمَّلَ مِنَ الآلامِ في سبيلِ اَسمي«.17فذهَبَ حنانيَّا ودخَلَ البَيتَ ووضَعَ يَدَيهِ على شاوُلَ وقالَ: «يا أخي شاوُلُ، أرسَلَني إلَيكَ الرَّبُّ يَسوعُ الذي ظهَرَ لَكَ وأنتَ في الطَّريقِ التي جِئتَ مِنها، حتى يَعودَ البَصَرُ إلَيكَ وتَمتلئ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ« 18فتَساقَطَ مِنْ عَينَيهِ ما يُشبِهُ القُشُورَ، وعادَ البَصَرُ إلَيهِ، فقامَ وتَعَمَّدَ. 19ثُمَ أكَلَ، فعادَت إلَيهِ قِواهُ.
شاول في دمشق
وأقامَ شاوُلُ بِضعَةَ أيّامِ معَ التلاميذِ في دِمَشقَ، 20ثُمَ سارَعَ إلى التَبشيرِ في المَجامِعِ بأنَّ يَسوعَ هوَ اَبنُ الله. 21فكانَ السّامِعونَ يَتعجَّبونَ ويَقولونَ: «أما كانَ هذا الرَّجُلُ في أُورُشليمَ يَضطَهِدُ كُلَ مَنْ يَدعو بِهذا الاسمِ؟ وهَلْ جاءَ إلى هُنا إلاَّ ليَعتَقِلَهُم ويَعودَ بِهِم إلى رُؤساءِ الكَهنَةِ؟« 22لكِنَ شاوُلَ كانَ يَزدادُ قُوَّةً في تَبشيرِهِ، فأثارَ الحيرةَ في عُقولِ اليَهودِ المُقيمينَ في دِمَشقَ بِحُجَجِهِ الدّامِغةِ على أنَّ يَسوعَ هوَ المَسيحُ. 23وبَعدَ مُدَّةٍ مِنَ الزَّمنِ وضَعَ اليَهودُ خُطَّةً ليَقتُلوهُ، 24فوصَلَ خَبرُها إلَيهِ. وكانوا يُراقِبونَ أبوابَ المدينةِ ليلَ نهارَ لِيَغتالوهُ، 25فأخذَهُ التلاميذُ ليلاً ودَلُّوهُ مِنَ السُّورِ في قُفَّةٍ.]
والثانية من كلام بولس في خطبته أمام الشعب (انظر أعمال 22/6-11)،
[6وبَينَما أنا أقْتَرِبُ مِنْ دِمشقَ، سطَعَ فَجأةً حَولي عِندَ الظُّهرِ نُورٌ باهِرٌ مِنَ السَّماءِ، 7فوَقعتُ إلى الأرضِ، وسَمِعتُ صَوتًا يَقولُ لي: شاوُلُ، شاوُلُ، لِماذا تَضطهِدُني؟ 8فأجَبْتُ: مَنْ أنتَ يا ربُّ؟ قالَ: أنا يَسوعُ النـاصِريُّ الذي تَضْطَهِدُهُ. 9وكانَ الذينَ مَعي يَرونَ النـورَ ولا يَسمَعونَ صَوتَ مَنْ يُخاطِبُني. 10فَقلتُ: ماذا أعمَلُ، يا ربُّ؟ فقالَ ليَ الرَّبُّ: قُمْ واَدخُلْ إلى دِمشقَ، وهُناكَ يُقالُ لكَ ما يَجبُ علَيكَ أنْ تَعمَلَ. 11وكُنتُ فَقَدْتُ بَصري مِنْ شِدَّةِ ذلِكَ النورِ الباهِرِ، فقادَني رِفاقي بِيَدي حتى دَخَلْتُ دِمشقَ. ].
والثالثة أيضاً من رواية بولس أمام الملك أغريباس (انظر أعمال26/12-18)،
12فسافَرْتُ إلى دِمشقَ وبِـيدي سُلطةِ وتَفويضٌ مِنْ رُؤساءِ الكَهنَةِ. 13وفي الطَّريقِ عِندَ الظُّهرِ، رأيتُ أيُّها المَلِكُ نُورًا مِنَ السَّماءِ أبهى مِنْ شُعاعِ الشَّمسِ يَسطَعُ حَولي وحَولَ المُسافِرينَ مَعي. 14فوقَعْنا كُلُّنا إلى الأرضِ، وسَمِعْتُ صَوتًا يَقولُ لي بالعبرِيَّةِ: شاولُ! شاولُ! لِماذا تَضطهِدُني؟ صَعبٌ علَيكَ أنْ تُقاوِمَني. 15فقُلتُ: مَنْ أنتَ يا ربُّ؟ قالَ الرَّبُّ: أنا يَسوعُ الذي تَضطهِدُهُ أنتَ. 16قُمْ وقِفْ على قَدَمَيكَ لأنِّي ظَهرَتُ لكَ لأجعَلَ مِنكَ خادِمًا لي وشاهِدًا على هذِهِ الرُؤيا التي رأيتَني فيها، وعلى غَيرِها مِنَ الرُؤى التي سأَظهرُ فيها لكَ. 17سأُنقِذُكَ مِنْ شَعبِ إِسرائيلَ ومِنْ سائِرِ الشُّعوبِ التي سأُرسِلُكَ إلَيهِم 18لِتفتَحَ عُيونَهُم فيَرجِعوا مِنَ الظَّلامِ إلى النُّورِ، ومِنْ سُلطانِ الشَّيطانِ إلى الله، فينالوا بإيمانِهِم بي غُفرانَ خطاياهُم وميراثًا معَ القدِّيسينَ.
كما أشار بولس للقصة في مواضع متعددة في رسائله.
و لدى دراسة القصة في مواضعها الثلاث يتبين تناقضها في مواضع:
1- جاء في الرواية الأولى (أعمال/9) "و أما الرجال المسافرون معه، فوقفوا صامتين يسمعون الصوت، ولا ينظرون أحداً"(أعمال9/7)،[ 7وأمَّا رِفاقُ شاوُلَ فوَقَفوا حائِرينَ يَسمَعونَ الصَّوتَ ولا يُشاهِدونَ أحدًا.]
بينما جاء في الرواية الثانية (أعمال 22/9) [9وكانَ الذينَ مَعي يَرونَ النـورَ ولا يَسمَعونَ صَوتَ مَنْ يُخاطِبُني.]
فهل سمع المسافرون الصوت ؟ أم لم يسمعوه؟
2- جاء في الرواية الأولى والثانية أن المسيح طلب إلى بولس أن يذهب إلى دمشق حيث سيخبر بالتعليمات هناك: [«يا ربُّ، ماذا تُريدُ أن أعمَلَ؟« فقالَ لَه الرَّبُّ: «قُمْ واَدخُلِ المدينةَ، وهُناكَ يُقالُ لَكَ ما يَجبُ أنْ تَعمَلَ«.]( أعمال9/6).
[ 10فَقلتُ: ماذا أعمَلُ، يا ربُّ؟ فقالَ ليَ الرَّبُّ: قُمْ واَدخُلْ إلى دِمشقَ، وهُناكَ يُقالُ لكَ ما يَجبُ علَيكَ أنْ تَعمَلَ.] (أعمال22/10).
بينما يذكر بولس في الرواية الثالثة (أعمال 26/16-18) أن المسيح أخبره بتعليماته بنفسه، فقد قال له:[ 16قُمْ وقِفْ على قَدَمَيكَ لأنِّي ظَهرَتُ لكَ لأجعَلَ مِنكَ خادِمًا لي وشاهِدًا على هذِهِ الرُؤيا التي رأيتَني فيها، وعلى غَيرِها مِنَ الرُؤى التي سأَظهرُ فيها لكَ. 17سأُنقِذُكَ مِنْ شَعبِ إِسرائيلَ ومِنْ سائِرِ الشُّعوبِ التي سأُرسِلُكَ إلَيهِم 18لِتفتَحَ عُيونَهُم فيَرجِعوا مِنَ الظَّلامِ إلى النُّورِ، ومِنْ سُلطانِ الشَّيطانِ إلى الله، فينالوا بإيمانِهِم بي غُفرانَ خطاياهُم وميراثًا معَ القدِّيسينَ ].
فحدث بهذه الأهمية في تاريخ بولس ثم النصرانية لا يجوز أن تقع فيه مثل هذه الاختلافات، يقول العلامة أحمد عبد الوهاب:"إن تقديم شهادتين مثل هاتين (الرواية الأولى والثالثة) أمام محكمة ابتدائية في أي قضية، ولتكن حادثة بسيطة من حوادث السير على الطرق لكفيل برفضهما معاً، فما بالنا إذا كانت القضية تتعلق بعقيدة يتوقف عليها المصير الأبدي للملايين من البشر" إذ بعد هذه الحادثة أصبح شاول الرسول بولس مؤسس المسيحية الحقيقي.و يستغرب هنا كيف ينقل شخص من الكفر والعداوة إلى القديسية والرسالة من غير أن يمر حتى بمرحلة الإيمان .فمن الممكن تصديق التحول من فرط العداوة إلى الإيمان ،أما إلى النبوة والرسالة من غير إعداد وتهيئة فلا،ومن المعلوم أن أحداً من الأنبياء لم ينشأ على الكفر،فهم معصومون من ذلك .
و لنا أن نتساءل كيف لبولس أن يجزم بأن من رآه في السماء وكلمه كان المسيح، إذ هو لم يلق المسيح طوال حياته.
نفاقه وكذبه :
و من الأمور التي وقف عليها المحققون في شخصية بولس تلونه ونفاقه واحترافه للكذب في سبيل الوصول لغايته. فهو يهودي فريسي ابن فريسي (انظر أعمال 23/6)،[ 6وكانَ بولُسُ يَعرِفُ أنّ بَعضَهُم صدّوقيّونَ والبَعضَ الآخَرَ فَرِّيسيّونَ، فَصاحَ في المَجلِسِ: «أيُّها الإخوةُ، أنا فَرِّيسيًّ اَبنُ فَرِّيسيٍّ. وأنا أحاكَمُ الآنَ لأنِّي أرجو قيامَةَ الأمواتِ«. ] لكنه عندما خاف من الجلد قال في (أعمال22/25) [25فلمَّا مَدَّدوهُ ورَبَطوهُ ليَجلِدوهُ، قالَ لِلضابِطِ الواقفِ بِجانِبِه: «أيَحِقُّ لكُم أنْ تَجلِدوا مُواطنًا رومانِـيُا مِنْ غَيرِ أنْ تُحاكِموهُ؟« ].
وبولس يستبيح الكذب والتلون للوصول إلى غايته فيقول في (كورنثوس(1)9/20-21).[ 20فَصِرتُ لليَهودِ يَهودِيُا لأربَحَ اليَهودَ، وصِرتُ لأهلِ الشَّريعةِ مِنْ أهلِ الشَّريعةِ وإنْ كُنتُ لا أخضَعُ للشَّريعةِ لأربَحَ أهلَ الشَّريعةِ، 21وصِرتُ للذينَ بِلا شريعةٍ كالذي بِلا شريعةٍ لأربَحَ الذينَ هُمْ بِلا شريعةٍ، معَ أنَّ لي شَريعةً مِنَ الله بِخُضوعي لِشريعةِ المَسيحِ، ] .
ويستبح بولس الكذب فيقول في (رومية 3/7).[ 7وإذا كانَ كَذِبي يَزيدُ ظُهورَ صِدقِ الله مِنْ أجلِ مَجدِهِ، فَلِماذا يَحكُمُ عليٍ الله كما يَحكُمُ على الخاطِئِ؟ ]
عدم تلقيه الدين والهدي من تلاميذ المسيح :
و رغم أنه لم يلق المسيح فإن بولس يعتبر نفسه في مرتبة التلاميذ، لا بل يفوقهم أنظر إليه يقول [11فاَعلَموا، أيُّها الإخوَةُ، أنَّ البِشارَةَ التي بَشَّرتُكُم بِها غَيرُ صادِرَةٍ عَنِ البَشَرِ. 12فأنا ما تَلقَّيتُها ولا أخَذتُها عَنْ إنسانٍ، بَل عَنْ وَحيٍ مِنْ يَسوعَ المَسيحِ. 13سَمِعتُم بِسيرَتي الماضِيَةِ في ديانَةِ اليَهودِ وكيفَ كُنتُ أضْطَهِدُ كَنيسةَ الله بِلا رَحمَةٍ وأُحاوِلُ تَدميرَها 14وأفوقُ أكثرَ أبناءِ جِيلي مِنْ بَني قَومي في دِيانَةِ اليَهودِ وفي الغَيرَةِ الشَّديدَةِ على تَقاليدِ آبائي.15ولكِنَ الله بِنِعمَتِهِ اَختارَني وأنا في بَطنِ أُمِّي فدَعاني إلى خِدمَتِهِ. 16وعِندَما شاءَ أنْ يُعلِنَ اَبنَهُ فيَّ لأُبشِّرَ بِه بَينَ الأُمَمِ، ما اَستَشَرتُ بَشَرًا 17ولا صَعِدتُ إلى أُورُشليمَ لأرى الذينَ كانوا رُسُلاً قَبلي، بل ذَهَبتُ على الفَورِ إلى بلادِ العَرَبِ ومِنها عُدتُ إلى دِمَشقَ. 18وبَعدَ ثلاثِ سَنواتٍ صَعِدتُ إلى أُورُشليمَ لأرى بُطرُسَ، فأقَمتُ عِندَهُ خَمسةَ عشَرَ يومًا، 19وما رَأَيتُ غَيرَهُ مِنَ الرُّسُلِ سِوى يَعقوبَ أخي الرَّبِّ. 20ويَشهَدُ الله أنِّي لا أكذِبُ في هذا الذي أكتبُ بِه إلَيكُم. ] (غلاطية1/11-18).
ويؤكد بولس على تميزه عن سائر التلاميذ وانفراده عنهم ،و يصفهم بالإخوة فيقول: [ الكذبة المدخلين خفية، الذين دخلوا اختلاساً…الذين لم نذعن لهم بالخضوع ولا ساعة، فإن هؤلاء المعتبرين لم يشيروا علي بشيء، بل على العكس إذ رأوا أني اؤتمنت على إنجيل الغرلة كما بطرس على إنجيل الختان](غلاطية 2/4-7) فما هو إنجيل الغرلة وما هو إنجيل الختان ؟ والإجابة نجدها في النسخة المصححة والمنقحة والمنشورة على الإنترنت هكذا : [ 4معَ أنَّ إخوَةً دُخَلاءَ كَذّابـينَ دَسُّوا أنفُسَهُم بَينَنا لِيَتَجَسَّسوا الحُرِّيَّةَ التي لنا في المَسيحِ يَسوعَ، فيَستَعبِدونا. 5وما اَستَسْلَمْنا لهُم خاضِعينَ ولَو لَحظَةً، حتى نُحافِظَ على صِحَّةِ البِشارَةِ كما عَرَفتُموها.6أمَّا الذينَ كانوا يُعتَبَرونَ مِنْ كبارِ المُؤمنينَ -ولا فَرقَ عِندي ما كانَت علَيهِ مكانتُهُم لأنَّ الله لا يُحابي أحدًا فما أضافوا شيئًا، 7بَل رأَوا أنَّ الله عَهِدَ إليَ في تَبشيرِ غَيرِ اليَهودِ كما عَهِدَ إلى بُطرُسَ في تَبشيرِ اليَهودِ، ] (غلاطية 2/4-7).
و هكذا يؤكد بولس بأن ما يحمله في تبشيره لم يتلقاه عن تلاميذ المسيح، بل هو من الله مباشرة.
3- بولس الرسول
كما يرفض المحققون وسم النصارى لبولس بالرسول، فقد رفضوا كما أسلفنا قصة تجلي المسيح له، كما وجدوا في أقواله ما لا يصدر من نبي ورسول.فمن ذلك إساءته الأدب مع الله في قوله: " لأن جهالة الله أحكم من الناس، وضعف الله أقوى من الناس" (كورنثوس(1)1/25) وفي النص المعدل والمنقح والمنشور على الإنترنت تم التخفيف من وصف الله سبحانه وتعالى بالجهالة إلى وصفه جل علاه بالحماقة ـ تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ـ [25فما يَبدو أنَّهُ حماقَةِ مِنَ الله هوَ أحكمُ مِنْ حِكمَةِ الناسِ، وما يَبدو أنَّهُ ضُعفٌ مِنَ الله هوَ أقوَى مِنْ قُوَّةِ الناسِ. ] (كورنثوس(1)1/25) فلا يقبل أن يقال بأن لله ضعفاً أو جهالة أو حماقة من أحد، سواء كان رسولاً أو غير رسول، وصدور مثله عن الرسل محال ،إذ هم أعرف الناس بربهم العليم القوي المتعال.
ومثله يتطابق مع ما جاء به من إلغائه الناموس [ شريعة موسى عليه السلام ] واحتقاره له ووصفه بالعتق والشيخوخة ، و مثل هذا الموقف لا يكون من الأنبياء والرسل الذين تأتي دعوتهم لتؤكد على طاعة الله وتدعو إلى السير وفق شريعته، يقول: [ 18وهكذا بطَلَتِ الوَصِيَّةُ السّابِقَةُ ـ التوراة ـ لِضُعفِها وقِلَّةِ فائِدَتِها، 19لأنَّ شريعَةَ موسى ما حَقَّقَتِ الكَمالَ في شيءٍ، فحلَ محَلَّها رَجاءٌ أفضَلُ مِنها نتَقَرَّبُ بِه إلى الله. ] ( عبرانيين 7/18 - 19 ). ويقول عن الناموس أيضاً [7فلَو كانَ العَهدُ الأوَّلُ لا عيبَ فيهِ، لما دَعَتِ الحاجَةُ إلى عَهدٍ آخَرَ.]( عبرانيين 8/7 ).
و يحكي بولس عن نفسه وضعفه أمام الشهوات بما لا يليق بأحوال الأنبياء، فيقول:
[15لا أفهَمُ ما أعمَلُ، لأنَّ ما أُريدُه لا أعمَلُهُ، وما أكرَهُهُ أعمَلُهُ. 16وحينَ أعمَلُ ما لا أُريدُهُ، أوافِقُ الشريعةَ على أنَّها حقِ. 17فلا أكونُ أنا الذي يعمَلُ ما لا يُريدُهُ، بَلِ الخَطيئَةُ التي تَسكُنُ فيَّ، 18لأنِّي أعلَمُ أنَّ الصّلاحَ لا يَسكُنُ فيَّ، أي في جسَدي. فإرادةُ الخَيرِ هِيَ بإِمكاني، وأمَّا عمَلُ الخَيرِ فلا. 19فالخَيرُ الذي أُريدُهُ لا أعمَلُهُ، والشَّرُّ الذي لا أُريدُهُ أعمَلُه. 20وإذا كُنتُ أعمَلُ ما لا أُريدُهُ، فما أنا الذي يَعمَلُه، بَلِ الخَطيئَةُ التي تَسكُنُ فيَّ.21وهكذا أجِدُ أنِّي في حُكْمِ هذِهِ الشريعةِ، وهيَ أنِّي أُريدُ أنْ أعمَلَ الخَيرَ ولكِنَ الشَّرَ هوَ الذي بإمكاني. 22وأنا في أعماقِ كِياني أبتَهِجُ بِشريعةِ الله، 23ولكنِّي أشعُرُ بِشريعَةٍ ثانِيَةٍ في أعضائي تُقاوِمُ الشريعةَ التي يُقِرُّها عَقلي وتَجعَلُني أسيرًا لِشريعةِ الخَطيئَةِ التي هِيَ في أعضائي. 24ما أتعسني أنا الإنسانُ! فمَنْ يُنَجِّيني مِنْ جَسَدِ الموتِ هذا؟] (رومية 7/15-24).
و أما المعجزات المذكورة له في الرسائل كقوله في أعمال [3ولكِنَ بولُسَ وبَرنابا أقاما هُناكَ مُدَّةً طويلةً يُجاهِرانِ بالرَّبِّ. وكانَ الرَّبُّ يشهَدُ لِكلامِهما على نِعمَتِه بما أجرى على أيدِيهما من العجائِبِ والآياتِ. ] (أعمال 14/3)..
فلا تصلح دليلاً على نبوته لقول المسيح محذراً: [4فأجابَهُم يَسوعُ: "اَنتَبِهوا لِـئلاّ يُضلَّلَكُم أحدٌ. 5سيَجيءُ كثيرٌ مِنَ النّاسِ مُنتَحِلينَ اَسمي، فيقولونَ: أنا هوَ المَسيحُ! .ويَخدعونَ كثيرًا مِنَ النّاسِ. 6وستَسمَعونَ بالحُروبِ وبِأخبارِ الحُروبِ، فإيّاكُم أن تَفزَعوا. فهذا لا بُدَّ مِنهُ، ولكنَّها لا تكونُ هيَ الآخِرةَ. 7ستَقومُ أُمَّةٌ على أُمَّةٍ، ومَملَكَةٌ على مملَكَةٍ، وتَحدُثُ مجاعاتٌ وزَلازِلُ في أماكِنَ كثيرةٍ. 8وهذا كُلٌّهُ بَدءُ الأوجاعِ.9وفي ذلِكَ الوَقتِ يُسلَّمونَكُم إلى العَذابِ ويَقتُلونَكُم. وتُبغِضُكُم جميعُ الأُممِ مِنْ أجلِ اَسمي. 10ويَرتَدٌّ عَنِ الإيمانِ كثيرٌ مِن النّاسِ، ويَخونُ بعضُهُم بَعضًا ويُبغِضُ واحدُهُم الآخَرَ. 11ويَظهَرُ أنبـياءُ كذّابونَ كثيرونَ ويُضلَّلونَ كثيرًا مِنَ النّاسِ. 12ويَعُمٌّ الفَسادُ، فَتبرُدُ المَحبَّةُ في أكثرِ القُلوبِ. 13ومَنْ يَثبُتْ إلى النَّهايَةِ يَخلُصْ. 14وتَجيءُ النَّهايةُ بَعدَما تُعلَنُ بِشارةُ مَلكوتِ الله هذِهِ في العالَمِ كُلَّهِ، شَهادةً لي عِندَ الأُمَمِ كُلَّها.15"فإذا رَأيتُم "نَجاسَةَ الخَرابِ" التي تكلَّمَ علَيها النَّبيٌّ دانيالُ قائِمةً في المكانِ المُقَدَّس (إفهَمْ هذا أيٌّها القارئْ)، 16فَلْيَهرُبْ إلى الجِبالِ مَنْ كانَ في اليهودِيَّةِ. 17ومَنْ كانَ على السَّطحِ، فلا يَنزِلْ لِيأخُذَ مِنَ البَيتِ حوائجَهُ. 18ومَنْ كانَ في الحَقْلِ فلا يَرجِعْ ليَأخُذَ ثَوبَهُ. 19الوَيلُ لِلحَبالى والمُرضِعاتِ في تِلكَ الأيّامِ. 20صَلٌّوا لِئلاَّ يكونَ هرَبُكُم في الشَّتاءِ أو في السَّبتِ. 21فسَتَنزِلُ في ذلِكَ الوقتِ نكبةٌ ما حدَثَ مِثلُها مُنذُ بَدءِ العالَمِ إلى اليومِ، ولن يَحدُثَ. 22ولولا أنَّ الله جعَلَ تِلكَ الأيّامَ قَصيرةً، لَما نَجا أحدٌ مِنَ البشَرِ. ولكِنْ مِنْ أجلِ الَّذينَ اَختارَهُم جعَلَ تِلكَ الأيّامَ قصيرةً. 23فإذا قالَ لكُم أحدٌ: ها هوَ المَسيحُ هُنا، أو ها هوَ هُناكَ! فلا تُصدَّقوهُ، 24فسيَظهرُ مُسَحاءُ دجّالونَ وأنبـياءُ كذّابونَ، يَصنَعونَ الآياتِ والعَجائبَ العَظيمةَ ليُضَلَّلوا، إنْ أمكَنَ، حتَّى الذينَ اَختارَهُمُ الله. 25ها أنا أُنذِرُكُم. ] (متى24/4-25).
و قد حذر المسيح من خداع هؤلاء الكذبة للعوام بما يزعمونه من معجزات، وعليه فلتنظر إلى شفاؤه للمُقْعِد كما جاء في أعمال [في لِسْترَةَ رَجُلٌ عاجِزٌ كسيحٌ مُنذُ مَولِدِهِ، ما مَشى في حياتِهِ مرَّةً. 9وبَينَما هوَ يُصغي إلى كلامِ بولُسُ، نظَرَ إلَيهِ بولُسَ فرَأى فيهِ مِنَ الإيمانِ ما يَدعو إلى الشِّفاءِ، 10فقالَ لَه بأعلى صوتِهِ: «قُمْ وقِفْ مُنتصِبًا على رِجْلَيكَ!« فنهَضَ يَمشي. ] (أعمال 14/8). وإحياؤه أفتيخوس في أعمال [9وهُناكَ فتى اَسمُهُ أفتيخوسُ جالِسًا عِندَ النافِذَةِ. فأخَذَهُ النُّعاسُ، وبولُسُ يَستَرسِلُ في الكلامِ، حتى غَلَبَ علَيهِ النـومُ، فوقَعَ مِنَ الطَبَقَةِ الثالِثَةِ إلى أسفلُ وحُمِلَ مَيْــتًا.10فنَزَلَ بولُسُ واَرتَمى علَيهِ وحَضَنَهُ، وقالَ: «لا تَقلَقوا، فهوَ حيُّ«. 11وصَعِدَ إلى الغُرفَةِ العُليا وكسَرَ الخُبزَ وأكَلَ. وحَدَّثَهُم طويلاً إلى الفَجرِ ومَضى. 12فجاؤُوا بِالفَتى حَيُا، فكانَ لهُم عزاءٌ كبيرٌ. ] ( أعمال 20/9-12).
وبالإضافة إلى هذا كله فقد كانت ثمار بولس بدع الهلاك التي أدخلها في المسيحية وهي : إلوهية المسيح، الصلب والفداء، عالمية النصرانية، إلغاء الشريعة .
إبطال نسبة الأناجيل والرسائل للحواريين
تعود أسفار العهد الجديد السبعة والعشرون إلى ثمانية مؤلفين تفاوتت مقادير كتاباتهم ، ففي حين لم تزد رسالة يهوذا عن صفحتين فإن لبولس ما يربو على المائة صفحة . وأيضاً يتفاوت قرب هؤلاء من المسيح ، ففي حين أن يهوذا وبطرس ويوحنا من تلاميذه الاثنى عشر ، فإن لوقا ومرقس لم يلقيا المسيح ، فيما لم يتنصر بولس إلا بعد رفع المسيح .
والنصارى يعتبرون هؤلاء المؤلفين الثمانية بشراً ملهمين كتبوا ما أملاه عليهم روح القدس وفق أسلوبهم ، وقد ثبت لدينا عدم إلهامية كتبة العهد الجديد فيما سبق .
ولكن هل تصح نسبة الكتب إلى هؤلاء الثمانية؟ وبالذات إلى متى ويوحنا وبطرس الذين يفترض أنهم من أخص تلاميذ المسيح أم أن النسبة هي أيضاً محرفة ؟ وهل من الممكن أن يصدر هذا الكلام - الذي في العهد الجديد - من حواريي المسيح الذين رباهم طوال سني رسالته، وذكرهم القرآن بالثناء الحسن ؟ .
إن هذا كله جعل المحققين من المسلمين يرون أن هذه الأسفار لا يمكن أن تصدر عن تلاميذ المسيح المؤمنين، فاهتموا لذلك بدراسة وتوثيق نسبة هذه الأسفار إليهم.
 



الفرع العاشر

كتبة الاناجيل



ولسوف لن نتوقف طويلا مع توثيق نسبة بعض الأسفار ، لأن كتبتها ليسوا من تلاميذ المسيح، وعليه فلا يهمنا إن كان كاتب إنجيلي مرقس ولوقا هما مرقس ولوقا أو أياً من النصارى الذين عاشوا في نهاية القرن الأول، إذ أي من هؤلاء ليس بمعصوم ولا ملهم ولا يحمل ثناء واحداً من المسيح عليه السلام، ومثله نصنع في رسائل بولس عدو المسيح الذي ادعى الرسالة والعصمة، وهو لم يلق المسيح البتة.


أولاً: إنجيل متى


وهو أول إنجيل يطالعك وأنت تقرأ في الكتاب المقدس، ويتكون هذا الإنجيل من ثمانية وعشرين إصحاحاً تحكي عن حياة المسيح ومواعظه من الميلاد وحتى الصعود إلى السماء.

وتنسبه الكنيسة للحواري متى أحد التلاميذ الإثنى عشر الذين اصطفاهم المسيح ، وتزعم أن هذا الكتاب قد ألهمه من الروح القدس . وترجح المصادر أن متى كتب إنجيليه لأهل فلسطين ، أي لليهود المتنصرين ، وتختلف المصادر اختلافاً كبيراً في تحديد تاريخ كتابته ، لكنها تكاد تجمع على أنه كتب بين 37 - 64 م .

وأما لغة كتابة هذا الإنجيل فيكاد يُجمع المحققون على أنها العبرانية، ورأى بعضهم بأنها السريانية أو اليونانية.

ولعل أهم هذه الشهادات شهادة أسقف هرابوليس الأسقف بابياس 155م حين قال : " قد كتب متى الأقوال بالعبرانية ، ثم ترجمها كل واحد إلى اليونانية حسب استطاعته " كما يقول ايريناوس أسقف ليون 200م بأن متى وضع إنجيلاً للعبرانيين كتب بلغتهم .

ولما كانت جميع مخطوطات الإنجيل الموجودة يونانية فقد تساءل المحققون عن مترجم الأصل العبراني إلى اليونانية، في ذلك أقوال كثيرة لا دليل عليها البتة، فقيل بأن مترجمه متى نفسه، وقيل: بل يوحنا الإنجيلي.

والصحيح ما قاله القديس جيروم ( 420م ):" أن الذي ترجم متى من العبرانية إلى اليونانية غير معروف"، بل لعل مترجمه أكثر من واحد كما قال بابياس .

وقد قال نورتن الملقب " بحامي الإنجيل " عن عمل هذا المترجم المجهول: " إن مترجم متى كان حاطب ليل، ما كان يميز بين الرطب واليابس. فما في المتن من الصحيح والغلط ترجمه".

1- التعريف بمتى :

فمن هو متى ؟ وما صلته بالإنجيل المنسوب إليه؟ وهل يحوي هذا الإنجيل كلمة الله ووحيه ؟ في الإجابة عن هذه الأسئلة تناقل المحققون ماذكره علماء النصارى في ترجمة متى ، فهو أحد التلاميذ الاثنى عشر، وكان يعمل عشاراً في كفر ناحوم ، وقد تبع المسيح بعد ذلك .

وتذكر المصادر التاريخية أنه رحل إلى الحبشة ، وقتل فيها عام 70 م ، ولم يذكر في العهد الجديد سوى مرتين كلها في إنجيله ، في متى 10/3 [2وهذِهِ أسماءُ الرٌّسُلِ الاثني عشَرَ: أوَّلُهُم سِمْعانُ المُلَقَّبُ بِبُطرُسَ وأخوهُ أندَراوُسُ، ويَعقوبُ بنُ زَبدي وأخوهُ يوحنّا، 3وفيلُبٌّسُ وبَرْتولماوُسُ، وتوما ومتَّى جابـي الضَّرائبِ، ويَعقوبُ بنُ حَلْفَى وتَدّاوسُ، ].

والثانية في لوقا 6/15 [ 15ومتَّى وتوما، ويَعقوبُ بنُ حَلْفى وسِمعانُ المُلقَّبُ بالوَطنيِّ الغيورِ،] .

وأما في بقية الأناجيل فقد ذكر مرقس أن العشار هو لاوي بن حلفي.. انظر مرقس 2/15[15وكانَ يَسوعُ يأكُلُ في بَيتِ لاوِي، فجلَسَ معَهُ ومعَ تلاميذِهِ كثيرونَ مِنَ الذينَ تَبِعوهُ مِنْ جُباةِ] ، ولوقا 5/27 ) [27وخرَجَ يَسوعُ بَعدَ ذلِكَ، فرأى جابـيًا لِلضرائِبِ اَسمُهُ لاوي، جالِسًا في بَيتِ الجِبايَةِ، فقالَ لَه يَسوعُ: «اَتبَعْني!« 28فقامَ وترَكَ كُلَ شيءٍ وتَبِعَهُ. ] ولم يذكرا متى . وتزعم الكنيسة أن متى العشار هو لاوي بن حلفي .

2- أدلة الكنيسة على صحة نسبة الإنجيل إلى متى :

وتؤكد الكنيسة بأن متى هو كاتب الإنجيل ، وتستند لأمور ذكرها محررو قاموس الكتاب المقدس ، أهمها : " الشواهد والبينات الواضحة من نهج الكتابة بأن المؤلف يهودي متنصر " وأيضاً " لا يعقل أن إنجيلاً خطيراً كهذا - هو في مقدمة الأناجيل - ينسب إلى شخص مجهول، وبالأحرى أن ينسب إلى أحد تلاميذ المسيح ".

وأيضاً " يذكر بابياس " في القرن الثاني الميلادي أن متى قد جمع أقوال المسيح "

وأخيراً " من المسلم به أن الجابي عادة يحتفظ بالسجلات ، لأن هنا من أهم واجباته لتقديم الحسابات،وكذلك فإن هذا الإنجيلي قد احتفظ بأقوال المسيح بكل دقة ".

3- ملاحظات على إنجيل متى:

ومن خلال ما سبق رأى المحققون أن لا دليل عند النصارى على صحة نسبة الإنجيل لمتى، بل إن الأدلة قامت بخلافه. إذ في الإنجيل أموراً كثيرة تدل على أن كاتبه ليس متى الحواري، ومن هذه الأدلة:

- أن متى اعتمد في إنجيله على إنجيل مرقس ، فقد نقل من مرقس 600 فقرة من فقرات مرقس الستمائة والاثني عشر ، كما اعتمد على وثيقة أخرى تسمى M

يقول ج ب فيلبس في مقدمته لإنجيل متى : " إن القديس متى كان يقتبس من إنجيل القديس مرقس ، وكان ينقحه محاولاً الوصول إلى تصور أحسن وأفضل لله ".

ويضيف القس فهيم عزيز أن اعتماد متى على مرقس حقيقة معروفة لدى جميع الدارسين، فإذا كان متى هو كاتب الإنجيل فكيف ينقل عن مرقس الذي كان عمره عشر سنوات أيام دعوة المسيح ؟ كيف لأحد التلاميذ الإثني عشر أن ينقل عنه ؟

- ثم إن إنجيل متى قد ذكر متى العشار مرتين ، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى أنه الكاتب ، فقد ذكره بين التلاميذ الإثنى عشر ، ولم يجعله أولاً ولا آخراً ، ثم لما تحدث عن اتباعه للمسيح قال: [9وسارَ يَسوعُ مِنْ هُناكَ، فرأى رَجُلاً جالِسًا في بَيتِ الجِبايةِ اَسمُهُ متَّى. فَقالَ لَه يَسوعُ: "إتْبَعني". فقامَ وتَبِعَهُ ] ( متى 9/9 ).

فاستخدم أسلوب الغائب ، ولو كان هو الكاتب لقال : " قال لي " ، " تبعته " " رآني "، فدل ذلك على أنه ليس الكاتب ، وهنا يجدر التنبيه على أمر هام ، وهو أن مرقس ذكر القصة ذاتها، وسمى عامل الضرائب لاوي بن حلفي ( انظر مرقس 2/15 ) فهل لاوي بن حلفي هو نفسه متى؟ هل هذا هو الاسم التنصيري للاوي كما تزعم الكنيسة ؟ .

يقول جون فنتون مفسر متى وعميد كلية اللاهوت بلينشفيلد بأنه لا يوجد دليل على أن متى هو اسم التنصير للاوي ، ويرى أنه من المحتمل " أنه كانت هناك بعض الصلات بين متى التلميذ والكنيسة التي كتب من أجلها هذا الإنجيل، ولهذا فإن مؤلف هذا الإنجيل نسب عمله إلى مؤسس تلك الكنيسة أو معلمها الذي كان اسمه متى، ويحتمل أن المبشر كاتب الإنجيل قد اغتنم الفرصة التي أعطاه إياها مرقس عند الكلام على دعوة أحد التلاميذ ، فربطها بذلك التلميذ الخاص أحد الإثني عشر ( متى ) الذي وقره باعتباره رسول الكنيسة التي يتبعها " .

- ثم إن التمعن في الإنجيل يبين مدى الثقافة التوراتية الواسعة التي جعلت منه أكثر الإنجيليين اهتماماً بالنبوءات التوراتية عن المسيح ، وهذا لا يتصور أن يصدر من عامل ضرائب ، وهذا لن يكون من كتابة متى العشار . يقول أ. تريكو في شرحه للعهد الجديد (1960م ): إن الاعتقاد بأن متى هو عشار في كفر ناحوم ناداه عيسى ليتعلم منه ، لم يعد مقبولاً ، خلافاً لما يزعمه آباء الكنيسة.

4- منكرو نسبة الإنجيل إلى التلميذ متى:

وقد أنكر كثير من علماء المسيحية في القديم والحديث صحة نسبة الإنجيل لمتى يقول فاستس في القرن الرابع : " إن الإنجيل المنسوب إلى متى ليس من تصنيفه " ، وكذا يرى القديس وليمس . والأب ديدون في كتابه " حياة المسيح" .

ويقول ج ب فيلبس: " نسب التراث القديم هذه البشارة إلى الحواري متى، ولكن معظم علماء اليوم يرفضون هذا الرأي ".

ويقول د برونر : " إن هذا الإنجيل كله كاذب " .

ويقول البرفسور هارنج : إن إنجيل متى ليس من تأليف متى الحواري ، بل هو لمؤلف مجهول أخفى شخصيته لغرض ما .

وجاء في مقدمة إنجيل متى للكاثوليك: " أما المؤلف، فالإنجيل لا يذكر عنه شيئاً وتقاليد الكنيسة تنسبه إلى الرسول متى، ولكن البحث في الإنجيل لا يثبت ذلك الرأي أو يبطله على وجه حاسم ".

ويقول القس فهيم عزيز عن كاتب متى المجهول: " لا نستطيع أن نعطيه اسماً، وقد يكون متى الرسول، وقد يكون غيره ".

ويقول المفسر لإنجيل متى جون فنتون في تفسيره عن كاتب متى : " إن ربط شخصيته كمؤلف بهذا التلميذ إنما هي بالتأكيد محض خيال " .

وقد طعنت في صحة نسبة الإنجيل لمتى فرق مسيحية قديمة ، فقد كانت الفرقة الأبيونية ترى البابين الأولين لإنجيل متى إلحاقيين ، ومثلها فرقة يوني تيرين ، ويرون أن البداية الحقيقية لهذا الإنجيل قوله : " في تلك الأيام جاء يوحنا المعمداني .... " ( متى 3/1 ) فتكون بداية الإنجيل قصة يوحنا المعمداني كما هو الحال في مرقس ويوحنا ، ويدل لذلك أيضاً أن قوله " في تلك الأيام " لا يمكن عوده على ما في الإصحاحين السابقين، إذ كان الحديث في آخر الإصحاح الثاني عن قتل هيرودس للأطفال بعد ولادة المسيح ، وهو زمن طفولة المسيح والمعمدان الذي يكبره بستة أشهر ، بينما الإصحاح الثالث يتحدث عن دعوة المعمداني - أي وهو شاب - ، وهذا يعني وجود سقط أو حذف قبل الإصحاح الثالث ، أو أنه البداية الحقيقية للإنجيل .


 
5- من الكاتب الحقيقي لإنجيل متى؟.

وإذا لم يكن متى هو كاتب الإنجيل المنسوب إليه، فمن هو كاتب هذا الإنجيل ؟ .
في الإجابة عن السؤال نقول: نتائج الدراسات الغربية التي أكدت أن هذا الإنجيل قد كتبه غير متى التلميذ ، ونسبه إليه منذ القرن الثاني ، ولربما يكون هذا الكاتب تلميذاً في مدرسة متى .
ويحاول كولمان وشراح الترجمة المسكونية تحديد بعض الملامح لهذا الكاتب ، فالكاتب - كما يظهر في إنجيله - مسيحي يهودي يربط بين التوراة وحياة المسيح ، وهو كما يصفه كولمان : يقطع الحبال التي تربطه باليهودية مع حرصه على الاستمرار في خط العهد القديم ، فهو كاتب يهودي يحترم الناموس ، ويعتبر بذلك من البعيدين عن مدرسة بولس الذي لا يحترم الناموس ، بينما يقول هذا الكاتب " فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس ، هكذا يدعى أصغر في ملكوت السماوات "( متى 5/19 ) . ويرجح كولمان أيضاً أنه عاش في فلسطين ، ويرجح فنتون أنه " كتب في حوالي الفترة من 85 - 105م " (متى مات سنة70) ، وهو يقارب ما ذهب إليه البرفسور هارنج حين قال " إن انجيل متى ألف بين 80 - 100م " .ولو تساءلنا أين الإنجيل الذي كتبه متى كما جاء في شهادة بابياس في القرن الثاني الميلادي ؟ ،وفي الإجابة عن السؤال نقول: فإن بابياس ذكر أن متى كتب وجمع أقوال المسيح ، وما نراه في الإنجيل اليوم هو قصة كاملة عن المسيح وليس جمعاً لأقواله ، كما أن عدم صحة نسبة هذا الإنجيل له لا تمنع من وجود إنجيل آخر قد كتبه ، ولعل من المهم أن نذكر بأن في الأناجيل التي رفضتها الكنيسة إنجيلاً يسمى إنجيل متى ، فلعل بابياس عناه بقوله .
وهكذا رأى المحققون أن ثمة أموراً تمنع القول بأن هذا الإنجيل هو كلمة الله ووحيه وهديه، فهو - وكما يقول الشيخ أبو زهرة - إنجيل " مجهول الكاتب ، ومختلف في تاريخ كتابته ، ولغة الكتابة ، ومكانها ، وتحديد من كتب له هذا الإنجيل ، ثم شخصية المترجم وحاله من صلاح أو غيره وعلم بالدين ، واللغتين التي ترجم عنها ، والتي ترجم إليها ، كل هذا يؤدي إلى فقد حلقات في البحث العلمي .

ثانياً : إنجيل مرقس

ثاني الأناجيل التي تطالعنا في العهد الجديد ، وينسب لمرقس . فمن هو مرقس ؟ وماذا عن كاتب هذا الإنجيل ؟ وهل تصح نسبته لمؤلفه ؟. يتكون إنجيل مرقس من ستة عشر إصحاحاً ، تحكي قصة المسيح من لدن تعميده على يد يوحنا المعمداني إلى قيامة المسيح بعد قتله على الصليب . وهو أقصر الأناجيل - ويعتبره النقاد - كما يقول ولس - أصح إنجيل يتحدث عن حياة المسيح ، ويكاد يجمع النقاد على أنه أول الأناجيل تأليفاً ، وأن إنجيل متى قد نقل عنه . يقول العالم رويس الألماني : إنه كان الأصل الذي اقتبس منه إنجيلا متى ولوقا ، وهذا الإنجيل هو الوحيد بين الأناجيل المسمى بإنجيل المسيح ، إذ أول فقرة فيه " بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله " ( مرقس 1/1 ) .وتزعم المصادر النصرانية أن مرقس كتب إنجيله في روما ، ولعله في الإسكندرية ، وأن كتابته تمت - على اختلاف في هذه المصادر - بين عام 39 - 75م ، وإن رجح أكثرها أن كتابته بين 44 - 75م معتمدين على شهادة المؤرخ ايرينايوس الذي قال : " إن مرقس كتب إنجيله بعد موت بطرس وبولس " . ويرى سبينوزا أن هذا الإنجيل كتب مرتين إحداهما قبل عام 180م والثانية بعده. وأما لغة هذا الإنجيل ، فتكاد المصادر تتفق على أنها اليونانية ، وذكر بعضهم أنها الرومانية أو اللاتينية .
وأقدم ذكر لهذا الإنجيل ورد على لسان المؤرخ بابياس ( 140م ) حين قال : " إن مرقس ألف إنجيله من ذكريات نقلها إليه بطرس " .

1- من هو مرقس ؟

وتناقل المحققون ما رددته المصادر النصرانية في ترجمة مرقس ، والتي يجمعها ما جاء في قاموس الكتاب المقدس عنه ، فهو الملقب بمرقس ، واسمه يوحنا ، وقد رافق مرقس برنابا وبولس في رحلتهما ، ثم فارقهما ، ثم عاد لمرافقة بولس . ويتفق المترجمون له على أنه كان مترجماً لبطرس الذي له علاقة بهذا الإنجيل .
ويذكر المؤرخ يوسيبوس أنه - أي مرقس - أول من نادى برسالة الإنجيل في الإسكندرية، وأنه قتل فيها .
قال بطرس قرماج في كتابه " مروج الأخبار في تراجم الأبرار " عن مرقس : "كان ينكر ألوهية المسيح " .

2- ملاحظات على إنجيل مرقس :

وقد توقف المحققون ملياً مع هذا الإنجيل وكاتبه، وكانت لهم ملاحظات: -
أن مرقس ليس من تلاميذ المسيح ، بل هو من تلاميذ بولس وبطرس . يقول المفسر نينهام مفسر لوقا : " لم يوجد أحد بهذا الاسم عرف أنه كان على صلة وثيقة ، وعلاقة خاصة بيسوع ، أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى " .
وثمة دليل قوي آخر هو شهادة المؤرخ بابياس ( 140م ) حين قال : " اعتاد الشيخ يوحنا أن يقول : إذ أصبح مرقس ترجماناً لبطرس دون بكل تدقيق كل ما تذكره ، ولم يكن مع هذا بنفس الترتيب المضبوط ما رواه من أقوال وأفعال يسوع المسيح ، وذلك لأنه لم يسمع من السيد المسيح فضلاً عن أنه لم يرافقه ، ولكن بالتبعية كما قلت ، التحق ببطرس الذي أخذ يصوغ تعاليم يسوع المسيح لتوائم حاجة المستمعين ، وليس بعمل رواية وثيقة الصلة بيسوع وعن يسوع لأحاديثه " .
كما يقول مفسر مرقس دنيس نينهام قوله " من غير المؤكد صحة القول المأثور الذي يحدد مرقس كاتب الإنجيل بأنه يوحنا مرقس المذكور في ( أعمال الرسل 12/12 ، 25 ) ... أو أنه مرقس المذكور في رسالة بطرس الأولى ( 5/13 ) .. أو أنه مرقس المذكور في رسائل بولس ...
لقد كان من عادة الكنيسة الأولى أن تفترض جميع الأحداث التي ترتبط باسم فرد ورد ذكره في العهد الجديد ، إنما ترجع جميعها إلى شخص واحد له هذا الاسم ، ولكن عندما نتذكر أن اسم مرقس كان أكثر الأسماء اللاتينية شيوعاً في الإمبراطورية الرومانية ، فعندئذ نتحقق من مقدار الشك في تحديد الشخصية في هذه الحالة ". وأهم مسألة شغلت الباحثين بخصوص هذا الإنجيل خاتمته ، فإن خاتمة هذا الإنجيل (16/9 - 20 ) غير موجودة في المخطوطات القديمة المهمة كمخطوطة الفاتيكان والمخطوطة السينائية .
ويقول وليم باركلي : إن النهاية المشهورة - علاوة على عدم وجودها في النسخ الأصلية القديمة - فإن أسلوبها اللغوي يختلف عن بقية الإنجيل ، وقد اعتبرتها النسخة القياسية المراجعة فقرات غير موثوق فيها ، ونقل رحمة الله الهندي أن القديس ( جيروم ) في القرن الخامس ذكر بأن الآباء الأوائل كانوا يشكون في هذه الخاتمة .
وعن الخاتمة الموجودة يقول الأب كسينجر " لابد أنه قد حدث حذف للآيات الأخيرة عند الاستقبال الرسمي ( النشر للعامة ) لكتاب مرقس في الجماعة التي ضمنته .
وبعد أن جرت بين الأيدي الكتابات المتشابهة لمتى ولوقا ويوحنا ، تم توليف خاتمة محترمة لمرقس بالعناصر من هنا ومن هناك لدى المبشرين الآخرين .. وذلك يسمح بتكوين فكرة عن الحرية التي كانوا يعالجون بها الأناجيل " ويعلق موريس بوكاي قائلاً " ياله من اعتراف صريح بوجود التغييرات التي قام بها البشر على النصوص المقدسة .

ثالثاً : إنجيل لوقا

هو ثالث الأناجيل وأطولها، ويتكون من أربعة وعشرين إصحاحاً يتحدث الإصحاحان الأولان عن النبي يحيى وولادة المسيح، ثم تكمل بقية الإصحاحات سيرة المسيح إلى القيامة بعد الصلب.
وأما كتابة هذا الإنجيل فتختلف المصادر في تحديد زمنها بين 53 - 80 م ، وقد اعتمد الكاتب في مصادره على مرقس ، فنقل عنه ثلاثمائة وخمسين من فقراته التي بلغت ستمائة وإحدى وستين فقرة ، كما نقل عن متى أو عن مصدر أخر مشترك بينه وبين متى .

1- من هو لوقا :

وتنسب الكنيسة هذا الإنجيل إلى القديس لوقا ، ولا تذكر المصادر النصرانية الكثير عن ترجمته ، لكنها تتفق على أنه لم يكن من تلاميذ المسيح كما يتضح من مقدمته إذ يقول : " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا ،كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة "( لوقا 1/1 ) .
وتتفق المصادر أيضاً في أنه لم يكن يهودياً ، وأنه رفيق بولس المذكور في كولوسي 4/14 وغيرها ، وأنه كتب إنجيله من أجل صديقه ثاوفيلس " أكتب على التوالي وإليك أيها العزيز ثاوفيلس ، لتعرف صحة الكلام الذي علمت به " ( لوقا 1/3 - 4 ) .وتختلف المصادر في تحديد شخصية ثاوفيلس ، فقال بعضهم : كان من كبار الموظفين الرومان , وقال آخرون : من اليونان , وقال آخرون : بل كان مصرياً من أهل الإسكندرية . وتكاد تتفق المصادر على لوقا أنه كتب له باليونانية، وأما لوقا ، فقيل بأنه كان رومانياً . وقيل إنطاكياً ، وقيل غير ذلك .
وعن مهنته، قيل بأنه كان طبيباً، وقيل: كان مصوراً، لكنه على أي حال مثقف وكاتب قصص ماهر .

2- ملاحظات على إنجيل لوقا :

ويلحظ المحققون على إنجيل لوقا ملاحظات ، أهمها :
1- أن مقدمته تتحدث عن رسالة طابعها شخصي ، وأنها تعتمد على اجتهاده لا على إلهام وحي ، وكان قد لاحظ ذلك أيضاً عدد من محققي النصرانية ، فقد أنكر إلهامية هذا الإنجيل عدد من النصارى منهم مستر كدل في كتابه " رسالة الإلهام " ومثله واتسن، ونسب هذا القول للقدماء من العلماء ، وقال القديس أغسطينوس : " إني لم أكن أؤمن بالإنجيل لو لم تسلمني إياه الكنيسة المقدسة".
2- شك كثير من الباحثين في الإصحاحين الأولين من هذا الإنجيل ، بل إن هذا الشك كما ذكر جيروم يمتد إلى الآباء الأوائل للكنيسة ، وكذلك فرقة مارسيوني فليس في نسختها هذين الإصحاحين .
ويؤكد المحققون بأن لوقا لم يكتب هذين الإصحاحين ، لأنه يقول في أعمال الرسل " الكلام الأول أنشأته ياثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع " ( أعمال 1/1 ) أي معجزاته بدليل تكملة النص " ما ابتدأ يسوع يعلم به إلى اليوم الذي ارتفع فيه " ( أعمال 1/2 ) والإصحاحان الأولان إنما يتكلمان عن ولادة المسيح ، لا عن أعماله . ونقل وارد كاثلك عن جيروم قوله : بأن بعض العلماء المتقدمين كانوا يشكون أيضاً في الباب الثاني والعشرين من هذا الإنجيل .
وهكذا نرى للإنجيل أربعة من الكتاب تناوبوا في كتابة فقراته وإصحاحاته .
3- إن الغموض يلف شخصيته، فهو غير معروف البلد ولا المهنة ولا الجهة التي كتب لها إنجيله تحديداً، ولا تاريخ الكتابة و.... المعروف فقط أنه من تلاميذ بولس ، وأنه لم يلق المسيح فكيف يصح الاحتجاج بمن هذا حاله وجعل كلامه مقدساً ؟ .
 


رابعاً : إنجيل يوحنا

رابع الأناجيل إنجيل يوحنا، وهو أكثر الأناجيل إثارة وأهمية إذ أن هذا الإنجيل كتب لإثبات لاهوت المسيح.

ويتكون هذا الإنجيل من واحد وعشرين إصحاحاً تتحدث عن المسيح بنمط مختلف عن الأناجيل الثلاثة، ويرى المحققون أن كتابته جرت بين 68 - 98م وقيل بعد ذلك، وتنسب الكنيسة هذا الإنجيل ليوحنا الصياد.

ولغة هذا الإنجيل - باتفاق - هي اليونانية ، واختلف في مكان كتابته ، والأغلب أنه في تركيا - وتحديداً في أفسس أو أنطاكيا - ، وقيل الإسكندرية .


1- من هو يوحنا الصياد :


يوحنا بن زبدى الصياد ، وهو صياد سمك جليلي تبع وأخوه يعقوب المسيح ، كما أن والدته سالومة كانت من القريبات إلى المسيح، ويرجح محررو القاموس بأنها أخت مريم والدة المسيح، وقد عاش حتى أواخر القرن الميلادي الأول ، وقال ايرنيموس بأنه عاش إلى سنة 98م ، وتذكر الكنيسة أنه كتب إنجيله في أفسس قبيل وفاته.


2- أدلة النصارى على نسبة الإنجيل إلى يوحنا :


وتستدل الكنيسة لتصحيح نسبة هذا الإنجيل بأدلة ذكرها محررو قاموس الكتاب المقدس وهي :

(1) كان كاتب الإنجيل يهودياً فلسطينياً، ويظهر هذا من معرفته الدقيقة التفصيلية لجغرافية فلسطين ، والأماكن المتعددة في أورشليم وتاريخ وعادات اليهود …ويظهر من الأسلوب اليوناني للإنجيل بعض التأثيرات السامية .

(2) كان الكاتب واحداً من تلاميذ المسيح، ويظهر هذا من استخدامه المتكلم الجمع.. وفي ذكر كثير من التفاصيل الخاصة بعمل المسيح ومشاعر تلاميذه ... ويتضح من ( يوحنا 21/24 ) أن كاتب هذا الإنجيل كان واحداً من تلاميذ المسيح .

(3) كان كاتب الإنجيل هو التلميذ الذي كان المسيح يحبه.. وكان هذا التلميذ هو يوحنا نفسه " .

ويتحدث مؤلف الإنجيل عن سبب تأليفه له فيقول " أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون - إذا آمنتم - حياة باسمه " ( يوحنا 20/31 ) ".

ويوضح محررو قاموس الكتاب المقدس فيقولون : " كان الداعي الآخر إلى كتابة الإنجيل الرابع تثبيت الكنيسة الأولى في الإيمان بحقيقة لاهوت المسيح وناسوته ، ودحض البدع المضلة التي كان فسادها آنذاك قد تسرب إلى الكنيسة ، كبدع الدوكينيين والغنوصيين والكيرنثيين والأبيونيين ... ولهذا كانت غايته إثبات لاهوت المسيح ".

وقد لقي هذا الإنجيل معارضة شديدة للإقرار بقانونيته، فاندفع د. بوست في قاموس الكتاب المقدس يدافع عنه ويقول : " وقد أنكر بعض الكفار قانونية هذا الإنجيل لكراهتهم تعليمه الروحي ، ولا سيما تصريحه الواضح بلاهوت المسيح ، غير أن الشهادة بصحته كافية .

فإن بطرس يشير إلى آية منه ( بطرس (2) 1/14 ، يوحنا 21/18 ) وأغناطيوس وبوليكرس يقتطفان من روحه وفحواه ، وكذلك الرسالة إلى ديوكينتس وباسيلوس وجوستينوس الشهيد وتايناس ، وهذه الشواهد يرجع بنا زمانها إلى منتصف القرن الثاني .

وبناءً على هذه الشهادات، وعلى نفس كتابه الذي يوافق ما نعلمه من سيرة يوحنا نحكم بأنه من قلمه ، وإلا فكاتبه من المكر والغش على جانب عظيم، وهذا الأمر يعسر تصديقه، لأن الذي يقصد أن يغش العالم لا يكون روحياً".


3- إنكار صحة نسبة الإنجيل إلى يوحنا :


وتوجهت جهود المحققين لدراسة نسبة الإنجيل ليوحنا، ومعرفة الكاتب الحقيقي له, فقد أنكر المحققون نسبة الإنجيل ليوحنا الحواري، واستندوا في ذلك إلى أمور منها:

1- أن ثمة إنكار قديماً لصحة نسبته ليوحنا ، وقد جاء هذا الإنكار على لسان عدد من الفرق النصرانية القديمة ، منها فرقة ألوجين في القرن الثاني ، ويقول صاحب كتاب ( رب المجد ) : " وجد منكرو لاهوت المسيح أن بشارة يوحنا هي عقبة كؤود ، وحجر عثرة في سبيلهم ، ففي الأجيال الأولى رفض الهراطقة يوحنا ".

وتقول دائرة المعارف البريطانية: " هناك شهادة إيجابية في حق أولئك الذين ينتقدون إنجيل يوحنا ، وهي أنه كانت هناك في آسيا الصغرى طائفة من المسيحيين ترفض الاعتراف بكونه تأليف يوحنا ، وذلك في نحو 165م ، وكانت تعزوه إلى سرنتهن (الملحد) ولا شك أن عزوها هذا كان خاطئاً .

لكن السؤال عن هذه الطبقة المسيحية البالغة في كثرة عددها إلى أن رآه سانت اييفانيوس جديرة بالحديث الطويل عنها في ( 374 - 377م ) " أسماها القس " ألوغي " ( أي معارضة الإنجيل ذي الكلمة ) .

لئن كانت أصلية إنجيل يوحنا فوق كل شبهة ، فهل كانت مثل هذه الطبقة لتتخذ نحوه أمثال هذه النظريات في مثل هذا العصر ، ومثل هذا البلد ؟ لا وكلا ".

ومما يؤكد خطأ نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا أن جاستن مارتر في منتصف القرن الثاني تحدث عن يوحنا، ولم يذكر أن له إنجيلاً ، واقتبس فيلمو - 165م - من إنجيل يوحنا ، ولم ينسبه إليه .

وقد أُنكر نسبة الإنجيل أمام أرينيوس تلميذ بوليكارب الذي كان تلميذاً ليوحنا ، فلم ينكر أرينيوس على المنكرين ، ويبعد كل البعد أن يكون قد سمع من بوليكارب بوجود إنجيل ليوحنا ، ثم لا يدافع عنه .

وقد استمر إنكار المحققين نسبة هذا الإنجيل عصوراً متلاحقة، فجاءت الشهادات تلو الشهادات تنكر نسبته ليوحنا. منها ما جاء في دائرة المعارف الفرنسية: " ينسب ليوحنا هذا الإنجيل وثلاثة أسفار أخرى من العهد الجديد، ولكن البحوث الحديثة في مسائل الأديان لا تسلم بصحة هذه النسبة.

ويقول القس الهندي بركة الله : " الحق أن العلماء باتوا لا يعترفون دونما بحث وتمحيص بالنظرية القائلة بأن مؤلف الإنجيل الرابع كان القديس يوحنا بن زبدى الرسول ، ونرى النقاد بصورة عامة على خلاف هذه النظرية " .

وعند تفحص الإنجيل أيضاً تجد ما يمتنع معه نسبته الإنجيل للحواري يوحنا ، فالإنجيل يظهر بأسلوب غنوصي يتحدث عن نظرية الفيض المعروفة عند فيلون الإسكندراني ، ولا يمكن لصائد السمك يوحنا أن يكتبه خاصة أن يوحنا عامي كما وصفه سفر أعمال الرسل " فلما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا ، ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم وعاميان تعجبوا " ( أعمال 4/13 ) .

وتقول دائرة المعارف البريطانية : " أما إنجيل يوحنا ، فإنه لا مرية ولا شك كتاب مزور ، أراد صاحبه مضادة حواريين لبعضهما ، وهما القديسان متى ويوحنا .... وإنا لنرأف ونشفق على الذين يبذلون منتهى جهدهم ، وليربطوا ولو بأوهى رابطة ذلك الرجل الفلسفي الذي ألّف هذا الكتاب في الجيل الثاني بالحواري يوحنا الصياد الجليلي ، فإن أعمالهم تضيع عليهم سدى ، لخبطهم على غير هدى ".

وأما ما جاء في خاتمة الإنجيل مما استدل به القائلون بأن يوحنا هو كاتب الإنجيل وهو قوله " هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا ، وكتب هذا ، ونعلم أن شهادته حق " ( يوحنا 21 / 24 ) فهذه الفقرة كما يقول المحققون دليل على عدم صحة نسبة الإنجيل ليوحنا ، إذ هي تتحدث عن يوحنا بصيغة الغائب . ويرى ويست أن هذه الفقرة كانت في الحاشية ، وأضيفت فيما بعد للمتن ، وربما تكون من كلمات شيوخ أفسس . ويؤيده بشب غور بدليل عدم وجودها في المخطوطة السينائية .

ويرى العلامة برنت هلمين استرتير في كتابه " الأناجيل الأربعة " أن الزيادات في متن يوحنا وآخره كان الغرض منها " حث الناس على الاعتراف في شأن المؤلف بتلك النظرية التي كان ينكرها بعض الناس في ذلك العصر" .

ثم إن بعض المؤرخين ومنهم تشارلز الفريد ، وروبرت إيزلز وغيرهما قالوا بأن يوحنا مات مشنوقاً سنة 44م على يد غريباس الأول ، وعليه فليس هو مؤلف هذا الإنجيل، إذ أن هذا الإنجيل قد كتب في نهاية القرن الأول أو أوائل الثاني .


4- من كتب إنجيل يوحنا ؟.


وإذا لم يكن يوحنا هو كاتب الإنجيل، فمن هو الكاتب الحقيقي ؟

يجيب القس فهيم عزيز: " هذا السؤال صعب، والجواب عنه يتطلب دراسة واسعة غالباً ما تنتهي بالعبارة: لا يعلم إلا الله وحده من الذي كتب هذا الإنجيل ".

وحاول البعض الإجابة عن السؤال من خلال تحديد صفات كاتب الإنجيل دون ذكر اسم معين، يقول جرانت: " كان نصرانياً ، وبجانب ذلك كان هيلينياً ، ومن المحتمل أن لا يكون يهودياً ، ولكنه شرقي أو إغريقي ، ونلمس هذا من عدم وجود دموع في عينيه علامة على الحزن عندما كتب عن هدم مدينة لليهود " .

وجاء في مدخل الإنجيل أن بعض النقاد " يترك اسم المؤلف، ويصفونه بأنه مسيحي كتب باليونانية في أواخر القرن الأول في كنائس آسيا ".

وقال مفسر إنجيل يوحنا جون مارش : " ومن المحتمل أنه خلال السنوات العشر الأخيرة من القرن الأول الميلادي قام شخص يدعى يوحنا ، من الممكن أن يكون يوحنا مرقس خلافاً لما هو شائع من أنه يوحنا بن زبدى .. وقد تجمعت لديه معلومات وفيرة عن يسوع ، ومن المحتمل أنه كان على دراية بواحد أو أكثر من الأناجيل المتشابهة ، فقام حينئذ بتسجيل جديد لقصة يسوع ".

وقال المحقق رطشنبدر : " إن هذا الإنجيل كله ، وكذا رسائل يوحنا ليست من تصنيفه ، بل صنفها أحد في ابتداء القرن الثاني ، ونسبه إلى يوحنا ليعتبره الناس " .

ويوافقه استادلن ويرى أن الكاتب " طالب من طلبة المدرسة الإسكندرية ".

وقال الخوري في " تحفة الجيل " بأن كاتب الإنجيل هو تلميذ يوحنا المسمى بروكلوس.

وقال بعض المحققين ومنهم جامس ماك كينون ، واستيريتر في كتابه " الأناجيل الأربعة " بأن يوحنا المقصود هو تلميذ آخر من تلاميذ المسيح وهو ( يوحنا الأرشد ) ، وأن أرينوس الذي نسب إنجيل يوحنا لابن زبدى قد اختلط عليه أمر التلميذين .

وذكر جورج إيلتون في كتابه " شهادة إنجيل يوحنا " أن كاتب هذا الإنجيل أحد ثلاثة : تلميذ ليوحنا الرسول أو يوحنا الشيخ ( وليس الرسول ) أو معلم كبير في أفسس مجهول الهوية .

لكن ذلك لم يفت في عضد إيلتون الذي ما زال يعتبر إنجيل يوحنا مقدساً ، لأنه " مهما كانت النظريات حول كاتب هذا الإنجيل، فإن ما يتضح لنا جلياً بأن كاتبه كان لديه فكرة الرسول ، فإذا كتبه أحد تلاميذه فإنه بلا مراء كان مشبعاً بروحه .. ".

كما ذهب بعض المحققين إلى وجود أكثر من كاتب للإنجيل ، منهم كولمان حين قال : " إن كل شيء يدفع إلى الاعتقاد بأن النص المنشور حالياً ينتمي إلى أكثر من مؤلف واحد ، فيحتمل أن الإنجيل بشكله الذي نملكه اليوم قد نشر بواسطة تلاميذ المؤلف ، وأنهم قد أضافوا إليه "، ومثله يقول المدخل لإنجيل يوحنا .

ومن هذا كله ثبت أن إنجيل يوحنا لم يكتبه يوحنا الحواري، ولا يعرف كاتبه الحقيقي، ولا يصح بحال أن ننسب العصمة والقداسة لكاتب مجهول لا نعرف من يكون.

وعند غض الطرف عن مجهولية الكاتب واستحالة القول بعصمته عندئذ ، فإن ثمة مشكلات تثار في وجه هذا الإنجيل نبه المحققون إليها منها : اختلاف هذا الإنجيل عن باقي الأناجيل الثلاثة رغم أن موضوع الأناجيل الأربعة هو تاريخ المسيح .

إذ تتشابه قصة المسيح في الأناجيل الثلاثة ، بينما يظهر الإنجيل الرابع غريباً بينها ، فمثلاً : هو الإنجيل الوحيد الذي تظهر فيه نصوص تأليه المسيح ، بل هو أنشىء لإثبات ذلك كما يقول المفسر يوسف الخوري: " إن يوحنا صنف إنجيله في آخر حياته بطلب من أساقفة كنائس آسيا وغيرها ، والسبب : أنه كانت هناك طوائف تنكر لاهوت المسيح " .

ولما لم يكن في الأناجيل الثلاثة ما يدفع أقوال هذه الطوائف ، أنشأ يوحنا إنجيله ، وهذا المعنى يؤكده جرجس زوين، فيقول عن أساقفة آسيا أنهم اجتمعوا " والتمسوا منه أن يكتب عن المسيح ، وينادي بإنجيل مما لم يكتبه الإنجيليون الآخرون " .

ويقول الأب روغيه في كتابه المدخل إلى الإنجيل :" إنه عالم آخر ، فهو يختلف عن بقية الأناجيل في اختيار الموضوعات والخطب والأسلوب والجغرافيا والتاريخ ، بل والرؤيا اللاهوتية ".

وهذه المغايرة أوصلته إلى تقديم صورة للمسيح مغايرة تماماً عما في الأناجيل الثلاثة والتي يسميها البعض : " المتشابهة " أو " الإزائية " ، لذا تقول دائرة المعارف الأمريكية: " من الصعب الجمع بين هذا الإنجيل والأناجيل الثلاثة ، بمعنى أن لو قدرنا أنها صحيحة لتحتم أن يكون هذا الإنجيل كاذباً " .

يقول السير آرثر فندلاي في كتابه " الكون المنشور " معبرا عن هذا الاختلاف : " إن إنجيل يوحنا ليس له قيمة تستحق الذكر في سرد الحوادث الأكيدة ، ويظهر أن محتوياته لعب فيها خيال الكاتب دوراً بعيداً ".

ومن المشكلات التي تواجه هذا الإنجيل أيضاً أن أيدي المحرفين نالت هذا الإنجيل ، فأضافت فيه رواية المرأة الزانية ( انظر يوحنا 8/1 - 11 ) والتي يقول عنها مدخل هذا الإنجيل: " هناك إجماع على أنها من مرجع مجهول في زمن لاحق". وقد حذفت هذه القصة من النسخة القياسية المراجعة (R. S. V) لاعتبارها عبارة دخيلة على الإنجيل.


خامساً : رسائل العهد الجديد


يلحق بالأناجيل الأربعة عدد من الرسائل وهي : ( سفر أعمال الرسل - رسائل بولس الأربع عشر - رسالة يعقوب - رسالتا بطرس - رسائل يوحنا الثلاث - رسالة يهوذا - رؤيا يوحنا اللاهوتي) .

1- أعمال الرسل :

ويتكون هذا السفر من ثمان وعشرين إصحاحاً تتحدث عن الأعمال التي قام بها الحواريون والرسل الذي نزل عليهم روح القدس يوم الخمسين ( 2/1 - 4 ) ، من دعوة ومعجزات ، كما يتحدث عن شاول ودعوته ورحلاته وقصة تنصره وبعض معجزاته .

وينسب هذا السفر إلى لوقا مؤلف الإنجيل الثالث حيث جاء في افتتاحيته : " الكلام الأول أنشأته ياثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله .... " ( أعمال 1/1 ).

ولكن يبطله تناقض إنجيل لوقا مع سفر الأعمال في مسألة الصعود إلى السماء إذ يفهم من إنجيل لوقا أن صعود المسيح للسماء كان في يوم القيامة ( لوقا 24/13 - 51 ) وفي أعمال الرسل يتحدث عن ظهور المسيح بعد القيامة " أربعين يوماً " ( أعمال 1/3 ) وهذا الاختلاف يكذب الرأي القائل بأن كاتب الإنجيل والسفر واحد .

2- رسائل بولس :

وتنسب هذه الرسائل إلى القديس بولس ، وتمتلئ بعبارات تدل على أنه كاتبها .وهذه الرسائل أربع عشرة رسالة.

وتصطبغ الرسائل أيضاً بالصبغة الشخصية لبولس ، فهي ليست لاهوتية الطابع ، بل رسائل شخصية لها ديباجة وخاتمة ...

وليس ثمة إجماع على صحة نسبة هذه الرسائل إلى بولس ، بل إن بعض المحققين يميل إلى أن أربع رسائل منسوبة إليه كتبت بيد بعض تلاميذه بعد وفاته بعشرين سنة كما ذكرت دائرة المعارف البريطانية.

ويشكك أرجن في شرحه لإنجيل يوحنا بجميع رسائل بولس المرسلة إلى الكنائس فيقول : " إن بولس ما كتب شيئاً إلى جميع الكنائس ، والذي كتبه هو سطران أو أربعة سطور ".

أما الرسالة إلى العبرانيين خصوصاً فكان النزاع حولها أشد ، فحين تنسبها الكنيسة الشرقية إلى بولس فإن لوثر يقول بأنها من وضع أبلوس ، بينما يقول تارتوليان المؤرخ في القرن الميلادي الثاني : " إنها من وضع برنابا " ويقول راجوس ( من علماء البروتستانت ) : " إن فريقاً من علماء البروتستانت يعتقدون كذب الرسالة العبرانية ..." .

3- الرسائل الكاثوليكية ورؤيا يوحنا اللاهوتي :

وهذه الرسائل سبع رسائل ثلاث منها ليوحنا، وثنتان لبطرس، وواحدة لكل من يهوذا ويعقوب ثم رؤيا يوحنا اللاهوتي.

وعرف المحققون بأصحاب هذه الرسائل وهم من التلاميذ الإثنى عشر.

فبطرس هو صياد سمك في كفر ناحوم ، ويعرف بسمعان ، ويرجح محررو قاموس الكتاب المقدس أنه كان من تلاميذ يوحنا المعمدان قبل أن يصحب المسيح ، ويتقدم على سائر تلاميذه ، وقد دعا في أنطاكية وغيرها ، ثم قتل في روما في منتصف القرن الميلادي الأول.

ويذكر بطرس قرماج في " مروج الأخبار " أن بطرس ومرقس ينكران ألوهية المسيح . وأما يعقوب فهو ابن زبدى الصياد - أخو يوحنا الإنجيلي - من المقربين للمسيح ، وقد تولى رئاسة مجمع أورشليم سنة 34م ، وقد كانت وفاته قتلاً على يد أغريباس الأول عام 44م على الأرجح ، وقال آخرون : قتله اليهود حين طرحوه من جناح الهيكل ورموه بالحجارة سنة 62م .

وأما يهوذا فلا تقدم المصادر عنه تعريفاً سوى أن تذكر أنه اختلف فيه هل هو يهوذا أخو يعقوب الصغير أي انه ابن زبدى ، أم أنه الحواري الذي يدعى لباوس الملقب تداوس ؟ .

وهذه الرسائل تعليمية في محتوياتها ، شخصية في طريقة تدبيجها ، تحوي في مقدمتها اسم مؤلفها غالباً .

ورغم ذلك فإن نسبة هذه الرسائل كانت محل جدل طويل في قرون النصرانية الأولى ، وينطبق على أكثرها ما ذكرناه في رسالة بولس إلى العبرانيين ، حيث تأخر الاعتراف إلى أواسط القرن الرابع الميلادي برسالة بطرس الثانية ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة ورسالتي يعقوب ويهوذا ، ورؤيا يوحنا اللاهوتي الذي كان موضع جدل كبير قبل إقراره، إذ يحوي هذا السفر رؤيا منامية غريبة هدفها تقرير ألوهية المسيح ، وإثبات سلطانه في السماء ، وخضوع الملائكة له ، إضافة إلى بعض التنبؤات المستقبلية التي صيغت بشكل رمزي وغامض .

ويسيء النص بل ويلحد، وهو يصف الله أنه على شكل خروف رآه يوحنا جالساً على عرشه، فيقول: "من أجل ذلك هم أمام عرش الله، ويخدمونه نهاراً وليلاً في هيكله، والجالس على العرش يحل فوقهم. لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد، ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحرّ، لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حيّة، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم..." (الرؤيا 7/15-18).

ويمضي النص فيتحدث عن حرب التنين وملائكته مع الخروف الجالس على العرش وملائكته، ويتنبئ بهزيمة التنين " هؤلاء سيحاربون الخروف، والخروف يغلبهم، لأنه رب الأرباب وملك الملوك، والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون" (الرؤيا 17/14).

وهذه الرؤيا رآها يوحنا في منامه وهي مسطرة في سبعة وعشرين صفحة !! ومثل هذا يستغرب في المنامات ولا يعهد.

وقد شكك آباء الكنيسة الأوائل كثيراً في هذا السفر , يقول ( كيس برسبتر الروم ) 212م : " إن سفر المشاهدات ( الرؤيا ) من تصنيف سرنتهن الملحد " ، ومثله قاله ديونسيش من القدماء .

ويقول المدخل لهذا السفر قوله " لا يأتينا سفر يوحنا بشيء من الإيضاح عن كاتبه لقد أطلق على نفسه اسم يوحنا ، ولقب نبي ، ولم يذكر قط أنه أحد الإثنى عشر . هناك تقليد كنسي وهو أن كاتب الرؤيا هو الرسول يوحنا.. بيد أنه ليس في التقليد القديم إجماع على ذلك ، وقد بقي المصدر الرسولي لسفر الرؤيا عرضة للشك ، وآراء المفسرين في عصرنا متشعبة ، ففيهم من يؤكد أن الاختلاف في الإنشاء والبيئة والتفكير اللاهوتي تجعل نسبة الرؤيا والإنجيل الرابع إلى كاتب واحد أمراً عسيراً .

يخالفهم آخرون يرون أن الرؤيا والإنجيل يرتبطان بتعليم الرسول على يد كتبة ينتمون إلى بيئات أفسس" .

ومما نقله المحققون في تكذيب نسبة الرسائل الكاثوليكية أو بعضها على الأقل تكذيب هورن لها ، واحتج بعدم وجودها في الترجمة السريانية.

ونقل راجوس تكذيب علماء البروتستانت صحة نسبتها للحواريين ، ويقول جيمس ميك : إن الدلائل تثبت أن كاتب هذه الرسالة (رسالة يعقوب) ليس يعقوب .

وقال المؤرخ يوسي بيس في تاريخه " ظُن أن هذه الرسالة جعلية ، لكن كثيراً من القدماء ذكروها ، وكذا ظُن في حق رسالة يهوذا، لكنها تستعمل في كثير من الكنائس".

وعن رسالة يهوذا يقول المحقق كروتيس في كتابه " تاريخ البيبل " : " هذه الرسالة رسالة يهوذا الأسقف الذي كان خامس عشر من أساقفة أورشليم في عهد سلطنة أيد دين " ، فجعل هذا المحقق رسالة يهوذا من عمل أسقف عاش في القرن الثاني الميلادي .

كما لا تسلم الكنيسة السريانية حتى الآن بصحة الرسالة الثانية لبطرس ، والثانية والثالثة ليوحنا ، ويقول اسكالجر : من كتب الرسالة الثانية لبطرس فقد ضيع وقته.
 
الفرع الحادي عشر

قانونية العهد الجديد

وإذا كانت هذه الأناجيل والرسائل من صنع البشر وتأليفهم، وإذا كان أصحابها لم يدعوا لأنفسهم أنهم يسجلون كلمة الله، فكيف أضحت هذه الكتابات مقدسة وإلهية؟ وأين الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى، والذي يؤمن به المسلمون ؟

أولاً: الإنجيل الصحيح: إنجيل المسيح

تساءل المحققون طويلاً عن إنجيل المسيح الذي أنزله الله على عيسى ، ذلكم الإنجيل الذي يؤمن به المسلمون والذي تذكره الأناجيل كثيراً .
لكن الإجابة النصرانية هي صمت مطبق وتجاهل لوجود الإنجيل ، فنقطة البدء عندهم للإنجيل أو العهد الجديد تبدأ من الحواريين وهم يسطرون الرسائل والأناجيل .
لكن هذه الرسائل التي ألفت في النصف الثاني من القرن الأول تتحدث في نصوص كثيرة عن إنجيل المسيح ، ولا تذكر شيئاً عن الأناجيل التي لم يكن مرقس - أول الإنجيليين - قد خط شيئاً منها، إذ أن بولس – ولـه أربعة عشر رسالة في العهد الجديد - قتل سنة 62 بينما ألف مرقس أول الأناجيل عام 65م ، ثم تتابعت العشرات من الأناجيل بعد ذلك وهي تشير أيضاً إلى إنجيل المسيح أو إنجيل الله .

نصوص تتحدث عن إنجيل المسيح:

تحدث بولس ثم الإنجيليون عن إنجيل المسيح في نصوص كثيرة منها: قول بولس: " إني أعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعاً عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر .. يوجد قوم يريدون أن يحولوا إنجيل المسيح .. " ( غلاطية 1/6 - 8 ) ، فهو يتحدث عن إنجيل حقيقي يتركه الناس إلى إنجيل آخر مزور.
ومثله قول بولس " بل نتحمل كل شيء لئلا نجعل عائقاً لإنجيل المسيح .. أمر الرب أن الذين ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون " ( كورنثوس (1) 9/12 - 14 ).
ويقول متوعداً: " الذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع ، الذين سيعاقبون بهلاك أبدي "
( تسالونيكي (2) 1/8 - 9 ) .
وفي الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل حديث عن إنجيل حقيقي، ففي أعمال الرسل أن بطرس قام وقال: " أيها الرجال الإخوة : أنتم تعلمون أنه منذ أيام قديمة اختار الله بيننا أنه بفمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل ويؤمنون " ( أعمال 15/7 ) .
وعندما سكبت المرأة الطيب عند قدمي المسيح قال: " الحق أقول لكم حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أيضاً بما فعلته هذه تذكاراً لها ". ( متى 26/13 )، وهو بالطبع لا يقصد إنجيل مرقس الذي ألفه مرقس بعد القصة بسنوات طويلة .
ويقول مرقس: " من يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها ". ( مرقس 8/35).
والملاحظ أن هذه النصوص تتحدث عن إنجيل واحد، وليس الأناجيل الأربعة أو السبعين التي رفضتها الكنيسة، وتسمي النصوص هذا الإنجيل، إنجيل الله، وإنجيل المسيح.
وقد تهرب عموم النصارى من الإقرار بوجود إنجيل حقيقي هو إنجيل المسيح ، فقالوا : لم ينزل على المسيح شيء ، بل الإنجيل هي أقواله الشخصية ، وقد سطرها الإنجيليون ، وهذا بالطبع متسق مع قولهم بألوهية المسيح، إذ لا يليق بالإله أن يؤتى كتاباً فهذا حال الأنبياء .
لكن يرد هذه الدعوى ذكر النصوص التي تحدثت عن وحي الله إلى المسيح منها قوله: " أنا أتكلم بما رأيت عند أبي " ( يوحنا 8/38 ).
وقوله: " أتكلم بهذا كما علمني أبي " ( يوحنا 8/28 ).
ويثبت في موضع آخر أنه يوحى إليه كسائر الأنبياء، فيقول: " الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم " ( يوحنا 14/24 ).

الإقرار بوجود إنجيل المسيح وفقده :

كما نقل رحمة الله الهندي في كتابه الماتع إظهار الحق عن بعض علماء النصرانية إقرارهم بوجود إنجيل يسوع قبل ضياعه واختفائه ، ومنهم مارش وليكرك وكوب وأكهارن وغيرهم ، يقول أكهارن: " إنه كان في ابتداء الملة المسيحية في بيان أحوال رسالة المسيح رسالة مختصرة يجوز أن يقال أنها هي الإنجيل الأصلي ، والغالب أن هذا الإنجيل كان للمريدين الذين كانوا لم يسمعوا أقوال المسيح بآذانهم ، ولم يروا أحواله بأعينهم ، وكان هذا الإنجيل بمنزلة القلب ".
ويصف الدكتور هارناك هذا الإنجيل فيقول : " والإنجيل الذي قام بتبليغه المسيح إنما كان يتعلق بالأب وحده ، ولا يتعلق بالابن ، وليس ذلك أمراً متضاداً ، كما أنه ليس عقلانية ، وإنما هو عرض بسيط ساذج للحقائق التي بينها مؤلفو الأناجيل " .
يا مسلمون أحضروا إنجيل المسيح !!
ولنا أن نتساءل إن كان هذا الإنجيل مما أمرت الكنيسة بإحراقه ضمن الأناجيل الكثيرة التي حرمتها وأمرت بحرقها في مجمع نيقية .
فكثيراً ما نسمع مطالبة النصارى للمسلمين أن يظهروا إنجيل المسيح الذي يدعونه ، فيجيب العلامة منصور حسين في كتابه الفريد "دعوة الحق بين المسيحية والإسلام": " إنه منذ فجر المسيحية، وبعد رفع المسيح ، وقبل الإسلام كان هناك العديد من الأناجيل ، قبل المسيحيون أربعاً منها فقط .. والباقي - كما وجدنا - طوردت وأحرقت ، والذين طاردوها هم المسيحيون أنفسهم وأحرقوها ، وليس المسلمون ، وليدلنا سيادته ( أي القمص باسيليوس، وهو أحد المرددين لهذه العبارة) عليها ، وحينئذ أدله من بينها على الإنجيل الصحيح ، أما أن يحرقها المسيحيون ، ثم يطالبون المسلمين ... فهذا غير معقول " .
إذاً قد اختفى إنجيل المسيح،وعهدة إحضاره باقية في ذمة النصارى، فكيف نشأت الأناجيل بعد ذلك ؟.

ثانياً : تدوين وقانونية العهد الجديد

يقرر عدد من مؤرخي النصرانية انتقال روايات شفاهية تبلورت فيما بعد بحركة دائبة في كتابة سيرة المسيح لتلبية حاجات الكنيسة المسيحية الناشئة ، ونكتفي هنا بنقل ما ذكره يواكيم إرميا في كتابه الذي نشرته الكنيسة المصرية بعنوان " أقوال المسيح غير المدونة في بشائر الأناجيل " فيقول : " ينبغي أن نضع نصب أعيننا حقيقتين أساسيتين عن بشائر الإنجيل وكتابتها :

الأولى أنه لمدة طويلة ، كانت كل التقاليد المعروفة عن المسيح " كلها أقوال شفاهية متناقلة .. واستمرت على هذه الصورة ما يقرب من خمسة وثلاثين عاماً ، ولم يتغير الوضع إلا في عهد اضطهاد نيرون للمسيحيين ، حينها اجتمع شيوخ الكنيسة وكبارها في خريف عام 64م ، ووجدوا أن الكثيرين من أعمدة الكنيسة قد فقدوا .. ولم يجد المجتمعون أمامهم إلا يوحنا الملقب مرقص زميل الرسول بطرس في الخدمة .. ليسجل كل ما يستطيع أن يتذكره من أحاديث المسيح وتعاليمه، وكتب مرقص بشارته المختصرة التي تحمل اسمه، وهي أقدم قصة كتبت عن حياة المسيح .
والحقيقة الثانية : أن قصة مرقس عن المسيح وأقواله قد دفعت غيره ليحذوا حذوه ، وينسجوا على منواله .. وتنشأ بشائر أخرى ...حتى كان هناك عدد لا يستهان به من البشائر ...
ولما رأت الكنيسة أن الأمر جد خطير بدأت في تقصي أسس هذه البشائر الأربعة المعروفة، واعتبرت ما سواها " بشائر أبو كريفية " ، طوردت وجمعت وأحرقت حتى اختفت ".
ونبه المحققون إلى أمر هام هو أن شيئاً من الأناجيل لم يكن يسمى إنجيلاً في الصدر الأول للنصرانية ، إنما سميت " كاروزوتا " أي موعظة ، وذلك باللغة اليونانية التي وجد بها ما سمي فيما بعد بالأناجيل .
وهذه الكتابات أطلق عليها القديس جوستين في منتصف الثاني اسم " مذكرات الرسل " .وقد بدأت في أواسط القرن الثاني حركة لتكوين كتاب مقدس للنصارى على غرار ما عند اليهود يقول المدخل الفرنسي للعهد الجديد : " لم يشعر المسيحيون الأولون إلا بعد وفاة آخر الرسل بضرورة تدوين أهم ما عمله الرسل وتولي حفظ ما كتبوه ... ويبدو أن المسيحيين حتى ما يقرب من السنة 150 تدرجوا من حيث لم يشعروا بالأمر إلا قليلاً جداً إلى الشروع في إنشاء مجموعة جديدة من الأسفار المقدسة ، وأغلب الظن أنهم جمعوا في بدء أمرهم رسائل بولس ، واستعملوها في حياتهم الكنسية ، ولم تكن غايتهم قط أن يؤلفوا ملحقاً بالكتاب المقدس ..
ومع ما كان لتلك النصوص من الشأن فليس هناك قبل القرن الثاني ( بطرس (2) 3/16 ) أي شهادة تثبت أن الناس عرفوا مجموعة من النصوص الإنجيلية المكتوبة ، ولا يذكر أن لمؤلَف من تلك المؤلفات صفة ما يلزم ، فلم يظهر ذلك إلا في النصف الثاني من القرن الثاني ... فيمكن القول أن الأناجيل الأربعة حظيت نحو السنة 170 بمقام الأدب القانوني، وإن لم تستعمل تلك اللفظة حتى ذلك الحين...
يجدر بالذكر ما جرى بين السنة 150 والسنة 200 إذ حدد على نحو تدريجي أن سفر أعمال الرسل مؤلف قانوني، وقد حصل شيء من الإجماع على رسالة يوحنا الأولى... هناك عدد كبير من المؤلفات ( الحائرة ) يذكرها بعض الآباء ذكرهم لأسفار قانونية في حين أن غيرهم ينظر إليها نظرته إلى مطالعة مفيدة.. وهناك أيضاً مؤلفات جرت العادة أن يستشهد بها ذلك الوقت على أنها جزء من الكتاب المقدس ، ومن ثم جزء من القانون لم تبق زمناً على تلك الحال ، بل أخرجت آخر الأمر من القانون ، ذلك ما جرى لمؤلف هرماس وعنوانه الراعي ، وللديداكي ، ورسالة أكليمنص الأولى ، ورسالة برنابا ورؤيا بطرس "
وهذا الذي ذكرته مقدمة العهد الجديد نستطيع أن نجمله بأن حركة تدوين الأناجيل بدأت بعد موت التلاميذ ، وأخذت شرعيتها في أواسط القرن الثاني كما ساعد في تكوين قانونية العهد الجديد مرقيون الهرطوقي سنة 160م حيث دعا لنبذ سلطة العهد القديم ، واحتاج لتزويد كنيسته بأسفار مقدسة أخرى ، فساهم أتباعه في نشر هذه الأناجيل فقد جمع في عهده إنجيلاً ، وراجعه مراجعة دقيقة ليتمشى مع أفكاره ، وجمع إليه رسالة بولس إلى أهل غلاطية، وهي رسالة تؤكد إبطال الناموس ونقده ، ثم أضاف رسائل بولس إلى أهل كورنثوس وتسالونيكي وأفسس وفيلبي وفليمون


الفرع الثاني عشر

كيفية اختيار الأناجيل الأربعة


أما الكيفية التي اختارت بها الكنيسة هذه الأناجيل دون غيرها، ومكان الاختيار و .... فلا يوجد أي تفصيل عند النصارى عن هذه النقطة سوى ما ذكره المدخل الفرنسي للعهد الجديد : " يبدو أن مقياس نسبة المؤلف إلى الرسل استعمل استعمالاً كبيراً ، ففقد رويداً رويداً كل مؤلف لم تثبت نسبته إلى رسول من الرسل ما كان له من الحظوة ".
ولكن هذا القول إنما يصح لو كانت هذه الأناجيل جميعاً قانونية ، ثم بدأ بعضها يفقد بريقه عند التحقيق والتدقيق ، بينما حصل العكس في تاريخ الكتاب المقدس حين لم يعتبر شيء من هذه الكتب قانونياً ، ثم بدأ في الاختيار فيما بعد، ويقول الأب كنغسر بأن الأناجيل التي رفضت هي التي لا تتفق مع الخط الأرثوذكسي .
لكن المتفق عليه عند مؤرخي الكنيسة أن الأناجيل الأربعة ورسائل بولس قد أقرت في أواخر القرن الثاني ، وكان أول من ذكر الأناجيل الأربعة المؤرخ أرمينيوس سنة 200م تقريباً ، ثم ذكرها كليمنس اسكندريانوس ودافع عنها واعتبرها واجبة التسليم .
فيما بقيت أسفار العهد الجديد موضع نزاع بين الكنائس طوال القرن الثالث، وقد قبلت بعض الكتب في الكنائس الشرقية كالرسالة إلى العبرانيين، بينما رفضها أتباع الكنائس الغربية، وقبلوا رؤيا يوحنا اللاهوتي.






الفرع الثالث عشر

ترتيب الأسفار المقدسة ودلالتها


وكما وقع الخلاف في إلهامية بعض الأسفار وقع الخلاف في ترتيب هذه الأسفار في العهد الجديد، وهذا الخلاف مهم إذ كل رتب الأسفار حسب ما يعتقد لها من قيمة وقداسة وأهمية، فالخلاف في الترتيب خلاف في قيمة الأسفار.
وأقدم قائمة رتبت الأسفار كانت في أواسط القرن الرابع وهي قائمة أثناسيوس 367م، وكان ترتيبه كالتالي الأناجيل ثم أعمال الرسل ثم الرسائل الكاثوليكية ثم رسائل بولس ثم سفر الرؤيا، ثم أصدر مجمع روما 382م ترتيباً آخر تلى الأناجيل فيه رسائل بولس ثم رؤيا يوحنا ثم الرسائل الكاثوليكية السبعة ، وأما الترتيب الحالي فكان من قرارات مجمع ترنت 1546م .
وقد بين لنا المحققون من خلال استعراضهم مسيرة الأناجيل ، وتحولها من عمل شخصي إلى عمل قانوني مقدس حقيقة هامة ، وهي أن تقديس هذه الكتب عمل بشري لا يستند إلى دليل من هذه الكتب ، بل هو قرار اختلفت فيه المجامع حتى أقر ، ولو كان من الوحي لما اختلفت فيه المجامع، ولما احتاج إلى قرار كنسي ليصبح مقدساً ووحياً إلهياً .

مرة أخرى الأناجيل غير القانونية

كما سبق القول أنه قد ظهر في الجيل الأول من النصرانية أناجيل كثيرة - كما تدل على ذلك مقدمة إنجيل لوقا (لوقا 1/1-4).
ورأينا كيف اعترفت الكنيسة بأربعة أناجيل، ورفضت عدداً من الأناجيل والكتب، أوصلها صاحب كتاب اكسيهومو ( 1810م ) إلى أربعة وسبعين كتاباً ، وعددها فذكر أن منها ما هو منسوب لعيسى وأمه . وللحواريين ، ومنها ما هو منسوب للإنجيليين الأربعة ، وأوصلها بعض الباحثين إلى ما يربو على المائة كتاب ، ومنها ما هو منسوب لجماعات مسيحية قديمة كإنجيل المصريين والناصريين.
وقد سميت بعض هذه الكتب أناجيل كإنجيل بطرس واندرياه ويعقوب وميتاه ( متى ) وإنجيل المصريين لمرقس وبرنابا ، وعددت دائرة المعارف الأمريكية أسماء ستة وعشرين إنجيلاً لا تعترف بهم الكنيسة رغم نسبتهم إلى المسيح وكبار حوارييه.
وقد كانت بعض هذه الكتابات والأناجيل متداولة لدى عدد من الفرق المسيحية القديمة، وظلت متداولة إلى القرن الرابع الميلادي .
وفي مجمع نيقية 325م أمرت الكنيسة باعتماد الأناجيل الأربعة ورفض ما سواها من غير أن تقدم مبرراً لرفض تلك الأناجيل سوى مخالفتها لما تم الاتفاق عليه في المجمع ، وفي ذلك يقول العالم الألماني تولستوي في مقدمة إنجيله الخاص الذي وضع فيه ما يعتقد صحته " لا ندري السر في اختيار الكنيسة هذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره ، واعتباره مقدساً منزلاً دون سواه مع كون جميع الأشخاص الذين كتبوها في نظرها رجال قديسون .... وياليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس هذا التفضيل ...إن الكنيسة أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى واجتهادها ... " وأمرت الكنيسة بحرق جميع هذه الأناجيل لما فيها من مخالفات للعقيدة ، وصدر قرار من الامبرطور بقتل كل من عنده نسخة من هذه الكتب .

ما وصل إلينا من الأناجيل المحرمة :

وهكذا اختفت معظم هذه الأناجيل ولم يصل منها سوى إنجيل برنابا والإنجيل الأغنسطي ، وثلاث قصاصات من إنجيل مريم وبعض شرائح لاتينية وإغريقية وقبطية من إنجيل برثولماوس وإنجيل نيقوديموس كما عثر أخيراً في نجع حمادي بمصر على مقتطفات من إنجيل بطرس وكتاب أعمال يوحنا. ولعل أهم ما وجد في نجع حمادي مائة وأربعة عشر قولاً منسوباً للمسيح في إنجيل توما الذي يختلف أسلوبه عن الأناجيل الأربعة، إذ لم يسرد قصة المسيح ، بل نقل أقواله ، ويرجع المحقق كويستر هذا الإنجيل إلى منتصف القرن الأول الميلادي ، وأرجعه كيسيبل إلى 140م .
وعثر أيضاً على إنجيل" الحقيقة "والذي اعتبره ايرينوس (180م ) إنجيلاً مزوراً .


الأدلة التاريخية على وجود هذه الأناجيل :

وللتأكيد على وجود هذه الأناجيل في القرن الأول وحتى قبل كتابة الإنجيليين الأربعة لأناجيلهم ننقل ما ذكره لوقا في مقدمته " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا .. رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمت به " ( لوقا 1/1 - 4 ) . وقد استشهد كل من كليمنت الرومي ( 97م ) وبوليكارب ( 112م ) بأقوال للمسيح في صيغ مستقلة غير موجودة في الأناجيل الأربعة . وقد جمع فايرسيوس ما تبقى من هذه الأناجيل ، وطبعها في ثلاثة مجلدات .

ملاحظات:

وبادئ ذي بدء فإن المحققين سجلوا حول هذه الأناجيل ملاحظات.
- أن ثمة كتب كثيرة ظهرت في القرن الأول، وكلها منسوبة للمسيح وحوارييه.
- أن هذه الأناجيل تخالف عقائد مجمع نيقية ، وبعضها كان خاصاً بفرق مسيحية موحدة .
- أن الكنيسة حين حرمت هذه الأناجيل ، ولم تقدم أدلة على صحة القرار الذي اتخذته .
- أنه كما لا يحق لرجال الكنيسة إعطاء صفة القانونية للأناجيل الأربعة فإنه لا يحق لهم إبطال صحة هذه الأناجيل واعتبارها أبوكريفا ( مزيفة ، خفية ).
 
المطلب الثاني

النقد الباطن للمتن

المقصود بالنقد الباطن للمتن هو أن نمتحن النص نفسه ونشرحه ونوضحه ونثبت صحة نسبته للمصدر المنقول عنه، وفي الصفحات السابقة أثبتنا عدم صحة نسبة النص للمصدر المنقول عنه، فماذا عن النص نفسه ؟ هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه.

وهو على أفرع:

الفرع الأول

مغالطة يرددها المسيحيون


يردد النصارى دائماً أن الكتاب المقدس كان قد انتشر بملايين النسخ وبلغات العالم المعروف آنذاك. فكيف سيتم التحريف لكتاب منتشر بين الشعوب وبلغاتها المتعددة وهي متفقة ومتشابهة على الرغم من كثرتها فلو حرفت ألفاظ النسخ لظهر ذلك في بعض النسخ ؟.

الجواب:

إن تشابه النسخ وتطابقها على الرغم من كثرتها هو أمر غير مسلم به لوجود الاختلاف في تلك النسخ من ناحية واختلافها في عدد الأسفار من ناحية أخرى.
وكما أثبتنـا أن نسخة الكاثوليك تختلف عن نسخة البروتستانت في عدد الأسفار حيث تزيد النسخة الكاثوليكية على النسخة البروتستانتية بسبعة أسفار وأكثر..
ويطلق على هذه الأسفار الزائدة أسم ( الأبوكريفا ) مع العلم بأن هذه الأسفار هي من ضمن الترجمة السبعينية واللاتينية و قد اكتسبت قانونيتها وصارت مسلمة بين جمهور المسيحيين بعد انعقاد مجمع ( قرطاج Carthage ) سنة 397 م وبقيت هكذا إلي مدة 1200 عام.
ولا ننسى أن مجمع ترنت في القرن الخامس عشر قد صادق عليها إلي أن ظهرت فرقة البروتستانت في أوائل القرن السادس عشر وأنكرت قانونية هذه الأسفار وحذفتها من الكتاب المقدس.
وبالتالي يحق لنا أن نوجه هذا السؤال إلي البروتستانت:
أليس حذفكم لهذه الأسفار السبعة يدل على أن الكتاب المقدس كان محرفاً تحريفاً بالزيادة طوال مئات السنين والأجيال حتى وقت ظهوركم وإنكاركم لهذه الأسفار؟!، وهذا يعني أن كتاب الكاثوليك الموجود الآن محرف بالزيادة.
وفي نقطة مهمة أخرى، لقد تبين أن الفقرة السابعة من الإصحاح الخامس من رسالة يوحنا الأولى والتي جاء فيها:
[7والذينَ يَشهَدونَ هُم ثلاثةِ. 8الْآبُ، والْكَلِمَةُ والرُّوحُ اَلقُدُسُ، وهَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ هُم في الواحدِ. ].
وفي نسخة الإنترنت http://elkalima.com/gna/ot/genesis/chapter38.htm
تم تغير النص كالتالي:
[6هذا الذي جاءَ هوَ يَسوعُ المَسيحُ، جاءَ بِماءٍ ودَمِ، جاءَ لا بِالماءِ وحدَهُ، بَل بِالماءِ والدَّمِ. والرُّوحُ هوَ الذي يَشهَدُ، لأنَّ الرُّوحَ هوَ الحَقُّ. 7والذينَ يَشهَدونَ هُم ثلاثةِ. 8الرُوحُ والماءُ والدَّمُ، وهَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ هُم في الواحدِ. 9إذا كُنا نَقبَلُ شَهادَةَ الناسِ، فشَهادَةُ الله أعظَمُ. وهذِهِ هِيَ شهادَةُ الله التي شَهِدَها لاَبنِهِ ].
وهكذا لقد تبين أنها فقرة مزيفة ليست موجودة في الأصول اليونانية المعول عليها أي إنها فقرة دخيلة ليست من المتن، وبالفعل لقد تم حذف هذه الفقرة المزيفة من الترجمة الرهبانية اليسوعية المطبوعة سنة 1986، ومن التراجم الكاثوليكية العربية الحديثة وتم حذفها من الترجمة الفرنسية المسكونية ومن ترجمة( لوي سيجو) الفرنسية وتم حذفها من جميع الترجمات الغربية الحديثة كالترجمة القياسية الإنجليزية. . . الخ، إلا أن البروتستانت ما زالوا يطبعون هذه الفقرة ضمن الترجمة العربية للكتاب المقدس وكأن لا شيء في الأمر( راجع كتاب الحياة والكتاب المقدس طبعة دار الكتاب المقدس في مصر).
وبالتالي يحق لنا أن نوجه هذا السؤال للبروتستانت: ألستم تدعون أن من زاد شيئاً على أسفار الكتاب المقدس يزيد الله عليه بالضربات والبلايا كما في رؤيا [ 22: 18] وبناء عليه أليست الفقرة السابعة من الإصحاح الخامس من رسالة يوحنا قد تبين أنها زائدة على الكتاب فلماذا ما زلتم تدخلونها ضمن طبعات الكتاب المقدس أم إن الضربات والبلايا لا تعني لكم شيئاً ؟!!. وإذا فرضنا جدلاً بأنكم تعتقدون أن ما قامت به الترجمات الغربية الحديثة كالفرنسية والإنجليزية وما قامت به التراجم الكاثوليكية العربية الحديثة من حذف لهذه الفقرة هو عمل باطل ولا يجب أن يكون.
وبالتالي: أليس من أسقط شيئاً من أسفار الكتاب المقدس يسقط الله نصيبه من شجرة الحياة كما تدعون وكما جاء في رؤيا [ 22: 19] ؟! فهل سقط نصيب الكاثوليك وكل من قام بحذف هذه الفقرة من شجرة الحياة ؟؟.
ونوجه هذا السؤال إلي الكاثوليك الذين حذفوا الفقرة الواردة في رسالة يوحنا وإلي كل من قام بحذفها من الترجمات السابق ذكرها: أليس حذفكم لهذه الفقرة من الكتاب المقدس يدل على أن الكتاب المقدس كان محرفا تحريفاً بالزيادة طوال مئات السنين حتى وقت اكتشافكم أن هذه الفقرة مزيفة وليست من الأصول المعول عليها وبالتالي قمتم بحذفها ؟ أليس هذا إقرار منكم بأن كتابكم كان محرفاً بالزيادة ؟.
والعجب أننا نجد نسخ منقحة للكتاب المقدس قد أعيد النظر فيها كنسخة الملك جيمس الجديدة المنقحة و التراجم الغربية الحديثة وقد تم حذف عدة فقرات مهمة منها، تشكل تعليماً أساسياً في المسيحية كتلك الفقرة الوارد في رسالة يوحنا الأولى [5:7 ] ـ وهي الخاصة بصيغة التثليث ـ فقد تم حذفها من النسخ المنقحة، وهكذا مع فقرات أخرى في الكتاب المقدس.
ولا يستطيع أي مسيحي أن ينكر أن هناك مراجعات مستمرة للكتاب المقدس ونسخة الملك جيمس من الكتاب المقدس والتي تعد في نظرهم أنقى النسخ وأحسنها وجدوا فيها الكثير من الفقرات الزائدة والأخطاء ولقد كانت نتيجة ذلك:
إصدار الترجمة الإنجليزية المراجعة في الأعوام 1881ـ 1885، ونظيرتها الترجمة القياسية الأمريكية في عام 1901واستمرت عملية تنقيح التراجم ومراجعتها إلي أن صدرت الترجمة القياسية المراجعة للكتاب المقدس بعهديه ـ القديم والجديد ـ في عام 1952 فهذه المراجعات ـ وما يتبعها من الحذف والإضافة ـ تثير تساؤلاً حتمياً لدى كل قارئ ليس باستطاعة المسيحي الإجابة عنه وهو:
إذا كان الكتاب المقدس وحياً إلهياً من السماء أنزله الرب سبحانه وتعالى فكيف يسمحون لأنفسهم بالحذف منه والإضافة فيه ومراجعة فقراته بين فترة وأخرى وإعادة النظر فيه ؟!!.
وإليك بعضاً من نماذج التحريف.
أولاًـ وحدة الإلوهية
جاء في إشعياء 45 :5
»5أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. لاَ إِلهَ سِوَايَ. نَطَّقْتُكَ وَأَنْتَ لَمْ تَعْرِفْنِي. 6لِكَيْ يَعْلَمُوا مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ وَمِنْ مَغْرِبِهَا أَنْ لَيْسَ غَيْرِي. أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. 7مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ، صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هذِهِ. 8اُقْطُرِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ مِنْ فَوْقُ، وَلْيُنْزِلُ الْجَوُّ بِرًّا. لِتَنْفَتِحِ الأَرْضُ فَيُثْمِرَ الْخَلاَصُ، وَلْتُنْبِتْ بِرًّا مَعًا. أَنَا الرَّبَّ قَدْ خَلَقْتُهُ.«.
والنص في مرقس 12 :32 من الترجمةالعربية الجديدة بيروت - دار الكتاب المقدس في العالم العربي كالتالي:»أحسنت يا معلم فأنت على حق في قولك إن الله واحد لا إله إلاهو «.
وفي ترجمة الفاندايك
مرقس 12 :32
» 32فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ:«جَيِّدًا يَا مُعَلِّمُ. بِالْحَقِّ قُلْتَ، لأَنَّهُ اللهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ. 33وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ الْقَلْبِ، وَمِنْ كُلِّ الْفَهْمِ، وَمِنْ كُلِّ النَّفْسِ، وَمِنْ كُلِّ الْقُدْرَةِ، وَمَحَبَّةُ الْقَرِيبِ كَالنَّفْسِ، هِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ». 34فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ أَنَّهُ أَجَابَ بِعَقْل، قَالَ لَهُ:«لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ». وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ بَعْدَ ذلِكَ أَنْ يَسْأَلَهُ! «.
فمرة[5أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. لاَ إِلهَ سِوَايَ.] وتارة[في قولك إن الله واحد لا إله إلاهو] وأخرى[لأَنَّهُ اللهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ.] فأيهما نصدق؟.
 
ثانياً ـ يسوع رجل
جاء في عظة بطرس يوم الخمسين أن المسيح »رجل« كما هو في أعمال 2 :22. [22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسْطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ.].
وهذا يعني أنه ليس الله.
ثالثاً ـ يَا أُخْتَ هَارُونَ
قال تعالى في سورة مريم 28:
[يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)].
مقدمة هامه جداً:
هل من الممكن أن يتنبأ النساء من بني إسرائيل ؟..
جاء في خروج 15: 20 أن مريم أخت موسى و هَارُونَ كانت نبيَّة، وأنها قادت نساء بني إسرائيل في الترنيم بالدفوف والرقص فرحاً بالنجاة من عبودية مصر.[20فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ النَّبِيَّةُ أُخْتُ هَارُونَ الدُّفَّ بِيَدِهَا، وَخَرَجَتْ جَمِيعُ النِّسَاءِ وَرَاءَهَا بِدُفُوفٍ وَرَقْصٍ. 21وَأَجَابَتْهُمْ مَرْيَمُ: «رَنِّمُوا لِلرَّبِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَظَّمَ. الْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ طَرَحَهُمَا فِي الْبَحْرِ]..
والملاحظ أن العدد 21 جاء مغايراً لنسخة الإنترنت
http://elkalima.com/gna/ot/genesis/chapter38.htm كالعادة هكذا:
[20وأخذَت مريمُ النَّبيَّةُ أختُ هرونَ دُفُا في يَدِها، وخرَجتِ النِّساءُ كلُّهُنَّ وراءَها بدُفوفٍ ورقصٍ. 21فغنَّت لهنَّ مريمُ: «أنشِدوا للرّبِّ جلَ جلالُه. الخيلُ وفُرسانُها رماهُم في البحرِ»].
ونقرأ في قضاة 4:4 أن دبورة كانت قاضية لبني إسرائيل[4وَدَبُورَةُ امْرَأَةٌ نَبِيَّةٌ زَوْجَةُ لَفِيدُوتَ، هِيَ قَاضِيَةُ إِسْرَائِيلَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ. ].
وفي 2ملوك 22: 14، 15 أن خلدة كانت نبية،[14فَذَهَبَ حِلْقِيَّا الْكَاهِنُ وَأَخِيقَامُ وَعَكْبُورُ وَشَافَانُ وَعَسَايَا إِلَى خَلْدَةَ النَّبِيَّةِ، امْرَأَةِ شَلُّومَ بْنِ تِقْوَةَ بْنِ حَرْحَسَ حَارِسِ الثِّيَابِ. وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي أُورُشَلِيمَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَكَلَّمُوهَا.].
وهكذا كانت حنة كما هو في لوقا 2: 36- 38[36وَكَانَتْ نَبِيَّةٌ، حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ، وَهِيَ مُتَقدِّمَةٌ فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، قَدْ عَاشَتْ مَعَ زَوْجٍ سَبْعَ سِنِينَ بَعْدَ بُكُورِيَّتِهَا].
ومن المناسب ذكر النص من الإنترنت
http://elkalima.com/gna/ot/genesis/chapter38.htm:
[36وكانَت هُناكَ نَبِـيَّةِ كَبـيرةِ في السِّنِّ اَسمُها حَنَّةُ اَبنَةُ فَنُوئيلَ، مِنْ عَشيرَةِ آشيرَ، تَزوَّجت وهيَ بِكرٌ وعاشَت معَ زَوجِها سَبعَ سَنواتٍ،].
وبنات فيلبس أعمال 21: 9 [ 8وسِرنا في الغَدِ إلى قيصرِيَّةَ. فدَخلَنا بَيتَ فيلبُّسَ المُبَشِّرِ وهوَ أحَدُ السَّبعةِ ونَزَلنا عِندَهُ، 9وكانَ لَه أربعُ بناتٍ عذارى يَتَنبَّأْنَ. 10وبَعدَ عِدَّةِ أيّامِ مِنْ إقامَتِنا، جاءَ مِنَ اليَهوديَّةِ نَبـيًّ اَسمُهُ أغابُوسُ.].وغيرهنّ.
1ـ عاش بنو يعقوب في مصر وتكاثروا , ثم في عام 1237 قبل الميلاد خرج بنو يعقوب بعد موت أبيهم من مصر بقيادة نبي منهم هو موسى عليه السلام يقول سبحانه وتعالى في البقرة/49 :
[ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاَءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)] .
2ـ بعد ذلك عاش بنو إسرائيل في التيه أربعين عاماً , وكان منهم الصالحون ومنهم دون ذلك يقول سبحانه وتعالى في سورة الأعراف :
[وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ العَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ العِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) ].وفي هذه المدة مات هارون وتبعه موسى عليهما السلام ولم يدخلا الأرض المقدسة...
وبعد ألف سنة من هذا التاريخ على أكثر الاحتمالات، نجد أن السيدة مريم بنت عمران وأن أمها السيدة حَنَّةَ وخالتها السيدة اَلِيصَابَات وزوج خالتها نبي الله زكريا عليه السلام وابن خالتها نبي الله يحيى عليه السلام كلهم من نسل هارون بن عمران بن قاهات بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام . [ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ]..
يقول سبحانه وتعالى في سورة آل عمران/34ـ36:
[ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36)].
فعِمْرَانَ أبو مريم غير عمران أبو موسى وهارون... ومريم بنت عمران أم السيد المسيح غير مريم بنت عمران أخت موسى وهارون والتي كانت تكبر موسى باثنتي عشرة عاما،وهي التي جاء ذكرها في سورة القصص/11:
[وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)].
ولأن مريم بنت عمران أخت موسى وهارون كانت نبية كما تقدم لك، ومن ثم تيمناً بها وجدنا السيدة حَنَّة أم مريم فور أن علمت بعد وضعها أن المنذور أنثى ، وجدناها على الفور وبدون تفكير أطلقت عليها اسم مريم[ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ] تيمناً بمريم النبية أخت هارون النبي والذي جعل الله الكهانة في نسله، ومن ثم كان يطلق عليها لقب أخت هارون، ليس على سبيل المجاز وإنما على الحقيقة..
فالتشابه بينهما كبير[ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ]، كما تقدم لك..
وحينما يقول لنا سبحانه وتعالى في محكم كتابه أنهم قالوا: [يَا أُخْتَ هَارُونَ ].معنى ذلك أنها كانت تعرف بين القوم بهذه الكنية وأنها من نسل هارون بن لاوي فهي لاوية. [ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ].
حينما بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذ بن جبل على اليمن:
نجد أنه قد ورد في مسند احمد حديث رقم 21040مسند الأنصار رضي الله تعالى عنهم:
[ حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو الْمُغِيرَةِ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏صَفْوَانُ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ ‏ ‏عَنْ ‏‏عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ ‏ ‏عَنْ ‏مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ‏‏قَالَ ‏لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِلَى ‏ ‏الْيَمَنِ ‏ ‏خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يُوصِيهِ ‏ ‏وَمُعَاذٌ‏ ‏رَاكِبٌ وَرَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ يَا ‏ ‏مُعَاذُ‏ ‏إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا ‏ ‏تَلْقَانِي بَعْدَعَامِي هَذَا أَوْ لَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ ‏ بِمَسْجِدِي ‏ ‏هَذَا أَوْ قَبْرِي فَبَكَى ‏ ‏مُعَاذٌ‏ ‏جَشَعًا ‏ ‏لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ ‏ ‏الْمَدِينَةِ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي الْمُتَّقُونَ مَنْ كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا.].
ثم قال له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وصاياه له: كما هو في صحيح مسلم حديث رقم 27 الدعاء إلي الشهادتين وشرائع الإسلام:
‏[ حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏وَأَبُو كُرَيْبٍ ‏‏وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ‏ ‏جَمِيعًا ‏ ‏عَنْ ‏ ‏وَكِيعٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُوبَكْرٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏وَكِيعٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَقَ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي مَعْبَدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ‏ ‏قَالَ ‏‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏رُبَّمَا قَالَ ‏ ‏وَكِيعٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏ ‏أَنَّ ‏‏مُعَاذًا ‏ ‏قَالَ ‏‏بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ ‏‏أَهْلِ الْكِتَابِ ‏ ‏فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْهُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ ‏ ‏وَكَرَائِمَ ‏ ‏أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ‏.].
وبعد أن عاد رضي الله تعالى عنه:
نجد أنه قد ورد في سنن الترمذي حديث رقم 3080 شرح سورة مريم:
[ حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ‏ ‏وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ إِدْرِيسَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ‏ ‏عَنْ ‏‏عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ‏ ‏قَالَ ‏بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِلَى ‏ ‏نَجْرَانَ ‏ ‏فَقَالُوا لِي أَلَسْتُمْ تَقْرَءُونَ يَاأُخْتَ‏ ‏هَارُونَ‏ ‏وَقَدْكَانَ بَيْنَ ‏ ‏عِيسَى ‏ ‏وَمُوسَى ‏ ‏مَا كَانَ فَلَمْ أَدْرِ مَا أُجِيبُهُمْ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ‏ ‏أَلَا أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ .].
وفي تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنِيَ بِهِ هَارُونَ أَخَا مُوسَى , وَنُسِبَتْ مَرْيَمُ إِلَى أَنَّهَا أُخْتُهُ لِأَنَّهَا مِنْ وَلَدِهِ , يُقَالُ لِلتَّمِيمِيِّ يَا أَخَا تَمِيمٍ , وَلِلْمُضَرِيِّ يَا أَخَا مُضَرَ .
وفي مسند الإمام أحمد حديث 17491أول مسند الكوفيين
[ حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ‏ ‏قَالَ سَمِعْتُ ‏ ‏أَبِي ‏ ‏يَذْكُرُهُ عَنْ ‏ ‏سِمَاكٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ ‏ ‏عَنِ ‏ ‏الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ‏ ‏قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏إِلَى ‏ ‏نَجْرَانَ ‏ ‏قَالَ فَقَالُوا أَرَأَيْتَ مَا تَقْرَءُونَ يَا أُخْتَ‏ ‏هَارُونَ‏ ‏وَمُوسَى ‏‏قَبْلَ ‏ ‏عِيسَى ‏ ‏بِكَذَا وَكَذَا قَالَ فَرَجَعْتُ فَذَكَرْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏أَلَا أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمَّوْنَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ.].

وفي صحيح مسلم 3982 كتاب الآداب
[ حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏‏وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ‏ ‏وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ‏‏وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ ‏ ‏وَاللَّفْظُ ‏ ‏لِابْنِ نُمَيْرٍ ‏‏قَالُوا حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ إِدْرِيسَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ‏ ‏قَالَ لَمَّا قَدِمْتُ ‏ ‏نَجْرَانَ ‏‏سَأَلُونِي فَقَالُوا إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ يَاأُخْتَهَارُونَ‏ ‏وَمُوسَى ‏ ‏قَبْلَ ‏ ‏عِيسَى ‏ ‏بِكَذَا وَكَذَا فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ ‏ ‏إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ.].
الشرح صحيح مسلم بشرح النووي
‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل :
( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلهمْ )‏اِسْتَدَلَّ بِهِ جَمَاعَة عَلَى جَوَاز التَّسْمِيَة بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ السَّلَام , وَأَجْمَع عَلَيْهِ الْعُلَمَاء , إِلَّا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَسَبَقَ تَأْوِيله , وَقَدْ سَمَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِبْنه إِبْرَاهِيم , وَكَانَ فِي أَصْحَابه خَلَائِق مُسَمُّونَ بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاء . قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ كَرِهَ بَعْض الْعُلَمَاء التَّسَمِّي بِأَسْمَاءِ الْمَلَائِكَة , وَهُوَ قَوْل الْحَارِث بْن مِسْكِين . قَالَ : وَكَرِهَ مَالِك التَّسَمِّي بِجِبْرِيل وَيَاسِين . ‏
سيدي يا رسول الله من أنبأك هذا..
هل اطلع عليه الصلاة والسلام على ما مكتوب في سف الخروج الإصحاح الـ15العدد 20 والذي فيه [20فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ النَّبِيَّةُ أُخْتُ هَارُونَ الدُّفَّ بِيَدِهَا، وَخَرَجَتْ جَمِيعُ النِّسَاءِ وَرَاءَهَا بِدُفُوفٍ وَرَقْصٍ.].
ومرة أخرى إذا كانت النبوءة في العهد القديم واضحة وهاهي ذي قد تحققت في العهد الجديد فلماذا كُذِبَ المسيح عند حضوره من قبل اليهود ؟؟.
والإجابة كما يعرفها علماء اليهود والنصارى أنفسهم , إذ أنها تكمن في نسب السيد المسيح عليه السلام إذ أن البشارات كلها تتحدث عن عذراء من نسل " داود " تلد ابنا يدعى اسمه " عِمَّانُوئِيلَ " ,ولقد شرحنا مفهوم النبوءة طبقاً لما ورد تاريخيا. فهل كانت السيدة مريـم أم السيد المسيح من نسل داود عليهما السلام فعلاً ؟ والإجابة قطعاً بالنفي , [mark=#FFFF00]إذ أنها من بيت لاوى وليست من بيت يهوذا الجد العاشر لداود [/mark].ولهذه الأسباب فإن السيد المسيح عيسى عليه السلام وأمه ليسا من نسل داود.
 

الفرع الثاني
مولد السيد المسيح



ثم إن السيد المسيح عليه السلام إله النصارى مُختلف في مولده و نسبه ومماته، كيف؟.
لنرى:
أولاً: المولد الشريف كما هو في القصة الإنجيلية

554393115.jpg

انقسم اليهود حول المسيح المنتظر، ففريق قال إنه يأتي من نسل يوسف، وقال آخرون إنه يأتي من نسل داوود، وذكر (ملاخى) أن الله جعل عهده في سبط (لاوي بن يعقوب)، وذكر العهد القديم أن من أبناء لاوي (نحشوم) وولد له (عمرام) وولد لعمرام موسى وهارون ومريم ومن هذا النسل اختار الله تعالى الهداة الذين يسوقون المسيرة الإسرائيلية إلى الصراط المستقيم.
ولقد كشف يهود أورشاليم برامجهم وثقافاتهم التي تدعو إلى انتظار ابن داوود الذي يعيد مملكة داوود التي تعتبر عنوانا لعهد الله لإبراهيم، وهذه البرامج والثقافات تخالف نصوص قطعية في العهد القديم حدد فيها من أي سبط يأتي المسيح المنتظر.
ولعل صورة التناقض والتلاعب تتضح إذا تأملنا في الجدول الذي يقارن بين سلسلتي لوقا ومتى، ونضع إلى جوارهما ما جاء في سفر (الأيام الأول 3/10-19)، لنقف على الأسماء التي أسقطها متى، لتنتظم له سلسلته التي أرادها، فقد غير في نسب المسيح، لتتناسب وحساباته الخاصة

832522980.jpg

584621561.jpg

819951958.jpg
 
والسؤال كيف يجمع علماء الكتاب المقدس بين تناقضات أنساب المسيح ؟.

تناقض متى ولوقا في نسب يوسف النجار ، كما تناقض لوقا ومتى مع ما جاء في سفر الأيام الأول وهو يتحدث عن بعض ملوك إسرائيل الذين جعلهم متى من أجداد المسيح .
1ـ يقول متى: ( متى 1/1 - 17 )[ هذا نسَبُ يسوعَ المسيحِ اَبنِ داودَ اَبنِ إبراهيمَ: 2إبراهيمُ ولَدَ إسحق. وإسحق وَلَدَ يَعقوبَ. ويَعقوبُ ولَدَ يَهوذا وإخوتَه. 3ويَهوذا ولَدَ فارِصَ وزارَحَ مِنْ ثامارَ. وفارِصُ ولَدَ حَصْرونَ. وحَصْرونُ ولَدَ أرامَ. 4وأرامُ ولَدَ عَمَّينادابَ. وعَمَّينادابُ ولَدَ نَحْشونَ. ونَحْشونُ ولَدَ سَلَمونَ. 5وسَلَمونُ ولَدَ بُوعَزَ مِنْ راحابَ. وبُوعَزُ ولَدَ عُوبيدَ مِنْ راعُوثَ. وعُوبيدُ ولَدَ يَسّى. 6ويَسّى ولَدَ داودَ المَلِكَ.وداودُ ولَدَ سُلَيْمانَ مِن اَمرأةِ أوريَّا. 7وسُلَيْمانُ ولَدَ رَحْبَعامَ. ورَحْبَعامُ ولَدَ أبيّا. وأبيّا ولَدَ آسا. 8وآسا ولَدَ يوشافاطَ. ويوشافاطُ ولَدَ يُورامَ. ويُورامُ ولَدَ عُزَّيّا. 9وعُزَّيّا ولَدَ يُوثامَ. ويُوثامُ ولَدَ أحازَ. وأحازُ ولَدَ .حَزْقِيّا. 10وحَزْقِيّا ولَدَ مَنَسّى. ومَنَسّى ولَدَ آمونَ. وآمونُ ولَدَ يوشِيّا. 11ويوشِيّا ولَدَ يَكُنيّا وإخوَتَه زَمَنَ السبْـيِ إلى بابِلَ. 12وبَعْدَ السّبْـي إلى بابِلَ يَكُنِيّا ولَدَ شَأَلْتَئيلَ. وشَأَلْتيئيلُ ولَدَ زَرُبابِلَ. 13وزَرُبابِلُ ولَدَ أبيهُودَ. وأبيهُودُ ولَدَ ألِياقيمَ. وألِياقيمُ ولَدَ عازُورَ. 14وَعازُورُ ولَدَ صادُوقَ. وصادُوقُ ولَدَ أَخيمَ. وأخيمُ ولَدَ أليُودَ. 15وأليُودُ ولَدَ أليعازَرَ. وأليعازَرُ ولَدَ مَتّانَ. ومَتّانُ ولَدَ يَعقوبَ. 16ويَعقوبُ ولَدَ يوسفَ رَجُلَ مَرْيمَ التي ولَدَتْ يَسوعَ الذي يُدعى المَسيحَ. 17فمَجْموعُ الأجْيالِ مِنْ إبراهيمَ إلى داودَ أرْبَعَةَ عَشَرَ جيلاً. ومِنْ داودَ إلى سَبْـيِ بابِلَ أرْبَعَةَ عَشَرَ جيلاً. ومِنْ سَبْـيِ بابِلَ إلى المَسيحِ أرْبَعَةَ عَشَرَ جيلاً.]
2ـ لكن لوقا يورد نسباً آخر للمسيح يختلف تمام الاختلاف عما جاء في متى يقول لوقا : " 23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ بْنِ هَالِي 24بْنِ مَتْثَاتَ بْنِ لاَوِي بْنِ مَلْكِي بْنِ يَنَّا بْنِ يُوسُفَ 25بْنِ مَتَّاثِيَا بْنِ عَامُوصَ بْنِ نَاحُومَ بْنِ حَسْلِي بْنِ نَجَّايِ 26بْنِ مَآثَ بْنِ مَتَّاثِيَا بْنِ شِمْعِي بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَهُوذَا 27بْنِ يُوحَنَّا بْنِ رِيسَا بْنِ زَرُبَّابِلَ بْنِ شَأَلْتِئِيلَ بْنِ نِيرِي 28بْنِ مَلْكِي بْنِ أَدِّي بْنِ قُصَمَ بْنِ أَلْمُودَامَ بْنِ عِيرِ 29بْنِ يُوسِي بْنِ أَلِيعَازَرَ بْنِ يُورِيمَ بْنِ مَتْثَاتَ بْنِ لاَوِي 30بْنِ شِمْعُونَ بْنِ يَهُوذَا بْنِ يُوسُفَ بْنِ يُونَانَ بْنِ أَلِيَاقِيمَ 31بْنِ مَلَيَا بْنِ مَيْنَانَ بْنِ مَتَّاثَا بْنِ نَاثَانَ بْنِ دَاوُدَ 32بْنِ يَسَّى بْنِ عُوبِيدَ بْنِ بُوعَزَ بْنِ سَلْمُونَ بْنِ نَحْشُونَ 33بْنِ عَمِّينَادَابَ بْنِ آرَامَ بْنِ حَصْرُونَ بْنِ فَارِصَ بْنِ يَهُوذَا 34بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ تَارَحَ بْنِ نَاحُورَ 35بْنِ سَرُوجَ بْنِ رَعُو بْنِ فَالَجَ بْنِ عَابِرَ بْنِ شَالَحَ 36بْنِ قِينَانَ بْنِ أَرْفَكْشَادَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحِ بْنِ لاَمَكَ 37بْنِ مَتُوشَالَحَ بْنِ أَخْنُوخَ بْنِ يَارِدَ بْنِ مَهْلَلْئِيلَ بْنِ قِينَانَ 38بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيتِ بْنِ آدَمَ ابْنِ اللهِ. " ( لوقا 3/23 - 38 ).
والنص بتمامه في نسخة الإنترنت موقع الكلمة:
http://elkalima.com/gna/ot/genesis/chapter38.htm به اختلاف هكذا:

[ 23وكانَ يَسوعُ في نحوِ الثلاثينَ مِنَ العُمرِ عِندَما بدَأَ رِسالتَهُ. وكانَ النـاسُ يَحسِبونَهُ اَبنَ يوسُفَ، بنِ عالي، 24بنِ مَتْثاثَ، بنِ لاوِي، بنِ مَلْكي، بنِ يَنَّا، بنِ يوسُفَ، 25بنِ متَّاثِـيا، بنِ عاموصَ، بنِ ناحومَ، بنِ حَسْلي، بنِ نَجّايِ، 26بنِ مآتَ، بنِ متَّاثيا، بنِ شَمْعي، بنِ يوسفَ، بنِ يَهوذا، 27بنِ يوحنَّا، بنِ رِيسا، بنِ زرُبَّابِلَ، بنِ شأَلْتيئيلَ، بنِ نيري، 28بنِ مَلِكي، بنِ أدّي، بنِ قوصَمَ، بنِ المُودامِ، بنِ عِيرِ، 29بنِ يشوعَ، بنِ أليعازارَ، بنِ يوريَمَ، بنِ مَتثاثَ، بنِ لاوي، 30بنِ شَمعُونَ، بنِ يَهوذا، بنِ يوسُفَ، بنِ يونانَ، بنِ ألياقيم، 31بنِ مَلَيا، بنِ مَيْنانَ، بن متَّاثا. بنِ ناثانَ، بنِ داودَ، 32بنِ يسَّى، بنِ عُوبـيدَ، بنِ بُوعزَ، بنِ شالح، بنِ نَحْشونَ، 33بنِ عَمِّينادابَ، بنِ أدمي، بنِ عرني، بنِ حَصرونَ، بنِ فارِصَ، بنِ يَهوذا، 34بنِ يَعقوبَ، بنِ اَسحَقَ، بنِ إبراهيمَ، بنِ تارَحَ، بنِ ناحورَ، 35بنِ سَروجَ، بنِ رَعُو، بنِ فالجَ، بنِ عابرَ، بنِ شالحَ، 36بنِ قَينانَ، بنِ أرفكْشادَ، بنِ سامِ، بنِ نوحِ، بنِ لامِكَ، 37بنِ مَتوشالِـحَ، بنِ أخنوخَ، بنِ يارِدَ، بنِ مَهلَلْئيلَ، بنِ قينانَ، 38بنِ أنوشَ، بنِ شيتَ، بنِ آدمَ، اَبنِ الله.] لاحظ أيضا الاختلاف في بعض الأسماء.
توقف المحققون ملياً عند التناقض في نسب المسيح، وقد استوقفتهم ملاحظات منها:
ـ أن متى ولوقا اتفقا فيما بين إبراهيم وداود ، ثم اختلفا بعد ذلك اختلافاً كبيراً ، فقد جعل متى المسيح من ذرية ملوك بني إسرائيل سليمان ثم رحبعام ثم أبيا ثم آسا ثم يهوشافاط .... ، بينما يجعله لوقا من نسل ناثان بن داود وليس في أبنائه من ملك على بني إسرائيل .
ـ ولا يعقل أن يكون المسيح من ذرية أخوين أي سليمان وناثان ابنا داود عليه السلام .
ـ وأيضاً بلغ الاختلاف بين القوائم الثلاث مدى يستحيل الجمع فيه على صورة من الصور، فالاختلاف في أعداد الأجيال كما الأسماء، وثمة خلل في الأنساب وإسقاط لعدد من الآباء.
- وقد حرص متى على تقسيم سلسلة الأنساب التي ذكرها إلى ثلاثة مجموعات في كل منها أربعة عشر أباً فيقول متى 1/17: [ 17فمَجْموعُ الأجْيالِ مِنْ إبراهيمَ إلى داودَ أرْبَعَةَ عَشَرَ جيلاً. ومِنْ داودَ إلى سَبْـيِ بابِلَ أرْبَعَةَ عَشَرَ جيلاً. ومِنْ سَبْـيِ بابِلَ إلى المَسيحِ أرْبَعَةَ عَشَرَ جيلاً.] .لكن متى لم يوف بالأرقام التي ذكرها إذ لم يذكر بين المسيح والسبي سوى إثني عشر أباً. وقد تصرف متى في المجموعة الثانية فأسقط عدداً من الأسماء ليحافظ على الرقم 14 فأسقط ما بين يورام وعزيا ثلاثة آباء ، هم أخزيا بن يورام وابنه يواشى وابنه أمصيا والد عزيا .
- وأما ما جاء في مقدمة لوقا " وهو على ما كان يظن " فقد يظن فيه النصارى مهرباً من الاعتراف بهذا التناقض لكن هذه العبارة قد وضعت في النسخ الإنجليزية بين قوسين ( ) للدلالة على عدم وجودها في المخطوطات القديمة، أي أنها دخيلة وتفسيرية.
لكن العبارة في سائر اللغات العالمية موجودة من غير أقواس، أي أصبحت جزءاً من المتن (الوحي ).
والسؤال كيف يجمع علماء الكتاب المقدس بين تناقضات أنساب المسيح ؟.
قال بعضهم: " لا يراد من هذا شجرة نسب كامل، … أسماء قد سقطت من بعض الإنجيليين، وهذا للتوضيح الموصل إلى الرغبة بإثبات سلالة مؤسسة على الصحة التاريخية في خطوطها العريضة أو عناصرها الأساسية ". ولكن بوكاي لا يرى هذا التبرير مقبولاً ، لأن النصوص لا تسمح بمثل هذا الافتراض، إذ أن نص التوراة الذي اعتمد عليه الإنجيليون يقول : فلان في عمر كذا أنجب كذا ، ثم عاش كذا من السنين ، وهكذا فليس ثمة انقطاع .
ويقول صاحب كتاب " شمس البر " معرفتنا بطريقة تأليف جداول النسب في تلك الأيام قاصرة جداً " ، ويعلق بوكاي " لاشك أن نسب المسيح في الأناجيل قد دفع المعلقين المسيحيين إلى بهلوانيات جدلية متميزة صارخة تكافئ الوهم والهوى عند كل من لوقا ومتى "، لكن النتيجة الخطيرة والمهمة المترتبة على وجود هذا التناقض هي : أن إنجيل متى لم يكن معروفاً للوقا مع أنه قد سبقه بنحو عشرين سنة ، ولو كان لوقا يعرفه ، أو يعتبره إنجيلاً مقدساً لراجعه ولما خالفه ، فدل ذلك على عدم وجود إنجيل متى يومذاك ، أو إسقاط الاعتبار له . ثم ماذا عن يوحنا ومرقس لم أهملا نسب المسيح ، فلم يذكراه ؟ هل يرجع ذلك لشكهما في صحة متى ولوقا أم خوفاً من سخرية اليهود أم ..... ؟ ثم يتعامل مرقس ويوحنا بوضوح تام مع المسيح على أنه ابن ليوسف النجار.
ملاحظات هامة حول نسب المسيح:
ومن التأمل في سلسلتي نسب المسيح تبين للمحققين بعض الملاحظات.
1 ) ما علاقة يوسف النجار بالمسيح :
عند التأمل في سلسلة نسب المسيح نجد أن النصارى جعلوا نسب يوسف النجار نسباً للمسيح الذي لا أب له ، وليس ثمة علاقة بينه وبين يوسف النجار، ولو كان المذكور نسب مريم لكان له وجه أما يوسف النجار فلا . ثم إن نسبة المسيح ليوسف النجار تؤكد ما كان اليهود يشيعه عن مريم وابنها، إذ هي نسبة غير حقيقية ، ثم إن اشتهار المسيح بأنه ابن يوسف النجار يجرد المسيح من إحدى أعظم المعجزات التي اختص بها عليه السلام، فلم يصر عليها النصارى ؟ ،وإن أصر النصارى على قدم هذه النسبة التي أوردتها الأناجيل فإنا حينذاك نراها دالة على عبوديته لله ، وأن معاصريه كانوا يرونه بشراً عادياً جاء من سلالة بشرية، وكانوا يسمونه ابن النجار، وهذا يدل على أن دعوى الإلوهية التي أحدثها بولس لم تكن قد سرت حينذاك وإلا لما احتيج إلى نسب للمسيح الإله .
وإذا نظر الباحث في نسل داوود كما جاء في العهد القديم،يجد أن جدات المسيح المذكورات في نسب السيد المسيح عليه السلام كما هو وارد في إنجيل متى من الزنا حيث ذكر في نسب المسيح أربع جدات هن ثامار ، وزوجة داود بَتشابَعُ بنتُ أليعامَ التي كانت لأوريا الحثي ، و اَمرأةٍ زانيةٍ اَسمُها راحابُ ، وراعوث، فما السر في ذكر هؤلاء الجدات دون سائرهن ؟ هل كن نساء فوق العادة حتى خلدهن الإنجيل؟.
إن لكل واحدة من الأربع سوءة تذكرها التوراة ، فأما ثامار فهي التي ولدت فارص زنا من والد أزواجها الذين تعاقبوا عليها واحداً بعد واحد تنفيذاً لما جاء في الناموس عن زواج الرجل من أرملة أخيه ، وهكذا ولدت ثامار فارص من والد أزواجها يهوذا ( انظر قصتها مع يهوذا في التكوين 38/2 - 30 )هكذا:

زواج يهوذا من ثامار :
[ وفي ذلِكَ الوقتِ فارقَ يَهوذا إخوتَه وذهَبَ إلى رجلٍ عَدُلاَميٍّ اَسمُه حيرَةُ. 2ورأى يَهوذا هُناكَ بنتَ رجلٍ كنعانيٍّ اسمُه شُوعٌ، فأخذَها ودخل علَيها 3فحَبِلت ووَلَدَتِ اَبنًا فسَمَّاه عيرًا. 4وحَبِلَت أيضًا ووَلَدَت اَبنًا فَسَمَّتْهُ أونانَ. 5وعادَت فوَلَدَتِ اَبنًا وسمَّتْهُ شيلَةَ. وكانَ في كَزيبَ حينَ ولَدَتْهُ. 6وأَخذَ يَهوذا زوجةً لِعيرَ اَبنِهِ البِكْرِ، اَسمُها ثامارُ. 7وكانَ عيرُ هذا شرِّيرًا في نظَر الرّبِّ، فأماتَهُ الرّبُّ. 8فقالَ يَهوذا لأونانَ: «أدخلْ على اَمرأةِ أخيكَ فتَزَوَّجها وأقِمْ نسلاً لأخيكَ». 9وعَلِمَ أونانُ أنَّ النَّسلَ لا يكونُ لَه، فكانَ إذا دخل على اَمرأةِ أَخيهِ أَفرَغَ مَنيَّهُ على الأرضِ لئلاَ يَجعَلَ نسلاً لأخيهِ. 10فاَستاءَ الرّبُّ بِما فعَلَهُ أُونانُ، فأماتهُ أيضًا. 11فقالَ يَهوذا لِتامارَ كَنَّتِه: «بِما أَنَّكِ أرملةٌ أقيمي في بَيتِ أَبيكِ حتى يكبُرَ شيلَةُ اَبني». قالَ هذا مَخافةَ أَنْ يموتَ شيلةُ أيضًا كأخوَيهِ. فذَهَبَت تامارُ وأقامت في بَيتِ أبيها. 12ولمَّا طالتِ المُدَّةُ وماتتِ اَبنةُ شُوعَ، اَمرأةُ يَهوذا، صَعِدَ يهوذا بَعدَ أيّامِ العزاءِ إلى حيثُ كانَ غنَمُه يُجزُّ في تِمْنَةَ، هوَ وصاحِبُهُ حِيرَةُ العَدُلاَميُّ. 13وقِيلَ لتامارَ: «ها حَمُوكِ صاعِدٌ إلى تِمْنَةَ لِجزِّ غنَمِهِ». 14فخلَعَت ثيابَ ترَمُّلِّها، وتَغَطَّت بالبُرقُعِ واستَتَرت وجلسَت في مدخل عَينايِمَ، على طريقِ تِمنَةَ. فعَلَت ذلِكَ لأنَّها رأت أنَّ شيلةَ اَبنَ يهوذا كَبُرَ ولم تُزوَّج بِهِ. 15فرآها يَهوذا فحَسِبَها زانيةً لأنَّها كانت تُغطي وجهَها. 16فمالَ إليها في الطَّريقِ وقالَ لها: «تعالَي أدخلْ علَيكِ» وكانَ لا يَعلَمُ أنَّها كَنَّتُه. فقالت: «ماذا تُعطيني حتى تدخلَ عليَّ؟» 17قالَ: «أُرسِلُ لكِ جديًا مِنَ الماشيةِ». قالت: «أعطِني رَهْنًا إلى أنْ تُرسِلَهُ». 18قالَ: «ما الرَّهنُ الذي أُعطيكِ؟» قالت: «خاتَمُكَ وعِمامَتُكَ وعصاكَ الَّتي بيدِكَ». فأعطاها ودخلَ علَيها، فحَبِلت مِنهُ. 19ثُمَ قامت، فذَهبت إلى بَيتها وخلَعَت بُرْقُعَها ولَبِسَت ثِيابَ ترَمُّلِها. 20وأَرسلَ يَهوذا جديًا معَ صاحِبهِ العَدُلاَميِّ لِيَفُكَ الرَّهْنَ مِنْ يدِ المَرأةِ فلم يَجدْها. 21فسأل المُقيمينَ هُناكَ: «أينَ البَغيُّ التي كانت في عَينايِمَ على الطَّريقِ؟» قالوا: «ما كانت هنا بَغيٌّ». 22فرَجعَ إلى يَهوذا وقالَ لَه: «لم أجدْها، والمُقيمونَ هُناكَ أيضًا قالوا: ما كانت هنا بَغيٌّ». 23فقالَ يَهوذا: «لِتَحتَفِظْ بِما لي عِندَها لِئلاَ تلحقَنا المهانَةُ كيفَ أرسلتُ أنا الجديَ، وأنتَ لم تَجدْها». 24وبَعدَ مُرورِ نحوَ ثلاثةِ أَشهرٍ قِيلَ لِيهوذا: «زَنَت تامارُ كَنَّتُكَ، وها هيَ حُبلى مِنَ الزِّنى». فقال يَهوذا: «أَخرِجوها وأحرِقُوها». 25وبَينَما هُم يُخرجونَها أرسَلَت إلى يَهوذا حَميِّها تقولُ: «تحَقَّقْ لِمَنْ هذا الخاتَمُ والعِمامَةُ والعصا، فأَنا حُبلى مِنه». 26فتَحَقَّقَها يَهوذا وقالَ: «هيَ أَصدَقُ منِّي. كانَ عليَ أنْ أُزوِّجها لِشيلَةَ اَبني». ولم يَعُدْ أيضًا يُضاجعُها. 27ولمَّا جاءَ وقتُ وِلادَتِها كانَ في بَطنِها تَوأَمانِ. 28وبَينَما هيَ تَلِدُ أَخرَج أحدُ التَّوأَمَينِ يَدَهُ، فأمسَكَتْها القابِلَةُ وعَقَدَت علَيها خيطًا قِرْمِزِيُا وقالت: «هذا خرَج أوَّلاً». 29فلمَّا رَدَ يَدهُ خرَج أخوهُ فقَالت: «لماذا قَطَعْتَ الخيطَ؟ علَيكَ القَطِيعَةُ». فَسُمِّيَ فارِصَ. 30ثُمَ خرَج أَخوه وعلى يَدِهِ خيط القِرمِزِ، فَسُمَّيَ زارَحَ. ].

وأما زوجةُ أوريَّا الحِثِّيِّ (بَتشابَعُ بنتُ أليعامَ،) فهي التي تتهم التوراة زوراً داود بأنه فجر بها، وهي زوجة لأحد قادته فحملت ، ثم دفع داود بزوجها إلى الموت ، وتزوجها بعد وفاته ، وكان حملها بالنبي سليمان أحد أجداد المسيح ( انظر القصة في صموئيل (2) 11/1 - 4 ):
[ولمَّا جاءَ الرَّبيعُ، وهوَ وقتُ خروج المُلوكِ إلى الحربِ، أرسلَ داوُدُ يوآبَ والقادةَ معَهُ على رأسِ كُلِّ جيشِ بَني إِسرائيلَ، فسحقوا بَني عَمُّونَ وحاصروا مدينةَ رِبَّةَ. وأمَّا داوُدُ فبَقيَ في أورُشليمَ.2وعِندَ المَساءِ قامَ داوُدُ عَنْ سريرهِ وتمشَّى على سطحِ القصرِ، فرأى على السَّطحِ اَمرأةً تَستحِمُّ وكانَت جميلةً جدُا. 3فسألَ عَنها، فقيلَ لَه: «هذِهِ بَتشابَعُ بنتُ أليعامَ، زوجةُ أوريَّا الحِثِّيِّ». 4فأرسَلَ إليها رُسُلاً عادوا بها وكانَت اَغتَسلت وتَطهَّرت، فدخلَ علَيها ونامَ معَها، ثُمَ رجعت إلى بَيتِها. 5وحينَ أحسَّت أنَّها حُبلى أعلَمتهُ بذلِكَ.6فأرسَلَ داوُدُ إلى يوآبَ يقولُ: «أرسِلْ إليَ أوريَّا الحِثِّيَّ» فأرسَلَهُ. 7فلمَّا جاءَ سألَهُ داوُدُ عَنْ سلامةِ يوآبَ والجيشِ وعَنِ الحربِ، 8ثُمَ قالَ لَه: «إنزِلْ إلى بَيتِكَ واَغسِلْ رِجلَيكَ واَسترِحْ». فخرج أوريَّا مِنَ القصرِ وتَبِعتْهُ هديَّةٌ مِنْ عِندِ داوُدَ. 9فنامَ على بابِ القصرِ معَ الحرَسِ ولم ينزِلْ إلى بَيتِهِ. 10فلمَّا قيلَ لداوُدَ: «أوريَّا لم يَنزِلْ إلى بَيتِهِ»، دَعاهُ وقالَ لَه: «أما جئتَ مِنَ السَّفرِ؟ فما بالُكَ لا تنزِلُ إلى بَيتِكَ؟» 11فأجابَهُ أوريَّا: «تابوتُ العَهدِ ورِجالُ إسرائيلَ ويَهوذا مُقيمونَ في الخيامِ، ويوآبُ وقادَةُ سيِّدي المَلِكِ في البَرِّيَّةِ، فكيفَ أدخلُ بَيتي وآكُلُ وأشربُ وأنامُ معَ زوجتي؟ لا وحياتِكَ، لا أفعَلُ هذا». ].
وأما راحاب زوجة سلمون ، وأم بوعز ، وكلاهما من أجداد المسيح ، حسب متى و هي التي قال عنها يشوع: "امرأة زانية اسمها راحاب " كما جاء في يشوع 2/1 هكذا:
[ فأرسَلَ يَشوعُ بنُ نُونٍ رَجلَينِ مِنْ شِطِّيمَ في الخفاءِ، قائلاً: «إذْهَبا واَستَطْلِعا الأرضَ خصوصًا مدينةَ أريحا». فذَهَبا إلى المدينةِ ودخلا بَيتَ اَمرأةٍ زانيةٍ اَسمُها راحابُ وباتا هُناكَ. 2فقيلَ لِمَلِكِ أريحا: «جاءَ إلى هُنا هذِهِ اللَّيلةَ رَجلانِ مِنْ بَني إِسرائيلَ لِيَستَطلِعا الأرضَ». 3فأرسلَ مَلِكُ أريحا إلى راحابَ يقولُ لها: «أخرِجي الرَّجلَينِ اللَّذَينِ في بَيتِكِ، فهُما أتيا لِيَستَطلِعا الأرضَ كُلَّها». 4فأخذَتِ المَرأةُ الرَّجلَينِ وأخفَتهُما وقالَت: «نعَم جاءَني الرَّجلانِ لكنِّي لَم أعلَمْ مِنْ أينَ هُما. 5وعِندَ إغلاقِ بابِ المدينةِ وقتَ الظَّلامِ خرَجا ولا أعرفُ أينَ ذهَبا. فأسرِعوا واَلحَقوا بهِما». 6وكانَت أصعَدَتهُما إلى السَّطحِ وخبَّأتهُما بَينَ عيدانِ كتَّانٍ مُصفَّفةٍ هُناكَ. 7فتَبِعَهُما رِجالُ المَلِكِ في طريقِ الأردُنِّ إلى المَعابرِ، وحالما خرَجوا مِنَ المدينةِ أُغلِقَ البابُ.] وذكر قصة زناها في سفره .
وأما راعوث فهي راعوث المؤابية زوجة بوعز وأم عوبيد ، والتوراة تقول في التثنية 23 / 3 : [4ولا يدخلْ عَمُّونيًّولا مُوآبيٌّولا أحدٌ مِنْ نسلِهِ في جماعةِ المُؤمنينَ بالرّبِّ، ولو في الجيلِ العاشِرِ وإلى الأبدِ ].
ولحسن الحظ هذه المرة فإن المسيح ليس داخلاً في هذا الطرد، إذ هو الجيل الثاني والثلاثون لها.
فماذا عن أجداد السيد المسيح عليه السلام:
أما أجداد المسيح الذكور الذين ذكر متى منهم اثنان وثلاثون أباً ( إلى داوود ) وذكر لوقا اثنان وأربعون أباً ، فهؤلاء أيضاً لا يتشرف المسيح بأن يكونوا من آبائه لو كان ما تذكره التوراة صحيحاً ، وحاشا أن يكون ذلك صحيحاً، وبعد عصر السيد المسيح عليه السلام أراد النصارى إثبات دعوة المسيح أمام اليهود، فألحقوا المسيح بنسل داوود، ليجعلوا اليهود بهذا الإلحاق من الخارجين على المسيح عليه السلام ، وترتب على هذا الإلحاق إشكال، هو أنهم جعلوا للمسيح عليه السلامأربعة أجداد من الزنا، ومن كان كذلك فقد خرج من حزب الله كما صرح العهد القديم، والأجداد الأربعة هم: مؤاب. فارص. بن عمي. سليمان.
1ـ (أما «مُوآبَ» و «بِنْ عَمِّي») فهما ابنا لوط،وذلك طبقا لما هو مذكور في العهد القديم،. أن لوطا زنا سكرانا بابنتيه 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ» - وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضاً وَلَدَتِ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي» - وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى اْليَوْمِ. ]. ومن الأول جاء المؤابيون ومن الثاني جاء العمونيون.
والقصة بتمامها في تكوين 19 / 30 – 38:
[30وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ وَابْنَتَاهُ مَعَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. 31وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. 32هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْراً وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 33فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 34وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ \لْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْراً اللَّيْلَةَ أَيْضاً فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ الَّيْلَةِ أَيْضاً وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا 36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ» - وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضاً وَلَدَتِ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي» - وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى اْليَوْمِ. ].
والعهد القديم يقول [4ولا يدخلْ عَمُّونيًّولا مُوآبيٌّولا أحدٌ مِنْ نسلِهِ في جماعةِ المُؤمنينَ بالرّبِّ، ولو في الجيلِ العاشِرِ وإلى الأبدِ ]. "تثنية 23 / 2 – 3".

2ـ (وأما فارص) فولد من ثامارا بعد أن زنى بها يهوذا "تكوين 38 / 6 - 0 3":
24وبَعدَ مُرورِ نحوَ ثلاثةِ أَشهرٍ قِيلَ لِيهوذا: «زَنَت تامارُ كَنَّتُكَ، وها هيَ حُبلى مِنَ الزِّنى». فقال يَهوذا: «أَخرِجوها وأحرِقُوها». 25وبَينَما هُم يُخرجونَها أرسَلَت إلى يَهوذا حَميِّها تقولُ: «تحَقَّقْ لِمَنْ هذا الخاتَمُ والعِمامَةُ والعصا، فأَنا حُبلى مِنه». 26فتَحَقَّقَها يَهوذا وقالَ: «هيَ أَصدَقُ منِّي. كانَ عليَ أنْ أُزوِّجها لِشيلَةَ اَبني». ولم يَعُدْ أيضًا يُضاجعُها. 27ولمَّا جاءَ وقتُ وِلادَتِها كانَ في بَطنِها تَوأَمانِ. 28وبَينَما هيَ تَلِدُ أَخرَج أحدُ التَّوأَمَينِ يَدَهُ، فأمسَكَتْها القابِلَةُ وعَقَدَت علَيها خيطًا قِرْمِزِيُا وقالت: «هذا خرَج أوَّلاً». 29فلمَّا رَدَ يَدهُ خرَج أخوهُ فقَالت: «لماذا قَطَعْتَ الخيطَ؟ علَيكَ القَطِيعَةُ». فَسُمِّيَ فارِصَ. 30ثُمَ خرَج أَخوه وعلى يَدِهِ خيط القِرمِزِ، فَسُمَّيَ زارَحَ. ].
3ـ (وأما سليمان) فولد من بَتشابَعُ بنتُ أليعامَ امرأة أوريا حيث زنا بها داوود ":
صموئيل 12 / 7 – 23"، وحاشاه!.
2[وعِندَ المَساءِ قامَ داوُدُ عَنْ سريرهِ وتمشَّى على سطحِ القصرِ، فرأى على السَّطحِ اَمرأةً تَستحِمُّ وكانَت جميلةً جدُا. 3فسألَ عَنها، فقيلَ لَه: «هذِهِ بَتشابَعُ بنتُ أليعامَ، زوجةُ أوريَّا الحِثِّيِّ». 4فأرسَلَ إليها رُسُلاً عادوا بها وكانَت اَغتَسلت وتَطهَّرت، فدخلَ علَيها ونامَ معَها، ثُمَ رجعت إلى بَيتِها. 5وحينَ أحسَّت أنَّها حُبلى أعلَمتهُ بذلِكَ].
والعهد القديم يقول " لا يدخل ابن زنى في جماعة الرب حتى الجيل العاشر " "تثنية 23 / 1 – 2".
[mark=#FFFF00]
فوفقا لهذه النصوص يكون الذين ألحقوا المسيح عليه السلام بنسل داوود، قد أخرجوه في الحقيقة من جماعة الرب إلى الأبد، لأنه لا يدخل جماعة الرب كل ولد زنا ولا سيما المؤابيين وبني عمي وهو منهما، ومما يزيد الإشكال إشكالا أنهم على الرغم من هذا النسب اعتبروا المسيح عليه السلام ابنا لله أو إلها متجسدا في الناسوت وتلك مصيبة كبرى.
[/mark]
وأما يهوياقيم أحد أجداد السيد المسيح عليه السلام:
نجده مذكور في سفر الأيام الأول 3/14-15:
[ 12وأمَصْيا وعزَرْيا ويوثامُ 13وآحازُ وحَزْقِيَّا ومنَسَّى 14وآمونُ ويوشيَّا. 15وبَنو يُوشيَّا: يوحانانُ بِكْرُه، ويوياقيمُ (يهوياقيم) وصِدقيَّا وشَلُّومُ. 16واَبنا يوياقيمَ (يهوياقيم): يَكُنيا وصِدْقيَّا].
إلا أن متى قد أسقطه من نسبه للمسيح، بين يوشيا وحفيده يكنيا،هكذا:
10وحَزْقِيّا ولَدَ مَنَسّى. ومَنَسّى ولَدَ آمونَ. وآمونُ ولَدَ يوشِيّا. 11ويوشِيّا ولَدَ يَكُنيّا وإخوَتَه زَمَنَ السبْـيِ إلى بابِلَ.
ولا يخفى على المحققين سبب إسقاطه لاسمه ، فحسب سفر الأيام فقد ملك يهوذا، فأفسد فقال الله فيه كما جاء في ( إرميا 36/30 - 31 ):
[29وقُلْ ليوياقيمَ: قالَ الرّبُّ: أنتَ أحرَقتَ هذِهِ الصَّحيفةَ وقُلتَ لإرميا، لِماذا كتَبتَ فيها أنَّ مَلِكَ بابِلَ لا بُدَ أنْ يأتيَ ويُدَمِّرَ هذِهِ الأرضَ ويُبيدَ فيها النَّاسَ والبَهائِمَ؟ 30فلذلِكَ قالَ الرّبُّ على يوياقيمَ مَلِكِ يَهوذا: لا يَجلِسُ أحدٌ مِنْ نَسلِهِ على عرشِ داوُدَ، وتُطرَحُ جثَّتُهُ لِلحَرِّ في النَّهارِ وللصَّقيعِ في اللَّيلِ. 31وأُعاقِبُهُ هوَ وذُرِّيَّتهُ وعبيدهُ على ذُنوبِهِم، وأجلِبُ علَيهِم وعلى سُكَّانِ أُورُشليمَ ورِجالِ يَهوذا جميعَ الشَّرِّ الذي تَكَلَّمتُ بهِ لأنَّهُم لم يَسمَعوا». ].
كما أن هذه المقدمة لا تؤهل النسل في الدخول في جماعة الرب كما ذكر العهد القديم أيضا، وهو قوله: [ 2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ ". تثنية 23 / 2 ـ 3.

والخلاصة:

لقد وضع اليهود النسب الذي يتفق مع أهوائهم، ثم شيدوا على هذا النسب فتن لا تقود إلا إلى الدجال، ولقد بينت الرسالة الخاتمة أن للدجال كنى وأسماء تستقيم مع فتنته. والنصارى الذين دونوا نسب المسيح لم يلتفتوا إلى أن المسيح ليس له أب بيولوجي، وأن نسبته إلى يوسف النجار لا جدوى من ورائها، لأن النسب يجب أن يكون من جهة العذراء فقط، لكنهم عملوا خلاف ذلك، واتبعوا النسب الذي وضعه اليهود، اعتقادا منهم أن متابعة اليهود في هذا، فيه إدانة لليهود الذين لم يؤمنوا بدعوة المسيح عليه السلام، ولكن هذا النسب الذي تجاهل سبط لاوي الذي على ذروته آل عمران، قاد الذين ينتظرون المسيح ابن داوود أو المسيح ابن يوسف، إلى فتنة وصفتها الرسالة الخاتمة بأنها أعظم فتنة منذ ذرأ الله ذرية آدم.
وعند خاتمة المسيرة الإسرائيلية، بعث الله تعالى النبي يحيى والنبي عيسى عليهما السلام، وكل منهما يحمل معالم جفاف المسيرة، ليتدبر فيها أصحاب العقول والإفهام، وليعلموا أن القيادة ستنزع من أيديهم وتكون لشعب آخر من أبناء إبراهيم، ومعالم الجفاف أن النبي يحيى ولد لأب اشتعل رأسه شيبا ولأم عاقر، أما المسيح عليه السلام فولد لعذراء لم يمسسها بشر. لقد جاء يحيى من طريق أبوين الذرية لهما أمر غير معهود، ليكون مصدقا بعيسى عليه السلام الذي جاء من جهة كلمة الإيجاد (كن)، وذلك لأن سائر الأفراد من الإنسان يجري ولادتهم على مجرى الأسباب العادية المألوفة، ولكن ولادة المسيح عليه السلام لم تجر هذا المجرى لأنه فقد بعض الأسباب العادية، لهذا كان وجوده بمجرد كلمة التكوين (كن) ولم يتخلل هذا الوجود الأسباب العادية.
لهذا كان الباب الذي دخل منه آخر أنبياء بني إسرائيل، باب يدعو المسيرة إلى التدبر والإيمان، وليحذروا المخالفة لأنها ستنتج على آخر الطريق فتنة، ومعنى أن يغلقوا على أنفسهم باب الفتنة، أن قيادة المسيرة البشرية لن تكون من داخل الأبواب المغلقة، إنما ستنتقل إلى مكان أوسع وأرحب، والله تعالى يورث الأرض لمن يشاء من عباده.
في نهاية المسيرة جاءت دعوة زكريا عليه السلام، وكان متزوجا من اليصابات من بنات هارون لوقا 1/ 5: [5كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ.].
ويقول إنجيل لوقا فيهما [6وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ. ] المصدر السابق 1 / 6.. وقال [7وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِراً. وَكَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا. ] المصدر السابق 1 / 7.
وذكر لوقا 1/ 11ـ 14: بينما كان زكريا يؤدي خدمته الكهنوتية أمام الله سأله الولد. [11فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفاً عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ. 12فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ. 13فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْناً وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. 14وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ ].
والقرآن الكريم ذكر هذه المعجزة في قوله تعالى في سورة مريم / 4ـ 7:
[ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)].
وجاء يحيى وريث زكريا وآل يعقوب، ليكون حجة على مسيرة خرج معظمها عن سبيل آل يعقوب، وكان المسيح عليه السلام آخر أنبياء الشجرة الإسرائيلية التي جعلها الله حجة على المسيرة الإسرائيلية.
اقرءوا معي قصة ميلاد السيد المسيح عليه السلام..كما جاءت في سورة مريم، من القرآن العظيم.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)] مريم 16ـ 34.
 
الفرع الثالث

حول صلب السيد المسيح


1ـ لماذا يرفضُ القرآنُ الكريم صلبَ عيسى عليه السلام.
وللإجابة نقول يجب أن ننظرَ للمسألة في سياقها الدّيني الاجتماعي، فنبي النّاصرة عليه السلام إسرائيلي بعثه الله إلى شعبه إسرائيل، و الفكرة المحورية في هذه القضية هي أنّ شريعة التوراة التي هي ضمير الشعب لا تُعَلّقُ رجلا على خشبةٍ إلاّ إذا كان مُجرماً عاتياً أو كافراً بالله تعالى مُجدّفاً.
فإذا نجحَ خصُومُه في صلبِه فقد مَسّوا بمصدَاقيته وأقنعوا النّاس من شعبِهم أنّ هذا الرجلَ ليسَ إلا تلميذا للشيطان ، لم يفعلْ عجيبةً من عجائبهِ إلا بقوة بعل زبول .
وإذا ثبتَ لنا يقيناً من التاريخ أنّ رسالة سيّدنا عيسى عليه السلام استمرّت و اشتدّ عودُها بعده فلا تفسير لها سوى أنّه لم يُصلبْ.
ولتقريب الفكرة دعوني أضرِبُ هذا المثل، هبْ أنّ رجلا مسلماً ادّعى الصلاح والكرامات بين المسلمين فتَبِعهُ البُسطاء والسذّجُ واستطاع أن يصنع لنفسه مكانة مقدّسةً بينهم، ثم بمرور الأيام بدأت تُرفعُ إلى النائب العام شكاوى مِن مريديه تتّهِمُه بالنصبِ والاحتيال وخيانة الثقّة والشعوذة والأخلاق الفاحشة، وأُوكِلَ التحقيقُ للشرطة و القضاة و جُمِعت عناصرُ الجريمة و اعترفَ المتّهمُ بجرائمه وقضتِ المحكمة الشرعية برَجْمِه جزاء بما قدّمتِ يداه.
لا شكّ أنّ هذا الرجلَ سيسقطُ في عيني النّاس ولا ريبَ أنّ ادّعاءاته ستنفضح، وسيتّضحُ لأتباعه أنّه كان مُغرّراً بهم.
ولنفرضْ أيضاً أنّ رجُلا قام بعدَه و قال:
ماتَ هذا المرجومُ من أجلِ خطايانا، فهل تجدُ هذه الدعوى بين المسلمين آذانا مُصغيةً ؟.
لا شكّ أنّ محاولةً مثلَ هذه ستفشلُ فشلا ذريعاً، إذ كيف يموت هذا الفاسقُ المجرِمُ من أجلِ خلاصنا؟؟ وإذا نجحت هذه الدعوة فإنّها ستنجحُ لا محالةً بين غيرِ المسلمين من وثنيين و غيرهم، وهذا ما حدثَ بالفعلِ ففكرةُ المسيح المصلوب نجحَت لا بين اليهود وإنّما بين الوثنيين من الإغريق و الرومان لأنّها فكرةٌ قريبةٌ من عقائدهم لكنّها بين شعب يسوع عليه السلام فضيحةٌ و جهالةٌ .
وهكذا نستطيعَ تلخيص هذه المعادلة كالتالي:
يُسلِّمُ اليهودي المؤمنُ بمسيحٍ مصلوبٍ لمّـا يسلِّمُ المسلمُ بصلاح وتقوى رجلٍ مَرجُومٍ.
والسؤال الآن ..ما مصلحة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رفضه للصلب:
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمّيٌ خرج من قرية أمّية و كانت المسيحية منتشرة في ثلاث قارات:شمال إفريقيا ، أوروبا وآسيا. وجدهم متّفقين جميعا على أنّ عيسى مات مصلوبا تكفيرا عن خطايا البشر، و كان صلى الله عليه وسلم حريصا على أن يؤمن به الناس فهل من الدبلوماسية المعهودة في الحسابات البشرية أن يواجه وحده جميع المسيحيين و يخسر تعاطفا ممكنا إن لم يكن من الكلّ فعلى الأقل من البعض .
المنطق يقول أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن لديه أيّة مصلحة في نكران صلب عيسى و لو لم يكن لديه اليقين العميق من أنّ مصدره متين، أقوى من اعتقاد جميع المسيحيين آنذاك، ما أقدم على قول شيء قد يظهر خطئه بعد حين، خصوصا أنّه عليه الصلاة و السلام لم يكن لديه أيّ دليل تاريخي أو نصّي أو أيّ شيء آخر يدعم به موقفه سوى اعتقاده أنّه ينقل خبرا من لدن الحكيم الخبير.
ولتوضيح الأمر على ما يمكن أن تكون عليه خيبة المسيحي من عقيدة المسلم نضرب هذا المثل:لنفرض أنّ سياسيا من انجلترا أراد أن يكسب الشعب المصري صديقا لقضيته ، فهل يجرؤ على التشكيك في أعزّ ما يفخرُ به المصريون وهو انتصارهم على إسرائيل في حرب أكتوبر، ويقول لهم: ما انتصرتم ولا حاربتم وإنّما شبّه لكم؟.
فتصوّر أخي القارئ كيف يستحيل في منطق البشر ويتعذّر أن تجمع بين إرادتك في كسب أصدقاء مع تكذيبك لأعزّ ما يتمسّكون به.
والحقيقة الجلية أنّ تكذيب القرآن لصلب عيسى عليه السلام كان من شأنه أن يصنع أعداءً لرسولنا صلى الله عليه وسلم و لا يمكن أن يصنع له أصدقاء.
وهذا دليلٌ حاسم في أنّ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مُبلّغا عن ربّه ليس إلا، لا يرجو مصلحة خاصّة من ذلك.
معالجة القرآن الكريم لمسألة الصلب
من الأشياء التي تشدّ انتباه المحقّقين في مثل هذه المسائل، نجد أنّ ما تعتبره الكنيسة جوهر العقيدة والذي أطنب في تفسيره سبع وعشرون سفرا في الإنجيل لم يَرُدّه القرآن الكريم إلا بآية وحيدة في سورة النساء 157.[وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ].(النساء : 157 ).
ما هي الدروس المستخلصة؟
ـ أمّية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: و هذا هو الدرس الأوّل .
ليس من منطق البشر إذا أرادوا تفنيد شيء أن يكتفوا بالقول:" هذه القضية لم تحدث"، بل عليهم أن يأتوا بالبيّنات و الدلائل على صدق ما يدّعون. ولو سألنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما دليلك على أنّ عيسى عليه السلام لم يُقتل ولم يُصلب فسيقول أخبرني العليم الخبير، ونِعمَ بالله فلا علم ولا تاريخ ولا منطق يعلو فوق كلام الله تعالى.
ـ عدالة القرآن: وهو الدرس الثاني.
والمسلم لمّا يستند إلى القرآن الكريم في تفنيد صلب المسيح عيسى عليه السلام سيُواجه من قِبَلِ المسيحي بنصوص إنجيلية تثبت العكس.
وأمام هذه المعضلة سيحاول المتجادلان البحث عن مصدر مستقلٍّ يحتكمان إليه، لكن لا توجد وثائق تاريخية ذكرت أو حتّى أشارت إلى اسم يسوع عليه السلام.
ولمفاجئة الجميع رأينا أنّ الأناجيل التي بين أيدينا هي التي تفنّد صلبه، و بهذا تتحقّق عدالة القرآن الكريم في إقامة الحجّة على المنكرين من كتُبهم التي يطمئنون إليها، ولن يجد المسيحي خيرا له من نصوصه المقدّسة في علاج هذه المسألة، وهذا أسلوبٌ ربّاني، فقد احتجّ الله تعالى على اليهود بتوراتهم، قال تعالى:
[كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ].(آل عمران: 93 ).
وقد قال تعالى:[ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ].(العنكبوت: 46 ).
فلا شيء أحسن ولا أمضى حجّة من نصوص الكتاب المقدّس عند محاورة إخواننا أهل الكتاب.
ـ معجزة القرآن: من تصفّح ردود المسلمين في مسألة الصلب يتّضحُ جليا أنّ المسألة تتجاوزُهم.
فلم يفهموا لماذا رفض القرآن الكريم صلب عيسى عليه السلام ولا أتوا بشيء جديدٍ يدعم إيمانهم.
وإذا اتّضح من الأبحاث والدراسات النقدية والتاريخ والآثار التي اكتشفت في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين أنّ عيسى لم يصلب ولم يُقتل فهذه معجزة المعجزات.
ماذا يستهدف القرآن الكريم بنكرانه صلب المسيح؟.
أنّ القرآن الكريم يستهدف التالي:
1ـ عيسى عليه السلام ليس ملعونا بل نبيا مُباركا. وهذا ردّ على اليهود.
2ـ نفي عقيدة الخلاص، وإقرار أنّ كلّ امرئ بما كسب رهين. وهذا ردّ على النصّارى.
3ـ نفي عقيدة التجسّد القائلة ببنوة عيسى لله تعالى .
4ـ نفي نسخ عيسى عليه السلام لشريعة التوراة.
5ـ نفي أنّ الإنجيل هو العهد الجديد، بل هو آخر أسفار العهد القديم.
6ـ أنّ عيسى لم يؤسّس مملكة الله ، بل بشّر بها فقط.
7ـ عيسى عليه السلام ليس هو خاتم الأنبياء.
8 ـ إثبات أنّ الإنجيل عبثت به أيدي الضّالين.
كلّ هذه الأفكار التي عدّدناها تفسّرها حادثة الصلب، فإذا انهارت عقيدة الصلب ستنهار كلّ هذه الأفكار تباعا لها.
السياق السياسي والدّيني الاجتماعي زمن عيسى عليه السلام.
لفهم المسألة فهما جيّدا فعلى القارئ أن يستحضر جملة من القضايا السيّاسية الإدارية والدّينية والحالة النفسية لشعب إسرائيل التي شكّلت مضمار المعترك الذي عاش فيه النبي عيسى عليه السلام مع شعبه.
1- كانت فلسطين آنذاك مستعمرة رومانية مقسمة إلى ولايتين:
ولاية الجليل في الشمال تحت حكم هيرودس أونتيباس.
وولاية اليهودية في الجنوب ويحكمها بيلاطس البنطي وعاصمتها أورشليم.
وقد كانت السلطة الرومانية قد اتّفقت مع اليهود إثر أزمة ثورة المكابيين في القرن الثاني قبل الميلاد على أن تحترم معتقداتهم الدينية وأعيادهم وختانهم وسبوتهم وأن يُنصّبوا كاهنا عليهم ممن يرضونه في مقابل ألا يطلبوا الاستقلال وألا يُجنّدوا في الجيش الروماني وأن يدفعوا الضريبة لقيصر وألا ينفذّوا وحدهم قرارات كبيرة من شأنها المساس بالأمن والاستقرار كتنفيذ حكم الإعدام مثلا.
2- الحالة النفسية لشعب إسرائيل: كان شعب إسرائيل يعتقد أنّه شعب الله المختار، لكن الواقع يكذّب المعتقد، فقد كان يعيش تحت السلطات الوثنية منذ 600 سنة، وكانوا يسمّون الأمم بالكلاب و الخنازير، فكان الشعب يغتلي شوقا لوعد الله بأن يرسل إليهم المسيح المخلّص الذي يبيد الظالمين و يردّ لهم سلطانهم و مجدهم المسلوب.
3- لقب المسيح و معناه في الثقافة الإسرائيلية: تنبّأ أنبياء إسرائيل منذ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، على أنّ الله تعالى وعد شعبه بأن يرسل إليه المسيح، والمسيح لشدّة قربه ومكانته عند الله تلقّبه الأسفار المقدّسة " ابن الله" مجازا، ومن معانيه السياسية المَلِك.
جاء عيسى عليه السلام وكان اسمه المسيح. وهذا مجرد اسم ولم يكن عيسى عليه السلام لا أوّل ولا آخر من تسمّى به فملوك العهد القديم كانوا يحتفظون بهذا الاسم.
جاء في متى 1 :16 »16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ «.
ومن المعلوم أنه يطلق اسم المسيح على كل حاكم يهودي، صالحاً كان أو فاجراً.
ورد في مزمور 18 :50 »50بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ، وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ، لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ.«.
وأطلق مزمور 132 :10 لفظة المسيح على داود، وهو من الأنبياء والملوك الصالحين. وورد في 1صموئيل 24 :6 قول داود في حق شاول: »6فَقَالَ لِرِجَالِهِ: «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هذَا الأَمْرَ بِسَيِّدِي، بِمَسِيحِ الرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ، لأَنَّهُ مَسِيحُ الرَّبِّ هُوَ». « وكذلك ورد في 1صموئيل 24 :10 وفي 1صموئيل 26 وفي 2صموئيل 1 :14.
وأُطلقت كلمة »مسيح« في إشعياء 45 :1 على الملوك والوثنيين »1هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ، لِكُورَشَ الَّذِي أَمْسَكْتُ بِيَمِينِهِ لأَدُوسَ أَمَامَهُ أُمَمًا، وَأَحْقَاءَ مُلُوكٍ أَحُلُّ، لأَفْتَحَ أَمَامَهُ الْمِصْرَاعَيْنِ، وَالأَبْوَابُ لاَ تُغْلَقُ: 2«أَنَا أَسِيرُ قُدَّامَكَ وَالْهِضَابَ أُمَهِّدُ. أُكَسِّرُ مِصْرَاعَيِ النُّحَاسِ، وَمَغَالِيقَ الْحَدِيدِ أَقْصِفُ. «.
وكان عليه السلام وُلد من غير أب وهذا من شأنه أن يترك التباسا يسهل استغلاله من طرف خصومه، فسهل جدّا أن يُلفق ضدّه أنّه يدّعي أنّه ابن الله بالمعنى الحقيقي.
4- الصدام بين تعاليم عيسى عليه السلام و كبرياء إسرائيل:
أول شيء رفض عيسى عليه السلام الثورة ضد روما وقال قولته الشهيرة:" أعطوا لقيصر ما لقيصر ولله ما لله ". ويعنى أنّه على إسرائيل الصبر فوقت الخلاص لم يحن بعد.
ثانيا: "قال سيؤخذ منكم ملكوت الله ويُعطى لشعب آخر". ويعني هذا أنّ الله قرّر ألا يكون إسرائيل شعبه بعد اليوم.
ثالثا وصف السلطات الدينية بالمنافقين والمرائين والجشعين واليهود ككل بسلالة الأفاعي قتلة الأنبياء.
لكن هذا العدّو الجديد لإسرائيل ما فتئت تزداد شعبيته يوما بعد يوم لأنّه يحيي الموتى ويبرأ الأكمه والأبرص ويقيم المفلوجين والمقعدين ويطرد الأرواح الشريرة ويسكت الرياح ويٌكثّر الطعام.
فما السبيل إلى التخلّص منه ومن بدعته ؟.
كان أمام اليهود خيارين.
أوّلهما أسهل من شربة ماء، وهو اغتياله في شِعبِ أو واد أو في أحد طرق أسفاره الكثيرة. لكن الخطورة هي إن اغتالوه فسيعيش شهيدا في ذاكرة من آمن به، وهكذا لا يتمّ القضاء على بدعته، كما يراها اليهود.
ثانيهما بالغ الصعوبة وهو تقديمه للعدالة أمام مجلس الشيوخ أولا ثم أمام بيلاطس البنطي ثانيا حتى يسمح لهم بقتله وتعليق جثّته على خشبة كما يُقتلُ المجرمون.
وهذا هو الطريق الأمثل للتخلص منه و من دعوته.
والشيء الذي يمكن أن نستخلصه بدون منازع هو:أنّ اليهود حرصوا على قتل يسوع صلباً.
ولنبدأ مناقشة الفكرة من هنا .
ولفهم الحقيقة يجب علينا أن نحلّل الوضع السياسي و الدّيني الاجتماعي للأرض المقدّسة زمن صاحب البشارة عليه السلام.
فلسطين في هذا الزمان كانت مستعمرة رومانية يحكمها في نصفها الشمالي الجليل،الملك هيرودس أونتيباس؛ وفي النصف الجنوبي، اليهودية، الوالي الروماني بيلاطس البنطي بمرسوم قيصري صادر عن السلطة المركزية في روما.
وقبل هذا تعاقبت عليها الإدارات الوثنية منذ حملة نبوخذ نصّر البابلي على رأس القرن السادس قبل الميلاد،مرورا بالفرس، فالإغريق وأخيرا الرومان سنة 63 ق،م.
وقد عزّ على شعب الله المختار أن يعيش عيشة المهانة والذلّ، يدفع الجزية للخنازير والكلاب.
فاشتدّ شوقه وطال انتظاره إلى المسيح المخلّص ابن داوود (ملحوظة عيسى عليه السلام لاوي وليس يهوذي).
فظهر في هذا الزمان رجلٌ في ناصرة الجليل اسمه يشوع )الاسم العبراني( يبشّر شعبه بقرب مملكة يَهْوَهْ اله إسرائيل، وبقرب الفرج وينادي بعِتقٍ للمسبيين وتخلية للمأسورين وبِسَنَةِ الربّ المقبولة، وبانتقام الله ويعزّي جميع النائحين.
وقد علّق عليه الشعب أملا عظيما وظنّوا أنّه المسيح المخلّص، فرفض ذلك وانتهر الشعب ودعاهم لِمُسَالمة روما ودَفْعِ الجزية لها ودعاهم للصبر لأنّ وقت الخلاص لم يحِنْ بعد، وفضح جشع ونفاق السلطة الدينية بالخصوص والفرّيسيين على العموم.
إذن فلاشكّ أنّ رجلا مثل يشوع سيشكّل خطرا، في أعين مَنْ نَصّبُوا أنفسهم أمناء وأوصياء على عقيدة وتقاليد الآباء، ومتقاعسا عن انتزاع الاستقلال السياسي ومُهَدّدا لمصالح السلطة الدينية. فلا مناص من التخلّص منه بطريقة تكفل لهم الحيلولَة بينه وبين أتباعه وتمسَخُ اسمَهُ في ذاكرة الشعب.
ففكّر اليهود في قتلِ يسوع مصلوبا !؟… لكن لقتل رعية من رعايا الإمبراطورية الرومانية بهذه الطريقة، وإقحام الوالي الروماني في قضية لا تعنيه مبدئيا، يجب للقضية أن تستند لِتُهمَة يُجرّمُها القانون الروماني، ولقتل إسرائيلي أمام الشعب يجب للقضية أن تستند لفتوى شرعية من مجلس الشيوخ (السنهدرين (.
ومن غرائب الصُدَفِ كما سبق القول أنّ اسم "المسيح" تتقاطع فيه التُهمَتَان السيّاسية والدينية.
ولقد كان عليه السلام وتلاميذه فريسة سهلة لليهود لو أرادوا نَصْبَ كَمِينٍ له في أي مكان، فلقد كان عليه السلام رسولا مُتجوّلا وهذا ما يميّزه عن كثير من الرُسُل والأنبياء.
فكان لا يكاد يستقرّ في مكان حتى يغادِرَه إلى مكان آخر[تذكر الأناجيل أن يسوع كان كثير التنقل ليكرز بالبشارة. فيوم في الناصرة وآخر في كفرناحوم ومنه إلى بحيرة طبرية، بيت صيدا ، المدن العشر السامرة بيت عانيا ، أورشليم ثم صور وصيدا. ليبشّرَ بمملكة الله . وكان يُحَرّم على نفسه وأصحابه حَمْلَ الزاد والنقود والسيف وحتى العِصِيّ ففي متى 10/5 – 10 [5هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً:«إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ. 7وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ. 8اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا. 9لاَ تَقْتَنُوا ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً وَلاَ نُحَاسًا فِي مَنَاطِقِكُمْ، 10وَلاَ مِزْوَدًا لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْنِ وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصًا، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِق طَعَامَهُ.].
وفي لو 9/3[3وَقَالَ لَهُمْ:«لاَ تَحْمِلُوا شَيْئًا لِلطَّرِيقِ: لاَ عَصًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ خُبْزًا وَلاَ فِضَّةً، وَلاَ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ ثَوْبَانِ.]. فكان والذين آمنوا به بدون سلاح .
واليهود جوّزوا لأنفسهم اغتيال المضايقين، في أسفارهم المقدسة، واعتبروه خلاصاً من الله وتخليصاً ممن اصطفاهم الربّ لهذه المهمة الجليلة. ولو فعلوا ذلك في شِعْبٍ أو جَبَلٍ أو في أحد طُرُق أسفاره الكثيرة لَتَخلّصوا منه وخلّصوا الدهماء والسذّج وعامة إسرائيل من فتنة هذا الرجل الذي لم يكن في نظرهم سوى مضلاًّ ومشعوذًا ساحرًا. (لو 23/2).[ 2وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ:«إِنَّنَا وَجَدْنَا هذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ، وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ، قَائِلاً: إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ».].
أكَانَ خوفاً من السلطة الرومانية؟ كلاّ! فقد ثبت في الأناجيل الأربعة وسفر الأعمال أنّ الوالي الروماني كان متعاوناً مع اليهود.
فاللعبة دخلت فيها الحسابات السياسية، وغاب عنها الضمير والأخلاق والمشاعر الإنسانية.
ورحم الله القائل:"إنّ السياسة لعبة قذرة !" فلقد استيقن بيلاطس البنطي من براءة المقبوض عليه ـ الذي ظنّوه يسوع ـ لكنّه رضخ أخيرا لإرادة اليهود وأسلمه للصلب.
حادثة الصلب في ضوء إرهاصات الأزمة بين عيسى عليه السلام وشعبه:
ما ميّز زمن عيسى عليه السلام هو الثورات والتمرّد والفوضى في فلسطين.
وحادثة الصلب عنوان لذلك، فهي حادثة تاريخية أجمع عليها الإنجيل والقرآن الكريم،قال تعالى: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) النساء 157 .
فاليهود في نظرهم لم يصلبوا إلا يسوع ، رغم ما كان يعتري بعضهم الشك في أنّ هذا المقبوض عليه ليس يسوع، وقد اختلف الرعيل الأوّل من الكنيسة حول هوية المصلوب فالكنيسة الرسولية لم يكن لديها أدنى شك في أن المصلوب هو يهوذا الإسخريوطي الذي جازاه الربّ عز وجل بالعدل على خيانته كما تأثّرت بعض الكنائس بها ورفضت أن يكون المصلوب هو يسوع لكنها قالت أن المصلوب هو سمعان القيرواني حامل الصليب.
ومن أشهر القائلين بهذا القول هو بازليد صاحب الإنجيل الذي عرف باسمه و الذي اكتشفه بعض علماء الآثار في نجع حمادي في صعيد مصر، وأيّدها التلمود البابلي ولا خلاف فيها إلاّ في هوية المصلوب، فهو يسوع الناصري عند اليهود و كنيسة بولس.
فبولس هو الذي علّم أن يسوع صُلب لأجلنا كفارة عن الخطايا ، وكنيسته هي التي أدمجت تعاليمه في أسفار الإنجيل التي لم تعلّم أبداً أن يسوع صُلب وتم هذا الإدماج عند ترجمة الأسفار إلى اليونانية.
وقد شهد مؤرخو النصارى أنّ نصوص آلام المسيح لم تكن موجودة أصلا في الأناجيل، إنما كانت في كتيبات مستقلة.

لماذا الإصرار على قتل عيسى عليه السلام مصلوبا ؟
أنظر إلي مضمون الآية الكريمة:
[وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ] (النساء 157).وقد شدّت انتباهي منذ زمنٍ بعيد!.
 
الفرع الثالث


حول صلب السيد المسيح


1ـ لماذا يرفضُ القرآنُ الكريم صلبَ عيسى عليه السلام.
وللإجابة نقول يجب أن ننظرَ للمسألة في سياقها الدّيني الاجتماعي، فنبي النّاصرة عليه السلام إسرائيلي بعثه الله إلى شعبه إسرائيل، و الفكرة المحورية في هذه القضية هي أنّ شريعة التوراة التي هي ضمير الشعب لا تُعَلّقُ رجلا على خشبةٍ إلاّ إذا كان مُجرماً عاتياً أو كافراً بالله تعالى مُجدّفاً.
فإذا نجحَ خصُومُه في صلبِه فقد مَسّوا بمصدَاقيته وأقنعوا النّاس من شعبِهم أنّ هذا الرجلَ ليسَ إلا تلميذا للشيطان ، لم يفعلْ عجيبةً من عجائبهِ إلا بقوة بعل زبول .
وإذا ثبتَ لنا يقيناً من التاريخ أنّ رسالة سيّدنا عيسى عليه السلام استمرّت و اشتدّ عودُها بعده فلا تفسير لها سوى أنّه لم يُصلبْ.
ولتقريب الفكرة دعوني أضرِبُ هذا المثل، هبْ أنّ رجلا مسلماً ادّعى الصلاح والكرامات بين المسلمين فتَبِعهُ البُسطاء والسذّجُ واستطاع أن يصنع لنفسه مكانة مقدّسةً بينهم، ثم بمرور الأيام بدأت تُرفعُ إلى النائب العام شكاوى مِن مريديه تتّهِمُه بالنصبِ والاحتيال وخيانة الثقّة والشعوذة والأخلاق الفاحشة، وأُوكِلَ التحقيقُ للشرطة و القضاة و جُمِعت عناصرُ الجريمة و اعترفَ المتّهمُ بجرائمه وقضتِ المحكمة الشرعية برَجْمِه جزاء بما قدّمتِ يداه.
لا شكّ أنّ هذا الرجلَ سيسقطُ في عيني النّاس ولا ريبَ أنّ ادّعاءاته ستنفضح، وسيتّضحُ لأتباعه أنّه كان مُغرّراً بهم.
ولنفرضْ أيضاً أنّ رجُلا قام بعدَه و قال:
ماتَ هذا المرجومُ من أجلِ خطايانا، فهل تجدُ هذه الدعوى بين المسلمين آذانا مُصغيةً ؟.
لا شكّ أنّ محاولةً مثلَ هذه ستفشلُ فشلا ذريعاً، إذ كيف يموت هذا الفاسقُ المجرِمُ من أجلِ خلاصنا؟؟ وإذا نجحت هذه الدعوة فإنّها ستنجحُ لا محالةً بين غيرِ المسلمين من وثنيين و غيرهم، وهذا ما حدثَ بالفعلِ ففكرةُ المسيح المصلوب نجحَت لا بين اليهود وإنّما بين الوثنيين من الإغريق و الرومان لأنّها فكرةٌ قريبةٌ من عقائدهم لكنّها بين شعب يسوع عليه السلام فضيحةٌ و جهالةٌ .
وهكذا نستطيعَ تلخيص هذه المعادلة كالتالي:
يُسلِّمُ اليهودي المؤمنُ بمسيحٍ مصلوبٍ لمّـا يسلِّمُ المسلمُ بصلاح وتقوى رجلٍ مَرجُومٍ.
والسؤال الآن ..ما مصلحة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رفضه للصلب:
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمّيٌ خرج من قرية أمّية و كانت المسيحية منتشرة في ثلاث قارات:شمال إفريقيا ، أوروبا وآسيا. وجدهم متّفقين جميعا على أنّ عيسى مات مصلوبا تكفيرا عن خطايا البشر، و كان صلى الله عليه وسلم حريصا على أن يؤمن به الناس فهل من الدبلوماسية المعهودة في الحسابات البشرية أن يواجه وحده جميع المسيحيين و يخسر تعاطفا ممكنا إن لم يكن من الكلّ فعلى الأقل من البعض .
المنطق يقول أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن لديه أيّة مصلحة في نكران صلب عيسى و لو لم يكن لديه اليقين العميق من أنّ مصدره متين، أقوى من اعتقاد جميع المسيحيين آنذاك، ما أقدم على قول شيء قد يظهر خطئه بعد حين، خصوصا أنّه عليه الصلاة و السلام لم يكن لديه أيّ دليل تاريخي أو نصّي أو أيّ شيء آخر يدعم به موقفه سوى اعتقاده أنّه ينقل خبرا من لدن الحكيم الخبير.
ولتوضيح الأمر على ما يمكن أن تكون عليه خيبة المسيحي من عقيدة المسلم نضرب هذا المثل:لنفرض أنّ سياسيا من انجلترا أراد أن يكسب الشعب المصري صديقا لقضيته ، فهل يجرؤ على التشكيك في أعزّ ما يفخرُ به المصريون وهو انتصارهم على إسرائيل في حرب أكتوبر، ويقول لهم: ما انتصرتم ولا حاربتم وإنّما شبّه لكم؟.
فتصوّر أخي القارئ كيف يستحيل في منطق البشر ويتعذّر أن تجمع بين إرادتك في كسب أصدقاء مع تكذيبك لأعزّ ما يتمسّكون به.
والحقيقة الجلية أنّ تكذيب القرآن لصلب عيسى عليه السلام كان من شأنه أن يصنع أعداءً لرسولنا صلى الله عليه وسلم و لا يمكن أن يصنع له أصدقاء.
وهذا دليلٌ حاسم في أنّ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مُبلّغا عن ربّه ليس إلا، لا يرجو مصلحة خاصّة من ذلك.
معالجة القرآن الكريم لمسألة الصلب
من الأشياء التي تشدّ انتباه المحقّقين في مثل هذه المسائل، نجد أنّ ما تعتبره الكنيسة جوهر العقيدة والذي أطنب في تفسيره سبع وعشرون سفرا في الإنجيل لم يَرُدّه القرآن الكريم إلا بآية وحيدة في سورة النساء 157.[وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ].(النساء : 157 ).
ما هي الدروس المستخلصة؟
ـ أمّية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: و هذا هو الدرس الأوّل .
ليس من منطق البشر إذا أرادوا تفنيد شيء أن يكتفوا بالقول:" هذه القضية لم تحدث"، بل عليهم أن يأتوا بالبيّنات و الدلائل على صدق ما يدّعون. ولو سألنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما دليلك على أنّ عيسى عليه السلام لم يُقتل ولم يُصلب فسيقول أخبرني العليم الخبير، ونِعمَ بالله فلا علم ولا تاريخ ولا منطق يعلو فوق كلام الله تعالى.
ـ عدالة القرآن: وهو الدرس الثاني.
والمسلم لمّا يستند إلى القرآن الكريم في تفنيد صلب المسيح عيسى عليه السلام سيُواجه من قِبَلِ المسيحي بنصوص إنجيلية تثبت العكس.
وأمام هذه المعضلة سيحاول المتجادلان البحث عن مصدر مستقلٍّ يحتكمان إليه، لكن لا توجد وثائق تاريخية ذكرت أو حتّى أشارت إلى اسم يسوع عليه السلام.
ولمفاجئة الجميع رأينا أنّ الأناجيل التي بين أيدينا هي التي تفنّد صلبه، و بهذا تتحقّق عدالة القرآن الكريم في إقامة الحجّة على المنكرين من كتُبهم التي يطمئنون إليها، ولن يجد المسيحي خيرا له من نصوصه المقدّسة في علاج هذه المسألة، وهذا أسلوبٌ ربّاني، فقد احتجّ الله تعالى على اليهود بتوراتهم، قال تعالى:
[كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ].(آل عمران: 93 ).
وقد قال تعالى:[ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ].(العنكبوت: 46 ).
فلا شيء أحسن ولا أمضى حجّة من نصوص الكتاب المقدّس عند محاورة إخواننا أهل الكتاب.
ـ معجزة القرآن: من تصفّح ردود المسلمين في مسألة الصلب يتّضحُ جليا أنّ المسألة تتجاوزُهم.
فلم يفهموا لماذا رفض القرآن الكريم صلب عيسى عليه السلام ولا أتوا بشيء جديدٍ يدعم إيمانهم.
وإذا اتّضح من الأبحاث والدراسات النقدية والتاريخ والآثار التي اكتشفت في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين أنّ عيسى لم يصلب ولم يُقتل فهذه معجزة المعجزات.
ماذا يستهدف القرآن الكريم بنكرانه صلب المسيح؟.
أنّ القرآن الكريم يستهدف التالي:
1ـ عيسى عليه السلام ليس ملعونا بل نبيا مُباركا. وهذا ردّ على اليهود.
2ـ نفي عقيدة الخلاص، وإقرار أنّ كلّ امرئ بما كسب رهين. وهذا ردّ على النصّارى.
3ـ نفي عقيدة التجسّد القائلة ببنوة عيسى لله تعالى .
4ـ نفي نسخ عيسى عليه السلام لشريعة التوراة.
5ـ نفي أنّ الإنجيل هو العهد الجديد، بل هو آخر أسفار العهد القديم.
6ـ أنّ عيسى لم يؤسّس مملكة الله ، بل بشّر بها فقط.
7ـ عيسى عليه السلام ليس هو خاتم الأنبياء.
8 ـ إثبات أنّ الإنجيل عبثت به أيدي الضّالين.
كلّ هذه الأفكار التي عدّدناها تفسّرها حادثة الصلب، فإذا انهارت عقيدة الصلب ستنهار كلّ هذه الأفكار تباعا لها.
السياق السياسي والدّيني الاجتماعي زمن عيسى عليه السلام.
لفهم المسألة فهما جيّدا فعلى القارئ أن يستحضر جملة من القضايا السيّاسية الإدارية والدّينية والحالة النفسية لشعب إسرائيل التي شكّلت مضمار المعترك الذي عاش فيه النبي عيسى عليه السلام مع شعبه.
1- كانت فلسطين آنذاك مستعمرة رومانية مقسمة إلى ولايتين:
ولاية الجليل في الشمال تحت حكم هيرودس أونتيباس.
وولاية اليهودية في الجنوب ويحكمها بيلاطس البنطي وعاصمتها أورشليم.
وقد كانت السلطة الرومانية قد اتّفقت مع اليهود إثر أزمة ثورة المكابيين في القرن الثاني قبل الميلاد على أن تحترم معتقداتهم الدينية وأعيادهم وختانهم وسبوتهم وأن يُنصّبوا كاهنا عليهم ممن يرضونه في مقابل ألا يطلبوا الاستقلال وألا يُجنّدوا في الجيش الروماني وأن يدفعوا الضريبة لقيصر وألا ينفذّوا وحدهم قرارات كبيرة من شأنها المساس بالأمن والاستقرار كتنفيذ حكم الإعدام مثلا.
2- الحالة النفسية لشعب إسرائيل: كان شعب إسرائيل يعتقد أنّه شعب الله المختار، لكن الواقع يكذّب المعتقد، فقد كان يعيش تحت السلطات الوثنية منذ 600 سنة، وكانوا يسمّون الأمم بالكلاب و الخنازير، فكان الشعب يغتلي شوقا لوعد الله بأن يرسل إليهم المسيح المخلّص الذي يبيد الظالمين و يردّ لهم سلطانهم و مجدهم المسلوب.
3- لقب المسيح و معناه في الثقافة الإسرائيلية: تنبّأ أنبياء إسرائيل منذ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، على أنّ الله تعالى وعد شعبه بأن يرسل إليه المسيح، والمسيح لشدّة قربه ومكانته عند الله تلقّبه الأسفار المقدّسة " ابن الله" مجازا، ومن معانيه السياسية المَلِك.
جاء عيسى عليه السلام وكان اسمه المسيح. وهذا مجرد اسم ولم يكن عيسى عليه السلام لا أوّل ولا آخر من تسمّى به فملوك العهد القديم كانوا يحتفظون بهذا الاسم.
جاء في متى 1 :16 »16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ «.
ومن المعلوم أنه يطلق اسم المسيح على كل حاكم يهودي، صالحاً كان أو فاجراً.
ورد في مزمور 18 :50 »50بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ، وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ، لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ.«.
وأطلق مزمور 132 :10 لفظة المسيح على داود، وهو من الأنبياء والملوك الصالحين. وورد في 1صموئيل 24 :6 قول داود في حق شاول: »6فَقَالَ لِرِجَالِهِ: «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هذَا الأَمْرَ بِسَيِّدِي، بِمَسِيحِ الرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ، لأَنَّهُ مَسِيحُ الرَّبِّ هُوَ». « وكذلك ورد في 1صموئيل 24 :10 وفي 1صموئيل 26 وفي 2صموئيل 1 :14.
وأُطلقت كلمة »مسيح« في إشعياء 45 :1 على الملوك والوثنيين »1هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ، لِكُورَشَ الَّذِي أَمْسَكْتُ بِيَمِينِهِ لأَدُوسَ أَمَامَهُ أُمَمًا، وَأَحْقَاءَ مُلُوكٍ أَحُلُّ، لأَفْتَحَ أَمَامَهُ الْمِصْرَاعَيْنِ، وَالأَبْوَابُ لاَ تُغْلَقُ: 2«أَنَا أَسِيرُ قُدَّامَكَ وَالْهِضَابَ أُمَهِّدُ. أُكَسِّرُ مِصْرَاعَيِ النُّحَاسِ، وَمَغَالِيقَ الْحَدِيدِ أَقْصِفُ. «.
وكان عليه السلام وُلد من غير أب وهذا من شأنه أن يترك التباسا يسهل استغلاله من طرف خصومه، فسهل جدّا أن يُلفق ضدّه أنّه يدّعي أنّه ابن الله بالمعنى الحقيقي.
4- الصدام بين تعاليم عيسى عليه السلام و كبرياء إسرائيل:
أول شيء رفض عيسى عليه السلام الثورة ضد روما وقال قولته الشهيرة:" أعطوا لقيصر ما لقيصر ولله ما لله ". ويعنى أنّه على إسرائيل الصبر فوقت الخلاص لم يحن بعد.
ثانيا: "قال سيؤخذ منكم ملكوت الله ويُعطى لشعب آخر". ويعني هذا أنّ الله قرّر ألا يكون إسرائيل شعبه بعد اليوم.
ثالثا وصف السلطات الدينية بالمنافقين والمرائين والجشعين واليهود ككل بسلالة الأفاعي قتلة الأنبياء.
لكن هذا العدّو الجديد لإسرائيل ما فتئت تزداد شعبيته يوما بعد يوم لأنّه يحيي الموتى ويبرأ الأكمه والأبرص ويقيم المفلوجين والمقعدين ويطرد الأرواح الشريرة ويسكت الرياح ويٌكثّر الطعام.
فما السبيل إلى التخلّص منه ومن بدعته ؟.
كان أمام اليهود خيارين.
أوّلهما أسهل من شربة ماء، وهو اغتياله في شِعبِ أو واد أو في أحد طرق أسفاره الكثيرة. لكن الخطورة هي إن اغتالوه فسيعيش شهيدا في ذاكرة من آمن به، وهكذا لا يتمّ القضاء على بدعته، كما يراها اليهود.
ثانيهما بالغ الصعوبة وهو تقديمه للعدالة أمام مجلس الشيوخ أولا ثم أمام بيلاطس البنطي ثانيا حتى يسمح لهم بقتله وتعليق جثّته على خشبة كما يُقتلُ المجرمون.
وهذا هو الطريق الأمثل للتخلص منه و من دعوته.
والشيء الذي يمكن أن نستخلصه بدون منازع هو:أنّ اليهود حرصوا على قتل يسوع صلباً.
ولنبدأ مناقشة الفكرة من هنا .
ولفهم الحقيقة يجب علينا أن نحلّل الوضع السياسي و الدّيني الاجتماعي للأرض المقدّسة زمن صاحب البشارة عليه السلام.
فلسطين في هذا الزمان كانت مستعمرة رومانية يحكمها في نصفها الشمالي الجليل،الملك هيرودس أونتيباس؛ وفي النصف الجنوبي، اليهودية، الوالي الروماني بيلاطس البنطي بمرسوم قيصري صادر عن السلطة المركزية في روما.
وقبل هذا تعاقبت عليها الإدارات الوثنية منذ حملة نبوخذ نصّر البابلي على رأس القرن السادس قبل الميلاد،مرورا بالفرس، فالإغريق وأخيرا الرومان سنة 63 ق،م.
وقد عزّ على شعب الله المختار أن يعيش عيشة المهانة والذلّ، يدفع الجزية للخنازير والكلاب.
فاشتدّ شوقه وطال انتظاره إلى المسيح المخلّص ابن داوود (ملحوظة عيسى عليه السلام لاوي وليس يهوذي).
فظهر في هذا الزمان رجلٌ في ناصرة الجليل اسمه يشوع )الاسم العبراني( يبشّر شعبه بقرب مملكة يَهْوَهْ اله إسرائيل، وبقرب الفرج وينادي بعِتقٍ للمسبيين وتخلية للمأسورين وبِسَنَةِ الربّ المقبولة، وبانتقام الله ويعزّي جميع النائحين.
وقد علّق عليه الشعب أملا عظيما وظنّوا أنّه المسيح المخلّص، فرفض ذلك وانتهر الشعب ودعاهم لِمُسَالمة روما ودَفْعِ الجزية لها ودعاهم للصبر لأنّ وقت الخلاص لم يحِنْ بعد، وفضح جشع ونفاق السلطة الدينية بالخصوص والفرّيسيين على العموم.
إذن فلاشكّ أنّ رجلا مثل يشوع سيشكّل خطرا، في أعين مَنْ نَصّبُوا أنفسهم أمناء وأوصياء على عقيدة وتقاليد الآباء، ومتقاعسا عن انتزاع الاستقلال السياسي ومُهَدّدا لمصالح السلطة الدينية. فلا مناص من التخلّص منه بطريقة تكفل لهم الحيلولَة بينه وبين أتباعه وتمسَخُ اسمَهُ في ذاكرة الشعب.
ففكّر اليهود في قتلِ يسوع مصلوبا !؟… لكن لقتل رعية من رعايا الإمبراطورية الرومانية بهذه الطريقة، وإقحام الوالي الروماني في قضية لا تعنيه مبدئيا، يجب للقضية أن تستند لِتُهمَة يُجرّمُها القانون الروماني، ولقتل إسرائيلي أمام الشعب يجب للقضية أن تستند لفتوى شرعية من مجلس الشيوخ (السنهدرين (.
ومن غرائب الصُدَفِ كما سبق القول أنّ اسم "المسيح" تتقاطع فيه التُهمَتَان السيّاسية والدينية.
ولقد كان عليه السلام وتلاميذه فريسة سهلة لليهود لو أرادوا نَصْبَ كَمِينٍ له في أي مكان، فلقد كان عليه السلام رسولا مُتجوّلا وهذا ما يميّزه عن كثير من الرُسُل والأنبياء.
فكان لا يكاد يستقرّ في مكان حتى يغادِرَه إلى مكان آخر[تذكر الأناجيل أن يسوع كان كثير التنقل ليكرز بالبشارة. فيوم في الناصرة وآخر في كفرناحوم ومنه إلى بحيرة طبرية، بيت صيدا ، المدن العشر السامرة بيت عانيا ، أورشليم ثم صور وصيدا. ليبشّرَ بمملكة الله . وكان يُحَرّم على نفسه وأصحابه حَمْلَ الزاد والنقود والسيف وحتى العِصِيّ ففي متى 10/5 – 10 [5هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً:«إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ. 7وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ. 8اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا. 9لاَ تَقْتَنُوا ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً وَلاَ نُحَاسًا فِي مَنَاطِقِكُمْ، 10وَلاَ مِزْوَدًا لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْنِ وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصًا، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِق طَعَامَهُ.].
وفي لو 9/3[3وَقَالَ لَهُمْ:«لاَ تَحْمِلُوا شَيْئًا لِلطَّرِيقِ: لاَ عَصًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ خُبْزًا وَلاَ فِضَّةً، وَلاَ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ ثَوْبَانِ.]. فكان والذين آمنوا به بدون سلاح .
واليهود جوّزوا لأنفسهم اغتيال المضايقين، في أسفارهم المقدسة، واعتبروه خلاصاً من الله وتخليصاً ممن اصطفاهم الربّ لهذه المهمة الجليلة. ولو فعلوا ذلك في شِعْبٍ أو جَبَلٍ أو في أحد طُرُق أسفاره الكثيرة لَتَخلّصوا منه وخلّصوا الدهماء والسذّج وعامة إسرائيل من فتنة هذا الرجل الذي لم يكن في نظرهم سوى مضلاًّ ومشعوذًا ساحرًا. (لو 23/2).[ 2وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ:«إِنَّنَا وَجَدْنَا هذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ، وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ، قَائِلاً: إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ».].
أكَانَ خوفاً من السلطة الرومانية؟ كلاّ! فقد ثبت في الأناجيل الأربعة وسفر الأعمال أنّ الوالي الروماني كان متعاوناً مع اليهود.
فاللعبة دخلت فيها الحسابات السياسية، وغاب عنها الضمير والأخلاق والمشاعر الإنسانية.
ورحم الله القائل:"إنّ السياسة لعبة قذرة !" فلقد استيقن بيلاطس البنطي من براءة المقبوض عليه ـ الذي ظنّوه يسوع ـ لكنّه رضخ أخيرا لإرادة اليهود وأسلمه للصلب.
حادثة الصلب في ضوء إرهاصات الأزمة بين عيسى عليه السلام وشعبه:
ما ميّز زمن عيسى عليه السلام هو الثورات والتمرّد والفوضى في فلسطين.
وحادثة الصلب عنوان لذلك، فهي حادثة تاريخية أجمع عليها الإنجيل والقرآن الكريم،قال تعالى: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) النساء 157 .
فاليهود في نظرهم لم يصلبوا إلا يسوع ، رغم ما كان يعتري بعضهم الشك في أنّ هذا المقبوض عليه ليس يسوع، وقد اختلف الرعيل الأوّل من الكنيسة حول هوية المصلوب فالكنيسة الرسولية لم يكن لديها أدنى شك في أن المصلوب هو يهوذا الإسخريوطي الذي جازاه الربّ عز وجل بالعدل على خيانته كما تأثّرت بعض الكنائس بها ورفضت أن يكون المصلوب هو يسوع لكنها قالت أن المصلوب هو سمعان القيرواني حامل الصليب.
ومن أشهر القائلين بهذا القول هو بازليد صاحب الإنجيل الذي عرف باسمه و الذي اكتشفه بعض علماء الآثار في نجع حمادي في صعيد مصر، وأيّدها التلمود البابلي ولا خلاف فيها إلاّ في هوية المصلوب، فهو يسوع الناصري عند اليهود و كنيسة بولس.
فبولس هو الذي علّم أن يسوع صُلب لأجلنا كفارة عن الخطايا ، وكنيسته هي التي أدمجت تعاليمه في أسفار الإنجيل التي لم تعلّم أبداً أن يسوع صُلب وتم هذا الإدماج عند ترجمة الأسفار إلى اليونانية.
وقد شهد مؤرخو النصارى أنّ نصوص آلام المسيح لم تكن موجودة أصلا في الأناجيل، إنما كانت في كتيبات مستقلة.

لماذا الإصرار على قتل عيسى عليه السلام مصلوبا ؟
أنظر إلي مضمون الآية الكريمة:
[وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ] (النساء 157).وقد شدّت انتباهي منذ زمنٍ بعيد!.
 
ما هو الغريب في صلب يسوع؟.


وهو لم يُصلب ولم يمت كمّا أكّد القرآن الكريم، حتىّ يتوعد الله اليهود بالعذاب الشديد : بقولهم: [إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ] في الوقت الذي يذكرُ القرآن الكريم أنّ كثيراً من الأنبياء قتلهم اليهود وكأنّ الأمر عادي .
قال تعالى:
(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) )آل عمران 146 – 147.
وقال تعالى:
[الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)] آل عمران 183 .
وفي آل عمران 22 إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)آل عمران: 21.
فاليهود عرفوا في التاريخ بانهم قتلة الأنبياء.
إذن لا شكّ أنّ وراء صلب يسوع سرّاً!.
لنأخذ الأمر أولاً من الناحية الدينية:
وصل بنو إسرائيل،في تجربتهم الطويلة مع قتل الأنبياء،إلى القناعة أنّ قتلهم لا يزيد إلاّ في تأجيج مشاعر الاعتزاز والفخر بهم، بالتالي،في زيادة شعبيتهم.
فكثيرٌ من الأنبياء لم يُقِمْ لهم اليهود في حياتهم وزنا لكنهم لمّا صبروا على ما أوذوا به وقُتلوا،انتصروا والتفّ حول مآثرهم الشعب واعترف أنّهم كانوا قدّيسين.
أذكر على سبيل المثال ارميا،أشعيا وزكرياء .
فرؤساء الشعب لم يكونوا أغبياء حتىّ يكرّروا تجربةً ثبت فشلها من قبل، ويُهدوا يسوع نصراً بعد موته، قد لا يدرِكُه حتى في حياته.
وكان حرص السلطة الدينية شديدا للقضاء على دعوته، وإطفاء حماس الجماهير التي آمنت به واجتثاث اسمه نهائيا من ذاكرة الشعب .

فما السبيل إلى ذلك ؟..
ألم يكن اسمه المسيح ؟..
وأخيراً اهتدوا إلى حيلة غاية في المكر والدهاء، لقد وجدوا في كلمة المسيح مُبتَغَاهم ـ يجب ألاّ يخفى على القارئ الكريم أنّ في كلّ دينٍ مُحكَمٌ ومُتشَابِهٌ وأنّ تأويل الكلم تحكمه النيّةالحسنة أو السيئة ـ فمن الناحية الدينية تلقّبُ الأسفارُ المقدّسةُ العبرانية المسيحَ بابن الله مجازا:
أنظر 2 صم 7/14[14أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا.].
وفي إرميا 31/9 [9بِالْبُكَاءِ يَأْتُونَ، وَبِالتَّضَرُّعَاتِ أَقُودُهُمْ. أُسَيِّرُهُمْ إِلَى أَنْهَارِ مَاءٍ فِي طَرِيق مُسْتَقِيمَةٍ لاَ يَعْثُرُونَ فِيهَا. لأَنِّي صِرْتُ لإِسْرَائِيلَ أَبًا، وَأَفْرَايِمُ هُوَ بِكْرِي.].
وهوشع 11/1 [1«لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَمًا أَحْبَبْتُهُ، وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي.].
ملاخي 2/10[10أَلَيْسَ أَبٌ وَاحِدٌ لِكُلِّنَا؟ أَلَيْسَ إِلهٌ وَاحِدٌ خَلَقَنَا؟ فَلِمَ نَغْدُرُ الرَّجُلُ بِأَخِيهِ لِتَدْنِيسِ عَهْدِ آبَائِنَا؟]. …
ولما كان يسوع قد وُلِدَ من غير آب، فسهلٌ جدّا أن ينصرف المعنى المجازي إلى المعنى الحقيقي.
وهذا ما أشاعه خصومُه وعلى رأسهم رئيس الكهنة ليجد مبرّرا لتكفيره ومن ثمّ قتله معلّقا على خشبة كما تأمر التوراة بقتل المجرمين الملاعين.
قالت التوراة:
[22«وَإِذَا كَانَ عَلَى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا الْمَوْتُ، فَقُتِلَ وَعَلَّقْتَهُ عَلَى خَشَبَةٍ، 23فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلاَ تُنَجِّسْ أَرْضَكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا.].)تث21/22( .
ولقد أجمعت الأناجيل الأربعة والإجماع الرباعي نادر جدّا في أنّ يوسف الذي من الرّامة وهو عضو في مجلس السنهدرين، طلب الجثّة من بيلاطس في اليوم الذي تمّ فيه صَلْبَه ودَفنه.
أنظر يو19/38[38ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ، وَلكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ، فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ].

ولو23/51[50وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ مُشِيرًا وَرَجُلاً صَالِحًا بَارًّا .51هذَا لَمْ يَكُنْ مُوافِقًا لِرَأْيِهِمْ وَعَمَلِهِمْ، وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ مَدِينَةٍ لِلْيَهُودِ. وَكَانَ هُوَ أَيْضًا يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ اللهِ. 52هذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ، 53وَأَنْزَلَهُ، وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ مَنْحُوتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وُضِعَ قَطُّ. 54وَكَانَ يَوْمُ الاسْتِعْدَادِ وَالسَّبْتُ يَلُوحُ. 55وَتَبِعَتْهُ نِسَاءٌ كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، وَنَظَرْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جَسَدُهُ.].

ومر15/43[43جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، مُشِيرٌ شَرِيفٌ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا مُنْتَظِرًا مَلَكُوتَ اللهِ، فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ.44فَتَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ أَنَّهُ مَاتَ كَذَا سَرِيعًا. فَدَعَا قَائِدَ الْمِئَةِ وَسَأَلَهُ:«هَلْ لَهُ زَمَانٌ قَدْ مَاتَ؟»].

ومتى27/57[57وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْمِيذًا لِيَسُوعَ. 58فَهذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاَطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ. 59فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ، 60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ، ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَرًا كَبِيرًا عَلَى بَاب الْقَبْرِ وَمَضَى. 61وَكَانَتْ هُنَاكَ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى جَالِسَتَيْنِ تُجَاهَ الْقَبْرِ.].
و طلبه الجثّة من بيلاطس في اليوم الذي تمّ فيه صَلْبَه ودَفنه ليس حبا في المصلوب كما ذهب إليه يوحنا اللاهوتي و متى )يو19/38 ،متى27/57(كما مر بك، لكن لأجل ألاّ تتنجّس الأرض من إثم هذا الملعون، ودُفِن المصلوب في قبرٍ منعزلٍ في الصخر ولم يُدفن في مقابر اليهود ، كما يُوصي التلمود ،وحتّى لا يتأذّى الموتى من إثمه، وهذا دليل آخر على أنّ المصلوب ملعون.
)أنظر يو19/41،لو23/53،مر15/46،متى27/60(.

وأمّا من الناحية السياسية :

فالمسيح معناه الملك، وحيث أنه قد أتهم المقبوض عليه أمام السنهدرين بأنّه المسيح،. وهي كلمة لا يعرف الوالي الروماني فحواها. أمّا في القصر فأتّهم بأنّه الملك . وهي تهمة سياسية ، لا تتسامح معها السلطات الرومانية .
وادّعاء الملك في القانون الروماني عقوبته الصلب معلّقا على خشبة، فإذا نجح اليهود في توريط السلطة الرومانية في قضية يسوع فإّنهم يضربون عصفورين بحجر :يتخلّصون منه من جهة ، ويصرفون الناس عن دعوته من جهة أخرى إذ بات في حكم اليقين أنّ هذا الملعون الذي ملأ الأرض من عجائبه ، لم يفعل واحدةً منها إلا بقوة بعل زبول[هو اسم الشيطان، و اتّهم اليهود يسوع عليه السلام أنّه يعمل المعجزات بقوة الشيطان .].
فاللّعنةُ تُقصي يسوع حتىّ من أن يكون أبسط يهودي من عامة الشعب، فكيف يدّعي أنّه نبّي مُرسلٌ].
وهذا صدٌ عن سبيل الله :
[ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)] .( النساء 160– 161 ).

يبدو أنّ اليهود استطاعوا لحدّ ما صرف فريق منهم عن بشارة ابن مريم عليه السلام.وتَجَرّأت ألسنَةُ الكُفرِ على لَعْنِ يسوع(أنظر 1 كو 12/3):
[ 3لِذلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ اللهِ يَقُولُ: «يَسُوعُ أَنَاثِيمَا». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ:«يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.] .
فلّم يغرّر – حسب اليهود – بنفسه فحسب بل حتىّ بتلاميذه و تناقل اليهود فيما بينهم أنّ الدعوة إلى مسيحٍ مصلوب جهالةٌ وفضيحةٌ( 1 كو 1/23 )
[ 23وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً!].
ولتلخيص اختيار اليهود الصعب والمكلف لصلب يسوع عليه السلام بدل من اغتياله بيُسرٍ في أيّ مكانٍ نقول أنّ اغتياله كان سيجعلُ منه شهيداً أمّا صلبه فيجعل منه ملعوناً.
لذلك فكّر اليهود في قتلِ يسوع مصلوبا !؟…
لكن لقتل رعية من رعايا الإمبراطورية الرومانية بهذه الطريقة، و إقحام الوالي الروماني في قضية لا تعنيه مبدئيا، يجب للقضية أن تستند لِتُهمَة يُجرّمُها القانون الروماني كما سبق أن قلنا، ولقتل إسرائيلي أمام الشعب يجب للقضية أن تستند لفتوى شرعية من مجلس الشيوخ (السنهدرين).
ومن ثم كان اسم المسيح بمعنى الملك هي الفكرة الشيطانية التي تمخضت عنها العقلية الإسرائيلية وهي تهمة يعاقب عليها القانون الروماني بالقتل صلباً.
ومن غرائب الصُدَفِ كما سبق القول أكثر من مرة أنّ اسم "المسيح" تتقاطع فيه التُهمَتَان السيّاسية والدينية.
وهكذا نجح اليهود في ضرب عصفورين بحجر..لعنهم الله.
ومع ذلك فلقد خيب الله ظنهم:
[وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ]..
هم الذين قالوا..
والله سبحانه وتعالي يقول على قولهم في أكثر من موضع [سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ ].. آل عمران : 181 )
وفضحهم وكذب دعواهم [وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ].
فعيسى عليه السلام هو المبشر من قبل الله تعالى: [إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ]. (آل عمران: 45 )..
فأبداً لن يكون ملعوناً.. فأبداً لن يكون ملعوناً..فأبداً لن يكون ملعوناً..
فهو كما قال سبحانه وتعالى:
[ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ](آل عمران: 45 )].
وأقسم بالله العظيم أنه عليه السلام..[ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ].كما قال رب العزة عز وجل:
والله العظيم، والله العظيم، والله العظيم، إنه عليه السلام..
[ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ].
[ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ].
[ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ].
[ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ].
يا أتباع السيد المسيح لقد ضحك عليكم اليهود وأوهموكم أن السيد المسيح قد صلب حتى تلعنوه..
ومن ورائهم سرتم وعلى نهج بولس اتبعتم، فكيف تلعنون إلهكم..
فلقد رد الله كيدهم في نحورهم وقال:
[وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ].
[وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ].
[وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ].حتى لا يكون ملعوناً..
[وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ]....
[ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا] (النساء 157).
[ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا].
[ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا].
[ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا].
إن فكرة اللعنة وضعها بولس ـ لعنة الله عليه ـ فلقد رأيناه حينما جاء ليبشر ويكرز بالإنجيل قد وقف في مفترق الطرق :
أن يمشي باتجاه التّيار القائل أنّ يسوع الناصري صُلب، وهو ما شاع بين الوثنيين واليهود بما فيهم يهودُ الشتات.
أو أنّ المصلوب هو رجل أُلقي عليه شبه يسوع،وهو ما يعتقده الحواريون عليهم السلام.
فأيّ سبيل يسلُكُه ؟ ما هو الأيسر؟..
ولقد وجدنا كيف أنّ بولس قد تبنيّ الفكرة الشعبية والتي هي أسهل وهو الذي جعل من نفسه رسول المسيح إلى الأمم لا يغامر مطلقا بأن يسبح عكس التيار، فما كان منه ، وهو ابن الثقافة الهِلِنْستية ، إلاّ أن يُطَعّم فكرة الصلب بمعتقدات الخلاص التي سادت في معظم ديانات آسيا الصغرى في زمانه ، لِيُقدّمها للأمم على أنّها خلاصةُ رسالة يسوع .
ملحوظة:[الثقافة الهِلِنْستية هي ثقافة العالم المتحضر في زمن الإغريق ولا يشترط فيها أن يكون المرء يوناني العرق. وهي تمثّل ما تمثّله الثقافة الغربية اليوم.].
وعليه يجب أن نتوقّف لحظة لِنُسجّل واحدةً من أخطر عقائده:
يقول:
[ 3فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ،]. ( أنظر 1 كو 15/3).وهو أهمّ تعليم في الكنيسة الناشئة..
وفي رِسَالَتةِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ:
[13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».].( 3/13).
والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم واصفا المسيح عليه السلام بقوله [وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ]..
أما هذا المأفون فيصر على أن السيد المسيح ملعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ووالله لا يوجد في كلّ أديان الدنيا منذ أن ذرأ الله ذرية آدم على الأرض دينٌ يلعن رّبه وإلهه إلا بولس و أتباعه، حتّى عابد البقر لا يلعنُ بقرتَه.
فيا أتباع السيد المسيح كيف تلعنون إلهاكم؟..ألا لعنة الله عليكم ..حسب تعاليم بولس الرسول..
وهداكم الله.. حسب تعاليم محمد صلى الله عليه وسلم..
وفي ختام حياته قال سبحانه وتعالى في سورة النساء 158:
[وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)].
 
الفرع الرابع

وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا


وأشهر نص يستدلّ به النصارى على ألآم المسيح هو نص أشعيا53/1-13 :
[1مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا، وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟ 2نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. 3مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ.4لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. 5وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. 6كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. 7ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 8مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ.10أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ، وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. 11مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. 12لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.].
وهذا النصّ ورد كثيراً أو أشارت إليه أسفار الأناجيل.
تقول الترجمة اليسوعية :" هذا النصّ يتنبّأ بإهانات المسيح و ألآمه وما يتلوها من تمجيد وعَقدِ مُلكِه على جميع الشعوب"( الترجمة اليسوعية ص540)..
أمّا الترجمة المسكونية فتقول: "عند البعض و خاصة في التقليد اليهودي النص52/13-53/12 يتكلّم عن شعب إسرائيل الوفيّ الـذي سُحق في الجلاء ببابل ثم افتقده الربّ برحمته و كرمه. أمّا يوحنا المعمدان و التقليـد الكنسي فيطبّق هذا النصّ على يسوع خادم الربّ البارّ القادر على حمَلِ وتحمّلِ ومَحوِ الخطايا لجميع الناس وأخيراً مُنتَصِرًا على الموت و جاذبا إليه ناسا كثيرين لأجل خلاصهم"( الترجمة المسكونيةTOB p875).
وفي رأينا لا هو شعب إسرائيل ولا يسوع المتنبّأ به في هذا النصّ، والنصّ يرسم صورة متكاملة للنبي إرميا عليه السلام، و كثير من نصوص هذه البشارة نسبها النبي إرميا لنفسه.
وحجّتنا أقوى إن شاء الله، ولنحلل هذه النبوة إلى جزئياتها وسنرى إذا كانت تنطبق على شعب إسرائيل أو عيسى أو النبي إرميا عليهما السلام.
[ لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. 3مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ] نصّ مثل هذا لا ينطبق على يسوع عليه السلام لأنّه كان ذائع الصيت و قد ثبت أنّه وُلِد ميلاداً معجزاً، وبَكّتَ علماء الشريعة وهو في السنّ الثانية عشرة من عمره، وعمل المعجزات العجيبة، فقد أطعم من أربعة ألاف إلى خمسة ألاف من خبزتين و خمس سمكات، وأحيا الموتى وأبرأ البُرص والعُمي والعُرج ومشى فوق الماء وأسكت الرياح، ومن كلّ مكان أتت إليه الجموع لتطلب بركته وعلمه. وكان الناس يسمّونه معلّما. فهل تصحّ هذه النبوة على عيسى عليه السلام؟..بينما إرميا عليه السلام لم يفعل ولا معجزة واحدة، وكان يتنكّر له كلّ الشعب، وحتى خاصة أهل بيته [6لأَنَّ إِخْوَتَكَ أَنْفُسَهُمْ وَبَيْتَ أَبِيكَ قَدْ غَادَرُوكَ هُمْ أَيْضًا. هُمْ أَيْضًا نَادَوْا وَرَاءَكَ بِصَوْتٍ عَال. لاَ تَأْتَمِنْهُمْ إِذَا كَلَّمُوكَ بِالْخَيْرِ. ].( إرميا12/6)..
ولمّا كتب نبوته إلى الملك مُنذرا له من العقاب المحُقّ على أورشليم مزّق كتابه و رماه في النار[23وَكَانَ لَمَّا قَرَأَ يَهُودِيُ ثَلاَثَةَ شُطُورٍ أَوْ أَرْبَعَةً أَنَّهُ شَقَّهُ بِمِبْرَاةِ الْكَاتِبِ، وَأَلْقَاهُ إِلَى النَّارِ الَّتِي فِي الْكَانُونِ، حَتَّى فَنِيَ كُلُّ الدَّرْجِ فِي النَّارِ الَّتِي فِي الْكَانُونِ. 24وَلَمْ يَخَفِ الْمَلِكُ وَلاَ كُلُّ عَبِيدِهِ السَّامِعِينَ كُلَّ هذَا الْكَلاَمِ، وَلاَ شَقَّقُوا ثِيَابَهُمْ. 25وَلكِنَّ أَلْنَاثَانَ وَدَلاَيَا وَجَمَرْيَا تَرَجَّوْا الْمَلِكَ أَنْ لاَ يُحْرِقَ الدَّرْجَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمْ. 26بَلْ أَمَرَ الْمَلِكُ يَرْحَمْئِيلَ ابْنَ الْمَلِكِ، وَسَرَايَا بْنَ عَزَرْئِيلَ، وَشَلَمْيَا بْنَ عَبْدِئِيلَ، أَنْ يَقْبِضُوا عَلَى بَارُوخَ الْكَاتِبِ وَإِرْمِيَا النَّبِيِّ، وَلكِنَّ الرَّبَّ خَبَّأَهُمَا.](إر36/23-26) .
وكانالشعب كلّه يُهدّده بالموت، وأيضا سلطات الهيكل، وضُرب ضرباً مبرّحا..[أنظر على الترتيب إر12/1-6 ؛ إر26/6-12 ؛ إر37/15.].
وهُجّر بالقوة إلى مصر[6الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَالَ وَبَنَاتِ الْمَلِكِ، وَكُلَّ الأَنْفُسِ الَّذِينَ تَرَكَهُمْ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ، مَعَ جَدَلْيَا بْنِ أَخِيقَامَ بْنِ شَافَانَ، وَإِرْمِيَا النَّبِيِّ وَبَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا، 7فَجَاءُوا إِلَى أَرْضِ مِصْرَ لأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ الرَّبِّ وَأَتَوْا إِلَى تَحْفَنْحِيسَ. ](إر43/6-7).
[ 5وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا]. لأنّ الربّ قال لإرميا :
[17وَرَبُّ الْجُنُودِ غَارِسُكِ قَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْكِ شَرًّا، مِنْ أَجْلِ شَرِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَبَيْتِ يَهُوذَا الَّذِي صَنَعُوهُ ضِدَّ أَنْفُسِهِمْ لِيُغِيظُونِي بِتَبْخِيرِهِمْ لِلْبَعْلِ] إر11/17.
وكان قد سمّاه الربّ عزّ و جلّ بالزيتونةالخضراء الجميلة ذات الثمر الأنيق.
و يقول إرميا: [19وَأَنَا كَخَرُوفِ دَاجِنٍ يُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُمْ فَكَّرُوا عَلَيَّ أَفْكَارًا، قَائِلِينَ: «لِنُهْلِكِ الشَّجَرَةَ بِثَمَرِهَا، وَنَقْطَعْهُ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، فَلاَ يُذْكَرَ بَعْدُ اسْمُهُ».].إر11/19 ولهذا قال النبي أشعيا:
[ 2نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ ]. فجذرُ شجرة الزيتون في أرض قاحلة تمثّل جَفَاء إسرائيل الذي رفض الزيتونة الطيّبة المباركة التي يُستضاء بزيتها.
[ 6كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثمَ جَمِيعِنا.].لأنّ بني إسرائيل في زمانه انقسموا فئتين عظيمتين تجاه الخطر البابلي الذي يهدّد الأرض المقدّسة، فئة رأت من صالح إسرائيل أن تتحالف مع الفراعنة، و فئة أخرى تبنّت المقاومة الداخلية لانتزاع الحرية و كان على رأسها إسماعيل بن نتانيا بن أليشاماع ، من عائلة ملكية. فاختلف بنو إسرائيل كالغنم التي ضلّت الطريق.
وكان النبي إرميا وحده مع كاتبه باروك بن نيريا بن معسيا يريان في بابل عصا الربّ لتأديب شعبه، ولهذا فلا مناص من التسليم بها و قبولها.
[ 7ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ.]. وقد قال النبي إرميا عن نفسه مطبّقا كلام أشعيا عليه السلام: [ 19وَأَنَا كَخَرُوفِ دَاجِنٍ يُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُمْ فَكَّرُوا عَلَيَّ أَفْكَارًا، قَائِلِينَ: «لِنُهْلِكِ الشَّجَرَةَ بِثَمَرِهَا، وَنَقْطَعْهُ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، فَلاَ يُذْكَرَ بَعْدُ اسْمُهُ». ]( إر11/19).
[8مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟]. وقد قال إرميا عليه السلام عن نفسه مصوّراً الظّالمين الذين تآمروا على قتله:
[19وَأَنَا كَخَرُوفِ دَاجِنٍ يُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُمْ فَكَّرُوا عَلَيَّ أَفْكَارًا، قَائِلِينَ: «لِنُهْلِكِ الشَّجَرَةَ بِثَمَرِهَا، وَنَقْطَعْهُ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، فَلاَ يُذْكَرَ بَعْدُ اسْمُهُ».]( ار11/19).
والكلام غني عن كلّ تعليق.[ رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ.].
وقال ارميا :[ 10وَيْلٌ لِي يَا أُمِّي لأَنَّكِ وَلَدْتِنِي إِنْسَانَ خِصَامٍ وَإِنْسَانَ نِزَاعٍ لِكُلِّ الأَرْضِ. لَمْ أَقْرِضْ وَلاَ أَقْرَضُونِي، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَلْعَنُنِي. 11قَالَ الرَّبُّ: «إِنِّي أَحُلُّكَ لِلْخَيْرِ. إِنِّي أَجْعَلُ الْعَدُوَّ يَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ فِي وَقْتِ الشَّرِّ وَفِي وَقْتِ الضِّيقِ.](إر15/10).
وهذا الكلام يفسره قول أشعيا أيضا :[ 9وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ.].

[لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. 3مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ.] كأنّه عليه السلام صاحب عاهة،انعزل عن الشعب،وحمل في قلبه ألآم شعبه الذي أراد له الخير لكنّه كافأه بالشَرّ. ولشدّة عزلته عن الشعب حتى كان كأنّه أبرص ـ[وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً.]. و الأبرص نجِسٌ في شريعة التوراة لا يقربه أحد حتى لا يتنجّس ـ وقد أمره الربّ عزّ و جلّ أن ينعزل عن الشعب:
[1ثُمَّ صَارَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: 2«لاَ تَتَّخِذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةً، وَلاَ يَكُنْ لَكَ بَنُونَ وَلاَ بَنَاتٌ فِي هذَا الْمَوْضِعِ. 3لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنِ الْبَنِينَ وَعَنِ الْبَنَاتِ الْمَوْلُودِينَ فِي هذَا الْمَوْضِعِ، وَعَنْ أُمَّهَاتِهِمِ اللَّوَاتِي وَلَدْنَهُمْ، وَعَنْ آبَائِهِمِ الَّذِينَ وَلَدُوهُمْ فِي هذِهِ الأَرْضِ](إر16/1) .
وأمره الربّ عزّ وجلّ أيضاً:[8وَلاَ تَدْخُلْ بَيْتَ الْوَلِيمَةِ لِتَجْلِسَ مَعَهُمْ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ.](إر16/8).
وقال له أيضاً: [. 5لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ تَدْخُلْ بَيْتَ النَّوْحِ وَلاَ تَمْضِ لِلنَّدْبِ وَلاَ تُعَزِّهِمْ، لأَنِّي نَزَعْتُ سَلاَمِي مِنْ هذَا الشَّعْبِ، يَقُولُ الرَّبُّ، الإِحْسَانَ وَالْمَرَاحِمَ.](إر16/5) .
وهذا هو معنى نبوة أشعيا: [وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً.].
ويصف النبي صبره على إيذاء الظّالمين، و احتساب أجره عند الله بقوله:
[ 17لَمْ أَجْلِسْ فِي مَحْفَلِ الْمَازِحِينَ مُبْتَهِجًا. مِنْ أَجْلِ يَدِكَ جَلَسْتُ وَحْدِي، لأَنَّكَ قَدْ مَلأْتَنِي غَضَبًا. 18لِمَاذَا كَانَ وَجَعِي دَائِمًا وَجُرْحِي عَدِيمَ الشِّفَاءِ، يَأْبَى أَنْ يُشْفَى؟ أَتَكُونُ لِي مِثْلَ كَاذِبٍ، مِثْلَ مِيَاهٍ غَيْرِ دَائِمَةٍ؟](إر15/17-18).
و:[ 7قَدْ أَقْنَعْتَنِي يَا رَبُّ فَاقْتَنَعْتُ، وَأَلْحَحْتَ عَلَيَّ فَغَلَبْتَ. صِرْتُ لِلضَّحِكِ كُلَّ النَّهَارِ. كُلُّ وَاحِدٍ اسْتَهْزَأَ بِي.]( إر20/7).
وتجربة النبي تفسّر قول أشعيا :[ وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟.].
أفاض للموت نفسَه و أُحصِي مع العصاة لأنه مات في ظروف غامضة في مصر أين هُجّر بالقوة.
وتحقّقت نبوته عليه السلام في أورشليم والممالك المجاورة لها على يد بابل و اعترف الشعب أنّه كان بارّاً صدّيقاً فجزاه الله تعالى خير الجزاء.
 
الفرع الخامس

التناقضات في القصة الواحدة


ولنأخذ حادثة الصلب أشهر حدث عند النصارى
1 ـ وقت الإعلام بالإنكار
ـ المسيح عليه السلام أعلم بطرس أنه سينكره ،وكان الإعلام أثناء العشاء (أي عشاء فصح اليهود السنوي الذي ينبغي أن يصادف وقتئذ ليلة السبت) وفي داخل الغرفة وقبل مغادرتها :
لوقا 22: 13 [.. وَجَهَّزَا الْفِصْحَ. .. 15وَقَالَ لَهُمْ: «اشْتَهَيْتُ بِشَوْقٍ أَنْ آكُلَ هَذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ... 34فَقَالَ: «إِنِّي أَقُولُ لَكَ يَابُطْرُسُ إِنَّ الدِّيكَ لاَ يَصِيحُ الْيَوْمَ حَتَّى تَكُونَ قَدْ أَنْكَرْتَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي!».. 39ثُمَّ انْطَلَقَ وَذَهَبَ كَعَادَتِهِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ التَّلاَمِيذُ أَيْضاً.].
يوحنا 13 : 38[ أَجَابَهُ يَسُوعُ: .. أَقُولُ لَكَ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ حَتَّى تَكُونَ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ!» .. (يوحنا 18/1) : بَعْدَمَا انْتَهَى يَسُوعُ مِنْ صَلاَتِهِ هَذِهِ، خَرَجَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَعَبَرُوا وَادِي قِدْرُونَ.].
ـ ولكن نجد اختلافاً في مرقس ومتّى، فالإعلام بالإنكار، كان بعد العشاء وبعد مغادرة الغرفة وفي الخارج بالطريق:
مرقس 14: 26 [ ثُمَّ رَتَّلُوا، وَانْطَلَقُوا خَارِجاً إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ. .. 30فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ، فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ، تَكُونُ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ».].
متّى 26: 30[ ثُمَّ رَتَّلُوا، وَانْطَلَقُوا خَارِجاً إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ. .. 34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ، تَكُونُ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ!»] .
2 ـ الإنكار الثالث،ثم بعد ذلك صياح الديك:
ـ حسب (متّى،يوحنا،لوقا) كما سبق،لا ينبغي صياح الديك إلا بعد الإنكار ثلاثاً.أي أن الديك لن يصيح (حسب أناجيلهم) إلا بعد أن ينكر بطرس المسيح للمرة الثالثة.
ـ لكن مرقس كذّبهم جميعاً وجعل الديك يصيح بعد أول إنكار:
مرقس 14: 66[ وَبَيْنَمَا كَانَ بُطْرُسُ تَحْتُ فِي سَاحَةِ الدَّارِ، جَاءَتْ إِحْدَى خَادِمَاتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، 67فَلَمَّا رَأَتْ بُطْرُسَ يَسْتَدْفِيءُ، نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَقَالَتْ: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 68وَلكِنَّهُ أَنْكَرَ قَائِلاً: «لاَ أَدْرِي وَلاَ أَفْهَمُ مَا تَقُولِينَ!» [ملاحظة: الإنكار الأول] ثُمَّ ذَهَبَ خَارِجاً إِلَى مَدْخَلِ الدَّارِ. فَصَاحَ الدِّيكُ] .
3 ـ هل تناول السيد المسيح عليه السلام عشاء الفصح أم لم يتناوله
ـ في متى 26، وكذلك في لوقا ومرقص نجد أن السيد المسيح عليه السلام يتناول عشاء الفصح (ليلة أول بدر في السنة لدى اليهود=ليلة 15 أول شهر،وصادفت ليلة السبت) مع تلاميذه (قُبيل صلبه) :
عشاء الفصح مع التلاميذ:[ 17وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ [ ملاحظة: ينبغي أن يصادف يوم الجمعة] مِنْ أَيَّامِ الْفَطِيرِ، تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ يَسْأَلُونَ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُجَهِّزَ لَكَ الْفِصْحَ لِتَأْكُلَ؟» 18أَجَابَهُمْ: «اُدْخُلُوا الْمَدِينَةَ، وَاذْهَبُوا إِلَى فُلاَنٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ .. وَعِنْدَكَ سَأَعْمَلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي». 19فَفَعَلَ التَّلاَمِيذُ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ يَسُوعُ، وَجَهَّزُوا الْفِصْحَ هُنَاكَ.].
ـ لكن في يوحنا ، كان المسيح وقتئذ (وقت عشاء الفصح عند اليهود=كان ليلة السبت) قد صُلب ودُفن (الصلب عند يوحنا، فُرغ منه قبل تناول اليهود عشاء الفصح بالنسبة لإنجيله)،ويحدد يوحنا ساعة الصلب (يوم الجمعة ظهراً،وهو يوم ذبح اليهود حمل/خروف الفصح) : يوحنا 19: 14[ وَكَانَ الْوَقْتُ نَحْوَ السَّادِسَةِ [=12 ظهراً] فِي يَوْمِ الإِعْدَادِ لِلْفِصْحِ.[ ملاحظة: أي يوم الجمعة حيث يذبح اليهود الخرفان ليتعشوا بها ليلاً،أي أن اليهود ساعة الصلب لم يتناولوا عشاء الفصح بعد] .
وبالتالي يستحيل أن يكون هناك عشاءان للفصح (الأول كان فيه المسيح حياً والثاني كان فيه ميّتاً) ، فيتبين من هذا التضارب الواضح، عدم علم الكتبة بالصلب وإتباعهم الظن فيه.
يوحنا 19: 31[ وَلَمَّا كَانَ الإِعْدَادُ [ملاحظة: أي الإعداد للفصح =الجمعة] يَتِمُّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ [ملاحظة: أي الجمعة]، طَلَبَ الْيَهُودُ مِنْ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُ الْمَصْلُوبِينَ، فَتُؤْخَذَ جُثَثُهُمْ لِئَلاَّ تَبْقَى مُعَلَّقَةً عَلَى الصَّلِيبِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَنَّ ذلِكَ السَّبْتَ [ملاحظة: لمصادفته يوم الفصح] كَانَ يَوْماً عَظِيماً.].
فنجد أن العشاء بالغرفة كان حسب الأناجيل الثلاثة (قبل القبض على المسيح وقبل صلبه)،والتي لو صدّقناها ، يكون يوحنا كاذباً لأنه جعل المسيح مصلوباً قبل تناول اليهود لعشاء فصح روايته [بينما تشهد الأناجيل الثلاثة الأخرى أن المسيح قد تناول عشاء الفصح مع تلاميذه ].
فعشاء المسيح مع تلاميذه،لم يكن عشاء الفصح عند يوحنا: [يوحنا 13: وَقُبَيْلَ عِيدِ الْفِصْحِ،.. 2فَفِي أَثْنَاءِ الْعَشَاءِ،.].
لكن لو صدّقنا يوحنا ،أن المسيح كان قد صُلب قبل عشاء فصح اليهود،تكون الأناجيل الأخرى كاذبة ،إلا إذا كان التلامذة الاثنا عشر يتعشون الفصح مع المسيح في قبره.
ويبدو أنه قد أضيف للأناجيل فيما بعد ما يصدّق يوحنا،لكنه أكّد خطأ الأناجيل الثلاثة :
مرقس 15: 42[ وَإِذْ كَانَ الْمَسَاءُ قَدْ حَلَّ، وَالْيَوْمُ يَوْمُ الإِعْدَادِ، أَيْ مَا قَبْلَ السَّبْتِ..].
متّى 27: 62 [وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَيْ بَعْدَ الإِعْدَادِ لِلسَّبْتِ .. ].
لوقا 23 : 54 [وَكَانَ ذَلِكَ النَّهَارُ يَوْمَ الإِعْدَادِ لِلسَّبْتِ .. ]..
والإعداد هو للفصح (تجهيز اليهود للذبيحة السنوية).
ـ وعيد الفصح (أصله فصح اليهود،يريدون به ذكرى نجاتهم من فرعون،وهو ليلةأول بدر في سنتهم، ويبدأ عندهم بعد غروب شمس 14إبريل/ نيسان أو في ليلة 15إبريل/ نيسان أوّل شهورهم،ويذبحون فيه حملاً شكراً لله) قد أصبح بعد ذلك فصح النصارى (أي عيد القيامة والشروق من الموت للمسيح بعد صلبه،فالمسيح قد جعله النصارى هو الحمل الذي كان يذبحه اليهود ويتعشّون به ليلة أول بدر من كل سنة ).
وسبب التناقض في الأناجيل وجعل الفصح مرتين ،في يومين مختلفين، أن الفصح الأول المُفتعل (لدى الأناجيل الثلاثة) بالغرفة قبيل الصلب أراده النصارى أن يكون فصحاً خاصاً للتلاميذ يأكلون فيه جسد المسيح ويشربون دمه من خلال أكل الخبز (جسد المسيح) والشرب من الكأس (دم المسيح).
وأمّا الفصح الثاني اليهودي عند يوحنا لأن المسيح قد جعله النصارى هو الخروف والحمل الذي يتعشّى به اليهود في تلك الليلة السنوية ،فذُبح الخروف (المسيح مصلوباً) يوم الجمعة واُكل الخروف (المسيح ببطن الأرض كما يونس ببطن الحوت) ليلاً [ ليلة أول بدر في السنة].
فيتبين أن تفاصيل قصة صلب المسيح مُفتعلة ومصطنعة عن الأصل اليهودي، وليست إلاّ اقتباساً وتعديلاً في الأصل وهو عيد احتفال اليهود بنجاتهم من فرعون كما ظنّت اليهود، والذي احتفل به النصارى معهم .
ثم تأفّك النصارى، بعد زعم اليهود أنّهم قتلوا المسيح، تفاصيل قصّة الصلب على نفس السياق ونفس التوقيت (أول أحد بعد [ليلة أول بدر ربيعية=خروجبني إسرائيل من مصر،لدى اليهود]= خروج المسيح من القبر) ونفس الحدث (ذبح الحمل [صلب المسيح] في ذلك اليوم وأكله ليلاً [المسيح ببطن الأرض،كيونس ببطن الحوت]).
وعيد الفصح [الذي يقع لدى اليهود مساء يوم 14/ ليلة 15 من أول شهر عندهم،أي ليلة أول بدر في السنة،قد صادف يوم السبت بالأناجيل]،كما قد يصادف أي يوم في الأسبوع،لكن جعله النصارى ثابتاً عند أول يوم أحدSunday (يوم الشمس =شروق المسيح) بعد ليلة بدر أول شهر عند اليهود،وذلك لأن المسيح قام يوم الأحد .
فريضة الفصح كما هو وارد في سفر الخروج 12:
[ وَخَاطَبَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَرُونَ فِي أَرْضِ مِصْرَ قَائِلاً: 2«مُنْذُ الآنَ يَكُونُ لَكُمْ هَذَا الشَّهْرُ رَأْسَ الشُّهُورِ وَأَوَّلَ شُهُورِ السَّنَةِ. .. عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَاشِرِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ حَمَلاً لِعَائِلَتِهِ، .. 6وَيَكُونُ عِنْدَكُمْ مَحْفُوظاً حَتَّى الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ.[ملاحظة: = يوم صلب المسيح] ثُمَّ يَقُومُ كُلُّ جُمْهُورِ إِسْرَائِيلَ بِذَبْحِ الْحُمْلانِ عِنْدَ الْمَسَاءِ.[ملاحظة: = وقت دفن المسيح بالمساء،وهو وقت متردد عند النصارى بين ما قبل الغروب (لانتزاع لُحيظات من الجمعة تكون يوماً،والسبت يوماً وليلة الأحد يوماً،ليقنعوا أنفسهم بحسابهم الثالوثي الفريد الذي يجعل المسيحعليه السلام قد مكث بالقبر 3 أيام،كيونس ببطن الحوت) وبين ما بعد الغروب (ليوافقوا التوراة في أكل لحم الخروف/دفن المسيح، ليلاً)] .. 8ثُمَّ فِي نَفْسِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَتَنَاوَلُونَ اللَّحْمَ مَشْوِيّاً بِالنَّارِ مَعَ فَطِيرٍ،.. 10وَلاَ تُبْقُوا مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ، ..15سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَحْتَفِلُونَ،.. 18وَمُنْذُ مَسَاءِ الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ وَحَتَّى مَسَاءِ الْيَوْمِ الْحَادِي وَالعِشْرِينَ مِنْهُ تَأْكُلُونَ فَطِيراً. 19سَبْعَةَ أَيَّامٍ ..4الْيَوْمَ فِي شَهْرِ أَبِيبَ (أَيْ فِي شَهْرِ آذَارَ / مَارِسَ) أَنْتُمْ خَارِجُونَ،.. 10فَتُمَارِسُ هَذِهِ الْفَرِيضَةَ فِي مِيعَادِهَا مَرَّةً كُلَّ سَنَةٍ.]. [وقد ترك اليهود ذبح الحُملان بعد دمار الهيكل].ـ وعيد قيامة السيد المسيح عليه السلام (أصبح أول يوم أحد مباشرة بعد أول ليلة ربيع/سنة يكون فيها القمر بدراً) بالإضافة إلى أنه تحوير نصراني في عيد فصح اليهود الذي هو بزعمهم حفل ذكرى نجاتهم من بطش فرعون [فسح: فَسَحَ له الأمير في السَّفَرِ: كتَبَ له الفَسْحَ، وهو أيضاً مُباعَدَةُ الخَطْوِ (القاموس)، فصى:فصل/خلص].
ـ ودين موسى عليه السلام هو الإسلام ،وعدّة الشهور في دين الله تدل على السنة القمرية ،كما تدل على ذلك الأشهر الحرم،وبناء عليه ينبغي أن يُحسب وقت خروج موسى وقومه من مصر يقول سبحانه وتعالى في سورة التوبة 36 :
[إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) ].
لكنه عند اليهود قد أصبح الفصح عيداً ربيعياً [يأتي دائماً في بداية الربيع] مرتبطاً بالسنة الشمسية (رغم أن أشهر اليهود قمرية)،لكنهم أنسئوه ليواطئوا الربيع (جعلوا سنتهم كالشمسية) ،وهو كذلك عند النصارى،واسمه بالأعجمية ‏‏Easter من أصل star (نجم )،أو east (شرق/شروق) مما قد يدل على تحويل اليهود له نحو الإله عثتر الشارق (عشتار،أسر) وهو أوزريس مصر، رمز الشموس والشروق والماء والحياة بعد الموت والتجدد والربيع والخصب الذي عبدته الشعوب القديمة وعلى رأسها مصر.
وقد جعل النصارى البيضة (رمز تجدد الحياة وبدايتها،وهو رمز ولادة وانبثاق يتضمن الأصل الوثني) رمزاً لهذا العيد (قيامة المسيح عليه السلام) وكذلك جعلوا رمزه الأرنب،وهذا الرمز (الأرنب) يرجّح الأصل المصري القديم لدى النصارى حيث سمّى المصريون عثترهم (أوسريس) باسم (أون نوفر) أي النجم (نوء،عنّ=ظهر) الجميل (نوفل)،وقد كتب المصريون لفظة (أون) بصورة الأرنب الذي يُسمّى بالمصرية أون[رسم الأرنب بنقوش مصر يُلفظ: أون]، فارتبطت الصورة (أون :venus) بالمسمّى (أسر/عثتر).
ولفظة الطفولة : bunny (بني، ب=الـ/أبو، أون=أرنب) قد تكون مصرية،ونجد تأثر النصارى بعثتر الشمس/نجمة الصباح (أون نوفر) واضحاً بسفر الرؤيا 22 [16أَنَا يَسُوعُ.. أَنَا أَصْلُ دَاوُدَ وَنَسْلُهُ. أَنَا كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ».].
وفي ليلة الأحد من كل سنة تُطفي الكنائس أنوارها (رمز موت المسيح عليه السلام) ،ثم في منتصف الليل أو خلاله تُضاء أطول شمعة ـ رمز قيامة السيد المسيح عليه السلام ـ والتي مع القسيس وتُضاء بها بقية الشموع (رمز سطوع نور المسيح للعالم) التي مع الحضور عُبّاد المسيح ، ليبدأ بعدها الغناء والصخب.
4ـ يهوذا وشيطانه
ـ في يوحنا: الشيطان دخل يهوذا أثناء العشاء :
يوحنا 13/26ـ27:[ ثُمَّ غَمَسَ اللُّقْمَةَ وَأَعْطَاهَا لِيَهُوذَا بْنِ سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ. 27وَبَعْدَ اللُّقْمَةِ، دَخَلَهُ الشَّيْطَانُ.].
ـ لكن في لوقا،دخل الشيطان يهوذا قبل العشاء :
لوقا 22: [وَاقْتَرَبَ عِيدُ الْفَطِيرِ،..3وَدَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي يَهُوذَا الْمُلَقَّبِ بِالإِسْخَرْيُوطِيِّ، وَهُوَ فِي عِدَادِ الاِثْنَيْ عَشَرَ. 4فَمَضَى وَتَكَلَّمَ مَعَ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ حَرَسِ الْهَيْكَلِ كَيْفَ يُسَلِّمُهُ إِلَيْهِمْ. 5فَفَرِحُوا، وَاتَّفَقُوا أَنْ يُعْطُوهُ بَعْضَ الْمَالِ. 6فَرَضِىَ، وَأَخَذَ يَتَحَيَّنُ فُرْصَةً لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ بَعِيداً عَنِ الْجَمْعِ.].
ـ وفي متّى كان يهوذا يخون المسيح عليه السلام دون ما حاجة لشيطان:
متّى 26 :14[ عِنْدَئِذٍ ذَهَبَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ، وَهُوَ الْمَدْعُوُّ يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ، إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ، 15وَقَالَ: «كَمْ تُعْطُونَنِي لأُسَلِّمَهُ إِلَيْكُمْ؟» ... 16وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَخَذَ يَهُوذَا يَتَحَيَّنُ الْفُرْصَةَ لِتَسْلِيمِهِ. 17وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الْفَطِيرِ، تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ يَسْأَلُونَ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُجَهِّزَ لَكَ الْفِصْحَ لِتَأْكُلَ؟» ].
5 ـ الرداء
ـ في الأناجيل الثلاثة نجد أن جنود الحاكم الروماني (بيلاطس) ،هم من وضع الرداء على المسيح عليه السلام:
متّى 27: 27 [ فَاقْتَادَ جُنُودُ الْحَاكِمِ يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْحُكُومَةِ، وَجَمَعُوا عَلَيْهِ جُنُودَ الْكَتِيبَةِ كُلِّهَا، 28فَجَرَّدُوهُ مِنْ ثِيَابِهِ، وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيّاً، ].
مرقس 15: 16 [ فَاقْتَادَهُ الْجُنُودُ إِلَى دَاخِلِ الدَّارِ، أَيْ دَارِ الْحُكُومَةِ، وَجَمَعُوا جُنُودَ الْكَتِيبَةِ كُلَّهُمْ. 17وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءَ أُرْجُوَانٍ، وَوَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلاً جَدَلُوهُ مِنَ الشَّوْكِ. ].
يوحنا 19: [ عِنْدَئِذٍ أَمَرَ بِيلاَطُسُ بِأَنْ يُؤْخَذَ يَسُوعُ وَيُجْلَدَ. 2وَجَدَلَ الْجُنُودُ إِكْلِيلاً مِنَ الشَّوْكِ وَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءَ أُرْجُوَانٍ. john (19:2): and they put on him a purplerobe].
ـ لكن في لوقا،نجد أن هيرودس ملك اليهود هو من ألبس المسيح عليه السلام الرداء:
ـ لوقا 23 : 11 [فَاحْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ وَجُنُودُهُ، وَسَخِرَ مِنْهُ، إِذْ أَلْبَسَهُ ثَوْباً بَرَّاقاً وَرَدَّهُ إِلَى بِيلاَطُسَ.luke (23:11) : and arrayed him in a gorgeousrobe].
6ـ مزمور داود
ـ في يوحنا ،جعلوا المسيح عليه السلام يؤكد أنه والله شيء واحد:
يوحنا: 10 : 30 [أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ!»].
يوحنا 14 : 10[ أَلاَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ، وَأَنَّ الآبَ فِيَّ؟ .. وَإِنَّمَا الآبُ الْحَالُّ فِيَّ .. 11صَدِّقُوا قَوْلِي: إِنِّيِ أَنَا فِي الآبِ وَإِنَّ الآبَ فِيَّ .. ].
يوحنا 16: 32 [ سَتَأْتِي سَاعَةٌ وَهَا قَدْ حَانَتِ الآنَ فِيهَا تَتَفَرَّقُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ، وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي. وَلكِنِّي لَسْتُ وَحْدِي، لأَنَّ الآبَ مَعِي. ].
ـ ولكن يبدو أن كتبة إنجيلي مرقس ولوقا لم ينتبهوا إلى ما كتبه يوحنا،فاستعاروا مزمور داود وجعلوا المسيح عليه السلام وحيداً مخذولاً ،يصرخ بأعلى صوته:
[ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «أَلُوِي أَلُوِي، لَمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: «إِلهِي إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ ].
7ـ صلب اللصوص
ـ في متّى ومرقس ذُكر أن المصلوبين مع المسيح عليه السلام كانا لصين:
متّى 27: 38 [ وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ، وَاحِداً عَنِ الْيَمِينِ، وَوَاحِداً عَنِ الْيَسَارِ.].
مرقس 15: 27 [وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ، وَاحِداً عَنْ يَمِينِهِ، وَوَاحِداً عَنْ يَسَارِهِ. ].
ـ ولكن هذا ضعيف احتماله أو معدوم، حيث صلب اللصوص يبدو عجيباً، ولو نفّذه الروم أو الحكّام لأبادوا اليهود في سنين قليلة.
ـ كما نجد التلميذ ومريم أم المسيح عليهما السلام وأختها ومريم المجدلية عند الصليب يُكلّمهم المسيح عليه السلام مصلوباً،وهذا مُستبعد من الجند والحرّاس المسئولين عن الصلب،أن يسمحوا بالاقتراب من المصلوب أثناء صلبه،خاصة وهم أهل المصلوب وذويه.
8ـ من دفن المسيح عليه السلام ؟
ـ في أعمال الرسل ،الذين دفنوا المسيح عليه السلام هم من اتهمه وتسببوا في قتله :
أعمال الرسل 13: 27 [فَإِنَّ أَهْلَ أُورُشَلِيمَ وَرُؤَسَاءَهُمْ.. إِذْ حَكَمُوا عَلَى يَسُوعَ بِالْمَوْتِ.. طَلَبُوا مِنْ بِيلاَطُسَ أَنْ يَقْتُلَهُ. 29وَبَعْدَمَا نَفَّذُوا فِيهِ كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ، أَنْزَلُوهُ عَنِ الصَّلِيبِ، وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرٍ.].
ـ لكن الأناجيل الأربعة لا تقر بذلك، فنجد أن الذي دفن المسيح عليه السلام كان تلميذه يوسف والرجل الصالح البار:
لوقا 23: 50 [ وَكَانَ فِي الْمَجْلِسِ الأَعْلَى إِنْسَانٌ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَهُوَ إِنْسَانٌ صَالِحٌ وَبَارٌّ 51لَمْ يَكُنْ مُوَافِقاً عَلَى قَرَارِ أَعْضَاءِ الْمَجْلِسِ وَفِعْلَتِهِمْ، وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ إِحْدَى مُدُنِ الْيَهُودِ، .. 53ثُمَّ أَنْزَلَهُ (مِنْ عَلَى الصَّلِيبِ) وَكَفَّنَهُ بِكَتَّانِ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ ].
متّى 27: 57 [ وَلَمَّا حَلَّ الْمَسَاءُ، جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنْ بَلْدَةِ الرَّامَةِ، اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ أَيْضاً تِلْمِيذاً لِيَسُوعَ. .. 59فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجُثْمَانَ، وَكَفَّنَهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ، 60وَدَفَنَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ حَفَرَهُ فِي الصَّخْرِ؛ وَدَحْرَجَ حَجَراً كَبِيراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ ذَهَبَ.].
ـ [الدفن يُفهم أنه كان ليلاً، رغم أن الدفن غير مسموح به ليلة السبت،لذا يزعم النصارى أن الدفن كان قبيل غروب يوم الجمعة.رغم أن المساء كان قد حلّ كما قال مرقس،والمسيح ما زال على الصليب].
مرقس 15: 42 [ وَإِذْ كَانَ الْمَسَاءُ قَدْ حَلَّ،.. 43جَاءَ يُوسُفُ .. فَتَجَرَّأَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ، وَطَلَبَ جُثْمَانَ يَسُوعَ. ].
ـ ورواية وضع الحجر الثقيل على القبر والحراس لحراسته ،رغم سذاجتها، فهدفها بسيط وهو إبطال القول أن خلو القبر من الجثة كان بسبب سرقتها [ المسيح لم يُدفن أصلاً،لأنه لم يُقتل]،لذلك تأفّك الرواة قصة الحجر الثقيل ووضع حراس للقبر لإبطال ذلك،وتأكيد أن خلو القبر من الجثة سببه خروج المسيح من القبر بنفسه بعدما قام .
مرقس 15: 46 [ وَإِذِ اشْتَرَى يُوسُفُ كَتَّاناً وَأَنْزَلَ الْجُثْمَانَ، لَفَّهُ بِالْكَتَّانِ، وَدَفَنَهُ فِي قَبْرٍ كَانَ قَدْ نُحِتَ فِي الصَّخْرِ، ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ.].
متّى 27: 64 [ فَأَصْدِرْ أَمْراً بِحِرَاسَةِ الْقَبْرِ بِإِحْكَامٍ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، لِئَلاَّ يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ وَيَسْرِقُوهُ،.. 66فَذَهَبُوا وَأَحْكَمُوا إِغْلاَقَ الْقَبْرِ، وَخَتَمُوا الْحَجَرَ، وَأَقَامُوا حُرَّاساً.].
ورواية الحجرالثقيل والحُرّاس يُضعفها خبر الحنوط ،الذي أحضرنه النسوة اللاتي شاهدن عملية الدفن، وقد تنبّه الكتبة فيما بعد لمشكلة الحجر الثقيل الذي يحول دون دخول النسوة،مرقس 16: 3 [وَكُنَّ يَقُلْنَ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ مِنْ عَلَى بَابِ الْقَبْرِ؟»]، وحلّ المشكلة ،يُبيّن لنا بوضوح كيف ظهرت قصة الملكين بالقبر.
الشراء قبل أو بعد السبت
ـ النسوة اشترين الطيوب للمسيح بعد السبت :
مرقس 16: [ وَلَمَّا انْتَهَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ طُيُوباً عِطْرِيَّةً لِيَأْتِينَ وَيَدْهُنَّهُ.].
ـ ولكن في لوقا،كن قد جهّزنها ليلة السبت (يتضمن شرائهن لها قبل السبت):
لوقا 23: 55 [وَتَبِعَتْ يُوسُفَ النِّسَاءُ اللَّوَاتِي خَرَجْنَ مِنَ الْجَلِيلِ مَعَ يَسُوعَ، فَرَأَيْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جُثْمَانُهُ. 56ثُمَّ رَجَعْنَ وَهَيَّأْنَ حَنُوطاً وَطِيباً، وَاسْتَرَحْنَ يَوْمَ السَّبْتِ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ.].
10ـ أول من أتى القبر
ـ مريم المجدلية فقط :
يوحنا 20: [ وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، بَكَّرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى قَبْرِ يَسُوعَ، وَكَانَ الظَّلاَمُ لاَيَزَالُ مُخَيِّماً، فَرَأَتِ الْحَجَرَ قَدْ رُفِعَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ. 2فَأَسْرَعَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَالتِّلْمِيذِ الآخَرِ..].
لكن في مرقس 16: [ وَلَمَّا انْتَهَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ طُيُوباً عِطْرِيَّةً لِيَأْتِينَ وَيَدْهُنَّهُ. 2وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِراً جِدّاً مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. 3وَكُنَّ يَقُلْنَ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ مِنْ عَلَى بَابِ الْقَبْرِ؟» 4لكِنَّهُنَّ تَطَلَّعْنَ فَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ كَبِيراً جِدّاً.].
نلاحظ أن بينهن مريم المجدلية التي كانت قد بكّرت (الظَّلاَمُ لاَيَزَالُ مُخَيِّماً) وحدها قبلهن (حيث أتين مع طلوع الشمس) والتي رأت الحجر قد اُزيح عن القبر ،لكنها مع ذلك لم تعلمهن،وتركتهن حائرات بشأن الحجر،مما يشكك في إحدى الروايتين.
ـ مريم المجدلية ومريم الأخرى:
متّى 28: [ وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، بَعْدَ انْتِهَاءِ السَّبْتِ، ذَهَبَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى تَتَفَقَّدَانِ الْقَبْرَ.].
ـ مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسلمى:
مرقس 16: [وَلَمَّا انْتَهَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ طُيُوباً عِطْرِيَّةً لِيَأْتِينَ وَيَدْهُنَّهُ.].
ـ مريم المجدلية وحنّة ومريم أم يعقوب ونسوة أخريات:
لوقا 24: 10وَكَانَتِ اللَّوَاتِي أَخْبَرْنَ الرُّسُلَ بِذلِكَ هُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَيُوَنَّا، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ، وَالأُخْرَيَاتُ اللَّوَاتِي ذَهَبْنَ مَعَهُنَّ.
11ـ من وجدنه بالقبر
ـ ملاك،خارج القبر:
متّى 28: ..[ لأَنَّ مَلاَكاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَجَاءَ فَدَحْرَجَ الْحَجَرَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ. 3وَكَانَ مَنْظَرُ الْمَلاَكِ كَالْبَرْقِ، وَثَوْبُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ.... .. 8فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَتَانِ مِنَ الْقَبْرِ مُسْرِعَتَيْنِ.. 9وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُبَشِّرَا التَّلاَمِيذَ، إِذَا يَسُوعُ نَفْسُهُ قَدِ الْتَقَاهُمَا [أي مريم المجدلية ومريم الأخرى].. فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ [أي أنهما قد عرفتاه].
ـ رجل شاب، داخل القبر:
مرقس 16: 5 [وَإِذْ دَخَلْنَ الْقَبْرَ، رَأَيْنَ فِي الْجِهَةِ الْيُمْنَى شَابّاً جَالِساً، لاَبِساً ثَوْباً أَبْيَضَ، فَتَمَلَّكَهُنَّ الْخَوْفُ. .. 8فَخَرَجْنَ هَارِبَاتٍ مِنَ الْقَبْرِ،..].
ـ رجلان، واقفان داخل القبر: [أمّا بقية الأناجيل فجلوس]:
لوقا 24: 4 [ وَفِيمَا هُنَّ مُتَحَيِّرَاتٌ فِي ذلِكَ، إِذَا رَجُلاَنِ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ قَدْ وَقَفَا بِجَانِبِهِنَّ.].
ـ لا أحد (خلال أول زيارتين):
يوحنا 20: .. [ بَكَّرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى قَبْرِ يَسُوعَ، وَكَانَ الظَّلاَمُ لاَيَزَالُ مُخَيِّماً، فَرَأَتِ الْحَجَرَ قَدْ رُفِعَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ. 2فَأَسْرَعَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَالتِّلْمِيذِ الآخَرِ .. وَقَالَتْ لَهُمَا: «أَخَذُوا الرَّبَّ مِنَ الْقَبْرِ، وَلاَ نَدْرِي أَيْنَ وَضَعُوهُ!»].
[ نجد أن الزيارة الأولى لم يرد فيها ذكر أن مريم رأت شيئاً ولا حتى المسيح]
[ 3فَخَرَجَ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ وَتَوَجَّهَا إِلَى الْقَبْرِ. 4وَكَانَا يَرْكُضَانِ مَعاً. وَلكِنَّ التِّلْمِيذَ الآخَرَ سَبَقَ بُطْرُسَ فَوَصَلَ إِلَى الْقَبْرِ قَبْلَهُ، 5وَانْحَنَى فَرَأَى الأَكْفَانَ مُلْقَاةً عَلَى الأَرْضِ، وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ. 6ثُمَّ وَصَلَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ فِي إِثْرِهِ إِلَى الْقَبْرِ وَدَخَلَهُ، فَرَأَى أَيْضاً الأَكْفَانَ مُلْقَاةً عَلَى الأَرْضِ.. 8عِنْدَ ذَلِكَ دَخَلَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ. .. 10ثُمَّ رَجَعَ التِّلْمِيذَانِ إِلَى بَيْتِهِمَا.].
[لا نجد في الزيارة الثانية كذلك،أي ذكر لملائكة أو حراس ولا حتى ملاقاة للمسيح].
ـ ملاكان، داخل القبر:
يوحنا 20: 11 [أَمَّا مَرْيَمُ فَظَلَّتْ وَاقِفَةً فِي الْخَارِجِ تَبْكِي عِنْدَ الْقَبْرِ. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي، انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ. 12فَرَأَتْ مَلاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ، جَالِسَيْنِ.. 14قَالَتْ هَذَا وَالْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَرَأَتْ يَسُوعَ وَاقِفاً، وَلكِنَّهَا لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15.. فَظَنَّتْ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ،].
[وعدم معرفتها للمسيح وهي وحدها واقفة عند القبر، يناقض معرفتها له في الرواية المتقدمة، حيث لم تكن وحدها ووجدته وهي منطلقة بالطريق:
متّى 28: 8 [ فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَتَانِ مِنَ الْقَبْرِ مُسْرِعَتَيْنِ، .. 9وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُبَشِّرَا التَّلاَمِيذَ، إِذَا يَسُوعُ نَفْسُهُ قَدِ الْتَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ!» فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ، وَسَجَدَتَا لَهُ. 10فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا! اذْهَبَا قُولاَ ِلإِخْوَتِي أَنْ يُوَافُونِي إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي! ].
12ـ لم يقلن شيئاً لأحد
ـ رواية مرقس تكذّب بقية الأناجيل ،حيث قطع مرقس أن النسوة لم يقلن شيئاً لأحد :
مرقس 16: 8 [ فَخَرَجْنَ هَارِبَاتٍ مِنَ الْقَبْرِ، وَقَدِ اسْتَوْلَتْ عَلَيْهِنَّ الرِّعْدَةُ وَالدَّهْشَةُ الشَّدِيدَةُ. وَلَمْ يَقُلْنَ شَيْئاً لأَحَدٍ، لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ. ].
ـ بينما بقية الأناجيل تدوي بزفّ البشرى:
متّى 28: 8 [ فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَتَانِ مِنَ الْقَبْرِ مُسْرِعَتَيْنِ، وَقَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمَا خَوْفٌ شَدِيدٌ وَفَرَحٌ عَظِيمٌ، وَرَكَضَتَا إِلَى التَّلاَمِيذِ تَحْمِلاَنِ الْبُشْرَى.].
لوقا 24: . 9 [ وَإِذْ رَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ، أَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَالآخَرِينَ كُلَّهُمْ بِهَذِهِ الأُمُورِ جَمِيعاً.].
يوحنا 20: 18 [ فَرَ جَعَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَبَشَّرَتِ التَّلاَمِيذَ قَائِلَةً: «إِنِّي رَأَيْتُ الرَّبَّ!» وَأَخْبَرَتْهُمْ بِمَا قَالَ لَهَا.].
ـ الجليل وسوء الفهم
يبدو أن فكرة الذهاب إلى الجليل سببها سوء فهم أحد الكتبة لعبارة قالها من كانا بالقبر للنسوة:
لوقا 24 : 6 [ اذْكُرْنَ مَا كَلَّمَكُمْ بِهِ إِذْ كَانَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ .. فَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».].
فالعبارة تريد تذكّر ما قاله المسيح لتلاميذه عندما كان معهم بالجليل،أنه سيقوم في اليوم الثالث،ولكن التبس المعنى أن المسيح أخبرهم أنه سيقوم في اليوم الثالث بالجليل.
13ـ أول القائمين
ـ قال رواة الصليب أن المسيح بعد صلبه كان أول من قام من الأموات:
أعمال الرسل : 26: 23 [ مِنْ أَنَّ الْمَسِيحَ سَيَتَأَلَّمُ فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَقُومُ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ..].
الرؤيا 1: 5 [ وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ..، بِكْرِ الْقَائِمِينَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ].
ـ ولكن نجد ما يُكذّب زعمهم، لأن غير المسيح كان قد سبقه في القيام من الموت:
* كِتَابُ صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ، 28 : 3 [ وَكَانَ صَمُوئِيلُ قَدْ مَاتَ ..15فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «لِمَاذَا أَزْعَجْتَنِي بِإِصْعَادِكَ لِي؟».].
* كِتَابُ المُلُوكِ الأَوَّلُ، 17: موت ابن الأرملة وإحياؤه [إيليا]:
[ 17وَحَدَثَ بَعْدَ زَمَنٍ أَنَّ ابْنَ الْمَرْأَةِ صَاحِبَةِ الْبَيْتِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْمَرَضُ، وَمَاتَ،.. 19فَقَالَ لَهَا: «أَعْطِينِي ابْنَكِ». وَأَخَذَهُ مِنْهَا .. وَرَجَعَتْ نَفْسُ الْوَلَدِ إِلَيْهِ فَعَاشَ. .. وَسَلَّمَهُ إِلَى أُمِّهِ، وَقَالَ لَهَا: «انْظُرِي، إِنَّ ابْنَكِ حَيٌّ»..].
* كتاب الملوك الثاني 4: 32 [ وَدَخَلَ أَلِيشَعُ الْبَيْتَ وَإِذَا بِالصَّبِيِّ مَيْتٌ فِي سَرِيرِهِ. .. فَعَطَس هَذَا سَبْعَ مَرَّاتٍ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ. .. قَالَ: «احْمِلِي ابْنَكِ!» 37فَسَجَدَتْ عَلَى وَجْهِهَا إِلَى الأَرْضِ عِنْدَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ حَمَلَتِ ابْنَهَا وَانْصَرَفَتْ.]
* كِتَابُ الْمُلُوكِ الثَّانِي،13: 20 [20وَمَاتَ أَلِيشَعُ فَدَفَنُوهُ... 21فِيمَا كَانَ قَوْمٌ يَقُومُونَ بِدَفْنِ رَجُلٍ مَيْتٍ... حَتَّى طَرَحُوا الْجُثْمَانَ فِي قَبْرِ أَلِيشَعَ، وَمَا كَادَ جُثْمَانُ الْمَيْتِ يَمَسُّ عِظَامَ أَلِيشَعَ حَتَّى ارْتَدَّتْ إِلَيْهِ الْحَيَاةُ، فَعَاشَ وَنَهَضَ عَلَى رِجْلَيْهِ.].
* يوحنا 11: 44[ فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَالأَكْفَانُ تَشُدُّ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَالْمِنْدِيلُ يَلُفُّ رَأْسَهُ. فَقَالَ يَسُوعُ لِمَنْ حَوْلَهُ: «حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ!»].
* لوقا 7: 12[ وَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْ بَابِ الْمَدِينَةِ، إِذَا مَيْتٌ مَحْمُولٌ، .. وَقَالَ: «أَيُّهَا الشَّابُّ، لَكَ أَقُولُ: قُمْ!» 15فَجَلَسَ الْمَيْتُ وَبَدَأَ يَتَكَلَّمُ،..].
* متّى11 : 4 [فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً: .. 5الْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يُقَامُونَ،].
* لوقا 9: 28[ وَحَدَثَ بَعْدَ هَذَا الْكَلاَمِ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ تَقْرِيباً أَنْ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ، .. 30وَإِذَا رَجُلاَنِ يَتَحَدَّثَانِ مَعَهُ، وَهُمَا مُوسَى وَإِيلِيَّا، 31وَقَدْ ظَهَرَا بِمَجْدٍ وَتَكَلَّمَا عَنْ رَحِيلِهِ .. ].
* متّى 1:17ـ 13: وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ، أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ،... 3وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَحَدَّثَانِ مَعَهُ. .. 10فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ: «لِمَاذَا إِذَنْ يَقُولُ الْكَتَبَةُ إِنَّ إِيلِيَّا لاَبُدَّ أَنْ يَأْتِيَ قَبْلاً؟» 11فَأَجَابَهُمْ قَائِلاً: .. 12عَلَى أَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: قَدْ جَاءَ إِيلِيَّا، وَلَمْ يَعْرِفُوهُ،.. 13عِنْدَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ كَلَّمَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ.
فيتبين أن القول بأن المسيح أول من قام من الأموات،هو قول زائف،يدل على تخرّص الكتبة، فالمسيح لم يُقتل ولم يُقبر أصلاً،حتى يقوم بعد ذلك من قبره.الحقّ أن الله توفّاه ورفعه إليه .
14ـ المُكث منذ القيامة حتى الإصعاد
ـ نفس اليوم:
في لوقا في نفس يوم قيامته (آخر يوم الأحد أو ليلة الاثنين):
لوقا 24:51 [ وَبَيْنَمَا كَانَ يُبَارِكُهُمْ، انْفَصَلَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ.].وهذا يجعل كل الروايات الأخرى التي أخّرت صعوده ،روايات مُستحيلة.
ـ 40 يوماً:
لكن في أعمال الرسل فقد ظل معهم 40 يوماً منذ قيامته حتى إصعاده:
أعمال الرسل 1: 3 [ وَخِلاَلَ فَتْرَةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً بَعْدَ آلامِهِ، ظَهَرَ لَهُمْ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً،... 9قَالَ هَذَا وَارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ بِمَشْهَدٍ مِنْهُمْ.].
والسبب في هذا التناقض وبقاء المسيح معهم 40 يوماً (العهد الجديد) ثم أمرهم بالبقاء بأورشليم بعد صعوده حتى حلول روح القدس فيهم (تمام 50 يوماً) ،هو تقليد النصارى لبني إسرائيل في الاحتفال بمدة بقاء موسى لتلقي الألواح (التوراة) بطور سيناء خلال 40 ليلة (العهد القديم) ثم حوزهم على التوراة كما لدى اليهود في يوم 50 منذ خروجهم من مصر.
أعمال الرسل 2: [ وَلَمَّا جَاءَ الْيَوْمُ الْخَمْسُونَ، كَانَ الإِخْوَةُ مُجْتَمِعِينَ مَعاً فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، 2وَفَجْأَةً حَدَثَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ كَأَنَّهُ دَوِيُّ رِيحٍ عَاصِفَةٍ، فَمَلَأَ الْبَيْتَ الَّذِي كَانُوا جَالِسِينَ فِيهِ. 3ثُمَّ ظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ، وَقَدْ تَوَزَّعَتْ وَحَلَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، 4فَامْتَلَأُوا جَمِيعاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَأَخَذُوا يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ أُخْرَى، مِثْلَمَا مَنَحَهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا.].
فنجد أن أناجيل النصارى تكاد تكون غير متعلّقة بالإنجيل الحقّ ولكن أكثرها كتابات مُفتعلة ومُتكلفة يكثر فيها التقليد الساذج والاقتباسات المفضوحة.
ـ حتّى بلوغ الجليل (من أورشليم) :
[10فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا! اذْهَبَا قُولاَ ِلإِخْوَتِي أَنْ يُوَافُونِي إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي! » ..16وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ الأَحَدَ عَشَرَ، فَذَهَبُوا إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُمْ يَسُوعُ.].
متّى 28: 16[ وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ الأَحَدَ عَشَرَ، فَذَهَبُوا إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُمْ يَسُوعُ. 17فَلَمَّا رَأَوْهُ، سَجَدُوا لَهُ.]. وهذا يناقض الأمر بالمكث بأورشليم حتى حلول الروح.
وهي مسافة بعيدة، حوالي مرحلتين، فلن يتمكنوا من رؤية المسيح بالجليل الذي صعد في نفس اليوم عند لوقا 24:50[ ثُمَّ اقْتَادَهُمْ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا. وَبَارَكَهُمْ رَافِعاً يَدَيْهِ. 51وَبَيْنَمَا كَانَ يُبَارِكُهُمْ، انْفَصَلَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ ].
فالصعود حسب لوقا من بيت عنيا ضواحي أورشليم،لكن بأعمال الرسل 1 (12) كان الصعود من جبل الزيتون:[ ثُمّرَجَعَ الرُّسُلُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَبَلِ الْمَعْرُوفِ بِجَبَلِ الزَّيْتُونِ].
كذلك تناقض رواية الذهاب للجليل، الأمر بالبقاء بأورشليم منذ قيامة المسيح حتى حلول الروح القدس :لوقا 24: 49 [ وَلَكِنْ أَقِيمُوا فِي الْمَدِينَةِ حَتَّى تُلْبَسُوا الْقُوَّةَ مِنَ الأَعَالِي].
ـ 7-8 أيام:
[أسبوعاً،8 أيام ،وهي مدة عيد فصح اليهود،فاقتبسها النصارى]
يوحنا 20: 26 [ وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، إِذْ كَانَ تَلاَمِيذُهُ مُجْتَمِعِينَ ثَانِيَةً دَاخِلَ الْبَيْتِ وَتُومَا مَعَهُمْ، حَضَرَ يَسُوعُ...].
وفي يوحنا21 :13 [ بَعْدَ ذلِكَ أَظْهَرَ يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتَّلاَمِيذِ مَرَّةً أُخْرَى عِنْدَ شاطئ بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ.]. ..14هَذِهِ هِيَ الْمَرَّةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي أَظْهَرَ فِيهَا يَسُوعُ نَفْسَهُ لِتَلاَمِيذِهِ بَعْدَمَا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. [وهذا مناقض للصعود بنفس يوم القيامة لدى لوقا].
15ـ أول من ظهر له المسيح (بعد قيامته)
ـ بطرس :
الرِّسَالَةُ الأُولَى إِلَى مُؤْمِنِي كُورِنْثُوسَ : [ 3فَالْوَاقِعُ أَنِّي سَلَّمْتُكُمْ، فِي أَوَّلِ الأَمْرِ، مَا كُنْتُ قَدْ تَسَلَّمْتُهُ، وَهُوَ أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَفْقاً لِمَا فِي الْكِتَابِ، 4وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَفْقاً لِمَا فِي الْكِتَابِ، 5وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِبُطْرُسَ، ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ. 6وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ مِئَةِ أَخٍ مَعاً مَازَالَ مُعْظَمُهُمْ حَيّاً، فِي حِينِ رَقَدَ الآخَرُونَ. 7ثُمَّ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لِلرُّسُلِ جَمِيعاً. 8وَآخِرَ الْجَمِيعِ، ظَهَرَ لِي أَنَا أَيْضاً، وَكَأَنِّي طِفْلٌ وُلِدَ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ!].
وذكر الاثني عشر يدل على جهل بولس بخبر (يهوذا) الخائن،الذي حيك فيما بعد.
ـ مريم المجدلية:
مرقس 16: 9 [وَبَعْدَمَا قَامَ يَسُوعُ بَاكِراً فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ الَّتِي كَانَ قَدْ طَرَدَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10فَذَهَبَتْ وَبَشَّرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ،].
هذه الزيادة لم تتضمنها النسخة السينائية،التي تكاد تكون بنفس تاريخ النسخة اليونانية الأصل.
ـ مريم المجدلية ومريم الأخرى:
متّى 28 : 8 [ فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَتَانِ مِنَ الْقَبْرِ مُسْرِعَتَيْنِ.. 9وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُبَشِّرَا التَّلاَمِيذَ، إِذَا يَسُوعُ نَفْسُهُ قَدِ الْتَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ!» فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ، وَسَجَدَتَا لَهُ. 10فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا!].
ـ تلميذان بالطريق:
لوقا 24: يسوع يظهر لتلميذين :[ 13وَكَانَ اثْنَانِ مِنْهُمْ مُنْطَلِقَيْنِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ .. 15وَبَيْنَمَا هُمَا يَتَحَدَّثَانِ وَيَتَبَاحَثَانِ، إِذَا يَسُوعُ نَفْسُهُ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا وَسَارَ مَعَهُمَا. 16وَلكِنَّ أَعْيُنَهُمَا حُجِبَتْ عَنْ مَعْرِفَتِهِ.. فَالْيَوْمَ هُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ مُنْذُ حُدُوثِ ذلِكَ. . 33ثُمَّ قَامَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ عَيْنِهَا، وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ، فَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ مُجْتَمِعِينَ، ..36وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ بِذَلِكَ، وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسَطِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»].
لكن يوحنا كذّب لوقا،فغيّب عنهم توما،مما يجعلهم عشرة فقط:
يوحنا 20 :19[ وَلَمَّا حَلَّ مَسَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الأَوَّلُ مِنَ الأُسْبُوعِ، كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ فِي بَيْتٍ .. وَإِذَا يَسُوعُ يَحْضُرُ وَسْطَهُمْ قَائِلاً: «سَلاَمٌ لَكُمْ!» ..24وَلكِنَّ تُومَا، أَحَدَ التَّلاَمِيذِ الاثَنْي عَشَرَ، وَهٌوَ الْمَعْرُوفُ بِالتَّوْأَمِ، لَمْ يَكُنْ مَعَ التَّلاَمِيذِ، حِينَ حَضَرَ يَسُوعُ.].
ومرقس حسب النسخة المكتشفة بسيناء لم يمحو هذه الزيادات التالية،وهذه النسخة السينائية بنفس عمر النسخة الفاتيكانية تقريباً،ونلاحظ أن هذه الإضافة كأنها تريد تصحيح بعض الاختلافات في ترتيب الظهور:
[ 9وَبَعْدَمَا قَامَ يَسُوعُ بَاكِراً فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ ..12وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ بِهَيْئَةٍ أُخْرَى ِلاثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَهُمَا سَائِرَانِ مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى إِحْدَى الْقُرَى...14أَخِيراً ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذاً ]..
16ـ رواة الصليب لا يعلمون
تقول التوراة في سفر التثنية (21 /22) :
[ إِنِ ارْتَكَبَ إِنْسَانٌ جَرِيمَةً عِقَابُهَا الإِعْدَامُ، وَنُفِّذَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَ(عَلَّقْتُمُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ)، 23فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلِ (ادْفِنُوهُ فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِ)، لأَنَّ (الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ). فَلاَ تُنَجِّسُوا أَرْضَكُمُ الَّتِي يَهَبُهَا لَكُمُ الرَّبُّ مِيرَاثاً.].
ـ وقد أكّد ذلك إمام النصارى وأستاذهم الأعظم (شاول اليهودي) :
غلاطية 3 : 13إِنَّ الْمَسِيحَ حَرَّرَنَا بِالْفِدَاءِ مِنْ (لَعْنَةِ الشَّرِيعَةِ)، إِذْ (صَارَ لَعْنَةً ) عِوَضاً عَنَّا، لأَنَّهُ قَدْ كُتِبَ: («مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ»).
ورغم ذلك يؤمن كثير من النصارى بصلب المسيح (رغم أن التوراة تنصّ على أن المصلوب ملعون ونجس) ،بل ويقدّسون قول اليهودي شاول (بدلاً من لعنه والبراء منه وأقواله ) الذي كذب عليهم وجعل المسيح لعنة («مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ»). أو كما تأفّك : إِذْ (صَارَ لَعْنَةً ) عِوَضاً عَنَّا .
ـ يوحنا 19:36[ وَقَدْ حَدَثَ هَذَا لِيَتِمَّ مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ: «لَنْ يُكْسَرَ مِنْهُ عَظْمٌ!».].
هذه العبارة في الإنجيل يُقصد بها المسيح، وهي لعمري كافية لإثبات عدم صلبه كدليل مستخرج من كتب اليهود والنصارى.
فالمصلوب لابد أن تخترق المسامير الحديدية الغليظة يديه وقدميه على الأقل، وبالطرق العنيف الشديد المتواصل، وبعد ذلك على ثقوب جسده التي أحدثتها هذه المسامير الغليظة المطروقة أن تتحمل كل وزنه وثقله لبضع ساعات على الأقل (كما في صلب المسيح بالأناجيل).
فكيف بعد ذلك لا يُخدش فيه عظم ولا يرتضّ ولا يُشرخ ولا يُثقب ولا يُخرق ولا يُكسر ؟
فهل المصلوب بلا عظام في يديه وقدميه أم أن عظامه أصلب من الحديد (الذي واصل مساره حتى نفذ بالخشب) ؟
ـ يزعم محرفوا الأناجيل أن المسيح أخبرهم أنه : يُقتل و(بعد ثلاثة أيام) يقوم :
مرقس 8: 31وَأَخَذَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لاَبُدَّ أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيراً، وَيَرْفُضَهُ الشُّيُوخُ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ، (وَيُقْتَلَ)، (وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ).
وقد يراوغ النصارى كعادتهم في تفسير الثلاثة أيام فيقولوا مثلاً أن (اليوم الأول = كان يوم الجمعة وهو يوم الصلب ثم دفنه ليلاً، واليوم الثاني = كان يوم السبت وهو يوم بقاء المسيح في القبر،واليوم الثالث = كان يوم الأحد وهو يوم قيامته ) ، رغم أن النص واضح وأن الثلاثة أيام ينبغي أن تكون (بعد) يوم الصلب أو على الأقل بعد وقت تنفيذه .
ومع ذلك لن نجادل في ذلك، وسنستشهد بنص واضح لا لبس فيه ولا يدع مجالاً للالتفاف والدوران. حيث يزعم محرفوا الأناجيل، صراحة وبوضوح تام، أن المسيح أخبرهم أنه سيبقى في جوف الأرض (ثلاثة أيام وثلاث ليال)،تماماً كما بقى يونس في بطن الحوت :
متى 12: 38 [ عِنْدَئِذٍ أَجَابَهُ بَعْضُ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ، قَائِلِينَ: «يَامُعَلِّمُ، نَرْغَبُ فِي أَنْ نُشَاهِدَ آيَةً تُجْرِيهَا!» 39فَأَجَابَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ خَائِنٌ يَطْلُبُ آيَةً؛ وَلَنْ يُعْطَى آيَةً إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. 40فَكَمَا بَقِيَ يُونَانُ فِي جَوْفِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ، هَكَذَا (سَيَبْقَى ابْنُ الإِنْسَانِ فِي جَوْفِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ.).
وهذا النص فيه تصادم وتضارب عنيف وتام مع روايات الأناجيل ومعتقد النصارى بأن المسيح صُلب في يوم الجمعة (أول ليلة في جوف الأرض) ودفن فيها ،وظل كذلك يوم السبت (أول يوم وآخر ليلة في جوف الأرض ) وقام يوم الأحد (وربما قبله). فالمسيح ،حسب الأناجيل ، لم يبق في جوف الأرض إلا [ يوماً واحداً وليلتين ] (وربما أقل).
عمليات جمع سهلة :
لو كان عامل الوقت هو ما كان يركز عليه يسوع في نبوءته موضع البحث ، فهيا بنا إذن لنرى ما إذا كان ذلك قد تحقق حسب النصوص المقدسة ( الموجودة بالإنجيل ) كما يفاخر المسيحيون .
 
عمليات جمع سهلة :
لو كان عامل الوقت هو ما كان يركز عليه يسوع في نبوءته موضع البحث ، فهيا بنا إذن لنرى ما إذا كان ذلك قد تحقق حسب النصوص المقدسة ( الموجودة بالإنجيل ) كما يفاخر المسيحيون .



148378098.jpg


فترة الدفن حسب الأناجيل:
يوم الجمعة: صُلب (الساعة 9 صباحاً أو 12 ظهراً ) ـ مات (الساعة الثالثة بعد الظهر) ـ دُفن (ليلاً).
يوم السبت: مدفون بالقبر
يوم الأحد : ليس بالقبر. (عندما ذهبت مريم المجدلية إلى المقبرة فجر يوم الأحد لم تجد جثمان يسوع كما يرددون !.)
1ـ يوم الجمعة : صُلب صباحاً / ظهراً ومات قبل العصر :
مرقس 15 : 25وَكَانَتِ السَّاعَةُ (التَّاسِعَةَ صَبَاحاً) حِينَمَا صَلَبُوهُ.
مرقس 15: 33وَلَمَّا جَاءَتِ السَّاعَةُ (الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ظُهْراً)، حَلَّ الظَّلاَمُ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا حَتَّى السَّاعَةِ (الثَّالِثَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ). 34وَفِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ،..37فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.
لوقا 23: 44 [ وَنَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ (الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ظُهْراً)، حَلَّ الظَّلاَمُ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا حَتَّى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ (الثَّالِثَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ). .. وَإِذْ قَالَ هَذَا، أَسْلَمَ الرُّوحَ.].
يوحنا 19: 14 [ وَكَانَ الْوَقْتُ نَحْوَ (السَّادِسَةِ = الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ظُهْراً) فِي يَوْمِ الإِعْدَادِ لِلْفِصْحِ. .. 16فَسَلَّمَهُ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ.].
إنزاله من على الصليب (الجمعة مساءً) ودفنه (الجمعة والسبت) :
يوحنا 19 : 31 [ وَلَمَّا كَانَ الإِعْدَادُ يَتِمُّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، طَلَبَ الْيَهُودُ مِنْ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُ الْمَصْلُوبِينَ، فَتُؤْخَذَ جُثَثُهُمْ (لِئَلاَّ تَبْقَى مُعَلَّقَةً عَلَى الصَّلِيبِ يَوْمَ السَّبْتِ)، وَلاَ سِيَّمَا لأَنَّ ذلِكَ السَّبْتَ كَانَ يَوْماً عَظِيماً. .. 33أَمَّا يَسُوعُ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَيْهِ وَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ،] ..
يوحنا 19 : 38[ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ إِلَى بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ بِأَخْذِ جُثْمَانِ يَسُوعَ،.. فَأَذِنَ لَهُ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ يُوسُفُ وَأَخَذَ جُثْمَانَ يَسُوعَ. 39وَجَاءَ أَيْضاً نِيقُودِيمُوسُ .. (لَيْلاً)، .. 40فَأَخَذَا جُثْمَانَ يَسُوعَ .. 42فَدَفَنَا يَسُوعَ فِي ذَلِكَ الْقَبْرِ لأَنَّهُ كَانَ قَرِيباً، وَلأَنَّ ذلِكَ الْيَوْمَ كَانَ (يَوْمَ الإِعْدَادِ) عِنْدَ الْيَهُودِ.].
مرقس 15 : 42 [ وَإِذْ كَانَ (الْمَسَاءُ) قَدْ حَلَّ، وَالْيَوْمُ يَوْمُ الإِعْدَادِ، أَيْ مَا قَبْلَ السَّبْتِ، 43جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، .. 46وَإِذِ اشْتَرَى يُوسُفُ كَتَّاناً وَأَنْزَلَ الْجُثْمَانَ، لَفَّهُ بِالْكَتَّانِ، وَدَفَنَهُ فِي قَبْرٍ كَانَ قَدْ نُحِتَ فِي الصَّخْرِ،]..
خارج القبر يوم الأحد، وهو (الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ) و (الْيَوْمُ الثَّالِثُ) :
لوقا 24: 20 [ وَكَيْفَ سَلَّمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا إِلَى عُقُوبَةِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ. .. فَالْيَوْمَ هُوَ (الْيَوْمُ الثَّالِثُ) مُنْذُ حُدُوثِ ذلِكَ. 22عَلَى أَنَّ بَعْضَ النِّسَاءِ .. قَصَدْنَ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِراً 23وَ(لَمْ يَجِدْنَ جُثْمَانَهُ)،.].
لوقا 24: [ وَلكِنْ فِي (الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ)، بَاكِراً جِدّاً، جِئْنَ إِلَى الْقَبْرِ. 2فَوَجَدْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ عَنِ الْقَبْرِ. 3وَلكِنْ لَمَّا دَخَلْنَ (لَمْ يَجِدْنَ جُثْمَانَ الرَّبِّ يَسُوعَ) . .. عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُنَّ الرَّجُلاَنِ: .. 6إِنَّهُ لَيْسَ هُنَا، وَلَكِنَّهُ (قَدْ قَامَ!).].
فالمجموع = [ يوم واحد وليلتان ]، بينما تنص رواية مرقس حرفياً أنه : يُقتل (وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ).
وتنص رواية متّى بوضوح بالغ أن المسيح سبقى في (جَوْفِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ ).
وعلينا أن ننتبه أيضاً لضعف التشبيه في رواية متّى بين بقاء المسيح في جوف الأرض (ميّتاً) وبقاء يونس في جوف الحوت (حيّاً).
أما إنجيل مرقس (وهو الأقدم) فإنه يتناقض مع متّى ويجعل المسيح لا يعطي لمجربيه أي آية ( وهذا يبيّن أن المحرفين فيما بعد ،بسبب اختلاف النصارى وشكّهم حول مسألة الصلب،فقد حشوا إنجيل متّى بتلك الآية للكذب على الناس ولحسم الخلاف،بفرية أن المسيح قد أخبرهم مسبقاً بأنه سُيصلب.].
مرقس 8 : 11[ فَأَقْبَلَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَأَخَذُوا يُجَادِلُونَهُ، طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ لِيُجَرِّبُوهُ. 12فَتَنَهَّدَ مُتَضَايِقاً، وَقَالَ: «لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا الْجِيلُ آيَةً؟ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: (لَنْ يُعْطَى هَذَا الْجِيلُ آيَةً! )» 13ثُمَّ تَرَكَهُمْ .].
ـ اختلف مرقس ويوحنا في تحديد ساعة صلب المسيح :
مرقس 15 : 25 [ وَكَانَتِ السَّاعَةُ (التَّاسِعَةَ صَبَاحاً) حِينَمَا صَلَبُوهُ.].
يوحنا 19: 14 [ وَكَانَ الْوَقْتُ نَحْوَ (السَّادِسَةِ =12 ظهراً) فِي يَوْمِ الإِعْدَادِ لِلْفِصْحِ. .. 16فَسَلَّمَهُ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ.].
ـ خالف يوحنا الذي (جعل المسيح يحمل صليبه بنفسه) بقية الأناجيل التي (جعلت سمعان يحمل الصليب عنه) :
يوحنا 19 : 17 [ فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَكَانِ الْمَعْرُوفِ بِمَكَانِ الْجُمْجُمَةِ، وَبِالْعِبْرِيَّةِ: «جُلْجُثَةِ»، 18وَهُنَاكَ صَلَبُوهُ ].
مرقس 15 (وبقية الأناجيل) : 21 [ وَسَخَّرُوا وَاحِداً مِنَ الْمَارَّةِ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ، وَهُوَ سِمْعَانُ مِنَ الْقَيْرَوَانِ، أَبُو إِسْكَنْدَرَ وَرُوفُسَ، وَكَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ.].
ـ لم يتفق مرقس ومتّى على نوع الشراب الذي قُدّم للمسيح ساعة صلبه ( خمر أم خلّ) :
مرقس 15 : 23 [ وَقَدَّمُوا لَهُ (خَمْراً) مَمْزُوجَةً بِمُرٍّ، (فَرَفَضَ) أَنْ يَشْرَبَ.].
متى 27 : 34 اعطوه (خلا) ممزوجا بمرارة ليشرب ولما (ذاق) لم يرد ان يشرب .
ـ يناقض لوقا ، متّى ومرقس في شأن موقف أحد اللصين المصلوبين مع المسيح:
( حيث في لوقا لم يسخر أحد اللصين من المسيح ) بينما في متّى ومرقس (سخر كلا اللصين من المسيح ) :
لوقا 23 : 39 [ وَأَخَذَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُجْرِمَيْنِ الْمَصْلُوبَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ: «أَلَسْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ؟ إِذَنْ خَلِّصْ نَفْسَكَ وَخَلِّصْنَا!» 40وَلكِنَّ الآخَرَ كَلَّمَهُ زَاجِراً فَقَالَ: «أَحَتَّى أَنْتَ لاَ تَخَافُ اللهَ ، وَأَنْتَ تُعَانِي الْعُقُوبَةَ نَفْسَهَا؟ 41أَمَّا نَحْنُ فَعُقُوبَتُنَا عَادِلَةٌ لأَنَّنَا نَنَالُ الْجَزَاءَ الْعَادِلَ لِقَاءَ مَا فَعَلْنَا. وَأَمَّا هَذَا الإِنْسَانُ، فَلَمْ يَفْعَلُ شَيْئاً فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ!» 42ثُمَّ قَالَ: «يَايَسُوعُ، اذْكُرْنِي عِنْدَمَا تَجِيءُ فِي مَلَكُوتِكَ!» 43فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: الْيَوْمَ سَتَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ!»].
متّى 27 : 44 [ وَكَانَ اللِّصَّانِ الْمَصْلُوبَانِ مَعَهُ يَسْخَرَانِ مِنْهُ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلاَمِ!].
مرقس 15: 32 .. [ وَعَيَّرَهُ أَيْضاً اللِصَّانِ الْمَصْلُوبَانِ مَعَهُ.].
ـ اختلفت الروايات حول عدد الذين ظهر لهم المسيح بعد قيامته:
متّى 28 : 16 [ وَأَمَّا (التَّلاَمِيذُ الأَحَدَ عَشَرَ) ، فَذَهَبُوا إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُمْ يَسُوعُ. 17فَلَمَّا رَأَوْهُ، سَجَدُوا لَهُ.].
كُورِنْثُوسَ 15 : 3 [.. وَهُوَ أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ.. 4وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ..، 5وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِبُطْرُسَ، ثُمَّ (لِلاثْنَيْ عَشَرَ)] .
وهناك تناقضات في الروايات حول أمور عن مقبرة المسيح وقيامته ، وهذا يبيّن بوضوح أن القول بصلب المسيح ليس خبراً يقينياً ولا يقوم على أي أساس من علم ولا دقّة ، وإنما تخبّطات وظنون وأمر شُبّه للنصارى والتبس عليهم وهم حتى اليوم في اختلاف وشكّ منه.
[ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا {157} بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا {158}].النساء
ورغم ذلك سيظل العديد من أهل الكتاب مؤمنين برواية صلب المسيح وبإلوهيته قبل أن تأتيهم المنيّة، ويوم القيامة يكون المسيح عليهم شهيداً.
[ وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا].النساء/159.
الخُلاصة
و إليكم مُلخّصاً للحجج الداحضة لمسألة صلب السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام:
1ـ أناجيل النصارى لا علم لها بتفاصيل صلب المسيح [وإنما أصله قول اليهود أنهم قتلوه،فلمّا صدّقهم النصارى ،اقتبسوا واستعاروا التفاصيل منعيد فصح اليهود السنوي الذي كان عمره وقتئذ أكثر من ألف سنة،ذكرى نجاتهم من فرعون، يقوم اليهود فيه سنوياً بتجهيز خروف العيد وذبحه(قصّة الصلب يوم الجمعة ) وأكله ليلاً (قصة دفن المسيح ليلة السبت ببطن الأرض،كيونس ببطن الحوت) ، ولا علم لها بقيامته، ولكن لمّا صدّق النصارى بقتله كان لابد من قيامته، فاستعاروا ذلك من عثاتر الشعوب القديمة وعلى رأسها عثتر (أسر) مصر ،آلهة الشموس والأقمار والنجوم التي كلّما أفلت ،يراها الناس تبزغ وتشرق من جديد،ولا علم لهم حتّى بفترة ما بين قيامته إلى رفعه [ الأولى قدر شروق الشمس وغروبها،والثانية قدرأسبوع فصح اليهود،والثالثة قدر مُكث موسى بالطور 40 ليلة] وأخيراً تلقّى التلاميذ الروح القدس في اليوم 50، كما قالت بنو إسرائيل من قبل ،أنهم تلقّوا التوراة من موسى في نفس اليوم.
2ـ نكران المقبوض عليه أمام الكاهن أنّه المسيح، ممّا يدلّ على أنّه ليس يسوع.
3ـ تبرئة بيلاطس البنطي للمقبوض عليه من التُهمة أنّه الملك يعني المسيح.
وهذا تأكيدٌ للحجة الأولى وهذه حجّة قويةٌ لأنّه من صالح بيلاطس ألا يدخل في مواجهةِ مفتوحة مع اليهود .
4ـ نكران الحواري بطرس عليه السلام أنّه تلميذٌ للمقبوض عليه ولا يوجد ما يبرّر هذا النكران سوى أنّ المقبوض عليه ليس يسوع عليه السلام.
5ـ شخصية المقبوض عليه جبانة منهارة خرساء لا تتّفق مع شخصية يسوع.
6ـ ليلة القبض على المتّهم مرّت هادئة دون شغبٍ أو أي اضطراب.
7ـ لم يحضر لمحاكمة المتّهم غير اثنان وهذا لا يتّفق مع تأكيده لخبر موته و قيامته.
8ـ لم يقف على الصليب إلا ثلاث نسوة ويوحنا.
9ـ لم يذهب تلميذٌ واحدٌ إلى القبر صبيحة الأحد لمعاينة قيامة يسوع المجيدة.
10ـ ثلاث نسوة فقط ذهبن إلى القبر لا لمعيانة قيامته بل لتحنيطه.
11ـ تكذيبُ السيّدة مريم المجدلية لعينها لمّا ظهر لها يسوع وتكذيب جميع التلاميذ لهذا الخبر بعد ستٍ و ثلاثين ساعة من الصلب و بعد يومين فقط من رسم الإفخارستيا.
12ـ المعلّق على خشبة ملعونٌ في شريعة التوراة.
13ـ ظهور وشيوع المذاهب الدوكيتية في الصدر الأول للمسيحية والتي لا تعترف أنّ يسوع صُلِبَ بالحقيقة ، إنّما صُلِبت صورتُه.
وبناء عليه:

يقول رب العزة سبحانه وتعالى في محكم كتابه: [ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {78} مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ {79} وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ {80}]. آل عمران.
 
عودة
أعلى