أفضل ما قيل في القرآن .... أضف قولاً

إنضم
24/04/2003
المشاركات
1,398
مستوى التفاعل
6
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
أيها الإخوة الأفاضل يمر بنا كثيراً كلمات جميلة قالها بعض العلماء والكتاب عن القرآن العظيم وهذه الكلمات مفيدة للباحثين من جهات مختلفة : من جهة النظر والتدبر في هذه الكلمات ، ومن جهة الاستفادة منها في مقدمات البحوث والفصول ، وغير ذلك ..
ولذا فهذه مشاركة في هذا الموضوع وأرجو كل من وجد كلمات في هذا الموضوع أن يضعها هنا أو أن يذكر لنا الإحالة على الأقل وأرجو أن يكون ذلك مفيداً للجميع ...
من أفضل ما قيل في القرآن العظيم

1- قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات : " إن كتاب الله قد تقرر أن كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، وأنه لا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسك بشيء يخالفه. وهذا لا يحتاج إلى تقرير واستدلال عليه؛ لأنه معلوم من دين الأمة. وإذا كان كذلك لزم ضرورة لمن رام الاطلاع على كليات الشريعة وطمع في إدراك مقاصدها، واللحاق بأهلها، أن يتخذه سميره وأنيسه، وأن يجعله جليسه على مر الأيام والليالي، نظراً وعملاً، لا اقتصاراً على أحدهما، فيوشك أن يفوز بالبغية، وأن يظفر بالطلبة، ويجد نفسه من السابقين وفي الرعيل الأول. فإن كان قادراً على ذلك ولا يقدر عليه إلا من زاول ما يعينه على ذلك من السنة المبينة للكتاب وإلا فكلام الأئمة السابقين والسلف المتقدمين آخذ بيده في هذا المقصد الشريف، والمرتبة المنيفة..". [ الموافقات : 3/257.

2- وقال السيوطي رحمه الله : " وإن كتابنا القرآن لهو مفجر العلوم ومنبعها، ودائرة شمسها ومطلعها، أودع فيه سبحانه وتعالى علم كل شيء، وأبان فيه كل هدْيٍ وغي. فترى كل ذي فن منه يستمد وعليه يعتمد ". [ الإتقان : 1 / 39]

3- وقال مصطفى صادق الرافعي رحمه الله : " القرآن : آيات منزلة من حول العرش، فالأرض بها سماء هي منها كواكب، بل الجند الإلهي قد نشر له من الفضيلة علم وانضوت إليه من الأرواح مواكب، أغلقت دونه القلوب فاقتحم أقفالها، وامتنعت عليه ( أعراف ) الضمائر فابتزّ ( أنفالها ) . وكم صدوا عن سبيله صداً، ومن ذا يدافع السيل إذا هدر؟
واعترضوه بالألسنة رداً ولمعري من يرد على القدر؟
وتخاطروا له بسفائهم كما تخاطرت الفحول بأذناب ، وفتحوا عليه من الحوادث كلَّ شدق فيه من كل داهية ناب.
فما كان إلا نور الشمس : لا يزال الجاهل يطمع في سرابه ثم لا يضع منه قطرة في سقائه ، ويلقى الصبي غطاءه ليخفيه بحجابه ثم لا يزال النور ينبسط على غطائه...
ألفاظ إذا اشتدت فأمواج البحار الزاخرة، وإذا هي لانت فأنفاس الحياة الآخرة... ومعان بينا هي عذوبة ترويك من ماء البيان ، ورقة تستروح منها نسيم الجنان ..." الخ [ إعجاز القرآن : 29 ـ 30 ] .

أرجو من الإخوة الأفاضل إتحافنا بما مر عليهم من النقولات ..
والله يرعاكم ..
 
في وصف الوليد بن المغيرة لما سمع القرآن - كما هو مشهور - :
إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى .
 
نص قصة الوليد :

نص قصة الوليد :

عن ابن عباس رضي الله عنهما :
( أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفرٌ من قريش ، وكان ذا سنٍّ فيهم ، وقد حضر الموسمُ ، فقال : إن وفود العرب ستقدم عليكم وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأياً واحداً ، ولا تختلفوا فيه فيكذب بعضكم بعضاً ، ويرد قول بعضكم بعضاً . فقيل : يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأياً نقول به . قال : بل أنتم فقولوا وأنا أسمع . فقالوا : نقول كاهن ، فقال : ما هو بكاهن ... فقالوا : مجنون : فقال : ما هو بمجنون ... فقالوا : نقول شاعر : فقال : ما هو بشاعر ... قالوا : فنقول هو ساحر ، قال : ما هو بساحر . قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس؟! .. قال : والله إن لقوله لحلاوة وإن أصله لغدق ، وإن فرعه لجنى ، فما أنتم بقائلين شيئاً من هذا إلا عُرف أنه باطل ، وإن أقرب القول لأن تقولوا هذا ساحر ، فتقولون : هو ساحر يفرق بين المرء ودينه ، وبين المرء وأبيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وأخيه ... فتفرقوا عنه بذلك فجعلوا يجلسون للناس حتى قدموا الموسم ، فلا يمر بهم أحد إلا حذّروه إياه ، وذكروا لهم أمره ) .

هذه إحدى الروايات في القصة .

ولعل الإخوة يزيدون أيضاً كلمات أخرى جميلة في وصف القرآن والثناء عليه من العلماء والكتَّاب وغيرهم .
وشكراً لكم أخي الكريم خالد الباتلي على هذه المشاركة .
 
4- قال الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني في وصف القرآن :

فإذا هو محكم السبك ، متين الأسلوب ، قويُّ الاتصال ، آخذٌ بعضه برقاب بعض في سوره وآياته وجمله ، يجري دمُ الإعجاز فيه كله من ألفه إلى يائه كأنه سبيكة واحدة ، ولا يكاد يوجد بين أجزائه تفكك ولا تخاذل كأنه حلقة مُفرغة ! وكأنه شِمْطٌ وحيد وعقد فريد يأخذ بالأبصار ، نُظِّمت حروفه وكلماته ن ونُسِّقت جمله وآياته ن وجاء آخره مساوِقاً لأوله وبد أوله مواتياً لآخره . ( 1 / 63 ).

ويقول رحمه الله فيه أيضاً:

محكم الاتصال والترابط ، متين النسج والسرد ، متآلف البدايات والنهايات ، مع خضوعه في التأليف لعوامل خارجة عن مقدور البشر . (السابق )

وقال أيضاً :

كتاب فاق الكتب ، وكلام بزَّ سائر ضروب الكلام ، وبلغ في سموه وتفوقه حدود الإعجاز والإفحام ، من ناحية الفصاحة والبلاغة وما يحمل لها من أسرار ..
(1 / 84 )


وقال أيضاً :

فالقرآن يمتاز بمسحة بلاغية خاصة ، وطابع بياني فريد ، لا يترك باباً لأن يلتبس بغيره أو يشتبه بسواه ، ولا يُعطي الفرصة لأحد أن يعارضه أو يحوم حول حماه ، بل من خاصمه خُصِم ، ومن عارضه قُصِم ، ومن حاربه هُزِم ..
( 1 / 89 ) .
 
وهذه مني ترحيبا بالمنتدى وأهله

وهذه مني ترحيبا بالمنتدى وأهله

ومن أفضل ما قيل في القرآن ماقاله الإ مام الشاطبي ـ رحمه الله ـ في مقدمة حرز الأماني :
[poem=font="Traditional Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وإن كتاب الله أوثق شافع = وأغنى غناء واهبا متفضلا
وخير جليس لا يمل حديثه = وترداده يزداد فيه تجملا
وحيث الفتى يرتاع في ظلماته = من القبر يلقاه سنا متهللا
هنالك يهنيه مقيلا وروضة = ومن أجله في ذروة العز يجتلى
يناشد في إرضائه لحبيبه = وأجدر به سؤلا إليه موصلا [/poem]
 
و قال أبو علي أحمد بن محمد المرزوقي رحمه الله المتوفى سنة 421هـ هـ ، في صدر كتابه (الأزمنة والأمكنة) وهو يتحدث عن (عِظَمِ شأنِ القُرآنِ) :
(اعلم أَنَّ الله تعالى عَظَّمَ شأنَ القرآن ، وفَضَّلَ بيانَهُ بالنَّظمِ العجيبِ ، والتأليف الرصيف على سائر الكلام، وإن وافقه في مبانيه، ومعانيه ثم أودعه من صنوف الحكم، وفنون الآداب والعذر، وجوامع الأحكام والسير، وطرائف الأمثال والعبر، ما لا يقف على كنهه ذوو القرائح الصافية، ولا في بعد فوائده أولو المعارف الوافية، وإن تلاحقت آلاتهم، وتوافقت أسباب التفهم والافهام فيهم، فترى المشتغل به المتأمل له، وقد صرف فكره إليه، وقصر ذكره عليه، قد يجد نفسه أحياناً فيه بصورة من لم يكن سمعه، أو كان بعد السماع نسيه استغراباً لمراسمه، واستجلاء لمعالمه، وذلك أنه تعالى لما أنزله ليفتتح بتنزيله التحدي به إلى الأبد، ويختتم بترتيله وآدابه النذارة إلى انقضاء السند، على ألسن الرسل، جعله من التنبيهات الجلية والخفية، والدلالات الظاهرة والباطنة ما قد استوى في إدراك الكثير منها العالم بالمقلد، والمتدبر، والمهمل.
وإن كان في أثنائه أغلاق لا تتفتح الأشياء بعد شيء بأفهام ثاقبة، وفي أزمان متباينة، ليتصل أمد الإعجاز به إلى الأجل المضروب لسقوط التكليف، ولتجدد في كل أوان بعوائده وفوائده ما يهيج له بواعث الأفكار، ونتائج الاعتبار... ). الخ ما قاله .
وهو فصل طويل نفيس تجده هناك ، وهو في غير مظنته من كتب التفسير والإعجاز كما ترى . والمرزوقي عالم جليل ، وأديب ذواقة ، وهو صاحب (الأمالي) ، و(شرح حماسة أبي تمام) الذي يُعَدُّ أفضلَ شروح الحماسة فيما أعلم.
 
قال أحمد شوقي في قصيدته نهج البردة يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم ويصف القرآن:

[poem=font="Traditional Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
جاء النبيون بالآيات فانصرمت = وجئتنا بحكيم غير منصرمِ
آياتهُ كلما طال المدى جُدُدٌ = يزينهن جلالُ العتق والقِدَمِ
يكاد في لفظة منه مشرفة = يوصيك بالحق والتقوى وبالرحمِ[/poem]
انظر : الموسوعة الشوقية 5/76-77
 
كلام قديم لا يمل سماعــــه *** تنزه عـن قـــول وفعل ونيتــــي
به أشتفي من كل داء ونوره *** دليل لقلبي عند جهلي وحيرتي
فيا ربِّ متعني بسر حروفه *** ونوِّر به سمعي وقلبـي ومقلتي


منقول عن أحد المواقع
 
روضة قال:
كلام قديم لا يمل سماعــــه *** تنزه عـن قـــول وفعل ونيتــــي
به أشتفي من كل داء ونوره *** دليل لقلبي عند جهلي وحيرتي
فيا ربِّ متعني بسر حروفه *** ونوِّر به سمعي وقلبـي ومقلتي


منقول عن أحد المواقع

البيت الأول فيه إشكال ، ويحتاج إلى شرح وإيضاح ؛ فمن يبينه لنا مشكوراً.
 
و كذلك قول منزله سبحانه
(( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم و يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم
أجرا كبيرا ))
و قول من أنزل عليه ( اقرؤا القرآن , فإنه يجيء يوم القيامة شفيعا لأصحابه )
أرجو التصحيح ان اخطأت
--------------------------------------------------------------
====================================
 
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ..

ما ألطف هذا الموضوع ، وما أعذبه على النفس ، وكم ترتاح لقراءته العيون ، وتطرب لسماعه الآذان ، كيف لا وهو يُخرج لآلئ الكَلِم ، وحلو المنطق ، وعذب الحروف ، وعسل النغم لكلام في وصف كلام ربنا ومولنا جلَّ في علاه .
فجزى الله الأخالكريم على هذه المباردة الطيبة ، نفع به ونفعنا بما سُطِّر ، إنه سبحانه خير مسؤول .
وأقول : إن كتاب ربنا قد حوى علماً لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ، ولكنَّ الهمم تقاصرتْ في النيل والاستزادة من مَنْهل أحكامه وفوائده ، كيف لا والحق سبحانه يقول : {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }[ النحل : 89 ]
فكتاب ربنا مُلئ علماً وحِكَماً ، ونفائس عالية ، وجواهر كثيرة غالية ، ومن لطيف ما وقفت عليه بين طيات الأوراق ، وكداسات الصفحات ، مما أودعتُه بعض المصنفات :

_ يقول الأستاذ العلاَّمة سيد قطب رحمه الله : " إنَّ هذا القرآنُ لا يمنح كنوزه إلا لمن يُقبِلُ عليه " [ معالم في الطريق ( 18 ) ]

_ ومن نفائس العلاّمة الأديب سيد قطب رحمه الله : " إن هذا القرآن لا يعطي سرِّه إلا للذين يخوضون به المعركة ، ويجاهدون به جهاداً كبيرا " [ أعلام الدعوة والحركة الإسلامية (671 ) عبد الله العقيل .]

_ ويقول الشِّبْلِي رحمه الله حين كتب عن فضل الاستشفاء بالرقية الشرعية من كتاب ربنا قال :
" وفي التطبب والاستشفاء بكتاب الله عز وجل غنى تام ، ومقنع عام ، وهو النور والشفاء لما في الصدور ، والوقاء الدافع لكل محذور ، والرحمة للمؤمنين من الأحياء وأهل القبور ، وفقنا الله لإدراك معانيه ، وأوقفنا عند أوامره ونواهيه ، ومن تدَّبر من آيات الكتاب من ذوي الألباب وقف على الدواء الشافي لكل داء مواف ، سوى الموت الذي هو غاية كل حي " آكام المرجان ( 102 )

_ ويأتي البحر البليغ ليسطِّر وينقش سلاسة كَلِمِه من غير تكلُّف ولا عناء ، ليقول :
" وإنك لتمرُّ بالآية الواحدة ، فتتأمَّلها وتتدبَّرها ، فتنهال عليك معانٍ كثيرة ، يسمح بها التركيب على اختلاف الاعتبارات في أساليب الاستعمال العربي ، وقد تتكاثر عليك ! فلا تكُ من كثرتها في حَصَر ، ولا تجعل الحمل على بعضها منافياً للحمل على البعض الآخر إن كان التركيب سمْحاً بذلك " التحرير والتنوير ( 1/ 97 )

_ وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " القرآنُ حمَّالٌ ذو وجوه " السيوطي في الإتقان ( 1/410 ) وقال ابن الأثير : أي ذو معانٍ مختلفة .

_ وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : " لا تفقه كلَّ الفقه ؛ حتى ترى القرآن وجوهاً "

_ ثم ما أرق لفظ الراغب رحمه الله ، وما أجزل معانيه _ لله درُّه _ حين جاد بهاته الصُّبَابة
: ( أن القرآن - وإن كان لا يخلو الناظر فيه من نور ما يريه ونفع ما يوليه – فإنه : :
[align=center]كالبدر من حيثُ التفتَّ رأيتَه يهدي إلى عينيك نوراً ثاقبا
كالشمس في كبد السماء وضوءُها يَغشى البلاد شارقاً ومغاربا
[/align]
لكن محاسن أنواره لا يثقفها إلا البصائر الجلية ، وأطايب ثمره لا يقطفها إلا الأيدي الزكية ومنافع شفائه لا ينالها إلا النفوس النقية ،كما صرح تعالى به فقال في وصف متناوليه : { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ* لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }
وقال في وصف سامعيه : { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}
"
( المفردات 54 )

وبعدُ : فالقرآن كالجوهرة ؛ فكلما قلَّبْتَ فيه النظر ، تبيَّن لك لوناً رائقا ، وجوهراً فائقا ، ألا فلْيَهْنَء المسلمون بكتاب ربهم وليرجعوا له ؛ فيهنؤوا ، وقد وعدهم ربهم أنَّ فيه الهدى والرحمة والبشرى ؛ فيا وَيْحَهم ! كيف تتقاصر هممهم عن كنوزه ولآلئه ، وتقعد عزائمهم عن النيل من جواهره ودرره وياقوته .
والله إنَّ المغبون كل الغبن من قعد عنه ولم ينهض به شرفاً وعلماً وفهماً وتدبراً ، ولكن لا يعقلها إلا العالمون .
فنسأل الله ربنا أن يرزقنا فهماً في كتابه وعملاً بما فيه على منهاج النبوة المحمدية ، والسلف الصالح رضوان الله عليهم إنه سبحانه خير مسؤول .

والله أعلم .
 
ومن جميل ما قيل عن القرآن شعراً :
لا تذكر الكتب السوالف عنده ... ... ... طلع الصباح ،فأطفئ القنديلا
 
ومن جميل ما قيل في القرآن كلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث اشتملت خطبته على هذا النص الذي فيه :(وإن كتاب الله بين أظهرنا وهو النور والشفاء وبه هدى الله محمدا صلى الله عليه وسلم وفيه حلال الله وحرامه)كنز العمال1/407
وكذلك قول الشاعر:
وإن كتــــــاب الله أعظم آيةٍ *** بها افتضح المرتاب وابتأس الشاني
وعدي على شأو البليغ بيانه *** فهيـهــات منه سجــــع قس وسحبانِ
 
ومن أبلغ ما وصف به القرآن ،الحديث الذي روي مرفوعاً ،وروي موقوفاً ـ وهو أصح ـ عند الترمذي وغيره من حديث علي رضي الله عنه قال :
"كِتَابُ اللَّهِ : فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ ،
وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ ،
وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ،وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ ،
مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ ،
وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ ،
وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ ،
وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ ،وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ،
هُوَ الَّذِي لا تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ ،
وَلا تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ ،
وَلا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ ،
وَلا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ ،
وَلا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ،
هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا: { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ }،
مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ ،
وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ ،
وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ ،
وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ".
 
[poem=font="Simplified Arabic,6,,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://vb.tafsir.net/images/toolbox/backgrounds/23.gif" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وَأَيّده بِالمُعجزات أدلّةًً=عَلى بَعثِهِ حقّاً بِدونِ اِفتِراءِ
وَمِنها كتاب اللَّه وَهوَ أَجلُّها=كَلام قَديم مُعجِز البلغاءِ
فَقَد عَجزوا عَن أَن يَجيئوا بِمِثلهِ =وَهُمْ حينَئذ مِن أَفصَحِ الفُصَحاءِ[/poem]

وهذه الأبيات الثلاثة من البحر الطويل
ومن قصيدة رائعة طويلة في مدح المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وهي للمفتي فتح الله
? - 1260 هـ / ? - 1844 م
وهو عبد اللطيف بن علي فتح الله.
أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء..
 
قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( ينبغي لقارىء القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ،

وبنهاره إذا الناس مفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون ،

وبورعه إذا الناس يخلطون ، وبصمته إذا الناس يخوضون ،

وبخضوعه إذا الناس يختالون ، وبحزنه إذا الناس يفرحون ... ) .

وقال أيضا : ( إذا أردتم العلم فانثروا القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين ) .

وقال أيضا : ( لا تهذوا القرآن هذ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل

- أي التمر الرديء وفي رواية الرمل -

قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ،

ولا يكن هم أحدكم آخر السورة ) .
 
مقولات جميلة ونقولات متميزة ورمضان فرصة للوقوف أكثر مع القرآن واقتباس المزيد من الأوصاف البليغة للقرآن العظيم
 
قال أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي ( ت : 429 هـ ):

( القرآن هو النور المبين ، والحق المستبين ، حبل الله الممدود وعهده المعهود ، وظِلّه العميم ، وصراطه المستقيم ، وحجته الكبرى ، ومحجته الوسطى ، هو الضياء الساطع ، والبرهان القاطع ، هو الواضح سبيله ، الراشد دليله ، الذي من استضاء بمصابيحه أبصر ونجا ، ومن أعرض عنها زلّ وهوى ، فضائل القرآن لا تستقصى في ألف قران ، حجة الله وعهده ، ووعيده ووعده ، يتبين تبيانه من استغلقت دونه المعضلات ، ويستضيء بمصابيحه من غُمَّ عليه في المشكلات ).

[align=left][ لباب الآداب : 174 ] .[/align]
 
من كلام الباقلاني في كتابه (إعجاز القرآن):
تجد فيه (الحكمة وفصل الخطاب مَجْلُوَّةً عليك في منظر بهيج، ومعرض رشيق، ونظم أنيق غير مُتَعَاصٍ على الأسماع، ولا ملتوٍ على الأفهام، ولا مستكرَهٍ في اللفظ، يَمُرّ كما يمرُّ السهم، ويضيء كما يضيء الفجر، ويذخَرُ كما يذخَر البحر)

ومن كلامه أيضا في نفس الكتاب:
(الكلام يَبِينُ فضلُه ورجحانُ فصاحته بأن تُذكَرَ منه الكلمةُ في تضاعيف كلام، أو تقذَف ما بين شِعْرٍ فتأخذُه الأسماع، وتتشوّفُ إليه النفوس، ويُرى وجه رونقه باديًا غامراً في سائر ما يُقرَنُ به، كالدرّة التي تُرى في سِلْكٍ من خَرَز، وكالياقوتة وسط العِقْد.. وأنت ترى الكلمة من القرآن يُتمثَّلُ بها في تضاعيف كلامٍ كثيرٍ، فإذا هي غُرّةُ جميعه وواسطةُ عِقده، والمنادِي على نفسه بتمييزه، وتخصّصه برونقه وجماله).

ومن كلام بديع الزمان النورسي في كتابه (الكلمات) - الكلمة الخامسة والعشرون:
(هذه البلاغة المعجزة نَبعت من جزالة نظم القرآن وحسن متانته، ومن بداعة أساليبه وغرابتها وجودتها، ومن براعة بيانه وتفوقه وصفوته، ومن قوة معانيه وصدقها، ومن فصاحة ألفاظه وسلاستها).
 
ومن عجيب كلام ابن القيم رحمه الله

ومن عجيب كلام ابن القيم رحمه الله

وما أحسن ما عبر عن الإمام ابن القيم حين قال: "فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن،
وإطالة التأمل، وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما.
وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما، ومآل أهلهما، وتَتُل (تضع) في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة. وتثبت قواعد الإيمان في قلبه. وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم. وتبصره مواقع العبر. وتشهده عدل الله وفضله.
وتعرفه ذاته، وأسماءه وصفاته وأفعاله، وما يحبه وما يبغضه، وصراطه الموصل إليه، وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه،
وقواطع الطريق وآفاتها. وتعرفه النفس وصفاتها، ومفسدات الأعمال ومصححاتها وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم، وأحوالهم وسيماهم. ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه. وافتراقهم فيما يفترقون فيه. وبالجملة تعرفُهُ الرب المدعو إليه، وطريق الوصول إليه، وما له من الكرامة إذا قدم عليه".
 
من عجيب كلام التستري رحمه الله

من عجيب كلام التستري رحمه الله

وقال سهل بن عبد الله التستري : " لو أعطي العبد بكل حرف من القرآن ألف فهم لم يبلغ نهاية ما أودع الله في آية من كتابه لأنه كلام الله وكلامه صفته وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه .. " انتهى كلامه يرحمه الله
 
من مدارج السالكين

من مدارج السالكين

قال ابن القيم رحمه الله تعالى في مقدمة مدارج السالكين
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين وإله المرسلين وقيوم السماوات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين الفارق بين الهدى والضلال والغي والرشاد والشك واليقين أنزله لنقرأه تدبرا ونتأمله تبصرا ونسعد به تذكرا ونحمله على أحسن وجوهه ومعانيه ونصدق به ونجتهد على إقامة أوامره ونواهيه ونجتني ثمار علومه النافعة الموصلة إلى الله سبحانه من أشجاره ورياحين الحكم من بين رياضه وأزهاره فهو كتابه الدال عليه لمن أراد معرفته وطريقه الموصلة لسالكها إليه ونوره المبين الذي أشرقت له الظلمات ورحمته المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات والسبب الواصل بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب وبابه الأعظم الذي منه الدخول فلا يغلق إذا غلقت الأبواب وهو الصراط المستقيم الذي لا تميل به الآراء والذكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء والنزل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء لا تفنى عجائبه ولا تقلع سحائبه ولا تنقضي آياته ولا تختلف دلالاته كلما ازدادت البصائر فيه تأملا وتفكيرا زادها هداية وتبصيرا وكلما بجّست معينه فجر لها ينابيع الحكمة تفجيرا فهو نور البصائر من عماها وشفاء الصدور من أدوائها وجواها وحياة القلوب ولذة النفوس ورياض القلوب وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح والمنادي بالمساء والصباح يا أهل الفلاح حي على الفلاح نادى منادى الإيمان على رأس الصراط المستقيم (46:31 {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}.
أسمع والله لو صادف آذانا واعية وبصر لو صادف قلوبا من الفساد
خالية لكن عصفت على القلوب هذه الأهواء فأطفأت مصابيحها وتمكنت منها آراء الرجال فأغلقت أبوابها وأضاعت مفاتيحها وران عليها كسبها فلم تجد حقائق القرآن إليها منفذا وتحكمت فيها أسقام الجهل فلم تنتفع معها بصالح العمل
واعجبا لها كيف جعلت غذاءها من هذه الآراء التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولم تقبل الإغتذاء بكلام رب العالمين ونصوص حديث نبيه المرفوع أم كيف اهتدت في ظلم الآراء إلى التمييز بين الخطأ والصواب وخفى عليها ذلك في مطالع الأنوار من السنة والكتاب؟.
واعجبا! كيف ميزت بين صحيح الآراء وسقيمها ومقبولها ومردودها وراجحها ومرجوحها وأقرت على أنفسها بالعجز عن تلقى الهدى والعلم من كلام من كلامه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو الكفيل بإيضاح الحق مع غاية البيان وكلام من أوتي جوامع الكلم واستولى كلامه على الأقصى من البيان.
كلا بل هي والله فتنة أعمت القلوب عن مواقع رشدها وحيرت العقول عن طرائق قصدها يربى فيها الصغير ويهرم فيها الكبير.
وظنت خفافيش البصائر أنها الغاية التي يتسابق إليها المتسابقون والنهاية التي تنافس فيها المنافسون وتزاحموا عليها وهيهات أين السّهى من شمس الضحى وأين الثرى من كواكب الجوزاء وأين الكلام الذي لم تضمن لنا عصمة قائله بدليل معلوم من النقل المصدق عن القائل المعصوم وأين الأقوال التي أعلا درجاتها أن تكون سائغة الإتباع من النصوص الواجب على كل مسلم تقديمها وتحكيمها والتحاكم إليها في محل النزاع وأين الآراء التي نهى قائلها عن تقليده فيها وحذر من النصوص التي فرض على كل عبد أن يهتدي بها
ويتبصر؟ وأين المذاهب التي إذا مات أربها فهي من جملة الأموات من النصوص التي لا تزول إذا زالت الأرض والسماوات؟.
سبحان الله ماذا حرم المعرضون عن نصوص الوحي واقتباس العلم من مشكاته من كنوز الذخائر وماذا فاتهم من حياة القلوب واستنارة البصائر قنعوا بأقوال استنبطتها معاول الآراء فكرا وتقطعوا أمرهم بينهم لأجلها زبرا وأوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا فاتخذوا لأجل ذلك القرآن مهجورا.
درست معالم القرآن في قلوبهم فليسوا يعرفونها ودثرت معاهده عندهم فليسوا يعمرونها ووقعت ألويته وأعلامه من أيديهم فليسوا يرفعونها وأفلت كواكبه النيرة من آفاق نفوسهم فلذلك لا يحبونها وكسفت شمسه عند اجتماع ظلم آرائهم وعقدها فليسوا يبصرونها.
خلعوا نصوص الوحي عن سلطان الحقيقة وعزلوها عن ولاية اليقين وشنوا عليها غارات التأويلات الباطلة فلا يزال يخرج عليها من جيوشهم كمين بعد كمين نزلت عليهم نزول الضيف على أقوام لئام فعاملوها بغير ما يليق بها من الإجلال والإكرام وتلقوها من بعيد ولكن بالدفع في صدورها والأعجاز وقالوا مالك عندنا من عبور وإن كان ولا بد فعلى سبيل الاجتياز أنزلوا النصوص منزلة الخليفة في هذا الزمان له السكة والخطبة وماله حكم نافذ ولا سلطان المتمسك عندهم بالكتاب والسنة صاحب ظواهر مبخوس حظه من المعقول والمقلد للآراء المتناقضة المتعارضة والأفكار المتهافتة لديهم هو الفاضل المقبول وأهل الكتاب والسنة المقدمون لنصوصها على غيرها جهال لديهم منقوصون (2:13 {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ}.
حرموا والله الوصول بعدولهم عن منهج الوحي وتضييعهم الأصول

وتمسكوا بأعجاز لا صدور لها فخانتهم أحرص ما كانوا عليها وتقطعت بهم أسبابها أحوج ما كانوا إليها حتى إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور وتميز لكل قوم حاصلهم الذي حصلوه وانكشفت لهم حقيقة ما اعتقدوه وقدموا على ما قدموه 39:48 {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} وسقط في أيديهم عند الحصاد لما عاينوا غلة ما بذروه.
فيا شدّة الحسرة عند ما يعاين المبطل سعيه وكده هباءا منثورا ويا عظم المصيبة عند ما يتبين بواراق أمانيه خلبا وآماله كاذبة غرورا فما ظن من انطوت سريرته على البدعة والهوى والتعصب للآراء بربه يوم تبلى السرائر؟ وما عذر من نبذ الوحيين وراء ظهره في يوم لا تنفع الظالمين فيه المعاذر؟.
أفيظن المعرض عن كتاب ربه وسنة رسوله أن ينجو من ربه بآراء الرجال أو يتخلص من بأس الله بكثرة البحوث والجدال وضروب الأقيسة وتنوع الأشكال أو بالإشارات والشطحات وأنواع الخيال؟.
هيهات والله لقد ظن أكذب الظن ومنته نفسه أبين المحال وإنما ضمنت النجاة لمن حكم هدى الله على غيره وتزود التقوى وائتم بالدليل وسلك الصراط المستقيم واستمسك من الوحي بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها والله سميع عليم.
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قال الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله تعالى :

[poem=font="Arabic Transparent,5,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/1.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
فللعمل الإِخلاص شرط إذا أتى = وقد وافقته سنة وكتاب
وقد صين عن كل ابتداع وكيف ذا = وقد طبق الآفاق منه عباب
فلم يبقى للراجي سلامة دينه = سوى عزلة فيها الجليس كتاب
كتاب حوى كل العلوم وكل ما = حواه من العلم الشريف صواب
فإن رمت تاريخًا رأيت عجائبًا = ترى آدمًا إذ كان وهو تراب
ولاقيت هابيلاً قتيل شقيقه = يواريه لما أن أراه غراب
وتنظر نوحًا وهو في الفلك إذ طغى = على الأرض من ماء السحاب عباب
وإن شئت كل الأنبياء وقومهم = وما قال كل منهم وأجابوا
ترى كل من تهوى من القوم مؤمن = وأكثرهم قد كذبوه وخابوا
وجنات عدن حورها ونعيمها = وناد بها للمسرفين عذاب
فتلك لأصحاب التقى ثم هذه = لكل شقي قد حواه عقاب
وإن ترد الوعظ الذي إن عقلته = فإن دموع العين عنه جواب
تجده وما تهواه من كل مشرب = فللروح منه مطعم وشراب
وإن رمت إبراز الأدلة في الذي = تريد فما تدعو إليه تجاب
تدل على التوحيد فيه قواطع = بها قطعت للملحدين رقاب
وفيه الدواء من كل داء فثق به = فوالله ما عنه ينوب كتاب
وما مطلب إلا وفيه دليله = وليس عليه للذكي حجاب
أطيلوا على السبع الطوال وقوفكم = تدر عليكم بالعلوم سحاب
وكم من ألوف في المئين فكن بها = ألوفًا تجد ما ضاق عنه حساب
وفي طي أثناء المثاني نفائس = يطيب بها نشر ويفتح باب
وكم من فصول في الفصل قد حوت = أصولاً إليها للذكي إياب

وفي رقية الصحب الدين= قضية وقدرها المختار حين أصابوا
ولكن سكان البسيطة أصبحوا= كأنهم عما حواه غضاب
فلا يطلبون الحق منه وإنما= يقولون من يتلوه فهو مثاب
فإن جاءهم فيه الدليل موافقا= لما كان للآباء إليه ذهاب
رضوه وإلا قيل هذا مأول= ويركب للتأويل فيه صعاب
تراه أسيرا كل حبر يقوده= إلى مذهب قد قررته صحاب
أتعرض عنه عن رياض أريضة= وتعتاض جهلا بالرياض مضاب
يريك صراطا مستقيما وغيره= مفاوز جهل كلها وشعاب
تزيد على مر الجديدين جدة= فألفاظه مهما تلوت عذاب
وآياته في كل حين طرية=وتبلغ أقصى العمر وهي كعاب
ففيه هدى للعالمين ورحمة=وفيه علوم جمة وثواب
فكل كلام غيره القشر لا سوى= وذا كله عند اللبيب لباب
دعوا كل قول غيره وسوى الذي= أتى عن رسول الله فهو صواب
وعضوا عليه بالنواجذ واصبروا= عليه ولو لم يبق في الفم ناب
تروا كل ما ترجون من أي مطلب= إذا كان فيكم همة وطلاب
أطيلوا على السبع الطوال وفوقكم= تدر عليكم بالعلوم سحاب
وكم من فصول في المفصل قدحوت= أصولا إليها للذكي مآب
وما كان في عصر الرسول وصحبه= سواه لهدي العالمين كتاب.[/poem]

هذه القصيدة وجدتها منشورة في كتاب: " الحطة في ذكر الصحاح الستة " الصفحة 39 .
المؤلف / بو الطيب السيد صديق حسن القنوجي
دار النشر / دار الكتب التعليمية - بيروت - 1405هـ/ 1985م
الطبعة: الأولى
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الباحث في القرآن والسنة: علي بن نايف الشحود
من مقدمة كتابه : " الإعجاز اللغوي والبياني في القرآن الكريم "


'' فهذا القرآن ليس ألفاظا وعبارات يحاول الإنس والجن أن يحاكوها . إنما هو كسائر ما يبدعه الله يعجز المخلوقون أن يصنعوه . هو كالروح من أمر الله لا يدرك الخلق سره الشامل الكامل , وإن أدركوا بعض أوصافه وخصائصه وآثاره .
والقرآن بعد ذلك منهج حياة كامل . منهج ملحوظ فيه نواميس الفطرة التي تصرف النفس البشرية في كل أطوارها وأحوالها , والتي تصرف الجماعات الإنسانية في كل ظروفها وأطوارها . ومن ثم فهو يعالج النفس المفردة , ويعالج الجماعة المتشابكة , بالقوانين الملائمة للفطرة المتغلغلة في وشائجها ودروبها ومنحنياتها الكثيرة . يعالجها علاجا متكاملا متناسق الخطوات في كل جانب , في الوقت الواحد , فلا يغيب عن حسابه احتمال من الاحتمالات الكثيرة ولا ملابسة من الملابسات المتعارضة في حياة الفرد وحياة الجماعة . لأن مشرع هذه القوانين هو العليم بالفطرة في كل أحوالها وملابساتها المتشابكة .
أما النظم البشرية فهي متأثرة بقصور الإنسان وملابسات حياته . ومن ثم فهي تقصر عن الإحاطة بجميع الاحتمالات في الوقت الواحد ; وقد تعالج ظاهرة فردية أو اجتماعية بدواء يؤدي بدوره إلى بروز ظاهرة أخرى تحتاج إلى علاج جديد !
إن إعجاز القرآن أبعد مدى من إعجاز نظمه ومعانيه , وعجز الإنس والجن عن الإتيان بمثله هو عجز كذلك عن إبداع منهج كمنهجه يحيط بما يحيط به '' .
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

من مقدمة كتاب : لمسات بيانية في نصوص من التنزيل
للدكتور / فاضل صالح السامرائي - حفظه الله -


'' إن إعجاز القرآن أمر متعدد النواحي متشعب الإتجاهات ومن المتعذر أن ينهض لبيان الإعجاز القرآني شخص واحد ولا حتى جماعة في زمن ما مهما كانت سَعَةُ علمهم واطلاعهم وتعدد اختصاصاتهم إنما هم يستطيعون بيان شيء من أسرار القرآن في نواح متعددة حتى زمانهم هم، ويبقى القرآن مفتوحاً للنظر لمن يأتي بعدنا في المستقبل ولما يجدّ من جديد. وسيجد فيه أجيال المستقبل من ملامح الإعجاز وإشاراته ما لم يخطر لنا على بال.
وأضرب مثلاً لتعدد نواحي الإعجاز فإني سمعت وقرأت لأشخاص مختصين بالتشريع والقانون يبيّنون إعجاز القرآن التشريعي، ويبينون اختيارات الألفاظ التشريعية في القرآن ودقتها في الدلالة على دقة التشريع ورفعته ما لا يصح استبدال غيرها بها، وإن اختيار هذه الألفاظ في بابها أدق وأعلى مما نبيّن نحن من اختيارات لغوية وفنية وجمالية.
وقرأت وسمعت لأشخاص متخصصين بعلم التشريح والطب في بيان شيء من أسرار التعبير القرآني من الناحية الطبية التشريحية ودقتها يفوق ما نذكره في علم البلاغة. فألفاظه مختارة في منتهى الدقة العلمية. من ذلك على سبيل المثال إن ما ذكره القرآن من مراحل تطور الجنين في الرحم هي الذي انتهى إليها العلم مما لم يكن معروفاً قبل هذا العصر مما دعا علماء أجانب إلى أن يعلنوا إسلامهم.
وقرأت فيما توصل إليه علم التاريخ وما دلت عليه الحفريات الحديثة من أخبار ذي القرنين أدق الكلام وأدق الأخبار ما لم يكن يعرفه جميع مفسري القرآن فيما مضى من الزمان. وأن الذي اكتشفه المؤرخون والآثاريون وما توصلوا إليه في هذا القرن منطبق على ما جاء في القرآن الكريم كلمةً كلمة ولم يكن ذلك معلوماً قبل هذا القرن البتة.
وقرأت في اختيار التعبير القرآني لبعض الكلمات التاريخية كـ (العزيز) في قصة يوسف، وكاختيار تعبير الملك في القصة نفسها، واختيار كلمة (فرعون) في قصة موسى، فعرفت أن هذه ترجمات دقيقة لما كان يُستعمل في تلك الأزمان السحيقة فـ (العزيز) أدق ترجمة لمن يقوم بذلك المنصب في حينه، وأن المصريين القدامى كانوا يفرقون بين الملوك الذين يحكمونهم فيها إذا كانوا مصريين أو غير مصريين، فالملك غير المصري الأصل كانوا يسمونه الملك والمصري الأصل يسمونه فرعون وأن الذي كان يحكم مصر في زمن يوسف - عليه السلام - غير مصري، وهو من الهكسوس فسماه الملك، وأن الذي كان يحكمها في زمن موسى - عليه السلام - هو مصري فسماه فرعون، فسمى كل واحد بما كان يُسمى في الأزمنة السحيقة.
وعرفت من الإشارات الإعجازية في مختلف العلوم كما في أسرار البحار والضغط الجوي وتوسع الكون وبداية الخلق ما دعا كثيراً من الشخصيات العلمية إلى إعلان إسلامهم.
بل إن هناك أموراً لم تُعرف إلا بعد صعود الإنسان ف الفضاء واختراقه الغلاف الجوي للأرض، وقد أشار إليه القرآن إشارات في غاية العجب ذلك أن الإنسان إذا اخترق الغلاف الجوي للأرض، وجد نفسه في ظلام دامس وليل مستديم ولم تُر الشمس، إلا كبقية النجوم التي نراها في الليل. فالنهار الذي نعرفه نحن، لا يتعدى حدود الغلاف الجوي فإن تجاوزناه كنا في ظلام لا يعقبه نهار. وقد أشار إلى ذلك القرآن إشارة عجيبة في قوله (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) [يس].
فجعل النهار كالجلد الذي يُسلخ وأما الليل فهو الأصل وهو الكل، فشبّه الليل بالذبيحة، والنهار جلدها، فإن سلخ الجلد ظهر الليل فجعل النهار غلافاً والليل هو الأصل.
وقال: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) [الحجر]، أي لو مكنّاهم من الصعود إلى السماء لانتهوا إلى ظلام وقالوا : ( سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا ) وغير ذلك وغيره.
وعلى هذا فالإعجاز القرآني متعدد النواحي ؛ متشعب الاتجاهات ولا يزال الناس يكتشفون من مظاهر إعجازه الشيء الكثير فلا غرو أن أقول إذن أن الإعجاز أكبر مما ينهض له واحد أو جماعة في زمن ما.
إن التعبير الواحد قد ترى فيه إعجازاً لغوياً جمالياً وترى فيه في الوقت نفسه إعجازاً علمياً أو إعجازاً تاريخياً أو إعجازاً نفسياً أو إعجازاً تربوياً أو إعجازاً تشريعياً أو غير ذلك.
فيأتي اللغوي ليبيّن مظاهر إعجازه اللغوي وأنه لا يمكن استبدال كلمة بأخرى ولا تقديم ما أُخّر ولا تأخير ما قُدّم أو توكيد ما نُزع منه التوكيد أو عمد توكيد ما أُكّد. ويأتيك العالم في التشريع ليقول مثل ذلك من وجهة نظر التشريع والقانون ويأتيك المؤرخ ليقول مثل ذلك من وجهة نظر التاريخ، ويأتيك صاحب كل علم ليقول مثل ذلك من وجهة نظر علمه.
إننا ندل على شيء من مواطن الفن والجمال في هذا التعبير الفني الرفيع ونضع أيدينا على شيء من سُمو هذا التعبير ونبيّن إن هذا التعبير لا يقدر على مجاراته بشر بل ولا البشر كلهم أجمعون، ومع ذلك لا نقول إن هذه هي مواطن الإعجاز ولا بعض مواطن الإعجاز وإنما هي ملامح ودلائل تأخذ باليد وإضاءات توضع في الطريق، تدل السالك على أن هذا القرآن كلام فني مقصود وُضع وضعاً دقيقاً ونُسج نسجاً محكماً فريدا، لا يشابهه كلام، ولا يرقى إليه حديث (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) [الطور].
أما شأن الإعجاز فهيهات ؛ إنه أعظم من كل ما نقول وأبلغ من كل ما نصف وأعجب من كل ما نقف عليه من دواعي العجب. إن هذا القادم من الملأ الأعلى والذي نزل به سيدٌ من كبار سادات الملأ الأعلى فيه من الأسرار ودواعي الإعجاز ما تنتهي الدنيا ولا ينتهي.''
والله أعلم.
 
اللهم أغفر لأهل شبكة التفسير و للمسلمين آمين

اللهم أغفر لأهل شبكة التفسير و للمسلمين آمين

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كتب احد العلماء في ذكر مصحف أهدي إليه:


'' البرّ أدام الله الشيخ أنواع، وتقصر عنه أبواع، فإن يكن فيها ما هو أكرم منصباً، وأشرف منسباً. فتحفة الشيخ إذ أهدي ما لا تشاكله النعم، ولا تعادله القيم، كتاب الله وبيانه، وكلامه وفرقانه، ووحيه وتنزيله، وهداه سبيله. ومعجز رسول الله صلى الله عليه وسلم ودليله، طبع دون معارضته على الشفاه، وختم على الخواطر والأفواه. فقصر عنه الثقلان، وبقي ما بقي الملوان، لائحٌ سراجه، واضح منهاجه، منير دليله، عميق تأويله، يقصم كل شيطان مريد، ويذل كل جبار عنيد، وفضائل القرآن، لا تحصى في ألف قران، فأصِفُ الخط الذي بهر الطرف، وفاق الوصف، وجمع صحة الأقسام، وزاد في نخوة الأقلام، بل أصفه بترك الوصف آثاره، وعينه فراره، وحقاً أقول إني لا أحسب أحداً ما خلا الملوك جمع من المصاحف ما جمعت، وابتدع في استكتابها ما ابتدعت، وإن هذا المصحف لزائد على جميعها زيادة القرعة على الغرة، بل زيادة الحج على العمرة.
لقد أهديته علقاً نفيساً ... وما يهدي النفيس سوى الفيس
''

يتيمة الدهر للثعالبي - المجلد 1 ص 114
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

و هذه مقامة الفرقان من كتاب المقامات للزمخشري
ملاحظة: ( النسخة التي عندي غير مرقمة)


يا أبا القاسم : '' اجعَلْ كتابَ اللّهِ نَجيّكَ فَنِعمَ النّجِي. وإنّكَ لَحَريٌ بمُناجاتِهِ حَجي. إنْ شئِتَ أنْ يُخاصرِكَ إلى مَنجاتك فلا يَخلُونَّ ساعةً مِنْ مُناجاتِك وهوَ حبلُ اللّهِ المتينْ وصرِاطُهُ المُستبينْ بهِ أحيَى رُسُومَ الشّرْعِ الطّامِسَه وجَلّى ظُلُماتِ الشِّركِ الدّامسة نُورٌ مُستَصْبَحٌ بهِ في ليالي الشّكْ سيفٌ سَقّاطٌ وراءَ ضرائِبِ الشِّركْ جَبَلٌ يَعصمُ مَن اعتصمَ بمعاقِلهِ وَيَقصِمُ ظَهرَ العادلِ عنهُ بجنادلِهِ. بحرٌ لُجِيٌ لا تزلُ تزْخَرُ لُجَجُه. ذُو عُبابٍ يُرّوِّعُ التِطامُهُ وتموجُه لا يبلُغُ عابرٌ عَبرَه. ولا غائِصٌ قعرَه عَذْبٌ فُرَاتٌ إلا أنّه مُليءَ بكُلِّ لُؤلُؤةٍ يتيمَة قذّافٌ لِكُلِّ جَوْهَرَةٍ كَرِيَمهْ. أينَ مِنها ما غَالى بهِ الأكاسِرَةُ منَ الفرائدْ. وما رَصَّعُوا بهِ تيجانَهُم مِنْ وسائطِ القلائِدْ. كُلُّ دُرَّةٍ في تقاصيرِ بناتِ القصورْ مُقرِةٌ بالتقصيرِ عنها والقصورْ. إنْ عُدَّتْ عجائبُ البحارِ لم تُعَدَّ عجائُبه وإنْ حُدَّتْ غرائبُ الأسمارِ لم تُحدَّ غرائُبهْ كُلّما ذهبتَ بفكرِكَ في بلاغتهِ التي حَصِرتْ دونَها البُلغاءْ حتى سَخَرتْ مِنْ فَصَاحتهم البَبغاءْ ونَظَرْتَ في سَلامَةِ سَبكِهِ المستغرَبْ. وسلاسَةِ مائهِ المُستعذَبْ. ورَصانَةِ نظمهِ المُرَصَّفْ ومتانَةِ نسجِهِ المُفَوَّفْ. وغرابَة كنايِتهِ ومجازِهْ ونَدْرَةِ إشباعهِ وإيجَازهِ وروْعَةِ إظهارِهِ وإضْمارِهْ وبَهجَةِ َحْذْفِهِ وتكرَارِهْ. وإصابَةِ تعريفِهِ وتنكيرِهْ ، وإفادَةَ تقديمهِ وتأخيرِهْ ودلالةِ إيضاحِهِ وتصرِيحهْ. ودقّةِ تعريضه وتَلِويحِهِ وطُلاوَةِ مبَاديِهِ ومقَاطِعِهِ وفصولِهِ ووصولِه وما تِناصَرَ فيهِ من فروعِ البيان وأصولِهْ. إرْتَدَّ فَهمُكَ وغرَارُ كَهَام ومِدّرَارُهُ جهامْ. حَيرَةً في أسلوبِهِ الذي يكادُ يسلُب بُحسنِهِ العاقِلَ فِطنَتَهُ وهوَ يزيدُهُ فِطنَهْ. وافتنانِهِ الذي يكادُ يفتنُ الناظرَ فيهِ وهوَ يميطُ عنهُ الفتنَهْ. لم يمشِ إليكَ وعدُهُ المرَغّبْ إلا واطِئاً عِقبَهُ وَعِيدُهُ المُرهّبْ قدْ شُفِعَ هذَا بذَاكَ إرَادَة تنشيطِكَ لِكسبِ ما يُزْلِفْ. وتَثبيطِكَ عنِ اكتِسابِ ما يُتلِفْ مَعَ اقْتصاصِ ما أجْرَى إليهِ عُصاةُ القُرُونْ وما جَرَى عليْهِم منْ فظائِعِ الشؤُونْ ومَا رَكبَ أعْدَاءُ اللّهِ منْ أوْليائِهْ. غَيْرَ مُكْترِثينَ لِعُتُوِّهمْ بكبرِيِائِهْ. رَدَعوهُمْ عنِ المناكيرْ فَقَطّعُوهُمْ بالمنَاشيرْ وَدَعَوهُمْ إلى أعْمالِ الأبْرَارْ فعرَضُوهُمْ على السّيفِ وحَرَّقُوهُمْ بالنارْ ثمَّ اصْطَبِرُوا لِوَجْهِ اللّهِ وثبتُوا ومَا اسْتكانُوا لهُمْ ولا أخْبَتُوا حَتّى اشترَوُا النعيمَ الخالِدَ في جَنّاتِ عَدْنْ بِبؤْسٍ وَطنّوا عليهِ أنْفُسَهُمْ طَرْفةَ عَيْنْ لِيُريَكَ سُوءَ مُنْقَلَبِ المُعْتَديِنْ وَيُبَصِّرَكَ حُسْنَ عَوَاقبِ المُهتدينْ فحادثْ لسانَكَ بدراستِهِ حتى تَرِقَّ عذَبَتُهْ وَمَرِّنْهُ على تلاوَتَهِ حتى لا تَطُوعَ لغَيْرِهِ أسلَتُهْ وَتَعَمّدهُ بِمَتْلُوِّهِ مِنَ اللسُنِ ما سَاعَدَتْكَ عليهِ المُكْنَهْ وتَرَفَعْ لهُ بمَخارِجِ الحُرُوفِ عنِ ارْتِضاخِ اللكْنَةْ وَاقْرَأْهُ مُرَتّلاً كالتّرْتيلِ في بعْضِ الأسْنانْ والتّفْليِجِ في نَوْرِ الأُقحُوَانْ وَاجْتَنَبْ ما لا يُؤْمَنُ في الهِذّ والهَذْرَمَهْ. مِنَ اللّحْنِ وَالحَضْرَمَه وْاجْتَهِدْ أنْ لا تَقْرَأ إلا وضَمِيرُكَ مُقاوِدٌ للِسانِكْ وَتَبَينُكَ مُساوِقٌ لِبَيانِكْ لا تَمُرَّ على جُمْلَةٍ إلا عاقِداً بمِعْناها تأملَكَ وتَفَكُّرَكْ عاكِفاً على مُؤَادَّها تَفَهُمَكَ وتَبَصُرَكْ. مُجِيلاً في حقيقتِها بَصيرَتَكَ ونظرَكْ. مُمْتاحاً منها مَواعِظَكَ وَعِبَرَكْ وإلا كانَتْ قِراءتُكَ رَاعِدَةَ صَلِفَةً لَيْسَ لهَا دَرَرْ وَصَدَفَةً فارِغةً ما في جَوْفِها دُرَرْ. وَأكْرِمْ نَجيّكَ هذَا فإنّهُ كَرِيمٌ يَسْتوْجِب غايةَ الإكرَامْ وعظيمٌ يَسْتدْعِي قُصارَى الإعظامْ. فلا تَمَسّ لَهُ إلا على طُهْرِكَ مَسْطُورَاً وَاحْتَطْ أنْ لا تَفْرُقَ بين أنْ يكونَ مَكشوفاً أوْ مستوراً واحفَظْ فيهِ حَقَّ مَنْ إلَيْهِ انتِمَاؤُهْ وَإلى اسْمِهِ إضافَتُهُ تَبَاركَتْ أسْماؤُه ''.
 
بسم الله...
جزاكم الله خيرا فهذا موضوع نافع، يطرب المسامع !

من أفضل ما قرأت في القرآن الكريم، ما أورده العلامة ( أبو حيان )(ت:745ه)، في مقدمة بحره -تفسيره المشهور البحر المحيط-
قال:
" جعلت كتاب الله و التدبير لمعانيه أنيسي، إذ هو أفضل مؤانس، و سميري إذا أخلو لكتب ظلم الحنادس
:

[poem=font="Simplified Arabic,5,darkblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/18.gif" border="double,4,blue" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
نعم السمير كتاب الله إن له=حلاوة هي أحلى من جنى الضرب
به فنون المعاني قد جمعن فما=يفتن من عجب إلا إلى عجب
أمر و نهي و أمثال و موعظة=و حكمة أودعت في أفصح الكتب
لطائف يجتليها كل ذي بصر=و روضة يجتنيها كل ذي أدب "[/poem]

**و هذه الأبيات عينها أوردها الإمام الآلوسي (ت:1270ه) في مقدمته لتفسير المعاني.
و الله الموفق...
 
ليس أفضل ما قيل عن القرآن الكريم

ولكن من باب الحق ما شهدت به الأعداء

يقول ول ديورانت في معرض حديثه عن فضل القرآن الكريم على الإنسان ( وقد كان له الفضل في رفع مستوى المسلمين الأخلاقي والثقافي ، وهو الذي أقام فيهم قواعد النظام
الإجتماعي والوحده الإجتماعيه ، وحضهم على اتباع القواعد الصحيحه ، وحرر عقولهم من كثير من الخرافات والأوهام ومن الظلم والقوه ، وحسن أحوال الأرقاء وبعث في نفوس الأذلاء الكرامه والعزه وأوجد بين المسلمين درجه من الإعتدال والبعد عن الشهوات لم يوجد لها نظير في أية بقعة من بقاع العالم ، ولقد علم الإسلام
الناس أن يواجهوا صعاب الحياة ، ويتحملوا قيودها بلا شكوى ولا ملل ، وبعثهم إلى التوسع توسعا عجيبا كان أعجب

ما شهده التاريخ كله )


ول ديورانت : قصة الحضاره جـ 13 ص 68
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

'' القرآن حبل اللَّه الممدود، وعَهده المعهود، وظلُه العميم، وصرَاطه المستقيم، وحجَّتُه الكبرى، ومحجّته الوسطَى، وهو الواضح سبيلُه، الراشدُ دليلُه، الذي سَنِ استضاءَ بمصابيحه أبْصَر ونَجَا، ومَنْ أعرض عنه ضَلَّ وهَوَى؛ فضائل القرآن لا تُسْتقصى في ألفِ قرن، حجّة اللّه وعهْده، ووعيدُه ووعده، به يعلمُ الجاهلُ، ويعملُ العامِلُ، ويتنبَّه الساهي، ويتذكَّر اللاهي، بَشِيرُ الثواب، ونَذِيرُ العقابِ، وشفاءُ الصدور، وجَلاءُ الأمورِ؛ من فضائله أنه يُقْرَأُ دائماً، ويُكتَبُ، ويُمْلَى، ولا يَملّ. ما أهْون الدنيا على مَنْ جعل القرآن إمامه، وتصوَّر الموتَ أمامه، طوبى لمن جعل القرآن مصباح قلبه، ومفتاح لُبِّه.''

مجالس ثعلب ص 41.
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

'' الحمد لله الذي جعل كتابه المبين كافلا ببيان الأحكام شاملا لما شرعها لعباده من الحلال والحرام مرجعا للأعلام عند تفاوت الأفهام وتباين الأقدام وتخالف الكلام قاطعا للخصام شافيا للسقام مرهما للأوهام فهو العروة الوثقى التي من تمسك بها فاز بدرك الحق القويم والجادة الواضحة التي من سلكها فقد هدى إلى الصراط المستقيم فأي عبارة تبلغ أدنى ما يستحقه كلام الحكيم من التعظيم وأي لفظ يقوم ببعض ما يليق به من التكريم والتفخيم كلا والله إن بلاغات البلغاء المصاقع وفصاحات الفصحاء البواقع وإن طالت ذيولها وسالت سيولها واستنت بميادينها خيولها تتقاصر عن الوفاء بأوصافه وتتصاغر عن التشبث بأدنى أطرافه فيعود جيدها عنه عاطلا وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا فهو كلام من لا تحيط به العقول علما ولا تدرك كنهه الطباع البشرية فهما فالإعتراف بالعجز عن القيام بما يستحقه من الأوصاف العظام أولى بالمقام وأوفق بما تقتضيه الحال من الإجلال والإعظام والصلاة والسلام على من نزل إليه الروح الأمين بكلام رب العالمين محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله المطهرين وصحبه المكرمين.''

من مقدمة تفسير القدير للشوكاني الصنعاني.
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

'' وأمره أن يتخذ كتاب الله إماماً متبعاً، وطريقاً موقعاً، ويكثر من تلاوته إذا خلا بفكره، ويملأ بتأمله أرجاء صدره، فيذهب معه فيما أباح وحظر، ويقتدي به إذا نهى وأمر، ويستبين بيانه إذا استغلقت دونه المعضلات، ويستضيء بمصابيحه إذا غم عليه في المشكلات، فإنه عروة الإسلام الوثقى، ومحجته الوسطى، ودليله المقنع، وبرهانه المرشد، والكاشف لظلم الخطوب والشافي من مرض القلوب، والهادي لمن ضل، والمتلافي لمن زل، فمن لهج به فقد فاز وسلم ومن لهي عنه فقد خاب وندم، قال الله تعالى: " وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيمٍ حميد " .

من عهد عبد الله عبد الكريم الإمام الطائع لله أمير المؤمنين الى أحد مواليه.
صبح الاعشى – القلقشندي : 4/ 93.


' وأمره بتلاوة كتاب الله سبحانه مواظباً، وتصفحه مداوماً ملازماً، والرجوع إلى أحكامه فيما أحل وحرم، ونقض وأبرم، وأثاب وعاقب وباعد وقارب؛ فقد صحح الله برهانه وحجته، وأوضح منهاجه ومحجته، وجعله فجراً في الظلمات طالعاً، ونوراً في المشكلات ساطعاً، فمن أخذ به نجا وسلم، ومن عدل عنه هلك وهوى وندم. قال الله عز وجل: " وَإنَّهُ لكِتَابٌ عَزِيرٌ لا يَأْتِيهِ الباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيم حَمِيدٍ " .

من عهد عبد الله عبد الكريم، الإمام الطائع لله أمير المؤمنين، إلى محمد بن الحسين بن موسى.
صبح الاعشى – القلقشندي - : 4/ 194.
 
أشكر جميع الإخوة المشاركين الذين أضافوا معلومات قيمة رائعة، والفضل لله أولا ثم لصاحب الفكرة.
وأنا أقول:قال الله تعالى{ الر{} كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير}[سورة هود الآية 1]
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

'' كتاب الله بينة بصائره وآي فينا منكشفة سرائره، وبرهان منجلية ظواهره، مديم البرية أسماعه، قائد إلى الرضوان أتباعه، مؤد إلى النجاة استماعه، فيه بيان حجج الله المنورة وعزائمه المفسرة ومحارمه المحذره، وتبيانه الجالية وجمله الكافية وفضائله المندوبة ورخصه الموهوبة وشرائعه المكتوبة ''

بلاغات النساء: ص 7.
المؤلف: أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر ابن طيفور (المتوفى : 280هـ)
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

'' فأما القرآن العظيم وما انطوى عليه من المعجزات، فمعجزاته كثيرة نحصرها في عشرة أوجه:

- الوجه الأول: حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته، ووجوه إيجازه، وبلاغته الخارقة عادة العرب، وذلك أنهم خصوا من البلاغة والحكم ما لم يخص به غيرهم من الأمم، وحسبك أن القرآن أنزل بلغتهم، ومع ذلك فقد قرعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم به، ووبخهم وسفه أحلامهم، وسب آلهتهم، وذكم آباءهم، وشتت نظامهم، وفرق جماعتهم، وأنزل الله تعالى فيهم ما أنزل من قوله عز وجل: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ يونس 38 ]. " وقوله تعالى: { وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ{23} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ{24} [ البقرة ] ، وقوله تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } [الإسراء88 ] وغير ذلك، فنكصوا عن معارضته، وأحجموا عن مماثلته، ورضوا بقولهم { قلوبنا غلفٌ } و {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } [ فصلت5 ] و {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }[ فصلت26 ]، واعترف فصحاؤهم عند سماعه أنه ليس من كلام البشر، كالوليد بن المغيرة وعتبة ابن ربيعة.

- الوجه الثاني : صورة نظمه العجيب، المخالف لأساليب كلام العرب ومناهج نظمها ونثرها، وسجعها ورجزها وهزجها وقريضها، ومبسوطها ومقبوضها، كما قال الوليد بن المغيرة لقريش عند اجتماعهم كما قدمناه، ومن ذلك جمعه بين الدليل والمدلول، وذلك أنه احتج بنظم القرآن، وحسن وصفه وإيجازه وبلاغته، وأثناء هذه البلاغة أمره ونهيه ووعده ووعيده، فالتالي له يفهم موضع الحجة والتكليف معاً من كلام واحد.

- الوجه الثالث:- ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات، وما لم يكن ولم يقع فوجد، كما جاء في قوله تعالى: " لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين " . وقوله في الروم: { و َهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ }[ الروم3 ]. وقوله: { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ } [لست أدري هل يقصد التوبة:33 ، أو الصف: 9 ؟؟ ] وقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ } [ النور55 ].... الآية.
وقوله: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [ الفتح 1 ] ...السورة، فكان جميع ذلك: فتح الله مكة، وغلبت الروم فارس، وأظهر الله رسوله [  ]، ودخل الناس في دين الله أفواجا، واستخلف الله المؤمنين في الأرض، ومكن دينهم وملكهم أقصى المشارق والمغارب، وما فيه من الإخبار بحال المنافقين واليهود، وكشف أسرارهم، وغير ذلك.

- الوجه الرابع : ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة، والأمم البائدة والشرائع الداثرة، مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا من مارس العلوم من أهل الكتاب، واطلع على الكتب المنزلة القديمة، كقصص النبياء مع قومهم، وخبر موسى [ عليه السلام ] والخضر وذي القرنين ولقمان وابنه وبدء الخلق، وغير ذلك مما في كتبهم القديمة مما اعترف بصحته العلماء من أحبار يهود، فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه مع عدم إنكارهم لصحته، قال الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } [المائدة15] .

- الوجه الخامس : الروعة التي تلحق قلوب سامعيه، وأسماعهم عند سماعه، والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته؛ قال الله عز وجل: { [ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ ] تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } [ الزمر23 ] وقال تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } [ الحشر21 ] هذا في حق المؤمنين به، وأما من كذب به فكانوا يستثقلون سماعه، ويودّون انقطاعه، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " القرآن صعب مستصعب على من كرهه [ ميسر على من تبعه ] وهو الحكم " [ أخرجه: الخطيب فى الجامع لأخلاق الراوى وآداب السامع (2/189 رقم 1573) وأوره الذهبى فى ميزان الاعتدال (5/371 ترجمة 6552) والحافظ ابن حجر فى اللسان (4/391 ، ترجمة 1193) كلاهما فى ترجمة عيسى بن إبراهيم بن طهمان الهاشمى ].وقد تقدم أن عتبة بن ربيعة لما سمع القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ قوله: " صاعقةً مثل صاعقة عادٍ وثمود " [ فصلت 13 ] ، أمسك على في النبي صلى الله عليه وسلم وناشده الرحم أن يكف.

- الوجه السادس: كونه آية باقية لا تعدم ما بقيت الدنيا، وقد تكفل الله تعالى بحفظه فقال: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " [ الحجر 9 ] . وقال تعالى " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " [ فصلت 42 ] ، وسائر معجزات الأنبياء انقضت بانقضاء أوقاتها، فلم يبق إلا خبرها، والقرآن العزيز باق منذ أنزله الله تعالى وإلى وقتنا هذا، وما بعد إن شاء الله إلى آخر الدهر، حجته قاهرة، ومعارضته ممتنعة.

- الوجه السابع : أن قارئه لا يمل قراءته، وسامعه لا تمجه مسامعه، بل الإكباب على تلاوته وترديده يزيده حلاوة ومحبة، لا يزال غضا طريا، وغيره من الكلام ولو بلغ ما عساه أن يبلغ من البلاغة والفصاحة يمل مع الترديد، ويسأم إذا أعيد، وكذلك غيره من الكتب لا يوجد فيها ما فيه من ذلك، وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن " أنه لا يحلق على كثرة الرد ولا تنقضي عبره، ولا تفنى عجائبه، هو الفصل ليس بالهزل " . [ 1].

- الوجه الثامن: أن الله تعالى يسر حفظه لمتعلميه، وقربه على متحفظيه، قال الله تعالى: " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكرٍ " [ القمر 17 ]، فلذلك إن سائر الأمم لا يحفظ كتبها الواحد منها، وإن لازم قراءاتها، وداوم مدارستها، لم يسمع بذلك عن أحد منهم، والقرآن قد يسر الله تعالى حفظه على الغلمان في المدة القريبة والنسوان، وقد رأينا من حفظه على كبر سنه، وهذا من معجزاته.

- الوجه التاسع : مشاكله بعض أجزائه بعضا، وحسن ائتلاف أنواعها، والتئام أقسامها، وحسن التخلص من قصة إلى أخرى، والخروج من باب إلى غيره على اختلاف معانيه، وانقسام السورة الواحدة على أمر ونهي، وخبر واستخبار ووعد ووعيد، وإثبات نبوة وتوحيد، وتقرير وترغيب وترهيب، إلى غير ذلك، دون خلل يتخلل فصوله، والكلام الفصيح إذا اعتوره مثل هذا ضعفت قوته، ولانت جزالته، وقل رونقه، وتقلقلت ألفاظه، وهذا من الأمور الظاهرة التي لا يحتاج عليها إقامة دليل، ولا تقرير حجة، ولا بسط مقال.

- الوجه العاشر : وجمعه لعلوم ومعارف لم تعهدها العرب، ولا علماء أهل الكتاب، ولا اشتمل عليها كتاب من كتبهم، فجمع فيه من بيان علم الشرائع، والتنبيه على طرق الحجج العقليات، والرد على فرق الأمم بالبراهين الواضحة، والأدلة البينة السهلة الألفاظ، الموجزة المقاصد، لقوله تعالى: " أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم " [ يس 81 ] ، وقوله: " قل يحييها الذي أنشأها أول مرةٍ " [ يس 79 ]، وقوله: " لو كان فيهما آلهةٌ إلا الله لفسدتا " [ الأنبياء 22 ] إلى غير ذلك مما اشتمل عليه من المواعظ والحكم وأخبار الدار الآخرة، ومحاسن الآداب، وغير ذلك مما لا يحصيه واصفٌ، ولا يعده عادٌ، قال الله تعالى: " ما فرطنا في الكتاب من شيءٍ " [ الأنعام 38 ] ، وقال تعالى: " ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثلٍ " [ الروم 58 ] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله أنزل على القرآن آمراً وزاجراً، وسنةً خالية، ومثلا مضروبا، فيه نبأكم وخبر ما كان قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم، لا يخلقه طول الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الحق ليس بالهزل، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن خاصم به فلج، ومن قسم به أقسط، ومن عمل به أجر، ومن تمسك به هدي إلى صراط مستقيم، ومن طلب الهدى من غيره أضله الله، ومن حكم بغيره قصمه الله، هو الذكر الحكيم، والنور المبين، والصراط المستقيم، وحبل الله المتين، والشفاء النافع، عصمةٌ لمن تمسك به، ونجاةٌ لمن اتبعه، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد " [ 2 ] وقد عدوا في إعجازه وجوها كثيرة غير ما ذكرناه فلا نطول بسردها. " .


من كتاب نهاية الارب في فنون الادب :6/126.
باب ذكر معجزاته [ رسول الله صلى الله عليه وسلم].
المؤلف: الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الدائم البكري التميمي القرشي المعروف بالنويري الكندي المتوفى سنة 733هـ - 1331م ( رحمه الله تعالى).
طبعة: دار الكتب المصرية بمصر- سنة 1923م .


-------------

هامش [1] و [ 2 ]:

و أنا أفتش عن تخريج هذا الحديث الذي أورده الشيخ النويري، عثرت على هذه الفوائد عن حديثين في فضل القرآن الكريم فرأيت نقلها الى منتدانا المبارك:

* * الحديث الأول :حدثنا الحسين بن علي الجعفي ، قال : سمعت حمزة الزيات ، عن أبي المختار الطائي ، عن ابن أخي الحارث الأعور ، عن الحارث قال : مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي فقلت : يا أمير المؤمنين ألا ترى أن الناس قد خاضوا في الأحاديث ، قال : وقد فعلوها ، قلت : نعم ، قال أما إني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ألا إنها ستكون فتنة )) ؛ فقلت : ما المخرج منها يا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال : (( كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا : إنا سمعنا قرآنا عجباً يهدي إلى الرشد من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم )) . خذها إليك يا أعور .

أخرجه الترمذي باب ما جاء في فضل القرآن الحديث رقم 2906 - (5/172/2906) ، والدارمي (2/526/3331-الكتاب العربي) ، والبزار (3/71-73/836) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/325-326/1935و1936) من طريق الحسين بن علي الجعفي، و قد جمعت طرقه في الموسوعة الحديثية كنز العمال للمتقى الهندي : (1/176 – 177).

* حكم أبو عيسى الترمذي : ( هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإسناده مجهول ، وفي الحارث مقال ) . اهـ .
* حكم البزار : ( وهذا الحديث لا نعلمه يروى إلا عن علي ولا نعلم رواه عن علي إلا الحارث ) . اهـ .
- وقد اختلف في هذا الحديث على حمزة الزيات ؛ فرواه شعيب بن صفوان عن حمزة الزيات عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي به .
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (4/4) .
وشعيب بن صفوان ؛ قال الحافظ : "مقبول" . وقال ابن عدي : " عامة ما يرويه لا يتابع عليه " .
أخرجه الدارمي (2/527/3332) ، والبزار (3/70-71/835) .
وهكذا نرى أن العلماء حصروا العلة في الحارث الأعور .
و للحديث طريقاً آخر عند الخطيب في "تاريخ بغداد"(8/321) من طريق خلف بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أبي الحسناء ، حدثنا أبو الصباح عبد الغفور ، عن أبي هاشم ، عمن سمع علياً [ رضي الله عنه ].
و قد أعل العلماء هذا الطريق ، و قالوا هذا أيضاً إسناد واهي ؛ في علل :
- قال الإمام أحمد: "" خلف بن عبد الحميد "لا أعرفه " .
- الرجل المبهم [عمن سمع علياً ] ؛ وهو [الحارث الأعور كما في جميع طرق الحديث].

* كما حكم بضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة (2/528-529/1776) .
وفي ضعيف الجامع : انظر حديث رقم : 2081.
* أما ابن كثير – رحمه الله – فقد تعرض الى هذا الحديث في مقدمة تفسيره أثناء كلامه عن فضائل القرآن ، و هو الحديث الثالث، قال رحمه الله [ تفسير ابن كثير 1 / 21 - 22 . تحقيق : سامي بن محمد بن عبد الرحمن بن سلامة - دار طيبة للنشر والتوزيع. الطبعة : الثانية 1420هـ - 1999 م ]:
'' قلت: لم ينفرد بروايته حمزة بن حبيب الزيات، بل قد رواه محمد بن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي، عن الحارث الأعور، فبرئ حمزة من عهدته، على أنه وإن كان ضعيف الحديث إلا أنه إمام في القراءة والحديث، مشهور من رواية الحارث الأعور وقد تكلموا فيه، بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده، أما إنه تعمد الكذب في الحديث فلا والله أعلم.
وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه، وقد وَهِم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روي له شاهد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه فضائل القرآن: حدثنا أبو اليقظان، حدثنا عمار بن محمد الثوري أو غيره عن أبي إسحاق الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله عز وجل، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عِصْمَة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، لا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يَخْلَق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر" [ورواه الحاكم في المستدرك (1/ 555) من طريق الهجري به] . وهذا غريب من هذا الوجه، وقد رواه محمد بن فضيل عن أبي إسحاق الهجري، واسمه إبراهيم بن مسلم، وهو أحد التابعين، ولكن تكلموا فيه كثيرا.
وقال أبو حاتم الرازي: لين ليس بالقوي. وقال أبو الفتح الأزدي: رفَّاع كثير الوهم. قلت: فيحتمل، والله أعلم، أن يكون وهم في رفع هذا الحديث، وإنما هو من كلام ابن مسعود، ولكن له شاهد من وجه آخر، والله أعلم'' أ.ه كلام ابن كثير.

* وقال القرطبي في الجامع(1/4-6) ( وأسند( يعني الدارمي) عن الحارث عن علي رضي الله عنه وخرجه الترمذي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( وذكر الحديث)
ثم قال: (الحارث رماه الشعبي بالكذب وليس بشيء ولم يبن من الحارث كذب وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي وتفضيله له على غيره ومن ها هنا والله أعلم كذبه الشعبي لأن الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر وإلى أنه أول من أسلم قال أبو عمر بن عبد البر وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني حدثني الحارث وكان أحد الكذابين.''

* * الحديث الثاني :

عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - : (( إنَّ هَذا القرآنَ مآدبةُ اللهِ ، فاقبلوا من مأدبتِهِ ما استَطعتُمْ ، إنَّ هذا القرآنَ هُو حبلُ اللهِ ، والنورُ المبينُ ، والشفاءُ النافعُ ، عصمةٌ لِمنْ تَمسَّكَ بِهِ ، ونجاةٌ لِمنْ تَبعَهُ ، لا يَزيغُ فَيُستعتبُ ، ولا يَعوجُّ فَيقومُ ، ولا تَنقضِي عَجائِبَهُ ، ولا يَخلقُ مِنْ كَثرةِ الرَّدِّ . اتلُوهُ فإنَّ اللهَ يَأجُرُكمْ عَلَى تِلاوتِهِ ، كُلُّ حَرفٍ عَشرَ حَسنات أمَّا إنِّي ، أقُولُ ، آلم حرفٌ ، ولَكنْ ألفٌ حرفٌ ، ولامٌ حرفٌ ، وميمٌ حرفٌ )).

الحديث روي مرفوعا وموقوفا .
أخرجه محمد بن نصر في (( قيام الليل )) ( 72 ) ، والحاكم ( 1 / 555 ) ، وابن حبان في (( المجروحين )) ( 1/ 100 ) من طرق عن إبراهيم بن مسلم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود مرفوعا ، وقد رواه عن إبراهيم هكذا مرفوعا جماعة منهم ابن فضيل وأبو معاوية وابن الأجلح وصالح بن عمر .
ورواية الوقف تابعه عليها جماعة عن أبي الأحوص، وهم:
1- أبو الزعراء عبد الله بن هانئ: عند البزار في مسنده (5/رقم2055).
2- علي بن الأقمر: عنده أيضا في المسند (5/رقم2056).
3- عطاء بن السائب: عند الطبراني في الكبير (9/رقم8648 و8649).
4- عبد الملك بن ميسرة: عند ابن المبارك في الزهد (787).
5- عاصم بن بهدلة: عند الطبراني في الكبير (9/رقم8643 و8644)، واختصر متنه.
6- أبو إسحاق السبيعي: عند الطبراني أيضا (9/رقم8645)، واختصر متنه أيضا.

* وقد أورده العلامة الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (867) وقال في الحاشية تعليقا على كلام المنذري عند قوله :
" رواه الحاكم من رواية صالح بن عمر بن إبراهيم عن أبي الأحوص عنه . وقال : تفرد به صالح بن عمر عنه ، وهو صحيح " .
قال العلامة الألباني :
'' قلت : تعقبه الذهبي بقوله : " لكن إبراهيم بن مسلم الهجري ضعيف " .
قلت : وروي موقوفا ، وهو الصحيح ، لكن الجملة الأخيرة قد توبع عليها كما حققته في الصحيحة (3327) ، وهو في الصحيح في أول الباب .ا.هـ
* و هذا قول الالباني – رحمه الله - في السلسلة الصحيحة 2/159 - (3327):
'' ...قال ابن نصر في " قيام الليل " ( 70 ) حدثنا يحيى أخبرنا أبو معاوية عن الهجري عن أبي الأحوص به بلفظ أتم منه و نصه: " إن هذا القرآن مأدبة الله ...... الحديث " ،و هذا إسناد لا بأس به في المتابعات ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير الهجري و اسمه إبراهيم بن مسلم و هو لين الحديث . و من طريقه أخرجه الحاكم ( 1 / 555 ) و قال : " صحيح الإسناد " . و رده الذهبي بقوله : " إبراهيم ضعيف " .
و له متابع آخر أخرجه الحاكم ( 1 / 566 ) عن عاصم بن أبي النجود عن أبي الأحوص به نحو حديث عطاء و قال : " صحيح الإسناد " و أقره الذهبي.
و أخرجه ابن المبارك في " الزهد " ( 808 ) موقوفا : أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص به . و شريك سيء الحفظ .

وممن صححه موقوفا الشيخ عبد الله بن يوسف الجديع في " المقدمات الأساسية في علوم القرآن " ( ص 460 ) فقال : ولم يثبت مرفوعا .

* أما الشيخ ابى اسحاق الحوينى فقد صحح الحديث في جزئه الأخير مرفوعا ، قال : وأما آخر الحديث (( اتلوه ، فإن الله يأجركم … الخ )) فقد صح عن ابن مسعود مرفوعا وقد خرجته في (( الانشراح في آداب النكاح )) ( رقم 147 ) .
النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة ص 62 ، و لذلك فهو صحيح انشاء الله مرفوعا و موقوفا.


و الله أعلم.
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بسم الله الرحمن الرحيم


'' سبحان من أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وبين له من الشعائر الشرائع كل ما جل ودق أنزل عليه أظهر بينات وأبهر حجج قرآنا عربيا غير ذي عوج مصدقا لما بين يديه من الكتاب ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ناطقا بكل أمر رشيد هاديا إلى الصراط العزيز الحميد آمرا بعبادة الصمد المعبود كتابا متشابها مثاني تقشعر منه الجلود تكاد الرواسي لهيبته تمور ويذوب منه الحديد ويميع صم الصخور حقيقا بأن يسير به الجبال وييسر به كل صعب محال معجزا أفحم كل مصقع من مهرة قحطان وبكت كل مفلق من سحرة البيان بحيث لو اجتمعت الإنس والجن على معارضته ومباراته لعجزوا عن الإتيان بمثل آيه من آياته نزل عليه على فترة من الرسل ليرشد الأمة إلى أقوم السبل فهداهم إلى الحق وهم في ضلال مبين فاضمحل دجى الباطل وسطع نور اليقين فمن أتبع هداه فقد فاز بمناه وأما من عانده وعصاه وإتخذ إلهه هواه فقد هام في موامي الردى وتردى في مهاوي الزور ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور صلى الله عليه وعلى آله الأخيار وصحبه الأبرار ما تناوبت الأنواء وتعاقبت الظلم والأضواء وعلى من تبعهم بإحسان مدى الدهور والأزمان ''

من مقدمة تفسير أبو السعود محمد بن محمد العمادي
دار إحياء التراث العربي – بيروت.
 
قال العلامة المفسر ابن عطية صاحب كتاب (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز):

قال العلامة المفسر ابن عطية صاحب كتاب (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز):


وكتاب اللّه لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب على لفظة أحسن منها لم يوجد، ونحن يتبين لنا البراعة في أكثره ويخفى علينا وجهها في مواضع لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ في سلامة الذوق وجودة القريحة، وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة كما قامت الحجة في معجزة موسى بالسحر وفي معجزة عيسى بالأطباء، فإن اللّه إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبدع ما يكون في زمن النبي الذي أراد إظهاره؛ فكان السحر قد انتهى في مدة موسى إلى غايته وكذلك الطب في زمن عيسى والفصاحة في زمن محمد صلى الله عليه وسلم..
 
من أجمل ما قرأت في حق القرآن الكريم ، قول الشهيد سيد قطب ـ رحمه الله تعالى ـ

فهذا القرآن ليس ألفاظاً وعبارات يحاول الإنس والجن أن يحاكوها . إنما هو كسائر ما يبدعه الله يعجز المخلوقون أن يصنعوه . هو كالروح من أمر الله لا يدرك الخلق سره الشامل الكامل ، وإن أدركوا بعض أوصافه وخصائصه وآثاره .
والقرآن بعد ذلك منهج حياة كامل . منهج ملحوظ فيه نواميس الفطرة التي تصرف النفس البشرية في كل أطوارها وأحوالها ، والتي تصرف الجماعات الإنسانية في كل ظروفها وأطوارها . ومن ثم فهو يعالج النفس المفردة ، ويعالج الجماعة المتشابكة ، بالقوانين الملائمة للفطرة المتغلغلة في وشائجها ودروبها ومنحنياتها الكثيرة .

يعالجها علاجاً متكاملاً متناسق الخطوات في كل جانب ، في الوقت الواحد ، فلا يغيب عن حسابه احتمال من الاحتمالات الكثيرة ولا ملابسة من الملابسات المتعارضة في حياة الفرد وحياة الجماعة . لأن مشرع هذه القوانين هو العليم بالفطرة في كل أحوالها وملابساتها المتشابكة .

أما النظم البشرية فهي متأثرة بقصور الإنسان وملابسات حياته . ومن ثم فهي تقصر عن الإحاطة بجميع الاحتمالات في الوقت الواحد؛ وقد تعالج ظاهرة فردية أو اجتماعية بدواء يؤدي بدوره إلى بروز ظاهرة أخرى تحتاج إلى علاج جديد!
إن إعجاز القرآن أبعد مدى من إعجاز نظمه ومعانيه ، وعجز الإنس والجن عن الإتيان بمثله هو عجز كذلك عن إبداع منهج كمنهجه يحيط بما يحيط به .
 
أفضل ما قيل في القرآن

أفضل ما قيل في القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :ألا إنها ستكون فتنة فقلت ما المخرج منها يا رسول الله قال : "كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء و لا تلتبس به الألسنة و لا يشبع منه العلماء و لا يخلق على كثرة الرد و لا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد من قال به صدق ومن عمل به أجير ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم " رواه الترمذي
 
قالت أستاذتنا الجليلة الدكتورة عائشة عبد الرحمن رحمها الله :
" على مدى أربعة عشر قرنا ، لم يكن للأمة ملاذ يحمي بقاءها ، وتحقق به وجودها غير القرآن .
وفي صراع القوى المعنوية بين الإسلام وخصومه ، وصراع القوى المادية بين شعوب أمته وأعدائه ، لم يعرف تاريخ الإسلام هدفا لعدوه - من أي جنس وملة ، وفي أي عصر أو قطر - سوى هذا الكتاب بسلطانه النافذ على ضمير الأمة ، ولوائه الموحد لشملها على تنائي الديار وتباعد العصور وتفاوت الأجيال ، واختلاف الأجناس والألوان ..."
القرآن والتفسير العصري :5 -اقرأعدد 335 -دار المعارف بمصر
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قال الشيخ الرزقي الشرفاوي الأزهري:

" ... و قد جاء كتاب الله يشرح للمسلمين العقائد و قواعد الشرائع و فلسفة الآداب و سياسة الشعوب يخبرهم عن الماضي و الأتي و يحكي لهم مخبآت الضمائر و ما تكنه الصدور و يرشدهم الى الاعتبار بأنواع المخلوقات ، و يصف لهم الكائنات بأنواعها من حيوان و نبات و جماد و ما فيها من ضروب الحكم و أنواع الاعتبار و هو يؤيد بعضه بعضا { لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه } الآية ، يبين لهم سنن الاجتماع و نواميس العمران و طبائع العلل موافقا للفطرة في أوامره و نواهيه متفقا مع المصلحة العامة في تعاليمه يتصافح مع العلم و يتآخى مع الدليل و يتعانق مع المدينة في كل مكان و زمان ، و بالجملة انك لا ترى مسألة أخلاقية بين علماء العمران و علماء الاجتماع و مقرري الآيات و العادات و علماء الاقتصاد إلا وجدت كتاب الله أتى على آخر رأي فيها مما رجعوا إليه بعد الاختلاف و طول المطاف ، و من اطلع على ما قدمه علماء الاجتماع و الأطباء لحكوماتهم في أوروبا من التقارير في شأن الطلاق و المضاربات في تحريم الخمر و الخنزير علم ما قلناه "

و هذه ترجمة للشيخ الشرفي الزرقاوي الأزهري من العلماء المصلحين - حتى يطلع اخواننا المشارقة عن علماء الدعوة الإصلاحية في الجزائر -:

إسمه و مولده و أسرته:

محمد الرزقي بن محمد وعلي الشرفاوي ، ينحدر من عائلة ابن القاضي التي كانت تحكم إمارة كوكو بجبال جرجرة ، و لد سنة 1302 هـ / 1880 م بشرفة بهلول ، و هي قرية لا تبعد كثيرا عن مدينة اعزازقة ( تيزي وزو ) بمنطقة زواوة الجزائر .

نشأته و طلبه العلم:

نشأ وسط أسرة كبيرة العدد تمتهن الفلاحة ، أدخله والده زاوية قريتهم شرفة بهلول لحفظ القرآن الكريم ، انتقل بعدها الى زاوية احمد الإدريسي البجائي [ العالم الفقيه الأصولي أستاذ العلامة ابن خلدون ت 760هـ ] فانتظم في سلك طلبتها حيث تعلم العربية وعلومها ، و حفظ بعض المتون في الفقه و التوحيد ، و أتقن القرآن الكريم حفظا و رسما و تجويدا.
انتقل بعدها الى الجزائر العاصمة ليدرس بالمدرسة الثعالبية و هي من المدارس الرسمية لكنها محافظة على منهج التعليم الديني الإسلامي العربي ، الذي لم يتأثر بسياسة الاستعمار الثقافية، وفي هذه المدرسة حضر دروس العلامة الشيخ عبد القادر المجاوي الذي تأثر به و بدروسه و افكاره، و هو الذي شجعه على الكتابة في مجلة التلميذ التي كانت تصدرها المدرسة الثعالبية ، كما واظب على حضور دروسه الخارجية.

رحلته إلى مصر:

كان التلميذ الشرفاوي يسمع ثناء أساتذته عن علماء الأزهر الشريف و ينوهون و يستشهدون بأقوالهم و بأفكارهم ، فتأثر أيما تأثر و تمنى ان يلتحق بهذا الجامع الشريف ليتخرج منه عالما يشار له بالبنان ، و رسخت هذه الفكرة في رأسه فجمع مبلغا من المال ، و يذكر لمن عرفه أنه سافر على ظهر باخرة من ميناء الجزائر العاصمة في رحلة – انتحارية - شاقة و مضنية كاد يهلك فيها ، لأنه كان راكبا في الجزء المخصص للحيوانات ، و لم يصل إلى الإسكندرية إلا بعد أن تقيأ مرات و كرات و لاقى من المصاعب التي أنهكت قواه و ألزمته الفراش أياما ، انتقل بعدها إلى القاهرة ليلتحق بمساعدة بعض الطلبة المغاربة بدروس الأزهر الشريف، " ... وقد التزم بعهد قطعه على نفسه [ مع بداية الدراسة في الأزهر]، وهو أن لا يكاتب أهله و لا يقرأ رسالة ترد عليه منهم حتى ينتهي من دراسته ، فعل ذلك خشية أن يكون في تلك الرسائل ما يثير حنينه إليهم ، و يشغله عن مواصلة الدراسة ، و المثير في كل هذا انه وفى بهذا العهد الذي ابرمه على نفسه ، و قضى قرابة أربعة عشر سنة دون أن يقرأ رسالة واحدة من الرسائل التي وردت عليه من الجزائر.
و كم كانت الفاجعة أليمة عندما أنهى دراسته بإحرازه على شهادة العالمية ، و فتح رزمة الرسائل التي اجتمعت لديه طيلة كل هذه السنوات ، فوجد واحدة تنعي إليه والدته ، وأخرى تنعي إليه والده و ثالثة تنعى أخته ، و رابعة تنعى إليه الأخ الأكبر ، و خامسة تنعى إليه اخوين آخرين ، و لا يمكننا تخيل وقع هذه الفواجع في نفسه.
وقد ذكر في أوراقه انه تردد طويلا في قراءاتها أو إحراقها خوفا من الصدمة النفسية و ظل ينظر إليها بقلب خافق ، و نفس مضطربة و أخيرا تكلف من التجلد و الشجاعة ما لا بد منه ، فما كاد ينتهي من قراءتها حتى اغبر لون الوجود في عينيه ، ... و لا عجب فان أقاربه هؤلاء، و إن ماتوا في فترات متباعدة، و لكنهم بالنسبة إليه ماتوا في وقت واحد".
وقد التقى لما كان بالأزهر الشريف رفقة مجموعة من الطلبة الجزائريين الإمام عبد الحميد بن باديس عندما رجع الإمام من أداء فريضة الحج و عرج على الأزهر عام 1332 هـ/ 1914م.

اشتغاله بالتدريس في الأزهر:

بعد كد سنوات التحصيل ، و متابعة و إتقان لكل ما يدرس في الأزهر من مختلف الفنون و العلوم ينال الشيخ الشرفاوي شهادة العالمية و تجيزه هيئتة إجازة عامة في التدريس و التعليم و ذلك سنة 1339 هـ / 1921 م [ يذكر الشيخ لطلبته احتفاء الطلبة المغاربة بنجاحه و فرحهم به ، و يذكر كيف أن بعضهم بكى من شدة فرحه بهذا النجاح ]، ثم يرشح للتدريس بالأزهر فقدم دروسا انتفع بها طلبة العلم لمدة احد عشر سنة ، كما كان يتردد على المكتبات العامة بالقاهرة يعكف على المطالعة و دراسة التراث الإسلامي و العربي، و يشارك بين الفينة و الأخرى في كتابة مقالات في مجلة الأزهر و غيرها.

عودته إلى الجزائر:

عاد سنة 1351 هـ / 1933م بعد أن أدى فريضة الحج حيث التقى ببعض أقاربه فأهاجوا أشواقه إلى الجزائر و حن إليها حنين الإلف فارقه القرين ، فأثاروا فيه الذكريات، فأرسل رسالة إلى أهله يعلمهم باعتزامه العودة إلى الجزائر بصفه نهائية ، و ما إن بلغهم الخبر حتى اهتزوا فرحا ، و رأوا أن عودة العالم الذي قضى في الشرق أمدا طويلا يدرس العلم حتى صار قمة شامخة سوف تفتح لهم بهذا العالم صفحة مشرقة في حياة المنطقة ، و سوف يكون لهم به عز و أي عز و مكانة و أي مكانة، لا شك انه وسام شرفهم و عنوان مجدهم ، فما كان إلا أن اجتمع أعيان قرية شرفة بهلول ، و قرروا أن يجمعوا له مبلغا من المال و هو ما كان و أرسلوه إليه عن طريق حوالة بريدية على عنوانه بمصر ، كما قرروا بناء منزل يليق بمقامه بجوار زاوية الشرفة ، و قد سرى خبر عودته الى الجزائر حتى بلغ مسامع القرى و المدن المجاورة ووصل إلى علماء الجزائر ، و لذلك ما إن وصلت الباخرة التي كانت تقله إلى ميناء العاصمة حتى وجد في استقباله جمعا غفيرا من العلماء و طلبة العلم و الأعيان و الأقارب في مقدمتهم احمد بن زكري مدير المدرسة الثعالبية و الشيخ الطيب واعمر شيخ زاوية احمد الإدريسي البجائي،
و زاره بعدها بأيام كل من العالمين الجليلين الأستاذ عبد الحميد بن باديس و الشيخ الطيب العقبي و عرضا عليه الانضمام الإقامة في العاصمة للعمل معهم في صف جمعية العلماء المسلمين و يقوم بواجبه في الإصلاح و التعليم ، لكنه اعتذر منهما، واعلمهما بأنه وعد الشيخ الطيب واعمارة شيخ زاوية احمد الإدريسي البجائي بأنه سيقوم بمهمة التدريس في المعهد اليلولي ، و اخبرهما بأنه سيكون إلى جانب رجال الجمعية في عملهم الإصلاحي ، و هذا ما كان حيث أنه لم ينقطع عن جمعية العلماء المسلمين فكان يمد صحفها بالمقالات و الدراسات ، و لقاء زملائه العلماء من حين لأخر للتشاور و تبادل الرأي بالعاصمة.
تدريسه بالمعهد اليلولي:
بدأ الشيخ التدريس في المعهد اليلولي بعد راحة قصيرة ، وقد فرح به الطلبة فرحا شديدا ، و تسامع الناس به، فأقبلوا يسجلون أبنائهم مهللين فرحين ، بل بلغ الأمر ببعض الطلبة القدامى الذين انهوا دراستهم و اخذوا يباشرون أعمالا مختلفة في مناطقهم بعد أن سمعوا به أن عادوا إلى مقاعد الدراسة ، و هناك من التحق بدروسه و قد جاوز الخمسين من العمر.
وكانت الدروس التي برمجها في تلك السنة و ظل على اغلبها طوال إقامته بالمعهد لمدة عشر سنين هي:
- التفسير و كان يعتمد على تفسير ( روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ) لمؤلِّفه محمود الآلوسي البغدادي، أبو الثناء شهاب الدين، لأنه يرى أنه تفسيراً جامعاً، لآراء السلف رواية ودراية، ومشتملاً على أقوال الخلف بكل أمانة وعناية.
- الفقه بمتن خليل و شرح الخرشي.
- الحديث الشريف و كان يدرسه من ((سبل السلام، شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام )) لمحمد بن إسماعيل الصنعاني ، (ت 1182هـ).
- علوم اللغة العربية من بلاغة و نحو و صرف.
- الرياضيات و الحساب و المنطق و التاريخ.
" ... و مثار العجب أو الدهشة، أن الشيخ يقوم بهذه الدروس كلها وحده بحيث يبدأ بالحديث إثر صلاة الصبح ، و ينتهي بعد صلاة العشاء بدرس الفقه، و ليس له في اليوم إلا راحتان بعد الغذاء و قبيل المغرب ، وحتى هذه الأخيرة لا يرتاح فيها إلا قليلا جدا لأنه يستقبل فيها السائلين و المفتين من الطلبة و المواطنين فلا يكاد ينتهي من إجاباتهم إلا مع قرب آذان المغرب .
كان الشيخ منضبطا كل الانضباط حريصا جد الحرص على وقت الدرس و كثيرا ما يزوره شخص ذو قيمة علمية أو مكانة اجتماعية فيظن الطلبة أنها فرصة للراحة و يستبشرون خيرا ، و لكن ما يروعهم إلا أن يروا الشيخ يستعد للدرس أو يدخل إلى القاعة و قد خلف للزائر من يؤنسه
.
و قد ذكر الشيخ المهدي بوعبدلى – رحمه الله – انه جاءه زائرا مع قاضي بجاية و كان وقت الدرس قد آن ، فظن انه لن يتركهما و يلتحق بدرسه ، و لكن بعد أن رحب بهما اعتذر منهما و اقبل على درسه تاركا معهما احد الطلبة الكبار.
حاول الاستعمار الفرنسي أن يضيق عليه الخناق لأنه كان يندد به و يهاجمه و يهاجم أذنابه من الخونة و المرتدين الذين باعوا دينهم ووطنهم بأبخس الأثمان ، و تنكروا لأصالتهم و أمجاد وطنهم.
لكن الله سبحانه و تعالى قيض له رجل هو صديقه الأستاذ احمد بن زكري – رحمه الله – مدير المدرسة الثعالبية الرسمية الذي كان يدافع عنه ، فما إن يبلغ مسامعه أن هناك من يريد به شرا أو يحوم حوله حتى يحول بينه و بين الشيخ الشرفاوي و ذلك لما له من مكانة عند السلطات الفرنسية نظرا للمنصب المرموق و المنزلة العلمية اللتان يتمتع بهما.
أعلنت الزوايا و الطرقية حربا شعواء ضده ، فقد لاقى منهم مقاومة و مغالطة و جحود، فراحوا يشيعون عنه الأكاذيب و انه يفتي بما لم يفتي احد من العالمين و يتهمونه بالجهل بقضايا الدين و بأنه يسب الأولياء و الصالحين و غيرها من الأباطيل.
و هكذا عانى و يعاني رجال العلم و الإصلاح في كل زمان و مكان.

شيوخه و أساتذته:

من الشيوخ الذين اثروا كثيرا في حياة مترجمنا نذكر:
1 - الشيخ عبد القادر المجاوي ( ت سنة1332هـ/ 1914م) : " كان عالما مفكرا عاملا بعلمه، يقوم بتطبيق ما يراه من مناهج الإصلاح وأساليب التربية والتعليم، ابتدأ التدريس في مدينة قسنطينة سنة 1286مدرسا متطوعا، ثم عين مدرسا بجامع الكتاني سنة1290. وتولى التدريس بالمدرسة الكتانية سنة 1295، ثم أبعدته الحكومة الفرنسية من قسنطينة إلى مدينة إلى الجزائر سنة 1316 فدرس في المدرسة الثعالبية ، ونالت دروسه إقبال الناس، وأحبوا فيه صدق اللهجة وصفاء السريرة، وظل يخاطب القلوب ويربي النفوس إلى إن أدركته الوفاة،وله مؤلفات كثيرة منها:
- إرشاد المتعلمين
- المرصاد في مسائل الاقتصاد
- شرح منظومة في إنكار البدع والمفاسد الاجتماعية.
- رسالة في التربية و التعليم
- رسالة في علم الكلام سماها القواعد الكلامية.

2 - الإمام الفقيه الموسوعي ، الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي الذي كان يلقب بالأستاذ الأكبر ( ت 1354 هـ/ 1935 م ) مفتي الديار المصرية، ومن كبار فقهائها، لم ينقطع عن التدريس ، و يذكر الأستاذ الشرفاوي ان شيخه لم ينقطع أبدا عن التدريس و إفادة الطلبة بالإرشاد و التوجيه و إجابة المستفتين من مختلف أرجاء العالم الإسلامي نيفا و ستين سنة.
من مؤلفاته:
- إرشاد الامة إلى أحكام أهل الذمة
- أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدع من الاحكام
- حسن البيان في دفع ما ورد من الشبه على القرآن
- الكلمات الحسان في الاحرف السبعة وجمع القرآن
- القول المفيد في علم التوحيد
و غيرها.
3 - الأستاذ يوسف الدجوي ( ت سنة 1365 هـ/ 1946 م ) من هيئة كبار علماء الأزهر ، و المحرر في مجلة نور الإسلام ، كف بصره في غرة طفولته و رغم هذه العاهة فقد جد في طلب العلوم و المعارف حتى صار قمة شامخة في الفتوى رغم بعض المآخذ التي كان سجلها عليه معاصروه، من مؤلفاته:
- رسائل السلام ووسائل الإسلام.
- الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف في الكتاب الشريف.
- تنبيه المؤمنين لمحاسن الدين.
- الرد على كتاب الإسلام و أصول الحكم لمصطفى عبد الرزاق.
و مما يروي عنه الشيخ الشرفاوي حرصه الشديد على التحدث بالعربية الفصحى حيث يرى أن للأمة العربية شخصيتها التاريخية العظيمة و لا سبيل إلى التعرف عليها إلا بواسطة هذه اللغة.

تلامذته:

كان عدد الطلبة الذين تخرجوا على يديه بالمعهد اليلولي خلال عشرة أعوام – و هي المدة التي قضاها فيه – لا يعد و لا يحصى ، إذ وصل عددهم في بعض السنوات إلى 300 طالب من مختلف أرجاء الوطن ، استفادوا من علمه و طريقته في التربية و التعليم ، يذكر تلميذه محمد الصالح الصديق منهم:
- الأستاذ الأديب نعماني المكي
- الأستاذ الشيخ احمد حسين الطالب بجامع الزيتونة الذي كان يلتحق بالمعهد اليلولي في العطل الصيفية لان عطلة الزيتونة طويلة ، و قد تولى التدريس بمعهد الامام ابن باديس ، ثمة مديرا للشؤون الدينية ، ثم عضوا بالمجلس الإسلامي ، و كان رحمه الله يقول عن أستاذه الشرفاوي: " عرفت الشرفاوي بمعرفة أساتذة الزيتونة المشاهير فهو لا يقل عنهم و يفوق بعضهم.
- الأديب الأستاذ العربي بن عيسى الذي لقبه ابن باديس بالقمقوم لتضلعه في اللغة العربية ، و قد التحق بالمعهد بعد الدراسة على عبد الحميد بن باديس في أوائل الأربعينات ، و كان يعينه بإلقاء الدروس في اللغة و الأدب و القواعد.
- الأستاذ العربي سعدوني – رحمه الله – الذي تولى وزارة الأوقاف خلال الستينات ، و كان الشيخ يحبه و يرأف عليه.
- صديقي الطيب المجاهد الكبير الذي ترقى أثناء الثورة التحريرية حتى وصل الى رتبة رائد ، و هو الآن عضو الأمانة الوطنية للمجاهدين.

و غيرهم ممن أفادوا قومه و رفعوا لواء الإسلام و العربية في ربوع الجزائر الطاهرة.

وفاته:

توفي رحمه الله زوال يوم الاربعاء 11 محرم 1364 هـ ، بعد مرض اصابه اثر نزلة برد ، و شيعت جنازته في مشهد رهيب حضره العلماء و الاعيان و الطلبة و جمهور كبير ، و صلى عليه و ابنه تلميذه الأستاذ العربي بن عيسى الملقب بقمقوم في زاوية شرفة بهلول.

مؤلفاته:

" ... ألف كتبا كثيرة قيمة في مختلف الفنون، و لكنها مع الأسف الشديد ضاعت معظمها خلال الثورة التحريرية، و منها ما نهبه الناهبون الذين طمس الله على قلوبهم فعليها غباوة و على أعينهم غشاوة و على ضمائرهم كدرة ، منها:
1- كتاب (( الخلاصة المختارة في فضلاء زواوة))
2- كتاب (( إرشاد الطلاب إلى ما في الآيات من الإعراب))
و الكتاب كما ترشدنا أوراق منه اطلعنا عليها عند طلبة الشيخ ...انه يعنى بالقرآن [ الكريم ] من حيث اللغة و الإعراب ، فهو يشرح الكلمة الغامضة ثم يعربها أو يعرب كامل الجملة مع إيراد ما يوافق ذلك من كلام العرب الفصيح ، و قد يدير حول الآية سؤالا و يثيرا استشكالا ثم يعالج تاويلها و توجيهها بطريقة الباحث البصير و الناقد الخبير ... و الكتاب – حسب هذه الاوراق – ينطق بقوة النظر ، و عمق التفكير ، و دقة الاستنتاج و حسن التصرف و طول الباع.3- كتاب (( الدروس الانشائية لطلبة زوايا الزواوية )):
4- كتاب : (( بغية الطلاب في علم الآداب ))
5- (( الرسالة الفتحية في الاعمال الجيبية )) و لم نعثر من هذا الكتاب الا على ورقة عند شيخ يناهز عمره المائة سنة ، و كان بالورقة ضنينا لانه يتبرك بها – حسب قوله – و لم يسمح بتصويرها الا بعد محاضرة طويلة القيناها عليه فيما ينتظره من الأجر العظيم عند الله تبارك و تعالى اذا سمح بها ".أ.هـ.

مقالاته :

يتعذر استقصاء ما نشره في الصحف المصرية أو الجزائرية لقلة المراجع ( منها النجاح ، الصديق، مجلة الإسلام الأزهرية ، الثبات ، الأمة).
أما أكثر المقالات فقد نشرها في البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ففي سنة 1936 م نشر سلسلة من المقالات حول اثبات هلال ومضان بالطريقتين الشرعية و الفلكية.
وفي سنة 1938 م نشر سلسلة مقالات اختار لها عنوانا هذه الآية الكريمة من قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }النحل125 .
بين فيها شروط الدعوة إلى الإصلاح ، و أن للإصلاح فروعا كثيرة و مسالك متشعبة
شخصيته و صفاته:

عرفنا من خلال سردنا لترجمة الشيخ الشرفاوي - رحمه الله - قوة العزيمة و الصمود و الكفاح من اجل طلب العلم و المعرفة منذ صغره ، و أفسح المجال لتلميذه محمد الصالح الصديق – حفظه الله – يحدثنا عن شخصية شيخه فيقول: (( ... كان رحمه الله ثابت العقيدة لا يتذبذب، صادق الإيمان لا يشك، رزين الطبع لا يستخفه طرب، و لا يستفزه غضب ، عفيف لا يفتح فمه لهجر ، و لا أذنه للغو... وكانت حياته منذ الطفولة سلسلة متصلة الحلقات من متاعب و مشاق و حرمان
و حتى بعد عودته من مصر إلى الجزائر و استقراره بمسقط رأسه بين أهله و خلانه لم يذق طعم الحياة أو طعم الراحة النفسية ، اذ كان أعداء العلم و الإصلاح يكدرون عليه صفو حياته ، فعوض ان يقابلوه بالتكريم و التقدير و الاعتزاز و يحاولون أن ينتفعوا بعلمه قابلوه بالجحود و التنكر و بالإعراض و الهجران ، و بالمكائد و الدسائس و ما كل ذلك لم يهن عزمه ، و لم تلن قناته ، و لم يضعف يوما او يتخل عن نضاله الفكري و الإصلاحي و دعوته إلى الكتاب و السنة و لسان حاله يقول :
مناي من الدنيا علوم أبثها .... و انشرها في كل بــاد و حاضــر
دعاء إلى الكتاب و السنة التي... تناسى رجال ذكرها في المحاضر
يراه من لا يعرفه فيهابه لأول وهلة و يحسبه خشن الطبع مما يوحي به مظهره من المهابة و الجلال ، و ينطق به وجهه من التحدي ، و لكنه لا يلبث أن يغير رأيه فيه عندما يفاتحه بالحديث فيجده طيب النفس ، رقيق المزاح ، مرهف الحس ، متدفق الشعور ، يعجب بالخبر الطريف ، و يرتاح للفكاهة المسلية ، و يميل إلى النوادر الحلوة ، كما يهتز للبطولة ، و يطرب للمنظر الجميل ، و يرتاع للمشهد البائس
و كان درسه لا يمل بالرغم من مستوى الطلبة العلمي لأنه كلما أحس بفتور يغزو أو يهدد حلقة الدرس استأنس بنادرة من نوادر الظرفاء ، أو طرفة من طرف النبلاء ، فتنشط العقول و تنتعش النفوس ، فتعود إلى مواكبة الدرس بعزيمة و عناية ، و قد لاحظ فيه هذا الطبع حتى حساده و الذين عجزوا عن ملاحقته فذكروه و سجلوه، يضاف إلى ذلك كله ذوقه في ميدان التقى و الورع ، فهو يواظب على تلاوة القرآن الكريم بقلب خاشع و نفس متهدلة ، و عقل بصير ، و تدمع عيناه إذا مرت به آية في عظمة الله تعالى أو في رحمته و عذابه حتى تخضل الدموع ثوبه و كان في شهر رمضان يعني بالقرآن الكريم عناية خاصة و يتوافر توافرا جديا على تدبر معانيه ، و استنتاج أسراره و الغوص على جواهره...و تذكر زوجته أنها إذا طهت طعاما خاصا في مناسبة او في موسم أوصاها أن تكثر منه و تذيق الجيران الفقراء و كان يقول لها ما معناه ومؤداه : " للمسلم عيد يوم الجمعة و للنصراني يوم الأحد و لليهودي يوم السبت ، أما عيد الفقير فهو يوم يسرُ فيه.
"
و إذا أرسلت إليه هدية مما يؤكل أوصى زوجته بأن لا تنس الجيران)).

المصادر و المراجع :

- " الشيخ الرزقي الشرفاوي حياة و آثار ، شهادات و مواقف " لمحمد الصالح الصديق - دار الأمة ، الطبعة الأولى 1998م [ و من هذا الكتاب كانت معظم مادة هذه الترجمة ].
- " أعلام من منطقة القبائل " لمحمد الصالح الصديق - ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 2007م.
- " الأعلام " خير الدين الزركلي - دار العلم للملايين - بيروت لبنان- الطبعة الخامسة أيار (مايو) 1980 م.
- " الجزائر أرض عقيدة و ثقافة" ( باللغة الفرنسية ) تأليف الوزير السابق كمال بوشامة – طبع دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع – الجزائر 2007 م.
- مجلة الثقافة الجزائرية - العدد 22 – شهر سبتمبر 1996م.
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قال الشيخ الرزقي الشرفاوي الأزهري:

" ... و قد جاء كتاب الله يشرح للمسلمين العقائد و قواعد الشرائع و فلسفة الآداب و سياسة الشعوب يخبرهم عن الماضي و الأتي و يحكي لهم مخبآت الضمائر و ما تكنه الصدور و يرشدهم الى الاعتبار بأنواع المخلوقات ، و يصف لهم الكائنات بأنواعها من حيوان و نبات و جماد و ما فيها من ضروب الحكم و أنواع الاعتبار و هو يؤيد بعضه بعضا { لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه } الآية ، يبين لهم سنن الاجتماع و نواميس العمران و طبائع العلل موافقا للفطرة في أوامره و نواهيه متفقا مع المصلحة العامة في تعاليمه يتصافح مع العلم و يتآخى مع الدليل و يتعانق مع المدينة في كل مكان و زمان ، و بالجملة انك لا ترى مسألة أخلاقية بين علماء العمران و علماء الاجتماع و مقرري الآيات و العادات و علماء الاقتصاد إلا وجدت كتاب الله أتى على آخر رأي فيها مما رجعوا إليه بعد الاختلاف و طول المطاف ، و من اطلع على ما قدمه علماء الاجتماع و الأطباء لحكوماتهم في أوروبا من التقارير في شأن الطلاق و المضاربات في تحريم الخمر و الخنزير علم ما قلناه "

جريدة الامة الجزائرية لصاحبها أبو اليقضان
عدد 55 تاريخ 17 ديسمبر 1935م.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

" ... إن القرآن[ الكريم ] نزل لهداية البشر إلى ما فيه صلاح الدنيا والآخرة، وهذه الغاية بثلاثة أمور أولها تصحيح عقائد فيما يختص بذات الإله وما يجب لها من صفات الكمال، وثانيها تهذيب الأخلاق بالمواعظ الحسنة وتكميل النفوس وترغيبها في العبادات والأعمال الصالحة والأخلاق الطيبة التي أجمعت العقول على حسنها، وثالثها إصلاح حال الجماعة بتجديد علائق بعضهم ببعض ووصف العلاج الناجع الذي يشفي الجماعة من أمراضها المستعصية وهو في كل ذلك لم يعرض إلا قليلا لجزئيات الأمور، لأن الجزئيات كثيرة التغير سريعة التحول، فقرر القواعد العامة التي تتمارى العقول فيها والتي ترمي إلى إصلاح العقول والنفوس من غير إخلال بمصالح الجسد، واكتفى من الجزئيات بذكر ما فيه نقع ظاهر أو ما فيه ضرر بَيِِنٌ.
فالقرآن [الكريم] لم ينزل لتقرير قواعد العلوم وتفصيل مسائل الفنون إذ لو كذلك لكان كسائر الكتب العلمية التي لا ينتفع بها إلا قليل من الناس، وإذا يفوت الغرض المقصود منه – أعني هداية البشر- ولو انزل تفصيل قواعد العلوم وتفصيل مسائلها لاستنفد عمر الإنسانية في إدراك قواعده والتصديق بمسائله، فهو إذا عرض لذكر شيء من الآيات الكونية في سياق التدليل بها على ما يقرره من القضايا فإنما يتناوله بالقدر الذي يشترك في التسليم به كافة الناس عامتهم وعلماؤهم، ويلفت الأذهان إلى ما في تلك الآيات من أسرار تدق عقول الدهماء في أسلوب يحفز العقول إلى المعرفة، ويستثير ما كمن في النفوس من القوى إلى التبسط في العلم واستجلاء آيات الله في الكائنات مجزلا للعلماء حظهم من الثناء والتكريم.
فتراه حين يدلل على وحدانية الله بما في خلق السموات والأرض، وكذا اختلاف الليل والنهار، والفلك التي تجري في البحر وما ينفع الناس إلى غير ذلك من الآيات الكونية تراه حين يدلل على الوحدانية في هذه الكائنات وغيرها من سنن ثابتة محكمة مطردة تدل على وحدانية الله سبحانه وتعالى وقدرته، وان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ومعرفة ما فيها من آيات، ويسوق النفوس والهمم إلى البحث واستجلاء ما في الكائنات من أسرار.
محمود محمد الغمراوي.
مجلة الشهاب العدد 68 الخميس 11 جمادى الأولى 1345هـ/ 15 نوفمبر 1927م. الصفحة 16 .
 
[align=center]قال قتادة:
( ماجالس القرآن أحد إلا فارقه بزيادة أو نقصان)
ثم قرأ:
(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا)
[/align]
 
رحم الله الإمام عبد الله بن محمد الأندلسي يوم أن قال في قصيدته البديعة، الموسومة «بنونية القحطاني» عن وصف القرآن وفضله:

تنزيلُ رب العالمين ووحيهُ
بشهادة الأحبار والرهبان

وكلامُ ربي لا يجئ بمثله
أحد ولو جمعت له الثقلان

وهو المصون من الأباطل كلها
ومن الزيادة فيه والنقصان

من كان يزعم أن يباري نظمه
ويراه مثل الشعر والهذيان

فليأت منه بسورةٍ أو آيةٍ
فإذا رأى النظمين يشتبهان


فلينفرد باسم الألوهية وليكنْ
رب البرية وليقلْ سبحانى



فإذا تناقض نظمه فليلبسنْ

ثوب النقيصة صاغرًا بهوان



أو فليقرَ بأنه تنزيل من
سماهُ في نصِ الكتاب مثاني


لا ريب فيه بأنه تنزيلهُ
وبدايةُ التنزيل في رمضان

الله فصله وأحكم آيهُ
وتلاه تنزيلاً بلا ألحان


هو قوله وكلامه وخطابهُ



بفصاحةٍ وبلاغةٍ وبيان


هو حكمه هو علمه هو نورهُ



وصراطهُ الهادي إلى الرضوان


جمع العلوم دقيقها وجليلها



فيه يصولُ العالم الرباني


قصصٌ على خير البرية قصهُ



ربي فأحسن أيما إحسان


وأبان فيه حلاله وحرامهُ



ونهى عن الآثامِ والعصيان


من قال إن الله خالقُ قولهِ



فقد استحلَ عبادةَ الأوثان



وقال رحمه الله أيضًا:
قلْ غيرُ مخلوقٍ كلام إلهنا



وأعجلْ ولاتكُ في الإجابة واني


وكلامه صفةٌ له وجلالةٌ



منه بلا أمدٍ ولا حدثان



وقال العلامة حافظ بن أحمد حكمي رحمه الله في قصيدته الموسومة«بسلم الوصول إلى علم الأصول» في التوحيد:

كلامُهُ جل عن الإحصاءِ



والحصرِ والنفادِ والفناءِ


لو صار أقلامًا جميع الشجرِ



والبحر تلقى فيه سبعةٌ أبحرِ


والخلق تكتبه بكل آنِ



فنت وليس القول منهُ فان


والقول في كتابه المفصلْ



بأنه كلامه المنزلْ

على الرسول المصطفى خيرِ الورى



ليس بمخلوقٍ ولا بمفترى


يُحفظ بالقلب وباللسان



يُتلى كما يُسمع بالآذان


كذا بالأبصار إليه ينظرُ



وبالأيادي خطه يسطرُ


وكل ذي مخلوقة حقيقةْ



دون كلام بارئ الخليقة










وقال أيضًا رحمه الله:
جلت صفاتُ ربنا الرحمن



عن وصفها بالخلقِ والحدثان


فالصوت والألحان صوتُ القاري



لكنما المتلو قول الباري


ما قالَهُ لا يقبل التبديلا



كلا ولا أصدق منهُ قيلا

وأعتذر لقلة التنسيق لأني على عجل..
 

" ... فبَيِّنٌ ألا بيانَ أبْيَنُ ، ولا حكمةَ أبلغُ ، ولا منطقَ أعلى ، ولا كلامَ أشرفُ - مِن بيانٍ ومنطقٍ تحدّى به امرؤٌ قوماً في زمانٍ هم فيه رؤساءُ صناعةِ الخُطَبِ والبلاغةِ ، وقيلِ الشعرِ والفصاحةِ ، والسجعِ والكِهانةِ ، على كلِّ خطيبٍ منهم وبليغٍ ، وشاعرٍ منهم وفصيحٍ ، وكلِّ ذي سجعٍ وكِهانةٍ - فسفَّه أحلامَهم ، وقصَّر بعقولِهم ، وتبرّأ من دينهم ، ودعا جميعَهم إلى اتِّباعِه ، والقبولِ منه والتصديقِ به ، والإقرارِ بأنه رسولٌ إليهم من ربهم ، وأخبرهم أن دلالتَه على صدقِ مقالتِه ، وحجّتَه على حقيقةِ نبوتِه ، ما أتاهم به من البيانِ والحكمةِ والفُرقانِ ، بلسانٍ مثلِ ألسنتِهم ، ومنطِقٍ موافقةٍ معانيه معانيَ منطقهم ، ثم أنبأ جميعَهم أنهم عن أن يأتوا بمثل بعضِه عَجَزةٌ ، ومن القُدرة عليه نقَصةٌ ، فأقرَّ جميعُهم بالعجزِ ، وأذْعَنوا له بالتصديقِ ، وشهِدوا على أنفسِهم بالنقصِ ، إلا مَن تجاهل منهم وتعامى ، واستكبر وتعاشَى ، فحاول تكلُّفَ ما قد علِم أنه عنه عاجزٌ ، ورام ما قد تيقَّن أنه عليه غير قادرٌ ، فأبدى مِن ضعفِ عقلِه ما كان مُستتِرا ، ومن عِيِّ لسانه ما كان مَصوناً ، فأتى بما لا يَعجِزُ عنه الضعيفُ الأخرقُ ، والجاهل الأحمقُ ... " .
[ تفسير الطبري 1 / 10 ح التركي ]

" ... فبَيِّنٌ أن القرآن آيات بيناتٌ في صدورِ الذين أوتوا العلم ، فإنه من أعظم الآيات البينة الدالة على صدق مَن جاء به ، وقد اجمتع فيه من الآيات ما لم يجتمع في غيره ، فإنه هو الدعوة والحجة ، وهو الدليل والمدلول عليه والحكم ، وهو الدعوى ، وهو البينة على الدعوى ، وهو الشاهد والمشهود به " .
[ دقائق التفسير ، لابن تيمية 2 / 298 ح الجليند ]

 
عودة
أعلى