اكثر من اربعمائة جوهرة من جواهر الضمائر فی كتاب الله

الجوهرة الثالثة بعد المائة


{ إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } * { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

والضميران في " عنها " و " بها " للساعة. وقيل: للصلاة. وقيل في " عنها " للصلاة، وفي " بها " للساعة.

وقال الامام الالوسى فى تفسيره

ورجوع ضمير { عَنْهَا } إلى
{ ٱلسَّاعَةَ }
[طه: 15] هو الظاهر وكذا رجوع ضمير { بِهَا } في قوله تعالى: { مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا } وقيل: الضميران راجعان إلى كلمة
{ لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ }
[طه: 14] وقيل: الأول راجع إلى العبادة والثاني راجع إلى الساعة،
 
الجوهرة الرابعة بعد المائة

{ وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَٰجُّوۤنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ }

قال الامام ابن عطية فى المحرر الوجيز

والضمير في { به } يحتمل أن يعود على الله عز وجل فيكون على هذا في قوله { تشركون } ضمير عائد على { ما } تقدير الكلام ولا أخاف الأصنام التي تشركونها بالله في الربوبية،

ويحتمل أن يعود الضمير على { ما } فلا يحتاج إلى غيره، كأن التقدير ما تشركون بسببه،
 
الجوهرة الخامسة بعد المائة

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلۤـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلۤـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

والضميرُ في " به " فيه وجهان، أحدُهما:/ أنه يعودُ على " سبيل " لأنه المحدَّثُ عنه. والثاني أنه يعودُ على الله،
 
الجوهرة السادسة بعد المائة

{وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

{ يعلمون الناس السحر }: الضمير في يعلمون اختلف في من يعود عليه،

فالظاهر أنه يعود على الشياطين، يقصدون به إغواءهم وإضلالهم، وهو اختيار الزمخشري. وعلى هذا تكون الجملة في موضع الحال من الضمير في كفروا. قالوا: أو خبراً ثانياً. وقيل: حال من الشياطين. ورد بأن لكن لا تعمل في الحال، وقيل: بدل من كفروا، بدل الفعل من الفعل، لأن تعليم الشياطين السحر كفر في المعنى. والظاهر أنه استئناف إخبار عنهم. وقيل: الضمير عائد على الذين اتبعوا ما تتلو الشياطين. على اختلاف المفسرين فيمن يعود عليه ضمير اتبعوا، فيكون المعنى: يعلم المتبعون ما تتلو الشياطين الناس، فالناس معلمون للمتبعين. وعلى القول الأول يكونون معلمين للشياطين.

ملحوظة

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط عن مرجع الضمير فى اتبعوا

الضمير في واتبعوا لليهود، فقال ابن زيد والسدّي: يعود على من كان في عهد سليمان. وقال ابن عباس: في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: يعود على جميع اليهود
 
استكمالا للجوهرة السابقة

الجوهرة السابعة بعد المائة

{ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}

قال السمين فی دره المصون

قوله: " مِنْهُمَا " متعلِّقٌ بيُعَلِّمون. و " مِنْ " لابتداءِ الغايةِ،

وفي الضمير ثلاثةُ أقوالٍ، أظهرُها: عَوْدُه إلى المَلَكَيْنِ، سواءً قُرِىء بِكْسر اللام أو فتحِها.

والثاني: أنه يعودُ على السحرِ وعلَى المُنَزَّل على الملَكَيْنِ، والثالث: أنه يعودُ على الفتنةِ وعلى الكفر المفهومِ من قولِه " فَلا تَكْفُرْ " وهو قولُ أبي مسلم.
 
الجوهرة الثامنة بعد المائة

استكمالا للجوهرة السابقة

قال السمين فی دره المصون

قوله: { وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ } يجوز في " ما " وجهان، أحدُهما: أن تكونَ الحجازيةَ فيكون " هم " اسمَها، و " بضارِّين " خبرَها، والباءُ زائدةٌ، فهو في محلِّ نصبٍ، والثاني: أن تكونَ التميميةَ، فيكونَ " هم " مبتدأ، و " بضارِّين " خبرَه والباءُ زائدةٌ أيضاً فهو في محلِّ رفعٍ

. والضميرُ فيه ثلاثةُ أقوالٍ، أحدُها: أنَّه عائدٌ على السَّحَرةِ العائدِ عليهم ضميرُ " فيتعلَّمون ". الثاني: يعود على اليهود العائدِ عليهم ضميرُ " واتَّبَعوا ". الثالث: يعودُ على الشياطين. والضميرُ في " به " يعودُ على " ما " في قولِه: { مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ }.
 
استكمالا للجوهرة السابقة

الجوهرة التاسعة بعد المائة

{ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}

هل الضمير المرفوع فى علموا يعود على نفس ما يعود عليه الضمير المرفوع فى يعلمون؟

قال الامام الرازى فى تفسيره

بقي في الآية سؤال: وهو أنه كيف أثبت لهم العلم أولاً في قوله: { وَلَقَدْ عَلِمُواْ } ثم نفاه عنهم في قوله: { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } والجواب من وجوه،

أحدها: أن الذين علموا غير الذين لم يعلموا، فالذين علموا هم الذين علموا السحر ودعوا الناس إلى تعلمه وهم الذين قال الله في حقهم: { نَبَذَ فَرِيقٌ مّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } وأما الجهال الذين يرغبون في تعلم السحر فهم الذين لا يعلمون، وهذا جواب الأخفش وقطرب.

وثانيها: لو سلمنا كون القوم واحداً ولكنهم علموا شيئاً وجهلوا شيئاً آخر، علموا أنهم ليس لهم في الآخرة خلاق ولكنهم جهلوا مقدار ما فاتهم من منافع الآخرة، وما حصل لهم من مضارها وعقوباتها.

وثالثها: لو سلمنا أن القوم واحد والمعلوم واحد ولكنهم لم ينتفعوا بعلمهم بل أعرضوا عنه فصار ذلك العلم كالعدم كما سمى الله تعالى الكفار:
{ عُمياً وبُكماً وصُمّاً }
[الإسراء: 97] إذ لم ينتفعوا بهذه الحواس. ويقال للرجل في شيء يفعله لكنه لا يضعه موضعه: صنعت ولم تصنع.

وقال السمين فی دره المصون

والضميرُ في " عَلِموا " فيه خمسةُ أقوالٍ، أحدُها ضميرُ اليهودِ الذين بحضرة محمدٍ عليه السلام، أو ضميرُ مَنْ بحضرةِ سليمانَ، أو ضميرُ جميعِ اليهودِ أو ضميرُ الشياطين، أو ضميرُ المَلَكَيْنِ عند مَنْ يرى / أنَّ الاثنين جمعٌ.....

والضميرُ المنصوبُ في " اشتراه " فيه أربعةُ أقوالٍ: يعودُ على السحرِ أو الكفرِ أو كَيْلِهم الذي باعوا به السحرَ أو القرآنَ لتعويضِهم كتبَ السحرِ ....

قوله: { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } جوابُ لو محذوفٌ تقديرُه: لو كانوا يَعْلَمُون ذمَّ ذلك لَمَا باعُوا به أنفسَهم، وهذا أحسنُ مِنْ تقديرِ أبي البقاء: " لو كانوا يَنْتَفِعُون بعِلْمهم لامتنعُوا من شراء السحرِ " لأنَّ المقدَّرَ كلما كان مُتَصَيَّداً من اللفظِ كان أَوْلَى. والضميرُ في " به " يعودُ على السحرِ أو الكفرِ، وفي " يَعْلَمُون " يعودُ على اليهود باتفاق، واعلمْ أنَّ هنا سؤالاً معنوياً ذكره الزمخشري وغيرُه، وهو مترتِّبٌ على عَوْدِ الضميرِ في " عَلِمُوا " و " يَعْلَمُون " ، وذلك أنَّ الزمخشري قال: " فإنْ قلتَ: كيف أَثْبَتَ لهم العلمَ أولاَّ في " ولقد عَلِمُوا " على سبيلِ التوكيد القسمي، ثم نفاه عنهم في قولِه: { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }؟ قلت: معناه: لو كانوا يَعْمَلون بعِلْمِهم، جَعَلهم حينَ لم يَعْلَموا به كأنهم مُنْسلخون عنه " وهذا بناءً منه على أنَّ الضميرين في " عَلِموا " و " يَعْلَمون " لشيءٍ واحدٍ. وأجابَ غيرُه على هذا التقدير بأن المرادَ بالعلم الثاني العقلُ لأنَّ العِلْمَ مِنْ ثمرتِه، فلمَّا انتفَى الأصلُ انتفى ثمرتُه، أو يغايِرُ بين متعلَّقِ العِلْمين أي: عَلِموا ضرره في الآخرةِ ولم يعلموا نَفْعَه في الدنيا، وأمَّا إذا أَعَدْتَ الضميرَ في " عَلِموا " على الشياطين أو على مَنْ بحضرةِ سليمانَ أو على المَلَكَين فلا إشكالَ لاختلافِ المُسْنَد إليه العلمُ حينئذ.

وقال القرطبي

وسئل عن قوله تعالى: { وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } فأخبر أنهم قد علموا؛ ثم قال: { وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } فأخبر أنهم لا يعلمون؛ فالجواب وهو قول قُطْرُب والأخفش: أن يكون الذين يعلمون الشياطين، والذين شَرَوْا أنفسهم ـ أي باعوها ـ هم الإنس الذين لا يعلمون. قال الزجاج وقال عليّ بن سليمان: الأجود عندي أن يكون { وَلَقَدْ عَلِمُواْ } للمَلَكَين؛ لأنهما أولى بأن يعلموا. وقال: «علموا» كما يقال: الزيدان قاموا. وقال الزجاج: الذين علموا علماء اليهود؛ ولكن قيل: { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أي فدخلوا في محل من يقال له: لست بعالم؛ لأنهم تركوا العمل بعلمهم وٱسترشدوا من الذين عمِلوا بالسحر.
 
الجوهرة العاشرة بعد المائة

{ قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا

كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ }

قال الامام الرازى فى تفسيره

أجابت المعتزلة عنه من وجوه:

الرابع: أن قوله: { لَنُخْرِجَنَّكَ يـٰشُعَيْبُ } المراد الإخراج عن القرية، فيحمل قوله: { وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا } أي القرية، لأنه تعالى قد كان حرم عليه إذا أخرجوه عن القرية، أن يعود فيها إلا بإذن الله ومشيئته.

وقال الامام الالوسى فى تفسيره

وقيل: إن الهاء في قوله سبحانه { فِيهَا } يعود إلى القرية لا الملة فيكون المعنى أنا سنخرج من قريتكم ولا نعود فيها إلا أن يشاء الله بما ينجزه لنا من الوعد في الإظهار عليكم والظفر بكم فنعود فيها؛ وقيل: إن التقدير إلا أن يشاء الله أن يردكم إلى الحق فنكون جميعاً على ملة واحدة، ولا يخفى أن كل ذلك مما يضحك الثكلى،

وبالجملة الآية ظاهرة فيما ذهب إليه أهل السنة وسبحانه من سد باب الرشد عن المعتزلة.
 
الجوهرة الحادية عشر بعد المائة

{ وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ }

قال الامام الالوسى فى تفسيره

{ وَٱلْمَلْـٰئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ } أي ويسبح الملائكة عليهم السلام من هيبته تعالى وإجلاله جل جلاله،

وقيل: الضمير يعود على الرعد، والمراد بالملائكة أعوانه جعلهم الله تعالى تحت يده خائفين خاضعين له وهو قول ضعيف

وقال ابن الجوزی فی زاد المسير

قوله تعالى: { والملائكة من خيفته } في هاء الكناية قولان:

أحدهما: أنها ترجع إِلى الله عز وجل، وهو الأظهر. قال ابن عباس: يخافون الله، وليس كخوف ابن آدم، لا يعرف أحدهم مَنْ على يمينه ومَنْ على يساره، ولا يَشْغَله عن عبادة الله شيء.

والثاني: أنها ترجع إِلى الرعد، ذكره الماوردي.
 
الجوهرة الثانية عشربعد المائة

{ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ

ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

والظاهر أنّ الضمير في قوله: وهم، عائد على أمة المرسل إليهم الرسول إعادة على المعنى، إذ لو أعاد على اللفظ لكان التركيب وهي تكفر، والمعنى: أرسلناك إليهم وهم يدينون دين الكفر، فهدى الله بك من أراد هدايته.

وقيل: يعود على الذين قالوا:
{ لولا أنزل عليه آية من ربه }
[يونس: 20]

وقيل: يعود على أمة وعلى أمم، والمعنى: الإخبار بأنّ الأمم السالفة أرسلت إليهم الرسل والأمة التي أرسلت إليها جميعهم جاءتهم الرسل وهم يدينون دين الكفر، فيكون في ذلك تسلية للرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أمته مثل الأمم السالفة
 
الجوهرة الثالثة عشر بعد المائة

{ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ

ٱلْمَوْتَىٰ بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

والظاهر أنّ الضمير في تحل عائد على قارعة قاله الحسن.

وقالت فرقة: التاء للخطاب، والضمير للرسول صلى الله عليه وسلم، أو تحل أنت يا محمد قريباً من دارهم بجيشك كما حلّ بالحديبية، وعزاه الطبري إلى: ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وقاله عكرمة. ويكون وعد الله فتح مكة، وكان الله قد وعده ذلك، وقاله ابن عباس ومجاهد
 
الجوهرة الرابعة عشر بعد المائة

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

وقوله: { بِمَا لاَ يَعْلَمُ } " ما " موصولةٌ بمعنى الذي أو نكرة موصوفة كالتي تقدمت. وعلى كلا التقديرين فالعائد محذوف، أي: يعلمه. والفاعل هو ضمير الباري تعالىٰ، والمعنىٰ: أتنبِّئوون الله بالذي لا يعلمه الله، وإذا لم يعلم الله شيئاً استحال وجودُ ذلك الشيء، لأنه تعالىٰ لا يَعْزُب عن علمه شيء، وذلك الشيء هو الشفاعة، فـ " ما " عبارة عن الشفاعة.

والمعنىٰ: أن الشفاعةَ لو كانَتْ لَعَلِمَهَا الباري تعالىٰ. وقوله: { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } تأكيدٌ لنفيه، لأنَّ كل موجود لا يَخْرج عنهما.

ويجوزُ أن تكونَ " ما " عبارةً عن الأصنام. وفاعل " يعلمُ " ضميرٌ عائد عليها. والمعنىٰ: أَتُعَلِّمون اللَّهَ بالأصنامِ التي لا تَعْلَم شيئاً في السموات ولا في الأرض، وإذا ثَبَتَ أنها لا تعلم فكيف تشفع؟ والشافع لا بد وأن يعرفَ المشفوعَ عنده، والمشفوعَ له
 
الجوهرة الخامسةعشر بعد المائة

الضمائر وعلم القراءات

{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ }

قال ابن الجوزى فى زاد المسير

قوله تعالى: { ومن عنده علم الكتاب } فيه سبعة أقوال:

أحدها: أنهم علماء اليهود والنصارى، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثاني: أنه عبد الله بن سلام، قاله الحسن، ومجاهد، وعِكرمة، وابن زيد، وابن السائب، ومُقاتل.

والثالث: أنهم قوم من أهل الكتاب كانوا يشهدون بالحق، منهم عبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وتميم الداريّ، قاله قتادة.

والرابع: أنه جبريل عليه السلام، قاله سعيد بن جُبير.

والخامس: أنه علي بن أبي طالب، قاله ابن الحنفية.

والسادس: أنه بنيامين، قاله شمر.

والسابع: أنه الله تعالى، روي عن الحسن، ومجاهد، واختاره الزجاج

واحتجَّ له بقراءة من قرأ: «ومِنْ عِندِه عُلِمَ الكتابُ» وهي قراءة ابن السّميفع، وابن أبي عبلة، ومجاهد، وأبي حيوة. ورواية ابن أبي سريج عن الكسائي: «ومِنْ» بكسر الميم «عِندِه» بكسر الدال «عُلِمَ» بضم الميم وكسر اللام وفتح الميم «الكتابُ» بالرفع. وقرأ الحسن «ومِنْ» بكسر الميم «عندِه» بكسر الدال «عِلْمُ» بكسر العين وضمِّ الميم «الكتابِ» مضاف، كأنه قال: أُنزل من عِلم الله عز وجل.

وقال السمني الحلبى فى الدر المصون

وقرأ عليٌّ وأُبَيٌّ وابنُ عباس وعكرمة وابن جبير وعبد الرحمن ابن أبي بكرة والضحاك وابن أبي إسحاق ومجاهد في خَلْق كثير { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ } جعلوا " مِنْ " حرفَ جرّ، و " عندِه " مجرورٌ بها، وهذا الجارُّ هو خبرٌ مقدَّمٌ، و " عِلْم " مبتدأ مؤخر.

وقرأ عليٌّ أيضاً والحسن وابن السَّمَيْفع { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ } يجعلون " مِنْ " جارَّةً، و " عُلِمَ " مبنياً للمفعول، و " الكتابُ " رفعٌ به. وقُرئ كذلك إلاَّ انه بتشديد " عُلِّم ". والضمير في " عنده " على هذه القراءاتِ لله تعالى فقط.
 
الجوهرة السادسة عشر بعد المائة

{ الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } * { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

قوله: " منه " في هذا الضمير وجهان:

أحدهما ـ وهو الظاهرُ ـ أنه يعودُ على اللَّه تعالىٰ، أي: إنني لكم مِنْ جهة اللَّه نذيرٌ وبشير. قال الشيخ: " فيكون في موضع الصفةِ فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، أي: كائن من جهته ". وهذا على ظاهره ليس بجيد؛ لأن الصفةَ لا تتقدمُ على الموصوف فكيف تُجعلِ صفةً لـ " نذير "؟ كأنه يريد أنه صفةٌ في الأصلِ لو تأخَّر، ولكنْ لمَّا تقدَّم صارَ حالاً، وكذا صَرَّح به أبو البقاء، فكان صوابه أن يقول: فيكون في موضع الحال، والتقدير: كائناً مِنْ جهته.

الثاني: أنه يعودُ على الكتاب، أي: نذيرٌ لكم مِنْ مخالفته وبشيرٌ منه لمَنْ آمن وعمل صالحاً.
 
الجوهرة السابعة عشر بعد المائة

{ وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

والضمير في فضله يحتمل أن يعود على الله تعالى أي: يعطي في الآخرة كل من كان له فضل في عمل الخير، وزيادة ما تفضل به تعالى وزاده.

ويحتمل أن يعود على كل أي: جزاء ذلك الفضل الذي عمله في الدنيا لا يبخس منه شيء، كما قال:
{ نوف إليهم أعمالهم }
 
الجوهرة الثامنة عشر بعد المائة

{ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

الضمير المرفوع فى يثنون عائد على من؟؟؟

قال ابن الجوزى فى زاد المسير

قوله تعالى: { ألا إِنهم يثنون صدورهم } في سبب نزولها خمسة أقوال:

أحدها: أنها نزلت في الأخنس بن شريق، وكان يجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحلف إِنه ليحبّه، ويضمر خلاف ما يُظهر له، فنزلت فيه هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: أنها نزلت في ناس كانوا يستحيون أن يُفضوا إِلى السماء في الخلاء ومجامعة النساء، فنزلت فيهم هذه الآية رواه محمد بن عباد عن ابن عباس.

والثالث: أنها نزلت في بعض المنافقين، كان إِذا مرَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه لئلا يراه رسول الله، قاله عبد الله بن شداد.

والرابع: أن طائفة من المشركين قالوا: إِذا أغلقنا أبوابنا وأرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وثنينا صدورنا على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم، كيف يعلم بنا؟ فأخبر الله عما كتموا، ذكر زجاج.

والخامس: أنها نزلت في قوم كانوا لشدة عداوتهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إِذا سمعوا منه القرآن حنَوا صدورهم، ونكسوا رؤوسهم، وتغشوا ثيابهم ليبعد عنهم صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدخل أسماعهم شيء من القرآن، ذكره ابن الأنباري.

قوله تعالى: { يثنون صدورهم } يقال: ثنيت الشيء: إِذا عطفته وطويته. وفي معنى الكلام خمسة أقوال:

أحدها: يكتمون ما فيها من العداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: يثنون صدورهم على الكفر، قاله مجاهد.

والثالث: يحنونها لئلا يسمعوا كتاب الله، قاله قتادة.

والرابع: يثنونها إِذا ناجى بعضهم بعضاً في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن زيد.

والخامس: يثنونها حياءً من الله تعالى، وهو يخرَّج على ما حكينا عن ابن عباس. قال ابن الأنباري: وكان ابن عباس يقرؤها «ألا إِنهم تَثْنَوْني صدورُهم» وفسرها أن ناساً كانوا يستحيون أن يُفضوا إِلى السماء في الخلاء ومجامعة النساء. فَتَثْنَوْنِي: تفْعَوْعِلُ، وهو فعل للصدور، معناه: المبالغة في تثنّي الصدور، كما تقول العرب: احلولى الشيء، يحلَولي: إِذا بالغوا في وصفه بالحلاوة، قال عنترة:
ألا قَاتَلَ اللهُ الطُّلُولَ البَوَالِيَا وقَاتَلَ ذِكْرَاكَ السنينَ الخَوَالِيَا
وقَوْلَكَ لِلشَّيْءِ الَّذِي لاَ تَنَالُهُ إِذا ما هُوَ احْلَوْلَى ألا لَيْتَ ذا ليا
فعلى هذا القول، هو في حق المؤمنين، وعلى بقية الأقوال، هو في حق المنافقين.

وقد خُرِّج من هذه الأقوال في معنى { يثنون صدورهم } قولان:

أحدهما: أنه حقيقة في الصدور.

والثاني: أنه كتمان ما فيها.
 
استكمالا للجوهرة السابقة

الجوهرة التاسعةعشر بعد المائة

{ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

قال الامام ابن الجوزى فى زاد المسير

قوله تعالى: { ليستخفوا منه } في هاء «منه» قولان:

أحدهما: أنها ترجع إِلى الله تعالى.

والثاني: إِلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
 
الجوهرة العشرون بعد المائة

{ قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَٱسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن ٱلصَّاغِرِينَ }

قال ابن عطية فى المحرر الوجيز

والضمير عائد على يوسف في { فيه } ويجوز أن تكون الإشارة إلى حب يوسف، والضمير عائد على الحب، فيكون ذلك إشارة إلى غائب على بابه.
 
الجوهرة الواحدة والعشرون بعد المائة

{ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ }


قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

والفاعل لبدا ضمير يفسره ما يدل عليه المعنى أي: بدا لهم هو أي رأى أو بدا. كما قال:
بـدا لـك مـن تلك القلوص بـداء
هكذا قاله النحاة والمفسرون،

إلا من أجاز أن تكون الجملة فاعلة، فإنه زعم أن قوله: ليسجننه في موضع الفاعل لبدا أي: سجنه حتى حين، والرد على هذا المذهب مذكور في علم النحو.

والذي أذهب إليه أن الفاعل ضمير يعود على السجن المفهوم من قوله: ليسجنن، أو من قوله: السجن على قراءة الجمهور، أو على السجن على قراءة من فتح السين.

والضمير في لهم للعزيز وأهله


{ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ }

قال الامام القرطبى فى تفسيره

وقال السّديّ: كان سبب حبس يوسف أن ٱمرأة العزيز شكت إليه أنه شَهَّرها ونشر خبرها؛ فالضمير على هذا في «لَهُمْ» للملك.
 
الجوهرة الثانية والعشرون بعد المائة

{ قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَٱسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن ٱلصَّاغِرِينَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

قوله: { مَآ آمُرُهُ } في " ما " وجهان،

أحدُهما: أنها مصدرية. والثاني: أنها موصولةٌ، وهي مفعولٌ بها بقوله: " يفعلْ "

والهاءُ في " آمُرُه " تحتمل وجهين،

أحدُهما: العَوْد على " ما " الموصولة إذا جعلناها بمعنى الذي.

والثاني: العَوْد على يوسف. ولم يُجَوِّزْ الزمخشري عَوْدَها على يوسف إلا إذا جُعِلت " ما " مصدرية " فإنه قال: " فإن قلت: الضمير في " آمُره " راجعٌ إلى الموصول أم إلى يوسف؟ قلت: بل إلى الموصول والمعنى: ما آمُرُ به فحذف الجارَّ كما في قوله:
2790 ـ أَمَرْتُكَ الخيرَ........ ....................
ويجوز أن تُجْعَلَ " ما " مصدريةً فيعود على يوسف، ومعناه: ولَئِنْ لم يفعلْ أمري إياه، أي: مُوْجِبَ أمري ومقتضاه ". قلت: وعلى هذا فالمفعولُ الأولُ محذوفٌ تقديره: ما آمُره به وهو ضميرُ يوسف.
 
الجوهرة الثالثة والعشرون بعد المائة

{ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

والظاهر عود الضمير في به على بعض. وقيل: على ما، وقيل: على التبليغ، وقيل: على التكذيب
 
الجوهرة الرابعة والعشرون بعد المائة

{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَٰتٍ وَٱدْعُواْ مَنِ

ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

وروي عن ابن عباس: أنّ السور التي وقع بها طلب المعارضة لها هي معينة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة، ويونس، وهود. فقوله: مثله، أي مثل هذه عشر السور، وهذه السور أكثرها مدني، فكيف تصح الحوالة بمكة على ما لم ينزل بعد؟ ولعل هذا لا يصح عن ابن عباس. والضمير في فإن لم يستجيبوا لكم، عائد على من طلب منهم المعارضة، ولكم الضمير جمع يشمل الرسول والمؤمنين. وجوز أن يكون خطاباً للرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم، كما جاء
{ فإن لم يستجيبوا لك }
[القصص: 50] قاله: مجاهد.

وقيل: ضمير يستجيبوا عائد على المدعوين، ولكم خطاب للمأمورين بدعاء من استطاعوا قاله الضحاك أي فإنْ لم يستجب من تدعونه إلى المعارضة فأذعنوا حينئذ، واعلموا أنه من عند الله وأنه أنزل ملتبساً بما لا يعلمه إلا الله من نظم معجز للخلق، وإخبار بغيوب لا سبيل لهم إليه. واعلموا عند ذلك أنه لا إله إلا هو، وأن توحيده واجب، فهل أنتم مسلمون؟ أي تابعون للإسلام بعد ظهور هذه الحجة القاطعة؟ وعلى أن الخطاب للمؤمنين معنى فاعلموا أي: دوموا على العلم وازدادوا يقيناً وثبات قدم أنه من عند الله. ومعنى فهل أنتم مسلمون: أي مخلصو الإسلام، وقال مقاتل: بعلم الله، بإذن الله. وقال الكلبي: بأمره. وقال القتبي: من عند الله،

والذي يظهر أن الضمير في فإن لم يستجيبوا عائد على من استطعتم، وفي لكم عائد على الكفار، لعود الضمير على أقرب مذكور، ولكون الخطاب يكون لواحد.
 
الجوهرة الخامسة والعشرون بعد المائة

استكمالا للجوهرة السابقة

{ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ }

قال ابن الجوزى فى زاد المسير

{ فهل أنتم مسلمون } استفهام بمعنى الأمر. وفيمن خوطب به قولان:

أحدهما: أهل مكة، ومعنى إِسلامهم: إِخلاصهم لله العبادة، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: أنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله مجاهد.
 
الجوهرة السادسة والعشرون بعد المائة

{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

قوله تعالى: { وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا }: يجوز أن يتعلَّقَ " فيها " بـ " حَبِط " ، والضميرُ على هذا يعود على الآخرة، أي: وظهر حبوطُ ما صنعوا في الآخرة.

ويجوز أن يتعلَّقَ بـ " صنعوا " فالضمير على هذا يعود على الحياة الدنيا كما عاد عليها في قوله { نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا }.
 
الجوهرة السابعة والعشرون بعد المائة

{ أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ

ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ }

قال ابن الجوزى فى زاد المسير

قوله تعالى: { ما كانوا يستطيعون السمع } فيمن عني بهذا قولان:

أحدهما: أنهم الكفار. ثم في معناه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهم لم يقدروا على استماع الخير، وإِبصار الحق، وفعل الطاعة، لأن الله تعالى حال بينهم وبين ذلك، هذا معنى قول ابن عباس، ومقاتل.

والثاني: أن المعنى: يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع ولا يسمعونه، وبما كانوا يبصرون حُجج الله ولا يعتبرون بها، فحذف الباء، كما تقول العرب: لأجزينَّك ما عملت، وبما عملت، ذكره الفراء، وأنشد ابن الأنباري في الاحتجاج له:نُغالي اللحمَ للأضياف نيِئا ونبذُله إِذا نضِجَ القُدورُأراد: نغالي باللحم.

والثالث: أنهم من شدة كفرهم وعداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ما كانوا يستطيعون أن يتفهموا ما يقول، قاله الزجاج.

والقول الثاني: أنهم الأصنام، فالمعنى: ما كان للآلهة سمع ولا بصر، فلم تستطع لذلك السمع، ولم تكن تبصر. فعلى هذا، يرجع قوله: «ما كانوا» إِلى أوليائهم، وهي الأصنام، وهذا المعنى منقول عن ابن عباس أيضاً.
 
الجوهرة الثامنة والعشرون بعد المائة

{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

واختُلِفَ في الضمير في " عُمِّيَتْ " هل هو عائد على البيِّنة فيكونَ قولُه: " وآتاني رحمة " جملة معترضة بين المتعاطفين، إذ حقُّه { عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ... فَعُمِّيَتْ }. وإن قيل بأنه عائد على الرحمة فيكون قد حُذف من الأول لدلالة الثاني، والأصل: على بينة من ربي فَعُمِّيَتْ.

الجوهرة التاسعة والعشرون بعد المائة

{ وَيٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

والضمير في " عليه " يجوز أن يعودَ على الإِنذار المفهوم من " نذير " ، وأن يعودَ على الدين الذي هو المِلَّة، وأن يعود على التبليغ.
 
الجوهرة الثلاثون بعد المائة

{ وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ }



قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

قيل: هذه الآية اعترضت في قصة نوح، والإخبار فيها عن قريش. يقولون ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي: افترى القرآن، وافترى هذا الحديث عن نوح وقومه، ولو صح ذلك بسند صحيح لوقف عنده، ولكن الظاهر أن الضمير في يقولون عائد على قوم نوح، أي: بل أيقولون افترى ما أخبرهم به من دين الله وعقاب من أعرض عنه، فقال عليه السلام قل: إن افتريته فعليّ إثم إجرامي
 
الجوهرة الواحدة والثلاثون بعد المائة

{وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

قوله تعالى: { وَقَالَ }: يجوز أن يكونَ الفاعلُ ضميرَ نوح عليه السلام، ويجوز أن يكونَ ضمير الباري تعالىٰ أي: وقال اللَّه لنوح ومَنْ معه
 
الجوهرة الثانية والثلاثون بعد المائة

الضمائر وعلم القراءات

{ قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ }

قال الامام السمين الحلبى فى الدر المصون

قوله تعالى: { عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ }: قرأ الكسائي " عَمِل " فعلاً ماضياً، و " غيرَ " نصباً، والباقون " عَمَلٌ " بفتح الميمِ وتنوينهِ على أنه اسمٌ، و " غيرُ " بالرفع.

فقراءةُ الكسائي: الضمير فيها يتعيَّنُ عَوْدُه على ابن نوح، وفاعل " عمل " ضميرٌ يعودُ عليه أيضاً، و " غيرَ " مفعول به. ويجوز أن يكونَ نعتاً لمصدرٍ محذوف، تقديرُه: عَمل عملاً غيرَ صالحٍ كقوله
{ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً }
[المؤمنون: 51].

وأمَّا قراءةُ الباقين ففي الضمير أوجه،

أظهرها: أنه عائدٌ على ابنِ نوح، ويكونُ في الإِخبار عنه بالمصدر المذاهبُ الثلاثةُ في " رجل عدل ".

والثاني: أنه يعود على النداء المفهوم مِنْ قوله " ونادىٰ " ، أي: نداؤك وسؤالُك. وإلى هذا ذهب أبو البقاء ومكي والزمخشري. وهذا فيه خطرٌ عظيم، كيف يُقال ذلك في حقِّ نبي من الأنبياء، فضلاً عن أول رسولٍ أُرْسِل إلى أهل الأرض من بعدِ آدم عليهما السلام؟ ولما حكاه أبو القاسم قال: " وليس بذاك " ولقد أصاب. واستدلَّ من قال بذلك أنَّ في حرف عبد اللَّه بن مسعود " إنه عملٌ غيرُ صالحٍ أن تسألني ما ليس لك به علمٌ " وهذا مخالِفٌ للسَّواد.

الثالث: أنه يعودُ علىركوب ابنِ نوح المدلولِ عليه بقوله " اركب معنا ".

الرابع: أنَّه يعودُ على تركه الركوب وكونِه مع المؤمنين، أي: إنَّ تَرْكَه الركوبَ مع المؤمنين وكونَه مع الكافرين عملٌ غيرُ صالح، وعلى الأوجهِ الثلاثةِ لا يُحتاج في الإِخبارِ بالمصدر [إلى] تأويلٍ، لأنَّ كليهما معنى من المعاني، وعلى الوجه الرابع يكون من كلامِ نوح عليه السلام، أي: إنَّ نوحاً قال: إنَّ كونَك مع الكافرين وتَرْكَك الركوبَ معنا غيرُ صالح، بخلاف ما تقدَّم فإنه مِنْ قول اللَّه تعالى فقط، هكذا قال مكي وفيه نظرٌ، بل الظاهرُ أنَّ الكلَّ مِنْ كلام اللَّه تعالى. قال الزمخشري: " فإن قلت: هلا قيل: إنه عملٌ فاسِدٌ. قلت: لَمَّا نفاه عن أهله نَفَىٰ عنه صفتَهم بكلمةِ النفي التي يستبقي معها لفظَ المنفي، وآذن بذلك أنَّه إنما أَنْجى مَنْ أَنْجى لصلاحهم لا لأنهم أهلُك.
 
الجوهرة الثالثة والثلاثون بعد المائة


هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

ومعنى تزيلوا: لو ذهبوا عن مكة، أي لو تزيل المؤمنون من الكفار وتفرقوا منهم، ويجوز أن يكون الضمير للمؤمنين والكفار، أي لو افترق بعضهم من بعض.

وقال الامام الالوسى فى تفسيره

وجوز في ضمير { تَزَيَّلُواْ } كونه للمؤمنين المذكورين فيما سبق أي لو تفرق أولئك المؤمنون والمؤمنات وتميزوا عن الكفار وخرجوا من مكة ولم يبقوا بينهم لعذبنا الخ، وكونه للمؤمنين والكفار أي لو افترق بعضهم من بعض ولم يبقوا مختلطين لعذبنا الخ.
 
الجوهرة الرابعة والثلاثون بعد المائة

{ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ }

قال الامام ابن عاشور فى التحرير والتنوير فى تفسير سورة الشعراء


والمعنى: أن الله أرزأ أعداء موسى ما كان لهم من نعيم إذ أهلكهم وأعطى بني إسرائيل خيرات مثلها لم تكن لهم، وليس المراد أنه أعطى بني إسرائيل ما كان بيد فرعون وقومه من الجنات والعيون والكنوز، لأن بني إسرائيل فارقوا أرض مصر حينئذ وما رجعوا إليها كما يدل عليه قوله في سورة الدخان (28)
{ كذلك وأورثناها قوماً آخرين }

ولا صحة لما يقوله بعض أهل قصص القرآن من أن بني إسرائيل رجعوا فملكوا مصر بعد ذلك، فإن بني إسرائيل لم يملكوا مصر بعد خروجهم منها سائر الدَّهر فلا محيص من صرف الآية عن ظاهرها إلى تأويل يدل عليه التاريخ ويدل عليه ما في سورة الدخان.

فضمير { أورثناها } هنا عائد للأشياء المعدودة باعتبار أنها أسماء أجناس، أي أورثنا بني إسرائيل جناتٍ وعيوناً وكنوزاً، فعَود الضمير هنا إلى لفظ مستعمل في الجنس وهو قريب من الاستخدام وأقوى منه، أي أعطيناهم أشياء ما كانت لهم من قبل وكانت للكنعانيين فسلط الله عليهم بني إسرائيل فغلبوهم على أرض فلسطين والشام. وقد يعود الضمير على اللفظ دون المعنى كما في قولهم: عندي درهم ونصفُه، وقوله تعالى:
{ إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثُها إن لم يكن لها ولد }
[النساء: 176]، إذ ليس المراد أن المرء الذي هلك يرث أخته التي لها نصف ما ترك بل المراد: والمرء يرث أختاً له إن لم يكن لها ولد، ويجوز أن يكون نصب الضمير لفعل «أورثنا» على معنى التشبيه البليغ، أي أورثنا أمثَالها.

وقيل ضمير: { أورثناها } عائد إلى خصوص الكنوز لأن بني إسرائيل استعاروا ليلة خروجهم من جيرانهم المصريين مصوغهم من ذهب وفضة وخرجوا به كما تقدم في سورة طه. انتهى

وقد اشار الامام ابو حيان فى البحر المحيط الى هذا المعنى ولكن ليس فى تفسير الايه فى سورة الشعراء بل فى تفسير قوله تعالى فى سورة يونس

{ وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ فَمَا ٱخْتَلَفُواْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

وقد يحتمل أن يكون وأورثناها معناها الحالة من النعمة وإن لم تكن في قطر واحد
 
الجوهرة الخامسة والثلاثون بعد المائة

{ وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } * { وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

والظاهر أن الضمير في أم هو لعيسى، لتتناسق الضمائر في قوله: { إن هو إلاّ عبد }. وقال قتادة: يعود على النبي صلى الله عليه وسلم.

إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط
وقيل: المنعم عليه هو محمد صلى الله عليه وسلم
 
الجوهرة السادسة والثلاثون بعد المائة

استكمالا للجوهرة السابقة

{ وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً فِي ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ } * { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }

قال الامام ابن الجوزى فى زاد المسير

قوله تعالى: { وإِنه لَعِلْمٌ للسّاعة } في هاء الكناية قولان:

أحدهما: [أنها] تَرْجِع إِلى عيسى عليه السلام. ثم في معنى الكلام قولان.

أحدهما: نزولُ عيسى من أشراط الساعة يُعْلَم به قُربها، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، والسدي.

والثاني: أن إحياءَ عيسى الموتى دليلٌ على الساعة وبعث الموتى، قاله ابن إِسحاق.

والقول الثاني: أنها تَرْجِع إلى القرآن، قاله الحسن، وسعيد بن جبير.

وقال الامام ابن عطية فى المحرر الوجيز

والضمير في قوله: { وإنه لعلم } قال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي والضحاك وابن زيد: الإشارة به إلى عيسى. وقالت فرقة: إلى محمد عليه السلام. وقال الحسن أيضاً وقتادة: إلى القرآن.

وقرأ جمهور الناس: " لعِلْم " بكسر العين وسكون اللام. وقرأ ابن عباس وأبو هريرة وقتادة وأبو هند الغفاري ومجاهد وأبو نضرة ومالك بن دينار والضحاك: " لعَلَم " بفتح العين واللام، وقرأ عكرمة مولى ابن عباس: " لَلعلم " بلامين، الأولى مفتوحة. وقرأ أبي بن كعب: " لذَكر للساعة ".

فمن قال إن الإشارة إلى عيسى حسن مع تأويله علم وعلم أي هو إشعار بالساعة وشرط من أشراطها، يعني خروجه في آخر الزمان، وكذلك من قال: الإشارة إلى محمد صلى الله عليه و سلم، أي هو آخر الآنبياء، فقد تميزت الساعة به نوعاً وقدراً من التمييز، وبقي التحديد التام الذي انفرد الله بعلمه، ومن قال: الإشارة إلى القرآن، حسن قوله في قراءة من قرأ: " لعِلْم " بكسر العين وسكون اللام، أي يعلمكم بها وبأهوالها وصفاتها، وفي قراءة من قرأ: " لذكر ".
 
الجوهرة السابعة والثلاثون بعد المائة

{ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }

هل الضمير فى ليتفقهوا عائد على الطائفة النافرة ام المقيمة؟؟؟

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط فى تفسيره

والضمير الذي في ليتفقهوا عائد على الطائفة الناقرة، وهذا هو الظاهر. وقال ابن عباس: الآية في البعوث والسرايا. والآية المتقدمة ثابتة الحكم مع خروج الرسول في الغزو، وهذه ثابتة الحكم إذا لم يخرج أي: يجب إذا لم يخرج أن لا ينفر الناس كافة، فيبقى هو مفرداً. وإنما ينبغي أن ينفر طائفة وتبقى طائفة لتتفقه هذه الطائفة في الدين، وتنذر النافرين إذا رجعوا إليهم. وقالت فرقة: هذه الآية ناسخة لكل ما ورد من إلزام الناس كافة النفير والقتال، فعلى هذا وعلى قول ابن عباس يكون الضمير في ليتفقهوا عائداً على الطائفة المقيمة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون معنى ولينذروا قومهم أي: الطائفة النافرة إلى الغزو يعلمونهم بما تجدّد من أحكام الشريعة وتكاليفها، وكان ثم جملة محذوفة دل عليها تقسيمها أي: فهلا نفر من كل فرقة منهم طائفة وقعدت أخرى ليتفقهوا. وقيل: على أن يكون النفير إلى الغزو يصح أن يكون الضمير في ليتفقهوا عائداً على النافرين، ويكون تفقههم في الغزو بما يرون من نصرة الله لدينه، وإظهاره الفئة القليلة من المؤمنين على الكثيرة من الكافرين، وذلك دليل على صحة الإسلام، وإخبار الرسول بظهور هذا الدين. والذي يظهر أنّ هذه الآية إنما جاءت للحض على طلب العلم والتفقه في دين الله، وأنه لا يمكن أن يرحل المؤمنون كلهم في ذلك فتعرى بلادهم منهم ويستولي عليها وعلى ذراريهم أعداؤهم، فهلا رحل طائفة منهم للتفقه في الدين ولإنذار قومهم، فذكر العلة للنفير وهي التفقه أولاً، ثم الإعلام لقومهم بما علموه من أمر الشريعة أي: فهلا نفر من كل جماعة كثيرة جماعة قليلة منهم فكفوهم النفير، وقام كل بمصلحة هذه بحفظ بلادهم، وقتال أعدائهم، وهذه لتعلم العلم وإفادتها المقيمين إذا رجعوا إليهم.

وقال الامام ابن الجوزى فى زاد المسير

واختلف المفسرون في المراد بهذا النفير على قولين.

أحدهما: أنه النفير إلى العدو، فالمعنى: ما كان لهم أن ينفروا بأجمعهم، بل تنفر طائفة، وتبقى مع النبي صلى الله عليه وسلم طائفة. { ليتفقَّهوا في الدين } يعني الفرقةَ القاعدين. فاذا رجعت السرايا، وقد نزل بعدهم قرآن أو تجدَّد أمر، أعلموهم به وأنذروهم به إذا رجعوا إليهم، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس.

والثاني: أنه النفير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل تنفر منهم طائفة ليتفقه هؤلاء الذين ينفرون، ولينذروا قومهم المتخلِّفين، هذا قول الحسن، وهو أشبه بظاهر الآية. فعلى القول الأول، يكون نفير هذه الطائفة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خرج إلى غزاة أو مع سراياه. وعلى القول الثاني، يكون نفير الطائفة إلى رسول الله لاقتباس العلم.
 
الجوهرة الثامنة والثلاثون بعد المائة

{ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا

فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

الظاهر للجميع ان الضمير فى عليهما عائد على الزوج الاول والزوجة ولكن هل هناك احتمال اخر فى مرجع الضمير؟

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

{ فإن طلقها } قيل: الضمير عائد على: زوج، النكرة، وهو الثاني، وأتى بلفظ: إن، دون إذا تنبيهاً على أن طلاقه يجب أن يكون على ما يخطر له دون الشرط. انتهى. ومعناه أن: إذا، إنما تأتي للمتحقق، وإن تأتي للمبهم والمجوز وقوعه وعدم وقوعه، أو للمحقق المبهم زمان وقوعه، كقوله تعالى:
{ أفان مت فهم الخالدون }
[الأنبياء: 34] والمعنى: فإن طلقها وانقضت عدتها منه { فلا جناح عليهما } أي: على الزوج المطلق الثلاث وهذه الزوجة. قاله ابن عباس،

ولا خلاف فيه بين أهل العلم على أن اللفظ يحتمل أن يعود على الزوج الثاني والمرأة،

وتكون الآية قد أفادت حكمين:

أحدهما: أن المبتوتة ثلاثاً تحل للأول بعد نكاح زوج غيره بالشروط التي تقدمت، وهذا مفهوم من صدر الآية، والحكم

الثاني: أنه يجوز للزوج الثاني الذي طلقها أن يراجعها، لأنه ينزل منزلة الأول، فيجوز لهما أن يتراجعا، ويكون ذلك دفعاً لما يتبادر إليه الذهن من أنه إذا طلقها الثاني حلت للأول، فبكونها حلت له اختصت به، ولا يجوز للثاني أن يردها، فيكون قوله: { فلا جناح عليهما أن يتراجعا } مبيناً أن حكم الثاني حكم الأول، وأنه لا يتحتم أن الأول يراجعها، بل بدليل إن انقضت عدّتها من الثاني فهي مخيرة فيمن يرتد منهما أن يتزوجه، فإن لم تنقضِ عدّتها، وكان الطلاق رجعياً، فلزوجها الثاني أن يراجعها، وعلى هذا لا يحتاج إلى حذف بين قوله: { فإن طلقها } وبين قوله: { فلا جناح عليهما أن يتراجعا } ويحتاج إلى الحذف إذا كان الضمير في: عليهما، عائداً على المطلق ثلاثاً وعلى الزوجة، وذلك المحذوف هو، وانقضت عدّتها منه، أي: فإن طلقها الثاني وانقضت عدتها منه فلا جناح على المطلق ثلاثاً والزوجة أن يتراجعا، وقوله: { إن ظنا أن يقيما حدود الله } أي: إن ظن الزوج الثاني والزوجة أن يقيما حدود الله، لأن الطلاق لا يكاد يكون في الغالب إلاَّ عند التشاجر والتخاصم والتباغض، وتكون الضمائر كلها منساقة انسياقاً واحداً لا تلوين فيه، ولا اختلاف مع استفادة هذين الحكمين من حمل الضمائر على ظاهرها، وهذا الذي ذكرناه غير منقول، بل الذي فهموه هو تكوين الضمائر واختلافها.
 
الجوهرة التاسعة والثلاثون بعد المائة

{ لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

وقرأ الحسن ومجاهد وقتادة ويعقوب " إلى أن " بإلى الجارة وأبو حَيْوة كذلك. وهي قراءةٌ واضحةٌ في المعنى، إلا أن أبا حيوة قرأ " تُقَطِّع " بضم التاء وفتح القاف وكسر الطاء مشددةً، والفاعلُ ضميرُ الرسول. " قلوبَهم " نصباً على المفعول، والمعنى بذلك أن يقتلهم ويتمكَّن منهم كلَّ تمكُّن. وقيل: الفاعلُ ضمير الرِّيبة، أي: إلى أن تَقْطَع الرِّيبةُ قلوبَهم.
 
الجوهرة الاربعون بعد المائة

{ وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

قوله تعالى: { وَعَدَهَآ إِيَّاهُ }: اختُلِف في الضمير المرفوع والمنصوبِ المنفصل

فقيل: ـ وهو الظاهر ـ إن المرفوع يعود على إبراهيم، والمنصوبَ على أبيه، يعني أن إبراهيم كان وعد أباه أن يستغفرَ له. ويؤيد هذا قراءةُ الحسن وحماد الرواية وابن السَّميفع وأبي نهيك ومعاذ القارىء " وعدها أباه " ، بالباء الموحدة.

وقيل: المرفوع لأبي إبراهيم والمنصوب لإِبراهيم، وفي التفسير أنه كان وَعَدَ إبراهيمَ أنه يؤمن، فبذلك طَمِع في إيمانه.

وقال الامام ابن الجوزى فى زاد المسير

قوله تعالى: { إلا عن موعدة وعدها إياه } فيه قولان.

أحدهما: أن إبراهيم وعد أباه الاستغفار، وذلك قوله:
{ سأستغفر لك ربي }
[مريم: 47] وما كان يعلم أن الاستغفار للمشركين محظور حتى أخبره الله بذلك.

والثاني: أن أباه وعده أنه إن استغفر له آمن؛ فلما تبيَّن لإبراهيم عداوة أبيه لله تعالى بموته على الكفر، ترك الدعاء له. فعلى الأول، تكون هاء الكناية في «إيَّاه» عائدة على آزر، وعلى الثاني، تعود على إبراهيم.
 
الجوهرة الواحدة والاربعون بعد المائة

{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }

المعروف ان مرجع الضميرالمتصل فى ينظرون وياتيهم للكفار فالخطاب للكافرين.

ولكن ذكر الامام الرازي رايا جميلا فى تفسيره قال:



الوجه السادس: وهو أوضح عندي من كل ما سلف: أنا ذكرنا أن قوله تعالى:
{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسّلْمِ كَافَّةً }
[البقرة: 208] إنما نزلت في حق اليهود، وعلى هذا التقدير فقوله:

{ فَإِن زَلَلْتُمْ مّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
[البقرة: 209] يكون خطاباً مع اليهود، وحينئذ يكون قوله تعالى: { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ } [البقرة: 210] حكاية عن اليهود، والمعنى: أنهم لا يقبلون دينك إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة، ألا ترى أنهم فعلوا مع موسى مثل ذلك فقالوا:
{ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً }
[البقرة: 55] وإذا كان هذا حكاية عن حال اليهود ولم يمنع إجراء الآية على ظاهرها، وذلك لأن اليهود كانوا على مذهب التشبيه، وكانوا يجوزون على الله المجيء والذهاب، وكانوا يقولون: إنه تعالى تجلى لموسى عليه السلام على الطور في ظلل من الغمام وطلبوا مثل ذلك في زمان محمد عليه الصلاة والسلام، وعلى هذا التقدير يكون هذا الكلام حكاية عن معتقد اليهود القائلين بالتشبيه، فلا يحتاج حينئذ إلى التأويل، ولا إلى حمل اللفظ على المجاز، وبالجملة فالآية تدل على أن قوماً ينتظرون أن يأتيهم الله، وليس في الآية دلالة على أنهم محقون في ذلك الانتظار أو مبطلون، وعلى هذا التقدير يسقط الإشكال.
 
الجوهرة الثانية والاربعون بعد المائة

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

وفي قوله: من نفس واحدة إشارة إلى ترك المفاخرة والكبر، لتعريفه إياهم بأنهم من أصل واحد ودلالة على المعاد، لأن القادر على إخراج أشخاص مختلفين من شخص واحد فقدرته على إحيائهم بطريق الأولى. وزوجها: هي حواء. وظاهر منها ابتداء خلق حوّاء من نفسه، وأنه هو أصلها الذي اخترعت وأنشئت منه، وبه قال: ابن عباس، ومجاهد، والسدّي وقتادة

قالوا إن الله تعالى خلق آدم وحشاً في الجنة وحده، ثم نام فانتزع الله تعالى أحد أضلاعه القصرى من شماله. وقيل: من يمينه، فحلق منها حواء. قال ابن عطية: ويعضد هذا القول الحديث الصحيح في قوله عليه السلام: " إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، فإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها " انتهى. ويحتمل أن يكون ذلك على جهة التمثيل لاضطراب أخلاقهن، وكونهن لا يثبتن على حالة واحدة، أي: صعبات المراس، فهي كالضلع العوجاء كما جاء خلق الإنسان من عجل. ويؤيد هذا التأويل قوله: إن المرأة، فأتى بالجنس ولم يقل: إن حوّاء.

وقيل: هو على حذف مضاف، التقدير: وخلق من جنسها زوجها قاله: ابن بحر وأبو مسلم لقوله:
{ من أنفسكم أزواجاً }
[الشورى: 11] و
{ رسولاً منهم }
[البقرة: 129].

قال القاضي: الأول أقوى، إذ لو كانت حواء مخلوقة ابتداء لكان الناس مخلوقين من نفسين لا من نفس واحدة. ويمكن أن يجاب عنه بأن كلمة من لابتداء الغاية، فلما كان ابتداء الخلق وقع بآدم، صح أن يقال خلقكم من نفس واحدة. ولما كان قادراً على خلق آدم من التراب كان قادراً على خلق حواء أيضاً كذلك.

وقيل: لا حذف، والضمير في منها، ليس عائداً على نفس، بل هو عائد على الطينة التي فصلت عن طينة آدم. وخلقت منها حواء أي: أنها خلقت مما خلق منه آدم.
 
الجوهرة الثالثة والاربعون بعد المائة

هل تحشر البهائم والطيور على ارض المحشر؟

{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

{ ثم إلى ربهم يحشرون } الظاهر في الضمير أنه عائد على ما تقدم وهو الأمم كلها من الطير والدواب. وقال قوم: هو عائد على الكفار لا على أمم وما تخلل بينهما كلام معترض وإقامة وحجج ويرجح هذا القول كونه جاء بهم وبالواو التي هي للعقلاء، ولو كان عائداً على أمم الطير والدواب لكان التركيب ثم إلى ربها تحشر ويجاب عن هذا بأنها لما كانت ممتثلة ما أراد الله منها، أجريت مجرى العقلاء وأصل الحشر الجمع ومنه
{ فحشر فنادى }
[النازعات: 23] والظاهر أنه يراد به البعث يوم القيامة وهو قول الجمهور، فتحشر البهائم والدواب والطير وفي ذلك حدّيث يرويه يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال: يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شيء، فيبلغ من عدل الله عز وجل يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء ثم يقول: كوني تراباً فذلك قوله تعالى:
{ ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً }
[النبأ: 40].

وقال ابن عباس والحسن في آخرين: حشر الدواب موتها لأن الدواب لا تكليف عليها ولا ترجو ثواباً ولا تخاف عقاباً ولا تفهم خطاباً؛ انتهى. ومن ذهب هذا المذهب تأول حديث أبي هريرة على معنى التمثيل في الحساب والقصاص حتى يفهم كل مكلف أنه لا بد له منه ولا محيص وأنه العدل المحض. قال ابن عطية: والقول في الأحاديث المتضمنة أن الله يقتص للجماء من القرناء، أنها كناية عن العدل وليست بحقيقة قول مرذول ينحو إلى القول بالرموز ونحوها؛ انتهى.
 
الجوهرة الرابعة والاربعون بعد المائة

{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

والضمير في { أكله } عائد على { النخل والزرع } وأفرد لدخوله في حكمه بالعطفية قال معناه الزمخشري وليس بجيد لأن العطف بالواو لا يجوز إفراد ضمير المتعاطفين. وقال الحوفي: والهاء في { أكله } عائدة على ما تقدّم من ذكر هذه الأشياء المنشآت؛ انتهى
 
الجوهرة الخامسة والاربعون بعد المائة

{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

{ وآتوا حقه يوم حصاده } والذي يظهر عود الضمير على ما عاد عليه من ثمره وهو جميع ما تقدّم ذكره مما يمكن أن يؤكل إذا أثمر. وقيل: يعود على { النخل } لأنه ليس في الآية ما يجب أن يؤتى حقه عند جذاذه إلا النخل.

وقيل: يعود على { الزيتون والرمان } لأنهما أقرب مذكور

وقال الامام الرازى فى تفسيره

البحث الثالث: قوله تعالى: { وآتوا حقه يوم حصاده } بعد ذكر الأنواع الخمسة، وهو العنب والنخل، والزيتون، والرمان؛ يدل عى وجوب الزكاة في الكل، وهذا يقتضي وجوب الزكاة في الثمار، كما كان يقوله أبو حنيفة رحمه الله.

فإن قالوا: لفظ الحصاد مخصوص بالزرع فنقول: لفظ الحصد في أصل اللغة غير مخصوص بالزرع، والدليل عليه، أن الحصد في اللغة عبارة عن القطع، وذلك يتناول الكل وأيضاً الضمير في قوله حصاده يجب عوده إلى أقرب المذكورات وذلك هو الزيتون والرمان، فوجب أن يكون الضمير عائداً إليه.
 
الجوهرة السادسة والاربعون بعد المائة

{ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فوقهم وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }


قال الامام القرطبيى فى تفسيره:

وقيل: معنى «يخافون ربهم من فوقهم» يعني الملائكة، يخافون ربهم وهي من فوق ما في الأرض من دابة ومع ذلك يخافون؛ فلأن يخاف مَن دونهم أولى؛
 
الجوهرة السابعة والاربعون بعد المائة

{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ }


قال ابن عطية فی المحرر

والضمير في { قبله } للقصص العام لما في جميع القرآن منه. و { من الغافلين } ، أي عن معرفة هذا القصص. ومن قال: إن الضمير في { قبله } عائد على { القرآن } ، جعل { من الغافلين } في معنى قوله تعالى:
{ ووجدك ضالاً فهدى }
[الضحى: 7] أي على طريق غير هذا الدين الذي بعثت به، ولم يكن عليه السلام في ضلال الكفار ولا في غفلتهم لأنه لم يشرك قط، وإنما كان مستهدياً ربه عز وجل موحداً، والسائل عن الطريق المتخير يقع عليه في اللغة اسم ضال.
 
الجوهرة الثامنة والاربعون بعد المائة

{ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ }

قال الامام السمين الحلبي فى الدرالمصون

والضميرُ في " بها " فيه ستةُ أقوالٍ،

أحدُها: أنه يعودُ على المِلَّة في قوله: { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ } ، قال الشيخ: " وبه ابتدأ الزمخشري، ولم يذكُرِ [المهدوي] وغيرَه " والزمخشري - رحمه الله - لم يذكرْ هذا، وإنما ذَكَرَ عَوْدَه على قوله " أَسَلَمْتُ " لتأويله بالكلمةِ، قال الزمخشري: " والضميرُ في " بها " لقولِه { أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } على تأويلِ الكلمةِ والجملةِ، ونحوُه رجوعُ الضميرِ في قولِه:
{ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً }
[الزخرف: 28] إلى قوله:
{ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي }
[الزخرف: 28] وقولُه " كلمةً باقيةً " دليلٌ على أن التأنيثِ على معنى الكلمة. انتهى.

الثاني: أنَّه يعودُ على الكلمةِ المفهومةِ من قولِه " أَسْلَمْتُ " كما تقدَّم تقريرُه عن الزمخشري: قال ابن عطية: " وهو أصوبُ لأنه أقربُ مذكور ".

الثالثُ: أنه يَعودُ على متأخر، وهو الكلمةُ المفهومةُ مِنْ قولِه: { فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ }. ا

الرابع: أنه يعودُ إلى كلمةِ الإِخلاص وإن لم يَجْرِ لها [ذِكْرٌ].


الخامسُ: أنه يعودُ على الطاعةِ للعلم بها أيضاً.

السادسُ: أنَّه يعودُ على الوصيَّةِ المدلولِ عليها بقوله: " ووصَّى " ، و " بها " يتعلَّق لوصَّى. و " بنِيه " مفعولٌ به.
 
الجوهرة التاسعة والاربعون بعد المائة


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } * { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ }

قال الامام ابن عاشورفى التحرير والتنوير:

وضمير { إنه } عائد إلى القَسم المذكور في { لا أقسم بمواقع النجوم } ،

أو عائداً إلى مواقع النجوم بتأويله بالمذكور فيكون قسم بمعنى مقسم به كما علمت آنفاً.

ويجوز أن يعود إلى المقسم عليه وهو ما تضمنه جواب القسم من قوله: { إنه لقرآن كريم }.




الجوهرة الخمسون بعد المائة


{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } * { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } * { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قال الامام الرازى فى تفسيره:

المسألة الأولى: الضمير في قوله تعالى: { إِنَّهُ } عائد إلى ماذا؟ فنقول: فيه وجهان

أحدهما: إلى معلوم وهو الكلام الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وكان معروفاً عند الكل، وكان الكفار يقولون: إنه شعر وإنه سحر، فقال تعالى رداً عليهم: { إِنَّهُ لَقُرْءانٌ }

الثاني :عائد إلى مذكور وهو جميع ما سبق في سورة الواقعة من التوحيد، والحشر، والدلائل المذكورة عليهما، والقسم الذي قال فيه:
{ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ }
[الواقعة: 76] وذلك لأنهم قالوا: هذا كله كلام محمد ومخترع من عنده، فقال: { إِنَّهُ لَقُرْءانٌ كَرِيمٌ * فِى كِتَـٰبٍ مَّكْنُونٍ }.



الجوهرة الواحدة والخمسون بعد المائة


{ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } *{ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ }

قال الامام ابن الجوزى فى زاد المسير:

قوله تعالى: { في كتاب } فيه قولان.

أحدهما: أنه اللوح المحفوظ، قاله ابن عباس.

والثاني: أنه المصحف الذي بأيدينا، قاله مجاهد، وقتادة.

وفي «المكنون» قولان.

أحدهما: مستور عن الخلق، قاله مقاتل، وهذا على القول الأول.

والثاني: مصون، قاله الزجاج.

قوله تعالى: { لا يمسه إلا المطهرون } من قال: إنَّه اللوح المحفوظ. فالمطهرون عنده: الملائكة، وهذا قول ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وسعيد بن جبير. فعلى هذا يكون الكلام خبراً. ومن قال: هو المصحف، ففي المطهرين أربعة أقوال.

أحدها: أنهم المطهرون من الأحداث، قاله الجمهور. فيكون ظاهر الكلام النفي، ومعناه النهي.

والثاني: المطهرون من الشرك، قاله ابن السائب.

والثالث: المطهرون من الذنوب والخطايا، قاله الربيع بن أنس.

والرابع: أن معنى الكلام: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به، حكاه الفراء انتهي

وقال القرطبي

وقال ٱبن عباس: المراد بمواقع النجوم نزول القرآن نجوماً، أنزله الله تعالى من اللوح المحفوظ من السماء العليا إلى السَّفَرة الكاتبين، فنجّمه السفرة على جبريل عشرين ليلة، ونجمه جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام عشرين سنة، فهو ينزله على الأحداث من أمته؛ حكاه الماوردي عن ٱبن عباس والسّدي. وقال أبو بكر الأنباري: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا حجّاج بن المِنهال حدثنا همّام عن الكلبي عن أبي صالح عن ٱبن عباس قال: نزل القرآن إلى سماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل إلى الأرض نجوماً، وفرق بعد ذلك خمس آيات خمس آيات وأقل وأكثر، فذلك قول الله تعالى: { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ }. وحكى الفراء عن ٱبن مسعود أن مواقع النجوم هو محكم القرآن. وقرأ حمزة والكِسائي «بِمَوْقِعِ» على التوحيد، وهي قراءة عبد الله بن مسعود والنَّخَعي والأعمش وٱبن مُحيصن ورُوَيس عن يعقوب. الباقون على الجمع؛ فمن أفرد فلأنه ٱسم جنس يؤدي الواحد فيه عن الجمع، ومن جمع فلاختلاف أنواعه.

الثالثة: قوله تعالى: { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } قيل: إن الهاء تعود على القرآن؛ أي إن القرآن لقسم عظيم، قاله ٱبن عباس وغيره.

وقيل: ما أقسم الله به عظيم { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } ذكر المقسم عليه؛ أي أقسم بمواقع النجوم إن هذا القرآن قرآن كريم، ليس بسحر ولا كهانة، وليس بمفترى، بل هو قرآن كريم محمود، جعله الله تعالى معجزة لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهو كريم على المؤمنين، لأنه كلام ربّهم، وشفاء صدورهم؛ كريم على أهل السماء؛ لأنه تنزيل ربّهم ووَحْيه. وقيل: { كَرِيمٌ } أي غير مخلوق. وقيل: { كَرِيمٌ } لما فيه من كريم الأخلاق ومعاني الأمور. وقيل: لأنه يُكِّرم حافظه، ويُعظّم قارئه.

الرابعة: قوله تعالى: { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } مصون عند الله تعالى. وقيل: مكنون محفوظ عن الباطل. والكتاب هنا كتاب في السماء؛ قاله ٱبن عباس. وقال جابر بن زيد وٱبن عباس أيضاً: هو اللوح المحفوظ. عِكرمة: التوراة والإنجيل فيهما ذكر القرآن ومن ينزل عليه. السّديّ: الزبور. مجاهد وقتادة: هو المصحف الذي في أيدينا.

الخامسة: قوله تعالى: { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } ٱختلف في معنى { لاَّ يَمَسُّهُ } هل هو حقيقة في المسّ بالجارحة أو معنًى؟ وكذلك ٱختلف في «الْمُطَهَّروُنَ» من هم؟ فقال أنس وسعيد بن جُبير: لا يمسّ ذلك الكتاب إلا المطهَّرون من الذنوب وهم الملائكة. وكذا قال أبو العالية وابن زيد: إنهم الذين طُهِّروا من الذنوب كالرسل من الملائكة والرسل من بني آدم؛ فجبريل النازل به مُطهَّر، والرسل الذين يجيئهم بذلك مُطهَّرون. الكلبيّ: هم السَّفَرة الكرام البرَرَة. وهذا كله قول واحد، وهو نحو ما ٱختاره مالك حيث قال: أحسن ما سمعت في قوله { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } أنها بمنزلة الآية التي في «عَبَسَ وَتَوَلَّى»:
{ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ.فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ.مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ.بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرَامٍ بَرَرَةٍ }
[عبس:12-16] يريد أن المطهَّرين هم الملائكة الذين وصفوا بالطهارة في سورة «عبس». وقيل: معنى «لاَ يَمَسُّهُ» لا ينزل به «إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ» أي الرسل من الملائكة على الرسل من الأنبياء. وقيل: لا يمسّ اللوح المحفوظ الذي هو الكتاب المكنون إلا الملائكة المطهرّون. وقيل: إن إسرافيل هو الموكّل بذلك؛ حكاه القشيري. ٱبن العربي: وهذا باطل لأن الملائكة لا تناله في وقت ولا تصل إليه بحال، ولو كان المراد به ذلك لما كان للاستثناء فيه مجال. وأما من قال: إنه الذي بأيدي الملائكة في الصحف فهو قول محتمل؛ وهو ٱختيار مالك. وقيل: المراد بالكتاب المصحف الذي بأيدينا؛ وهو الأظهر. وقد روى مالك وغيره أن في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسخته: (من محمد النبيّ إلى شُرَحْبيل بن عبد كُلاَل والحرث بن عبد كُلاَل ونُعَيْم بن عبد كُلاَل قَيْل ذي رُعَين ومَعَافر وهَمْدان أما بعد) وكان في كتابه: ألا يمسّ القرآن إلا طاهر. وقال ٱبن عمر: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:" لا تمسّ القرآن إلا وأنت طاهر ".......
 
الجوهرة الثانية والخمسون بعد المائة

{ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ }


قال الامام ابن عطية فى المحرر الوجيز:

وقوله تعالى: { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه } أي قراءة الملك الرسول عنا

وقال الامام ابن عاشور فى التحرير والتنوير:

ومعنى { فاتَّبع قرآنه } ، أي أنْصِتْ إلى قِرَاءتِنَا.

فضمير { قرآنه } راجع إلى ما رجع إليه ضمير الغائب في { لا تُحرك به } وهو القرآن بالمعنى الأسمي،
 
الجوهرة الثالثة والخمسون بعد المائة

{ فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ }

الضمائر وعلم القراءات

ما هو مرجع الضمير المتصل فى عنها؟؟

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله: { فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَانُ عَنْهَا }: المفعولُ هنا واجبُ التقديمِ لأنه ضميرٌ متصلٌ، والفاعلُ ظاهرٌ، وكلُّ ما كان كذا فهذا حكمُه. قرأ حمزة: " فَأَزَالهما " والقِراءتان يُحتمل أن تكونا بمعنىً واحدٍ، وذلك أنَّ قراءةَ الجماعةِ " أَزَلَّهما " يجوز أَنْ تكونَ مِنْ " زَلَّ عن المكان " إذا تَنَحَّى عنه فتكونَ من الزوالِ كقراءَةِ حمزة، ويَدُلُّ عليه قولُ امرئ القيس

:378ـ كُمَيْتٍ يَزِلُّ اللِّبْدُ عن حالِ مَتْنِهِ كما زَلَّتِ الصَّفْواءُ بالمُتَنَزَّلِ

وقال أيضاً:379ـ يَزِلُّ الغلامُ الخِفُّ عن صَهَوَاتِهِ ويَلْوِي بأثوابِ العنيفِ المُثَقَّلِ

فَرَدَدْنا قراءَة الجماعة إلى قراءة حمزة، أو نَرُدُّ قراءَةَ حمزةَ إلى قراءَةِ الجماعة بأَنْ نقول: معنى أزالَهما أي: صَرَفَهُمَا عن طاعةِ الله تعالى فَأَوْقَعَهما في الزَلَّةِ لأنَّ إغواءَه وإيقاعَه لهُما في الزَلَةِ سببُ للزوالِ. ويُحتمل أن تفيدَ كلُّ قراءةٍ معنًى مستقلاً، فقراءةُ الجماعةُ تُؤْذِنُ بإيقاعهما في الزَّلَّةِ، فيكونُ زلَّ استنزل، وقراءةُ حمزة تؤذن بتنحيتِهما عن مكانِهما، ولا بُدَّ من المجازِ في كلتا القراءتينِ لأن الزَّلَل [أصلُه] في زَلَّة القَدَمِ، فاستُعْمِلَ هنا في زَلَّةِ الرأي، والتنحيةُ لا يَقْدِر عليها الشيطانُ، وإنما يَقْدِرُ على الوسوسَةِ التي هي في زَلَّة الرأي، والتحيةُ لا يقْدِر عليها الشيطانُ، وإنما يَقْدِرُ على الوسوسَةِ التي هي سببُ التنحيةِ.

و " عنها " متعلقٌ بالفعلِ قبلَه. ومعنى " عَنْ " هنا السببيَّةُ إن أَعَدْنَا الضميرَ على " الشجرة " أي: أَوْقَعَهما في الزَّلَّةِ بسبب الشجرة.

ويجوز أن تكونَ على بابِها من المجاوزة إن [عاد] الضميرُ على " الجَنَّةِ " ، وهو الأظهرُ، لتقدُّمِ ذِكْرِها، وتجيءُ عليه قراءةُ حمزة واضحةً، ولا تظهَرُ قراءتُهُ كلَّ الظهورِ على كونِ الضميرِ للشجرة، قال ابن عطية: " وأمَّا مَنْ قرأ " أَزَالهما " فإنَّه يعودُ على الجَنَّةِ فقط " ،

وقيل: الضميرُ للطاعةِ أو للحالة أو للسماءِ وإن لم يَجْرِ لها ذِكْرٌ لدَلالةِ السياقِ عليها وهذا بعيدٌ جداً.
 
الجوهرة الرابعة والخمسون بعد المائة

{ الطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

والضميرُ في " عليهِما " عائدٌ على الزوجينِ، أي لا جُنَاحَ على الزوجِ فيما أَخَذَ، ولا على المرأةِ فيما أَعْطَتْ.

وقال الفراء: " إنَّما يعودُ على الزوجِ فقط، وإنما أعادَهُ مُثَنَّى والمرادُ واحِدٌ كقولِهِ تعالى:
{ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ }
[الرحمن: 22]
{ نَسِيَا حُوتَهُمَا }
[الكهف: 61] وقولُه:978 ـ فإنْ تَزْجُرَاني يا بنَ عَفَّانَ أَنْزَجِرْ وإنْ تَدَعاني أَحْمِ عِرْضاً مُمَنَّعَا
وإنما يخرجُ من الملحِ، والناسي يُوشَعُ وحدَه، والمنادى واحدٌ في قوله: " يابنَ عفان
 
الجوهرة الخامسة والخمسون بعد المائة

{ وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }

قال الرازى فى تفسيره:


السؤال الأول: إلام يرجح الضمير في قوله: { وَأُتُواْ بِهِ }؟ الجواب: إن قلنا المشبه به هو رزق الدنيا فإلى الشيء المرزوق في الدنيا والآخرة يعني أتوا بذلك النوع متشابهاً يشبه الحاصل منه في الآخرة ما كان حاصلاً منه في الدنيا،

وإن قلنا المشبه به هو رزق الجنة أيضاً، فإلى الشيء المرزوق في الجنة، يعني أتوا بذلك النوع في الجنة بحيث يشبه بعضه بعضاً

ملحوظة

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقوله تعالى: { كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ } قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة، قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل، قال: إنهم أُتُوا بالثمرة في الجنة، فلما نظروا إليها، قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا، وهكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ونصره ابن جرير، وقال عكرمة: { قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ } قال: معناه: مثل الذي كان بالأمس، وكذا قال الربيع بن أنس. وقال مجاهد: يقولون: ما أشبهه به قال ابن جرير:

وقال آخرون: بل تأويل هذا الذي رزقنا من قبل: ثمار الجنة من قبل هذا؛ لشدة مشابهة بعضه بعضاً؛ لقوله تعالى: { وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَـٰبِهاً } قال سنيد بن داود: حدثنا شيخ من أهل المصيصة عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: يؤتى أحدهم بالصفحة من الشيء، فيأكل منها، ثم يؤتى بأخرى، فيقول: هذا الذي أتينا به من قبل، فتقول الملائكة: كُلْ، فاللون واحد، والطعم مختلف. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير، قال: عشب الجنة الزعفران، وكثبانها المسك، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها، ثم يؤتون بمثلها، فيقول لهم أهل الجنة: هذا الذي أتيتمونا آنفاً به، فتقول لهم الوالدان: كلوا، فاللون واحد، والطعم مختلف، وهو قول الله تعالى: { وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَـٰبِهاً }
 
عودة
أعلى