أفضل ما قيل في القرآن .... أضف قولاً


يقول العلامة حافظ حكمي رحمه الله في ميميته:

96-هُوَ الكِتابُ الذي مَن قامَ يَقْرَؤُهُ .. كَأنَّما خاطَبَ الرَّحْمَنَ بالكَلِمِ
97-هُوَ الصِّراطُ هُو الْحَبْلُ الْمَتِينُ هُوَ الْ.. ميزانُ والعُرْوَةُ الوُثْقَى لَمُعْتَصِمِ
98-هُو البَيانُ هُو الذِّكْرُ الْحَكِيمُ هُوَ التْ.. َتَفْصِيلُ فاقْنَعْ بِهِ فِي كُلِّ مُنْبَهِمِ
99-هُو البَصائِرُ والذكرَى لِمُدَّكِرٍ ...هو الْمواعِظُ والبُشْرى لِغَيرِ عَمِي
100-هُو الْمُنَزَّلُ نُورًا بَيِّنًا وهُدًى وهو... الشِّفاءُ لِما فِي القَلْبِ مِن سَقَمِ
101-لَكَنَّهُ لِأُولِي الإيمانِ إذْ عَمِلُوا ...بِما أتَى فِيه مِنْ عِلْمٍ ومِنْ حِكَمِ
102-أمَّا عَلى مَن تَوَلّى عنه فهو عَمًى... لِكَوْنِهِ عَنْ هُداهُ الْمُسْتَنيرِ عُمِي
103-فمَنْ يُقِمْهُ يَكُنْ يَومَ الْمَعادِ لَهُ... خَيرَ الإِمامِ إلَى الفِرْدَوسِ والنِّعَمِ
104كمَا يَسُوقُ أولِي الإِعْراضِ عنهُ إلَى... دارِ الْمَقامِعِ والأَنْكالِ والألَمِ

إلى آخر وصيته المتينة بكتاب الله عز وجل
وأوصيكم بالرجوع إليها مضبوطة وإلى شرحها للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله من موقعه بصيغة PDF




 
كلام قديم لا يمل سماعــــه *** تنزه عـن قـــول وفعل ونيتــــي

به أشتفي من كل داء ونوره *** دليل لقلبي عند جهلي وحيرتي
فيا ربِّ متعني بسر حروفه *** ونوِّر به سمعي وقلبـي ومقلتي


منقول عن أحد المواقع

البيت الأول فيه إشكال ، ويحتاج إلى شرح وإيضاح ؛ فمن يبينه لنا مشكوراً.

أراد الناظم أن يقول في البيت الأول:

ـ إن كلام الله ليس بحرف ولا صوت.
ـ وإلى أنه غير مخلوق.
ـ وإلى أنه غير حال في شيء مخلوق.

فأشار إلى ذلك كله بقوله: "قديم" ثم فصل وأكد تنزهه عن الحرف والصوت بقوله : "تنزه عن قول" وأشارة إلى أنه غير مخلوق بقوله: "وفعل" وأشار إلى أنه غير حال في شيء مخلوق بقوله: "ونيتي"

وقائل الأبيات هو ابن عراق الكناني الدمشقي وهو أشعري المعتقد رحمه الله

معرفتي بهذه الأبيات ومعانيها جاءت لأني أدرس في الأزهر المذهب الأشعري وكثير ما ترد هذه المصطلحات في كتب العقيدة
جزاكم الله خيرا
 
من أجمل ما قرأت لسيد قطب رحمه الله عن القرآن :
ًإنّ إيقاع هذا القرآن المباشر في حِسِّي مُحال أن أُترجمه في ألفاظي وتعبيراتي ، ومن ثَمَّ أحس دائما بالفجوة الهائلة بين ما أستشعره منه وما أترجمه للناس في هذه الظلال ..ًً

بارك الله فيك أخ أبو مريم الجزائري على هذه النافذة العطرة ...
 
{قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }الإسراء88
اعتقد انه لن يمدح احد القران كمدح قائله جل في عليائه.
 
كلام نفيس للإمام أبي سليمان الخطابي في أثر القرآن في النفوس

كلام نفيس للإمام أبي سليمان الخطابي في أثر القرآن في النفوس

قال الإمام الخطابي رحمه الله :
" إنك لا تسمع كلاما غير القرآن ، منظوما و لا منثورا ، إذا قرع السمع خلص له القلب من اللذة و الحلاوة في حال ، ومن الروعة و المهابة في أخرى ، ما يخلص منه إليه ، تستبشر به النفوس ، و تنشرح له الصدور ، حتى إذا أخذت حظها منه ، عادت مرتاعة ، قد عراها الوجيب والقلق ، و تغشاها الخوف و الفرق ، تقشعر منه الجلود، و تنزعج له القلوب ، يحول بين النفس ومضمراتها وعقائدها الراسخة فيها ... "
ثلاث رسائل في إعجاز القرآن :70 ـ الطبعة الرابعة ـ دار المعارف
 

مقولة سمعتها وأتمنى أجد قائلها و مصدرها :
" من قدر على هذا الكتاب فهو على غيره من العلوم أقدر".​
 
كتابٌ منزلٌ ميسرٌ مبينٌ آياتٌ بيناتٌ مباركٌ
نورٌ عزيزٌ محكمٌ هدايةٌ موعظةٌ شفاءٌ رحمةٌ وبشرى للمؤمنين
(إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ) الإسراء(9)
(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) الشورى(52)
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)) فصلت
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) يونس(57)​
 
هذه اعترافات بعض مفكري الغرب والشرق عن القرآن الكريم ، وجدت هذا الموضوع أولى بها .

القرآن هو الكتاب الذي يقال عنه (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) توماس كارليل

كلما قرأت القرآن شعرت أن روحي تهتز داخل جسمي. غوتة

لم يعتر القرآن أي تبديل أو تحريف ، وعندما تستمع إلى آياته تأخذك رجفة الإعجاب والحب ، وبعد أن تتوغل في دراسة روح
التشريع فيه لا يسعك إلا أن تعظم هذا الكتاب العلوي وتقدسه. أرنست رينان

سوف تسود شريعة القرآن العالم لتوافقها وانسجامها مع العقل والحكمة. لقد فهمت ... لقد أدركت ... ما تحتاج إليه البشرية هو شريعة سماوية تحق الحق ، وتزهق الباطل. ليوتولستوي

لا يوجد في تاريخ الرسالات كتاب بقي بحروفه كاملا دون تحوير سوى القرآن الذي نقله محمد. الأمريكي مايكل هارت

القرآن كتاب الكتب ، وإني أعتقد هذا كما يعتقده كل مسلم. غوتة

سمع العالم الفلكي (جيمس جينز) العالم المسلم (عناية الله المشرقي) يتلو الآية الكريمة (إنما يخشى الله من عباده العلماء) فصرخ قائلا: مدهش وغريب ! إنه الأمر الذي كشفت عنه بعد دراسة استمرت خمسين سنة! ، من أنبأ محمدا به؟ هل هذه الآية موجودة في القرآن حقيقة؟! لو كان الأمر كذلك فأنا أشهد أن القرآن كتاب موحى به من عند الله. جيمس جينز

لما وعد الله رسوله بالحفظ بقوله (والله يعصمك من الناس) صرف النبي حراسه ، والمرء لا يكذب على نفسه ، فلو كان لهذا القرآن مصدر غير السماء لأبقى محمد على حراسته ! العلامة بارتلمي هيلر

لا شك في أن القرآن من الله ، ولا شك في ثبوت رسالة محمد. الدكتور إيرنبرج أستاذ في جامعة أوسلو

لا أجد صعوبة في قبول أن القرآن كلام الله ، فإن أوصاف الجنين في القرآن لا يمكن بناؤها على المعرفة العلمية للقرن السابع ، الاستنتاج الوحيد المعقول هو أن هذه الأوصاف قد أوحيت إلى محمد من الله. البروفيسور يوشيودي كوزان - مدير مرصد طوكيو

لما بلغ غوته السبعين من عمره ، أعلن على الملأ أنه يعتزم أن يحتفل في خشوع بتلك الليلة المقدسة التي أنزل فيها القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. غوته
 
جاء عن سفيان الثوري رحمه الله أنه إذا قرأ هذه الآية (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً) [الإسراء: 41]؛ يقول:
"زادني لك خضوعًا ما زاد أعداءك نفورًا" [الكشاف (2/362)].
 



إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم

(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ )


 
شكر الله لكم انتقاء الموضوع رائع وموفق وكذا ماذكر من نقولات، ومن النقولات التي أضيفها قال أبو عبيد( لا يسأل عبد عن نفسه إلا بالقرآن فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام) هذا في المحبة وهو الأصل .
قال الآجري (المؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرض القرآن فكان كالمرآة يرى بها ماحسن من فعله وماقبح ،فماحذره مولاه حذره وما خوفه من عقابه خافه، وما رغب فيه مولاه رغبه ورجاه فمن كانت هذه صفته أو ماقارب هذه الصفة تلاه حق تلاوته) وهذا أصل في التأدب بآدابه دون اشتراط وجوب ذلك ،وأصل في اجتناب ماقبح دون اشتراط حرمته وهذا حال من عرف الله فأحبه واستحيا منه ،وهو أمر ينبغي تربية النفس عليه وكذا التركيز عليه في التربية عموما .
قال ابن تيمية (من تدبر القرآن طالبا الهدى منه تبين له طريق الحق) وهذا حق كما قال رحمة الله عليه وإلا فإن القراء كثير وطريق الحق بين ومع ذلك يكثر الجهل والمعصية والزيغ...
قال السيوطي(تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام فينشأوون على الفطرة ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها وسوادها بأكدار المعصية والضلال) وهذا هو أصل لازم ينبغي أن يلحظه المربون اليوم والذين يعنون بعلوم أخرى دون القرآن ولايلحظون غب ترك تعلم القرآن على أمة القرآن.
والقول الأخير مما أردده كثيرا وقد ذكره من سبقني قول ابن قيم ( ليس شيء أنفع للعبد...)نعم هو نفع وهداية وسعادة وانشراح صدر نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن وأن يجعله شفيعا لنا والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
 
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر أبو حيان ( ت 754 هـ) رحمه الله في خطبة تفسيره الأبيات التالية :
نعم السمير كتاب الله أن له حلاوة هي أحلى من جنى الضرب
به فنون المعاني قد جمعن فما يفتن من عجب إلا إلى عجب
أمرٌ ونهيٌ وأمثالٌ وموعظةٌ وحكمةٌ أُودعت في أفصح الكتب
لطائفٌ يجتليها كل ذي بصر وروضةٌ يجتنيها كل ذي أدب

يرى العبد الفقير: سبحان من كلامه القرآن الكريم ...والله تعالى اعلم .
 
إنه حديث يبدأ من نقطة البدء ...
فلا يتطلب من قارئه انضواءً تحت راية معينة؛ ولا اعتناقًا لمذهب معين، ولا يفترض فيه تخصصًا في ثقافة معينة؛ ولا حصولًا على مؤهل معين، بل إنه يناشده أن يعود بنفسه صحيفة بيضاء؛ إلا من فطرة سليمة؛ وحاسة مرهفة؛ ورغبة صادقة في الوصول إلى الحق .
ان مثل صنعة البيان كمثل صنعة البنيان، فالمهندسون البناءون لا يخلقون مادة بناء لم تكن في الأرض، ولا يخرجون في صنعتهم عن قواعدها العامة، ولا يعدو ما يصنعونه أن يكون جدرانًا مرفوعة، وسقفًا موضوعة، وأبوابًا مشرعة، ولكنهم تتفاضل صناعاتهم وراء ذلك في اختيار أمتن المواد وأبقاها على الدهر، وأكنّها للناس من الحر والقر، وفي تعميق الأساس وتطويل البنيان، وتخفيف المحمول منها على حامله، والانتفاع بالمساحة اليسيرة في المرافق الكثيرة، وترتيب الحجرات والأبهاء، بحيث يتخللها الضوء والهواء، فمنهم من يفي بذلك كله أو جله، ومنهم من يخل بشيء منه أو أشياء.. إلى فنون من الزينة والزخرف يتفاوت الذوق الهندسي فيها تفاوتًا بعيدًا.

كذلك ترى أهل اللغة الواحدة يؤدون الغرض الواحد على طرائق شتى يتفاوت حظها في الحسن والقبول، وما من كلمة من كلامهم ولا وضع من أوضاعهم بخارج عن مواد اللغة وقواعدها في الجملة. ولكنه حسن الاختيار في تلك المواد والأوضاع قد يعلو بالكلام حتى يسترعي سمعك، ويثلج صدرك، ويملك قلبك. وسوء الاختيار في شيء من ذلك قد ينزل به حتى تمجه أذنك، وتغشى منه نفسك، وينفر منه طبعك.
ذلك أن اللغة فيها العام والخاص، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، وفيها العبارة والإشارة والفحوى والإيماء، وفيها الخبر والإنشاء، وفيها الجمل الاسمية والفعلية، وفيها النفي والإثبات، وفيها الحقيقة والمجاز، وفيها الإطناب والإيجاز، وفيها الذكر والحذف، وفيها الابتداء والعطف، وفيها التعريف والتنكير، وفيها التقديم والتأخير، وهلم جرا..
ومن كل هذه المسالك ينفذ الناس إلى أغراضهم، غير ناكبين بوضع منها عن أوضاع اللغة جملة، بل في شعابها يتفرقون، وعند حدودها يلتقون.
بيد أنه ليس شيء من هذه المسالك بالذي يجمل في كل موطن، وليس شيء منها بالذي يقبح في كل موطن، إذًاً لهان الأمر على طالبه، ولأصبحت البلاغة في لسان الناس طعمًا واحدًا، وفي سمعهم نغمة واحدة. كلا، فإن الطريق الواحد قد يبلغك مأمنك حينًا، ويقصر بك عن غايتك حينًا آخر، ورب كلمة تراها في موضع كالخرزة الضائعة ثم تراها بعينها في موضع آخر، كالدرة اللامعة. فالشأن إذًا في اختيار هذه الطرق أيها أحق بأن يسلك في غرض غرض، وأيها أقرب توصيلًا إلى مقصد مقصد؛ ففي الجدال أيها أقوم بالحجة، وأدحض للشبهة، وفي الوصف أيها أدق مثيلًا للواقع، وفي موطن اللين أيها أخف على الأسماع وأرفق بالطباع، وفي موطن الشدة أيها أشد اطلاعًا على الأفئدة بتلك النار الموقدة، وعلى الجملة أيها أوفى بحاجات البيان وأبقى بطراوته على الزمان.
وهكذا .. القرآن ، أنه في كل شأن يتناوله من شئون القول يتخير له أشرف المواد، وأمسها رحمًا بالمعنى المراد، وأجمعها للشوارد، وأقبلها للامتزاج، ويضع كل مثقال ذرة في موضعها الذي هو أحق بها وهي أحق به، بحيث لا يجد المعنى في لفظه إلا مرآته الناصعة، وصورته الكاملة، ولا يجد اللفظ في معناه إلا وطنه الأمين، وقراره المكين. لا يومًا أو بعض يوم، بل على أن تذهب العصور وتجيء العصور، فلا المكان يريد بساكنه بدلًا، ولا الساكن يبغي عن منزله حِوَلًا.. وعلى الجملة يجيئك من هذا الأسلوب بما هو المثل الأعلى في صناعة البيان.
هذا مطلب له دليله، وإجمال له تفصيله، ... وليس كل كلام عربي ككل كلام عربي، وأن هذه الناحية اللغوية جديرة بأن تتافوت فيها القوى نازلة إلى حد العجز، أو صاعدة إلى حد الإعجاز.
فإن كنتَ قد أوتيت حظك من معرفة فروق الكلام والمَيْز بين أساليبه فاقرأ ما شئت من خطب العرب وأشعارها، وحكمها وأمثالها، ورسائلها ومحاوراتها، متتبعًا في ذلك عصور الجاهلية والإسلام على اختلاف طبقاتها، ثم افتح صفحة من هذا الكتاب العزيز وانظر ماذا ترى؟
أسلوب عجب، ومنهج من الحديث فذ مبتكر، كأن ما سواه من أوضاع الكلام منقول، وكأنه بينها على حد قول بعض الأدباء: "وضع مرتجل" لا ترى سابقًا جاء بمثاله، ولا لاحقًا طبع على غِراره، فلو أن آية منه جاءتك في جمهرة من أقوال البلغاء لدلت على مكانها. واستمازت من بينها، كما يستميز اللحن الحساس بين ضروب الألحان، أو الفاكهة الجديدة بين ألوان الطعام.
دع القارئ المجود يقرأ القرآن يرتله حق ترتيله نازلًا بنفسه على هوى القرآن، وليس نازلًا بالقرآن على هوى نفسه. ثم انتبذ منه مكانًا قصيًّا لا تسمع فيه جرس حروفه، ولكن تسمع حركاتها وسكناتها، ومداتها وغناتها، واتصالاتها وسكتاتها، ثم ألق سمعك إلى هذه المجموعة الصوتية، وقد جردت تجريدًا وأرسلت ساذجة في الهواء. فستجد نفسك منها بإزاء لحن غريب عجيب لا تجده في كلام آخر لو جرد هذا التجريد، وجود هذا التجويد.
.. إن أول شيء أحسته تلك الأذن العربية في نظم القرآن هو ذلك النظام الصوتي البديع الذي قسمت فيه الحركة والسكون تقسيمًا منوعًا يجدد نشاط السامع لسماعه، ووزعت في تضاعيفه حروف المد والغنة توزيعًا بالقسط الذي يساعد على ترجيع الصوت به وتهادي النفس به آنًا بعد آن، إلى أن يصل إلى الفاصلة الأخرى فيجد عندها راحته العظمى، وهذا النحو من التنظيم الصوتي إن كانت العرب قد عمدت إلى شيء منه في أشعارها فذهبت فيها إلى حد الإسراف في الاستهواء، ثم إلى حد الإملال في التكرير. فإنها ما كانت تعهده قط ولا كان يتهيأ لها بتلك السهولة في منثور كلامها سواء منه المرسل والمسجوع؛ بل كان يقع لها في أجود نثرها عيوب تغض من سلاسة تركيبه، ولا يمكن معها إجادة ترتيله إلا بإدخال شيء عليه أو حذف شيء منه.

.. فإذا ما اقتربت بأذنك قليلًا قليلًا، فطرقت سمعك جواهر حروفه خارجة من مخارجها الصحيحة، فاجأتك منه لذة أخرى في نظم تلك الحروف ورصفها وترتيب أوضاعها فيما بينها؛ هذا ينقر وذاك يصفر، وثالث يخمس ورابع يجهر، وآخر ينزلق عليه النفَس، وآخر يحتبس عنده النفس. وهلم جرا، فترى الجمال اللغوي ماثلًا أمامك في مجموعة مختلفة مؤتلفة، لا كركرة ولا ثرثرة، ولا رخاوة ولا معاظلة، ولا تناكر ولا تنافر. وهكذا ترى كلامًا ليس بالحضري الفاتر، ولا بالبدوي الخشن، بل تراه وقد امتزجت فيه جزالة البادية وفخامتها برقة الحاضرة وسلاستها، وقدر فيها الأمر تقديرًا لا يبغي بعضهما على بعض. فإذا مزيج منهما كأنما هو عصارة اللغتين وسلالتهما، أو كأنما هو نقطة الاتصال بين القبائل، عندها تلتقي أذواقهم، وعليها تأتلف قلوبهم.

.... لا جرم اصطفى لها من هذا اللسان العربي المبين ذلك القالب العذب الجميل. ومن أجل ذلك سيبقى صوت القرآن أبدًا في أفواه الناس وآذانهم ما دامت فيهم حاسة تذوق وحاسة تسمع، وإن لم يكن لأكثرهم قلوب يفقهون بها حقيقة سره، وينفذون بها إلى بعيد غوره. "{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}" .

من " كتاب النبأ العظيم " للدكتور محمد عبدالله دراز ي رح م ه اللهرحمه الله.
 
4- قال الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني في وصف القرآن :

فإذا هو محكم السبك ، متين الأسلوب ، قويُّ الاتصال ، آخذٌ بعضه برقاب بعض في سوره وآياته وجمله ، يجري دمُ الإعجاز فيه كله من ألفه إلى يائه كأنه سبيكة واحدة ، ولا يكاد يوجد بين أجزائه تفكك ولا تخاذل كأنه حلقة مُفرغة ! وكأنه شِمْطٌ وحيد وعقد فريد يأخذ بالأبصار ، نُظِّمت حروفه وكلماته ن ونُسِّقت جمله وآياته ن وجاء آخره مساوِقاً لأوله وبد أوله مواتياً لآخره . ( 1 / 63 ).

ويقول رحمه الله فيه أيضاً:

محكم الاتصال والترابط ، متين النسج والسرد ، متآلف البدايات والنهايات ، مع خضوعه في التأليف لعوامل خارجة عن مقدور البشر . (السابق )

وقال أيضاً :

كتاب فاق الكتب ، وكلام بزَّ سائر ضروب الكلام ، وبلغ في سموه وتفوقه حدود الإعجاز والإفحام ، من ناحية الفصاحة والبلاغة وما يحمل لها من أسرار ..
(1 / 84 )


وقال أيضاً :

فالقرآن يمتاز بمسحة بلاغية خاصة ، وطابع بياني فريد ، لا يترك باباً لأن يلتبس بغيره أو يشتبه بسواه ، ولا يُعطي الفرصة لأحد أن يعارضه أو يحوم حول حماه ، بل من خاصمه خُصِم ، ومن عارضه قُصِم ، ومن حاربه هُزِم ..
( 1 / 89 ) .

من فضلك أستاذي الكريم ، كلام الشيخ الزرقاني من أي كتاب بارك الله فيك وجزاك خيرا كثيراً.
 
عودة
أعلى