أدب النفس

علي البشر

New member
إنضم
16 يناير 2011
المشاركات
225
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده
أما بعد فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير
فهذه مشاركات مختارة فيما يتأدب به الإنسان في نفسه ويتجمل به في شخصه
رأيت أن أنثرها بين أيديكم - وأنا أحوج إليها منكم - تذكرة وإعانة على الخير
اقتنصتها من كتاب ابن المقفع المعروف بالأدب الصغير
راجياً من الله أن تجد القبول
وأحب أن أتقدم هنا بالشكر لشخصين كريمين وشيخين فاضلين
أولهما شيخ ما زلت أتأدب على يديه ، يتخولني دائماً بالنصح والتذكير ، ويتفقدني إذا غبت عنه ، ويدلني على مكارم الأخلاق وحسن السجايا ، بأسلوبه الحكيم وأدبه الجم ، وتواضعه الكبير ...
وثانيهما شيخ رأيت الأدب يجري في دمه ، ويسري في قلبه وقلمه ، رغم أني لم ألتق به حتى الآن ، ولكنه في عيني ، وذكره في قلبي فلا يكاد يغيب !!
وما استلهمت هذه المشاركة إلا من طريقته ، والسير على درب سيرته ...
فالأول هو شيخي العزيز أبو أيوب العواجي ، حفظه الله ووفقه لكل خير ، وزاده رفعة ذكر ومكانة في الدنيا والآخرة ..
والثاني هو شيخي الغالي فهد الجريوي ، حفظه ربي وشفاه وعافاه ، من كل مكروه يراه ، ومتعه بالصحة والعافية , والسعادة في الدنيا والآخرة ..
ولا أنسى أن أشكر أخي الحبيب محب القراءات الذي افتقدني مدة انقطاعي عن هذا الملتقى الميمون ...
فله الشكر من أخ كريم وشيخ عزيز ...
وبعد فإلى أولى نفائس ابن المقفع في الأدب .....
 
قال ابن المقفع :
أما بعد ، فإن لكل مخلوقٍ حاجةٌ ، ولكل حاجةٍ غايةٌ ، ولكل غايةٍ سبيلاً ..
والله وقّت للأمور أقدارها ، وهيأ إلى الغايات سُبُلها ، وسبّب الحاجاتِ ببلاغها ..
فغايةُ الناس وحاجاتِهم صلاحُ المعاش والمعاد ، والسبيل إلى دَرْكها : العقلُ الصحيح ..
وأمارةُُ صحةِ العقل : اختيارُ الأمور بالبصرِ ، وتنفيذ البصرِ بالعزم ....
 
وللعقول سجيّاتٌ وغرائز ، بها تَقبل الأدب ، وبالأدب تنمو العقول وتزكو ....
....
وجلّ الأدب بالمنطق ، وجلّ المنطق بالتعلّم ، ليس منه حرف من حروف معجمه ، ولا اسم من أنواع أسمائه إلا هو مرويٌّ متعلَّمٌ ، مأخوذ عن إمامٍ سابقٍ : من كلامٍ أو كتابٍ ..
وذلك دليلٌ على أن الناس لم يبتدعوا أصولها ، ولم يأتهم علمها إلا من قِبل العليم الحكيم ...
....
 
ومن أخذ كلاماً حسناً عن غيره ، فتكلّم به في موضعه ، وعلى وجهه ، فلا ترينّ عليه في ذلك ضُؤولةً - أي حطة شأن وتصغير - فإنه مَن أُعِينَ على حفظ كلام المصيبين ، وهُدِيَ للاقتداء بالصالحين ، ووُفّق للأخذ عن الحكماء ، ولا عليه أن لا يزداد ، فقد بلغ الغاية ...
وليس بناقصه في رأيه ، ولا غامطه من حقه أن لا يكون هو استحدث ذلك وسَبقَ إليه ...
....
 
فإنما إحياءُ العقل الذي يتمُّ به ، ويستحكم ُ- أي الأدب - ، خصالٌ سبعٌ :
الإيثارُ بالمحبة
والمبالغةٌ في الطلب
والتثبتُ في الاختيار
والاعتيادُ للخير
وحسنُ الرعي
والتعهّدُ لما اختير واعتُقِد
ووضعُ ذلك موضعَه قولاً وعملاً ....
 
أما المحبة :
فإنها تُبلِغ المرء مبلغَ الفضلِ في كل شيء من أمرِ الدنيا والآخرة حين يؤثر بمحبته ، فلا يكون شيءٌ أمرأ ولا أحلى عنده منه.
وأما الطلبُ :
فإن الناس لا يُغنيهم حبهم ما يحبون ، وهواهم ما يهوون ، عن طلبه وابتغائه . ولا تُدرَكُ لهم بُغيتهم ، ونَفاستُها في أنفسهم ، دون الجد والعمل.
وأما التثبّتُ والتخيّرُ :
فإن الطلبَ لا ينفعُ إلا معهُ وبه . فكم من طالب رشدٍ وَجَدهُ والغَيَّ معاً ، فاصطفى منهُما الذي منهُ هربَ ، وألغى الذي إليه سعى ، فإذا كان الطالبُ يحوي غير ما يريدُ ، وهو لا يشك في الظفرِ ، فما أحقَّهُ بشدةِ التبيينِ وحسنِ الابتغاء...
وأما اعتقادُ الشيء بعد استبانته :
فهو ما يطلبُ من إحراز الفضل بعد معرفته...
وأما الحفظُ والتعهد :
فهو تمام الدركِ . لأن الإنسان مُوكلٌ به النسيانُ والغفلةُ ، فلا بد لهُ إذا اجتبى صواب قولٍ أو فعلٍ من أن يحفظهُ عليه ذهنُهُ لِأَوان حاجته.
وأما البصرُ بالموضعِ :
فإنما تصيرُ المنافعُ كلها إلى وضعِ الأشياء مواضعها، وبنا إلى هذا كله حاجةٌ شديدةٌ : فإنا لم نُوضع في الدنيا موضعَ غنى وخفضِ ، ولكن بموضعِ فاقةٍ وكدٍ، ولسنا إلى ما يمسكُ أرماقنا من المأكل والمشرب ، بأحوجَ منا إلى ما يثبّتُ عقولنا من الأدبِ ، الذي به تفاوُتُ العقول . وليس غذاءُ الطعامِ بأسرعَ في نباتِ الجسدِ ، من غداء الأدب في نباتِ العقلِ . ولسنا بالكدّ في طلبِ المتاعِ الذي يلتمسُ بهِ دفعُ الضررِ والغلبةُ ، بأحق منا بالكدّ في طلبِ العلمِ الذي يلتمسُ بهِ صلاحُ الدينِ والدنيا....
 
أما إنها لنفائس!
كم في أمتنا من العباقرة الذين لم يجتمع مثلهم لأمة أخرى، جمع الله قلوبنا على مرضاته ورزقنا الحكمة.
وفي هذا السياق يذكر بدرة ابن حزم الأندلسي (مداواة النفوس) ففيه من هذا الغرض ما يبهر الألباب وينور البصائر.

وفقك الله أخي وبارك فيك فما أحسن الأدب وأهله!
 
هل لابن حزم رحمه الله كتاب "مداواة النفوس" عدا كتاب "تزكية النفوس"؟ فالذي قرأته أنا هو بالعنوان الثاني وليس الأول، أفيدونا جزاكم الله خيرا.
 
وفيك بارك أخي العزيز أبا إبراهيم ..
وإن دلالاتكم الكريمة على كتاب الإمام ابن حزم رحمه الله ، لخير دليلٍ على حسن اختياركم ورُقيّ ذوقكم ...
وأشكر الفاضلة أم يوسف على متابعتها للمشاركات ، وأبلغها أن العنوان الذي ذكره الشيخ محمد العبادي والذي ذكرتيه هما لكتاب واحد ، مع اختلاف الطبعات ، وتفنّن الطابعين في ذلك ، والله المستعان ..
 
محاسبة النفس

محاسبة النفس

قال ابن المقفع رحمه الله :

على العاقل مخاصمةُ نفسه ، ومحاسبتُها ، والقضاءُ عليها ، والإثابةُ والتنكيلُ بها.
أما المحاسبةُ ، فيحاسبُها بما لها، فإنهُ لا مالَ لها إلا أيامُها المعدودةُ ، التي ما ذهبَ منها لم يُستخلَف كما تُستخلفُ النفقةُ ، وما جعل منها في الباطلِ لم يرجع إلى الحق ، فيتنبّهُ لهذه المحاسبةِ عند الحول إذا حال ، والشهر إذا انقضى ، واليوم إذا ولّى ، فينظر فيما أفنى من ذلك ، وما كسب لنفسهِ ، وما اكتسب عليها ، في أمرِ الدينِ وأمرِ الدنيا. فيجمعُ ذلك في كتابٍ فيه إحصاءٌ ، وجِدٌ ، وتذكيرٌ للأمورِ ، وتبكيتٌ للنفسِ وتذليل لها ، حتى تعترفَ وتُذعن ...
وأما الخصومةُ ، فإن من طباعِ النفسِ الآمرةِ بالسوء أن تدّعي المعاذير فيما مضى ، والأماني فيما بقي ، فيردُّ عليها معاذيرها وعِلَلَها وشُبُهاتها...
وأما القضاءُ ، فإنهُ يحكمُ فيما أرادت من ذلك على السيئة ، بأنّها فاضحةٌ مرديةٌ موبقةٌ ؛ وللحسنةِ بأنّها زائنةٌ منجيةٌ مربحةٌ ...
وأما الإثابةُ والتنكيلُ ، فإنهُ يَسُرّ نفسهُ بتذكر تلك الحسناتِ ، ورجاء عواقبها ، وتأميلِ فضلها ، ويعاقبُ نفسه بالتذكر للسيئاتِ ، والتبشُّعِ بها ، والاقشعرارِ منها ، والحزن لها ...
فأفضلُ ذوي الألباب : أشدُّهم لنفسه بهذا أخذاً ، وأقلهم عنها فيه فترةً ...
....
 
أخي الكريم نور القزيري
شكر الله لك هذا التشجيع ، والثناء ، وتقبل منك الدعاء ..
ولك بمثل ما دعوة إن شاء الله وزيادة ...
 
قال ابن المقفع رحمه الله :
حياة الشيطان : تركُ العلم ..
وروحه وجسده : الجهل ..
ومعدنه : في أهل الحقد والقساوة ..
ومثواه : في أهل الغضب ..
وعيشه : في المصارمة - أي المقاطعة - ..
ورجاؤه : في الإصرار على الذنوب ....
 
وقال :
لا ينبغي للمرء أن يعتدّ بعلمه ورأيه ، ما لم يذاكره ذوو الألباب ويجامعوه عليه - أي يوافقوه - ..
فإنه لا يُستكمل علم الأشياء بالعقل الفرد ...
....
 
أعدل السِّير : أن تقيس الناس بنفسك ..
فلا تأتي إليهم إلا ما ترضى أن يؤتى إليك ...
....
وأنفع العقل : أن تُحسن المعيشة فيما أوتيت من خير ..
وأن لا تكترث من الشر بما لم يصبك ...
....
ومن العلم : أن تعلم أنك لا تعلم بما لا تعلم ...
 
مِن أحسن ذوي العقول عقلاً :
مَن أحسن تقدير أمر معاشه ومعاده ؛ تقديراً لا يٌفسِدُ عليه واحداً منهما نفادُ الآخر ...
فإن أعياه ذلك رفض الأدنى ، وآثر عليه الأعظم ....
 
من أفضل البرِّ ثلاث خصال :
الصدقُ في الغضب ..
والجودُ في العسرة ..
والعفوُ عند القدرة ....
 
وقال :
رأس الذنوب : الكذب ..
فهو يؤسسها ، وهو يتفقدها ويثبّتها ..
ويتلوّن ثلاثة ألوان : بالأمنية ، والجحود ، والجدل ..
يبدو لصاحبه بالأمنية الكاذبة فيما يزيّن له من الشهوات ، فيشجعه عليها بأن ذلك سيخفى ...
فإن ظهر عليه ، قابله بالجحود والمكابرة ...
فإن أعياه ذلك ختم بالجدل ، فخاصم عن الباطل ، ووضع له الحجج ، والتمس به التثبّت ، وكابر به الحق .
حتى يكون مسارعاً للضلالة ، ومكابراً بالفواحش ....
 
لا يثبت دين المرء على حالةٍ واحدةٍ أبداً ..
ولكنه لا يزال إما زائداً وإما ناقصاً ....
...
قلت : ومصداق ذلك قوله تعالى :{ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } [المدثر:37]
 
حقٌ على العاقل أن يتخذ مرآتَين ..
فينظر من أحدهما في مساوئ نفسه ، فيتصاغرَ بها ، ويصلح ما استطاع منها ...
وينظر في الأخرى في محاسن الناس ، فيجلّيَهم بها ، ويأخذ ما استطاع منها ...
 
وقال :
كان يُقال :
عملُ الرجل فيما يعلمُ أنه خطأٌ : هوى .
والهوى آفة العفاف ...
وتركهُ العمل بما يعلم أنه صوابٌ : تهاون .
والتهاون آفة الدين ...
وإقدامه على ما لا يدري أصوابٌ هو أم خطأٌ : جماح .
والجماح آفة العقل .....
 
عودٌ على بدء ..

الواصفون أكثر من العارفين ..
والعارفون أكثر من الفاعلين ..
فلينظر امرؤٌ أين يضع نفسه ؛ فإن لكل امرئٍ -لم تدخل عليه آفةٌ - نصيباً من اللب يعيش به ، لا يُحبُ أن له به من الدنيا ثمناً ..
وليس لكل ذي نصيب من اللب بمستوجب أن يسمَّى في ذوي الألباب ؛ ولا يوصف بصفاتهم ..
فمن رام أن يجعل نفسه لذلك الاسم والوصف أهلاً ، فليأخذ له عتَاده ، وليُعدّ له طول أيامه ، وليؤثره على أهوائه ؛ فإنه قد رام أمراً جسيماً لا يصلح على الغفلة ، ولا يدرك بالمعجزة ، ولا يصير على الأثرة ..
وليس كسائر أمور الدنيا ، وسلطانها ، ومالها ، وزينتها ، التي قد يدرك منها المتواني ما يفوت المثابر ؛ ويصيب منها العاجز ما يخطئ الحازم ....
 
على العاقل أن يحصيَ على نفسه مساوئها :
في الدِّين ..
وفي الأخلاق ..
وفي الآداب ..
فيجمعَ ذلك كله في صدره ، أو في كتاب ..
ثم يُكثرَ عرضَه على نفسه ، ويكلّفَها إصلاحه ..
ويوظفَّ ذلك عليها توظيفاً : من إصلاح الخلة والخلتين والخلال ، في اليوم أو الجمعة أو الشهر ..
فكلما أصلحَ شيئاً محاه ...
وكلما نظر إلى محوٍ استبشر ...
وكلما نظر إلى ثابتٍ اكتأب ...
....
وعلى العقل أن يتفقدَ محاسنَ الناس ، ويحفظَها على نفسه ...
ويتعهدها بذلك ..
مثلَ الذي وصفنا في إصلاح المساوئ .....
 
ما ينبغي على العاقل فعله

على العاقل :
أن لا يخادن ولا يصاحب ولا يجاور من الناس ما استطاع ، إلا ذا فضل في العلم والدين والأخلاق ؛ فيأخذ عنه ؛ أو موافقاً له على إصلاح ذلك ، فيؤيد ما عنده ، وإن لم يكن عليه فضل ..
فإن الخصال الصالحة من البرّ ، لا تحيا ولا تَنمى ، إلا بالموافقين والمؤيدين ..
وليس لذي الفضل ، قريبٌ ولا حميمٌ ، أقرب إليه ممن وافقه على صالح الخصال فزاده وثبّته ...
ولذلك زعم بعض الأولين : أنّ صحبةَ بليدٍ نشأ مع العلماء ، أحبّ إليهم من صحبة لبيبٍ نشأ مع الجهال ....
....
 
وعلى العاقل :
أن لا يحزنَ على شيءٍ فاتَه من الدنيا أو تولّى ..
وأن ينزِّل ما أصابه من ذلك ، ثم انقطعَ عنه : منزلةَ ما لم يُصِب ..
وينزِّل ما طلب من ذلك ، ثم لم يدركه : منزلة ما لم يَطلُب ..
ولا يدعَ حظّه من السرور بما أقبل منها ، ولا يبلغنّ ذلك سُكْراً ولا طغياناً ...
فإن مع السُكْر : النسيان
ومع الطغيان : التهاون ..
ومن نسي وتهاون : خسر ...
....
 
وعلى العاقل :
أن يؤنِس ذوي الألباب بنفسِه ، ويُجرِّئهُم عليها ، حتى يصيروا حرساً على سمعه وبصره ورأيه ..
فيَستَنِيمَ إلى ذلك ، ويُرِيحَ له قلبه ..
ويعلم أنهم لا يغفلون عنه إذا غفل هو عن نفسه ..
....
 
وعلى العاقل :
مالم يكن مغلوباً عن نفسه ، أن لا يشغلَه شُغلٌ ، عن أربع ساعات :
ساعةٍ : يرفع فيها حاجته إلى ربه ..
وساعةٍ : يحاسب فيها نفسه ..
وساعةٍ : يفضي فيها إلى إخوانه وثقاتهِ ، الذين يَصدُقونه في غُيُوبِه ، وينصحونه في أمره ..
وساعةٍ : يُخلِّي فيها بين نفسه وبين لذاتها ، مما يحِلّ ويجمُل ...
فإن هذه الساعة عون على الساعات الأُخر ..
وإن استجمام القلوب وتوديعَها ، زيادةُ قوةٍ لها ، وفضلُ بُلغَة ..
....
 
وعلى العاقلِ :
أن يجعل الناسَ طبقتينِ متباينتين ؛ ويلبس لهم لباسينِ مختلفين ..
فطبقةٌ من العامة ، يلبسُ لهم لباسَ انقباضٍ وانحجازٍ وتحفّظٍ في كل كلمةٍ وخطوةٍ..
وطبقةٌ من الخاصة يخلعُ عندهم لباسَ التشدّد ، ويلبسُ لباس الآنسة واللطف والبذلة والمفاوضة ..
ولا يدخل في هذه الطبقة إلا واحداً من الألف ..
وكلهم :
ذو فضلٍ في الرأي ، وثقةٍ في المودة ، وأمانةٍ في الس ر، ووفاءٍ بالإخاء ...
....
 
وعلى العاقل :
أن لا يستصغر شيئاً من :
الخطأ في الرأي ..
والزللِ في العلمِ ..
والإغفال في الأمور ..
فإنهُ من استصغر الصغير أوشكَ أن يجمعَ إليه صغيراً وصغيراً ، فإذا الصغير كبيرٌ ..
وإنما هي ثُلَم يثلمها العجزُ والتضييعُ ، فإذا لم تسد أوشكت أن تتفجر بما لا يطاقُ ..
ولم نر شيئاً قطّ إلا قد أُتي من قبلِ الصغير المتهاوَنِ به ..
قد رأينا الملكَ يُؤتى من العدو المُحتقَر به ..
ورأينا الصحة تُؤتى من الداء الذي لا يُحفَلُ به ..
ورأينا الأنهار تَنبثِقُ من الجدول الذي يُستَخفّ به ..
وأقل الأمورِ احتمالاً للضياعِ : المُلك ؛
لأنه ليس شيءٌ يضيعُ وإن كان صغيراً ، إلّا اتصل بآخر يكونُ عظيماً ....
...
 
الدنيا دولٌ ..
فما كان لك منها : أتاكَ على ضعفك ..
وما كان عليك : لم تدفعهُ بقُوتك ...​
 
إذا جعل الكلامُ مثلاً :
كان ذلك أوضحَ للمنطق ..
وأبيَن في المعنى ..
وآنق للسمع ..
وأوسعَ لشعوبِ الحديث ....
 
أشد الفاقةِ عدمُ العقل ..
وأشدُّ الوحدةِ وحدةُ اللَّجُوج ..
ولا مال أفضلُ من العقل ..
ولا أنيس آنسُ من الاستشارة ....
 
مِمَّا يُعتبَرُ به صلاحُ الصالحِ وحسنُ نظرهِ للناس :
أن يكونَ إذا استعتبَ المذنِبُ :
ستُوراً ، لا يُشيعُ ولا يُذيع ..
وإذا استُشيرَ :
سمحاً بالنصيحةِ ، مُجتهداً للرأي ..
وإذا استشارَ :
مُطَّرِحاً للحياء ، مُنَفِّذاً للحزمِ ، معترفاً للحقِّ
....​
 
شيخي وأستاذي فهد الجريوي

عليك سلامٌ لو تضوّع ريحـه .... لسَامَتْ به كل البلاد تُجاهرُ
عليك سلامٌ لا يدانيه صندلٌ .... ومسكٌ وريحانٌ ووردٌ وزاهـرُ
إليك مراسي الشوق ألقتْ حبالها .... وعنك تباشير الوداد تسامرُ
تسامر عن آداب نفسٍ عَلَوْتها .... وجُزْتَ إليها كلَّ جذلان زاخرُ
فأسأل ربي أن يديم إخاءكم .... ويمنحكم مجـداً تليـداً يفاخرُ​
 
من علامات اللئيم المخادع أن يكون :
حسن القول ، سيء الفعل ؛ بعيد الغضب ، قريب الحسد ؛ حمولاً للفحش ، مجازياً بالحقد ؛ متكلفاً للجود ؛ صغير الخطر ؛ متوسعاً فيما ليس له ؛ ضيّقاً فيما يملك ...
 
كان يُقال :
إذا تخالجتك الأمور فاشتغل : بأعظمها خطراً ..
فإن لم تستبن ذلك : فأرجأها درْكاً - أي أقربها منالاً - ..
فإن اشتبه ذلك : فأجدرها أن لا يكون له مرجوعٌ حتى تُوَلّيَ فُرصتُه ..
....
 
خمسةٌ
غير مُغتَبَطِين في خمسة أشياء ، يتندمون عليها :
الواهن المُفرِّط : إذا فاته العمل ..
والمنقطع من إخوانه وصديقه : إذا نابته النوائب ..
والمستمكن منه عدُوُّه لسوء رأيه : إذا تذكّر عجزه ..
والمفارق للزوجة الصالحة : إذا ابتلي بالطالحة ..
والجريءُ على الذنوب : إذا حضره الموت ...
....​
 
الوَرِعُ لا يَخدَع ..
والأريب لا يُخدَع ..
ومِن وَرَع الرجل : أن لا يقول ما لا يَعلم ...
ومن الإرْبِ : أن يتثبّت فيما يَعلم ...
....
 
كان يُقال :
وقِّر مَن فوقك ..
ولِنْ لِمن دونك ..
وأحسِن مؤاتاة أكْفَائك - أي موافقتهم -..
وليكن آثر ذلك عندك مؤاتاة الإخوان ...
فإن ذلك هو الذي يشهد لك ، بأن إجلالك مَن فَوقك ، ليس بخضوعٍ منك لهم ..
وأنّ لِينَك لِمَن دُونك ، ليس لالتماس خدمتهم ...
 
لا ينفع :
العقلُ : بغير ورع ..
ولا الحفظُ : بغير عقل ..
ولا شدّةُ البطش : بغير شدّة القلب ..
ولا الجمالُ : بغير حلاوة ..
ولا الحسبُ بغير أدب ..
ولا السرورُ بغير أمن ..
ولا الغِنى : بغير جُود ..
ولا المروءةُ : بغير تواضع ..
ولا الخَفْضُ : بغير كفاية ..
ولا الاجتهادُ : بغير توفيق ..
....
فالمروءات كلُّها تبعٌ للعقل ؛ والرأي تبعٌ للتجربة ؛ والغبطة تبعٌ لحسن الثناء ؛ والسرور تبعٌ للأمن ؛ والقرابة تبع للمودة ؛ والعمل تبعٌ للقدْر ؛ والجِدَة تبعٌ للإنفاق ...
 
أصل العقل : التثبُّت ... وثمرتُه : السلامة ..
وأصل الورع : القناعة ... وثمرتُه : الظفَر ..
وأصل التوفيق : العمل ... وثمرتُه : النُّجْح ..
....​
 
لا يُذكَرُ الفاجرُ في العقلاء
...
ولا الكذوبُ في الأعِفَّاء
...
ولا الخَذولُ في الكُرماء
...
ولا الكفور بشيءٍ من الخير
....​
 
لا يستخِفُّ ذو العقل بأحد
...
وأحقُّ من لم يُستَخَفَّ به ثلاثة :
الأتقيـاء ؛ والـولاة ؛ والإخـوان ..
...
فإنه من استَخَف بالأتقيـاء : أهلك دينه ...
ومن استَخفّ بالـولاة : أهلك دنياه ...
ومن استَخفَّ بالإخـوان : أهلك مُروءته ...
 
كلام اللبيب ، وإن كان نزْراً : أدبٌ عظيم ..
....
ومقارفة المأثم ، وإن كان مُحتَقَراً : مصيبةٌ جليلة ..
....
ولقاء الإخوان ، وإن كان يسيراً : غُنمٌ حسن ..
....​
 
أحقّ الناس بالسلطان : أهل المعرفة
....
وأحقّهم بالتدبير : العلماء
....
وأحقهم بالفضل : أعوَدُهم على الناس بفضله
....
وأحقهم بالعلم : أحسنهم تأديباً
....
 
وأحقهم بالغنى : أهل الجود
....
وأقربهم إلى الله : أنفذهم في الحق عِلماً ، وأكملُهم به عملاً
....
وأحكمُهم : أبعدهم من الشكِّ في الله
....
وأصوبهم رجاءً : أوثقهم بالله
....
 
وأشدُّهم انتفاعاً بعلمه : أبعدُهم من الأذى
....
وأرضاهم في الناس : أفشاهم معروفاً
....
وأقواهم : أحسنهم معونة
....
وأشجعهم : أشدهم على الشيطان
....
 
وأفلحهم بحجة : أغلبهم للشهوة والحرص
....
وآخذهم بالرأي : أتركهم للهوى
....
وأحقهم بالمودة : أشدهم لنفسه حباً
....
وأجودهم : أصوبهم بالعطيّة موضعاً
....
 
وأطولهم راحةً :أحسنهم للأمور احتمالاً
....
وأقلهم دهْشاً : أرحبهم ذراعاً
....
وأوسعهم غِنىً : أقنعهم بما أوتي
....
وأخفضهم عيشاً : أبعدهم من الإفراط
....
 
وأظهرهم جمالاً : أظهرهم حصافةً
....
وآمنهم في الناس : أكلُّهُم ناباً ومخلباً
أي: أبعدهم عن الأذي ، مأخوذٌ مِن : كلّ السيف ، إذا لم يقطع .
....
وأثبتهم شهادةً عليهم : أنطقهم عنهم
....
وأعدلهم فيهم : أدومهم مسالمةً لهم
....
وأحقهم بالنعم : أشكرهم لما أوتي منها
::::::
 
عودة
أعلى