التاريخ المحسوس لحضارة الإسلام وعصور اوروبا المظلمة من قصة الحضارة لديورانت أ. طارق منينة

قبل إنقلابها على الأشهر الأولى من عهدها قامت ماري ابنة الملك هنري بالتالي
-أطلقت سراح جاردنر وبونر وغيرهما ممن سجنوا لرفضهم قبول اعتناق البروتستانتية
-لن "تكره الضمائر أو تلزمها" بشيء في مسألة المعتقد الديني...أحد الإعلانات الأولى في التسامح الديني تصدره حكومة حديثة.
-الحجة في تحويل الخصم البروتستانتي بدل السجن والقتل
-العودة الى العقيدة الرومانية والرجوع الى حضن البابا بعد أن كان الاب هنري قد قطع الصلة تماما وحارب الباباوية!!
-وأعيدت العبادة الكاثوليكية إلى ما كانت عليه
-طرد القساوسة المتزوجون من أبرشياتهم!
تلاحظ هذا النص ان الناس كانوا يسجنون لأنهم لم يخضعوا لغتيير عقيدتهم بالإكراه كما كانت الكاثوليكية تفعل مع البروتستانتية والعكس صحيح في ازمنة أخرى
:"وطهر أحسن جانب من خلقها في التسامح النسبي في أول عهدها، فهي لم تطلق سراح جاردنر وبونر وغيرهما ممن سجنوا لرفضهم قبول اعتناق البروتستانتية فحسب، بل إنها صفحت تقريباً عن كل مَن حاولوا أبعادها عن العرش...وأصدرت الملكة في 13 أغسطس إعلاناً رسمياً بأنها لن "تكره الضمائر أو تلزمها" بشيء في مسألة المعتقد الديني(31)، وكان هذا أحد الإعلانات الأولى في التسامح الديني تصدره حكومة حديثة. وكانت تأمل في براءة أن تحول البروتستانت بالحجة فنظمت مناظرة عامة بين علماء اللاهوت المتعارضين في الرأي، ولكنها تبخرت في جدل مرير عقيم. وبعد ذلك بوقت قصير قذف واعظ الأسقف بونر بخنجر انطلق من جمهور استاء من وعظه الكاثوليكي، وأنقذه من الموت اثنان من رجال الدين البروتستانت(32). وراع ماري تسامحها فأمرت (18 أغسطس سنة 1553) بعدم التصريح بعظات تتعلق بالعقائد إلا في الجامعات، وذلك إلى أن يتيسر اجتماع المجلس النيابي وينظر في المشكلات التي أثارها النزاع بين العقائد. وأمر كرانمر، وكان لا يزال رئيساً للأساقفة، بملازمة قصره في لامبث، فرد على ذلك بمهاجمة القداس ووصفه بأنه "كفر بغيض"، وحكم عليه هو ولاتيمر بالسجن في البرج (سبتمبر سنة 1553). أما ريدلي أسقف لندن الذي كان قد وصف ماري وإليزابث معاً بأنهما ابنتا سفاح فكان قد ذهب إلى سجن البرج قبل ذلك بشهرين. وعلى الجملة فإن سلوك ماري في هذه الشهور الأولى من حكمها فاق في اللين والتسامح سلوك غيرها من عظماء الحكام في عصرها...ولكنها لم تجد في حاشيتها رجالاً يملكون القوة والكمال اللازمين لإنجاز إرادتها الطيبة، وتغلبت القوانين الاقتصادية على أهدافها.
بل إنها قوبلت بعقبات اقتصادية قاسية حتى في أمور الدين. ولم تكن هناك أسرة لها نفوذ في إنجلترا لا تحتفظ بأملاك انتزعتها من الكنيسة(35)، وعارضت هذه الأسر بالطبع أي عودة للعقيدة الرومانية. وكان البروتستانت أقلية من حيث العدد وأقوياء بفضل ما لديهم من مال، وكانوا بذلك في موقف يسمح لهم بأن يهيئوا في أية لحظة أسباب الثورة التي تضع إليزابث البروتستانتية على العرش.
وكانت ماري تتلهف على إعادة حق الكثالكة في العبادة طبقاً لشعيرتهم، ومع ذلك فإن الإمبراطور الذي ظل يحارب البروتستانتية اثنين وثلاثين عاماً حذرها وطلب منها أن تتحرك ببطيء وبعثت برسول إلى البابا تطلب منه أن يرفع التحريم الذي فرضه على إقامة الصلوات بإنجلترا، ولكن عندما أبدى الكاردينال بول رغبته في الحضور إلى إنجلترا قاصداً رسولياً، اتفقت مع شارل على أن الوقت لم يحن بعد للقيام بهذه الحركة الجريئة.
ولم يكن المجلس النيابي الذي اجتمع في 5 أكتوبر سنة 1553 مجدياً بالمرة. فقد وافق على إلغاء كل تشريع يتعلق بالدين، صدر في عهد إدوارد، وخفض العقوبات المنصوص عليها في قوانين هنري الثامن وإدوارد السادس إلى ما كانت عليه من قبل. . وأبلغ الملكة في تلطف أن "عدم شرعية النسب المتعلقة بشخصكِ الأمثل" قد ألغي وأنها لم تعد ابنة سفاح، ولكنه أبى أن ينظر في إعادة أملاك الكنيسة إليها وقاوم أي تلميح إلى أن سيادة البابا يجب أن يعترف بها، وترك هذا ماري رئيسة للكنيسة الإنجليزية رغم أنفها. وبمقتضى هذه السلطة المخولة لها استبدلت بالأساقفة البروتستانت الأساقفة الكاثوليك الذين كانوا قد أقصوا عن مناصبهم، وعاد بونر أسقفاً للندن وجاردنر أسقفاً لونشستر ومشيراً مقرباً للتاج. وطرد القساوسة المتزوجون من أبرشياتهم. وسمح بإقامة القداس مرة أخرى ثم شجع، (ويقول مؤرخ بروتستانتي): "إن اللهفة التي أبدتها البلاد في الإفادة بوجه عام من الإذن بإعادة الشعيرة الكاثوليكية تدل بلا شك على أن الشعور العام كان مع الملكة(36) فيما عدا لندن وبضع مُدن كبيرة". وأعيدت العبادة الكاثوليكية إلى ما كانت عليه تماماً بمقتضى مرسوم صدر في 4 مارس سنة 1554. وعدت الهرطقات الأخرى غير شرعية وحرم كل وعظ بروتستانتي أو نشرة بروتستانتية.
وكان انزعاج الأمة بعودة التذبذب اللاهوتي أقل كثيراً من انزعاجها بخطط زواج ماري.
قصة الحضارة ج25 ص171-174، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> الملكة الرقيقة
 
انقلاب ماري على نفسها بعد شهور قليلة من بداية عهدها !
ماري
-لاتصريح بالعقائد إلا في الجامعات!!
-على رئيس الأساقفة ملازمة قصره!
-سجن الأسقف الذي وصف ماري بأنها إبنة سفاح كما هي الحقيقة والأمنر يتعلق بعدم شرعية توليها حكم إنجلترا!
:"كانت تأمل في براءة أن تحول البروتستانت بالحجة فنظمت مناظرة عامة بين علماء اللاهوت المتعارضين في الرأي، ولكنها تبخرت في جدل مرير عقيم. وبعد ذلك بوقت قصير قذف واعظ الأسقف بونر بخنجر انطلق من جمهور استاء من وعظه الكاثوليكي، وأنقذه من الموت اثنان من رجال الدين البروتستانت(32). وراع ماري تسامحها فأمرت (18 أغسطس سنة 1553) بعدم التصريح بعظات تتعلق بالعقائد إلا في الجامعات، وذلك إلى أن يتيسر اجتماع المجلس النيابي وينظر في المشكلات التي أثارها النزاع بين العقائد. وأمر كرانمر، وكان لا يزال رئيساً للأساقفة، بملازمة قصره في لامبث، فرد على ذلك بمهاجمة القداس ووصفه بأنه "كفر بغيض"، وحكم عليه هو ولاتيمر بالسجن في البرج (سبتمبر سنة 1553). أما ريدلي أسقف لندن الذي كان قد وصف ماري وإليزابث معاً بأنهما ابنتا سفاح فكان قد ذهب إلى سجن البرج قبل ذلك بشهرين. وعلى الجملة فإن سلوك ماري في هذه الشهور الأولى من حكمها فاق في اللين والتسامح سلوك غيرها من عظماء الحكام في عصرها...
قصة الحضارة ج25 ص172، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> الملكة الرقيقة
 
هولندا وبلجيكا بأهلها جميعا-هدية للعروس -ماري!-التي كانت قد أصدرت أول عهد للتسامح الديني كما قال ديورانت!!
زغاريد فرنسية وانجليزية!
:"وعرض شارل الخامس -يقصد ملك فرنسا الكاثوليكي!-على ماري الزواج من ابنه فيليب الذي كان يوشك أن يوصى له بكل شيء سوى اللقب الإمبراطوري، وتعهد بتقديم الأراضي المنخفضة لأي ولد يكون ثمرة لهذا الزواج. وتهللت ماري عندما خطر لها أن زوجها سيكون حاكماً لإسبانيا والفلاندرز وهولندة ونابلي والأمريكتين، وتدفقت دماؤها نصف الأسبانيّة ساخنة في عروقها وهي تتوقع إنشاء اتحاد
سياسي وديني بين إنجلترا وإسبانيا.
قصة الحضارة ج25 ص174،175، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد
السادس وماري تيودور -> الملكة الرقيقة
تعليق
شارل حارب ابيها واخيها والآن لما عادت تنتقم من فعل ابوها بها بإرجاع الكاثوليكية
الى انجلترا حاول شارل مكافأتها بالزواج من ابنه لكنه في نفس الوقت كانت يسعى لضم انجلترا كلها اليه..
والأمر ليس بهذا التفكير الساذج فالبروتستانت كانوا يملكون لندن نفسها!
كما أن المعارك لن تهدأ بفعلته هذه
قال ديورانت:"وأدرك مجلس الملكة والشعب الإنجليزي قوة هذه الاعتبارات ولكنهم خشوا أن يؤدي الزواج إلى تحويل إنجلترا إلى بلد تابع لإسبانيا ويورط إنجلترا في الحروب المتكررة مع فرنسا. "
وقال"ولكن الشعب الإنجليزي استاء من اختيارها، فالأقلية البروتستانتية التي كانت تصبر على الاضطهاد، آملة في أن تخلف اليزابث قريباً ماري العاقر الضعيفة خشيت على حياتها إذا وقفت قوة أسبانيا بجانب ماري في إعادة الكاثوليكية بالقوة، وارتجف النبلاء الذين اغتنوا بضم الأملاك الكنسية عندما خطر لهم أنهم سوف يخرجون ما في بطونهم. بل إن الإنجليز الكاثوليك اعترضوا على وضع أجنبي قاس على العرش. وهو ولا شك سوف يستخدم إنجلترا لتحقيق أغراضه الأجنبية. وارتفعت أصوات الاحتجاج من كل مكان في البلاد"
خطة الكاثوليكي:"وأقنعه شارل بالإشارة إلى أن الزواج سوف يتيح لأسبانيا حليفاً قوياً ضد فرنسا وعوناً ثميناً في الأراضي المنخفضة التي كانت مرتبطة تجارياً بإنجلترا. ولعل البروتستانتية في ألمانيا يمكن قمعها بعمل موحد من أسبانيا وفرنسا وإنجلترا باعتبارها دولاً كاثوليكية؛ ثم إن المصاهرة بين آل هابسبورج وآل تيودور يؤلف قوة قادرة على منح أوربا الغربية سلاماً إجبارياً يدوم جيلاً.
وأدرك مجلس الملكة والشعب الإنجليزي قوة هذه الاعتبارات ولكنهم خشوا أن يؤدي الزواج إلى تحويل إنجلترا إلى بلد تابع لإسبانيا ويورط إنجلترا في الحروب المتكررة مع فرنسا. وواجه شارل الموقف بإجراء مضاد عرض باسم ابنه عقد زواج بمقتضاه لا يحمل فيليب لقب ملك إنجلترا إلا في حياة ماري ولها أن تحتفظ وحدها بالسلطة الملكية الكاملة على الشئون الإنجليزية ولها أن تشارك فيليب بجميع ألقابه" ص175)
 
ماري ابنة هنري عروسة في ملكها لكن قبيحة بتعبير ديورانت...
:"وأشارت في الواضح إلى أن سنها الأكبر- أكبر من فيليب بعشر سنوات- تقف عائقاً، وخشيت ألا تكفي مفاتنها الذابلة لإرضاء حيويته وشبابه أو خياله، إنها لم تكن واثقة أنها سوف تعرف كيف تطارحه الغرام(37). وكان فيليب من ناحيته يشعر بالنفور فقد أبلغه وكلاؤه الإنجليز أن ماري كانت "قديسة كاملة" وأنها ترتدي ملابس قبيحة(38)، أفلا يمكن أن يوجد شيء أكثر إغراء بين الأسر المالكة في أوربا؟
قصة الحضارة ج25 ص175،، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد
السادس وماري تيودور -> الملكة الرقيقة
 
في ظل حكم ماري ابنة هنري الخامس لإنجلترا(القرن ال16)
البروتستانت خافوا من زيادة الاضطهاد بزواج مارس من ابن عدو انجلترا
وذلك بعد عودة الكاثوليكية بالقوة على يدها الى انجلترا ورجوعها الى الباباوية مرة أخرى(نفع إيه عهد التسامح الذي تبخر!)
ثم ثورة لم تنجح على التغيير بالقوة الملكية!
:"وأخذت ماري، على الرغم من حيائها المتواضع تتطلع في لهفة إلى المستقبل، فكم طال انتظارها لعاشق!
ولكن الشعب الإنجليزي استاء من اختيارها، فالأقلية البروتستانتية التي كانت تصبر على الاضطهاد، آملة في أن تخلف اليزابث قريباً ماري العاقر الضعيفة خشيت على حياتها إذا وقفت قوة أسبانيا بجانب ماري في إعادة الكاثوليكية بالقوة، وارتجف النبلاء الذين اغتنوا بضم الأملاك الكنسية عندما خطر لهم أنهم سوف يخرجون ما في بطونهم. بل إن الإنجليز الكاثوليك اعترضوا على وضع أجنبي قاس على العرش. وهو ولا شك سوف يستخدم إنجلترا لتحقيق أغراضه الأجنبية. وارتفعت أصوات الاحتجاج من كل مكان في البلاد، وسرى الذعر في مدينة بلايماوث، فطلبت من ملك فرنسا أن يضعها تحت حمايته. ووضع أربعة نبلاء خططا لثورة تبدأ في 18 مارس سنة 1554، فكان على الدوق أف سفولك (والد جين جراي الذي صدر العفو عنه) أن يحدث ثورة في وارويكشاير وعلى سير جيمس كروفت أن يتزعم مستأجريه الولزيين، وعلى سير بيتر كارو أن يثير ديفونشاير، وعلى سير توماس ويات الصغير أن يقود ثورة في كنت. وكان ويات الكبير- الشاعر- قد استولى على مجموعة من أراضي الكنيسة- كره ابنه أن يسلمها. وأخطأ المتآمرون بأن أسروا بخططهم لكورتناي، وكانت مهمته تنحصر في ضمان اشتراك اليزابث معهم، وكان الأسقف جاردنر يراقب كورتناي باعتباره خاطباً منبوذاً لماري يتلهف على الانتقام، فأمر بالقبض عليه، وأفشى كورتناي أسرار المؤامرة، بتأثير التعذيب على الأرجح.
وآثار المتآمرون أن يلاقوا حتفهم في المعركة بدلاً من المقصلة فخفوا
سريعاً إلى الأسلحة واشتعلت نيران الثورة في أربعة أقطار في الحال (فبراير سنة 1554) وقاد ويات جيشاً قوامه 7000 رجل وزحف نحو لندن، وبعث بنداء إلى كل المواطنين أن يمنعوا إنجلترا من أن تصبح إقطاعية لإسبانيا، وبدأ الجانب البروتستانتي من أهالي لندن في وضع خطة لفتح الأبواب لويات، وتردد مجلس الملكة في أن يرتبط بشيء، ولم يحشد جندياً واحداً للدفاع عنها، ولم تستطع ماري أن تدرك لماذا ترفض البلاد التي رحبت كثيراً بارتقائها العرش أن تتمتع بالسعادة وتحقيق أمانيها التي حلمت بها طوال سنوات التعاسة العديدة. وإذا لم تمسك بزمام الأمور في يديها بعزم غير عادي فإن حكمها وحياتها سوف ينتهيان وشيكاً. ولكنها ذهبت بنفسها إلى جلدهول وواجهت اجتماعاً ثائراً كان يتباحث إلى أي جانب ينحاز. وقالت للجميع إنها على استعداد تام لأن تتخلى عن فكرة الزواج الإسباني إذا كانت هذه رغبة العموم، وقالت حقاً "إني على استعداد لأن أمسك عن الزواج طوال حياتي" ولكنها لن تسمح في الوقت نفسه أن يتحول موضع الخلاف إلى "عباءة إسبانية" لثورة سياسية. وقالت: "إني لا أستطيع أن أقول كيف تحب الأم طفلها بفطرتها لأني لم أكن يوماً أماً، ولكن لا شك أنه إذا كانت الملكة يمكن أن تحب رعاياها حباً طبيعياً وحاراً كما تحب الأم طفلها، فإني أؤكد أني باعتباري سيدتكم ومولاتكم، أحبكم حباً حاراً رقيقاً وأعطف عليكم(39)". وقوبلت كلماتها وروحها بتصفيق حار، وتعهد الجميع بتأييدها. واستطاع وكلاء الحكومة، في يوم تقريباً، أن يحشدوا 25.000 رجل مسلح وقبض على سفولك وفر كروفت وكاريو إلى مخبأ. أما ويات فقد قاد، بعد أن تخلى عنه زملاؤه على هذا النحو، قوة صغيرة قاتل بها في شوارع لندن، وشق طريقه تقريباً إلى قصر الملكة في هويتهول... وتوسل الحراس إلى ماري أن تهرب، ولكنها رفضت وأخيراً غلب رجال ويات على أمرهم فاستسلم بعد أن وهن منه الجسد والروح وأخذ إلى سجن البرج وتنسمت ماري عبير الأمان مرة أخرى ولكنها لم تعد قط الملكة الرقيقة.
قصة الحضارة ج25 ص176-176، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> الملكة الرقيقة
 
الأسقف جاردنر -الكاثوليكي--الذي اخرجه ماري من السجن لرفضه اعتناق البروتستانتية في عهد سابق طالب بقتل البروتستانت انتقاما وتشفي!
تحت عنوان ماري الدموية قال ديورانت
:"كثيراً ما أدان مستشاروها سياستها القائمة على الصفح. وقد لامها الإمبراطور وسفيره على السماح بالحياة بل وبالحرية لأشخاص تآمروا ضدها وسوف يكونون أحراراً لتكرار هذا - وسئلت كيف يستطيع فيليب أن يأمن على نفسه في بلد ترك فيه أعداؤه يمرحون بلا عائق ليدبروا مؤامرة لإغتياله؟ وكان من رأي الأسقف جاردنر أن الرحمة بالأمة تتطلب إعدام الخونة. وتملك الذعر الملكة فمالت إلى العمل بآراء مستشاريها. وأمرت بإعدام الليدي جين جراي التي لم ترغب قط في أن تكون ملكة، وزوج جين الذي أراد أن يكون ملكاً. وانطلق جين، وهي في السابعة عشرة من عمرها، إلى حتفها وهي تؤمن بأن هذا قدرها، دون أن تبدي احتجاجاً أو تذرف دموعاً (12 فبراير سنة 1554). وقطع رأس والدها سفولك وشنق مائة من صغار الثوار. وأبقي على حياة بعض المتآمرين إلى حين أملاً في أن ينتزع منهم اعترافات مفيدة، واتهم ويات في مبدأ الأمر اليزابث بأنها على علم بالخطة، ولكن عندما وقف على المنصة (11 أبريل سنة 1554) برأها من كل علم بها.
قصة الحضارة ج25 ص178، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> ماري الدموية
 
بعض من تاريخ الاسقف الكاثوليكي جاردنر الداعي في عصر ماري لقتل البروتستانت -المذكور في المنشور السابق
:"وقبض على جون لامبرت؛ وهو بروتستانتي بسبب إنكاره وجود المسيح حقيقة في القربان المقدس، وحاكمه هنري بنفسه، وحكم عليه هنري بالموت وأحرق في سمثفيلد (16 نوفمبر سنة 1538) ومع تزايد نفوذ استيفن جاردنر أسقف ونشستر مال هنري أكثر وأكثر نحو العقيدة المحافظة"
قصة الحضارة ج25، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هنري الثامن والأديار -> ملك من قمة رأسه إلى أخمص قدميه
"وفي عام 1543 أبلغ الجواسيس الأسقف جاردنر أن هنري فيلمر قال: "إذا كان الرب موجوداً حقاً (في القربان المقدس) فإني أكون قد أكلت في حياتي عشرين رباً"
قصة الحضارةج25، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هنري الثامن والأديار -> التنين يتقاعد
"وفي عام 1546 أدان جاردنر أربعة آخرين، وأرسلهم إلى المحرقة لإنكارهم وجود المسيح حقاً في القربان المقدس. وكانت إحداهم امرأة شابة تدعى آن أسكيو تشبثت بهرطقتها طوال خمس ساعات من الاستجواب وقالت في محاكمتها: "إن ما تسمونه ربكم قطعة من الخبز، والدليل على ذلك أنكم لو تركتموها في صندوق لمدة ثلاثة شهور لتعفنت". وعذبت حتى أشرفت على الموت لكي تكشف عن أسماء هراطقة آخرين، وظلت صامتة لم تنبس ببنت شفة، وهي تتوجع، وسارت إلى حتفها وهي تقول: "إنني سعيدة كواحدة كتب عليها أن تتجه للسماء(48)". ولم يكن للملك دور فعال في هذه المطاردات غير أن الضحايا استغاثوا به دون جدوى.
قصة الحضارة ج25، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هنري الثامن والأديار -> التنين يتقاعد
"وأعيد سجن بونروجاردنر، وكانا قد أطلق سراحهما في عفو عام 1549، وذلك عندما رفضا الاعتراف بحق المجلس النيابي في سن تشريع في مجال الدين. وسمح للأميرة ماري بحضور قداس في خلوة بجناحها.
قصة الحضارة ج25، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> حماية سومرست
ولم يحرق في عهد إدوارد إلا هرطقيان، ومهما يكن من أمر فإن كثيراً من الكثالكة
سجنوا لحضورهم القداس أو لانتقادهم علناً العقيدة المحافظة المقبولة(18). وأقيل
القساوسة الكاثوليك المتشبثون بآرائهم من مناصبهم وأرسل بعضهم إلى سجن
البرج(19)، وعرض على جاردنر، وكان لا يزال هناك، الحرية إذا وافق على التبشير
بالعقيدة التي يقول بها أنصار الإصلاح الديني. وعندما رفض نقل إلى "مسكن أحقر"
في البرج وحرم من الورق والقلم والكتب. وفي عام 1552 أصدر كرانمر كتابه الثاني
عن الصلاة العامة وفيه أنكر وجود المسيح حقاً في القربان المقدس، ونبذ تقديم
القربان المقدس بالمسيح المغالى فيه، وراجع في ظروف أخرى الكتاب الأول باتجاه
بروتستانتي.
قصة الحضارة ج25، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> حماية وارويك








 
ملكة انجلترا(معلومة على الماشي من نفس المجلد25)
:"ولم يكن فيليب متلهفاً إلى هذا الحد. وتزوج ماري يوم 6 مارس سنة 1554 بطريق الوكالة ولكنه لم يصل إلى إنجلترا قبل يوم 20 يوليو، ودهش الإنجليز...ومنحته نفسها بإخلاص لا شك فيه إلى حد أن الحاشية تساءلت هي أصبحت إنجلترا بالفعل تابعة لإسبانيا، وكتبت لشارل الخامس في تواضع رسالة...وكانت رغبتها في أن تلد ابناً لفيليب وولي عهد لإنجلترا، عارمة استغرقت كل اهتمامها إلى حد أنها سرعان ما تصورت أنها حامل. ولقي انقطاع الطمث عندها وقتذاك ترحيباً، باعتباره شارة ملكية، وألجم الأمل ألسنة مَن خطر لهم أن تلك الحالة حدثت لها كثيراً من قبل. وتقبل الناس الاضطرابات الهضمية على أنها أدلة أخرى على الأمومة، وأبلغ سفير البندقية أن "حلمتي" الملكة قد انتفختا ودر ثدياها لبناً. وابتهجت ماري وقتاً طويلاً عندما راودتها فكرة أنها أيضاً يمكن أن تحمل طفلاً شأنها في هذا شأن أفقر امرأة في مملكتها، ولا نستطيع أن نتصور مدى تعاستها عندما أقنعها أطباؤها آخر الأمر أن انتفاخ بطنها إنما حدث بسبب الاستسقاء. وفي غضون ذلك كانت شائعات حملها قد اكتسحت إنجلترا وأقيمت الصلوات ونظمت المواكب من أجل ولادتها السعيدة، وسرعان ما انتشرت شائعة بأنها أنجبت ولداً. وأغلقت الحوانيت ابتهاجاً واعتبر اليوم عطلة واحتفل الرجال والنساء في الشوارع، وقرعت نواقيس الكنائس وأعلن أحد رجال الدين أن الطفل "أشقر وجميل" كما يليق بأمير(42). وتحطمت ماري من الإحباط والخجل فانزوت شهوراً عن أنظار الجمهور" ص180
ثم
:"وفي أوائل عام 1558 اعتقدت الملكة مرة أخرى أنها حامل. وكتبت وصيتها إذ كانت تتوقع أن تكون ولادتها خطيرة وبعثت برسالة إلى فيليب تتوسل إليه فيها أن يحضر الحادث السعيد... فبعث إليها بتهانيه ولكن لم تكن هناك ضرورة لحضوره، فقد كانت ماري على خطأ. وكانت وقتذاك امرأة مهجورة من الجميع، ولعلها كانت مخبولة إلى حد ما. كانت تجلس على الأرض الساعات الطوال وركبتاها مرفوعتان إلى ذقنها، وكانت تتجول في قاعات القصر مثل شبح، وكتبت رسائل لطختها بدموعها للملك الذي توقع وفاتها، فأمر عملاءه في إنجلترا أن يستميلوا قلب اليزابث للزواج من أمير إسباني أو من فيليب نفسه.
 
زوج ملكة انجلترا-ماري وابن ملك فرنسا-شارل الخامس- فيليب يطارح الغرام في بروكسيل
:"وشعر فيليب أنه قد أدى واجبه طوال سنة لقي فيها من أمره عسراً وهو يطارح الغرام امرأة مريضة، وكافأ نفسه بسيدات بروكسل القويات البنية.
قصة الحضارة ج25 ص181 الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> ماري الدموية
 
الصراع على انجلترا بين الكاثوليك-البابا وشارل الخامس- وبين البروتستانت في انجلترا ورجوع سلطة البابا مرة اخرى بعد ان طردتها سلطة الملك الانجليزي هنري الخامس بفصل انجلترا عن الباباوية والآن تعود عن طريق ابنته!
:"وأعرب أعضاء المجلس النيابي وهم راكعون عن ندمهم لما ألحقوه من إساءات بالكنيسة ومنح الأسقف جاردنر التائبين الغفران بعد أن اعترف بتذبذبه. واعترف بسيادة البابا في الشئون الكنسية وتأكد حقه في دخول السنة الأولى للأساقفة حديثي التعيين و"الثمرات الأولى" وأعيد إنشاء المحاكم الأسقفية وأعيدت ضرائب العشور الأبرشية لرجال الأكليروس وجددت القوانين القديمة ضد اللوردية وأعيدت الرقابة على المطبوعات من سلطات الدولة إلى سلطات الكنيسة. وبدا كل شيء كسابق عهده بعد فتنة دامت عشرين عاماً.
قصة الحضارة ج25 ص181 الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> ماري الدموية
 
الأسقف جاردنر وعقوبات منه بالحرق لثلاثة قساوسة بروتستانت!
:"وكان الأسقف جاردنر قد أقسم بالفعل (ربيع عام 1554) أن يحرق الأساقفة البروتستانت الثلاثة - هوبر وريدلي ولاتيمر - ما لم يرتدوا عن عقيدتهم(51)
قصة الحضارة ج25 ص183، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> ماري الدموية
 
مارية الدموية(1) كما سماها ديورانت(الكاثوليكية التي توجت لإي انجلترا القرن ال16 كملكة، وهي ابنة هنري الخامس ملك إنجلترا الأسبق)
ومحاكمات والموت حرقا وعهد الإرهاب والأسقف جادرنروإحراق المنكرين للتعميد وتعصب اللوثريين
ماري ملكة انجلترا وابنة هنري الخامس تُعيد الاضطهاد وتستغرب ممن ينكر ألوهية المسيح!!
:"وغسلت وقبلت يوم خميس العهد عام 1556 أقدام إحدى وأربعين امرأة مسنة وهي تدلف على ركبها من واحدة لأخرى ومنحتهن جميعاً صدقات(44). وما دام الأمل في الأمومة قد تبدد أصبح الدين سلواها التي تعينها على الاحتمال.
ولكنها لم تستطع أن تبعث الماضي تماماً. فقد حفزت الأفكار الجديدة إلى اضطراب مثير في عقول أهل المدينة، وكانت لا تزال هناك اثنتا عشرة طائفة تنشر كتبها وعقائدها في الخفاء. وتألمت ماري عندما سمعت عن جماعات تنكر ألوهية المسيح ووجود الروح القدس وانتقال الخطيئة الأولى. وخيل إليها أن الهرطقات تعد جرائم مهلكة بالنسبة لإيمانها الساذج وأنها أسوأ بكثير من خيانة الدولة. هل في وسع الهراطقة أن يعرفوا كيف يعاملون الروح البشرية خيراً مما يعرفه كاردينالها المحبوب؟ وترامى إلى أسماعها أن واعظاً تضرع بصوت عال أمام جمهور أبرشيته أن يهديها الله أو يرفعها من الأرض(45). وألقي يوماً كلب ميت، حلق شعر رأسه جرياً على عادة الرهبان، وحول عنقه حبل، من نافذة في غرفة الملكة(46). وفي كنت جدع أنف قسيس(47). ورأت ماري أنه من غير المعقول أن يقوم المهاجرون البروتستانت الذين سمحت لهم بالرحيل عن إنجلترا في سلام، بإرسال كتيبات يهاجمونها فيها ويصفونها بأنها حمقاء رجعية ويتحدثون عن "صلاة لاتينية مكروهة عند إقامة قداس وثني(48)". وحثت بعض الكتيبات قوادها على أن يهبوا في ثورة ويخلعوا الملكة(49). وعقد اجتماع من 17.000 شخص في اولدجيت (14 مارس سنة 1554) ونادى بوضع اليزابث على العرش(50). وكانت حوادث التمرد في إنجلترا من تدبير البروتستانت الإنجليز في الخارج.
وكانت ماري تنزع بفطرتها وعادتها إلى الرحمة - حتى عام 1555. فماذا حولها إلى ملكة تحظى بأكبر قدر من الكراهية بين الملكات الإنجليزيات؟ هناك استفزاز الهجمات التي أظهرت عدم الاحترام لشخصها أو عقيدتها أو مشاعرها من ناحية، وهناك الخوف من أن تكون الهرطقة ستاراً لثورة سياسية من ناحية ثانية، وهناك الشدائد التي عانتها وخيبة الأمل المتكررة التي كدرت صفو روحها وجعلت حكمها على الأشياء مظلماً من ناحية ثالثة، وهناك إيمانها الذي لا يتزعزع بصواب آراء مستشاريها الذين تثق بهم أكثر من أي شخص آخر - فيليب وجاردنر وبول - التي تذهب إلى أن الوحدة الدينية أمر لا غنى عنه للتضامن القومي وبقائه. وسرعان ما أفصح فيليب عن مبادئه في الأراضي المنخفضة. وكان الأسقف جاردنر قد أقسم بالفعل (ربيع عام 1554) أن يحرق الأساقفة البروتستانت الثلاثة - هوبر وريدلي ولاتيمر - ما لم يرتدوا عن عقيدتهم(51). وكان الكاردينال بول، مثل ماري، ينزع بفطرته إلى الرحمة ولكنه كانت لا تلين له قناة في العقيدة، وقد أحب الكنيسة حباً جماً إلى حد أنه كان يرتجف للتشكك في عقائدها أو سلطتها. ولم يكن له دور قيادي مباشر أو شخصي فيما قامت به ماري من اضطهاد، وأشار بالاعتدال وأطلق مرة سراح عشرين شخصاً كان الأسقف بونر قد حكم عليهم بالموت حرقاً(52).
ومع ذلك فإنه أصدر تعليماته لرجال الأكليروس بأنه إذا فشلت كل طرق الإقناع سلمياً فإن كبار الهراطقة يجب أن تنتزع منهم الحياة ويستأصلوا مثل الأطراف الفاسدة من الجسد(53). وأعربت ماري عن رأيها في تردد. "نعتقد أن إثارة عقاب الهراطقة يدب أن يتم بغير اندفاع ولا نتخلى في الوقت نفسه عن إقامة العدالة لهؤلاء الذين يسعون إلى خداع البسطاء(54)". وكانت مسئوليتها في بادئ الأمر مقصورة على الإذن ولكنها كانت حقيقة.وعندما تبين لها (1518) أن الحرب مع فرنسا قد عادت عليها وعلى إنجلترا بالوبال عزت الفشل إلى غضب الله عليها لترفقها بالهرطقة وتشددت قطعاً بعد ذلك في الاضطهاد.
وافتتح جاردنر عهد الإرهاب بأن استدعى إلى محكمته الأسقفية ستة من رجال الأكليروس (22 يناير سنة 1555) كانوا قد رفضوا قبول العقيدة التي توطدت من جديد .
وارتد واحد منهم وأحرق أربعة منهم جون هوبر وأسقف جلوسستر وورسستر الذي أقيل (4-8 فبراير سنة 1555). ويبدو أن جاردنر أصيب بانتكاس في الشعور بعد تنفيذ هذه الأحكام بالإعدام فلم يشترك بعد ذلك في الاضطهاد، وانهارت صحته ومات في نوفمبر من هذا العام واضطلع الأسقف بونر بالمذبحة. ونصح فيليب، وكان لا يزال بإنجلترا، بالاعتدال وعندما أدان بونر ستة، وحكم عليهم بالحرق اعترض سفير الإمبراطور رينار على "هذا التهور البربري(57)" وندد كاهن الاعتراف الخاص لفيليب، وهو أخ أسباني من الرهبان، وهو يعظ أمام الحاشية،بالأحكام باعتبارها مخالفة للروح المعتدلة والمتسامحة التي حث عليها المسيح(58) مراراً وتكراراً. وأوقف بونر الأحكام لمدة خمسة أسابيع، ثم أمر بتنفيذها، واعتقد أنه كان رقيقاً متساهلاً، والحق أن مجلس الملكة أنبه يوماً لأنه لا يظهر حماسة كافية في مطاردة الهرطقة(59). وعرض على كل هرطيق منحه عفواً كاملاً إذا ارتد عما يقول، وكثيراً ما أضاف وعداً بتقديم مساعدة مالية أو عمل صريح(60)، ولكن عندما كانت هذه الإغراءات تفشل كان يجيز الحكم بشراسة، وكانت توضع عادة حقيبة ممتلئة بالبارود بين ساقي المحكوم عليه حتى تؤدي ألسنة اللهب إلى موت سريع، ولكن الخشب احترق ببطيء في حالة هوبر، وخاب أثر البارود فلم ينفجر، وقاسى الأسقف السابق آلاماً استمرت ساعة تقريباً... وفي سبتمبر سنة 1555 أحضر كرانمر وعمره ستة وستون عاماً، وريدلي وعمره خمسة وستون عاماً، ولاتيمر، البالغ من العمر ثمانين عاماً، من سجن البرج ليقفوا للمحاكمة في أكسفورد. وكان لاتيمر قد لطخ صفحة حياته البليغة بالموافقة على إحراق المنكرين للتعميد والفرنسسكان العنيدين في عهد هنري الثامن. وكان ريدلي قد أيد بنشاط اغتصاب جين جراي للعرش، ووصف ماري بأنها ابنة سفاح وساعد في خلع بونر وجاردنر من كرسيهما الأسقفيين.
ووقع وصية إدوارد بالتاج لجين جراي، وندد بالقداس باعتباره كفراً، وكان هؤلاء الرجال وقتذاك في البرج منذ عامين يتوقعون الموت كل يوم.
وحوكم كرانمر في أكسفورد في اليوم السابع من سبتمبر. وقام قضاته بكل جهد ممكن للحصول منه على إنكار لما ذهب إليه. فتمسك بموقفه بحزم وحكم عليه بأنه مذنب، ولكن لما كان رئيساً للأساقفة فإن الحكم عليه ترك للبابا وأعيد إلى سجن البرج. وفي 30 سبتمبر حوكم ريدلي وتشبث بموقفه وفي اليوم نفسه اقتيد لاتيمر أمام المحكمة الكنسية، وكان وقتذاك رجلاً لا يبالي بالحياة، يرتدي ثوباً قديماً مهلهلاً ورأسه الأبيض تكسوه قلنسوة فوق طاقية نوم فوق منديل وتتدلى نظارتاه من عنقه وربطت بزنارة نسخة من العهد الجديد. وفي اليوم الأول من أكتوبر حكم عليهم بالإدانة وأحرقوا في اليوم السادس من أكتوبر. وركعوا أمام المحرقة وصلّوا معاً. وربطوا بالأغلال إلى عمود حديدي وعلقت حول عنق كل لجر حقيبة ممتلئة بالبارود وأشعلت حزم الحطب وقال لاتيمر: "تهلل ولا تبتئس يا سيد ريدلي وتصرف كرجل، فإننا في هذا اليوم سوف نشعل شمعة بفضل الله في إنجلترا، وأنا على يقين أنها لن تطفأ أبداً(61)".
وفي الرابع من ديسمبر أيد البابا الحكم على كرانمر. واستسلم رئيس الإساقفة البروتستانتي الأول في كنتربري لخوف يغتفر له، ولم يكن في وسع رجل استطاع أن يكتب بإنجليزية قوية الدلالة كتاباً مثل كتاب الصلاة العامة مواجهة هذه المحن دون أن يتعرض لآلام غير عادية في الجسد والعقل.
ولعل كرانمر تأثر بنداء بول الحار فقرر قوله إنه: "تخلى عن كل طرق الهرطقة وأخطاء لوثر وزونجلى وكرهها وأبغضها". وأقر بإيمانه بالشعائر المقدسة السبع واعترف بالتجسيد والمطهر وكل تعاليم الكنيسة الرومانية. وكان إنكاره هذا قميناً بأن يستبدل به الحكم بسجنه جرياً على ما حدث في جميع السوابق، ولكن ماري (طبقاً لما قاله فوكس) رفضت إنكاره لمعتقده على أساس أنه يفتقر إلى الإخلاص وأمرت بإعدام كرانمر(62).
وفي كنيسة سانت ماري بأكسفورد تلاقى صبيحة يوم إعدامه (31 مارس سنة 1556) إنكاره السابع والأخير. ثم أضاف لدهشة جميع الحاضرين... وكانت وفاته دليلاً على بلوغ الاضطهاد ذروته. ومات نحو 300 شخص في أثنائه منهم 273 في السنوات الأربع الأخيرة من ذلك العهد. وكلما مضت المحرقة قدماً أصبح من الواضح أنها كانت خطأ...وانزعج كثير من الكثالكة في عقيدتهم وشعروا بالخزي من ملكتهم بسبب ما كابده الضحايا من آلام وما أظهروه من جلد. وعلى الرغم من أن الأسقف بونر لم ينعم بالعمل فقد أطلق عليه اسم "بونر الدموي" لأن أسقفيته شهدت معظم ما نفذ من أحكام الإعدام ووصفته امرأة بأنه "الذباح المعروف وعبد المجزرة العامة لكل الأساقفة في إنجلترا(65)"، ووجد المئات من الإنجليز البروتستانت ملجأ في فرنسا الكاثوليكية وسعوا هناك إلى وضع نهاية للعهد الحزين.
وبينما كان هنري الثاني يطارد البروتستانت الفرنسيين فإنه شجع على تدبير المؤامرات الإنجليزية ضد ماري الكاثوليكية التي أدى زواجها بملك أسبانيا إلى ترك فرنسا محاطة بقوى معادية. واكتشف العملاء البريطانيون في أبريل عام 1556 مؤامرة يتزعمها هنري ددلي لخلع ماري وتولية اليزابث على العرش. وتم القبض على عدة أشخاص منهم اثنان من أفراد بين اليزابث، وأقحم اعتراف اسم اليزابث نفسها والملك الفرنسي. وقمعت الحركة ولكنها تركت ماري في خوف دائم من الاغتيال... وأدان كالفن تعصب اللوثريين الذي لا يعرف الرحمة، وفي ذلك العام (1553) أحرق سرفيتوس في المحرقة.
قصة الحضارة ج25 ص181-188، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> ماري الدموية
 
حرق مهول للرجال والنساء في عهد المسيحي بول الذي رفضه البابا واتهمه بالهرطقة
:"...ولكن لم يحدث في أي مكان في العالم المسيحي المعاصر - حتى في أسبانيا - أن أحرق هذا العدد الكبير من الرجال والنساء بسبب آرائهم كما حدث في عهد تولى ريجينالد بول رئاسة الكنيسة الإنجليزية"
قال ديورانت
:"وفي 17 نوفمبر سمعت القداس مبكراً وهتفت بالعبارات التي يرددها المصلون عادة وراء القس بحرارة. وماتت قبل الفجر.
وفي اليوم نفسه مات الكاردينال بول، الذي مني بهزيمة منكرة مثل ملكته. ولابد لنا عند تقديره أن نسجل الحقيقة المرة وهي أنه كان قد أدان ثلاثة رجال وامرأتين وحكم عليهم بالموت حرقاً بتهمة الهرطقة في مستهل الشهر الأخير. –يقصد نوفمبر 1558-صحيح أن كل الطوائف ما عدا المنكرين للتعميد في تلك السنوات التي عرفت جنون اليقين ووافقت على ضرورة المحافظة على الوحدة الدينية ولو أدى الأمر بالضرورة إلى معاقبة المنشقين بالإعدام، ولكن لم يحدث في أي مكان في العالم المسيحي المعاصر - حتى في أسبانيا - أن أحرق هذا العدد الكبير من الرجال والنساء بسبب آرائهم كما حدث في عهد تولى ريجينالد بول رئاسة الكنيسة الإنجليزية.
قصة الحضارةج25 ص189، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> ماري الدموية
 
. وكان فردريك الثالث(حكم من 1440 إلى 1493) فلكيا وكيميائيا يغرم بهدوء حدائقه في جراتر الذي يتطلع إليه البحاثة لدرجة أنه سمح لشلسوج هولشتين وبوهيميا والنمسا وهنغاريا بأن تنفصل عن الإمبراطورية، ولكنه قام في حوالي نهاية العام الثالث والخمسين من حكمه بخطوة لإنقاذها وذلك بخطبة ماري، وريثة شارل الجسور دوق بورغنديا، لابنه ماكسمليان. وعندما حفر شارل لنفسه قبراً ثلجياً عام 1477 ورث آل هابسبورج الأراضي الواطئة.
قصة الحضارة ج25 أو24، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> ألمانيا قبيل عهد لوثر -> الدولة
 
القتل بوضع البارود بين الفخذين بتأييد الباباوية وقتل 300 !!
عهد ارهاب الأسافقة والقساوسة والرهبان ، عهد جادانر وبونر(عهد ماري الدموية) ابنة هنري الخامس ملك إنجلترا
:"وافتتح جاردنر عهد الإرهاب بأن استدعى إلى محكمته الأسقفية ستة من رجال الأكليروس (22 يناير سنة 1555) كانوا قد رفضوا قبول العقيدة التي توطدت من جديد .
وارتد واحد منهم وأحرق أربعة منهم جون هوبر وأسقف جلوسستر وورسستر الذي أقيل (4-8 فبراير سنة 1555). ويبدو أن جاردنر أصيب بانتكاس في الشعور بعد تنفيذ هذه الأحكام بالإعدام فلم يشترك بعد ذلك في الاضطهاد، وانهارت صحته ومات في نوفمبر من هذا العام واضطلع الأسقف بونر بالمذبحة. ونصح فيليب، وكان لا يزال بإنجلترا، بالاعتدال وعندما أدان بونر ستة، وحكم عليهم بالحرق اعترض سفير الإمبراطور رينار على "هذا التهور البربري(57)" وندد كاهن الاعتراف الخاص لفيليب، وهو أخ أسباني من الرهبان، وهو يعظ أمام الحاشية، بالأحكام باعتبارها مخالفة للروح المعتدلة والمتسامحة التي حث عليها المسيح(58) مراراً وتكراراً. وأوقف بونر الأحكام لمدة خمسة أسابيع، ثم أمر بتنفيذها، واعتقد أنه كان رقيقاً متساهلاً، والحق أن مجلس الملكة أنبه يوماً لأنه لا يظهر حماسة كافية في مطاردة الهرطقة(59). وعرض على كل هرطيق منحه عفواً كاملاً إذا ارتد عما يقول، وكثيراً ما أضاف وعداً بتقديم مساعدة مالية أو عمل صريح(60)، ولكن عندما كانت هذه الإغراءات تفشل كان يجيز الحكم بشراسة، وكانت توضع عادة حقيبة ممتلئة بالبارود بين ساقي المحكوم عليه حتى تؤدي ألسنة اللهب إلى موت سريع، ولكن الخشب احترق ببطيء في حالة هوبر، وخاب أثر البارود فلم ينفجر، وقاسى الأسقف السابق آلاماً استمرت ساعة تقريباً...ولعل المضطهدين رأوا أن من العدل استدعاء رجال الدين الذين بذلوا الجهد لتحفيظ مبادئ العقيدة البروتستانتية، ليشهدوا لها بالاستشهاد، وفي سبتمبر سنة 1555 أحضر كرانمر وعمره ستة وستون عاماً، وريدلي وعمره خمسة وستون عاماً، ولاتيمر، البالغ من العمر ثمانين عاماً، من سجن البرج ليقفوا للمحاكمة في أكسفورد. وكان لاتيمر قد لطخ صفحة حياته البليغة بالموافقة على إحراق المنكرين للتعميد والفرنسسكان العنيدين في عهد هنري الثامن. وكان ريدلي قد أيد بنشاط اغتصاب جين جراي للعرش، ووصف ماري بأنها ابنة سفاح وساعد في خلع بونر وجاردنر من كرسيهما الأسقفيين.
وكان كرانمر الرأس المفكر للإصلاح الديني الإنجليزي، فقد أحل زواج هنري وكاثرين، وزوج هنري من آن بولين، واستبدل بالقداس كتاب الصلاة العامة، واضطهد فريث ولامبرت وغيرهما من الكثالكة،ووقع وصية إدوارد بالتاج لجين جراي، وندد بالقداس باعتباره كفراً، وكان هؤلاء الرجال وقتذاك في البرج منذ عامين يتوقعون الموت كل يوم.
وحوكم كرانمر في أكسفورد في اليوم السابع من سبتمبر. وقام قضاته بكل جهد ممكن للحصول منه على إنكار لما ذهب إليه. فتمسك بموقفه بحزم وحكم عليه بأنه مذنب، ولكن لما كان رئيساً للأساقفة فإن الحكم عليه ترك للبابا وأعيد إلى سجن البرج... وفي اليوم الأول من أكتوبر حكم عليهم بالإدانة وأحرقوا في اليوم السادس من أكتوبر...وربطوا بالأغلال إلى عمود حديدي وعلقت حول عنق كل لجر حقيبة ممتلئة بالبارود وأشعلت حزم الحطب ...وفي الرابع من ديسمبر أيد البابا الحكم على كرانمر...ماري (طبقاً لما قاله فوكس) رفضت إنكاره لمعتقده على أساس أنه يفتقر إلى الإخلاص وأمرت بإعدام كرانمر(62).
وفي كنيسة سانت ماري بأكسفورد تلاقى صبيحة يوم إعدامه (31 مارس سنة 1556) إنكاره السابع والأخير...وكانت وفاته دليلاً على بلوغ الاضطهاد ذروته. ومات نحو 300 شخص في أثنائه منهم 273 في السنوات الأربع الأخيرة من ذلك العهد. وكلما مضت المحرقة قدماً أصبح من الواضح أنها كانت خطأ.... وعلى الرغم من أن الأسقف بونر لم ينعم بالعمل فقد أطلق عليه اسم "بونر الدموي" لأن أسقفيته شهدت معظم ما نفذ من أحكام الإعدام ووصفته امرأة بأنه "الذباح المعروف وعبد المجزرة العامة لكل الأساقفة في إنجلترا(65)"، ووجد المئات من الإنجليز البروتستانت ملجأ في فرنسا الكاثوليكية
قصة الحضارةج25 ص 184،-187الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> ماري الدموية
 
اللوثريون البروتستانت رضوا بما فُعل باتباع كالفن البروتستانت -من الحرق والتفخيخ بالبارود-من محاكم أساقفة ماري برضا البابا الفرنسي الكاثوليكي(عهد ماري القرن ال16)
:"ولم يذرف اللوثريون في ألمانيا أية دموع على ضحايا ماري بل نددوا بهم باعتبارهم هراطقة مكروهين و"شهداء للشيطان" بسبب إنكارهم وجود المسيح حقاً في القربان(67) المقدس. وأدان كالفن تعصب اللوثريين "
قصة الحضارةج25 ص188، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> إدوارد السادس وماري تيودور -> ماري الدموية
 
حالة اسكوتلاندا المسيحية في القرون ال13-16
جهل بالقراءة والكتابة وابناء السفاح يتلقون دخولا كنيسة هائلة!
وإنحلال في الأخلاق وفجور الرهبان وكسلهم
قال ديورانت
:"وحققت الكنيسة الإسكوتلندية عن طريق تسلطها على تقوى الناس لنفسها ثراء وسط فقر متقع وآمال معلقة على العالم الآخر. وقام مبعوث بابوي حوالي نهاية القرن الخامس عشر بإبلاغ البابا أن دخل الكنيسة في إسكوتلندة يعادل كل الدخول الأخرى مجتمعة(2). وكان الوعاظ وأوساط الناس يكادون يحتكرون معرفة القراءة والكتابة. وكان رجال الأكليروس الإسكوتلنديون في القرن السادس عشر مشهورين بالتضلع في العلم، وكانت الكنيسة بالطبع هي التي أسست جامعتي سانت أندروز وأبردين وحافظت عليهما. وكانت الأساقفة ورؤساء الأديار بعد عام 1487 ينصبون - وفي الواقع يعينون - بمعرفة الملوك الذين جعلوا من هذه المناصب مكافآت على خدمات سياسية أو رواتب لأبنائهم غير الشرعيين. ووهب جيمس الخامس ثلاثة من أبنائه من السفاح دخولاً كنسية من كلسو وملرز وهوليرود وسانت أندروز. وكانت الميول الدنيوية لهؤلاء المعينين من الأسرة الملكية مسئولة إلى حد ما عن فساد رجال الأكليروس في القرن السادس عشر. ولكن الانحلال العام للأخلاق والنظام الذي اتسمت به الكنيسة أواخر العصور الوسطى، كان واضحاً في إسكوتلندة قبل تعيين الملوك للأساقفة بعهد طويل. وكتب هيلير بلوك الكاثوليكي المتزمت يقول: "إن فساد الكنيسة الذي استفحل شره في كل مكان في سائر أرجاء أوربا في القرن الخامس عشر، قد وصل في إسكوتلندة إلى درجة لم تعرف في أي مكان آخر(3"). ومن هنا نشأ إلى حد ما عدم المبالاة الذي نظر به عامة الناس، على ما عرفوا به من محافظة على العقيدة، إلى إحلال رجال الدين البروتستانت محل رجال الدين الكاثوليك. وشكا الملك جيمس الأول عام
1425 من فجور الرهبان وكسلهم، وفي عام 1455 اضطر قسيس في لينلثجو قبل أن يتسلم وظيفته أن يعدي عهدا بأن لن يرهن أملاك كنيسته ولن يحتفظ بـ "حظية دائمة"(4). وكان للكاردينال بيتون ثمانية أبناء من السفاح، وضاجع ماريون أو جيلفي ليلاً قبل أن يمضي ليلقى خالقه(5)، وحصل جون رئيس أساقفة هاملتون من جلسات مختلفة عقدها المجلس النيابي الإسكوتلندي على خطابات بشرعية ذريته المتزايدة. ولم يبخل شعراء من قبل الإصلاح الديني في إسكوتلندة بكلمات في هجاء رجال الأكليروس، بل إن رجال الأكليروس أنفسهم، في المجمع المقدس الكاثوليكي الإقليمي لعام 1549 عزوا انحطاط الكنيسة في إسكوتلندة إلى "الفساد في الأخلاق والفسق الدنس في حياة رجال الكنيسة من جميع الدرجات تقريباً(6)". ومهما يكن من شيء فلابد من أن نضيف أن أخلاق رجال الأكليروس كانت مجرد انعكاس لأخلاق العلمانيين - وفوق كل شيء النبلاء والملوك.
قصة الحضارة ج25 ص194-195، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> من روبرت بروس إلى جون نوكس -> الإسكتلنديون الذين لا يقهرون
 
فظائع حرب المائة عام
(معارك الإنجليز والإسكوتلنديين والإنجليز)
وإعدام مدينة إنجليزية بكامل سكانها
- رجالاً ونساء وأطفالاً وراهبات ورهباناً وقساوسة
قال ديورانت :" إن الحقيقة الأساسية في تاريخ الدولة الإسكوتلندية هي الخوف من إنجلترا، والحق أن الملوك الإنجليز حاولوا مراراً أن يلحقوا إسكوتلندة بالتاج الإنجليزي من أجل سلامة إنجلترا من هجوم يباغتها من الخلف. وقبلت إسكوتلندة التحالف مع فرنسا عدو إنجلترا اللدود لكي تحمي نفسها. ولذلك تبرز هذه الوقائع.
لقد ظفر الإسكوتلنديون بحريتهم من إنجلترا في بانوكبرن (1314) بالأقواس والسهام والفؤوس المستخدمة في القتال. ولما كان روبرت بروس قد قادهم هناك إلى النصر، فقد ظل يحكمهم حتى وفاته متأثراً بداء الجذام (1329). وتوج ابنه دافيد الثاني، شأنه في هذا شأن الملوك الإسكوتلنديين منذ أمد بعيد على "حجر القدر" المقدس في دير سكون. ولما بدأ إدوارد الثالث ملك إنجلترا حرب المائة سنة مع فرنسا، رأى أنه من الحزم أن يضمن حدوده الشمالية، فهزم الإسكوتلنديين في هاليدون هل، وأقام إدوارد باليو ألعوبة له على عرش إسكوتلندة سنة 1333، ولم يسترد دافيد الثاني التاج إلا بعد أن دفع للإنجليز فدية قدرها 100.000 مارك (6.667.000 دولار)، ونظراً لأنه لم يترك وريثاً مباشراً عند وفاته (1371) انتقلت المملكة إلى ابن أخيه روبرت ستيوارت الذي بدأت به أسرة ستيوارت المشئومة.
وسرعان ما استؤنفت حرب نصفي إنجلترا ضد الكل. وأرسل الفرنسيون جيش إلى إسكوتلندة، وعاث الإسكوتلنديون والفرنسيون فساداً في بلاد إنجلترا الواقعة على الحدود، واستولوا على درهام وأعدموا كل سكانها - رجالاً ونساء وأطفالاً وراهبات ورهباناً وقساوسة. وقام الإنجليز بالحركة التالية في لعبة الشطرنج الملكي هي فغزوا إسكوتلندة، وأحرقوا برث ودندي ودمروا دير ملروز (1385)، وسار روبرت الثالث في الطريق نفسه، ولكن عندما أسر الإنجليز ابنه جيمس (1406) مات حزناً. واحتفظت إنجلترا بالملك الصبي في سجن لطيف إلى أن وقع الإسكوتلنديون "صلحاً دائماً" (1423) وتخلوا عن كل تعاون بعد ذلك مع فرنسا.
قصة الحضارة ج25 ص196، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> من روبرت بروس إلى جون نوكس -> وقائع ملكية
 
حرب هنري الثامن على اسكوتلاندا
حرق مدينة أدنبرة الأسكوتلاندية
، ونهب قرى الفلاحين في دائرة قطرها سبعة أميال ودكت دكاً
في حرب هنري الثامن على اسكوتلاندا المتحالفة مع فرنسا القرن ال16
قال ديورانت
:"وعندما جدد بيتون الحلف مع فرنسا عقد هنري الثامن النية على شنَّ حرب لا هوادة فيها، وبعث لجيشه في الشمال أمراً بإحردنما يجد مقاومة" وبخاصة "ألا يبقوا على حياة مخلوق" في بلدة سانت أندروز(7) مقر بيتون. وبذل الجيش جهده، وأحال كل دير ومزرعة وقلعة ومحلة إلى خراب شامل(9)". وتعرضت أدنبرة يومين للسلب والحرق، ونهبت قرى الفلاحين في دائرة قطرها سبعة أميال ودكت دكاً، وسيق إلى إنجلترا (1544) 1000 راس من الماشية ذوات القرون و 12.000 رأس من الأغنام و 1300 جواد. وعرض سير جيمس كير كالداي ونورمان لزلي وغيرهما من السادة الإسكوتلنديين أن يساعدوا الإنجليز على "حرق أماكن يملكها الحزب المتطرف في الكنيسة، وأن يقبضوا ويسجنوا كبار خصوم الحلف الإنجليزي، وأن يعتقلوا ويقتلوا الكاردينال نفسه(10)". ورحب هنري بالعرض ووعد بتقديم 1000 جنيه إنجليزي لمواجهة النفقات. وفشلت الخطة إلى حين، ولكنها نفذت في اليوم التاسع والعشرين من مايو سنة 1546، واقتحم اثنان من آل كير كالداي واثنان من آل لزلي وعصبة عديدة من النبلاء والقتلة قصر الكاردينال عنوة وقتله "في حالة تلبس" تقريباً لأنه، "كما يقول نوكس" كان مشغولاً بحساباته مع السيدة اوجيلفي في تلك الليلة(11). وأردف نوكس قائلاً: "والآن بما أن الطقس حار فقد رأى أن من الأفضل لمنعه من أن يتعفن أن يعطوه جرعة كبيرة كافية من الملح،وقباء من الرصاص... انتظاراً لما سوف يعده له إخوانه الأساقفة من طقوس الفن. ونحن إنما نسجل هذه الأمور ابتهاجاً(12)". وانسحب القتلة إلى قلعة سانت اندروز على الساحل وانتظروا وصول العون من إنجلترا بطريق البحر.
قصة الحضارة ج25 ص199-200،الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> من روبرت بروس إلى جون نوكس -> وقائع ملكية
 
شغل اسكوتلاندي!
:"وعاد أران إلى الاضطلاع بعبء الحكم، ولكي يضمن مساعدة الفرنسيين وعد بأن يزوج الملكة الطفلة ماري ستيوارت لولي عهد فرنسا، ولكي يحال بينها وبين الوقوع في أيدي الإنجليز، أرسلت سراً إلى فرنسا (13 أغسطس سنة 1548). وقضى ارتقاء ماري تيودور العرش في إنجلترا على خطر قيام الإنجليز بغزوات أخرى إلى حين.
 
اسكوتلاندا(1) تحرق أيضاً
حرق بول كراور
:"كانت الدعاية للإصلاح الديني قد مضى عليها مائة عام في إسكوتلندة في عام 1433 اتهم بول كراور بإدخال عقيدتي ويكليف وهس، وقضت الكنيسة بإدانته وأحرقته الدولة.. وفي عام 1494 استدعي ثلاثون "لولاردا من كيل" للمثول أمام أسقف جلاسجو بتهمة رفض الاعتقاد في المخلفات والصور الدينية والاعتراف السري أمام قسيس، ورسامة القساوسة وسلطانهم والتجسد والمطهر، وصكوك الغفران والقداسات من أجل الموتى ورهبانية رجال الدين والسلطة البابوبة(13). وبذلك نجد أنفسنا أمام تلخيص يكاد يكون كاملاً لمبادئ الإصلاح الديني قبل نشر رسائل لوثر بثلاثة وعشرين عاماً.
قصة الحضارة ج25 ص200-201، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> من روبرت بروس إلى جون نوكس -> جون نوكس
 
اسكوتلاندا(2) تحرق أيضاً
حرق باتريك هاميلتون ..
وتغريق إمرأة.. ومزيد حرق وإعدام (المسيحي-المسيحي)
:"وذهب باتريك هاميلتون إلى باريس ولوفان، ودرس تعاليم أرازموس والفلسفة اليونانية ومضى إلى فتنبرج وعاد إلى إسكوتلندة مشبعاً بالعقائد الجديدة ونادى بالتزكية بالإيمان ودعاه جيمس (عم دافيد) وبيتون، ثم رئيس أساقفة سانت اندروز للحضور، وإيضاح ما يعنيه بأقواله، فجاء وتمسك بآرائه وأحرق (1528). وفي عام 1534 أحرق اثنان آخران من "العلماء" كما كان المصلحون الدينيون الإسكوتلنديون الأوائل يسمون أنفسهم. وشنق أربعة رجال وأغرقت امرأة عام 1544، وطبقاً لما يرويه نوكس الذي لا يعتمد على روايته دائماً، ذهبت إلى حتفها وعلى صدرها طفل رضيع(14).
وكانت عمليات القتل العمد هذه موزعة على عصور ومواضع مختلفة، إلى حد جعلها لا تثير رد فعل عام قوي. بيد أن شنق جورج ريشارت مس شغاف قلوب الكثيرين، وكان أحول حادث له أثره في الإصلاح الديني الإسكوتلندي. وقد ترجم ريشارت حوالي عام 1543 الاعتراف السويسري البروتستانتي الأول، ومن سوء الحظ أن هذا الإعلان البروتستانتي أمر السلطات
قصة الحضارة ج25 ص201، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> من روبرت بروس إلى جون نوكس -> جون نوكس
 
جون نوكس(1)الكالفيني من نواح يدعو لقتل الكاثوليك في اسكوتلاندا وغيرها
وهو كما قال ديورانت
:"شخصية من أقوى الشخصيات في التاريخ وأعظمها نفوذاً. وقد ولد جون نوكس بين عامي 1505 و 1515 قرب هندنجنون ونذره والداه الفلاحان ليكون قسيساً، ودرس في جلاسجو ورسم قساً (حوالي عام 1532، وأصبح معروفاً بتضلعه في القانون المدني والقانون الكنسي على السواء. ولا تتحدث سيرته الذاتية "تاريخ إصلاح الدين داخل مملكة إسكوتلندة" بشيء عن شبابه ولكنها تقدمه فجأة (1546) بوصفه مريداً متحمساً لجورج ريشارت وحارساً شجاعاً له، يحمل سيفاً له مقبضان. وأخذ نوكس يتجول من مخبأ إلى آخر بعد القبض على ريشارت، ثم انضم في عيد الفصح عام 1547 في قلعة سانت اندروز إلى العصبة التي قتلت الكاردينال بيتون.
واستشعر الرجال المطاردون الحاجة إلى الدين فطلبوا من نوكس أن يكون واعظاً لهم. فاحتج بأنه لا يصلح، ثم وافق وسرعان ما اتفقوا على أنهم لم يسمعوا قط مثل هذا الوعظ الملتهب من قبل. وأطلق على الكنيسة الرومانية أسم: "هيكل الشيطان" وجعلها مرادفة للوحش المخيف الذي ورد وصفه في سفر الرؤيا. وتبنى العقيدة اللوثرية...وفي يوليو أبحر أسطول فرنسي وقذف القلعة بالقنابل. وقاوم المحاصرون أربعة أسابيع، وأخيراً غلبوا على أمرهم، وظل نوكس والآخرون يعملون عبيداً في السفن تسعة عشر شهراً. وليس لدينا إلا تفاصيل قليلة عن معاملتهم باستثناء ما ذكر من أنهم كانوا يدفعون لسماع القداس (ويقول لنا نوكس) أنه رفض بشدة، ولعل هذه الأيام المريرة، وأثر صوت الملاحظ على الأجسام ساهم في اشتداد نزوع نوكس إلى الكراهية وجنوح لسانه وقلمه إلى العنف في العبارة.
وعندما أطلق سراح الأسرى (فبراير سنة 1549) عمل نوكس قساً بروتستانتياً في إنجلترا براتب تقاضاه من حكومة سومرست. وكان يقوم بعظاته يوميا طوال الأسبوع "إذا سمحت له بذلك الجيفة الخبيثة". ...وفي عام 1551 كان نوكس يعظ أمام إدوارد السادس ونورثمبرلان فتساءل كيف تأتى في الغالب الأعم لأنقى الأمراء أن يتخذوا مستشاريهم من أفسق الناس. وحاول الدوق أم يسكته بمنحه منصب أسقفية ولكنه فشل.
وكانت ماري التيودورية أشد خطورة عليه، ففر نوكس إلى دبيب وجنيف (1554) بعد شيء من التباطؤ الذي أملاه الحرص، وزكاه كالفن لدى جماعة تتحدث بالإنجليزية في فرانكفورت...وعاد إلى جنيف (1555)، ...وذهب ... إلى إسكوتلندة...ونظم اجتماعات بروتستانتية للمصلين في أدنبرة وغيرها من الأماكن وكان له الفضل في أن يتحول على يديه إلى المذهب البروتستانتي أشخاص من ذوي النفوذ، مثل وليام ميتلاند، سيد ليثنجتون، وجيمس ستيوارت الشقيق غير الشرعي لماري ستيوارت الذي قدر له أن يكون وصياً على العرش باسم إيرل أف مراي أو موراي. ولم ترض محكمة كنسية عن هذا التطور، فاستدعت نوكس ليقدم حساباً عن أعماله، وآثر أن يسلك سبيل التروي فتسلل من إسكوتلندة مع زوجته وأمها، (يوليو سنة 1556). ولم تستطع المحكمة الكنسية أن تحرق في غيابه سوى تمثال له، وأضفى عليه هذا التجسيم لاستشهاده بدون ألم نبلاً في عيون البروتستانت الإسكوتلنديين، ومنذ تلك اللحظة جعلوه زعيماً للإصلاح الديني الإسكوتلندي، حيث ما حل. ...ولم تكن رسائله مجرد تمارين أدبية بل كانت وكأنها هزيم رعد سياسي وكانت تضارع رسائل لوثر في قوة الهجاء. وكانت الكنيسة الرومانية عنده، كما هو الحال عند لوثر، "بغياً... دنستها تماماً كل ضروب الفجور الروحي(28)". وكان الكثالكة "بابويين أضر من الوباء" و"تجار قداس" وكان قساوستهم "ذئاباً مفترسة". ولم يكن هناك رجل يبزه فصاحة في ذلك العصر الفصيح. وعندما تزوجت ماري تيودور من فيليب الثاني انفجر نوكس غضباً في رسالة بعنوان: "تحذير مخلص إلى معلمي حقيقة الرب في إنجلترا" (1554)...وعاود نوكس الهجوم في رسالة بعنوان: "نداء إلى نبلاء إسكوتلندة وطبقات سكانها (يوليو سنة 1558)".
لا أحد ممن يحرضون الناس على عبادة الأوثان ينبغي أن يعفى من عقوبة الإعدام... ويجب تطبيق الحكم نفسه في مكان يؤمن بيسوع المسيح وإنجيله... اللذين اعترف بهما الحكام والناس في خشوع، ووعدوا بالدفاع عنهما، كما حدث في عهد الملك إدوارد في الأيام الأخير بإنجلترا. وفي مثل هذا المكان أقول إن عقوبة الإعدام ليست مشروعة على مَن يعمل على تقويض دعائم الدين فحسب، بل إن الحكام والناس ملتزمون بأن ينتهجوا هذا السبيل، إلا إذا أرادوا أن يثيروا غضب الله عليهم... وأنا لا أخشى أن أؤكد أن واجب النبلاء والقضاة والحكام والشعب في إنجلترا كان لا يقتضي منهم أن يقاوموا ماري، تلك الإيزابل، ويعارضوها فحسب... بل عليهم أن يقتصوا منها بإعدامها(36).
وحث نوكس شعب إسكوتلندة على تطبيق هذا الرأي الخاص بالثورة الشرعية على ماري أميرة اللورين. وشكا من أن الوصية على العرش قد أحاطت نفسها بحاشية فرنسية وجنود فرنسيين ليأكلوا مدخرات الإسكوتلنديين: بينما يؤتى بالأغراض لسحقنا نحن وخيرنا العام وذريتنا... وبينما ذوو الكروش والطغاة الدمويون الأساقفة يبقون، ويضطهد رسل المسيح الصادقون، وأخيراً بينما تحتقر الفضيلة وتمجد الرذيلة. فأي رجل ورع يمكن أن يساء إليه لأننا سوف ننشد تقويم هذه الأعمال الفاضحة (نعم، حتى لو اقتضى الأمر الالتجاء إلى قوة السلاح، إذا رأينا أنه لن يتيسر لنا بخلاف ذلك)... وهنا نجد مزيجاً غريباً من الثورة والرجعية في بيانات نوكس. وكان لابد أن يتفق معه في تبرير قتل الطغاة من آن لآخر كثير من المفكرين ومنهم هوجينوت فرنسيون مثل هوتمان ويسوعيون مثل ماريانا. ومع ذلك فإن اقتناعه، بأن هؤلاء الذين كانوا واثقين من لاهوتهم يجب أن يسحقوا - وإذا اقتضى الأمر يقتلوا - خصومهم، رجع فيه إلى أكثر ممارسات محكمة التفتيش شؤماً. واعتبر نوكس أن الإصحاح الثالث عشر من سفر التثنية لا يزال ساري المفعول وفسره حرفياً، وكل هرطيق يجب أن يعدم، والمُدن التي تغلب عليها الهرطقة يجب أن يقتص منها بالسيف وتدمر تماماً، ويقضى على ما فيها من ماشية، وكل بيت فيها يجب أن يحرق حتى ينهدم. ويعترف نوكس أن هذه الأوامر الخالية من الرحمة أفزعته في بعض الأحيان: قد يبدو هذا الحكم حتى للرجل المادي صارماً وقاسياً، أجل، وقد يبدو وكأنه صدر عن غضب لا عن تعقل... وأي مدينة... لا يوجد فيها أبرياء مثل الرضع والأطفال وبعض السذج والجهال لا يقترفون الكفر أو يستسلمون له؟ ومع ذلك فإننا لا نجد استثناء بل إن الجميع مكتوب عليهم الموت القاسي. بيد أنه في مثل هذه الأحوال أرادت مشيئة الله أن تنحني جميع المخلوقات وتغطى وجوهها، وتكف عن التفكير المنطقي، إذا كان هناك أمر منه تعالى بتنفيذ إرادته(38).وعلينا ألا نحاكم نوكس بمقاييسنا الراهنة عن التسامح، فقد أعرب بإصرار شديد عن الروح العامة لعصره تقريباً.
وكانت السنوات التي قضاها في جنيف، حيث كان سرفينوس قد أحرق لتوه، قد أكدت نزعته نحو الالتزام بالحرفية الصارمة واليقين الذي يصل إلى درجة الغرور. ولو أنه قرأ ما احتج به كاستليو لتبرير التسامح لطابت نفسه على الأرجح برد بيز عليه. ... ولم يقتنع نوكس بقوة الاستدلال واعتقد في قرارة نفسه أنه مخلص لروح المسيح، فأرسل عام 1559، عندما كانت تحكم إنجلترا ملكة بروتستانتية، إلى شعبها رسالة بعنوان: "عظة موجزة" ينصحه فيها بأن يكفر عما قامت به ماري من اضطهاد يجعل العقيدة الكالفينية ونظامها الأخلاقي إجباريين في سائر البلاد، ورفضت إنجلترا العمل بالنصيحة. وعاد نوكس في ذلك العام إلى إسكوتلندة ليشرف على إيديولوجية ثورتها.
قصة الحضارةج25 ص200-214، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> من روبرت بروس إلى جون نوكس -> جون نوكس
 
التعصب المسيحي-المسيحي في اسكوتلاندا
سكان أدنبرة، الكاثوليك (في القرن ال16، اسكوتلاندا)
وتدفق البروتستانت نتيجة الحروب وهجراتها!!!
:"لقد امتزجت دعواته-يقصد جون نوكس- للإسكوتلنديين إلى الإطاحة بنير الخضوع لروما بتعاليم المصلحين الدينيين الآخرين وتدفق البروتستانت من إنجلترا وتسلل الأناجيل والنشرات من إنجلترا إلى القارة الأوربية، وتعطش النبلاء الإسكوتلنديين للأرض وإبعادهم الموغر للصدور على يد الفرنسيين الذين يضعون المساحيق على وجوههم من رجال الحاشية، فعملت على رفع درجة حرارة الثورة إلى نقطة الانفجار. واحتمل سكان أدنبرة، الكاثوليك المتمسكون بعقيدتهم عام 1543 بطريق مباشر وباستياء شديد تدفق الغاليين المتغطرسين أثناء وصاية ماري أمير اللورين على العرش. وحدث كل شيء يحيل حياة الدخلاء بؤساً وشقاء. واشتد الإحساس بالذات في كلا الجانبين، ولما كان رجال الأكليروس قد أيدوا الفرنسيين فإن روح القومية رددت نعمات عالية مناهضة للكاثوليكية وسارت مواكب دينية - حملت فيها تماثيل للعذراء والقديسين عبدت فيما يبدو، وعرضت مخلفات وقبلت باحترام - فأثارت المزيد من السخرية والشك.
وفي سبتمبر عام 1557 استولت جماعة من المتشككين المتحمسين على تمثال لسانت جيلس في "الكنيسة الأم" التي تحمل هذا الاسم في أدنبرة وغمروها في بركة، وأحرقوها فيما بعد حتى تحولت إلى رماد. ويروي نوكس أن هجمات مماثلة استهدفت تحطيم الأصنام حدثت في كل أرجاء البلاد.
قصة الحضارة ج25 ص214، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> من روبرت بروس إلى جون نوكس -> جماعة أتباع المسيح
 
نص يحتاج قراءة جيدة
اضطهاد البروتستانت لغيرهم في اسكوتلاندا القرن ال16
سيطرة الكالفينيين على اسكوتلاندا وقهر الكاثوليك وحرق اديرة وهروب قساوسة ورهبان وقانون عجيب غريب في الفكر المسيحي!!
في ظل منطقة مشتعلة بالحروب المسيحية-المسيحية(انجلترا-فرنسا-اسكوتلاندا) وهروب جماعي بحسب سيطرة الخصم(بالسلاح طبعا!)!
قال ديورانت
:"لقد امتزجت دعواته للإسكوتلنديين إلى الإطاحة بنير الخضوع لروما بتعاليم المصلحين الدينيين الآخرين وتدفق البروتستانت من إنجلترا وتسلل الأناجيل والنشرات من إنجلترا إلى القارة الأوربية، وتعطش النبلاء الإسكوتلنديين للأرض وإبعادهم الموغر للصدور على يد الفرنسيين الذين يضعون المساحيق على وجوههم من رجال الحاشية، فعملت على رفع درجة حرارة الثورة إلى نقطة الانفجار. واحتمل سكان أدنبرة، الكاثوليك المتمسكون بعقيدتهم عام 1543 بطريق مباشر وباستياء شديد تدفق الغاليين المتغطرسين أثناء وصاية ماري أمير اللورين على العرش. وحدث كل شيء يحيل حياة الدخلاء بؤساً وشقاء. واشتد الإحساس بالذات في كلا الجانبين، ولما كان رجال الأكليروس قد أيدوا الفرنسيين فإن روح القومية رددت نعمات عالية مناهضة للكاثوليكية وسارت مواكب دينية - حملت فيها تماثيل للعذراء والقديسين عبدت فيما يبدو، وعرضت مخلفات وقبلت باحترام - فأثارت المزيد من السخرية والشك.
وفي سبتمبر عام 1557 استولت جماعة من المتشككين المتحمسين على تمثال لسانت جيلس في "الكنيسة الأم" التي تحمل هذا الاسم في أدنبرة وغمروها في بركة، وأحرقوها فيما بعد حتى تحولت إلى رماد. ويروي نوكس أن هجمات مماثلة استهدفت تحطيم الأصنام حدثت في كل أرجاء البلاد.
وفي الثالث من ديسمبر عام 1557 اجتمعت في أدنبرة (التي كانت قد أصبحت عاصمة للبلاد عام 1542) "عصبة مشتركة" من النبلاء المناهضين لرجال الدين أرجيل وجلنكرن ومورتون ولورن وارسكين - ووقعوا "أول ميثاق إسكوتلندي" وأطلقوا على أنفسهم: "لوردات جماعة المصلين ليسوع المسيح" لتعارض "جماعة المصلين للشيطان" - أي الكنيسة...وصمموا على إنشاء كنائس تأخذ بأسباب الإصلاح الديني في سائر إسكوتلندة، وأعلنوا أن كتاب الصلاة العامة الذي كتب لإنجلترا في عهد إدوارد السادس يجب أن تعمل به كل جماعات المصلين. واحتج الأساقفة البروتستانت على هذا الانشقاق الجريء وحثوا رئيس الأساقفة هاميلتون على قمعه. فأمر في شيء من التبرم (28 أبريل سنة 1558) - بإحراق والتر ميلن - وهو قسيس عجوز كان قد تجرد من ملابس الكهنوت وتزوج واعتاد أن يبشر بعقيدة الآخذين بالإصلاح الديني بين الفقراء، وكان الناس يكنون احتراماً عظيماً للرجل العجوز فأعربوا عن فزعهم لهذا الإحراق الأخير لبروتستانتي إسكوتلندي بتهمة الهرطقة، وقاموا ببناء هرمي الشكل من الأحجار فوق الموضع الذي مات فيه. وعندما استدعي واعظ آخر للمحاكمة امتشق المدافعون عنه السلاح، واقتحموا طريقهم إلى حضرة الوصية، وانذروها أنهم لن يسمحوا بمزيد من الاضطهاد من أجل العقيدة الدينية وأنذر لوردات جماعة المصلين الوصية (نوفمبر سنة 1558) أنها ما لم تمنح الناس حرية العبادة فإنهم لن يكونوا مسئولين "إذا حدث أن قومت المظالم بالعنف(40) وأرسلوا في ذلك الشهر رسالة إلى نوكس بأنهم سوف يحمونه إذا عاد.
وتمهل في العودة ولكنه وصل إلى أدنبرة في اليوم الثاني من مايو سنة 1559. وقدم يوم 3 مايو في برث العظة التي أطلقت الثورة من عقالها، ويقول لنا إنها كانت عظة "عنيفة ضد عبادة الأوثان" وقد فسرت "ما في القداس من عبادة للأوثان وما فيه من أمور بغيضة" و"الوصية التي أمر بها الله بتدمير الأنصاب لهذا السبب(41)". وخرج "الجمع الأثيم" كما يصفه عن الطاعة، وعندما حاول قس في كنيسة مجاورة أن يقيم قداسا صاح أحد الشبان: "إن هذا لا يطاق لأنه في الوقت الذي لعن فيه الرب عبادة الأوثان صراحة في كتابه، فإننا نقف لنراها تعبد على الرغم من ذلك" وجاء في رواية لنوكس أن القسيس وجه للصبي ضربة شديدة، فتناول في غمرة غضبه حجراً وقذف به القسيس وأصاب قدس الأقداس، وحطم أحد التماثيل، وما لبث أن قذف الجمع كله المحتشد حوله الأحجار وأعملوا أيديهم في قدس الأقداس المزعوم وفي سائر آثار عبادة الأوثان(42). وتدفق الجمهور إلى ثلاثة أديار ونهبوها وحطموا التماثيل، ولكنهم سمحوا للاخوة الرهبان أن يأخذوا معهم ما تستطيع أكتافهم أن تتحمله. وما هي إلا يومان أو ثلاثة حتى كانت هذه المواضع الثلاثة الكبيرة... قد دمرت ولم يبقَ منها قائماً سوى الجدران(43).
وكانت الوصية على العرش بين نارين، ونصحها أخوها كاردينال اللورين أن تسير على نهج ماري تيودور، وأن تقضي على كبار البروتستانت، وكان الثوار المنتصرون في برث وحولها في غضون ذلك يهددون بقتل أي قسيس يجرؤ على إقامة القداس(44). وفي 22 مايو أرسل لها لوردات جماعة المصلين، وكان يظاهرهم وقتذاك أتباعهم المسلحون، إنذاراً نهائياً مشئوماً:... إن جريمة القتل القاسية الظالمة التي بلغت أقصى درجات الاستبداد والموجهة إلى المُدن والجماهير، كانت ولا تزال السبب الوحيد لتمردنا على خضوعنا التقليدي، الذي نعد بإخلاص أمام الله أن نقدمه لمولاتنا (ماري ملكة الإسكوتلنديين) ولزوجها ولعظمتكم، بشرط أن تنعم ضمائرنا بالطمأنينة والحرية اللتين اشتراهما لنا بدمه يسوع المسيح... رعايا عظمتكم الخاضعون لكم في جميع الأمور التي لا تغضب الرب - جماعة المصلين المخلصين ليسوع المسيح في إسكوتلندة(45)".
وفي الوقت نفسه بعثت جماعة المصلين نداء إلى النبلاء بتأييد الثورة وخطاباً مفتوحاً حذروا فيه "جيل المناهضين للمسيح والأساقفة المؤذين كالوباء ورهبانهم... إذا مضيتم في قسوتكم الحاقدة فإنكم سوف تعاملون، أينما يقبض عليكم كقتلة وأعداء للرب صراحة. ولن يبرم معكم عقد صلح قط إلا إذا انقطعتم عن عبادتكم الصريحة للأوثان واضطهادكم القاسي لأبناء الرب(46)".
ودخلت الوصية ماري مدينة برث بقدر ما استطاعت أن تحشد من كتائب الجند، ولكن أنصار جماعة المصلين تجمعوا صفاً مسلحاً، وأدركت ماري أنها لن تستطيع أن تتغلب عليهم، فوقعت معهم هدنة (29 مايو سنة 1559) وانسحب نوكس إلى سانت أندروز، ولم يعبأ بنواهي كبير الأساقفة، فوعظ في كنيسة الأبرشية ضد عبادة الأوثان (11 - 14 يونيه). وتأثر مستمعوه بحرارة عباراته فأزالوا كل أثر ينم عن عبادة الأوثان، عن كنائس المدينة وأحرقوا هذه التماثيل أمام عيني رجال الدين الكاثوليك(47). وهرب كبير الأساقفة إلى برث، ولكن قوات جماعة المصلين ادعت أن ماري قد خرقت نصوص الهدنة باستخدام الأموال الفرنسية في دفع رواتب جنودها الإسكوتلنديين، وهاجمت القلعة، واستولت عليها (25 يونيه). وفي الثامن والعشرين نهبت دير سكون وأحرقته.
وإذا جاز لنا أن نصدق أحياناً ما يقوله نوكس المعروف برحابة خياله فإن "ربة بيت" فقيرة طاعنة في السن قالت وهي ترى ألسنة اللهب المتصاعدة: "الآن أرى وأدرك أن أحكام الرب عادلة، فإن هذا المكان بقدر ما تسعفني الذاكرة لم يكن إلا وكراً للقوادين. إنه لأمر لا يصدق... كم من زوجة زنى بها، وكم من عذراء أفتض بكارتها الوحوش الدنسة، التي كانت تحتضن هذا الوكر، وبخاصة ذلك الرجل الخبيث، الأسقف(48).
وكانت ماري أميرة اللورين وقتذاك مصابة بمرض خطير، تتوقع وفاتها في أية لحظة، فهربت إلى ليث وحاولت أن تؤخر تقدم البروتستانت المنتصرين بالمفاوضات إلى أن يصل إليها العون من فرنسا. ولكن جماعة المصلين تفوقت عليها بالمباراة، وذلك بالفوز بتأييد إليزابث ملكة إنجلترا...وسرعان ما أغلق أسطول إنجليزي في مضيق فورث الطريق أمام نزول أي مساعدة فرنسية للوصية على العرش إلى البر، وانضم جيش إنكليزي إلى قوات جماعة المصلين في مهاجمة ليث. وانسحبت ماري أميرة اللورين إلى قلعة ادنبرة، وماتت (10 يونيه سنة 1560)... واستسلم آخر المدافعين عنها، بعد أن سدت في وجوههم السبل وأوشكوا على الموت جوعاً. وفي السادس من يوليو سنة 1560 وقع ممثلو جماعة المصلين وماري ستيوارت وفرنسا وإنجلترا معاهدة أدنبرة التي قدر لموادها أن تكون من صميم أسباب الصراع الأخير بين ماري وإليزابث... وكان على كل الجنود الأجانب ما عدا 120 فرنسياً مغادرة إسكوتلندة. وكفت ماري ستيوارت وفرانسيس الثاني عن مطالبتهما بالتاج الإنجليزي، واعترف بماري ملكة على إسكوتلندة
...وقبل المجلس النيابي، الذي اجتمع في أول أغسطس سنة 1560 اعترافاً بالعقيدة أعده نوكس ومعاونوه وخفف من غلواء بعض نصوصه ميتلاند ليشنجتون ولم يصوت ضده إلا ثمانية أعضاء. ولما كان لا يزال العقيدة الرسمية لكنيسة إسكوتلندة المشيخية نرى لزاماً علينا أن نسجل بعض مواده الأساسية تذكيراً بها:
1- نعترف ونقر بوجود إله واحد أحد... في ثالوث.
2- نعترف ونقر أن إلهنا هذا قد خلق بشراً ندرك أنه أبونا الأول آدم فالمرأة خدعتها الحية والرجل أصغى لصوت المرأة.
3- وبهذه الزلة، التي يطلق عليها عادة اسم الخطيئة الأولى دنست صورة الرب تماماً في الإنسان، وأصبح هو وذريته من الطبيعة أعداء للرب، عبيداً للشيطان وخدماً للخطيئة، ومادام ذلك الموت كانت له، وسوف تكون له دائماً، قوة وسلطان، على كل مَن لم يولد أو ولد...
21- نحن لا نقر إلا اثنتين من المقدسات: التعميد والعشاء الرباني... لا لأننا نتصور تحول الخبز إلى جسد الرب الطبيعي... ولكننا نؤمن بأن صنيع الروح القدس إنما يعني أن المؤمنين بالاستخدام الصحيح لمائدة الرب يأكلون جسد السيد يسوع ويشربون دمه.
24- نعترف ونقر بأن الإمبراطوريات والممالك والمستعمرات والمُدن أقيمت بفضل الله... في الغالب وبصفة رئيسية للملوك والأمراء والحكام، وذلك من أجل الحفاظ على كل ما يتصل بالدين وتطهيره، ولهذا فإنهم لا يعينون من أجل السياسة المدنية وحدها، ولكن من أجل المحافظة على الدين الصحيح ومنع عبادة الأوثان والخرافة أياً كانت أيضاً(49).
وترتب على هذا الاعتراف أن المجلس النيابي الإسكوتلندي الآخذ بأسباب الإصلاح الديني رفض التسليم بالسلطة القضائية للبابا، وجعل العقيدة والشعيرة اللتين تبناهما الإصلاح الديني إجباريين، ومنع إقامة القداس وإلا تعرض مَن يقيمه للعقوبة البدنية ومصادرة أمواله عند ارتكاب أول جريمة، والنفي عند ارتكابه لها للمرة الثانية، والإعدام إذا ارتكبها مرة ثالثة. ولكن لما كان النبلاء الذين يتحكمون في المجلس النيابي يريدون الأرض أكثر مما يريدون سفك الدماء، وبما أنهم لم يتبعوا اللاهوت الكالفيني حرفياً فإن مطاردة هؤلاء الإسكوتلنديين الذين ظلوا كثالكة، بقي معتدلاً نسبياً، ولم يصل قط إلى توقيع عقوبة بدنية...21- نحن لا نقر إلا اثنتين من المقدسات: التعميد والعشاء الرباني... لا لأننا نتصور تحول الخبز إلى جسد الرب الطبيعي... ولكننا نؤمن بأن صنيع الروح القدس إنما يعني أن المؤمنين بالاستخدام الصحيح لمائدة الرب يأكلون جسد السيد يسوع ويشربون دمه.
24- نعترف ونقر بأن الإمبراطوريات والممالك والمستعمرات والمُدن أقيمت بفضل الله... في الغالب وبصفة رئيسية للملوك والأمراء والحكام، وذلك من أجل الحفاظ على كل ما يتصل بالدين وتطهيره، ولهذا فإنهم لا يعينون من أجل السياسة المدنية وحدها، ولكن من أجل المحافظة على الدين الصحيح ومنع عبادة الأوثان والخرافة أياً كانت أيضاً(49).
وترتب على هذا الاعتراف أن المجلس النيابي الإسكوتلندي الآخذ بأسباب الإصلاح الديني رفض التسليم بالسلطة القضائية للبابا، وجعل العقيدة والشعيرة اللتين تبناهما الإصلاح الديني إجباريين، ومنع إقامة القداس وإلا تعرض مَن يقيمه للعقوبة البدنية ومصادرة أمواله عند ارتكاب أول جريمة، والنفي...وأغلقت معظم الأديار الإسكوتلندية، واستولى النبلاء على ثروتها ولم تدبر الحكومة في مبدأ الأمر أي مورد للقساوسة الكالفينيين، وكان هؤلاء قد استخدموا كمعاونين إيدولوجيين في الثورة، ولكن النبلاء كانوا قد فقدوا وقتذاك الاهتمام باللاهوت. وكان نوكس ورفقاؤه من الوعاظ الذين خاطروا وضحوا بالكثير من أجل النظام الجديد قد توقعوا، أن تستخدم أملاك الكنيسة في مساندة الكنيسة الإسكوتلندية ورجال الأكليروس بها. والتمسوا من المجلس النيابي إقرار هذا التدبير فلم يتلقوا جواباً، ولكن خصص لهم في آخر الأمر سدس الأسلاب. ووجد أن هذا يقصر عن تحقيق مطالبهم فانقلبوا ضد الأرستقراطية النهمة وبدأ الحلف التاريخي بين أتباع الكنيسة المشيخية الإسكوتلندية والديمقراطية.
وتفردت حركة الإصلاح الديني الإسكوتلندي بين حركات الإصلاح الديني جميعاً بأنه لم يسفك فيها إلا أقل قدر من الدماء، وكانت مع ذلك أبقاها، وقاسى الكثالكة في صمت، وهرب أساقفتهم وقبل معظم قساوسة الأبرشيات التغيير باعتباره ليس أسوأ من ظلم الأساقفة وزياراتهم التفتيشية.
وفقدت المناطق الريفية مفارق طرقها الجانبية، وهجرت مزاراتها القديمة، التي كان الحجاج يشدون إليها الرحال، ولم يعد القديسون يهيئون للناس عطلات يرتاحون فيها. وليس من شك في أن نفوساً كثيرة قد حزنت على الماضي وبالغت في مثاليته. وليس من شك أيضاً في أن كثيرين أخذوا يترقبون، والأمل يراودهم، مجيء ملكتهم الشابة من فرنسا.
ولقد ضاع الكثير مما كان يشيع المرح والجمال في الحياة. والكثير مما كان وحشياً وقاسياً وخداعاً، ولسوف تحدث أمور كثيرة جافة كئيبة، ومع ذلك لم يكن هناك بد من التغيير.
قصة الحضارة ج25 ص214-222، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> من روبرت بروس إلى جون نوكس -> جماعة أتباع المسيح
 
طيب ننبه على العناوين المثيرة التي أضعها هنا كإشارة إلى أهم مافي المقتبس من كلام ديورانت.
وغرضي من ذلك هو إثارة القارئ للقراءة كما أنه تعبير حقيقي عن الموضوع
لكن غرضي الأكبر هو التالي:
فمثلا عنوان ك:هنري الخامس...
عندما أنقل المنقولات كلها في ملف ورد يمكنني أن أصل بسرعة إلى هنري الثامن، وهكذا يمكنني أن أضعه في مكانه من كتابي(مخطوط) عن فيلدرز الهولندي
ويمكنك أن تقول مثل ذلك عن كلمة(المسيحي-المسيحي)
أو حرق... أو شق... أوالآلاف... أو القرن ال... او حرب ال١٠٠ او ال٣٠ او ال٨٠ وهكذا
وهذا يوفر على مجهود ضخم فيما يأـي أو الآن أيضا وأنا أضع بعض النصوص في محلها أو موضعها من مواضيعي الأخرى مثل بيشوي أو عزمي بشارة(فيما يخص تطور الفكر العلماني!) أو كتابي (مخطوط) عن محمد أركون
إلخ
أما الأمر الآخر فهو جعل هذه المختصرات لكامل ال42 مجلد-من قصة الحضارة- كتابا وحده!
مع تهذيب وإضافة عناوين وترتيب وهكذا
مارأيكم؟
 
الدانمارك (1) الكنيسة تملك نصف الأرض في الدنمرك (القرن ال16)
:"ما أن حل عام 1500 حتى كانت تقوى الناس قد جعلت الكنيسة تسيطر على اقتصاد إسكنديناوة. وكانت الكنيسة تملك نصف الأرض في الدنمرك، وكان يفلحها مستأجرون في منزلة تقرب من الرق(1). وكانت كوبن هاجن نفسها إقطاعية للكنيسة، ورجال الأكليروس والنبلاء يتمتعون بالإعفاء من ضرائب الأرض. أما النبلاء فلأنهم اشتركوا في الحرب على نفقتهم الخاصة، وأما رجال الأكليروس فلأنهم نظموا العبادة والأخلاق والتعليم والبر.
وكانت الجامعات في كوبنهاجن وأبسالا بالطبع في أيدي رجال الكنيسة، وكانت الكنيسة تتقاضى سنوياً عشر كل ناتج أو دخل يُحَصَّل خارج مجال الكنيسة، وتقاضت رسماً صغيراً على كل بناء يقام وكل طفل يولد وكل اثنين يتزوجان وكل جثة تدفن، وطالبت بالتبرع بيوم عمل في السنة من كل فلاح. ولم يكن في وسع أحد أن يرث عقاراً، دون أن يقدم عنه حصة للكنيسة، باعتبارها محكمة إشهاد للتثبيت من صحة الوصايا(2). وكان يدافع عن هذه الضرائب بأنها تمول الخدمة الكهنوتية في الكنيسة، ولكن الشكاوى ارتفعت بأن الكثير من متحصلات المعاملات التجارية ذهبت لكي يعيش الأساقفة في أبهة ملكية. وأزعج تجار الدنمرك السيادة الهنزية في بحري الشمال والبلطيق، فتميزوا غيظاً من المنافسة الإضافية للنبلاء ورجال الأكليروس، الذين كانوا يصدرون فائض إنتاج ضياعهم في سفنهم الخاصة غالباً. وفي
قصة الحضارة ج25 ص223-224، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> المشهد الإسكنديناوي
 
الى أي مدى كانت سلطة البابا(القرن ال16)
:"وحرم ليو تقديم الخدمات الدينية في السويد وفوض كريستيان الثاني ملك الدنمرك في غزو السويد ومعاقبة نائب الملك...وفي 4 نوفمبر توج كريستيان ملكاً على السويد على يد ترول الظافر الذي أعيد إلى وظيفته. "
قصة الحضارة ج25 ص223-224، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> المشهد الإسكنديناوي
 
البابا يأمر بقطع الرؤوس (100 رأس في البداية) والملك الدنماركي (كريستيان) ينفذ
(إحتلال الدنمارك للسويد، القرن ال16)
:"وفي 4 نوفمبر توج كريستيان ملكاً على السويد على يد ترول الظافر الذي أعيد إلى وظيفته. ...حكم على سبعين من كبار السويديين بالإعدام. وقطعت رؤوسهم في الثامن من نوفمبر في الميدان الكبير، وقبض على آخرين عديدين في التاسع من نوفمبر وأعدموا، وأضيف إلى مَن قتلوا في هذه المذبحة بعض المشاهدين الذين أعربوا عن تعاطفهم مع المحكوم عليهم، وصودرت أملاك الموتى لصالح الملك، وصرخ كل السويديين من الرعب، وقال الناس إن اتحاد كالمار أغرق في "حمّام الدم بستوكهولم" وانحطت مكانة الكنيسة كثيراً في نظر الجماهير لأنها بدأت المذبحة . وقد رأى كريستيان أن يجعل حكمه آمناً بالقضاء على عقول الحزب القومي. والحق أنه مهد طريق العرش للرهينة الشاب الذي قدر له أن يحرر السويد. واسمه جوستافوس أركسون، ولكن ذريته أطلقوا عليه اسم فازا، وهو مشتق من كلمة vasa السويدية و fascis. اللاتينية ومعناها حزمة من العصى ظهرت في شعار أسرته... وفي نوفمبر وصلت الأنباء إليه بأن ما يقرب من مائة من الوطنيين المخلصين، ومنهم أبوه، قتلوا في ستوكهولم
قصة الحضارة ج25 ص244-225، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> المشهد الإسكنديناوي
 
فريدريك الأول
:"كان كريستيان الثاني قد خُلع عن عرشه في الدنمرك، وتخلى خلفه فريدريك الأول عن كل المطالب الدنمركية في السيادة على السويد"
قصة الحضارة ج25 ص227،الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> المشهد الإسكنديناوي
 
الملك الجديد للسويد جوستافوس أركسون(القرن ال16)
حكم مطلق
:"جوستافوس أركسون، ولكن ذريته أطلقوا عليه اسم فازا...وصلت الأنباء إليه بأن ما يقرب من مائة من الوطنيين المخلصين، ومنهم أبوه، قتلوا في ستوكهولم"
:"...وكانت أخلاقه رائعة بالنسبة إلى ملك، بل إن الكنيسة التي قدر له أن ينبذها بعد ذلك بوقت قصير لم تستطع أن تجادل في تقواه. ووقف نفسه على القيام بأعباء الحكم بنشاط لا يعرف الأناءة، جعله ينزلق أحياناً إلى التوسل بالعنف أو الاستبداد، بيد أن ظروف السويد عند ارتقائه العرش كانت تبرر أو تكاد طبعه وحكمه المطلق. وقد ترك آلاف الفلاحين، غمرة فوضى الحرب، حقولهم دون أن يزرعوها، وهجر عمال التعدين مناجمهم، ودمر الصراع المدن، وخفضت قيمة العملة وأفلست الخزانة العامة، وأزهقت أرواح أصحاب العقول المدبرة في البلاد في "حمّام الدم". واعتبر البارونات الإقطاعيون الباقون على قيد الحياة جوستافوس حديث النعمة، ونظروا باحتقار إلى ادعائه الحق في الحكم. ودبرت المؤامرات لخلعه فقضى عليها بيد من حديد. وكانت فنلندة، التي كانت جزءاً من السويد، لا تزال في أيدي الدنمركيين"
قصة الحضارة ج25 ص227،228، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> الإصلاح الديني السويدي
 
ياللعيب.. القساوسة يتزوجون في السويد القرن ال16 !
(البابا كليمنت السابع يعترض!!!)
:"وشكا البابا كليمنت السابع من أن القساوسة السويديين كانوا يتزوجون، ويقدمون القربان بالخبز والنبيذ، ويهملون شعيرة المسح الأخير ويغيرون شعيرة القداس وبعث بنداء للملك بأن يظل مخلصاً للكنيسة، ولكن جوستافوس كان قد قطع شوطاً بعيداً فلم يستطع أن يتراجع، وكانت العقيدة المحافظة حرية بأن تخرب خزائنه
قصة الحضارةج25 ص230، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> الإصلاح الديني السويدي
 
ماذا يعني مفهوم الإصلاح الديني في المسيحية ؟(السويد مثالا)
تحجيم الكنيسة لسرقتها الاموال الطائلة ومقاومة الكنيسة له.. كما وإخضاع المجتمع للتعديل البروتستانتي الخاص بالكالفينية كمثال
:"ونادى -يقصد جوستافوس ملك السويد الشاب- في مجلس فستيريس (1527) بالإصلاح الديني علناً.
كان اجتماعاً تاريخياً في تكوينه ونتائجه معاً. فقد اجتمع أربعة أساقفة وأربعة من كبار القساوسة وخمسة عشر عضواً الركسراد Riksraad و129 نبيلاً واثنان وثلاثون من أوساط الناس وأربعة عشر نائباً لعمال المناجم و104 ممثلاً للفلاحين، وكان هذا مجلساً وطنياً يمثل أعرض قاعدة بين المجالس في القرن السادس عشر. وطرح كبير وزراء الملك اقتراحاً ثورياً أمام المجلس، فقال إن الدولة قد افتقرت إلى المال إلى حد عجزها عن القيام بتبعاتها لخير الشعب، وأن الكنيسة كانت غنية جداً إلى الحد الذي يسمح لها بأن تحول جانباً كبيراً من ثروتها إلى الحكومة، ويبقى لها مع ذلك ما يكفي لأن تقوم بجميع التزاماتها. وحارب الأسقف براسك لآخر لحظة من أجل مثله العليا وأملاكه العقارية، فأعلن أن البابا قد أمر رجال الأكليروس بالدفاع عن أملاكهم. وصوت المجلس في صف القائلين بإطاعة البابا. ورأى جوستافوس أن يقامر على كل شيء برمية واحدة، فأعلن أنه إذا كان هذا حكم المجلس والأمة فإنه سيستقيل ويرحل عن السويد، وظل المجلس في نقاش مستمر طوال ثلاثة أيام. ووقف الأوساط ورجال الفلاحين إلى جانب الملك، وكان لدى النبلاء سبب وجيه للتحرك في الاتجاه نفسه، واقتنع المجلس آخر الأمر بأن فازا أعظم قيمة للسويد من أي بابا، فوافق على رغبات الملك. وتحولت الأديار في فترة العطلة أو في ختام مجلس فستيريس إلى إقطاعيات للملك، وإن سمح للرهبان بالإفادة منها، وتقرر إعادة كل الأملاك التي منحها النبلاء للكنيسة منذ عام 1454 إلى ورثة الواهبين، وأن يسلم الأساقفة قصورهم إلى التاج، وحرم على الأساقفة أن يسعوا إلى الحصول على تأييد البابا لتعيينهم، وتقرر أن يسلم رجال الأكليروس إلى الدولة كل دخل ليست شعائرهم الدينية في حاجة إليه، ووضع حد للاعتراف السري
قصة الحضارةج25 ص231، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> الإصلاح الديني السويدي
 
الملك السويدي الغير مطيع للباباوية الصنمية
تزوج 3 مرات وانجب
ومات (29 سبتمبر سنة 1560)، بعد حكم دام سبعة وثلاثين عاماً (ص232)
بعد تحجيمه لسرقات الكنيسة ونهبها لأموال الناس والدولة قام الملك السويدي جوستافوس أركسون(القرن ال16) بتفعل الصناعة
:"وبفضل تشجيعه وتنظيمه صبت مناجم الشمال حديدها في أدوات الحرب السويدية، واتسعت رقعة الصناعة، وأبرمت معاهدات تجارية مع إنجلترا وفرنسا والدنمرك وروسيا أوجدت أسواقاً للسلع السويدية، وجلبت إلى السويد منتجات من أثنى عشرة بلداً، وأضفت تهذيباً جديداً وثقة على حضارة كانت قبله معتقلة في سذاجة ريفية وأمية. وازدهرت السويد وقتذاك كما لم تزدهر من قبل.
واشتبك جوستافوس في عدة حروب، وقمع أربع ثورات وعقد قرانه على ثلاث زوجات على التعاقب، وأنجبت له الأولى ولداً أصبح فيما بعد أريك الرابع عشر، وأنجبت له الثانية خمسة أولاد وخمس بنات أما الثالثة التي كانت في السادسة عشرة من عمرها عندما تزوجها وهو في السادسة والخمسين فقد عمرت بعده ستين عاماً.
قصة الحضارة ج25 ص232،، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> الإصلاح الديني السويدي
 
كان كريستيان الثاني ملك الدنمرك (حكم 1513-23) شخصية لامعة مثل "جوستافوس فازا" الذي هزمه في السويد
كان ايضا على الرغم مما فعله يقوم بإصلاحات لكنها لن تبقى كما تلاشت اصلاحان هنري الثامن فقد هزمتهما أعمالهما الطاغية الأخرى
:"وأصلح حكم المُدن، وراجع القوانين، وقضى على القرصنة، ومهد الطرق، وشرع في إقامة نظام بريدي عام، وألغى أسوأ آفات الرق، وأبطل عقوبة الإعدام على ممارسة السحر، ونظم الإعانة للمحتاجين، وفتح المدارس للفقراء، وجعل التعليم إجبارياً، وطول جامعة كوبنهاجن، فأصبحت مكاناً يشع بالضياء وملاذاً للعلم. وتعرض لعداء لويك بتقييد سلطة الهانز Hanse، وشجع التجارة الدنمركية وأسبغ عليها حمايته، ووضع حداً للعادة الهمجية التي خولت للقرويين المقيمين بجوار البحر الحق في نهب كل السفن التي تتحطم على شواطئهم...وبينما كانت هذه السياسة الوطنية التي انتهجها كريستيان تثير شعبه فقد أزمة الموقف بفشله في الشئون الخارجية. وأدت قسوته في السويد إلى أن ينقلب عليه كثير من الدنمركيينوأعلنت لوبك الحرب عليه بسبب هجماته على السفن الهانزية، وتجاهل النبلاء ورجال الأكليروس، الذين نفرتهم منه الضرائب المرتفعة والتشريع المعادي، ودعواته لعقد مجلس وطني، ونادوا بعمه الدوق فريدريك أف شلسفيج - هولشتين، ملكاً جديداً للدنمرك، وفر كرستيان إلى الفلاندرز مع الملكة زوجته، شقيقة شارل الخامس البروتستانتية، وعقد صلحاً مع الكنيسة
قصة الحضارة ج25 ص233-234، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> الإصلاح الديني الدنمركي
 
نهاية ملك السجن 27 عاما
في النهاية فر غازي السويد مع زوجته الهولندية ثم سجن
:"وفر كرستيان إلى الفلاندرز مع الملكة زوجته، شقيقة شارل الخامس البروتستانتية، وعقد صلحاً مع الكنيسة، مؤملاً أن يجد مملكة لقداس، وقبض عليه وهو يقوم بمحاولة، لا طائل تحتها، لاستعادة عرشه، وعاش سبعة وعشرين عاماً في سجون سوندربورج، لا رفيق له إلا قزم نرويجي أحمق. وقادته سبل المجد إلى رمسه، يجلله الخزي والعار رويداً (1559).
قصة الحضارة ج25 ص234،235، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> الإصلاح الديني الدنمركي
 
فريدريك الأول(بعد هروب ملك الدنمارك )
:"وبينما كانت هذه السياسة الوطنية التي انتهجها كريستيان تثير شعبه فقد أزمة الموقف بفشله في الشئون الخارجية. وأدت قسوته في السويد إلى أن ينقلب عليه كثير من الدنمركيين. وأعلنت لوبك الحرب عليه بسبب هجماته على السفن الهانزية، وتجاهل النبلاء ورجال الأكليروس، الذين نفرتهم منه الضرائب المرتفعة والتشريع المعادي، ودعواته لعقد مجلس وطني، ونادوا بعمه الدوق فريدريك أف شلسفيج - هولشتين، ملكاً جديداً للدنمرك، وفر كرستيان إلى الفلاندرز مع الملكة زوجته، شقيقة شارل الخامس البروتستانتية، وعقد صلحاً مع الكنيسة، مؤملاً أن يجد مملكة لقداس، ولم يجد فردريك الأول ما كان ينشده من سعادة في ظل تاجه المهدد، فقد رضى به النبلاء ورجال الأكليروس بشروط كثيرة، أحدها أنه لن يسمح أبداً لهرطيق بالوعظ في الدنمرك، وبينما كان هلجزن يواصل نقده لنقائض الكنيسة، حول وقتذاك معظم مناظراته، التي تشتعل حماسة، ضد البروتستانت، وألح على أن إصلاحها دينياً، يتم بالتدريج خير من ثورة يسودها الشغب. ولكنه لم يستطع أن يقف في وجه التيار. فقد كان الدوق كريستيان، ابن فردريك، لوثرياً قبل ذلك، وتزوجت ابنة الملك، بموافقته، البرخت البراندنبرجي الرئيس اللوثري السابق للفرسان النيوتون، وفي عام 1526 مال فردريك مع الريح، وعين هانزتاوزن قساً خاصاً له، وكان قد درس على يد لوثر. فترك تاوزن ديره، وتزوج ودافع علناً عن آراء لوثر. ووجد فردريك أن من المناسب أن يأمر بأن تدفع له لا للبابا، رسوم التصديق على تعيين الأساقفة. وتشجع الوعاظ اللوثريون وتضاعف عددهم، وطلب الأساقفة نفيهم، فرد عليهم فردريك بأنه لا ولاية له على أرواح الناس، وأنه قرر أن يترك العقيدة حرة - وهو إجراء غير مألوف للغاية
قصة الحضارة ج25 ص234-236، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> الإصلاح الديني الدنمركي
 
كريستيان ابن فردريك الأول يحارب الكثلكة
:"وكانت وفاة فردريك (1533) مقدمة الفصل الأخير من الإصلاح الديني الدنمركي. فقد انضم كبار التجار في الدنمرك إلى أعدائهم القدامى في لوبك، وقاموا بمحاولة لإعادة كريستيان إلى العرش، وقاد الكونت كريستوفر أف أولدنبرج قوات لوبك وأطلق اسمه على هذه الحرب فسميت باسم "حرب الكونت"، وسقطت كوبنهاجن في يده، وأخذت لوبك تحلم بحكم الدنمرك بأسرها. بيد أن أوساط الناس والفلاحين نظموا صفوفهم تحت علم كريستيان ابن فردريك، وتغلب جيشهم على أولدنبرج، واستولى على كوبنهاجن بعد حصار ضربه حولها دام عاماً (يوليو سنة 1536). وقبض على جميع الاساقفة، ولم يطلق سراحهم، إلا بعد أن وعدوا بالبقاء إلى جانب النظام البروتستانتي وانعقد المجلس الوطني في أكتوبر سنة 1536، وأنشأ رسمياً كنيسة الدولة اللوثرية، ورئيسها الأعلى كريستيان الثالث. وصودرت جميع أملاك الأسقفيات والأديار لصالح الملك، وفقد الأساقفة كل صوت لهم في الحكم. وقبلت النرويج وأيسلندة كريستيان الثالث وتشريعه، وكتب النصر التام للوثرية في إسكنديناوة (1554).
قصة الحضارة ج25 ص236، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> الإصلاح الديني الدنمركي
 
بولندا (1) من ضلال إلى ضلال
أوروبا مع مرور الوقت ، في القرن ال16 بدأت تتحلل من الكاثوليكية، والزيادات الكهنوتية لما بعد فتوحات الإسلام وحضارته، وأبقت على أعظم إنحرافات المسيحية في العقيدة، واستمرت الحروب الداخلية والمجادلات حول الاصول المنحرفة وتحقق فيهم جميعا قول ابن تيمية التالي(من مقدمة كتابه إقتضاء الصراط...":"في حال البشر قبل البعثة المحمدية.. اعلم أن الله سبحانه وتعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الخلق وقد مقت أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ماتوا أو أكثرهم قبل مبعثه # والناس إذ ذاك أحد رجلين إما كتابي معتصم بكتاب إما مبدل وإما منسوخ أو بدين دارس بعضه مجهول وبعضه متروك وإما أمي من عربي وعجمي مقبل على عبادة ما استحسنه وظن أنه ينفعه من نجم أو وثن أو قبر أو تمثال أو غير ذلك والناس في جاهلية جهلاء من مقالات يظنونها علما وهي جهل وأعمال يحسبونها صلاحا وهي فساد # وغاية البارع منهم علما وعملا أن يحصل قليلا من العلم الموروث عن الأنبياء المتقدمين مشوب بأهواء المبدلين والمبتدعين قد اشتبه عليهم حقه بباطله أو يشتغل بعمل القليل منه مشروع وأكثره مبتدع لا يكاد يؤثر في صلاحه إلا قليلا أو أن يكدح بنظره كدح المتفلسفة فتذوب مهجته في الأمور
الطبيعية والرياضية وإصلاح الأخلاق حتى يصل إن وصل بعد الجهد الذي لا يوصف إلى نزر قليل مضطرب لا يروي غليلا ولا يشفي عليلا ولا يغني من العلم الإلهي شيئا باطله أضعاف حقه إن حصل وأنى له ذلك مع كثرة الاختلاف بين أهله والاضطراب وتعذر الأدلة عليه والأسباب # فهدى الله الناس ببركة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من البينات والهدى"
بولندا مثالا
قال ديورانت
:"بولندة كانت مشتبكة مع السويد والدنمرك وروسيا في نزاع على السيطرة على بحر البلطيق وموانيه، وفقدت بولندة بروسيا، بيد أنها ضمت مازوفيا وتشمل وارسو (1529) وليفونيا وتضم ريجا (1561). وكانت بولندة في هذا العصر دولة أوربية كبرى.
وفي غضون ذلك تسلل الإصلاح الديني من ألمانيا وسويسرة. وقد عودت حرية العبادة، التي ضمنها التاج البولندي لرعاياه من الروم الكاثوليك، الأمة على التسامح الديني، وجعلت ثورة الهسيين والأتراكويين في بوهيميا المجاورة. والتي دامت قرناً من الزمان، بولندة لا تعبأ إلى حد ما بالسلطة البابوية البعيدة. وكان الأساقفة، الذين يعينهم الملك، رجالاً مثقفين محبين لوطنهم، من أنصار الإصلاح الكنسي، مع الاعتصام بحيطة أرازمية، ويؤيدون الحركة الإنسانية تأييداً عظيماً، ومهما يكن من أمر فإن هذا لم يخفف من شدة الحسد الذي تطلع به النبلاء، وسكان المُدن، إلى أملاكهم ومواردهم. وازدادت الشكاوى من استنزاف الثروة القومية إلى روما، ومن صكوك الغفران التي تكلف مشتريها غالياً بصورة غير معقولة، ومن اتجار رجال الدين بالمقدسات والرتب والوظائف الدينية، ومن ارتفاع نفقات التقاضي أمام المحاكم الأسقفية. واستاء صغار النبلاء الزلاخته Sziachka بصفة خاصة من إعفاء رجال الأكليروس من الضرائب ومن جباية رجال الأكليروس لضرائب العشور من النبلاء أنفسهم. ولعل بعض البارونات من ذوي النفوذ قد استمعوا في تعاطف إلى نقد لوثر للكنيسة، لأسباب اقتصادية، وكان لما يتمتع به اللوردات الإقطاعيون من شبه سيادة الفضل في إسباغ الحماية على الحركات البروتستانتية المحلية، كما كان لاستقلال الأمراء الألمان الفضل في إمكان نشوب الثورة وحماية لوثر. ودافع راهب دانزج على رسائل لوثر ودعا إلى القيام بإصلاحات كنسية، وتزوج وارثة (1518)؛ وانتهج واعظ آخر نهج لوثر فعلاً إلى حد أن عدة جماعات من المصلين أزالت كل الصور الدينية من كنائسها (1522)، وما أن حل عام 1540 حتى كانت كل منابر الوعظ في دانزج في أيدي البروتستانت...وأقنع سجسموند الأول بفرض رقابة على المطبوعات، ومنع دخول كتابات لوثر، غير أن كاتم سره وكاهن الاعتراف الفرنسسكاني الخاص ببونا إعتنقا العقيدة المحرمة سراً وكسبتهما إلى صفها، وأهدى كالفن عام 1539 كتابه "تعليق على القداس" لولي العهد. وعندما الأمير ملكاً باسم سجسموند الثاني انتشرت اللوثرية والكالفينية على السواء بسرعة...وفي عام 1548 انتقل الاخوة البوهيميون من بلادهم إلى بولندة، وسرعان ما كانت هناك ثلاثون جمعية سرية من طائفتهم في البلاد: وقام رجال الأكليروس الكاثوليك بمحاولة لاتهام بعض أفراد صغار النبلاء Szlachta بالهرطقة ومصادرة أملاكهم، فأدت إلى قيام كثير من صغار النبلاء بالثورة ضد الكنيسة (1552) وصوت المجلس النيابي الوطني لعام 1555، وأقر الحرية الدينية لكل العقائد ...وتعقد الموقف في بولندة بتطور أقوى حركة للقائلين بوحدة الكنيسة، إبان القرن السادس عشر في أوربا، وفي أوائل عام 1546 نوقشت محاولات سرفيتوس المنكرة للقول بالتثليث، وذلك في هذا الشرق الأقصى من العالم المسيحي اللاتيني، وزار لايليوس سوكينوس بولندة عام 1551 وترك خمائر من الأفكار المتطرفة، وواصل جيورجيو بلاندرانا الحملة، وفي عام 1561 أصدرت الجماعة الجديدة اعترافاً بالعقيدة. وواصل أعضاؤها الخلط الذي اتسم به لاهوت سرفيتوس، فقصروا الألوهية الكاملة على الرب الأب، ولكنهم جاهروا بالإيمان بالمولد الخارق للمسيح ووحيه الإلهي ومعجزاته وبعثه وصعوده. ورفضوا التسليم بفكرتي الخطيئة الأولى وتكفير المسيح عن خطايا البشر، وسلموا بالتعميد والقربان المقدس كرمزين فحسب، ولقنوا الناس أن الخلاص يتوقف فوق كل شيء على العمل الواعي بتعاليم المسيح. وعندما أدان المجمع المقدس الكالفيني في كراكو (1563) هذه العقائد، أنشأ القائلون بوحدة الكنيسة لهم كنيسة منفصلة. ولم تبلغ الطائفة أوج ازدهارها إلا على يد فاوستوس سوكينوس ابن أخ لايليوس، الذي وصل إلى بولندة عام 1579.
قصة الحضارة ج25 ص236-238، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> البروتستانتية في شرقي أوروبا
 
بولندا (2) وهنغاريا من ضلال إلى ضلال وصراع على الأنحرافات!
:"وحاربت الكنيسة الكاثوليكية هذه التطورات بالاضطهاد والكتابات والدبلوماسية، وفي عام 1539 أرسل أسقف كراكو إلى المحرقة امرأة في الثمانين من عمرها بتهمة أنها رفضت عبادة القربان المقدس(9). وتصدى استانسلاوس هوزيوس، أسقف كولم في بروسيا، والكاردينال فيما بعد، لتعبئة الهجوم المضاد بمقدرة وحماسة، وعمل جاهداً من أجل الإصلاح الكنسي، ولكنه لم يكن متعاطفاً مع اللاهوت البروتستانتي أو الشعيرة البروتستانتية. وبناء على اقتراحه أرسل لودوفيكوليبومانو أسقف فيرونا إلى بولندة مندوباً بابوياً، وعين ديوفاني كومندوني، أسقف زانتي قاصداً رسولياً في كراكو. وكسبوا تأييد سجسمون الثاني الفعال للكنيسة بتأكيد الانقسامات بين البروتستانت وتضخيم صعوبة تنظيم الحياة المعنوية للأمة بمثل هذه العقائد الضارة المذبذبة. وفي عام 1564 جاء هوزيوس وكمندوني باليسوعيين إلى بولندة. وضمن هؤلاء الرجال المدربون المخلصون مناصب استراتيجية في النظام التعليمي، واستمالوا آذان الشخصيات البارزة، وإعادة الشعب البولندي إلى اعتناق العقيدة التقليدية.
وكان البوهيميون من البروتستانت قبل لوثر، ولم يجدوا في أفكاره ما يفزعهم إلا قليلاً. وقبل جانب كبير من الألمان على الحدود الإصلاح الديني. وكان الاخوة البوهيميون ويبلغ عددهم حوالي عشرة في المائة من مجموع السكان البالغ 400.000 نسمة، أشد تمسكاً بالبروتستانتية من لوثر. وكان 60 في المائة أتراكويين كاثوليك تناولوا القربان المقدس بالنبيذ وبالخبز على السواء، وتجاهلوا احتجاج البابوات(10). وما أن حل عام 1560 حتى كان ثلثا سكان بوهيميا من البروتستانت، ولكن فرديناند أدخل اليسوعيين عام 1561، وتحول التيار إلى العقيدة الكاثوليكية المحافظة. وعرفت هنغاريا الإصلاح الديني عن طريق المهاجرين الألمان وهم يحملون أنباء لوثر، ذلك الرجل الذي استطاع أن يتحدى الكنيسة والإمبراطورية وعاش مع ذلك. وتطلع الفلاحون الهنغاريون الذين ظلمهم الإقطاع الذي تساعده الكنيسة، بشيء من التحيز للبروتستانتية يمكن أن تضع حداً لضرائب العشور والمكوس التي تجبيها الكنيسة، وتطلع البارونات الإقطاعيون بعيون جشعة إلى أملاك الكنيسة الشاسعة، التي كانت منتجاتها تنافس منتجات أراضيهم، ورأى عمال المُدن، الذين أصيبوا بعدوى مبادئ المدينة الفاضلة، أن الكنيسة هي العقبة الكبرى التي تقف في طريق أحلامهم، وانهمكوا في نشوات تحطيم التماثيل، وتعاونت الكنيسة في إقناع الحكومة باعتبار اعتناق البروتستانتية جريمة يستحق مرتكبها الإعدام. وسعى الملك فرديناند في غربي هنغاريا جاهداً للحصول على مصالحة، وأراد أن يسمح لرجال الأكليروس بالزواج وبتقديم القربان المقدس بصورتيه المعروفتين، وانتشرت البروتستانتية بلا قيود في شرقي هنغاريا في ظل حكم تركي ينظر باحتقار وبلا مبالاة إلى الاختلاف بين المذاهب المسيحية، وما أن حل عام 1550 حتى بدا أن هنغاريا بأسرها سوف تصبح بروتستانتية. ولكن الكالفينية بدأت وقتذاك تنافس اللوثرية في هنغاريا، وأيد المجريون، وهم بفطرتهم مناهضون للألمان، النمط السويسري من الإصلاح الديني "وما أن جاء عام 1558 حتى كان الكالفينيون من الكثرة إلى حد أنهم استطاعوا عقد مجمع مقدس في زنجر"، كان له أثره الكبير. وشطرت مراكز القوى المتنافسة للإصلاح الديني الحركة إلى شطرين، وعاد كثير من الموظفين أو مَن تحولوا من عقيدتهم، ممن ينشدون الاستقرار الاجتماعي أو الهدوء الفكري إلى الكاثوليكية، وفي القرن السابع عشر استعاد اليسوعيون بزعامة ابن أحد الكالفينيين، هنغاريا إلى حضيرة الكاثوليكية.
قصة الحضارة ج25 ص240-241، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> البروتستانتية في شرقي أوروبا
 
شارل الخامس الدموي(1) يغزو هولندا وبلجيكا
إحتلال اسبانيا لبلجيكا وهولندا(الأراضي المنخفضة)
تحت عنوان شارل الخامس والأراضي المنخفضة قال ديورانت
:"وأمدت الأراضي المنخفضة شارل الخامس بمبلغ 1.500.000 جنيه (37.500.000 دولار) سنوياً، وهو يعادل نصف دخله الكلي(13).
واستجاب بمنح الفلاندرز وهولندة حكماً صالحاً معتدلاً، اللهم إلا في مجال الحرية الدينية - وهي هبة لم يكد يدركها أصدقاؤه أو أعداؤه...وكان شارل بوجه عام يحكم الأراضي المنخفضة حكماً غير مباشر عن طريق نواب يقبلهم المواطنون: أولاً عمته، وحاضنته ومربيته مرجريت النمساوية، ثم شقيقته ماري، ملكة هنغاريا السابقة، وهما امرأتان تتمتعان بكفاءة وإنسانية ومهارة. ولكن شارل أصبح أشد استبدادً باتساع رقعة الإمبراطوريّة وأقام حرساً أسبانياً في المُدن المتكبرة، وقمع بقسوة أي مخالفة خطيرة لسياسته الدولية، فعندما رفضت غنت أن تصوت على قرار بالاعتمادات العسكرية التي طلبها ومنحتها له المُدن الأخرى، أخمد شارل الثورة باستعراض قوة لا جدال فيها، واقتضى إعانة مالية وتعويضاً، وألغى الحريات التقليدية التي كانت تتمتع بها البلدية، واستُبْدِل بالحكومة المختارة محلياً موظفون معينون من قبل الإمبراطور (1540)(14). ولكن لم يكن هذا المتبع في الأغلب. وعلى الرغم من هذه القسوة العارضة فقد ظل شارل يحظى بشعبية بين رعاياه في الأراضي المنخفضة، ونال الثقة لما حققه من استقرار سياسي ونظام اجتماعي، وطدا دعائم الرخاء الاقتصادي، وعندما أعلن تنازله عن العرش حزن كل المواطنين تقريباً(15).
قصة الحضارة ج25 ص242-251) الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> شارل الخامس والأراضي المنخفضة
 
حرق الهولنديين في القرن السادس عشر!
شارل الخامس الدموي(2)(الإسباني) يغزو هولندا وبلجيكا
:"وسلم شارل بالنظرية المتداولة القائلة بأن السلام القومي والقوى يتطلبان حدة المعتقد الديني، وخشي أن تؤدي البروتستانتية في الأراضي المنخفضة إلى تعريض جناحه للخطر في نزاعه مع فرنسا وألمانيا اللوثرية، فأيد الكنيسة تأييداً كاملاً في قمع الهرطقة في الفلاندرز وهولندة. وكانت حركة الإصلاح الديني هناك معتدلة قبل لوثر، ودخلت بعد عام 1517، مثل ما دخلت اللوثرية ومذهب المنكرين للتعميد من ألمانيا، والزونجيلية والكالفينية من سويسرة والألزاس وفرنسا. وسرعان ما ترجمت رسائل لوثر إلى الهولندية وشرحها وعاظ في انتورب وغنت ودوردرخت واترخت وتسفولى ولاهاي. وتزعم الأخوة الرهبان الدومنيكان حركة معارضة نشيطة دحضوا فيها آراء خصومهم، وقال أحدهم إنه يود لو استطاع أن ينشب أسنانه في زور لوثر، وإنه لن يتردد في أن يذهب لتناول العشاء الرباني والدم يلطخ فمه(16). ورأى الإمبراطور، وهو لا يزال شاباً، أن يخمد الهياج بنشر "إعلان ملصوق" بناء على طلب البابا، يحرم طباعة مصنفات لوثر أو قراءتها. وفي العام نفسه أمر المحاكم العلمانية بتنفيذ منشور ورمس في سائر الأراضي المنخفضة ضد كل مَن يعرض آراء لوثر. وفي اليوم الأول من يوليو عام 1523 أرسل هنري فوس وجوهان إيك، وهما راهبان أوغسطينيان إلى المحرقة في بروكسل، فكانا أول شهيدين من البروتستانت في الأراضي المنخفضة. وسجن هنري الزتفيني، وهو صديق وتلميذ للوثر، ورئيس الدير الأوغسطيني في أنتورب، وفر، وقبض عليه في هولستاين وأحرق هناك (1524) وكان تنفيذ هذه الأحكام بالإعدام بمثابة إعلان لآراء المصلحين الدينيين.
قصة الحضارة ج25 ص243-244، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> شارل الخامس والأراضي المنخفضة
 
الهولنديون يقتل بعضهم بعضا في القرن ال16، وظهور الدعوات المسيحية لنهاية العالم!
شارل الخامس الدموي(3)((في الاستعمار الإسباني لهولندا)) قتل 800 و" فاستلت الألسنة، ومزقت القلوب من أجساد الأحياء" في ظل القمع الإستعماري لهولندا وخبل العقائد المنحرفة
:"وسجن هنري الزتفيني، وهو صديق وتلميذ للوثر، ورئيس الدير الأوغسطيني في أنتورب، وفر، وقبض عليه في هولستاين وأحرق هناك (1524) وكان تنفيذ هذه الأحكام بالإعدام بمثابة إعلان لآراء المصلحين الدينيين.
وعلى الرغم من الرقابة فإن ترجمة لوثر للعهد الجديد انتشرت على نطاق واسع، وتداولها الناس في هولندة بحماسة أكثر من الفلاندرز الغنية. وكانت هناك أمنية لإعادة المسيحية إلى بساطتها الأولى، فنشأ عنها أمل، بعد مرور ألف عام، في عودة المسيح مبكراً، وإنشاء أورشليم جديدة لا تكون فيها حكومة، ولا زواج ولا ملكية، وامتزجت بهذه الأفكار نظريات شيوعية عن المساواة وتبادل العون بل "والحب الحر(17)". وتكونت جماعات تنكر التعميد في أنتورب وماسترخت وأمستردام. وجاء ملشيور هوفمان من أمدن إلى أمستردام عام (1531) وأعاد جون الليدني عام 1534 الزيارة يحمل معه يحمل معه عقيدة المنكرين للتعميد من هارلم إلى منستر. وقدر أن ثلثي السكان في بعض المُدن الهولندية كانوا من المنكرين للتعميد. بل إن العمدة في ديفنتز تحول لنصرة القضية. وشحذت المجاعة الحركة، فأصبحت ثورة اجتماعية. وكتب صديق لأرازموس عام 1534 يقول "إن اشتعال حماسة المنكرين للتعميد في هذه المقاطعات يجعلنا نشعر بقلق بالغ لأنه يتصاعد مثل ألسنة اللهب ولا تكاد توجد بقعة أو مدينة لا تتأجج فيها سراً شعلة التمرد(18"). وحذرت ماري الهنغارية الإمبراطور؛ وكانت وقتذاك نائبة له، من أن الثوار قد وضعوا خطة لانتهاب كل ضروب الملكية من النبلاء ورجال الأكليروس والأرستقراطية التجارية، وتوزيع الغنائم على كل رجل حسب حاجته(19). وفي عام 1535 أرسل جون الليديني مبعوثين لتدبير ثورة في نفس الوقت يقوم بها المنكرون للتعميد في عدة محلات هولندية، وبذل الثوار جهود الأبطال، فقد استولت جماعة على دير في فريزلاند الغربية، وحصنته، وحاصرهم الحاكم بالمدفعية الثقيلة، ومات 800 وهم يدافعون دفاعاً لا أمل فيه، (1535) وفي 11 مايو اقتحم بعض المنكرين للتعميد المسلحين قاعة المدينة في أمستردام واستولوا عليها، فطردهم سكان المدينة، ونكلوا بالزعماء، وانتقموا منهم انتقاماً مفزعاً من رجال مفزعين، فاستلت الألسنة، ومزقت القلوب من أجساد الأحياء، وألقي بها في وجوه المحتضرين أو الموتى(20).
وظن شارل أن ثورة شيوعية تتحدى البناء الاجتماعي بأكمله، فاستقدم محكمة التفتيش إلى الأراضي المنخفضة، وخول موظفيها سلطة سحق الحركة وكل الهرطقات الأخرى، مهما قضى ذلك على الحريات المحلية. وأخذ بين عامي 1521 و 1555 يصدر الإعلان الملصق بعد الإعلان ضد الانقسام بين الطبقات الاجتماعية أو الانشقاق الديني
قصة الحضارة ج25 ص244-246، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> شارل الخامس والأراضي المنخفضة
 
قانون عقوبات شارل الخامس الدموي(4)(الإسباني) في هولندا
(الرجال (تقطع رؤوسهم) بالسيف
والنساء يدفن أحياء إذا لم يصررن على أخطائهن
، وإذا أصررن عليها فإنهن يعدمن حرقاً)
النص
قال ديورانت
:"فاستقدم محكمة التفتيش إلى الأراضي المنخفضة، وخول موظفيها سلطة سحق الحركة وكل الهرطقات الأخرى، مهما قضى ذلك على الحريات المحلية. وأخذ بين عامي 1521 و 1555 يصدر الإعلان الملصق بعد الإعلان ضد الانقسام بين الطبقات الاجتماعية أو الانشقاق الديني. وقد كشف أعنف هذه الإعلانات (25 سبتمبر سنة 1550) عن تدهور الإمبراطور، ووضعت الأسس التي قامت عليها ثورة الأراضي المنخفضة ضد ابنه:
لا يحق لأحد أن يطبع أو يكتب أو ينسخ أو يخفي أو يبيع أو يشتري أو يعطي في الكنائس أو في الشوارع أو غير ذلك من الأماكن أي كتاب أو رسالة من تأليف مارتن لوثر، أو جون أو يكولا مباديوس، أو أولريخ زونجلى، أو مارتن بوسر، أو جون كالفن، أو غيرهم من الهراطقة، الذين استهجنت أعمالهم الكنيسة المقدسة... ولا يحق له أن يحطم أو يؤذي بأي صورة أخرى تماثيل العذراء المقدسة، أو القديسين الذين اعترفت بهم الكنيسة... وليس له أن يعقد اجتماعات سرية أو اجتماعات غير قانونية، أو يحضر أي اجتماع من هذه الاجتماعات، التي يدعو فيها أنصار الهراطقة المذكورين ويعمدون ويدبرون مؤامرات ضد الكنيسة المقدسة والصالح العام... ونحن نمنع جميع الأشخاص العلمانيين من أن يتحدثوا أو يجادلوا في أمر يتعلق بالكتب المقدسة جهراً أو سراً... أو أن يقرأوا أو يعلموا أو يفسروا الكتب المقدسة، ما لم يكونوا قد درسوا اللاهوت في حينه، أو اعترفت بهم إحدى الجامعات المشهورة، أو يرحبوا بأي رأي من آراء الهراطقة المذكورين... وإلا تعرضوا للعقوبات المنصوص عليها فيما يلي... الرجال (تقطع رؤوسهم) بالسيف والنساء يدفن أحياء إذا لم يصررن على أخطائهن، وإذا أصررن عليها فإنهن يعدمن حرقاً، وفي كلتا الحالتين تصادر أملاكهن كلها لمصلحة التاج.
وتمنع كل الأشخاص أن ينزلوا عندهم أو يستضيفوا أو يزودوا بالطعام أو الدفء أو الملابس أو يؤيدوا بأية طريقة أخرى أي امرئ يعتقد أنه هرطيق، أو يشتبه في أن له سمعة سيئة كهرطيق، وكل من يتخلف
عن التنديد بأي واحد من هؤلاء الذين نأمر بإدانتهم يكون عرضة للعقوبات المذكورة آنفاً... وكل مَن يعرف شخصاً موصوماً بالهرطقة يجب أن يبلغ عنه ويسلمه... ويكون للمبلغ، في حالة الإدانة، الحق في نصف أملاك المتهم... ولكي لا يكون لدى القضاء والموظفين أي ذريعة - بحجة أن العقوبات جسيمة جداً وشديدة، ولم ينص عليها إلا لإثارة الفزع في قلوب المجرمين - ليوقعوا عليهم عقوبة أقل مما يستحقون (نأمر) بأن يعاقب المجرمون حقاً بالعقوبات التي أعلنا عنها سابقاً، ونحظر على جميع القضاة أن يغيروا أو يخففوا العقوبات بأية طريقة، ونحظر على أي أحد، في أي ظرف أن يطلب منا، أو من أي أحد أو سلطة، أن يمنح عفواً عن، أو أن يقدم التماس في صالح، هؤلاء الهراطقة أو المنفيين أو الهاربين، وإلا تعرض للحكم عليه إلى الأبد بعدم الأهلية لتولي الوظائف المدنية أو العسكرية، ولأن يعاقب بعقوبة يقضى بها عليه بطريقة تحكمية(21).
وعلاوة على هذا كان يطلب من أي شخص يدخل البلاد المنخفضة أن يوقع على تعهد بالولاء للعقيدة المحافظة بحذافيرها(22).
وتحولت الأراضي المنخفضة عن طريق هذه المنشورات اليائسة، إلى ساحة قتال بين الشكلين للقديم والجديد من المسيحية
قصة الحضارة ج25 ص245-247، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> شارل الخامس والأراضي المنخفضة
 
شارل الخامس الدموي(4) (في الاستعمار الإسباني لهولندا) يقتل 30000 هولندي معارض لقوانينه الكاثوليكية
:"وتحولت الأراضي المنخفضة عن طريق هذه المنشورات اليائسة، إلى ساحة قتال بين الشكلين للقديم والجديد من المسيحية، وقدر سفير البندقية في بلاط شارل أن 30.000 شخص، وهم كل المنكرين للتعميد تقريباً، هلكوا عام 1546 في هذه المذبحة الإمبراطوريّة الطويلة(23)، التي قتل فيها الآمنون من المواطنين، وخفض تقدير آخر أقل إثارة عدد الضحايا إلى 10.000 شخص(24). وبقدر ما كان الهولنديون المنكرون للتعميد مهتمين، بقدر ما نجحت محكمة التفتيش الكارولينية، وظل بقية منهم على قيد الحياة في هولندة بإبداء عدم المقاومة، وهرب بعضهم إلى إنجلترا، حيث أصبحوا من أنصار البروتستانتية النشطين في عهد إدوارد السادس وإليزابث. وانهارت الحركة الشيوعية في الأراضي المنخفضة بعد أن روعها الاضطهاد وخنقها الرخاء.
قصة الحضارة ج25 ص247-248،، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> شارل الخامس والأراضي المنخفضة
 
شارل الخامس(5) فشل ولم يجد الا محاربة المسلمين وغزو النساء!
:"وفي عام 1555 طرح شارل الخامس كل أحلامه ما عدا حلمه بأن يموت في طهارة، وتخلى عن أمله في قمع البروتستانتية في ألمانيا والأراضي المنخفضة أو مهادنة الكاثوليكية في مجلس ترنت، وتخلى عن طموحه في زعامة البروتستانت والكاثوليك والألمان والفرنسيين، في زحف رائع يقوم به ضد سليمان والقسطنطينية والتهديد التركي للعالم المسيحي. وقد أدى إفراطه في الطعام والشراب والعلاقات الجنسية وحملاته المنهكة وأعباء منصب واجه صدمة تغيير ثوري إلى تحطيم جسده وتبلد سياسته وتحطيم إرادته. وكان يشكو من قروح، وهو في الثالثة والثلاثين، واكتهل في الخامسة وأصيب وهو في الخامسة والأربعين بالنقرس والربو وسوء الهضم والتأتأة، وكان وقتذاك يقضي نصف وقت يقظته في ألم، ووجد أنه من الصعب عليه أن ينام، وكثيراً ما كانت الصعوبة التي يجدها في التنفس تجعله يجلس منتصباً طوال الليل، وكانت أصابعه مشوهة بداء المفاصل، إلى درجة أنه لم يكد يستطيع أن يقبض على القلم، الذي وقع به على صلح كريبي
قصة الحضارة ج25 ص248، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> شارل الخامس والأراضي المنخفضة
 
هل قسوة شارل الخامس(6) معتقدية أم نفسية أم الإثنتين معا؟(ثم وكأنه وحيد قرنه في ذلك، وقد رأينا الملوك الآخرين!، انظر منشورات الإسبوع الأخير!)
قال ديورانت
:"ولعل قسوته العارضة وشيئاً من الوحشية التي هاجم بها البروتستانتية في الأراضي المنخفضة، ترجع إلى نفاد صبره بسبب آلامه. وأمر بقطع أقدام الأسرى من الجنود الألمان المرتزقة، الذين حاربوا في صفوف فرنسا، على الرغم من أن ابنه الذي قدر له أن يكون فيليب الثاني الصلب الرأي، طلب لهم الرحمة(26)، وقد حزن حزناً مريراً دام طويلاً لوفاة زوجته الحبيبة إيزابلا (1539)، ولكنه سمح في حينه بحضور عذارى لا حول لهن ولا طول إلى مخدعه(27).
قصة الحضارة ج25 ص249، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> شارل الخامس والأراضي المنخفضة
 
كلمات شارل الخامس(7) لمن معه قبل أن يتنازل عن المستعمرة الهولندية لإبنه فيليب.
:"وأن ابني، الملك فيليب قد وصل إلى سن تكفي لأن يكون قادراً على حكمكم، وهو، كما ارجو، أمير صالح لكل رعاياي المحبوبين(28).
قصة الحضارة ج25 ص250، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> شارل الخامس والأراضي المنخفضة
 
تيجي ازاي دي
:"شارل ...وكان نصيراً للكاثوليكية، ولكنه مناهض للبابوية"
قصة الحضارة ج25 ص254، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> إسبانيا
نص مساعد
:"وسعى، مثل فرديناند الكاثوليكي، إلى جعل الكنيسة الإسبانيّة مستقلة عن البابوات ونجح في هذا إلى حد أن التعيينات في مناصب الكنيسة ودخول الكنيسة إبان حكمه كانت في يديه، واستخدمت لرفع شأن السياسة الحكومية"(ص254)
وآخر
:ولم يكن في وسع الملك إلا أن يصبح جزءاً صغيراً من الإمبراطور، الذي كان مشغولاً تماماً بالإصلاح الديني والبابوية وسليمان وبارباروسا وفرانسيس الأول، وشكا الإسبان أنه لم يمنحهم إلا القليل من وقته، وأنه أنفق الكثير من مواردهم البشرية والمادية في المحلات التي كانت في الظاهر لا تهم المصالح الأسبانيّة، وكيف كان في وسع إمبراطور أن يتعاطف مع نظم جماعية جعلت إسبانيا تتمتع بنصف ديمقراطية(ص251)
 
ثورة اسبانية على شارل الخامس (وإنقسامها!!) وقتل آلاف المغاربة والشعب يقتل النبلاء!
وقتل وإعدامات
:"- ثورة العامة
1520-1522كانت نعمة مشكوكاً فيها لإسبانيا أن يصبح الملك شارل الأول (1516-56) الإمبراطور شارل الخامس (1519-58). وولد وتربى في الفلاندرز: وتعلم مناهج الحياة الفلمنكية، واكتسب الأذواق الفلمنكية، إلى أن تغلبت عليه روح إسبانيا في سنواته. ولم يكن في وسع الملك إلا أن يصبح جزءاً صغيراً من الإمبراطور، الذي كان مشغولاً تماماً بالإصلاح الديني والبابوية وسليمان وبارباروسا وفرانسيس الأول، وشكا الإسبان أنه لم يمنحهم إلا القليل من وقته، وأنه أنفق الكثير من مواردهم البشرية والمادية في المحلات التي كانت في الظاهر لا تهم المصالح الأسبانيّة، وكيف كان في وسع إمبراطور أن يتعاطف مع نظم جماعية جعلت إسبانيا تتمتع بنصف ديمقراطية، قبل مجيء فرديناند الكاثوليكي، وكانت تتوق كثيراً إلى أن تستعيدها؟.
وقام بأول زيارة لمملكته (1517) ولم تكسبه حب أحد، وعلى الرغم من مضي عشرين شهراً عليه وهو ملك، فإنه كان لا يزال لا يعرف الإسبانيّة وكان عزله الفظ لأكسيمينس صدمة للدماثة الإسبانية. وجاء يحيط فلمنكيون، ظنوا إسبانيا بلداً همجياً تنتظر مَن يحلبها. وعين الملك البالغ من العمر سبعة عشر عاماً هذه الديدان الطبية في أعلى المناصب، ولم تخفِ المجالس التشريعية الإقليمية المختلفة التي يسيطر عليها صغار النبلاء، نفورها وعدم رضاها عن ملك أجنبي. ورفض المجلس التشريعي في قشتالة أن يعترف له باللقب، ثم اعترف به على كره منه حاكماً، تشترك معه في الحكم أمه المعتوهة جوانا، وجعله يفهم أنه لابد من أن يتعلم الإسبانيّة، ويعيش في إسبانيا، وألا يعين مزيداً من الأجانب في أي منصب. وقدمت المجالس التشريعية طلبات مماثلة. ووسط مظاهر الإذلال التي تعرض لها شارل تلقى أنباء بأنه انتخب إمبراطوراً، وأن ألمانيا كانت تدعوه للحضور لكي يتوج. وعندما سأل المجلس التشريعي في بلد الوليد (وكانت وقتذاك العاصمة) أن يمول الرحلة مني بالفشل والخيبة، وساد هرج هدد حياته. وحصل آخر الأمر على المال من المجلس التشريعي في كورونا وأسرع إلى الفلاندرز. ولكي يجعل الأمور محفوفة بالمخاطر أضعافاً مضاعفة أرسل نواباً corregidores لحماية مصالحه في المُدن، وترك مربيه السابق أدريان كاردينال أترخت نائباً له في إسبانيا.
وثارت البلديات الإسبانيّة واحدة وراء الأخرى في "ثورة أعضاء الكومون" ونفوا النواب corregidores وقتلوا بعض النواب الذين صوتوا بالموافقة على منح أموال لشارل، وتحالفوا فيما يعرف باسم Santa Communidad الذي تعهد بالإشراف على الملك. وانضم النبلاء ورجال الكنيسة وأوساط الناس إلى الحركة ونظموا في أفيلا (أغسطس سنة 1520) الـ Santa Iunta أو الاتحاد المقدس ليكون بمثابة حكومة مركزية. وطالبوا بضرورة اشتراك المجالس التشريعية مع المجالس الملكية في اختيار نائب الملك، وعدم شنَّ حرب بغير موافقة المجالس التشريعية، وألا يحكم المدينة النواب بل يحكمها قضاة، أو عمد يختارهم المواطنون(29). ودافع أنطونيو دي أكونيا أسقف سمورة علناً عن قيام جمهورية، وحول أتباعه من رجال الأكليروس إلى محاربين ثوريين، وقدم موارد أسقفية للثورة. وعين جوان دي باديلا، وهو نبيل من طليطلة، قائداً لقوات الثوار. فقادها لتستولي على نورديسيلاس، وأخذ جوانا لالوكا رهينة، وحثها على أن توقع وثيقة، تخلع فيها شارل، وتعين نفسها ملكة، وكانت عاقلة في جنونها، فرفضت.
ولم يكن لدى أدريان ما يكفي من الجند لقمع الثورة، فاستغاث بشارل وطلب منه العودة، وألقى تبعة قيام الثورة صراحة على تحكم الملك وحكمه الغيابي. ولم يحضر شارل، ولكنه وجد هو أو مستشاروه سبيلاً لإشاعة الانقسام والانتصار. فقد حذر النبلاء أن الثورة كانت تهديداً لطبقات أصحاب الأملاك وللتاج على السواء، والحق أن الطبقات العاملة، التي ظلمت منذ عهد بعيد بالأجور الثابتة، والعمل سخرة، وتحريم الاتحاد، كانت قد استولت من قبل على السلطة في عدة مُدن. وفي بلنسية والمنطقة المجاورة لها قبض الجرمانيا Germania أو اخوة أبناء الطوائف الحرفية على الزمام، وسيطروا على لجان العمال. وكانت هذه الدكتاتورية البروليتارية نقية على غير العادة، وفرضت على آلاف المغاربة الذين ظلوا في المقاطعة أن يختاروا بين التعميد والموت. وقتل آلاف من الذين رفضوا في عناد(30). وثار العامة في ماجوركا، الذين عاملهم سادتهم كالعبيد، ثورة مسلحة، وخلعوا الحاكم المعين من قبل الملك، وذبحوا كل نبيل لم يستطع أن يفلت منهم. وتخلت كثير من المُدن عن روابطها مع الإقطاعيين ومستحقاتها لهم، وفي مدريد وسجونزا ووادي الحجارة أقصت الحكومة البلدية الجديدة كل النبلاء والأعيان من المناصب، وقتل الأشراف هنا وهناك، وفرض الاتحاد Iunta ضرائب على أملاك النبلاء السابق إعفاؤها. وأصبح النهب عاماً، وأحرق العامة قصور النبلاء وذبح النبلاء العامة. وانتشر الصراع بين الطبقات في أرجاء إسبانيا.
وقضت الثورة على نفسها بالتوسع في أهدافها، توسعاً جاوز حدود طاقاتها، وانقلب عليها النبلاء، وحشدوا قواتهم، وتعاونوا مع قوات الملك، واستولوا على بلنسية، وأطاحوا بالحكومة البروليتارية، بعد أيام سقط فيها قتلى من الجانبين (1521)، وانقسم جيش الثوار، عندما بلغت الأزمة ذروتها، إلى فرقتين متنافستين بقيادة باديلا ودون بدرو جيرون، وانقسمت الجماعة السياسية إلى أحزاب، يناصب بعضها بعضاً العداء، وواصلت كل مقاطعة ثورتها، دون تآزر مع باقي المقاطعات.
وانطلق جيرون، وانضم إلى الملكيين الذين استولوا من جديد على تورديسلاس وجوانا. أما جيش باديلا الذي تضاءل عدد جنوده فقد هزم هزيمة منكرة في فيلالار، وأعدم باديلا. وعندما عاد شارل إلى إسبانيا (يوليو سنة 1522) ومعه 4.000 جندي ألماني، كان النبلاء قد فازوا بالنصر، وقد أضعف النبلاء والعامة بعضهم بعضاً إلى حد أنه استطاع أن يتغلب على البلديات والطوائف الحرفية، ويروض المجالس التشريعية، ويوطد أركان ملكية تكاد تكون مطلقة. وقد قمعت الحركة الديمقراطية تماماً بحيث ظل كل العامة الأسبان خائفين خاضعين، حتى القرن التاسع عشر. وخفف شارل سلطته بالدماثة، وأحاط نفسه بالنبلاء، وتعلم الحديث بلغة إسبانية سليمة، وسرت إسبانيا عندما علق قائلاً إن الإيطالية هي اللغة اللائقة لكي تتحدث بها النساء، والألمانية هي لغة الأعداء، والفرنسية لغة الأصدقاء، والإسبانية لغة الرب(31).
قصة الحضارة ج25 ص250-254، الإصلاح الديني -> الثورة الدينية -> هجرات الإصلاح الديني -> إسبانيا
 
عودة
أعلى