القرءان الكريم وليس التناخ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ


الفرع السادس



ماذا عن إخوة الإله وأزواج أخواته


جاء في متى 13/ 54ـ 56
[ 54وَلَمَّا جَاءَ إِلَى وَطَنِهِ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي مَجْمَعِهِمْ حَتَّى بُهِتُوا وَقَالُوا:«مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّاتُ؟ 55أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ، وَإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا؟ 56أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ جَمِيعُهُنَّ عِنْدَنَا؟ فَمِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ كُلُّهَا؟».].
محظوظ كل من يدعي اتصال نسبه بالسيدة فاطمة الزهراء، حتى ولو كذباً، مجرد إدعاء، فإنه يحيط نفسه بقداسة، فما بالك بإخوة الإله؟..
لقد ولدت مريم عيسى عليه السلام وهي خطيبة ليوسف النجار ولم يتصل بها، وبعد أن تم نفاسها أتم زواجه بها وأنجب منها ـ كما يقول متى ـ أربعة أبناء آخرين كما هو وارد في الإنجيل المنسوب إليه .
فماذا عن إخوة الإله ؟.. هل هم آلهة؟.. أم هم أنبياء.. أم هم...ماذا؟....
ولماذا لم يكونوا من الحواريين أتباع السيد المسيح؟..هل بولس ومتى.. ولوقا ومرقس، بأفضل منهم؟..
هذا عن إخوته عليه السلام..
فماذا عن أخواته عليه السلام؟.. هل كن قديسات؟.. وما هو دورهن في العمليات التبشيرية؟..
لقد سمعنا عن دور مريم المجدلية ومريم الأخرى وعلاقتهن بالسيد المسيح، كما أننا سمعنا عن سانت كاترين وسانت تريزا وغيرهن من القديسات،ومع ذلك لم نسمع عن أي سانت من السانتات أخوات الإله ...هذا إن كن سانتات ...فماذا عنهن؟؟....




الفرع السابع



عقيدة بتولية السيدة العذراء


ورد في متى1/25 ترجمة الفاندايك:
[ 24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. 25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ..]..
من الضروري التعرف على مسألة اختلف حولها آباء الكنيسة، وكذلك اختلفت حولها الكنائس المسيحية, إنها عقيدة دوام بتولية العذراء..
وهذه العقيدة باختصار هي أن الكنائس التقليدية الأرثوذكسية والكاثوليكية تؤمن بأن السيدة العذراء مريم أم السيد المسيح عليهما السلام بالرغم من ولادتها للسيد المسيح إلا أنها بقيت عذراء..
ولقد استطاعوا أن يثبتوا في الأذهان أنها مازالت عذراء فرجوا لعذريتها بقولهم ونحن نردد معهم (السيدة مريم العذراء في حين أن كلمة السيدة لا تطلق إلا على من فقدت عذريتها أما وأن يطلق عليها السيدة العذراء فهذا التناقض في الجملة الواحدة يصرف الذهن إلى أنها مازالت عذراء حتى بعد ولادتها للسيد المسيح).
واستدلوا بالترجمات الحديثة التالية:
1ـ العربية المشتركة متى1/25: [24فلمَّا قامَ يوسفُ مِنَ النَّومِ، عَمِلَ بِما أمَرَهُ مَلاكُ الرَّبِّ. فَجاءَ باَمْرَأتِهِ إلى بَيتِه، 25ولكِنَّهُ ما عَرَفَها حتّى ولَدَتِ اَبْنَها فَسَمّاهُ يَسوعَ.].
2ـ الكاثوليكية متى1/25: [24فلمَّا قامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوم، فَعلَ كَما أَمرَه مَلاكُ الرَّبِّ فأَتى بِامرَأَتِه إِلى بَيتِه، 25على أَنَّه لم يَعرِفْها حتَّى ولَدَتِ ابناً فسمَّاه يسوع.].
3ـ البولسية [24 فلمَّا نهَضَ يوسُفُ منَ النَّومِ، فعَلَ كما أَمرَهُ ملاكُ الربِّ، فأخَذَ امرأَتَهُ؛ 25 ووَلَدَتِ ابنَها، وهُوَ لم يَعْرِفْها، فسمَّاه يسوع.].
4ـ كتاب الحياة [24وَلَمَّا نَهَضَ يُوسُفُ مِنْ نَوْمِهِ، فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْمَلاكُ الَّذِي مِنَ الرَّبِّ؛ فَأَتَى بِعَرُوسِهِ إِلَى بَيْتِهِ. 25وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْناً، فَسَمَّاهُ يَسُوعَ.].
فالمسيح نزل منها كما كان يستطيع أن يمر من الأبواب وهي مغلقة، وطبعاً هذه العقيدة هي من آثار التأثر المسيحي بالعقيدة الغنوسية التي لم تكن تعتقد بأن المسيح كان له جسد حقيقي.
أما الكنائس البروتستانتية فتعتقد بأن السيدة العذراء لم تبق عذراء بعد إنجابها للسيد المسيح بل إن الكثيرين منهم يعتقدون أن السيدة مريم وبعد ولادتها للسيد المسيح كانت تعاشر يوسف النجار معاشرة الأزواج وأنجبت منه العديد من الأولاد..
واستدلوا بما هو موجود في الترجمة المعتمدة عند الأرثوذكس وهى ترجمة الفاندايك متى1/25 :[25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.]..ووجود كلمة (الْبِكْرَ)، والموجودة بالنص يوحي بأن لها أبناء آخرين، وهم أخوة السيد المسيح وذلك طبقاً لما هو في متى 13/ 54ـ 56:[54وَلَمَّا جَاءَ إِلَى وَطَنِهِ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي مَجْمَعِهِمْ حَتَّى بُهِتُوا وَقَالُوا:«مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّاتُ؟ 55أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ، وَإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا؟ 56أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ جَمِيعُهُنَّ عِنْدَنَا؟ فَمِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ كُلُّهَا؟].. ـ راجع التفسير الحديث للكتاب المقدس ، إنجيل متى ص79ـ .
وذلك على عكس الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية التي ترى أن وجود إخوة ليسوع من مريم قد يفقد المسيح ميزة الولادة من عذراء، ولسنا هنا في مجال مناقشة صحة أو خطأ هذه العقيدة ولكننا أردنا فقط أن نوضح أهمية وجود كلمة (ابْنَهَا الْبِكْرَ)، التي قد يوحي بأن للمسيح إخوة جاءوا من بعده.
والسؤال الآن ..
هل كانت السيدة العذراء بعد ولادتها للسيد المسيح عليه السلام، بكراً أم لا..
وهل كان للسيد المسيح إخوة أم لا..و أليس وجود إخوة للإله يفقدها عذريتها، كما يقول البروتستانت؟..
نأتي إلي قضية أخرى أهم بكثير إنها تدور حول قوله: [وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.]..
والسؤال الآن لماذا [ دَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ ] ؟. ألم يأمره ملاك الرب أن يَدْعُو (اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ)؟..
لماذا خالف يوسف كلام الرب؟؟..لقد ورد في كافة الطبعات المعتمدة [ 24فلمَّا قامَ يوسفُ مِنَ النَّومِ، عَمِلَ بِما أمَرَهُ مَلاكُ الرَّبَّ.].
وعلمنا أن ملاك الرب قد أمره بأن: [يَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ]..
وإليك النص من كافة الترجمات المعتمدة عند مختلف الطوائف:
1ـ متى 1 :25 الترجمة العربية المشتركة:[ 22حَدَثَ هذا كُلُّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبُّ بلِسانِ النَّبـيِّ: 23((سَتحْبَلُ العَذْراءُ، فتَلِدُ اَبْناً يُدْعى ((عِمّانوئيلَ))، أي اللهُ مَعَنا. 24فلمَّا قامَ يوسفُ مِنَ النَّومِ، عَمِلَ بِما أمَرَهُ مَلاكُ الرَّبِّ. فَجاءَ باَمْرَأتِهِ إلى بَيتِه، 25ولكِنَّهُ ما عَرَفَها حتّى ولَدَتِ اَبْنَها فَسَمّاهُ يَسوعَ.].
2ـ متى 1 :25 فاندايك:[ 22وَهَذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ القَائِلِ : 23(هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً ، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ) الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا .24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. 25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.].
3ـ متى 1 :25 الترجمة الكاثوليكية:[ 22وكانَ هذا كُلُّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبُّ على لِسانِ النَّبِيّ: 23 (ها إِنَّ العَذراءَ تَحْمِلُ فتَلِدُ ابناً يُسمُّونَه عِمَّانوئيل)أَيِ (اللهُ معَنا). 24فلمَّا قامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوم، فَعلَ كَما أَمرَه مَلاكُ الرَّبِّ فأَتى بِامرَأَتِه إِلى بَيتِه، 25على أَنَّه لم يَعرِفْها حتَّى ولَدَتِ ابناً فسمَّاه يسوع.].
4ـ متى 1 :25 الترجمة البولسية:[ 23 "ها إِنَّ العذراءَ تَحْبَلُ وتَلِدُ ابنًا ويُدعى اسْمُهُ عِمَّانوئيلَ" أَي: اللهُ معَنا. 24 فلمَّا نهَضَ يوسُفُ منَ النَّومِ، فعَلَ كما أَمرَهُ ملاكُ الربِّ، فأخَذَ امرأَتَهُ؛ 25 ووَلَدَتِ ابنَها، وهُوَ لم يَعْرِفْها، فسمَّاه يسوع.].
5ـ متى 1 :25 ترجمة كتاب الحياة:[ 23«هَا إِنَّ الْعَذْرَاءَ تَحْبَلُ، وَتَلِدُ ابْناً، وَيُدْعَى عِمَّانُوئِيلَ!» أَيِ «اللهُ مَعَنَا». 24وَلَمَّا نَهَضَ يُوسُفُ مِنْ نَوْمِهِ، فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْمَلاكُ الَّذِي مِنَ الرَّبِّ؛ فَأَتَى بِعَرُوسِهِ إِلَى بَيْتِهِ. 25وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْناً، فَسَمَّاهُ يَسُوعَ.].
6ـ متى 1 :25 كتاب الكلمة:[ 22حَدَثَ هذا كُلٌّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبٌّ بلِسانِ النَّبـيَّ: 23"سَتحْبَلُ العَذْراءُ، فتَلِدُ اَبْناً يُدْعى "عِمّانوئيلَ"، أي الله مَعَنا.24فلمَّا قامَ يوسفُ مِنَ النَّومِ، عَمِلَ بِما أمَرَهُ مَلاكُ الرَّبَّ. فَجاءَ باَمْرَأتِهِ إلى بَيتِه، 25ولكِنَّهُ ما عَرَفَها حتى ولَدَتِ اَبْنَها فَسَمّاهُ يَسوعَ.].
فملاك الرب يأمره أن يسمه "عِمّانوئيلَ" ومع ذلك قام قداسته وبعد ولادتها اَبْنَها[ فَسَمّاهُ يَسوعَ].
ومرة أخرى لماذا يا يوسف..لماذا؟...
لماذا خالفت أوامر الرب يا يوسف لماذا؟؟.. لقد مات القديس يوسف ومات معه السر ولا يعرف أحداً حتى الآن، لماذا خالف أبو (أخوة الإله) أوامر ابن زوجته( الإله) الذي هو ربه، وأطلق عليه اسماً آخراً بمزاجه هو، فما هي عقوبة من يخالف أوامر الرب القدير؟؟..وبتعمد؟..
أم أن في الأمر محاباة لأنه زوج أمه؟..وهل يحابي الإله أحداً.. أم أننا كلنا عبيده ونحن كلنا عنده سواء؟.. يمكن لأن القديس يوسف زوج أمه ..يمكن.. نحن لا نعرف ماذا دار بينهما بعد أن فرض القديس يوسف اسم يسوع علي ربه فرضاً.. ومات القديس يوسف ومات السر معه ولا نعرف لماذا خالف تعاليم ملاك الرب..
سؤال أخر.. هل تسمية السيد المسيح بـ (يَسُوعَ). تحقق النبوءة الواردة في سفر إشعياء؟..
إذ أن المراد بالنبي عند علمائهم هنا هو إشعياء عليه السلام وذلك مصداقا لما جاء في سفر إشعياء 7/ 13ـ 14: [13فَقَالَ: «اسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُدَ. هَلْ هُوَ قَلِيلٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تُضْجِرُوا النَّاسَ حَتَّى تُضْجِرُوا إِلَهِي أَيْضاً؟ 14وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». ].
فإذا كنتم تريدون تحقيق النبوءة بحق فليسم ابن مريم بـ«عِمَّانُوئِيلَ».
أما وأن يتم تسميته بخلاف ذلك.. إذن النبوءة لم تتحقق...صح!!!..
ملمح أخير:
أرجو مراجعة النص الوارد في متى1/25 ترجمة الفاندايك بدقة قليلاً:
[ 24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. 25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ..]..
والسؤال الآن هل كانت السيدة مريم الموجودة في العدد 24 من النص السابق امْرَأَتَهُ؟..أم كانت خطيبته؟..وما هو المقصود بعدم معرفته إياها والموجودة في العدد الذي يليه؟..
ملمح بعد الأخير..
كلمة [أَيِ «اللهُ مَعَنَا».]..الموضوعة في كل النصوص السابقة بين قوسين..لماذا تم وضعهما بين قوسين؟.. أليست هذه الجملة تعتبر في هذه الحالة بمثابة مذكرة تفسيرية لكلمة «عِمَّانُوئِيلَ».؟..
هل هي من كلام الرب؟.. أم أنها دخيلة على كلام الرب، وقام النساخ بوضعها بين قوسين حتى لا ينصرف الذهن إلى أنها من كلام الرب؟.. مجرد تساؤلات بريئة جداً.. ولا نحتاج إلى إجابة عنها فنحن نعرف الإجابة مثل ما أنكم تعرفون!!!...
 
الفرع الثامن


عِمَّانُوئِيلُ


ما هو معنى »عذراء« الوارد في نبؤة إشعياء 7 :14
»14وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ».«.
علماء المسيحية يقولون أن هذه النبؤة مصداق ما قيل في متى 1 :20 و23 عن ميلاد السيد المسيح عليه السلام:
» 22وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 23«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.« .
والمراد بالنبي عند علمائهم هنا هو إشعياء.
والمتأمل في القصة التي جاءت في سفر إشعياء 7 / 1ـ 25 تأبى أن تكون مصداق هذا القول على عيسى عليه السلام لأنها هكذا:
1ـ أَنَّ رَصِينَ مَلِكَ أَرَامَ ،و فَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ جاءا إِلَى أُورُشَلِيمَ لِمُحَارَبَتِهَا أَيَّامِ آحَازَ بْنِ يُوثَامَ بْنِ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا ، فخاف خوفا شديداً من اتفاقهما فَرَجَفَ قَلْبُهُ وَقُلُوبُ شَعْبِه ، فأوحى الله إلى إشعياء أن تقول لتسلية آحاز: لا تخف، فإنهما لا يقدران عليك، وستزول سلطنتهما، وبين له علامة خراب ملكهما وهي أن امرأة شابة تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ وتصير أرض هذين الملكين خربة قبل أن يميز هذا الابن الخير عن الشر.
2ـ وقد ثبت أن زالت سلطنة رَصِينَ مَلِكَ أَرَامَ (سورية) سنة 730 ق.م عندما جاء تجلات فلاسر الثاني ملك أشور لمساعدة آحَازَ بْنِ يُوثَامَ بْنِ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا فاقتحم بلاد سورية واحتل دمشق وقتل رَصِينَ مَلِكَ أَرَامَ.
وأما فَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فقتله هوشع بن أيلة سنة 730 ق.م وجلس مكانه على العرش وحكم لمدة 9 سنوات، وكان هوشع هو آخر ملوك إسرائيل حيث دمر الأشوريون مملكة إسرائيل سنة 722 ق.م بقيادة شلمناصر وخليفته سرجون الثاني، وعلى هذا الأساس لابد وأن يتولد هذا الابن (عِمَّانُوئِيلَ ) ـ أي المسيح عليه السلام ـ قبل هذه المدة وتخرب الأرض قبل تمييزه.
ولكن عيسى عليه السلام توّلد بعد 721 سنة من خرابها.
فكأن نبوءة إشعياء كانت سنة 743 ق.م ( 722 + 21 ) وكان فَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ يحكم بالاشتراك مع آخرين لمدة 16 سنة وكان له سلطة كبيرة في المملكة ثم انفرد بالحكم سنة 743 ق.م .وقد اختلف أهل الكتاب في مصداق ذلك الخبر فاختار البعض أن إشعياء يريد بالعذراء زوجته ويقول: إنها ستحبل وتلد ابنا وتصير أرض الملكين اللذين تخاف منهما خربة قبل أن يميز هذا الابن الخير عن الشر.
لذلك فإننا نجد أن اليهود قد أدركوا أن السيد المسيح عليه السلام ليس هو المسيح المنتظر مستدلين بمعرفتهم بأصل المسيح عيسى ونسبه وقومه، بينما المنتظر القادم غريب لا يعرفه اليهود لأنه من بيت لاوي وليس من بيت داوود.
 
الفرع التاسع


أخطاء واضحة


قال هورن من علماء المسيحية: سقطت آية بين الآيتين في لوقا 21 :33 و34
[ 33اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَيَزُولُ. 34«فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً.).
والواجب أخذها من متى 24 :36
(3634اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ. 35اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ.).
أو من مرقس 13 :32
(30اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ. 31اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.32«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ.)..
حتى تكون أقوال الرسل متوافقة. ]..هذا ما قاله هورن فما هو رد آباء الكنيسة عليه؟..
أي أن النص حسب كلام هورن يجب أن يكون هكذا:
[ 33اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَيَزُولُ. «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ 34«فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً.).
هذا ما قاله هورن حول نص من النصوص فماذا عن ملكيصادق؟؟..
تمهيد لابد منه:
في الحقيقة الكلام عند ملكيصادق يجرنا بالتبعية على الحديث عن ترجمة الكتاب المقدس.
فواقع الأمر أنه لا توجد هذه الشخصية في الكتاب المقدس أصلاً وإنما الحادث هو أن هذه الشخصية الأسطورية ما هي إلا خطأ بيّن في الترجمة..كيف حدث هذا؟..
هذا ما سوف نوضحه في الصفحات التالية :
أولاً وقيل كل شيء أحب أن أنوه هنا إلى أن الخطأ في الكتاب المقدس يقع على ثلاثة محاور، المحور الأولى: هناك أخطاء جوهرية تم تداركها في الطبعات الحديثة من الكتاب المقدس، كالأخطاء التاريخية مثلاً..وهي كثيرة جداً جداً..
مثال: ماذا لو اكتشف الزوج حين دخوله على زوجته العذراء عدم عذريتها؟.
نجد أنه قد ورد في تثنية 22: 21 نجد أن عقوبتها الرجم.
[21يُخْرِجُونَ الْفَتَاةَ إِلَى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ، لأَنَّهَا عَمِلَتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ. .].
والنص في نسخة الإنترنتhttp://elkalima.com/gna/ot/genesis/chapter38.htm
نجده قام بحذف كلمة [قَبَاحَةً] واستبدلها بكلمة [حَماقَةً] وحذف كلمة [بِزِنَاهَا] واستبدلها بكلمة [بِفُجورِها] كالآتي:
[21يُخرِج شُيوخ المدينةِ الفتاةَ إلى بابِ بَيتِ أبيها. وهُناكَ يَرجمُها جميعُ أهلِ مدينتِها بِالحجارةِ حتى تموتَ، لأنَّها اَرْتكَبَت حَماقَةً في بَني إِسرائيلَبِفُجورِها في بَيتِ أبيها. هكذا تُزيلونَ الشَّرَ مِنْ بَينِكُم ].
المحور الثاني: هناك أخطاء جوهرية تم التلاعب في النص الحديث بحيث لا يتنبه القارئ إلى مثل هذا التلاعب..وهذا من أخطر أنواع التحريف:
جاء في تثنية 33: 2
»1وَهذِهِ هِيَ الْبَرَكَةُ الَّتِي بَارَكَ بِهَا مُوسَى، رَجُلُ اللهِ، بَنِي إِسْرَائِيلَ قَبْلَ مَوْتِهِ، 2فَقَالَ: «جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ، وَأَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَعِيرَ، وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ، وَأَتَى مِنْ رِبْوَاتِ الْقُدْسِ، وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لَهُمْ. 3فَأَحَبَّ الشَّعْبَ. جَمِيعُ قِدِّيسِيهِ فِي يَدِكَ، وَهُمْ جَالِسُونَ عِنْدَ قَدَمِكَ يَتَقَبَّلُونَ مِنْ أَقْوَالِكَ .«
وتم تعديل النص في نسخة الإنترنت http://elkalima.com/gna/ot/genesis/chapter38.htm كالتالي:
»وهذِهِ هيَ البَركةُ التي بارَكَ بِها موسى، رجلُ اللهِ، بَني إِسرائيلَ قَبلَ موتِهِ، 2فَقالَ: «أقبَلَ الرّبُّ مِنْ سيناءَ، وأشرَقَ لهُم مِنْ جبَلِ سَعيرَ، وتَجلَّى مِنْ جبَلِ فارانَ، وأتى مِنْ رُبى القُدسِ وعَنْ يمينِهِ نارٌ مُشتَعِلةٌ. .«
فما هو المقصود بقوله« وَأَتَى مِنْ رِبْوَاتِ الْقُدْسِ» الواردة في النص السابق؟. ولماذا تم تحريف النص في نسخة الإنترنت وليصبح « وأتى مِنْ رُبى القُدسِ» فهل ربى تعني ربوات؟. أم أن في الأمر إشكال يجب إزالته؟.
ووالله العظيم هذا التحريف المتعمد من [رِبْوَاتِ] إلى [رُبى]..لو تعرفون المقصود من ورائه لحمد كل مسلم ربه العظيم على إسلامه..عموماً هذه قضية أخرى سوف نعرض لها في حينه.
ومن العهد الجديد نكتفي برفس المناخس؟..
ما هو معنى المناخس؟
888175412.jpg


فالرفس بالمناخس يكون مع الحيوانات بنخسها في مؤخرتها بعصاة لتنشط , إما بالضرب وإما بالإدخال !..
وللتقليل من مدى قسوة هذا الوصف في حق مقدسهم بولس قام علماء الكتاب المقدس بحذف تلك الفقرة من سفر أعمال الرسل ..وهذه صورتين طبق الأصل من ترجمتي الفانديك والحياة وفي الصورة الأولى يظهر فيها النص مثبت قول الرب
frown.gif
صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ(..منى الفانديك

178619992.jpg


ووالنسخة الثانية من كتاب الحياة ويظهر فيها النص محذوف :

180400232.jpg


فهل يعقل أن يُضْرَب الرب بالمِنخس الذي يضرب به الحمار أو هل من المعقول أن يتكلم الرب مع بشر بهذه الإستكانه وهذا الذل فيقول الرب له "لماذا تضطهدني وصعب عليك أن تضربني بالمنخس" صعب …
ولما انتبه المسيحيون إلى ذلك الخطأ الشنيع قاموا فورا بحذف الجملة، ومهما بحثت في أي نسخة للكتاب المقدس عن تلك الكلمة بعد طبعة العام 1971 فلن تجدها لماذا؟

لأنها أزيلت

ولماذا أزيلت ..؟

لأنه لم يكن من المفروض أن تكون موجودة في النص أبداً.

ومن منتديات الكنيسة http://www.arabchurch.com/forums/showthread.php?t=198979
 
ومن منتديات الكنيسة

http://www.arabchurch.com/forums/showthread.php?t=198979
انقل لكم التالي تحت عنوان:
هل تؤيد الحذف أم لا:
يذكر لنا سفر الأعمال قصة تحول شاول الطرسوسى إلى بولس المختار في سفر أعمال الرسل المكرمين مرتين
الأولى في الإصحاحالتاسع: (3 وَفِي ذَهَابِهِ حَدَثَ أَنَّهُ اقْتَرَبَ إِلَى دِمَشْقَ فَبَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلَهُ نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ،4 فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتًا قَائِلاً لَهُ: «شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟5« فَقَالَ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟« فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَفَقَاَلَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: «يَارَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ وَادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ«.7 وَأَمَّا الرِّجَالُ الْمُسَافِرُونَ مَعَهُ فَوَقَفُوا صَامِتِينَ، يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلاَ يَنْظُرُونَ أَحَدًا).
ماهو ملون بالاحمر هو الذي عليه النقاش

والرواية الأخرى في أعمال 26: (13 رَأَيْتُ فِي نِصْفِ النَّهَارِ فِي الطَّرِيقِ، أَيُّهَا الْمَلِكُ، نُورًا مِنَ السَّمَاءِ أَفْضَلَ مِنْ لَمَعَانِ الشَّمْسِ، قَدْ أَبْرَقَ حَوْلِي وَحَوْلَ الذَّاهِبِينَ مَعِي.14 فَلَمَّا سَقَطْنَا جَمِيعُنَا عَلَى الأَرْضِ، سَمِعْتُ صَوْتًا يُكَلِّمُنِي وَيَقُولُ بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ: شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ15 فَقُلْتُ أَنَا: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ: أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ.16 وَلكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهذَا ظَهَرْتُ لَكَ، لأَنْتَخِبَكَ خَادِمًا وَشَاهِدًا بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ،).
وهذا النص لا خلاف عليه
نرجع للنص الوارد في إصحاح 9
النص محذوف من نسخة ال ubs

5 εἶπεν δέ, Τίς εἶ, κύριε; ὁ δέ, Ἐγώ εἰμι Ἰησοῦς ὃν σὺ διώκεις· 6 ἀλλὰ ἀνάστηθι καὶ εἴσελθε εἰς τὴν πόλιν καὶ λαληθήσεταί σοι ὅ τί σε δεῖ ποιεῖν.b
5̠5 1 Cor 15.8

b̠b 6 P: TEV FC NIV VP

Aland, K., Black, M., Martini, C. M., Metzger, B. M., Wikgren, A., Aland, B., & Karavidopoulos, J. (2000; 2009). The Greek New Testament, Fourth Revised Edition (with apparatus); The Greek New Testament, 4th Revised Edition (with apparatus) (Ac 9:5-6). Deutsche Bibelgesellschaft; Stuttgart.

شواهد الحذف:
أشهرهم السينائية والسكندرية والفاتيكانية والبردية 74 والقديس يوحنا ذهبي الفم والمخطوطات القبطية الصعيدية والبحيرية وبعض مخطوطات الفلجاتا
وبعض مخطوطات السريانية الهيراقيلية والجورجينية ومخطوطات قراءة كنسية وبيزنطية الآتية
Ψ P 049 33 Lect 056 0142 1739 (l597) 81 181 436 451 945
104 88 326 330 1241 1505 2127 2412 614 2492 630 1877 2495
شواهد الإثبات:
فلجاتا القديس جيروم/ امبروسيوس/ مخطوطات قبطية بعض السريانية الهيراقلية ومخطوطات لاتيني قديمة الآتية itl itar itt itp itph itc
واضح ان الشواهد الحذف تميل الكفة تجاهها أكثر
يقول بروس متزجر Metzger, B. M في تعليقه على هذه الإضافة الموازية من أعمال 26:
9.5–6 διώκεις· ἀλλά
After διώκεις (and omitting ἀλλά of ver. 6) the Textus Receptus adds σκληρόν σοι πρὸς κέντρα λακτίζειν. (6) τρέμων τε καὶ θαμβῶν εἶπε, Κύριε, τί με θέλεις ποιῆσαι; καὶ ὁ κύριος πρὸς αὐτόν, which is rendered in the AV as follows: “it is hard for thee to kick against the pricks. (6) And he trembling and astonished said, Lord, what wilt thou have me to do? And the Lord said unto him.” So far as is known, no Greek witness reads these words at this place; they have been taken from 26.14 and 22.10, and are found here in codices of the Vulgate, with which ith, psyrh with *copG67 substantially agree (all except the Vulgate add after θαμβῶν the words ἐπὶ τῷ γεγονότι αὐτῷ, taken from 3.10). The spurious passage came into the Textus Receptus when Erasmus translated it from the Latin Vulgate into Greek and inserted it in his first edition of the Greek New Testament (Basel, 1516). See p. 8* above.
بروس متزجر Metzger, B. M :
Metzger, B. M., & United Bible Societies. (1994). A textual commentary on the Greek New Testament, second edition a companion volume to the United Bible Societies' Greek New Testament (4th rev. ed.) (318). London; New York: United Bible Societies
 
834286655.gif


النص التالي من أعمال الرسل 26
فَلَمَّا سَقَطْنَا جَمِيعُنَا عَلَى الأَرْضِ، سَمِعْتُ صَوْتًا يُكَلِّمُنِي وَيَقُولُ بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ: شَاوُلُ، شَاوُلُ!
لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ
والإصحاح 22
فَقُلْتُ: مَاذَا أَفْعَلُ يَا رَبُّ؟ فَقَالَ لِي الرَّبُّ: قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى دِمَشْقَ، وَهُنَاكَ يُقَالُ لَكَ عَنْ جَمِيعِ مَا تَرَتَّبَ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ.
وهذا نفس ما أكده فيليب كومفورت في تعليقه النصي
ولكن فيليب كومفروت يضيف لشواهد النفي البردية 45 أن المسافة الموجودة فيها لا تكفى لهذه الجزئية .ويؤكدكلام متزجر أن هذه الإضافة الموازية من سفر الأعمال 26 أدخلت لنسخة كينج جيمس عنطريق نسخة ايرازموس الذي ترجم هذه الأعداد من الفلجاتا
894525757.gif



بالعوده لصفحة الملك جيمس نجد التالي:
"And he said, Who art thou, Lord? And the Lordsaid, I am Jesus whom thou persecutest: it is hard
for thee to kick against thepricks. And he trembling and astonished said, Lord, what wilt thou have me todo?
And the Lord said unto him, Arise, and go into the city, and it shall betold thee what thou must do."
The phrase from verse five, "it is hard forthee to kick against the pricks," is in the Old Latin and some
Vulgatemanuscripts. It is also in the Peshitta and the Greek of Codex E and 431, but inverse four instead of verse five.
The passage from verse six that reads, "And hetrembling and astonished said, Lord, what wilt thou have me to do?
And the Lordsaid unto him" is in the Old Latin, the Latin Vulgate, and some of the OldSyrian and Coptic versions.
These phrases, however, are notfound in the vast majority of Greek manuscripts and therefore do not appear ineither
the Critical Text or the Majority Text. Yet, they are included in theTextus Receptus.
On the surface the textual evidence looks weak. Why, then, should the Textus Receptus be accepted
over the majority of Greekwitnesses at this point? Because the phrases are preserved in other languages,
and the internal evidence establishes thatChrist in factspoke these words at the time of Paul's conversion and are thereforeauthentic.
Acts chapter nine is not the only place in Scripturewhere the conversion of Paul is established.
In Acts 22:10 and 26:14 we have thetestimony of the Apostle himself. There, in all Greek texts, the phrases in
question appear.

إذا كيف يمكننا أن نقبل هذا الوصف ككلام من عند الله وإن كان يسوع قد قال ذلك فهو كلام بشر وليس أقنوم متمجد إذا لابد أن نشك
في المحادثة من أصله ونبدأ البحث عن مصداقية بولس نفسه ..
المهم هل ترجح الحذف أم لا؟؟..
منتديات الكنيسة
http://www.arabchurch.com/forums/showthread.php?t=198979
المهم عندي هنا هو التساؤل الموجود في نهايثة الدراسة والذي يقول: المهم هل ترجح الحذف أم لا؟؟..

يفهم من ذلك أن الكتاب المقدس يخضع في الحذف والإثبات لعوام المسيحيين في المنتديات..
انظروا إلى ماقاله هورن وهو من علماء المسيحية في نصوص الكتاب المقدس نكتفي منها بعدد واحد فقط حيث يقول:
سقطت آية بين الآيتين في لوقا 21 :33 و34 والواجب أخذها من متى 24 :36 أو من مرقس 13 :32 حتى تكون أقوال الرسل متوافقة.
ففي لوقا ورد النص هكذا:
[ 33اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَيَزُولُ. 34«فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً.).
وفي متى 24 :36
(3634اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ. 35اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ.).
ونفس النص من مرقس 13 :32
(30اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ. 31اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.32«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ.)..
أي أن النص حسب كلام هورن يجب أن يكون هكذا:
[ 33اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَيَزُولُ. «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ 34«فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً.).
هذا ما قاله هورن فما هو رد آباء الكنيسة عليه؟..
وإليكم مااكتشفته أنا _كاتب الدراسة _ من لعب وتزوير ..اكتفي بنموذج واحد من 1000 نموذج اكتشفته في كتابهم (المقدس)..



َقِرْيَةَ أَرْبَعَ



نقرأ في يشوع 15/1 تخوم سبط يهوذا:[ 1وَكَانَتِ الْقُرْعَةُ لِسِبْطِ بَنِي يَهُوذَا حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ: إِلَى تُخُمِ أَدُومَ بَرِّيَّةَ صِينَ نَحْوَ الْجَنُوبِ، أَقْصَى التَّيْمَنِ. 2وَكَانَ تُخُمُهُمُ الْجَنُوبِيُّ أَقْصَى بَحْرِ الْمِلْحِ مِنَ اللِّسَانِ الْمُتَوَجِّهِ نَحْوَ الْجَنُوبِ. ]....حتى نصل إلى 15: 8 فنجد أن أورشليم تقع في أرض سبط يهوذا أي أنها من نصيب سبط يهوذا :
[... 8وَصَعِدَ التُّخُمُ فِي وَادِي ابْنِ هِنُّومَ إِلَى جَانِبِ الْيَبُوسِيِّ مِنَ الْجَنُوبِ، هِيَ أُورُشَلِيمُ. وَصَعِدَ التُّخُمُ إِلَى رَأْسِ الْجَبَلِ الَّذِي قُبَالَةَ وَادِي هِنُّومَ غَرْبًا، الَّذِي هُوَ فِي طَرَفِ وَادِي الرَّفَائِيِّينَ شِمَالاً.].
إلا أنه قد جاء في نفس السفر( يشوع 18/12) أنها تقع في أرض سبط بنيامين [21وَكَانَتْ مُدُنُ سِبْطِ بَنِي بَنْيَامِينَ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ]..إلى... (يشوع 28:18)
[25جِبْعُونَ وَالرَّامَةَ وَبَئِيرُوتَ، 26وَالْمِصْفَاةَ وَالْكَفِيرَةَ وَالْمُوصَةَ، 27وَرَاقَمَ وَيَرَفْئِيلَ وَتَرَالَةَ، 28وَصَيْلَعَ وَآلفَ وَالْيَبُوسِيَّ، هِيَ أُورُشَلِيمُ، وَجِبْعَةَ وَقِرْيَةَ أَرْبَعَ. عَشَرَةَ مَدِينَةً مَعَ ضِيَاعِهَا. هذَا هُوَ نَصِيبُ بَنِي بَنْيَامِينَ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ.]. أي أنها من نصيب سبط بنيامين والذي يبلغ مجموعه عَشَرَةَ مَدِينَةً مدينة حسب النص هكذا:
فهل أورشليم تقع ضمن نصيب سبط يهوذا..أم ضمن سبط بنيامين حسب عشائرهم؟..
عموماً هذا السؤال ليس هو بيت القصيد ولكن ما يعنينا في الأمر هو الآتي:
1ـ لقد ورد في متن النص السابق أن نصيب بنيامين من المدن هو عَشَرَةَ مَدِينَةً في حين أننا لو قمنا بإحصاء المدن لوجدناها أَرْبَعَ عَشَرَةَ مَدِينَةً هكذا:
[ 25جِبْعُونَ(1) وَالرَّامَةَ (2)وَبَئِيرُوتَ(3)، 26وَالْمِصْفَاةَ(4) وَالْكَفِيرَةَ(5) وَالْمُوصَةَ(6)، 27وَرَاقَمَ(7) وَيَرَفْئِيلَ(8) وَتَرَالَةَ(9)،28وَصَيْلَعَ(10) وَآلفَ(11) وَالْيَبُوسِيَّ هِيَ أُورُشَلِيمُ(12)، وَجِبْعَةَ(13) وَقِرْيَةَ أَرْبَعَ(14). عَشَرَةَ مَدِينَةً مَعَ ضِيَاعِهَا. هذَا هُوَ نَصِيبُ بَنِي بَنْيَامِينَ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ. ].
2ـ من المعروف أن قِرْيَةَ أَرْبَعَ الواردة في النص السابق هي مدينة حَبْرُونَ كما ورد في نفس السفر15/12 [13وَأَعْطَى كَالَبُ بْنَ يَفُنَّةَ قِسْمًا فِي وَسَطِ بَنِي يَهُوذَا حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ لِيَشُوعَ: قَرْيَةَ أَرْبَعَ أَبِي عَنَاقَ، هِيَ حَبْرُونُ].
وفي قضاة 1 :10 والتي هي قرية حبرون هكذا[ وَكَانَ اسْمُ حَبْرُونَ قَبْلاً قَرْيَةَ أَرْبَعَ].

لذلك وجدنا كاتب التوراة الحديثة أسعفه ذكاؤه للخروج من هذا المأزق فراح يعدل في النص السابق وذلك بتقسيم بلدة َقِرْيَةَ أَرْبَعَ المعروفة والتي ورد اسمها في النص السابق إلى كلمتين هكذا:
[ َقِرْيَةَ ـ أَرْبَعَ ] وأنهى النص السابق عند كلمة [ َقِرْيَةَ ] وأضاف كلمة [ أَرْبَعَ ] للفقرة الجديدة لتصبح [ أربعَ عشْرَةَ مدينةً] بعد أن وضع بينهما كلمة [ فهُناكَ ] حتى يستقيم المعنى، وعدل كلمة[ الضِيَاعِ] إلى كلمة القرى لكي يصبح النص مفهوماً هكذا:
[ 28وصيلَعَ وآلَفَ ويَبوسَ، وهيَ أورُشليمُ، وجبعَةَ وقِريَةَ. فهُناكَ أربعَ عشْرَةَ مدينةً بِقُراها. هذِهِ حِصَّةُ بنيامينَ بِحسَبِ عشائرِهِم.].

http://elkalima.com/gna/ot/genesis/chapter38.htm


بالله عليك .. تأمل اللعب كيف يكون.لقد قام بتغير اسم مدينة َقِرْيَةَ أَرْبَعَ والتي هي حَبْرُونَ إلى قِريَةَ والتي لا نعرف لها مكاناً في التاريخ سوى عقل المنقح لكتاب الله المقدس..
وهذه بعض من أمثلة على نصوص حذفت أو أضيفت:
المثال الأول:
نص رسالة يوحنا الأولى 5: 7-8 (7فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ.8وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ،وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ.)
لقد أثبت قدسية هذا النص ، طبعة فاندايك والترجمة الكاثوليكية .
وحذفته الترجمة العربية المشتركة وكتاب الحياة ذلك بوضعها بين قوسين معكوفين ، أي أخرجتها من كونها من المتن المقدس إلى كونها شرح لأحد المترجمين ،والترجمة الكاثوليكية
(بولس باسيم) ، والترجمة اليسوعية وقالا:
(7فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ ثَلاَثَةٌ. 8الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ وَهَؤُلاَءِ َالثَّلاَثَةُ مُتَّفِقُون).
وهناك فرق كبير بين كون الشهود ثلاثة، وبين كون الثلاثة واحد، كما تريد الكنيسة أن تُفهم أتباعها.
وهناك فرق أيضاً بين كون الروح والماء والدم متفقون، وبين (هم في الواحد).
مع الأخذ في الاعتبار أن ترجمةكتاب الحياة وضعت النص السابع فقط بين قوسين معكوفين أي أخرجتها من النص المقدس ،ولم تُخرج أيضاً عبارة (وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ) ،
وقالت الترجمةالمشتركة في هامشها بعد أن ذكرت النص المحذوف: هذه الإضافة وردت في بعض المخطوطات اللاتينية القديمة.


المثال الثانى:
يوحنا 1: 27 (27هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي الَّذِي صَارَ قُدَّامِي الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقٍّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ».)
لقد أثبتتها ترجمة فاندايك والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) على أنها موحى بها من عند الله.
وحذفتها الترجمة اليسوعية ، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) ، وكذلك ترجمة كتاب الحياة ، والترجمة العربية المشتركة.دون أدنى تعليق أو توضيح للقارئ عن سبب الحذف.

المثال الثالث:

يوحنا 5: 4(4لأَنَّ ملاَكاً كَانَ يَنْزِلُ أَحْيَاناً فِي الْبِرْكَةِ وَيُحَرِّكُالْمَاءَ. فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعْدَ تَحْرِيكِ الْمَاءِ كَانَ يَبْرَأُ مِنْ أَيِّ مَرَضٍ اعْتَرَاهُ.)
لقد أثبتتها ترجمة فاندايك والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) على أنها موحى بها من عند الله ، وكذلك ترجمة كتاب الحياة.
وحذفتها الترجمة اليسوعية برقمها دون تغيير تسلسل الأرقام بعدها ،أي بعد الرقم (3) جاءت الجملة (5)، وهذا ما فعلته أيضاً الترجمة الكاثوليكية (بولسباسيم).
أما الترجمة العربية المشتركة. فقد وضعت النصوص من (ينتظرون تحريك الماء إلى نهاية الجملة الرابعة بين قوسين معكوفين وأخرجتهما بذلك من الكتاب المقدس!! وكتبت في هامشها الآتي: “ينتظرون تحريك الماء. هذه العبارة، لا تردفي معظم المخطوطات القديمة”.
المثال الرابع:
بعض نسخ الإنجيل غير موجودبها من يوحنا 7: 53 إلى 8: 11
لقد أثبتتها ترجمة فاندايك والترجمة الكاثوليكية(أغناطيوس زياده) على أنها موحى بها من عند الله، وكذلك ترجمة كتاب الحياة،والترجمة اليسوعية، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) وترجمة كتاب الحياة.
وحذفتها الترجمة العربية المشتركة ، وذلك بوضعها بين قوسين معكوفين،أي أخرجتها من دائرة كلام الله إلى كلام الشيطان الذي أضافها هنا للنص. وعلقت في هامشها ص155 قائلة:
“لا نجد 7: 53 – 8: 11 في المخطوطات القديمة وفى الترجمات السريانية واللاتينية.بعض المخطوطات تجعل هذا المقطع في نهاية الإنجيل”.
وفى تقديم الترجمة العربية المشتركة يقول الكتاب: “في هذه الترجمة استندت اللجنة إلى أفضل النصوص المطبوعة للكتاب المقدس في اللغتين العبرية واليونانية.” فإذا كانت أفضل النصوص لا تحتوى على هذه الفقرات ، فلماذا تتمسك الكنيسة بها على أنها من وحى الله؟
المثال الخامس:

متى 5: 44 (44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ:أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ)
وقدوافقت فاندايك فقط طبعة كتاب الحياة.
وقد حذفت(بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ) من الترجمة العربية المشتركة فجاءت الترجمة كالآتي: (44أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّواأَعْدَاءَكُمْ. وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يَضْطَهِدُنَكُم.)، كما حذفتها ترجمة الآباء اليسوعيين ، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) ، والترجمة الكاثوليكية(بولس باسيم).
المثال السادس:
متى 6: 13 (13وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.)
ولم يذكر هذا الجزء إلا طبعة فاندايك فقط.
وحذفتها الترجمة العربية المشتركة ، وكتاب الحياة ، وترجمة الآباءاليسوعيين ، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) التي أبقت في الترجمة على كلمة(آمين) فقط، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم).
المثال السابع:
متى 17: 21 (21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ)
ذكر هذه الفقرة كل التراجم العربية المذكورة ما عدا الترجمة العربية المشتركة، فقد وضعتها بين قوسين معكوفين ، دلالة على عدم انتمائها للنص المقدس، وأضافت فى الهامش السفلى (هذه الآية لا ترد فى معظم المخطوطات القديمة).
ولقد صدق الله العظيم إذ يقول:
[مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ] النساء : 46 .
المحور الثالث: هناك أخطاء جوهرية لم تستطع كل القوى تداركها وقهرت هذه الأخطاء الزمان فلم يستطيعوا لها تفسيراً.وملك يصادق من هذا النوع.دعونا نرى..
يقول كُتّاب المسيحية حول ترجمة الكتاب المقدس في عجالة سريعة لأنه هناك دراسة كبرى وعميقة حول هذا الموضوع ليس مجالها الآن:
أن أول ترجمة للكتاب المقدس, كان يستعملها اليهود الناطقون باليونانية في بداية العصر المسيحي، وكذلك المسيحيون الأولون.
وتاريخ وضع هذه الترجمة غير واضح، لكن التقليد يعود بها إلى زمن بطليموس فيلادلفوس المصري (285 – 246 ق. م.).
وقد زودنا اكتشاف إدراج البحر الميت أيضاَ بأقدم مخطوطات لأجزاء من العهد القديم اليوناني، ووجد العلماء تشابهاً كبيراً بين هذه المكتشفات ونصوص الترجمة السبعينية المعروفة سابقاً، غير أن وجود الاختلاف فيها، جعل بعض العلماء منهم يعتقد بأن مخطوطات قمران تكشف نصاً أسبق.
إن النص العبراني مبدئياً هو الأساس، ويعتمد عليه أكثر من الترجمة السبعينية، وذلك لأن المترجمين ترجموا بحرية في مواضع كثيرة، ورغم هذا يمكن أن نجد حالات حفظ لنا فيها النص اليوناني المترجم قراءات أسلم وأقدم مما في المخطوطات العبرانية الموجودة بين أيدينا وفضلاً عن الترجمة السبعينية كان ثمة عدد من النصوص المترجمة إلى اليونانية قيد الاستعمال خلال القرون الأولي للعصر المسيحي.
فأوريجانوس الإسكندري صنف كتاباً يعرف باسم Hexapla (أي السداسي) وضع فيه النص العبراني والترجمة السبعينية في أعمدة متقابلة مع نصوص ترجمات أكيلا، وسيماخوس، وثيودوشن، وأخيراً تنقيحه هو للنص. وفاقت الترجمة السبعينية غيرها من الترجمات إلا في سفر دانيال حيث حلت ترجمة ثيودوشن محل نص دانيال لركاكة الترجمة في السبعينية. ووضع بعد أوريجانس كل من لوقيان وهسيخيوس، وهما مسيحيان، ترجمتين أخريين للعهد القديم العبراني في اليونانية ومع انتشار المسيحية في البلدان غير الناطقة باليونانية، وضعت ترجمات للكتاب المقدس في اللاتينية والسريانية والقبطية، بإزاء التطور والازدياد في مخطوطات نص العهد الجديد التي نتحدث عنها لاحقاً.
الاختلاف في المخطوطات
يقول علماء المسيحية:
( تختلف مناهج نشر الكتب قديماً اختلافاً بيناً عما هي اليوم.
فلقد كان نسخ المخطوطات يتم غالباً بطريقة الإملاء، حيث يقرأ أحد النساخ النص بصوت عال ويقوم مجموعة منهم بالتدوين، ومن الطبيعي أن يحصل أخطاء في التدوين بسبب خطأ في السمع، هذه الأخطاء النسخية يسهل في الغالب ملاحظتها. وعندما يقوم فرد بنسخ مخطوطة وحده يصبح عرضة لأن يرتكب سهواً أخطاء في النسخ بسبب غلط في قراءته أو انتقال نظره.
كانت المخطوطات في ذلك العصر غالية الثمن لسبب الجهد الكثير الذي يبذل في كتابتها، لذلك نجد المخطوطات محفوظة عند الجماعات، مثل الكنائس، لا عند الأفراد العامة، ولقد استعمل النساخ في زمن الكنيسة الأولى ورق البردي في صنع المخطوطات وإدراج رقوق الجلد، وهذه كانت قيد الاستعمال منذ قرون. لكن ثمة معطيات كافية للاعتقاد بأن المسيحيين الأولين (في القرن الثاني الميلادي) ابتدؤا باستعمال "السفر المجلد" أو شكل الكتاب بدلاً من الدرج الملفوف لسهولة استعماله كمرجع، فقد كان نسخ العهد الجديد بكامله يحتاج إلى عدد من الأدراج، لكن إذا تم النسخ بالخط المتصل يمكن في هذه الحال لمجلد (سفر) واحد أن يحتويه.)اه .
( المرجع قرص مدمج صادر عن جمعية الكتاب المقدس و صفحة من النت من أحد المواقع المسيحية ).
وهكذا من الواضح أن أي خطأ ورد في الترجمة الأصلية السبعينية قد انتقل بشكل قطعي لا عودة عنه إلى اللغات الأخرى كافة.
وهكذا انتقل ملكيصادق إلى اللغات الأخرى وإلى كتب الأديان والموسوعات وليتخذ لنفسه مركزاً مرموقاً، ولكن لا أحد تمكن من إيجاد نسل له أو سلالة على الرغم من غزارة التفاصيل الأصولية والفرعية لمعظم الأشخاص التوراتيين وللتحقيق انظر سفري العدد وسفر أخبار الأيام وغيرها.


 
الفرع العاشر


كتب الأستاذ طارق أحمد




تحت عنوان
وحي من جهة بلاد الغرب
سرجون ينتهي في قمران

411946859.jpg


قال السيد كاتب البحث:
هذا الموضوع قد تم تناوله سابقاً في بحثنا نبي في أرض العرب والموجود على الرابط التالي:
(http://www.ebnmaryam.com/web/modules...cat=3&book=580) ،
ولأهمية هذا الموضوع سنناقش هذا الجزء على حدى مرة أخرى ولكن ببعض الإختصار..
النبوءة الشهيرة :
Isa 21:13 وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ.
Isa 21:14 هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ.
Isa 21:15 فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ.


Isa 21:16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ

Isa 21:17 وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ».
هذه نبوءة عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وعن هجرته الشريفة بعدما يلاقيه هو ومن تبعه من مشركي العرب ،
وإنتصارهم على هذا الأذي الممثل في كسر شوكة هؤلاء المكذبين و إنتشار

الإسلام وبزوغه :
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ( 55 ) النور
يفسر النصارى تلك النبوءة عن الكارثة التي سوف تحل على بلاد العرب ، وتمام ذلك بعد ان هاجم سرجون بلاد العرب بعد سنة واحدة بعدما قال اشعياء النبي هذا الكلام ، وهو ما تقوله الفقرة 16 :
Isa 21:16 فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍكَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ
حتى أن قالت الترجمة العربية المشتركة والأخبار السارة :
16- وهذا ما قاله لي الرب: --بعد سنة بلا زيادة ولا نقصان يفنى كل مجد قيدار
ولكن ماذا سوف يحدث إن حدث خلل في مفتاح تحقيق هذه النبوءة ؟
اي إذا لم يكن تمام حدوثها في سنة ، هل ستظل تنطيف هذه النبوءة على هجوم سرجون وخراب بلادالعرب ؟
وهل سيحظي التفسير النصراني للنبوءة بالصحة والصواب ؟
لذلك علينا تناول النص ثم الحكم في النهاية :
כי־כהאמראדניאליבעודשׁנהכשׁנישׂכירוכלהכל־כבודקדר
ترجمة مباشرة :
لأنه هكذا قال لي الرب في خلال سنة كسنة الأجير وينتهي كل مجد قيدار .
النص السبعيني :


ὅτι οὕτως εἶπέν μοι κύριος Ἔτι ἐνιαυτὸς ὡς ἐνιαυτὸς μισθωτοῦ, ἐκλείψει ἡ δόξα τῶν υἱῶν Κηδαρ,
For thus the Lord said to me :Yet ayear like the yearof a hired worker the glory of the sons of Kedarwill

fail [ 1 ]
وبهذا جاءت نفس المعنى في البشيطا السيريانية [2]
الفولجات :
quoniam haec dicit Dominus ad meadhuc in uno anno quasi in anno mercennarii et auferetur omnis
gloria Cedar

For thus saith the Lord to me: Within a year, according to the years of ahireling,
all the glory of Cedar shallbe taken away. [3]
لن يمهنا كثيراً الخوص في زمن كتابة هذه النصوص وتدوينها نظرا لوجود شاهد قديم يتمثل في المخطوطة 1Qisa والتي تحتوى على أقدم قراءة للنص على الاطلاق [ 4 ] :
فكما نرى جاءت قراءة النص في المخطوطة هكذا :
כי־כהאמריהוהאליבעודשׁלושׁשניםכשׁנישׂכירוכלהכב ודקדר
ترجمة مباشرة
لانه هكذا قال لي يهوة في خلال ثلاث سنوات كسنين الاجير يفني مجد قيدار
فالإختلافات جاءت بين نص المخطوط وبين النص العبري " الماسوري " كالأتي :
جاء في النص المخطوطة كلمة يهوة יהוהبدلا من أدوناي אדני التي جاءت في النص الماسوري.
859849426.gif

جاء نص المخطوطة عن المدة ثلاث سنوات שׁלושׁשנים بدلاً من سنة שׁנה كما جاء في النص الماسوري ،
كلمة كل כלالتي جاءت في النص الماسوري غير موجودة في نص المخطوطة !!.
هذه الإختلافات لا تهمنا بقدر كبير إلا الإختلاف الثاني والذي يخص المدة
فالنصارى فسروا النبوؤة وتحقيقها في هجوم سرجون بعد غضون سنة على واقع ما رأيناه من قراءات سابقة ، حتى جاءت قاصمة الظهر والقراءة الأقدم على الإطلاق لتقول " تلاث سنوات " ، وبناءاً عليه يسقط التأويل النصراني الذي لفق النبوؤة لسرجون بعد سقوط حجة السنة الواحدة..
فلنطرح موضوع سرجون جانباُ فقد انتهى تماماً في تلك المخطوطة ...
توجد ملاحظة هامة جداً جاءت في نص هذه المخطوطة فوق كلمة

שׁלושׁأو ثلاثة في نص المخطوطة " الكلمة التاسعة من السطر الأول " فقد جاء فوق كلمة شلوش أو ثلاثة علامة غير معروفة مثل الدائرة كما جاء في الصورة :


746879266.jpg



هذه العلامة غير معروفة ، وقد تكون تصحيح لخطأ أثناء عملية إنتاج المخطوطة أراد شطب به كلمة شلوش שׁלושׁ أو ثلاثة :
وهذا يضعنا أمام إحتمالين لهذه القراءة :
الأول :
ان تكون قراءة الفقرة هكذا : في خلال ثلاث سنين كسنين الأجير يفني مجد قيدار
الثاني :
في خلال سنين كسنين الأجير يفني مجد قيدار
وكلا القرائتين تفند التفسير القائل بهجوم سرجون بعد سنة من هذه النبوؤة ، ولكن ما بُعضدد القراءة الثانية ويقويها قراءة ترجوم يوناثان الذي جاء بنفس قراءة سنين التي وافقت الإحتمال الثاني :
For thus hath the Lord said unto me: at the end of the years, as the years of an
[5] hireling




أي في خلال سنين كسنين الأجير يفني مجد قيدار وهي نبوؤة صريحة قاطعة عن إنتصار الإسلام وغلبته وظهوره على كل من ناصب له العداء وتناولنا هذه الجزئية بإستفاضة في الفصل الحادي عشر من بحثنا نبي في أرض العرب .

[ 1 A New English Translation of the Septugaint - NETS , Isaiah 21 : 16 ]

[2] Dr. George Lamsa , The holy bible from the ancient eastern text , Isaiah 21 : 16 .

[3] http://www.latinvulgate.com/verse.aspx?t=0&b=27&c=21
[4] ترجع للقرن الثاني قبل الميلاد وهي كاملة وفي حالة ممتازة طولها 7 امتار و 31 سم وعرضها 5 م و 30 سم وتحتوي السغر كاملا في 54 عموداً .
[5] The chaldee paraphrase on the prophet Isaiah. Translated by REV. C. W. H. PALI.
P 66 .
المرجع
http://old-criticism.blogspot.com/2009/08/isa-2113.html


 
الفرع الحادي عشر
ملكيصادق
فما هو الصحيح إذن ؟ وكيف حصل الخطأ ؟.
هذا ما سنحاول البحث عنه في الصفحات القليلة القادمة.
إن اللغة العبرية لغة بسيطة جداً وفقيرة من ناحية الصرف والنحو والاشتقاق ولا تحوي أية أحرف علة، وإلى زمن قريب نسبياً لم تكن تحوي أية حركات صوتية أو نقاط على الحروف، لذلك فإن قراءة أي نص لاسيما النصوص التي سبقت تحسين اللغة وضبطها كانت تختلف بين قارئ وأخر مثلها مثل قراءة أي نص عربي سابق لاستخدام نقاط الحروف الفوقية والتحتية، وعليه فمترجم النص العبري السبعيني هو أحد اثنين: إما عبري يتكلم اليونانية، أو أنه يوناني يتكلم العبرية، وهو على الأغلب من الفئة الأخيرة، وعلى الرغم من الدقة المتناهية التي نشاهدها في الترجمة السبعينية فإن أي خطأ جرى تثبيته في الترجمة التي اعْتُمِدَت قد انتقل إلى اللغات الأخرى وإلى القرون اللاحقة دون أي أمل في الرجوع إليه لإصلاحه، وهذا ما جرى على الأغلب في كلمة ملكيصادق والتي تكتب بالعبرية من مقطعين وليس مقطعاً واحداً (ملك صدق) إلى اليوم، ولعل الكلمتين التصقتا مع بعضهما في النص الذي جرت الترجمة السبعينية منه فأشكل الأمر على المترجم اليوناني وعوضاً عن ترجمتها { الملك الصادق الملك المسالم ( أو ملك السلم ) كما ترجمها ترجوم يوناثان إلى اللغة الآرمية من الأصل الذي يقول ( ملك صدق ملك شلم ) فقد ترجمها إلى (مَلكيصادِقُ، مَلِكُ شاليمَ) مما جعل المتأخرين من المترجمين والعلماء التوراتيين يعتقدون أن (شاليم) هي أورشليم أي القدس، وإن الملك هذا هو ملك أورشليم، لكن الواقع هو أنه لم تكن هناك أية مدينة اسمها أورشليم في عهد الخليل عليه الصلاة والسلام حيث أتى ذكر ملكيصادق لأول مرة في سفر التكوين الإصحاح الرابع عشر عدد 17ـ 20 هكذا:
{17وعِندَ رُجوعِ أبرامَ مُنتَصِرًا على كَدَرلَعَومَرَ والمُلوكِ الذينَ حاربوا معَهُ، خرَج مَلِكُ سدومَ للقائهِ في وادي شَوَى، وهوَ وادي المَلِكِ. 18وأخرَج مَلكيصادِقُ، مَلِكُ شاليمَ، خبزًا وخمرًا، وكانَ كاهنًا للهِ العليِّ. 19فبارَكَ أبرامَ بِقولِهِ: «مُبارَكٌ أبرامُ مِنَ اللهِ العليِّ، خالِقِ السَّماواتِ والأرضِ 20وتباركَ الله العليُّ الذي أسلَمَ أعداءَكَ إلى يَدِكَ! » فأعطاهُ أبرامُ العُشْرَ مِنْ كُلِّ شيءٍ.}.
أما المزمور المنسوب إلى داود عليه السلام :
(4أقسَمَ الرّبُّ ولن يندَمَ: " أنتَ كاهنٌ إلى الأبدِ على رُتبَةِ مَلكيصادَقَ " 5الرّبُّ يقِفُ عَنْ يَمينِكَ ويُهَشِّمُ المُلوكَ يومَ غضَبِهِ. ) (109) طبعة الكاثوليك والأرثوذكس.
فإن تفسيره صعب جداً لأنه من المعروف تاريخياً أن مدينة أورشليم سميت هكذا ولأول مرة على ما نعلم في الأسفار الخمسة الأولى من التوراة التي جرى تأليفها بشبه إجماع من العلماء واليهود منهم بصفة خاصة في القرن السادس قبل الميلاد أثناء السبي البابلي ومنها انتقلت إلى اللغات الأوربية عن طريق اليونانية واللاتينية لتصبح جيروزاليم Jerusalem وبالعبرية يروشالايم، وكان اسم المدينة قبل ذلك وفي الزمن الأقرب إلى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام هو قادش أي المقدسة ومنها أتت التسمية العربية بيت المقدس أو القدس، وهي مدينة يبوس التي سكنها اليبوسيون أحفاد سيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام منذ أكثر من أربعة آلاف سنة قبل الميلاد.
أما الإشارات الأخرى لملكيصادق في رسالة القديس بولس إلى العبرانيين فليست سوى صفات رفيعة للسيد المسيح عليه السلام أطلقها بالعبرية الحاخام المتنصر وهو يوجه الكلام إلى بني جلدته محاولاً إقناعهم بالانضمام إلى الدين الجديد الذي هو تكملة للدين اليهودي، والمترجم في هذه الحالة أيضاً وحفاظاً منه على وحدة النص عاد إلى ما سبق ومن سبقه وكتبها ملكيصادق.
وهكذا تصبح الترجمة الصحيحة بعد أن يستقيم النص وفقاً للترجمة الآرمية المعروفة باسم ترجوم يوناثان Targum Jonathan:
{ 18وأخرَج ( الملك العادل الملك المسالم ) ـ مَلكيصادِقُ ـ، مَلِكُ شاليمَ، خبزًا وخمرًا، وكانَ كاهنًا للهِ العليِّ.} تك 14 :18
والملك المسالم هنا هو الملك بارع ملك سدوم انظر سفر التكوين 14: 2
{ كانَ في أيّامِ أمرافَلَ مَلِكِ شِنْعارَ، وأريوكَ مَلِكِ الآسارَ، وكَدرْلعومرَ مَلِكِ عيلامَ، وتدعالَ مَلِكِ جوييمَ، 2أنَّهم حارَبوا بارَعَ مَلِكَ سدومَ، وبرشاعَ مَلِكَ عَمورةَ، وشَنآبَ مَلِكَ أدمةَ، وشمئيبرَ مَلِكَ صَبُوييمَ، ومَلِكَ بالَعَ وهيَ صوغَرُ. 3هؤلاءِ جميعًا حشَدوا رِجالَهُم في وادي السِّدِّيمِ وهوَ البحرُ المَيْتُ. 4كانوا خاضِعينَ لِكَدَرْلعَومَرَ اَثنتي عَشْرَةَ سنَةً، وفي السَّنةِ الثَّالثةَ عَشْرةَ ثاروا علَيهِ. 5وفي السَّنةِ الرَّابعةَ عشْرَةَ جاءَ كَدرْلَعَومَرُ والملوكُ حُلفاؤُهُ، فأخضَعوا الرَّفَائيِّينَ في عَشتَاروتَ قَرنايمَ، والزُّوزيِّينَ في هَامَ، والإيميِّين في شَوَى قِريتايِم، 6والحوريِّينَ في جبَلِهم سَعيرَ حتى سَهلِ فارانَ على حُدودِ الصَّحراءِ.}.
وفي سفر التكوين 14: 17 ـ 20
{17 وعِندَ رُجوعِ أبرامَ مُنتَصِرًا على كَدَرلَعَومَرَ والمُلوكِ الذينَ حاربوا معَهُ، خرَج مَلِكُ سدومَ للقائهِ في وادي شَوَى، وهوَ وادي المَلِكِ. 18وأخرَج مَلكيصادِقُ، مَلِكُ شاليمَ، خبزًا وخمرًا، وكانَ كاهنًا للهِ العليِّ. 19فبارَكَ أبرامَ بِقولِهِ: «مُبارَكٌ أبرامُ مِنَ اللهِ العليِّ، خالِقِ السَّماواتِ والأرضِ 20وتباركَ الله العليُّ الذي أسلَمَ أعداءَكَ إلى يَدِكَ! » فأعطاهُ أبرامُ العُشْرَ مِنْ كُلِّ شيءٍ. }.
وفي العصور الأولى من المسيحية كتب الكثير من رجال الدين من اليهود عدداً كبيراً من التعليقات والشروح التوراتية والتلمودية والمعروفة باسم مدراش وذلك عن ملكيصادق محاولين إيجاد مخرج أو تفسير لهذه الشخصية الغامضة، مما جعلنا نعتقد أن الخطأ لم يكن فقط في الترجمة بل في كتابة النص العبري الأساسي إذ التصقت الكلمتان وأصبحتا اسما لشخص مجهول وليست صفة لملك سدوم وهو الملك بارع وعليه فيكون الذي كتب الكلمة الخطأ هو يوناثان الآرامي.
والمفاجأة الآن هل ترجوم يوناثان Targum Jonathan هل هذا هو اسمه حقاً ؟ أم أنه خطأ وأن الأمر خطأ ولم يعد بالإمكان إصلاحه تماماً مثل ما حدث مع ملكيصادق.
وحقيقة الأمر هو أن اليهود كانوا قد وضعوا عدة تراجم أو ( ترجوم ) إلى الآرمية وكان أشهرها ترجومان الأول ( ترجوم بابل ) والثاني ( ترجوم أورشليم ) واعتبر الأخير ـ ترجوم أورشليم ـ وهو الأكثر دقة وهو الترجوم الرسمي المعتمد إلا أنه قد اتخذ لنفسه اسم ترجوم يوناثان Targum Jonathan نتيجة لخطأ في الترجمة يعود إلى القرن الرابع عشر للميلاد، حيث وضع أحد الكتبة على هامش النص الحرفين Tj رمزاً إلى اسمه باللاتينية Targum Jerushalaimiلكن كاتباً أخر لم يسعفه ذكاؤه عند إكمال المهمة فكتب توضيحاً للرمز الذي كان قد كتبه سلفه أنه Targum Jonathan أي ترجوم يوناثان وقهر الخطأ القرون هو الأخر وبقي إلي يومنا هذا. للمزيد راجع الموسوعة البريطانية في فصل Biblical Literature .
 
الفرع الثاني عشر


عهود مختلفة لكتابة التوراة والتلمود



إن أهم أسفار العهد القديم هي أسفار القسم الأول التي ينسبها اليهود إلى موسى، ويعتقدون أنها بوحي من الله وأنها تتضمن التوراة، ولكن هذا الادعاء أثبت زيفه عدد من الباحثين من خلال ملاحظة اللغات والأساليب التي كتبت بها هذه الأسفار، وما تشتمل عليه من موضوعات وأحكام وتشريعات، والبيئات الاجتماعية والسياسية التي تنعكس فيها، حيث ثبت لديهم أنها ألفت في عصور لاحقة لعصر موسى بأمدٍ غير قصير، حيث يقع عصر موسى على الأرجح حوالي القرن الرابع عشر أو الثالث عشر قبل الميلاد، بينما ألف معظم سفري التكوين والخروج حوالي القرن التاسع قبل الميلاد، وأن سفر التثنية قد ألف في أواخر القرن السابع قبل الميلاد، وأن سفري العدد واللاويين قد ألفا في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، أي بعد النفي البابلي، (وهو إجلاء بني إسرائيل إلى بابل سنة 587 قبل الميلاد)، كما أن هذا الزيف يتبين من خلال ما تشتمل عليه هذه الأسفار من عقائد وشرائع مختلفة تعكس الأفكار والنظم المتعددة التي كانت سائدة لديهم في مختلف أدوار تاريخهم الطويل، وهذا ما يثبت أن هذه الأسفار جميعها مكتوبة بأقلام اليهود.
أما بالنسبة إلى بقية الأسفار، فإن الباحثين يرجحون أن قسماً منها قد ألّف في الفترة الواقعة بين النصف الأخير من القرن التاسع وأوائل السادس قبل الميلاد، ويشمل هذا القسم أسفار يوشع والقضاة وصموئيل والملوك والأمثال ونشيد الأناشيد ومعظم أسفار الأنبياء، وأن قسماً آخر منها قد ألف في الفترة الواقعة بين أوائل القرن السادس وأواخر القرن الرابع قبل الميلاد، ويشمل هذا القسم أسفار يونس وزكريا وقسماً من سفر دانيال.
كانت هذه ما يسمى بالأسفار الظاهرية أو العلنية، ولكنه يوجد في نظر اليهود أسفار يهودية قديمة أخرى لم يدخلوها في أسفار هذا العهد، ويطلقون عليها اسم الأسفار الخفية، ومنها الأسفار التي تزيد بها الترجمة السبعينية عن الأصل العبري.
وبعض الأسفار الخفية غير مقدس ولا معتمد في نظر اليهود، بينما بعضها الآخر مقدس، أي معترف بأنه موحى به ومعتمد في نظرهم، ولكن رأى أحبارهم وجوب إخفائه، وقرروا أنه لا يجوز أن يقف عليه الجمهور، ولا أن يدرج في أسفار العهد القديم. وإلى هذا يشير القرآن الكريم إذ يقول في اليهود: {وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً}[الأنعام:91]، وإذ يقول: {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب}[المائدة:15]، ويقول أيضاً: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بينّاه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}[البقرة:159]، ويقول أيضاً: {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاً أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم}[البقرة:174].
ومن هنا يظهر أن السفر قد يكون خفياً ومقدساً في آن واحد عند اليهود، ويظهر أن الاصطلاح اليهودي لمدلول كلمة "الخفي" يختلف بعض الاختلاف عن مدلول كلمة الخفي في الاصطلاح المسيحي، فالمسيحيون يطلقون كلمة "الخفي" على كل سفر يرون أنه غير مقدس، أي غير موحى به، سواء كان في نظرهم صحيحاً في حقائقه وفي نسبته إلى مؤلفه، أو في كلتيهما كإنجيل برنابا وكتاب "أعمال الرسل" لبرنابا، حيث لا يعترف المسيحيون بصحة ما جاء فيهما ولا بصحة نسبتهما إلى برنابا.
أما أسفار التلمود، فإنها كما يبدو خطّت على يد أحبار اليهود وربانييهم وفقهائهم المنتمين إلى فرقة الفريسيين (أشهر فرق اليهود) في شؤون العقيدة والشريعة والتاريخ المقدس... وقد ألف ثلاثة وستون سفراً في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد، وأطلق عليها اسم "المشناه"، بمعنى المثنى أو المكرر، أي أنها تكرار وتسجيل للشريعة، ولم يلبث أن قام الأحبار والفقهاء اليهود بشرح هذه "المشناه" في فترة طويلة امتدت من القرن الثاني إلى أواخر السادس بعد الميلاد، وأطلق على هذه الشروح اسم "الجمارا"، أي الشرح أو التعليق. وتألف من المتن والشرح (أي من المشناه والجمارا) ما أطلق عليه اسم "التلمود" بمعنى التعاليم. هذا ولا تقلّ أهمية التلمود لدى معظمهم عن أهمية العهد القديم نفسه، بل إن أهميته لتزيد لدى بعض فرقهم عن أهمية العهد القديم.
يذكر المؤرخ "كمال الصليبـي" في نص له، الطريقة التي حرّفت فيها التوراة، والملابسات والظروف التي أحاطت بها، حيث يقول:" إن فئة من أحبار اليهود تدعى "المصوريتين" أي "اهل التقليد"، هي التي كانت تقوم بتحريف التوراة، بدءاً من القرن السادس حتى القرن العاشر الميلادي، وقد قام هؤلاء بتحريف النصوص التوراتية عن طريق إدخال الحركات والضوابط عليها بصورة اعتباطية، ما غير إعراب الجمل وحور المعاني". وقد رفض فريق آخر من أحبار اليهود يدعى "الربانيين" عمل "المصوريتين" هذا، إلا أنه قبل به فيما بعد، "وأصبح النص التوراتي المصوريتي المضبوط من التوراة هو النص المعتمد من اليهود"، كما قبل بذلك المسيحيون أيضاً واعتمدوه في ترجماتهم للعهد القديم، مع أن "علماء التوراة اليوم"، بمن فيهم علماء اليهود، يعرفون تماماً أن ضبط المصوريتين للتوراة لم يكن صحيحاً في مواقع كثيرة"، وأن "محاولات التصحيح" التي أجراها علماء التوراة لم تفلح حتى اليوم، بإعادة تكوين التوراة تكويناً صحيحاً، وذلك لأن التحريف الذي جرى على النص التوراتي "أضخم بكثير مما يتصوره علماء التوراة".


707736u327c39iat.gif



المطلب الثالث


الأسفار المخفية


وهو على فرعين
الفرع الأول: أسفار مخفية معترف بها ولكنها غير موجودة بين دفتي الكتاب المقدس.
الفرع الثاني: أسفار مخفية مُختلف فيها ولكنها موجودة بين دفتي الكتاب المقدس عند بعض الطوائف وغير موجودة عند البعض الأخر والتي تعرف بالأبوكريفا.
والملفت للنظر أن علماء الدين المسيحي يذكرون في كتاباتهم النص التالي {في العام 1881 م صدرت الترجمة المنقحة The Revised Version } ويتباهون به ويضمنونه الصفحة الأولى من كتابهم المقدس، الأمر الذي يجعلنا نتساءل ترجمة منقحة أو طبعة منقحة.. منقحة من ماذا ؟ إن وحي الله عز وجل لا يخضع لسلطان البشر من حذف أو إضافة، إن وحي الله عز وجل فوق إرادة البشر فمن هذا الذي يملك لنفسه أن ينقح كلاماً هيمن الوحي فيه على كل كلمة، بل حدد لكل حرف مكانه، فها هو القس صموئيل حبيب مشرقي راعي الكنيسة الخمسينية بالقاهرة يقول في كتابه " الكتاب المقدس يتحدى مشاكل الاعتراضات " ص 10 ما نصه: {... هيمن الوحي على كل كلمة فيه، بل حدد لكل حرف مكانه.}، ويقول الدكتور القس منيس عبد النور راعي الكنيسة الإنجيلية ورئيس الطائفة بمصر في كتابه " شبهات وهمية حول الكتاب المقدس " ص 264 ما نصه: {...التاريخ المقدس منزه عن الخطأ وهذا يستلزم الإلهام، لأن البشر يخطئون في أقوالهم وكتاباتهم فيثبت إذن أن الكتب التاريخية المقدسة كتبت بإلهام الروح القدس.}.
فالقس صموئيل حبيب مشرقي ينتمي إلى الطائفة الأرثوذكسية بينما الدكتور القس منيس عبد النور ينتمي إلى الطائفة الإنجيلية وكلاهما يقران بنزاهة الوحي من التحريف وكلاهما يتفقان في عدم قانونية الأسفار الأبوكريفا فماذا يقولان في الأسفار المعتمدة عندهم وفي نفس الوقت غير موجودة ؟؟.
هذا ما سنحاول الإجابة عنه في الصفحات القليلة الآتية :
الفرع الأول

الأسفار المخفية المعترف بها ولكنها غير موجودة بين دفتي الكتاب المقدس .

1 ـ نجد في سفر: أخبار الأيام الأول 27: 24
{ 23ولم يُحصِ داوُدُ عدَدَ بَني إِسرائيلَ مِنِ اَبنِ عشرينَ سنَةً، فما دونَ، لأنَّ الرّبَّ قالَ إنَّهُ يُكثِرُ إِسرائيلَ كنجومِ السَّماءِ. 24واَبتَدَأ يوآبُ بنُ صَرويَّةَ في الإحصاءِ ولم يُتِمَّهُ، لأنَّ الرّبَّ غَضِبَ على بَني إِسرائيلَ بِسبَبِ هذا الإحصاءِ ولِذلِكَ لم يُدَوَّنِ العَدَدُ في سِفرِ أخبارِ المَلِكِ داوُدَ. }.
وبالرجوع إلى فهرس أسفار العهد القديم لم نجد سفرا بهذا الاسم { سِفرِ أخبارِ المَلِكِ داوُدَ }. والسؤال هو أين ذلك السفر ؟ إنه من الأسفار المخفية والتي أخفاها أحبار اليهود واعترفوا بها.
2 ـ كذلك نقرأ في سفر أخبار الأيام الأول 29: 29 { 26وهكذا ملَكَ داوُدُ بنُ يَسَّى على جميعِ بَني إِسرائيلَ 27مُدَّةَ أربعينَ سنَةً، سَبْعٌ مِنها في حبرونَ، وثَلاثٌ وثَلاثونَ في أورُشليمَ. 28ثُمَ ماتَ بِشَيخوخةٍ صالِحةٍ بَعدَ أنْ شَبِعَ مِنَ الأيّامِ والغِنى والمَجدِ، وملَكَ سُليمانُ اَبنُهُ مكانَهُ. 29وأعمالُ داوُدَ المَلِكِ، مِنْ أوّلِها إلى آخرِها، مُدَوَّنَةٌ في سِفرِ أخبارِ صموئيلَ الرَّائيّ وناثانَ النَّبيِّ وجادَ الرَّائيّ، 30معَ كُلِّ ما كانَ مِنْ مُلْكِهِ وجبَروتِهِ والأحوالِ التي مَرَّت علَيهِ، وعلى إِسرائيلَ وعلى جميعِ مَمالِكِ الأرضِ.}.
وهذه الأسفار الثلاث غير موجودة بالكتاب المقدس حتى نتمكن من معرفة { أعمالُ داوُدَ المَلِكِ، مِنْ أوّلِها إلى آخرِها }.
3 ـ وفي سفر أخبار الأيام الثاني 9 :29 { 29وما تبَقَّى مِنْ أخبارِ سليمانَ مِنْ أوَّلِها إلى آخرِها مُدوَّنٌ في كلامِ ناثانَ النَّبيِّ، وفي نُبوَّةِ أخيَّا الشِّيلونيِّ، وفي رُؤى يَعْدو الرَّائي الذي تنَبَّأَ عَنْ يَرُبْعامَ بنِ نَاباطَ. 30وملَكَ سليمانُ بأورُشليمَ على جميعِ إِسرائيلَ أربَعينَ سنَةً. 31وحينَ ماتَ دُفِنَ معَ آبائِهِ في مدينةِ داوُدَ أبيهِ، وملَكَ رَحُبعامُ اَبنُهُ مكانَهُ.} .
وبالطبع يخلو الكتاب المقدس من كلام ناثانَ النَّبيِّ، وبالتالي فلن نتمكن من معرفة ما تبَقَّى مِنْ أخبارِ سليمانَ مِنْ أوَّلِها إلى آخرِها والموجودة كذلك في نُبوَّةِ أخيَّا الشِّيلونيِّ، والتي يخلو منها الكتاب المقدس فضلاً عن رُؤى يَعْدو الرَّائي.وبالمناسبة إن بني إسرائيل لا يعترفون بنبوة داود وسليمان عليهما السلام وإنما يثبتون لهما الملك فقط.
4ـ وعن أمور رَحُبعامَ الأولى والأخيرة مدونة في سفري شَمَعْيا النَّبيِّوعِدُّو الرَّائي كما أخبرنا بهذا سفر أخبار الأيام الثاني 12: 15 { 15وأخبارُ رَحُبعامَ، مِنْ أوَّلِها إلى آخرِها، مُدوَّنةٌ في كلامِ شَمَعْيا النَّبيِّ وعِدُّو الرَّائي. وكانَت بَينَ رَحُبعامَ ويَرُبعامَ حروبٌ مُستَمِرَّةٌ. 16وماتَ رَحُبعامُ ودُفِنَ معَ آبائِهِ في مدينةِ داوُدَ، وملَكَ أبيَّا اَبنُهُ مكانَهُ.}.
5 ـ الإصحاح السابع والثلاثون من سفر النبي إشعياء مفقود :
لقد وقع ناسخ الكتاب المقدس في حيرة من أمره عندما لم يجد السفر رقم 37 وما بعده من أسفار النبي إشعياء فماذا عساه أن يفعل ؟ لقد أسعفه ذكاؤه بأن ينقل الإصحاح التاسع عشر من سفر الملوك الثاني كلمة كلمة وحرفاً حرفاً وحتى الفاصلة أثبتها ، لقد فعل ذلك وهو يعرف تماماً أن أحداً لن يكشف أمره أو لعله لم يكلف نفسه عناء البحث عن ذلك السفر المفقود و ظن أن أمره لن يكشفه أحداً إذ أن عدد الأسفار بين سفري الملوك الثاني وإشعياء هي عشرة أسفار فمن الذي يقرأ ومن الذي يتابع هذا على أقل تقدير ظنه هو، والغريب أن هذا التزوير المتعمد موجود في كل طبعات الكتاب المقدس وكافة التراجم خصوصاً بعد التنقيح فهل الوحي المقدس أوحى بهذا ؟.

6ـ فَقُلْتُ عَنِ الْبَالِيَةِ فِي الزِّنَى: آلآنَ يَزْنُونَ مَعَهَا وَهىَ ****. (حزقيال 23: 43) أين بقية الجملة؟ غير موجودة في نسخة الشرق الأوسط .
في نسخة الإنترنت كتبوا بدلا من آخر كلمة ( وهى ) كلمة “أيضاً” وفى نسخة كتاب الحياة كتبوا بعد ( وهى ) كلمة “معهم”. أليس هذا من التحريف بالزيادة في كلمة الله؟.
واليك ترجمة النص من نسخة الملك جيمس ، حيث ترى النص موصول بلا معنى:
Then said I unto her that was old in adulteries, Will they now commit whoredoms with her, and she with them? (KJV)
وتكملة النص {44 فدخلوا عليها كما يدخل على امرأة زانية.هكذا دخلوا على أهولة وعلى أهوليبة المرأتين الزانيتين.}.
Yet they went in unto her, as they go in unto a woman that playeth the harlot: so went they in unto Aholah and unto Aholibah, the lewd women. (KJV)
7ـ في سفر الملوك الثاني 5: 5ـ6 ( 5 فقال ملك أرام انطلق ذاهبا فأرسل كتابا إلى ملك إسرائيل.فذهب واخذ بيده عشر وزنات من الفضة وستة آلاف شاقل من الذهب وعشر حلل من الثياب.)
And the king of Syria said, Go to, go, and I will send a letter unto the king of Israel. And he departed, and took with him ten talents of silver, and six thousand pieces of gold, and ten changes of raiment. (KJV)
(6وأتى بالكتاب إلى ملك إسرائيل يقول فيه*****فالآن عند وصول هذا الكتاب إليك هوذا قد أرسلت إليك نعمان عبدي فاشفه من برصه.).
And he brought the letter to the king of Israel, saying, Now when this letter is come unto thee, behold, I have therewith sent Naaman my servant to thee, that thou mayest recover him of his leprosy. (KJV)
ونتساءل هنا كذلك أين ذهب بقية وحي الله ؟؟ ولماذا وضعت نجوم بديلا للكلام المفقود ؟؟.

الفرع الثاني


الأسفار المخفية المُختلف فيها
هناك أسفاراً للعهد القديم ولكنها موجودة بين دفتي الكتاب المقدس عند بعض الطوائف وغير موجودة عند البعض الأخر والتي تعرف بالأبوكريفا Apocrypha.
فلقد استعملت لفظة أبوكريفاApocrypha ومفردها Apocryphon في اللغة اليونانية الكلاسيكية والخاصة بالكتاب المقدس بمعنى خفي أو بمعنى غامض أو سري.
وفي أوائل العصر المسيحي استعملت الكلمة للدلالة على الكتب أو الأسفار التي حوت تعاليم خفية مستورة لا يعرفها إلا الأقلون المختارون، إذ كان هناك نوعان من المعرفة الدينية عند اليونان في ذلك الحين، الأول وهو يشتمل على عقائد وطقوس عامة يمكن لجميع الشعب معرفتها وممارستها، وأما الأخر، فهو يشتمل على حقائق عميقة غامضة لا يمكن أن يفهمها أو يدرك كنهها إلا قلة من الخاصة ومن ثم بقيت مخفية أو أبوكريفية عند العامة. ثم سرعان ما تطور معنىكلمة أبوكريفاApocrypha بمرور الزمن إلى معنى “باطل" و" مزيف"، ومن ثم فقد أصبحت الكلمة تعني الكتب الدينية المصنوعة والتي لم ترد أصلا في التوراة تمييزا لها عن أسفار التوراة المنزلة(راجع حبيب سعيد في كتابه المدخل إلى الكتاب المقدس ص 184)، وكانت كتب الأبوكريفا من وضع يهود فلسطين، إذ كان معظمها مكتوباً باللغة العبرية أو الآرامية، ومع ذلك وعلى الرغم من كتابتها باللغة العبرية إلا أنه منذ القرن الثاني الميلادي نجد أحبار يهود يقفون من الأبوكريفا موقفاً عدائياً ويرفضونها، و بناء عليه فقد تغير مدلول اللفظ وأصبحت هذه الأسفار بغيضة إلى النفس لا يمسها المتدينون ويروى عن رِبِّي عقيبا ( 119ـ 135م) أنه قال في التلمود البابلي: { لا مكان في العالم الأخر لمن يقرأ الأبوكريفا }،ويقول الدكتور منيس عبد النور رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر حول الأسفار الأبوكريفا: [ إنه لم يذكر هذه الأسفار ملتيو أسقف ساردس ـ الذي كان في القرن الثاني المسيحي ـ ولم يذكره أوريجانوس الذي نبغ في القرن الثاني ولا أثناسيوس ولا هيلاريوس وكذلك لم يذكرها المجلس الديني الذي التأم في لاودكية في القرن الرابع ]( كتاب شبهات وهمية حول الكتاب المقدس ص23).
ولقد بدأت قصة الاختلاف منذ أخريات القرن الثاني قبل الميلاد نتيجة لعاملين، الأول هو ظهور الثقافة والأدب والمؤلفات اليونانية، والثاني هو انتشار الكتب التي حوت التنبؤات عن المستقبل والتي كتبها اليهود وأذاعوها فيما بينهم ورغبة في إبعاد ما حسبه قادة الفكر اليهودي خاطئا وضارا، وفي عام 90م عقد اليهود مجمعاً في مدينة جامينا من أجل تقنين الأسفار.ولقد اعتبر الفريسيون الأسفار المقدسة منها ـ الأبوكريفاـ هي المكتوبة باللغة العبرية فقط، هذا
في الوقت الذي اعتبر يهود الإسكندرية مقدساً منها بعض الأسفار التي كتبت باللغة اليونانية، مثال ذلك سفر حكمة سليمان وسفر حكمة يشوع بن سيراخ.
وخلاصة الأمر أن الأسفار المقننة لم تكن نتيجة لفحص تاريخي، بل حدث ذلك بسلطة الأحبار وأضيفت لها أسفار أخرى لأنها تكمل الرواية، أو لأنها مدونة من كتبة مقدسين(راجع باروخ سبينوزا: رسالة في اللاهوت والسياسة، ترجمة حسن حنفي القاهرة ص 35، 36).
ومن هنا كان هناك كتابان للعهد القديم، الواحد منها هو الكتاب العبري والأخر هو الكتاب اليوناني، ولقد استعملت الكنيسة المسيحية الكتاب الثاني أجيالاً وأجيالاً حتى القرن الخامس الميلادي إلى أن قام عالم مسيحي من أعظم علماء المسيحية في عصره إيسبيوس هيرونيموس Eusebius Hieronymusوتحديداً في عام 420م حيث بدأ يستعمل ولأول مرة كلمة أبوكريفا بمعناها الاصطلاحي المعروف اليوم للدلالة على الأسفار غير القانونية حيث قدم بحث شامل للتمييز بين الأسفار القانونية وأسفار الأبوكريفا، وعنه أُخِذت الكلمة في معناها المصطلح عليه في العصر الحديث وتدريجياً صار لقب الأبوكريفا مقصوراً على الكتب الكنسية أو الأسفار التي لم يكن لها وجود في الكتاب المقدس العبري وإن تكن متضمنة في الكتاب المقدس اليوناني واللاتيني ثم استعملت الكلمة بهذا المعنى المحدود منذ عهد الإصلاح.
لكن من ناحية أخرى فقد عمل القديس أوغسطينوس ( 354ـ430 م) على تقوية أسفار الأبوكريفا، ففي بعض المجامع الكنسية التي انعقدت في إفريقيا في مدين هبو عام 393 م وفي مدينة قرطاجنة الأندلسية عام 937 م حيث كان القديس أوغسطينوس حاضراً في كليهما، قد ذكر أن بعض الأسفار مثل سفر حكمة سليمان وسفر حكمة يشوع بن سيراخ إنما يعتبران قطعاً من الكتب القانونية.ومع ذلك فقد ظل هذا التمييز قائماً طوال القرون الوسطى بين الكتابات القانونية والكتابات الكنسية، ولقد رسم العلماء الأعلام في الكنيسة فاصلاً واضحاً بين النوعين(راجع المدخل إلى الكتاب المقدس ص138. دار التأليف والنشر للكنيسة الكاثوليكية، د. حبيب سعيد، القاهرة)..وفي عام 1546 م وعلى وجه التحديد في 8 إبريل من عام 1546 م وافقت الكنيسة الكاثوليكية في مجمع ترينت TRINT على إلغاء كل تمييز بين الكتابين وأدمج هذا المجمع في الكتاب المقدس القانوني كل الأسفار الأبوكريفية فيما عدا سفري عزرا وصلاة منسي، وفي هذا الأمر يقول قرار المجمع
frown.gif
من لا يقبل هذه الكتب بكل أجزائها كأسفار مقدسة قانونية فليكن ملعوناً ).
 
وأما أسفار الأبوكريفا فهي:
1 ـ سفرا عزرا الأول والثاني: وقد كتبا فيما بين عامي 260 و270 ق.م ثم أضيفت لهما بعض التصحيحات والإضافات فيما بعد،
وقد كتبت أجزاء كثيرة منها بل يعتبر الجزء الأكبر منها باللغة العبرية.
2 ـ سفر يهوديت:

254767096.jpg


وقد كتب هذا السفر أيام الموكابيين وليس بعد عام 147ق.م كما هو شائع وسط المتدينين، وكان الغرض من كتابته إنما هو لتحريض اليهود على القتال ومحاربة أعدائهم وهي الروح التي سادت في العصر الموكابي، هذا ولقد كتب السفر باللغة العبرية وإن لم يصل إلينا إلا عن طريق النسخ التي ترجع في أصولها عن طريق اليونانية إلى النسخ العبرية الأصلية المفقودة.
كما أن الكلمة العبرية "يهودي" تعنى في العربية "يهودي" أي من جنس اليهود، فإن كلمة "يهوديت" كلمة عبرية أيضاً تعنى "يهودية". وقد وردت كلمة "يهوديت" في الكتاب المقدس قبلاً كاسم لإحدى زوجات عيسو ابن اسحق ابن إبراهيم. وقد ورد عنها أنها ابنة بيرى الحثى. ودعيت أيضا باسم "أهو ليبامة"، وقد كانت مرارة نفس لإسحق ورفقة (أنظر تك 26: 34، 35 و36: 2).
أما يهوديت التي هي محور هذا السفر، فهي بطلة يهودية مشهود لها بالتقوى والغيرة. وقد أنقذت بمعونة الرب وبذكائها وحكمتها وشغبها من بطش أعدائه.
وكاتب هذا السفر مجهول؛ غير أن البعض ينسب كتابته إلى "يواكيم" الحبر الأعظم. وقد كتب السفر أولاً بالغة العبرية. ولكن الأصل العبري مفقود الآن. أما نصه باللغة اليونانية، فهو وارد ضمن باقي أسفار العهد القديم في الترجمة السبعينية للتوراة. ويتكون السفر من ستة عشر أصحاحاً.
وفى المقدمة التي جاءت في كتاب (يهوديت) والتي كتبها القديس إيرونيموس تلميذ القديس إغريغوريوس الثيئولوغوس، قال أن مجمع نيقية الأول أقر قانونية هذا السفر واعتبره واحداً من الأسفار الموحى بها. كما أن مجمع قرطاجنة في قانونه السابع والعشرين اعترف بأن هذا السفر من الأسفار القانونية للتوراة, هذا بالإضافة إلى أن المجمعين اللذين عقد أحدهما في مدينة القسطنطينية وأكمل في ياش عام 1642، والذي عقد ثانيهما في مدينة أورشليم عام 1672، قد أقر سفر يهوديت ضمن الكتب المقدسة الموحى بها قائلين عنها أنها (كتب مقدسة إلهية)، كما صدر قرار بنفس هذا المعنى أيضاً من المجمع التريدنتينى اعترافاً بمجموعة الأسفار القانونية الثانية باعتبار أنها جميعاً واردة في النسخة السبعينية التي ترجمت فيها التوراة للغة اليونانية سنة 280 قبل الميلاد (=عقد هذا المجمع في ترينت عام 1456 م).
وقد ورد في كتاب مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب طبعة 1929 (صفحة 166) أن الكثير من القديسين من آباء الجيل الأول والثاني والثالث والرابع وغيرهم، استشهدوا بسفر يهوديت في كتابتهم. ومن أمثلة هؤلاء الآباء القديسين إكليمندس الروماني (= في رسالته الأولى إلى كورنثوس فصل 55) والقديس إكليمندس الإسكندرى (= في كتابة المربى 2 ف7 و4 ف9) والقديس أوريجانوس (= فى كتابة الصلاة ف13، 29) والقديس البابا أثناسيوس الرسولى (=فى خطبته الثانية ضد أريوس2: 35) والقديس إيرونيموس والقديس أمبروسيوس وغيرهما فى كتاباتهم.
وبرغم اعتراض الكنيسة البروتستانتية على هذا السفر وغيره من أسفار مجموعة الأسفار التي جمعت بعد عزرا الكاهن، فإن بعض الكنائس البروتستانتية كالكنيسة الألمانية تقر هذا السفر وتعتبره ضمن الأسفار القانونية. وقد كتب بعض مشاهير الكتاب والمؤلفين البروتستانت تقريظات عن هذا السفر، وإن كانوا لم يخفوا رفضهم له كسفر موحى به.
ومن أمثله هؤلاء:
1- القس داود حداد من القدس (=فى قاموس الكتاب المقدس - مكتبة المشعل ببيروت، طبعة 1964 ص1084) وقد قال عنة (هو سفر تعتبره الكنائس الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية من ضمن الأسفار القانونية الثانية أو التي فى المرتبة الثانية بعد الوحي المدون فى الأسفار القانونية).
2- دكتور سمعان كهلون (= فى كتاب مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين - طبعة بيروت 1937 ص305 حيث تحدث عنة بالقول (موضوع هذا السفر انتصار اليهود على هولو فرنيس = يقصد ألفانا القائد = القائد الأشوري الغازي وذلك بالاعتماد على مساعدة أرملة يهودية ذات غنى وجمال وعلى جانب عظيم من التقوى والورع اسمها يهوديت. وكاتب السفر مجهول وتاريخ كتابته أيضا غير معروف بالتأكيد.
إلا أنة يظهر من الروح التي تتمشى فيه أنة كتب فى عصر المكابيين).
3 ـ تتمة سفر أستير :
إن سفر أستير من أسفار حقبة السبي البابلي ،وأن أستير كانت فتاة يهودية وكانت من الذين تخلفوا عن العودة إلى أورشليم وكانت في حضانة ابن عمها ، والسفر يوضح أن الذين تخلفوا عن العودة إلى أورشليم من اليهود كانوا كثيرين جداً واستطاعت أستير أن تستصدر أوامر من الملك بإعطاء اليهود المناصب الكبرى بعد أن احتالت عليه وتزوجها دون معرفة أصلها اليهودي ، وفي سنة 538ق.م أصدر الملك أوامر بعودة المنفيين إلى أورشليم وبناء الهيكل ،هذا وقد كتبت الإضافات في الفترة ( 114 ق.م ـ 9 م ) بيد أكثر من شخص واحد ، وقد وضعت في الأصل باليونانية ثم أدخلت بعد ذلك في الترجمة السبعينية لسفر أستير القانوني ، وتمتاز هذه الإضافات عن السفر القانوني بالطابع الديني ، ومن ثم فإنها تذكر اسم الله ـ والذي لم يرد إطلاقاً في السفر الأصلي ـ بكثرة ، ومن ثم يمكننا القول بأن الغرض الأصلي منها لعله كان ينحصر في إكمال النقص الديني في النسخة العبرية .
أستير هي بطلة هذا السفر المسمى باسمها فى الكتاب المقدس. و أستير هو السفر السابع عشر من أسفار التوراة بحسب طبعة دار الكتاب المقدس. غير أنة يوضع بعد سفر يهوديت بحسب عقيدة الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية. وإستير كلمه هندية بمعنى "سيدة صغيرة" كما أنها أيضاً كلمه فارسية بمعنى "كوكب"، غير أن إستير كان لها اسم آخر عبراني هو "هندسة" ومعناه شجرة الآس ويعنى بها نبات الريحان العطر. وينطق بلغة أهل بلاد اليمن العرب "هدس".
وأستير أو هدسة وصفها الكتاب بأنها فتاه يهودية يتيمه "لم يكن لها أب ولا أم.. وعند موت أبيها وأمها اتخذها مردخاي لنفسه ابنة" (إس2: 7) ويفهم من السفر أنها (إبنه أبيجائل) عم مردخاى (إس2: 15) وكون مردخاى بحسب وصف الكتاب له أنه (ابن يائير بن شمعي بن قيس رجل يميني) (إس2: 5) وهو ابن عم أستير، هذا يرجع أن مردخاى وإستير كانا من سبط بنيامين.
وقد كان الاثنان أصلاً من مدينة أورشليم. فلما سبى مردخاى من أورشليم مع السبي الذي سبى منيكنيا ملك يهوذا الذي سباه نبوخذ نصر ملك بابل، أخذ مردخاى ابنة عمة معه إلى مدينه (شوش) التي كانت عاصمة مملكة فارس. وكانت إستير "جميلة الصورة وحسنة المنظر" (إس2: 7) فلما طلب الملك أحشويرس أن يجمعوا له كل الفتيات العذارى الحسنات المنظر ليختار من بينهم واحده تملك مكان "وشتى" الملكة السابقة التي احتقرت الملك ولم تطع أمره، أخذت إستير إلى بيت الملك مع باقي الفتيات المختارات، وبالنظر لأنها حسنت فى عيني الملك ونالت نعمة من بين يديه، فقد انتخبت ضمن السبع الفتيات المختارات اللواتي نقلن إلى أحسن مكان فى بيت النساء. "ولما بلغت نوبة أستير لتمثل أمام الملك فى الشهر العاشر فى السنة السابعة لملكة، أحبها الملك أكثر من جميع العذارى.
فوضع تاج الملك على رأسها وملكها مكان وشتى" (أس2: 1-18).
وسفر أستير بحسب طبعة البروتستانت (=طبعة دار الكتاب المقدس) يتكون من عشرة إصحاحات آخرها وهو الإصحاح العاشر يضم ثلاثة أعداد فقط. غير أنة بإضافة الجزء الذي حذفه البروتستانت منة (=وهو من إستير 4:1 - أستير16) يتضح لنا أن السفر مكون من ستة عشر إصحاحاً.
وهذه التتمة تعتقد الكنيستان الأرثوذكسية والكاثوليكية فى صحتها وقانونيتها رغم رفض البروتستانت له. ومن سابق رفض (مارتن لوثر) زعيم المذهب البروتستانتي السفر ككل فى مبدأ الأمر، وكانت حجته فى ذلك أن اسم (الله) لم يذكر مرة واحدة فى السفر. وقد ظل السفر موضع نقاش كثير إلى أن استقر البروتستانت على قبول العشرة إصحاحات الأولى منه.
ويرى البروتستانت أن تتمة السفر كتبت فى وقت متأخر بعد عزرا، وأنه لا يوجد تناسق أو انسجام بين السفر فى العبرية (انظر قاموس الكتاب المقدس، الدكتور القس بطرس عبد الملك والدكتور القس جون طمسن - ص66). غير أن البعض الآخر من البروتستانت وإن كانوا ينكرون هذه الإضافات لكنهم يقولون عنها أن المراد بها إضافات إلى قصة إستير ومردخاى والغرض منها تكمله القصة، وقد أدمجت بمهارة فى مكانها فى الترجمة السبعينية. ويرجح أن كاتبي هذه الإضافات هم من يهود مصر.
ويقولون أن أقل هذه الإضافات قيمة هي الأوامر المنسوب إصدارها إلى ملك الفرس، إلا أنها فيها صلوات تشف عن روح تقوى حقيقة(كتاب مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين - دكتور سمعان كهلون - طبعة بيروت 1937 ص 305).


556694313.jpg


ويبنى البعض اعتراضهم على السفر ككل على الآتي:
1- أن السفر تتخلله كلمات فارسيه كثيرة!
2- أن السفر خلا من أي اقتباس منه فى أسفار العهد الجديد.
3- إرجاع أسماء الشخصيات الرئيسية فى السفر إلى أصول بابلية أو عيلامية لا يعطى للسفر قيمه تاريخية دقيقة.
ومن أمثلة هذه الأسماء أستير (= ربما اشتقت من أشتار آلهة البابليين) وهدسه (=ربما اشتقت من الكلمة البابلية حدشتو بمعنى عروس) ومردخاى (=ربما أشتقت الاسم من مردوخ الإله البابلي) وهامان (وهو اسم الإله العيلامى همان). ويتبقى بعد ذلك أن نقول أن سفر إستير كتب أصلاً باللغة العبرية وترجم بعد ذلك لليونانية. وكاتب السفر مجهول غير أن البعض يرجح أن يكون هو عزرا أو مردخاى. أما زمن كتابة السفر فهو غير معروف على وجهة التحقيق. ويعتقد البعض أنة كتب أثناء حكم (أرتزركسيس لونجمانوس) فى الفترة 465-425 ق. م .
على أن معظم النقاد يميلون إلى القول أنة كتب فى العصر الأغريقى الذي بدأ بفتوحات الإسكندر الأكبر عام 332 ق.م.، ويقولون أن كتابته تمت فى حوالي عام 300 ق.م(قاموس الكتاب المقدس - طبعة بيروت 1964 - العمود الأخير ص 65).


4 ـ سفر طوبيت:

968015497.jpg


طوبيا هي كلمة عِبرية تتكون من مقطعين (طوب - ياه) ومعناها "الله طيب".
وقد وردت هذه الكلمة في الكتاب المقدس اسماً لأكثر من شخص:
1- شخص لاوى أرسله يهو شافاط ملك يهوذا مع آخرين من اللاويين إلى الشعب فى مدن يهوذا لكي يعلموه سفر شريعة الرب (2أخ 8:17).
2- عبد عموني ساءه بناء وترميم أسوار مدينة أورشليم فتآمر مع مجموعة من العرب والعمونيين والأشدوديين المناوئين لمحاربة اليهود ومنعهم من إعادة بناء المدينة من جديد (نح 10:2 و3:4،7) وقد روى عن طوبيا العمونى أيضاً أنة كان رئيساً وحاكماً للعمونيين, وأنة تحالف مع اليهود المقادين لنحميا. وقد تمكن فى غيبة نحميا أن يقيم بعض الوقت فى بعض غرف الهيكل، غير أن نحميا لما عاد لأورشليم, طرده وطهر الموضع الذي كان فيه. ويقال أن قصره وقبره قد تم اكتشافهما فى بلدة "عرق الأمير" شرقي الأردن.
3- شخص آخر من اليهود كان بنوه ضمن بني السبي الذي سباه نبوخذ نصر الملك فى بابل, فرجعوا إلى أورشليم أيام نحميا مع بابل، غير أنهم لم يستطيعوا إثبات نسبهم أو يبنوا بيوت آبائهم ونسلهم هل هم من إسرائيل أم لا، وذلك بسبب فقدهم تواريخ أسر آبائهم (عز60:2 ونح7 :62).
4- شخص يهودي آخر من أهل السبي, أمر الرب زكريا النبي أن يأخذ منه ومن غيرة ذهباً وفضة ليعمل منها تيجاناً توضع على رأس يهوشع بن يهو صادق الكاهن العظيم (زك 10:6-14).
أما طوبيا الذي سُمِّيَ هذا السفر باسمه، فهو رجل من سبط نفتالي سباه "شلمنآسر" ملك آشور، وسكن أثناء السبي في مدينة نينوى مع حنى امرأته وابنه الذي كان له نفس الاسم "طوبيا".
ومن المرجح أن يكون طوبيا الابن هو الذي كتب هذا السفر.
ويتكون سفر طوبيا من 14 أصحاحاً. وقد وصفة أحد مشاهير الكتاب البروتستانت بأنه سفر شيق للغاية يتضمن وصفاً بالغاً حد الإبداع لسيرة عائلة إسرائيلية تقية عاشت في زمن الأسر الأشوري نحو سنة 722ق.م. وتقلبت عليها الأحوال. وقد نال جميع أفراد هذه العائلة كرامه وثناء بسبب محافظتهم الدقيقة على شريعة الرب ولإحسانهم إلى الذين يحبونها (=كتاب مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين - دكتور سمعان كهلون ص 305).
وقد كتب هذا السفر باللغة الآرامية في مصر وظلك في القرن الثاني قبل الميلاد وذلك فيما بين عامي ( 200 ـ 170 ق.م ) على رأي وقرب نهاية القرن الثالث قبل الميلاد على رأي أخر .
وقد جاء في القانون رقم 27 لمجمع قرطاجنة اعتراف صحيح بقانونية هذا السفر وسفر يهوديت. وقد استشهد بالسفر الكثير من مشاهير الآباء الأولين في كتابتهم، منهم القديس كبريانوس، وبوليكاربوس تلميذ يوحنا الرسول، وإكليمندس الروماني، وأوريجانوس، واكليمندس الإسكندر، وديوناسيوس السكندري، والبابا أثناسيوس ألرسولي، وباسيليوس، وإيرونيموس...
وقد جاء في القانون رقم 27 لمجمع قرطاجنة اعتراف صريح بقانونية هذا السفر وسفر يهوديت. كما سماه القديس كبريانوس في مقال له بأنه "كتاب طوبيا الموحى به من الله" (= مقاله عن الرحمة - للقديس كبريانوس).
5 ـ سفر حكمة سليمان:

984228367.jpg


يختلف الباحثون في تاريخ كتابة هذا السفر فهو قد كتب في الفترة ( 150 ـ 50 ق.م ) على رأي وحوالي 100 ق.م على رأي أخر وفيما بين عامي 25 ق.م و40 للميلاد على رأي ثالث.
وأما مؤلفه فليس هو سليمان بن داود عليهما السلام كما تذهب التقاليد ، ولعله كان يهودياً يونانياً درس الديانة اليهودية كما تعمق في الفلسفة اليونانية ، وأما لغته الأصلية فهي اليونانية وإن كانت هناك آراء تميل إلى أن الإصحاحات من ( 1 ـ 11 ) قد أُلفت في الأصل باللغة العبرية ثم تُرجمت إلى اللغة اليونانية.
يأخذ هذا السفر مكانه بعد سفر نشيد الإنشاد لسليمان الحكيم, وهو مكون من 19 إصحاحا كلها تفيض بأحاديث حكيمة عميقة المعاني الروحانية.
وقد ورد هذا السفر ضمن أسفار التوراة فى النسخة السبعينية المترجمة إلى اليونانية, وبرغم اعتراض البروتستانت على قانونية هذا السفر وباقي أسفار المجموعة الثانية التي جمعت بعد عزرا الكاهن، ولكنهم كتبوا يمتدحونه بسبب بلاغته وسمو معانية. فقد ورد على لسان الدكتور سمعان كهلون قوله: "والبعض الآخر كسفر الحكمة وحكمة يشوع بن سيراخ، فهو على جانب عظيم من البلاغة وعمق المعانى الروحية". وكذا قوله أيضاً على سفر الحكمة "هذا السفر هو أجمل هذه الأسفار، وقد كُتِبَ بأسلوب يدل على تضلع تام من اللغة اليونانية. ويرجح أن كاتبه يهودي مصري عاش بين عامي 15 و50 قبل الميلاد وكان متضلعاً من الفلسفة اليونانية. وقصد مقاومة أغلاظ الوثنية ولاسيما عبادة الأصنام بإظهاره سمو الحكمة المنبعثة عن خوف الله وحفظ شريعته ومعرفة طريقة للخلاص"( كتاب مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين - طبعة بيروت 1937 ص303 و305).
ولقد انقسمت الآراء حول شخصية كاتب هذا السفر. فقال بعضهم إنه يوناني أو أنه يهودي مصري لم يكن يعرف غير اللغة اليونانية. وحجتهم فى هذا أن النسخة الموجودة من السفر مكتوبة باليونانية بأسلوب فلسفي فصيح مشهود له بالبلاغة وطلاوة العبارة.
وقال البعض أن النبي سليمان هو كاتب سفر الحكمة و ما ورد في السفر على لسان كاتبه منطبقاً على سليمان قوله: "إنك قد اخترتني لشعبك ملكاً ولبنيك وبناتك قاضياً. وأمرتني أن أبنى هيكلاً فى جبل قدسك ومذبحاً فى مدينة سُكناك، على مثال المسكن المقدس الذي هيأته منذ البدء. إن معك الحكمة العليمة بأعمالك والتي كانت حاضرة إذ صنعت العالم، وهي عارفة ما المرضى فى عينيك والمستقيم فى وصاياك. فأرسلها من السموات المقدسة وابعثها من عرش مجدك حتى إذا حضرت تَجِدُّ معي، واعلم ما المرضي لديك؛ فإنها تعلم وتفهم كل شيء، فتكون لي في أفعالي مرشداً فطيناً، وبعزَّها تحفظني، فتغدو أعمالي مقبولة وأحكم لشعبك بالعدل وأكون أهلاً لعرش أبي" (حك7:9-12).وواضِح أن هذا الكلام كله لا يناسِب إلا سليمان وحده دون غيره.وتبرز هنا مشكلة يثيرها المُعترضون بقولهم: إذا كان سُليمان هو الذي كتب هذا السِّفر، فلماذا لم يتسنّى لعِزرا الذي جمع شتات أسفار التوراة أن يعثر عليه ويضعه في موضِعه ضمن الأسفار التي جمعها.
6 ـ سفر يشوع بن سيراخ :


441065622.jpg


وقد كتب هذا السفر في الأصل باللغة العبرية حوالي عام 180 قبل الميلاد أو فيما بين عامي 190 ـ 180 ق,م ثم ترجمه يشوع إلى اللغة اليونانية في الإسكندرية عام 132 قبل الميلاد .
يشوع كلمة عبرية بمعنى "يهوه خلاص" أو "خلاص الله" ورغم أن هذه الكلمة أطلقت اسماً على أشخاص عديدين في الكتاب المقدس، فقد وردت مرة واحدة اسماً لبلدة من مدن يهوذا ذكرت في سفر نحميا وقد سكن فيها البعض من بني يهوذا بعد عودتهم من السبي.
أما الرجال المذكورين في الكتاب المقدس باسم "يشوع" فهم كثيرون، ولكتهم مذكورين في العهد القديم وعددهم وأشهرهم هو "يشوع بن نون" الذي خلف موسى في قيادة شعب الله والذي كان قد تجسس أرض كنعان قبل دخولها، وقد عبر الأردن مع باقي الشعب وامتلكوا أرض كنعان بعد أن قسَّمها لهم يشوع بحسب أسباطهم وخاض معهم معارك صعبة (راجع سفر يشوع).
وغير "يشوع بن نون" كان هناك "يشوع" رئيس أورشليم في أيام "يوشيا" الملك الصالح الذي سُمي أحد أبواب المدينة باسمه (2مل8:23)، وكان أيضاً يشوع الكاهن رئيس الفرقة التاسعة من فرق بني هرون الأربعة والعشرين لخدمة الهيكل والدخول إلى بيت الرب (1أخ11:24؛ عز36:2؛ نح39:7). وأيضاً يشوع اللاوي الذي كان تحت يد "فوري بن يمنة" اللاوي البواب نحو الشرق في أيام حزقيا الملك (2أخ15:31). وكان هناك أيضاً يشوع (أو يهوشع) الكاهن العظيم بن يهو صاداق الذي سُبِيَ إلى بابل ثم عاد من السبي مع زربابل، وقد تزوَّج بعض من أولاده نساء غريبات (1أخ15:6؛ عز2:2؛ 3:4؛ 18:10؛ حج1:1، 14،12؛ 2:2و4؛ زك1:3و8و9).
وهناك أيضاً يشوع رئيس العشيرة الذي من بني فحث والذي عادت عشيرته من السبي مع زربابل (عز6:2؛ نح11:7). وهناك يشوع آخر وكان رئيس عائلة لاويّة عاد من السبي إلى أورشليم مع زربابل (عز4:2؛ نح43:7). وأيضاً لاوي باسم يشوع كان أباً لواحد صعد لأورشليم مع عزرا (عز33:8) وأيضاً يشوع أبو عازر رئيس المصفاة الذي ساهَم في ترميم سور أورشليم عند الزاوية (نح19:3). وهناك أخيراً رجل باسم يشوع من اللاويين الذين شرحوا الشريعة للشعب أيام عزرا (نح7:8؛ 4:9و5؛ 8:12و24).
وفي العهد الجديد عرف الرسل رجل ساحر بني كذاب اسمه "باريشوع" بمعنى "ابن يشوع" ويُعرَف أيضاً باسم "عليمن الساحر" قاوَم بولس وبرنابا أمام الوالي سرجيوس في بافلوس بجزيرة قبرص فأصيب بالعمى إلى حين.
أما يشوع بن سيراخ فهو أحد حكماء اليهود ممن درسوا التوراة واختبروا الحكمة فكتب فيها. وقد قيل عنه أنه يشوع ابن سيراخ بن سمعون (كتاب مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة ص236). وقد كان كاتباً مشهوراً مات أثناء السبي في بابل ودُفِنَ هناك.
وقد كان أصلاً من مدينة أورشليم. وسُميَ "يشوع بن سيراخ الأورشليمي" كما نفهم من مقدمة المترجم، وكذا ممّا جاء في السفر نفسه حيث قال "رَسَمَ تأديب العقل والعلم في الكتاب يشوع بن سيراخ الأورشليمي الذي أفاض الحكمة من قلبه" (سي29:50)، وقد ورد في مقدمة السفر أن كاتبه بن سيراخ "لزم تلاوة الشريعة والأنبياء وسائر أسفار آبائنا ورسخ فيها كما ينبغي"
وبناء على ذلك فقد "أقبل هو أيضاً على تدوين شئ مما يتعلق بالأدب والحكمة ليقتبس منه الراغبون في التعلُّم ويزدادوا من حُسن السيرة الموافِقة للشريعة".
ومن المقدمة، نفهم أيضاً أن السِفر أول ما كتب كان باللغة العبرانية. والأرجح عند العلماء أن كتابة السفر بالعبرية تمت في زمن "بطليموس أورجتيس الأول" في المدة من 246-221ق.م. وهناك من يقول أن السفر كُتِب أيضاً في فلسطين خلال الفترة من 190-170ق.م.
أما ترجمة السفر إلى اليونانية فقد قام بها حفيد الكاتِب في مصر"في مدينة الإسكندرية، في السنة الثامنة والثلاثين لحكم ملك مصري آخر باسم "أورجتيس" وذلك لفائدة اليهود المتغربين في مصر ممن لا يعرفون العبرية . وقد وُجِدَت نسخة من سفر يشوع بن سيراخ في الأصل العبراني في مصر القديمة سنة 1896م. وهي ترجع في كتابتها إلى القرن الحادي عشر أو الثاني عشر الميلادي (قاموس الكتاب المقدس – طبعة مكتبة المشعل ببيروت 1964 – القس داود حداد من القدس – ص1071). ويتكون السفر من 51 أصحاحاً. قد كُتِبَ السفر على نهج وأسلوب سليمان الحكيم في أمثاله، غير أنه يضيف الكثير من المديح لأنبياء ملوك وكهنة وقادة بني إسرائيل وآبائهم الكبار تمجيداً لأعمالهم وفضائلهم العظيمة. وفيما عدا البروتستانت، تجمع كل الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية في العالم على الاعتراف بهذا السفر وباقي أسفار المجموعة الثانية القانونية التي جُمِعَت بعد عزرا. وقد ورد هذا السفر بنصه في الترجمة السبعينية للتوراة التي تمت بالإسكندرية في سنة 280ق.م. كما ورد بنصه أيضاً في الترجمة القديمة اللاتينية والقبطية والحبشية التي تُرجِمَت في العصر الرسولي من الأصل العبراني.
هذا وقد أيدت قانونية هذا السفر المجامع الكثيرة التي عُقِدت في إيبون (393) وقرطاجنة الأول (397) وقرطاجنة الثاني (419) ومجمع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية (1672) ومجمع أورشليم للكنيسة الأرثوذكسية (1682) وغيرها.. هذا فضلاً عن وروده ضمن قائمة الأسفار الموحى بها المذكورة في قوانين الرسل وقوانين بن العسال وغيرهما.
هذا وقد استشهد بما جاء في السفر آباء كثيرون من قديسي الكنيسة القُدامى إكليمندس الإسكندري الذي استشهد بالسفر مراراً في كتابه البيداجوحي حيث يقول عن كلام السفر "قال الكتاب المقدس".
ملحوظة:
يرى صاحب مجلة صهيون ومؤلف كتاب مشكاة الطلاب(مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب – طبعة 1929 – ص 183)، أن ترجمة سفر يشوع بن سيراخ من العبرية إلى اليونانية تمت في الفترة من سنة 155-116ق.م.
 


ـ سفر باروخ :
745196039.jpg


هناك أقوال أن هذا السفر قد كتبه باروخ في بابل وقت سقوط أورشليم تحت أقدام البابليين في عام 587 ق.م وعلى مسمع الملك اليهوذي المنفي يهوياكين وذلك في مارس عام 597 ق.م ، ولقد تأثر الملك وكل المسبيّون معه وبكوا ، وصلّوا ثم جمعوا قدراً من المال وبعثوا به إلى أورشليم مع السفر و ألحقوا به خطاباً خاصاً . على أن هناك من يرى أن السفر لا يكوّن وحدة متناسقة بالإضافة إلى أن باروخ والذي هو في الأصل تلميذ إرميا ليس هو مؤلف السفر ، لأنه طبقاً لما جاء في سفر إرميا ( 43 : 6 ،7 ) فإن باروخ لم يهاجر إلى بابل , بل إلى مصر بالإضافة إلى أن السفر قد وصل إلينا باللغة العبرية أو الآرامية وأنه قد كتب حوالي العام 100 للميلاد .
باروخ كلمة عبرية معناها "مبارك"، وقد ذكرت الكلمة في الكتاب المقدس اسما لثلاثة أشخاص كان أحدهم هو "باروخ" كاتِب السفر المعروف باسمه والذي نتحدث عنه الآن.
والأول هو "باروخ بن زباي" الذي ذكر عنه نحميا أنه رمم جزءاً من سور أورشليم (نح20:3). وقد كان باروخ هذا من بين الرؤساء واللاويين والكهنة الذين ختموا على الميثاق الذي أقسم فيه الشعب كرجل واحد أن يسيروا في شريعة الله (نح6:10). أما الثاني فهو "باروخ ابن كلحوزة" وأبو معسيا الذي هو من رؤساء الشعب الذين عادوا بالقرعة للسكنى في مدينة أورشليم (نح5:11).
أما كاتب هذا السفر فهو باروخ بن نيريل بن معسيا بن صدقيا بن حسديا بن حلقيا.
وقد كتب سفر نبوته في بابل بعد السبي، وكان ذلك في السنة الخامسة في السابع من الشهر حين أخذ الكلدانيون أورشليم وأحرقوها بالنار. وقد نسب السفر إلى باروخ لأنه كتب الإصحاحات الخمسة الأولى منه. أما الإصحاح السادس والأخير فقد كتبه إرميا لليهود الذين كان ملك بابل مزمعاً أن يسوقهم في السبي إلى بابل.
وباروخ كاتب السفر كان يعمل كاتباً لإرميا النبي يكتب له ما يأمر بكتابته، وقد كان مخلصاً لإرميا.
وعرف عنه أيضاً أنه كان نبياً صدّيقاً، وقد اشترك الاثنان في الأتعاب والإضطهادات التي لقياها من يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا.
وقد ذكر في الكتاب المقدس الكثير عن باروخ. فإن أرميا -وهو في السجن- بعدما اشترى لنفسه حقل عمه "حنمئيل بن شلوم" الذي في "عناثوث" بحث الفكاك، أخذ صك الشراء المختوم وسلَّمه لباروخ (أر6:32-12)، فقد ائتمنه على حفظ الوثائق الخاصة به. وبينما أرميا في السجن أيضاً، استدعى إليه باروخ وأملاه ما أوحى الله به إليه من نبوءة، فكتبه في درج بالحبر، وبأمر إرميا، قرأ باروخ المكتوب في الدرج في آذان كل الشعب في بيت الرب في يوم الصوم، كما قرأه مرة أخرى في آذان رؤساء يهوذا بناءً على طلبهم، فلما سمعوا الكلام خافوا خوفاً شديداً وأشاروا على باروخ أن يهرب ويذهب ويختبئ هو وارميا من وجه الملك يهوياقيم، وقد حدث أن الملك لما سمع بعض ما ورد في الدرج اغتاظ وألقى السفر كله في النار وأحرقه!. وقد كُتِبَ سفر باروخ أصلا بالغة العبرية. وكان معتبراً أنه جزء مُكَمِّل لسفر إرميا، وقد تبقّى السفر مُتداولاً بالعِبرية. كما بقيت نسخته الأصلية مُتعارفة حتى القرن الثاني الميلادي حين ترجمها "تاودوسيون" إلى اللغة اليونانية. ومنذ ذلك الحين اختفت النسخة العبرانية ولم توجد. ويقع مكان السفر بعد مراثي ارميا.
ورغم اعتراف جميع الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية بصحة هذا السفر، فإن البروتستانت ينكرون على باروخ أنه كاتِب السفر.
8 ـ سفر رسالة إرميا: كتب إرميا النبي ( 626 ـ 580 ق.م ) هذه الرسالة إلى اليهود المسبيين عشية ترحيلهم إلى بابل يحذرهم فيها من ترك دينهم واعتناق الديانة البابلية الوثنية.
وبالنسبة إلى تاريخ هذه الرسالة فهو مختلف فيه فمنهم من يقول أنه كتب حوالي عام 100 ق.م على رأي وحوالي عصر الإسكندر الأكبر ( 336 ـ 323 ق.م ) على رأي أخر ، وحوالي القرن الثالث أو الثاني قبل الميلاد على رأي ثالث . وأما لغته فقد ظل العلماء زمناً طويلاً يعتقدون أنها كتبت في الأصل باليونانية ولكنهم الآن يكادون يتفقون على أن لغتها الأصلية هي العبرية.
9 ـ نشيد الفتيان العبرانيين الثلاثة: يكاد الإجماع ينعقد على أن هذا النشيد كتب في الأصل في فلسطين باللغة العبرية وأن ذلك ربما كان بعد نجاح الثورة المكابية عام ( 166 ـ 150 ق.م ).
10 ـ قصة سوسنة: تعتبر قصة سوسنة في النسختين السبعينية واللاتينية وكأنها الفصل الثالث عشر من سفر دانيال، وتروي قصة سوسنة وهي فتاة عذراء سليلة تاجر كبير واسع الثراء أحسن القيام على تربيتها فشبت تقية نقية طاهرة القلب عفيفة الذيل، فنراها وقد أقبلت يوما تستحم في غدير فأخذتها أبصار اثنين من أحبار يهود وقضاتهم ففتنتهما بجمالها عن دينهما وأخرجهما جمالها عن وقارهما فراوداها عن نفسها فأشاحت عنهما نافرة، فاسوّد قلبا الحبرين على الفتاة العفيفة ورمياها بالزنا إفكاً وبهتاناً، ولفقا لها من الأدلة وألبّا عليها من الشهود ما أيد التهمة أمام محكمة الشعب، فأدانها قضاتها من الكهنة وأمروا بقتلها رجماً، وإذ هم يهمون بتنفيذ الحكم يدخل شاب يدعى دانيال ويستجوب الحبرين كلاً على انفراد ويثبت تناقض أقوالهما ويقنع المحكمة ببطلان التهمة النكراء. وأما تاريخ كتابة القصة فربما كان في عصر الملك المكابي إسكندر جاني ( 103 ـ 76 ق.م ) وأنها قد كتبت في الأصل باللغة العبرية وإن بقيت نصوصها مع تعديل طفيف في نسخ مختلفة كالسريانية واللاتينية.
11 ـ قصة بعل والتنين: تعتبر هذه القصة في النسختين السبعينية واللاتينية كأنها الفصل الرابع عشر من سفر دانيال، وربما كتبت في الأصل بالعبرية في القرن الأول قبل الميلاد، ولا شك أن هذه القصة وأمثالها قد لقت رواجاً كبيراً كمناظرات جدلية ضد الوثنيين في الفترة من 100 قبل الميلاد إلى 100 بعد الميلاد.
12 ـ صلاة منسى: تقول المعلومات الواردة أن الملك اليهوذي منسى ( 687 ـ 643 ق,م ) والذي يتميز حكمه الطويل بأن فلسطين قد أصبحت فيه تحت النفوذ الآشوري المباشر ، كما أن الرجل كان كافراً بدين يهوه متبنياً الطقوس الوثنية بما فيها عبادة الكواكب.
وأنه طبقاً لرواية سفر الأخبار الثاني ( 33: 11 ـ 13 ) قد سُبِىَ إلى بابل تكفيراً عن ذنوبه الكثيرة. غير أن العلماء يرجحون الآن أن هذه الصلاة من وضع يهودي متأخر جعل نفسه في مكان منسى والناطق بلسانه . ويختلف العلماء حول تاريخ كتابة هذا السفر فيما بين القرنيين الثالث والخامس قبل الميلاد، كما يختلفون كذلك حول كتابته باللغة اليونانية أم الآرامية وإن ذهب فريق منهم إلى أن النص الأصلي إنما قد دوّن باللغة العبرية.

13ـ سفر المكابيين الأول:

640212827.jpg


يروي هذا السفر تاريخ اليهود في فترة تقرب من الأربعين عاماً ( 175ـ 135 ق.م ) أي منذ تولية أنطيوخس الرابع لأبيفانيوس العرش ( 175ـ 164 ق.م) وحتى موت سمعان المكابي في عام 135 ق.م وهو بهذا يعتبر مصدراً تاريخياً هاما، إذ يبدأ السفر بلمحة موجزة عن فتوحات الإسكندر الأكبر ثم عهد أنطيوخس الرابع وكيف أدت مساوئه إلى قيام الثورة المكابية ثم يتابع قصة جهادهم حتى موت سمعان المكابي، هذا وقد كتب السفر في الأصل بالعبرية ثم نقل بعد حين من الدهر إلى اليونانية، وأما تاريخ كتابته فهناك من يذهب إلى أن ذلك إنما كان قبل الغزو الروماني لفلسطين في عام 63 ق.م وربما قبل نهاية القرن الثاني قبل الميلاد وربما في الفترة فيما بين عامي 100، 70 قبل الميلاد.


14ـ سفر المكابيين الثاني:

421505187.jpg


يروي هذا السفر تاريخ اليهود في فترة تمتد حوالي خمسة عشر عاما ( 176ـ 161 ق.م ) ومن ثم فهو ليس ملحقاً أو تابعاً للسفر الأول وإنما هو كتاب ثان عن الثورة المكابية، وهو يتحدث عن أحوال اليهود في عهد الملكيين السلوقيين: سلوقي الرابع فيلوباتر ( 187ـ175ق.م ) وأنطيوخس الرابع لأبيفانيوس ( 175ـ 164 ق.م ) ، ويبدو أن كاتب السفر كان من الفريسيين ، كما كان خصما لأسرة المكابيين ، أما لغة الكتابة الأصلية فهي اليونانية وأسلوبه خطابي غاية في القوة ، وقد اهتم بالشريعة اليهودية والمعبد اهتمامه بالتاريخ ، كما نقرأ فيه شيئاً عن عيد التكريس ( 10:8) وعيد نيكاتور ( 15: 36 ) ويرجح العلماء أن السفر إنما قد كتب فيما بين عامي 125 و75 ق.م.
15 ـ سفر المكابيين الثالث: يذكر أن هذا السفر قد وضع في الإسكندرية باللغة اليونانية وهو يصف زيارة ملك مصر بطليموس الرابع فيلوباتور ( 221ـ 205 ق.م ) لأورشليم وانتهاكه حرمة المعبد اليهودي واقتحامه عنوة، وأما أسلوبه فمثير للأحقاد بغيض لغير اليهود وقد كتب في القرن الأول قبل الميلاد.
16 ـ سفر المكابيين الرابع: تنسب المعارف هذا السفر إلى المؤرخ اليهودي الشهير يوسف بن متى ( 37ـ 98 أو 100 م ) وقد يكون عنوانه الأصلي " العقل سيد العواطف “. وهو كتاب قريب في منحاه الديني والفلسفي من كتب الفلسفة القديمة، وعلى أي حال فمازال العلماء مختلفين حول زمن ووطن وشخصية مؤلف هذا السفر وإن كان هناك من يرجح أن السفر قد وضع فيما بين عصري بومبيوس ( 106 ـ 48 ق.م ) وفسباسيان ( 9 ـ 69 ق.م ) .
17ـ المزمور 151: مكانه بعد مزمور 150 لداود النبي والملك
هذا المزمور غير موجود في الطبعة المنتشرة بيننا للكتاب المقدس، ولكنه مُدرَج في كتب الكنيسة. وقد كتبه داود النبي عن نفسه عندما كان يحارب جليات (جلياط) الفلسطيني، ومن الناحية الرمزية تنبأ به داوود عمّا سيحدث مع المسيح الذي يرمز إليه داود، وأنه سيسحق الشيطان كما قتل داود جليات.
إن نسل المرأة سيسحق رأس الحية، من أجل ذلك رتب الكنيسة الارثوذكسيه المرشدة والمتنفسة بالروح القدس قراءة هذا المزمور في ليلة سبت الفرح، كإشارة قوية إلى انتصار المسيح (ابن داود) على الشيطان.
هذا المزمور يحكي قصة داود عندما كان حدثاً صغيراً يعمل في رعي الأغنام وكيف انتصر على جليات الجبار وبدون سلاح وبذلك أعلن عن قوة الله اللانهائية بشرط التسليم الكامل لها وعدم إخضاعها للموازين البشرية.عيد نياحة داود النبي يكون أول يناير من كل عام (23 كيهك 1705ش).
مما سبق يتضح لنا أن أسفار الأبوكريفا إنما هي متنوعة المواضيع مختلفة العصور، فمنها ما يتصل بالتاريخ كسفر المكابيين الأول ومنها ما يعالج القصص التاريخي كالسفرين الثاني والثالث المكابيين وسفر يهوديت ومنها ما هو أساطيري مثل سفر طوبيت ( طوبيا) ومنها ما يشبه المزامير مثل صلاة منسى وفيها الأغاني كتلك المعروفة باسم أغاني الرفاق الثلاثة ( نشيد الفتيان العبرانيين الثلاثة ) ومنها ما كتب للعزاء والنبوءة مثل سفر باروخ ورسالة إرميا، كما نجد في الأبوكريفا شعر الحكمة المنسوب إلى سليمان ويشوع بن سيراخ، وهكذا يبدو أن كثيراً من أسفار الأبوكريفا يعتبر من الكتب القيمة بسبب ما تلقيه من أضواء على العصر الذي شهد مولدها، فإنه يكاد يكون من المسلم به أن الستة عشر سفراً والتي يتألف منها كتاب الأبوكريفا تتفاوت تفاوتاً كبيراً في قيمتها فأسفار حكمة سليمان ويشوع بن سيراخ والمكابيين إنما تمتاز بخواص سامية وقيمة روحية حتى أنها لتحتسب من المؤلفات القديمة التي لا تقدر بقيمة، الأمر الذي جعل مارتن لوثر ( 1383ـ 1546م ) زعيم الإصلاح الديني البروتستانتي لا يتردد في مقارنة الأسفار القانونية بغيرها من الأسفار الغير قانونية ورغب في أن يدمج سفر المكابيين الأول بدلا من سفر أستير في الكتاب المقدس القانوني، ولا يتردد كثيرون غيره في القول إن سفر حكمة سليمان وحكمة يشوع بن سيراخ تعادل ـ إن لم تفضل ـ سفر الجامعة القانوني(راجع حبيب سعيد، المدخل إلى الكتاب المقدس، دار التأليف والنشر الكنيسة الأسقفية ، القاهرة ، ص186) .
هذا وأول ترجمة عربية لأسفار الأبوكريفا في العهد القديم، قامت مدارس الأحد المرقسية بالإسكندرية تحت إشراف الدكتور مراد كامل والأستاذ يسى عبد المسيح بطبعها وظهرت في عام 1956م تحت عنوان " الأسفار القانونية التي حذفها البروتستانت “.
 

المطلب الرابع

الأسفار القانونية

1 ـ التحربف المتعمد في سيرة نبي الله داود حيث نجده عليه السلام ـ في زعم كاتب التوراة قد زنا بزوجةُ أوريَّا الحِثِّيِّ ولم يكتف بذلك بل أرسل زوجها أوريَّا الحِثِّيِّ إلى الحرب الشديدة وسلط عليه من يقتله من الخلف لكي يستأثر هو بزوجته بَتشابَعُ بنتُ أليعامَ والتي اتخذها زوجة له بعد ذلك وهي أم النبي سليمان عليه السلام وهذه الأمور مثبيتة في سفر صموئيل الثاني 11: 1ـ 18 { ولمَّا جاءَ الرَّبيعُ، وهوَ وقتُ خروج المُلوكِ إلى الحربِ، أرسلَ داوُدُ يوآبَ والقادةَ معَهُ على رأسِ كُلِّ جيشِ بَني إِسرائيلَ، فسحقوا بَني عَمُّونَ وحاصروا مدينةَ رِبَّةَ. وأمَّا داوُدُ فبَقيَ في أورُشليمَ.
2وعِندَ المَساءِ قامَ داوُدُ عَنْ سريرهِ وتمشَّى على سطحِ القصرِ، فرأى على السَّطحِ اَمرأةً تَستحِمُّ وكانَت جميلةً جدُا. 3فسألَ عَنها، فقيلَ لَه: «هذِهِ بَتشابَعُ بنتُ أليعامَ، زوجةُ أوريَّا الحِثِّيِّ». 4فأرسَلَ إليها رُسُلاً عادوا بها وكانَت اَغتَسلت وتَطهَّرت، فدخلَ علَيها ونامَ معَها، ثُمَ رجعت إلى بَيتِها. 5وحينَ أحسَّت أنَّها حُبلى أعلَمتهُ بذلِكَ.
6فأرسَلَ داوُدُ إلى يوآبَ يقولُ: «أرسِلْ إليَ أوريَّا الحِثِّيَّ» فأرسَلَهُ. 7فلمَّا جاءَ سألَهُ داوُدُ عَنْ سلامةِ يوآبَ والجيشِ وعَنِ الحربِ، 8ثُمَ قالَ لَه: «إنزِلْ إلى بَيتِكَ واَغسِلْ رِجلَيكَ واَسترِحْ». فخرج أوريَّا مِنَ القصرِ وتَبِعتْهُ هديَّةٌ مِنْ عِندِ داوُدَ. 9فنامَ على بابِ القصرِ معَ الحرَسِ ولم ينزِلْ إلى بَيتِهِ. 10فلمَّا قيلَ لداوُدَ: «أوريَّا لم يَنزِلْ إلى بَيتِهِ»، دَعاهُ وقالَ لَه: «أما جئتَ مِنَ السَّفرِ؟ فما بالُكَ لا تنزِلُ إلى بَيتِكَ؟» 11فأجابَهُ أوريَّا: «تابوتُ العَهدِ ورِجالُ إسرائيلَ ويَهوذا مُقيمونَ في الخيامِ، ويوآبُ وقادَةُ سيِّدي المَلِكِ في البَرِّيَّةِ، فكيفَ أدخلُ بَيتي وآكُلُ وأشربُ وأنامُ معَ زوجتي؟ لا وحياتِكَ، لا أفعَلُ هذا». 12فقالَ لَه داوُدُ: «أقمْ هُنا اليومَ، وغَدًا أصرِفُكَ». فبقيَ أوريَّا ذلِكَ اليومَ في أورُشليمَ، 13وفي اليومِ التَّالي دعاهُ داوُدُ، فأكلَ معَهُ وشربَ حتى سَكِرَ. ثُمَ خرَج مساءً، فنامَ حيثُ ينامُ الحرَسُ، ولم ينزِلْ إلى بَيتِهِ.
14فلمَّا طلَعَ الصَّباحُ كتَبَ داوُدُ إلى يوآبَ مكتوبًا وأرسَلَهُ بيَدِ أوريَّا، 15يقولُ فيهِ: «وجهوا أوريَّا إلى حيثُ يكونُ القِتالُ شديدًا، واَرجعوا مِنْ ورائِه فيَضرِبَهُ العَدوُّ ويموتُ». 16وكانَ يوآبُ يحاصِرُ المدينةَ، فعيَّنَ لأوريَّا موضِعًا عَلِمَ أنَّ للعدوِّ فيهِ رِجالاً أشدَّاءَ. 17فخرَج رِجالُ المدينةِ وحارَبوا يوآبَ، فسقَطَ لداوُدَ بَعضُ القادَةِ ومِنْ بَينِهِم أوريَّا الحِثِّيُّ. 18فأرسَلَ يوآبُ وأخبَرَ داوُدَ بكلِّ ما جرى في الحربِ. 19وقالَ يوآبُ للرَّسولِ: «بَعدَما تُخبِرُ الملكَ بكُلِّ ما جرى في الحربِ، 20وإذا ثارَ غضَبُهُ وقالَ: لماذا دنَوتُم مِنْ سورِ المدينةِ لِتُحاربوا؟ أما تعلَمونَ أنَّ الذينَ فوقَ السُّورِ يَرمونَكُم بالسِّهامِ؟ 21مَنْ قتَلَ أبيمالِكَ بنَ يَروبَّشْثَ؟ أما هيَ اَمرأةٌ في تاباصَ رَمتْهُ بِحَجرِ طاحونةٍ مِنْ فوقِ السُّورِ فقُتِلَ؟ فلماذا دَنوتم مِنَ السُّورِ؟» إذا قالَ لكَ هذا الكلامَ أجبْهُ: «عبدُكَ أوريَّا الحِثِّيُّ أيضًا ماتَ».
22فذهَبَ الرَّسولُ إلى داوُدَ وأخبرَهُ بِجميعِ ما أمرَهُ بهِ يوآبُ، 23وقالَ لداوُدَ: «قَويَ علَينا الأعداءُ وخرَجوا لقِتالِنا في البَرِّيَّةِ، فطارَدناهُم إلى بابِ المدينةِ، 24فرَمانا العَدوُّ بالسِّهامِ مِنْ فوقِ السُّورِ، فماتَ البَعضُ مِنْ قادَةِ المَلِكِ، وقُتِلَ أيضًا عبدُكَ أوريَّا الحِثِّيُّ». 25فقالَ لَه داوُدُ: «هذا ما تقولُ ليوآبَ: «لا يُحزِنُكَ ذلِكَ، لأنَّ السَّيفَ لا يرحَمُ أحدًا. تابِعْ هُجومَكَ على المدينةِ ودمِّرْها. قُل لَه ذلِكَ حتى يتشجعَ».
26وسمِعَت زوجةُ أوريَّا أنَّ زوجها ماتَ، فناحَت علَيهِ. 27ولمَّا اَنتَهَت أيّام مَناحَتِها، أرسَلَ داوُدُ وضَمَّها إلى بَيتِهِ، فكانَت زوجةً لَه وولدَت لَه اَبنًا. واَستاءَ الرّبُّ مِمَّا فعلَهُ داوُدُ.}.
2 ـ وماذا عن زنا المحارم والموجود بكثرة في الكتاب المقدس فهل يعقل أن يتزوج أبو الأنبياء إبراهيم الخليل من أخته ؟ وهل يعقل أن يتزوج نبي الله لوط بابنتيه الكبرى والصغرى وذلك بعد زناه بهما ؟ وهل يعقل أن يزني أمنون بن داود بأخته تامار ؟ وهل يعقل أن يزني رأوبين بن يعقوب من زوجة أبيه بلْهه ؟ وهل يعقل أن يزني يهوذا بن يعقوب من ثامار زوجة ابنه البكر عير ؟ .
أـ يحدثنا سفر التكوين عن لسان أبي الأنبياء عليه الصلاة والسلام وهو يقول عن زوجته سارة {أنها بالحقيقةِ هيَ أختي اَبنةُ أبي لا اَبنةُ أُمِّي }.
جاء بسفر التكوين 20: 12 { 12وبالحقيقةِ هيَ أختي اَبنةُ أبي لا اَبنةُ أُمِّي، فصارت اَمرأةً لي. 13فلمَّا شَرَّدني اللهُ مِنْ بَيتِ أبي قلتُ لها: تُحسِنينَ إليَ إنْ قلتِ عنِّي حَيثُما ذهبْنا: هوَ أخي». }.
وهذا يتعارض مع شريعة اليهود والتي فيها { وعَورةُ أُختِكَ اَبنةِ أبيكَ أوِ اَبنةِ أمِّكَ المولودةِ في البيتِ أو في خارجه لا تَكْشِفْها.}. كما هو في سفر اللاويين ، ومن المهم جداً مطالعة هذا السفر لأنه يحدد بتفصيل متناه جدا مفهوم العورة عند بني إسرائيل.
سفر اللاويين 18: 6ـ 17 { 6«لا يَقرَبْ أحدٌ إلى قريبِهِ في الرَّحِمِ لِكَشْفِ عَورتِهِ. أنا الرّبُّ. 7لا تَكشِفْعَورةَ أبيكَ بكَشْفِ عَورةِ أمِّكَ. فهِيَ أمُّكَ، لا تَكْشِفْعَورتَها. 8وعَورةُ زوجةِ أبيكَ لا تَكْشِفْها، فهيَ عَورةُ أبيكَ. 9وعَورةُ أُختِكَ اَبنةِ أبيكَ أوِ اَبنةِ أمِّكَ المولودةِ في البيتِ أو في خارجه لا تَكْشِفْها. 10ولا تَكْشِفْعَورةَ بنتِ اَبنِكَ أو بنتِ اَبنتِكَ. فهيَ عَورتُكَ. 11وعَورةُ بِنتِ زوجةِ أبيكَ المولودةِ مِنْ أبيكَ لا تَكْشِفْها فهيَ أُختُكَ. 12وعَورةُ أختِ أبيكَ لا تكشِفْها فهيَ قريبةُ أبيكَ في الرَّحِمِ. 13وعَورةُ أختِ أمِّكَ لا تَكْشِفْها، فهيَ قريبةُ أمِّكَ في الرَّحِمِ. 14وعَورةُ عمِّكَ لا تَكْشِفْها، إلى اَمرأتِهِ لا تقترِبْ. فهيَ عمَّةٌ لكَ. 15وعَورةُ كنَتِكَ لا تَكْشِفْها، فهيَ زوجةُ اَبنِكَ. 16ولا تَكْشِفْ عَورةَ زوجةِ أخيكَ، فهيَ عَورةُ أخيكَ. 17وعَورةُ اَمرأةٍ واَبنتِها لا تَكْشِفْولا تأخذِ اَبنةَ اَبنِها ولا اَبنةَ اَبنتِها لتَكْشِفَ عَورتَهُما، فهُما قريبتاها في الرَّحِمِ. وهذا فَحْشٌ.}
ب ـ لقد جعل كاتب التوراة نبي الله لوط يستولد ابنتيه الموآبيين والعمونيين، فلقد زنى بابنته الكبرى أولاً ثم بابنته الصغرى ثانية بعد ما شرب الخمر وهذا الكلام موجود في سفر التكوين 19: 30 { 30وخافَ لُوطَ أنْ يسكُنَ في صُوغرَ، فصعِدَ إلى الجبَلِ وأقامَ بالمغارةِ هوَ واَبنتاهُ. 31فقالتِ الكُبرى للصُّغرى: «شاخ أبونا وما في الأرضِ رَجلٌ يتزوَّجنا على عادةِ أهلِ الأرضِ كُلِّهِم. 32تعالَي نسقي أبانا خمرًا ونضاجعُهُ ونقيمُ مِنْ أبينا نسلاً». 33فسقتا أباهُما خمرًا تِلكَ اللَّيلةَ، وجاءتِ الكُبرى وضاجعت أباها وهوَ لا يَعلمُ بنيامِها ولا قيامِها. 34وفي الغدِ قالتِ الكُبرى للصُّغرى: «ضاجعتُ البارحةَ أبي، فلنَسْقِهِ خمرًا اللَّيلةَ أيضًا، وضاجعيهِ أنتِ لِنُقيمَ مِنْ أبينا نسلاً». 35فسقتا أباهُما خمرًا تِلكَ الليلةَ أيضًا، وقامتِ الصُّغرى وضاجعَتْهُ وهوَ لا يَعلمُ بنيامِها ولا قيامِها. 36فحملتِ اَبنتا لُوطٍ مِنْ أبيهما. 37فولدتِ الكُبرى اَبنًا وسمَّتْهُ موأبَ، وهوَ أبو المؤابيِّينَ إلى اليومِ. 38والصُّغرى أيضًا ولدتِ اَبنًا وسمَّتْهُ بنَ عمِّي، وهوَ أبو بَني عمُّونَ إلى اليومِ. }.
و تعليقنا على هذه الرواية المفتراة على نبي الله لوط يأتي من عدة وجوه :
1 ـ إن لوطاً كان له أبناء ذكور من قبل تدمير سدوم وعموره كما هو وارد في سفر التكوين 19: 12 حيث قال له الملاكان: {12وقالَ الرَّجلانِ لِلُوطٍ: «مَنْ لكَ أيضًا هُنا؟ أصْهَارَكَ وبَنيِكَ وَبَناتِكَ وأقرباءُ آخرونَ في هذِهِ المدينةِ، فأخرِجهُم مِنها. 13فهذا المكانُ سَنُهلِكُه، لأنَّ الشَّكوى على أهلهِ بلغَت مَسامعَ الرّبِّ فأرسلَنا لِنُهلِكَهُم»}.
ومن المعلوم أن الأسرة الممتدة ـ الأب وأبناءه وأحفاده يعيشون في مكان واحد ـ كانت هي الشائعة ، أي أن أبناء لوط وخاصة الذكور يسكنون معه في نفس المنزل ونقول منزل وليس خيمة لأنه كان له باب يمكن إغلاقه كما هو وراد بالقصة ، ولو كان خيمة لكان من الممكن أن يكونوا في خيمة أخرى وبالتالي فإن أبناءه الذكور قد رأوا ما فعله الملاكان وسمعوا ما قالاه عن تدمير المكان ، وإذا كان أصهاره لم يصدقوه ـ كما هو وارد بنفس السفر والعدد الذي يليه مباشرة ـ { فكانَ كَمَنْ يَمزَحُ في نظَرِ صِهرَيهِ. }، فإن أبناءه لا شك كانوا مصدقيه وبالتالي فقد هربوا معه.
إن بنات لوط كن متزوجات كما هو وارد في سفر التكوين 19 :14 { 14فخرج لُوطَ وَكَلَّمَ أَِصْهارَهُ الآَخِذِينَ بَِنَاتِهِ وَقَالَ: قُومَا اَخرُجا مِنْ هُنا، لأنَّ الرّبَ سَيُهلِكُ المدينةَ». فكانَ كَمَنْ يَمزَحُ في نظَرِ صِهرَيهِ. } ، والغريب ألا تذكر التوراة إن إحداهن لم تصدق أباها وتحاول الهرب معه ، وتكتفي بذكر أن اللتان هربتا معه كانتا عذراوتين .
ج ـ إن الاضطراب واضح في هذه القصة ففي سفر التكوين 19 :19 يقول نبي الله لوط عليه السلام :{19نِلْتُ رِضاكَ وغمرْتَني برحمتِكَ فأنقذتَ حياتي. ولكني لا أقدِرُ أنْ أهرُبَ إلى الجبلِ، فرُبَّما لَحِقَني السُّوءُ فأموتُ. 20أمَّا تِلكَ المدينةُ فهيَ قريبةٌ وصغيرةٌ، فدَعْني أهربُ إليها، فأنجوَ لصِغَرِها بحياتي». 21فقالَ لَهُ: «إكرامًا لكَ لن أُدمِّرَ المدينةَ التي ذَكرْتَ. 22أسرِعْ بالهرَبِ إلى هُناكَ، لأنِّي لن أفعَلَ شيئًا حتى تَصِلَ إليها». ولذلِكَ سُمِّيتِ المدينةُ صُوغرَ.}, وقد عاش لوط في هذه المنطقة 14 سنة قبل مولد إسماعيل عليه السلام إلى أن بلغ إبراهيم عليه الصلاة والسلام من العمر 100 سنة، وهو يعرف هذه المنطقة وسكانها معرفة جيدة ولو كان أهلها أشراراً لكان الرب قد دمرهم كما دمر سدوم وعموره، ومما يدل على تهافت القصة، خوفه من الجبل مرة ثم تركه المدينة بدون سبب ليسكن في الجبل الذي يخاف منه، لا لشيء إلا لرغبة كتبة التوراة في ذلك لاستكمال عناصر هذه القصة المختلقة وذلك كما هو في تكوين 19 :30 (30وخافَ لُوطَ أنْ يسكُنَ في صُوغرَ، فصعِدَ إلى الجبَلِ وأقامَ بالمغارةِ هوَ واَبنتاهُ. ).
د ـ كذب القول المنسوب لابنتي لوط بأنه ليس في الأرض رجل ليدخل عليهما كعادة أهل الأرض, فذلك يوحي بأنهم يسكنون في منطقة نائية منعزلة خالية من السكان بينما لا تبعد المنطقة التي هربوا إليها أكثر من ساعتين سيراً على الأقدام، فقد خرجوا في الفجر ووصلوا إلى صوغر عند شروق الشمس وكلاً من الجبل وصوغر كانا قريبين من سدوم، وكانت هناك مدن أخرى قريبة من صوغر كالتي وردت عندما أنقذ إبراهيم لوطاً من الأسر، ولم يذكر أن الرب قد دمرها، ولا يمكن أن يقال بأن لوطاً قد عاش منفرداً هو وابنتيه بدون مخالطة أي شعب آخر، فذلك مالا يطيقه الشباب فضلاً عن شيخ كبير، ومما يثبت وجود شعوب أخرى في المنطقة التي عاش فيها لوط ما هو وارد بعد ذلك في سفر التثنية ( 2: 9، 10، 19، 20) { 9فقالَ ليَ الرّبُّ: «لا تُضايقُوا الموآبيِّينَ بَني لوطَ ولا تتوجهوا لمُحاربتِهِم لأنِّي لن أُعطيَكُم مِنْ أرضِهِم مُلْكًا، فلَهُم وهَبْتُ مدينةَ عارَ». 10وكانَ الإيميُّونَ مُقيمينَ بها قَبلاً، وهُم شعبٌ كثيرٌ، طِوالُ القاماتِ كبَني عِناقَ. 11وهُم يُحسَبونَ رفائيِّين مِثلَهُم، والموآبيُّونَ يُسمُّونَهُم إيميِّينَ. 12وأمَّا سَعيرُ فأقامَ بها الحُوريُّونَ قَبلاً فطردَهُم بَنو عيسو وأزالوهُم مِنْ أمامِهِم وأقاموا مكانَهُم، كما فعَلَ بَنو إِسرائيلَ في الأرضِ التي أعطاها الرّبُّ لهُم.}
التثنية 2: 19ـ 20 ( 16فلمَّا اَنْقرضَ جميعُ المُحاربينَ مِنَ الشَّعبِ وماتوا، 17كلَّمَني الرّبُّ فقالَ: 18«أنتُم ستَعبُرونَ اليومَ حدودَ أرضِ موآبَ عَنْ طريقِ عارَ، 19فإذا اَقتربتُم مِنْ بَني عمُّونَ الذينَ هُم مِنْ نَسلِ لوطَ فلا تُضايقُوهُم ولا تواجهوهُم، لأنِّي لن أُعطيَكُم مِنْ أرضِهِم مِيراثًا. فأنا لهُم وهْبتُها». 20وهيَ أيضًا تُحسَبُ مِنْ أرضِ الرفائيِّينَ، لأنَّ الرفائيِّينَ أقاموا بها قَبلاً، والعمونيُّونَ يُسمُّونَهم زمزميِّينَ، 21وهُم شعبٌ عظيمٌ كثيرٌ، طِوالُ القاماتِ كبَني عِناقَ، أزالَهُمُ الرّبُّ مِنْ أمامِ العمُّونيِّينَ فشتَّتُوهُم وأقاموا مكانَهُم، 22كما فعَلَ الرّبُّ لبَني عيسو المُقيمينَ بسعيرَ، حينَ أزالَ الحُوريِّينَ مِنْ أمامِهِم فشتَّتوهُم، وأقاموا مكانَهُم إلى هذا اليومِ. 23والعُوِّيُّونَ المُقيمونَ بالقُرى المُمتدَّةِ إلى غَزَّةَ أزالَهُمُ الكَفتوريُّونَ الخارجونَ مِنْ كَفتُورَ وأقاموا مكانَهُم.).
وبناءاً على ما هو وارد بالسفرين السابقين نجد أن الله سبحانه وتعالي قد أورث بني لوط أرض الإيميِّين والرفائيِّين الذين كانوا يسكنون المكان الذي أقام فيه لوط، وعلاوة على ذلك فالمسافة بين صوغر وحبرون التي يقيم فيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام لا تتعدى 70 كم، وقد رأى إبراهيم بعينيه النار المشتعلة في سدوم القريبة من صوغر وهو في مكان في حبرون.
ه ـ وفيما يختص بواقعة السكر والزنا، يقول الشيخ رحمت الله الهندي في كتابه إظهار الحق ص 306، 307 ج2:
1ـ إن هذه الحادثة لم يُسمع بمثلها في الأراذل الذين يكونون مخمورين في أكثر الأوقات لأنهم يميزون في حال الخمر بين بناتهم والأجنبيات.
2ـ إنه إذا سقط التمييز بين بناته والأجنبيات لشدة الخمر فلا يبقى السكران في هذا الوقت قابلاً للجماع كما شهد بذلك المولعون بشرب الخمر، وأن مثل هذا الوضع لو وقع لبعض آحاد الناس لضاقت عليه الأرض بما رحبت حزنا وغماً فضلاً عن أن يقع هذا لنبي الله لوط.
وـ لو كان الموآبيين والعمونيين من الزنا لغضب الرب عليهم أو حتى أهمل شأنهم، ولكننا كما رأينا ( في سفر التثية 2: 9، 10 ) أن الله قد أعطي الإميين للموآبيين ميراثاً و ( في تثنية 2: 19، 20) أن الله قد أعطى الرفائيين لبني عمون ميراثاً، وقد أعطى الله الموآبيين والعمونيين ميراث الأرض قبل أن يورث بني إسرائيل وقبل أن يدخلوا أرض الميعاد ، بل وحرم أرض الموآبيين والعمونيين على بني إسرائيل كما ورد في تثنية 2: 19 ، 20 { 19فإذا اَقتربتُم مِنْ بَني عمُّونَ الذينَ هُم مِنْ نَسلِ لوطَ فلا تُضايقُوهُم ولا تواجهوهُم، لأنِّي لن أُعطيَكُم مِنْ أرضِهِم مِيراثًا. فأنا لهُم وهْبتُها». 20وهيَ أيضًا تُحسَبُ مِنْ أرضِ الرفائيِّينَ، لأنَّ الرفائيِّينَ أقاموا بها قَبلاً، والعمونيُّونَ يُسمُّونَهم زمزميِّينَ}.
وبناءاً عليه :
1ـ لو كان إرث الأرض يستلزم عهداً من الله سبحانه وتعالى، فإن الموآبيين والعمونيين يكونوا قد حصلوا على ذلك العهد والله لا يعطي عهداً لأبناء الزنا فإنهم لا يدخلون في جماعة الرب وذلك كما هو في سفر التثنية 23 :3 ( 3ولا يدخلِ اَبْنُ زِنىً، ولا أحدٌ مِنْ نَسلِهِ، في جماعةِ المُؤمنينَ بالرّبِّ، ولو في الجيلِ العاشرِ.).
فلقد ورثوا الأرض فعلاً.
ويكون الموآبيون والعمونيون ليسوا أبناء زنا وعليه يكون كتبة التوراة كاذبين.
2ـ وإن كان إرث الأرض لا يستلزم عهداً من الله، فإن دخول بني إسرائيل لأرض الميعاد يكون كدخول أي شعب أخر لهذه المنطقة واستوطن فيها ولكنهم لم يدّعوا حصولهم على عهد من الله بذلك.
وبذلك يكون بنو إسرائيل قد ادعوا وجود ذلك العهد من الله وعليه يكون كتبة التوراة كاذبين.
3ـ وإن كان الله يعطي عهده لأبناء الزنا والأطهار معاً، فلا ميزة الأطهار عن أبناء الزنا.
ويصبح قول التوراة بأن بني إسرائيل شعب الله المختار لأنهم أخذوا عهداً من الله بتملك الأرض قول كاذب.
زـ إن ما جاء في تثنية 3:23 { 4ولا يدخلْعَمُّونيًّ ولا مُوآبيٌّ ولا أحدٌ مِنْ نسلِهِ في جماعةِ المُؤمنينَ بالرّبِّ، ولو في الجيلِ العاشِرِ وإلى الأبدِ } ، والمقصود بالجيل العاشر كما هو مشروح في النص هنا إلى الأبد لم يقترن بسب أنهم أبناء زنى ، وإن كان هذا أولى بطردهم من جماعة الرب لقوله في تثنية { 23 : 3} ، نعم كان هذا أولى بطرد العمونيين والموأبيين من جماعة الرب ، ولكن طردهم كان بسبب أنهم لم لاقوا بني إسرائيل بالماء والخبز عند خروجهم من مصر كما هو واضح في سفر التثنية 23: 2ـ 7 { 2لا يدخلْ مَرضوضُ الخصيتَينِ ولا مقطوعُ العُضْوِ التناسُليِّ جماعةَ المُؤمنينَ بالرّبِّ.3ولا يدخلِ اَبْنُ زِنىً، ولا أحدٌ مِنْ نَسلِهِ، في جماعةِ المُؤمنينَ بالرّبِّ، ولو في الجيلِ العاشرِ. 4ولا يدخلْعَمُّونيًّ ولا مُوآبيٌّ ولا أحدٌ مِنْ نسلِهِ في جماعةِ المُؤمنينَ بالرّبِّ، ولو في الجيلِ العاشِرِ وإلى الأبدِ 5لأنَّهُم لم يستَقبِلوكُمْ بِالخبزِ والماءِ في الطَّريقِ عِندَ خروجكُم مِنْ مِصْرَ، ولأنَّهُمُ اَستَأجروا علَيكُم بلْعامَ بنَ بَعورَ مِنْ مدينةِ فَتورَ في آرامَ التي بَينَ النَّهرينِ لِيَلعَنَكُم. 6فأبى الرّبُّ إلهُكُم أنْ يسمَعَ لِبَلْعام، فحَوَّلَ لكُمُ الرّبُّ إلهُكُمُ اللَّعنةَ بَركَةً لأنَّهُ أحبَّكُم. 7لا تُسالِموهُم ولا تطلُبوا الخيرَ لهُم طُولَ أيّامِكُم أبدًا.}.
وعلى الرغم مما ورد في هذا التشريع فإننا نجد أن "راعوث" كانت موآبية ومع ذلك كان من ذريتها داود الذي كان من ذريته كل ملوك يهوذا حتى السبي البابلي والذي قال عنه الرب في صموئيل الثاني 7: 16{ 16بل يكونُ بَيتُكَ ومُلكُكَ ثابِتَينِ على الدَّوامِ أمامَ وجهي، وعرشُك َيكونُ راسخا إلى الأبدِ». 17فكَلَّمَ ناثانُ داوُدَ بِجميعِ هذا الكلامِ وهذِهِ الرُّؤيا كُلِّها.} ثم سليمان الذي قال عنه الرب في صموئيل الثاني 7: 14 { 14أنا أكونُ لَه أبًا وهوَ يكونُ لي اَبنًا، وإذا فعَلَ الشَّرَ أُؤدِّبُهُ بِعصًا كالتي يستخدِمُها النَّاسُ وبها يَضرِبونَ. 15وأمَّا رحمَتي فلا أنزعُها عَنهُ كما نَزعتُها عَنْ شاوُلَ الذي أزلْتُهُ مِنْ أمامِ وجهِكَ،} ، ولا يمكن أن من شرفه الله بهذا المديح أن يكون من سلالة زنا ، كما أن سليمان قد تزوج من نعمة العمونية وأنجب منها رحبعام كما هو وارد في الملوك الأول 14 : 21 { 21وكانَ رَحُبعامُ بنُ سُليمانَ اَبنَ إحدى وأربَعينَ سنَةً حينَ مَلَكَ في يَهوذا، وملَكَ سَبعَ عشْرَةَ سنَةً بِأُورُشليمَ المدينةِ التي اَختارَها الرّبُّ مِنْ جميعِ مُدُنِ إِسرائيلَ لِيَجعَلَ اَسمَهُ هُناكَ. واَسمُ أمِّهِ نِعمَةُ العَمُّونيَّةُ. }. فإذا كان رءوس جماعة الرب من أمهات موآبيات وعمونيات فلا شك أن هذا التشريع مدسوس على التوراة، وفي سبيل تفسير هذا الإدعاء يقول السموءل بن يحيى المغربي في كتابه " إفحام اليهود ص151 وما بعدها: ( وأيضاً فإن عندهم أن موسى جعل الإمامة في الهارونيين فلما ولي طالوت " شاول" وثقلت وطأته على الهارونيين وقتل منهم مقتلة عظيمة، ثم انتقل الأمر إلى داود، بقي في نفوس الهارونيين التشوق إلى الأمر الذي زال عنهم وكان "عزرا" خادما لملك الفرس حظياً لديه، فتوصل لبناء بيت المقدس وعمل لهم هذه التوراة التي بأيديهم، فلما كان هارونياً كره أن يتولى عليهم في الدولة الثانية داودي فأضاف في التوراة فصلين للطعن في نسب داود أحدهما قصة لوط والأخر قصة ثامار مع يهوذا ولقد بلغ ـ لعمري ـ غرضه، فإن الدولة الثانية كانت لهم في بيت المقدس، لم يملك عليها داوديون، بل كان ملوكهم هارونيون.) اه.
والسموءل مؤلف هذا الكتاب كان حبراً من أحبار اليهود ثم هداه الله إلى الإسلام وكان يدعى " شموئيل بن يهوذا بن أبوان" كما كان أبوه أيضاً من الأحبار وكان إماماً كبيراً ضليعاً في اليهودية، وكذلك كانت أمه الأمر الذي جعله قادراً في الحكم على التوراة.
وإليكم هذه الجريمة البشعة في نظر المسلمين والعادية عند النصارى..

قس يغتصب إبنته بعد إقناعها بصحة ذلك من الكتاب المقدس!!!

القس يستخدم قصة زنا “لوط” بإبنتيه كما وردت في الكتاب المقدس ليثبت لإبنته أن علاقته الجنسية معها أمر طبيعي..
القس يقتل زوجته بعد أن ضبطته متلبساً بإغتصاب إبنتيهما ويخفي جثتها داخل فريزر في منزله لأربع سنوات..
الشرطة تلقي القبض عليه في الكنيسة وهو يلقي عظة عن التسامح..
جريمة بشعة كشفت خيوطها إبنة قس حينما أبلغت الشرطة أن أبيها قتل أمها قبل أربع سنوات وأخفى جثتها داخل فريزر في منزلهم منذ ذلك الحين. وقالت الإبنة أن الدافع وراء إرتكاب أبيها لتلك الجريمة الشنيعة هو أن أمها ضبطت أبيها متلبساً وهو يغتصبها – أي إبنته – في حمام منزلهم، فتشاجرا على إثر ذلك فقتلها، ثم حاول إخفاء جثتها خلف كنيسة قديمة قبل أن يطلب من إبنته أن تساعده على إخفاء جثة أمها داخل فريزر في منزله والذي إستمرت محفوظة بداخله أربع سنوات. وقد برر الزوج إختفاء زوجته حينها بأنها ماتت أثناء عملية ولادة أصغر أطفالهما.
وبناءاً على هذا قامت الشرطة بتفتيش المنزل – الذي لم يكن به أحد لأن القس وسبعة من أطفاله كانوا بالكنيسة – ووجدت بالفعل جثة الزوجة محفوظة داخل فريزر . فتوجهت الشرطة للكنيسة وألقت القبض عليه وهو يلقي عظة عن “التسامح”!!!..
وقد ذكرت التحقيقات أن إعتداء القس جنسياً على إبنته إستمر لثمان سنواتوأنه أوضح لها أن علاقته الجنسية معها شيء طبيعي مستشهداً بقصة زنا لوط بإبنتيه المذكورة في الكتاب المقدس!!!..
وقد وجه المدعي العام للقس تهم القتل العمد والإغتصاب وممارسة اللواط وزنا المحارم مع أطفاله.
المزيد عن هذه الجريمة وتفاصيل أخرى مروعة نشاهدها في فيديو به تغطية إخبارية لتطورات القضية ثم بعد ذلك نفتح الكتاب المقدس – المتهم الأول في هذه القضية – لنتعرف كيف أوحى للقس بجريمته وكذلك كيف كان أداة في إرتكابها!!!



 


ولكن كيف يمكن لكتاب من المفترض أنه كتاب مقدس وأنه “نافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب” أن يكون هو المحرض على جريمة وفي نفس الوقت أداة لتنفيذ الجريمة؟
لمحاولة الإجابة عن هذا السؤال نضرب مثلاً – ولله المثل الأعلى:
إذا أرادت دولة ما أن تبلغ رسالة أو ترسل مندوباً لها إلىدولة أخرى، فإنها تختار بعناية من ترسله ليكون خير ممثل لها وحتى تتأكد أن رسالتها ستصل على أكمل وجه. ولذلك يجب أن تختار الدولة مندوباً يتحلى بصفات حميدة وأن يكون أميناً وقدوة حسنة لأن أي خطأ يرتكبه يعتبر إساءة للدولة التي أرسلته لأنها هي التي أساءت إختيار من يمثلها. وفي حالة إرتكابه لأي خطأ، فإن دولته تعتذر وتوضح أنها أسأت الإختيار وأنها لم تكن تعلم أنه سيفعل ما فعل وأنها لو كانت تعلم لما قامت بإختياره أصلاً.
فإذا كان هذا يحدث في الدنيا، فما بالنا بإختيار الله لأنبيائه ورسله الذين يحملون رسالاته ويبلغونها للناس!!!.
وحتى تصل هذه الرسالة كما يريدها الله أن تصل وتكون حجة على الناس، فإن الله سبحانه ونعالى يصطفي من البشر رسلاً لهداية الناس للحق ويكونوا قدوة ومثلاً أعلى ونموذجاً لما يجب أن يكون عليه الإنسان الذي يتبّع تلك الرسالة. أما لو كانوا عكس ذلك – كما يدعي اليهود والنصارى، فلا يمكن إقامة الحجة على الناس الذين يملكون وقتها مبرراً قوياً لعدم إتباع الرسول ولسان حالهم سيكون “إذا كان الأنبياء والرسل الذين إصطفاهم الله عصاة ولا ينفذون التعاليم التي يدعوننا لها، فهل مطلوب منا نحن البشر العاديين أن نكون أحسن من الأنبياء والرسل؟!”.
وإذا كانت الدولة في المثال السابق لها عذرها لعدم معرفتها مسبقاً بما سيفعله ممثلها، فكيف يليق بالله – سبحانه وتعالى، الذي يحيط بكل شيء علماً ويعلم ما كان، وما سيكون، وما لم يكن لو كَانَ كيف يكون – أن يرسل رسولاً وهو يعلم أنه لن يحمل الأمانة وأنه سيرتكب الفواحش والمعاصي فلا تقام الحجة على الناس ويكون سبباً في ضلالهم؟!..
وهذا هو الفرق بين عقيدة عصمة الأنبياء في الإسلام وعقيدة إزدراء الأنبياء في اليهودية والنصرانية.
والعقيدة النصرانية مبنية على “إزدراء الأنبياء” حيث تدعي فشل جميع الأنبياء والرسل وأنهم عصاة وخطاة وزناة لدرجة أن منهم من كفر بالله، كل ذلك تحت تحت شعار “الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله”، فأدى ذلك إلى أن يضطر إلههم أن ينزل بنفسه ويتجسد في صورة إنسان بلا خطيئة ليوصل رسالته بنفسه ويفدي البشرية بإنتحاره على الصليب. ومن التناقضات العديدة في النصرانية أنهم يقدسون رجال الكهنوت والقساوسة وينزهونهم ولا يقبلون أن ينتقدهم أحد لدرجة أن الكاثوليك يؤمنون بعصمة البابا الذي يعتبرونه مندوب الله في الأرض، بينما نجدهم يؤمنون بعدم عصمة الأنبياء وبأنهم خطاة ومرتكبي فواحش!!!.
والجريمة التي نحن بصددها اليوم هي نتاج مباشر لعدم وجود عصمة للأنبياء في الكتاب المقدس. فالكتاب المقدس يدعي كذباً أن نبي الله لوط – عليه السلام – زنى بإبنتيه مباشرةً بعد أن دمر الله سدوم وعمورة لأن أهلها كانوا يرتكبون فاحشة الشذوذ الجنسي، وكأنهم لم يتعظوا مما رأوه. وقد وردت القصة في سفر التكوين الإصحاح 19 كما سبق بيانه..
( 30وخافَ لُوطَ أنْ يسكُنَ في صُوغرَ، فصعِدَ إلى الجبَلِ وأقامَ بالمغارةِ هوَ واَبنتاهُ. 31فقالتِ الكُبرى للصُّغرى: «شاخ أبونا وما في الأرضِ رَجلٌ يتزوَّجنا على عادةِ أهلِ الأرضِ كُلِّهِم. 32تعالَي نسقي أبانا خمرًا ونضاجعُهُ ونقيمُ مِنْ أبينا نسلاً». 33فسقتا أباهُما خمرًا تِلكَ اللَّيلةَ، وجاءتِ الكُبرى وضاجعت أباها وهوَ لا يَعلمُ بنيامِها ولا قيامِها. 34وفي الغدِ قالتِ الكُبرى للصُّغرى: «ضاجعتُ البارحةَ أبي، فلنَسْقِهِ خمرًا اللَّيلةَ أيضًا، وضاجعيهِ أنتِ لِنُقيمَ مِنْ أبينا نسلاً». 35فسقتا أباهُما خمرًا تِلكَ الليلةَ أيضًا، وقامتِ الصُّغرى وضاجعَتْهُ وهوَ لا يَعلمُ بنيامِها ولا قيامِها. 36فحملتِ اَبنتا لُوطٍ مِنْ أبيهما. 37فولدتِ الكُبرى اَبنًا وسمَّتْهُ موأبَ، وهوَ أبو المؤابيِّينَ إلى اليومِ. 38والصُّغرى أيضًا ولدتِ اَبنًا وسمَّتْهُ بنَ عمِّي، وهوَ أبو بَني عمُّونَ إلى اليومِ. ) التكوين 19: 30.
إنتهت القصة
هذه ما شرحه القس لإبنته ليقنعها بأن علاقته الجنسية معها شيء طبيعي لأن نبي من الأنبياء فعل نفس الشيء. ولو فرضنا أن الإبنة إعترضت لقال لها أن القصة إنتهت بدون أي عقاب أو لوم أو توبيخ للوط أو لإبنتيه ولو كان ما فعلوه خطأ لذكر ذلك الكتاب المقدس لأن السكوت على فعل يعتبر موافقة عليه وإقراراً له ولو كان محرّماً لحدث لهم مثلما حدث قبلها مباشرةً لسدوم وعمورة؛ وبهذا أصبح الكتاب المقدس أداة لإرتكاب الجريمة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يُستخدم فيها الكتاب المقدس مثل هذا الإستخدم فقد قام قس أسترالي بمعاشرة ابنتيه جنسياً بحجة تدريبهما على القيام بواجباتهما الزوجية وقال إن ما فعله كان طبقاً لتعاليم الكتاب المقدس!!!..
ويستخدم النصارى هذه النصوص المسيئة للأنبياء لمحاولة إثبات عدم تحريف الكتاب المقدس ومنطقهم في ذلك أن اليهود لو حرّفوا التوراة لكان الأولى بهم أن يحذفوا مثل هذه النصوص التي تسيء لأنبيائهم.
ولهؤلاء نقول: إن منطقكم مقلوب وتناقضون كتابكم المقدس نفسه. فاليهود غرضهم دائماً تشويه صورة الأنبياء والرسل حتى يبرروا لأنفسهم فعل الفواحش مثلما فعلها الأنبياء على حد زعمهم. ولم يكتفوا بذلك؛ بل أساءوا لله – سبحانه وتعالى – عندما زعموا أنه أمر أحد أنبيائه بالفاحشة حيث يزعمون أن أول أوامر الله للنبي هوشع هو أن يزني: (اول ما كلّم الرب هوشع قال الرب لهوشع اذهب خذ لنفسك امرأة زنى واولاد زنى لان الارض قد زنت زنى تاركة الرب) – هوشع 2:1.
ولعل أقرب مثال إليكم أيها النصارى هو إتهام اليهود للمسيح عليه السلام في التلمود بأنه إبن زنا ويطلقون عليه إبن بانديرا وهو جندي روماني يتهمون العذراء مريم عليها السلام أنها زنت معه! وكذلك يتهمون المسيح عليه السلام بأنه مهرطق وأنه ليس المسيح الذي ينتظرونه ولذلك خططوا لقتله بدلاً من إتباعه، بل أنتم تؤمنون أنهم قتلوه وصلبوه فعلاً. فكيف تصدقون اليهود وتثقون فيما نقلوه إليكم عن الأنبياء والرسل وتزعمون أنهم حافظوا على التوراة ولم يحرفوها وأنتم رأيتم أقوالهم وأفعالهم مع المسيح وأمه عليهما السلام؟..
ومثلما فعل اليهود مع المسيح عليه السلام، يفعل النصارى مع أشرف المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم فيتطاولون عليه ويسبونه ليل نهار. ولا يجب أن نستغرب من هذا التطاول لأنهم تتلمذوا في مدرسة العهد القديم الذي يزدري الأنبياء والرسل عليهم السلام.
مما سبق يتضح لنا أن الكتاب المقدس يجب أن يكون هو المتهم الأول الحقيقي في جريمة هذا القس لما فيه من نصوص إباحية وإتهامات باطلة للأنبياء والرسل فكان المحرّض وأداة الجريمة في نفس الوقت.
ونسأل ضمائر النصاري: أيهما أولى أن يكون نبي مرسل من عند الله: لوط كما وصفه سفر التكوين أم لوط – عليه السلام – الذي وصفه القرآن الكريم في سورة الأنبياء:
{ وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) }؟.. وأيهما كلام الله سبحانه وتعالى؟..
إقرأ أيضاً
قس يعاشر ابنتيه لتدريبهما على القيام بواجباتهما الزوجية!!
الأسقف الشاذ جنسياً: الكتاب المقدس لا يحرّم الشذوذ الجنسي
اليهود: يسوع إله النصارى إبن زنا.. الكتاب المقدس: يسوع من نسل زناة.. والنصارى صامتون ويفترون على أشرف المرسلين
الكتاب المقدس بلا رقابة: الأجزاء الفاجرة والداعرة
كتاب “بين العصمة والازدراء.. الأنبياء في القرآن والكتاب المقدس” للدكتور محمد عمارة
قس يدير كنيسة لتبادل الزوجات
رئيس منظمة قبطية يعترف: الدعارة منتشرة بالكنائس
فضائح الكنيسة والقساوسة والمنصرين
فضائح نصرانية
المصدر:
http://www.islamegy.com/articles/incest-killer-priest/
ج ـ فماذا عن زنا الأخ بأخته ؟ كما هو وارد في سفر اللاويين 18 :9{ وعَورةُ أُختِكَ اَبنةِ أبيكَ أوِ اَبنةِ أمِّكَ المولودةِ في البيتِ أو في خارجه لا تَكْشِفْها.} هذه هي تعاليم التوراة ومع ذلك فلقد جعل كاتب التوراة ( أمنون ) بن داود عليه السلام يعشق أخته ( تامار) ويحتال عليها ويخلو بها ثم يضطجع معها، والأهم من ذلك كله أن الذي أشار عليه بذلك هو يونادابْ الرجل الصالح الحكيم:
سفر صموئيل الثاني13: 1ـ14 { وكانَ لأبشالومَ بنِ داوُدَ أختٌ جميلةٌ اَسمُها تامارُ، فأحبَّها أمنونُ بنُ داوُدَ. 2وبلَغَ بهِ الحبُّ حَدَ المرضِ، وكانَ مَنالُها صعبًا لأنَّها كانَت عذراءَ. 3وكانَ لأمنونَ صاحبٌ اَسمُهُ يونادابُ بنُ شَمعي أخي داوُدَ، وكانَ يونادابُ رجلاً ذكيُا جدُا. 4فقالَ لَه: «مالي أراكَ يا اَبنَ المَلِكِ تَنغمُّ يومًا فيومًا، ألا تُخبِرُني؟» فقالَ لَه أمنونُ: «أُحِبُّ تامارَ أُختَ أبشالومَ». 5 فقالَ يونادابُ: «نَمْ على سريرِكَ وتَمارَضْ، فإذا جاءَ أبوكَ ليَزورَكَ فقُلْ لَه: «لتَجئْ تامارُ أختي وتُطعِمْني وتُهيِّئِ الطَّعامَ أمامَ عيني فمِنْ يَدِها وحدَها آكُلُ». 6فنامَ أمنونُ وتَمارضَ، فجاءَ المَلِكُ يَزورُهُ، فقالَ لَه أمنونُ: «لِتَجئْ تامارُ أختي وتعمَلْ أمامي كعكَتَينِ وآكُل مِنْ يَدِها».7فأرسلَ داوُدُ يقولُ لتامارَ في القصرِ: «إذهبي إلى بَيتِ أمنونَ أخيكِ واَعمَلي لَه طَعامًا». 8فذهَبت إليهِ وهوَ مُستَلقٍ، فأخذَت دقيقًا وعجنت وعَمِلَت كَعكًا أمامَهُ وقَلَتْهُ. 9وأخذَتِ المِقلاةَ وسكبَت أمامَهُ، فرفضَ أنْ يأكُلَ وقالَ لِمَن حَولَهُ: «أُخرُجوا كُلُّكُم مِنْ عِندي». فخرَجوا جميعًا. 10فقالَ أمنونُ لتامارَ: «أَدخلي الطَّعامَ إلى غُرفَتي فآكُلَ مِنْ يَديكِ». فأخذَت تامارُ الكعكَ وجاءت بهِ إلى أمنونَ أخيها في غُرفَتِهِ. 11وقدَّمَت لَه ليأكُلَ فأمسَكَها وقالَ: «تَعالَي نامي معي يا أُختي». 12فقالَت لَه: «لا تُغصِبْني يا أخي. هذِهِ فاحِشَةٌ لا يفعَلُها أبناءُ إِسرائيلَ، فلا تَفعَلْها أنتَ. 13فأنا أينَ أذهَبُ بعاري؟ وأنتَ، ألا تكونُ كواحدٍ مِنَ السُّفهاءِ في إِسرائيلَ، فكلِّمِ المَلِكَ، فهوَ لا يَمنَعُني عَنكَ». 14فرفَضَ أنْ يَسمعَ لِكلامِها، وهجمَ علَيها واَغتَصَبها.15ثُمَ أبغضَها أمنونُ بُغضًا أشدَ مِنَ الحُبِّ الذي أحبَّها إيَّاهُ، وقالَ لها: «قومي اَنصَرِفي». 16فقالَت لَه: «لِماذا تَطرُدُني؟ هذا شَرًّ أعظَمُ مِمَّا فَعلتَهُ بي». فرفَضَ أنْ يسمَعَ لها 17ودَعا خادِمَهُ وقالَ لَه: «أخرِج هذِهِ عنِّي وأغلِقِ البابَ وراءَها». 18وكانَ علَيها ثوبٌ موشُى، لأنَّ بَناتِ المَلِكِ العذارى كُنَّ يَلبَسنَ مِثلَهُ. فأخرَجها الخادِمُ وأغلَقَ البابَ وراءَها. 19فذرَّتْ تامارُ رمادًا على رأسِها، ومزَّقت ثوبَها الموشَّى وغَطَّت وجهَها بِيَدِها وراحت تبكي عاليًا.}.
د ـ فماذا عن زنا الرجل بزوجة أبيه أليست هي أمه ؟ و العجيب أن رَأوبينُ بن يعقوب البكر قد زنى ببِلْهَةَ زوجة أبيه وأم أخويه دان ونفتالي وشاع الخبر حتى علمه يعقوب فماذا فعل عليه السلام ؟ عليك بقراءة سفر التكوين 35: 22 وقبل عرضنا لما هو موجود بالسفر دعنا نذكر بما هو مكتوب في سفر اللاويين 18ـ 8 { 7لا تَكشِفْعَورةَ أبيكَ بكَشْفِ عَورةِ أمِّكَ. فهِيَ أمُّكَ، لا تَكْشِفْعَورتَها. 8وعَورةُ زوجةِ أبيكَ لا تَكْشِفْها، فهيَ عَورةُ أبيكَ.}.
سفر التكوين 35: 22 { 20ونصبَ يعقوبُ عَمودًا على قبرِها، وهوَ عَمودُ قبرِ راحيلَ إلى اليومِ. 21ثُمَ رحَلَ يعقوبُ مِنْ هُناكَ ونصبَ خيمتَه على الجانبِ الآخرِ مِنْ مَجدَلِ عِدْرٍ. 22وبَينَما هوَ ساكِنٌ في تِلكَ الأرضِ ذهَبَ رَأوبينُ فضاجعَ بِلْهَةَ، مَحظِيَّةَ أبيهِ، فسَمِعَ بِذلِكَ يعقوبُ.}.
ه ـ فماذا عن الزنا بالكنة أو زنا الرجل بزوجة ابنه ؟ لقد جعل كاتب التوراة يهوذا بن يعقوب يستولد ثامار زوجة ابنه البكر ولديها ( فارص) و( زارح ) فلقد جاء في سفر كما هو وارد بسفر التكوين 38: 6ـ30 مخالفاً بذلك ما جاء بسفر اللاويين 18: 15{15وعَورةُ كنَتِكَ لا تَكْشِفْها، فهيَ زوجةُ اَبنِكَ. 16ولا تَكْشِفْعَورةَ زوجةِ أخيكَ، فهيَ عَورةُ أخيكَ. }.
وإليك القصة بتمامها مشفوعة بتعليق واف :
سفر التكوين 38: 6ـ30 { وفي ذلِكَ الوقتِ فارقَ يَهوذا إخوتَه وذهَبَ إلى رجلٍ عَدُلاَميٍّ اَسمُه حيرَةُ. 2ورأى يَهوذا هُناكَ بنتَ رجلٍ كنعانيٍّ اسمُه شُوعٌ، فأخذَها ودخل علَيها 3فحَبِلت ووَلَدَتِ اَبنًا فسَمَّاه عيرًا. 4وحَبِلَت أيضًا ووَلَدَت اَبنًا فَسَمَّتْهُ أونانَ. 5وعادَت فوَلَدَتِ اَبنًا وسمَّتْهُ شيلَةَ. وكانَ في كَزيبَ حينَ ولَدَتْهُ. 6وأَخذَ يَهوذا زوجةً لِعيرَ اَبنِهِ البِكْرِ، اَسمُها ثامارُ. 7وكانَ عيرُ هذا شرِّيرًا في نظَر الرّبِّ، فأماتَهُ الرّبُّ. 8فقالَ يَهوذا لأونانَ: «أدخلْ على اَمرأةِ أخيكَ فتَزَوَّجها وأقِمْ نسلاً لأخيكَ». 9وعَلِمَ أونانُ أنَّ النَّسلَ لا يكونُ لَه، فكانَ إذا دخل على اَمرأةِ أَخيهِ أَفرَغَ مَنيَّهُ على الأرضِ لئلاَ يَجعَلَ نسلاً لأخيهِ. 10فاَستاءَ الرّبُّ بِما فعَلَهُ أُونانُ، فأماتهُ أيضًا. 11فقالَ يَهوذا لِتامارَ كَنَّتِه: «بِما أَنَّكِ أرملةٌ أقيمي في بَيتِ أَبيكِ حتى يكبُرَ شيلَةُ اَبني». قالَ هذا مَخافةَ أَنْ يموتَ شيلةُ أيضًا كأخوَيهِ. فذَهَبَت تامارُ وأقامت في بَيتِ أبيها. 12ولمَّا طالتِ المُدَّةُ وماتتِ اَبنةُ شُوعَ، اَمرأةُ يَهوذا، صَعِدَ يهوذا بَعدَ أيّامِ العزاءِ إلى حيثُ كانَ غنَمُه يُجزُّ في تِمْنَةَ، هوَ وصاحِبُهُ حِيرَةُ العَدُلاَميُّ. 13وقِيلَ لتامارَ: «ها حَمُوكِ صاعِدٌ إلى تِمْنَةَ لِجزِّ غنَمِهِ». 14فخلَعَت ثيابَ ترَمُّلِّها، وتَغَطَّت بالبُرقُعِ واستَتَرت وجلسَت في مدخل عَينايِمَ، على طريقِ تِمنَةَ. فعَلَت ذلِكَ لأنَّها رأت أنَّ شيلةَ اَبنَ يهوذا كَبُرَ ولم تُزوَّج بِهِ. 15فرآها يَهوذا فحَسِبَها زانيةً لأنَّها كانت تُغطي وجهَها. 16فمالَ إليها في الطَّريقِ وقالَ لها: «تعالَي أدخلْ علَيكِ» وكانَ لايَعلَمُ أنَّها كَنَّتُه. فقالت: «ماذا تُعطيني حتى تدخلَ عليَّ؟»17قالَ: «أُرسِلُ لكِ جديًا مِنَ الماشيةِ». قالت: «أعطِني رَهْنًا إلى أنْ تُرسِلَهُ». 18قالَ: «ما الرَّهنُ الذي أُعطيكِ؟» قالت: «خاتَمُكَ وعِمامَتُكَ وعصاكَ الَّتي بيدِكَ». فأعطاها ودخلَ علَيها، فحَبِلت مِنهُ. 19ثُمَ قامت، فذَهبت إلى بَيتها وخلَعَت بُرْقُعَها ولَبِسَت ثِيابَ ترَمُّلِها. 20وأَرسلَ يَهوذا جديًا معَ صاحِبهِ العَدُلاَميِّ لِيَفُكَ الرَّهْنَ مِنْ يدِ المَرأةِ فلم يَجدْها. 21فسأل المُقيمينَ هُناكَ: «أينَ البَغيُّ التي كانت في عَينايِمَ على الطَّريقِ؟» قالوا: «ما كانت هنا بَغيٌّ». 22فرَجعَ إلى يَهوذا وقالَ لَه: «لم أجدْها، والمُقيمونَ هُناكَ أيضًا قالوا: ما كانت هنا بَغيٌّ». 23فقالَ يَهوذا: «لِتَحتَفِظْ بِما لي عِندَها لِئلاَ تلحقَنا المهانَةُ كيفَ أرسلتُ أنا الجديَ، وأنتَ لم تَجدْها». 24وبَعدَ مُرورِ نحوَ ثلاثةِ أَشهرٍ قِيلَ لِيهوذا: «زَنَت تامارُ كَنَّتُكَ، وها هيَ حُبلى مِنَ الزِّنى». فقال يَهوذا: «أَخرِجوها وأحرِقُوها». 25وبَينَما هُم يُخرجونَها أرسَلَت إلى يَهوذا حَميِّها تقولُ: «تحَقَّقْ لِمَنْ هذا الخاتَمُ والعِمامَةُ والعصا، فأَنا حُبلى مِنه». 26فتَحَقَّقَها يَهوذا وقالَ: «هيَ أَصدَقُ منِّي. كانَ عليَ أنْ أُزوِّجها لِشيلَةَ اَبني». ولم يَعُدْ أيضًا يُضاجعُها. 27ولمَّا جاءَ وقتُ وِلادَتِها كانَ في بَطنِها تَوأَمانِ. 28وبَينَما هيَ تَلِدُ أَخرَج أحدُ التَّوأَمَينِ يَدَهُ، فأمسَكَتْها القابِلَةُ وعَقَدَت علَيها خيطًا قِرْمِزِيُا وقالت: «هذا خرَج أوَّلاً». 29فلمَّا رَدَ يَدهُ خرَج أخوهُ فقَالت: «لماذا قَطَعْتَ الخيطَ؟ علَيكَ القَطِيعَةُ». فَسُمِّيَ فارِصَ. 30ثُمَ خرَج أَخوه وعلى يَدِهِ خيط القِرمِزِ، فَسُمَّيَ زارَحَ. }.
التعليق على القصة:
إن قصة يهوذا كما وردت بسفر التكوين 38: 6ـ30 تثير تساؤلات عدة، فإنه طبقاً لأحداث التوراة يكون عمر يهوذا عند دخول مصر 42 سنة، ولكي تحدث القصة في هذه المدة فيجب أن يتزوج يهوذا وعمره 12 سنة وأن يتزوج ابنه عير وعمره 12 سنة وأن يتزوج ابنه فارص أيضاً وعمره 11 سنة وذلك لكي ينجب حصرون قبيل دخول مصر مباشرة وهذا مستحيل جداً سواء من الناحية العقلية أو التاريخية مما يؤكد كلام السموءل عند تعليقه على قصة زنا نبي الله لوط بابنتيه، وهذا التعليق الذي نسوقه إنما ندافع به عن يهوذا وأنه أبداً لم يزن بكنته وإن كان الحدث نفسه يمكن أن يستدل به في موقع أخر عن تناقض الأحداث مع الأعمار وهي كثيرة جداً في التوراة، ففي هذه القصة ( زنا يهوذا بكنته) نجد أنه لو ذكر عمر يهوذا حين تزوج وحين كبر أبناؤه ثم تزوجوا ثم ماتوا ثم انتظار كنته حتى تتزوج من ابنه ثم زنى يهوذا بها ثم يكبر ابنها وينجب وكل ذلك وعمر يهوذا 42 سنة فقط ؟ حتما لن يصدق أحدٌ كاتب التوراة فلماذا يورط كاتب التوراة نفسه بكتابة الأعمار ؟ مجرد سؤال.
ويترتب على تناقض الأعمار في القصة التوراتية أن يهوذا قد تزوج وأنجب قبل إنجاب يعقوب لبنيامين وقبل أن يشترك في قتل أهل شكيم، ولم تشر التوراة إلى زواج يهوذا في ذلك الوقت، والأقرب إلى الصحة هو أن حادثة بيع يوسف في مصر جاء في نهاية الإصحاح 37 من سفر التكوين ثم تلاه مباشرة بداية الإصحاح 38 من نفس السفر حيث يقول:{ وحدث في ذلك الزمان } ـ أي زمان المؤامرة على التخلص من يوسف عليه السلام ـ
ثم يحكي السفر قصة زواج يهوذا، ولذلك فإن القصة المحتملة الحدوث هي أن زواج يهوذا وهو أكبر من يوسف بأربع سنوات قد حدث قبيل بيع يوسف، وعليه يكون يهوذا قد تزوج وعمره 20 سنة وأنجب عير وأونان وشيلة حتى سن 23 سنة ثم تزوج من ثامار وعمره 24 سنة وأنجب فارص وزارح وعمره 25 سنة، فإذا تزوج فارص وعمره 15 سنة وأنجب حصرون وعمره 16 سنة ( وهذا أيضاً سن صغير للزواج ) يكون عمر يهوذا 42 سنة عند دخوله لمصر ويكون عمر حصرون سنة واحدة في ذلك الوقت ـ انظر القصة المحتملة من الجدول التالي ـ وفي هذه الحالة تكون ثامار ليست كنته فهي إما زوجته أو سريته، وأن حادث زنا يهوزا بثامار مستبعد، لأنه لو حدث لما دخل داود في جماعة الرب فقد ورد في تثنية 23: 3 { 3ولا يدخلِ اَبْنُ زِنىً، ولا أحدٌ مِنْ نَسلِهِ، في جماعةِ المُؤمنينَ بالرّبِّ، ولو في الجيلِ العاشرِ. }.
ورغم أن داود عليه السلام هو الجيل العاشر ليهوذا والتاسع لفارص ولا يجب أن يدخل في جماعة الرب ومع ذلك فلقد دخل في جماعة الرب وهو من سلالة ابن زنا.
والعجيب أن كاتب سفر إشعياء ذكر في الإصحاح 7: 13، 14 بشارة الرب لآحاز فقال:
( 13أمَّا إشَعيا فقالَ: «إسمَعوا يا بَيتَ داودَ! أما كفاكُم أنْ تُضْجروا النَّاسَ حتى تُضْجروا إلهي أيضًا؟ 14ولكنَّ السَّيِّدَ الرّبَّ نفْسَهُ يُعطيكُم هذِهِ الآيةَ: ها هيَ العذراءُ تحبَلُ وتلِدُ اَبنًا وتدعو اَسمَهُ عِمَّانوئيلَ. ).
والأكثر عجباً أننا نجد القديس متى يحاول جعل نسب السيد المسيح يتصل بداود حتى تتحقق هذه البشارة على السيدة مريم البتول ولتنطبق على عيسى عليه السلام حيث يقول:
[ 22حَدَثَ هذا كُلٌّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبٌّ بلِسانِ النَّبـيَّ ـ إشعياء ـ : 23"سَتحْبَلُ العَذْراءُ، فتَلِدُ اَبْناً يُدْعى "عِمّانوئيلَ"، أي الله مَعَنا].
وإليك النص بتمامه من انجيل متى 1: 18ـ 23:
( 18وهذِهِ سيرَةُ ميلادِ يَسوعَ المَسيحِ: كانَت أُمٌّهُ مَريَمُ مَخْطوبَةً ليوسفَ، فَتبيَّنَ قَبْلَ أنْ تَسْكُنَ مَعَهُ أنَّها حُبْلى مِنَ الرٌّوحِ القُدُسِ. 19وكانَ يوسفُ رَجُلاً صالِحًا فَما أرادَ أنْ يكْشِفَ أمْرَها، فَعزَمَ على أنْ يَترُكَها سِرُا. 20وبَينَما هوَ يُفَكَّرُ في هذا الأمْرِ، ظَهَرَ لَه مَلاكُ الرَّبَّ. في الحُلُمِ وقالَ لَه: "يا يوسفُ اَبنَ داودَ، لا تخَفْ أنْ تأخُذَ مَرْيمَ اَمرأةً لكَ. فَهيَ حُبْلى مِنَ الروحِ القُدُسِ، 21وسَتَلِدُ اَبناً تُسمّيهِ يَسوعَ، لأنَّهُ يُخَلَّصُ شعْبَهُ مِنْ خَطاياهُمْ". 22حَدَثَ هذا كُلٌّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبٌّ بلِسانِ النَّبـيَّ: 23"سَتحْبَلُ العَذْراءُ، فتَلِدُ اَبْناً يُدْعى "عِمّانوئيلَ"، أي الله مَعَنا
 
ملخص ما سبق كله في جدول مقارن



556085159.jpg

374163569.jpg

764651553.jpg




وتعليق أخر على ما ورد في القصة من حرق ثامار:

فلقد ذكر السفر في 38 : 24{ 24وبَعدَ مُرورِ نحوَ ثلاثةِ أَشهرٍ قِيلَ لِيهوذا: «زَنَت تامارُ كَنَّتُكَ، وها هيَ حُبلى مِنَ الزِّنى».
فقال يَهوذا: «أَخرِجوها وأحرِقُوها». 25وبَينَما هُم يُخرجونَها أرسَلَت إلى يَهوذا حَميِّها تقولُ: «تحَقَّقْ لِمَنْ هذا الخاتَمُ والعِمامَةُ والعصا، فأَنا حُبلى مِنه».} .

إن أمر حرق ثامار يدل على:

إن كاتب القصة في التوراة قد طبق شريعة موسى ـ التي لم تكن قد نزلت بعد ـ على ثامار، لأن الأمر بحرق الزانية لم يكن قبل شريعة موسى عليه السلام.

2ـ إن كاتب القصة في التوراة قد أخطأ في تطبيق شريعة موسى على حالة ثامار، فعقوبة حرق الزانية مشروط بأن تكون الزانية ابنة كاهن، أي من سبط لاوي فقط، فلقد جاء في سفر التثنية 21: 9 { وإذا تدنست ابنة الكاهن بالزنا فقد دنست أباها، تحرق بالرجم } أما غير سبط لاوي فإن العقوبة تكون بالرجم، كما هو في تثنية 22: 23، 24{ 23وإذا كانَت فتاةٌ بِكْرٌ مخطوبةً لِرجلٍ، فصادَفَها رَجلٌ في المدينةِ فضاجعَها، 24فأخرِجوهُما إلى بابِ تِلكَ المدينةِ واَرْجموهُما بِالحجارةِ حتى يموتا، لأنَّ الفتاةَ لم تصرُخ صُراخ النَّجدةِ وهيَ في المدينةِ، ولأنَّ الرَجلَ ضاجعَ فتاةً مخطوبةً لِرَجلٍ مِنْ بَني إِسرائيلَ. هكذا تُزيلونَ الشَّرَ مِنْ بَينِكُم.}.

وبناء عليه فلقد كان الجزاء للسيدة مريم أم المسيح هو الحرق لو ثبت عليها جريمة الزنا لأنها من سبط لاوي، وعدم حرقها مع ظهور دليل الاتهام بولادتها للسيد المسيح من غير أب يدل على أن السيد المسيح قد تكلم في المهد فأثبت براءتها وإلا لأحرقت بموجب ناموس موسى عليه السلام والسؤال الآن لماذا لم تحرق مريم البتول وأين دليل براءتها ؟.

وـ الأختان الزانيتان هذا هو عنوان سفر حزقيال 23: 1ـ 20 الأختان الزانيتان نعم هذا هو العنوان فهل يعقل أن يكون ذلك عنوان مقدس وهل تستحقان بالفعل أن يقدس ذكرهما( وقالَ ليَ الرّبُّ: 2«يا اَبنَ البشَرِ، كانَتِ اَمرأتانِ، اَبنَتا أُمٍّ واحدةٍ، 3وزنَتا في صِباهما في مِصْرَ. هُناكَ دغدغوا ثَدْييهِما وداعبوا نُهودَ بكارتِهِما. 4وكانَ إِسمُ الكُبرى أهولةَ واَسمُ أختِها أهوليبةَ. أهولةُ هيَ السَّامرةُ وأهوليبةُ هيَ أُورُشليمُ. تَزوَّجتُهُما فأنجبتا ليَ البنينَ والبَناتِ.5«فزنَت أهولةُ عليَ وعَشِقت مُحبِّيها بَني أشُّورَ جيرانِها، 6مِنْ لابسي الأرجوانِ، والحُكَّامِ والوُلاةِ، وجميعِ الفتيانِ الأقوياءِ، والفُرسانِ راكبي الخيلِ. 7وأغدقت فَواحشَها على جميعِ النُّخبةِ مِنْ بَني أشُّورَ وتنجست بأصنامِ جميعِ الذينَ عَشِقَتْهُم. 8وما أقلعت عَنْ فَواحشَ اَتَّخذتْها في مِصْرَ، حَيثُ ضاجعوها في صِباها وداعبوا نُهودَ بكارتِها وأفرغوا شهوتَهُم علَيها. 9لذلِكَ أسلَمتُها إلى أيدي مُحبِّيها بَني أشُّورَ الذينَ عَشِقَتْهُم. 10هُم عَرَّوها بَعدَ أنْ أخذوا بَنيها وبَناتِها وقتلوها بالسَّيفِ، فصارَت عِبرةً للنِّساءِ بما أصابَها مِنَ العقابِ.11«فرأت أختُها أهوليبةُ ما فعلَتْهُ أهولةُ، فزادت علَيها فسادًا في عِشقِها وتفوَّقَت علَيها في فَواحشِها، 12فعشِقَت بَني أشُّورَ مِنَ الحُكَّامِ والوُلاةِ جيرانِها لابسي الثِّيابِ الفاخرةِ، والفُرسانِ راكبي الخيلِ وجميعِ الفتيانِ الأقوياءِ. 13فرأيتُ أنَّها تنجست وأنَّ لها ولأختِها طريقًا واحدًا، 14لكنَّها زادت على فَواحشِها حينَ رأت صُوَرَ رجالٍ مِنَ البابليِّينَ منقوشةً بالأحمرِ على الحائطِ، 15حَولَ خُصورِهِم أحزِمةٌ وعلى رؤوسِهِم عَمائِمُ مُتهدِّلةٌ، ولجميعِهِم منظَرُ القادةِ الكبارِ مِنْ بَني بابلَ في أرضِ مولدِهِم. 16فما إنْ لمَحتهُم عيناها حتى عشِقَتهُم، وأرسلتْ إليهِم رُسُلاً إلى أرضِ البابليِّينَ. 17فجاءَها بَنو بابلَ واَرتكبوا معَها الفحشاءَ ونجسوها، فتنجست بهِم ثم عافتهُم نفسُها. 18وأظهرت فَواحشَها وتعرَّت، فعافتها نفْسي كما عافت نفْسي أختَها. 19وأكثرت فَواحشَها لتتذكَّرَ أيّامَ صِباها التي زنت فيها في أرضِ مِصْرَ، 20وعَشِقت رجالاً في شهوةِ الحميرِ والخيل. 21هكذا يا أهوليبةُ اشتَقتِ إلى فُجورِ صِباكِ، حينَ داعبَ المصريُّونَ نهدَيكِ وثَدييكِ الفتيَّينِ.).

زـ فماذا عن الأدب المكشوف في الكتاب المقدس ؟؟ ، إن نشيد الإنشاد كله أدب مكشوف يستحي المرء من ذكره أمام بناته ولولا أنه جاء ذكره في الكتاب المقدس كمتن موحى به من الله العلي القدير ما جرأت على تضمينه هذه الصفحات ولكن ما العمل إذا كانت طبيعة البحث تفرض نفسها على الباحث ولسوف نكتفي من نشيد الإنشاد بالإصحاح السابع فقط :

إن الحبيب العاشق في سفر نشيد الإنشاد يبتكر طريقة جديدة في الغزل، إنه يبدأ في وصف جسد حبيبته العاري تماما ولكن من أسفل إلى أعلى، ولعل هذه الطريقة هي التي أضفت على كلامه قدسية خاصة إذ أنه من المألوف عند العشاق إن يبدؤوا وصف المحبوبة من أعلى إلي أسفل ولعله كان يستحق جائزة نوبل على أدبه المكشوف والذي لا تجد له نظيراً في أي كتاب من كتب الجنس المكشوف، إن الحبيب الولهان بعد أن قضى وطره من عشيقته راح يتأملها ويتغزل فيها وهي نائمة على الفراش عارية تماما فيما عدا النعلين !! وتعالى معي نقرأ الكلام المقدس من سفر نشيد الإنشاد 7: 1ـ 9 :

إنه يقول في كلام مقدس منادياً إياها { يا بِنتَ الأميرِ! }..

ثم نراه وقد راح يصف الرجلين أولاً وكيف أن النعلين قد أضفيا عليهما جمالاً وفي كلام مقدس يقول { مَا أْجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِاَلنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ اَلْكَرِيمِ } ثم ها هو يرتفع قليلاً فوق النعلين ليصل إلى الفخذين فيصفهما في كلام مقدس ويقول { دوائِرُفَخذَيكِ حِليٌّ

صاغَتْها يَدٌ ماهِرةٌ. } . ثم يرتفع ليصف لنا بطنها الناعمة وذلك في كلام مقدس { وبَطنُكِ عَرَمَةُ حِنطَةٍ،يُسَيِّجها السَّوسَنُ. } ولا ينسى أن يذكر لنا سُرَّتُها المستديرة والتي هي كالكأس التي لا ينقصها الخمر فنراه يقول في كلام مقدس جداً { سُرَّتُكِ كأسٌ مُدَوَّرَةٌ مَزيج خمرِها لا يَنقُصُ، }. ولست أدري لماذا أغفل هذا العاشق الفاجر ذكر ما بين الفخذين، فلقد وصف لنا في كلام مقدس الرجلين والنعلين والبطن والسرة فلماذا عَرَّضَ هنا ؟ ، إنه ضليع بمفردات اللغة فالمحذوف تعريضاً يأخذ حكم الموجود، ثم ها هو يرتفع قليلاً بعد السُرَّةِ ليصف لنا الثديين في كلام مقدس جداً فنراه يقول { ثَدياكِ تَوأما ظَبْيَةٍ صغيرانِ بَعدُ. } ثم يرتفع قليلاً ليصف لنا العنق الأبيض العاجي فيقول في كلام مقدس جداً { عُنُقُكِ بُرْج مِنَ العاج، }، وها هو يصف لنا نفسه وهو يرتشف من حَنَكُها فيقول في كلام مقدس { وريقُكِ خمرٌ طَيِّبَةٌ تَسُوغُ رَقراقَةً للحبيبِ على الشِّفاهِ والأسنانِ.}، ولا ينسى أن يصف زفراتها الحارة وأن رائحة أنفها كالتفاح {عَبيرُ أنفِكِ كالتُّفاحِ، } ولا يفوته ذكر الأنف طبعاً فهو صاحب العبير التفاحي فيقول في كلام مقدس { أنفُكِ كبُرج لبنانَ المُشرِفِ على دِمَشقَ.} ومن وصف الأنف إلى وصف العينين { وعيناكِ كبِركتَي حَشبونَ عِندَ بابِ بَيتَ رَبيمَ. } ومن وصف العينين إلى وصف شعر الرأس وخصلاته فيذكر ذلك الوصف في كلام مقدس حيث يقول { وشَعرُرأسِكِ أُرجوانٌ. جدائِلُهُ تَأْسُرُ المَلِكَ.} وبعد وصفه للعنق والفم والأنف والعين والشعر نراه يُجمل هذا كله بمديحه للرأس في كلام مقدس حيث يقول { رأسُكِ مُكلَّلٌ كالكَرمَلِ، } وبعد التفاصيل الدقيقة يصفها لنا دفعة واحدة فيشبهها بالنخلة ـ لقد عرفنا من التشبيه أنها كانت طويلة ـ ويشبه ثدياها بالعناقيد فيقول في كلام مقدس جداً { قامَتُكِ مِثلُ النَّخلةِ، وثَدياكِ كَعناقيدِها.}.

وبعد ذلك رأيناه لم يطق صبرا فلقد اعتلى النخلة وراح يلتهم العناقيد التهاماً وذلك في مشهد مقدس مهيب { قُلتُ أصعَدُ النَّخلةَ وأتعلَّقُ بِأغصانِها، فيكونُ ثَدياكِ لي كَعناقيدِ الكَرمِ } وطبعاً حينما صعد النخلة كانت النخلة ممدة على السرير وكانت النخلة عارية إلا من النعلين وحينما كان يلتهم العناقيد لا ينسى أن يذكر لنا زفراتها ورائحة أنفها وكان يرتشف من ريقها ويعض على أسنانها خشية ألا يفوته شيئا من ريقها الذي هو كالخمر فنراه يصف هذا المشهد المهيب في كلام مقدس جداً { عَبيرُ أنفِكِ كالتُّفاحِ، وريقُكِ خمرٌ طَيِّبَةٌ تَسُوغُ رَقراقَةً للحبيبِ على الشِّفاهِ والأسنانِ }.

وعليك إعادة قراءة النص المقدس بخشوع مرة أخرى ولا تنسى أنك تتعبد بما تقرأ:

1يا بِنتَ الأميرِ!

مَا أْجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِاَلنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ اَلْكَرِيمِ

2دوائِرُ فَخذَيكِ حِليٌّ

صاغَتْها يَدٌ ماهِرةٌ.

3سُرَّتُكِ كأسٌ مُدَوَّرَةٌ

مَزيج خمرِها لا يَنقُصُ،

وبَطنُكِ عَرَمَةُ حِنطَةٍ،

يُسَيِّجها السَّوسَنُ.

4ثَدياكِ تَوأما ظَبْيَةٍ

صغيرانِ بَعدُ.

5عُنُقُكِ بُرْج مِنَ العاج،

وعيناكِ كبِركتَي حَشبونَ

عِندَ بابِ بَيتَ رَبيمَ.

أنفُكِ كبُرج لبنانَ

المُشرِفِ على دِمَشقَ.

6رأسُكِ مُكلَّلٌ كالكَرمَلِ،

وشَعرُ رأسِكِ أُرجوانٌ.

جدائِلُهُ تَأْسُرُ المَلِكَ.

7جميلةٌ أنتِ يا حبيبةُ!

ما أحلى دَلالَكِ.

8قامَتُكِ مِثلُ النَّخلةِ،

وثَدياكِ كَعناقيدِها.

9قُلتُ أصعَدُ النَّخلةَ

وأتعلَّقُ بِأغصانِها،

فيكونُ ثَدياكِ لي

كَعناقيدِ الكَرمِ

عَبيرُ أنفِكِ كالتُّفاحِ،

10وريقُكِ خمرٌ طَيِّبَةٌ

تَسُوغُ رَقراقَةً للحبيبِ

على الشِّفاهِ والأسنانِ.

فهل هذا كلام يُثاب المرء عليه أثناء تلاوته صباح مساء والتعبد به ؟.

ح ـ فماذا عن رب النبي المبتهل داود ؟. بصرف النظر عن التحربف المتعمد في سير الأنبياء والمرسلين كلهم إلا أنني قد اخترت النبي المبتهل داود وولده سليمان عليهما السلام نظراً لعلو مكانتهما عند بني إسرائيل، و العجيب في الأمر أنك تجد عتاب الله لكليهما في منتهى العجب فالله سبحانه وتعالى بعد أن عاتب نبيه المبتهل على زناه بامرأة أوريا بعد قتله إياه العجيب أن كاتب سفر صموئيل الثاني 12: 9ـ13 جعل الرب القدير أشّر من نبيه داود عليه السلام ـ تعالى الله علواً كبيراً ـ فما فعله داود في السر فعل الرب القدير أكثر منه في العلن إذ أنه ـ الرب القدير ـ قد سلط على داود من يزني بنسائه أمام عينيه وفي وضح النهار وأمام عيون جميع بني إسرائيل !! أيعقل هذا ؟.

{ 7فقالَ ناثانُ لَه: «أنتَ هوَ الرَّجلُ. هذا ما قالَ الرّبُّ إلَهُ إِسرائيلَ: أنا مَسحتُكَ مَلِكًا على بَني إِسرائيلَ، وأنقَذتُكَ مِنْ يَدِ شاوُلَ، 8وأعطيتُكَ بَيتَهُ وزَوجاتِهِ، وجعَلتُكَ مَلِكًا على إِسرائيلَ ويَهوذا معًا، وإنْ كانَ ذلِكَ قليلاً فأنا أُضاعِفُهُ لكَ. 9فلماذا اَحتقرتَ كلامي واَرتَكَبتَ القبيحَ في عينيَ؟ قتَلتَ أوريَّا الحثِّيَ بالسَّيفِ، سَيفِ بَني عَمُّونَ، وأخذتَ اَمرأتَهُ زوجةً لكَ. 10والآنَ جيلاً بَعدَ جيلٍ لن يموتَ أحدٌ مِنْ نسلِكَ إلاَّ قتلاً، لأنَّكَ فعَلتَ هذا». 11«وهذا أيضًا ما قالَ الرّبُّ: ها أنا أُثيرُ علَيكَ الشَّرَ مِنْ أهلِ بَيتِكَ، وآخذُ زوجاتِكَ وأدفَعُهُنَّ إلى قَريبكَ فيُضاجعُهُنَّ في وضَحِ النَّهارِ. 12أنتَ فعلتَ ذلكَ سِرُا، وأنا أفعلُ هذا الأمرَ على عُيونِ جميعِ بني إِسرائيلَ وفي وضَحِ النَّهارِ». 13فقالَ داوُدُ لناثانَ: «خطِئتُ إلى الرّبِّ». فقالَ لَه ناثانُ: «الرّبُّ غفَرَ خطيئتَكَ فلا تموتُ. 14ولكنْ لأنَّكَ اَستهَنتَ بالرّبِّ بِفِعلِكَ هذا، فالاَبنُ الذي يُولَدُ لكَ يموتُ». 15واَنصرَفَ ناثانُ إلى بَيتِهِ. }.

ط ـ بالنسبة لأخبار نبي الله سليمان نجل نبي الله داود عمد كاتب التوراة إلى تشويه سيرته العطرة تشويها لا يليق بصعلوك من الصعاليك فما بالك بنبي مرسل من الله العلي القدير، فلقد عمد كاتب التوراة إلى جعله متهماً وطعيناً في دينه وخلقه ودنياه ففي سيرته المذكورة بسفر الملوك الأول 11: 1ـ 12 نجده عليه السلام قد ارتمى في أحضان نسوة وثنيات، وكان الرب قد نهاه عنهن إلا أنهن استطعن أن يملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب وعبد عليه السلام عشتروت إلهة الصيدونيين وعمل الشر في عيني الرب كما أنه كان متزوجاً من سبع مائة من النساء وثلاث مائة من السراري ومع كل ذلك أوصاه الرب أن لا يتبع آلهة أخرى إلا أنه لم يحفظ ما أوصى به الرب:

{ وأحبَ المَلِكُ سُليمانُ فَضلاً عَنِ اَبنَةِ فِرعَونَ نِساءً غريباتٍ مِنَ الموآبيِّينَ والعَمُّونيِّينَ والأدوميِّينَ والصَّيدونيِّينَ والحِثِّيِّينَ 2ومِنَ الأُمَمِ التي عناها الرّبُّ في قولِهِ لِبَني إِسرائيلَ: «لا تختَلِطوا بِهِم، ولا يختَلِطوا بِكُم. فهُم يَميلونَ بِقُلوبِكُم إلى آلِهتِهِم». فتَعَلَّقَ بِهِنَّ سُليمانُ حُبُا. 3وكانَ لَه سَبْعُ مئةِ زَوجةٍ مِنَ الأميراتِ وثَلاثُ مائة جاريةٍ، فأزاغَت نِساؤُهُ قلبَهُ. 4وفي زمَنِ شيخوختِهِ مالَت زَوجاتُهُ بِقلبِهِ إلى آلِهةٍ غريبةٍ، فلم يكُنْ قلبُهُ مُخلِصًا لِلرّبِّ إلهِهِ كما كانَ قلبُ أبيهِ داوُدَ. 5وتَبِعَ سُليمانُ عَشتَروتَ إلهَةَ الصَّيدونيِّينَ ومَلكومَ إلهَ بَني عَمونَ. 6وفعَلَ الشَّرَ أمامَ عينَي الرّبِّ ولم يَتبَعِ الرّبَّ بِكُلِّ قلبِهِ مِثلَ داوُدَ أبيهِ. 7وبَنى في الجبَلِ الذي قُبالَةَ أورُشليمَ مَعبَدًا لِكموشَ إلهِ موآبَ، ولِمولَكَ إلهِ بَني عَمُّونَ. 8وكذلِكَ بَنى مَعابِدَ لآلِهَةِ جميعِ نِسائِهِ الغريباتِ حتى يَحرُقْنَ البَخورَ ويُقَدِّمْنَ الذَّبائِحَ لها.

9فغَضِبَ الرّبُّ على سُليمانَ لأنَّ قلبَهُ مالَ عَنِ الرّبِّ إلهِ إِسرائيلَ الذي تجلَّى لَه مرَّتَينِ 10وأمرَهُ أنْ لا يَعبُدَ آلِهَةً أُخرى، فلم يعمَلْ بِما أمرَهُ بهِ الرّبُّ. 11فقالَ الرّبُّ لِسُليمانَ: «بِما أنَّكَ لا تحفَظُ عَهدي ولا تعمَلُ بِفَرائِضي التي أمَرتُكَ بِها، فسآخذُ المَملكَةَ مِنْ يَدِكَ وأُعطيها لِرَجلٍ مِنْ رِجالِكَ. 12لكنِّي لا آخذُها في أيّامِكَ إكرامًا لِداوُدَ أبيكَ، بل مِنْ يَدِ اَبنِكَ. 13ولا آخذُ المَملكَةَ كُلَّها مِنْ يَدِهِ، بل أُبقي لَه سِبْطًا واحدًا إكرامًا لِداوُدَ عَبدي ولأُورُشليمَ التي اَختَرْتُها».}.

ي ـ فماذا عن نبي الله هوشع؟ لقد أمره الرب القدير بأن يتزوج من زانية ويستولدها أولاد زنى، لماذا ؟ لأن الرب القدير قد غضب على من يرتكب جريمة الزنا في الخفاء وليس في العلن، إن الرب القدير يشجع على الفاحشة ويريد من الزناه أن يمارسوا الزنا علنية أمام الكل وليس في الخفاء، الأمر الذي يجعل المرء يقف أمام أفلام الجنس التي تصدر عن هوليوود وقفة خشوع لأنهم يتيحون الفرصة لمن فاته رؤية مشهداً جنسياً يؤدى في الطريق العام كما هو الحال في جميع دول أوربا فتراهم ينتجون ويروجون لأفلام جنسية ويمنحون أبطالها جوائز الأوسكار نظراً لأدائهم مهمتهم المقدسة كما يأمرهم بذلك كتابهم المقدس إذ أن ارتكاب الزنا خلف الأسوار وداخل حجرات مغلقة مخالفة ربانية ويتعين عليهم فعلها في العلن وليس في السر وهو ما لا يرضى عنه الرب ونظراً لرسالة الأنبياء السامية كان يتعين على هوشع أن يبدأ بنفسه وليتخذ لنفسة امرأة زانية ولينجب منها أولاد زنى، وذلك بأمر من الله العلي القدير:ففي سفر هوشع 1: 2ـ3 { 2لمَّا بدأَ الرّبُّ يتكلَّمُ بِلِسانِ هُوشَعَ، قالَ الرّبُّ لِهُوشَعَ: «خُذْ لكَ اَمرأةَ زِنًى، وليكُنْ لكَ مِنها أولادُ زِنًى. لأنَّ أهلَ الأرضِ كُلَّهُم يَزنونَ في الخفيةِ عنِّي أنا الرّبُّ». 3فذهَبَ وأخذَ جومَرَ بِنتَ دِبلايِمَ، فحَبِلَت ووَلَدَت لَه اَبنًا. } .

والأكثر من ذلك نجد أن السفر يكشف لنا أن هناك نوع من القربان داخل معابد بني إسرائيل يتمثل في تقديم الذبائح إلى الله القدير وسط أحضان بغايا المعابد، نعم هناك بغايا في المعابد ويحملن هذا اللقب اقرأ المكتوب في هوشع 4 :11ـ18 { 11الخمرُ الجديدةُ والمُعَتَّقةُ تُعَطِّلانِ الفَهمَ. 12شعبي يستَشيرونَ الإلهَ الخشَبةَ ويستَخبِرونَ الإلهَ الوتَدَ. روحُ الزِّنى أضَلَّهُم، فزَنَوا في الخفْيةِ عَنِّي. 13يذبَحونَ الذَّبائِحَ على رُؤوسِ الجبالِ، ويُبَخرونَ تَحتَ أشجارِ البَلُّوطِ والحَورِ والبُطمِ لأنَّ ظِلَّها حسَنٌ. بناتُكُم يَزْنينَ وكنَّاتُكُم يَفسُقْنَ، 14فلا أعاقِبُ بَناتِكُم على زِناهُنَّ ولا كنَّاتِكُم على فِسقِهِنَّ. الرِّجالُ أنفُسُهُمُ اَنْفَرَدوا بالزَّواني، وذَبَحوا الذَّبائِحَ معَ بَغايا المَعابِدِ. فالشَّعبُ الذي لا يتَبَيَّنُ الحَقَ يتَهَوَّرُ. }.

ك ـ في سفر إشعياء 8: 1ـ4 نجد نبي الله إشعياء يزني بامرأة نبيّة وذلك بأمر من الرب القدير وأنها حبلت وولدت ابنا ولأنه, ابن سفاح سماه الرب القدير اسماً يتناسب مع الواقعة فلقد أسماه " مهير شلال حاش بز מהירשלאלחאשבז " وهو كلام عبري غير مترجم.

لقد أمر الرب القدير ـ في كتابهم المقدس ـ نبيه هوشع بأن يتزوج من زانية ويستولدها أولاد زنى، لماذا ؟.

لأن الرب القدير!!.. قد غضب على من يرتكب جريمة الزنا في الخفاء وليس في العلن، إن الرب القدير يشجع على الفاحشة ويريد من الزناه أن يمارسوا الزنا علنية أمام الكل وليس في الخفاء، الأمر الذي يجعل المرء يقف أمام أفلام الجنس التي تصدر عن هوليوود وقفة خشوع لأنهم يتيحون الفرصة لمن فاته رؤية مشهداً جنسياً يؤدى في الطريق العام كما هو الحال في جميع دول أوربا فتراهم ينتجون ويروجون لأفلام جنسية ويمنحون أبطالها جوائز الأوسكار نظراً لأدائهم مهمتهم المقدسة كما يأمرهم بذلك كتابهم المقدس إذ أن ارتكاب الزنا خلف الأسوار وداخل حجرات مغلقة مخالفة ربانية ويتعين عليهم فعلها في العلن وليس في السر وهو ما لا يرضى عنه الرب ونظراً لرسالة الأنبياء السامية كان يتعين على هوشع أن يبدأ بنفسه وليتخذ لنفسة امرأة زانية ولينجب منها أولاد زنى، وذلك بأمر من الله القدير:

ففي سفر هوشع 1/ 2ـ3:

{ 2لمَّا بدأَ الرّبُّ يتكلَّمُ بِلِسانِ هُوشَعَ، قالَ الرّبُّ لِهُوشَعَ: «خُذْ لكَ اَمرأةَ زِنًى، وليكُنْ لكَ مِنها أولادُ زِنًى. لأنَّ أهلَ الأرضِ كُلَّهُم يَزنونَ في الخفيةِ عنِّي أنا الرّبُّ». 3فذهَبَ وأخذَ جومَرَ بِنتَ دِبلايِمَ، فحَبِلَت ووَلَدَت لَه اَبنًا. } .

يا سلااااااام منتهى الخضوع والإخلاص والإذعان لأوامر ربه القدير!!!.. { 3فذهَبَ وأخذَ جومَرَ بِنتَ دِبلايِمَ، فحَبِلَت ووَلَدَتلَه اَبنًا. }...

والأكثر من ذلك نجد أن السفر يكشف لنا أن هناك نوع من القربان داخل معابد بني إسرائيل يتمثل في تقديم الذبائح إلى الله القدير وسط أحضان بغايا المعابد، نعم هناك بغايا في المعابد ويحملن هذا اللقب اقرأ المكتوب في هوشع 4 :11ـ18 { 11الخمرُ الجديدةُ والمُعَتَّقةُ تُعَطِّلانِ الفَهمَ. 12شعبي يستَشيرونَ الإلهَ الخشَبةَ ويستَخبِرونَ الإلهَ الوتَدَ. روحُ الزِّنى أضَلَّهُم، فزَنَوا في الخفْيةِ عَنِّي. 13يذبَحونَ الذَّبائِحَ على رُؤوسِ الجبالِ، ويُبَخرونَ تَحتَ أشجارِ البَلُّوطِ والحَورِ والبُطمِ لأنَّ ظِلَّها حسَنٌ. بناتُكُم يَزْنينَ وكنَّاتُكُم يَفسُقْنَ، 14فلا أعاقِبُ بَناتِكُم على زِناهُنَّ ولا كنَّاتِكُم على فِسقِهِنَّ. الرِّجالُ أنفُسُهُمُ اَنْفَرَدوا بالزَّواني، وذَبَحوا الذَّبائِحَ معَ بَغايا المَعابِدِ. فالشَّعبُ الذي لا يتَبَيَّنُ الحَقَ يتَهَوَّرُ. }.

والآن اقرأ المكتوب في سفر إشعياء 8/ 1ـ4 .

نجد نبي الله إشعياء يزني بامرأة ليست كسائر النساء وإنما هي نبيّة،طبعاً أليس هو نبي؟.. أتراه كسائر الزناة يزني بفاسقة؟.. حاشاه .. فليزني بامرأة نبية.. حتى تليق بمقامه، وذلك بأمر من الرب القدير وأنها حبلت وولدت ابنا ولأنه, ابن سفاح سماه الرب القدير اسماً يتناسب مع الواقعة فلقد أسماه " مهير شلال حاش بزמהירשלאלחאשבז" وهو كلام عبري غير مترجم.

وإليك النص: {1 وقَالَ لِيَ الَرَبُّ خُذْ لِنَفْسِكَ لََوحاً واكْتُبْ عَلَيِهِ بِقَلَمٍ انسان لمهير شلال حاش بز.2وأن أشهد لنفسي شاهدَينِ أمينَينِ هُما أوريَّا الكاهنُ وزكريَّا بنُ يبرَخيا. 3 فاقتربت إليَّ النبيَّةُ فحبَلَت وولَدَتِ اَبنًا. فقالَ ليَ الرّبُّ: «ادعُ اسمهْ مَهِير شلال حاش بز ». 4فقَبلَ أن يعرفَ الصَّبيُّ أنْ يُناديَ يا أبي ويا أمِّي، تُحمَلُ ثروَةُ دِمشقَ وغَنائِمُ السَّامِرةِ قدام ملِكِ أشُّورَ». ) فالرب القدير سمى ولد الزنا ( مهير شلال حش بز).

والسؤال الآن لماذا لم يترجم كاتب السفر المعنى العبري لمهير شلال حاش بز מהירשלאלחאשבז وتركه كما هو؟.

وماذا يعني מהירשלאלחאשבז مَهِير شلال حاش بز؟.

و بالرجوع إلى النص الإنجليزي من نسخة الملك جيمس The Revised Version والمعتمدة عند كل الطوائف المسيحية تجده مكتوباً كالتالي (Mahershalalhashbaz) والسؤال الآن هل قارئ النص التوراتي باللغة الإنجليزية يفهم معنى Mahershalalhashbaz؟؟.

إن العدد 3 ينص صراحة على اسمه: { 3 فاقتربت إليَّ النبيَّةُ فحبَلَت وولَدَتِ اَبنًا. فقالَ ليَ الرّبُّ: «ادعُ اسمهْ مَهِير شلال حاش بز » }.

وإليك ترجمة النص من نسخة الملك جيمس:

And I went unto the prophetess, and she conceived, and bares a son. Then said the Lord to me, call his name Mahershalalhashbaz.

ولما كان شراح الكتاب المقدس ومترجموه يعرفون أن Mahershalalhashbaz أمرٌ بفعلٍ وليس اسماً كما هو وارد بالنص لذلك تراهم قد أبقوا على النص العبري دون ترجمته، والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا فعلوا ذلك ؟.

والإجابة ببساطة تنحصر في معنى الاسم المذكور في النص لأنه يشين إلى الرب العلي القدير, وللخروج من هذا المأزق قام شراح الكتاب المقدس بالتعديل في النص أقل ما يقال فيه أنهم زادوا الإشكال تعقيدا فقالوا في النص الحديث طبعة 2003 { وقالَ ليَ الرّبُّ: «خُذْ لكَ لَوحًا كبيرًا واَكتُبْ فيهِ بحُروفٍ مَقروءةٍ أسرِعْ إلى السَّلبِ، بادِرْ إلى النَّهبِ. 2ثمَ أحضِرْ لي شاهدَينِ أمينَينِ هُما أوريَّا الكاهنُ وزكريَّا بنُ يبرَخيا». 3ودنَوتُ مِنِ اَمرأتي النبيَّةِ، فحمَلَت وولَدَتِ اَبنًا. فقالَ ليَ الرّبُّ: «سَمِّهِ: أسرِعْ إلى السَّلبِ، بادِرْ إلى النَّهبِ. 4فقَبلَ أن يعرفَ الصَّبيُّ أنْ يُناديَ يا أبي ويا أمِّي، تُحمَلُ ثروَةُ دِمشقَ وغَنائِمُ السَّامِرةِ إلى أمامِ ملِكِ أشُّورَ». }.

وإليك مقارنة بين النصين :

كل نصوص الكتاب المقدس

(1 وقَالَ لِيَ الَرَبُّ خُذْ لِنَفْسِكَ لََوحاً واكْتُبْ عَلَيِهِ بِقَلَمٍ انسان لمهير شلال حاش بز.2وأن أشهد لنفسي شاهدَينِ أمينَينِ هُما أوريَّا الكاهنُ وزكريَّا بنُ يبرَخيا. 3 فاقتربتْ إليَّ النبيَّةُ فحبَلَت وولَدَتِ اَبنًا. فقالَ ليَ الرّبُّ: «ادعُ اسمهْ مَهِير شلال حاش بز ». 4فقَبلَ أن يعرفَ الصَّبيُّ أنْ يُناديَ يا أبي ويا أمِّي، تُحمَلُ ثروَةُ دِمشقَ وغَنائِمُ السَّامِرةِ قدام ملِكِ أشُّورَ»).

النص الحديث للكتاب المقدس 2003

(1 وقالَ ليَ الرّبُّ: «خُذْ لكَ لَوحًا كبيرًا واَكتُبْ فيهِ بحُروفٍ مَقروءةٍ أسرِعْ إلى السَّلبِ، بادِرْ إلى النَّهبِ. 2ثمَ أحضِرْ لي شاهدَينِ أمينَينِ هُما أوريَّا الكاهنُ وزكريَّا بنُ يبرَخيا». 3ودنَوتُ مِنِ اَمرأتي النبيَّةِ، فحمَلَت وولَدَتِ اَبنًا. فقالَ ليَ الرّبُّ: «سَمِّهِ: أسرِعْ إلى السَّلبِ، بادِرْ إلى النَّهبِ. 4فقَبلَ أن يعرفَ الصَّبيُّ أنْ يُناديَ يا أبي ويا أمِّي، تُحمَلُ ثروَةُ دِمشقَ وغَنائِمُ السَّامِرةِ إلى أمامِ ملِكِ أشُّورَ»).

وعليه فلقد أصبح اسم مَهِير شلال حاش بزMahershalalhashbazفي النص الحديث هو:

أسرِعْ إلى السَّلبِ، بادِرْ إلى النَّهبِ מהירשלאלחאשבז وهكذا تحول الرب القدير عندهم إلى زعيم عصابة مجرم ـ تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ـ يأمر بالسلب والنهب بأسرع وقت ممكن، فقَبلَ أن يعرفَ الصَّبيُّ أنْ يُناديَ يا أبي ويا أمِّي، تُحمَلُ ثروَةُ دِمشقَ وغَنائِمُ السَّامِرةِ إلى أمامِ ملِكِ أشُّورَ.

وتحول النص الأصلي { فاقتربتْ إليَّ النبيَّةُ فحبَلَت وولَدَتِ اَبنًا } والذي هو غير مستبعد على إلههم ففي حديث سابق بين الرب وهوشع { قالَ الرّبُّ لِهُوشَعَ: «خُذْ لكَ اَمرأةَ زِنًى، وليكُنْ لكَ مِنها أولادُ زِنًى } فلقد تحول هذا النص في النسخة الحديثة المعدلة إلى:

{ودنَوتُ مِنِ اَمرأتي النبيَّةِ، فحمَلَت وولَدَتِ اَبنًا }..

فقد أضافوا إلى النص الأصلي كلمة اَمرأتي فهذا أدعى إلى الحياء قليلاً, فلا إثم على الرجل حينما يدنوا من امرأته ثم تحمل منه, وعليه فوضع كلمة امرأتي داخل النص الحديث تخفف من حدته لاسيما أنه هو الذي دنا منها بعكس النص الأصلي والذي يرميها بالفجور، في معتقدنا نحن المسلمين، في حين أنه لا إثم عليه لأنه ينفذ تعاليم ربه القدير..

ل ـ في سفر إرميا 5: 7ـ 9 انتشار الزنى بصورة مقززة { الرّبُّ: «كَيفَ أُسامِحُكِ يا أورُشليمُ وبَنوكِ ترَكوني وحلَفوا بإِلهٍ مَزعومِ حينَ أَشبَعتُهُم زَنَوا، وفي بُيوتِ الزَّواني صرَفوا وقتَهُم. 8صاروا أحصِنةً معلوفةً سائِبةً، كُلًّ يَصهَلُ على اَمرأةِ صاحبِهِ. 9أفلا أُعاقِبُهُم على هذِهِ المَعاصي يقولُ الرّبُّ، وأنتَقِمُ مِنْ أُمَّةٍ كهذِهِ الأُمَّةِ؟}.

م ـ لقد جعل كاتب سفر الملوك أول من أدونيَّا بن داود عاشقاً لزوجة أبيه أبيشَج الشُّونَميَّةَ وبعد موت أبيه توجه إلى أمه وأم سليمان، أتعرفون من هي إنها بَتشبَعُ بنتُ أليعامَ، زوجةُ أوريَّا الحِثِّيِّ والتي زنا بها أبوه بعد أن رآها من فوق سطحه تستحم عارية فوقعت في نفسه ثم سلط على زوجها من يقتله وتزوج بها وكان ثمرة الزنا هو سليمان.

هذا ومن شابه أباه فما ظلم اقرأ القصة بالتفصيل:

1ملوك 2 :13 ـ 25 {13وجاءَ أدونيَّا بنُ حَجيتَ إلى بَتْشبَعَ أمِّسُليمانَ، فقالَت لَه: «ألِخيرٍ جئْتَ؟» أجابَ: «لِخيرٍ». 14ثُمَ تابَعَ: «لي إليكِ كلِمةٌ». قالَت: «وما هيَ؟» 15فقالَ: «أنتِ تعلَمينَ أنَّ المُلْكَ كانَ لي، وأنَّ جميعَ بَني إِسرائيلَ اَنتظَروا أنْ أصيرَ مَلِكًا، فتَحَوَّلَ المُلْكُ لأخي بِأمرٍ مِنَ الرّبِّ.16والآنَ لي طَلَبٌ واحدٌ مِنكِ، فلا تَرُدِّيهِ». قالَت لَه: «وما هوَ؟» 17فقالَ: «كلِّمي سُليمانَ المَلِكَ أنْ يُعطيَني أبيشَج الشُّونَميَّةَ زَوجةً، فهوَ لا يَرُدُّ طَلَبًا لكِ»، 18فقالَت لَه: «حسَنٌ، سَأُكلِّمُ المَلِكَ». 19ودخلَت بِتْشبَعُ على المَلِكِ سُليمانَ لِتُكلِّمَه في أمرِ أدونيَّا، فقامَ لاَستِقبالِها واَنْحَنى لها، ثُمَ جلَسَ على عرشِهِ ووضَعَ عرشًا لها فجلَسَت عَنْ يَمينِهِ 20وقالَت: «جئْتُ أطلُبُ مِنْكَ طَلَبًا». 21قالَت: «ليتَكَ تُعطي أبيشَج الشُّونَميَّةَ زَوجةً لأدونيَّا أخيكَ». 22فأجابَها: «ما بالُكِ تَطلُبينَ لأدونيَّا أبيشَج الشُّونَميَّةَ؟ لِماذا لا تَطلُبينَ لَه المُلْكَ أيضًا؟ أما هوَ أخي الأكبرُ منِّي؟ لَه ولأبياثارَ الكاهنِ ويوآبَ اَبنِ صُرويَّةَ». 23وحلَفَ المَلِكُ سُليمانُ بِالرّبِّ وقالَ: «عاقَبَني اللهُ إذا لم يُكَلِّفْ هذا الكلامُ أدونيَّا حياتَهُ. 24حَيًّ هوَ الرّبُّ الذي ثَبَّتَني وأجلَسَني على عرشِ داوُدَ أبي، وبَنى لي بَيتًا مالِكًا كما قالَ، سيُقتَلُ أدونيَّا في هذا اليومِ». 25وأرسَلَ بَنايا بنَ يوياداعَ، فبطَشَ بهِ فماتَ.}.

ن ـ وماذا عن أبشالوم بن داود الذي ضاجع عشرة من نساء أبيه بأمر من الرب القدير ؟ فلقد أمره الرب بأن ينصب خيمة على السطح ويدخل على نساء أبيه في العلن وعلى مشهد من بني إسرائيل صموئيل ثان 16: 22 { 20وقالَ أبشالومُ لأخيتوفَلَ: «ما رأيُكُم؟ ماذا نفعَلُ؟» 21فقالَ لَه أخيتوفَلُ: «أُدخلْ على جواري أبيكَ اللَّواتي ترَكهُنَّ للعنايةِ بالقصرِ، فيسمَع بَنو إِسرائيلَ جميعُهُم أنَّك صِرتَ مكروهًا مِنْ أبيكَ، فتَقوى عزيمةُ جميعِ الذينَ معَكَ». 22فنُصِبَت لأبشالومَ خيمَةٌ على السَّطحِ ودخلَ على جواري أبيهِ، على مَشهدٍ مِنْ بَني إِسرائيلَ. 23وكانَت نصيحةُ أخيتوفَلَ في تلكَ الأيّامِ كما لو كانَت مِنْ عِندِ اللهِ. هكذا كانَت لداوُدَ، كما كانَت لأبشالومَ.}.

س ـ أغرب مهر في التاريخ ورد في سفر صموئيل الثاني 3: 14 فلقد كان داود متزوجا من ِميكالَ اَبنةِ شاوُلَ والتي طلقها منه وزَوَجَهَا لفَلْطيئيلَ بنِ لايشَ فأراد داود أن يستردها فذهب إلى إيشبوشثَ بنِ شاوُلَ وقد أغراه بمهر عجيب، أتعرفون ماذا كان مهر ميكال ؟ إنه مائة عضو ذكري تم بتره وتقديمة على صينية من فضة لميكال ابنة شاول ؟ والسؤال الذي يطرح نفسه هو، ماذا ستفعل ميكال بمائة عضو ذكري مبتورة ولا حياة فيها ؟ اقرأ بدون تعليق :

{ 12وللحالِ أرسلَ أبنيرُ رُسُلاً إلى داوُدَ يقولونَ: «لِمَنِ الأرضُ؟ لِنَتَّفِقْ، فأساعِدَكَ على اَسترجاعِ جميعِ إِسرائيلَ». 13فأجابَ داوُدُ: «حسَنٌ. أتَّفقُ معَكَ، ولكِنِّي أطلبُ مِنكَ أنْ تأتيَ بِميكالَ اَبنةِ شاوُلَ متى جئتَ لِتَراني». 14وأرسَلَ داوُدُ إلى إيشبوشثَ بنِ شاوُلَ يقولُ: «رُدَ لي زَوجتي ميكالَ التي أخذتُها بمئةِ غُلفَةٍ مِنْ الفِلسطيِّينَ». 15فأرسَلَ إيشبوشَثُ واَسترَدَّها مِنْ عِندِ زَوجها فَلْطيئيلَ بنِ لايشَ. 16فرافَقَها زَوجها وهوَ يبكي إلى بَحوريمَ فقالَ لَه أبنيرُ: «إرجعْ»، فرَجعَ.}.

ولا تعليق لنا على كل ما سبق ذكره إلا بما هو موجود بسفر التثنية 27: 16 ـ 26

{ 16«ملعونٌ مَنْ يستَخفُّ بأبيهِ وأمِّهِ»، فيقولُ جميعُ الشَّعبِ: «آمينَ». 17« ملعونٌ مَنْ يَضُمُّ تُخمَ جارِهِ»، فيقولُ جميعُ الشَّعبِ: «آمينَ». 18«ملعونٌ مَنْ يُضِلُّ أعمى عَنِ الطَّريقِ»، فيقولُ جميعُ الشَّعبِ: «آمينَ». 19« ملعونٌ مَنْ يُحَرِّفُ حُكْمَ غريبٍ أو يَتيمِ أو أرملَةٍ»، فيقولُ الشَّعبُ: «آمينَ». 20«ملعونٌ مَنْ يُضاجعُ زَوجةَ أبيهِ ويَنتَهِكُ حُرمةَ أبيهِ»، فيقولُ الشَّعبُ: «آمينَ». 21«ملعونٌ مَنْ يُضاجعُ بَهيمةً»، فيقولُ جميعُ الشَّعبِ: «آمينَ». 22«ملعونٌ مَنْ يُضاجعُ أختَهُ، اَبنَةَ أبيهِ أوِ اَبنَةَ أمِّهِ»، فيقولُ جميعُ الشَّعبِ: «آمينَ». 23«ملعونٌ مَنْ يُضاجعُ حَماتَهُ»، فيَقولُ جميعُ الشَّعبُ: «آمينَ». 24«ملعونٌ مَنْ يقتُلُ أحدًا في الخفاءِ»، فيقولُ جميعُ الشَّعبِ: «آمينَ». 25«ملعونٌ مَنْ يأخذُ رَشوَةً لِيقتُلَ نَفسًا بَريئةً»، فيقولُ جميعُ الشَّعبِ: «آمينَ». 26«ملعونٌ مَنْ لا يتبَعُ كلِماتِ هذِهِ الشَّريعةِ ويعمَلُ بِها»، فيقولُ جميعُ الشَّعبِ: «آمينَ».}.

و بناء على ما جاء في السفر أعلاه والذي في يقيني من الممكن أن يصح أن يُطلق عليه سفر اللعنات فإن جميع أنبياء العهد القديم كلهم ملاعين...

 
الفصل الرابع

مريميات

المطلب الأول


التجلي المريمي


حقيقة أم خرافة


مقدمة
في الثاني من أبريل سنة 1968 أعلنت كنيسة العذراء بالزيتون أن السيدة مريم العذراء ظهرت بهيئة نورانية فوق منارة الكنيسة وتم نشر تقريرا مزورا في السنكسار القبطيتحت عنوان السيدة العذراء ذكرناه بتمامة في دراستنا المعنونة بـ (حول ظهور السيدة العذراء)وبعد نشر التقرير خرج البطريرك كيرلس السادس ليعلن ظهور العذراء في مصر رسميًا. وفي 19 مايو 1968 قتل وطئًا "تحت الأقدام أكثر من خمسة عشر شخصًا" في زحام داخل كنيسة شبرا التي أعلنت عن ظهور العذراء بها هي الأخرى، ثم توالت الظهورات المريمية في الكنائس الأرثوذكسية المصرية حتى تاريخ 21 ديسمبر 2009 م.
وهذا الكذب والافتراء تم تدليسه من قبل ساداتهم وكبرائهم
[ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَافَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا .رَبَّنَا آتِهِمْضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ]الأحزاب 67 ـ 68

[قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ ] الأعراف: 38

في واقع الأمر أن الأنبا ميشيل تكلا وهو فنان ومصور محترف قام بتصوير كنيسة الزيتون ثم بعد ذلك قام برسم الكنيسة وقد أحاطت بها السيدة مريم وبعد ذلك أحدث تعديلات على الصورتين لتصبحا صوراً متتابعة لظهور السيدة العذراء ولم ينس أن يحدث تعديلاً في الصورة الفوتوغرافية بحيث تبدو وكأنها قديمة وقد تناولتها الأيادي.
1 ـ هذه هي صورة لكنيسة الشهيدة دميانة في الزيتون ـ كما يطلقون عليها ـ وقد التقطت بواسطة عدسة الأنبا ميشيل تكلا راعي الكنيسة التي تحمل اسمه بالإبراهيمية بمدينة الإسكندرية بمصر.

830170971.jpg


The Church of St. Damyana in Zeitun, Cairo, Egypt
كنيسة الشهيدة دميانة في الزيتون، القاهرة، مصر
2 ـ ثم بعد ذلك قام الأنبا ميشيل تكلا برسم الصورة التالية للسيدة مريم بريشته

170957860.jpg


2ـ ثم بعد ذلك قام رسم الصورة وهي فوق كنيسةالشهيدة دميانة بأرض بابا دوبلو في الزيتون .
لاحظوا توقيعه على كل الصور.

461646836.jpg


<FONT color=red>
صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون، القاهرة، مصر


Photo from the Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt - 01


Saint Mary image with the Church in Ard Baba Doblo - Zaytoon, Cairo, Egypt

صورة مريم العذراء

4 ـ ثم بعد ذلك قام ببعض التعديل على الصورة الأصلية وذلك بالتقاط صورة فوتوغرافية للرسم ولم ينس أن يضع بعض اللمسات على الصورة كبعض التجعيدات (كرمشة) حتى تبدو الصورة أصلية والتعليق عليها هكذا:
صورة فوتوغرافية جميلة للقديسة مريم على قبة الكنيسة

387984669.jpg



<FONT color=blue>
صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون، القاهرة، مصر


Photo from the Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt - 05


Virgin Mary apparition

العذراء مريم في ظهورها



وتستمر الصور المخادعة.


230710340.jpg



صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون، القاهرة، مصر
<FONT color=#000000>

Photo from the Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt - 06


A beautiful photo of St. Miriam on top of the Church's dome


الصورة المفبركة التالية يظهر فيها البعض أسفل الصورة وهم ينظرون إلى الهالة الضوئية التي تعلو القبة


264887786.jpg


صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون، القاهرة، مصر


Photo from the Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt - 07


Saint Mary Mother of God Theotokos

القديسة مريم والدة الإله ثيوتوكوس


أما هذه الصورة فتمثل تجلي السيدة العذراء من داخل الكنيسة وهي تنظر إلى أهلها من القبة ..

دققوا في الصورة هل هي صورة بالفعل أم هي صورة للوحة جدارية؟..
لقد خانه التوفيق هذه المرة ..
467011239.jpg


صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون،القاهرة، مصر

Photo from the Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt - 08
The dome of the Church
قبة الكنيسة


وهذه هي الصورة المفبركة والتي استخدمتها جريدة الأهرام القاهرية في منشتها الأول

869467056.jpg



وهذا هو مانشت جريدة الأهرام المصرية



413154659.jpg



وهذا إطار يحوي صورة لهالة النور ومعها ثلاث حمامات يطرن محفوظ داخل الكنيسة ..

دققوا في الصورة هل ما ترونه ثلاث حمامات أم ثلاث طائرات فانتوم؟؟!!..
954860044.jpg



صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون،القاهرة، مصر



Photo from the Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt - 04


St. Mary with the holy creatures

القديسة مريم و المخلوقات الروحية




<FONT color=red>
 


القديسة مريم و المخلوقات الروحية





474246716.jpg


صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون، القاهرة، مصر Photo from the Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt - 29



Al Akhbar Arabic daily newspaper about the miraculous apparition



جريدة الأخبار اليومية المصرية عن الظهور



970404028.jpg



صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون،القاهرة، مصرPhoto from the Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt - 30



Watani Christian weekly newspaper - first page



جريدة وطني المسيحية الأسبوعية




641442324.jpg





صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون،القاهرة، مصرPhoto from the




Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt - 31



Al-Ahram newspaper, May 7, 1968



جرنال الاهرام يوم 7 مايو سنة 1968




143672042.jpg




صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون،القاهرة، مصرPhoto from the Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt - 33


First page of Progres Dimanch French newspaper
الصفحة الأولى من جريدة بروجريه ديمانش


283015831.jpg



<o
tongue.gif
صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون،القاهرة، مصرPhoto from the Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt -

 



صورة من وقت ظهورات العذراء مريم في كنيسة الزيتون،القاهرة، مصرPhoto from the Apparition in Zeitoun, Cairo, Egypt - 34

The cover of The Egyptian Gazette
غلاف جريده ذا إيجيبشان جازيت
181614066.jpg


وعلى الفرض أن ما كان فوق القبة هو نور فما الذي أخبر الكنيسة أن النور هو نور العذراء تحديدًا دون غيرها، بل ما الذي أراها أنه ليس نور الشيطان كما قال الكتاب، ألم يقل كتابها:
[20وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرِ الرَّبُّ تِلْكَ الأَيَّامَ، لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ، قَصَّرَ الأَيَّامَ. 21حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 22لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، لِكَيْ يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. 23فَانْظُرُوا أَنْتُمْ. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ.] مرقس 13 / 20 ـ 23].
وها نحن قد عرفنا كيف تمت الخديعة الكبرى ..والغريب حقًا هو أن تستخدم الكنيسة هذه الحيلة لتثبت أنها الحق، ونسيت أن أول إعلان عن ظهورات العذراء كانت في الكنيسة الكاثوليكية في قلب أوروبا سنة 1858 واستخدمتها الكنيسة الكاثوليكية وقتها لمحاربة الكنيسة البروتستانتية وظلت هذه اللعبة تلعب عبر سنين طويلة حتى منتصف القرن التاسع عشر في فرنسا والبرتغال.. وبلجيكا.. وأسبانيا.. واليابان.. وفنزويلا.. ويوغوسلافيا.. ورواندا.. وكوريا الجنوبية.. وأوكرانيا وغيرها؛ حتى شعر الفاتيكان أنه بصدد فضيحة كبرى تحل به، فامتنع عن هذه الألعاب الصبيانية.
والتحليل المنهجي لهذه الظاهرة هي ضعف العقل الوثني في التعاطي مع العقائد الغيبية - المرفوضة عقلاً ومنطقًا - عن طريق الإيمان, لذلك يبتكر الكهنة وسائل وأساليب للتأثير في الكيان البشري من غير طريق العقل، بحيث يجعل ظهور هذه العقائد وتجسدها واقعًا من خلال الرؤيا أو التخيل هو المؤثر الوحيد للإيمان بها، لذلك لا يعبد الوثنيون سوى آلهة ظاهرة يرونها أو يصورونها.
والطريف حقًّا أن الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية عندما سئل عن ظهورات العذراء في الكنائس الكاثوليكية نفى أن تكون العذراء، وتساءل: "كيف تظهر العذراء في كنائس منحرفة عن الإيمان المسيحي؟! وقال: حتى لو كانت العذراء، فظهورها هناك يعني حزنها على انحراف الكنيسة الكاثوليكية!!". ..ولا ندري لماذاحرّمها الأنبا بيشوي على الكاثوليك وأحلها للأرثوذكس؟! .
الأنبا بيشوي يقول الطوائف الأخرى مش داخلين الملكوت
http://www.youtube.com/watch?v=sMA79yE_ETY&feature=player_embedded
الأنبا بيشوي : لعنة الله على عقائد الكاثوليك 1/2
http://www.youtube.com/watch?v=FEVFIEu-1_4&NR=1
الأنبا بيشوي : لعنة الله على عقائد الكاثوليك 2/2
http://www.youtube.com/watch?v=TU0FyumY1QI&feature=related
الأنبا بيشوي يقول :
1- البروتستانت والكاثوليك لن يدخلوا الملكوت.
2- الحكايات التي تروى عن قديسي الكاثوليك خرافات فلا تصدقوها , أو هي من عمل الشيطان , ويتعجب قائلا " أمال هتعملوا إيه لما ييجي ضد المسيح ؟؟؟!!!! "
3- بيننا ( أي الأرثوذكس ) و بين الكاثوليك حرومات متبادلة بمجامع وهذه الحرومات لم ترفع وكل كهنوتهم مشلوح عندنا.
4- العقيدة الكاثوليكية لا تؤدى إلى الملكوت .
5- هناك حاله واحده فقط ممكن أكون مش عارف ربنا هيتصرف فيها إزاى , وهي لو واحد كاثوليكي قال وهو يموت , أنه "يؤمن بالأرثوذكسية ولعنة الله على عقائد الكاثوليك " , في هذه الحالة مش عارف كيف ربنا هيتصرف معاه وهل تعتبر معموديته معمودية طوارئ أم لا , لكن غير كده محدش من الكاثوليك هيدخل الملكوت .
الأنبا رافائيل يقول أن غير الأرثوذكس لن يدخلوا الملكوت
http://www.youtube.com/watch?v=YoLQPGlDGXk&feature=related
الأنبا رافائيل يسئ للبروتستانت و الأنبياء
http://www.youtube.com/watch?v=FBzVpEAcUWw&feature=related
والأعجب من ذلك هو أن الأنبا دمتريوس يعلن أن سبب ظهور العذراء مريم نتيجة لأحداث دير أبو فانا..استمعوا إلى صوته مع عرض لذات نفس الصور السابقة والمزيفة على اعتبار أنها حقيقية..ثم ها هو يسقط في الفخ الذي نصبه لنفسه ..فالصور المعروضة عليها تاريخ 1968م والذي يعلن حقيقة الظهور هو البابا كيرولس وليس البابا شنودة..وأحداث دير أبو فانا سنة 2000م...أي قبل تسع سنين.
شاهدوا التزييف..واستمعوا إلى إفكهم.
http://www.youtube.com/watch?v=8NjuBLENyWc&feature=related
في عام 1992 م كنت أشاهد قناة ديسكفري وكنت استمتع بالبرامج الوثائقية كثيراً ..وذات يوم كنت أتابع برنامجاً وثائقياً عن الضوء واستخداماته العلمية المختلفة..
وتعرض البرنامج إلى التطبيقات العلمية في مجال السينما..فعرض ضمن ما عرض تحليلاً علمياً للقطة شهيرة في فيلم من أفلام المخرج العالمي الفريد هتشكوك مخرج أفلام الرعب..
والمشهد كان كالتالي:
مشهد سقوط أحد الأبطال من فوق تمثال الحرية بطريقة تخطف الأنفاس ..فالرجل يسقط أمامك من هذا الارتفاع العالي بدون توقف ولا قطع في الصورة مثل ما يحدث في الأفلام العربية حينما ينفذون مثل هذه المشاهد فيلقون بدمية من فوق المكان على هيئة رجل ويحدث قطع في الصورة لنجد الممثل ملقياً على الأرض مضرجاً في دمائه..
ولكن في المشهد موضع الدراسة، كان سقوط الرجل من فوق التمثال حقيقياً يتابعه المارة في الشارع ونحن معهم وكانت لحظة الارتطام بالأرض رهيبة وانتثرت الدماء على المارة الذين لاذوا بالفرار والرعب يملأ قلوبهم ونحن معهم أكثر رعباً..حتى أنني لم أتمالك نفسي من متابعة النظر فأخفيت عيني وإن كنت أنظر إليه وأشاهده خلسة.
والمفاجأة عند تناول هذا المشهد بالتحليل أنه تم تصويره بالكامل داخل الأستوديو وقد تم استخدام خاصية تصحيح المعامل الضوئي لخداع المشاهدين بحيث يتم المشهد بصورة طبيعية تخطف معها الأنفاس..
ثم جاءت اللحظة التاريخية في حياتي..
لقد عرضت القناة فيلما تسجيلياً عن حياة السيدة مريم ..وكان ضمن أحداث الفيلم مشهد التجلي فوق قبة الكنيسة واختار صناع الفيلم كنيسة الزيتون.
وتم عرض الفيلم وشاهدت تجلي السيدة العذراء فوق القبة بدمها وشحمها.بالإضافة إلى ثوبها الأبيض والذي يعلوه إسدال أزرق رقراق والنسيم يداعبهما معاً ليكشف عن قوام ممشوق، ثم هالة من الضوء تكسو وجهها الجميل فتزيده إشراقاً وبهاءً..
كانت الجموع في المشهد والذين تعدت أعدادهم بالآلاف حقيقية وكذلك المروحيات التي كانت تطوف حول الكنيسة من فوقها وكاميرات التصوير المثبتة بها لتسجيل الحدث والذي استمر أكثر من عشرين دقيقة كلها كانت حقيقية..
والأكثر من ذلك شاهدناها وهي تجري عملية لمريضة ميئوس من شفائها وقد شفيت تماماً بعد أن غطتها بملاءة عليها الصلبان.. وها هو رجل أعمى رأيناه وقد ارتد بصيراً.
ثم ها هي ذي السيدة العذراء ترسل إلى العالم بصوت مسموع رقيق ملؤه الدفء والحنان رسالة حب من أجل السلام..
وانتهى الفيلم ليختتم بجملة مؤداها أن هذه اللقطات والتي تم استخدامها في هذا الفيلم الوثائقي عن حياة السيدة العذراء حقيقية.
التفسير العلمي من قناة ديسكفري..
بعد الفيلم تناول المحللون أن تقنية الهولوجرام Hologram هي التي تم استخدامها في الفيلم موضع الدراسة وما هي إلا عبارة عن التصوير المجسّم (Holography).
وهي تقنية جديدةمن انجازات العلم الحديث والتكنولوجيا وهذه التقنية ـ الهولوجرافي (Holography) ـ التي تمتلك خاصية فريدة تمكنها من إعادة تكوين صورة الأجسام الأصلية بأبعادها الثلاثة بدرجة عالية جدا.
فكلمة هولوجرافي أصلها يوناني مشتق من كلمة هولوس Holos أي كل( وجرافو ) Grapho (أي الكتابة) بمعنى سجل الصورة الكامل أو فن التصوير المجسّم .
ويختلف التصوير المجسّم عن التصوير التقليدي بأن التسجيل ليس في كثافة المادة الحساسة للضوء فحسب، بل أيضا إلى حزمة من الموجات الضوئية التي تصطدم بالجسم المراد تسجيله فتخطط الموجات الضوئية حاملة المعلومات الكاملة عن تخطيط ثلاثي الأبعاد للجسم.وبالتالي فان الصورة تتكون في الفضاء الثلاثي الأبعاد و ليس على ورقة كالتصوير العادي، كما أن الصورة المعروضة لا يمكن تمييزها عن الجسم الأصلي أبدا.


411272033.jpg


تاريخ
جذور هذه التقنية يعود إلى العام 1947 عندما تم التوصل للتصوير الهولوجرافي من قبل العالم دينيس جابور (Dennis Gabor) في محاولة منه لتحسين قوة التكبير في الميكروسكوب الإلكتروني. ولأن موارد الضوء المتاحة في ذلك الوقت لم تكن حقا متماسكة أحادية اللون، فقد ساهمت في تأخر ظهور التصوير المجسّم إلى وقت ظهور الليزر عام 1960.
في العام 1962، أدرك العالم جيوريس اوباتنيكس (Juris Upatnieks) و العالم أيميت ليث (Emmitt Leith) من جامعة ميشيجان أن الهولوجرام يمكن أن يستخدم كوسيط عرض ثلاثي الأبعاد، لذا قررا قراءة وتطبيق أوراق العالم جابور (Gabor) ولكن باستخدام تقنية الليزر, وقد نجحا في عرض صور مجسمة بوضوح وعمق واقعي.
بعدها توالت التجارب فعرض أول هولوجرام لشخص في العام 1967.
 
308122125.jpg






وفي العام 1972، تمكن العالم لويد كروز (Lloyd Cross) من صناعة أول هولوجرام يجمع بين الصور المجسمة ثلاثية الأبعاد والسينما جرافي ذات البعدين وهي التقنية التي تم استخدامها فيما بعد في فيلم السيدة العذراء .

وفي عام 2005 ، أنتجت شركات مثل اوبتواري (Optware) وماكسيل (Maxell) 120 ملم طبقة تخزين بيانات (دسك) والتي تستخدم أقراص التصوير المجسم لتخزين ما يقاربTB 3.9 (terabyte)، وخطة لتسويقها تحت اسم أقراص التصوير المجسم.

ويمكن تسجيل أكثر من صورة واحدة على نفس اللوح الفوتوجرافي وذلك باستخدام عدد من الأشعة المرجع في اتجاهات مختلفة وتكون كل صورة مستقلة عن الأخرى.

النتيجة

لقد استعانوا لتنفيذ الفيلم بالممثلة الشهيرة جــودي فوستر والتي كانت تقوم بأفلام الأطفال فهي ذات وجه مقبول عند العامة ..حيث وقفت في الأستوديو وقد ارتدت الملابس اللائقة بها كما حددها صناع الفيلم ..

وراحت تتحدث بطريقة مؤثرة داخل الأستوديو مع تسليط تيار من الهواء رقيق عليها ليحرك ملابسها بطريقة تظهر مفاتنها بطريقة متعمدة ولكن بدون إسفاف..فهم لم ينسوا أن العذراء تمثل رمز الأنوثة في الفن الإيطالي..

وهكذا وبتقنية الهولوجرام شاهد الألوف العذراء على قبة كنيسة السيدة العذراء ..

وإليكم بعض اللقطات من الفيلم.

752716350.jpg



صورة العذراء فوق القبة تدخل وتخرج بدمها ولحمها
212455584.jpg


<المريضة قبل إجراء العملية
913480937.jpg


بداية الظهور المريمي الظهور الكامل لسيدة مريم ومعها طفل ملائكي جاءت به ليساعدها في إجراء العملية
358426860.jpg


بداية العمليةالطفل الملائكي يعطي السيدة مريم المبضع لتقوم بالمهمة


523497602.jpg


213548490.jpg


الطبيبة العذراء السيدة مريم وبيدها المبضع لتقوم بإجراء العملية ..

شاهدو الفيلم الوثائقي الذي يحتوي على بعض من المشاهد الهولوجرامية على الرابط التالي:

مع ملاحظة الأتي

1 ـ سوف تجد في الفيلم أن الفتاة المريضة تمشي على عكازين وأخطأت الطبيبة مريم حينما شخصت المرض خطأ فلقد أجرت عملية في البطن بعد أن قامت بإحداث شق فيه وذلك بمساعدة ممرض ملائكي صغير.

2 ـ الرجل الأعمى والذي ارتد بصيراً بمجرد رؤيته للسيدة العذراء يتحدث اللغة الإنجليزية بلسان أهلها وليس اللهجة المصرية المعروفة..مع العلم أننا في مصر لا نتحدث لا الإنجليزية ولا الفرنسية فنحن لم نتأثر بثقافة المستعمر.

3ـ سوف تشاهد العذراء وهي تتحرك فوق القبة جيئة وذهاباً وملابسها واضحة وملامحها واضحة وذلك بخلافها أثناء جراء العملية.

4 ـ لم نشاهدها وهي تجري العملية فكل ما رأيناه أنها أمسكت بالمبضع الذي ناولها إياه الممرض الصغير لنشاهد بعد ذلك الفتاة وهي تصرخ وينتهي الأمر بملاءة عليها علامات الصليب والرضا باد على وجه الفتاة الكسيحة..

5ـ كيف تم تصوير المشهد ومن المفترض أنه جاء على غير ميعاد..ولكننا في الفيلم نرى أن الفتاة وكأنها كانت على موعد مع الطبيبة العذراء مريم..وكذلك طاقم التصوير..

6ـ أثناء ذهاب الفتاه لإجراء العملية..أين الألوف المؤلفة من البشر الذين يبصرون العذراء..

7 ـ كذلك الرجل الأعمى والذي صرخ لقد إني أرى..إني أرى..إني أرى.والذي يفترض أنه كان وسط الجموع..وتحليلات كثيرة كثيرة..

ومازالت كلمتي قائمة للمغفلين..هل حقاً ما شهدتموه هو ظهور حقيقي للعذراء..

لقد حمدت الله سبحانه وتعالى أن أراح نفسي وأطلعني على حل اللغز والحمد لله رب العالمين.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن..

هل ما حدث في كنيسة الوراق ينطبق عليه هذه التقنية؟..أبدً إطلاقاً..لأنها لو انطبقت عليها لرأينا السيدة العذراء بشحمها ولباسها وهي تتحرك يمنة ويسرة ولكن كل الذي كان عبارة عن شعاع من النور يخرج من بروجكتور تم تسليطه على الكنيسة من مبنى مجاور.

شاهدوا الفيلم الفضيحة من المواقع المسيحية نفسها


وفي أخر الفيلم لحظة إطفاء النور من فوق الكنيسة أرجو مشاهدة ضوء البروجكتور والمسلط على القبة

862094586.jpg



421415450.jpg




وبناء عليه لا حاجة لكل الاجتهادات التي قام بها إخواننا الأفاضل مدللين على التدليس الحاصل بأنه خدعة التصوير بالهولوجرام..فلا هناك هولوجرام ولا غيره ..فقط شعاع من الضوء عبث بعقول الحمقى والمغفلين فراحوا يهتفون : بص شوف العدرا بتعمل إيه.. ..أرأيتم كيف يكون الخداع!!!.<O:p></O:p>
 
المطلب الثاني



الرد على شبهة يَا أُخْتَ هَارُونَ

[ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ] مريم/28.
( فَإِنَّ اللهَ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ)
مقدمة هامه جداً:
نأخذ بعض من صور التحريف والتزييف في المخطوطات وابدأ بُصلب العقيدة المسيحية
التوحيد والتثليث
مقدمة هامه جداً:
إن المواقع المسيحية حينما ينشرون صورة للسيدة العذراء إنما يكتبون أسفل منها :
Saint Mary Mother of God Theotokosالقديسة مريم والدة الإله ثيؤوتوكوس.
ما هو معنى الثيؤوتوكوسTheotokos؟.
إنها كلمة يونانية (Θεοτόκος) معناها في العقيدة الوثنية عندهم ..أنها أم الإله ..وتم استخدامه كمصطلح لاهوتي يطلق على السيدة مريم العذراء، في الكنائس الأرثوذكسية المشرقية، والكنائس الكاثوليكية الشرقية.

والمصطلح مركب من كلمتين باليونانية Θεός وتعني الإله، وτόκος وتعني الولادة أو الوضع، ولذا فإن ثيوطوكس تعني والدة الإله.
وفي سنة 431، اعترف المجمع المسكوني الثالث بهذا المصطلح على أنه مصطلح صحيح وأن "مريم العذراء هي والدة الإله لأن ابنها يسوع هو شخص يجمع بين كلا من صفتي الإلوهية والبشرية".

استخدام الكلمة في بدايات المسيحية
الكثير من آباء الكنيسة أطلقوا كلمة ثيوطوكس على مريم العذراء منذ ما لا يقل عن القرن الثالث الميلادي، ويقال أن أوريجانوس (توفي في حدود 254) هو أول كاتب أشار إلى هذا المصطلح، إلا أن النص الذي يُعتقد أنه استخدم فيه الكلمة بالتحديد غير معروف.
ديونيسيوس بابا الإسكندرية استخدم الكلمة في حوالي سنة 250 في أحد رسائله الإنجيلية.

لذلك فإن الكنيسة الكاثوليكية تصف السيدة مريم بأنها (المُنعَم عليها) لأن الله سبحانه وتعالى أنعم عليها بأن استولهدها ابنه فمنها وُلِدَ .
أما في الكنائس الأرثوذكسية فينعتونها بأنها (الممتلئة بالنعمة) وليست (المُنعَم عليها) ذلك لأن الإله هو نفسه الذي مر من خلالها فامتلأت بالنعمة فهو (الوالد)..
ولكليهما نقول:
[قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ..اللَّهُ الصَّمَدُ ..لَمْ يَلِدْ ..وَلَمْ يُولَدْ ..وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ] سورة الإخلاص.

[ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا ] الكهف: 5
فالسيدة مريم عندنا نحن المسلمون هي أم السيد المسيح عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله ..
وأبداً لن تكون أم الإله.. ثيؤوتوكوس Theotokos...
أرأيتم كيف أن أهلها لم ينعتونها بالثيؤوتوكوس.فالكلمة يونانية جديدة..
وتكمن خطورة هذا الأمر في أنهم طوروا عقيدة التوحيد عندهم إلى عقيدة التثليث الباطلة فراحوا يحرفون في النصوص الأصلية..شاهدوا المخطوطات ثم قارنوا بما هو موجود في كتابهم المعصوم من التحريف على حسب قولهم..




المطلب الثالث


إنَّ اللهَ واحدٌ ولا إلهَ سواه

في العهد القديم نجد التالي:
جاء في إشعياء 45 :5
»5أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. لاَ إِلهَ سِوَايَ. نَطَّقْتُكَ وَأَنْتَ لَمْ تَعْرِفْنِي. 6لِكَيْ يَعْلَمُوا مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ وَمِنْ مَغْرِبِهَا أَنْ لَيْسَ غَيْرِي. أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ.7مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ، صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هذِهِ. 8اُقْطُرِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ مِنْ فَوْقُ، وَلْيُنْزِلُ الْجَوُّ بِرًّا. لِتَنْفَتِحِ الأَرْضُ فَيُثْمِرَ الْخَلاَصُ، وَلْتُنْبِتْ بِرًّا مَعًا. أَنَا الرَّبَّ قَدْ خَلَقْتُهُ.«.
وكافة الأناجيل تشهد بوحدة الإلوهية
ففي إنجيل مرقس نأخذ النص التالي 12 :32 من مختلف الترجمات المعترف بها.
ففي الترجمة العربية الجديدة بيروت - دار الكتاب المقدس في العالم العربي
مرقس 12 :32
» أحسَنتَ، يا مُعَلِّمُ!فأنتَ على حَقٍّ في قولِكَ إنَّ اللهَ واحدٌ ولا إلهَ إلاهو «.
وفي ترجمة الفاندايك
مرقس 12 :32
[ 32فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ:«جَيِّدًا يَا مُعَلِّمُ. بِالْحَقِّ قُلْتَ، لأَنَّهُ اللهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ. 33وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ الْقَلْبِ، وَمِنْ كُلِّ الْفَهْمِ، وَمِنْ كُلِّ النَّفْسِ، وَمِنْ كُلِّ الْقُدْرَةِ، وَمَحَبَّةُ الْقَرِيبِ كَالنَّفْسِ، هِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ». 34فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ أَنَّهُ أَجَابَ بِعَقْل، قَالَ لَهُ:«لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ». وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ بَعْدَ ذلِكَ أَنْ يَسْأَلَهُ!].
الترجمة العربية المشتركة
مرقس 12 :32
[فقالَ لَه مُعَلِّمُ الشَّريعةِ: (أحسَنتَ، يا مُعَلِّمُ! فأنتَ على حَقٍّ في قولِكَ إنَّ اللهَ واحدٌ ولا إلهَ سواه، 33 وأنْ يُحبَّهُ الإنسانُ بكُلِّ قَلبهِ وكُلِّ فِكرِهِ وكُلِّ قُدرَتِهِ، وأنْ يُحِبَّ قَريبَهُ مِثلَما يُحبُّ نفسَهُ، أفْضَلُ مِنْ كُلِّ الذَّبائحِ والقَرابـينِ). 34 ورأى يَسوعُ أنَّ الرَّجُلَ أجابَ بِحكمَةٍ، فَقالَ لَهُ: (ما أنتَ بَعيدٌ عَنْ مَلكوتِ اللهِ). وما تَجَرَّأَ أحدٌ بَعدَ ذلِكَ أنْ يَسألَهُ عَنْ شيءٍ.].
الترجمة البولسية
مرقس 12 :32
[32 فقالَ لهُ الكاتِب: "حَسَنٌ يا مُعلِّم! لَقد أَصَبْتَ إِذ قُلْتَ: إِنَّهُ الوحيدُ، ولا آخَرَ سِواه؛].
الكاثوليكية ـ دار المشرق
مرقس 12 :32
[فقالَ له الكاتب: (أَحسَنتَ يا مُعَلِّم، لقد أَصَبْتَ إِذ قُلتَ: إِنَّه الأَحَد ولَيسَ مِن دونِه آخَر،].
كتاب الحياة
مرقس 12 :32
[32فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ: «صَحِيحٌ، يَامُعَلِّمُ! حَسَبَ الْحَقِّ تَكَلَّمْتَ. فَإِنَّ اللهَ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ.].
وجاء في عظة بطرس يوم الخمسين أن المسيح »رجل« كما هو في أعمال 2 :22.
[22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسْطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ.]. وهذا يعني أنه ليس الله.
وفي يوحنا ( 17: 1 ـ 5 ).
دار الكتاب المقدس:
يو-17-1 وبَعدَ هذا الكلامِ، رفَعَ يَسوعُ عَينَيهِ إلى السَّماءِ وقالَ: ((يا أبـي جاءَتِ السّاعةُ: مَجِّدِ اَبنَكَ ليُمَجِّدَكَ اَبنُكَ
يو-17-2: بِما أعطيتَهُ مِنْ سُلطانٍ على جميعِ البَشَرِ حتّى يهَبَ الحياةَ الأبديَّةَ لِمَنْ وهَبتَهُم لَه.
يو-17-3: والحياةُ الأبديَّةُ هيَ أنْيَعرِفوكَ أنتَ الإلهَ الحَقَّ وحدَكَ ويَعرِفوا يَسوعَ المَسيحَ الّذيأرْسَلْتَهُ.
يو-17-4: أنا مَجَّدْتُكَ في الأرضِ حينَ أتمَمتُ العَمَلَ الذي أعطَيتَني لأعمَلَه.
يو-17-5: فمَجِّدْني الآنَ يا أبـي عِندَ ذاتِكَ بِالمَجدِ الّذي كانَ لي عِندَكَ قَبلَ أنْ يكونَ العالَمُ.
الكاثوليكية - دار المشرق
صلاة يسوع الكهنوتية
يو-17-1 قالَ يسوعُ هذهِ الأَشياء، ثُمَّ رَفَعَ عَينَيهِ نَحوَ السَّماءِ وقال: (( يا أَبتِ، قد أَتَتِ السَّاعة: مَجِّدِ ابنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابنُكَ
يو-17-2: بِما أَولَيتَهُ مِن سُلطانٍ على جَميعِ البَشَر لِيَهَبَ الحَياةَ الأَبَدِيَّةَ لِجَميعِ الَّذينَ وهبتَهم له.
يو-17-3: والحَياةُ الأَبدِيَّة هي أَن يَعرِفوكَ أَنت الإِلهَ الحَقَّ وحدَكَويَعرِفوا الَّذي أَرسَلتَه يَسوعَ المَسيح.
يو-17-4: إِنِّي قد مَجَّدتُكَ في الأَرض فأَتمَمتُ العَمَلَ الَّذي وَكَلتَ إِلَيَّ أَن أَعمَلَه
يو-17-5: فمَجِّدْني الآنَ عِندَكَ يا أَبتِ بِما كانَ لي مِنَ المَجدِ عِندَكَ قَبلَ أَن يَكونَ العالَم.
فاندايك
صلاة يسوع
يو-17-1 تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: ((أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضاً
يو-17-2: إِذْ أَعْطَيْتَهُ سُلْطَاناً عَلَى كُلِّ جَسَدٍ لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ أَعْطَيْتَهُ.
يو-17-3: وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْيَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِيأَرْسَلْتَهُ.
يو-17-4: أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.
يو-17-5: وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ.
الترجمة البولسية
يو-17-1 تَكلَّمَ يَسوعُ بهذا، ثمَّ رَفَعَ عَيْنَيْهِ الى السَّماءِ، وقالَ: "يا أَبتاهْ، لَقد أَتَتِ السَّاعَة! فَمَجِّدِ ابْنَكَ لكيْ يُمَجِّدَكَ ابْنُكَ،
يو-17-2: ويُعْطي -وقَد قَلَّدْتَهُ السُّلطانَ على كُلِّ بَشَر- أَلحياةَ الأَبَدِيَّةَ لجميعِ الَّذينَ أَعطَيْتَهم لَه.
يو-17-3: والحَياةُ الأَبَدِيَّةُ هِيَ أَنْيَعْرِفُوكَ، أَنتَ الإِلهَ الحَقيقيَّ الوَحِيدَ، والَّذي أَرْسَلْتَهُ، يَسوعَالمَسيح.
يو-17-4: أَنا قد مَجَّدْتُكَ على الأَرْضِ، إِذْ أَتْمَمْتُ العَمَلَ الَّذي أَعطَيْتَني لأَعْمَلَه.
يو-17-5: فالآنَ، أَيُّها الآبُ، مَجِّدْني أَنتَ عِندَكَ، بالمَجْدِ الَّذي كانَ لي لَدَيْكَ مِنْ قَبْلِ كَوْنَ العالَم.
يو-17-6: لَقد أَعْلَنْتُ اسْمَكَ للنَّاسِ الَّذينَ أَعْطَيْتَهم لي مِنَ العالَم. إِنَّهم كانوا لكَ، وأَنتَ أَعْطَيْتَهُم لي؛ وقد حَفِظوا كَلِمَتك.
يو-17-7: وهُم يَعْلمونَ الآنَ أَنَّ كلَّ ما أَعْطَيْتَهُ لي هُوَ مِنكَ؛
كتاب الحياة
يو-17-1 وَلَمَّا أَنْهَى يَسُوعُ هَذَا الْحَدِيثَ رَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ، قَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ! مَجِّدِ ابْنَكَ، لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضاً،
يو-17-2: فَقَدْ أَوْلَيْتَهُ السُّلْطَةَ عَلَى جَمِيعِ الْبَشَرِ، لِيَمْنَحَ جَمِيعَ الَّذِينَ قَدْ وَهَبْتَهُمْ لَهُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً.
يو-17-3: وَالْحَيَاةُالأَبَدِيَّةُ هِيَ أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقَّ وَحْدَكَ، وَالَّذِيأَرْسَلْتَهُ: يَسُوعَ الْمَسِيحَ.
يو-17-4: أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ، وَأَنْجَزْتُ الْعَمَلَ الَّذِي كَلَّفْتَنِي.
يو-17-5: فَمَجِّدْنِي فِي حَضْرَتِكَ الآنَ، أَيُّهَا الآبُ، بِمَا كَانَ لِي مِنْ مَجْدٍ عِنْدَكَ قَبْلَ تَكْوِينِ الْعَالَمِ.
يو-17-6: أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ وَهَبْتَهُمْ لِي مِنَ الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ، فَوَهَبْتَهُمْ لِي. وَقَدْ عَمِلُوا بِكَلِمَتِكَ،
يو-17-7: وَعَرَفُوا الآنَ أَنَّ كُلَّ مَا وَهَبْتَهُ لِي فَهُوَ مِنْكَ،
النص اليوناني
JOH-17-1: ταυτα ελαλησεν ιησους και επαρας τους οφθαλμους αυτου εις τον ουρανον ειπεν πατερ εληλυθεν η ωρα δοξασον σου τον υιον ινα ο υιος δοξαση σε
JOH-17-2: καθως εδωκας αυτω εξουσιαν πασης σαρκος ινα παν ο δεδωκας αυτω δωση αυτοις ζωην αιωνιον
JOH-17-3: αυτη δε εστιν η αιωνιος ζωη ινα γινωσκωσιν σε τον μονον αληθινον θεον και ον απεστειλας ιησουν χριστον
JOH-17-4: εγω σε εδοξασα επι της γης το εργον τελειωσας ο δεδωκας μοι ινα ποιησω
JOH-17-5: και νυν δοξασον με συ πατερ παρα σεαυτω τη δοξη η ειχον προ του τον κοσμον ειναι παρα σοι
JOH-17-6: εφανερωσα σου το ονομα τοις ανθρωποις ους εδωκας μοι εκ του κοσμου σοι ησαν καμοι αυτους εδωκας και τον λογον σου τετηρηκαν
النص الإنجليزي
JOH-17-1: These words spake Jesus, and lifted up his eyes to heaven, and said, Father, the hour is come; glorify thy Son, that thy Son also may glorify thee:
JOH-17-2: As thou hast given him power over all flesh, that he should give eternal life to as many as thou hast given him.
JOH-17-3: And this is life eternal, that they might know thee the only true God, and Jesus Christ, whom thou hast sent.
JOH-17-4: I have glorified thee on the earth: I have finished the work which thou gavest me to do.
JOH-17-5: And now, O Father, glorify thou me with thine own self with the glory which I had with thee before the world was.
JOH-17-6: I have manifested thy name unto the men which thou gavest me out of the world: thine they were, and thou gavest them me; and they have kept thy word.
النص السرياني
JOH-17-1: ܗܠܝܢ ܡܠܠ ܝܫܘܥ ܘܐܪܝܡ ܥܝܢܘܗܝ ܠܫܡܝܐ ܘܐܡܪ ܐܒܝ ܐܬܬ ܫܥܬܐ ܫܒܚ ܒܪܟ ܕܒܪܟ ܢܫܒܚܟ ܀
JOH-17-2: ܐܝܟܢܐ ܕܝܗܒܬ ܠܗ ܫܘܠܛܢܐ ܥܠ ܟܠ ܒܤܪ ܕܟܠ ܡܐ ܕܝܗܒܬ ܠܗ ܢܬܠ ܠܗ ܚܝܐ ܕܠܥܠܡ ܀
JOH-17-3: ܗܠܝܢ ܐܢܘܢ ܕܝܢ ܚܝܐ ܕܠܥܠܡ ܕܢܕܥܘܢܟ ܕܐܢܬ ܐܢܬ ܐܠܗܐ ܕܫܪܪܐ ܒܠܚܘܕܝܟ ܘܡܢ ܕܫܕܪܬ ܝܫܘܥ ܡܫܝܚܐ ܀
JOH-17-4: ܐܢܐ ܫܒܚܬܟ ܒܐܪܥܐ ܥܒܕܐ ܗܘ ܕܝܗܒܬ ܠܝ ܕܐܥܒܕ ܫܠܡܬܗ ܀
JOH-17-5: ܘܗܫܐ ܫܒܚܝܢܝ ܐܢܬ ܐܒܝ ܠܘܬܟ ܒܗܘ ܫܘܒܚܐ ܕܐܝܬ ܗܘܐ ܠܝ ܠܘܬܟ ܡܢ ܩܕܡ ܕܢܗܘܐ ܥܠܡܐ ܀
JOH-17-6: ܐܘܕܥܬ ܫܡܟ ܠܒܢܝ ܐܢܫܐ ܗܢܘܢ ܕܝܗܒܬ ܠܝ ܡܢ ܥܠܡܐ ܕܝܠܟ ܗܘܘ ܘܠܝ ܝܗܒܬ ܐܢܘܢ ܘܢܛܪܘ ܡܠܬܟ ܀
في كافة النصوص السابقة كان النص كالتالي:
[ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ هِيَ أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقَّ وَحْدَكَ، وَالَّذِي أَرْسَلْتَهُ: يَسُوعَ الْمَسِيحَ ] يو-17-3
يفهم من هذا النص أن الإله الواحد الحق والذي أرسله الله هو يسوع المسيح..
إلا أنه وفي الترجمة التي تمت في عهد البابا كيرلس السادس وذلك من خلال لجنة اعتمدها بنفسه ؟ تم تحريف النص السابق هكذا :
[ وَالْحَيَاةُالأَبَدِيَّةُ هِيَ أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقَّ وَحْدَكَ، وَالَّذِي أَرْسَلْتَهُ:مَعَ يَسُوعَ الْمَسِيحَ ] يو-17-3
وهم بهذه الترجمة جعلوا الآب إلها مع يسوع.. أرأيتم كيف تم التزوير والتحريف.
i_safe.gif
وبالرجوع إلى النص الأصلي في كافة المخطوطات تجد أن النص يفصل بين معرفة الإله وبين معرفة الرسول.

880665191.jpg


ابن الإنسان الذي هو في السماء
جاء في ترجمة الفاندايك من سفر يوحنا 3/13:[ وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.].
تكمن خطورة هذا النص في أهميته من الناحية اللاهوتية عند من يؤمن بإلوهية المسيح ، إذ أنه من بين النصوص الهامة جداً التي لا يخلو كتاب يتكلم عن إلوهية المسيح إلا ويستند على هذا النص.. نأخذ مثالاً على ذلك قول البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية في كتابه ( لاهوت المسيح ص45) والذي يدرس على طلاب الكلية الإكليريكية بعد ذكره لهذا النص ترجمة الفاندايك يوحنا 3/13:[ وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.].
فعقب قائلاً:[ وقوله (ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ) معناه أنه كائن في السماء.. بينما هو على الأرض يتكلم، مما يثبت لاهوته أيضاً لوجوده في السماء وعلى الأرض في نفس الوقت]أﻫ.
وهكذا يتضح جلياً من كلام البابا شنودة أهمية عبارة (الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.)..
أما القس مرقس عزيز خليل في كتابه ( هل المسيح هو الله ص25) فقد وضع عنواناً كبيراً وبالخط الكبير :[ هل كان في السماء وعلى الأرض في وقت واحد]..
وتحت هذا العنوان يقول: (..[ وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.]..والمعنى من ذلك أن السماء العليا أو سماء السموات حيث العرش الإلهي لم يصعد إليها بعد أحد من الناس، إنما المسيح مع أنه في صورة الإنسان، هو الوحيد الذي يملك القدرة على الصعود إليها، لأنه نزل منها وهو كائن فيها على الرغم من أنه في نفس الوقت قائم على الأرض بكيانه المحسوس). أﻫ.
ولكن تأتي المفاجأة المذهلة وهي أن هذا النص لم يسلم من يد المحرفين:
1ـ ترجمة الفاندايك يوحنا 3/13:[ وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.].
2ـ موقع الكلمة يوحنا 3/13:[ 13ما صَعِدَ أحَدٌ إلى السَّماءِ إلاَ اَبنُ الإنسانِ الذي نزَلَ مِنَ السَّماءِ.].
3ـ الترجمة العربية المشتركة يوحنا 3/13:[13ما صَعِدَ أحَدٌ إلى السَّماءِ إلاَّ اَبنُ الإنسانِ الّذي نزَلَ مِنَ السَّماءِ.].
4ـ الترجمة الكاثوليكية يوحنا 3/13:[13فما مِن أَحَدٍ يَصعَدُ إِلى السَّماء إِلاَّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء وهو ابنُ الإِنسان.].
5ـ الترجمة البوليسية يوحنا 3/13:[13 فإِنَّهُ لم يَصْعَدْ أَحَدٌ إلى السَّماءِ إِلاَّ الذي نَزَلَ منَ السَّماءِ، ابنُ البَشَرِ الكائِنُ في السَّماء.].
لا حظ أن عبارة (الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ)..قد اختفت من كل الترجمات التي جاءت بعد ذلك.
والسؤال الآن لماذا اختفت هذه العبارة من النصوص السابقة والتي اعتمد عليها البابا شنودة وغيره في إثبات إلوهية السيد المسيح؟..
وهمسة في أذن نيافة القس مرقس عزيز خليل :
هل حقا ما تقول أن الرب يسوع يقول عن نفسه[وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.].
فما هو قولك عن أَخْنُوخ؟.. ألم يصعد هو الأخر إلي السماء كما ورد في تكوين 5/24:
[24وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.].
وألم يصعد إِيلِيَّا في السماء كما هو وارد في 2ملوك 2/11 : [11وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ.]..

586678826.jpg


كاي اوديس انابيبيكس تون اورانون آيماي هو ايك تو اورانو كاتاباس هو ويؤس تو انثروبو
وتعني لم يصعد أحد إلى السماء إلا ابن الإنسان الذي نزل منها!!!..
فمن أين أتى النصارى بـ "الذي هو في السماء" ؟!..
لماذا لا تكون من اختراع أحد الآباء أضافها إلى المتن في بعض النسخ ثم شاعت قراءتها بين الشعب؟!..
وليست المخطوطة السينائية فقط هي التي تقرأها هكذا بل هناك عدة من المخطوطات تقرأ القراءة القصيرة حاذفةً أو بالأحرى لا تضيف النص ( الذي هو في السماء (!!.وكل حرف يكتب في هذا المجال هو دليل قاطع على تحريف العهد الجديد على يد الأولين .. ألا لعنة الله على الظالمين..
هذه المخطوطة المحذوف منها الذي في السماء، ليست هي الوحيدة، وإنما هذه الزيادة غائبة من كل المخطوطات القديمة مثل: بردية 66 ، بردية 75، الفاتيكانية, القبطية الصعيدية، القبطية البحيرية، القبطية الأخميمية، القبطية الفيومية، الجورجية.
أما آباء الكنيسة الذين اقتبسوا من هذا العدد من إنجيل يوحنا ولم يوجد في اقتباسهم هذه الزيادة هم:أوريجانوس، يوسابيوس القيصري، أدمانتيوس، غرغوريوس" النزانيزي" ، ثيودورت، جيروم.
وعلماء المخطوطات المدققين فضلوا حذف هذه الزيادة، فقد حُذفت من قراءة(نستل ألاند) ،
و( وستكوت و هورت ).

الخلاصة أن آباء الكنيسة لا يعرفون عبارة ( الذي هو في السماء ) والتي يعتمد عليها البابا شنودة وغيره في إثبات إلوهية السيد المسيح، وهي غائبة من المخطوطات الأكثر قدماً.
فإذا لم يكن هذا هو التحريف في المخطوطات الأحدث فما هو التحريف إذن؟؟..
 


المطلب الرابع

عِمَّانُوئِيلُ والثيؤوتوكوس

ما هو معنى »عذراء« الوارد في نبؤة إشعياء 7 :14
»14وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ».«.
علماء المسيحية يقولون أن هذه النبؤة مصداق ما قيل في متى 1 :20 و23 عن ميلاد السيد المسيح عليه السلام:
» 22وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 23«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.« .
والمراد بالنبي عند علمائهم هنا هو إشعياء.
والمتأمل في القصة التي جاءت في سفر إشعياء 7 / 1ـ 25 تأبى أن تكون مصداق هذا القول على عيسى عليه السلام لأنها هكذا:
1ـ أَنَّ رَصِينَ مَلِكَ أَرَامَ ،و فَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ جاءا إِلَى أُورُشَلِيمَ لِمُحَارَبَتِهَا أَيَّامِ آحَازَ بْنِ يُوثَامَ بْنِ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا ، فخاف خوفا شديداً من اتفاقهما فَرَجَفَ قَلْبُهُ وَقُلُوبُ شَعْبِه ، فأوحى الله إلى إشعياء أن تقول لتسلية آحاز: لا تخف، فإنهما لا يقدران عليك، وستزول سلطنتهما، وبين له علامة خراب ملكهما وهي أن امرأة شابة تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ وتصير أرض هذين الملكين خربة قبل أن يميز هذا الابن الخير عن الشر.
2ـ وقد ثبت أن زالت سلطنة رَصِينَ مَلِكَ أَرَامَ (سورية) سنة 730 ق.م عندما جاء تجلات فلاسر الثاني ملك أشور لمساعدة آحَازَ بْنِ يُوثَامَ بْنِ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا فاقتحم بلاد سورية واحتل دمشق وقتل رَصِينَ مَلِكَ أَرَامَ.
وأما فَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فقتله هوشع بن أيلة سنة 730 ق.م وجلس مكانه على العرش وحكم لمدة 9 سنوات، وكان هوشع هو آخر ملوك إسرائيل حيث دمر الأشوريون مملكة إسرائيل سنة 722 ق.م بقيادة شلمناصر وخليفته سرجون الثاني، وعلى هذا الأساس لابد وأن يتولد هذا الابن (عِمَّانُوئِيلَ ) ـ أي المسيح عليه السلام ـ قبل هذه المدة وتخرب الأرض قبل تمييزه.
ولكن عيسى عليه السلام توّلد بعد 721 سنة من خرابها.
فكأن نبوءة إشعياء كانت سنة 743 ق.م ( 722 + 21 ) وكان فَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ يحكم بالاشتراك مع آخرين لمدة 16 سنة وكان له سلطة كبيرة في المملكة ثم انفرد بالحكم سنة 743 ق.م .وقد اختلف أهل الكتاب في مصداق ذلك الخبر فاختار البعض أن إشعياء يريد بالعذراء زوجته ويقول: إنها ستحبل وتلد ابنا وتصير أرض الملكين اللذين تخاف منهما خربة قبل أن يميز هذا الابن الخير عن الشر.
لذلك فإننا نجد أن اليهود قد أدركوا أن السيد المسيح عليه السلام ليس هو المسيح المنتظر مستدلين بمعرفتهم بأصل المسيح عيسى ونسبه وقومه، بينما المنتظر القادم غريب لا يعرفه اليهود لأنه من بيت لاوي وليس من بيت داوود.
لهذه الأسباب المسيح عيسى عليه السلام وأمه ليسا من نسل داووووود.
مرة أخرى عودة لنص إشعياء: »14وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ» إشعياء 7 :14..
وفي متى 1 :20 و23 عن ميلاد السيد المسيح عليه السلام:
» 22وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 23«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.« .
فماهو معنى »عذراء« الوارد في النبؤة؟..
نقارن بين نبؤة متى و إشعياء في اللغتين العبرية و اليونانية
1 ـ النص العبري لأشعياء 7 - 14 :
(HNT) הנה העלמה הרה וילדת בן וקראו שמו עמנואל אשר פרושו האל עמנו׃
2 ـ وإليكم النص العبري ومرفق به النص الإنجليزي من نسخة الملك جيمس:
Isa 7:14 :
לכןTherefore יתןshall give אדניthe Lord הואhimself לכםאותyou asign; הנהBehold, העלמהa virginהרה וילדתand bear בןa son, וקראתand shall call שׁמוhis name עמנואל׃Immanuel.

3 ـ النص اليوناني:
(LXX)διὰτοτο δσει κριος ατς μνσημεον· ἰδοὺἡπαρθνοςἐν γαστρὶἕξει καὶ τέξεται υἱόν, καὶκαλσεις










724192179.jpg


 
העלמהa virgin
עלמהـ علماه
( ‛almâh ) (al-maw' )
בּתוּלהـ باتولاه
(bethûlâh ) ..(beth-oo-law' )
و في الترجمة العبرية متى 1: 23 ستجدها ترجمت الكلمة اليونانيةπαρθενος (parthenos )إلى الكلمةالعبريةהעלמה ( ‛almâh )
و في النص العبري إشعياء 7: 14 الكلمة العبرية هيהעלמה( ‛almâh )والتي ترجمت إلى كلمةπαρθενος(parthenos ) في السبعينية ( اليونانية )..
ومعنى ذلك أن كلمة عذراء في متى وإشعياء هي المقابلة لكلمةהעלמה ( ‛almâh ) بالعبريه وكلمة παρθενοςباليونانية.
فالنص الذي ذكره كاتب إنجيل متَّى، وكذا النص الذي في إشعياء، قد تم تحريفهما عن الأصل ليصبحا نبوءة عن المسيح وأمه العذراء ،وقد وضعت بدلاً من العذراء : المرأة الشابة ، وهو يشمل المرأة العذراء وغيرها, ولقد ذكرنا النص العربي تلاه النص العبري مرفقاً به ترجمة بالإنجليزية من نسخة الملك جيمس المعتمدة.
وهذا الموقع اليهودييوضح الفهم اليهودي للعدد:
http://www.mechon-mamre.org/p/pt/pt1007.htm
اعتقد أنالأمر اتضح هكذا ومع أن الأمثلة كثيرة
937755544.jpg


وكما ترى الكلمة العبرية(בתולה) تستخدم في الكتاب للتعبير عن عذراء حقيقية بكل معاني الكلمة على عكس الكلمة العبرية (העלמה ) وعلى عكس الكلمه اليونانية (παρθενος)و بذلك يتضح أن نبؤة إشعياء المكتوبة بالأصل العبري لم تستخدم كلمة (בתולה بتوله) والتي تعنى عذراء حقيقية واستخدمت كلمة (העלמה) التي تعنى أي فتاه شابه غير متزوجة وقد تكون عذراء أو غير عذراء ولعل الباحث عن الحقيقة يسأل نفسه سؤال يوضح الأمر وهو هل النبي إشعياء لم يكن يعرف العبرية بصورة جيدة ولذلك استخدم كلمة (העלמה) والتي تحتمل عذراء أو غير عذراء أم انه كان يعرف العبرية جيدا وكان يستطيع أن يستخدم كلمة (בתולה) وينهى هذا الجدل ؟ الآن يجب أن تسأل نفسك مرة أخرى لماذا لم يستخدم إشعياء هذه الكلمة إذا كان يعنى العذراء مريم ؟..والتي يسميها المسلمون البتول مريم وهي نفس نطق الكلمة العبرية (בתולה)باتولا .
الكثير من أهل الكتاب يستدلوا على صحة كتابهم بمخطوطات قمران و يتحدوا بعدم وجود فارق بين نص كتابهم و نصوص قمران و رغم أن موضوع تغيير و تبديل الكتاب ليس موضوعنا فى هذا البحث إلا انه من المفيد أن نتطرق إلى الفرق بين نص العدد موضوع البحث من مخطوطة قمران و نصه من مخطوطة الاليبو و التي تمثل النص المازوري موضحين نقاط الاختلاف و متسائلين ما هو النص الأصلي الذي كتبه أشعياء ؟.
و إليك هذه الفروق في نقاط مختصرة :
1 ـ كلمةאדניبمعنى سيد أو رب جاءت في مخطوطاتقمرانיהוהأي ياهوا أو جاهوفا والمعروف أن اليهود كانوا يكتبون ياهوا وينطقونها ادوناي والسؤال هو هل من حق ناسخ أن يغير لفظةיהוהالتي كان يستحم الناسخ قبل كتابتها في كل مرة ينسخها في المخطوطة إلىאדני؟ وماذا يعتبر هذا ؟ تغيير تبديل أم تحريف أم لا شيء ؟
2 ـ كلمةוקראתجاءت على هذه الصورة والتي تعنى تدعوه أو ستدعوه كما جاءت في تكوين 17:19 (فقال الله بل سارة امرأتك تلد لك ابنا وتدعو اسمه إسحاق. وأقيم عهدي معه عهدا أبديا لنسله من بعده. )وهو ما يخالف مخطوطة قمران التي أتت على الصورةוקראوالتي تعنى دعت كما جاءت في تكوين 16: 13 (فدعت اسم الرب الذي تكلم معها: «أنت ايل رئي». لأنها قالت: «اههنا أيضا رأيت بعد رؤية؟» ) .
3 ـ جاءت كلمة عمانوئيل في صورة كلمة من مقطعواحدעמנואלفي النص المازورى أما في نص قمران فجاءت كلمة من مقطعينעמנו- אל.
إن كان أشعياء يريد تحديداً كلمة عذراء لوضعها لأنه يعرفها , ولكن هو تحريف وتزييف من أجل الوصول إلى نبوءة مزيفة عن يسوع.
يَسُوعُ...أم عِمَّانُوئِيلُ
لقد رأينا كيف تم التزوير والتحريف في النص الأصلي الوارد في في متى 1 :20 و23 عن ميلاد السيد المسيح عليه السلام:
» 22وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 23«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.« .
حتى يجعلوا هذا النص مصداقاً لما هو موجود في النص الوارد في نبؤة إشعياء 7 :14
»14وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ».«.
ولكن فاتهم شيءٌ هامٌ جداً
أتعرفون ما هو؟..
دققوا في النصين جلياً..
لقد أمر ملاك الرب أن يسمى السيد المسيح قبل ولادته، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ.
والسؤال الآن
هل التزم السيد يوسف ومعه امرأته بما أمر به ملاك الرب؟..
أبدأً..أبداً..لم يلتزم بل سماه يَسُوعَ
اقرءوا معي
ورد في متى1/25 ترجمة الفاندايك:
[ 24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. 25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ..]..
واستدلوا بالتراجم الحديثة التالية:
1ـ العربية المشتركة متى1/25: [24فلمَّا قامَ يوسفُ مِنَ النَّومِ، عَمِلَ بِما أمَرَهُ مَلاكُ الرَّبِّ. فَجاءَ باَمْرَأتِهِ إلى بَيتِه، 25ولكِنَّهُ ما عَرَفَها حتّى ولَدَتِ اَبْنَها فَسَمّاهُ يَسوعَ.].
2ـ الكاثوليكية متى1/25: [24فلمَّا قامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوم، فَعلَ كَما أَمرَه مَلاكُ الرَّبِّ فأَتى بِامرَأَتِه إِلى بَيتِه، 25على أَنَّه لم يَعرِفْها حتَّى ولَدَتِ ابناً فسمَّاه يسوع.].
3ـ البولسية [24 فلمَّا نهَضَ يوسُفُ منَ النَّومِ، فعَلَ كما أَمرَهُ ملاكُ الربِّ، فأخَذَ امرأَتَهُ؛ 25 ووَلَدَتِ ابنَها، وهُوَ لم يَعْرِفْها، فسمَّاه يسوع.].
4ـ كتاب الحياة [24وَلَمَّا نَهَضَ يُوسُفُ مِنْ نَوْمِهِ، فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْمَلاكُ الَّذِي مِنَ الرَّبِّ؛ فَأَتَى بِعَرُوسِهِ إِلَى بَيْتِهِ. 25وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْناً، فَسَمَّاهُ يَسُوعَ.].
والسؤال الآن لماذا [ دَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ ] ؟. ألم يأمره ملاك الرب أن يَدْعُو (اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ)؟..
لماذا خالف يوسف كلام الرب؟؟..لقد ورد في كافة الطبعات المعتمدة [ 24فلمَّا قامَ يوسفُ مِنَ النَّومِ، عَمِلَ بِما أمَرَهُ مَلاكُ الرَّبَّ.].
وعلمنا أن ملاك الرب قد أمره بأن: [يَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ]..
وإليك النص من كافة الترجمات المعتمدة عند مختلف الطوائف:
1ـ متى 1 :25 الترجمة العربية المشتركة:[ 22حَدَثَ هذا كُلُّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبُّ بلِسانِ النَّبـيِّ: 23(سَتحْبَلُ العَذْراءُ، فتَلِدُ اَبْناً يُدْعى (عِمّانوئيلَ) ، أي اللهُ مَعَنا. 24فلمَّا قامَ يوسفُ مِنَ النَّومِ، عَمِلَ بِما أمَرَهُ مَلاكُ الرَّبِّ. فَجاءَ باَمْرَأتِهِ إلى بَيتِه، 25ولكِنَّهُ ما عَرَفَها حتّى ولَدَتِ اَبْنَها فَسَمّاهُ يَسوعَ.].
2ـ متى 1 :25 فاندايك:[22وَهَذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ القَائِلِ : 23(هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً ، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ) الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا .24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. 25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.].
3ـ متى 1 :25 الترجمة الكاثوليكية:[22وكانَ هذا كُلُّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبُّ على لِسانِ النَّبِيّ: 23 (ها إِنَّ العَذراءَ تَحْمِلُ فتَلِدُ ابناً يُسمُّونَه عِمَّانوئيل)أَيِ (اللهُ معَنا). 24فلمَّا قامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوم، فَعلَ كَما أَمرَه مَلاكُ الرَّبِّ فأَتى بِامرَأَتِه إِلى بَيتِه، 25على أَنَّه لم يَعرِفْها حتَّى ولَدَتِ ابناً فسمَّاه يسوع.].
4ـ متى 1 :25 الترجمة البولسية:[23 "ها إِنَّ العذراءَ تَحْبَلُ وتَلِدُ ابنًا ويُدعى اسْمُهُ عِمَّانوئيلَ" أَي: اللهُ معَنا. 24 فلمَّا نهَضَ يوسُفُ منَ النَّومِ، فعَلَ كما أَمرَهُ ملاكُ الربِّ، فأخَذَ امرأَتَهُ؛ 25 ووَلَدَتِ ابنَها، وهُوَ لم يَعْرِفْها، فسمَّاه يسوع.].
5ـ متى 1 :25 ترجمة كتاب الحياة:[23«هَا إِنَّ الْعَذْرَاءَ تَحْبَلُ، وَتَلِدُ ابْناً، وَيُدْعَى عِمَّانُوئِيلَ!» أَيِ «اللهُ مَعَنَا». 24وَلَمَّا نَهَضَ يُوسُفُ مِنْ نَوْمِهِ، فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْمَلاكُ الَّذِي مِنَ الرَّبِّ؛ فَأَتَى بِعَرُوسِهِ إِلَى بَيْتِهِ. 25وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْناً، فَسَمَّاهُ يَسُوعَ.].
6ـ متى 1 :25 كتاب الكلمة:[ 22حَدَثَ هذا كُلٌّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبٌّ بلِسانِ النَّبـيَّ: 23"سَتحْبَلُ العَذْراءُ، فتَلِدُ اَبْناً يُدْعى "عِمّانوئيلَ"، أي الله مَعَنا.24فلمَّا قامَ يوسفُ مِنَ النَّومِ، عَمِلَ بِما أمَرَهُ مَلاكُ الرَّبَّ. فَجاءَ باَمْرَأتِهِ إلى بَيتِه، 25ولكِنَّهُ ما عَرَفَها حتى ولَدَتِ اَبْنَها فَسَمّاهُ يَسوعَ.].
فملاك الرب يأمره أن يسمه "عِمّانوئيلَ" ومع ذلك قام قداسته وبعد ولادتها اَبْنَها[ فَسَمّاهُ يَسوعَ].
ومرة أخرى لماذا يا يوسف..لماذا؟...
لماذا خالفت أوامر الرب يا يوسف لماذا؟؟.. لقد مات القديس يوسف ومات معه السر ولا يعرف أحداً حتى الآن، لماذا خالف أبو (أخوة الإله) أوامر ابن زوجته( الإله) الذي هو ربه، وأطلق عليه اسماً آخراً بمزاجه هو، فما هي عقوبة من يخالف أوامر الرب القدير؟؟..وبتعمد؟..
أم أن في الأمر محاباة لأنه زوج أمه؟..وهل يحابي الإله أحداً.. أم أننا كلنا عبيده ونحن كلنا عنده سواء؟.. يمكن لأن القديس يوسف زوج أمه ..يمكن.. نحن لا نعرف ماذا دار بينهما بعد أن فرض القديس يوسف اسم يسوع علي ربه فرضاً.. ومات القديس يوسف ومات السر معه ولا نعرف لماذا خالف تعاليم ملاك الرب..
سؤال أخر.. هل تسمية السيد المسيح بـ (يَسُوعَ). تحقق النبوءة الواردة في سفر إشعياء؟..
إذ أن المراد بالنبي عند علمائهم هنا هو إشعياء عليه السلام وذلك مصداقا لما جاء في سفر إشعياء 7/ 13ـ 14: [13فَقَالَ: «اسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُدَ. هَلْ هُوَ قَلِيلٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تُضْجِرُوا النَّاسَ حَتَّى تُضْجِرُوا إِلَهِي أَيْضاً؟ 14وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». ].
فإذا كنتم تريدون تحقيق النبوءة بحق فليسم ابن مريم بـ«عِمَّانُوئِيلَ».
أما وأن يتم تسميته بخلاف ذلك.. إذن النبوءة لم تتحقق...صح!!!..
 
المطلب الخامس

ختان الإله


الثيؤوتوكوس


223304080.jpg


ها هي ذي السيدة مريم تضع وليدها إله المسيحيين يَسُوعَ...أم عِمَّانُوئِيلَ..غير مهم ..فالمهم أنها وضعته وبعد ثمانية أيام جاء أهله ليختنوه
كما هو وارد في لوقا 2 : 21 [21وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ. ]..
وقبل أن نتحدث عن ختان الرب الإله يسوع ..دعونا ننقل ما هو مكتوب في السنسكار القبطي..
السنكسار اليومي و سير القديسين
للشهر المبارك، شهر طوبة

ما هو السنكسار؟.
السنكسار هو كتاب يحوي سير الآباء القديسين و الشهداء (السنكسارات)، وتذكارات الأعياد، وأيام الصوم، مرتبة حسب أيام السنة، ويُقرأ منه في الصلوات اليومية.. وهو يستخدم التقويم القبطي والشهور القبطية (ثلاثة عشر شهراً)، وكل شهر فيها 30 يوم، والشهر الأخير المكمل هو شهر نسيء يُطلق عليه الشهر الصغير. والتقويم القبطي هو تقويم نجمي يتبع دورة نجم الشعرى اليمانية.
وعيد الختان هو عيد سيدي صغير يخص ختان السيد المسيح في لحم الغرلة حسب وصية الله المقدسة التي جاءت في (تك 17: 9 – 14) إذ يقول الله:
[9وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيم: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي، أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. 10هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ، 11فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ، فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ، وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13يُخْتَنُ خِتَانًا وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ، فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. 14وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي». ]
نص السنكسار
سنكسار اليوم 6 من شهر طوبة
أحسن الله استقباله لسنة 1726 لتقويم الشهداء
وأعادة علينا وعليكم ونحن في هدوء واطمئنان مغفوري الخطايا
والآثام من قبل مراحم الرب يا أبائي وإخوتي أمين
الموافق الخميس 14 من شهريناير لسنة 2010 بالتقويم الميلادي
عيد الختان المجيد ( 6 طوبة)
في هذا اليوم تحتفل الكنيسة بتذكار ختان السيد المسيح له المجد ، وذلك أن الله كان قد رسم شريعة الختان علامة يتميز بها شعبه عن الشعوب الأخرى وهي أن يختتن كل ذكر من نسل إبراهيم في ثامن يوم من ميلاده ، وقد وضع الرب كل نفس لا تحفظ هذا العهد تحت القصاص ومن ثم إذ كان سيدنا مولودا من نسل إبراهيم بالجسد فقد أراد هو أيضا أن يختتن في ثامن يوم من ميلاده ليكمل الناموس وليعتقنا من ثقل هذه الوصية كما يقول لسان العطر بولس الرسول " أن يسوع المسيح قد صار خادم الختان من اجل صدق الله حتى يثبت مواعيد الآباء " ثم أعطانا علامة العهد الجديد بالمعمودية كما قال الرسول " وبه أيضا ختنتم ختانا غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح مدفونين معه بالمعمودية التي فيها أقمتم أيضا معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات . وإذ كنتم أمواتا في الخطايا وغلف جسدكم أحياكم معه مسامحا لكم بجميع خطاياكم . لهذا يريد منا أن نحفظ الختان الروحي أي ختان القلب لنحيا له في الرب والقداسة لأنه " إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله . ولربنا المجد إلى الأبد أمين.
وإليكم ذكصولوجيه عيد الختان باللغة القبطية القديمة
مرفق بها الترجمة العربية
(آبينشويس إيسوس / ربنا يسوع المسيح)
* آبينشويس إيسوس بخريستوس: إبشيرى إمفنوتى آليثوس: في إيطاف تشى ساركس خين تى بارثينوس: إسميسى إمموف هو آغاثوس.
* ربنا يسوع المسيح ابن الله الحقيقي الذي تجسد من العذراء ولدته كصالح
* خين بى ماه إشمين إن إيهوؤ: إنتى بيف جينميسى إمباراذوكسون: أفشوب إيروف إمبى سيفى: كاطا بى تيسشى إمبى نوموس.
* في اليوم الثامن لميلاده المجيد قبل إليه الختان كعادة الناموس
* آموينى إنتين أوؤشت إمموف: جى إنثوف بى إفنوتى خين أو ميثمى: إنتينتى أو أوو إن تى بارثينوس: ثى إيطاس إجفوف سوما تيكوس.
* تعالوا لنسجد له لأنه الإله الحقيقي فلنمجد العذراء التي ولدته جسديا
* ثليل إمموتين إم فوؤ: نى إثنوس تيرو خين أوراشى: جى بخرستوس أفئوب إيروب: امبى سيفى إى إهرى إيجون.
* تهللوا اليوم يا جميع الأمم بفرح لأن المسيح قبل إليه الختان عنا
* هينا إنتيف آيتين إن ريمهى: إفول ها إبسيفى انتى تى ساركس: انتيفتى نان إمبيف ابنفما إثؤاب: هيتين بى جوك إفول.
* لكي يصيرنا أحرارا من ختان الجسد ولكي يعطينا روحه القدوس بالكمال
* مارو تشيشسيبى إنسيتشى شوش: إنجى نى هاراسيس تيرو إتسوف: إفسوتيم إمبافلوس: جى آنوك أوسيفى خين بيماه إشمين إن إيهوؤ.
* ليخزى وليفتضح كل الهراطقة الأنجاس وليسمعوا بولس قائلاً أنا المختون في اليوم الثامن
* إفتى مينى نان إيجين بخرستوس: جى أفشوب إيروف إمبى سفى: خين بى ماه إشمين إن إيهوؤ: كاطا إفنو موس إممو إيسيس.
* ويدلنا على المسيح انه قبل إليه الختان في اليوم الثامن كناموس موسى
* الليلويا الليلويا الليلويا الليلويا: ايسوس بخرستوس إبشيرى إمفنوتى: إفشوب إيروف إمبى سيفى.
* هلليلويا هلليلويا هلليلويا هلليلويا يسوع المسيح ابن الله قبل إليه الختان
تقال في 6 طوبة
بحسب ما ورد في السنكسار بعاليه ففي مثل هذا اليوم (14 يناير) تمّ ختان إله المسيحيين يَسُوعُ...أم عِمَّانُوئِيلَ ..غير مهم ..فالمهم أنه حسب الشريعة اليهودية التي لا تزال بها شريعة الختان حتى الآن والختان هو عملية إزالة أو استئصال "القلفة" (Foreskin) وهي عبارة عن قطعة جلد على شكل اسطواني مستدير وتقع على "مقدمة" العضو الذكري وتحيط بها من أسفلها وحتى نهاية العضو..
وبما أنّ المسيح "عليه السلام" قد تم ختانه في اليوم الثامن من ميلاده (بحسب المذكور في السنكسار) فإنّ هذه القطعة الجلدية قد تم استئصالها من جسده وإلقاءها بعيداً في النفايات ليأكلها دود الأرض.
والسؤال الآن:
هل هذه القطعة الجلدية البشرية جزء من الإله أم لا ؟..
هل هي خالقة ...أم مخلوقة؟!!..
أين ذهبت؟ ألم يأكلها دود الأرض وألقت في التراب؟...
أليست لحم مادي بشري مخلوق مثل جلد ولحم البشر؟

لو كان المسيح عليه السلام أكثر من نبي ورسول مرسل من الله الربّ الإله الديّان الحقيقي.. أقول أنه إذا كان المسيح هو الله نفسه ظاهراً في جسد بشري فهل كان يظهر في جسد مخلوق يأكل ويشرب ويتبول ويتبرز وتنمو أظافره فيقصها وينمو شعره فيقصه ويختتن فتنفصل قطعة من جسده إلى خشاش الأرض ودوابها؟..
إذا كان اللاهوت قد حلّ في الناسوت منذ اللحظة الأولى من الحبل المقدس (راجع كتاب طبيعة المسيح للأنبا شنودة) وهذه الحشفة جزء من الناسوت فكيف ـ بالله عليكم ـ يتثنى قطعها!؟؟؟
كيف يستطيع مخلوق مثل السيدة العذراء أو يوسف خطيبها..أو أي كائن مخلوق أن يقطع جزء من الناسوت الإلهي!!!؟؟؟..
ألا تتعجب في قرارة نفسك من إله يُختن؟.
حسناً .. إذا افترضت معك أن المسيح هو الله الربّ الإله الذي خلقني وخلقك فعلاً وأنه ظهر في جسد بهذه المواصفات فعلاً ( وأنا أعلم أنك لا تنكر هذه المواصفات)..
أقول: إذا افترضنا أن كلّ ذلك قد حدث بالفعل.فهل ـ على الأقل ـ لا تختلف معي بعد كل هذه الحقائق في أن جسده هذا هو جسد مخلوق؟..
والسؤال الأن لكل مسيحي:
هل مازلت تؤمن بأن السيدة مريم هيالثيؤوتوكوس
يقول سبحانه وتعالى : ( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) المائدة:75
و قوله تعالى" كانا يأكلان الطعام" أي يحتاجان إلى التغذية به وإلى خروجه منهما فهما عبدان كسائر الناس وليسا بإلهين كما زعمت فرق ثم قال تعالى" انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ " أي نوضحها ونظهرها " ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ " أي ثم انظر بعد هذا البيان والوضوح والجلاء أين يذهبون وبأي قول يتمسكون وإلى أي مذهب من الضلال يذهبون. (ابن كثير).
قوله تعالى: "كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ" أي أنه مولود مربوب، ومن ولدته النساء وكان يأكل الطعام مخلوق محدث كسائر المخلوقين؛ ولم يدفع هذا أحد منهم، فمتى يصلح المربوب لأن يكون ربا؟! وقولهم: كان يأكل بناسوته لا بلاهوته فهذا منهم مصير إلى الاختلاط، ولا يتصور اختلاط إله بغير إله، ولو جاز اختلاط القديم بالمحدث لجاز أن يصير القديم محدثا، ولو صح هذا في حق عيسى لصح في حق غيره حتى يقال: اللاهوت مخالط لكل محدث. وقال بعض المفسرين في قوله: "كانا يأكلان الطعام" إنه كناية عن الغائط والبول. وفى هذا دلالة على أنهما بشران. (القرطبي).
"كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ"كغيرهما من الناس ومن كان كذلك لا يكون إلها لتركيبه وضعفه وما ينشأ من البول والغائط (انظُرْ) متعجبا (كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ) على وحدانيتنا (ثُمَّ انظُرْ أَنَّى) كيف (يُؤْفَكُونَ) يصرفون عن الحق مع قيام البرهان (الجلالين).
والآية التي تلي هذه الآية مباشرة هي قوله تعالى: "قلأتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم" زيادة في البيان وإقامة حجة عليهم؛ أي أنتم مقرون أن عيسى كان جنينا في بطن أمه، لا يملك لأحد ضرا ولا نفعا، وإذ أقررتم أن عيسى كان في حال من الأحوال لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم ولا ينفع ولا يضر، فكيف اتخذتموه إلها؟. "والله هو السميع العليم" أي لم يزل سميعا عليما يملك الضر والنفع. ومن كانت هذه صفته فهو الإله على الحقيقة. والله أعلم (القرطبي).
ما معنى كلمة صِدِّيقَةٌ التي وردت وصفاً للسيدة مريم أم المسيح عليه السلام؟.
بسم الله الرحمن الرحيم (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)النساء : 69
فمن هم الصِّدِّيقون؟[ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57) أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) ] مريم: 54ـ 58
الصِّدِّيقون يمثلون مجموعة قائمة بذاتها تدخل مجموعةً جزئيةً في مجموعة (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ).. ومجموعة الصديقين تحتوي على مجموعة وأشخاص.

أما المجموعة فهم (الذين آمنوا بالله ورسله) كما ورد في قوله تعالى:

( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) الحديد :19.

وأما الأشخاص فهم إبراهيم وإدريس ومريم ويوسف وهارون.

1 ـ إبراهيم: ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا) مريم: 41.
إبراهيم صدِّيق ونبي وحتى الآن نرى إبراهيم يدخل في الصديقين والنبيين وهو كان صديقاً قبل أن يكون نبياً وذلك لأنه صدَّق بالله وملكوته من خلال منهاجه الحنيفي ولأنه صدَّق الرؤيا التي رآها في منامه
( وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) الصافات: 105ـ106.2.

إدريس: ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا ـ مريم 56). إدريس صدِّيق ونبي على منهاج إبراهيم وذُكِر مع إسماعيل وذي الكفل بأنه من الصابرين والصالحين.بالإضافة إلى أنه رُفِع مكاناً عليَّاً.
3 ـ مريم: ( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المائدة: 75.
ومريم صديقة لأنها صدَّقت بكلمات ربها وكتبه ( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ) التحريم: 12.
4 ـ يوسف: ( يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ) يوسف: 46. وجاء وصف يوسف بالصدِّيق على لسان رسول الملك.
5 ـ هارون: ( وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ )القصص: 34. وجاء وصف هارون بفعل (يصدقني) على لسان أخيه النبي موسى.
وهنا يقفز السؤال: هل هذه المجموعات الجزئية {النبيين، الصديقين، الشهداء، الصالحين} تصاعدية بحيث تشمل أية مجموعة كل المجموعات التي قبلها مما يعني أن الصالحين هم شهداء وصديقون ونبيون وأن الشهداء صديقون ونبيون وأن الصديقين نبيون؟ أم أنها مجموعات منفصلة؟ وللإجابة عن هذا السؤال علينا أن نتذكر أن كلا من النبيين الكريمين إبراهيم (الشعراء 83) ويوسف (يوسف 101) قد دعا ربه أن يلحقه بالصالحين.
والخلاصة في موضوع الصديقين أن إبراهيم وإدريس ويوسف وهارون من الصِّدِّيقين ومن النبيين ومريم من الصديقين. والله أعلم.
 
المطلب السادس

الماريولوجي

697615681.jpg


صورة من دائرة المعارف البريطانية تتكلم عن الماريولوجي ..أو العلم المريمي أو المريموت أو الماريموت...... و هو علم يبحث في اللاهوت المريّمي..... و أساسه هو ما أقره مُجمع إفسس في عام 431 أن مريم هي أم الإله أو الثيؤوتوكوس...... و هو أساس ما يُسمى بالحمل العذري...أن الله اختار مريم كأم لولده لأنه طاهرة من الخطيئة الأولى....و يتم الاحتفال بعيد الحمل العذري لدى الكنيسة الكاثوليكية في يوم 8 مارس..... و الأب بيوس التاسع في عام 1854 هو من أعلن أن مبدأ طهارة مريم من الخطيئة، هو أهم أسس الكنيسة الكاثوليكية....و على هذا الأساس تم اعتماد مريم رسمياً كرمز للفداء و كرسول بين البشر و ابنها الإله المُقدس.


الفصل الخامس


شهادات آباء الكنيسة


(على تحريف الكتاب المقدس)


من أشهر الأدلة التي يستند عليها القائلون بعدم تحريف الكتاب هو شهادات آباء الكنيسة ،
فمثلاً الدكتور القس منيس عبد النورفي يقول: ( كان جميع المسيحيين يتعبدون بتلاوة أسفار العهد الجديد كما هي بين أيدينا اليوم )[ شبهات وهمية ـ منيس عبد النور ـ ص 17 ـ كنيسة قصر الدوبارة الإنجيلية]، ويستمر القس قائلاً:
( كتب أئمة المسيحية جداول بأسماء الكتب المقدسة , كان أولها جدول العالم العظيم أوريجانوس الإسكندري ( بعد يوحنا الرسول بمئة سنة) . وجدوله محفوظ في باريس، وذكره يوسابيوس في تاريخه ، وفيه الأربع بشائر وأعمال الرسل ورسائل بولس الأربع عشرة ورسالتي بطرس وثلاث رسائل يوحنا وكتاب الرؤيا ، وهو الموجود عندنا اليوم ، ولم يذكر الكتب المفتعلة ، مما يدل على أن المسيحيين لم يعرفوا سوى كتبهم الموحى بها).
وهكذا يستمر القس باللعب على وتر شهادة آباء الكنيسه في الصفحات من 25إلى 27 مستشهداً برجال من القرن الأول مثل "برنابا" ومن رجال القرن الثاني "بابياس" أسقف هيرابوليس في آسيا ومن رجال القرن الثالث "أوريجانوس" أما من رجال القرن الرابع فيذكر مثلاً "يوسابيوس" المؤرخ أسقف قيصرية .
أما عن القس عبد المسيح بسيط أبو الخير في كتابه "الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه" فقد أعطى الفصل السابع عنوان (شهادة آباء الكنيسة الأولى لصحة ووحي العهد الجديد ) وفي هذا الفصل يستند على شهادة آباء الكنيسة مثلاً رسالة برنابا و شهادة بابياس وأكلمندس الإسكندري وأوريجانوس و يوسابيوس القيصري وأثناسيوس الرسولي.
ويسير على نفس المنوال الدكتور داود رياض[من يقدر على تحريف كلام الله ؟ ص 17] حيث يزعم أن هناك تواتراً[التواتر عند علماء المسلمين أن يروي الجمع عن الجمع بحيث تُحيل العادة التواطؤ على الكذب ، وهذا غير متحقق في الكتاب المقدس ، وسنورد من خلال صفحات البحث ما يدل على هذا ، ناهيك أن أحداً من علماء الكتاب المقدس ما قال بأن كتابهم متواتر بهذا المعنى الذي حققناه عند علماء المسلمين سلفاً.] على صحة الكتاب المقدس ويستشهد على ذلك بجملة من أسماء آباء الكنيسة لا تخرج عما قاله سابقيه ، مثل الإستدلال بأكلمندس وهرماس وبابياس وإيريناوس وغيرهم.
وحتى القس فريز صموئيل[تحريف الإنجيل حقيقة أم افتراء ؟ ص 12] يعزف على نفس الوتر قائلاً : (لقد اختلف المسيحيون فرقاً ، ومع ذلك فالكتاب واحد بنصه عند الجميع ، كل فرقة تقر هذا النص وتؤيد رأيها بما جاء فيه من نصوص، فإذا حرَّفته فرقة لاعترضت الأخرى ولأصبح لدينا نصان واحد محرف والآخر صحيح).
وأما القمص مرقس عزيز[استحالة تحريف الكتاب المقدس ص 38] كاهن الكنيسة المعلقة كما تعودنا منه لم يزد عما قاله سابقوه شيئاً حيث يسرد أدلته على إستحالة تحريف الكتاب المقدس وتحت عنوان شهادة التواتر يقول يذكر لنا التاريخ أن أئمة الدين الذين عاصروا الرسل ، أو الذين خلفوهم في رعاية الكنيسة اقتبسوا في مواعظهم ومؤلفاتهم من الكتب المقدسة وخصوصاً من الإنجيل ، ليقينهم بأنها كتب إلهية موحى بها من الله لا يأتيه الباطل من بين يديها ولا من خلفها) . ثم يستمر القس في ذكر قائمة الآباء مثل أكلمندس ، وديونسيوس وهرماس وغيرهم ويختتم القس كلامه بنتيجه يوجزها بقوله : ( أن جميع المسيحيين منذ البدء ، اعتقدوا بهذه الكتب المقدسة على إختلاف شعوبهم ومذاهبهم)[ إستحالة تحريف الكتاب المقدس ص 40].
ونفس الكلام يردده يوسف رياض في كتابه "وحي الكتاب المقدس" ففي صفحة 56 –57 يقول : (ولقد بذل المؤمنون في العصر الأول عناية خاصة للتمييز بين أسفار الوحي وغيرها من الكتابات ، ولم يقبلوا شيئاً إلا بعد التحري الدقيق . ولقد ضمن الرب لأولئك المؤمنين لا وصول الوحي إليهم فقط ، ولا حتى استنارة المؤمن الفرد فحسب ، بل أيضاً تمييز جموع المؤمنين، واتفاقهم جميعاً معاً من جهة وحي الأسفار . فالرب عندما يتكلم يتكلم بسلطان ، والراعي عندما يتكلم فإن الخراف تميز صوته عن صوت الغريب … ) ثم يستمر الكاتب حتى يصل إلى قمة الجرأة عندما يقول: ( ولقد صار اعتماد هذه الأسفار بأنها وحي الله في نهاية العصر الرسولي .ويرى البعض أن الله أطال عمر يوحنا الرسول (نحو مائة سنة ) لهذا الغرض السامي ، وهو أن يسجل بنفسه اللمسات الأخيرة من الكتاب المقدس ويسلم من تسموا فيما بعد آباء الكنيسة هذا الكتاب ليصل إلينا بقدرة الله الحافظ رغم كل المقاومات) .
وأما داود رياض كالعادة في جميع كتبه ينقل عن الآخرين دون أن يأت بجديد فيقول ( إن جميع المسيحيين منذ البدء، اعتقدوا بهذه الكتب المقدسة على اختلاف شعوبهم ومذاهبهم بالرغم من عقائدهم وأفكارهم المختلفة اتفقوا على نص ثابت للكتاب المقدس " العهد القديم بالعبري والعهد القديم باليوناني" ) [ من يقدر على تحريف كلام الله ؟ داود رياض أرسانيوس ـ ص17] .
وهكذا يستمر القائلون بعدم تحريف الكتاب المقدس في العزف على نفس وتر شهادة آباء الكنيسة ينقل بعضهم من بعض فيقدم أحدهم بعض الأسماء على الأخرى ويؤخر البعض الآخر ثم يخرج كتابأً جديداً تقريباً بنفس الألفاظ فلا يختلف كتاب عن الآخر إلا في لون غلاف الكتاب وأسمه بل إن البعض لم يغير اسم الكتاب بل أكثر من ذلك فإن بعض الكتاب وصل بهم الأمر أن يلعبوا نفس اللعبه في كتاباتهم هم شخصياً فكل فترة يأت بكتابه فيقدم فيه صفحات ويؤخر الأخرى ويقوم بطباعته تحت اسم جديد ، فلم يكّلفوا أنفسهم عناء البحث والتحقيق في صحة الكلام الذي ينقلونه ، فيقارنوا الكلام المكتوب بالمراجع المزعومه .

والسؤال الآن هل حقاً كان لدى آباء الكنيسة تصوراً واضحاً عن ماهية الكتاب المقدس وأسفاره ؟ وهل اتفق آباء الكنيسه على أسفار الكتاب المقدس كما يزعم البعض ؟


و لنأخذ نماذج وأمثلة لآباء الكنيسة وبالمثال يتضح المقال


إيريناوس أسقف ليون ( 120 ـ 202م )

والذي يطلق عليه أبو التقليد الكنسي[ يوم الخمسين في التقليد الآبائي ـ الأب متى المسكين ص 8]
(d. 203 CE): B. F. Westcott, The Bible In The Church: A Popular Account Of The Collection And Reception Of The Holy Scriptures In The Christian Churches, 1879, Macmillan & Co.: London, pp. 122-123; B. F. Westcott, A General Survey Of The History Of The Canon Of The New Testament, 1896, Seventh Edition, Macmillan & Co. Ltd., London, pp. 390-391.
] ويرون أن شهادته جليلة[شبهات وهمية ـ منيس عبد النور صفحة 27] والعجيب أن ينقل القائلون بعدم تحريف الكتاب المقدس الكتابات من بعضهم البعض دون أن يبحثوا في توثيق هذه الكتابات فإيريناوس هذا يخبرنا عنه يوسابيوس القيصري ـ والمعروف بأبي التأريخ الكنسي ـ أنه كان يؤمن بأن "كتاب الراعي" لهرماس هو من الأسفار المقدسة وتعالوا نقرأ نص كلام يوسابيوس يقول: ( وهو لا يعرف كتاب الراعي فقط بل أيضاً يقبله ، وقد كتب عنه ما يلي: حسناً تكلم السفر قائلاً أول كل شيء آمن بأن الله واحد الذي خلق كل الأشياء وأكملها) [ تاريخ الكنيسه ـ ك5 ف8 فقرة 7] .
وهنا يحق لنا السؤال أين اتفاق الآباء على أسفار الكتاب المقدس ؟
وسؤال آخر أين الأسفار ( كسفر الراعي لهرماس) التي سلموا بها وليست بين أيدينا الآن ؟
وهل ينطبق على العلامة إيريناوس قول الكتاب (لاني أشهد لكل من يسمع اقوال نبوة هذا الكتاب إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب )[ رؤية 22 : 18]. هل حقاً ستزيد الضربات على العلامة إيريناوس ؟؟؟!!! ولعل القوم لو قرأوا كتابات إيريناوس لعلموا أن الرجل لا يصلح بحق أن يكون مصدر معلومات معتمدة فهو مثلاً يقول في كتابه الثاني ضد الهرطقات الفصل الثاني والعشرين أن المسيح عاش حتى بلغ من العمر أكثر من خمسين سنة ، ويقوم في الفقرة السادسة بتأكيد معلومته هذه بما جاء في إنجيل يوحنا 56:8-57 ،[ Irenaeus Against Heresies. Book II.XXII .VI] فهل تؤمن الكنيسة حقاً أن المسيح عاش حتى بلغ الخمسين أم يعتقدون أنه بدأ دعوته وهو في الثلاثين و دعوته لم تستمر أكثر من أربع سنوات فقط ؟ وذلك كما جاء على لسان المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري[تاريخ الكنيسة ـ يوسابيوس القيصري ـ 10:1 ـ ص 39] والغريب حقاً أن إيريناوس يزعم في الفقرة الخامسة من نفس الكتاب أن هذه المعلومات قد سلمها يوحنا بن زبدي لتلاميذه الذين رافقوه في آسيا وبقوا معه حتى حكم تراجان

(even as the Gospel and all the elders testify; those who were conversant in Asia with John, the disciple of the Lord, [affirming] that John conveyed to them that information. And he remained among them up to the times of Trajan)[ .XXII .V Irenaeus Against Heresies. Book II]



العلامة أوريجانوس ( 185 ـ 253 م)
وهو ناظر المدرسة اللاهوتية بالإسكندرية والذي يصفه القس منيس عبد النور بأنه "العالم العظيم"
وبالنظر في الجدول الذي أورده يوسابيوس القيصري في كتابه تاريخ الكنيسه يذكر من بين الأسفار القانونية ( إرميا مع المراثي والرسالة في سفر واحد ، اسمه ارميا)[ تاريخ الكنيسة ـ ك6 ف25 فقرة 2]. والآن نسأل جهابذة علماء الكتاب المقدس من البروتستانت هل رسالة إرميا التي كان يؤمن بها " العالم العظيم"!! ـ الذي أصبح ناظراً للمدرسة اللاهوتية في سن الثامنة عشرة ـ موجودة في الكتاب المقدس الذي بين يدي البروتستانت الآن ؟ الإجابة طبعاً أنها غير موجودة !!!!
وهذه الرسالة لم يكن أوريجانوس فقط يعتقد بأنها سفر موحى به من الإله بل يوجد غيره الكثير من آباء الكنيسة اعتقدوا بنفس عقيدته كما تخبرنا بذلك دائرة المعارف الكتابية فتقول:
(قانوينة الرسالة وقيمتها : كان الآباء اليونانيون الأوائل ، يميلون - بوجه عام - إلى اعتبار الرسالة جزءاً من الأسفار القانونية ، لذلك تذكر في قوائم الأسفار القانونية لأوريجانوس وأبيفانيوس وكيرلس الأورشليمي وأثناسيوس ، وعليه فقد اعترف بها رسميا في مجمع لاودكية ( 360 م ) .) [ دائرة المعارف الكتابية ـ حرف أ ـ أرميا ـ رسالة أرميا ـ ص 189 و190]
جاء في نفس الجدول هذه العبارة التي تبين أن أوريجانوس لم يكن يعتبر رسالة بطرس الثانية من الأسفار المقدسة (وبطرس الذي بنيت عليه كنيسة المسيح التي لا تقوى عليها أبواب الجحيم ترك رسالة واحدة معترف بها ، ولعله ترك رسالة ثانية أيضاً ، ولكن هذا مشكوك فيه.) [ تاريخ الكنيسة ـ ك6 ف25 فقرة 10].
وهذا الرأي ليس رأيه وحده ولكنه رأي يوسابيوس القيصري " ابو التأريخ الكنسي" فهو يقول بالنص في كتابه تاريخ الكنيسه ( إن رسالة بطرس الأولى معترف بصحتها وقد استعملها الشيوخ الأقدمون في كتاباتهم كسفر لا يقبل أي نزاع . على أننا علمنا بأن رسالته الثانية الموجودة بين أيدينا الآن ليست ضمن الأسفار القانونية ولكنها مع ذلك إذ اتضحت نافعة للكثيرين فقد استعملت مع باقي الأسفار)[ تاريخ الكنيسة ـ ك3 ف 3 فقرة 1] .
والسؤال الآن : بأي حق دخلت رسالة بطرس الثانية إلى الكتاب المقدس طالما أنها بشهادة "العالم العظيم" أوريجانوس و أيضاً بشهادة "أبو التأريخ الكنسي" يوسابيوس القيصري أنها ليست من الأسفار المقدسة؟؟؟
مع استصحابنا كلام جهابذتنا من علماء الكتاب بأن الآباء لم يختلفوا حوله !!
ويستمر يوسابيوس القيصري في عرض جدول أوريجانوس للأسفار المقدسة عندما يتكلم عن يوحنا فيقول ( وترك أيضاً رسالة قصيرة جداً ، وربما رسالة ثانية وثالثة ، ولكنهما ليسا معترفاً بصحتهما من الجميع ) [ تاريخ الكنيسة ـ ك 6 ف 25 فقرة 10] .
والسؤال هو إذا كانت رسالة يوحنا الثانية والثالثة مرفوضتان من الجميع فكيف دخلتا إلى الكتاب المقدس ؟؟؟ وأين هو التواتر والإجماع المزعوم ؟؟
ويستمر أبو "التأريخ الكنسي" في إتحافنا بتصور العالم العظيم أوريجانوس عن الأسفار المقدسة فينقل تصوره عن الرسالة إلى العبرانيين التي يحلو للبعض أن ينسبها إلى بولس فيقول: (إن كل من يستطيع تمييز الفرق بين الألفاظ اللغوية يدرك أن أسلوب الرسالة إلى العبرانيين ليس عامياً كلغة الرسول الذي اعترف عن نفسه بأنه عامي [قلت :- ولو طبقنا هذا الضابط لرفضنا أسفاراً كثيرة كإنجيل يوحنا فإن عاقلاً لا يستسيغ أن لغته لغة صياد] في الكلام أي في التعبير بل تعبيراتها يونانية أكثر دقة وفصاحة) [ تاريخ الكنيسة ـ ك6 ف25 فقرة 11]
وهَب أن محاكمة عُقدت للحكم في مسألة تحريف الكتاب المقدس فمن غير أوريجانوس أولى بالشهادة منه ـ وشهد شاهدٌ من أهلها ـ على تحريف الكتاب المقدس ، فهو الذي يشهد على أن اليهود حّرفوا الكتاب المقدس.
تعالوا بنا ننقل شهادةً من رهبان دير الأنبا مقار ـ وهم يقولون ( أما سبب غياب بعض الأسفار اليونانية من العهد القديم العبري لدى اليهود فيرجع ـ حسب تعليل أوريجانوس ـ إلى رغبتهم في إخفاء كل ما يمس رؤساءهم وشيوخهم ، كما هو مذكور في بداية خبر سوسنا : " وعُيّن للقضاء في تلك السنة شيخان من الشعب وهما اللذان تكلم الرب عنهما أنه خرج الإثم من بابل من القضاة الشيوخ " ويقدم أمثلة من الأنجيل لتأكيد ما يقوله ، حيث يخاطب السيد المسيح الكتبة والفريسيين بقوله:" لكي يأتي عليكم كل دم زكي سُفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح ( متى 23 : 35 ) فالسيد المسيح هنا يتكلم عن وقائع حدثت ( كما يكتب أوريجانوس ) ، ومع ذلك لم تذكر في العهد القديم . ثم يتساءل : أين جاء في الأسفار المقدسة شيء عن الأنبياء الذين قتلهم اليهود ؟ ثم يورد أوريجانوس مثلاً آخر من رسالة العبرانيين : ( آخرون تجربوا … نشروا ، جربوا ماتوا قتلاً بالسيف ) " عب 11 : 36 و 37 " لأنه معروف في التقليد اليهودي خارجاً عن الأسفار العبرية أن أشعياء النبي فقط هو الذي نشر بالمنشار)[ العهد القديم كما عرفته كنيسة الأسكندرية ـ ص 57 ، 58] .
استفسار لابد منه !!!!
أنا أتعجب من هؤلاء الذين يعتمدون على شهادة أوريجانوس ويعتبرونه من آباء الكنيسه فتارة يقولون إنه قديس ، وتارة أخرى العالم العظيم ، وكلهم بلا إستثناء سواء بروتستانت أو أرثوذكس أو كاثوليك يعتبرونه من آباء الكنيسه ولست أدري لماذا يخُفون علينا حقيقة هذا الرجل هل عن جهل أم عن مكر ودهاء ؟؟؟ فإن "العالم العظيم القديس أوريجانوس" هو من الهراطقة المحرومين في الكنيسة وهذه ليست شهادتي وإنما هي شهادة البابا شنوده الثالث في كتابه سنوات مع أسئلة الناس ـ أسئلة لاهوتية وعقائدية ب وهو كتاب يُدرّس على طلاب الكلية الإكليريكية فيذكر في صفحة 131 ما يلي:
(تم حرم أوريجانوس بواسطة البابا ديمتريوس الكرام ، البطريرك الثاني عشر، في أوائل القرن الثالث . وتأكد حرمه أيضاً في عهد البابا ثاوفيلس البابا الثالث والعشرين ، في أواخر القرن الرابع . وتحمس لذلك قديسون كثيرون في القرنين الرابع والخامس منهم القديس أبيفانوس أسقف قبرص ، ثم القديس جيروم الذي كان من محبيه في البدء. لم ترفع الحرومات عن أوريجانوس . والكنائس الأرثوذكسية البيزنطية تحرم كل تعاليمه في مجمعيها الخامس والسادس.) أليس من الغريب أن يصف هؤلاء أوريجانوس بأنه قديس أو العالم العظيم بل أليس من العجيب أن يستند عليه بعد هذا القساوسة من الكنيسة الأرثوذكسية نفسها بإعتباره من آباء الكنيسه بالرغم من هرطقاته التي لو ذكرناها لملأت صفحات وصفحات ، مثل خضوع الإبن للآب , وخلاص الشيطان وخلاص الكون في النهاية وتأليه جسد المسيح …...................... وغيرها الكثير
القديس أكلمندس الإسكندري (150 ـ 215 )
يريد البعض أن يوهمنا "سواء عن جهل أو عن مكر" أن أكلمندس الإسكندري كان لديه تصور واضح لأسفار الكتاب تجعله قادر على التفريق بين الأسفار الإلهية من غيرها ، ويحاول أن يوهمنا بأن هذه الشهاده ذكرها يوسابيوس في كتابه تاريخ الكنيسه نأخذ مثالاً على ذلك ما جاء في كتاب " الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه" صفحة 142 يقول الكاتب: (ان القديس اكليمندس الإسكندري مديراً لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية وتلميذاً للعلامة بنتينوس ومعلماً لكل من العلامة أوريجانوس وهيبوليتوس وكان كما يصفه يوسابيوس القيصري " متمرساً في الأسفار المقدسة " وينقل يوسابيوس عن كتابه وصف المناظر أنه أستلم التقليد بكل دقة من الذين تسلموه من الرسل فقد كان هو نفسه خليفة تلاميذ الرسل أو كما يقول هو عن نفسه إنه من أجل الأجيال المتعاقبة التقاليد التي سمعها من الشيوخ الأقدمين)
ولكن تأتي الصاعقة الكبرى والطامّة العظمى بالرجوع إلى كلام يوسابيوس القيصري الذي تحاشى القس _ الأمين في النقل!ـ أن يذكر نص كلامه ، لندرك أن أكلمندس الإسكندري ـ ويا للعجب ! ـ كان يؤمن بالعديد من الأسفار الغير موجودة الآن في الكتاب المقدس مثل رسالة برنابا ورؤيا بطرس ورسائل اكلمندس الروماني وإليكم نص كلام يوسابيوس القيصري كاملاً دون بترٍ[إذا كان بترهم للكلام هو سيمتهم في النقل من كتبهم فما ظنك بهم عندما ينقلون من كتب خصومهم]: (وبالإختصار لقد قدم في مؤلفه وصف المناظر وصفاً مؤجزاً عن جميع الأسفار القانونية ، دون أن يحذف الأسفار المتنازع عليها أعني رسالة يهوذا والرسائل الجامعة الأخرى ، ورسالة برنابا والسفر المسمى رؤيا بطرس) [ تاريخ الكنيسة ك6 ف 14 فقرة 1].
ويشهد يوسابيوس أيضاً على أن أكلمندس الإسكندري كان يقتبس في كتاباته من أسفار لا توجد الآن في الكتاب المقدس فيقول : ( ويستخدم أيضاً في هذه المؤلفات شهادات من الأسفار المتنازع عليها مثل حكمة سليمان ، وحكمة يشوع ابن سيراخ، ورسالة العبرانيين ، ورسائل برنابا ، وأكلمندس ، ويهوذا )[ تاريخ الكنيسة ك 6 ف 13فقرة 6].
وتأتي شهادة أخرى تؤكد هذا الكلام من داخل الكنيسة الأرثوذكسية في كتاب "فكرةعامة عن الكتاب المقدس" الصادر من دير الأنبا مقار والذي نُشر كمقالات في مجلة مرقس فيقول في صفحة 73 ما نصه : (شهدت السنين الأخيرة من القرن الثاني حتى بداية القرن الثالث الميلادي نشاطاً كبيراً في مدرسة الإسكندرية الشهيرة التي كان يرأسها حينذاك العلامة كليمندس الإسكندري . ويتبين من كتاباته أنه كان يعترف بعدد كبير من أسفار العهد الجديد أكثر مما كانت تعترف به كنيسة روما . فقد ذكر الأناجيل الأربعة ورسائل بولس الأربع عشرة وسفر أعمال الرسل ورسائل : بطرس الأولى ويوحنا الأولى والثانية ويهوذا ، وسفر الرؤيا . ولكنه أضاف إليها أيضاً رسائل كلمندس الروماني وبرنابا الرسول بإعتبارها كتابات ذات سلطان رسولي) .
والأخطر من ذلك هو أن أكلمندس كان يعتقد بأن كتاب الديداخي هو سفر إلهي من أسفار الكتاب المقدس
ففي كتاب "الديداخي أي تعليم الرسل" وهو من سلسلة مصادر طقوس الكنيسة وهو من تصنيف أحد رهبان الكنيسة القبطية يذكر ذلك صراحة صفحة 85 فيقول: ( والقديس كليمندس الإسكندري 216 م يذكر صراحة وجود هذا الكتاب ليس فقط لأنه اقتبس منه الكثير ، بل لأنه يذكر في كتابه" المتفرقات ـ ستروماتا" ما ورد في نص الديداخي 3 : 5 حرفياً : " يا بني لا تكن كذاباً لأن الكذب يقود إلى السرقة " وينسب هذه العبارة إلى الكتاب المقدس) .
ونفس الشهاده يذكرها الدكتور أسد رستم[ دكتور أسد رستم : آباء الكنيسة ،1، الآباء الرسوليون والمناضلون ، ص 55] إضافة إلى إنه كان يؤمن بسفر إسدراس الثالث وبالطبع هذا السفر غير معترف به الآن سواء عند البروتستانت أو الأرثوذكس أو الكاثوليك [(d. 203 CE): B. F. Westcott, The Bible In The Church: A Popular Account Of The Collection And Reception Of The Holy Scriptures In The Christian Churches, 1879, Macmillan & Co.: London, pp. 126-127; B. F. Westcott, A General Survey Of The History Of The Canon Of The New Testament, 1896, Seventh Edition, Macmillan & Co. Ltd., London, pp. 360-363.
] ضافة لأنه كان يؤمن بسفر باروخ الذي لا يؤمن به البروتستانت.
بابياس أسقف هيرابوليس ( القرن الثاني)

لست أدري بأي وجه يستدل القساوسة بشهادة بابياس بل وصل بأحدهم وهو القس منيس عبد النور بأن يصفه بالنبوغ فهو يقول ما نصه:
(بابياس: أسقف هيرابوليس في آسيا ، نبغ بين 110 و 116 م واجتمع ببوليكاربوس ، وربما اجتمع بيوحنا الرسول)
وهو نفس الكلام الذي نقله " نقل مسطرة " الدكتور داود رياض في كتابه من يقدر على تحريف كلام الله ؟[ من يقدر على تحريف كلام الله ص 14].
فهل يتجاهل هؤلاء القساوسة والدكاترة حقيقة هذا الرجل ، أم هي مصيبة النقل بدون تمحيص وتحقيق للأقوال ؟؟؟! فإن هذا " النابغة " الذي يتكلم عنه القساوسة وأساتذة اللاهوت الدفاعي ، هو إنسان عديم الإدراك وحتى لا أخوض أكثر في وصف هذا البابياس سأكتفي بما ذكره أبو التأريخ الكنسي يوسابيوس القيصري فيقول ما نصه: ( ويدون نفس الكاتب روايات أخرى يقول أنها وصلته من التقليد غير المكتوب وأمثالاً وتعاليم غريبة للمخلص، وأمور أخرى خرافية) [ تاريخ الكنيسة ك3 ف39 فقرة11]. ويستمر أبو التأريخ الكنسي الذي يعرف عن الرجل أكثر مني وأكثر من ناعسي القساوسة والدكاترة إذ يقول عنه ( إذ يبدو أنه كان محدود الإدراك جداً كما يتبين من أبحاثه . وإليه يرجع السبب في أن الكثيرين من أباء الكنيسة من بعده اعتنقوا نفس الأراء مستندين في ذلك على أقدمية الزمن الذي عاش فيه ، كإيريناوس مثلاً وغيره ممن نادوا بآراء مماثلة) [ تاريخ الكنيسة ك 3 ف 39 فقرة 13].
قلت : ـ ولَعمري ـ متى ينصف القوم ويتحرروا من محدودية الإدراك التي ورثوها ممن سبقهم ؟؟
تأتي هذه الشهاده من يوسابيوس القيصري بالرغم من أن بابياس كان يزعم أن كل ما يقوله هو صحيح تماماً وأنه تسلمها ممن سبقه من الشيوخ فهو يقول بالنص (لا أتردد في أن أضيف ما تعلمته وما أتذكره جيداً من تفاسير تسلمتها من الشيوخ، لأني واثق من صحته تماماً . أنا لم أفرح ، كمعظم الناس ، بالذين قالواأشياء كثيرة ، بل بمن يعملون الحق، ولا أفرح بمن يرددون وصايا الآخرين ، بل بأولئك الذين أعادوا ما أعطاه الرب للإيمان واستقوا من الحق نفسه . وإذا جاءني أحد ممن تبع القسوس نظرت في كلام الشيوخ مما قاله اندراوس أو بطرس أو فيلبس أو توما أو يعقوب أو يوحنا أو متى أو أحد تلاميذ الرب ، أو أريستون أو يوحنا الشيخ . فإنني ما ظننت أن ما يٌسقى من الكتب يفيدني بقدر ما ينقله الصوت الحي الباقي)[ تاريخ الكنيسة ك3 ف 39 فقرات 3،4 أنظر أيضاً Irenaeus: Adv.Haer.5:32 ].
ويكفي أن نعرف أن القديس أغسطينوس اعتبر من يعتقد بعقيدة بابياس هو منحرف عن الإيمان" في أنه بعد قيامة الأجساد من الموت سيكون هناك ألف سنه على الأرض عبارة عن مملكة يعود فيها المسيح إلى الأرض وفي هذه المملكة توجد 10.000 كرمة كل كرمة بها 10.000 غصن ، وكل غصن به 10.000 عنقود ، وكل عنقود يحوي 10.000 حبة من العنب ، وكل حبة عصيرها يملأ 25 مكيالاً من الخمر"[ المدخل في علم الباترولوجي ـ 1 الآباء الرسوليين ـ القمص تادرس يعقوب ملطي صفحة 148]. إذاً بشهادة القديس أغسطينوس فإن بابياس كان منحرف عن الإيمان !! ويبدو أن القائلين بعدم تحريف الكتاب المقدس يريدون أن يعودوا بعقارب الساعة إلى الوراء حينما كان آباء الكنيسة ساقطين وغارقين في خدعة بابياس الذي ضلل آباء الكنيسه لقرون طويلة حتى أفاقوا على الحقيقة المرّة وهي أن بابياس لم تكن شهادته تساوي جناح بعوضه وإليكم شهادة أحد رهبان الكنيسة القبطية يقول: ( ولم تعد لآراء بابياس أهميتها التي ظلت قرون طويلة تؤثر على فكر آباء الكنيسة وتوجه آراءهم . بل إن يوسابيوس كان سباقاً في هذا الشأن عندما قال " إن بابياس كان محدود الإدراك جداً كما يتبين من أبحاثه" )[ مصادر طقوس الكنيسة الديداخي ـ صفحة 65].
والسؤال هو لماذا يصر المبصرُ أن يُغمض عينيه ؟ أما آن للقساوسة والدكاترة أن يُصغوا للمنهج العلمي الرصين ، وألا يسيروا على خطى أقوال بابياس بعدما ضيّع آباء الكنيسه أمثال إيريناوس وغيره ؟، وهل تُقبل شهادة رجل كهذا ـ محدود الإدراك جداً ـ في نسبة كلام إلى الله عزَّ وجلَّ ؟
أكلمندس الروماني ( بعد سنة 96)


وإستمراراً في التخبط ـ أقصد الإستشهاد بآباء الكنيسة ـ ذكروا أكلمندس الروماني، فعلى سبيل المثال ما ذكره الدكتور القس منيس عبد النور " أكليمندس: أسقف روما وعمل مع الرسول بولس ( فيلبي 4 : 3 ) وكتب رسالة إلى كنيسة كورنثوس استشهد فيها بكثير من أقوال المسيح الواردة في الإنجيل ، ومن رسائل الرسل "[ شبهات وهمية ـ صفحة 26]. .

ولو أن الدكتور القس وغيره من عشرات القساوسه الذين يرددون نفس الكلام قد كلّفوا أنفسهم عناء قراءة هذه الرسالة لعلموا أن أكلمندس الروماني كان يقتبس كلاماً على أنه من الكتب المقدسة ولا نجد له أي أثر في الكتاب المقدس الذي بين أيدينا الآن ، على سبيل المثال لا الحصر يقول (فخليق بنا أيها الأخوة إذن أن نلتصق بهذه الأمثلة ، لأنه مكتوب : التصقوا بالقديسين لأن الذين يلتصقون بهم يصيرون قديسين)[ رسالة اكلمندس الروماني إلى الكورنثيين ـ 46 : 2] . ويعلق الدكتور وليم سليمان قلادة على هذا النص في الهامش قائلاً : "غير موجودة في الكتاب المقدس" ، أفتونا هداكم الله هل ينطبق على القديس أكلمندس الروماني نص الكتاب في رؤية يوحنا اللاهوتي (لاني اشهد لكل من يسمع اقوال نبوة هذا الكتاب ان كان احد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب )[ رؤية 22 : 18].

يا ليتهم كلّفوا أنفسهم عناء قراءة هذه الرسالة حتى يعلموا أن الرجل كان محدود الإدراك جداً ولا يوجد لديه الحد الأدنى من منهجية البحث والتحقيق في صحة الأقوال التي يسمعها ، فإنه يخبرنا في رسالته أن في نواحي المشرق أي بلاد العرب وما حولها يوجد طائر العنقاء وطبعاً الدكاترة والقساوسة يعلمون أن طائر العنقاء طائر خرافي أسطوري لا حقيقة له ـ ولكننا لا نتوقع مراجعةً من الآباء المطارنة ولا عظمائنا من البطاركة والأساقفة لأن فاقد الشيء لا يعطيه ـ تعالوا ننقل كلام اكلمندس الروماني في رسالته التي يتغنى بها هؤلاء:
(فلنتأمل الأعجوبة الغريبة التي تحدث في نواحي المشرق، أي بلاد العرب والأقاليم المحيطة بها . هناك طائر يسمى العنقاء : هو وحيد في نوعه ويعيش خمسمائة عام ، وعندما تقترب نهايته ليموت ـ يقيم لنفسه باللبان والمر وغيرهما من الأطياب عشاً يدخله عندما تكمل أيامه حيث يموت ، ومن جسمه المتحلل تولد دودة تغتذي من بقايا الطائر الميت وتتغطى بالريش . ثم إذ تصبح قوية ، تحمل العش الذي تستقر فيه عظام أبيها ، وبهذا الحمل تواصل رحلتها من العربية إلى مصر حتى مدينة هليوبوليس ، هناك في وضح النهار وعلى مرأى من الجميع تمضي طائرة لتضعه على مذبح الشمس وبعد ذلك تسرع عائدة إلى مقرها الأول ، حينئذ يفتش الكهنة سجلات تواريخهم ، ويجدون أنها عادت بالضبط بعد تمام الخمسمائة عام)[ رسالة اكلمندس الروماني إلى الكورنثيين 25 : 1 – 5][ رسالة اكلمندس الروماني إلى الكورنثيين 25 : 1 – 5].
رسالة برنابا ( قبل سنة 140 )

نسب البعض زوراً إلى برنابا رسالة ، وإليك مثلاً كلام القس منيس عبد النور ( برنابا : عمل مع الرسول بولس ( أعمال 2:13 و 3 و 46 و 47 و 1 كورنثوس 9 : 6 ) ويسمى رسولاً أيضاً ( أعمال 14 : 14 ) وألف رسالة كانت لها منزلة كبرى عند القدماء ولا تزال موجودة ، استشهد فيها بإنجيل متى ونقل عنه بقوله مكتوب وكان اليهود يستعملون هذه الكلمة عند الاستشهاد بالكتب المقدسة )[ شبهات وهمية ـ صفحة 25].
وما زلنا نكرر: لو أن من صدّروا أنفسهم للدفاع عن موروثاتهم الثقافية كلّفوا أنفسهم عناء قراءة هذا الموروث ـ كقراءة رسالة برنابا والمكونة من 21 فصلاً لوجدوا أن رسالة برنابا كماتقتبس من الترجمة السبعينية لسفر أشعياء فإنها كانت تقتبس أيضاً من أسفار لا وجود لها الآن في الكتاب المقدس الذي بين أيدينا ـ لوصلوا إلى ما قررناه من تهافت الإعتماد على أقوال الآباء محدودي الإدراك جداً .[ الديداخي أي تعليم الرسل ـ ص 63].
وهذا أيضاً ما تؤكده دائرة المعارف الكتابية التي أشرف على تحريرها مجموعة من الدكاترة والقساوسة وهم
1 _ دكتور القس منيس عبد النور
2ـ دكتور القس صموئيل حبيب
3 ـ دكتور القس فايز فارس
4 ـ جوزيف صابر
المحرر المسئول: وليم وهبة بباوي
وإليكم نص كلام الدائرة (محتويات الرسالة : إن جزءاً كبيراً من الرسالة عبارة عن اقتباسات، أغلبها من الترجمة السبعينية لسفر اشعياء، والبعض الآخر من أسفار قانونية أخرى، وأسفار غير قانونية أيضاً، فيقتبس أقوالاً من إسدراس الثاني "كنبي اخر " ( 12 )، ويقتبس من اخنوخ الاول ( 16 : 5 ) ويقول عنها : ويقول الكتاب. " وتتكرر هذه الظاهرة في مواضع اخرى.) ، والعجيب حقاً أن القس منيس عبد النور يناقض نفسه ففي دائرة المعارف الكتابية يصرح هو ومعه مجموعة من القساوسة والدكاترة أن كاتب رسالة برنابا لا يمكن أن يكون برنابا الرسول وإليكم نص الكلام ( مؤلفها : من المستبعد جداً أن يكون كاتبها هو برنابا المذكور في سفر الأعمال، والذي كان رفيقاً للرسول بولس في رحلته التبشيرية الأولى، فهي ترجع إلى تاريخ متأخر عن ذلك كثيراً، ولكن الأهم من ذلك، هو أن أسلوب التعليم الذي بها يختلف كل الأختلاف عن تعليم الرسول بولس، فالخلاص هو موضوع سعي وجهاد تتدخل فيه أعمال البر، والبصيرة المميزة تساعد على ذلك. والتوراة ( الأسفار الخمسة ) تزخر بالشخصيات التي تمثل تعليماً روحياً، فلم يقصد منها أن تفهم حرفياً، بل لكي تنقل معاني روحية. ويجب ألا نفهم أن الناموس قد تممه المسيح، بل مازال الناموس ملزم للمسيحيين، " إن نفسي لترجو ألا أكون قد اهملت ذكر شيء من الأمور اللازمة للخلاص " ( 17 : 1 )، فأي برنابا ( ؟ ) هذا الذي كتب ذلك !! )[ دائرة المعارف الكتابية حرف ب مادة برنابا ـ رسالة برنابا].
ويا ليت القساوسة يخبرون الناس أن القديس إيرينيئوس " وهو نفسه الذي يعتمدون على شهادته ويعتبرونه من آباء الكنيسة" اعتبرها غير قانونية.
والسؤال للقساوسة لماذا تكيلون بمكيالين ؟ فعندما تدافعون عن كتابكم المقدس تجعلون من كاتب رسالة برنابا رسول ، وفي كتاباتكم الأخرى تذكرون الحقيقة وهي أن برنابا لم يكتب هذه الرسالة فهل هذا من أخلاقيات البحث العلمي؟ .

والسؤال : لحاملي لواء الدفاع عن الكتاب المقدس ، إذا كنتم تعترفون بأن الرسالة كتبها برنابا وهو واحد من الرسل فلماذا لا تضعونها في الكتاب المقدس كما وضعتم إنجيل لوقا فإن لوقا هو أيضاً من الرسل وكان تلميذاً لبولس مثله مثل برنابا .

وهل ما زال مؤلف كتاب " الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه" [الكتاب المقدس يتحدى نقاده ـ القس عبد المسيح بسيط أبو الخير ص 135] مصراً على إعتبار كاتب رسالة برنابا مستقيم الرأي ( أرثوذكسي) بعد أن عرف أن كاتب الرسالة كان يعتقد أن يسوع لم يتمم الناموس وأن المسيحيين ما زالوا ملزمين بالناموس ؟؟؟؟؟؟ !! .
المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري ( 264 339م)
يقول عنه القس عبد المسيح بسيط أبو الخير (( أسقف قيصرية وأحد أعضاء مجمع نيقية الذي أنعقد سنة 325م . وترجع أهمية كتاباته لكونه أقدم المؤرخين المسيحيين ، وهو نفسه يعتبر حجة في تاريخ الكنيسة في عصورها الأولى وكان واسع الإطلاع في كتب الآباء والتي كان لديه منها الكثير جداً واستقى معلوماته منها)[ الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 144] .
ولكن الذي لم ينقله لنا القس هو وغيره من القائلين بعدم تحريف الكتاب المقدس هو أن يوسابيوس القيصري لم يكن يؤمن بأن رسالة بطرس الثانية سفر إلهي وأنه لم يكن يعتقد أن بطرس هو كاتب الرسالة الثانية المنسوبة له وإليكم نص كلام يوسابيوس: ((على أننا علمنا بأن رسالته الثانية الموجودة بين أيدينا الأن ليست ضمن الأسفار القانونية ولكنها مع ذلك اتضحت نافعة للكثيرين فقد استعملت مع باقي الأسفار)[ تاريخ الكنيسة ك3ف3 فقرة1].
ألا فليعلم الحاضر الغائب أن حجة التأريخ الكنسي الذي كان واسع الإطلاع على كتب الآباء واستقى منها معلوماته يشهد بتحريف رسالة بطرس الثانية ويكفي أن نعلم خطورة تحريف رسالة مثل رسالة بطرس الثانة على العقيدة حيث أنها تعلم ببدعة الحلول وبدعة تأليه الإنسان أقرأوا إن شئتم ما جاء في الرسالة :
( اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينه لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الالهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة )[ 2 بط4].
والعجيب أن القوم يستشهدون بكلام يوسابيوس القيصري مع إجماعهم على هرطقته كما جاء في المقدمة التي وضعها القمص مرقس داود لكتاب تاريخ الكنيسة[تاريخ الكنيسة ـ يوسابيوس القيصري ـ مكتبة المحبة ـ ص 5 ـ نعرييب القمص مرقس داود].
هرماس (القرن الأول)

يقول عنه الدكتور القس منيس عبد النور ( كان معاصراً لبولس الرسول وذكر اسمه في رومية 4:16 كتب ثلاثة مجلدات في أواخر القرن القرن الأول استشهد فيها بكثير من كتب العهد الجديد وكانت له منزلة كبرى عند القدماء)[ شبهات وهمية ص26]. وتقريباً نفس الكلام ينقله الدكتور داود رياض في كتابه [من يقدر على تحريف كلام الله ص 14] بشكل مختصر.

فأي تخبط هذا في كتابات هؤلاء القوم وكيف سمحت لهم أهواؤهم بالإستشهاد بكاتب مثل هرماس وهو رجل في مفهوم كل الكنائس سواء بروتستانتيه أو أرثوذكسية أو كاثوليكية غير مستقيم الإيمان فهو يؤمن بأن الروح القدس هو ابن الله ويدّعي كذباً في المثل التاسع أن ملاك التوبة قال(أريد أن أريك كل ما اظهره لك الروح القدس الذي خاطبك باسم الكنيسة ، هذا الروح هو ابن الله .. ) [المدخل في علم الباترولوجي 1 ـ القمص تادرس يعقوب ملطي ص 172] كتاب الراعي 9 : 1 :1 . ويكفي أن نعلم أن العلامة ترتليان اعتبره يحبذ الزناة [المدخل في علم الباترولوجي 1 ـ القمص تادرس يعقوب ملطي ص 150] ، والذي لم يذكره الدكاترة هو أن كاتب كتاب الراعي كان يقتبس من الكتب المنحولة والكتب الوثنية ثم أنه لم يصرح أنه يقتبس من إنجيل كذا أو رسالة كذا خاصة أنه لم يوردها بحرفيتها وإليكم شهادة من أحد رهبان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يقول: ( والكاتب بسيط الأسلوب ، سهل اللغة ، سطحي الثقافة ، كثير الإستطراد، إلا أنه مطّلع على آيات الكتاب المقدس دون أن يوردها بحرفيتها ، يستقي مادته من الكتب المنحولة والكتب المسيحية والوثنية على حد سواء ، ) [الديداخي أي تعليم الرسل ـ ص 58].

مجمع الأساقفة في لاودكية (360)
يقول عنه الدكتور القس منيس عبد النور ما يلي: ( اجتمع مجمع الأساقفة في لاودكية ، وكان من قراراته كتابة جدول بأسماء كتب العهد الجديد وهي ذات الكتب التي بأيدينا الآن )[ شبهات وهمية ص 17].
ولم يذكر لنا القس أن مجمع القساوسة في لاودكية اعترف أن رسالة أرميا هي سفر إلهي قانوني وإليكم ما جاء في دائرة المعارف الكتابية ـ والعجيب أن الدكتور القس منيس عبد النور نفسه كان بين مجلس التحرير ـ ( كان الآباء اليونانيون الأوائل ، يميلون ـ بوجه عام ـ إلى اعتبار الرسالة جزءاً من الأسفار القانونية ، لذلك تذكر في قوائم الأسفارالقانونية لأوريجانوس وأبيفانوس وكيرلس الأورشليمي وأثناسيوس ، وعليه فقد اعترف بها رسمياً في مجمع لاودكية " 360 م" [دائرة المعارف الكتابية ـ حرف أ ـ أرميا ـ رسالة أرميا ـ قانونية الرسالة وقيمتها ـ ص 189].
والذي لم يذكره لنا أيضا القس هو أن مجمع الآباء في لاودكية اعتبر سفر باروخ سفراً قانونياً إلهياً وبالطبع فإن القس لأنه بروتستانتي فإنه يعتبر هذا السفر غير قانوني ومحرّف قد حرّفته الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية وأضافته للكتاب المقدس زوراً .
والذي لم يذكره أيضاً القساوسة أن مجمع اللاودكية لم يعترف برؤيا يوحنا اللاهوتي [[1] B. M. Metzger, The Canon Of The New Testament: Its Origin, Significance & Development, 1997, Clarendon Press, Oxford, pp. 210.] ففي القانون رقم 60 من مجمع اللاودكية يذكر أسفار العهد الجديد التي يدّعي الدكتور القس أنها نفس الأسفار التي بين أيدينا الآن ولا يذكر بينها رؤية يوحنا اللاهوتي.

الوثيقة الكلارومونتية ( القرن السادس)
وهذه الوثيقة التي يستشهد بها البعض على صحة أسفار الكتاب المقدس وعدم تحريفه هي نفسها تشهد على تحريف الكتاب المقدس فهذه الوثيقة تحتوي على أسفار لا توجد الآن في الكتاب المقدس مثل ( رسالة برنابا850 سطر ، و كتاب الراعي 4000 سطر ، و رؤيا بطرس 270 سطر )[(c. 350 CE). B. M. Metzger, The Canon Of The New Testament: Its Origin, Significance & Development, 1997, Clarendon Press, Oxford, pp. 310-311; L. M. McDonald and J. A. Sanders (ed.), The Canon Debate, 2002, Hendrickson Publishers, Inc.: Peabody (MA), see Appendix D.] والآن نسأل القساوسة طالما أنكم تستندون على الوثيقة الكلارمونتية فلماذا لا تضعون في كتابكم المقدس رؤيا بطرس وكتاب الراعي ورسالة برنابا ؟؟ !!
مجمع قرطاج ( 397-419 )
يقول القس منيس عبد النور ( التأم مجمع كنسي في قرطاجنة ، حضره القديس أغسطينوس أسقف هبو ، وكتب جدولاً بكتب العهد الجديد يطابق الموجود عندنا الآن )[ شبهات وهمية ـ ص 18] ويا ليت القس ـ طالما أنه يثق في قرارات هذا المجمع ويثق في رأي القديس أغسطينوس ـ أن يذكر لنا لماذا لا يأخذ برأي مجمع قرطاج الذي اعتبر الأسفار التالية قانونية بالرغم من أن الدكتور لا يعترف بها كأسفار قانونية طوبيا ـ يهوديت ـ حكمة سليمان ـ حكمة يشوع بن سيراخ ـ مكابيين أول ـ مكابيين ثان)[(c. 397 CE). L. M. McDonald and J. A. Sanders (ed.), The Canon Debate, 2002, Hendrickson Publishers, Inc.: Peabody (MA), see Appendix C and Appendix D; B. M. Metzger, The Canon Of The New Testament: Its Origin, Significance & Development, 1997, Clarendon Press, Oxford, pp. 314-315.
أقرأ أيضاً مقدمات الكتاب المقدس ـ الأسفار القانونية الثانية ـ مكتبة المحبة ـ ص 19 و 42 و102 و 141] والعجيب أن مجمع قرطاج الذي عقد سنة 397 م لم يقبل رؤيا يوحنا اللاهوتي وإنما قبلها سنة 419 م بحسب ما يحكيه العالم زاهن .

ترتليان ( 145 ـ 220)
يقول القس عبد المسيح بسيط : ( العلامة ترتليان " 145 – 220 م " وقال العلامة ترتليان ، من قرطاجنه بشمال أفريقيا والذي قال عنه القديس جيروم أنه يعتبر رائد للكتبة اللاتين عن صحة ووحي الأناجيل الأربعة ( أن كتاب العهد الإنجيلي هم الرسل الذين عينهم الرب نفسه لنشر الإنجيل إلى جانب الرجال الرسوليين الذين ظهروا مع الرسل وبعد الرسل … يوحنا ومتى اللذان غرسا الإيمان داخلنا ، ومن الرسوليين لوقا ومرقس اللذان جدداه لنا بعد ذلك " كما اقتبس من كل أسفار العهد الجديد واستشهد بأكثر من 7000 اقتباس )[ الوحي الإلهي واستحالة تحريف الكتاب المقدس ـ ص 108] .
وبنفس الرجل يستشهد القس منيس عبد النور في كتابه[شبهات وهميه ص 27].
ولكن يبدو أن القساوسة نسوا أو تناسوا أن ترتليان رائد الكُتَّاب اللاتين كان يؤمن بأن رسالة برنابا هي سفر إلهي وأنها من أسفار الكتاب المقدس ونسي القساوسة البروتستانت أن ترتليان كان يؤمن بقانونية سفر باروخ الذي يعتقدون هم أنه سفر مزيف [(d. 240 CE): B. F. Westcott, The Bible In The Church: A Popular Account Of The Collection And Reception Of The Holy Scriptures In The Christian Churches, 1879, Macmillan & Co.: London, pp. 130-131; B. F. Westcott, A General Survey Of The History Of The Canon Of The New Testament, 1896, Seventh Edition, Macmillan & Co. Ltd., London, pp. 351-352.
بالنسبة لسفر باروخ راجع الكتاب المقدس الأسفار القانونية الثانية ـ مكتبة المحبة ـ ص 223].

هيبوليتس ( حوالي 235 )
يقول القس عبد المسيح بسيط أبو الخير ( كان هيبوليتوس كاهناً بروما وقد اقتبس واستشهد بأسفار العهد الجديد أكثر من 1300 مرة وأشار إلى قراءتها في الإجتماعات العبادية العامة كما أشار إلى قداستها ووحيها وكونها كلمة الله )[ الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ـ ص 143].
والذي جهله القس أو تجاهله هو أن هيبوليتوس لم يكن يعترف بالرسالة إلى العبرانيين ولم يكن يعترف برسالة يعقوب ولا برسالة بطرس الثاتية ولا رسالة يوحنا الثالثة ولا رسالة يهوذا وهذا الكلام يشهد به رهبان الكنيسة الأرثوذكسية نفسها التي ينتمي إليها القس فيقول رهبان دير الأنبا مقار ( كان معاصراً لأوريجانوس في روما رجل اسمه هيبوليتس تلميذ إيرينيئوس ، الذي قبل مثل معلمه اثنين وعشرين سفراً فقط للعهد الجديد ، إذ لم يعترف بالرسالة إلى العبرانيين لأن كاتبها غير معروف ، ولم يقبل سوى ثلاث رسائل جامعة وهي : بطرس الأولى ويوحنا الأولى والثانية . إلا أنه أقر باستخدامه لكتابات مسيحيه أخرى كان يعتبرها البعض الآخر قانونية ، منها الرسالة إلى العبرانيين ورسائل بطرس الثانية ويعقوب ويهوذا وكتاب الراعي لهرماس)[ الكتاب المقدس النصوص الأصلية ـ كيف وصلت إلينا ـ دار مجلة مرقس ـ ص 75].
بل أكثر من ذلك فإن هيبوليتس كان يقتبس ويستشهد بسفر " أعمال بولس" الذي تعتبره الكنيسة الآن سفر مزيف فتقول دائرة المعارف الكتابية ( أما في الغرب حيث كان ينظر بعين الريبة لأوريجانوس ، فيبدو أنهم رفضوا أعمال بولس . ولا يرد لها ذكر إلا في كتابات هيبوليتس صديق أوريجانوس وهو لا يذكرها بالاسم ولكنه يستشهد بصراع بولس مع الوحش كدليل على صدق قصة دانيال في جب الأسود )[ دائرة المعارف الكتابية حرف أ ـ أبوكريفا ـ أعمال بولس ص 45].
 
الديداخي " تعليم الرسل " ( القرن الثاني)

يقول القس عبد المسيح بسيط ( كتب هذا الكتاب في نهاية القرن الأول واقتبس كثيراً من الإنجيل للقديس متى وأشار إلى الإنجيل ككل ، سواء الإنجيل الشفوي أو المكتوب بقوله " كما هي عندكم في الإنجيل ( 15 : 3 ، 4 ) و" كما أمر الرب في أنجيله" ( 15 : 3 ) ويقتبس من الإنجيل للقديس متى بقوله " لا تصلوا كما يصلي المراؤون ، بل كما أمر السيد في إنجيله ، فصلوا هكذا : أبانا الذي في السماء ..الخ" ( 2:8 ) و"لأن الرب قال لا تعطوا الخبز للكلاب" (5:9) . ويختم الكتاب بالقول " ولكن كما كتب سيأتي الرب ومعه القديسون (زك 5:14 ) ثم يضيف " وسينظر العالم مخلصاً آتياً على سحاب السماء" (مت 3:24) ) .
ألهذه الدرجه وصل الحال بهؤلاء القساوسة حتى يستشهدوا بأسفار وكتابات مزيّفة وهذه شهادة أبو التأريخ الكنسي ـ على حد قول القساوسة ـ يقول في كتابه عن الأسفار المرفوضة ( وضمن الأسفار المرفوضة ، يجب أن يعتبر أيضاً أعمال بولس و ما يسمى بسفر الراعي ، ورؤيا بطرس ، يضاف إلى هذه رسالة برنابا التي لا تزال باقية ، وما يسمى تعاليم الرسل )[ تاريخ الكنيسة ـ يوسابيوس القيصري 25:3 صفحة 127]. وبهذا يتضح أنه( بقدرة قادر) أصبحت الأسفار المرفوضة حجّة فلماذا إذاً لا نستشهد بسفر الأعمال الأبوكريفي الذي يذكر أن المسيح لم يصلب بل صلب إنسان آخر مكانه[دائرة المعارف الكتابية حرف أ ـ ابوكريفا ـ صفحة 43] ، فعلى الأقل هناك شهادة تأتي لصالح هذا السفر في الوثيقة الموراتورية التي تستشهد بها حيث تقول دائرة المعارف الكتابية ( يبدو من إشارة كاتب الوثيقة الموراتورية ( بيان بالأسفار المعترف بها في حوالي 190 م ) إلى سفر الأعمال الكتابي ، أنه ربما كان يشير إلى سفر آخر للأعمال ، فهو يقول " أعمال كل الرسل موجودة في كتاب واحد ، فقد كتبها لوقا ببراعة لثاوفيلس ، في حدود ما وقع منها تحت بصره ، كما يظهر ذلك من عدم ذكره شيء عن استشهاد بطرس أو رحلة بولس من روما لأسباني ).
ولماذا لا نستشهد بسفر أعمال يوحنا الذي يخبرنا أن المسيح لم يمت مصلوباً وإنما أمر يوحنا أن يحفر له قبراً ثم اضطجع بهدوء في القبر وأسلم الروح [دائرة المعارف الكتابية حرف أ ـ أبوكريفا ـ أعمال يوحنا صفحة 49] .
هذا إذا علمنا أن سفر أعمال يوحنا كان يُقرأ في الكنيسة في القرون الأولى في الدوائر القويمة وذلك بحسب رواية أكلمندس الإسكندري الذي يستشهد به حضرات القساوسة وقد استخدمها بروكورس ( القرن الخامس ) في تأليف رواية عن رحلات الرسول كما استخدمها أبيداس ( القرن السادس)[ دائرة المعارف الكتابية حرف أ ـ أبوكريفا ـ أعمال يوحنا صفحة 49ـ50 ] ، ولكن الصاعقة تأتي عندما نعلم أن كاتب الديداخي كان يقتبس من أسفار غير موجودة في الكتاب المقدس الذي بين أيدينا فيقول ( وبخصوص هذا فقد قيل : لتعرق صدقتك في يدك حتى تعرف لمن تعطيها )[ دائرة المعارف الكتابية حرف أ ـ أبوكريفا ـ أعمال يوحنا صفحة 49ـ50 ]. ، وكل المحاولات للصق هذا النص بالكتاب المقدس الموجود بين أيدينا هي كلها محاولات لا تقنع عقلاً سليماً أو باحثاً منصفاً ، والأغرب من هذا أن كاتب الديداخي الذي لا نعرف له اسماً ولا موطناً ولا هويهً لم يذكر لنا ولو لمرة واحدة أنه يقتبس من إنجيل متى أو أنه يذكر متى نفسه لا من قريب ولا من بعيد وإنما كان كل كلامه عن إنجيل الرب انظر مثلاً قوله ( ولا تصلوا كالمرائين ، بل كما أمر الرب في أنجيله فصلوا هكذا) [الديداخي أي تعليم الرسل 8 : 2 صفحة 172].
قاعدة هامة في موضوع الإقتباس
نحن كمسلمين لا ننكر أن يكون هناك إنجيلٌ تركه المسيح فيه أقواله وأمثاله ولكننا نعتقد بأن هذه المادة الإنجيلية قد أخذ منها كثيرون وأضافوا إليها معلومات وأخبار غير سليمة مثل موضوع صلب المسيح ، فالمتتبع لمنهجية التحريف في الكنيسة الأولى سواء ممن تطلق عليهم الكنيسة هراطقة أو ممن ينتسبون إلى الكنيسة يجد أنهم كانوا يستخدمون مجموعة من الأخبار الحقيقية ثم يصيغوا منها عملاً مزيفاً بإضافة معلومات غير حقيقية إليه فتضيع الحقائق التاريخية في أكوام من الأساطير .
ولنأخذ مثالاً على ذلك :ـ قصة تكلا في سفر أعمال بولس
فهناك حقائق تاريخية في هذا السفر يؤيدها وجود طائفة قوية باسمها في سلوقية . وتريفينا شخصية حقيقية تأكد وجودها من اكتشاف نقود بإسمها وكانت أم الملك بوليمون الثاني ملك بنطس وقريبة للإمبراطور كلوديوس ، ولا يوجد شك من وجودها في أنطاكيا وقت زيارة بولس الأولى لها وتشهد الإكتشافات الجغرافية عن دقة الرواية في هذا السفر من الناحية الجغرافية فهو يذكر الطريق الملكي الذي تقول إن بولس سار فيه من لسترة إلى أيقونية ، وهي حقيقة تستلفت النظر ، لأنه بينما كان الطريق مستخدماً في أيام بولس للأغراض العسكرية أهمل استخدامه كطريق منتظم في الربع الأخير من القرن الأول وقد راجت قصة تكلا وبولس بين المسيحيين في الشرق والغرب على حد سواء وهناك قصيدة شعرية عنوانها الوليمة كتبها كيبريان ، أحد شعراء جنوب غاليا ، في القرن الخامس ، وفي تلك القصيدة تبدو تكلا في مستوى الشخصيات الكتابية العظيمة ، وكتاب أعمال زاسيف وبولكسينا مأخوذ كله من أعمال بولس . وقد اقتبس من هذه القصة اقتباسين قصيرين واقتبس منها أيضا أكلمندس الأسكندري ،
ولكن تأتي الصاعقة أن هذا السفر قد ألفه وزوره قس من قساوسة أسيا ـ بالطبع لم يكن ممن تدعوهم الكنيسة بالهراطقة ـ زيّف هذا الكتاب بقصد تعظيم بولس وذلك بشهادة ترتليان وقد اعترف هذا القس بهذا التحريف والتزييف حباً في بولس [نقلاً عن دائرة المعارف الكتابية بتصريف حرف أ ـ أبوكريفا ـ أعمال بولس صفحة 45 ـ 47].
الشاهد من هذا المثال :ـ أن الكتب المحرّفة سواءً إنجيل متى أو مرقس أو لوقا أو غيرهم لا شك قد يكون بها حقائق تاريخية وجغرافية وأمثال قالها المسيح فعلاً ولكن الإشكالية هي هل هذه الكتب كل ما فيها صحيح أم هى بعض من الحقائق التاريخية في أكوام من التحريف والتخريف، فلا يكاد يخلوا عمل مما رفضته الكنيسة من عبارات والفاظ موجودة في الأسفار التي قبلتها الكنيسة ولعل التعليل المناسب لهذا هو وجود أصل أخذ منه الجميع ثم أضاف كل واحد إلى ما وصل إليه من هذه المواد إضافات من عنده ، ـ أياً ما كانت تسمية هذا الأصل سواء وثيقة تعرف بـ " Q "[ يرى أغلب علماء الكتاب المقدس أنه كانت هناك وثيقة نقل عنها مرقس ومتى اسموها Q وهي ضائعة الآن انظر مثلاً الإنجيل بحسب القديس مرقس ـ الأب متى المسكين ص30] التي تكلم عنها العلماء أو نسميه إنجيل المسيح ـ
نعود لكتاب الديداخي ونسأل :- لماذا افترض القس أن هذه الإقتباسات هي من إنجيل متى الموجود بين أيدينا ؟ لماذا لا يكون إقتباساته هي من إنجيل متى الذي كان بين يدي العبرانيين الذي لم يكن يحتوي على أي عبارة تتكلم عن ألوهية المسيح[الإنجيل بحسب القديس متى ـ الأب متى المسكين ـ صفحة 27] ؟ ولعل لهذا القول وجاهته لأن الديداخي لا يذكر أي عبارة يفهم منها لا من قريب ولا من بعيد أنه يؤله المسيح بل دائما ما يصفه بكلمة " فتاك " وهي نفس الكلمة التي يستخدمها في وصف داود النبي فيقول:
( أولا بخصوص الكأس نشكرك يا أبانا لأجل كرمة داود فتاك المقدسة التي عرفتنا إياها بواسطة يسوع فتاك لك المجد إلى الأبد)[ الديداخي أي تعليم الرسل 9 : 2 صفحة 174] . وهنا يتضح جلياً أن الكاتب لا يؤله المسيح ويفصل تماما بينه وبين الله الإله المعبود .
والنقطه الثانية هي أن الكاتب استخدم كلمة إفخارستيا ولكن يتضح أنه يمارس طقساً مختلفاً تماماً عما تمارسه الكنيسة الآن ، فالأكل ليس كما هو الآن عبارة عن قطعة صغيرة جداً من القربان وإنما هي أكل حتى الإمتلاء فهو يقول: ( بعد أن تمتلئوا اشكروا هكذا نشكرك أيها الآب القدوس من أجل اسمك القدوس الذي أسكنته في قلوبنا ومن أجل المعرفة والإيمان والخلود التي عرفتنا بها بواسطة[لاحظ دائما الكاتب يذكر المسيح كوسيلة من عند الله لمعرفة الإيمان] يسوع فتاك . لك المجد إلى الآباد )[ الديداخي أي تعليم الرسل 10 : 1 – 2 صفحة 175 و 176] فأي إفخارستيا هذه التي يأكل منها المتناول حتى الإمتلاء ؟؟
ثم هناك تعاليم في الديداخي قد تتعارض مع الكتاب المقدس الذي بين أيدينا الآن فهو يقول ( لا تحنث )[ الديداخي أي تعليم الرسل 2 : 3 صفحة 159] وهذا يعني جواز الحلف والقسم شريطة ألا تحنث فهل يتفق هذا مع قول إنجيل متى (أيضا سمعتم انه قيل للقدماء لا تحنث بل أوف للرب اقسامك. واما انا فاقول لكم لا تحلفواالبتة.لا بالسماء لانها كرسي الله. ولا بالارض لانها موطئ قدميه.ولا باورشليم لانها مدينة الملك العظيم. ولا تحلف براسك لانك لا تقدر ان تجعل شعرة واحدة بيضاء او سوداء. بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا.وما زاد على ذلك فهو من الشرير )[ متى 5 : 33 – 37] فهل بعد هذا يمكن أن نقول أنه يقتبس من إنجيل متى الذي بين أيدينا الآن ؟؟!!
وجاء أيضاً (وكل نبي يتكلم بالروح لا تجربوه ولا تدينوه كل خطية تغفر أما هذه الخطية فلا تغفر)[ الديداخي أي تعليم الرسل 11 : 6 صفحة 182].
قارن هذا بما جاء في الكتاب المقدس الذي بين أيدينا الآن ( ايها الاحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الارواح هل هي من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا الى العالم)[ 1 يوحنا 4 : 1].
ثم إن كاتب الديداخي يُعلّم بتعاليم غريبة فهو يقول ( كل نبي حقيقي قد اختبر ويعمل سر الكنيسة في العالم ، ولا يٌعلّم بأن يعمل مثلما يعمل هو ، فلا تدينوه لأن دينونته عند الله هكذا عمل أيضاً الأنبياء القدام )[ الديداخي أي تعليم الرسل 11 : 11 صفحة 185].
وأكبر دليل على أن كاتب الديداخي كان يتكلم عن إنجيل مختلف تماما عن الأناجيل الي بأيدي الكنيسة الآن هو قوله ( أما بخصوص الرسل والأنبياء فاعلموا أنه وفقاً لتعليم الإنجيل يكون الأمر هكذا : كل رسول يأتي إليكم اقبلوه كرب . لا يبقى عندكم سوى يوم واحد أو يوم آخر عند الضرورة فإن مكث ثلاثة أيام فهو نبي . عندما يمضي الرسول ، فلا يأخذ شيئاً سوى خبز إلى أن يدرك مبيتاً أما إذا طلب دراهم فهو نبي كاذب . وكل نبي يتكلم بالروح لا تجربوه ولا تدينوه كل خطيئة تغفر أما هذه الخطيئة فلا تغفر )[ الديداخي أي تعليم الرسل 11 : 3 – 7 صفحة 181 – 182].
أخبرونا هداكم الله ، في أي إنجيل جاء هذا الكلام ؟
وعن أي إنجيل يتكلم كاتب الديداخي الذي لا نعرف له اسماً ولا موطناً ولا هويةً ؟؟؟..


قانون "القديس" أثناسيوس الرسولي ( 373م)

يقول القس عبد المسيح بسيط أبو الخير ( وفي سنة 367 م كتب القديس أثناسيوس الرسولي في رسالته الفصيحة التاسعة والثلاثون يؤكد إيمان الكنيسة كلها في العالم أجمع بصحة ووحي أسفار العهد الجديد الـ27 وهي كالآتي ………. ) وهنا يسرد القس أسفار العهد الجديد فقط وهذا أمر عجيب فإن رسالة أثناسيوس التاسعه والثلاثون تحتوي أيضاً على أسفار العهد القديم وهي موجودة في الأسطر التي تسبق الفقرات التي نقلها القس المنصف ـ فلعل المانع خيرـ ، وعموماً سوف نكفيه مؤونة البحث وسنذكر له الفقرات السابقة، وذلك على لسان أحد رهبان دير من أقدم أديرة الرهبنة في الكنيسة الأرثوذكسية ـ لعل القس المنصف أن يتعلم المنهجية العلمية ـ وإليك النص ( … استحسنت أن أضع أمامكم الكتب القانونية المعتبرة أنها إلهية والمسلمة إلينا حتى نحكم على الذين سقطوا وضلوا ، ومن جهة أخرى لكي يفرح كل من بقي راسخاً في الطهارة والنقاوة . هناك اثنان وعشرون كتاباً للعهد القديم وكما سمعت أنها مسلمة إلينا بحسب عدد الحروف العبرية أما ترتيبهم وأسماؤهم فهو كما يلي: أولاً التكوين ثم الخروج ، وبعده اللاويين ، والعدد ، والتثنية ، يتبعهم كتاب يشوع بن نون ، القضاة ، راعوث ، ويلي ذلك أربعة أسفار للملوك ، الأول والثاني كتاب واحد وبعد ذلك المزامير والأمثال والجامعة ، ونشيد الأنشاد ، وأيوب ، والأثنا عشر الأنبياء الصغار وتُعتبر كتاباً واحداً ثم إشعياء وإرميا مع باروخ ، والمراثي ورسالة إرميا كتاب واحد .وبعد ذلك حزقيال ودانيال ، كل منهما كتاب واحد . هذه هي كتب العهد القديم ……. . ولأجل الدقة المتناهية أضيف أيضاً أن هناك كتباً لم يشملها القانون ، لكن الآباء حددوا قراءتها للمنضمين إلينا حديثاً ويريدون أن يتتلمذوا لكلام التقوى ، وهي : " حكمة سليمان ، و حكمة يشوع بن سيراخ ، أستير ويهوديت وطوبيت ) [العهد القديم كما عرفته كنيسة الأسكندرية ـ دار مجلة مرقس صفحة 59 و 60] .
والواضح من كلام أثناسيوس أنه يخرج الأسفار القانونية الثانية من القانون إلا رسالة إرميا وباروخ فهو لا يعتبرها أسفاراً مقدسه وإن كان يعتبرها صالحة للقراءة للمنضمين للمسيحية حديثاً كأي كتابات أخرى مفيدة ولكن ليست ككتب مقدسة بالرغم من أن الكنيسة الأرثوذكسية تعتبر أن البروتستانت هم وشهود يهوه منحرفون عن الإيمان لأنهم حذفوا هذه الأسفار من الكتاب المقدس.
والعجيب الغريب أن أثناسيوس لم يذكر من بين الكتب المفيدة للإطلاع سفرا المكابيين الأول والثاني فهل ينطبق على القديس أثناسوس قول الكتاب المقدس الذي بيد حضرة القس المبجل
( وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوّة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب ([رؤية 22 : 19].
وهل بإضافته رسالة إرميا وسفر باروخ للكتاب المقدس زيادة عما عند البروتستانت يصدق فيه قول الكتاب ( إني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب)[ رؤية 22 : 18].
وهل يُعتبر القديسس أثناسيوس محروماً من الكنيسة بنص قرارات مجمع ترنت المنعقد سنة 1546 م القائل ( كل مَن لا يعترف بجميع الكتب الموجودة في الفولجاتا يُعتبر محروماً )[ العهد القديم كما عرفته كنيسة الإسكندرية ـ دار مجلة مرقس ـ صفحة 89] ؟
فإذا كان أثناسيوس محروماً فمن يبقى من الآباء غير مهرطق أو محروم ؟؟؟!!
لا أخال أحداً منهم أرثوذكسي العقيده بعد هذا الذي ذكرناه !!.
لأنه لم يكن يؤمن بإلهامية طوبيا ويهوديت ومكابيين الأول والثاني ، وبناءً على هذا هل آن الأوان أن ننزع عن القديس أثناسوس الرسولي لقب" قديس" فيصبح أسمه أثناسيوس الأسكندري فقط أو أثناسيوس الهرطوقي ؟؟؟

كيرلس الأورشليمي ( 386م)
من يُصدّق أن كيرلس الأورشليمي وهو من آباء الكنيسة المعتبرين لا يؤمن برؤيا يوحنا اللاهوتي تعالوا بنا نقرأ كلامه ( بالنسبة للعهد الجديد يوجد أربعة أناجيل فقط أما بالنسبة للآخرين لديهم كتابات مزيفة وضارة والهراطقة كتبوا أيضاً إنجيلاً بحسب توما والذي غلف بإسم إنجيل ذلك الذي يُهلك أرواح أولئك محدودي الإدراك. ونقبل أيضاً أعمال الرسل الأثنى عشر وإضافة إلى ذلك سبعة رسائل كاثوليكية ليعقوب وبطرس ويوحنا ويهوذا وفي آخر أعمال الرسل تأتي رسائل بولس الأربعة عشر )[ Cyril's Catechetical Lectures, iv. 36.].
فأين ذكر رؤيا يوحنا اللاهوتي ؟ أ هـ
الآباء الأوائل لا يعترفون أن المسيح هو الله
القديس اغناطيوس الأنطاكى
إغناطيوس الملقب بالنوراني أو الأنطاكي والذي يدعى أيضا ثيوفوروس (باليونانية اى حامل الإله: Θεοφόρος ، وهو قديس وأحد آباء الكنيسة كان على الارجح أحد تلامذة الرسولين بطرس و يوحنا.هو ثالث أساقفة أو بطاركة أنطاكية بعد بطرس و ايفوديوس الذي توفي وقد ذكر أبو التاريخ الكنسي اوسابيوس القيصرىأن إغناطيوس خلف ايفوديوس بشكلا جعل فيه تسلسله الرسولي أكثر قربا. حيث ذكر بأن بطرس نفسه أقامه على كرسي انطاكية حوالى سنة 68 م

ويصنف إغناطيوس بشكل عام كأحد آباء الكنيسة الرسوليين (أي المجموعة الرسمية الأولى من آباء الكنيسة) وتعترف جميع الكنائس الرسولية بقداسته، فالكنيسة الكاثوليكية الغربية تعيد له في 17 تشرين الأول-أوكتوبر. والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية بالإضافة للكنائس الكاثوليكية الشرقية تعيد له في 20 كانون الأول-ديسمبر.
كانت خلاصة فلسفة إغناطيوس في الحياة هو ان يعيش عمره محاكيا حياة السيد المسيح. اعتقل إغناطيوس من قبل السلطات الرومانية وأرسل إلى روما تحت ظروف اعتقال شديدة القسوة :{ من سوريا إلى روما حاربت ضد مسوخ متوحشة، على الأرض وفي البحر، في الليل والنهار، ملزوم بالبقاء بين عشرة نمور، وبرفقة جنود يزدادون سوءا وجفاء كلما حاولوا إظهار اللطف } (من رسالة إغناطيوس إلى أهل روما 5)
مات كشهيد في عاصمة الامبراطورية حيث ألقي في أحد المسارح الرومانية لتلتهمه الأسود في عهد الإمبراطور ترايانوس . وكانت غاية السلطات من ذلك هو ان يجعلوه عبرة لغيره من المسيحيين لكي يخافوا ويتوقفوا عن نشر معتقداتهم.


http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%BA%D9%86%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D9%88%D8%B3
تعالوا نقرأ ما يقوله أغناطيوس
نقرأ من الرابطhttp://www.newadvent.org/fathers/0114.htm

من رسالة Epistle to Tarsiansنقرأ من الإصحاح الثانى

Chapter 2. Cautions against false doctrine

I have learned that certain of the ministers of Satan have wished to disturb you, some of them asserting that Jesus was born [only ] in appearance, was crucified in appearance, and died in appearance; others that He is not the Son the Creator, and others that He is Himself Godover all. Others, again, hold that He is a mere man, and others that this flesh is not to rise again,

الترجمة:
لقد علمت أن بعضا من وزراء الشيطان أرادوا أن يزعزعوكم , بعضهم يؤكدون أن يسوع ولد فىالظاهر فحسب , و صلب فى الظاهر , و مات فى الظاهر ( المقصود أن السيد المسيح لم يكن له جسم بشرى حقيقي إنما كان جسمه مجرد صورة يراها الناس و هو فكر بعض الطوائف الغنوصية المسيحية ) , و آخرون يقولون أنه ليس ابن الخالق و آخرون يقولون أنه هو نفسه الله الكائن علىالكل. آخرون أيضا يقولون أنه مجرد رجل , و آخرون يقولون أن الأجساد لن تبعث

اى ان من يقول ان المسيح هو نفسه الله فهو وزيرا للشيطان و يريدزعزعة ايمان المؤمنين

تعالوا نرى ما قاله أغناطيوس الأنطاكى عن الأب و الابن و الروح القدس
كان يؤكد أنهم ثلاثة و لا يشير أبدا إلى أنهم واحد
جاء فى رسالته التى تعرف باسم Epistle to Philippians
على الرابط التالى
:
http://www.ccel.org/ccel/schaff/anf01.v.xvii.ii.html
Chapter 2. Unity of the three divine persons

There is then one God and Father, and not two or three; One who is; and there is no other besides Him, the only true [God]. For the Lord your God, says [theScripture], is one Lord. Deuteronomy 6:4; Mark 12:29 And again, Has not one God created us? Have we not all one Father? Malachi 2:10 And there is also one Son, God the Word. For the only-begotten Son, says [the Scripture], who is in the bosom of the Father. John 1:18 And again, One Lord Jesus Christ. 1 Corinthians 8:6 And in another place, What is His name, or what His Son's name, that we may know? Proverbs 30:4 And there is also one Paraclete. For there is also, says [the Scripture], one Spirit, Ephesians 4:4 since we have been called in one hope of our calling. 1 Corinthians 12:13 And again, We have drunk of one Spirit,Ephesians 4:4 with what follows. And it is manifest that all these gifts [possessed by believers] works one and the self-same Spirit. 1 Corinthians 12:11 There are not then either three Fathers, or three Sons, or three Paracletes, but one Father, and one Son, and one Paraclete. Wherefore also the Lord, when He sent forth the apostles to make disciples of all nations, commanded them to baptize in the name of the Father, and of the Son, and of the Holy Ghost, Matthew 28:19not unto one [person] having three names, nor into three [persons] who became incarnate, but into three possessed of equal honour.

الترجمة :هناك إله و أب واحد فقط ليس اثنين و لا ثلاثة واحد فقط و ليس آخر بجواره الإله الحقيقي وحده . فالرب إلهنا كما يقول الكتاب رب واحد ( التثنية 6:4 - مرقس 12:29). و أيضا أليس إله واحد خلقنا ؟ أليس لنا جميعا أب واحد ؟( ملاخى 2:10). و أيضا هناك ابن واحد الإله الكلمة . الابن الوحيد المولود للأب كما يقول الكتاب الموجود في حضن الأب ( يو 1:18). و أيضا سيد واحد يسوع المسيح ( 1 كو 8:6 ). و فى موطن آخر : ما اسمه و ما اسم ابنه حتى نعرف ؟( أمثال 30:4). و أيضا هناك باراكليت واحد . فهناك أيضا كما يقول الكتاب روح واحد ( أفسس 4:4) لأننا دُعينا إلى رجاء دعوتنا ( 1 كو 12:13). ليس هناك بالتالي ثلاث آباء و لا ثلاث أبناء و لا ثلاث باراكليت هناك أب واحد و ابن واحد و باراكليت واحد . و بالتالي فحين أرسل السيد الرسل ليتلمذوا كل الأمم باسم الأب و الابن و الروح القدس ( متى 28 :19) ليس باسم واحد له ثلاثة أسماء و لا ثلاثة كلهم تجسدوا و لكن ثلاثة متساوون فى الكرامة . التعليق على ما سبق :أغناطيوس الأنطاكي يعتقد أن الأب و الابن و الروح القدس هم ثلاثة و ليسوا واحد له ثلاثة أسماء ولم يقل أغناطيوس أبدا أن الثلاثة هم الإله الواحد و لكنه أكد أنهم ثلاثة فهو بالتالي لم يعرف عقيدة التثليث بصورتها الحالية التي تنادى بأن الأب و الابن و الروح القدس ليسوا ثلاثة آلهة و لكن إله واحدو تجدر الإشارة إلى أن أغناطيوس كان يعتقد بأن الأب أعظم من الابن و أن الابن خاضع للأب و هو ما يخالف عقيدة التثليث الحالية من الرسالة إلى الفلبينيينEpistle to the Philippians
http://www.ccel.org/ccel/schaff/anf01.v.xvii.vii.html
من الإصحاح السابع نقرأ التالى :
And how, again, does Christ not at all appear to you to be of the Virgin, but to be God over all, and the Almighty? Say, then, who sent Him? Who was Lord over Him? And whose will did He obey? And what laws did He fulfil, since He was subject neither to the will nor power of any one

الترجمة :

و أيضا كيف لا يظهر المسيح لكم مولودا من العذراء و لكن يظهر لكم على أنه الله الكائن على الكل القوى الجبار ؟ قولوا إذا من أرسله ؟ من كان ربه و سيده ؟لمشيئة من كان مطيعا ؟ أى قوانين أتمها إن لم يكن خاضعا لمشيئة أو قوة أى أحد ؟


نقلا عن موقع كلمة سواء
http://www.kalemasawaa.com/vb/t18194.html
و موقع ابن مريم
http://www.ebnmaryam.com/vb/t189150.html

http://groups.yahoo.com/group/ella_allah/




 

قصيده الامام ابن القيم للرد علي عباد المسيح (أعباد المسيح)


أعباد المسيح لنا سؤال



نريد جوابه ممن وعاه:

إذا مات الإله بصنع قوم

أماتوه فما هذا الإله؟

وهل أرضاه ما نالوه منه

فبشراهم إذا نالوا رضاه؟

و إن سخط الذي فعلوه فيه

فقوتهم إذا أوهت قواه؟

وهل بقي الوجود بلا إله

سميع يستجيب لمن دعاه؟

و هل خلت الطباق السبع لما

ثوى تحت التراب و قد علاه؟

و هل خلت العوالم من إله

يدبرها و قد سُمّرَتْ يداه؟

و كيف تخلت الأملاك عنه

بنصرهم و قد سمعوا بكاه؟

و كيف أطاقت الخشبات حمل

اله الحق شد على قفاه؟

و كيف دنا الحديد إليه حتى

يخالطه و يلحقه أذاه؟

و كيف تمكنت أيدي عداه

و طالت حيث قد صفعوا قفاه؟

و هل عاد المسيح إلى حياة

أم المحيي له ربك سواه؟

و يا عجبا لقبر ضم رباً

و أعجب منه بطن قد حواه!

أقام هناك تسعاً من شهور

لدى الظلمات من حيض غذاه.

و شق الفرج مولوداً صغيراً

ضعيفاً فاتحاً للثدي فاه.

و يأكل ثم يشرب ثم يأتي

بلازم ذاك هل هذا إله؟

تعالى الله عن إفك النصارى

سيسأل كلهم عما افتراه
أعباد الصليب لأي معنى

يعظم أو يقبح من رماه؟

و هل تقضى العقول بغير كسر

و إحراق له و لمن بغاه؟

إذا ركب الإله عليه كرهاً

و قد شدت لتسمير يداه

فذاك المركب الملعون حقا

فدسه لا تبسه إذ تراه

يهان. عليه رب الخلق طَرا

و تعبده! فإنك من عداه.

فإن عظمته من أجل أن

قد حوى رب العباد و قد علاه.

و قد فقد الصليب فإن رأينا

له شكلا تذكرنا سناه!
فهلا للقبور سجدت طرا

لضم القبر ربك في حشاه!
فيا عبد المسيح أفق فهذا

بدايته وهذا منتهاه.



104707995.jpg


377232140.gif


القرآن الكريم سورة الواقعة 77-82




360484203.jpg




700058251.jpg


The generousQura'an, attempt meaning of 56:77-82


القرآن الكريم سورة الواقعة 77-82


122000881.jpg


Le généreuxQura'an, essaie sens du 56:77-82


القرآن الكريم سورة الواقعة 77-82



452286026.jpg


The generous Qura'an, an attempt meaning of 2:79-80



القرآن الكريم سورة البقرة 79-80


928412185.jpg


The generous Qura'an, an attempt meaning of 3:68



القرآن الكريم سورة المائدة 68



414703571.jpg




The generous Qura'an, an attempt meaning of 4:82


القرآن الكريم سورة النساء 82



 


الباب الثاني


رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


والعهد الأخير




الفصل الأول

الفرع الأول


مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والوحي المبارك


مقدمة

إن القرآن الكريم.. كتاب الله ووحيه المبارك..
القرآن الكريم.. كلام الله المنزل، غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود..
أحسن الكتب نظاماً، وأبلغها بياناً، وأفصحها كلاماً، وأبينها حلالاً وحراماً..
أنزله الله رحمة للعالمين، وحجة على الخلق أجمعين، ومعجزة باقية لسيد الأولين والآخرين.. أعز الله مكانه، ورفع سلطانه، ووزن الناس بميزانه.. من رفعه؛ رفعه الله، ومن وضعه؛ وضعه الله.
[ ‏قَالَ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَدْ قَالَ ‏إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ] رواه مسلم حديث رقم 1353.
وهو دليل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صدق نبوته ، وعلى أنه رسول الله جل علاه، وأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعرف معنى إعجاز القرآن وكيف يُتَحَدى به ، وأن التحدي الذي تضمنته آيات التحدي المذكورة في سورتي البقرة وهود وغيرها ، إنما هو تحد بلفظ القرآن ونظمه وبيانه فقط ، وليس بشيء خارج عن ذلك، فما هو بتحد بالإخبار بالغيب المكنون ولا بالغيب الذي يأتي تصديقه بعد دهر من تنزيله ، ولا بعلم مالا يدركه علم المخاطبين به من العرب ،ولا بشيء من المعاني مما لا يتصل بالنظم والبيان وإن كان كل ذلك من بعض مكوناته، ولكن الله جل علاه طالب العرب بأن يعرفوا دليل نبوة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمجرد سماع القرآن الكريم، نعم مجرد السماع، وقد بين الله سبحانه وتعالى في غير آية من كتابه الكريم أن سماع القرآن فقط يقتضيهم إدراك معاينته لكلامهم وأنه ليس من كلام البشر, بل هو من كلام رب العالمين.
إن القرآن الكريم.. كتاب الله ووحيه المبارك ..
قال تعالى: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)فصلت: ٣
فالقرآن.. كلام الله المنزل، غير مخلوق، منه بدأ إليه يعود،يقول سبحانه وتعالي في سورة
الشعراء 192ـ 195 وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥
أحسن الكتب نظاماً، وأبلغها بياناً، وأفصحها كلاماً، وأبينها حلالاً وحراماً..
وقال تعالى: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)فصلت: ٤٢
ويقول سبحانه وتعالى في سورة النساء 166 لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)النساء: ١٦٦
أنزله الله رحمة للعالمين، وحجة على الخلق أجمعين، ومعجزة باقية لسيد الأولين والآخرين.. أعز الله مكانه، ورفع سلطانه، ووزن الناس بميزانه.. من رفعه؛ رفعه الله، ومن وضعه؛ وضعه الله، [ ‏قَالَ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَدْ قَالَ ‏ ‏إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ [رواه مسلم حديث رقم 1353 .
وكتاب الله الكريم كما يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم.. ‏[ عَنْ ‏ ‏الْحَارِثِ ‏ ‏قَالَ ‏ مَرَرْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ فِي الْأَحَادِيثِ فَدَخَلْتُ عَلَى ‏ ‏عَلِيٍّ ‏ ‏فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا ‏ ‏تَرَى أَنَّ النَّاسَ قَدْ خَاضُوا فِي الْأَحَادِيثِ قَالَ وَقَدْ فَعَلُوهَا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمَا إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏أَلَا إِنَّهَا سَتَكُونُ ‏ ‏فِتْنَةٌ ‏ ‏فَقُلْتُ مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ وَهُوَ ‏ ‏الْفَصْلُ ‏ ‏لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ ‏ ‏قَصَمَهُ ‏ ‏اللَّهُ وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الَّذِي لَا ‏ ‏تَزِيغُ ‏ ‏بِهِ الْأَهْوَاءُ وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلَا ‏ ‏يَخْلَقُ ‏ ‏عَلَى كَثْرَةِ ‏ ‏الرَّدِّ ‏ ‏وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا [ إ‏ِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ] ‏مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ].هكذا في سنن الدرامي ج 2 ص 435 ، كتاب فضائل القرآن ومع اختلاف يسير في ألفاظه في صحيح الترمذي ج 11 ص 30 أبواب فضائل القرآن حديث رقم 2831
وهو دليل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صدق نبوته ، وعلى أنه رسول الله جل علاه، وأنه عليه الصلاة والسلام كان يعرف معنى إعجاز القرآن وكيف يُتَحَدى به ، وأن التحدي الذي تضمنته آيات التحدي المذكورة في سورتي البقرة وهود وغيرها ، إنما هو تحد بلفظ القرآن ونظمه وبيانه فقط ، وليس بشيء خارج عن ذلك، فما هو بتحد بالإخبار بالغيب المكنون ولا بالغيب الذي يأتي تصديقه بعد دهر من تنزيله ، ولا بعلم مالا يدركه علم المخاطبين به من العرب ،ولا بشيء من المعاني مما لا يتصل بالنظم والبيان وإن كان كل ذلك من بعض مكوناته، ولكن الله جل علاه طالب العرب بأن يعرفوا دليل نبوة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمجرد سماع القرآن الكريم، نعم مجرد السماع، وقد بين الله سبحانه وتعالى في غير آية من كتابه الكريم أن سماع القرآن فقط يقتضيهم إدراك معاينته لكلامهم وأنه ليس من كلام البشر, بل هو من كلام رب العالمين.
والحديث عن القرآن الكريم يتطلب الخوض في عنصرين أثنين..يتمثلان في البعد المكاني والبعد الزماني لنزول القرآن الكريم..
فأما عن البعد المكاني فيتمثل في شخص رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...ومن ثم كانت آيات التحدي
والمتمثلة في شخص من أنزل عليه القرآن الكريم وهو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واضحة وجلية..
فمن المعروف أن الطريقة التي سلكها إلى ذلك فهي أن التحدي كان مقصوراً على طلب المعارضة بمثل القرآن، ففي يونس: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)يونس: ٣٨
ثم بعشر سور مثله مفتريات ـ مختلفات ـ لا يلتزمون فيها الحكمة ولا الحقيقة، وليس إلا النظم والأسلوب، وهم أهل اللغة ولن تضيق أساطيرهم وعلومهم أن تسعها عشر سور ففي هود13:
( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) هود: ١٣
ثم قرن التحدي بالتأنيب والتقريع ثم استفزهم بعد ذلك جملة واحدة فقال لهم في البقرة: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)البقرة: ٢٣ – ٢٤
والمدقق في التحدي الموجود في البقرة يجده يخص شخص الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا )..أي إن كنتم تشككون في محمد [وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا] الرعد: 43.
[ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ] الرعد: 43. وبناء عليه فلتحضروا رجلاً (مِنْ مِثْلِهِ)..
لقد تحدى الله سبحانه وتعالى أهل الفصاحة ، وسلك في ذلك طريقاً كأنها قضية من قضايا التاريخ، فحكمة هذا التحدي وذكره في القرآن الكريم ـ ولم يأت على لسان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صورة حديث, بل في صورة آيات تتلى ـ إنما هي أن يشهد التاريخ في كل عصر بعجز العرب عنه وهم الفصحاء اللُسنْ والخطباء اللُدْ, وهم كانوا في العهد الذي لم يكن للغتهم خيرٌ منه ولا خير منهم في الطبع والقوة, فكانوا مظنة المعارضة والقدرة عليها, فالإعجاز كائن في رصف القرآن الكريم ونظمه وبيانه بلسان عربي مبين, بالإضافة إلى أنه لم يكن لتحديهم به معنى إلا أن تجتمع لهم وللغتهم صفات بعينها.
أولها: أن اللغة التي نزل بها القرآن الكريم تحتمل هذا القدر الهائل من المفارقة بين كلامين, كلام هو كلامهم وكلام هو كلام الله عز وجل.
ثانيها: أن أهلها قادرون على إدراك هذا الحاجز الفاصل بين الكلامين، وهذا إدراك دال على أنهم قد أوتوا من لطف تذوق البيان ومن العلم بأسراره ووجوهه قدرا وافراً يصح معه أن يتحداهم بهذا القرآن وان يطالبهم بالشهادة عند سماعه وأن تاليه عليهم نبي مرسل من عند الله فرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاش إلى سن الأربعين وما عُرف عنه أنه كان يقرض الشعر ولم تكن له مثلاً بلاغة ( قس بن ساعدة ) أو ( أكثم بن صيفي )، ولم يثبت عليه على مدي سني عمره أنه قال شعراً، بل من المعروف أن كل شاعر من الشعراء قد تخصص في لون معين من الشعر لا يجيده غيره حتى أنهم قالوا: إن شعر امرئ ألقيس يحسن عند الطرب وذكر النساء ووصف الخيل، وشعر نابغة الذبياني يحسن عند الخوف, وشعر الأعشى عند الطلب ووصف الخمر، وشعر زهير عند الرغبة والرجاء, وهكذا, فكل شاعر يحسن كلامه في فن معين فإن كلامه يضعف في غير هذا الفن, والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن طوال الأربعين سنة له علاقة بهذه الدوائر أو ذلك المجال, وهكذا كانت مفاجأة السماء, لقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يختار رجلاً لم يُعرف عنه التفوق في لغته وإن اشتهر بكل صفات الخلق الطيب, اختار الله جل علاه محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتنزل عليه الرسالة التي يتحدى بها أكبر أهل عصره بلاغة رغم أنه لم يشهد له أحد أو عنه قبل الرسالة بأي شيء من البلاغة, لقد أُعطِىَ البلاغة وجوامع الكلم بعد ذلك, والقرآن الكريم يحسم هذه المسألة في أكثر من موضع فيقول جل علاه في سورة العنكبوت:
(وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)العنكبوت: ٤٨
إن الوحي الرباني يخاطب المعاندين على الرسالة فيقول لهم قل يا محمد إنني قد عشت بينكم أربعين عاماً لم أقل شعراً ولم ألق خطباً ولم أشارك في مجالس البلاغة, ألا تعقلون أن ما أقوله ليس من عندي ولكنه من وحي الخالق الذي لو شاء ما عرفتم بهذا الوحي.
يقول جل شأنه وعز مقداره في سورة يونس: (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)يونس: ١٦
والذي يقرأ أي كلام بليغ منثور لأي كاتب ثم جاء هذا الكاتب فاستشهد ببيت من الشعر في كلامه ثم عاد إلى النثر من جديد، فإن الأذن والذوق لا يخطئان هذا الانتقال، وهذه العودة خصوصاً طبقة الشعراء الذين جبل كلامهم على الأوزان والتفاعيل أو ما يعرف بالميزان الشعري ، فمثلاً في رسالة ( ابن زيدون ) الشهيرة والتي يستعطف فيها الوزير( ابن جَهْور) والتي يقول فيها: " ما هذا الذنب الذي لم يسعه عفوك ، والجهل الذي لم يأت من وراءه حلمك، والتطاول الذي لم تستغرقه تطولك، والتحمل الذي لم يف به احتمالك ولا أخلو من أن أكون بريئاً فأين العدل؟ أو مسيئاً فأين الفضل؟ .
إلا يكن ذنب فعدلك أوسع أو كان لي فضل ففضلك أوسع
حنانيك..... فقد بلغ السيل الزبى ونالني ما حسبي وكفى ..." .
هنا وفي هذا النص نلتفت إلى أننا قد انتقلنا من النثر إلى الشعر في كلام هو في غاية البلاغة والفصاحة والانسجام وندرك هذا الانتقال ببساطة شديدة، ولكننا حينما نقرأ القرآن الكريم والذي فيه آيات على أوزان الشعر لا نحس أبداً بالانتقال من النثر إلى الشعر والعودة إلى النثر مرة أخرى لأن القرآن الكريم ليس شعراً على رصف الشعر وليس نثراً على رصف النثر, ولكنه نسيج وحده ، ولنأخذ على سبيل المثال الآيات 45ـ 52 من سورة الحجر فهذه الآيات الكريمة بها آيات على وزن الشعر وبها آيات على وزن النثر الخالص ولكن القارئ أو المستمع لا يحس بالانتقال من نثر إلى شعر ثم العودة إلى النثر مرة أخرى، كما لاحظنا في النص السابق من رسالة ابن زيدون، ولا يستطيع إدراك ذلك إلا من عنده ملكة الشعر بالفطرة، أو الدارس للميزان الشعري .
ولنتناول الآيات البينات من سورة الحجر45ـ 52: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ * نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ * وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ)الحجر: ٤٥ - ٥٢
في هذا النص الكريم نجد انتقال من النثر إلى الشعر وعودة من الشعر إلى النثر مرة أخرى, ولكن القارئ أو المستمع إلى القرآن الكريم لا يحس بهذا الانتقال من فن مرسل من الكلام إلى فن مقيد بالوزن الشعري والعودة مرة أخرى إلى الفن المرسل، ولننظر في قوله تعالى في هذه الآيات :( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
إننا هنا أمام شعر من الممكن معرفة وزنه العروضي وهو بحر المجتث ( مستفعلن فاعلات ... مستفعلن فاعلات ) ومع ذلك لا تحس الأذن بهذا الانتقال من النثر إلى الشعر ثم العودة مرة أخرى، وهذا كثير جداً في القرآن جمعه العلامة عباس محمود العقاد في كتابه اللغة الشاعرة.ولا يعرف هذا كله إلا من كان له إمام بهذا الفن, والسؤال الآن هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك؟ إن التاريخ ينفي ذلك تماماً.
ثالثاً: أن البيان كان في أنفسهم أجلّ من أن يخونوا الأمانة أو يجوروا عن الإنصاف في الحكم عليه، فلقد قرعهم وعيّرهم وسفه أحلامهم وأديانهم حتى استخرج أقصى الضراوة في عداوتهم له , وظل مع ذلك يتحداهم، فنهتهم أمانتهم على البيان عن معارضته ومناقضته.
فقطع لهم أنهم لن يفعلوا, وهي كلمة يستحيل أن تصدر من عربي إطلاقاً، لا يقولها عربي في العرب أبداً, وقد سمعوها واستقرت فيهم ودارت على ألسنتهم، وعرفوا أنها تنفي عنهم الدهر نفياً, وأنها تعجزهم آخر الأبد، فما فعلوا ولا طمعوا قط أن يفعلوا، بل إنه قد بالغ في اهتياجهم واستفزازهم ليثبت أن القدرة فيهم على المعارضة كقدرة الميت على أعمال الحياة، لن تكون ولن تقع، فقال لهم (وَلَنْ تَفْعَلُوا).
ويقول سبحانه وتعالى في سورة النساء 166لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)النساء: ١٦٦
وهذا التحدي يمكننا أن نستخرج منه سبعة حقائق ألا وهي:
الأولى: أن قليل القرآن الكريم وكثيره في شأن الإعجاز سواء.
الثانية: أن الإعجاز كان في بيان القرآن الكريم ونظمه ومبانيه.
الثالثة: أن الذين تحداهم بهذا القرآن قد أُتوا القدرة على الفصل بين الذي هو كلام الله عز وجل و كلام البشر.
الرابعة: أن الذين تحداهم به كانوا يدركون أن ما طُلِبوا به من الإتيان بمثله أو بعشر سور مثله مختلفات, هو هذا الضرب من البيان الذي يجدون في أنفسهم أنه خارج عن بيان البشر.
الخامسة: أن هذا التحدي لم يقصد به الإتيان بمثله مطابقاً لمعانيه، بل أن يأتوا بما يستطيعون افتراءه واختلاقه من كل معنى أو غرض مما يعتلج في نفوس البشر.
السادسة: أن هذا التحدي للثقلين جميعهم، انسهم وجنهم متظاهرين وهو تحد مستمر قائم إلى يوم الدين.
السابعة: أن ما في القرآن الكريم من مكنون الغيب ومن دقائق التشريع ومن عجائب آيات الله في خلقه, كل ذلك بمعزل عن هذا التحدي المفضي إلى الإعجاز, وإن كان ما فيه من ذلك كله ليعد دليلاً على أنه من عند الله جل وعلا.
أما عن أسلوب التحدي لغير الناطقين بالضاد فكان عن طريق خطاب مباشر لهم كما وضحته سورة المائدة حيث يقول سبحانه وتعالى:(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)المائدة: ١٥ - ١٦
ولقد بلغ التحدي مداه حينما تحدث مخاطباً علماء بني إسرائيل أنهم يعرفونه عليه الصلاة والسلام وأنه كشف عن تلاعبهم في نصوص التوراة بأن أخفوا اسمه الشريف ووضعوا بديلاً عنه كلمات لا يعرفها إلا العلماء منهم.
[ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ * أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ] الشعراء:196 ـ 197.
تأمل قوله سبحانه وتعالى: [ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ] الشعراء:196
i_safe.gif
وليعلم القارئ أن هذه البشارات موجودة في كتب كثيرة سواء في بعض دواوين السيرة أو في مصنفات الجدل مع أهل الكتاب مثل كتاب "الجواب الصحيح" لابن تيمية و"هداية الحيارى" لابن القيم، و"إظهار الحق" لرحمت الله الهندي و"الفارق بين المخلوق والخالق" لعبد الرحمن باجه جي أو كتاب الدكتور أحمد حجازي السقا" البشارة بنبي الإسلام" .جتى أنها قد وردت في عقائد الهندوس في الديانات الهندية القديمة كما سبق شرحه وبيانه.

وكذلك مصنفات المهتدين من أهل الكتاب مثل:
1ـ علي بن ربن الطبري في القرن الثالث الهجري 260 ه كان نصرانياً فأسلم وكتب كتابين أحدهما : الدين والدولة في إثبات نبوة سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوالثاني بعنوان الرد على النصارى .. وكلاهما مطبوع.

2ـ ومن هؤلاء نصر بن يحيى بن سعيد المتطبب في القرن السادس الهجري 589 ه كان نصرانياً فأسلم وكتب كتاباً بعنوان" النصيحة الإيمانية في فضيحة الملة النصرانية " وبالإضافة إلى أنه كان طبيباً، إلا أنه كان فيلسوفاً وكتابه فيه رد على النصارى من وجهة نظر فلسفية لاهوتية..
3ـ السموءل بن يحيي المغربي 570 ه كان حبراً يهودياً فأسلم وكتب كتابه بعنوان " بذل المجهود في إفحام اليهود " وهو كتاب نفيس في بابه يكشف عن خبث اليهود وبعض أسرارهم ورموزهم في سب الإسلام ونبي الإسلام صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... وقد كان ذلك عند أسلافهم المعاصرين للمصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين كانوا يقولون راعنا.. وقد ذكر في مقدمة كتابه أنه حين دخل في الصلاة مع المسلمين لأول مرة انتابه شعور بالسعادة الغامرة وقال في نفسه أنه إذا كان الله عز وجل قد كلم بني إسرائيل مرة واحدة على جبل الطور فإن الله عز وجل يكلم المسلمين كل يوم خمس مرات . .
4ـ سعيد بن حسن الإسكندراني في القرن السابع ، كان يهودياً فأسلم وكتب كتاباً بعنوان "مسالك النظر في نبوة سيد البشر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ..
5ـ القس أنسلم تورميدا الذي كان نصرانياً وأسلم في القرن الثامن الهجري ، وتسمى عبد الله الترجمان واشتغل مترجماً لأحد أمراء الأندلس وقد كان قسيساً في النصرانية وعرضت عليه إغراءات شديدة من قبل أهل ملته ليرتد عن الإسلام ولكنه ثبت على هدايته وكتب كتاباً بعنوان " تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب " مطبوع في مصر بتحقيق الدكتور محمود حماية ..
وقد كشف عن حيل النصارى في التنصير والتأثير على الناس عن طريق الصور والأضواء واختراع الألاعيب التي توهم الناس البسطاء بأنها كرامات ..
6ـ البروفيسور عبد الأحد داوود وقد كان صاحب منصب لاهوتي كبير في الكنيسة في القرن التاسع عشر وكان ذو خبرة في اللغات القديمة ، وهاله التحريف الكبير الذي لحق البشارات الخاصة بنبوة سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. ولما عاد إلى أصول الكلمات المحرفة في لغاتها القديمة اكتشف اكتشافات هائلة .. فاستقال من منصبه وأعلن إسلامه وكتب كتاباً رائعاً هو درة نفيسة في حقل البشارات ... وهذا الكتاب هو " محمد في الكتاب المقدس ".
7ـ الدكتور إبراهيم خليل احمد وقد كان قسيساً مصرياً فدخل الإسلام مع أولاده الأربعة وكتب كتابه "محمد في التوراة والإنجيل والقرآن"..
8 ـ محمد مجدي مرجان كان قسيسًا نصرانياً مصرياً دخل الإسلام وكتب كتابه " الله واحد أم ثالوث ؟ " .. وهو كتاب قيم ..
9ـ الدكتور موريس بوكاي دخل في الإسلام بعد قراءات مقارنة بين الكتب المقدسة على ضوء البحث العلمي الجديد .. ثم أعلن إسلامه وكتب كتابه " التوراة والإنجيل والقرآن والعلم".
10ـ الفيلسوف الفرنسي الكبير روجيه جارودي وله كتابات قيمة.. وقد ظهرت له بعض الأخطاء.. ولعل متابعته في القراءة والبحث قد صححت له مفاهيمه الخاطئة.
11ـ الفيلسوف الكبير محمد أسد وله كتابات قيمة حول انطباعاته عن الإسلام وخصوصاً كتابه "الطريق إلى مكة".. وله كتابات تعالج الفكر السياسي الإسلامي ..
12ـ الفيلسوف الألماني الدكتور مراد هوفمان وقد تأثر بمحمد أسد وكتب كتاباً يحمل نفس عنوان كتابه المشار إليه آنفاً وهو الطريق إلى مكة .. وله الإسلام كبديل .. والإسلام في الألفية الثالثة وغيره ..
13ـ الدكتور جيفري لانج الأمريكي الأصل وهو عالم مختص في الرياضيات . . له كتابين مهمين هما: "حتى الملائكة تسأل عن الإسلام في أمريكا"، والثاني "الصراع من أجل الإيمان".. يعالج فيهما انطباع المسلم الأمريكي عن العالم .. وموقفه من الشبهات الكثيرة والحرب التي المعلنة ضد الإسلام.. والصراع الذي يعيشه الإنسان وهو يبحث عن الحقيقة.. في هذا الخضم الهائل من حملة التشويه والتزييف التي يقودها اليهود في العالم ضد الإسلام ..
هذه بعض الأسماء التي حضرتني في عجالة وأعتقد أن أعداد المهتدين كثيرة جداً في العالم والذي يلفت النظر أن أكثر الذين يدخلون في دين الله عز وجل هم من رجالات العلم والثقافة وليسوا أناساً أمييين أو جهلة .. ولا بد من متابعة هذا الموضوع بقوة في وسائل الإعلام المختلفة ومن أهمها شبكة النت ..






 
الفرع الثاني

مَا أَنَابِقَارِئٍ (קְרָא)


ولعل من أهم الكتب التي تناولت الموضوع الذي بين أيدينا هو الكتاب الموسوعة:
[دلائل النبوة للإمام أبي بكر جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي ، المتوفى سنة 301ه].
هذا ديننا دين العلماء والعقلاء.. ودين المتيمين في البحث عن الحقيقة، ودين السعادة في الدارين..يجب أن يعلم كل الناس ذلك. . واليوم العالم عالم الدعاية .. عالم الإعلام ..
فأين إعلامنا وأين دعايتنا وأين صوتنا يجب أن يدوي في كل الأصقاع والبقاع أن لا إله إلا الله محمد رسول الله...
ولقد رأينا في الباب السابق كيف بشر الكتاب المقدس بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟..وبماذا بشر؟..
وتحدثنا عن مدلول الآية الكريمة (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ)الشعراء: ١٩٦
إن الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس بالأمر الهين..خصوصاً حينما توجه إليه الانتقادات والطعون..
ويؤلمني كثيراً حينما أرى أقلاما كثيرة قد انبرت للدفاع عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنه متهم وطعين ويحتاج لمثل هؤلاء المدافعون عنه والله سبحانه وتعالى هو القائل: (إنا كفيناك المستهزئين)..
والخلل عند كلا المعسكرين ـ المسلم وغيره ـ جاء من أنهم قد وضعوا إطاراً للكمال من عند أنفسهم وراحوا يقيسون عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..فخذ عندك على سبيل المثال مسألة التعدد والتي ملئوا الدنيا بها ضجيجا وعويلاً..واعتبروها نقيصة تقتضي الكفر به والعياذ بالله ومن ثم انهالت الطعون عليه أقلها رميا بالكذب..
ولما كنت قد تناولت هذه القضية بشيء من التفصيل في كتابي(زواج أم زوجات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)أرى أنه من المناسب الرجوع إليه للأهمية ولكنني سوف أركز على حقيقة هامة حتى لا أخرج عن صلب وطبيعة الموضوع الخاص بالبحث الآن...
فللمسلم أقول له: هل تؤمن بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه رسول مرسل من قبل الله سبحانه وتعالى ؟..هل تؤمن بأنه صادق الوعد الأمين؟...
فإذا كانت الإجابة بنعم..فلتعلم أنه لا ينطق عن الهوى وأن كل ما يصدر عنه هو الكمال..سواء من قول أو فعل أو عمل..وأنه ليس من حقك أن تضع إطارا للكمال من عندك أنت وبمقاييسك أنت، وتقيس عليه قوله أو فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..ولسوف أحدثكم في نهاية الفصل عن قدر نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ربكم..
إن العلاقة بين اليهود والقرءان الكريم علاقة عداء منذ الأيام الأولى للدعوة الإسلامية.
ومريم ابنة عمران لآوية من بني إسرائيل..فما سر اهتمام القرآن الكريم بها من قبل أن تلد السيد المسيح عليهما السلام؟.
لقد تقبلها ربها بقبول حسن.. وأنبتها نباتاً حسناً .. وكفلها الله سبحانه وتعالى نبياً كريماً يرعاها، هو زكريا عليه السلام..وهو زوج خالتها السيدة اليصابات.
إنها النبوة والرسالة التي اشتركت بين السيد المسيح ومحمد بن عبد الله عليما الصلاة والسلام.
يقول سبحانه وتعالى في سورة الشعراء 196 ـ 197:
[ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ * أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ] الشعراء:196 ـ 197.
تأمل قوله سبحانه وتعالى: [ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ] الشعراء:196
طالما قال سبحانه وتعالى أنه في كتب الأولين..فصدق الله العظيم..ولقد تحداكم الله سبحانه وتعالى بأن وجه الخطاب إلى رؤسائكم من الأحبار والبطاركة والذين يعرفون الكتاب حق معرفته وأنهم يعلمون البشارات الصريحة به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. فقال عن علماء بني إسرائيل.. [أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ] الشعراء: 197
ويقول القران الكريم عنهم في سورة الأعراف:157: [ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ].
وطالما أن الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا بقوله عز وجل: (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ)..إذن فهو موجود عندهم في الكتب التي ين أيديهم، وليس معنى ذلك الإقرار بصحة كل ما هو موجود في كتابهم..ولكن الله سبحانه وتعالى تحداهم بأن أمسك يد التحريف أن تطال ما أخبرنا به جل علاه..ليكون ذلك حجة عليهم...شأنهم في ذلك كشأن أبي لهب ـ عبد العزى بن عبد المطلب ـ عم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..فلقد قال الله سبحانه وتعالى في شأنه هو وزوجه أم جميل ـ أروى بنت حرب ـ: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ *سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ)المسد:1 ـ 4..
لقد نزلت هذه الآيات في البدايات الأولى للدعوة وكان في إمكانهما أن يعلنا إسلامهما ولو نفاقاً ومع ذلك أمسك الله أيديهما عن الإسلام..
والفرصة أمام أهل الكتاب مازالت قائمة..يقول الله تعالى وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)النساء: 159
قال ابن جرير:
ـ اختلف أهل التأويل في معنى ذلك فقال بعضهم معنى ذلك "وإن من أهل الكتاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ به قبل موته" يعني قبل موت عيسى يوجه ذلك إلى أن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال فتصير الملل كلها واحدة وهي ملة الإسلام الحنيفية دين إبراهيم صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ـ وقال آخرون يعني بذلك وإن من أهل الكتاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ به بعيسى قبل موت الكتابي ذكر من كان يوجه ذلك إلى أنه إذا عاين علم الحق من الباطل لأن كل من نزل به الموت لم تخرج نفسه حتى يتبين له الحق من الباطل في دينه.
ـ وقال آخرون معنى ذلك وإن من أهل الكتاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بمحمد صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل موت الكتابي.
قال ابن جرير: وأولى هذه الأقوال بالصحة القول الأول وهو أنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى عليه السلام إلا آمن به قبل موت عيسى عليه السلام.
والفرصة سانحة أمام الكل من أهل الكتاب..خصوصاً العلماء منهم والذين يعرفونه كما يعرفون أبنائهم.. (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ )البقرة:146ـ 147.
فهم يعرفونه بالاسم ويعرفونه بالصفة ويعرفونه بالأصحاب ويعرفونه بالأحداث..وكل هذه الأمور موجودة في الكتاب الذي بين أيديهم ليكون حجة عليهم يوم لا ينفع الإنسان مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم..
1 ـ وانه سوف يأتي من جهة بلاد العرب من الجزيرة العربية وليس من قبل بلاد الشام هكذا هو مذكور عندهم في التوراة فلقد جاء في سفر إشعياء الإصْحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ:
(13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. 14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ. 15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ. 16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ».)اشعياء 21: 13 ـ 17..حيث تفيد هذه البشارة أن الله سبحانه وتعالى قد أوحى إلى أشعيا لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ) بأن وحياً سيأتي من جهة بلاد العرب : ( وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ )..
ففي هذا النص نجد تحديد مكان الوحي ووصفه..
حدد النص (وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ) بأن بدء الوحي في بلاد العرب في الوعر في غار حراء ، والأحداث التاريخية تؤكد على أنه لم يكن هناك وحي من جهة بلاد العرب سوى الوحي وبدء رسالة رسول الله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد وردت كلمة الوحي بدلالة اللفظ المستخدم لدى المسلمين العرب في القرآن [ كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ]سورة الشورى : 3 .
2 ـ عودة إلى قوله تعالى في سورة الأعراف/157: [ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ].
ولنتناول صفة الأمية كما هي واردة في العهد القديم في الكتاب الذي بين أيديهم:
جاء في سفر إشعياء: ( 12أَوْ يُدْفَعُ الْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ: «اقْرَأْ هَذَا» فَيَقُولُ: « لاَ أَعْرِفُ الْكِتَابَةَ».).
النص في جميع الترجمات العالمية: بمعنى : "لا أعرف القراءة" فيما سوى الترجمة العربية، ولا يخفى أنه أريد من تحريف الترجمة العربية، وتحويل العبارة من (لا أعرف القراءة) إلى (لا أعرف الكتابة) نوع من التحريف أريد منه صرف القارئ العربي عن تحقق القصة بألفاظها في غار حراء .
وفي النص العبراني: (וְנִתַּןהַסֵּפֶר, עַלאֲשֶׁרלֹא-יָדַעסֵפֶרלֵאמֹר--קְרָאנָא-זֶה; וְאָמַר, לֹאיָדַעְתִּיסֵפֶר )، ولفظة: (קְרָא) العبرانية والتي تلفظ (كرا) تعني القراءة، لا الكتابة.
فقوله: ( 12أَوْ يُدْفَعُ الْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ: «اقْرَأْ هَذَا» فَيَقُولُ: « لاَ أَعْرِفُ الْكِتَابَةَ».)، يسجل اللحظة العظيمة التي يبدأ نزول الوحي فيها على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ففي صحيح البخاري عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أنها قالت:
[ حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُقَيْلٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ‏ ‏أَنَّهَا قَالَتْ ‏ :‏أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ ‏ ‏فَلَقِ ‏ ‏الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو ‏ ‏بِغَارِ حِرَاءٍ ‏ ‏فَيَتَحَنَّثُ ‏ ‏فِيهِ ‏ ‏وَهُوَ التَّعَبُّدُ ‏ ‏اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ ‏ ‏قَبْلَ أَنْ ‏ ‏يَنْزِعَ ‏ ‏إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى ‏خَدِيجَةَ ‏ ‏فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ ‏ ‏فَجَاءَهُ ‏ ‏الْمَلَكُ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَابِقَارِئٍ (קְרָא) قَالَ فَأَخَذَنِي ‏ ‏فَغَطَّنِي ‏ ‏حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ ‏ ‏أَرْسَلَنِي ‏ ‏فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي ‏ ‏فَغَطَّنِي ‏ ‏الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ ‏ ‏أَرْسَلَنِي ‏ ‏فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي ‏ ‏فَغَطَّنِي ‏ ‏الثَّالِثَةَ ثُمَّ ‏ ‏أَرْسَلَنِي ‏ ‏فَقَالَ :‏
[ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ].العلق:1-5.
 

الفرع الثالث

اسم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الملغز كما يعرفه علماء بني إسرائيل..

قال الله تعالى في سفر التكوين 17: 20 مخاطبا إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيراً جِدّاً. اِثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً. ]:
النص العبري:
ּֽלְיִשְׁמָעֵאל (ول يشمعل) שְׁמַעְתִּיךָ֒(شمع تيخا)הִנֵּ֣ה׀אֹתֹ֗ו (هبنني إث) בֵּרַ֣כְתִּיאֹתֹ֛ו (وبتراحتي إث)וְהִפְרֵיתִ֥יאֹתֹ֛ו (وهفريتي إث) וְהִרְבֵּיתִ֥יאֹתֹ֖ו(وهرباتي إث)בִּמְאֹ֣דמְאֹ֑ד(بماد ماد)שְׁנֵים־עָשָׂ֤ר(شنيم عسر)נְשִׂיאִם֙ (نسييم) יֹולִ֔ידוּנְתַתִּ֖יו (ونستيو) לְגֹ֥וי(لجوي)גָּדֹֽול(جدول) .
فهذه الكلمة [ بماد مادבִּמְאֹ֣דמְאֹ֑ד ] إذا عددنا حساب حروفها بالجمل فإننا وجدناها اثنين وتسعين وكذلك كلمة[ لجوي جدولלְגֹ֥ויגָּדֹֽול].
وكذلك عدد حساب حروف [محمد] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانه أيضا اثنان وتسعون..فلنحسبها:
بماد ماد = בִּ ( 2 ) + מְ (40 ) + אֹ( 1 ) +֣ד( 4 ) + מְ (40 ) + אֹ( 1 ) + ֣ד( 4 )
= 92
وهذا ينطبق على (أُمَّةً كَبِيرَةً) والتي تعني في اللغة العبرانية (لجوى جدول) والتي حروفها بالجمل اثنين وتسعين:
لجوي جدول = לְ(30)+ גֹ(3)+֥ו(6 9 )+ י(10) + גָּ ( 3 )+דֹ(4)+ו(6)+ל (30) = 92
وعند حساب عدد حروف اسم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنجده:92
محمد = م (40) + ح (8 ) + م (40) + د (4) = 92
وإنما جعل ذلك في هذا الموضوع ملغزا، لأنه لو صرح به لبهدلته اليهود وأسقطته من التوراة كما عملوا في غير ذلك،وهذا يعني أن الله سبحانه وتعالى وعد إبراهيم بنينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فما رأي النصارى الآن ؟.
ولكنهم عدلوا النص في نسخة الإنترنت موقع الكلمة هكذا:
[20وأمَّا إسماعيلُ فسَمِعْتُ لكَ، وها أنا أبارِكُه وأُنمِّيه وأكثِّرُهُ جدُا، ويَلِدُ اَثني عشَرَ رئيسًا وأجعَلُ نَسلَه أُمَّةً عظيمةً. ] وبناء على هذا التعديل فإن النص لا ينصرف إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..والنص الأصلي هو: :[20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيراً جِدّاً. اِثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً. ]..
فغيرا من كلمة (وَأُكَثِّرُهُ) لتصبح (وأُنمِّيه)..ومن كلمة (كَثِيراً) لتصبح (وأكثِّرُهُ)......والعجيب أنهم بتحريفهم هذا شهدوا لهذه الأمة بالعظمة وذلك بقولهم:[ وأجعَلُ نَسلَه أُمَّةً عظيمةً. ]
ويبقى النص العبري حجة عليهم:ּֽלְיִשְׁמָעֵאל (ول يشمعل) שְׁמַעְתִּיךָ֒(شمع تيخا)הִנֵּ֣ה׀אֹתֹ֗ו (هبنني إث) בֵּרַ֣כְתִּיאֹתֹ֛ו (وبتراحتي إث)וְהִפְרֵיתִ֥יאֹתֹ֛ו (وهفريتي إث) וְהִרְבֵּיתִ֥יאֹתֹ֖ו(وهرباتي إث)בִּמְאֹ֣דמְאֹ֑ד(بماد ماد)שְׁנֵים־עָשָׂ֤ר(شنيم عسر)נְשִׂיאִם֙ (نسييم) יֹולִ֔ידוּנְתַתִּ֖יו (ونستيو) לְגֹ֥וי(لجوي)גָּדֹֽול(جدول) .
فتأمل.
أما اسم النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ بالعبرية فهوמַחֲמַדִּيمكن البحث عنه ضمن النص الموجود في السفر التوراتي Song of Songs
Chapter 5
שִׁיר הַשִּׁירִים
SOL-5-16:
חִכֹּו֙מַֽמְתַקִּ֔יםוְכֻלֹּ֖ומַחֲמַדִּ֑יםזֶ֤הדֹודִי֙וְזֶ֣הרֵעִ֔יבְּנֹ֖ותיְרוּשָׁלִָֽם
سوف أعيد كتابة النص بدون تشكيل وذلك للتسهيل مع النطق هكذاחכוهكّوממתקים ممتكّيمוכלו وُ خلّوמחמדים مَحَمَدّيمזה زِهْדודי دوديוזהوُ زِهْ רעי رُعيבנות بنوثירושלם.” يوروشلايم)...
“Hikko mamtaqqim we-khullo Mahamaddim zeh dodi we-zeh re’I benoth-yerushalayi”
لو استعملنا بعض مواقع الترجمة العالمية والاحترافية والمشهود لها بالمصداقية مثل هذا الموقع العالمي، والذي يعتبر من أقدم مواقع الترجمة وأفضلها على شبكة الإنترنت.
http://www.freetranslation.com/
وطلبنا الترجمة من العبرية أي Hebrew إلى الانجليزية تظهر لنا هذه النتيجة..

645473181.jpg


موقع ترجمة عالمي آخر وهو : http://mymemory.translated.net
ولما نضع هذه الكلمة العبرية מַחֲמַדִּ ونترجمها إلى العربية انظروا النتيجة :

650536215.jpg


http://mymemory.translated.net/t/Hebrew/Arabic/%D7%9E%D6%B7%D7%97%D6%B2%D7%9E%D6%B7%D7%93%D6%B4%D 6%BC
والترجمةالحرفية هكذا:
[ 16فَمُهُ عَذْبٌ، نعم إِنَّهُ مَحَمَد. هَذَا هُوَ حَبِيبِي وَهَذَا هُوَ صَدِيْقٍي يَابَنَاتِ أُورُشَلِيمَ].
لا شك بأنها تفتقر للحقيقة إذ أن المعنى اللغوي للترجمة هي:" كلامه أحسن الكلام, إنّه محمّد العظيم. هذا هو حبيبي, وهذا هو صديقي (أو خليلي), يا بنات أورشليم."
لاحظ" هكّو ممتكيم חכוממתקים “.. فكلمة " هكّو חכו "هي من الجذر " هَكه " أو " هَنَكه " . ...أو كلام..ومعنى هذين الجذرين هو:
( داخل الفم أو حنك أو سقف الحلق أو حاسة التذوق أو لسان أو لغة ).
هذا من الناحية اللغوية, أمّا من الناحية الاصطلاحية في الكتاب المقدس فإنّ الفم والحنك واللغة كلّها تعني الكلام المنطوق.
إن الياء والميم في "ممتكيم ממתקים" هما للتفخيم والتعظيم، وهو ما يظهر من التراجم الانجليزية نفسها.
وعليه فمعنى المقطع الأول إذن ليس : " فَمُهُ عَذْبٌ " ..بل "كلامه أحسن الكلام".
كما أن الترجمة العربية للنص العبري التالي:

483066461.jpg


" חכוממתקיםוכלומחמדיםזהדודיוזהרעיבנותירושלם. "

هي :" فَمُهُ عَذْبٌ، نعم: إِنَّهُ مَحَمَد. هَذَا هُوَحَبِيبِي وَهَذَا هُوَ صَدِيْقٍي يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ. ".
( فكلو محماديمוכלומחמדים)الواردة في النص تعني" محمد العظيم".
لا حظ أن الكلمة الواردة هي מחמד - مَحمَد (بتسكين الميم )، وتلفظ بهذا النحو - مَحمَاد ـ مع زيادة יםـ يم للجمع ـ
فلماذا وجد حرف الميم في بداية الكلمة ؟. لا شيء إلا أن المقصود هو نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
"חכומתוקונעיםכממתקים, וכולונחמדכתמרים. כךהואדוגמאותרעיבנותירושלים, ועלכןאניחולתאהבה. והןמשיבותלהאחריאשרשמעואתשמעשבחו " .
وهذا نص الجملة بالعبرية :-"Hikow mamtaqiym wkulowmahamademzeh dowdiy wzeh ree`iy bnowt yruushaalaaim."
لاحظوا " mahamademמחמדיםمحمديم " ؟؟؟.
راجع: See Kohelenberger Interlinear Hebrew-English Old Testament.
إن المقطع رقم 16 يحتوي على الكلمة العبرية مَحَمَد " מחמד فهل هي مصادفة أن يكون اسم الشخص الذي تنبأ عنه النص كاسم النبي العربي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟.
إن الكلمة العبرية ( مَحْمَد )מחמד تتألّف من الحروف العبرية الأربعة:
( ميمמ – حيتח – ميم מ– دالت ד).
وهي نفس الأحرف العربية ( ميم – حاء – ميم – دال ).
إن الفرق بين كلمة " مَحَمَد " [ mahmadמחמד ] وكلمة " مُحّمَّد " [ Muhammadמחמד ] لم يكن موجودًا في العبرية القديمة، و إضافة التشكيل للغة العبرية و بالتالي للإسرائيليات إنما تم في القرن الثامن الميلادي، فمن المحتمل أن يكون الحاخام الذي قام بتشكيل نشيد الأناشيد قد أخطأ في هذه الكلمة.
وكلمة مُحّمَّد في العربية والعبرية لها معني واحد هو صيغة التفضيل من الرجل المحمود. أمّا كلمة مَحَمَد فإنَّ لها حسب قاموس " بن يهوذا " أربعة معاني هي:
( المحبوب – المُشتهي – النفيس - المُحّمَّد )، وبالطبع فإنَّ المترجمين للكتاب المقدّس يميلون لاختيار أوّل ثلاث كلمات لإبعاد القارئ المسيحي عن الكلمة الحقيقية.
و إذا أردنا أن نكون واقعيين أكثر فإن هذا اليهودي قد غير التشكيل من مُحُمَّد إلى مَحَمَد ليمعن في إبعاد النصارى عن الإسلام الذي كان قد انتشر قبل قرن من إضافة التشكيل للإسرائيليات.
إن أي رجل يؤمن بأن العهد القديم هو وحي من عند الله فعليه أن يؤمن بأن الجزء الخامس من نشيد الأناشيد كان يتحدث عن رسول الله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأن اليهود يعرفون ذلك حتى اليوم لكنهم يخفونه عن الناس.
يقول الله القدوس عن هؤلاء في سورة البقرة: (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) البقرة: ١٤٦ - ١٤٧
ولسوف يدهش علماء النصارى حينما يعلمون ما هو مكتوب في التوراة من سيرة النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلم وكأننا نقرأ في سيرة ابن هشام.
4 ـ يقول سفر التثنية 18/15-19 :[15«يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ. 16حَسَبَ كُلِّ مَا طَلَبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ يَوْمَ الاجْتِمَاعِ قَائِلاً: لاَ أَعُودُ أَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِي وَلاَ أَرَى هذِهِ النَّارَ الْعَظِيمَةَ أَيْضًا لِئَلاَّ أَمُوتَ. 17قَالَ لِيَ الرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلَّمُوا. 18أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. 19وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ لِكَلاَمِي الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ.].
إنها النبوءة الأولى لموسى فلا بأس إذا أطلنا النظر فيها قبل أن نبدأ حساباتنا، محور هذا الكتاب.
تنبأ موسى لبنى إسرائيل عن النبي الموعود وبشرهم به ، وأخذ عليهم العهد أن يطيعوه ويسمعوا له ، كما بشرت به الأنبياء . لقد كان اليهود إذن في انتظار نبي بعينه ، لا يتبع شريعة موسى ، يأتي بناموس جديد ، توراة (أي شريعة ) مقدسة بديلة للتوراة التي بأيديهم ، غير أن المسيح عيسى ألزم حوارييه بعدم مخالفة توراة موسى " على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون فما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه ، ولكن مثل أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون " .
هيا بنا لنأتي إلى الجانب الحسابي في النبوءة ، لنأت إلى الفقرة الأولى..والآن مع النص :[ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيَتكَلّمْ إِلَِيُهْم ].
DEU-18-18:thee, and will put my wordsונתןדברייin his mouth; and he shall speakוהואידברunto themאלהם all that I shall commandפקודה him.
DEU-18-18: נָבִ֨יאאָקִ֥יםלָהֶ֛םמִקֶּ֥רֶבאֲחֵיהֶ֖םכָּמֹ֑וךָוְנָתַתִּ֤ידְבָרַי֙בְּפִ֔יווְדִבֶּ֣ראֲלֵיהֶ֔םאֵ֖תכָּל־אֲשֶׁ֥ראֲצַוֶּֽנּוּ׃
وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ.
وَأَجْعَلُ וְנָתַתִּ֤י(ونَتَـتَّي)
كَلامِي(דְבָרַי֙دِبـَرىَ)
فِيבְּ فَمِهِפִ֔יו (بفيو)
(فَيُكَلِّمُهُمْוהואידבראֵ֖ת و دِبَر ألَهيـم )
بِكُلِّ ָּל־مَا ـ (أشرِ אֲשֶׁ֥ר)
أُوصِيهِ ֽبِهِ (أصوِאֲצַוֶּ نَوّנּוּ)..
ونَتَتّىוְנָתַתִּ֤י دبَرَىוְנָתַתִּ֤י بفِيو בְּפִ֔יוودبرוְדִבֶּ֣ר إليهمאֲלֵיהֶ֔ם
نحسب هذه العبارة، فإنها لا يمكن أن تخلو من اسم النبي المقصود:
ونتتىוְנָתַתִּ֤י (ו =6+ נ =50 + ת =400 + ת =400 + י =10 المجموع 866).
دبرىדְבָרַי֙(ד = 4 + ב = 2 + ר = 200 + י = 10 المجموع 216 ).
بفيوבְּפִ֔יו(ב = 2 + פ = 80 + י =10 + ו = 6 المجموع98 ).
ودبرוְדִבֶּ֣ר (ו = 6 + دד = 4 + بב = 2 + رר = 200 المجموع 212).
إليهمאֲלֵיהֶ֔ם (אֲ = 1 + ל =30 + י =10 + ה = 5 + ם =40 المجموع86).
المجموع الكلى866+216+98+212+86 =1478
فمن هو هذا الذي سوف يجعل الله سبحانه وتعالى كلامه [ فِي فَمِهِ فَيَتكَلّمْ إِلَِيُهْم] لا شك أن هذه الكلمات تحمل اسم النبي المبشر به أنه
اسمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي .

فمن هو هذا الذي سوف يجعل الله سبحانه وتعالى كلامه [ فِي فَمِهِ فَيَتكَلّمْ إِلَِيُهْم] لا شك أن هذه الكلمات تحمل اسم النبي المبشر به أنه اسمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ :
 
فمن هو هذا الذي سوف يجعل الله سبحانه وتعالى كلامه [ فِي فَمِهِ فَيَتكَلّمْ إِلَِيُهْم] لا شك أن هذه الكلمات تحمل اسم النبي المبشر به أنه اسمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ :
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي .


محمد (م = 40 + ح = 8 + م = 40 + د = 4 المجموع 92 ).
ابن (إ = 1 + ب = 2 + ن = 50 المجموع 53).
عبد (ع =70 +ب =2 + د =4 المجموع 76).
الله (أ=1 + ل=30 + ل=30 + ه =5 المجموع 66).
ابن (إ = 1 + ب = 2 + ن = 50 المجموع 53).
عبد (ع =70 + ب =2+ د =4 المجموع 76)
المطلب (أ =1+ ل= 30+ م=40 + ط =9 + ل=30+ ب=2 المجموع 112).
ابن (إ = 1 + ب = 2 + ن = 50 المجموع 53).
هاشم (ه = 5 + ش = 300 + م = 40 المجموع 345).
ابن (إ = 1 + ب = 2 + ن = 50 المجموع 53).
عبد (ع =70 + ب =2+ د =4 عبد المجموع 76).
منف (م = 40 + ن = 50 + ف = 80 المجموع 170).
ابن (إ = 1 + ب = 2 + ن = 50 المجموع 53).
قصي (ق = 100 + ص = 90 + ى = 10 المجموع 200).
المجموع الكلى 1478
731602248.jpg

850338529.jpg


ولكنهم قالوا أن هذه النبوءة تنطبق على موسى عليه السلام..
حسنا فلنحسبها بحساب الجمل:
موسى بن عمران بن قاهث بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم = 2095
موسى = م 40 + و 6 + س 60 + ى 10= 116
بن = ب 2 + ن 50 = 52
عمران = ع 70 + م 40 + ر 200 + ا 1 + ن50 =361
عمرام = ع 70 + م 40 + ر 200 + ا 1 + م 40 = 351
بن = ب 2 + ن 50 =52
قاهث = ق 100 + ا 1 + ﻫ 5 + ث 500 = 606
بن = ب 2 + ن 50 =52
لاوى = ل 30+ ا1+ و6+ ى10+ =47
بن = ب 2 + ن 50 =52
يعقوب= ي 10+ ع 70+ ق 100+ و 6+ ب2+=188
بن = ب 2 + ن 50 =52
إسحاق= إ1+ س 60+ ح 8+ ا 1+ ق100 =170
بن = ب 2 + ن 50 =52
إبراهيم= إ 1+ ب 2+ ر 200+ ا 1 + ﻫ 5+ ي 10+ م40 =259
المجموع يساوي 2095وليس1478..فتأمل..
لقد نال اليهود والنصارى منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم المأمورون بالإيمان به قبلنا..فهو مبشر به عندهم في كتبهم..
هذا هو اسمه في التوراة؟..فكيف به في الإنجيل؟..إن اسمه البرلقيط...

إن كُتاب الكتاب المقدس يعترفون بالتنقيح المتعمد في كتابهم ( المقدس) ويثبتون ذلك الأمر في أول صفحة من كتابهم هذا، ومع ذلك فهناك الكثير من علمائهم من ينكر ذلك ونخص بالذكر منهم الدكتور القس (فاندر) لأنه كتب كتابه (ميزان الحق) في عام 1845م وقد وجهه إلى المسلمين وهو يعتبر العمدة في هذا المجال وكل كتابات النصارى في هذا الأمر تعتبر عالة على هذا الكتاب.

 
الفرع الرابع

ماذا عن البرقليط والدكتور القس ( فاندر )؟.


يقول الدكتور فاندر في صفحة 148 ما نصه: " ... والأغرب من ذلك كله أنه بينما يزعم المسلمون أننا غيرنا كتابنا وحذفنا منه البينات على رسالة نبيهم ، يحاول علماؤهم الراسخون أن يثبتوا وجود هذه البينات في كتابنا اليوم، فإن صدق علماؤكم وكان في الكتاب بينات على ذكر محمد فلماذا تتهموننا بأننا حذفناها، أليس من عزم الأمور أن تستقروا على رأي واحد؟.
ومن أمثلة بيناتهم التي يوردونها في الكتاب على البشارة بنبيهم ما وعد به المسيح تلاميذه من إرسال البرقليط كما جاء في بشارة يوحنا 16: 7 حيث لا يسلم المسيحيون أن البرقليط هو محمد، إلا أن إبقاء هذه الآية في قلب الإنجيل لليوم دليل على أنها لم تحذف منه ثم نقول لو كان المسيحيون يريدون أن يحذفوا الآيات الدالة على نبوة محمد من كتابهم لكان الأولى بهم أن يحذفوا هذه الآية لأنها هي الآية الوحيدة التي نبه إليها القرآن وعينها بالحصر وقال إنها تشير إلى نبوة محمد حيث يقول في سورة الصف آية رقم 6 : [ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)].
وكما أن محمداً ادعى أنه البرقليط الذي وعد المسيح بإرساله ادعى من قبله هذه الدعوى عينها ( ماني ) الفارسي كما يعلم ذوو الإطلاع وبنى دعواه على آية المسيح المشار إليها وتبعه بعض المسيحيين، ولما اتضح على توالى الأيام أنه دجال واضمحلت شيعته لم يحذف المسيحيون هذه الآية التي استعان بها على ضلالته وهاك هي موجودة في الإنجيل إلى اليوم).انتهى كلام الدكتور القس فاندر.
لقد كتب الدكتور فاندر كتابه هذا في العام 1845م ونحن الآن في العام 2013م أي بعد 168 سنه من تاريخ كتابة هذا الكلام المنقول من كتابه " ميزان الحق " والسؤال الآن هل مازالت كلمة البرقليط موجودة الآن في كافة النسخ الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتستنتية؟ .
أم أنهم قد حذفوها وتم استبدالها بكلمة ( المعين ) عند الأرثوذكس و( المعزى) عند الكاثوليك و( الوكيل) عند البروتستانت.
ثم ترى شُرّاح الكتاب المقدس يقعون في الضلالة حينما يفسرون المعين أو الوكيل أو المعزى بأنه الروح القدس ولا تعود الكلمة على شخص بعينه، وإذا كان الأمر كما يقولون فماذا عن (ماني) الذي جاء ذكره على لسان الدكتور فاندر.
يقول الدكتور زكي شنودة ـ من كبار علماء المسيحية ـ في كتابه ( تاريخ الأقباط ) ص148 المجلد الأول طبعة 1962 بمصر ما نصه: " ولد ماني سنة 220م وكان مجوسياً ثم اعتنق المسيحية فأشاع بين الناس منذ سنة 268م أن المسيح ترك عمل الخلاص ناقصاً، وأنه هو الذي سيتمه لأنه البرقليط الموعود وتشبه بالمسيح فاتخذ لنفسه اثني عشر تلميذاً واثنين وسبعين أسقفاً وأرسلهم إلى كل بلاد الشرق حتى الهند والصين ليذيعوا تعاليمه، فانخدع بأقواله جمع عظيم من الناس" .أﻫ
والمدقق في كلام الدكتور زكي شنودة يجد العجب العجاب، إذ أن اثنين وسبعين (أسقفاً) يتبعون (ماني) على أنه البرقليط، أليس هذا عدداً من الأساقفة يدعو إلى الدهشة؟، وما حملهم على إتباع ماني إلا شوقهم وانتظارهم للبرقليط المبشر به في كتابهم والذي وعد بمقدمه السيد المسيح ؟ والذي كان مولده حقاً وصدقاً صبيحة يوم الاثنين 12 ربيع الأول الموافق 20 أبريل سنة 571م وبعث عام 611م .
لقد ماتوا جميعاً قبل أن يروه فضلا عن ذلك العدد العظيم من الناس الذين اتبعوا ماني على أنه البرقليط ، إنهم انخدعوا فيه على حد قول الدكتور زكي شنودة ، فليكن لأن ماني لم يكن هو البرقليط حقاً وصدقاً، ولكن ما يهمنا الآن هو أن هؤلاء المسيحيين الأوائل كانوا يعلمون تمام العلم أن البرقليط أو الفرقليط أو البركليتوس أو البركليت كلها أسماء مترادف ومضافة لشخص واحد سوف يأتي وليست للروح القدس كما يقول شراح الكتاب المقدس.

البرقليط

800999310.jpg


الكلمة مكتوبة هكذا: παρακλητος أي Parakletos وأصل الكلمة هي: περικλυτος

وتنطق الباراكليتوس..أو البريكليتوس..وقالوا الفرقليط..أو الفاراقليط..وذلك عهلى فروق في اللغة..وهي تعني حرفيّا: الشخص الذي نثني عليه دائما، أي المحمود أو الأحمد .

الذي نثني عليه دائما، أي المحمود أو الأحمد .
335432382.gif


777135865.jpg


36ωσφ δπικληθες Βαρναβς π τν ποστόλων, στιν μεθερμηνευόμενον υἱὸς παρακλήσεως, Λευίτης, Κύπριος τ γένει,

الترجمة

. 36 Joseph son he invoked from the Apostles Barnabas, the sonparaklήseosis, being interpreted, Lefίtis, Kύprios t gέnei,

http://www.bibelwissenschaft.de/onli...76055b4ca042d


وجاء في الموسوعة المسيحية العربية اللإليكترونية ما يلي:


503499012.gif


الفرق بين محمد وأحمد من وجهين

الوجه الأول : أن محمداً هو المحمود حمداً بعد حمد فهو دال على كثرة حمد الحامدين له ، وذلك يستلزم كثرة موجبات الحمد فيه ،أي أن الحمد وقع عليه من الغير فهو محمودا.. أما أحمد فأفعل تفضيل من الحمد مما يدل على أنه الحمد الذي يستحقه أفضل مما يستحقه غيره ، أي أن الحمد وقع منه هو أكثر من الغير..فمحمد زيادة حمد في الكمية وأحمد زيادة في الكيفية ، فيحمد أكثر حمد وأفضل حمد حمده البشر..

والوجه الثاني : أن محمداً هو المحمود حمداً متكرراً كما تقدم ، وأحمد هو الذي حمده لربه أفضل من حمد الحامدين غيره ، فدلَّ أحد الاسمين وهو محمد على كونه محموداً ودل الاسم الثاني وهو أحمد على كونه أحمد الحامدين لربه ( (جلاء الإفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام لابن القيّم 0 ص 9 -)..


109593907.jpg

http://adishakti.org/_/but_She_the_Spirit_the_Paraclete_will_teach_you_everything.htm

الرابط التالي يتحدث عن صلاة بولس في مخطوطة نجع حمادي والتي يفرق فيها بين البارقليط رالروح :

give me your gifts, of which you do not repent, through the Son of Man, the Spirit, the Paraclete of truth
http://www.gnosis.org/naghamm/prayp.htm

I invoke you, the one who is and who pre-existed in the name which is exalted above every name, through Jesus Christ, the Lord of Lords, the King of the ages; give me your gifts, of which you do not repent, through the Son of Man, the Spirit, the Paraclete of truth. Give me authority when I ask you; give healing for my body when I ask you through the Evangelist, and redeem my eternal light soul and my spirit. And the First-born of the Pleroma of grace -- reveal him to my mind!
الترجمة : أتوسل إليك ، بالذي كان قبل الوجود باسم ممجد فوق كل اسم ، بشفاعة سيد الأسياد، عيسى المسيح ، ملك الدهور ، أن تمنحنا عطاياك ، التي لا تندم عليها ، من خلال ابن الإنسان ، و الروح القدس ، و البارقليط الحق . اعطنا السلطة عندما نطلبها منك ، داوي أجسادنا عندما نسألك بشفاعة القديسين ، و حرر النور الأبدي لروحي و نفسي . و اكشف لعقلي … أول مولود ممتلئ من النعمة .

http://www.ebnmaryam.com/vb/t194569.html




وبنظرة على المخطوطات السينائية
 

وبنظرة على المخطوطات السينائية

137489020.jpg



631115438.jpg


311537496.jpg


الفولجاتا

338298561.jpg



955894457.jpg



270112465.jpg



السكندرية

607321872.jpg


832761559.jpg


168649395.jpg


384311415.jpg



685538540.jpg


403644664.jpg



واشنطن




codex bezae cantabrigiensis


145295358.jpg



114521679.jpg


858460936.jpg

 
وإليكم هذه الدراسة والتي تفند اسم البرقليط تفنيداً غير خافياً على ذوي الألباب وهي صفحات تبدأ من صفحة 1136 إلى 1143
وهي مستقطعة من كتابTHE ANCHOr BIBLE

وذلك بخلاف المقدمة



770524279.jpg


What is Anchor Bible?
798090359.jpg



Jesus said: "Nevertheless I tell you the truth: it is to your advantage that I go away, for if I do not go away, the Paraclete (the Advocate) will not come to you; but if I go, I will send him to you. And when he comes, he will prove the world wrong about sin and righteousness and judgment." John 16: 7-8
Please read the following exhaustive study done by the biblical scholars of international and interfaith scope to know the real truth about this misunderstood personality of "The Paraclete" who was to come after Jesus. Was this Paraclete once regarded as an independent salvific male figure like Jesus and later confused with the Holy Spirit? The following pages have been scanned from the Anchor Bible Vol. 29A. Please read my personal comments at the end. My sincere thanks are due to the publishers/editors of the Anchor Bible. The volumes of this Anchor Bible are found in the major public libraries
Akbarally Meherally

933421259.jpg


537556452.jpg


952260570.jpg


832420626.jpg



103010190.jpg


732508997.jpg


260338852.jpg


309304872.jpg


724617723.jpg


262855342.jpg


MY COMMENTS TO THE LAST SENTENCE
1. The evangelical concept for the "second coming of Jesus", which is being awaited by the followers of Jesus for over the last two millennium, need not be confused with the Johannine picture for the coming of "another paraclete" which was subject to the departure of Jesus and him requesting the Father.
2. If the followers of Jesus were to believe that Jesus - a Paraclete, "is present within all believers " then the visualized Johannine picture of Father sending "another paraclete" to guide the mankind into all truth, is made redundant.
3. The verses from John's gospel scrutinized in the APPENDIX V above demonstrate the fact that Jesus had himself foretold his disciples the coming of "another paraclete"("he"), who will guide them along the path of all truth and that paraclete "he" will take what belonged to him (Jesus) and declare to them.
4. The exhaustive study for the coming of "another paraclete" or "another male salvific figure like Jesus" is valid and well founded because this male individual "he" has already been sent down by the Heavenly Father of Jesus.
5. Furthermore, this "second paraclete" has glorified his predecessor "the first paraclete" (Jesus) and "he" did "speak" (recite) whatever that he "heard" as the revelations sent to him through the arch angel of God. He added "nothing of his own" to those Revealed Verses. (see John xvi 14-13).
6. The history of religions and faiths have recorded none other beside Muhammad - the prophet of Islam, as an accredited emissary and envoy of God that has uncompromisingly born witness to the birth of Jesus through Virgin Mary, attested the Miracles performed by Jesus with the leave of his Father and has Declared Jesus as a "Messiah" and the "Righteous Prophet".
7. Prophet Muhammad did prove the world of his era to be "wrong about sin, justice, and judgment" as foretold by Jesus in John xvi 8-11. He did bring all the mankind out of the "age of ignorance" into an "age of enlightenment" through these Revealed Message (the Qur'an - the Koran). This book is being recited in Arabic and the interpretations (translations) studied in several languages throughout the world. To read English or French translation of the Qur'an please click: http://www.quranexplorer.com/quran
8. Finally, several millenniums before Christ Jesus spoke for the coming of "another paraclete", the making of ISLAM as a Great Nation was already in GOD'S MASTER PLAN and foretold in the Holy Bible. God the Almighty had declared His Master Plan to His prophets Abraham, Moses, Solomon, Isaiah and Habakkuk. Here are few verses from the Old and New Testaments. Genesis 17: 20; 21: 13-17-18; Deuteronomy 18: 15-18 and in particular 33:2; Songs of Solomon 5: 10 to 16; Isaiah 42: 9 to 17 and Habakkuk 3: 3. John 14: 16/26; 15: 26; 16: 7 to 15; 1 John 2: 1 and
1 John 4: 6.

http://www.mostmerciful.com/paraclete.htm
 
The Paraclete in John's Gospel

Thursday, August 26, 2010



John is the only New Testament writer who uses the Greek word parakletos (paraclete) to designate the Holy Spirit. The multiple uses of the term are found in Jesus' farewell address in chapters 14 -16 of the fourth gospel. Below is a graphic that shows some of the ways paraclete has been translated into English from John's Greek ****. It also shows how John conceived the role of the Spirit in the life of the believer.


434604661.jpg


Robert Kysar, in his book John, The Maverick Gospel, points out the two-fold function of the Paraclete: 1) He communicates Christ to the believer and 2) he puts the world on trial. But what I would like to get a better handle on is how John's community understood this to happen in practice.

How did the Paraclete teach them all things about Jesus?
How did they experience revelations of the future?
How did the Spirit guide them into all truth?

Let me know what you have discovered in practice (not conceptually) about the Paraclete's workings?


Question: "What does it mean that the Holy Spirit is our Paraclete?"

Answer: The time of the arrest and crucifixion of the Lord Jesus Christ was drawing near. As Jesus met with His disciples in the "upper room," He expounded to them many things. In John 13:33, He stated: "My children, I will be with you only a little longer . . . where I am going you cannot come." The announcement of the coming separation led to the indication of its purpose. The season of bereavement was to be a season of spiritual growth. To this end Christ gave a commandment designed to lead His disciples to appropriate the lessons of His life, and in so doing, to realize their true character, to follow and to find Him as indicated in verses 34 and 35.

In light of their weak faith at this point, Jesus told them in
John 14:1, "Do not let your heart be troubled. Trust in God; trust also in Me . . . ." Jesus had just explained to them that one of them was a traitor; He had warned Peter that he would deny His Lord three times; and, perhaps the heaviest blow of all was that Jesus was going to leave them (John 13:33). Now He says, " . . . let not your heart be troubled" (John 14:1). In John 14:16- 17, Jesus gives them a statement of great encouragement: "And I will ask the Father (pray), and He will give you another Counselor to be with you forever . . . the Spirit of Truth" (NIV).

The Greek word translated "Comforter or Counselor" is "Parakletos" as found in
John 14:16, 26; 15:26; and 16:7. Once, it is translated "advocate" (1 John 2:1). The New International Version (NIV) has translated the word as Counselor. The form of the word is unquestionably passive. It can properly mean only "one called to the side of another," and that with the secondary notion of counseling or supporting or aiding him. The con****s in which the word "paraclete" occurs in the New Testament lead to the same conclusions as the form and the independent usage of the word. In 1 John 2:1, the sense "Advocate" alone suits the argument, though the Greek fathers explain the term as applied to the Lord in the same way as in the Gospel. In the Gospel again, the sense of Advocate, counsel, one who pleads, convinces, convicts, who strengthens on the one hand and defends on the other, is alone adequate. Christ as the Advocate pleads the believer's cause with the Father against the accuser Satan (1 John 2:1; compare Romans 8:26, and also Revelation 12:10; Zechariah 3:1). The Holy Spirit (Parakletos) as the Advocate pleads the believer's cause against the world (John 16:8ff) and also Christ's cause with the believer (John 14:26; 15:26; 16:14).

By saying what He did to His disciples, Jesus was comforting their troubled hearts. In 14:16 He states: "I will pray to the Father and He will send you another Comforter (paraklete--another is 'allos," one of the same kind, which is the Holy Spirit). First of all, this paraclete is God the Holy Spirit, the third person of the Trinity. He is a true personality and a personal being. He indwells every believer. He has been called in some translations "Encourager." As the "Spirit of Truth," the Holy Spirit illumines the Word of God so believers may understand it. He leads us in that truth of God's Word. He uses the Word of truth to guide us into the will and the work of God.

The Holy Spirit abides in every believer. He is a gift from the Father in answer to the prayer of the Son (verse 16). During His earthly ministry, Jesus had guided, guarded, and taught His disciples, but now He was going to leave them. The Spirit of God would come to them and dwell in them, taking the place of their Master's literal presence. Jesus called the Spirit "another Comforter" --another of the same kind. The Spirit of God is not different from the Son of God for both are God (One in essence). The Spirit of God had dwelt with the disciples in the Person of Jesus Christ. Now He would dwell in them.

During the Old Testament Age, the Spirit of God would come on people and then leave them. God's Spirit departed from King Saul (
1 Samuel 16:14; 18:12); and David, when confessing his sin, asked that the Spirit not be taken from him (Psalm 51:11). When the Spirit was given at Pentecost, He was given to God's people to remain with them forever. Even though we may grieve the Holy Spirit, He will not leave us. Jesus said in Matthew 28:20 " . . . And surely I am with always, to the very end of the age." How is He with us when we are taught that He is in Heaven, seated at the right hand of the Father? He is with us by His Spirit (the other of the same kind -- the Parakletos --the Comforter, the Advocate), who indwells us and never will leave us if we are true believers in Jesus Christ.

To have the Holy Spirit as our "Paraclete" is to have God Himself indwelling us as believers. He teaches us the Word and guides us into the truth of that Word. He also reminds us of what He has taught us so that we can depend on God's Word in the difficult times of life. The Spirit uses the Word to give us His peace (
John 14:27), His love (John 15:9, 10), and His joy (John 15:11). These are profound truths that comfort our hearts and minds in a troubled world. The power of this indwelling "paraclete" gives us the ability to "live by the Spirit so that we will not gratify the desires of the sinful flesh" and "Since we live by the Spirit, let us keep in step with the Spirit (Galatians 5:16, 25). We, then, can have the "fruit of the Spirit" produced in our own lives (Galatians 5:22, 23) to the glory of God the Father. What a blessing to have the Holy Spirit in our lives as our "paraclete," our Comforter, our Encourager, our Counselor, and our Advocate. Thank you, Father, for your wonderful gift!

Recommended Resources:
Logos Bible Software and The Holy Spirit by Charles Ryrie.

Read more:
http://www.gotquestions.org/paraclete-Holy-Spirit.html#ixzz2R7czql7P
http://www.gotquestions.org/paraclete-Holy-Spirit.html

 
الفرع الخامس



المنحمانا
953755200.jpg
وهو المنحمانا في اللغة الآرمية والمترجمة بـ "منحمانا ، منحمنا Manhamana " فى الآرامية وهي اسم مضاف إلى ضمير الجمع المتكلم وأصلها عبري (menahem منحم מנחם ) من الفعل (نحم) ( נחם ) وقد ورد الاسم ( מנחם menahem منحم) في التلمود وهو إسم فاعل ويترجمونه بلفظ "باراكليتوس" παράκλητος. وذلك طبقا لترجمة Danny Mahar, author of Aramaic Made EZ.

423905278.jpg


But She—the Spirit, the Paraclete whom He will send to you, my Father, in my name—She will teach you everything; She will remind you of that which I have told you.

Translation by Danny Mahar, author of Aramaic Made EZ)

اقول : (منحمنا) اسم مضاف إلى ضمير الجمع ، وأصلها عبري من الفعل (نحم) ( נחם ) وقد ورد الاسم ( מנחם menahem منحم) في التلمود وصفاً للبريقليط المنتظر.
وجدير بالذكر أن لفظ "نحم" נחם موجود في الآرامية وكذلك لفظ "منحم / مناحم" מנחם وهو إسم فاعل ويترجم بلفظ "باراقلبط وهو يقابل لفظ "باراكليتوس" παράκλητος اليوناني وفق تراجمهم.
********************************
What does the Christian Bible say about Muhammad?
379485882.jpg


The Gospel Preview: The Paraclete
The Gospel of Jesus brought into sharper focus the identity of the one who would fulfill the promise to make the line of Ishmael a great nation. In the Gospel of John- a New Testament book which is not the Gospel of Jesus and which may be considered as representing only in general terms portions of Jesus' teaching- Jesus informs his close companions that his work among them was drawing to conclusion, but God would send someone else after a time to carry forward the prophetic movement. This someone, however, would be the last of the prophets.
941970071.gif



"And I will pray the Father, and He shall give you another Comforter, that he may abide with you forever, even the spirit of truth" [15].
202124684.gif




"When he, the spirit of truth is come, he will guide you unto all truth; for he shall not speak of himself; but whatsoever he shall hear (from God), that shall he speak, and he will show you things to come. He shall glorify me" [16].
In Jesus' written portrait of the last messenger he is called the "Comforter", which represents the word parakletos in the Greek New Testament. More precisely, parakletos means an advocate, one who pleads the cause of another, one who counsels or advises another from deep concern for the other's welfare [17]. Parakletos would designate one who would be considered the "Mercy for all creatures", Rahmatun lil 'Alamiun (Qur'an 21:107). He would be the counsellor who would "lead forth those who believe and do righteous deeds from the depths of darkness into light" (Qur'an 65:11), the true advocate who would be harisun 'alaykuym (Sura Al-Tawba); genuinely solicitous for the welfare of humanity, pleading their case with God and showing them the sure way of return to the favor of the divine Judge.


THE GREEK WORD "PARACLETE" (Ho Parakletos):
However, some scholars believe that what Jesus said in his own language of Aramaic represents more closely the Greek word periklytos, which means the Admirable or Glorified One. Periklytos corresponds to the word Muhammad in Arabic [18]. There are several proven cases of similar word substitutions in the New Testament (Also, refer to added comments at Reference [18] at the bottom of this page).
There are also several instances of another possibility, the possibility that the Greek text originally had both words, parakletos and periklytos, and due to the similarity of spelling and close proximity to one another in the sentence, one got left out by the copyists. In such case the Greek text would have read: instead of the present reading: that is, "and He will give you another Counsellor, the Admirable One", instead of the present reading, "and He will give you another Counsellor". Such mistakes occured in copying because the ancient texts had all the letters written close together. The eye of the copyist could easily pass over a word similar in spelling or close in position [19].
When Jesus declares of his coming prophet-counsellor that he would "abide with you forever", he shows thatthere would be no need for additional prophets to succeed him. He would be the last one. He would lead mankind "unto all the truth" (Greek: "to the whole truth", "to every aspect of the truth"); there would be no necessity for anyone to come with additional truth. Indeed, there would be no more additional truth, in the general sense, to bring. So truthful and trustworthy would he be that he could be called Al-Amin, or as the Greek text of John 16:13 says, ,"the spirit of truth", one of whom it could be said: "He has brought them the Truth" (Qur'an 23:70).
The term "spirit" here does not mean that the coming prophet would be other than human. In New Testament Greek, this word has also been applied to an inspired person, "the possessor of a spiritual communication" or revelation. The one who become overwhelmed with a divine revelation is himself termed a "spirit" [20]. The "spirit of truth" would be the person who would possess a spiritual communication, that is, a divine revelation, and whose life and conduct and character would be marked to an extreme degree by devotion to the truth. This is why the next sentence of the verse containing the expression says: "He will guide you unto all truth; for he shall not speak of himself, but whatsoever he shall hear (from God), that shall he speak" (John 16:13). This person would receive the revelation of truth from God and these words alone would constitute the message, not his own opinions or the writings of his companions. His message or revelation would be first and foremost and literally the Word of God. Note that this corresponds exactly to what God revealed to Moses about the prophet who would come from among the "brothers" of the Hebrews: "I ... will put My words in his mouth, and he shall speak unto them all that I shall command him" (Deuteronomy 18:18).
A more striking point is the similarity between the divine mission given to Moses, Jesus and the Spirit of Truth (Muhammad) as bearers of a single thread of Revelation from God. By comparing Deuteronomy 18:15, 17-19; John 12:49; 16:12-13; and Qur'an 73:15, one observes that despite the thousands of years involved and the disastrous human interference in the Bible, the words describing these three personalities are almost identical. Therefore, the (original) Torah, Gospel and the Qur'an have One Source and reveal the same Truth, which is Eternal.
It cannot be overlooked that Jesus gives a unique requirement that would help to identify the last prophet: "He shall glorify me". (John 16:14). If anyone had come claiming to be this prophet, but did not give due honor to Jesus as prophet and Messiah, he would the wrong one. As a nation, the Jews rejected Jesus. At the same time, this prophet to come would not be a follower of Jesus, that is, a Christian, because Jesus said that this prophet would reveal things of which Jesus himself was unaware. If Jesus had brought "all the truth", there would have been no need for him to single out someone else who would come with all the truth. Likewise, since this prophet would bring all the truth he would have to be the last one, the seal of the prophets. Therefore, we would have to look for someone who, like Abraham in whose line he would come, would be neither Jew nor Christian but would believe in God. Unlike the Jews as a whole, he would "glorify" Jesus by insisting that Jesus was a true messenger of God and by acknowledging that Jesus was the true Messiah. But the teaching of this prophet would come fromGod Himself. As a revelation from God, the message of this last prophet would confirm what God had revealed previously by means of the original Torah and the original Gospel, but his message would be no mere plagiarized copy, no "condensed edition" of either the Torah or the Gospel. God Almighty had said, "I ... will put My words in his mouth", and it is proper that these words would agree with previously revealed words of the One and Same God. "Whatsoever he shall hear (from God), that shall he speak".
The one reference at John 14:26 which seeks to identify the coming prophet as "the Holy Ghost" or Spirit is the only one like it in the entire Bible. It is obviously the addition of some editor of the Gospel of John who sought in his own way to explain who he thought the "spirit of truth" was. But this indefensible exegesis simply contradicts what Jesus is reported to have said elsewhere in John. According to other verses he indicated clearly that the prophet or "Paraclete" would not come until Jesus' own mission was finished. The holy spirit- the angel of revelation-was active already, both before and during the ministry of Jesus, delivering God's revelations to His prophets and assisting them. (see Psalms 51:11; Matthew 3:16; 4:1, etc.). This strange "Holy Ghost" interpretation gained currency only after Christians began to look upon God as a "Trinity", with the "Holy Ghost" being an aspect of it. Neither the word Trinity nor its concepts can be found anywhere in the Bible. The Paraclete would be a man, not a ghost, because the same word is applied to Jesus himself at 1 John 2:1
"We have a Paraclete (Advocate, Counsellor) with the Father, Jesus Christ, the righteous one". Jesus had been a "paraclete" to the Jews and his followers so considered him, but the Paraclete to come after Jesus (John 14:16) would be for all people, all places and all times.
The Greek text at John 14:16 which foretells the coming of "another Paraclete" is so specific that even the word "another" has significance. In English, "another" may mean "one more of the same kind" or "one more of a different kind". It is important to know which meaning Jesus had in mind, because if he meant "one more of a different kind" that would mean the Paraclete would perhaps be a spirit and the current Christian interpretation has some merit. But if he meant "one more of the same kind", then this is positive proof that the Paraclete would be just like Jesus was: a man, a human being, a prophet, not a spirit. Which did Jesus mean? The Greek text of the New Testament gives the verdict clearly because it uses the word allon, which is the masculine accusative form of allos: "ANOTHER OF THE SAME KIND". The Greek word for "another of a different kind" is heteros, but the New Testament does not use this word at John 14:16. Clearly, then, the Paraclete would be "ANOTHER OF THE SAME KIND" as Jesus, or as Moses said, "Like unto me": a MAN, not a spirit.

REFERENCES

[15] John 14:16,17
[16] John 16:13, 14. It may be argued that Jesus was speaking for the benefit of his contemporaries, who died at least 500 years before Muhammad (pbuh). But many are the examples in the New Testament wherein Jesus, though speaking with his immediate followers, actually addresses his remrks to different generations in a future time. For example, see Matthew 16:27, 28. Jesus talks about Judgement Day but says, "Verily I say unto you. There be some standing here, which shall not taste of death, till they see the son of Man coming in his kingdom", and at Matthew 24:3, 34, while speaking about the Last Day, he declares, "Verily I say unto you. This generation shall not pass, till all these things be fulfilled". Obviously, those disciples with Jesus then did not live to see either Judgement day or the Second Coming of Jesus, neither of which has even yet occured. Jesus' words, though given to his contemporaries, had reference primarily to a time far distant in the future. When Jesus says "I say unto YOU", he means his followers in the general sense, i.e., "you my people". Jesus is identifying in John 14 and 16 the
Last Prophet for the benefit of his followers who would be living when he appeared.

[17] Joseph H. Mayfield. Beacon Bible Commentary (Kansas City, 1965), Vol. VII, p. 168
[18] Hastings, op. cit. p.14. Added Comment: Note the striking similarity between the two words parakletos and periklytos in Greek:
The consonants are exactly the same, the difference is only in the vowels, increasing the possibility of substituting one word for the other or omission of the one through careless copying.
[19] For example, compare the many restorations of words and phrases made on the basis of ancient manuscripts, which were omitted from the standard New Testament text, as found in The Emphatic Diaglott of B. Wilson.
[20] Reverend Thomas S. Green, A Greek-English Lexicon to the New Testament, 26th Ed. (London, n. d.), p.149. As examples, see usual Christian interpretation of 1 Corinthians 2:10; 2 Thessalonians 2:2 or I John 4:1-3.

http://saifur.tripod.com/newtestament.html
 
الفصل الثاني

خاتم النبيين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


الفرع الأول


أنا اللبنة وأنا خاتم النبيين


يقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: [ حَدَّثَنَا ‏ ‏يَزِيدُ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ‏ ‏عَنْ ‏‏مُوسَى بْنِ يَسَارٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ :‏‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ ابْتَنَى بُنْيَانًا فَأَحْسَنَهُ وَأَكْمَلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ ‏‏لَبِنَةٍ ‏ ‏مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ فَجَعَلَ النَّاسُ ‏ ‏يُطِيفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَقُولُونَ مَا رَأَيْنَا بُنْيَانًا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا إِلَّا مَوْضِعَ هَذِهِ ‏ ‏اللَّبِنَةِ ‏ ‏فَكُنْتُ أَنَا هَذِهِ ‏ ‏اللَّبِنَةَ ‏] (رواه البخاري ح3535، ومسلم ح2286 ومسند أحمد 7173)، إنه الحجر الذي تمت به النبوات.

والحديث السابق يجعل النبي في ختامه للرسالات ومكانته بين الأنبياء مثل حجر الزاوية أو اللبنة الأساسية التي لا يكتمل البناء ولا يتم حسنه وجماله إلا بها..
ولكن ما الذي يقوله الكتاب المقدس عن هذه اللبنة أو حجر الزاوية ؟.
جاء في مزامير داود عن الآتي باسم الرب (المزمور 118/21-25):
[20هَذَا الْبَابُ لِلرَّبِّ. الصِّدِّيقُونَ يَدْخُلُونَ فِيهِ. 21أَحْمَدُكَ لأَنَّكَ اسْتَجَبْتَ لِي وَصِرْتَ لِي خَلاَصاً. 22الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ قَدْ صَارَ رَأْسَ ألزَّاوِيَةِ. 23مِنْ قِبَلِ \لرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا. 24هَذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَنَعَهُ الرَّبُّ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ فِيهِ. 25آهِ يَا رَبُّ خَلِّصْ! آهِ يَا رَبُّ أَنْقِذْ! 26مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ. بَارَكْنَاكُمْ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ. 27الرَّبُّ هُوَ اللهُ وَقَدْ أَنَارَ لَنَا. أَوْثِقُوا الذَّبِيحَةَ بِرُبُطٍ إِلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ. 28إِلَهِي أَنْتَ فَأَحْمَدُكَ. إِلَهِي فَأَرْفَعُكَ. 29احْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ ]..
كما ورد في إنجيل متى الإصحاح 21 الفقرة 42، 43
[42فقالَ لهُم يَسوعُ: "أما قرأتُم في الكُتُبِ المُقَدَّسةِ: الحجَرُ الَّذي رَفضَهُ البنّاؤونَ صارَ رأسَ الزّاويَةِ؟ هذا ما صنَعَهُ الرَّبٌّ، فيا للْعجَبِ!43 لذلِكَ أقولُ لكُم: سيأخُذُ الله مَلكوتَهُ مِنكُم ويُسلَّمُهُ إلى شعبٍ يَجعلُهُ يُثمِرُ. 44مَنْ وقَعَ على هذا الحَجَرِ تَهَشَّمَ. ومَنْ وقَعَ هذا الحجَرُ علَيهِ سَحقَهُ"]..
فمن هو الشعب الذي سيجعله الله يثمر إنه نسل إسماعيل عليه السلام أليس هذا هو الوارد في سفر التكوين قال الله تعالى في سفر التكوين 17: 20 مخاطبا إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
[20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيراً جِدّاً. اِثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً. ] ذلك قوله :
والنص يوضح إخبار المسيح عليه السلام لليهود باستبدال الله لهم بأمة أخرى تحل محلهم في القيام بأمر الدين وأداء رسالته(43 لذلِكَ أقولُ لكُم: سيأخُذُ الله مَلكوتَهُ مِنكُم ويُسلَّمُهُ إلى شعبٍ يَجعلُهُ يُثمِرُ.).. ويخبرهم المسيح عليه السلام أيضا عن ذلك الحجر الذي سيصير رأس الزاوية (22الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ \لْبَنَّاؤُونَ قَدْ صَارَ رَأْسَ ألزَّاوِيَةِ. )..
ولا يمكن حمل هذا الكلام على المسيح وأمته؛ لأن المسيح نفسه من أمة بني إسرائيل، كما أن المسيح عليه السلام يقول: (هذا ما صنَعَهُ الرَّبٌّ، فيا للْعجَبِ)، مما يدل على أنه يتكلم عن شخص آخر غيره.
فمن هو المقصود إذن بحجر الزاوية غير محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي قال عن نفسه: (‏فَكُنْتُ أَنَا هَذِهِ ‏ ‏اللَّبِنَةَ)؟!
وما هي الأمة الأخرى التي أعطاها الله ملكوته بعد أن نزعه من بني إسرائيل سوى أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟!!.





الفرع الثاني


هُوَذَا عَبْدِيהןעבדי


ورد في إشعياء 42/1-21 قوله:
الإصْحَاحُ الثَّانِي وَالأَرْبَعُونَ
1«هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. 2لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. 3قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. 4لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ».
التعليق على النص السابق:
فمن هو المقصود بهذه النبوءة؟.والموجود في النص:[1«هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ.].
הןעבדיאתמך־בובחירירצתהנפשׁינתתירוחיעליומשׁפטלגויםיוציא
إن المدقق في لفظ عَبْدِيעבדי هكذا مجرداً لابد وأن ينصرف الذهن إلى شخص واحد محدد هو النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لأنه من المألوف عند وصف أي نبي من الأنبياء بصفة العبودية لابد وأن يذكر اسمه بعدها إلا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يقول سبحانه وتعالى:[ اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ] ص/17.
ويقول سبحانه وتعالى: [ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ] ص/ 41.
ويقول سبحانه وتعالى: [ ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ] مريم /2.
كما أنه قد ورد نفس الشيء في الكتاب المقدس:
لقد ورد في 1أخبار 6/49 [وَأَمَّا هَارُونُ وَبَنُوهُ فَكَانُوا يُوقِدُونَ عَلَى مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ وَعَلَى مَذْبَحِ الْبَخُورِ مَعَ كُلِّ عَمَلِ قُدْسِ الأَقْدَاسِ, وَلِلتَّكْفِيرِ عَنْ إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِمُوسَى عَبْدُاللَّهِ]
والنص العبري هكذا:הןעבדיאתמך־בובחירירצתהנפשׁינתתירוחיעליומשׁפטלגויםיוציא
وفي دانيال 6/20 [ فَلَمَّا اقْتَرَبَ إِلَى الْجُبِّ نَادَى دَانِيآلَ بِصَوْتٍ أَسِيفٍ: يَادَانِيآلُ عَبْدَاللَّهِ الْحَيِّ هَلْ إِلَهُكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ دَائِماً قَدِرَ عَلَى أَنْ يُنَجِّيَكَ مِنَ الأُسُودِ؟].
وهكذا في سائر القرآن الكريم إلا الحديث عن النبي الخاتم:
[ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ]. (البقرة : 23 )
[ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ]. (الأنفال : 41 )
[ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ]. (القمر: 9 )
[ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا ]. (الكهف: 1 )
[ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ]. (الفرقان: 1 )
[ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ]. (الزمر: 36 )
[ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ]. (النجم : 10 )
[ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ]. (الحديد : 9 )
فلماذا يذكر النبي محمد بدون ذكر اسمه؟ .
الإجابة ببساطة شديدة جاءت في قوله تعالى في سورة البقرة:
[الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ {146} الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ {147}] البقرة:146ـ 147.
فمَن غير الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأنبياء لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وله شريعة جديدة أكرمها فوضع الحق في الأرض ونشر الشريعة في كل البلاد ما في الفقرة 42/1 ؟,, مَن غيره ؟؟ إن الله عز وجل أمرنا أن نجاهد لنشر دين الحق ونشر الشريعة فإما النصر أو الشهادة, وإن يسوع قال ما أرسلت إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة.متى15/24:
والنص هنا يقول:[ 6أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْداً لِلشَّعْبِ وَنُوراً لِلأُمَمِ 7لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ. ] والرسول محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرسل إلى الناس كافة وهذا مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى:
[ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ] سبأ /28 .
ويقول الله سبحانه وتعالى:[ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ] الأنبياء/ 107 .
وقوله: [ وَنُوراً لِلأُمَمِ ]..
فقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
[ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ] الأحزاب/ 47 .
أما قوله في إشعياء أنه يفتح عيون العُمي ويخرج من الحبس المأسورين ويصفهم بأنهم جالسين في الظلمة والله عز وجل يقول في القرآن مخاطبا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه يخرج الناس من الظلمات إلى النور فيقول سبحانه وتعالى:[ الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ] إبراهيم:1.
ويقول عز وجل: [ رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً] الطلاق:11.
وقال عز واصفاً الذين ضلوا من الناس وتاهوا عن شريعة رب العالمين بأنهم في الظلمات: [ وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ] الأنعام: 39.
فهذا بلا جدال وصف الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يوجد عاقل ينكر أن هذه كانت من صفاته.
كما أن يسوع لم يأت لعبده الأصنام ولكنه جاء لليهود والرسول عليه الصلاة والسلام أول ما خاطب خاطب الكفار عبدة الأصنام وإشعيا يقول:
[ 8أَنَا الرَّبُّ هَذَا اسْمِي وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لِآخَرَ وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ.] أي الأصنام المنحوتة من الحجر كما يقول تفسير الكتاب المقدس.
ويقول واصفاً إياه: [9هُوَذَا الأَوَّلِيَّاتُ قَدْ أَتَتْ وَالْحَدِيثَاتُ أَنَا مُخْبِرٌ بِهَا. قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ أُعْلِمُكُمْ بِهَا.] .
والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو من أخبر عن أنباء الأمم الأولى وأخبر عن نفاذ سنة الله عز وجل في الكون فحكى عن عاد وثمود وعن قوم نوح ولوط وهود وصالح ويونس وعن قوم إبراهيم وعن قوم فرعون وهو من نبأ عما سيأتي من الأمور فتحققت نبوءاته وما زالت تتحقق.
فهذا تصريح بأن هذه النبوءة لا تنطبق على أي أمة غير الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته بلا منازع فكيف يقولون أنها عن يسوع ؟؟.


الفرع الثالث

صفة الرسول محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه في التوراة


قول داود في المزمور الثاني والسبعين:
اَلْمَزْمُورُ الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ

[1اَللهُمَّ أَعْطِ أَحْكَامَكَ لِلْمَلِكِ وَبِرَّكَ لاِبْنِ الْمَلِكِ. 2يَدِينُ شَعْبَكَ بِالْعَدْلِ وَمَسَاكِينَكَ بِالْحَقِّ. 3تَحْمِلُ الْجِبَالُ سَلاَماً لِلشَّعْبِ وَالآكَامُ بِالْبِرِّ. 4يَقْضِي لِمَسَاكِينِ الشَّعْبِ. يُخَلِّصُ بَنِي الْبَائِسِينَ وَيَسْحَقُ الظَّالِمَ. 5يَخْشُونَكَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ وَقُدَّامَ الْقَمَرِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. 6يَنْزِلُ مِثْلَ الْمَطَرِ عَلَى الْجُزَازِ وَمِثْلَ الْغُيُوثِ الذَّارِفَةِ عَلَى الأَرْضِ. 7يُشْرِقُ فِي أَيَّامِهِ الصِّدِّيقُ وَكَثْرَةُ السَّلاَمِ إِلَى أَنْ يَضْمَحِلَّ الْقَمَرُ. 8وَيَمْلِكُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. 9أَمَامَهُ تَجْثُو أَهْلُ الْبَرِّيَّةِ وَأَعْدَاؤُهُ يَلْحَسُونَ التُّرَابَ. 10مُلُوكُ تَرْشِيشَ وَالْجَزَائِرِ يُرْسِلُونَ تَقْدِمَةً. مُلُوكُ شَبَا وَسَبَأٍ يُقَدِّمُونَ هَدِيَّةً 11وَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ الْمُلُوكِ. كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ 12لأَنَّهُ يُنَجِّي الْفَقِيرَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْمَِسْكِينَ إِذْ لاَ مُعِينَ لَهُ. 13يُشْفِقُ عَلَى الْمَِسْكِينِ وَالْبَائِسِ وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ. 14مِنَ الظُّلْمِ وَالْخَطْفِ يَفْدِي أَنْفُسَهُمْ وَيُكْرَمُ دَمُهُمْ فِي عَيْنَيْهِ. 15وَيَعِيشُ وَيُعْطِيهِ مِنْ ذَهَبِ شَبَا. وَيُصَلِّي لأَجْلِهِ دَائِماً. الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارِكُهُ. 16تَكُونُ حُفْنَةُ بُرٍّ فِي الأَرْضِ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ. تَتَمَايَلُ مِثْلَ لُبْنَانَ ثَمَرَتُهَا وَيُزْهِرُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ عُشْبِ الأَرْضِ. 17يَكُونُ اسْمُهُ إِلَى الدَّهْرِ. قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ. وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ. كُلُّ أُمَمِ الأَرْضِ يُطَوِّبُونَهُ. ].
وقال المهتدي الطبري:تأمل قوله " وَيُصَلِّي لأَجْلِهِ دَائِماً. الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارِكُهُ. "
(ولا نعلم أحداً يصلى عليه في كل وقت غير محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
وغني هذا النص عن زيادة تعليق أو شرح، فلم تتحقق هذه الصفات متكاملة لنبي أو ملك قبل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل ما تحققت له، وبمقارنة سريعة بين الآيات التي سأوردها وهذا النص يتضح التماثل التام بينهما، قال تعالى في سورة التوبة 128:
[ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) ].
وهذا هو عين الموجود بالنبوءة:[كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ 12لأَنَّهُ يُنَجِّي الْفَقِيرَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْمَِسْكِينَ إِذْ لاَ مُعِينَ لَهُ. 13يُشْفِقُ عَلَى الْمَِسْكِينِ وَالْبَائِسِ وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ. 14مِنَ الظُّلْمِ وَالْخَطْفِ يَفْدِي أَنْفُسَهُمْ وَيُكْرَمُ دَمُهُمْ فِي عَيْنَيْهِ.].
ولاحظ الدقة في النص عند قوله ( كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ ) قال (لَهُ) ولم يقل: ( به).
[ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) ].(الأعراف: 158 ).
ولقد ذكرت السيدة خديجة بنت خويلد صفات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد عودته من الغار ولقائه جبريل عليه السلام فقالت له كما رواه البخاري في كتاب الوحي:
فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ « لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي » . فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلاَّ وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَداً ،[ كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ ] إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ[12لأَنَّهُ يُنَجِّي الْفَقِيرَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْمَِسْكِينَ إِذْ لاَ مُعِينَ لَهُ. 13يُشْفِقُ عَلَى الْمَِسْكِينِ وَالْبَائِسِ وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ. ].
وقوله تعالى في سورة الفتح/ 28: [ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) ].
وفي قوله:
[16تَكُونُ حُفْنَةُ بُرٍّ فِي الأَرْضِ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ. تَتَمَايَلُ مِثْلَ لُبْنَانَ ثَمَرَتُهَا وَيُزْهِرُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ عُشْبِ الأَرْضِ. ].
هو هو عين الموجود في آخر سورة الفتح:
[ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) ]
وقد تضمن المزمور الذي وردت فيه هذه البشارة بعض الألفاظ التي لا تزال مشرقة وشاهدة وهي قول داود:
(7يُشْرِقُ فِي أَيَّامِهِ الصِّدِّيقُ وَكَثْرَةُ السَّلاَمِ إِلَى أَنْ يَضْمَحِلَّ الْقَمَرُ. 8وَيَمْلِكُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. 9أَمَامَهُ تَجْثُو أَهْلُ الْبَرِّيَّةِ وَأَعْدَاؤُهُ يَلْحَسُونَ التُّرَابَ.) .
ولنفاسه هذا اللفظ أحببت إيراده، وقد ضُبطت لفظة " الصِّدِّيقُ " بالشكل الذي نقلته، فهل بعد هذا الإيضاح يبقى إشكال لذي عقل؟ وقد ذكر صاحبه الصديق رضي الله عنه، وذكر سنة من سنن دينه وهي كثرة السلام إلى أن يضمحل القمر، واضمحلال القمر تعبير عن الساعة يشهد له أول سورة التكوير والانفطار.
أما قوله: (9أَمَامَهُ تَجْثُو أَهْلُ الْبَرِّيَّةِ وَأَعْدَاؤُهُ يَلْحَسُونَ التُّرَابَ.).
فلقد عبر عنها القرآن الكريم في سورة الأحزاب : [ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا] الأحزاب : 27.
وفي سورة الفتح/ 19ـ20: [ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20)] الفتح: 19ـ20.
صفة عمر بن الخطاب في التوراة
ذكر المسور بن مخزومة، إن عمر لما انصرف إلى منزله بعد أن أوعده أبو لؤلؤة، جاء كعب الأحبار فقال: يا أمير المؤمنين أعهد (أي اكتب وصيتك) فإنك ميت في ثلاث ليال. قال: وما يدريك؟ قال: أجده في كتاب التوراة. قال عمر: أتجد ابن الخطاب في التوراة؟ قال: اللهم لا، ولكن أجد حليتك وصفتك، وأنه قد فنى أجلك" (تاريخ ابن الأثير، ج3، ص 24).
وذكر ابن سعد، قال كعب لعمر: أجدك في التوراة تقتل شهيداً. قال عمر: وأني لي بالشهادة وأنا بجزيرة العرب". وعند قتل أبو لؤلؤة المجوسى عمر، أتى كعب فقال: ألم أقل لك إنك لا تموت إلا شهيداً؟ (طبقات ابن سعد، ج3، ص 236، تاريخ الخلفاء، ص 80- 90)
وقد قتل عمر بعد ثلاثة أيام بواسطة أبو لؤلؤة المجوسى في 26 ذي الحجة سنة 23ﻫ
وهذا من التوراة و العهد القديم في الإنجيل: سفر زكريا الإصحاح التاسع رقم 9 إلى 11:

ّ9 ابتهجي جدا يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم (القدس).هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان. 10 واقطع المركبة من أفرايم والفرس من أورشليم وتقطع قوس الحرب.ويتكلم بالسلام للأمم وسلطانه من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض. 11

البطرق صفرونيوس
حين فتح المسلمين فلسطين بقيادة عمرو بن العاص من جهة وعبيدة بن الجراح من جهة أخرى، بهدف نشر الدعوة الإسلامية فيها، بقيت القدس لم تفتح لمناعة أسوارها، حيث اعتصم أهلها داخل الأسوار. وعندما طال حصار المسلمين لها، طلب رئيس البطارقة والأساقفة منهم أن لا يسلم القدس إلا للخليفة عمر بن الخطاب.
فأرسل عمرو بن العاص يخبر الخليفة عمر في المدينة بما طلبه صفرونيوس رئيس الأساقفة المسيحيين في القدس فاستشار الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصحابه فكان أول من تكلم عثمان بن عفان فقال: أقم ولا تسر إليهم فإذا رأوا أنك بأمرهم مستخفن ولقتالهم مستحقر فلا يلبثون إلا اليسير حتى ينزلوا على الصغار ويعطوا الجزية.
وقال علي بن أبي طالب: إني أرى أنك إن سرت إليهم فتح الله هذه المدينة على يديك وكان في مسيرك الأجر العظيم، ففرح عمر بن الخطاب بمشورة علي فقال: لقد أحسن عثمان النظر في المكيدة للعدو وأحسن علي المشورة للمسلمين فجزاهما الله خيراً ولست آخذاً إلا بمشورة علي فما عرفناه إلا محمود المشورة ميمون الغرة.
واستخلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه على المدينة المنورة فخرج الخليفة عمر بن الخطاب هو وخادمه ومعهما ناقة واحدة فقط يركبها مرة وخادمه مرة.
وبعد رحلة طويلة شاقة وصل الخليفة عمر وخادمه إلى مشارف القدس،وصعد صفرونيوس وبطارقته إلى أسوار القدس ونظروا إلى الرجلين القادمين فأخبرهم المسلمون بأنهما ليسا سوى عمر وخادمه... فسألهم صفرونيوس أيهما عمر..؟ فاخبره المسلمون أن عمر هو هذا الذي يمسك بزمام الناقة ويخوض في الماء والوحل، وخادمه هو الذي يركب الناقة.. فذهل صفرونيوس والبطارقة، حيث أن هذا مذكور في كتبهم.. فكانت العهدة العمرية وفتح القدس واليوم العظيم للمسلمين.
 
الفرع الرابع



فتح مكة المكرمة


فتح الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمكة ومعه عشرة آلاف صحابي..
في سفر التثنية الإصحاح 33/1ـ 2 [وَهَذِهِ هِيَ البَرَكَةُ التِي بَارَكَ بِهَا مُوسَى رَجُلُ اللهِ بَنِي إِسْرَائِيل قَبْل مَوْتِهِ 2فَقَال: «جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ لهُمْ مِنْ سَعِيرَ وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ.] . (SVD)
وفي طبعة سنة 1844م هكذا: [ وَهَذِهِ هِيَ البَرَكَةُ التِي بَارَكَ بِهَا مُوسَى رَجُلُ اللهِ بَنِي إِسْرَائِيل قَبْل مَوْتِهِ 2فَقَال: «جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ لَنامِنْ سَعِيرَ وَاسْتَعْلَنْ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ.].
وفي نسخة الانترنت موقع الكلمة نجد النص هكذا:
[وهذِهِ هيَ البَركةُ التي بارَكَ بِها موسى، رجلُ اللهِ، بَني إِسرائيلَ قَبلَ موتِهِ، 2فَقالَ: «أقبَلَ الرّبُّ مِنْ سيناءَ، وأشرَقَ لهُم مِنْ جبَلِ سَعيرَ، وتَجلَّى مِنْ جبَلِ فارانَ، وأتى مِنْ رُبى القُدسِ وعَنْ يمينِهِ نارٌ مُشتَعِلةٌ. ].
وفي نسخة (KJV)
نجد النص هكذا:
DT: 33:2: And he said, The Lord came from Sinai, and rose
Up from Seir unto them; he shined forth from mount Paran, and he came with ten thousands of saints: from his right hand went a fiery law for them.
وبالعبرية هكذا:
[ אוְזֹאתהַבְּרָכָה, אֲשֶׁרבֵּרַךְמֹשֶׁהאִישׁהָאֱלֹהִים-אֶת-בְּנֵייִשְׂרָאֵל:לִפְנֵי, מוֹתוֹ. בוַיֹּאמַר, יְהוָהמִסִּינַיבָּאוְזָרַחמִשֵּׂעִירלָמוֹ—הוֹפִיעַ מֵהַרפָּארָן, וְאָתָהמֵרִבְבֹתקֹדֶשׁ; מִימִינוֹ, אשדתאֵשׁדָּתלָמוֹ].
والذي ينطق هكذا:
[ وآماد أذوناى مسيناى إشكلي ودبهور يقايه مسيعير اثحزى لانا استخى بغبورتيه تمل طوراد فإران وعميه ربواث قديسين ].
في نص التثنية الإصحاح 33/2 نبوءة واضحة عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكما قلنا لا ينكرها عاقل إلا من كان حاقد القلب أعمى البصر والبصيرة فهذه الأماكن الثلاثة وهي مبعث الرسل الثلاثة محمد وعيسى وموسى عليهم أفضل الصلاة والسلام.
وبدراسة متأنية لما هو وارد في سفر تثنية الآيات 1-3 من الإصحاح الـ33 والتي تشكّل المقدّمة، والتي تقرأ كما يلي:
[ وَهَذِهِ هِيَ البَرَكَةُ التِي بَارَكَ بِهَا مُوسَى رَجُلُ اللهِ بَنِي إِسْرَائِيل قَبْل مَوْتِهِ 2فَقَال: جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ لهُمْ مِنْ سَعِيرَ وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ. 3فَأَحَبَّ الشَّعْبَ. جَمِيعُ قِدِّيسِيهِ فِي يَدِكَ وَهُمْ جَالِسُونَ عِنْدَ قَدَمِكَ يَتَقَبَّلُونَ مِنْ أَقْوَالِكَ]،نجد أن المهتدي الإسكندراني قد أورد هذه البشارة باللغة العبرية كالتالي والتي تنطق هكذا:
( وآماد أذوناى مسيناى إشكلي ودبهور يقايه مسيعير اثحزى لانا استخى بغبورتيه تمل طوراد فاران وعميه مربواث قديسين ).
والنص العبري هكذا:
[ אוְזֹאתהַבְּרָכָה, אֲשֶׁרבֵּרַךְמֹשֶׁהאִישׁהָאֱלֹהִים-אֶת-בְּנֵייִשְׂרָאֵל:לִפְנֵי, מוֹתוֹ. בוַיֹּאמַר, יְהוָהמִסִּינַיבָּאוְזָרַחמִשֵּׂעִירלָמוֹ—הוֹפִיעַ מֵהַרפָּארָן, וְאָתָהמֵרִבְבֹתקֹדֶשׁ; מִימִינוֹ, אשדתאֵשׁדָּתלָמוֹ. גאַףחֹבֵבעַמִּים, כָּל-קְדֹשָׁיובְּיָדֶךָ; וְהֵםתֻּכּוּלְרַגְלֶךָ, יִשָּׂאמִדַּבְּרֹתֶיךָ.].

أرجو ملاحظة كلمة (מֵרִבְבתـمربواث ـקדֶשׁ ـ قديسين ) الواردة في النص السابق،إنها تعني عشرة آلاف قديس بالتحديد وذلك طبقاً للغة العبرية وطبقاً لما هو وارد في القاموس العبري بالإضافة إلي دقة النص المترجم إلى اللغة الإنجليزية وتحديداً نسخة الملك جيمس كما سنرى، والعجيب أن جناب القس عـبد المسيح بسيط أبو الخير قد حرف النص عن موضعه، حيث أنه قد أثبت الرسم وحرف النطق هكذا:
من (מֵרִבְבתקדֶשׁ مربواث قديسين ( إلى ) מֵרִבְבתקדֶשׁ ـ مربيبوت قودش )
فالنص العبري هو هو ولكن النطق غير سليم فمن مربواث قديسين إلى مربيبوت قودش.
فما المقصود بربوات القدس ( מֵרִבְבתקדֶשׁ ـ مربيبوت قودش ) طبقاً لتفسير القس المبجل؟.
يقول بالحرف الواحد ما نصه:[ " قودش = قدس أو مقدس "، ومن ثمّ فترجمة النص العبري إلى العربية حرفيًا هو:" أَقْبَلَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ، وَأَشْرَفَ عَلَيْهُمْ مِنْ سَعِيرَ، وَتَجلّيَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ؛ وَأَتَى مِنْ رُبَي القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ مُشْتَعَلَة "].
لاحظ أنه نطق كلمة קדֶשׁ قديسين هكذا: [ قودش ] لتصبح القدس بعد ذلك ويصبح النص بناء على كلامه كالآتي:
يقول:
[ قبل موت موسى النبي مباشرة أخذ يبارك أسباط إسرائيل الإثنى عشر ويذكّرهم بأعمال الله العظيمة التي عملها معهم طوال رحلة الخروج من مصر، ويعرّفهم بماهيّة الرب ( يهوه יְהוָה) مانح البركة ثم يقدم لهم في الإصحاح الـ 33 بركة فردية خاصة لكل سبط من أسباط إسرائيل الإثنى عشر، ويبدأ الإصحاح بقوله " وَهَذِهِ هِيَ البَرَكَةُ التِي بَارَكَ بِهَا مُوسَى رَجُلُ اللهِ بَنِي إِسْرَائِيل قَبْل مَوْتِهِ، فَقَال: " جَاءَ الرَّبُّ ( يهوه יְהוָה ) مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ
( يهوهיְהוָה) لهُمْ مِنْ سَعِيرَ وَتَلأْلأَ( يهوه יְהוָה) مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ. "]. (تثنية33/1و2).
تصحيح خطأ جناب القس:
لو نظرنا إلى الترجمة الحرفية للنص نجدها كالتالي:
بداية جاءت العبارة في اللغة العبرية ( מֵרִבְבתקדֶשׁ ـ مربواث قديسين ) ،وليست كما قال جناب القس: (مربيبوت قودش ).
مع ملاحظة أن كلمة [ מֵ ـ مي ] تعني [مع] وليست [ من ]، وكلمة [רִבְבת ـ ربواث ] تعني [عشرة آلاف] وليست [ربوات جمع ربوة] ، كما يذكر نيافته، كما أن كلمة [ קדֶשׁ] تعني [ قديسين ]، وليست [القدس] كما يحاول التضليل فرببوت قدش، جاءت في صيغة المضاف والمضاف إليه. وهذه الصيغة يتم ترجمتها في صيغة الموصوف والصفة، وإليك بيان ذلك:

1 ـ خروج 3: 5: אַדְמַתקדֶשׁ (أدْمَت قـُدِش) أي "أرض مقدسة"، وهكذا ترجمها فانديك، ولم يقل "أرض القدس"! فجاءت (قدش) صفة.

2 ـ خروج 12: 16: מִקְרָאקדֶשׁ (مِقـْرا قـُدِش) أي "محفل مقدّس"، وهكذا ترجمها فانديك، ولم يقل "محفل القدس"! فجاءت (قدش) صفة.

3 ـ خروج 16: 23 :שַׁבַּתקדֶשׁ(شَبَت قـُدِش) أي "سبت مقدّس"، وهكذا ترجمها فاندايك، ولم يقل "سبت القدس"! فجاءت (قدش) صفة.

4 ـ أي 23: 6: כִּי-קדֶשׁהֵמָּה (كِي قـُدِش هِمَّه) أي "لأنهم مقدَّسون"، وهكذا ترجمها فاندايك، ولم يقل "لأنهم القدس"! فجاءت (قدش) صفة.

فاتضح أن (رببوت قدش) تـُترجَم إلى (ربْوات مقدسة) وهي الترجمة السليمة، ومن قرائن ذلك أن النص بعدها قال (قدشـَيو) أي "قدّيسيه" فجاء بالاسم في صيغة الجمع.


والمدقق في النص نجد أن جناب القس قد أغفل كلمة ( يهوهיְהוָה) من باقي النص كما هو متبع في شرحه حيث قال:
[ وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ.] وبناءً على تفسيره يفترض أن يصبح النص هكذا:
[وَأَتَى( يهوهיְהוָה) مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ ( يهوهיְהוָה) نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ. ] حيث أن الضمير في النص يعود على( يهوهיְהוָה)، ومع ذلك فهو لم يفعل ، لماذا لأنه بعد ذلك أكد أن القادم مِنْ رُبَي القُدْسِ هو السيد المسيح، وإليك إعادة قوله مرة ثانية:
[ ومن ثمّ فترجمة النص العبري إلى العربية حرفيًا هو " أَقْبَلَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ، وَأَشْرَفَ عَلَيْهُمْ مِنْ سَعِيرَ، وَتَجلّيَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ؛ وَأَتَى مِنْ رُبَي القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ مُشْتَعَلَة ].
والذي نرتاح إليه ونركن، هو ما ذكره المهتدي سعيد الإسكندراني والمهتدي عبد الأحد داوود وليس كما ذكره جناب القس كاهن كنيسة السيدة العـذراء الأثرية بمسطرد بالقاهرة، ويصبح النص كالتالي:
[ אוְזֹאתהַבְּרָכָה, אֲשֶׁרבֵּרַךְמֹשֶׁהאִישׁהָאֱלֹהִים-אֶת-בְּנֵייִשְׂרָאֵל:לִפְנֵי, מוֹתוֹ. בוַיֹּאמַר, יְהוָהמִסִּינַיבָּאוְזָרַחמִשֵּׂעִירלָמוֹ—הוֹפִיעַ מֵהַרפָּארָן, וְאָתָהמֵרִבְבֹתקֹדֶשׁ; מִימִינוֹ, אשדתאֵשׁדָּתלָמוֹ ] .
وإليك النص من ترجمة King James والتي أنقلها كالآتي:
1 And thisisthe blessing, wherewith Moses the man of God blessed the children of Israel before his death.
2 And he said, The LORD came from Sinai, and rose up from Seir unto them; he shined forth from mount Paran, and he came with ten thousands of saints: from his right handwenta fiery law for them.
والربوات في اللغة اليونانية وفي اللغة العبرية רִבְבתتعني عشرة آلاف، كما جاءت في معاجم اللغة العبرية مثل ( Dictionary Young’s Hebrew ) تعني:
[ ten thousands,multitude, ] عشرة آلاف.
أما النص المستشهد به من قبل جناب القس فلقد تم التحريف فيه هكذا:
“2 And he said The Lord came from Sinai and dawned over them from Seir;He shone forth from Mount Paran. He came from myriadsof holyones from his right hand went a fierly”
ويقوم بالشرح والتعليق على النص بقوله:
" مع ملاحظة أنّ عبارة [ holy ones] هي حرفيًا [ holy one ].
ونقلت في بعض الترجمات الإنجليزية ومنها الترجمة الدولية الحديثة ، " myriads" NIV
في حين أن كلمة " myriad " كما جاء في " The Lexicon Webster Dictionary " والتي استشهد بها نيافته تعني عشرة آلاف وإليك التعريف كما هو وارد في القاموس :
Indefinite, immense number; a multitude of things or people”: ten thousand
وما لنا نذهب بعيداً إليك النص التوراتي الشارح لها:
جاء في سفر عزرا اَلإصْحَاحُ الثَّانِي عدد 64و65:
[63وَقَالَ لَهُمُ التِّرْشَاثَا أَنْ لاَ يَأْكُلُوا مِنْ قُدْسِ الأَقْدَاسِ حَتَّى يَقُومَ كَاهِنٌ لِلأُورِيمِ وَالتُّمِّيمِ. 64كُلُّ الْجُمْهُورِ مَعاً اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ أَلْفاً وَثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ 65فَضْلاً عَنْ عَبِيدِهِمْ وَإِمَائِهِمْ فَهَؤُلاَءِ كَانُوا سَبْعَةَ آلاَفٍ وَثَلاَثَ مِئَةٍ وَسَبْعَةً وَثَلاَثِينَ وَلَهُمْ مِنَ الْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ مِئَتَانِ.].
وجاء في سفر نحميا اَلإصْحَاحُ السَّابِعُ عدد 65ـ76:
[ 65وَقَالَ لَهُمُ التَّرْشَاثَا أَنْ لاَ يَأْكُلُوا مِنْ قُدْسِ الأَقْدَاسِ حَتَّى يَقُومَ كَاهِنٌ لِلأُورِيمِ وَالتُّمِّيمِ. 66كُلُّ الْجُمْهُورِ مَعاً أَرْبَعُ رَبَوَاتٍ وَأَلْفَانِ وَثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ 67فَضْلاً عَنْ عَبِيدِهِمْ وَإِمَائِهِمِ الَّذِينَ كَانُوا سَبْعَةَ آلاَفٍ وَثَلاَثَ مِئَةٍ وَسَبْعَةً وَثَلاَثِينَ.].
وعليه فقد فهمت السبعينية كلمة (قدش) في بشارة التثنية على أنها اسم بلد، فترجمتها إلى(قادش). فجاء جيروم وصحّح هذا الخطأ، وترجمها إلى (قديسين). نفس الموقف حصل هنا، إذ فهمت السبعينية كلمة (تيمان) على أنها اسم بلد، فجاء جيروم وصحّح هذا الخطأ وترجمها إلى (الجنوب). وكما رأينا، فالفشيطتا السريانية والترجوم الآرامي كلاهما ترجما الكلمة إلى (جنوب).
هذه العبارة العبرية מִתֵּימָן(مِتيمن) وردت في(يشوع 12: 3)، وترجمها فاندايك إلى: "من التيمن"، بينما هي في الترجمة الكاثوليكية:"من الجنوب"، وفي الترجمة المشتركة:
"جنوباً"، وهكذا في الترجمات الإنجليزية. نفس الشيء في (يش 13: 4). وجاءت תֵּימָן (تيمان) بمعنى الجنوب (إش 43: 6؛ زك 6: 6، 9: 14؛ مز 78: 29؛ أيوب 39: 26؛ نشيد 4: 16).
هل عرفتم لمَ جاء جبل فاران مقروناً بكلمة( تيمن)، ليُعرف أن جبل فاران إنما يقع في الحجاز الجنوبي حيث تخوم اليمن، فهكذا تـُعرف اليمن لدى اليهود باسم תימן(تيمان). وقد تحدث المسيح عن ملكة اليمن التي جاءت لسليمان (متى 12: 42)، وهي في الفشيطتا السريانية: "ܡܠܟܬܐܕܬܝܡܢܐ" (ملكتا دتيمنا)، وفي ترجمة ديلطش العبرية:"מַלְכַּתתֵּימָן" (ملكةتيمن)، وترجمها فاندايك إلى:"ملكةالتيمن"! .
ويقول البروفسور عبد الأحد داوود والذي أورد نصّ الفقرة كالآتي:
[ جاء نور الرب من سيناء وأشرق لهم من ساعير، وتلألأ من جبل فاران وجاء معه عشرة آلاف قديس، والشريعة المشعّة بيده ]… ففي الكلمات شبه نور الرب بنور الشمس:
" إنه يأتي من سيناء ويشرق من ساعير، ولكنه تلألأ بالمجد من ( فاران ) حيث يظهر مع عشرة آلاف قديس ( مؤمن ) ويحمل الشريعة بيده اليمني "
[كتاب " محمد... في كتب اليهود والنصارى " للبروفيسور عبد الأحد داود ص10. ]
وهذا يعني دخول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع عشرة آلاف قديس ( مؤمن ) وجاء بنور الشريعة إلى شعبه فلقد جاء في كتاب ( السيرة النبوية وأخبار الخلفاء للإمام الحافظ أبي حاتم بن أحمد التميمي المتوفي 354 ھ الطبعة الثالثة صفحة 326) والذي كتب عن دخول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة ومعه عشرة آلاف من المسلمين.
 

الفصل الثالث

هذا نبيكم


صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا


مقدمة

الفرع الأول


قَدْرُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


1ـ إن المدقق في قوله تعالى: ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ )الفتح: ٢٩
يجد أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يقول لقريش بكل بساطة: (مُحَمَّدٌ) ـ الذي تعرفونه ـ(رَسُولُ اللَّهِ)...فأنتم أدرى به من غيركم..فلماذا لم تؤمنوا به..
والمدقق في التحدي الموجود في البقرة يجده يخص شخص الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا )..أي إن كنتم تشككون في محمد [ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا] الرعد: 43.
[ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ] الرعد: 43. وبناء عليه فلتحضروا رجلاً (مِنْ مِثْلِهِ)..وتعرفونه جيداً مثل ما تعرفون محمد بن عبد الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لقد تحدى الله سبحانه وتعالى أهل الفصاحة ، وسلك في ذلك طريقاً كأنها قضية من قضايا التاريخ، فحكمة هذا التحدي وذكره في القرآن الكريم ـ ولم يأت على لسان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صورة حديث, بل في صورة آيات تتلى ـ إنما هي أن يشهد التاريخ في كل عصر بعجز العرب عنه وهم الفصحاء اللُسنْ والخطباء اللُدْ, وهم كانوا في العهد الذي لم يكن للغتهم خيرٌ منه ولا خير منهم في الطبع والقوة, فكانوا مظنة المعارضة والقدرة عليها, فالإعجاز كائن في رصف القرآن الكريم ونظمه وبيانه بلسان عربي مبين, بالإضافة إلى أنه لم يكن لتحديهم به معنى إلا أن تجتمع لهم وللغتهم صفات بعينها.
أولها: أن اللغة التي نزل بها القرآن الكريم تحتمل هذا القدر الهائل من المفارقة بين كلامين, كلام هو كلامهم وكلام هو كلام الله عز وجل.
ثانيها: أن أهلها قادرون على إدراك هذا الحاجز الفاصل بين الكلامين، وهذا إدراك دال على أنهم قد أوتوا من لطف تذوق البيان ومن العلم بأسراره ووجوهه قدرا وافراً يصح معه أن يتحداهم بهذا القرآن وان يطالبهم بالشهادة عند سماعه وأن تاليه عليهم نبي مرسل من عند الله فرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاش إلى سن الأربعين وما عُرف عنه أنه كان يقرض الشعر ولم تكن له مثلاً بلاغة ( قس بن ساعدة ) أو ( أكثم بن صيفي )، ولم يثبت عليه على مدي سني عمره أنه قال شعراً، بل من المعروف أن كل شاعر من الشعراء قد تخصص في لون معين من الشعر لا يجيده غيره حتى أنهم قالوا: إن شعر امرئ ألقيس يحسن عند الطرب وذكر النساء ووصف الخيل، وشعر نابغة الذبياني يحسن عند الخوف, وشعر الأعشى عند الطلب ووصف الخمر، وشعر زهير عند الرغبة والرجاء, وهكذا, فكل شاعر يحسن كلامه في فن معين فإن كلامه يضعف في غير هذا الفن, والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن طوال الأربعين سنة له علاقة بهذه الدوائر أو ذلك المجال, وهكذا كانت مفاجأة السماء, لقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يختار رجلاً لم يُعرف عنه التفوق في لغته وإن اشتهر بكل صفات الخلق الطيب, اختار الله جل علاه محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتنزل عليه الرسالة التي يتحدى بها أكبر أهل عصره بلاغة رغم أنه لم يشهد له أحد أو عنه قبل الرسالة بأي شيء من البلاغة, لقد أُعطِىَ البلاغة وجوامع الكلم بعد ذلك, والقرآن الكريم يحسم هذه المسألة في أكثر من موضع فيقول جل علاه في سورة العنكبوت :
(وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)العنكبوت: ٤٨
إن الوحي الرباني يخاطب المعاندين على الرسالة فيقول لهم قل يا محمد إنني قد عشت بينكم أربعين عاماً لم أقل شعراً ولم ألق خطباً ولم أشارك في مجالس البلاغة, ألا تعقلون أن ما أقوله ليس من عندي ولكنه من وحي الخالق الذي لو شاء ما عرفتم بهذا الوحي.
يقول جل شأنه وعز مقداره في سورة يونس: (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)يونس: ١٦
فما معنى (مُحَمَّدٌ) في قوله تعالى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ )إنها صيغة مبالغة من محمود والتي هي على وزن مفعول وهي صيغة مبالغة من الحمد فلو أننا قلنا فلان ( مُحَمَد ) كان معنى ذلك أن الحمد وقع عليه من غيره وهذا مصداقاً لقوله تعالى في سورة الأحزاب: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) الأحزاب: ٥٦
ولو تتبعنا اسمه الشريف أحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوجدناه مشتق من أفعل تفضيل لـ ( حامد ). فحامد على وزن فاعل أي أن الحمد وقع منه هو فلو قلنا أحمد ( أفعل تفضيل ) وهو أسلوب تفضيل بصيغة التعجب أي أن الحمد قد وقع منه هو فهو أكثرهم حمداً لله تعالى.
يقول سبحانه وتعالى: ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) الصف: ٦
2ـ والمتأمل في قوله تعالى: ( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ )الزخرف: ٨١
ففي هذه الآية الكريمة تكريم للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و نفي لإلوهية المسيح عليه السلام ، لأن الله سبحانه وتعالى قال: ( لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) الزمر: ٤
والله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيأمره بقوله جلّ علاه:
( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣
ولأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول العابدين وأول الملسمين فهو المصطفى عند الله سبحانه وتعالى مما خلق جلّ علاه، وعليه فلو أراد الله سبحانه وتعالى أن يتخذ ولداً لاتخذ المصطفى من خلقه وهو محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
كما أن الله سبحانه وتعالى قد أعطاه الريادة عند كافة الأنبياء والمرسلين فأشهدهم على ذلك بأمر خاص بهم وذلك في عالم الذر بعد أن أخذ الميثاق على كافة خلقه في اليوم المعروف " بـ ( أَلَسْتُ ) حيث يقول سبحانه وتعالى: ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) الأعراف: ١٧٢
و بعد ذلك أفرد أنبياءه ورسله بحديث خاص بهم وأخذ الميثاق عليهم بنصرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) آل عمران: ٨١
وفي هذا إعلاء لشأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإشهار لمنزلته عند الله سبحانه وتعالى.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه وغيره من السلف : ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته : لئن بُعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه .
قال ابن تيمية : فدل ذلك على أنه من أدرك محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَمن الأنبياء وأتباعهم وإن كان معه كتاب وحكمة فعليه أن يؤمن بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وينصره .
وبعد ذلك نجد أن هذا النبي ذي القدر العظيم أخبرنا سبحانه وتعالى أنه عبداً له : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء: ١
فإذا انتفت الإلوهية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمن باب أولى نفيها عن السيد المسيح عليه والسلام، وفي هذا يقول سبحانه وتعالى: [ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ] البقرة: ١١٦.
ويقول سبحانه وتعالى: ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا *إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) مريم: ٨٨ – ٩٥..صَلَّى اللَّهُ عَلَى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.





الفرع الثاني

القسم بحياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يقول سبحانه وتعالى: [ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ] الحجر: ٧٢
إعراب الآية: [لَعَمْرُكَ] اللام للابتداء، "عمرك" مبتدأ، خبره محذوف تقديره قَسَمي. والجار متعلق بالخبر، وجملة[يَعْمَهُونَ] حال من الضمير المستتر في متعلَّق الجار.
تفسير الجلالين : [لَعَمْرُكَ] خطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي وحياتك [ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ] يترددون.
تفسير ابن كثير : قال الله تعالى: [ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ] يقول وحياتك وعمرك وبقائك في الدنيا [ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ]. رواه ابن جرير وقال قتادة في سكرتهم أي في ضلالتهم " يَعْمَهُونَ " أي يلعبون وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " لَعَمْرُكَ " لعيشك[ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ] قال يترددون .

تفسير القرطبي : فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قال القاضي أبو بكر بن العربي : قال المفسرون بأجمعهم أقسم الله تعالى هاهنا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم تشريفا له , أن قومه من قريش في سكرتهم يعمهون وفي حيرتهم يترددون .
قلت : وهكذا قال القاضي عياض : أجمع أهل التفسير في هذا أنه قسم من الله جل جلاله بمدة حياة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأصله ضم العين من العمر ولكنها فتحت لكثرة الاستعمال . ومعناه وبقائك يا محمد، وقيل وحياتك، وهذا نهاية التعظيم وغاية البر والتشريف .
والعمر ( بضم العين وفتحها ) لغتان ومعناهما واحد ; إلا أنه لا يستعمل في القسم إلا بالفتح لكثرة الاستعمال.
وتقول : عمرك الله , أي أسأل الله تعميرك. و" لعمرك " رفع بالابتداء وخبره محذوف. المعنى لعمرك مما أقسم به .
الثانية: كره كثير من العلماء أن يقول الإنسان لعمري ; لأن معناه وحياتي.
قال إبراهيم النخعي : يكره للرجل أن يقول لعمري ; لأنه حلف بحياة نفسه , وذلك من كلام ضعفة الرجال، ونحو هذا قال مالك : إن المستضعفين من الرجال والمؤنثين يقسمون بحياتك وعيشك , وليس من كلام أهل الذكران , وإن كان الله سبحانه أقسم به في هذه القصة , فذلك بيان لشرف المنزلة والرفعة لمكانه , فلا يحمل عليه سواه ولا يستعمل في غيره .
وقال ابن حبيب: ينبغي أن يصرف " لعمرك " في الكلام لهذه الآية.
الثالثة : قد مضى الكلام فيما يحلف به وما لا يجوز الحلف به في " المائدة " , وذكرنا هناك قول أحمد بن حنبل فيمن أقسم بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لزمته الكفارة .
قال ابن خويز منداد : من جوز الحلف بغير الله تعالى مما يجوز تعظيمه بحق من الحقوق فليس يقول إنها يمين تتعلق بها كفارة ; إلا أنه من قصد الكذب كان ملوما ; لأنه في الباطن مستخف بما وجب عليه تعظيمه .
قالوا: وقوله تعالى[لَعَمْرُكَ] أي وحياتك، وإذا أقسم الله تعالى بحياة نبيه فإنما أراد بيان التصريح لنا أنه يجوز لنا أن نحلف بحياته.
وعلى مذهب مالك معنى قوله: [لَعَمْرُكَ] في ما هو موجود في قوله تعالى:
[ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2)] التين: ١ – ٢
و[ وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)] الطور: ١ - ٢
و[ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى] النجم: ١
و[ وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى] الضحى: ١ - ٢
و[ لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ] البلد: ١ - ٣
كل هذا معناه : وخالق التين والزيتون , وبرب الكتاب المسطور, وبرب البلد الذي حللت به وخالق عيشك وحياتك , وحق محمد ; فاليمين والقسم حاصل به سبحانه لا بالمخلوق .
تفسير العلامة عبد الحميد الفراهي:
جاء في كتاب [إمعان في أقسام القرآن العلامة عبد الحميد الفراهي رحمه الله ] تحت عنوان " القسم على وجه الإكرام: للمقسم به ، والمتكلم ، والمخاطب" ما نصه:
لما كان الصدق من أحب سجايا العرب ـ لا سيما إذا عاهدوا على أمر ، وأعطوا له أيمانهم وأشهدوا عليه ـ فإذا صاروا حلفاء ، أو عقدوا عقد الجوار، أو نذروا بأمر، أوفوا ذمتهم ، وعدوا الكذب فيها بعد القسم عاراً عظيماً وذلة كبيرة ، لأنفتهم وللحمية التي جبلوا عليها.
وكان في رهن أيديهم للعقود عندهم آية على أنهم يخاطرون لها أنفسهم، فتضمن القسم مخاطرة النفس.
ولذلك كثر قسمهم بقولهم: لعمري، أي أنا أخاطر على هذا القول حياتي، وربما بينوا هذا المراد كما قالت ريطة بنت العباس السلمي :
لعمري وما عمري عليَّ بهين *** لنعم الفتى أرديتم آل خثعما
وقال النابغة الذبياني :
لعمري وما عمري عليَّ بهين *** لقد نطقت بطلا عليَّ الأقارع
وهذا كثير ، ومن هذه الجهة انضم مفهوم الإكرام بالمقسم به، فإن المتكلم لا يدل على تأكيد قوله بهذا الطريق إلا إذا أقسم بما يكرمه ويضن به. فهذا أصل هذا النوع من القسم، ثم تجاوزوه إلى قولهم [لَعَمْرُكَ] أو ما يشبهه لما فيه من إكرام المخاطب. كأن القائل أراد أني لا أقسم بعمري بل بعمرك الذي هو أعز وأكرم عليَّ، وهذا هو الأصل، ثم ربما لا يراد به إلا تأكيد القول مع إكرام المخاطب، ولما كان هذا أحسن في التحاور كثر قولهم في القسم: لعمرك ولعمر أبيك، أو وَجَدِّكَ وبعزتك، وأمثالها.
وهذه الكلمات التي ذكرنا كثر استعمالها للقسم فلا حاجة إلى نقل السند لها، ولكن يهمنا في هذا القسم النظر إلى أمور:
الأول: أن المقسم به في هذه الأقسام ، وإن كان عند المتكلم كريماً ومضنوناً به ، لكنه لا يكون مما يعبده ويقدسه.
الثاني: أنه إذا أضيف المقسم به إلى المخاطب دل على إكرامه ، كقوله تعالى: [ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ] فأكرم الله نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذا الخطاب.
ومنه قوله تعالى : [ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا]النساء: ٦٥
وإذا أضيف إلى المتكلم دل على عزته ومنعته، كأنه قال: إن حياتي وعزي منيع لا يرام. ومن هذه الجهة لا ينبغي هذا القسم لعباد الله الخاشعين المتواضعين.
الثالث: أنه لما كان من بعض وجوه القسم الدعاء بالسوء على الحانث ، وربما انضم بهذا النوع ذلك المفهوم ، كأن الحالف قال: إن كنت كاذباً أُبِيدَ عمري ، وأهينت عزتي.
ولا يخفى عليك مما ذكرنا أن هذا النوع من القسم لا يكون إلا بإضافة المقسم به، إما إلى المتكلم أو إلى المخاطب، ولا يكون إلا بألفاظه الخاصة التي ذكرناها، ولا يكون إلا بأمور عرف عزتها على المتكلم، فبين أن أقسام القرآن بالذاريات والعاديات والخنس الجوار الكنس وأمثالها لا يكون من هذا النوع.

واعلم أن هذه الأقسام ليست من جهد أيمانهم ، وعلى الأكثر تستعمل لمحض التأكيد بمعنى أقسمت ، ولذلك ربما قالوا: لعمر الله ، فلا يريدون بها تمام معناها الأصلي إلا إذا بينوه كما مر في قول ريطة
السلمية والنابغة.
 


الفرع الثالث


القسم بكلامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ



[ وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ ] الزخرف: ٨٨
إعراب الآية : الواو حرف قسم وجر، و [وَقِيلِهِ] اسم مجرور مقسم به متعلق بـ أقسم المقدر، والقول والقيل والقال بمعنى واحد. وجملة [إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ] جواب النداء لا محل لها مستأنفة، وجملة[ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ] " مقول القول ، وجواب القسم محذوف أي : لأفعلنَّ بهم ما أريد ، وجملة[ لَا يُؤْمِنُونَ] نعت لقوم.
تفسير الجلالين : [وَقِيلِهِ] أي قول محمد النبي ونصبه بفعله المقدر أي وقال: [ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ]
تفسير ابن كثير:
أي وقال محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيله أي شكا إلى ربه شكواه من قومه الذين كذبوه فقال يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون كما أخبر تعالى في الآية الأخرى " وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا " وهذا الذي قلناه هو قول ابن مسعود رضي الله عنه ومجاهد وقتادة وعليه فسر ابن جرير قال البخاري وقرأ عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه " وقال الرسول يا رب " وقال مجاهد في قوله " وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون " قال يؤثر الله عز وجل قول محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال قتادة هو قول نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشكو قومه إلى ربه عز وجل ثم حكى ابن جرير في قوله تعالى " وقيله يا رب " قراءتين إحداهما النصب ولها توجيهان أحدهما أنه معطوف على قوله تبارك وتعالى " نسمع سرهم ونجواهم " والثاني أن يقدر فعل وقال قيله والثانية الخفض وقيله عطفا على قوله " وعنده علم الساعة " وتقديره وعلم قيله .
تفسير القرطبي :
في[وَقِيلِهِ] ثلاث قراءات :
النصب , والجر , والرفع . فأما الجر فهي قراءة عاصم وحمزة . وبقية السبعة بالنصب. وأما الرفع فهي قراءة الأعرج وقتادة وابن هرمز ومسلم بن جندب .
فمن جر حمله على معنى : وعنده علم الساعة وعلم قيله . ومن نصب فعلى معنى : وعنده علم الساعة ويعلم قيله ; وهذا اختيار الزجاج . وقال الفراء والأخ
فش : يجوز أن يكون[ وَقِيلِهِ ] عطفا على قوله : [ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ] الزخرف: ٨٠.
قال ابن الأنباري : سألت أبا العباس محمد بن يزيد المبرد بأي شيء تنصب القيل ؟ فقال : أنصبه على[ وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويعلم قيله ] ..
[ وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ] الزخرف: ٨٥
وأجاز الفراء والأخفش أيضا : أن ينصب على المصدر ; كأنه قال : وقال قيله , وشكا شكواه إلى الله عز وجل , كما قال كعب بن زهير :
تمشي الوشاة جنابيها وقيلهم إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول أراد : ويقولون قيلهم .
ومن رفع " قيله " فالتقدير : وعنده قيله , أو قيله مسموع , أو قيله هذا القول .
الزمخشري : والذي قالوه ليس بقوي في المعنى مع وقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يحسن اعتراضا ومع تنافر النظم .
وأقوى من ذلك وأوجه أن يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه. والرفع على قولهم : أيمن الله وأمانة الله ويمين الله ولعمرك , ويكون قوله : [إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ] جواب القسم ; كأنه قال : وأقسم بقيله يا رب , أو قيله يا رب قسمي , [إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ].
وقال ابن الأنباري : ويجوز في العربية [ وقيلهُ ] بالرفع , على أن ترفعه بإن هؤلاء قوم لا يؤمنون .
المهدوي : أو يكون على تقدير وقيله قيله يا رب ; فحذف قيله الثاني الذي هو خبر , وموضع " يا رب " نصب بالخبر المضمر , ولا يمتنع ذلك من حيث امتنع حذف بعض الموصول وبقي بعضه ; لأن حذف القول قد كثر حتى صار بمنزلة المذكور . والهاء في " قيله " لعيسى , وقيل لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد جرى ذكره إذ قال : [ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ] الزخرف: ٨١
وقرأ أبو قلابة " يا رب " بفتح الباء . والقيل مصدر كالقول ; ومنه الخبر [ نهى عن قيل وقال ] . ويقال : قلت قولا وقيلا وقالا . وفي النساء : [ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا] النساء: ١٢٢






الفرع الرابع


مكانته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الملأ الأعلى


قال تعالى: [ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)] التحريم: ٣ – ٤
فمع الآيات الكريمة نعيش هذه اللحظات..
يقول سبحانه وتعالى: [وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ] وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أسر لزوجه السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها بأن أباها سوف يخلفه بعد مماته، ومن شدة فرحها أنبأت السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما بما أسر لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ومن النص نطلع على نموذج من تلك الفترة العجيبة في تاريخ البشرية. الفترة التي يعيش فيها الناس مع السماء. والسماء تتدخل في أمرهم علانية وتفصيلا. ونعلم أن الله قد أطلع نبيه على ما دار بين زوجيه بشأن ذلك الحديث الذي أسره إلى بعض أزواجه. وأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين راجعها فيه اكتفى بالإشارة إلى جانب منه. ترفعا عن السرد الطويل, وتجملا عن الإطالة في التفصيل ; وأنه أنبأها بمصدر علمه وهو المصدر الأصيل: [فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا] ولك أن تتأمل في رده صلى الله عليه وسلم حينما: [قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا]..[ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ] ..
والإشارة إلى العلم والخبرة هنا إشارة مؤثرة في حالة إفشاء الأسرار من وراء الأستار ! ترد السائلة إلى هذه الحقيقة التي ربما نسيتها أو غفلت عنها وترد القلوب بصفة عامة إلى هذه الحقيقة كلما قرأت هذا القرآن .
ويتغير السياق من الحكاية عن حادث وقع إلى مواجهة وخطاب للمرأتين كأن الأمر حاضر: [إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ]
وحين نتجاوز صدر الخطاب, ودعوتهما إلى التوبة لتعود قلوبهما فتميل إلى الله, فقد بعدت عنه بما كان منها. . حين نتجاوز هذه الدعوة إلى التوبة نجد حملة ضخمة هائلة وتهديدا رعيبا مخيفا . [ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ]
ومن هذه الحملة الضخمة الهائلة ندرك عمق الحادث وأثره في قلب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى احتاج الأمر إلى إعلان موالاة الله وجبريل وصالح المؤمنين. والملائكة بعد ذلك ظهير ! ليطيب خاطر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويحس بالطمأنينة والراحة من ذلك الأمر الخطير !.
ولا بد أن الموقف في حس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي محيطه كان من الضخامة والعمق والتأثير إلى الحد الذي يتناسب مع هذه الحملة.
ولعلنا ندرك حقيقته من هذا النص ومما جاء في الرواية على لسان الأنصاري صاحب عمر - رضي الله عنهما - وهو يسأله بعد أن سمع عن هذه الحملة الربانية:أجاءت غسان ؟.
فيقول لا بل أعظم من ذلك وأطول.
وغسان هي الدولة العربية الموالية للروم في الشام على حافة الجزيرة, وهجومها إذ ذاك أمر خطير. ولكن الأمر الآخر في نفوس المسلمين كان أعظم وأطول ! فقد كانوا يرون أن استقرار هذا القلب الكبير, وسلام هذا البيت الكريم أكبر من كل شأن، وأن اضطرابه وقلقه أخطر على الآمة المسلمة من هجوم غسان عملاء الروم ! وهو تقدير يوحي بشتى الدلالات على نظرة أولئك الناس للأمور، وهو تقدير يلتقي بتقدير السماء للأمر , فهو إذن صحيح قويم عميق .






الفرع الخامس


فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


معنى الصلاة والسلام على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قال تعالى:[ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] الأحزاب: ٥٦
قال ابن كثير رحمه الله:
( المقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه تصلي عليه الملائكة ثم أمر الله تعالى العالم السفلي بالصلاة والسلام عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعاً ) أ.ھ.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في جلاء الأفهام:
( والمعنى أنه إذا كان الله وملائكته يصلون على رسوله فصلوا عليه أنتم أيضاً صلوا عليه وسلموا تسليماً لما نالكم ببركة رسالته ويمن سفارته، من خير شرف الدنيا والآخرة ) أ.ھ.
وقد ذُكر في معنى الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقوال كثيرة، والصواب ما قاله أبو العالية:
إن الصلاة من الله ثناؤه على المصلي عليه في الملأ الأعلى أي عند الملائكة المقربين . أخرجه البخاري في صحيحه تعليقاً مجزوماً به ، وهذا أخص منه في الرحمة المطلقة.
والسلام: هو السلامة من النقائص والآفات فإن ضم السلام إلى الصلاة حصل به المطلوب وزال به المرهوب فبالسلام يزول المرهوب وتنتفي النقائص وبالصلاة يحصل المطلوب وتثبت الكمالات.
حكم الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أما في التشهد الأخير فهو ركن من أركان الصلاة - عند الحنابلة.
وقال القاضي أبو بكر بن بكير: ( افترض الله على خلقه أن يصلوا على نبيه ويسلموا تسليماً، ولم يجعل ذلك لوقت معلوم. فالواجب أن يكثر المرء منها ولا يغفل عنها ).
المواطن التي يستحب فيها الصلاة والسلام على النبي ويرغب فيها:
1- قبل الدعاء:
قال فضالة بن عبيد: سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يدعو في صلاته فلم يصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ عجل هذا! ] ثم دعاه فقال له ولغيره: [ إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم يصلي على النبي، ثم ليدع بعد بما يشاء ] [رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح وأخرجه أحمد بإسناد صحيح وصححه ابن حبّان والحاكم ووافقه الذهبي].
وقد ورد في الحديث: [ الدعاء محجوب حتى يصلي الداعي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] [رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات].
وقال ابن عطاء: ( للدعاء أركان وأجنحة وأسباب وأوقات. فإن وافق أركانه قوي، وإن وافق أجنحته طار في السماء، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه نجح.
فأركانه: حضور القلب والرقة والاستكانة والخشوع وتعلق القلب بالله وقطعه الأسباب، وأجنحته الصدق، ومواقيته الأسحار، وأسبابه الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
عند ذكره وسماع اسمه أو كتابته:
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليّ ] [رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب من هذا الوجه والحاكم وقال الألباني إسناده صحيح ورجاله رجال الصحيح].
3 ـ الإكثار من الصلاة عليه يوم الجمعة:
عن أوس بن أوس قال، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ.. ] الحديث [رواه أبو داود بإسناد صحيح وأخرجه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي].
الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرسائل وما يكتب بعد البسملة:
قال القاضي عياض: ( ومن مواطن الصلاة التي مضى عليها عمل الأمة ولم تنكرها: ولم يكن في الصدر الأول، وأحدث عند ولاية بني هاشم - الدولة العباسية - فمضى عمل الناس في أقطار الأرض. ومنهم من يختم به أيضاً الكتب ).
عند دخول المسجد وعند الخروج منه:
عن فاطمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ إذا دخلت المسجد فقولي بسم الله الرحمن الرحيم والسلام على رسول الله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد واغفر لنا وسهل لنا أبواب رحمتك فإذا فرغت فقولي ذلك غير أن قولي: وسهل لنا أبواب فضلك ] [رواه ابن ماجه والترمذي وصححه الألباني بشواهده].
كيفية الصلاة والتسليم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قال الله تعالى:[إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا]الأحزاب: ٥٦
فالأفضل أن تقرن الصلاة والسلام سوياً استجابةً لله عز وجل فهذا هو المجزئ في صفة الصلاة عليه الصلاة والسلام.
وعن أبي محمد بن عجرة قال: خرج علينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ فقال: { قولوا اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد } [متفق عليه].
وعن أبي حميد الساعد قال: قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: [ قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد } [متفق عليه].
وفي هذين الحديثين دلالة على الصفة الكاملة للصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فضيلة الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والسلام عليه:
عن عمر قال سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: [ إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول وصلوا عليّ فإنه من صلّى عليّ مرة واحدة صلى الله عليه عشراً ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة ] [رواه مسلم].
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ من صلّى عليّ حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي ] [أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني].
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ من صلّى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً ] [رواه مسلم وأحمد والثلاثة].
وعن عبد الرحمن بن عوف قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ساجد فأطال السجود قال: [ أتاني جبريل وقال: من صلّى عليك صليت عليه ومن سلّم عليك سلمت عليه فسجدت شكراً لله ] [رواه الحاكم وأحمد والجهضمي وقال الحاكم: صحيح ولم يخرجاه وقال الألباني: صحيح لطرقه وشواهده].
وعن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ أتاني آت من ربي فقال: ما من عبد يصلي عليك صلاة إلا صلى الله عليه بها عشراً ] فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أجعل نصف دعائي لك! قال: [ إن شئت ].
قال: ألا أجعل ثلث دعائي!. قال: [ إن شئت ]. قال: ألا أجعل دعائي كله قال: [ إذن يكفيك الله هم الدنيا والآخرة ] [رواه الجهضمي وقال الألباني هذا مرسل صحيح الإسناد].
وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
[ إن لله ملائكة سياحين يبلغونني من أمتي السلام ] [رواه النسائي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وقال الألباني إسناده صحيح ورجاله رجال الصحيح].
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ من صلّى عليّ واحدةً صلّى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات ]. [رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي والحاكم وصححه الألباني].
وعن ابن مسعود مرفوعاً: [ أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة ] [رواه الترمذي وقال حسن غريب رواه ابن حبان].
وعن جابر بن عبد الله، قال: قال النبي : [ من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له الشفاعة يوم القيامة ] [رواه البخاري في صحيحه].
ذم من لم يصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ رغم أنف رجل ذُكرت عنده فلم يصلّ عليّ، رغم أنف رجل دخل رمضان ثم انسلخ قبل أن يُغفر له، ورغم أنف رجل أدرك أبواه عند الكبر فلم يُدخلاه الجنة ].
قال عبد الرحمن وهو أحد رواة الحديث وعبد الرحمن بن إسحاق وأظنه قال:
[ أو أحدهما ] [رواه الترمذي والبزار قال الألباني في صحيح الترمذي حسن صحيح].
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
[ البخيل كل البخل الذي ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ ] [أخرجه النسائي والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع].
عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ من نسي الصلاة عليّ خطئ طريق الجنة ]. [صححه الألباني في صحيح الجامع].
وعن أبي هريرة قال أبو القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ أيّما قوم جلسوا مجلساً ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله ويصلوا على النبي كانت عليهم من الله تره إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم ]. [أخرجه الترمذي وحسنه أبو داود].
وحكى أبو عيسى الترمذي عن بعض أهل العلم قال: ( إذا صلى الرجل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة في مجلس أجزأ عنه ما كان في ذلك المجلس ).
الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
ذكر ابن القيم 19 فائدة للصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى منها:
1ـ حصول عشر صلوات من الله على المصلي مرة.
2ـ يكتب له عشر حسنات ويمحو عنه عشر سيئات.
3ـ أن يرفع له عشر درجات.
4ـ أنه يرجى إجابة دعائه إذا قدمها أمامه فهي تصاعد الدعاء إلى عند رب العالمين.
5ـ أنها سبب لشفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قرنها بسؤال الوسيلة له، أو إفرادها.
6ـ أنها سبب لغفران الذنوب.
7ـ أنها سبب لكفاية الله ما أهمه.
8 ـ أنها سبب لقرب العبد منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم القيامة.
9ـ أنها سبب لصلاة الله على المصلي وصلاة الملائكة عليه.
10ـ أنها سبب لرد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة والسلام على المصلي.
11ـ أنها سبب لطيب المجلس، وأن لا يعود حسرة على أهله يوم القيامة.
12ـ أنها سبب لنفي الفقر.
13ـ أنها تنفي عن العبد اسم ( البخيل ) إذا صلى عليه عند ذكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
14ـ أنها سبب لإلقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض، لأن المصلي طالب من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه، والجزاء من جنس العمل فلا بد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك.
15ـ أنها سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره وأسباب مصالحه لأن المصلي داع ربه أن يبارك عليه وعلى آله وهذا الدعاء مستجاب والجزاء من جنسه.
16ـ أنها سبب لعرض اسم المصلي عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكره عنده كما تقدم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ إن صلاتكم معروضة عليّ ] وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ إن الله وكّل بقبري ملائكة يبلغونني عن أمتي السلام ] وكفى بالعبد نبلاً أن يذكر اسمه بالخير بين يدي رسول الله .
17ـ أنها سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه لحديث عبد الرحمن بن سمرة الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه: [ ورأيت رجلاً من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحياناً ويتعلق أحياناً، فجاءته صلاته عليّ فأقامته على قدميه وأنقذته ] [رواه أبو موسى ألمديني وبنى عليه كتابه في "الترغيب والترهيب" وقال: هذا حديث حسن جداً].
18ـ أنها سبب لدوام محبة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزيادتها وتضاعفها، وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه فسيتضاعف حبّه له وتزايد شوقه إليه، واستولى على جميع قلبه، وإذا أعرض عن ذكره وإحضار محاسنه يغلبه، نقص حبه من قلبه، ولا شيء أقر لعين المحب من رؤية محبوبه ولا أقر لقلبه من ذكر محاسنه، وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه والحس شاهد بذلك.
19ـ أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكره، استولت محبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوباً مسطوراً في قلبه ويقتبس الهدي والفلاح وأنواع العلوم منه، فأهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له كلما ازدادوا فيما جاء به من معرفة، ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله.
 

الفرع السادس


محبة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ



محبة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصل عظيم من أصول الدين , بل إن إيمان العبد متوقف على وجود هذه المحبة ,فلا يدخل المسلم في عِداد المؤمنين الناجين حتى يكون الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحبَّ إليه من نفسه التي بين جنبيه ومن ولده ووالده والناس أجمعين.
قال عز وجل :[ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ] التوبة: ٢٤
وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ).
وهذه المحبة وإن كانت عملا قلبيا, إلا أن آثارها ودلائلها لابد وأن تظهر على جوارح الإنسان , وفي سلوكه وأفعاله , فالمحبة لها مظاهر وشواهد تميز المحب الصادق من المدعي الكاذب , وتميز من سلك مسلكا صحيحا ممن سلك مسالك منحرفة في التعبير عن هذه المحبة .
وأول هذه الشواهد والدلائل طاعة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإتباعه , فإن أقوى شاهد على صدق الحب - أيا كان نوعه - هو موافقة المحب لمحبوبه , وبدون هذه الموافقة يصير الحب دعوى كاذبة , ولذلك كان أكبر دليل على صدق الحب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو طاعته وإتباعه , فالإتباع هو دليل المحبة الأول , وشاهدها الأمثل , بل كلما عظم الحب زادت الطاعة له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فالطاعة إذا هي ثمرة المحبة.
ولذلك حسم القرآن دلائل المحبة لله ولرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آية المحبة وهي قوله عز و جل : [ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] آل عمران: ٣١
فإذا كان الله عز وجل قد جعل إتباع نبيه دليلا على حبه سبحانه , فهو من باب أولى دليل على حب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قال الحسن البصري رحمه الله " زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية .
وصدق القائل :
تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع

فالصادق في حب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , هو من أطاعه واقتدى به , وآثر ما يحبه الله ورسوله على هوى نفسه . ومن دلائل محبته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعظيمه وتوقيره والأدب معه , بما يقتضيه مقام النبوة والرسالة من كمال الأدب وتمام التوقير , وهو من أعظم مظاهر حبه , ومن آكد حقوقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أمته , كما أنه من أهم واجبات الدين .
قال تعالى : [ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)] الفتح: ٨ - ٩
فالتسبيح لله عز وجل , والتعزير والتوقير للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وهو بمعنى التعظيم .
ومن الأدب معه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقديمه على كل أحد , والثناء عليه بما هو أهله , وتوقير حديثه , وعدم رفع الصوت عليه أو التقديم بين يديه , وكثرة الصلاة والسلام عليه.
ومن دلائل هذه المحبة أيضا الاحتكام إلى سنته وشريعته , فقد أقسم الله عز وجل بنفسه أن إيمان العبد لا يتحقق حتى يرضى بحكم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جميع شؤونه وأحواله , وحتى لا يبقى في صدره أي حرج أو اعتراض على هذا الحكم .
[فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] النساء: ٦٥
وجعل الإعراض عن سنته وترك التحاكم إليها من علامات النفاق والعياذ بالله .
قال تعالى:[ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61)] النساء: ٦٠ - ٦١
ومن الدلائل أيضا على محبته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّبُّ عنه, والدفاع عن سنته, ضد كل مبطل ومشكك, والحرص على نشرها بين الناس صافية نقية من كل ما علق بها من شوائب البدع.
وإن مما يؤسف له أن مفهوم محبة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد فسد وانحرف عند كثير من المسلمين , وخصوصاً في هذه العصور المتأخرة , فبعد أن كانت هذه المحبة تعني إيثار الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على كل مخلوق , وطاعته وإتباعه , صار مفهومها عند البعض عبادته ودعاؤه , وتأليف الصلوات المبتدعة , وعمل الموالد , وإنشاد القصائد والمدائح في الاستغاثة به , وصرف وجوه العبادة إليه من دون الله عز وجل, وبعد أن كان تعظيم الرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتوقيره والأدب معه , صار التعظيم عندهم هو الغلو فيه بإخراجه عن حد البشرية , ورفعه إلى مرتبة الإلوهية , وكل ذلك من الفساد والانحراف الذي طرأ على معنى المحبة ومفهومها .
قال تعالى :[لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا] الأحزاب: ٢١
اللهم أكسبنا حبك وحب نبيك محمد وارزقنا مرافقته في الجنة. اللهم وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد .
وما أصدق قول حسان بن ثابت فيه إذ يقول:

نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ويتلو كتـاب الله في كـل مشهد

فإن قـال في يوم مقـالة غائب فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد

ولله ودر القائل إذ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنـه فيه العفاف وفيه الجود والكرم








الفرع السابع

وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى


مفهوم الضلال في الآية الكريمة ومعناه

إن كلمة الضلال في اللغة لهي من المشترك اللفظي..
فما هو مفهوم المشترك اللفظي في القرآن الكريم ؟..
المشترك اللفظي يطلق على تسمية الأشياء الكثيرة بالاسم الواحد ، أو بتعبير الإمام السيوطي هو: اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة.. وقد اختلف أهل اللغة في أمره، فمنهم من قال بوقوعه في اللغة كالأصمعي والخليل بن أحمد وسيبويه وابن فارس وابن قتيبة وأبي عبيدة وغيرهم، وأفردوا مؤلفات خاصة سردوا له فيها أمثلة كثيرة، وهو عندهم سمة إيجابية ودليل على ثراء اللغة وطواعيتها ومرونتها واتساعها في التعبير..
والقرآن الكريم باعتباره كتاب الله عز وجل المنزل باللغة العربية، وعلى عادة العرب وطرائقهم في التعبير.. قد ورد فيه طائفة من الألفاظ المشتركة عني بجمعها وتصنيفها مجموعة من العلماء. وكان ذلك سببا من أسباب اختلاف المفسرين والفقهاء وعلماء الأصول في تأويل كثير من النصوص القرآنية، وقد أدى هذا الأمر إلى الاختلاف في الاستنباط وتقرير كثير من الأحكام الفقهية. لذلك حظيت هذه الظاهرة، أي ظاهرة وجود المشترك اللفظي في القرآن الكريم بعناية كبيرة من لدن المتقدمين، وعرفت باسم الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، قال الزركشي: (فالوجوه اللفظ المشترك الذي يستعمل في عدة معان، كلفظ «الأمَّة»، والنظائر كالألفاظ المتواطئة).
بل الأكثر من ذلك أن الإمام السيوطي عد وجود الألفاظ المشتركة في القرآن الكريم من أعظم مظاهر إعجازه (حيث كانت الكلمة الواحدة تتصرف إلى عشرين وجها وأكثر وأقل، ولا يوجد ذلك فـي كـلام البشر).
وكأنه يشير بذلك إلى قابلية اللفظ القرآني وقدرته على تحمل معاني متعددة. فهو إذن وسيلة من وسائل التوسع في التعبير عند العرب، وسبب من أسباب توفير معاني القرآن الكريم، وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى تعامل بعض العلماء مع هذه القضية.
و لفظ الضلال يطلق في القرآن، وفي اللغة العربية على إطلاقات عدة..

فيطلق الضلال مرادًا به الذهاب عن حقيقة الشيء ، حيث تقول العرب في كل من ذهب عن علم حقيقة شيء ضلّ عنه، وهذا الضلال ذهاب عن علم شيء ما، وليس من الضلال في الدين.
ومن هذا المعنى قوله تعالى: ( وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالّينَ ) ، أي: من الذاهبين عن علم حقيقة العلوم، والأسرار التي لا تعلم إلا عن طريق الوحي، لأني في ذلك الوقت لم يوحَ إليّ .

ومن هذا المعنى قوله تعالىٰ: (قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبّى في كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبّى وَلاَ يَنسَى) .

فقوله: ( لاَّ يَضِلُّ رَبّى )، أي: لا يذهب عنه علم شيء كائنًا ما كان .

وقد يطلق وهو المشهور في اللغة، وفي القرءان على الذهاب عن طريق الإيمان إلى الكفر ، وعن طريق الحقّ إلى الباطل، وعن طريق الجنّة إلى النار، ومنه قوله تعالىٰ: ( غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ ٱلضَّالّينَ ).

وقد يطلق على الغيبوبة والاضمحلال، تقول العرب: ضلّ الشيء إذا غاب واضمحلّ، ومنه قولهم: ضلّ السمن في الطعام، إذا غاب فيه واضمحلّ، ولأجل هذا سمّت العرب الدفن في القبر إضلالاً؛ لأن المدفون تأكله الأرض فيغيب فيها ويضمحلّ.

ومن هذا المعنى قوله تعالىٰ: ( وَقَالُواْ أَءذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلاْرْضِ ) ، يعنون: إذا دفنوا وأكلتهم الأرض، فضلوا فيها، أي: غابوا فيها واضمحلّوا .. وقد ردت الكلمة بمشتقاتها في القرآن الكريم أكثر من ( 375 ) مرة
ويمكن إجمالها فيما يلي :
1 ـ من معاني الضلال : التيه والانحراف : مثال هذا المعنى قوله تعالى في سورة المائدة " .. وأضلّوا كثيراً ، وضلوا عن سواء السبيل " ، فقد انحرفوا وأمالوا عن الحق كثيراً من أتباعهم ومن وثق بهم . وفي سورة السجدة ينفي الله تعالى الغواية والانحراف عن نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم " والنجم إذا هوى ؛ ما ضل صاحبكم وما غوى " .
2 ـ وتعني كلمة الضلال بمعنى الوقوع في المتاهة والخطأ ، كقوله تعالى ينعى على الكفار تخبطهم في حديثهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ومحاولة تيئيسه من الدعوة ، والتضييق عليه ليتركها ، فوقعوا في أخطاء كبيرة : " انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا ، فلا يستطيعون سبيلاً " .
3ـ ومن معاني الضلال الخسران وإبطال الثواب : ومن أمثلة ذلك المعنى قوله تعالى في سورة سيدنا محمد " والذين كفروا فتعساً لهم ، وأضل أعمالهم " فالكافر ليس له في الآخرة نصيب ، وكل عمل لا يقوم على أساس الإيمان ليس لصاحبه خلاق في الأمن والنجاح يوم القيامة ، وأضل أعمالهم ، أحبطها فخسروها . وعلى هذا نرى في قوله تعالى في السورة نفسها : " والذين قتلوا في سبيل الله فلن يُضل أعمالهم ، سيهديهم ويصلح بالهم .. " فقوله : لن يضل أعمالهم : لن يحبطها ، ولن يبطل ثوابها ، بل يصلح بالهم فيزيدهم من فضله وكرمه .
ومثال ذلك قوله تعالى في سورة غافر " وما كيد الكافرين إلا في ضلال " وقوله سبحانه في السورة نفسها " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " فمكر الكافر وكيده في الدنيا عليه وليس له ، ودعاؤه في الآخرة لا يُقبل ، إنه لا ينجو هناك إلا المؤمن الموحّد.

4ـ ويأتي الضلال بمعنى الغفلة والجهل بالشيء ، فقد كان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل الرسالة يبحث عن الحقيقة ، فهداه الله إليها بعد غفلة عنها وجهل بها ، هذا ما نجده في قوله تعالى في سورة الضحى " ووجدك ضالاًّ فهدى " ، يوضحها قوله تعالى : " وإن كنت من قبله لمن الغافلين ؟ " فالضلال هنا الجهل بالشيء والغفلة عنه .
ولما اتهم فرعون سيدنا موسى بالكفر حين قتل القبطي ، فقال له " وفعلت فَعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين " رد عليه موسى نافياً الكفر ومثبتاً الجهل والغفلة إذ ذاك " فعلتها إذاً وأنا من الضالين " لم يكن رسولاً بعد ، وكان غافلاً عن أمر الرسالة .
5 ـ وقد يأتي الضلال بمعنى الهلاك . مثال ذلك قوله تعالى " إن المجرمين في ضلال وسُعُر" قال القرطبي إن الضلال هنا الهلاك لمساوقته كلمة " سُعُر "
وفي قوله تعالى في سورة الإسراء ، وقد جاءت الآية نفسها دون تغيير في سورة يونس " من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها " ومعنى يضل عليها يهلكها ، ويدخلها عذاب جهنم .
وفي قوله تعالى في سورة النساء " يبين الله لكم أن تضلوا " نجد معنى الهلاك واضحاً . فمن لم يتبع البينة ويعمل بها هلك . وكذلك في قوله تعالى " ... ضل سعيهم في الحياة الدنيا " فخاب وهلك .

6ـ والضلال هو آخر مراتب الحب ..فالحب أوله العلاقة لتعلق القلب بالمحبوب ثم الصبابة لانصباب القلب إليه ثم الغرام وهو الحب الملازم للقلب ثم العشق وآخرها الضلال.
ولقد ذكرتها بالتفصيل في كتابي ( قالوا عن المرأة ويا ليتهم ما قالوا)..فليرجع إليه .
ففي قوله تعالىٰ عن أولاد يعقوب عليه السلام: (إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلٰلٍ مُّبِينٍ) ،وقوله: (قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَـٰلِكَ ٱلْقَدِيمِ ) ، على التحقيق في ذلك كلّه ،ولا يفهم من هذا كله أن أولاده ينعتونه بالضلال المتعارف عليه وهوالضلال في الدين ; إذ لو أرادوا ذلك لكانوا كفارا..

ووصف النسوة لامرأة العزيز بقولهم: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) يوسف: 30
فلقد اجتمعت كل معاني الحب في قلبها وقالبها الأمر الذي جعل النسوة يقولون ما قد قالوه..
ومن هذا المعنى قول الشاعر: وتظنّ سلمى أنني أبغي بها... بدلاً أراها في الضلال تهيم

وحينما تناول المفسرون قوله تعالى واصفا نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى)..قالوا كلاما لا يقنع ويسيء إلى النبي ص صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أحب أن اذكر ما قالوا هنا..ولكنني أقول بخلاف قولهم فقوله الله تعالى: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى)..أي وجدك مَضْلُولاً عنك فهدى الخلق إلى الإقرار بنبوتك والاعتراف بصدقك..

وعليه فوجدك ضالا بمعنى مضلول كما قيل ماء دافق بمعنى مدفوق، وسر كاتم بمعنى كتوم..
ومع ذلك فالمدقق في الآيات وفروعها يجد معنى أعمق من ذلك بكثير..
أقول(كاتب المقال زهدي):
قال تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ).. يتفرع منه قوله: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)
فكان يتيما فآواه ومرتب عليه .. لا تقهر اليتيم

قال تعالى : (وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى)..يتفرع منه قوله : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاتَنْهَرْ)
وكان عائلا فأغناه ومرتب عليه.. لا تنهر السائل

قوله تعالى : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى).. يتفرع منه قوله : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَفَحَدِّثْ)

فهل مرتب على من كان ضالا ..أن يحدث بنعمة ربه على ضلاله..مستحيل؟؟!!..إلا إذا كان المعنى بخلاف ذلك..
فالمعنى الذي أرتاح إليه هو أن الله سبحانه وتعالى وجدك يا محمد محباً له سبحانه وتعالى تبحث عن بُرهان ودليل على الوحدانيّة ـ فهداك إليه ـ فجعلك رسولا نبيّا..وتلك نعمة أيما نعمة.. (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) ..فكان مُنذ صِغره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (حنيفا) .. مِثل أبيه إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهذا يعطينى معنى ومفهوم الضلال في آية الدين..
فقد تكون المرأة التي كانت تجلس وتشهد العقد الموقع بين اثنين أن يكون أحدهما قريبا لها وتحبه كأن يكون ابن أختها مثلاً وتضمر في نفسها رغبة لأن تزوجه ابنتها..وهو أمر وارد..مما يجعلها قد تخالف ضميرها عندما تحدث لائمة له فتدعي أنها قد نسيت..فتقول:
مش فاكره...فتذكرها الثانية وقد تكون ابنة أختها والتي قد لا ترضى باستعباط خالتها وهي تعلم تماما رغبة ابن أختها في بنتها وتتمناه لها وأن الولد قد ارتكب خطئاً كبيرا حينما تراجع عما قد ألزم نفسه بما هو مكتوب في العقد..فتقول لها:يا خالتي..يا خالتي.. يا خالتي ..بذمتك مش فاكره...فتبادرها خالتها لفورها قائلة: يوه؟!!..دانا نسيت..
الحب يعمل عمايله..
وما لنا نذهب بعيدا فلندقق جيدا في نفس الآية: ( وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)..
إذا كانت الآية الكريمة على العموم بمعنى أن أحدهما قد تنسى فلماذا نفترض في الثانية أنها لا تنسى هي الأخرى؟..
صدقوني الآية بخلاف ذلك بكثير
محمد المبعوث للنــاس رحمـةً


=


يشيِّد ما أوهى الضلال ويصلـح


لئن سبَّحت صُمُّ الجبـال مجيبـةً


=


لـداود أو لان الحديـد المصفـح


فإن الصخور الصـمَّ لانت بكفـه


=


وإن الحصــا في كـفه ليُسَبِّـح


وإن كان موسى أنبع الماء بالعصا


=


فمن كفه قد أصبح المـاء يَطـفح


وإن كانت الريح الرُّخاءُ مطيعـةً


=


سليمان لا تألـو تروح وتسـرح


فإن الصبـا كانت لنصـر نبينـا


=


ورعبُ على شهر به الخصم يكلح


وإن أوتي الملكَ العظـيم وسخِّرت


=


لـه الجن تسعى في رضاه وتكدح


فإن مفاتيح الكنــوز بأسـرهـا


=


أتته فرَدَّ الـــزاهد المترجِّـح


وخص بالحوض الرَّواء وباللِّـوا


=


ويشفع للعـاصين والـنار تَلْفـح


وبالمقعد الأعلى المقـرَّب نــاله


=


عطـــاءً لعينيه أَقـرُّ وأفـرح


وبالرتبة العليـا الوسيـلة دونهـا


=


مراتب أرباب المـواهب تَلمــح


ولَهْوَ إلى الجـنات أولُ داخــلٍ


=


لــه بـابها قبـل الخلائق يُفْتَتح







 

الفصل الثاني

فماذا عن زُبُرِ الصحابة والتابعين

يقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة:
(الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)البقرة: ١٤٦
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ تدل الآية الكريمة على أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفون محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَكما يعرفون أبناءهم ، والقول بعودة الهاء في قوله تعالى : (يعرفونه ) على النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏ مروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه [الإمام ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير1/158 ]،وقال به مجاهد وقتادة وغيرهما [الإمام القرطبي في تفسيره 2/162]، وهذه المعرفة لم تكن بسيطة ، بل كانت في أعلى مستويات المعرفة ، بدلالة هذه الآية الكريمة .
ويبين قوة هذه المعرفة جواب عبد الله بن سلام رضي الله تعالى تعالى عنه وكان عالم اليهود وسيدهم ، أسلم بعد وصول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة ، وكان ممن بشر بالجنة ـ لسؤال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهو من كبار أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وثاني الخلفاء الراشدين ـ حين سأله قائلا له : أتعرف محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ كما تعرف ابنك ؟ قال : نعم ، وأكثر، بعث الله أمينه في السماء إلى أمينه في أرضه بنعته فعرفته ، وابني لا أدري ما كان من أمه.[ أورد الرواية عن عمر القرطبي في تفسيره 2/163 ] . فأهل الكتاب يجدون ذكر نبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتبهم التوراة والإنجيل ، قال الله سبحانه وتعالىفي سورة الأعراف :(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)الأعراف: ١٥٧
وهذا الذكر، هل هو بالصفة فقط دون الاسم، أو بالاسم والصفة ؟.
أمّا على فرض أنه بالصفة دون الاسم فقد ذهب ابن القيم ـ رحمه الله ـ بوجاهة ذلك وحصول الحجية به، فقال: إن الإخبار عن صفته، ومخرجه، أبلغ من ذكره بمجرد اسمه، فإن الاشتراك قد يقع في الاسم فلا يحصل التعريف والتمييز.[ انظر هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى للإمام ابن قيم الجوزية، تحقيق رضوان جامع رضوان ، ص 60 ] .
ومن تأمل قصة قيصر الروم هرقل ، وما جعله يعترف بنبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ من مطابقة صفاته لما يعرفه من البشارات التي جاءت بوصفه في التوراة ، والإنجيل خاصة ، فإنه يعلم ما لذكر الصفة من أثر في التعرف عليه ، فحين وصلت رسالة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ إلى هرقل يدعوه فيها إلى الإسلام ، جعل يبحث في مملكته عن من يأتيه بخبر وصفة هذا النبي الذي يدعوه للإسلام ، فظفر جنده بأبي سفيان بن حرب زعيم قريش وسيدها قبل أن يسلم ، وكان قد خرج في تجارة لقريش إلى الشام ، وذلك بعد صلح الحديبية ، فأدخل هو ومن معه على هرقل في قصره ، فأجلسهم بين يديه .
فقال:أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟.
فقال أبو سفيان : أنا .فأجلسوه بين يديه ،وأجلسوا أصحابه خلفه ،ثم دعا بترجمانه.
فقال :قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ،فإن كذبَني فكذِّبوه،قال أبو سفيان :وأيم الله ، لولا أن يؤثروا علي الكذب لكذبت، ثم قال لترجمانه : سله كيف حسبه فيكم ؟ قلت :هو فينا ذو حسب .
قال :فهل كان من آبائه ملك ؟.
قلت : لا .
قال:فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟.
قلت : لا .
قال: أيتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم ؟.
قلت : بل ضعفاؤهم .
قال : يزيدون أو ينقصون؟.
قلت : لا ، بل يزيدون .
قال : هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟.
قلت : لا .
قال : فهل قاتلتموه ؟.
قلت: نعم .
قال:فكيف كان قتالكم إياه ؟.
قلت: تكون الحرب بيننا وبينه سجالا يصيب منا ونصيب منه.
قال : فهل يغدر ؟.
قلت : لا ، ونحن منه في هذه المدة لا ندري ما هو صانع فيها ، ووالله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها غير هذه .
قال : فهل قال هذا القول أحد قبله ؟.
قلت : لا .
ثم قال لترجمانه : قل له إني سألتك عن حسبه ؟ فزعمت أنه ذو حسب، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها، وسألتك هل كان في آبائه ملك ؟ فزعمت أن لا، فقلت لو كان من آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك آبائه، وسألتك عن أتباعه من الناس أضعفاؤهم أم أشرافهم ؟فقلت بل ضعفاؤهم، وهم أتباع الرسل، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا ، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله ، وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب ، وسألتك هل يزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم ، وسألتك هل قاتلتموه ؟ فزعمت أنكم قاتلتموه،فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا ينال منكم وتنالون منه ، وكذلك الرسل تبتلى ، ثم تكون لهم العاقبة ، وسألتك هل يغدر ؟ فزعمت أنه لا يغدر، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك هل قال أحد هذا القول قبله ؟ فزعمت أن لا ، فقلت لو كان قال هذا القول أحد قبله قلت رجل ائتم بقول قيل قبله ، ثم قال : بم يأمركم ؟ قلت: يأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصلة، والعفاف.
قال :إن يك ما تقول فيه حقا ،فإنه نبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ! ولم أك أظنه منكم ! ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ! ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه ! وليبلغن ملكه ما تحت قدمي !!.
ثم دعا بكتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقرأه فإذا فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد :
فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين يقول تعالى:(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)آل عمران: ٦٤
فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده، وكثر اللغط، وأمر بنا فأخرجنا.[رواه الإمام البخاري ح/4278 ].
فهذا دليل بين بأنهم كانوا يعرفون وقت خروجه ومكانه وأوصافه ، لكن حب الدنيا وحب الملك وخوف القتل صدت هرقل عن قبول الحق ، والإيمان به ، فأعلن رفضه له ، ولم يقف موقف الثبات الذي وقفه الأسقف الأكبر في مملكته ـ معنى الأسقف : رئيس دين النصارى ـ والذي أقر هرقل بأنه صاحب أمرهم .
فقد أرسل هرقل بالكتاب إلى الأسقف واسمه ( ضغاطر ) ، فقال الأسقف: هذا الذي كنا ننتظر وبشرنا به عيسى ، أما أنا فمصدقه ومتبعه ، فقال له قيصر: أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي.
ثم قال الأسقف لرسول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دحية: خذ هذا الكتاب واذهب إلى صاحبك فأقرئ عليه السلام ،وأخبره أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأني قد آمنت به وصدقته وأنهم قد أنكروا على ذلك، ثم خرج إليهم فقتلوه، فلما رجع دحية إلى هرقل قال له :قد قلت لك إنا نخافهم على أنفسنا ، فضغاطر كان أعظم عندهم مني .[ الإمام ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري 1/42-43 ].
فدعا هرقل عظماء الروم، فجمعهم في دار له فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد آخر الأبد، وأن يثبت لكم ملككم، فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب ، فوجدوها قد غلقت ، فقال :علي بهم، فدعا بهم فقال :إني إنما اختبرت شدتكم على دينكم ،فقد رأيت منكم الذي أحببت،فسجدوا له ورضوا عنه [رواه الإمام البخاري ح/4278 ].
ومن هذا الحديث نقف على أمرين مهمين :
أولا : أن بعث نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكتاب إلى قيصر دليل على عموم رسالته لجميع الناس عربهم وعجمهم ، أبيضهم وأسودهم ، قال تعالى في سورة الأعراف:
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)الأعراف: ١٥٨
وقال تعالى في سورة الفرقان:
(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)الفرقان: ١
وحياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منذ بعثته ، وحتى وفاته شاهدة على عموم رسالته لجميع الناس ، فقد دعا اليهود في المدينة للإسلام، وجاهدهم فأخرج بعضهم منها، وقتل بعضهم، وفي ذلك دليل على عموم رسالته ، ثم إنه دعا النصارى، فناظر نصارى نجران، ودعاهم للمباهلة، وخرج لقتال النصارى في تبوك ، وبعث الكتب لكسرى، وقيصر، والمقوقس، وغيرهم .
إنه لم يفعل ذلك كله إلا لأنه رسول لكل الشعوب على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ، بل وللجن أيضا ، قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ مدللا على عموم رسالته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه مبعوث إلى جميع الناس أهل الكتاب ، وغير أهل الكتاب ، بل إلى الثقلين الإنس والجن : إنه كان يكفر اليهود والنصارى الذين لم يتبعوا ما أنزل الله عليه ، كما كان يكفر غيرهم ممن لم يؤمن بذلك ، وأنه جاهدهم وأمر بجهادهم .[ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ الإسلام ابن تيمية 3/10 ] .
أما الأمر الثاني : أن هرقل فقه مسألة مهمة ، وهي مسألة يتخذها المعاندون من أهل الكتاب ذريعة لصد الناس عن إتباع الحق ، وهي أن وصول كتاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه هو بلاغ لرسالته وإن كان بلغة العرب ، فلم يرده ، ولم يرفضه ، بل بادر بترجمته ، وفهم معانيه ، وتحري الحق بحواره مع أبي سفيان ، وعرضه على علماء النصارى في مملكته ، وكذلك كان موقف ضغاطر أكبر علماء بلاده ، فلم يرفض الدعوة بحجة أن النبي عربي اللسان ، وهو للعرب خاصة دون غيرهم .
وإن المتأمل اليوم لكثرة المسلمين في شتى بقاع الأرض ، ومن كل اللغات ، ومن كل الأجناس ليعلم أن هذه الرسالة عامة لكل العالمين ، وأن من يقول بخصوصيتها لأهل اللسان العربي ليعارض النصوص من الكتب السماوية الصريحة ، ويغمض عينيه عن ما يشهد به الواقع البشري اليوم ومن قبل ، منذ بعثة نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى يومنا هذا .
يقول ابن تيمية رحمه الله :أنزل عليه القرآن باللسان العربي ، كما أنزلت التوراة باللسان العبري وحده ، وموسى عليه السلام لم يكن يتكلم إلا بالقبطية ، وكذلك المسيح عليه السلام لم يكن يتكلم بالتوراة والإنجيل وغيرهما إلا بالآرامية ، وكذلك سائر الكتب لا ينزلها الله إلا بلسان واحد ، بلسان الذي أنزلت عليه ولسان قومه الذين يخاطبهم أولا ، ثم بعد ذلك تبلغ الكتب وكلام الأنبياء لسائر الأمم : إما بأن يترجم لمن لا يعرف لسان ذلك الكتاب ، كما حدث في قصة الكتاب لهرقل وغيره من الملوك ، وإما بأن يتعلم الناس لسان ذلك الكتاب فيعرفون معانيه ، وإما بأن يبين للمرسل إليه معاني ما أرسل به الرسول إليه بلسانه ، وإن لم يعرف سائر ما أرسل به .
فالحجة تقوم على الخلق ويحصل لهم الهدى بمن ينقل عن الرسول تارة المعنى ، وتارة اللفظ ولهذا يجوز نقل حديثه بالمعنى ، والقرآن يجوز ترجمة معانيه لمن لا يعرف العربية باتفاق العلماء ، وأبناء فارس المسلمون لما اعتنوا بأمر الإسلام ، ترجموا معاني مصاحف كثيرة ، فيكتبونها بالعربي ، ويكتبون الترجمة بالفارسية ، وكانوا قبل الإسلام أبعد عن المسلمين من الروم والنصارى ، فإذا كان الفرس المجوس قد وصل إليهم معاني القرآن بالعربي وترجمته فكيف لا يصل إلى أهل الكتاب وهم أقرب إلى المسلمين منهم ؟! وعامة الأصول التي يذكرها القرآن عندهم شواهدها ، ونظائرها في التوراة والإنجيل والزبور، وغير ذلك من النبوات، بل كل من تدبر نبوات الأنبياء ، وتدبر القرآن ، جزم يقينا بأن محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ رسول الله حقا ، وأن موسى عليه السلام رسول الله صدقا ، لما يرى من تصادق الكتابين التوراة والقرآن ، مع العلم بأن موسى عليه السلام لم يأخذ عن محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأخذ عن موسى عليه السلام فإن محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باتفاق أهل المعرفة بحاله ،كان أُمّيِّاً ، قال تعالى في سورة العنكبوت:
(وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ): ٤٨
ومن قوم أميين ،قال تعالى في سورة الجمعة 2:(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) الجمعة: ٢
ولم يكن عندهم من يحفظ التوراة والإنجيل ولا الزبور ، وكان محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ مقيما بمكة لم يخرج من بين ظهرانيهم ، ولم يسافر قط إلا سفرتين إلى الشام ، خرج مرة مع عمه أبي طالب قبل الاحتلام ولم يكن يفارقه ، ومرة أخرى مع ميسرة في تجارته ، وكان ابن بضع وعشرين سنة ، مع رفقة كانوا يعرفون جميع أحواله، ولم يجتمع قط بعالم أخذ عنه شيئا لا من علماء اليهود ولا النصارى ولا من غيرهم ، لا بحيرى ولا غيره ، ولكن كان بحيرى الراهب لما رآه عرفه لما كان عنده من ذكره ونعته ، فأخبر أهله بذلك ، وأمرهم بحفظه من اليهود ، ولم يتعلم لا من بحيرى ، ولا من غيره كلمة واحدة ، وقد دافع الله تعالى عن نبيه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتابه رداً على من يزعم تعليم البشر له بقوله :
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)النحل: ١٠٣
ففي الآية تكذيب لهم، لأن لسان الذي نسبوا إليه تعليم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعجمي لا يفصح، والقرآن عربي غاية في الوضوح والبيان.
هذا مع أن في القرآن من الرد على أهل الكتاب في بعض ما حرفوه مثل : دعواهم أن المسيح عليه السلام صلب ، وقول بعضهم أنه إله ، وقول بعضهم أنه ساحر ، وطعنهم على سليمان عليه السلام وقولهم أنه كان ساحراً ، وأمثال ذلك ما يبين أنه لم يأخذ عنهم ، وفي القرآن من قصص الأنبياء ـ عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ ما لا يوجد في التوراة والإنجيل ، مثل،قصة هود ، وصالح ، وشعيب وغير ذلك ، وفي القرآن من ذكر المعاد وتفصيله ، وصفة الجنة والنار ، والنعيم والعذاب ، ما لا يوجد مثله في التوراة والإنجيل .[ انظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 2/52، 54، 74، 78 ].
كما أن اللسان العربي من أفصح لغات الآدميين ، وأوضحها ، والناس متفقون على أن القرآن في أعلى درجات البيان والبلاغة ، والفصاحة ، وفي القرآن من الدلالات الكثيرة على مقصود الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي يذكر فيها أن الله سبحانه وتعالى أرسله إلى أهل الكتاب وغيرهم مالا يحصى إلا بكلفة . [ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 1/371 ].
أما القول بأن ذكره بالاسم ورد في الكتب السماوية فيشهد له عدة أمور:
أولا: تصريح القرآن الكريم بذلك، قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)الصف: ٦
ثانيا: تصريح بعض أهل الكتاب باسمه فيما كانوا يبشرون به من خروج نبي آخر الزمان فقد كان بعض العرب قد سمى ابنه محمدا طمعا في أن يكون النبي المنتظر لما سمعوه من التبشير بخروجه ، فقد خرج أربعة من بني تميم يريدون الشام وهم : أحيحة بن الجلاح بن الحريش ، وسفيان بن مجاشع ، وأسامة بن مالك ، ويزيد بن ربيعة ، فلما وصلوا الشام نزلوا على غدير ، فسمع حديثهم ديراني في صومعة له ، فأشرف عليهم الديراني فقال: إن هذه لغة ما هي بلغة أهل البلد، فقالوا :نعم ،نحن قوم من مضر، قال: من أي مضر ؟ قالوا : من خندف، قال :أما إنه سيبعث منكم وشيكا نبي ،فسارعوا وخذوا بحظكم منه ترشدوا ، فإنه خاتم النبيين، فقالوا:ما اسمه ؟ فقال:محمد.
فلما انصرفوا من عنده ولد لكل واحد منهم غلاما فسماه محمد. [ المعجم الكبير للإمام الطبراني ح/273- ج 17/111 ].
ولما سمع أكثم بن صيفي التميمي بخروج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ بعث إليه ابنه ليأتيه بخبره ، فلما رجع ابنه، قال له أكثم : ماذا رأيت ؟ قال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ،وينهى عن ملائمها، فجمع أكثم قومه ، ودعاهم إلى إتباعه، وقال لهم : إن سفيان بن مجاشع سمى ابنه محمدا حبا في هذا الرجل ، وإن أسقف نجران كان يخبر بأمره وبعثه ، فكونوا في أمره أولا ولا تكونوا أخرا.[ الإصابة في تمييز الصحابة للإمام ابن حجر 1/211 ].
ثالثا : التصريح باسمه في النبوءات والبشارات في الكتب السابقة ، وحديثنا عن النبوءات عند أهل الكتاب، يجعلنا نتساءل عن موقفنا منها ؟.
ويبين ذلك الدكتور سفر الحوالي بقوله : وموقفنا من نبوءات أهل الكتاب هو نفس الموقف من عامة أحاديثهم وأخبارهم ، فهي ثلاثة أنواع :
أولاً: ما هو باطل قطعاً:
وهو ما اختلقوه من عند أنفسهم أو حرفوه عن مواضعه، كدعوى أن نبي آخر الزمان سيكون من نسل داود عليه السلام وأن المسيح الموعود يهودي ، وطمسهم للبشارة بالإسلام ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ وعموماً هو كل ما ورد الوحي المحفوظ (الكتاب والسنة الصحيحة) بخلافه.
ثانياً: ما هو حق قطعاً، وهو نوعان:
أ ) ما صدقه الوحي المحفوظ نصاً، ومن ذلك إخبارهم بختم النبوة، وإخبارهم بنـزول المسيح عليه السلام وخروج المسيح الدجال، وإخبارهم بالملاحم الكبرى في آخر الزمان بين أهل الكفر وأهل الإيمان، ومن هذا النوع ما قد يكون الخلاف معهم في تفصيله أو تفسيره.
ب) ما صدقه الواقع ، كما في صحيح البخاري عن جرير بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: كُنت بـاليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن :ذا كلاع و ذا عمرو فجعلت أحدثهم عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال ذو عمرو : لئن كان الذي تذكره من أمر صاحبك؛ فقد مرَّ على أجله منذ ثلاث ـ قال ذلك عمرو ، لأنه كان على إطلاع بكتب اليهود باليمن ـ قال جرير: وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رُفِع لنا ركب من قبل المدينة ، فسألناهم، فقالوا: قُبِضَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستُخلف أبو بكر والناس صالحون.
فقالا: أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله، ورجعا إلى اليمن ، فحدثت أبا بكر بحديثهم ، فقال: أفلا جئت بهم، فلما كان بعدُ قال لي ذو عمرو : يا جرير ! إن بك عليَّ كرامة، وإني مخبرك خبراً، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمَّرتم في آخر، فإذا كان بالسيف كانوا ملوكاً، يغضبون غضبَ الملوك ويرضون رضا الملوك .
[ رواه الإمام البخاري ح/4101، وانظر فتح الباري 8/76].
 

ثالثاً: ما لا نصدقه ولا نكذبه:
وهو ما عدا هذين النوعين، كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ( لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ).[ رواه الإمام البخاري ح/ 4215].
وكوننا لا نصدقه ولا نكذبه يعني: خروجه عن دائرة الاعتقاد والوحي إلى دائرة الرأي والرواية التاريخية التي تقبل الخطأ والصواب والتعديل والإضافة، أي أن النهي لا يعني عدم البحث فيه مطلقاً، ولكنه بحث مشروط، وضمن دائرة الظن والاحتمال.
[ انظر يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب؟ للدكتور: سفر الحوالي ] .
والحديث عن البشارات والنبوءات التي جاءت في التوراة والإنجيل ، هو حديث عن علامة من علامات نبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه أداءٌ لحق البلاغ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.فعن عبد الله بن عمروـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( بلغوا عني ولو آية ).[ رواه الإمام البخاري ح/ 3274 ]، فالله سبحانه وتعالى جعل سعادة البشرية في الدنيا، وهدايتهم لكل خير في طاعته وإتباعه، قال تعالى في سورة النور:(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ)النور: ٥٤
وجعل نجاتهم في الآخرة متوقفة على إتباعه.
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ( لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما جئت به إلا دخل النار ). [رواه الإمام مسلم ح/153].
ولقد كان يُعجب النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يسمع أصحابه قصص أهل الكتاب الدالة على نبوته ، كما ثبت ذلك في قصة إسلام سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه فبعد أن قص سلمان قصته على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :فأعجب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ أن يسمع ذلك أصحابه رضي الله عنهم.
[ أخرجه الإمام أحمد ( 5/441-444 )،قال شعيب الأرنؤوط ،و حسين الأسد في تحقيق سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي( 1/511 ) :رجاله ثقات وإسناده قوي ].
والناظر في أسباب دخول الناس إلى دين الله أفواجا ، وإيمانهم بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ وخاصة أكثر العرب الذين لم يكن لديهم علم بتلك البشارات ، يجد أنهم آمنوا لما تبين لهم من آيات وعلامات دلت على صدق نبوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ بل إن أتباعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ من العرب وغيرهم كانوا أكثر بعد موته ، مع عدم إطلاع غالبيتهم على البشارات والنبوءات ، وهم في تزايد مستمر،وذلك لما رأوا من عدل ورحمة ويسر الشريعة التي جاء بها ، ولما وجدوا من حسن أثر دعوته في أتباعه على مر الأزمان ، ومن ذلك حسن أخلاقهم ، وما جاء به من علامات تدل على صدق نبوته ، والتي منها :

أولا: القرآن الكريم ، وهو أعظم الآيات والدلائل ، وسائر العلامات له تبع ، والقرآن آية بينة معجزة من وجوه متعددة : من جهة اللفظ ،ومن جهة النظم ، ومن جهة البلاغة في دلالة اللفظ على المعنى ، ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته وملائكته وغير ذلك ، ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الغيب الماضي وعن الغيب المستقبل ، ومن جهة ما أخبر به عن المعاد ومن جهة ما بين فيه من الدلائل اليقينية والأقيسة العقلية ، التي هي الأمثال المضروبة كما قال تعالى في سورة الإسراء : (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا)الإسراء: ٨٩وانظر الجواب الصحيح 5/428.
والقرآن معجز بمعارفه وعلومه، ولم يقدر أحد من العرب وغيرهم ـ مع قوة عداوتهم وحرصهم على إبطال أمره بكل طريق، وقدرتهم على أنواع الكلام ـ أن يأتوا بمثله.
ويقول تعالى في سورة الإسراء: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)الإسراء: ٨٨
ويقول تعالى في سورة في سورة النساء فَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)النساء:82
قال الإمام الطبري ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه الآية الكريمة : إن الذي أتيتهم به ـ يا محمد ـ من التنزيل من عند ربهم لاتساق معانيه ، وائتلاف أحكامه ، وتأييد بعضه بعضا بالتصديق ، وشهادة بعضه لبعض بالتحقيق ، فإن ذلك لو كان من غير الله سبحانه وتعالى لاختلفت أحكامه ،وتناقضت معانيه ، وأبان بعضه عن فساد بعض.[تفسير الطبري 5/179].
وقال تعالى في سورة يونس:(وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)يونس: ٣٧
وتأمل أثر القرآن على ملك الحبشة النجاشي ، وبطارقته وكانوا نصارى ، ثم إقرار النجاشي أن ما جاء به محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ وهو القرآن ـ يخرج وما جاء به عيسى عليه السلام وهو الإنجيل من مشكاة واحدة ـ فقد أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه بالهجرة إليه لما كانوا يلاقونه من تعذيب وتضييق من كفار مكة ، وكان ملكا عادلا لا يظلم عنده أحد ، وبعد أن وصلوا إليه عاشوا في خير جوار عنده ، آمنين على دينهم يعبدون الله لا يؤذون ولا يسمعون شيئا يكرهونه ،فلما بلغ ذلك قريشا أغضبها ما كانوا يسمعونه عن أمن المهاجرين ،فتآمروا ليلاحقوهم هناك !! وقرروا أن يبعثوا إلى النجاشي رجلين جلدين ليهدوا للنجاشي هدايا مما يحبه من متاع مكة ،وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم ـ الجلد ـ فجمعوا له أدما كثيرا ، ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي ، وأمروهما أمرهم ، وقالوا لهما :ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم، ليستميلوهم فيشيروا على النجاشي بما يريدون.
فخرجا فقدما على النجاشي ،فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي ، ثم إنهما قربا هداياهم إلى النجاشي فقبلها منهما ،ثم كلماه فقالا له :أيها الملك إنه قد صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ، ولم يدخلوا في دينك ، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم ، فهم أعلى بهم عينا ، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه .
فقالت بطارقته حوله: صدقوا أيها الملك، قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم.
فغضب النجاشي ،ثم قال :لا ها الله، أيم الله إذاً لا أسلمهم إليهما، ولا أُكاد قوما جاوروني ونزلوا بلادي ، واختاروني على من سواي حتى أدعوهم ، فاسألهم ما يقول هذان في أمرهم،فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ، ورددتهم إلى قومهم ، وإن كانوا غير ذلك منعتهم منهما ، وأحسنت جوارهم ما جاوروني .
ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدعاهم، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض:ما تقولون للرجل إذا جئتموه ؟.
قالوا: نقول والله ما علمنا، وما أمرنا به نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ كائن في ذلك ما هو كائن.
فلما جاءوه، وقد دعا النجاشي أساقفته، فنشروا مصاحفهم حوله، سألهم.
فقال: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في ديني، ولا في دين أحد من هذه الأمم ؟.
فكلمه جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فقال له: أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام ،ونأكل الميتة ،ونأتي الفواحش ،ونقطع الأرحام ،ونسيء الجوار ، ويأكل القوى منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله سبحانه وتعالى إلينا رسولا منا ،نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ،فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ،ونخلع ما كنا نحن نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ،وأمرنا بصدق الحديث ،وأداء الأمانة ،وصلة الرحم ،وحسن الجوار ،والكف عن المحارم والدماء ،ونهانا عن الفواحش ،وقول الزور ،وأكل مال اليتيم ،وقذف المحصنة ،وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا ،وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام .
فعدد عليه أمور الإسلام ،قال :فصدقناه ،وآمنا به واتبعناه على ما جاء به ،فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا ،وحرمنا ما حرم علينا ،وأحللنا ما أحل لنا ،فعدا علينا قومنا ،فعذبونا وفتنونا عن ديننا ، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله ،وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وشقوا علينا ،وحالوا بيننا وبين ديننا ،خرجنا إلى بلدك ،واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ،ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك .
فقال له النجاشي :هل معك مما جاء به عن الله من شيء ؟.
فقال له جعفر :نعم .
فقال له النجاشي: فاقرأه علي .
فقرأ عليه صدرا من (كهيعص).
فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته ،وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم !!.
ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا، فو الله لا أسلمهم إليكم أبدا ولا أُكاد.
فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص :والله لأنبئنَّه غدا عيبهم ، ثم استأصل به خضراءهم فقال له عبد الله بن أبى ربيعة وكان أتقى الرجلين في قومه : لا تفعل ،فإن لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا.
قال :والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبدٌ .
ثم غدا عليه ، فقال له : أيها الملك ! إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما ،فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه . فأرسل إليهم يسألهم عنه .
فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض:ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه ؟.
قالوا: نقول والله فيه ما قال الله وما جاء به نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ كائنا في ذلك ما هو كائن.
فلما دخلوا عليه ،قال لهم : ما تقولون في عيسى بن مريم ؟.
فقال له جعفر بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه:نقول فيه الذي جاء به نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول .
فضرب النجاشي يده إلى الأرض ، فأخذ منها عودا ،ثم قال :ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود. فتناخرت بطارقته حوله ، حين قال ما قال، فقال :وإن نخرتم والله ، اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي ـ والسيوم الآمنون ـ من سبكم غرم ، من سبكم غرم ،فما أحب أن لي دبرا ذهباـ يعني جبل ـ وإني آذيت رجلا منكم . ردوا عليهم هداياهما ، فلا حاجة لنا بها، فو الله ما أخذ الله منى الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه ، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه .
فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به ، وأقام المهاجرون ـ رضي الله عنهم ـ عنده بخير دار مع خير جار.
[ حديث روته أم المؤمنين أم سلمه رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخرجه الإمام أحمد 1/ 202 ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد : رجاله رجال الصحيح ].
ثانيا: المعجزات الحسية التي جاء بها، وهي كثيرة جداً، منها:
انشقاق القمر، وتكثير الطعام القليل، ونبع الماء من تحت أصابعه، وبكاء جذع النخلة، وسلام الحجارة عليه، وتقارب الأشجار له، و ....و.....وغيرها كثير مما جمعه أهل العلم في دلائل نبوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.
ثالثا: إخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المغيبات الماضية، والحاضرة، والمستقبلة، بأمور باهرة لا يوجد مثلها لأحد من النبيين قبله، فضلا عن غير النبيين، ففي القرآن من إخباره عن الغيوب شيء كثير وكذلك في الأحاديث الصحيحة مما أخبر بوقوعه فكان كما أخبر، [ الجواب الصحيح 6/80 ].
وقد كان اليهود يدركون ذلك ، وأن الشريعة التي بعث بها أيسر الشرائع ، وأخفها على الناس فعندما زنى رجل من اليهود بامرأة ، قال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى هذا النبي ، فإنه نبي بعث بالتخفيف ـ وهذا هو الشاهد ـ فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها ، واحتججنا بها عند الله ، فقلنا نبي من أنبيائك !! ـ وهذا إقرار صريح بنبوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فأتوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم ! ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا ؟ فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدراسهم، فقام على الباب فقال أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ! ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن ؟ ).
قالوا : نحممه ، ونجبيه ، ونجلده ـ والتجبية أن يحمل الزانيان على حمار ويقابل أقفيتهما ويطاف بهما ـ وسكت شاب منهم ، فلما رآه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ساكتا ، أنشده ؟ فقال : اللهم إذ نشدتنا ، فإنا نجد في التوراة الرجم فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ( فما أول ما ارتخصتم أمر الله ؟ ) .
قال: زنى ذو قرابة ملك من ملوكنا ، فأخر عنه الرجم ، ثم زنى رجل في أسرة من الناس ، فأراد رجمه ، فحال قومه دونه ، وقالوا : لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه .فاصطلحوا هذه العقوبة بينهم. قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:
( فإني أحكم بما في التوراة. فأمر بهما فرجما ).[ رواه الإمام أبو داود ح/4450 ] .
رابعاً : اجتمع للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عدة أمور لا يجتمع مثلها إلا لنبي مثل : المعجزات ، ومثل صفاته ، فهذا عدي بن حاتم من سادة قبيلة طيء ، وكان نصرانيا ، يخبر بتأثره بأخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك في أول لقاء له به ، قال عدي : فانطلق بي إلى بيته ، فو الله إنه لعامد بي إليه إذ لقيته امرأة كبيرة فاستوقفته ، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها!!.
قال :قلت في نفسي والله ما هذا بملك !.
[ ابن إسحاق رحمه الله، انظر السيرة النبوية لابن هشام رحمه الله 5/278].
ومما اجتمع له إضافة لما ذكر ، قرائن أحواله منذ الصغر فلم يكذب ولم يخن ..الخ.
ولكن هل من شرط النبي أن يبشر به من تقدمه ؟
يقول ابن تيمية رحمه الله : ليس من شرط النبي أن يبشر به من تقدمه ، كما أن موسى عليه السلام كان رسولا إلى فرعون ولم يتقدم لفرعون به بشارة ، وكذلك الخليل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسل إلى نمرود ولم يتقدم به بشارة نبي إليه ، وكذلك نوح ، وهود ، وصالح ، وشعيب ، ولوط ـ عليهم السلام ـ لم يتقدم هؤلاء بشارة إلى قومهم بهم ، مع كونهم أنبياء صادقين ، فإن دلائل نبوة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ لا تنحصر في إخبار من تقدمه ، بل دلائل النبوة منها المعجزات ومنها غير المعجزات. [ أنظر الجواب الصحيح 2/ 32].
وهذه الآيات والدلائل المبينة لنبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير البشارات كثيرة جدا ، وهي حجة على أهل الكتاب ، وعلى غيرهم من الأمم ، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)المائدة: ١٩
وقال تعالى في سورة آل عمران: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ)آل عمران: ٩٨
والقرآن أعظم آية جاء بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏ وهو حجة على من بلغه، قال تعالى في سورة الأنعام:(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)الأنعام: ١٩ - ٢٠
فمن بلغه بعض القرآن دون بعض ، قامت عليه الحجة بما بلغه دون ما لم يبلغه ، فإذا اشتبه معنى بعض الآيات وتنازع الناس في تأويل الآية وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله ، فإذا اجتهد الناس في فهم ما أراده الرسول فالمصيب له أجران والمخطئ له أجر .[ الجواب الصحيح 2/293 ].
فكيف يكون جوابهم ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ؟!.
ويأتي الآن السؤال المهم: ما الدلالات القرآنية على أن محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مذكور في التوراة والإنجيل، ليوصف أهل الكتاب بأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ؟.
والجواب بالإضافة لما بيناه في الفصول السابقة، يتمثل في الدلالات التالية :
أولا: تصريح القرآن بذلك، قال تعالى في سورة الأعراف:(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)الأعراف: ١٥٧
وقاله تعالى في سورة البقرة:(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)البقرة: ٨٩
ثانيا: تصريح القرآن ببشارة الأنبياء ـ عليهم السلام ـ به، فقد بشر به عيسى عليه السلام قال تعالى في سورة الصف:(وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)الصف: ٦
وقال تعالى يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)الصف:8 ـ ٩
بل أخذ العهد والميثاق على جميع الأنبياء لئن بعث محمد ليؤمنن به .
قال تعالى في سورة آل عمران: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)آل عمران: ٨١
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه وغيره من السلف : ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته : لئن بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه .
قال ابن تيمية : فدل ذلك على أنه من أدرك محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأنبياء وأتباعهم وإن كان معه كتاب وحكمة فعليه أن يؤمن بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وينصره .[ انظر الجواب الصحيح 2/120- 123 ].
ثالثا: شهادة من أسلم من علماء بني إسرائيل، أن ذكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاء في كتبهم:
1ـ قال تعالى في سورة الشعراء:(وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ)الشعراء: ١٩٦ - ١٩٧
وقال تعالى في سورة آل عمران:(وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)آل عمران: ١٩٩
وقال تعالى في سورة القصص: (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)القصص: ٥٢ - ٥٤
2ـ ومن ذلك أن عالم اليهود وابن عالمهم وسيدهم وابن سيدهم عبد الله بن سلام كان فوق نخلة له يجدها، فسمع رجة فقال: ما هذا ؟ قالوا: هذا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ قد قدم. فألقى بنفسه من أعلى النخلة ثم خرج [ مجمع الزوائد 8/243 ].
فكان فيمن أنجفل إليه ، يقول عبد الله بن سلام : فلما تبينت وجهه ، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب ، فكان أول شيء سمعته يقوله : ( أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام )[ رواه الإمام أحمد 5/ 451 ].
ثم رجع فقالت له أمه: لله أنت !! لو كان موسى بن عمران عليه السلام ما كان بذلك تلقي نفسك من أعلى النخلة. فقال: والله لأنا أشد فرحا بقدوم رسول الله من موسى إذ بعث.
[ قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أن حمزة بن يوسف لم يدرك جده عبد الله بن سلام ،مجمع الزوائد 8/243 ].
وفي رواية ابن إسحاق: أنه قال لعمته خالدة: أي عمة، هو والله أخو موسى بن عمران، وعلى دينه، بعث بما بعث به. فقالت : أي ابن أخي ! أهو النبي الذي كنا نخبر أنه يبعث مع نَفَس الساعة ؟ فقلت لها : نعم . [ابن إسحاق في سيرة ابن هشام 3/50 ].
ثم جاءه بعد ذلك فقال : إني سائلك عن ثلاث ، لا يعلمهن إلا نبي : فما أول أشراطالساعة ، وما أول طعام أهل الجنة ، وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه ؟ قال : فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أخبرني بهن جبريل آنفا ). قال: جبريل ؟!!قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( نعم ).قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة .
فقرأ هذه الآية : (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)البقرة: ٩٧
أما أول أشراط الساعة ؟ فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ، وأما أول طعام أهل الجنة ؟ فزيادة كبد حوت، وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة نزعت ).
فقال ابن سلام : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنك رسول الله ، يا رسول الله إن اليهود قوم بهت ، وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني. فجاءت اليهود ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ :
( أي رجل عبد الله بن سلام فيكم ؟ ).قالوا : خيرنا ، وابن خيرنا ، وسيدنا وابن سيدنا . قال: ( أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام ؟ ).فقالوا : أعاذه الله من ذلك . فخرج عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فقالوا :شرنا وابن شرنا ، وانتقصوه . قال ابن سلام: فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله.[ رواه الإمام البخاري 4210 ، 3699 ].
وفي رواية قال: يا معشر اليهود ! اتقوا الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، وأنه جاء بحق .[ رواه الإمام البخاري 3621 ].
3ـ وكان بعض أهل الكتاب يُذكِّر البعض الآخر ، ويقيم الحجة عليهم ، فهذا مخيريق من أحبار بني النضير وعلمائها وأغنيائها يقيم الحجة على يهود ، وكان يعرف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ بصفته وما يجد في علمه ، وكان قد غلب عليه إلف دينه ، فلم يزل على ذلك حتى إذا كان يوم أُحد ـ وكان يوم أُحد يوم السبت من شهر ،شوال من السنة الثالثة للهجرة ـ قال : يا معشر يهود ! والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق، قالوا : إن اليوم يوم السبت .
قال : لا سبت لكم . ثم أخذ سلاحه ، فخرج حتى أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأُحد ، وعهد إلى من وراءه من قومه إن قتلت هذا اليوم فأموالي لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ يصنع فيها مشاء .
فلما اقتتل الناس قاتل حتى قتل فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول مخيريق خير يهود ).[ ابن إسحاق ، انظر السيرة النبوية لابن هشام 3/51 ].
4ـ و شاهد آخر في موقف (ضغاطر) كبير الأساقفة زمن هرقل ، عندما أرسل إليه هرقل بكتاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ يستشيره فيه ، فقال الأسقف: هذا الذي كنا ننتظر ، وبشرنا به عيسى عليه السلام أما أنا فمصدقه ومتبعه . فقال له قيصر: أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي. ثم قال الأسقف لرسول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ : خذ هذا الكتاب واذهب إلى صاحبك ، فأقرئ عليه السلام ،وأخبره أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأني قد آمنت به وصدقته ،وأنهم قد أنكروا على ذلك .ثم خرج إليهم فقتلوه .[ ابن حجر في فتح الباري 1/42-43].
5ـ وأورد شيخ الإسلام بن تيمية إقرار وشهادة الحسن بن أيوب ، و كان من أجلاء علماء النصارى ، وأخبرِ الناسِ بأقوالهم ، ومن أخبرِ الناس بمقالاتهم ، فأسلم على بصيرة ، وكتب رسالة إلى أخيه علي بن أيوب يذكر فيها سبب إسلامه ، ويذكر الأدلة على بطلان دين النصارى وصحة دين الإسلام ، قال في رسالته إلى أخيه لما كتب إليه يسأله عن سبب إسلامه ؟ ثم أعلمك أرشدك الله أن ابتداء أمري في الشك الذي دخلني فيما كنت عليه ،والاستبشاع بالقول به من أكثر من عشرين سنة !! لما كنت أقف عليه في المقالة من فساد التوحيد لله عز وجل ، بما أدخل فيه من القول بالثلاثة الأقانيم ، وغيرها مما تضمنته شريعة النصارى ،ووضع الاحتجاجات التي لا تزكو ، ولا تثبت في تقرير ذلك ، وكنت إذا تبحرته وأجلت الفكر فيه بان لي عواره ، ونفرت نفسي من قبوله ، وإذا فكرت في دين الإسلام الذي مَنّ الله علي به وجدت أصوله ثابتة ، وفروعه مستقيمة ، وشرائعه جميلة ، وأصل ذلك ما لا يختلف فيه أحد ممن عرف الله عز وجل منكم ومن غيركم ، وهو الإيمان بالله الحي القيوم السميع البصير الواحد الفرد الملك القدوس الجواد العدل ، إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وإله موسى وعيسى وسائر النبيين والخلق أجمعين ،....، إلى أن قال : ثم نؤمن بأن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، ونؤمن بموسى وعيسى وسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ،لا نفرق بين أحد منهم ، ونؤمن بالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن وسائر الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، وأن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين ذلك بما كسبت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد .
قال :وكان يحملني إلف ديني ، وطول المدة والعهد عليه ، والاجتماع مع الآباء والأمهات والإخوة والأخوات ، والأقارب والإخوان والجيران ،وأهل المودات على التسويف بالعزم والتلبث على إبرام الأمر ، ويعرض مع ذلك الفكر في إمعان النظر ، والازدياد في البصيرة ، فلم أدع كتابا من كتب أنبياء التوراة والإنجيل والزبور، وكتب الأنبياء ، والقرآن ، إلا نظرت فيه ،وتصفحته ، ولا شيئا من مقالات النصرانية إلا تأملته ، فلما لم أجد للحق مدفعا ، ولا للشك فيه موضعا ، ولا للأناة والتلبث وجها خرجت مهاجرا إلى الله عز وجل بنفسي ، هاربا بديني عن نعمة وأهل مستقر ومحل وعز ومتصرف في عمل ، فأظهرت ما أظهرته عن نية صحيحة ، وسريرة صادقة ، ويقين ثابت ، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، لقد جاءت رسل ربنا بالحق ، وإياه تعالى نسأل أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.[ الجواب الصحيح 4/88].
رابعا: إخبار علمائهم ، بصفته ، ومكانه ، ووقت خروجه ، وهو ما كان سببا في إسلام سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه وإليكم قصة سلمان العجيبة.
1ـ يرويها بنفسه فيقول:
كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها جى ، وكان أبي دهقان قريته ، وكنت أحب خلق الله إليه ، فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية ، فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة .
وكانت لأبي ضيعة عظيمة ـ الضيعة:هي تجارة الرجل، أو صناعته، أو زراعته ـ فشغل في بنيان له يوما، فقال لي:
يا بني !إني قد شُغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي، فاذهب فاطلعها، وأمرني ببعض ما يريد فخرجت أريد ضيعته ، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون ، وكنت لا أدرى ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته ، فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم ، دخلت عليهم انظر ما يصنعون ، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ، ورغبت في أمرهم.
وقلت : هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه ؛ فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس. وتركت ضيعة أبي ولم آتها.
فقلت لهم: أين أصل هذا الدين ؟ قالوا: بالشام. ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله، فلما جئته قال: أي بني! أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت ؟.
قلت : يا أبت مررت بناس يصلون في كنيسة لهم، فأعجبني ما رأيت من دينهم ، فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس .
قال: أي بني ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه.
قلت:كلا والله إنه لخير من ديننا.
قال: فخافني ، فجعل في رجلي قيدا ، ثم حبسني في بيته .
وبعثت إلى النصارى فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم، فقدم عليهم من الشام تجار من النصارى ، فأخبروني بهم ، فقلت لهم : إذا قضوا حوائجهم ، وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فأخبروني.
فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم ، فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام ، فلما قدمتها.
قلت : من أفضل أهل هذا الدين ؟ قالوا الأسقف في الكنيسة، فجئته، فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين ، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك ، وأتعلم منك ، وأصلى معك.
قال : فادخل ، فدخلت معه ، فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه ، ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قِلال من ذهب ووَرِق ، فأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع .
ثم مات ، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه ، فقلت لهم : إن هذا كان رجل سوء ، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ، ولم يعط المساكين منها شيئا.
قالوا : وما علمك بذلك ، قلت :أنا أدلكم على كنزه ، قالوا: فدلنا عليه ، فأريتهم موضعه ، فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا ، فلما رأوها قالوا :والله لا ندفنه أبدا، فصلبوه ، ثم رجموه بالحجارة ، ثم جاؤوا برجل آخر، فجعلوه مكانه ، فما رأيت رجلا ـ يعني لا يصلي الخمس ـ أرى أنه أفضل منه ، أزهد في الدنيا ، ولا أرغب في الآخرة ، ولا أدأب ليلا ونهارا منه ، فأحببته حبا لم أحبه من قبله ، وأقمت معه زمانا ، ثم حضرته الوفاة ، فقلت له : يا فلان إني كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه من قبلك ، وقد حضرك ما ترى من أمر الله ، فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟.
قال : أي بني ، والله ما أعلم أحدا اليوم على ما كنت عليه ، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل ، وهو فلان ، فهو على ما كنت عليه ، فالحق به .
فلما مات وغيب، لحقت بصاحب الموصل، فقلت له: يا فلان، إن فلانا أوصاني عند موته أن الحق بك، وأخبرني أنك على أمره.
فقال لي : أقم عندي، فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه ، فلما حضرته الوفاة قلت له :يا فلان إن فلانا أوصى بي إليك ،وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من الله عز وجل ما ترى ،فإلى من توصى بي ؟ وما تأمرني ؟.
قال: أي بني والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه، إلا رجلا بنصيبين، وهو فلان، فالحق به، فلما مات وغيب، لحقت بصاحب نصيبين ، فجئته فأخبرته بخبري وما أمرني به صاحبي. قال : فأقم عندي، فأقمت عنده، فوجدته على أمر صاحبيه ، فأقمت مع خير رجل فوالله ما لبث أن نزل به الموت ، فلما حُضر قلت له : يا فلان إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إليك ، فإلى من توصى بي ، وما تأمرني.
قال : أي بني والله ما نعلم أحدا بقى على أمرنا آمرك أن تأتيه ، إلا رجلا بعمورية ، فإنه بمثل ما نحن عليه، فإن أحببت فأته، فإنه على أمرنا.
فلما مات وغيب، لحقت بصاحب عمورية ، وأخبرته خبري.
فقال :أقم عندي.
فأقمت مع رجل على هدى أصحابه وأمرهم ، واكتسبت حتى كان لي بقرات وغنيمة ، ثم نزل به أمر الله ، فلما حُضر قلت له : يا فلان إلى من توصى بي ؟ وما تأمرني ؟ قال : أي بني ! والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ، ولكنه قد أظلك زمان نبي ، هو مبعوث بدين إبراهيم ، يخرج بأرض العرب ( وفي رواية :يبعث من أرض الحرم )، مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل ، به علامات لا تخفى : يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، بين كتفيه خاتم النبوة ، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل .
ثم مات وغيب ، فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث.
ثم مر بي نفر من تجار العرب من كلب فقلت لهم : تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه .
قالوا: نعم .
فأعطيتهم إياها وحملوني ، حتى إذا قدموا بي وادي القرى ـ هو وادٍ بين المدينة والشام كثير القرى ـ، ظلموني ، فباعوني عبداً من رجل من يهود ، فكنت عنده ورأيت النخل ، ورجوت أن تكون البلد الذي وصف لي صاحبي ، ولم يحق لي في نفسي ، فبينما أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة ، فابتاعني منه ، فاحتملني إلى المدينة ، فوالله ما هو إلا أن رأيتها ، فعرفتها بصفة صاحبي ، فأقمت بها ، وبعث الله رسوله ، فأقام بمكة ما أقام ، لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ، ثم هاجر إلى المدينة ، فوالله إني لفي رأس نخلة لسيدي ، وسيدي جالس إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه ، فقال :يا فلان ! قاتل الله بني قيلة ـ يعني الأوس والخزرج ـ والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي .
فلما سمعتها أخذتني العرواء ـ يعني الرعدة ـ حتى ظننت سأسقط على سيدي ، ونزلت عن النخلة ، فجعلت أقول لابن عمه ذلك : ماذا تقول ؟ ماذا تقول ؟ قال: فغضب سيدي، فلكمني لكمة شديدة ،ثم قال : مالك ولهذا ؟ أقبل على عملك .
فقلت:لا شيء إنما أردت أن استثبت عما قال.
وقد كان عندي شيء قد جمعته ، فلما أمسيت أخذته ، ثم ذهبت به إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بقباء فدخلت عليه فقلت له : إنه قد بلغني أنك رجل صالح ، ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة ، وهذا شيء كان عندي للصدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم .
فقربته إليه فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَلأصحابه : كلوا، وأمسك يده ، فلم يأكل .
فقلت في نفسي: هذه واحدة، ثم انصرفت عنه، فجمعت شيئا وتحول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة ، ثم جئت به فقلت :إني رأيتك لا تأكل الصدقة ، وهذه هدية أكرمتك بها ، فأكل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ منها ، وأمر أصحابه فأكلوا معه ، فقلت في نفسي :هاتان اثنتان ، ثم جئت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ببقيع الغرقد ، وقد تبع جنازة من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه ، فسلمت عليه ، ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي ، فلما رآني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ استدرته ، عرف أني استثبت في شيء وصف لي ، فألقى الرداء عن ظهره ، فنظرت إلى الخاتم ، فعرفته ، فانكببت عليه أقبله وأبكى .
فقال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ( تحول )، فتحولت، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا بن عباس.
قال: فأعجب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يسمع ذلك أصحابه .[ أخرجه الإمام أحمد 5/441-444،قال شعيب الأرنؤوط ،و حسين الأسد في تحقيق سير أعلام النبلاء للذهبي 1/511:رجاله ثقات وإسناده قوي ].
2ـ وكان لأحبار اليهود الذين عرفوا صفة الأرض التي يهاجر إليها نبي آخر الزمان وهي يثرب ( المدينة ) دورهم في رد تُبّع عنها ـ تبع أحد ملوك اليمن واسمه : تبان أسعد من أبناء سبأ ، غزا الأنبار والحيرة والترك وغزا الصين حتى هابته الملوك وأهدت له الهدايا ، كان وثنياً ، ثم دخل اليهودية و أدخلها إلى اليمن ، وعن بن عباس قال :قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ( لا تسبوا تبعا ، فإنه قد أسلم ) رواه الطبراني في المعجم الأوسط ح/1419، وقال عنه الألباني في سلسلة الصحيحة : صحيح بشواهده .وانظر تاريخ الطبري 1/331ـ وذلك عندما غزا الحجاز وأراد الهجوم على المدينة ، فخرج إليه حبران من أحبار اليهود حين سمعا بما يريد من إهلاك المدينة وأهلها، فقالا له : أيها الملك لا تفعل ، فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها ، ولم نأمن عليك، فقال لهما : ولم ذلك ؟ فقالا: هي مهاجر نبي يخرج من هذا الحرم من قريش في آخر الزمان ، تكون داره وقراره . فتناهى عن ذلك، ورأى أن لهما علما، وأعجبه ما سمع منهما فانصرف عن المدينة واتبعهما على دينهما [ابن إسحاق ، انظر السيرة النبوية لابن هشام 1/133 ].
3ـ ولمعرفتهم بزمان خروجه ومكانه ،كان هناك من يقدم إلى المدينة قبل الإسلام بسنين قلائل ، منهم رجل من أهل الشام يقال له ابن الهيّبان قدم المدينة قبيل الإسلام بسنين ، فسكنها وظهرت عليه علامات الصلاح ، فلما حضرته الوفاة وعرف أنه ميت.
قال : أيا معشر يهود ! ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع ؟ فقالوا : إنك أعلم .
قال:فإني إنما قدمت هذه البلدة أتوكف ـ يعني أنتظر ـ خروج نبي قد أظل زمانه ، وهذه البلدة مهاجره ، فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه ، وقد أظلكم زمانه ، فلا تسبقن إليه يا معشر يهود.
وكان ممن شهد قصة ابن الهيبان ثعلبة بن سعية ، وأسيد بن سعية ، وأسد بن عبيد ، من بني قريظة ، فلما بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحاصر بني قريظة بعد نقضهم العهد الذي كان بينهم وبينه قال هؤلاء الفتية وكانوا شبابا أحداثا : يا بني قريظة ! والله إنه للنبي الذي كان عهد إليكم فيه ابن الهيبان .قالوا :ليس به .قالوا : بلى ،والله إنه لهو بصفته .فنزلوا وأسلموا وأحرزوا دماءهم و أموالهم وأهليهم [ ابن إسحاق، انظر السيرة النبوية لابن هشام 2/40].

 
4ـ وكان سماع أهل المدينة من الأوس والخزرج للبشائر بخروج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ من اليهود أمراً متكرراً ، فمن ذلك ، ما رواه حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه قال : والله ، إني لغلام يفعه ابن سبع سنين أو ثمان ، أعقل كل ما سمعت ، إذ سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمه ـ يعني حصنه ـ: يا معشر يهود ! حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا له: ويلك ! ما لك ؟ قال : طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به .
قال ابن إسحاق : فسألت سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت فقلت : ابن كم كان حسان بن ثابت مقدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة ؟ فقال : ابن ستين . وقدمها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، فسمع حسان ما سمع وهو ابن سبع سنين [ عن ابن إسحاق، انظر السيرة لابن هشام 1/249 ].
5ـ ولم تقتصر البشائر على المدينة فحسب، بل كانت لمعرفتهم بزمن خروجه أثره في ترقبهم هجرته إلى المدينة ، فهذا رجل من اليهود يصعد فوق حصن له في الأيام التي كان المسلمون في المدينة يترقبون وصول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم بعدما سمعوا بخروجه مهاجرا إليهم ، فرأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب ، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته :يا معاشر العرب ـ وفي رواية : يا بني قيلة ـ يعني الأوس والخزرج ـ هذا جدكم الذي تنتظرون ـ فثار المسلمون ، فتلقوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ بظهر الحرة [رواه الإمام البخاري ح/3964 ].
6ـ وكان علماء النصارى يسدون النصائح لأقرباء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرصاً على سلامته من كيد الأعداء ، بل ويقومون بدور الحماية لما عرفوه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فهذا بحيرى الراهب ، كان ببصرى من أرض الشام ، وكان من علماء النصارى ، وكان لا ينزل من صومعته ، و لا يلتفت إلى قوافل التجار المارة به !!.
لكنه في يوم من الأيام رأى ما أدهشه، وجعله يخرج ويتابع القافلة القادمة من مكة تريد الشام إنها علامات رآها دفعته للنزول من صومعته والاستعداد للقائهم، بل وتهيئة الطعام لهم !!
لقد كانت تلك القافلة لأبي طالب عم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان معه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صغير، وكان عمه يحبه حبا شديدا، ولا يقوى على مفارقته، فاصطحبه في سفرته تلك.
أما السبب في تغير تعامل بحيرى مع أهل هذه القافلة، على غير ما كان معتادا منه، فهو أنه رأى غمامة تظل غلاما صغيرا من بين القوم !!..
فلما أقبلوا ، ونزلوا في ظل شجرة قريبا منه ، نظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة ، وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى استظل تحتها ، فلما رأى ذلك بحيري نزل من صومعته ، وقد أمر بذلك الطعام فصنع ، ثم أرسل إليهم ، فقال :إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش ، فأنا أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم ، وعبدكم وحركم .فقال له رجل منهم : والله يا بحيرى إن لك لشأنا اليوم ، ما كنت تصنع هذا بنا ، وقد كنا نمر بك كثيرا ، فما شأنك اليوم ؟! قال له بحيرى :صدقت ، قد كان ما تقول ،ولكنكم ضيف ، وقد أحببت أن أكرمكم ،وأصنع لكم طعاما ،فتأكلوا منه كلكم ،فاجتمعوا إليه ،وتخلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَمن بين القوم لحداثة سنة في رحال القوم تحت الشجرة ، فلما نظر بحيرى في القوم لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده .فقال: يا معشر قريش،لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي.
قالوا له: يا بحيرى ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك، إلا غلام وهو أحدث القوم سنا، فتخلف في رحالهم.
فقال :لا تفعلوا ، ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم . فقال رجل من قريش مع القوم : واللات والعزى إن كان للؤم بنا أن يتخلف ابن عبد الله بن عبد المطلب عن طعام من بيننا .ثم قام إليه فاحتضنه وأجلسه مع القوم .
فلما رآه بحيرى جعل يلحظه لحظا شديدا ، وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته ، حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا ، قام إليه بحيرى ، فقال :يا غلام ،أسألك بحق اللات والعزى ألا ما أخبرتني عما أسألك عنه .
وإنما قال له بحيرى ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما فزعموا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : لا تسألن باللات والعزى شيئا ، فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما. فقال له بحيرى: فبالله، إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه.
فقال له :سلني عما بدا لك .فجعل يسأله عن أشياء من حاله من نومه وهيئته وأموره، فجعل رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخبره ، فيوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته ،ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده .
فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال له:ما هذا الغلام منك ؟
قال : ابني .
قال له بحيرى: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا !!
قال : فإنه ابن أخي .
قال : فما فعل أبوه ؟
قال : مات وأمه حبلى به .
قال :صدقت !! فارجع بابن أخيك إلى بلده ، واحذر عليه يهود ،فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغُنَّه شرا ، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم .
فأسرع به إلى بلاده ، ثم إن نفراً من أهل الكتاب قد كانوا رأوا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ مثل ما رآه بحيرى في ذلك السفر ، فأرادوه ، فردهم عنه بحيرى ،وذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته ، وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا به لم يخلصوا إليه ، ولم يزل بهم حتى عرفوا ما قال لهم وصدقوه بما قال ،فتركوه وانصرفوا عنه [ابن إسحاق ، انظر السيرة النبوية لابن هشام 1/119 ، وقال ابن حجر: هذه القصة بإسناد رجاله ثقات ، من حديث أبي موسى الأشعري أخرجها الترمذي وغيره.
7ـ وكان رهبان النصارى يخبرون من يسألهم عن الدين الحق بزمان ومكان نبي آخر الزمان فقد رحل زيد بن عمرو الباحث عن الحقيقة من مكة إلى الشام يطلب دين إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏ ويسأل الرهبان والأحبار حتى بلغ الموصل ، ثم أقبل فجال الشام كله حتى انتهى إلى راهب بميفعة من أرض البلقاء ـ قرية بالشام ـ كان ينتهي إليه علم أهل النصرانية في بلاده ، فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم ؟فقال :إنك لتطلب دينا ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم ، ولكن قد أظل زمان نبي يخرج من بلادك التي خرجت منها ، يبعث بدين إبراهيم الحنيفية ، فالحق بها فإنه مبعوث الآن هذا زمانه - وقد كان رفض اليهودية والنصرانية - فخرج سريعا حين قال له ذلك الراهب ما قال يريد مكة حتى إذا توسط بلاد لخم هجموا عليه فقتلوه [ ابن إسحاق ، انظر السيرة النبوية لابن هشام 2/61 ] .
خامسا: مواقف ملوكهم ، وزعمائهم من دعوته ، فقد سبق الإشارة إلى إسلام النجاشي رضي الله تعالى عنه وإقرار هرقل بالنبوة لكنه لم يسلم.
1ـ ومثله ما كان من المقوقس ملك مصر وكان نصرانيا ، فقد أرسل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏ إليه بكتاب يدعوه فيه إلى الإسلام ، وكان رسوله إليه حاطب بن أبي بلتعة t قال حاطب : قدمت على المقوقس ( واسمه جريح بن مينا ) بكتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فقلت له :إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى ، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ، فانتقم به ثم انتقم منه ، فاعتبر بغيرك ولا يعتبر بك .
قال : هات .
قلت : إن لك دينا لن تدعه إلا لما هو خير منه ، وهو الإسلام الكافي بعد ما سواه ،إن هذا النبي دعا الناس إلى الله فكان أشدهم عليه قريش ، وأعداهم له اليهود ، وأقربهم منه النصارى ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد ، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل ، وكل من أدرك نبيا فهو من أمته ، فالحق عليهم أن يطيعوه فأنت ممن أدركت هذا النبي ولسنا ننهاك عن دين المسيح ، ولكنا نأمرك به ، ثم ناوله كتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما قرأه قال خيرا : قد نظرت في هذا ، فوجدته لا يأمر بمزهود فيه ، ولا ينهى عن مرغوب فيه ، ولم أجده بالساحر الضال ، ولا الكاهن الكاذب ، ووجدت معه آلة النبوة . ثم جعل الكتاب في حق من عاج ، وختم عليه ، ودفعه إلى خازنه ، وكتب جوابه إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: فقد علمت أن نبيا قد بقي ، وقد أكرمت رسولك .
وأهدى للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاريتين ، وبغلة تسمى ( الدلدل ) ، فقبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ هديته ، واصطفى الجارية الواحدة واسمها مارية القبطية لنفسه ، فولدت منه إبراهيم ، وأعطى الأخرى لحسان بن ثابت ، فولدت منه عبد الرحمن .
فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ( ضن الخبيث بملكه ، ولا بقاء لملكه ). [ الجواب الصحيح 1/293 ].
2ـ وممن أسلم من نصارى العرب ، وكان من أشرافهم عامل الروم على من يليهم من العرب فروة بن عمرو الجذامي ، لما رأى من آيات ، وعلامات دلت على صدق نبوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ وكان منزله معان وما حولها من أرض الشام ، وبعث إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ بإسلامه ولم ينقل أنه اجتمع به ، وأهدى له بغلة بيضاء ، فبلغ الروم إسلامه ، فطلبوه فحبسوه، ثم قتلوه .
فقال في ذلك أبياتا منها قوله :أبلغ سراة المسلمين بأنني سلم لربي أعظمي وبناني .
[ابن حجر، في الإصابة في تمييز الصحابة 5/386 ].
ومن نصارى العرب الذين أسلموا ، الجارود بن عمرو ، وكان سيدا في قومه بني عبد آلاف ورئيسا فيهم ،وكان يسكن البحرين ، وفد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَسنة تسع من الهجرة ،وفرح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ بمقدمه ، وقد كان صلبا في إسلامه ، فقد ثبت على الإسلام بعد وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن تبعه من قومه ، ولم يرتد مع من ارتدوا . [ابن عبد البر ، في كتاب الاستيعاب 1/263، والإصابة 1-441 ].
سادسا : إخبار من اطلع على كتبهم ، بأنه مذكور فيها ، ويشهد له ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ عن ذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التوراة حيث قال : وهو موصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ،سميتك المتوكل ، ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا سخاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ،ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا : لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميا ، وآذانا صما وقلوبا غلفا . [ أخرجه البخاري حديث رقم 2018 ].
وشاهد آخر حدث في خلافة عمررضي الله تعالى عنه قال أبو العالية :لما فتح المسلمون تستر ، وجدوا دانيال عليه السلام ميتا ، ووجدوا عنده مصحفا ، قال أبو العالية : أنا قرأت ذلك المصحف وفيه : صفتكم ،وأخباركم ، وسيرتكم ، ولحون كلامكم .[ هداية الحيارى لابن قيم الجوزية ص109 ].

سابعا : أن المكذبين والجاحدين لنبوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يمكنهم إنكار البشارة والإخبار بنبوة نبي عظيم الشأن كمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جاء ذكره ، وجاءت صفته وصفة أمته ، ومكان وزمن خروجه في كتبهم ، لكنهم جحدوا أن يكون هو المقصود ، وأنه نبي آخر غيره حسدا من عند أنفسهم وكبرا وعلوا .
1ـ يبين ذلك ما رواه رجل من الأوس اسمه سلمة بن سلامة ، قائلا : كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل ، قال : فخرج علينا يوما من بيته حتى وقف على بني عبد الأشهل ، وأنا يومئذ حدث ـ يعني صغير ـ علي بردة لي ، مضطجع فيها بفناء أهلي، فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار ، فقال ذلك في أهل يثرب ، والقوم أصحاب أوثان ، بعثا كائنا بعد الموت .
فقالوا له :ويحك ! أترى هذا كائنا يا فلان، إن الناس يبعثون بعد موتهم إلى جنة ونار، ويجزون فيها بأعمالهم ؟ قال: نعم، والذي يحلف به.
قالوا : يا فلان ويحك ! ما آية ذلك ؟ قال : نبي مبعوث من نحو هذه البلاد .وأشار بيده إلى مكة ، قالوا : ومتى نراه ؟ قال: فنظر إلي ، وأنا أصغرهم سنا ، فقال: إن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه .قال سلمة : فوالله ، ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله تبارك وتعالى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوهو حي بين أظهرنا ، فآمنا به وكفر بغيا وحسدا ، فقلنا له : ويحك يا فلان ! ألست الذي قلت لنا فيه ما قلت ؟ قال : بلى ولكنه ليس به .[ رواه الإمام أحمد ، وابن حبان وصححه ، والحاكم في المستدرك ( ح/ 5764 ) ، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، وانظر هداية الحيارى لابن قيم الجوزية ص 66].
2ـ وكان اليهود بالمدينة يتوعدون الأوس والخزرج عندما ينالون منهم ما يكرهون بخروج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويقولون لهم: إنه تقارب زمان نبي يبعث الآن ، نقتلكم معه قتل عاد وإرم، فلما بعث الله رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجابه الأوس والخزرج حين دعاهم إلى الله تعالى ، فآمنوا به وكفر اليهود به . وفيهم نزل هؤلاء الآيات من البقرة:( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)البقرة: ٨٩.[ ابن إسحاق، انظر السيرة النبوية لابن هشام 2/37 ].
لذلك كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يذكرون اليهود بما كانوا يذكرونه لهم قبل مبعثه، فقال لهم معاذ بن جبل، وسعد بن عبادة، وعقبة بن وهب رضي الله عنهم: يا معشر يهود ! اتقوا الله ، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه لنا بصفته .فقال رافع بن حريملة ، ووهب بن يهوذا : ما قلنا لكم هذا قط ، وما أنزل الله من كتاب بعد موسى ، ولا أرسل بشيرا ، ولا نذيرا بعده ، فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما :
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)المائدة: ١٩.ابن إسحاق انظر السيرة النبوية لابن هشام 3/101].
2ـ وهاهم اليهود تتوالى أسئلتهم للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رغم رؤيتهم لكثير من علامات النبوة التي يعرفونها من التوراة ، فجاءت مجموعة من اليهود نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ يوما ،فقالوا : يا أبا القاسم ، حدثنا عن خلال نسألك عنهن ، لا يعلمهن إلا نبي .
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ : ( سلوني عما شئتم ،ولكن اجعلوا لي ذمة الله ، وما أخذ يعقوب عليه السلام على نبيه ، لئن حدثتكم شيئا فعرفتموه لتتابعني على الإسلام ).
قالوا: فذلك لك . قال : ( فسلوني عما شئتم ) .
قالوا: أخبرنا عن أربع خلال نسألك عنهن: أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ؟ وأخبرنا كيف ماء المرأة وماء الرجل، كيف يكون الذكر منه؟ وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم ؟ ومن وليه من الملائكة ؟
قال: ( فعليكم عهد الله وميثاقه، لئن أنا أخبرتكم لتتابعني ).
قال : فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق .
فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ( فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ، هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب عليه السلام مرض مرضا شديدا ، وطال سقمه ، فنذر لله نذرا ، لئن شفاه الله تعالى من سقمه ليحرمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه ، وكان أحب الطعام إليه لحمان : الإبل ، وأحب الشراب إليه ألبانها ) . قالوا: اللهم نعم .قال : ( اللهم اشهد عليهم ، فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ ، وأن ماء المرأة أصفر رقيق ، فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله :إن علا ماء الرجل على ماء المرأة كان ذكرا بإذن الله ، وإن علا ماء المرأة على ماء الرجل كان أنثى بإذن الله ).
قالوا : اللهم نعم.
قال: ( اللهم اشهد عليهم، فأنشدكم بالذي انزل التوراة على موسى هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه ).
قالوا: اللهم نعم .
قال اللهم اشهد ).
قالوا: وأنت الآن، فحدثنا من وليك من الملائكة ؟ فعندها نجامعك، أو نفارقك!.
قال: ( فإن ولي جبريل عليه السلام، ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه ).
قالوا: فعندها نفارقك ! لو كان وليك سواه من الملائكة لتابعناك وصدقناك . قال: ( فما يمنعكم من أن تصدقوه ).
قالوا : إنه عدونا.
فعند ذلك قال الله عز وجل في البقرة: (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99) أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100) وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) البقرة 97ـ 101،فعند ذلك باؤا بغضب على غضب الآية [رواه الإمام أحمد 1/278 ].
3ـ وكان عمر يذهب إلى يهود، ويأتيهم، يقول عمر رضي الله عنه: فبينما أنا عندهم ذات يوم، قالوا: يا ابن الخطاب ما من أصحابك أحد أحب إلينا منك. قلت : ولم ذلك ؟ قالوا : إنك تغشانا وتأتينا . قال قلت: إني آتيكم فأعجب من الفرقان كيف يصدق التوراة، ومن التوراة كيف تصدق الفرقان ؟! قال: ومر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏ فقالوا : يا ابن الخطاب ! ذاك صاحبكم فالحق به .
فقلت لهم عند ذلك: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، وما استرعاكم من حقه، واستودعكم من كتابه، أتعلمون أنه رسول الله ؟؟ قال : فسكتوا !! فقال عالمهم وكبيرهم : إنه قد عظم عليكم ، فأجيبوه . قالوا : أنت عالمنا وسيدنا ، فأجبه أنت . قال: أما إذ أنشدتنا به، فإنا نعلم أنه رسول الله !
قلت ويحكم ! ـ أي هلكتم ـ قالوا : إنا لم نهلك . قال :قلت كيف ذاك ؟ وأنتم تعلمون أنه رسول الله ، ثم لا تتبعونه ، ولا تصدقونه؟!!
قالوا: إن لنا عدواً من الملائكة وسلما من الملائكة، وإنه قرن به عدونا من الملائكة. قلت : ومن عدوكم ، ومن سلمكم ؟ قالوا : عدونا جبريل ، وسلمنا ميكائيل [تفسير الطبري 1/433 ، وانظر فتح الباري 8/661 ].
4ـ وهذه شهادة ابن صوريا ، وكان أعلم من بقي من يهود بني قريظة بالتوراة ، فقد جاءهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قصة اليهودي واليهودية الذين زنيا ، فقال : ( يا معشر يهود ! أخرجوا إلي علماءكم ) .فأُخرج له عبد الله بن صوريا، ومعه أبا ياسر بن أخطب، ووهب بن يهوذا، فقالوا: هؤلاء علماؤنا، فسألهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى حصل أمرهم ، إلى أن قالوا لعبد الله بن صوريا : هذا أعلم من بقي بالتوراة ، فخلا به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا فألظ به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ المسألة ، يقول له :
( يابن صوريا أنشدك الله ، وأذكرك بأيامه عند بني إسرائيل ، هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة ؟).
قال: اللهم نعم ، أما والله يا أبا القاسم ! إنهم ليعرفون أنك لنبي مرسل ،ولكنهم يحسدونك.
ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا، وجحد نبوة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله سبحانه وتعالى قوله فيهم في سورة المائدة:(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)المائدة: ٤١.[ابن إسحاق ، انظر السيرة النبوية لابن هشام 3/103 ].
5ـ وكانوا يصرحون بانطباق ما يعرفونه من صفات في كتبهم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏ رجلا منهم جاء إلى مسجده ، فقال : ( يا فلان ).
فقال: لبيك يا رسول الله.
فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أتشهد أني رسول الله ).
قال : لا .
قال: ( أتقرأ التوراة ؟ ) .
قال: نعم، والإنجيل.
قال: ( والقرآن ؟ ) .
قال : والذي نفسي بيده ، لو أشاء لقرأته . ثم ناشده : ( هل تجدني في التوراة والإنجيل ؟ ). قال : أجد مثلك ، ومثل هيأتك ، ومثل مخرجك !وكنا نرجو أن يكون منا ، فلما خرجت تحيرنا أن يكون أنت هو ، فنظرنا فإذا ليس أنت هو.
قال: ( ولم ذاك ؟ ).
قال: إن معه من أمته سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير نجاسة ولا عذاب، ومعك يسير.
قال: ( فو الذي نفسي بيده لأنا هو، وإنهم لأمتي، إنهم لأكثر من سبعين ألفا وسبعين ألفا ).
[ قال الهيثمي :رواه الطبراني ، ورجاله ثقات من أحد الطريقين ، انظر مجمع الزوائد للهيثمي 8 /242 ].
ثم تأمل هذا المسلك الذي اتخذه اليهود ليحرفوا الكلم عن مواضعه ، ولينكروا نبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ إذا خرج في الوقت والمكان وبالصفة التي علموها .
ويكفي ما ذكرناه من البشارات الموجودة في كتبهم كما هو مذكور في الفصول السابقة.

 
ثامنا : أن من أهل الكتاب من صرح لخاصته ، وبطانته بأنه هو بعينه .
1ـ فهذا ورقة بن نوفل ، وكان قد خرج لَّما كره عبادة الأوثان إلى الشام وغيرها يسأل عن الدين ، فأعجبه دين النصرانية فتنصر ، وكان لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ولم يبدل ، وتعلم منهم ، فجاءته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد ـ رضي الله عنهاـ زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدما أخبرها بنزول الملك عليه ، فقالت خديجة ـ رضي الله عنها ـ لورقة : يا بن عم !
اسمع من بن أخيك ـ يعني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ‏فقال له ورقة: يا بن أخي !ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ خبر ما رأى ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذع ، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك . فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ( أو مخرجي هم ؟ ) قال: نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم يلبث ورقة أن توفي [البخاري ح/2 ].
2ـ أما خبر سيدا بني النضير :حيي بن أخطب ، وأبو ياسر ، فما أعجبه من خبر ، يدل على معرفتهم به ، ويدل على سبب جحدهم رسالته ، وهذا الخبر عنهما ترويه لنا أم المؤمنين صفية بنت حيي ـ رضي الله عنها ـ زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ بعد إسلامها ، قالت :كنت أحب ولد أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر ، لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه . فلما قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة ، ونزل قباء في بني عمرو بن عوف ، غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين ، فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس ، فأتيا كالين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى ، فهششت إليهما كما كنت أصنع ، فوالله ما التفت إلي واحد منهما مع ما بهما من الغم ،قالت :وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حيي بن أخطب : أهو هو ؟؟ قال : نعم ، والله .قال: أتعرفه، وتثبّتَّه ؟ قال: نعم .قال: فما في نفسك منه ؟قال :عداوته والله!! [ابن إسحاق، انظر السيرة النبوية لابن هشام 3/52 ].
3ـ وهذا كعب بن أسد ـ سيد بني قريظة ـ ينصح قومه ، حين حاصرهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ بعد نقضهم للعهد الذي بينهم وبينه ، وتحزبهم مع الأحزاب ضد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ وصحابه فلما أيقنوا بأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ير منصرف عنهم حتى يناجزهم ، قال كعب بن أسد لهم : يا معشر يهود! قد نزل بكم من الأمر ما ترون ، وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا ، فخذوا أيها شئتم .قالوا : وما هي ؟ فكان مما عرضه عليهم ، قوله : نتابع هذا الرجل ونصدقه ، فوالله ، لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل ،وإنه للذي تجدونه في كتابكم ، فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم . فرفضوا وأبوا [ابن إسحاق ، انظر السيرة النبوية لابن هشام 4/195 ].
4ـ وها هم نصارى نجران يصرحون بنبوته لبعضهم البعض ، فقد بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ بكتابه إليهم يدعوهم فيه إلى الإسلام ، فلما قرأ الأسقف الكتاب فظع به وذعر ذعراً شديدا ، ثم دعا أهل الرأي في نجران فأطلعهم على الكتاب ،وتشاوروا فيه ، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا وفداً إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ فاختاروا ستين راكبا ، منهم أربعة عشر من أشرافهم ، يتزعمهم ثلاثة منهم ، وهم : العاقب ، وكان أمين القوم ، وذو رأيهم وصاحب مشورتهم ، والذي لا يصدرون إلا عن رأيه وأمره ، واسمه عبد المسيح ، والسيد ، وكان عالمهم ، وصاحب رحلهم ومجتمعهم ، وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل ، وكان أسقفهم وحبرهم ، وإمامهم وصاحب مراميهم،
وكان أبو حارثة قد شرف فيهم حتى حسن علمه في دينهم ،وكانت ملوك الروم من النصرانية قد شرفوه وقبلوه وبنوا له الكنائس ، وبسطوا عليه الكرامات لما يبلغهم عنه من اجتهاده في دينهم ،فلما توجهوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ من نجران ، جلس أبو حارثة على بغلة له موجها إلى المدينة ، وإلى جنبه أخ له يقال له :كرز بن علقمة يُسايره في الطريق، فعثرت بغلة أبي حارثة ، فقال كرز : تعس الأبعد . ـ يريد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ـ فقال له أبو حارثة :بل أنت تعست !
فقال: ولم يا أخ ؟
قال: والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر !!.
قال له كرز: وما يمنعك وأنت تعلم هذا أن تتبعه ؟!!
قال: ما صنع بنا هؤلاء القوم:شرفونا وأمرونا وأكرمونا، وقد أبوا إلا خلافه، ولو قد فعلت نزعوا منا كل ما ترى.فأضمر الإسلام أخوه كرز بن علقمة ، وأسلم بعد ذلك [ المعجم الأوسط رواه الطبراني في المعجم الأوسط ح/ 3906 ].
فلما وصلوا المدينة جلسوا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ كلمه منهم أبو حارثة بن علقمة والعاقب عبد المسيح والسيد ألأيهم ـ وهم من النصرانية ـ على اختلاف في أمرهم :
منهم من يقول عن عيسى هو الله، ومنهم من يقول هو ولد الله، ومنهم من يقول هو ثالث ثلاثة، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، فهم يحتجون في قولهم هو الله:
بأنه كان يحيي الموتى ، ويبرئ الأكمه والأبرص والأسقام ، ويخبر بالغيوب ، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا ، وذلك كله بأمر الله ، وليجعله الله آية للناس .
ويحتجون في قولهم بأنه ابن الله ، يقولون :
لم يكن له أب يعلم، وقد تكلم في المهد بشيء لم يصنعه أحد من بني آدم قبله.
ويحتجون على قولهم بأنه ثالث ثلاثة، يقولون:
قال الله تعالى فعلنا وأمرنا وخلقنا وقضينا ، فيقولون: لو كان واحدا ، ما قال إلا فعلت وأمرت وقضيت وخلقت ، ولكنه هو وعيسى ومريم ـ تعالى الله وتقدس وتنزه عما يقول الظالمون والجاهلون علوا كبيرا ـ ويقال لهم إن: معنى هذه الكلمات ، ومثلها قوله تعالى "نحن" من المتشابه ، فالواحد المعظم لنفسه يقول: نحن ، والجماعة يقولون : نحن ، وهذا لا يلتبس بكتاب الله؛ لأننا نرده إِلَى المحكم ، وهو قوله: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)العنكبوت: ٤٦
وقوله تعالى :(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)الأنعام: ١٩
وقوله تعالى:(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)المائدة: ٧٣
فلما كلمه الحبران العاقب والسيد ، دعاهما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للإسلام ، فأبيا ، وجادلوه في عيسى عليه السلام ، وقالا :فمن أبوه يا محمد ؟. فأنزل الله عليه الوحي:(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)آل عمران: ٥٩
قال ابن كثير رحمه الله : فالذي خلق آدم من غير أب وأم ، قادر على أن يخلق عيسى بطريق الأولى والأحرى ، ولكن الرب ـ جل جلاله أراد ـ أن يظهر قدرته لخلقه حين خلق آدم عليه السلام لا من ذكر ولا من أنثى ، وخلق حواء ـ عليها السلام ـ من ذكر بلا أنثى ، وخلق عيسى عليه السلام من أنثى بلا ذكر ،كما خلق بقية البرية من ذكر وأنثى ، ولهذا قال تعالى في سورة مريم 21 :(قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا)مريم: ٢١
وقال هاهنا في سورة آل عمران:
(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)آل عمران: ٥٩ - ٦٠
أي هذا هو القول الحق في عيسى عليه السلام الذي لا محيد عنه ، ولا صحيح سواه ، وماذا بعد الحق إلا الضلال . [تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير 1/368 ، وانظر موقع الدكتور : سفر الحوالي على شبكة الإنترنت].
5ـ ثم أمر الله تعالى رسوله محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُباهل من عاند الحق في عيسى عليه السلام وأكثر الجدال بعد ظهور الحق البين فيه ، فقال الله تعالى:
(فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)آل عمران: ٦١
فلما دعاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ للمباهلة والملاعنة قالوا : يا أبا القاسم ، دعنا ننظر في أمرنا ، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه .
ثم انصرفوا عنه ، وخلوا بالعاقب وكان ذا رأيهم ، فقالوا: يا عبد المسيح ماذا ترى ؟ فقال : والله يا معشر النصارى ! لقد عرفتم إن محمدا لنبي مرسل ،ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم ،ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبيا قط فبقى كبيرهم ، ولا نبت صغيرهم ، وإنه الاستئصال منكم إن فعلتم ،فإن كنتم أبيتم إلا إلف دينكم ، والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم.[ ابن إسحاق ، انظر السيرة النبوية لابن هشام 3/125].
فلما أصبح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج إليهم ومعه الحسن والحسين وفاطمة تمشي خلفه. [قال ابن كثير : أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ، انظر تفسير القرآن العظيم 1/369 ]. فأتوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ فقال العاقب والسيد: لا نلاعنك ،ولكنا نعطيك ما سألت، فابعث معنا رجلا أمينا، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ( لأبعثن رجلا أمينا حق أمين ، حق أمين ) .
فاستشرف لها أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ فقال : ( قم يا أبا عبيدة بن الجراح )، فلما قفا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ( هذا أمين هذه الأمة ). [رواه الإمام أحمد 1 /414 ، وانظر تفسير القرآن العظيم 1/369] ، فعادوا إلى نجران ،وبقي من وفدهم قيس بن أبي وديعة مرض فأقام بالمدينة نازلا على سعد بن عبادة ، فعرض عليه الإسلام فأسلم و رجع إلى حضرموت وشهد قتال الأسود العنسي ثم انصرف إلى المدينة بعد موت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.[الإصابة 5/508 ].ولم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرا حتى رجعا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلما، وأنزلهما دار أبي أيوب الأنصاري. [ابن حجر في الإصابة 3/236، عن ابن سعد في الطبقات 1/358 ].
أما حنان الأبوة المتمثل في الشفقة على الابن من النار فغلب صفة الحسد والكبر لدى والد ذلك الغلام الذي كان جاراً للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ فقد كان غلام يهودي يخدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ فمرض، فأتاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: ( أسلم ). فنظر إلى أبيه ، وهو عنده ، فقال له: أطع أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ وهو يقول: ( الحمد لله الذي أنقذه من النار ). [رواه الإمام البخاري ح/1290 ].
وعكسه ماِ فعله والد كعب الأحبار، حيث خشي أن يعلم ابنه عن النبي الخاتم فيتبعه، فقد سأل العباس كعب الأحبار: ما منعك أن تسلم في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ وأبي بكر ؟.
قال إن أبي كان كتب لي كتابا من التوراة ، فقال اعمل بهذا ، وختم على سائر كتبه ،وأخذ عليَّ بحق الوالد على الولد ألا أفض الختم عنها ، فلما رأيت ظهور الإسلام قلت لعل أبي غيب عنى علما ، ففتحتها فإذا صفة محمد وأمته ، فجئت الآن مسلما .[الإصابة 5/649. ].
تاسعا: إخبار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه مذكور في كتبهم ، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ( إني عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأنبئكم بتأويل ذلك :أنا دعوة إبراهيم ، وبشرى عيسى ، ورؤيا أمي التي رأت ). [ رواه الإمام أحمد (4/128)، والبزار والطبراني ، ومعنى منجدلٌ في طينته :أي مطروح على وجه الأرض صورة من طين لم تجر فيه الروح بعد ، قاله الخطابي في الغريب 2/156 ].
وهذا الإخبار منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو من علامات نبوته ، من جهة إخباره بما عندهم في كتبهم من شأن أنبيائهم ، ولم يكذبوه يوما واحدا في شيء منها ، في الوقت الذي كانوا فيه أحرص ما يمكن على أن يظفروا منه بكذبة واحدة ، أو غلطة أو سهو ، فينادون بها عليه ، ويجدون بها السبيل إلى تنفير الناس عنه ، وهذا من أعظم الأدلة على صدقه .[ انظر هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى لابن قيم الجوزية ص66 ].
كما أن القراَن اليوم اتخذ مكانته العلمية اللائقة بين الأوساط المسيحية المتعلمة بعد أن كان محجوراً عليها قراءته، فأصبح النقاد الغربيون والمثقفون أنفسهم يشهدون بصحته ويدهشون، لا للإعجاز اللغوي فحسب، بل للإعجاز العلمي في ميادين واسعة فيه كما مرمعنا، مما زخر به من العلوم التي نزلت على النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ قبل 1424 سنة، ولم تكن معروفة حتى اكتشفت هذا القرن، فجعل أولئك المسيحيين المتعلمين يؤمنون به ويسلّمون، من أمثال الأسقف البروفيسور (دافيد بنجامين كلداني) الذي ألف كتاباً بعد إسلامه سماه "محمد في الكتاب المقدس " وكتابأ آخر سماه "الإنجيل والصليب "، وتسمى هو باسم إسلامي"عبد الأحد د داود"، والقس "إبراهيم خليل فيلبس " الذي أعلن إسلامه أيضاً هو وجميع عائلته وألف كتاباً سماه "محمد في التوراة والإنجيل والقرآن " وتسمى باسم إسلامي هو (إبراهيم خليل أحمد) والقس الإسباني "أنسلم تورميدا" الذي تسمى باسم( عبد اللّه الترجمان )، وألف كتاباً أسماه "تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب (ومحمد فؤاد الهاشمي ) الذي كان قسيساً أيضاً وأسلم، وكذا الدكتور (عبد الكريم جيرمانوس )، والمؤرخ الأمريكي المعروف ( توماس بالنتين ) الذي درّس التاريخ الإسلامي في عدد من أشهر الجامعات الأمريكية وتسمى (بالحاج تعليم علي) و(ليوبولد فايس ) الذي تسمى ( بمحمد أسد )، والفنانان الفرنسيان (ايتين دينيه) و(موريس بيجار) والعالم الصوفي (ميشيل شودكيوتز) واليساري الفرنسي (رجاء جارودي ) الذي كان قطباً من أقطاب الحزب الشيوعي الفرنسي وكاد يصل إلى رئاسته، والمغني البريطاني الشهير(كات ستيفنسون)الذي تسمى باسم (إسلام أحمد) وفتح مدرسة لتعليم الدين الإسلامي في لندن والمطرب الأمريكي العالمي (جيرمان جاكسون) شقيق المطرب مايكل جاكسون والملاكم المعروف ( محمد علي كلاي ) و( لويز كولينز) ابنة الممثلة البريطانية الشهيرة (بولين كولينز)...
وسلسلة طويلة من المتعلمين والمثقفين كان اَخرهم ( فلفريد هوفمان) السفير الألماني في المملكة المغربية سنة 1992 والذي ألَّف كتاباً سماه "الإسلام كبديل".
في حين أننا لا نجد في القوائم المكذوبة لاعترافات مسلمين تنصروا اسم واحد لعالم من علماء الإسلام أو شخص ذو حيثية مما يدل على كذب هذه القوائم .. في حين أن الأسماء المذكورة لمن أسلموا.. أسماء أعلام مشهورين يمكن للجميع التأكد مما ورد بخصوصهم .. و أكبر دليل على هذا الكذب و الافتراء و الخداع .. ما تجده في غرف الـ pal talk التنصيرية من أناس يدعون أنهم خليجيين و تنصروا أو أنهم مسلمين و تنصروا.. و عندما يحكون عن تجربتهم مع الإسلام تجده لا يستطيع أن ينطق كلمة واحدة في آية!!! كواحد لا يعلم من سورة مريم إلا كلمة "كهيعص".. و التي قرأها هكذا فعلا.. "كَهَيعَص".. كلمة واحدة.. ولا أعتقد انه هناك مسلم لا يعلم أن هذه تنطق كحروف "كاف هـا يا عين صاد".. و لكنه التضليل لأهل المسيحية



 
الفصل الثاني

سيدي يا رسول الله...من أنبأك هذا


الفرع الأول


جناح الذبابة


من الأحاديث التي أثيرت حولها العديد من الشبهات قديماً ولا تزال حتى اليوم تثار وتردد بصيغة أو بأخرى - على الرغم من التقدم الطبي والتكنولوجي والذي أثبت بما لا يدع مجالاً للشك تصديقها وكونها معجزة من معجزات نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث وقوع الذباب في الإناء ، مع أنها أحاديث في غاية الصحة أخرجها البخاري وغيره ، وسنقف مع هذه الأحاديث والروايات والألفاظ الواردة.
روايات الحديث
[ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنِي‏ ‏عُبَيْدُ
بْنُ حُنَيْنٍ ‏ ‏قَالَ سَمِعْتُ ‏ ‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏يَقُولُ ‏ قَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالْأُخْرَى شِفَاءً ]
رواه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد، وعبد ابن حميد، والدارمي، وأبو عبيد، وأبو يعلي، وابن الجارود، وابن خزيمه، وابن حبان، والحاكم، وابن السكن، والبزار، وابن قتيبة، والطبراني، والبيهقي، والطحاوي، وأبو داود الطيالسي، وابن النجار، والبغوي، وابن أبي خيثمة، وابن عبد البر.
هل أثبت العلم بطلانه؟
وأما أن العلم يثبت بطلان الحديث لأنه يقطع بمضار الذباب، فإن الحديث كما سبق لم ينف ضرر الذباب بل نص على ذلك صراحة.


The new buzz on antibiotics


Tuesday, 1 October 2002






836578548.jpg

Ugly but useful: The sheep blowfly is one of the fly species that might provide humans with new antibiotics. (Pic: BioTrack.)


The surface
of flies is the last place you would expect to find antibiotics, yet that is exactly where a team of Australian researchers is concentrating their efforts.

Working on the theory that flies must have remarkable antimicrobial defenses to survive rotting dung, meat and fruit, the team at the Department of Biological Sciences, Macquarie University, set out to identify those antibacterial properties manifesting at different stages of a fly’s development.

"Our research is a small part of a global research effort for new antibiotics, but we are looking where we believe no-one has looked before,” said Ms Joanne Clarke, who presented the group’s findings at the Australian Society for Microbiology Conference in Melbourne this week. The project is part of her PhD thesis.

The scientists tested four different species of fly: a house fly, a sheep blowfly, a vinegar fruit fly and the control, a Queensland fruit fly which lays its eggs in fresh fruit. These larvae do not need as much antibacterial compound because they do not come into contact with as much bacteria.

Flies go through the life stages of larvae and pupae before becoming adults. In the pupae stage, the fly is encased in a protective casing and does not feed. "We predicted they would not produce many antibiotics," said Ms Clarke.

They did not. However the larvae all showed antibacterial properties (except that of the Queensland fruit fly control).

As did all the adult fly species, including the Queensland fruit fly (which at this point requires antibacterial protection because it has contact with other flies and is mobile).

Such properties were present on the fly surface in all four species, although antibacterial properties occur in the gut as well. "You find activity in both places," said Ms Clarke.

"The reason we concentrated on the surface is because it is a simpler extraction.”

The antibiotic material is extracted by drowning the flies in ethanol, then running the mixture through a filter to obtain the crude extract.

When this was placed in a solution with various bacteria including E.coli, Golden Staph, Candida (a yeast) and a common hospital pathogen, antibiotic action was observed every time.

"We are now trying to identify the specific antibacterial compounds," said Ms Clarke. Ultimately these will be chemically synthesized.

Because the compounds are not from bacteria, any genes conferring resistance to them may not be as easily transferred into pathogens. It is hoped this new form of antibiotics will have a longer effective therapeutic life.


Danny Kingsley - ABC Science Online



Related Stories
Scientists to squeeze antibiotics out of sea sponge – News in Science 4/10/2000
Oz fungi screened for new antibiotics – News in Science 19/6/2001
Space to grow antibiotics – News In Science 8/4/2002

More News
Health & Medical . Environment & Nature . Space & Astronomy . Ancient Worlds . Innovation & Technology . Archives
http://www.abc.net.au/science/news/stories/s689400.htm

الترجمة
إن ظهر الذباب هو آخر مكان تتوقعه أن تجد فيه علي مضادات حيوية , ومع ذلك ذاك هو المكان بالتحديد الذي يركز عليه فريق من باحثين استراليون وذلك بناءا علي نظرية حتمية امتلاك الذباب مضادات للجراثيم فعالة للحفاظ علي حياتها في بيئة الروث واللحم أو الفواكه المتعفنة, والفريق من قسم علوم الأحياء بجامعة ماكوري يقوم حاليا بدراسة للتعرف علي خاصية تلك المضادات واختلافها في المراحل المختلفة لنمو الذباب.
وقالت السيدة جوان كلارك : أن بحثنا جزء صغير من أبحاث وجهود عالمية للحصول علي مضادات حيوية جديدة , ونعتقد أننا نبحث حيث لم يبحث فيه احد من قبل السيدة جوان كلارك هي التي تولت تقديم الاكتشاف نيابة عن الباحثين في مؤتمر جمعية علم الأحياء المجهري عقد في ماربون ويعتبر هذا الموضوع جزء من رسالة لدكتوراه التي تحضرها العلماء قاموا باختبار أربعة أصناف من الذباب : ذبابة المنزلية , ذبابة اللحم , ذبابة الفواكه والكنترول ..
والنوع الأخير من صنف ذبابة الفاكهة في كوينسلاند وتضع بيضها علي الفواكه الطازجة.
احتياج هذه اليرقات للمضادات قل من الأصناف الأخرى لقلة ملاقاتها للجراثيم.
الذباب تمر بعدة أطوار في دورة حياتها بداية من مرحلة اليرقة ثم مرحلة الشرنقة إلي أن تدخل مرحلة الحشرة الكاملة أو طور البلوغ , وخلال طور الشرنقة الذباب يكون محاطا بغلاف محمي ولا تتغذي , وأضافت السيدة جوان كلارك أنهم توقعوا قلة إنتاج المضادات في هذا الطور ولكن خلال طور الشرنقة لم تظهر الأصناف الأربعة خصائص المضادات الحيوية سوي صنف كنترول الذي التابع لصنف الفواكه في كوينسلاند بينما جميع الأصناف أفرزت مضادات في طور البلوغ ( لأنها في هذا الطور تكون في حاجة إلي حماية مضادات الجرثومية لكثرة تحركها وملاقاة الحشرات الأخرى.
خصائص المضادات وجدت في جميع الأنواع الأربع وذكرت جوان أن المضادات تظهر أيضا في أحشاء الذبابة كما تظهر خارج الجسم وسبب تركيزنا علي خارج الجسم هو فقط للسهولة عملية الاستخراج.
ويتم استخلاص المضادات عن طريق وضع الذبابة في الكحول الأثيلي ثم يتم استخلاص مادة المضاد الخام بتمرير مركب المحلول خلال مرشح ( فلتر (.
وعند وضع المضاد الحيوي المستخرج من الذباب في محلول ملوث بشتى أنواع البكتيريا مثل إي كولاي , جولدين ستاف ( معروف أيضا بـ ستافلوكوكس ) وخميرة الكانديدا ومعديات أخري .. وفي كل الحالات لوحظ فعالية المضاد الحيوي ( المستخرج من الذباب ).
وأضافت السيدة جوان كلارك قائلة " إننا حاليا نحاول التعرف علي مكونات المضاد الحيوي لإنتاجه كيميائيا. ولأن المركب ليس مستخرجا من بكتيريا لن يكن سهلا للبكتيريا إن تكون مناعة ضد المضاد الحيوي ( المستخرج من الذباب ) ونأمل أن يكون لهذه المضادات فعالية علاجية لمدة طويلة.
فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه العلوم، إنه رب العالمين.
وكل هذه الأبحاث تؤكد بل تجزم بعدم وجود أي تعارض بين الحديث وبين المكتشفات الطبية الحديثة .
 


الفرع الثاني


الأسباط العشرة الضائعة


في عام 722 ق م هدمُ الآشوريين بقيادة شلمانصر مملكة إسرائيل الشمالية ، وتم تشريد سكانها، واستبدال أهل مملكة الشمال بأمم أخرى من غير اليهود.
1ـ تم نفي العشرة أسباط من بني إسرائيل إلى آشور، وضياعهم بعد ذلك بشكل نهائي، ولم يبق بذلك من أحفاد أسباط بني إسرائيل الإثناعشر سوى سبطي يهوذا وبنيامين، وهما السبطين الذين تشكل منهم يهود المملكة الجنوبية، إلا أنّ أعدادا بسيطة من أحفاد العشرة أسباط يبدو أنها بقيت بفلسطين , قد يكون بعضهم من ضمن ما عرف بعد ذلك بالسامريين.. وإن كان السامريون هؤلاء يُعتبروا من المتهودين من غير بني إسرائيل، من بقايا السومريين الذين جاءوا مع الآشوريين..
2ـ لازال اختفاء أسباط بني إسرائيل العشرة لغزا لدى المؤرخين مستعصيا على التفسير.. وقد وُضعت بعض النظريات لكنها ظلت عاجزة عن تفسير سرّ الاختفاء السريع للعشرة أسباط الكبيرة من بني إسرائيل..
جاء بالملوك الثاني إصحاح 17: 18 :[ 18فَغَضِبَ الرَّبُّ جِدًّا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَنَحَّاهُمْ مِنْ أَمَامِهِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ سِبْطُ يَهُوذَا وَحْدَهُ. 19وَيَهُوذَا أَيْضًا لَمْ يَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِهِمْ، بَلْ سَلَكُوا فِي فَرَائِضِ إِسْرَائِيلَ الَّتِي عَمِلُوهَا. 20فَرَذَلَ الرَّبُّ كُلَّ نَسْلِ إِسْرَائِيلَ، وَأَذَلَّهُمْ وَدَفَعَهُمْ لِيَدِ نَاهِبِينَ حَتَّى طَرَحَهُمْ مِنْ أَمَامِهِ، 21لأَنَّهُ شَقَّ إِسْرَائِيلَ عَنْ بَيْتِ دَاوُدَ، فَمَلَّكُوا يَرُبْعَامَ بْنَ نَبَاطَ، فَأَبْعَدَ يَرُبْعَامُ إِسْرَائِيلَ مِنْ وَرَاءِ الرَّبِّ وَجَعَلَهُمْ يُخْطِئُونَ خَطِيَّةً عَظِيمَةً. 22وَسَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي جَمِيعِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ الَّتِي عَمِلَ. لَمْ يَحِيدُوا عَنْهَا 23حَتَّى نَحَّى الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِهِ كَمَا تَكَلَّمَ عَنْ يَدِ جَمِيعِ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ، فَسُبِيَ إِسْرَائِيلُ مِنْ أَرْضِهِ إِلَى أَشُّورَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.].
3ـ ونعلم نحن كمسلمين أن أقواما منهم اختفت لأنّ الله عز وجلّ قد مسخها خلقاً آخر..

قال تعالى في سورة البقرة :[ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66)] البقرة : 65ـ 66
ويقول سبحانه وتعالى في سورة المائدة :[ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)] المائدة: 60
ويقول تعالى في سورة الأعراف: [فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169)] الأعراف 165ـ 169
كما أن الله عز وجلّ قد مسخ سبط منهم خلقاً آخر بخلاف القردة والخنازير فلقد روى الأمام احمد في مسنده قال:[ حَدَّثَنَا ‏ ‏يُونُسُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏ ‏يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِضَبٍّ فَقَالَ اقْلِبُوهُ لِظَهْرِهِ فَقُلِبَ لِظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ اقْلِبُوهُ لِبَطْنِهِ فَقُلِبَ لِبَطْنِهِ فَقَالَ ‏ ‏تَاهَ ‏ ‏سِبْطٌ مِمَّنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ ‏ ‏بَنِي إِسْرَائِيلَ ‏ ‏فَإِنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا فَإِنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا فَإِنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا.]. مسند أحمد ،باقي مسند المكثرين ، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه حديث رقم 10949
سيدي يا رسول الله..من أنبأك هذا؟..


الفرع الثالث


وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي


ربما اُعتقد أن لقب (فرعون) بلغة مصر القديمة قد نُعت به جميع ملوك مصر منذ القدم، إذ قد يُفهم من الآية الكريمة:
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ {12} ص.
أن فرعون ذي الأوتاد قديم قدم عاد وثمود ، والأوتاد هي الأهرام، وبذلك فالفرعون بالآية سابق لعصر الهكسوس، وليس هو نفس الفرعون المعاصر لموسى عليه السلام.
ولمّا لم يُشر القرآن،في قصة يوسف عليه السلام إلى لقب فرعون:
وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي {54} يوسف
قد يُعلّل ذلك أن يوسف عليه السلام كان معاصراً لملك أجنبي (من الهكسوس) ،وأنه لا يحقّ التسمّي بالفرعون إلا لملك محلي. أمّا بعد طرد الأجانب،فقد جازت التسمية،حتى إذا أتى عصر موسى عليه السلام، كان ملك مصر محلياً يُخاطب بالفرعون كسابقيه:
نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {3} القصص
ولكن هذا تفسير لا تؤيده نقوش مصر،والأرجح أن كلمة فرعون بالقرآن لا يقصد بها سوى الفرعون المعاصر للنبي موسى عليه السلام، ووصفه بذي الأوتاد ليس للأهرامات فحسب، ولكن لكثرة صروحه ومنشآته وعمائره وتماثيله الجبلية، لتعبده الناس.
وهو بعينه [رع موسى الثاني،(1290/1279 -1224/1213 ق.م) ويكتب اسمه بالنقوش رع مس س)]، أشهر الفراعنة وأكبر بنّاء ، إذ سطا على آثار سابقيه أو استخدمها ليبني صروحه وتماثيله هو،ولا يكاد يوجد أثر عمراني لمصر القديمة، سواء بناه أو اغتصبه، إلا وحفر عليه اسمه بعمق كي لا يُمحى. وقد سجّل ابنه من بعده (بين سني حكمه:2-5) أنه دحر إسرائيل ولم يبق منهم بذرة،وبعيداً عن مصداقية الخبر،فإن النقش يُرجّح أن رع موسى الثاني هو الفرعون الغريق (لأن إسرائيل حسب النقش لم تعد بمصر، وتسكن نواحي فلسطين).
وعصر يوسف عليه السلام، الذي لعله في زمن الأسرة 12 (1991-1786 ) ق.م، هو سابق لعصر ملوك الهكسوس (بداية حكمهم في أقدم تقدير 1720 ق.م)،لمؤشرات عدّة منها:
ـ معلوم أن يوسف عليه السلام قد وصل إلى عرش مصر،وعصره لا يبعد عن عصر أبيه خليل الله الذي قدّر المؤرخون أحدثه بحوالي 1800-1850 ق.م ،(وأرجعه البعض إلى ما قبل 2000 ق.م) ،بينما حكم الهكسوس لمصر لم يبدأ في أقدم تقدير له، إلا في حوالي 1720 ق.م، وهذا قد لا يُرجّح تلاقي العصرين.
ـ نجد من ملوك الهكسوس (الأسرة الملكية 15 ،حُكْمهم: 1674-1567 ق.م): يعقوب هر، ،وتابعيهم من (الأسرة المعاصرة 16،حكمهم 1684-1567 ق.م) :يعقوب بعل، ويعقب عم ( Yakbam )، كما [وردت أسماء أمكنة من عهدهم مثل (يوسف إيل)، كتاب (العرب واليهود في التاريخ ،د. أحمد سوسه)]، مما قد يفيد التأثّر والانتماء للأصل الأسبق (يعقوب ويوسف عليهما السلام).
ـ قد نفهم من القرآن صعوبة الدخول لمصر في عهد يعقوب عليه السلام :
وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ {67} يوسف
وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ {21} يوسف
وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء {56} يوسف
وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ {99} يوسف
وقد أمر منثوحتب 3 (من الأسرة 11: 2133-1991 ق.م) ولعل قبله خيتي 3 (من الأسرة 10: 2130-2040 ق.م) ، بالمبادرة في إقامة تحصينات حدود مصر الشرقية،ومعروف تاريخياً أن مصر في عهد الأسرة 12 ،قد شدّدت وعزّزت القلاع والتحصينات والنقاط لمراقبة وحراسة حدودها الشرقية كما لم يسبق من قبل،وقد بنى مؤسس الأسرة ،حائط الأمير الشهير،أو جدّد بنائه،لتعزيز ذلك. ومن كتاب (هبة النيل، ايندلامونت ميدوكروفت): [امنمحات (مؤسس الأسرة 12) بنى سوراً مرتفعاً في شرق البلاد أمام طريق القوافل ووضع حراساً عليه يراقبون من أعلى السور كل ما يحدث في الناحية الأخرى وبذلك تعذر على أي متجول أن يدخل مصر أو حتى يطلب ماء لتشرب منه ماشيته ]. مما قد يُرجّح أن يعقوب عليه السلام في تلك الفترة، وأنه ربما عنى تلك الأبواب (التحصينات ونقاط المراقبة العديدة لمنافذ شرق مصر).
ـ كان مؤسس الأسرة (12) قد اغتيل من جراء مؤامرة باغتته في القصر،نفّذها حرسه وخدمه، وقد قام ابنه من بعده بإعدام المتآمرين، ولعل في الآيات الكريمة إشارة إلى ذلك:
وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ {36} يوسف
يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ {41} يوسف
ولفظ فتى ،قد يدل على العبيد والمماليك،فلعل الفتيين من خدم القصر ممن اتهموا بقتل الملك،وقد علمنا أن أحدهما ساقي الملك،وقد عفا الملك الجديد عن سنوحي،أشهر الفارّين، بعد أن قضى عمره في البدو،ولم يعد لمصر إلا في شيخوخته. ومن كتاب (موسوعة الفراعنة)، أنه خلال عصر الأسرة 12،وفي الفترة الثانية من حكم سنوسرت 2: 1897-1878 ق.م ، ورد ذكر (مكتب توزيع القوى البشرية ومكتب الخدمات الخاصة بالسجون، وكانا يختصان بإدارة شئون المساجين) .
ـ مع انهيار الأسرة التالية (13)،انهارت تحصينات منافذ الحدود الشرقية (وهي أساساً لمنع العامو) أو اُهملت، ودخل الأجانب (العامو) من شرق مصر أفواجاً،وقد استطاع آسيوي اسمه (خنجر) أن يملك مصر،خلال الأسرة 13 ، وعند نهاية هذه الأسرة (13)،أصبح غالب شرق الدلتا من الآسيويين (العامو)،وكذلك الأسر التالية (14،15،16) تكاد تكون من العامو (الهكسوس) أو خاضعة لملوكهم،حتى سُمّيت الدلتا بأرض العامو. بينما قد يُفهم من سورة يوسف أن السيطرة والرقابة المصرية في عصر يوسف عليه السلام على طرق التجارة ومنافذها الشرقية ما زالت محكمة قوية منتظمة، وهذا يُرجّح أن زمن يوسف سابق لتلك الأوضاع.
ـ استمرت المجاعات منذ انهيار الدولة القديمة حتى بدايات الأسرة 12 ،وقد نقش أحد النبلاء ،في عهد الملك سنوسرت 1، خبر المجاعة،ومن كتاب (المصريون،سايرل الدرد):[في القرن 20 ق.م،بدأ كل أمير يعزل مقاطعته من البقية الجائعة ،وعلى المسلات ظهر تفاخر الأمراء بإبقائهم رجالهم ومحاصيلهم وقطعانهم على قيد الحياة].ثم امتاز عصر المملكة الوسطى (خاصة الأسرة 12) بالرخاء الاقتصادي الذي لم يسبق له مثيل في مصر حيث اهتم الملوك بشئون الزراعة والري فنظموا مياه النيل وأقاموا المقاييس عليه واعتنوا بالمشروعات الزراعية ، ويوسف عليه السلام له اليد الطولى أو الريادة في إنقاذ مصر من المجاعة، وفي إصلاح اقتصادها:
قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ {55} يوسف
وهذا يُرجّح أن دخول آل يعقوب مصر خلال عصر هذه الأسرة (12)،وليس بعدها.
ـ من كتاب (العملة وتاريخها،حسن محمود الشافعي): [في مصر .. تتم عن طريق مقايضة السلع واتخذت القمح مقياساً للقيم وأداة للمبادلة إلى أن انتشرت المقايضات بالمعادن بأشكالها المختلفة في عهد الملك امنمحات 3 كما ذكر البعض (الأسرة 12،حكمه: 1841-1792) ق.م ، وكانت على شكل حلقات نحاسية وفضية وذهبية ذات أوزان معلومة مقدرة ]،وقد تُشير لذلك الآية الكريمة:
وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ {20} يوسف
حيث الدراهم قد تكون تلك العملات المصرية المعدنية (القطع الفضية) التي بدىء في استعمالها أثناء عصر هذه الأسرة (12)، فلعل عصر يوسف عليه السلام عموماً في زمن هذه الأسرة.
ـ من كتاب (العلاقات الحضارية في الوطن العربي خلال الألف الثاني ق.م ،د.سليمان سعدون البدر، د.عزالدين إسماعيل): [يتبين من المصادر المصرية والفلسطينية وبخاصة المناظر والصور للدولة الوسطى أن النشاط الاقتصادي بين فلسطين ومصر لم يقتصر على تبادل العديد من السلع والمنتجات بل شمل أيضاً جلب الماشية من فلسطين لمصر ثم توقف كل نشاط تجاري وخارجي بين فلسطين ومصر بسبب الهكسوس].بينما نعلم أنه في ولاية يوسف كانت العلاقات التجارية قائمة منتظمة،مما يؤيد أن عصر يوسف سابق لعصر ملوك الهكسوس.
ـ الاقطاع والتفكك كان قد بدأ منذ أواخر الأسرة 5 (انتهت حوالي 2345 ق.م)،حيث ظهرت عائلات قوية توارثت الوزارات والمناصب الكبرى،وفي الأسرة 6 كانت قد ضاعت هيبة الملك وقيل أن مؤسسها اغتاله الحرس،وبانتهاء الأسرة (6) عمّت الفوضى، وتصرّف في البلاد حكام المدائن ،وأصبح ملوك الأسر التالية (7،8) ملوك ظلّ (يملكون ولا يحكمون) ،وانتشرت المجاعات وتكاثر الأجانب، وحاول الأمراء الهراقلة (الأسر:9،10) أن يملكوا البلاد، وحاولوا ومن بعدهم طرد (العامو) الذين اخترقوا الدلتا،ولكن انشطرت البلاد،ليوحدها مؤسس الأسرة 11،وبعد موته حاقت المجاعات والكوارث بالبلاد، واستمرت سلطة أمراء الأقاليم الوراثيين عظيمة حتى منتصف عصر الأسرة 12 (أرشد وأقدر أسرة في تاريخ مصر القديمة)،التي استطاعت مصانعتهم ومراضاتهم ،حتى دانوا بالتبعية،وبعضهم ظل قوياً حتى 1878 ق.م ، وأخيراً في عهد امنمحات 3 (1842-1797 ق.م) عادت هيبة الملك ، وحلّ مكان النبلاء الإقطاعيين عمد محليون تسمّوا بألقابهم ، وغدت المدن خلال الأسرة 12 تحت إدارة مدير (عز مر) أي حاكم إداري. ولعل لفظ العزيز بالقرآن يدل عليه،سواء حكام الأقاليم (النبلاء) أو المدراء الإداريين للمدن.وتدهور الوضع ثانية في الأسرة التالية (13) وسيطر الوزراء والحكام المحليون.وظهر ملوك الهكسوس (الأسرة 15) شمالاً،معاصرين أكثر من أسرة على حكم البلاد ،فاعتبروا الأسرة 13 بالجنوب مجرد أمراء،وتأمّروا على أمراء الأسر 14، 16،إلى أن بدأت الأسرة 17 (جنوب مصر) في منازعتهم ثم مقاتلتهم، فيترجّح مما سبق من مؤشرات أن يوسف عليه السلام كان معاصراً للأسرة المصرية الثانية عشرة، وسابقاً لعصر الهكسوس.
وتسمّي أحد الملوك بالفرعون في مثل تلك الفترة المتشاكسة، يُعدّ أمراً مستحيلاً.والهكسوس قد تلقبوا في نقوشهم بالألقاب الملكية المصرية،مما يضعّف إعراضهم عن التلقب بالفرعون إن جاز لغيرهم.
ولعل ملوك الهكسوس من ذرية آل يعقوب، وقد علمنا تمكين الله ليوسف بمصر:
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ {101} يوسف
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ {100} يوسف
ولعل في هذه الآية الكريمة، إشارة لتملك بني إسرائيل على مصر:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ {20} المائدة.
والهكسوس تحريف يوناني في الكلمة المصرية الأصل:حقا (خاسوت/شاسو)،وتعنى لفظة حقا (قيل/عاقل،ملك)، ومثله لفظ (آغا). وباللسان: [الحِجَا، مقصور: العقل والفِطْنة. وحَجا الشيء: حَرْفُه. والحَجَا ما أَشرف من الأَرض. هو حَجٍ أَنْ يفعلَ كذا وحَجِيٌّ وحَجاً أَي خَلِيقٌ حَرِيّ. هو حَجٍ وما أَحْجاه بذلك وأَحْراه؛وفي حديث ابن مسعود: إِنَّكم، معاشرَ هَمْدانَ،من أَحْجَى حَيٍّ بالكوفة أَي أَولى وأَحقّ، ويجوز أَن يكون من أَعْقَلِ حيٍّ بها.] وفيه [عَقَا العَلَمُ، وهو البَنْدُ: عَلا في الهواء؛ ..وعَقَّى الطائِرُ إذا ارْتَفَع في طَيَرانه. وعَقَّتِ العُقاب: ارْتَفَعَت،وكذلك النَّسْر. والمُعَقِّي: الحائِمُ على الشيء المُرْتَفِعُ كما تَرْتَفِعُ العُقابُ،]،وفيه [عكَّى الدخانُ: تَصَعَّد في السماءِ]،وبالقاموس [عَقا العَلَمُ: عَلا، وارْتَفَعَ]،ومثله جاه،قاه،(وما لَه عليَّ قاهٌ أَي سُلْطانٌ. والقاهُ: الجاهُ) اللسان. وحقا لغة مصرية في حاكم (الميم زائدة)، وبالقاموس: مادة قطع: يَقُولَ: يا أبا الحَكَا، يُريدُ يا أبا الحَكَمِ. ولفظة خاسوت/شاسو (قاصين/أقاصي)،أي الأقيال الأجانب،وقد تسمّى بها بعض ملوكهم (مثل:سمقن،عانت هر،خيان أعظم ملوكهم) ، وتبدو اللفظة قريبة من ألفاظ عربية مثل: قيس،جيزان،حجاز،غسّان،..وقد جاء بالمسند لفظ شبيه: جام 576: مرالقس بن عوفْ ملك خصصتن (=خصاصةٍ/اخصوصاتٍ/خصاصاتٍ). والخصاصة فرع من الأزد منازلهم الحجاز وهم بنو الإءة. وقد سمّتهم مصر بنقوشها: عامو (=أميين)،ستتيو (=آسيويين/ شرقيين)، منتيو ستت،وقد سمّى المصريون الدلتا بلد العامو. والهكسوس أقوام قديمة معروفة لدى المصريين، وقد جاءت بنقوشهم ،منذ ما قبل امتلاكهم مصر:
ـ من كتاب (الهجرات العربية القديمة، د.محمود عبدالحميد أحمد): نقوش موقع مغارة بسيناء: [سنفرو (=ملك من الأسرة 4: 2613-2494 ق.م) نتر عا (=الإله العظيم) دع (=دفع) خاسوت،الملك ساحو رع (الأسرة 5)، ص 166 : نتر عا ،سقر (=شغر/طرد) منثو خاسوت نوب (=جميع)،الملك رعٍ وسر (الأسرة 5)،ص 167: نتر عا نب (=رب) تاوى (تيهين/ أرضين)، سقر منثو خاسوت نوبة، دع خاسوت نوبة]. نقش القائد أوني (عهد ببي الأول: أسرة 6)،ص 172 : خاسُتيو (=بلاد البدو) ، شرت جحس (=اسم منطقة) خاسُت. نقش الحكيم إيبي ور ،عهد الملك بيبي 2، بردية ليدن: خاسُتيو خبر م رمت م ست نب (أصبح الأجانب مصريين في كل مكان)،ص 215. خاسوت نوب (كل قطر أجنبي) ،ص 216 . نقش الملك خيتي 2 (من ملوك الأسر: 9-10): ذكر اثريب (جنوب شرق الدلتا) وقال أنها مقر الخَسُتيو ،ص 230.نقش القائد ختي (الأسرة 11) ص 177: خسف عامو حر خاسوت سن (خسف العامو على أرضهم). نقش الحاكم خنم حتب 3 (من عهد الملك سنوسرة 2 ،الأسرة 12): حقا خاسوت أبي شا (=أبي شاه/يثع/يداع)، ص 197،وصورة النقش ص 205 ، عاموٍ شو ،ص 198.
وسبب عدم تسمية القرآن لملك مصر زمن يوسف بالفرعون،ليس لأنه من الأجانب،ولكن لأن كل ملوك مصر حتى ذلك الحين لم يسبق أن خوطب أحدهم بالفرعون ،كما تنص وتسرد النقوش والوثائق المصرية.بل أن عصر يوسف بالذات ،وما قبله وبعده (كما تقدّم بيانه) لا يمكن لملوك مصر فيه أن يتسمّوا بالفراعنة لقداسة اللقب بالنسبة لدينهم،فمنذ انهيار الدولة القديمة أو الأسرة السادسة،تملّك البلاد أمراء شتّى متناحرون، مما ألغى شخصية الملك أو أضاع هيبتها،بالإضافة للقحط الطويل والشديد بسبب انخفاضات النيل المتكررة في تلك الحقبة ،وانتشار الفوضى وغيره من الظروف التي لم تُضبط أو تُكبح إلا عبر الأسرة 12،وأن يُلقّب ملك بالفرعون في مثل تلك الأحوال المتنازعة،هو أمر أقرب للخيال منه للحقيقة.
وقد تعثّر كتبة اليهود والنصارى بسبب جهلهم لهذه الحقائق،فحرّفوا كتب الله الأولى،إذ نعتوا جميع ملوك مصر بالفراعنة ، فمثلاً جعلوا ملك مصر بعهد إبراهيم فرعوناً، مثل: تكوين/12:وَلَمَّا اقْتَرَبَ أَبْرَامُ مِنْ مِصْرَ .. رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ .. إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ ،فَأَحْسَنَ إِلَى أَبْرَامَ .. الرَّبَّ ابْتَلَى فِرْعَوْنَ ... فَاسْتَدْعَى فِرْعَوْنُ أَبْرَامَ .. وَأَوْصَى فِرْعَوْنُ رِجَالَهُ بِأَبْرَامَ،.. [14-20]. ومثله بعهد يوسف،تكوين 41: 14فَبَعَثَ فِرْعَوْنُ وَاسْتَدْعَى يُوسُفَ، .. وَمَثَلَ أَمَامَ فِرْعَوْنَ. 15فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: ..فَأَجَابَ يُوسُفُ:..17فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ ..
وعندما أتى موسى عليه السلام كان الملك المصري قد أصبح يُخاطب بالفرعون (بر-ع) أي (البيت العالي)، وتفصيله: (بر/فر =برء=بيت)ـ عا (عال/عظيم). وقد حدث ذلك قبل عصر موسى عليه السلام بحوالي المئتي سنة أو يزيد. والذي سنّ ذلك قيل هو إخناتون Thumosis IV (1352-1338) ق.م، وقيل سلفه الملك تحوت موسى TuthmosisIII فاتح الشام (تحتمس3: 1479 - 1425) ق.م،كما استدل علماء الآثار من النقوش المصرية.
ـ وتقول الموسوعة البريطانية أن لقب فرعون (البيت العظيم) استعمل كمرادف لملك مصر بالمملكة الحديثة، منذ الأسرة 18 (1539 ق.م - 1292 ) ق.م . وعند الأسرة 22 (945-730) ق.م كان قد اُقرّ كصفة احترام:
pharaoh : (from Egyptian per 'aa, "great house"), originally, the royal palace in ancient Egypt; the word came to be used as a synonym for the Egyptian king under the New Kingdom (starting in the 18th dynasty, 1539-1292 BC), and by the 22nd dynasty (c. 945-c. 730 BC) it had been adopted as an epithet of respect.ENCYCLOPIDIA BRITANNICA.
ـ وتقول موسوعة الشرق أن لقب فرعون بدأ استعماله للملك في الفترة (1400- 900) ق.م:
The term "pharaoh" was originally used for the place where the king resided, and is the be translated with "great house". Gradually the term came to be used for the king, probably this happened somewhere between 1400- 900 BC. ENCYCLOPIDIA of the Orient
ـ ومن كتاب [ A Brief History of theWestern World] ص 26،يقول مؤلفه(ThomasH.Greer ):
the king later called the pharaoh,a term that meant : Great House .
ـ وتقول موسوعة Encarta :يُرجع بعض المؤرخين تاريخ الإشارة للملك بلقب الفرعون منذ 1400 ق.م، (قبيل عهد رعموسى 2) والبعض الآخر منذ 950 ق.م.
ـ وجاء في مؤلف جاردنر ،النحو المصري (ص 75) ما مفاده:[ أنه منذ نهاية الأسرة 12 ، الاصطلاح كتب بر-ع ،ويقرأ [بر- ع عنخ، وسأ ،سنب)]،أي البيت العظيم: له الحياة والازدهار والصحة ،وظلّ دالاً على القصر. وأول إشارة مؤكدة فيها لفظة (بر-ع) تدل على الملك كانت في رسالة إلى امنحتب 4 (أخناتون)، موجّهة نحو:[بر-ع، (عنخ وسأ سنب)،نب (=الرب)]. ومنذ الأسرة 19، استعمل لفظ (فرعون) أحياناً كنفس استعمال (سموّه)،حيث نقرأ الفرعون فعل،الفرعون قال،..وأصبح الاصطلاح لقب احترام للملك. وأقدم إشارة دُمج فيها لفظ فرعون مع اسم الملك كان في عهد الأسرة 22 ].وهذا يفيد التطور التدريجي وأنه لابد قد سبق مخاطبة الملوك به.
As regards the term Pharaoh the facts are as follows .The Egyptian original pr aa (Great House) was used in the Old Kingdom as part of many phrases like (smr pr aa) = (courtier of the Great House) and clearly there referred to te palace itself or to the court and not to the person of the king .From the end of Dyn.XII onwards the term is written (pr aa ankh wda snb)= [Great House,may it (live ,prosper,be in health= l.p.h)] with the auspicious wish-formula ,but still it seems to mean only the palace.The earliest certain instance where (pr aa) refers actually to the king is in a letter to Amenophis IV (Akhenaten) ,which is addressed to (pr aa ankh wda snb, nb) = Pharaoh ,l.p.h. the Master.From Dyn.XIX onward it is used occasionally just as (His Majesty) might be used;we read Pharaoh went forth,Pharaoh said,etc.In other words the term has become a respectful designation for the king.Just as the head of the Ottoman government was termed the Sublime Porte .The final development was when a proper name was added to the title .. the earliest Egyptian Example of this use is under one of the Shoshenks of Dyn.XXII.
ـ ويقول كولندر أن لفظ (فرعون) قد اتخذه ملوك المملكة الحديثة،للتعبير عن تلك الأشياء المتعلقة بالملك:
The palace was the headquarters for this bureaucracy of the king's, and it was called the per aa , or "Great House". From this word for the king's palace has come the word pharaoh, which is used by New Kingdom rulers to express those things relating to the king. Role of the Pharaoh in New Kingdom Egypt.Dr. V.G. Callender
ـ بر-عو البيت الكبير كانت تشير للقصر الملكي ثم حدث خلال عصر تحتمس 3 (1479 - 1425) ق.م ( صار فرعوناً في 1457 ق.م) أن الاصطلاح بدىء في إطلاقه على الملك نفسه . وبالنسبة لأي ملك قبل أسرة 18،فإن استخدامنا للاصطلاح يعد بمثابة خطأ في تسلسل تواريخ الأحداث. (كتاب مصر الفراعنة،سير آلن جاردنر).
وقد جاء اللقب بصيغة (فرعه) في نقش أرامي أرسله أمير فنيقي أو فلسطيني لملك مصر،عثر عليه بمصر في سقّارة (منف) مؤرخ بين عامي (605-600) ق.م ،يقول:[ إلى مرىء ملوكٍ (فرعه) ..،ص 168، (الكتابة من أقلام الساميين إلى الخط العربي ـ د.سيد فرج راشد)]. وبالمسند ألفاظ شبيهة: جام 574: فرعْ (=فارع؟) ينهب ملك سبأ. جام 603 : فرعْ بن مقرْ (=فارع بن مقار).جام 712: أشمس وأبشمر ومرثدأوم ويفرع أتنعن بنو برقْ.جام 747: ريمن يردف وبنهو بنو يهفرع أغيمن. ويُحتمل أن تكون لفظة (فرعون:أصلها المصري=بر عا/بر عو) لغة في البراء،أبرهه،بُرعي،برح،فارع (أي من جذر :برأ)، وقد يكون أصل كلمة فرعون (فر=ال) من أصل أعيان (كبراء).
فالملك المصري بدأ ممثل عن السلطة الدينية وعن الآلهة (نائب،رسول،ابن) ثم أصبح في الدولة الحديثة هو السلطة الدينية وهو الآلهة، وقد بدأ ذلك منذ عهد والد أخناتون ثم ابنه،وبلغ ذروته لدى رعموسى الثاني، وهذا الأمر قد يفسّر بوضوح سبب تلقّب ملوك الدولة الحديثة بالفراعنة :
قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ {29} غافر
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي {38} القصص
اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى {17}فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى {18} وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى {19} فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى {20} فَكَذَّبَ وَعَصَى {21} ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى {22} فَحَشَرَ فَنَادَى {23} فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى {24} النازعات
وادّعاء ملوك مصر في الدولة الحديثة ، من وافقهم من المؤرخين،أن الهكسوس (ومنهم بني إسرائيل) أجانب غير شرعيين، قد لا يقرّه القرآن، فالأرض لله يورثها لمن يشاء،وقد مكّن الله ليوسف عليه السلام بمصر، ووصل للعرش بطريقة شرعية وباختيار الملك وتعيينه، وآل يعقوب وفدوا مصر واستوطنوها بإذن الملك وبإذن عزيز مصر النبي يوسف ،وكذلك قد نفهم من آي القرآن أن قوم موسى عليه السلام من أهل مصر:
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {4} القصص
فالفرعون قد جعل أهل الأرض (مصر) شيعاً،ثم استضعف طائفة (بنو إسرائيل) منهم (أي من أهل مصر). وهامان نائب فرعون،لابد من ذكره،لعلاقته الوثيقة به،ولعله من تتحدث عنه هذه الآثار التي أوردها كتاب Pharaoh Triumphant the life andtimes of Ramesses II , K.A. Kitchen ، ونسخته العربية (رمسيس الثاني ،فرعون المجد والانتصار،ترجمة د.أحمد زهير أمين): ص 55: كان الشاب آمن (=هامن/هامان) ؟ ام اينت Amenem inet في مثل سن الأمير (=رمسيس 2) ورفيق صباه ،فلما أصبح رمسيس نائبا للملك ووريثا للعرش أصبح الفتى بالتبعية رفيقه وتابعه ففتح له الطريق لمستقبل زاهر وهي ما تحقق فعلا. وكان لآمن ام اينت Amenem inet أقارب ذوو نفوذ منهم عمه [لعله مِنموسى، Minmose ] كبير كهنة الإله مين والإلهة ايزيس بقفط (شمال طيبة) وقائد Commandant فيالق النوبة -أي الساعد الأيمن لنائب الملك في النوبة. ومنهم الفتى باكن خنسو [والده باسر وزير الجنوب وابن عم آمن ام اينت Amenem inet،ص 242 ] مدرب الخيول الملكية الذي التحق بعد ذلك بالسلك الكهنوتي المستديم في خدمة آمون بطيبة [أصبح كبير كهنة آمون،ص 242 ].ص 73: رقّى الملك رفيق طفولته آمن ام اينت Amenem inet إلى وظيفة قائد المركبات الملكية Royal Charioteer وناظر للخيل Super Intendent of Horse .
وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ {6} القصص
ص 97: آمن ام اينت Ameneminet رفيق الفرعون القديم قد رقى إلى منصب رسول الملك لكل البلاد الأجنبية ويقول الرجل بهذه المناسبة موضحا طبيعة عمله الجديد : أرفع له (الفرعون) تقارير عن أحوال البلاد الأجنبية كلها. [ص 199: وكانت أرقى وظائف الدولة هي وظيفة السفير (رسول الملك إلى كل البلاد الأجنبية) وكانت الترقية إليها قاصرة على كبار ضباط سلاح العربات الحربية]. ص 179: واختار الملك للمنصب [كبير كهنة آمون] الشاغر ون نفر Wennofer (مات سنة 27) وهو والد رفيق طفولة رمسيس الثاني آمن ام اينت .وكان آمن ام اينت نفسه قد نقل من وظيفته العسكرية إلى الرمسيوم ليصبح مديراً لمشاريع الملك الأثرية هناك Chief of Works of All Royal Monument - ولا يزيد البعد بينه وبين أبيه كبير الكهنة بالكرنك عن عبور النهر إلى الضفة الأخرى من النيل .
فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى {38} القصص
(ذكر كتاب An Introduction toAncient Egypt ،أن أقدم استعمال للطين الموقود بمصر كان معروفاً منذ الدولة الوسطى). ص 192: ويرجع الفضل في صعود نجم باسر [paser ،وزير للجنوب بطيبة viceroy ،عم باسر كان قائد الفرق بالنوبة وبعده ابنه نخت مين (ابن عم باسر) ] واختياره نائبا للملك (في النوبة) إلى عراقة أسرته، فابن عمه آمن ام اينت هو رفيق طفولة رمسيس الثاني .ص 199: وكان من علية القوم من اتخذ من الخدمة العسكرية ذريعة للوثوب إلى الوظائف المدنية العليا ،وقد تعرفنا من هؤلاء على ..،وآمن ام اينت القائد بسلاح المركبات ثم ميليشيات المدجاي Chief of Medjay-Militia ، بعدها عين مديرا للمصانع (وزير صناعة) .ص 240: امنحتب.. لكنه كان ينتمي لأسرة ذات نفوذ هي أسرة آمن ام اينت قائد ميليشيات المدجاى الشهيرة. ص 242: حيث يحتل مين مس آخر منصب كبير كهنة مين وآيزيس والذي يمت هو الآخر بصلة قرابة إلى آمن ام اينت .

والسؤال الآن


سيدي يا رسول الله من أنبأك هذا؟.
 


الفرع الرابع


البقرة الحمراء ضمن أدبيات اليهود


والمسلمين



في عام 1920م ، وعندما بدأت المباحثات بين الاتحاد الصهيوني والإنجليز من أجل التوصل إلى صيغة لتسليم فلسطين لليهود بعد انتهاء الانتداب، كان من بين الموضوعات المطروحة للبحث: ( ملكية جبل الهيكل ) .
وطرح الجانب الإنجليزي في المباحثات سؤالاً: هل هذا المطلب مطلب عاجل أم آجل ؟ وما مدى اجتماع الشعب اليهودي حول هذا المطلب ؟ فأجابهم الحاخام ( راف كوك ) قائلاً: " يؤمن الشعب اليهودي كله إيماناً لا يتزعزع أن هذا المكان المقدس، وكل جبل الهيكل هو مكان العبادة الأبدي للشعب اليهودي، ورغم أنه في حكم غيرنا الآن، إلا أنه في النهاية سيقع تحت أيدينا، ويوم تقع أرض الهيكل في أيدينا ستأتي إشارة من الرب ( البقرة الحمراء ) وبعدها نبدأ فوراً في البناء؛ حيث تنبأ بذلك أنبياء بني إسرائيل ".
والنبوءة التي أشار إليها الحاخام، هي معنى ما ورد في الإصحاح التاسع عشر من سفر العدد بالتوراة ، ونصها بالعبرية :

1וַיְדַבֵּ֣ר יְהוָ֔האֶל־מֹשֶׁ֥ה וְאֶֽל־אַהֲרֹ֖ן לֵאמֹֽר׃2זֹ֚את חֻקַּ֣תהַתֹּורָ֔ה אֲשֶׁר־צִוָּ֥ה יְהוָ֖ה לֵאמֹ֑ר דַּבֵּ֣ר׀ אֶל־בְּנֵ֣י יִשְׂרָאֵ֗לוְיִקְח֣וּ אֵלֶיךָ֩ פָרָ֨ה אֲדֻמָּ֜ה תְּמִימָ֗ה אֲשֶׁ֤ר אֵֽין־בָּהּ֙ מ֔וּםאֲשֶׁ֛ר לֹא־עָלָ֥ה עָלֶ֖יהָ עֹֽל׃3וּנְתַתֶּ֣ם אֹתָ֔הּאֶל־אֶלְעָזָ֖ר הַכֹּהֵ֑ן וְהֹוצִ֤יא אֹתָהּ֙ אֶל־מִח֣וּץ לַֽמַּחֲנֶ֔ה וְשָׁחַ֥טאֹתָ֖הּ לְפָנָֽיו׃4וְלָקַ֞ח אֶלְעָזָ֧רהַכֹּהֵ֛ן מִדָּמָ֖הּ בְּאֶצְבָּעֹ֑ו וְהִזָּ֞ה אֶל־נֹ֨כַח פְּנֵ֧י אֹֽהֶל־מֹועֵ֛דמִדָּמָ֖הּ שֶׁ֥בַע פְּעָמִֽים׃5וְשָׂרַ֥ףאֶת־הַפָּרָ֖ה לְעֵינָ֑יו אֶת־עֹרָ֤הּ וְאֶת־בְּשָׂרָהּ֙ וְאֶת־דָּמָ֔הּעַל־פִּרְשָׁ֖הּ יִשְׂרֹֽף׃6וְלָקַ֣ח הַכֹּהֵ֗ןעֵ֥ץ אֶ֛רֶז וְאֵזֹ֖וב וּשְׁנִ֣י תֹולָ֑עַת וְהִשְׁלִ֕יךְ אֶל־תֹּ֖וךְ שְׂרֵפַ֥תהַפָּרָֽה׃7וְכִבֶּ֨ס בְּגָדָ֜יוהַכֹּהֵ֗ן וְרָחַ֤ץ בְּשָׂרֹו֙ בַּמַּ֔יִם וְאַחַ֖ר יָבֹ֣וא אֶל־הַֽמַּחֲנֶ֑הוְטָמֵ֥א הַכֹּהֵ֖ן עַד־הָעָֽרֶב׃8וְהַשֹּׂרֵ֣ף אֹתָ֔הּיְכַבֵּ֤ס בְּגָדָיו֙ בַּמַּ֔יִם וְרָחַ֥ץ בְּשָׂרֹ֖ו בַּמָּ֑יִם וְטָמֵ֖אעַד־הָעָֽרֶב׃9וְאָסַ֣ף׀ אִ֣ישׁטָהֹ֗ור אֵ֚ת אֵ֣פֶר הַפָּרָ֔ה וְהִנִּ֛יחַ מִח֥וּץ לַֽמַּחֲנֶ֖ה בְּמָקֹ֣וםטָהֹ֑ור וְ֠הָיְתָה לַעֲדַ֨ת בְּנֵֽי־יִשְׂרָאֵ֧ל לְמִשְׁמֶ֛רֶת לְמֵ֥י נִדָּ֖החַטָּ֥את הִֽוא׃10וְ֠כִבֶּס הָאֹסֵ֨ףאֶת־אֵ֤פֶר הַפָּרָה֙ אֶת־בְּגָדָ֔יו וְטָמֵ֖א עַד־הָעָ֑רֶב וְֽהָיְתָ֞ה לִבְנֵ֣ייִשְׂרָאֵ֗ל וְלַגֵּ֛ר הַגָּ֥ר בְּתֹוכָ֖ם לְחֻקַּ֥ת עֹולָֽם׃) NUM-19:1-10


ونصها بالعربية
(1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلاً: 2«هذِهِ فَرِيضَةُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الرَّبُّ قَائِلاً: كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَأْخُذُوا إِلَيْكَ بَقَرَةً حَمْرَاءَ صَحِيحَةً لاَ عَيْبَ فِيهَا، وَلَمْ يَعْلُ عَلَيْهَا نِيرٌ، 3فَتُعْطُونَهَا لأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ، فَتُخْرَجُ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ وَتُذْبَحُ قُدَّامَهُ. 4وَيَأْخُذُ أَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ مِنْ دَمِهَا بِإِصْبِعِهِ وَيَنْضِحُ مِنْ دَمِهَا إِلَى جِهَةِ وَجْهِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ سَبْعَ مَرَّاتٍ. 5وَتُحْرَقُ الْبَقَرَةُ أَمَامَ عَيْنَيْهِ. يُحْرَقُ جِلْدُهَا وَلَحْمُهَا وَدَمُهَا مَعَ فَرْثِهَا. 6وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ خَشَبَ أَرْزٍ وَزُوفَا وَقِرْمِزًا وَيَطْرَحُهُنَّ فِي وَسَطِ حَرِيقِ الْبَقَرَةِ، 7ثُمَّ يَغْسِلُ الْكَاهِنُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ يَدْخُلُ الْمَحَلَّةَ. وَيَكُونُ الْكَاهِنُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 8وَالَّذِي أَحْرَقَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ بِمَاءٍ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 9وَيَجْمَعُ رَجُلٌ طَاهِرٌ رَمَادَ الْبَقَرَةِ وَيَضَعُهُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ فِي مَكَانٍ طَاهِرٍ، فَتَكُونُ لِجَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي حِفْظٍ، مَاءَ نَجَاسَةٍ. إِنَّهَا ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ. 10وَالَّذِي جَمَعَ رَمَادَ الْبَقَرَةِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. فَتَكُونُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلِلْغَرِيبِ النَّازِلِ فِي وَسَطِهِمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً.).

ثم بيَّن النص العلة من ممارسة هذا الطقس :


( .. فَتَكُونُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلِلْغَرِيبِ النَّازِلِ فِي وَسَطِهِمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً) .


ولكن : لماذا حوَّل اليهود تلك (الفريضة) إلى نبوءة و (إشارة) من الرب؟!.


في الواقع أنهم يربطون بين تنفيذها وبين إعادة بناء الهيكل؛ فالفريضة .. أو النبوءة .. أو البقرة الحمراء ستكون دلالة عندهم على أن الزمن الذي ظهرت فيه هو نفسه زمان الهيكل الثالث بعد إعادة بنائه. ولعل هذا يفسر لنا استمرار غياب الكلام عن مثل تلك الطقوس خلال أزمنة اليهود الخالية التي لم يكن لهم فيها تمكين .


ويعتقد اليهود المتدينون أنه قبل ألفي عام مضت، في حقبة المملكتين اليهوديتين ، الأولى والثانية ؛ تم مزج رماد بقرة حمراء صغيرة ذبحت في عامها الثالث، وخلط دمها بالماء، واستخدم في (تطهير) الشعب اليهودي، ليصبح مهيأً للدخول إلى الهيكل المقدس، ويعتقدون أيضاً أنه لم تولد طوال التاريخ اليهودي بقرة بتلك الأوصاف منذ دمر الهيكل الثاني عام 70


للميلاد، وعلى حسب التاريخ الديني اليهودي، فإنه قد جرت التضحية ببقرة حمراء واحدة في زمن الهيكل الأول، وبثماني بقرات في زمن الهيكل الثاني.. واليوم، يستعدون لمرحلة الهيكل (الثالث) وزمان البقرة (العاشرة) .


هذه هي البقرة في أدبياتهم في حين أنها وردت في القرآن الكريم في سورة كاملة تحمل اسمها وبمناسبة تختلف عن تلك التي يروجون لها.


ولكن بعض الجماعات منهم يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى سوف يبعث هذه البقرة الوارد ذكرها في القرآن الكريم مرة أخرى لتكون علامة على نزول الماشيح.



526103073.jpg



سيدي يا رسول الله..من أنبأك هذا؟..







الفرع الخامس

معجزة انشقاق القمر


وَانْشَقَّ الْقَمَرُ



إن معجزة انشقاق القمر من المعجزات التي كثر حولها الحديث في معسكر العلمانيين والنصارى وذلك بين مؤيد لها ورافض..
ومثلها كمثل معجزة الإسراء والعروج، إذ إن حادثة الإسراء والعروج كانت حادثة مخصوصة لتكريم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم تكن في الأصل معجزة يُتحدى بها، كما أنها تمت في الليل وفي الخفاء، لذلك لم تكن معجزة بمفهوم المعجزة، لأن المعجزة هي أمر خارق للعادة وتجري على يد رسول وفي وضح النهار ويُتحدى بها وعلى مرأى ومسمع من المعسكر الأخر ، فلما كثر الجدل والكلام حولها ..حوّلها الله جل علاه من حادثة خاصة جداً إلى معجزة عامة يكفر من ينكرها وأنزل سورة كاملة باسمها وإن كان نصيب المعجزة آية واحدة فيها والحديث كله في السورة عن بني إسرائيل.
والأمر بتمامه ينطبق على حادثة انشقاق القمر فلقد تمت بليل وكانت كرامة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولصحابته الكرام البررة فلما كثر الجدل حولها ..حولها الله سبحانه وتعالى من حادثة خاصة جداً إلى معجزة عامة يكفر من ينكرها وأنزل سورة كاملة باسمها..
والقصة بتمامها كما وردت هكذا:
‏ أَنَّ ‏ ‏أَهْلَ مَكَّةَ ‏ ‏سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً ـ والمقصود بأهل مكة هنا هم الصحابة رضوان الله تعالى عنهم لحديث ابْنِ مَسْعُودٍ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏قَالَ:بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏ بِمِنًى ـ وكان ذلك بمحفل من المشركين والذين طلبوا منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالفعل أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً.. ‏‏ فَأَرَاهُمْ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ.. فانْشَقَّ الْقَمَرُ فَلْقَتَيْنِ .. فَلْقَةٌ مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ وَفَلْقَةٌ دُونَهُ فَقَالَ لَهَم رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏اشْهَدُوا.. اشْهَدُوا..
وأنا كمسلم أؤمن بها هكذا كما هي بدون تأويل لا لشيء إلا لأن الله سبحانه وتعالى قد ذكرها في القرآن الكريم وجاءت في كتب الصحاح وهي معجزة حدثت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكفر من ينكرها .. سواء أثبت العلم الحديث وقوعها أم لا..وسواء آمن المعسكر الغربي بها أم لا.

وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا



Chapter 6: Rimae (3/3)

Straight Rimae


[199] In many places the lunar surface is broken and a portion is down dropped, forming trenchlike features known as straight rimae or rilles. Some of these rilles are large enough (tens of kilometers across) to be visible on Earth based photographs; others are so small (a few meters across) that they are barely visible on the highest resolution orbital pictures.
Some of these trenches cut across the surrounding plains, uplands, and craters and may record preferred directions of breakage of the lunar crust caused by internal stresses (the so called lunar grid). Others ring crater floors and may be related to uplift of the floor caused by crustal readjustment after impact. A few contain low rimmed dark halo craters that are interpreted to be volcanic vents. Many trenches are curvilinear; some appear to be transitional between straight rilles and sinuous rilles.-H.M.


الفصل السادس:الصدوع


الصدوع المستقيمة.
إن سطح القمر محطم في كثير من الأماكن وجزء منه منهار مشكلا معلما جغرافيا يشبه خندقا يعرف بالصدوع المستقيمة أو الجداول.
بعض هذه الجداول كبيرة كفاية (عشرات الكيلومترات) لترى من صور أرضية والبعض الآخر صغيرة (بعض الأمتار) حتى أنها ترى بصعوبة حتى من صور مدارية ذات أعلى جودة.
تشق بعض هذه الخنادق طريقها خلال السهول و المرتفعات والفوهات المحيطة ويمكن أن تسجل اتجاه كسور مفضلا في أديم القمر بسبب ضغوط داخلية ( المسماة الشبكة القمرية).
أما حلقات أرضيات الفوهات الأخرى فمن المحتمل ارتباطها بارتفاع الأرضية الناتج عن إعادة تعديل الغلاف الخارجي بعد الصدمة. القليل من هذه الخنادق يحوي هالة فوهات منخفضة القتامة يكن تفسيرها بكونها فتحات بركانية. كثير من الخنادق منحنية و بعضها يظهر و كأنها مرحلة انتقالية بين الجداول المستقيمة و الجداول المتعرجة.
ولقد تم التقاط صورا للقمر من قبلوكالة ناسا عام 1969 من ارتفاع 14 كيلو متر عن سطح القمر، وتبين وجود شق يظهر عليهآثار "التحام" .
ومن موقع وكالة ناسا الفضائية ،قالوا بصيغة الجزم ما يلي:
593497427.jpg



[207] FIGURE 217
.-Rima Ariadaeus is a fine example of a straight rille. Ariadaeus Rille is over 300 km in length; a portion of the central section of the rille about 120 km in length is pictured here. A linear section of the crust is dropped down along parallel faults or breaks in the crust to form a graben or fault trough. The ridges crossing the trough and the surrounding plains units have been offset by the trough, proving that they are older than the faults. Some craters are cut off by the faults and are, therefore, older. Other craters lie on the wall of the trough and are younger than the faulting. The faulting must be relatively young because so few craters appear to be younger than the faults, and because the edges of the trough appear to be crisp and little affected by slumping and other mass wasting.

There is a gradation between straight rilles, gently curving rilles, and sinuous rilles modified by volcanic flows. This example shows no trace of associated volcanism; it is, therefore, considered to be the end member of the sequence, where only pure faulting is involved.-H.M

Rima Ariadaeus هو مثال جيد للجدول المستقيم يبلغ طول الـ( Ariadaeus Rille) أكثر من 300كلموعلى هذه الصورة رقم 217: نجد في الصورة قسم من الجزء المركزي للجدول ويبلغ طوله حوالي 120كلم. لقد تداعى قسم طولي من الغلاف الخارجي على مدى الشقوق أو الانكسارات المتوازية في الغلاف الخارجي ليشكل جزءا مخسوفا أو غور شق منخفض. إن سلاسل التلال التي تعبر الأجران و وحدات السهول المحيطة بها ووزيت بالأغوار مثبتة أنها أقدم من الشقوق. لقد بترت بعض الفوهات بالشقوق وهي بالتالي أقدم منها. تقع الفوهات الأخرى على جدار الجرن و هي أصغر سنا من التشقق. يجب أن يكون التشقق أصغر نسبيا لأن قلة من الفوهات تظهر وكأنها أصغر سنا من الشقوق و لأن حدود الجرن تظهر و كأنها نضرة و متأثرة قليلا بالسقوط وخسارة كتل أخرى. هنالك تدرج بين الجداول المستقيمة و الجداول المنحرفة قليلا و الجداول المتعرجة المعدلة بتدفقات بركانية.

إن هذا المثال لا يبين أي أثر متعلق بالبراكين وبالتالي يمكن اعتباره آخر عضو في سلسلة الحوادث حيث أن الانشقاق الصرف فقط هو المسئول عنها.

المرجع للصورة وكالة الفضاء الأمريكية ناسا:
وتحت عنوان:A Lunar Rille شرخ قمري


Credit: Apollo 10, NASA



Explanation: What could cause a long indentation on the Moon? First discovered over 200 years ago with a small telescope, rilles (rhymes with pills) appear all over the Moon. Three types of rilles are now recognized: sinuous rilles, which have many meandering curves, arcuate rilles which form sweeping arcs, and straight rilles, like Ariadaeus Rille pictured above. Long rilles such as Ariadaeus Rille extend for hundreds of kilometers. Sinuous rilles are now thought to be remnants of ancient lava flows, but the origins of arcuate and linear rilles are still a topic of research. The above linear rille was photographed by the Apollo 10 crew in 1969 during their historic approach to only 14-kilometers above the lunar surface. Two months later, Apollo 11, incorporating much knowledge gained from Apollo 10, landed on the Moon.


الترجمة

جدول (شرخ) قمري
ما السبب الكامن وراء وجود شرخ طويل على سطح القمر؟ فقد تم اكتشاف جداول (شروخ)عديدة في جميع أرجاء القمر لأول مرة بمسبار صغير منذ200 سنة خلت.
أما الآن فقد أمكننا التعرف على ثلاث أنواع منها: جداول (شروخ) متعرجة وتحوي انحناءات ملتوية وجداول (شروخ) مقوسة تشكل أقواسا كاسحة وجداول(شروخ) مستقيمة كشرخ ( أريادايس ) المبين في الصورة العلوية.
ويلاحظ أن جدول كجدول(أريادايس) طويل يمتد على مسافة مئات الكيلومترات.
أما الجداول المتعرجة فيعتقد أنها نتجت عن تراكم حمم بركانية قديمة.
لكن أصل تكون الجداول المستقيمة والمقوسة فلا يزال محل بحث.
الجدول(الشرخ) المستقيم المبين في الصورة أعلاه صور من قبل طاقم أبولو10 سنة 1969 خلال تحليقهم التاريخي على مسافة 14 كلم من سطح القمر.بعدها بشهرين حط أبولو11 على سطح القمر مستفيدا من المعلومات التي جناها سلفه أبولو10.


وهذا منظر تخيلي لانشقاق القمر

157067166.jpg


و أما عن الدليل التاريخي فإليك الدراسة المثيرة التالية وهي وثيقة لحضارتي المايا والازتيك بالقارة الأمريكية حيث سجلتا حادثة انشقاق القمر.
 

The Split Moon of the Madrid Codex and Persian Manuscripts

686429169.jpg



423124448.gif


In the Ríos Code, there are four pictures of the different ages of the Sun. All show stones falling from the sky. The last version shows a mountain with flowers and fruit falling down on it. Without a doubt, we can call this mountain "Flower/Fruit." There is a Persian manuscript illumination which shows a similar white mountain (in the background) and a mountain covered with flowers and fruit (as veggies), and a weird gash in the earth behind a man who is looking at a split faced moon similar to those found in the Madrid Codex on the top register of pages 91-92 and 93. 1
It appears that the Persians are making their own visual statement about the Flower/Fruit Mountain where a meteorite (stone egg) fell to the earth and separated it from the White Mountain with a sheer thrust.
Those who traveled in ancient times, knew of these differences and used both physical entertainment (i.e.: acrobatics, dance, mime, puppetry) and the paint brush as their vehicles for transmitting the event portrayed in both manuscripts. For their personal safety, they used "magic" which was no more than a primitive form of the very technology we use today.
The event was seen! But, by whom? Was it the Aztecs who saw it and recorded it for their university lessons in astronomy as "The Birth of the Fifth Sun"? The Maya actually recorded the split moon in the tiny glyphs in the Madrid Codex as the tiny glyph shown above.
At the very first instance of it on page 91 of the Madrid it has, what I believe to be, a black "viewing-the-stars bowl rim" of obsidian to the left of it and on top is a separate knotted bow-tie. It is coupled with a dragon eye or the eye of the serpent, whichever way you want to read the strange upside down glyph immediately below it.
This is reminiscent of the serpent with God L in its mouth, stretching out to fondle the very buxom "moon" goddess caught in the coils of the serpent. Not yet part of the tail of the serpent is the burning "cigar-in-the-forehead" god K'awiil far to the bottom right. (See the two Kerr vases K4485 and K7838, same art but different sizes) It can be seen in these vases, so, although present, K'awiil is not yet attached to the tail of the serpent.
The conclusion that can be reached about this serpent connection is that, if it is archaeo-astronomy, the moon goddess, making her rounds every 360 days, was "entrapped" in the coils of Draco, the constellation, until, in the Aztec story, during the "Birth of the Fifth Sun"2 a human, who did not appreciate that the false sun stayed so close to the horizon, threw a rabbit at it to make it move. It is their version of why the rabbit is on the moon.
One Maya clue is the face of the rabbit on Justin Kerr's vase K-1208.">
In another Kerr vase, one will see, that not only was the rabbit a new addition to the home of the moon goddess, but also the cosmic tree (probably the Milky Way) was new. Being held up to the mirror, the rabbit is shown where it was then (now) located, not how it was born. In agreement with that statement is vase K2772. It shows the same three women as in the so-called birth scene, but instead of a pregnant woman with two midwives, it shows that the palace of the moon is being shaken by a quake, indicated by the same "question mark" curls found in the ears of the split-faced moon rabbit and identified by Eric Thompson as a symbol of the Moon Goddess glyphs. This "quake" or catastrophe is well recorded world-wide, even in Peru as the Rebellion of the Artifacts.The rabbit arrives later to view, in the mirror, the new star arrangement of the skies.
Kerr's vase K4999, I almost ignored. It appears to be the oldest vase and in the worst condition, but it may be the place where the rabbit came from: the Blue Star or Sky house. It was from here that K'awiil became a "cigar-in-the-forehead" fire entity and the rabbit became the new timekeeper. What was the change? It probably was was the difference betwee 360 days and 365.4 days..3 The old calendar was no more.
In the last Maya Meeting (2005) Jania Indrikis solved the Dresden-Venus table puzzle for me. That is not to say that everyone believes as i do, but I feel that it is exactly what I just implied above: that there was a five day (incorrect) correction that allowed the Maya and other groups in Mesoamerica to have a five day vacation. It appears in the third column of page 24 of the Villacorta version and of Knorozov's work.
At the top of page 139 in the 1997 Maya Hieroglyphic Forum, the dot and bar numbers have been inserted as corrections for the tops of the other columns (missing in V and K's works). On the basis of the number sequences, the date of the first (and, what I am surmising, was the original change) is 9.9.9.16.0 or the Gregorian date of 9 February 623 (the Julian date calculated the 6th of February, that same year).
It is interesting to note that the Auguries from the books of the Chilam Balaam gives the day (in the Mani version) K'in lob as a "bad" omen, while the Katun (in the Chumayel) was considered as "evil." Nevertheless, man was able to record in the seventh century AD, a broad sweeping change of the calendar in Copan, China and Babylon.4 which agrees with Janis's calculations. Kudos for Janis! (No, he had no idea that I was on a similar subject of the year change. But then, at that point, neither did I!)
But, if one reads the
The rabbit replaced the monkey (possibly the old north star?) as the recorder of time and became a very important figure with the same split face of the moon, with a the same question mark curl in each ear. 3 and later, (K1491) where the rabbit waits for the monkey to finish his final work.

772017995.jpg

He then becomes the official recorder of time (and probably of events) and tgnkey is placed in a secondary role in the skies. (See K1398 and K5166) But not before the Rabbit assists in stripping God L of his position in the head of the dragon/serpent constellation called Draco and his association with the Moon Goddess there.
God L then returns to the Rabbit to plead for the return of his job description. Both the Maya (and apparently the Sun god) relent and return him to his 360 day station, but allows the four and a quarter remaining days to become a festive, but fearful holiday as preparation for the new year. (Watch for the upcoming "Rabbit and His New Time Schedule") So what does the whole mean?
Did the Persians, who have the exact same moon design as the Madrid Codex, devise the picture all by themselves? And where was the Sun Wu Kong (the Monkey King) of China at the time? His original name means "dog-of-the-old-moon." So does that mean that the Chinese also recognized that there was a reorganization of the phases of the moon, because the year became longer by five (5) days? That time difference appears to be the correction in the second column of the first page of the Dresden Venus cycle segment. The Xolotl dog was the Aztec version of Quetzalcoatl who fell from the heavens and saved the true sun from death.
Olivia Vlahos in her book, Far-Eastern Beginnings claimed that documents of the T'ang Dynasty (618 - 907) described blue-eyed, blond Wu-sun, the Ting-ling and the Yueh-chih tribes which probably included people with Western faces. (Please note the word "probably" which may be an indication that these people HAD to be "blue-eyed and blond.") The Ting-Ling and the Wu-sun inhabited lands around Lake Baikal and the Altai Mountains. She stated that the Yueh-Chih (Moon people) lived farther to the west. (p. 86)
She also stated that the T¹ang (apparently, who were NOT blue-eyed or with green eyes) described the Kirghiz as tall, red of face and of hair, green of eye. (p. 128) The presence of the tall hats and Caucasian features in the Jaina area of Mexico that makes it even more interesting. At the edge of the western Gobi desert, in the tombs of Xinjiang strange mummies were found. While in the Yucatan area, near the city of Belize, there is a point of land called the Moho Cay. Can a connection be made with an event recorded in the Moho manuscript, (a short Chinese version of the Monkey King's journey westward). Is this another global connection with the Jaina tall hats?
As it is, there is a lot of evidence for transoceanic travel, both east and west, but we seem to be searching for things that cannot exist, such as, wooden boats, clothing, food, fine slipware pottery, and statues, however small. Except for the last two items, all will be eaten, deteriorate, be broken in a short span of time. The sea breezes create hunger and food in small boats which are not capable of sustaining more than very few people over a long sea journey. The salt spray will destroy in a very short time, even clothing packed carefully away in closed boxes.
Men who traveled by these small boats would marry a native in whatever area he stepped ashore. She would know nothing of the the sailor's past history. She would only chose to remember the present.
The most viable element that was carried north, south, east and west from and throughout the Americas was knowledge and a facile hand which could create illustrations of a concept before a language was learned. Original art work would have been drawn on the sea shore in the sands, on the mountains in the soil or on some form of cloth, paper or bark.
All these original items would be lost over the centuries in a very short span of time. Copyists in the area would insert their own version of those pictures. They would almost be the same, but not quite: a scroll here, a tassel there, a slanted eye or a strange hat. The script would change over the years from that of the original artist, to that of the copyists.
When similar art forms are discovered, it is not easy to think of diffusion. After all, we would never take a small boat across the oceans, but, even today, there are people who do. Single navigators with a dream, or even families with a sturdy, albiet small boat. Modern boats are better equipped than the open boats used centuries ago. A journey can be made, but because of language differences, such voyages are very quickly forgotten.


1 Note: "Muhammed splits the moon," an illustration in a Falnameh, a Persian book of prophesies.
2 Read, Kaye Almere (1998) Time and Sacrifice in the Aztec Cosmos has the best version of the Birth of the Fifth Sun that I have read.
3 Wolf, Eric Sons of the Shaking Earthp. 100, Copan held a meeting of this Copan Academy of Science. People from Chiapas, etc. At this time the calendar reform came about at the end of the VII century A.D. Velikovsky, Imanuel (1950) Worlds in Collision p. 355, Varaha Mihira, astronomer of India. His work indicates calendric changes in the seventh century. China also was affected at that time. (My Note: Velikovsky may not have gotten the correct conclusions, but much of information was well researched.)
.4 Thompson, J. Eric (1963) Maya Hieroglyphic Writing: An Introduction Norman, Oklahoma: University of Oklahoma Press. p. 231.

والموضوع موجود على الرابط التالي:


http://www.iosworld.org/interview_cheramul.htm

وهناك قبيلة هندية قديمة شاهدت انقسام القمر وأرخت لأنفسها من ذلك التاريخ وهناك مستندات موجودة في مكتبة لندن تحوى المخطوطة الهندية القديمة والتي تسجل معجزة انشقاق القمر.
INTERVIEW

HINDU PATRON OF MUSLIM HERITAGE SITE


The 87-year-old Raja


266714411.jpg


i_safe.gif
Valiyathampuram of Kodungallur in Central Kerala is a descendant of KingCheraman Perumal, the first Indian to embrace Islam in the early 7th century. Talking to him is like talking with history. In the following interview taken by A U Asif (right in the picture) in Ernakulam, he dwells in detail upon his great early ancestor and the oldest mosque (above) of the sub-continent. He also asks North Indians to come to Kerala and see how people of different religions are living there for centuries in an atmosphere of harmony, fraternity and peace.

How do you take your great great grandfather Cheraman Perumal?
Cheraman Perumal was not only a king and my ancestor, but the first Indian to come into the fold of Islam. He was actually the person who gifted Islam and the first ever mosque to the Indian sub-continent. This happened much before the advents of Muhammad bin Qasim and Mahmood Ghaznavi. This shows that Islam didn’t come to India with the sword.
Is it a fact?
As is well known in Kerala, on a moon-lit night the king while walking on the rooftop of his palace along with the queen saw the moon suddenly splitting into two halves. Later he came to know through the Arab traders that that a prophet called Muhammad had wrought a miracle on that fateful night and sundered the moon before a crowd of dazed spectators. Impressed by this new messenger of God in Arabia, the king set out for the holy land after dividing his kingdom and assigning various territories to local chieftains to ensure smooth governance. In Arabia he met the Prophet and embraced Islam in the presence of Abu Bakr Siddique, who later became the first caliph. Cheraman, who took a Muslim name, Tajuddin, died on his way back to India and was buried on the shore of the Arabian Sea at Salala in the Sultanate of Oman. It is said that he had earlier written letters to the local rulers of Malabar and sent it through his ministers along with Malik bin Dinar, a companion of the Prophet. In the letters he had asked them to "receive the bearers of the letters and treat them well and help them to construct mosques at Kodungallur and elsewhere". The rulers of Kerala honoured the letters and permitted Malik Bin Dinar and his fellow Arab traders to build mosques in Kerala. The mosque built in the early 7th century at Kodungallur, known as Cheraman Malik Masjid, still exists with its original structure and is said to be the oldest mosque in the sub-continent. It is named after both Cheraman Perumal and Malik bin Dinar.
Is the mosque intact with its original structure?
Yes, the original structure, including the sanctum sanctorum, remains intact. However, there have been a few extensions in the past. Its front portion is new while the back portion with its sanctum sanctorum, mehrab, mimbar (pulpit), wooden work on the roof of mimbar and traditional lamp as well as the ancient ceremonial pond, is still untouched.
Anything more about Malik bin Dinar?
After the construction of the mosque at Kodungallur, Malik bin Dinar moved towards Mangalore and died at Kasaragod, now in Karnataka, where rests in peace. Interestingly, Cheraman Perumal and Malik bin Dinar are buried on two sides of the Arabian Sea, one at Salala in the Sultanate of Oman and the other at Kasaragod in India. In other words, their graves are interlinked by the waters of the sea. There exist 14 mosques of the same pattern and design from Kodungallur to Mangalore.
How do you see all this?
We see all this with pride. There is no question of any ill-feeling about Cheraman Perumal. We have high regard for him. He was our patriarch. He embraced Islam but could not come back from Arabia as he fell ill and died on way. I hail from his lineage and have faith in Hinduism.
How do the general people, particularly Hindus consider Cheraman and his gift in form of the first ever mosque in the Indian sub-continent?
People belonging to different religions, including Hindus, hold him in high esteem and the mosque built as per his wish as a historical monument. The historic mosque has been visited by numerous dignitaries over the centuries and decades.
President Dr A P J Abdul Kalam was recently here. He was given a warm reception in the mosque. I was also among those present on the occasion.
Unlike north India, there is no communal strife over places of worship in South India?
No, not at all. In this part of land exist India’s oldest places of worship. The first synagogue, the first church, the first mosque and the ancient Bhagwathi and Mahadeva temples are located in this region. We have maintained a record of exemplary communal harmony here. I often wonder about the sudden eruption of controversy over places of worship. Unlike north, people of all faiths have high regard for all places of worship. My suggestion is: People in the north should come to Kerala and see and learn how we belonging to different religions live here for centuries without any communal hatred, animosity and strife.

764927802.jpg

[The interviewer is a Delhi-based senior journalist. He can be contacted at ( تم حذف البريد لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى ) ]



المخطوطة ورقم الكتاب المذكورة فيه المخطوطة ورقم الرف الذي يوجد به الكتاب.

reproductions-customer- ( تم حذف البريد لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى ) ,

quoting in all correspondence the

shelfmark IO ISLAMIC 2807, pages 81 verso- 104 verso and your full

postal address. Sincerely Colin Baker

Dr Colin F Baker
Head of Near and Middle Eastern Collections

The British LibraryAsia, Pacific and Africa Collections
96 Euston Road London NW1 2DB

T +44 (0)20 7412 7645
F +44 (0)20 7412 7858 ( تم حذف البريد لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى ) www.bl.uk


380452045.jpg




278266290.jpg



والدراسة العلمية موجودة على الرابط التالي:
http://www.imanway1.com/horras/showthread.php?t=11720

في عام 1998م زرت ولاية لوس أنجلوس بأمريكا وذلك في رحلة عمل..وفي المساء سألني مضيفي عن أي الأماكن أريد أن أزور بعد أن أطلعني على برنامج الزيارة والتي امتدت شهراً..فقلت له على الفور أريد الذهاب إلى أكبر مكتبة عندكم لبيع الكتب.. ووسط الدهشة التي اعترته وافق, وتوجهنا إلى المكتبة وهالني ما رأيت..المكتبة منظمة بشكل غير معتاد عندنا في بلادنا..وفور دخولي جاءني من يعرض على خدماته..فقلت له أريد كتاباً عن رحلة أبوللو، أخذني وتوجهنا إلى مسؤولة البيع والتي بحثت في الكمبيوتر الذي أمامها حتى طبعت قائمة كبرى تحوي أكثر من 100 كتاب مزيلة بأسعارها وأماكن تواجدها (أي القسم الذي توجد به داخل المكتبة) ... وتوجهت إلى الجناح فلقد كان رقم ( H ) وهناك وقفت مبهوراً بهذا الكم من الكتب والمراجع التي تتحدث عن رحلة الصعود إلى القمر.. ومكثت أكثر من ساعة وأنا أتصفح الكتب والمراجع ـ هذه متعة عندي ـ ولكنني لم أفهم شيئاً نظراً لمحتواها العلمي المتخصص والدقيق فالإحداثيات الرياضية كانت هي الغالبة عليها..
قلت لنفسي مخاطباً إياها والحنق يملئني..معقول كل هذا الذي أراه من كتب ومراجع ما هو إلا فبركة علمية؟؟.وجاءني من يعرض على خدماته ويساعدني..فقلت أريد أطلساً عن رحلة أبوللو , وعلى الفور وبالفعل حصلت عليه ووقفت أتصفح وأشاهد الصور الصادرة عن وكالة ناسا وأنا كلي انبهار بإخراج هذا الأطلس..وفي نهايته مرجع كامل عن كل صورة في الأطلس ومزيلاً بتعليق ..وهي فكرة جيدة تتيح لك متعة مشاهدة الصور بتسلسل لا يقطعها كتابة التعليق..
ورحت أتعجل الصفحات وتسبق عيناي الصور هل هناك صورة تثبت انشقاق القمر..ووجدتها وقرأت التعليق عليها، وعلى الفور قررت اقتناء الأطلس (كان ثمنه 100دولار)..ثم قلت لمساعدي مشيراً إلى الصورة التي أعنيها ..أريد مرجعاً يتناول هذه الصورة بالشرح والتحليل..
توجهنا إلى جناح المعلومات ..وأدخل كلمة Lunar Rillesداخل محرك البحث حتى عثرنا على أكثر من خمسين مرجعاً..توجهنا إلى نفس الجناح رقم H وبمساعدته أخرج لي بعض المراجع ورقم الصفحة تحديداً..حاولت أن أفهم ما هو مكتوب ولكنني عجزت فلقد كانت التحاليل الرياضية ـ الفيزيائية هي الغالبة على الموضوع كله كما أن تكلفة المرجع كانت عالية كان ثمنه 400 دولار على أقل تقدير..
ملاحظة هامة..المكتبة على كبرها وكثرة محتواها لم يكن بها سواي ومضيفي ..فالشعب الأمريكي جاهل ولا يقرأ..بخلاف دول أوروبا.. ترى الناس فيها لا يتركون دقيقة تمر منهم بدون قراءة حتى أنهم يقرؤون وهم يأكلون.

سيدي يا رسول الله


مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا


قَالَ


نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (التحريم : 3 )


روابط ذات علاقة بمعجزة انشقاق القمر



140825042.jpg



323250217.jpg


311871350.jpg



1ـ حمل الأفلام الوثائقية من موقع ناسا من هنا


Video and Movie Libraries


 



الفرع السادس

ظهور طوائف ذات عقائد وملل


أولاً:عبدة الشيطان
قال تعالى:( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْيَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّمُّبِين) يس:60
509246081.jpg


كنيسة الشيطان

عدد أعضاء الجدد حول العالم عام 2013م


من موقع عبدة الشيطان www.churchofsatan.com/



901929887.jpg




ثانياً: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً

بسم الله الرحمن الرحيم


يقول الله سبحانه وتعالى:
(اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِوَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداًلا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)التوبة:31




843596600.jpg



382833368.jpg




244814028.jpg



731666520.jpg




232875397.jpg






318062095.jpg



707119409.jpg


651506186.jpg



951620890.jpg





820683552.jpg


968355267.jpg



313279111.jpg



893417172.jpg



735632912.jpg



297137181.jpg



835669318.jpg



541335030.jpg

الفصل الرابع


بين القصص القرآني والقصص التوراتي


الأمثلة كثيرة ولكنني سأكتفي بنموذج واحد فقط هو قصة يوسف عليه السلام..لأنها هي القصة الوحيدة في كتاب الله الكريم والتي وردت هكذا دفعة واحدة بدون قطع مثل ما هو وارد في كل باقي القصص القرآني..
والقصة معروفة للقارئ الكريم..والسؤال الذي يلح علفى المرء..هل كان اارسول صلى الله عليه وسلم قصاصاً..هل عرف عنه ذلك من قبل؟..هل تسنى له الاطلاع على القصة في التناخ وهو الأمي الذي لا يعرف القراءة في العربية فضلا عن الآرامية؟..
لقد تناول الكتاب والوعاظ قصة يوسف عليه السلام من منظور متفق عليه تقريباً ويجمعهم خط درامي واحد يتمثل في القصة القرآنية وأغراضها المتنوعة والأهداف التي من أجلها صيغت إلى آخر المعاني العظيمة والتي لا يخلو منها كتاب أو تفسير، وحظيت سورة يوسف بالجانب الأوفى نظراً لأنها تمس الأسرة والمجتمع ونظام الحكم وشرعية الحكومة، وقتلت هذه الموضوعات بحثاً من قبل الدارسين الأفاضل وكل أدلى بدلوه بما فتح الله له من أبواب الخير.
دعونا نغوص في تحليل القصة قليلاً..
ثبات الشخصيات وتطورها فى سورة يوسف
لو تأملنا الخصائص النفسية لشخصيات السورة لوجدنا أن العواطف التى ولّدتها الشخصية الرئيسية (سيدنا يوسف) فى نفوس من حوله تتميز بشدة الجموح. فثمة محبة خارقة من الأب، وغيرة عنيفة من الأخوة تصل لحد التفكير فى القتل، وأب يصل به الحزن حد العمى. وشهوة حارقة من المرأة تصل لحد تمزيق ثيابه، ونساء مهووسات يُقطعن أيديهن .
بالنسبة للشخصية الرئيسية (سيدنا يوسف) فهناك خصائص ثابتة لشخصيته لم تتغير على مر السنين، وهناك ما اكتسبه مع التجارب.
مثال الخصائص الثابتة هو النبل: فيوسف الفتى الذى يرفض خيانة الرجل الذى أواه مع امرأته (قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّى أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) هو نفسه يوسف صاحب السلطان الذى يُصرّح بشخصيته لأخوته حينما ضاقت الأرزاق بهم إلى حد التسول (قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِى الْمُتَصَدِّقِينَ)، وقتها فقط يكشف عن حقيقة شخصيته ملتمسا لهم العذر قبل أن يفكروا فى التماسه (قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ) مطيبا خاطرهم داعيا لهم بالمغفرة (قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ثم دعاهم للمجيء لمصر مع أهلهم فى رعايته.
أما مثال الخصائص التى اكتسبها مع السنين والصبر والتربية الربانية فهى لهفته على الخروج فى بداية محنة السجن (وَقَالَ لِلَّذِى ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ)، ثم رفضه الخروج بعد ذلك بسنوات طويلة إلا بعد ظهور براءته بعد أن تعلم ألا يلجأ إلى الناس ولا يسأل سوى ربه(وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِى بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِى قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ).
ومن الشخصيات التى تطورت مع السنين شخصية امرأة العزيز، فهذه المرأة الناضجة واسعة الحيلة عظيمة الغواية، سريعة البديهة فى اقتراح عقوبة مؤلمة لكنها تحفظ حياة من تحب( َقالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءاً إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، وترد الصاع صاعين للنساء الماكرات (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ)، ولا تعبأ بعد انكشاف تهتكهن بأن تقول بصراحة مذهلة (وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ).
وتمضى الأيام وتختفي صورة المرأة المتهالكة على الشهوات فتكون شهادتها- عند استجواب الملك لها- متميزة بالصدق والنبل (قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ. ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ).
علاقة يوسف بقميصه علاقة تستحق التأمل..

رأيناه يوم أن كاد له إخوته بسؤ: (وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)يوسف: 18..وطبعاً هذا القميص احتفظ به أبوه..
ومع امرأة العزيز:(وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ( يوسف :25..وطبعاً هذا القميص احتفظت به هيئة المحكمة كدليل إدانة..
ومع أبيه:(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ) يوسف :93..وطبعاً هذا القميص من الواضح أنه هو القميص الذي كان يرتديه ساعتها فهو بمثابة البشارة..
ولنكمل تأملاتنا في تلك السورة الكريمة، فتروى لنا التفاسير أن الفترة الزمنية التي مرت ما بين رؤيا سيدنا يوسف عليه السلام الذي رأى فيه أحد عشر كوكبا والشمس والقمر يسجدون له، وبين معرفة إخوته لحقيقته وهو عزيز مصر وفى هيئته وصولجانه، حوالي أربعين عاما، ولنفترض أنها بالفعل أربعون، فهل يمكن أن نتخيل ما مر به سيدنا يوسف من ابتلاء وكرب وضيق وشدة في كل هذه السنوات حتى وصل إلى ما وصل إليه من عز وجاه، تعالوا نستعد معا شريط الذكريات سريعا على طريقة «الفلاش باك» في السينما، لعلنا نتعظ ونأخذ منه العبر التي تعيننا على نوائب دهرنا.
لقد بدأت القصة بالرؤيا اتي رآها يوسف وحكاها لأبيه، وكان تأويله أن إخوة يوسف سوف يخضعون له ومعهم أبوهم، لما سوف يكون عليه من منزلة رفيعة، ‎وسوف ينال مكانة كريمة وعظيمة من دونهم، ولأن يعقوب عليه السلام نبي الله فإنه علم أنها بشرى لابنه يوسف الذي حرم وأخوه من حنان الأم، فكان لهما بمثابة الأب والأم معا وهما مازالا صغيرين، مما أثار غيرة إخوتهما وحسدهم، فطلب منه ألا يقص هذه الرؤيا على إخوته كي لا يزدادوا حقدا عليه وغيرة منه وحسدا له.
وقد كان يعقوب عليه السلام يخشى الحسد، وقد ظهر ذلك أيضا في أكثر من موضع عندما قال: «قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا»، وأيضا حين قال لبنيه: «يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة»، إلا أن الإخوة الغلاظ القساة تآمروا على أخيهم الصغير الضعيف ولم تأخذهم به أو بأبيهم الشيخ العجوز رأفة أو شفقة، ورموا يوسف في غيابات الجب، ثم التقطه بعض المارة وبيع مثلما يباع الرقيق، واشتراه العزيز وأوصى امرأته بأن تكرم مثواه عسى أن ينفعهم أو يتخذوه ولدا، إلا أن حُسن يوسف وجماله مع عقله ورجاحته واتزانه عندما بلغ أشده أوقع امرأة العزيز في محبته، وولهت به وراودته عن نفسه فاستعصم، ولك أن تتخيل مدى ما عاناه يوسف في ذلك، فهو تحت سقف واحد مع امرأة عندها من الجمال والمال والسلطان والمنصب حظ وافر وهو في ريعان شبابه، وهى التي تطارده وتحاول النيل منه في وجود زوج ضعيف يضبطهما وهى تطارده، ويشهد شاهد من أهلها من خلال قصة القميص الذي قُد وهى تطارده، ثم يقول: يوسف اكتم هذا الأمر وأعرض عنه ولا تحدث به أحدا، ويطلب منها أن تستغفر لذنبها، ترى ما هي نوعية الدماء التي تجرى في عروق هذا الزوج الضعيف، ومن الذي يعمل له يوسف حساباً بعد ذلك سوى الله؟..
ثم الفتنة الأخرى والمطاردات المتلاحقة من نسوة المدينة اللاتي قطعن أيديهن وقلن: «حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم»، ويستقر به المقام في النهاية في السجن على الرغم من علم الجميع ويقينهم ببراءته ونقاء سريرته.
ويدخل يوسف السجن ظلما بإرادته خيرا من أن يرتكب فاحشة تغضب ربه الذي أحسن مثواه، ويدخل معه ساقي الملك وخبّازه اللذان طلبا منه أن يفسر حلمهما، فبشر أحدهما بأنه سوف يخرج من السجن ويسقى الملك خمرا، وطلب منه أن يذكره عند الملك كي يبرئ ساحته ويرفع ما عليه من ظلم،ولكن هذا الرجل نسى ذكر يوسف، فلبث في السجن بضع سنين، يقال إنها سبع سنوات، حتى فسر رؤيا الملك وعرف قدره وحكمته وعلمه فعينه على خزائن الأرض، وبدأت مرحلة اليسر فى حياة يوسف الصديق.
من خلال أحداث قصة سيدنا يوسف نتوقف أكثر من مرة لنجد تجسيدا واضحا لحديث الرسول، صلى الله عليه وسلم: «لو اطلع أحدكم على الغيب لاختار الواقع»، أي أننا يجب أن نرضى بما قسمه الله لنا حتى لو كان ظاهره شرا.

إن ظلم إخوة يوسف له وحقدهم عليه وحسده ولحب أبيه له ولأخيه بنيامين، على الرغم من أنه في الظاهر بداية المتاعب والمشقة والحرمان، إلا أن الله سبحانه وتعالى جعل منه بداية للخير، وبشرى لما سوف يكون عليه «وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون»، ترى لو لم يأكل الحقد والحسد والغيرة قلوب إخوة يوسف، هل كان سيصل إلى ما وصل إليه في أرض مصر حتى أصبح عزيزا لها وأمينا على خزائنها؟
وفى ذلك يقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - جملة مأثورة في غاية الروعة وهى: (لو علم الظالم ما أعده الله للمظلوم لضنّ عليه بالظلم، وذلك خوفا من إكرام الله له وتعويضه عن ظلمه بما يتناسب مع قدرته سبحانه وتعالى وهو الحكم العدل).
 
الفصل الخامس

ليلة القدر


لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ..
حينما نتحدث عن القرءان الكريم ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..يجب ألا يكون الحديث بمعزل عن ليلة القدر..لقوله سبحانه في شأن القرءان الكريم إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ..فلعظم قدر القرءان الكريم أنزله سبحانه وتعالى في ليلة ذات قدر على قلب نبي ذو قدر لأمة ذات قدر..
والقدر: هو مبلغ الشيء، والقدر: هو الحال والشأن، يقال قدَّر فلان هذا الأمر، أي عرف حاله وشأنه. وقدَّر الإنسان خالقه أي: عرف عالي شأنه وعظيم جلاله وكماله.. ولكن كيف تكون معرفة الله ورؤية عظمته وجلاله؟. وكيف يقدِّر المخلوق خالقه حق قدره.
أقول: لا يصل الإنسان لهذه الحالة الرفيعة إلاَّ بعد شهوده عظمة الله، ورؤية كماله، فأنا لا أعرف قدرك إلاَّ إذا رأيتك، أو إذا رأيتك على رأس عملك أو في حال ممارستك لشؤونك، أو إذا رأيت صفاتك التي تشهد لي بعلوِّ قدرك، وتنطق بسموِّ مكانتك وعظيم شأنك..
وكذلك النفس لا توقن بعظمة خالقها إلاَّ إذا شهدت عظمة ذلك المالك العظيم في ملكوته، قائماً بالتربية والإمداد على خلقه، مفيضاً برَّه وإحسانه على سائر مخلوقاته، غامراً الكون برأفته وواسع رحمته.
فالإنسان بعد أن آمن بربه إيماناً غيبياً، وبعد أن أقرَّ بعظمة الخالق ورحمته إقراراً فكرياً، إذا هو استقام على أمر ربه، ومَرِن على طاعة الله، فلم يخالفه، ولم يعصه في أمر من أوامره، فلا بدَّ له إذا هو استمر على هذا الحال من الاستقامة والطاعة، وثابر على التقرُّب إلى الخالق بالإحسان إلى المخلوقات كافة؛ من ساعة يشهد فيها كمال الله سبحانه شهوداً نفسياً ولابد له من حالة تنغمر فيها نفسه بذلك النور الإلهي، فترى عظمة خالقها وموجدها وتعاين حنانه تعالى عليها، وواسع عطفه ورحمته بها وبالمخلوقات جميعها، وهنالك تعرف قدر ربِّها وتوقن برحمته وعطفه عليها.
وتلك الليلة العظيمة التي يشهد فيها الإنسان هذه المشاهدة النفسية، ويرى هذه الرؤية الذوقية، وتحصل له بها تلك المعرفة الشهودية، تلك الليلة هي ليلة القدر.
ولعظم هذه الليلة جعل الله سبحانه وتعالى لكل نبي ليلة حتى تكون كل الليالي إرهاصاً لمقدم ليلة القدر..
1 ـ لكل نبي من الأنبياء ليلة
فإبراهيم عليه السلام له ليلة: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ...)الأنعام : 76
ولوطاً عليه السلام له ليلة: (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ)الدخان: 23
( فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ{23} وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ{24}
و (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ )الحجر65
والأحقاف وهو اسم المنطقة التي سكنها قوم عاد وهم قوم نبي الله هود عليه السلام كانت له ولهم ليلة :
قال الله تعالى (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) الحاقة : 7
وموسى عليه السلام كانت له ليلة: (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ {7} فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَاللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {8} يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {9})النمل: 7 ـ 9
(فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)القصص:29
ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت له ليال..فكانت له ليلة الإسراء وليلة النصف من شعبان..وكانت له ليلة القدر..
فالليالي كلها كانت إرهاصا وتقديما لليلة مباركة هي ليلة القدر ولعظم شأنها أنزل الله سبحانه وتعالى فيها كتابه المجيد(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ)..( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ..
والليالي التي احتوتها نالها الشرف دونا عن سائر الليالي فأقسم الله سبحانه وتعالى بها فقال(وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ *) فالليلي العشر هي العشر الأواخر من رمضان على خلاف بأنها العشر الأولى من ذي الحجة ...ولأن الحج عبادة نهارية فلا ينطبق عليها هذا القول لأن رمضان عبادة ليلية وفيه قيام الليل..قَالَ تَعَالَى : (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا )المزمل..
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ)..
وَقَالَ : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا )الإنسان: 26.

طوبى لمن سهرت بالليل عيناه……. وبات في قلقٍ في حبِّ مولاه


وقام يرعى نجوم الليل منفـردًا……. شوقًا إليه وعين الله ترعـاه


2 ـ أخفاها الله سبحانه وتعالى مثل ما أخفى قيام الساعة جاء في الآية 15 من سورة طهإِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَالِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى)...ومثل ما أخفى عز وجل أجل الإنسان..
وفي الأمور الحياتية يخفي المرء عن أهله الشيء الجلل ويكون أعظم ما يكون إذا كان الأمر نفسياً ,رأينا ذلك مع النبي يوسف عليه السلام حينما اتهمه أخوته كذبا وزورا نلاحظ قوله سبحانه وتعالى: (فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ)يوسف: 77 فيوسف عليه السلام أسرّها بمعنى أخفاها لأن الإسرار في حد ذاته إخفاء لهم..
ولو لم يخبرنا الحق بما كان في نفس يوسف عليه السلام ما عرفنا عن ذلك الأمر من شيء..وحدث أمر مثله مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قصة زواجه من السيدة زينب بنت جحش والقصة معروفة ولكن ما يعنيني هنا هو الألم النفسي الذي عاشه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولولا أن الله عز وجل أخبرنا ما عرفنا عنه شيئاً (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِيفِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) الأحزاب:37 ..
ومثل ما أخفى الله الشر فوضعه في موضع الخير..وأخفى الخير فوضعه في موضع الشر وفي كل خير..(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)البقرة: 216.
(فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًاوَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء: 19.
كذلك أخفى الله سبحانه وتعالى ليلة القدر..
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ) سورة القدر.
ولم يقل لنا سبحانه وتعالى في أي شهر..سواء من الشهور العربية أو العبرية أو القبطية أو الشمسية..وعليه ظل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يترقبونها طول السنة..لأن الله سبحانه وتعالى قال عنها هي ليلة خير من ألف شهر..
في أي شهر هي ليلة القدر ..لم يقل رب العالمين..وظلوا يعبدون الله سبحانه وتعالى باهتمام طول السنة حتى ينالوا ليلة القدر..هبطت همتهم قليلاً..
فأراد الله سبحانه وتعالى تحفيز هممهم مرة أخرى فقال عز من قائل: (حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) سورة الدخان.
فإن ليلةَ القدرِ ليلةٌ كثيرةُ الخيرِ ، شريفةُ القدرِ ، عميمةُ الفضلِ ، متنوِّعةُ البركات . ولعظمها أنزل فيها القرآن العظيم( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) سورة الدخان :4.
فالله تعالى يقدّر فيها الأرزاق والآجال..والعمل فيها له قدرٌ عظيمٌ..وهي ليلة الحكم والفصل..
وعبدوا الله سبحانه وتعالى طول السنة بجدية وإخلاص..ثلاثة عشر سنة..والصحابة يبحثون عن ليلة القدر طول السنة في كل ليلة.. حتى هاجر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدنية وفرض الصيام..
ويوم أن فرض رب العالمين الصيام فرض أيضا الجهاد..وبعد ثلاثة عشر سنة من ترقب ليلة القدر وبعد فرض الجهاد أراد الله سبحانه وتعالى أن يكافئ المسلمين فقال لهم أول مكافأة لكم على صيامكم وجهادكم أنني أقول لكم:
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) فبعد ما كانت ليلة القدر يلتمسوها طوال العالم كله أصبح المسلم يجمع بين آيتين..( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ)..( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)..
وقوله سبحانه وتعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)..إذن ليلة القدر في أي شهر؟..
في شهر رمضان..وهذا أمر لم يعرفه الصحابة إلا بعد ثلاثة عشر عاما..
فليلة القدر إذن هي ليلة من ليالي شهر رمضان..
ومع ذلك استصعب المسلمون الأمر فاستكثروا أن يلتمسوها على طول شهر رمضان فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم التخفيف..
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكفت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشر الأوسط من رمضان، فخرج صبيحة عشرين فخطبنا، وقال: (إنّي رأيت ليلة القدر ثم أُنسيتها ـ أو نسيتها ـ فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإنّي رأيت أنّي أسجد في ماء وطين، فمن كان اعتكف معي فليرجع) ، فرجعنا، وما نرى في السماء قزعة، فجاءت سحابةٌ فمطرت حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة، فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته . رواه البخاري (2/62-63) كتاب فضل ليلة القدر باب التماس ليلة القدر رقم (2016).
وبعد أن قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر)..إلا أن الأمر قد شق على المسلمين فراحوا يجتهدون حتى حصروها في ليلة السابع والعشرين من الشهر الفضيل..والأكثر من هذا أننا وجدنا من راح يحدد الساعة بالتمام..
والصحيح أن ليلة القدر لا أحد يعرف لها يوماً محدداً ، فهي ليلة متنقلة ، فقد تكون في سنة ليلة خمس وعشرين ، وقد تكون في سنة ليلة إحدى وعشرين ، وقد تكون في سنة ليلة تسع وعشرين ، وقد تكون في سنة ليلة سبع وعشرين ، ولقد أخفى الله تعالى علمها ، حتى يجتهد الناس في طلبها ، فيكثرون من الصلاة والقيام والدعاء في ليالي العشر من رمضان رجاء إدراكها ، وهي مثل الساعة المستجابة يوم الجمعة .
وفي الجملة لقد أبهم الله سبحانه وتعالى هذه الليلة على هذه الأمة ليجتهدوا بالعبادة في ليالي رمضان طمعاً في إدراكها .
ولأن ليلة القدر ليلة عظيمة كانت هي الوعاء الذي يحتوي القرءان الكريم..
فالقرءان الكريم لأنه قرءان ذو قدر نزل على قلب نبي ذي قدر لأمة ذات قدر انزله سبحانه وتعالى في ليله القدر .
هذه الليلة بعظمتها تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم.. فالملائكة على امتداد السنة كلها ينزلون بأمر الله جلّ علاه.
يقول سبحانه وتعالى:
(وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً )مريم : 64
طوال السنة تتنزل الملائكة بالأمر .والملائكة تتعاقب علينا .على مدي الأربعة وعشرين ساعة بأمر ربهم وكل ملك له وظيفة يؤديها بالأمر..
إنما في ليلة القدر فالوضع مختلف..إذ أن الملائكة تنزل بالإذن..بالإذن وليس بالأمر.. وفرق كبير جدا بين الأمر والإذن مثلا في الجندية نجد الجندي ينزل أو ينفذ أوامر القائد بالأمر يبعثه مأمورية بالأمر أما لو أن هذا الجندي عنده فرح أو مناسبة سارة فعليه التوجه للقائد ويأخذ إذن هو عبارة عن تصريح له بالنزول..

وهكذا الملائكة على امتداد العام كله تنزل إلى الأرض بالأمر ولكنها في ليلة القدر تنزل بتصريح من المولى عز وجل تنزل بالإذن..
تطلب الملائكة الإذن من الله لأنها في هذا اليوم العظيم تريد أن تشارك المسلمون كلهم كلهم بلا استثناء في مشارق الأرض ومغاربها بفرحة الدعاء فالمسلمون يرفعون اكفهم بالدعاء لله سبحانه وتعالى وذلك في تجمع عجيب..
ففي الحج الأكبر كان ختام القرءان الكريم وكانت ليلة الوقوف بعرفة وهي ليلة لا يشهدها إلا القادرون فقط ...وفي هذا التجمع يباهي الله ملائكته يوم القيامة لأنهم جاءوه سبحانه وتعالى شعثاً غبراً ويرفعون أكفهم بالدعاء فلا يردهم الله جلّ علاه خائبين.
وفي شهر رمضان كان بداية نزول القرءان وكانت ليلة القدر..فيها يرفع مليار مسلم أكفهم بالدعاء فلا يردهم الله خائبين..فالملائكة تطلب الإذن من الله وعلى رأسهم جبريل بالنزول إلى الأرض ليشهدوا موكب الإيمان والتقوى ..ففي هذا الموكب العظيم تجد المسلمين كل على حده يطلب من الله سبحانه حاجته وفي يقينه أن الله سبحانه وتعالى سوف يستجيب ولسوف يستجيب .وشرط الاستجابة كما قلنا هو الاستقامة..( قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ )يونس : 89
فالاستقامة على أمر الله والتقرب بالعمل الصالح إلى الله، كلاهما الشرطان الأساسيان وإن شئت فقل هما الجناحان اللذان يجعلان النفس تطير إلى تلك الآفاق العالية وعندها تشهد ما تشهد من كمال الله سبحانه وتتحلى بالفضيلة والمعرفة.
أما الموسم المناسب الذي تتهيأ فيه النفس لتلك الحالة من الرؤية، والفوز بتلك الليلة المباركة، فإنما هو شهر رمضان، وفي العشر الأواخر منه، تلتمسُ كما أخبر الصادق المصدَّق عليه أفضل الصلاة والسلام، ذلك لأنه يتوفَّر للصائم حينئذٍ ذانك الشرطان الأساسيان، فالجوع والعطش في رمضان عونٌ على القطيعة بين الإنسان والشيطان، والإنسان قد مَرِنَتْ نفسه طوال نهارها على هذه القطيعة الميمونة، تجده غير خجل من ربه إطلاقاً.
كما أن له من طاعته لله بصيامه سبباً عظيماً وحافزاً قوياً يحفزه على الإقبال على ربّه فإذا وقف عشاءً للصلاة بعد أن تناول يسيراً من الطعام والشراب، وقف وكله اتجاه وإقبال وطارت نفسه، تحلِّق في ذلك الأفق العالي لا يعوقها عائق، ولا يقف بينها وبين خالقها حجاب وإنك لتجد الصائم بمجرد دخوله في الصلاة لا يلبث أن يرى نفسه مغموراً بفيض من نور الله، شاخصاً ببصيرته إلى الله، يعبده حق العبادة لأنه يراه ولا يزال يعيد الكرة يوماً فيوماً، وليلة بعد ليلة، حتى إذا أقبل العشر الأواخر من هذا الشهر وقد صلب عود النفس فتشهد ما يتناسب مع حالها من جماله وجلاله وعظيم صفاته، وترى الكون كله قائماً بإمداده وتسييره، سابحاً بفضله وإحسانه، مغموراً برحمته وحنانه.. وبشهود الإنسان ذلك الجلال الإلهي والجمال وبرؤيته كمال ربه المتعال، وبتطلُّعه إلى الرحمة الشاملة. ولذلك العطف والحنان، يمتلئ حباً بذي الجلال والإكرام والعطف والإحسان.
تلك هي ليلة القدر التي يشهد فيها العبد عظمة ربه، وسامي صفاته، ويتنزَّل فيها القرآن على قلبه، تلك هي ليلة القدر التي زيَّن الله بها شهر رمضان، تلك هي الليلة التي يجب أن يفوز بها كل إنسان ومن مات ولم يشهد ليلة القدر فقد أضاع حياته وخسر هذا العمر.
كل فعل له زمان يحدث فيه وله مكان يحدث فيه..
هنا تكلم رب العالمين عن زمان نزول القرءان الكريم فقال إنا أنزلناه في ليلة القدر..وليلة القدر خير من ألف شهر..فأين مكان نزول القرءان الكريم..
كلنا يحسب للقرءان الكريم نزوله في الزمان وننسى المكان..
فالزمان له قدر وعليه يجب أن يكون مكان نزول القرءان الكريم ذي قدر يتناسب مع الزمان والذي هو خير من ألف شهر..قال سبحانه وتعالى : (لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍلَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)الحشر:21..ولكننا أنزلناه على قلبك يا محمد فتحمل نزول القرءان..
ما هو قلب الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟..
انتبه
كلنا نقول ليلة القدر خير من ألف شهر..وننسى مكان نزول القرءان..لا أحد يذكره أبداً..إذا أردت أن تعرف قدر القرءان الكريم فلتعرفه من ناحية الزمان والمكان..
من ناحية الزمان عرفنا نزوله في ليلة القدر..
وأما من ناحية المكان..
فهو قلب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..الذي نزل عليه القرءان.. (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ)..
يقول الحق سبحانه وتعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الحشر : 21
فالجبل لا يقوى على تحمل نزول القرءان الكريم فما بالكم بقلب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يقول تعالي: ( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) الشعراء :192ـ 195
فالحق جل علاه يقول أن القرءان الكريم نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ على قلب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ .. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ..
ولقد عرفنا من السيرة النبوية المطهرة ومن القرءان الكريم قصة ثلاثة جبال..
الجبل الأول أخبرنا الله سبحانه وتعالى عنه ألا وهو جبل الطور ذلك الجبل الذي شرف بتجلي الله جل علاه له ولم يقو على تحمل النظر إلى وجهه الكريم فاندك ولم يوجد له أثر..نعم هذا الجبل الذي نسمع قصته ولم نر أثره..فقط موضع الجبل معروف..إنني اسميه الجبل الخاشع..
في سيناء جبل يستحق أن يحسده الناس على الكرامة التي وقعت له..
صحيح أن الجبل قد غاب عن الوجود، ولم يعد له أثر، ولكن الصحيح أيضا أن هذا الجبل هو الذي تجلى الله تبارك وتعالى عليه.
كان للجبل شرف الحضور أمام أنوار الحق وجماله.
وكان له شرف الفناء أمام هيبة الحق وجلاله..
لم يصمد الجبل لأنوار الحق..اندك الجبل ساجداً بأسلوبه الخاص فذابت صخوره وغاب عن ذاته..وتحول إلى الفناء..
حدثنا الله تبارك وتعالى عن قصة هذا الجبل الكريم في سورة الأعراف( وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ )الأعراف : 143
كثيرا ما أفكر في هذا الجبل..
كثيرا ما أفكر في إحساسه الرقيق العميق المرهف..كان الجبل جبلاً يتكون جسده من الصخور القاسية، ورغم ذلك كان يحس..ويشعر..ويحب..ويخشع..ويعرف كيف يخر ساجداً..ويعرف كيف يفني عن ذاته..
كان جبلاً محظوظاً سعيداً..كريماً..لقد أختاره الله تعالى..واختصه بالتجلي عليه..
أيضاً كان جبلاً مباركا ذاب من فرط عشقه حين شاهد أنوار الحق، ودفع ثمن حبه من كيانه الصخري، وذاب خشوعاً أمام الجمال والجلال المقدسين..
كثيراً ما أفكر في هذا الجبل، فأحس أن الجبال في سيناء كلها تحسده على تجربته..وتحسده على فنائه..وتحسده على غيابه الذي يجعله حاضراً بالروح والذكرى وإن كان غائباً بالجسد والكيان..
أين هذا الجبل؟..أين يقع مكانه؟..إن أحداً لا يدري سوى الله جلّ علاه..
لقد ذهب هذا الجبل حاملاً معه أسراره..
أطبق قلبه الصخري على السر وخشع حتى الفناء..
إنه يقول بالصمت والفناء مالا يقال إلا بالصمت والفناء..
فسلام على الجبل الغائب..والذي يجسد معنى الحب في الله في أجلى معانيه

مرة أخرى يقول سبحانه وتعالى مادحاً ذلك الجبل:
( وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ )الأعراف : 143
أما عن الجبل الثاني فهو جبل أحد..ذلك الجبل الذي قال عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ) . رواه البخاري ومسلم..
تأملوا في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ..إذن الجبل له مشاعر وعواطف وأحاسيس وهذه كلها مكانها القلب فجبل أحد له قلب يشعر ويحس ويحب..مثلنا تماماً..
أحد جبل يحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..ويبادله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفس المشاعر.
والجبل الثالث هو جبل حراء..
ولقد شهد جبل حراء لقاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجبريل ولحظة نزول القرءان الكريم..وكان الله به رحيما فلم يشأ أن ينزله عليه ولو حدث هذا لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ .
إذن الطاقة الاستيعابية لقلب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنزول القرءان الكريم أكبر من أن يتحملها الجبل الأشم فالجبل لا يقو على تحمل نزول القرءان.
لذلك أنزل الله جل علاه القرءان الكريم على قلب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..وهذا هو البعد المكاني لنزول القران.
فكيف نزل القرءان الكريم على قلب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَولم يتصدع؟..فتذكروا ليلة القدر من ناحية المكان ومن ناحية الزمان لتعرفوا شيئاً عن نبيكم عليه الصلاة والسلام..
3 ـ ومثل ما فضل الله سبحانه وتعالى الرسل بعضهم على بعض..ومثل ما فضل بعض الأمكنة على بعض فمكة أم القرى.. أخرج الترمذي بسنده عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "والله، إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت".. وفي رواية للترمذي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ما أطيبك من بلد وأحبك إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك". إن الحرم في مكانينفقط لاثالث لهما؛ أحدهما: مكة، والثاني: المدينة النبويّة، فمكة ليست كأي بلد من البلدان، والمسجد الحرام ليس كأي مسجد من المساجد في كل بقاع الأرض، فالأماكن تختلف بعضها عن بعض في الفضل، وكذلك الأشخاص (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ) الحج:75.
والله سبحانه وتعالى فضل بعض الأيام على بعض، وبعض الليالي على بعض، وبعض الشهور على بعض، وبعض السنين على بعض، وبعض القرون على بعض، وبعض الأمم على بعض، كما أنه سبحانه وتعالى فضل بعض النبيين على بعض، وبعض الملائكة على بعض.
فقد جرت سنة الله سبحانه وتعالى بالتفضيل في عموم مخلوقاته سبحانه وتعالى، فيوم عرفة خير يوم في السنة، وفضَّل الله تعالى بعض الشهور والأيام على بعض فـ( عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) التوبة: 36، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ثلاثة متوالية، والرابع شهر رجب الفرد بين جمادى وشعبان وشهر رمضان أفضل الشهور وفضَّل الأيام بعضها على بعض؛ فَخيرُ يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة. ، وقرن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأفضل القرون، وجرت سنة الله سبحانه وتعالى بهذا التفضيل..كذلك فضل الله سبحانه وتعالى ليلة القدر على سائر الليالي..
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)..
ماذا تعرف يا محمد ويا كل مسلم..ماذا تعرفون عن ليلة القدر؟؟..
لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ
تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ) سورة القدر
وقوله تعالى( سَلَـٰمٌ هِىَ ) إشارة إلى العناية الإلهية بشمول الرحمة لعباده سبحانه وتعالى المقبلين إليه.
ومن أجمل ما قرأت شعراً
أطلي ليلة القدر لعبد المعطي الدالاتي:
أطلّي غُرّةَ الدهرِ
أطلي ليلةَ القدرِ
أطلي درّةَ الأيام
مثلَ الكوكب الدرّي
أطلّي في سماء العمر
إشراقاً مع البدرِ
سلامٌ أنتِ في الليل
وحتى مطلعِ الفجرِ
سلامٌ يغمرُ الدنيا
يُغشّي الكونَ بالطهرِ
وينشرُ نفحةَ القرآنِ
والإيمانِ والخيرِ
لأنكِ منتهى أمري
فإني اليوم لا أدري
أفي حلُمٍ..أفي وعيٍ..
أنا! يا حِيرةَ الفكرِ!
فما قيسٌ وما ليلى
وما ذاك الهوى العُذري!
حفظتُ هواكِ في سري،
فباحتْ مهجةُ السرِّ
وصنتُ سناكِ في صدري
فشعّتْ خفقةُ الصدرِ
أداريهِ وأسكبُهُ
بقلبِ زجاجةِ العطرِ
وأصحَبهُ مدى عمري..
وأحملُه إلى قبري
لأنكِ أنت أمنيتي
فرشتُ الحبَّ في قصري
لأجلكِ صُغتُ قافيتي
وصغتُ قصيدةَ العمرِ
أرتّلها وأنشدُها فأرحلُ
في مدى الشعرِ
فمن شطرٍ إلى شطرِ
ومن سطرٍ إلى سطرِ
ويصغي الكونُ في شغفٍ
لقافيةٍ على ثغري
لقافيةٍ ملوّنةٍ
بلونِ خمائلِ الزهرِ
فحرفٌ لونهُ يُغوي ،
وحرفٌ حسنهُ يغري
وليس الفضلُ لي أبداً
فما عندي سوى فقري
وكلّ الفضل والنُعمى
لربٍّ مالكٍ أمري
ومنْ يدري! بما قد رانَ
من وزرٍ على ظهري
فيا رباهُ فارحمني..
فوزري ..آهِ من وزري
لأنكِ أنت أمنيتي..
لأنك ليلة القدرِ
والسُّؤال الأخير عنها: ماذا ينبغي لِمَن صَادَفَها، أو ظَنَّها أن يفعلَ؟
لقد سألتْ أم المؤمنين عائشة السيدة رضي الله عنها هذا السؤال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فأجَابَهَا بقوله: "قولي: اللهمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ، تُحبُّ العفوَ فاعفُ عني" أخرجه ابن ماجه (3850)، والترمذي (3513)، وقال: حديث حسن صحيح، ووافَقَه الألباني في السلسلة الصحيحة (3337).
وبتأمُّل هذا الدعاء نجده من جوامع الكلم؛ لأنَّه أوَّلاً تَوَسُّلٌ إلى الله تعالى بصفته التي تناسب المطلوب، وهو "عَفُوٌّ"، وامتداحه بها "تُحِبُّ العَفْوَ"، ثم طلب العفو وهو جامع لخيري الدنيا والآخرة، معافاة البدن منَ الوَجَع، والدِّين منَ البِدَع، ومَن عُوفِيَ فلْيَحْمَدِ الله، أمَّا في الآخرة فمَن عُوفِيَ من الحساب والعقاب، فقد فاز بِحُسْن المآب.
 

الفصل السادس

إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ

الفرع الأول

المستهزؤون

في 30 سبتمبر 2005م نشرت صحيفة "يولاندس بوستن" الدانماركية 12 رسمًا كاريكاتيريًا سخرت فيها من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ساعتها لم تتنبه الشعوب العربية والمسلمة لهذه الجريمة، غير أنه بعد هذه الفعلة بأشهر قليلة، اشتعل العالم كله غضبًا من هذه الجريمة النكراء..
كان التفاعل الشعبي المسلم مع قضية الصور المسيئة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غاية الروعة، حيث انطلقت الأمة على كافة الأصعدة تندد بتلك الجريمة، وتطالب بمحاكمة المسئولين، غير أن هذه الجريمة أظهرت كذلك حقيقة الموقف الأوروبي الغربي من الإسلام والمسلمين، كما أنها كشفت عن مواقف مشبوهة لعدد من المسلمين.
من الأمور المؤكدة أن هذه الجريمة الدانماركية بحق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليست جديدة على العقلية الغربية، بل إنها نتاج ما توارثته العقلية الغربية من نظرة مشوهة عمدًا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللإسلام، وليس هذا غريبًا فقد أخبر الله عز وجل في كتابه الكريم بأن هذا جرى مع الرسل السابقين، فقال تعالى: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) [الأنعام:10].
أفاض الدكتور "عبد الرحمن بدوي" في كتابه "دفاع عن محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضد المنتقصين من قدره" في عرض مواقف الباحثين والمؤلفين الأوروبيين من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منذ القرن العاشر الميلادي وما قبله، حيث يظهر كم الإساءات المتعمدة والأكاذيب المشوهة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولدين الإسلام، ويتأكد لنا أن هذه الأكاذيب لم تكن أمرًا عفويًا أو نادرًا بل كانت منهجًا تلقاه الخلف عن السلف، فلم يكن مستغربًا أن تقدم صحف غربية معاصرة في تجديد للنبي الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وبعيدًا عن ذكر الأمثلة الكثيرة على ذلك نكتفي بإيراد شهادة واحدة أدلى بها الباحث الفرنسي "إرينست رينان"، والذي يقول: "لقد كتب المسيحيون تاريخًا غريبًا عن محمد .. إنه تاريخ يمتلئ بالحقد والكراهية له، لقد ادعوا أن محمدًا كان يسجد لتمثال من الذهب كانت تخبئه الشياطين له، ولقد وصمه دانتي بالإلحاد في رواية الجحيم، وأصبح اسم محمد عنده وعند غيره مرادفًا لكلمة كافرًا أو زنديق، ولقد كان محمدًا في نظر كتاب العصور الوسطى تارة ساحرًا، وتارة أخرى فاجرًا شنيعًا ولصًا يسرق الإبل، وكاردينالاً لم يفلح في أن يكون بابا فاخترع دينًا جديدًا اسمه الإسلام لينتقم به من أعدائه، وصارت سيرته رمزًا لكل الموبقات وموضوعًا لكل الحكايات البغيضة".
هكذا يلخص رينان النظرة الأوروبية على مدى القرون لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهي نظرة لم تختلف كثيرًا في العصر الحديث، فإذا عدنا إلى أوائل القرن التاسع عشر والقرن العشرين فإننا نجد فريقا من المستشرقين أساءوا إلى الرّسول محمّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فمنهم من اتّهمه بسرقة ما جاء في التوراة والإنجيل كأبراهام جيجر في كتابه "ماذا استفاد محمد من اليهودية" (بون 1833)، وهير شفيلد في "العنصر اليهودي في القرآن" (برلين 1878)، وسيدرسكي في "أصول الأساطير الإسلامية في القرآن" (باريس 1933)، وريتشاربل في "أصل الإسلام في بيئته الإسلامية" (لندن 1926).
إن موجة الكراهية من جانب المسيحيين هي مجرد حلقة في حملة مسيحية لتسفيه النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَورميه بأقذع النعوت.
ودائما أساء مفكرو المسيحية لنبي الإسلام.
ومن أشهر هؤلاء (دانتي) في (الجنة والجحيم) والتي يعتبرها الكثيرون ربما أبرز ما كُتب في الأدب الأوروبي في العصور الوسطى، وأحد أكثر الأعمال الأدبية تأثيرا في الحضارة الغربية. فقد جعل هذا المؤلف مرتبة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قاع الجحيم.
وكان أول مفكر مسيحي ينفث سمومه على النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(يولوجيوس قرطبة) وكان ذلك في القرن التاسع الميلادي حيث ألّف كتابا شن فيه حملة شعواء على النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومن الكُتّاب المسيحيين الآخرين الذين أساءوا للمصطفى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(بطرس المبجل )(أوف كلوني) و(ألكسندر ديو بونت).
ومن الملائم هنا أن نقارن ما كتبه هؤلاء مع ما كتبه بعض الكتاب المسيحيين في عصر النهضة, فقد أشاد أحدهم وهو (لايبنيتز) في كتابه "ثيودايز" عام ألف وسبعمائة وعشرة ميلادية بالنبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوصفه يدعو إلى دين ملائم لطبيعة الإنسان، وقال إن الإسلام يصف نفسه بأنه دين الفطرة.
أما فولتير فقد نشر في عام ألف وسبعمائة وستة وخمسين كتابا اشتمل على فصل عن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصف فيه النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه رجل حكيم، وفنان بارع، وقائد عسكري عبقري وإنسان ذو نظرة ثاقبة، ومن هنا يتضح لنا بسهولة لماذا أطلق على فولتير وصحبه مفكرين مستنيرين.
وفي الوقت الذي اعترف فيه معظم المفكرين المسيحيين بعظمة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن كثيرا منهم نفثوا فيه سمومهم تماما كما يفعل المتعصبون المسيحيون المعاصرون، وعادة ما يكون منطلقهم في ذلك تعدد زوجات النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَويقرنون ذلك بما يدّعونه من تحقير الإسلام من شأن المرأة، وغني عن القول أن المسلمين يرفضون قطعيا هذه المزاعم ويختلفون معها كُليّا.
في حين أن كل هؤلاء مأمورون بالإيمان بالنبي محمد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَلأنه مذكور عندهم في الكتاب المقدس..فلقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بذلك:
يقول القران الكريم عنه في سورة الأعراف: 157ـ 158: [الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ].
يقول سبحانه وتعالى في سورة الرعد: 43
[وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ].
ويقول سبحانه وتعالى في سورة الشعراء 197:
[أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ].
وهكذا تستمر الإساءة والإجرام حتى نصل إلى العصر الحالي، فتأخذ الإساءة بعدًا أكثر تنظيمًا، وأكثر قبحًا ولعل أخطر هذه الإساءات تلك الحملة الكبرى التي نظمتها مجموعة من الجمعيات التّنصيرية حشدت أكثر مليون منصّر بدعم من الفاتيكان للحدّ من انتشار الإسلام في العالم، والعودة بالبشريّة إلى المسيحيّة، ونشرت صحيفة (فليت إم زونتاج) الألمانية تقريراً عن منظمة رابطة الرهبان لتنصير الشعوب سلطت فيه الضوء على جهود المنظمة في نشر الدين المسيحي ومعتقداته حول العالم.
وهكذا نرى أن الإساءة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر متعمد ونهج متبع، وليست الجريمة الدانماركية حادثة فردية، كما يحاول البعض الترويج لذلك في سبيل التخفيف من حدة الغضب الإسلامي.
المواقف المشبوهة:
أما المواقف المشبوهة، فقد تمثل أخطرها في دعوة عدد من الدعاة إلى إجراء حوار مع الدانمارك بدعوى أنهم لم يقدموا على جريمتهم إلا إنهم لا يعرفوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وبلغت ذروة هذا الموقف المشبوه الدعوة إلى عقد مؤتمرًا عن قضية الصور المسيئة في الدانمارك يومي 9و10 مارس، وهي الدعوة التي رفضها جل علماء المسلمين ورحبت الحكومة الدانماركية بها بحفاوة ولم لا وهي تلقي للحكومة الدانماركية حبل النجاة من الغضب الإسلامي المحتد، وتزداد الشكوك بحقيقة هذا المؤتمر عندما نرى القائمين عليه يتجاهلون دعوة أيًا من قادة الجالية المسلمة بالدانماركية للمشاركة.
قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) [الأحزاب 57]، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، وقال الله تعالي: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا) [الأحزاب 53]"
وقال تعالى: (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) [آل عمران20].
ولأمريكا ناشرة الفيلم المسيء للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذكرها بما حدث لكسرى عظيم الفرس في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والذي تجرأ ومزق خطاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه والذي يدعوه إلى الإسلام، فيكون الجزاء من جنس العمل ولا تمض إلا أيام ويمزق الله ملكه وكأنه بتمزيقه لخطاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمزق ملكه هو، بل ومزق ملك الفرس الذي أنهى المسلمون دولتهم في سلسلة من الفتوحات المجيدة.
عظمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصبره على الاستهزاء:
ونحن نستعرض في هذا المقام جانباً من جوانب عظمة شخصية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...حيث كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو إلى الله على نورٍ من ربه، ويصبر على الأذى في سبيل هذه الدعوة، وصبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الأذى يتمثل في أحداث كثيرة تمَّت في حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ من مواجهته للكفار والمشركين والمنافقين، وفي عامٍ واحد وهو العام العاشر من البعثة يتوفى الله تعالى خديجة رضي الله عنها ويموت أبو طالب ، فيطمع كفار قريش في أذية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لم يكونوا يطمعون قبل ذلك، وأذية الكفار لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تتمثل في جوانب كثيرة:
أولاً: الاستهزاء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول الله عز وجل:
(وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ) الأنبياء:36.
أن يهزأ المبطل بالمحق، وأن يسخر السفيه بالعاقل، تلك أذية كبيرة تقع كالصخر على صدر الذي يتعرض لهذا النوع من الأذى، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم أنه على الحق وهم يستهزئون به: (وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً )الفرقان:41.
يستهزئون بشخصيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنه يصبر على هذا الأذى وهو يتفكر في قول الله تعالى يسري عن شخصه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ)الأنعام:10.
ولقد صبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على شتى الاتهامات؛ فقد اتهموه بأنه يقول الشعر، وأن هذا القرآن إنما هو شعر، وأنهم أيضاً شعراء ولو شاءوا أن يأتوا بمثل شعره لأتوا، يريدون أن يحولوا هذا القرآن عن المجرى العظيم والقالب الذي نزل به؛ لكي يقولوا للناس: نحن نستطيع أن نصنع مثله قال تعالى: (بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ) الأنبياء:5.
وقالوا: (أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ)الصافات:36.
وقال الله عز وجل عنهم: (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ)الطور:30.
إنهم ينتظرون نهايته، وينتظرون موته حتى تدفن دعوته في مهدها، ولا تقوم لها قائمة، ولكن الله سبحانه وتعالى تولى الرد عليهم، وتثبيت نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ) الحاقة:38-41.
وقال عز وجل: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ)يس:69.
وكل عارف باللغة العربية؛ بنثرها وشعرها يعرف أن هذا القرآن ليس على وزن الشعر، وليس شعراً كالذي يقوله الشعراء.
وأوذي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باتهامه بالسحر، قال تعالى: (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ)يونس:2
(وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ )ص:4
( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً)الفرقان:8.
ولكن الله عز وجل رد عليهم فقال: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ)الذاريات:52.
لماذا يريد الجاهليون أن يصموا شخصية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسحر؟ لأنهم رأوا أن لهذا القرآن الذي يتلوه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأثراً عظيماً على نفوس الناس؛ إنه يجذب الأنظار، ويأخذ بمجاميع القلوب ( إن عليه لطلاوة، وإن له لحلاوة ) فهم يريدون أن يصرفوا أذهان الناس عن سبب هذا التأثير؛ إنها والله دعاية إعلامية يريدون أن يلبسوا بها على الناس الذين يتأثرون بكلام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إن على دعاة الإسلام أن يجابهوا هذه المواقف، وأن يُجَلُّوا للناس أثر القرآن والسنة، وأن يُروا الناس بأبصار قلوبهم قبل أبصار عيونهم أن هذا القرآن وهذه السنة ذات أثر على الناس، مخاطبة الناس بالقرآن والسنة، وربطهم بها مباشرة من الواجبات اليوم، حتى يحصل ذلك التأثير.
وصبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على اتهامه بالجنون: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ )الحجر:6.
وقالوا: (أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ )الصافات:36
(ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ)الدخان:14.
ليس أصعب على صاحب الإيمان، والعقل الراجح، والرأي السديد، والفكر الصائب، من أن يتهم في عقله، وأن يوصف بالجنون.
وتولى الله الرد على هذه الفرية مثبتاً رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)سبأ:46.
وقال عز وجل: (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) التكوير:22.
وقال سبحانه وتعالى: (نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) القلم:1-2.
وهم في مناسبة أخرى وفي موقف آخر يعلمون ويعترفون بأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَليس بكذاب... ففي صحيح البخاري لما سأل هرقل أبا سفيان في بداية مقابلته له، قال: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟..
فهذا هرقل جاءته لحظات من التجرد والإنصاف، ولقد هم أن يدخل هذا الدين لولا جشع الملك وحب الرئاسة، وخوفه من زوال سلطانه، فرجع إلى الكفر، ولكنه قد رأى الحق بأم عينيه.
قال أبو سفيان : لا.
ثم قال له في آخر مقابلته: وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، وأعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله.
أي: أنت تقول أن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَما عهدت منه الكذب على الناس قبل البعثة، فعلمتُ أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ثم يكذب على الله، والكذب على الله أصعب وأشد من الكذب على الناس، فعلم أنه صادق.
ولقد تولى القرآن الرد على هذه المزاعم فقال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) هود:13.. أي: إذا زعمتم أنه كذاب فهاتوا عشر سور مثل سور القرآن: (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) هود:13.. لكي تألفوا هذه السور؛ من سائر عظماء الشعراء وأهل النثر والبلاغة: (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) هود:13..
ثم تنزل القرآن في الرد عليهم إلى ما هو أدنى من ذلك، فقال الله عزوجل: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) يونس:38..
عظم التحدي ونقص المقدار، فظهر التحدي أعظم: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِه)يونس:38..
فعجزوا، ولما حاول الكذابون أن يأتوا بسورة واحدة مثل سور القرآن؛ أتوا بأشياء مضحكة ليس هذا مجال سردها: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) هود:35..(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ) السجدة:3..
ويسري القرآن عن نفس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويثبت الله به قلب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ) الأنعام:34.
صبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تلقي الأذى في جسده:
ولقد صبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أذى المشركين في جسده صبراً عظيماً، روى البخاري رحمه الله عن عروة بن الزبير قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص : أخبرني بأشد شيءٍ صنعه المشركون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: (بينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بفناء الكعبة؛ إذ أقبل عقبة بن أبي معيط وهو من الكفار، فأخذ بمنكب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً).
عقبة بن أبي معيط يلوي الثوب حول رقبة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي: (ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر رضي الله عنه، فأخذ بمنكبه ودفع عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ)غافر:28).
آذوه في بدنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه : (أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أصيب في أحد فسال الدم على وجهه، رجع إلى المدينة ولا زال النزف في وجهه عليه الصلاة والسلام، فقام علي رضي الله عنه على رأسه، و فاطمة تأخذ من الإناء في يد علي فتغسل وجه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالماء، ولكن الجرح لم يرق، فأخذت حصيراً فأحرقته ووضعت رماده على جرح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتماسك الجرح قليلاً حتى وقف الدم).
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد، قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت).
الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما وجد ولياً ولا نصيراً، يريد من كفار قريش أن يجيبوه وينصروه فلا يجد. (فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي). هذه الألفاظ تصور محنة الداعية التي يعيشها حينما يعرض الناس عنه، محنة الداعية التي يعيشها حينما يرفضه كل الناس، حين يطرده جميع الناس، عندما يوصدون الأبواب في وجهه، ولا يرضون بالحق الذي يقول به، ويعرضون عنه. (فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب) وهو موضع قريب من مكة.
لقد هام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على وجهه من الغم، وما أفاق إلى نفسه ليعرف إلى أين يسير إلا في قرن الثعالب ، وليس ذلك لأجل إفلاس، ولا لذهاب تجارة، ولا لخسارة في صفقة، ولا لفقد وظيفة، كلا. (فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد! إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ـ أي: الجبلين العظيمين اللذين تقع بينهما مكة ـ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً). وعندما يكون الظلم من الأقرباء يكون وقعه شديداً على النفس.
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ )الشعراء:214.. صعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصفا فجعل ينادي بطون قريش:
(يا بني عدي ... حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر في الأمر، فجاء أبو لهب وقريش فاجتمعوا ـ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصفا ـ فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً ببطن الوادي تريد أن تغير عليكم ـ جيش قريب من مكة يريد أن يغير عليكم ـ أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم. ما جربنا عليك كذباً، قال: إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم.. ألهذا جمعتنا).
ولقد وصل الأمر إلى أن ادعوا أنهم أحق من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحق وصلة الرحم، فهذا أبو جهل لعنه الله وقف يوم بدر يبتهل إلى الله ويقول: اللهم أقطعنا للرحم ـ يعني الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَـ وأتانا بما لم نعرف فأحنه الغداة.
يوم بدر يقف أبو جهل لعنه الله يدعو الله أن يهزم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه قطع الرحم، وأتاهم بما لم يعرفوا، فأنزل الله عز وجل: (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ)الأنفال:19 كما في الصحيح المسند من أسباب النزول .
ولقد اتهموا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى في إنجابه، فعن ابن عباس قال: (لما قدم كعب بن الأشرف مكة ـ وكان كعب بن الأشرف يهودياً ـ قالت له قريش: أنت خير أهل المدينة وسيدهم ـ وكان هذا قبل الهجرة ـ قال: نعم. قالوا ألا ترى إلى هذا الصنبور ..). يقصدون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستخدام الألفاظ المشينة؛ ألفاظ السب، والصنبور في لغة العرب: هو الرجل الفرد الضعيف الذليل الذي لا أهل له ولا عقب، ولا ناصر ينصره، قالوا: (ألا ترى إلى هذا الصنبور المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج، وأهل السدانة، وأهل السقاية، قال: أنتم خير منه. فأنزل الله عز وجل: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ )الكوثر:3) أي: إن شانئك وسابك يا محمد هو الأبتر الذي لا عقب له.
وأخيراً هذا الموقف الذي تحكيه لنا آية الأنفال: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ)الأنفال:30.. إن عقد المؤتمرات لإجهاض الدعوة، والمؤامرات على دعاة الإسلام، وإلحاق الأذى بهم قضية قديمة. (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا)الأنفال:30..
لقد اجتمعوا في حجر إسماعيل بجانب الكعبة في مكة ؛ يدبرون ويخططون لثلاثة أشياء:
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ ومعنى: يثبتوك: يقيدوك ويحبسوك حتى لا تقوم بالدعوة.أَوْ يَقْتُلُوكَ ويضيع دمك بين القبائل.أَوْ يُخْرِجُوكَ من مكة ويطردوك حتى لا تكون بينهم.
روى ابن حبان في صحيحه و الحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (دخلت فاطمة على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي تبكي، فقال: ما يبكيك يا بنيه؟ قالت: يا أبت! ما لي لا أبكي وهؤلاء الملأ من قريش في الحجر يتعاقدون باللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، لو قد رأوك لقاموا إليك ليقتلوك، وليس منهم إلا من قد عرف نصيبه من دمك، فقال: يا بنيه! ائتيني بوضوئي، فتوضأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَثم خرج إلى المسجد، فلما رأوه قالوا: إنما هو ذا، فطأطئوا رءوسهم، وسقطت أذقانهم من بين أيديهم فلم يرفعوا أبصارهم ـ أعماهم الله ـ فتناول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَقبضة من تراب فحصبهم بها وقال: شاهت الوجوه، فما أصاب رجلاً منهم حصاة من حصياته إلا قتل يوم بدر كافراً).
قال ابن كثير رحمه الله: قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ولا أعرف له علة.

ولنا مع هذا الحدثِ الأليمِ والجُرم العظيمِ ، والذنبِ الكبيرِ وقفاتٌ ووقفاتٌ أقلها وجوبُ نُصرةِ الرَّسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والدِّفاعِ عنهُ على كُلِّ مسلمٍ يشهدُ أنَّ لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ بقدرِ استطاعتهِ ، وأنَّ التَّخاذلَ والجُبنَ عنْ نصرتهِ طمعاً في دنيا أو خوفاً منْ مخلوقٍ فهو إثمٌ وذنبٌ عظيمٌ ، وكُلُّ إنسانٍ بحسبِ قدرتهِ وطاقتهِ ، وما يجبُ على العالِمِ غيرُ ما يجبُ على العامِيِّ ، وعلى الحاكمِ والمسؤولِ والأميرِ والوزيرِ ما لا يجبُ على غيرهِم ، وعلى منْ يتكلمُ لغةَ القومِ ويستطيعُ إبلاغَ الاستنكارِ يجبُ عليهم ما لا يجبُ على غيرِهم ، عملاً بقول المولى جلَّ شأنهُ : (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) الفتح9، ويقول سبحانه : (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)الأعراف157.
يقولُ شيخُ الإسلامِ :"التعزيرُ: هو اسمٌ جامعٌ لنصرهِ وتأييدهِ ومَنْعُهُ منْ كُلِّ ما يؤذِيهِ، والتوقيرُ : اسمٌ جامعٌ لكُلِّ ما فيهِ سكينةٌ وطمأنينةٌ منْ الإجلالِ والإكرامِ ، وأنْ يُعاملَ منَ التَّشريفِ والتَّكريمِ والتَّعظيمِ بِما يَصونهُ عنْ كُلِّ ما يُخْرِجُهُ عنْ حَدِّ الوقارِ " أ.ﻫ.
وأمَّا سَابُّهُ ومُؤْذِيهُ والمُستهزئ بهِ فهو في أحطِّ منزلةٍ وأخَسِّ مرتبةٍ ، فإنْ كانَ مسلماً فإنَّهُ يُصِبحُ مُرتداً بإجماعِ أهلِ العلمِ ، ويُقتلُ كذلكَ بالإجماعِ ولا يُعلمُ لهُ مُخالفٌ بينَ علماءِ المسلمينَ ، وإنَّ كانَ معاهَداً أو ذِمِّياً أو مستأمناً فإنَّ عهدهُ مُنتقِضٌ ويستحقُ أنْ تُضربَ عُنُقُهُ بالسَّيفِ انتصاراً لرسولِ الإسلامِ ونَبِيِّ الأنامِ ، كيفَ لا وربُّنا جلَّ في عُلاه يقولُ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً)الأحزاب57.
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)التوبة : 61.
ولقد تكفَّلَ اللهُ سبحانهُ بصيانةِ عرضِ النّّبِيِّ والانتقامِ لهُ فقالَ (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)الحجر : 94 و 95.
ومنْ أوجهِ الكفايةِ أنَّ يُكْرِمَ اللهُ ويُنْعِمَ على بعضِ عبادهِ بالذَّوْدِ والدِّفاعِ عنْ نبيهِ بكُلِّ ما يستطيعُ وهي مرتبةٌ عظيمةٌ وشرفٌ كبيرٌ لكُلِّ منْ تصدِّى للدِّفاع عنْ النَِّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاللهُمَّ شَرِّفْنَا بالدِّفاعِ عنْ نبيكَم الكريمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إن فضائل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تكاد تحصى كثرةً فهو منّة الله على هذه الأمة (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) آل عمران : 164..
امتدحه ربه ورفع منزلته فهو أول من تنشق عنه الأرض, وأول من يدخل الجنة , وله المقام المحمود الذي يحمده عليه الأولون والآخرون , والحوض المورود واللواء المعقود.. إلى غير ذلك من الفضائل والخصائص التي اختص بها عن غيره , وهي مدونة في كتب الدلائل والشمائل والخصائص والفضائل , لقد شهد بفضل نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القاصي والداني والصديق والعدو , وأنَّى لأحد أن يكتم فضائله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي كالقمر في ضيائها , وكالشمس في إشراقها وهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن.
يقول الشيخ جمال الدين الصرصري والذي قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية ج6 ص299: الصرصري المادح , الماهر , ذو المحبة الصادقة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, يشبه في عصره بحسان بن ثابت رضي الله عنه وقد قتله التتار حينما دخلوا بغداد سنة 656 ﻫ.
يقول:

محمد المبعوث للنــاس رحمةً *** يشيِّد ما أوهى الضلال ويصلح
لئن سبَّحت صُمُّ الجبـال مجيبةً *** لداود أو لان الحديـد المصفح
فإن الصخور الصمَّ لانت بكفه *** وإن الحصــا في كفه ليُسَبِّح
وإن كان موسى أنبع الماء بالعصا *** فمن كفه قد أصبح الماء يَطفح
وإن كانت الريح الرُّخاءُ مطيعةً *** سليمان لا تألـو تروح وتسرح
فإن الصبـا كانت لنصر نبينا *** ورعبُ على شهر به الخصم يكلح
وإن أوتي الملكَ العظيم وسخِّرت *** لـه الجن تسعى في رضاه وتكدح
فإن مفاتيح الكنــوز بأسرها *** أتته فرَدَّ الـــزاهد المترجِّح
وإن كـان إبراهيم أُعطي خُلةً *** وموسى بتكليم على الطور يُمنح
فهـذا حبيب بل خليل مكلَّم *** وخصِّص بالرؤيا وبالحق أشرح
وخصص بالحوض الرَّواء وباللِّوا *** ويشفع للعـاصين والنار تَلْفح
وبالمقعد الأعلى المقرَّب نــاله *** عطـــاءً لعينيه أَقرُّ وأفرح
وبالرتبة العليـا الوسيلة دونها *** مراتب أرباب المواهب تَلمح
ولَهْوَ إلى الجنات أولُ داخلٍ *** لــه بـابها قبل الخلائق يُفْتَح

(لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم)ٌ [التوبة 8]

 

الفرع الثاني


(وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً)النساء: 159

هل أسلم هذا البابا قبل موته ؟



784151039.jpg


لقد أعلن الشيخ عبد المجيد الزنداني أن مخطوطات قمران قد تكون تسببت في موت بابا الفاتيكان يوحنا الثالث والعشرون1963م,عندما حاول الإعتراف والإعلان عن أن هذه المخطوطات قد بينت شخصية المسيح الحق كمايدين به المسلمون وأن دين الإسلام هو الدين الحق, والمسلمون هم الفرقة الناجية,وحينها إعترض سفير إسرائيل لدىالفاتيكان على دعوة البابا,ثم مالبثوا أن وجدوا البابا ميت على فراشه وبعد ذلك عاد الفاتيكان لسابق عهده في عداوته للحق والإسلام وإخفاء حقيقة المخطوطات .
http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=1203


منتج الفيلم المسيء للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَيعتنق الإسلام



المدينة المنورة - أ ش أ:
الأحد , 21 أبريل 2013 12:23
لم يتوقع عضو حزب الحرية اليميني الهولندي السابق "أرنود فاندور" أن يدخل الإسلام الحنيف، ويتوجه بعد ذلك لزيارة الحرمين الشريفين، خصوصا أنه كان ينتمي للحزب الذي أسهم في إنتاج الفيلم المسيء لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
529872643.jpg



رافقت صحيفة "عكاظ" السعودية "فاندور" وهو يزور المسجد النبوى الشريف وعيناه تذرفان الدمع عند الروضة الشريفة وقبر النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال فاندور: إنه كان ينتمي لأشد الأحزاب تطرفا وعداء للدين الحنيف، مبينا أنه بعد أن شاهد ردود الأفعال ضد إنتاج فيلم الفتنة، بدأ في البحث عن حقيقة الإسلام ليجيب عن تساؤلاته حول سر حب المسلمين لدينهم ورسولهم الكريم.

631251012.jpg

وذكرت الصحيفة أن بكاء فاندور اشتد أثناء وقوفه أمام قبر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَحيث جال بخاطره حجم الخطأ الكبير الذى وقع فيه قبل أن يشرح الله صدره للإسلام.
وقال فاندور للصحيفة: "إن عملية البحث قادته لاكتشاف حجم الجرم الكبير الذي اقترفه حزبه السابق، وأنه بدأ في الانجذاب إلى الدين الإسلامي، وشرع في القراءة عنه بطريقة موسعة، والاقتراب من المسلمين في هولندا، حتى قرر اعتناق الدين الحنيف".
كما زار "جبل أحد"، وقال: كم قرأت عن هذا المكان وهذه المعركة وكم أحببت أن أقف هنا اليوم، وهو شعور أجمل من القراءة والتقى فاندور إمامي المسجد النبوي الشريف الشيخ صلاح البدير، والشيخ علي الحذيفي، وأجرى حوارًا وديًا معهما وتلقى منهما الكثير من الدعم والتوجيهات والنصائح التي تعينه في حياته المستقبلية، وتوجه فاندور إلى معرض المسجد النبوي الشريف واستمع إلى شرح مفصل عن مراحل التوسعة الكبرى للمسجد النبوي الشريف والتي أمر بها خادم الحرمين الشريفين.أعلن أرناود فان دورن أحد المشاركين في إنتاج فيلم “الفتنة ” المسيء للإسلام، عزمه بعد إعلان إسلامه إنتاج فيلم يدافع فيه عن الرسول الأكرم، وذلك في أعقاب عمرة قام بها وزيارة للمدينة المنورة.
وقال دورن في ختام زيارته للمدينة المنورة أن “وداع المدينة المنورة أمر محزن، ولكن عزائي أنني ذاهب إلى مكة المكرمة لأداء العمرة، وسأعود إلى هذه البقاع الطاهرة مرة أخرى في وقت قريب”.
وكشف دورن السياسي السابق في حزب الحرية الهولندي عن “فكرة لإنتاج فيلم يتناول إبراز أخلاق وهدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”، وذلك في تصريحات نشرت له اليوم بعد قيامه بزيارة للمدينة المنورة ومكة المكرمة والتقائه بالأئمة والدعاة في الحرمين الشريفين.
وقالت صحيفة “عكاظ أون لاين” السعودية التي رافقت فان دورن وهو يزور المسجد النبوي الشريف أنه “بكى عند قبر النبي الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”.العجيب أن سبب اسلامههو أنه كان ينوي اصدار فيلماً اخراً يسيء فيه للاسلاموكان يريد ان يجمع مادته من كتبالمسلمين.
وعندما بدأ يقرأ في كتبالمسلمينتغيرت لديه الصورة الذهنية التي صبغهاالاعلام في ذهنه عن الاسلامفأسلم والتقى مجموعة من المسلمين هناكواستقال من منصبه السياسي وأخذ يقبل على تعلم الاسلام من منابعه..يقول : أنا نادم على 47 سنة من عمريلم أعرف فيها الاسلاموجدت فيه الراحة والطمأنينة التي كنتأبحث عنها.

607941466.jpg


ارنود فاندوز يستعد للصلاة بعد اسلامه





486757152.jpg



ووصف أرنود خلالزيارته لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، أنه مشروع ضخم يقدم كتاب الله لجميعالمسلمين في جميع أنحاء العالم، وأضاف أنه سعيد جدا بهذا العمل المنظم في واحدة منأكبر المطابع في العالم، وقد رافقت «عكاظ» أرنود بعد ذلك إلى مسجد قباء، حيث التقىأمام وخطيب المسجد الشيخ صالح المغامسي..رابط الخبر على صحيفة عكاظالسعودية

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20130421/Con20130421592416.h
Tm

676787024.jpg








 
عودة
أعلى