2- مشروع : (كانوا لا يتجاوزون عشر آيات ) [سورة البقرة : الآيات: 1 ـ 10 ]

إنضم
24/04/2003
المشاركات
1,398
مستوى التفاعل
6
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
01.png
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين...
فقد سبق إيضاح مشروع : (كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموا ما فيهن من العلم والعمل)، ونبدأ إن شاء الله الليلة بسورة البقرة، أرجو من الإخوة الكرام والأخوات الكريمات، المشاركة بما لديهم من فوائد ولطائف واستنباطات، نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل مباركاً ...
[line]-[/line]
(سورة البقرة)
بسم الله الرحمن الرحيم
[الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)]
[line]-[/line]
تفسير الآيات (من التفسير الميسر):
الم (1) :
هذه الحروف وغيرها من الحروف المقطَّعة في أوائل السور فيها إشارة إلى إعجاز القرآن; فقد وقع به تحدي المشركين, فعجزوا عن معارضته, وهو مركَّب من هذه الحروف التي تتكون منها لغة العرب. فدَلَّ عجز العرب عن الإتيان بمثله -مع أنهم أفصح الناس- على أن القرآن وحي من الله.
ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) :
ذلك القرآن هو الكتاب العظيم الذي لا شَكَّ أنه من عند الله, فلا يصح أن يرتاب فيه أحد لوضوحه, ينتفع به المتقون بالعلم النافع والعمل الصالح وهم الذين يخافون الله, ويتبعون أحكامه.
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) :
وهم الذين يُصَدِّقون بالغيب الذي لا تدركه حواسُّهم ولا عقولهم وحدها; لأنه لا يُعْرف إلا بوحي الله إلى رسله, مثل الإيمان بالملائكة, والجنة, والنار, وغير ذلك مما أخبر الله به أو أخبر به رسوله، (والإيمان: كلمة جامعة للإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وتصديق الإقرار بالقول والعمل بالقلب واللسان والجوارح) وهم مع تصديقهم بالغيب يحافظون على أداء الصلاة في مواقيتها أداءً صحيحًا وَفْق ما شرع الله لنبيه محمد r ومما أعطيناهم من المال يخرجون صدقة أموالهم الواجبة والمستحبة.
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) :
والذين يُصَدِّقون بما أُنـزل إليك أيها الرسول من القرآن, وبما أنـزل إليك من الحكمة, وهي السنة, وبكل ما أُنـزل مِن قبلك على الرسل من كتب, كالتوراة والإنجيل وغيرهما, ويُصَدِّقون بدار الحياة بعد الموت وما فيها من الحساب والجزاء، تصديقا بقلوبهم يظهر على ألسنتهم وجوارحهم وخص يوم الآخرة; لأن الإيمان به من أعظم البواعث على فعل الطاعات, واجتناب المحرمات, ومحاسبة النفس.
أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5):
أصحاب هذه الصفات يسيرون على نور من ربهم وبتوفيق مِن خالقهم وهاديهم, وهم الفائزون الذين أدركوا ما طلبوا, ونَجَوا من شرِّ ما منه هربوا.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6):
إن الذين جحدوا ما أُنـزل إليك من ربك استكبارًا وطغيانًا, لن يقع منهم الإيمان, سواء أخوَّفتهم وحذرتهم من عذاب الله, أم تركت ذلك؛ لإصرارهم على باطلهم.
خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7):
طبع الله على قلوب هؤلاء وعلى سمعهم, وجعل على أبصارهم غطاء; بسبب كفرهم وعنادهم مِن بعد ما تبيَّن لهم الحق, فلم يوفقهم للهدى, ولهم عذاب شديد في نار جهنم.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8):
ومن الناس فريق يتردد متحيِّرًا بين المؤمنين والكافرين, وهم المنافقون الذين يقولون بألسنتهم: صدَّقْنَا بالله وباليوم الآخر, وهم في باطنهم كاذبون لم يؤمنوا.
يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9):
يعتقدون بجهلهم أنهم يخادعون الله والذين آمنوا بإظهارهم الإيمان وإضمارهم الكفر, وما يخدعون إلا أنفسهم; لأن عاقبة خداعهم تعود عليهم. ومِن فرط جهلهم لا يُحِسُّون بذلك; لفساد قلوبهم.
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10):
في قلوبهم شكٌّ وفساد فابْتُلوا بالمعاصي الموجبة لعقوبتهم, فزادهم الله شكًا, ولهم عقوبة موجعة بسبب كذبهم ونفاقهم.
[line]-[/line]
وسوف يكون الحديث حول هذه الآيات بإذن الله تعالى في المحاور الآتية:
1- بيان معاني الآيات، ويدخل فيها بيان مشكل الآي.
2- بيان فضائل الآيات، وأسباب النزول.
3- بيان الأوامر والنواهي (وقد تم إفرادها لأهميتها).
4- بيان الدلالات الظاهرة كالعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين للآيات.
5- بيان الاستنباطات والفوائد العامة واللوازم من الآيات.
6- بيان الهدايات التربوية والآداب السلوكية من الآيات.
7- بيان موضوع الآيات (الوحدة الموضوعية).
8- عروض تقنية ومشجرات للآيات.
9- بيان القراءات وما يترتب عليها من أحكام.
وختاماً .. أدعو جميع الإخوة والأخوات للتفضل بإتحافنا بما لديهم حول هذه الآيات الكريمة، في هذا الشهر المبارك، وعسى أن تكون مشاركة أو فائدة تضاف فينفع الله بها نفعاً عظيماً...
والله الموفق،،،
 
الصحيح في قوله ( ألم ) أنها ( حروف لا معنى لها ) ، لكن ( لها مغزى) ؛ أي: حكمة ، ومن حِكمِها : الإشارة إلى التحدي بالقرآن، الذي هو من هذه الأحرف التي تنطقون بها.
ومما يدل على ذلك أن أغلب ما ورد بعد هذه الأحرف شأن متعلق بالقرآن.
ومن قال : ( الله أعلم بمراده منها ) ففي قوله نظر من جهات:
الأولى : أنَّه ادعى لها معنى مستقلاً، ثمَّ ادعى أنه لا يَعلم هذا المعنى واحد من الناس، وهذا غير صحيح؛ لأنه يلزم منه أن الله خاطبنا بالرمز والألغاز ، وهذا لا يصحُّ في القرآن الذي وصف الله آياته بالبينات، وبالتيسير .
الثانية : إنه يلزم من قوله أنها من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، وهذا غير صحيح أيضًا؛ لأن مفسري الصحابة والتابعين وأتباعهم قد تكلموا فيها، وكيف يتكلم ابن عباس ومجاهد وابن جبير وغيرهم بما يختصُّ به الله تعالى؟!
إن كلامهم فيها يدل على أنها ليست من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.
ولا يمنع أن تظهر للمفسرين حِكَمٌ ولطائف في هذه الأحرف المقطعة ، وكل هذه تدخل في قاعدة : النِّكت لا تتزاحم.
وهذه الحِكَمُ واللطائف ليس تفسيرًا للحروف، وإنما هي من باب الاستنباطات والإشارت، وهذه بابها واسع، والله يفتحها لمن يشاء من عباده، مثل من لاخظ كثرة تكرار حرف القاف في سورة (ق) ، وهكذا غيرها من اللطائف.
 
ذكر القراءات الواردة في هذه الآيات وتوجيهها

ذكر القراءات الواردة في هذه الآيات وتوجيهها

سأذكر فيما يلي القراءات المتواترة الواردة في هذه الآيات وتوجيهها, وسأقتصر على الفرش فقط دون الأصول.

في قوله تعالى: (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم)
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : (ومايُخَادعون إلا أنفسهم) وتوجيه هذه القراءة أن الرجل يخادع نفسه ولا يخدعها, قال الأصمعي : (ليس أحد يخدع نفسه إنما يخادعها)
وقرأ الباقون (وما يَخدعون إلا أنفسهم) وتوجيه هذه القراءة أنه أخبر أولا أنهم يخادعون الله والذين آمنوا, ثم إن الخدع إنما يحيق بهم خاصة.
ينظر: حجة القراءات لابن زنجلة.
كلمة (يكذبون) في قوله تعالى: (ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) آية 10 قرأها عاصم وحمزة والكسائي وخلف العاشر بالتخفيف (بما كانوا يَكذِبُون) من الكذب لإخبار الله تعالى عن كذبهم.
وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال (بما كانوا يُكَذِّبون) من التكذيب لتكذيبهم الرسل.
ينظر: إتحاف فضلاء البشر للبنا.
 
الصحيح في قوله ( ألم ) أنها ( حروف لا معنى لها ) ، لكن ( لها مغزى) ؛ أي: حكمة ، ومن حِكمِها : الإشارة إلى التحدي بالقرآن، الذي هو من هذه الأحرف التي تنطقون بها.
ومما يدل على ذلك أن أغلب ما ورد بعد هذه الأحرف شأن متعلق بالقرآن.
ومن قال : ( الله أعلم بمراده منها ) ففي قوله نظر من جهات:
الأولى : أنَّه ادعى لها معنى مستقلاً، ثمَّ ادعى أنه لا يَعلم هذا المعنى واحد من الناس، وهذا غير صحيح؛ لأنه يلزم منه أن الله خاطبنا بالرمز والألغاز ، وهذا لا يصحُّ في القرآن الذي وصف الله آياته بالبينات، وبالتيسير .
الثانية : إنه يلزم من قوله أنها من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، وهذا غير صحيح أيضًا؛ لأن مفسري الصحابة والتابعين وأتباعهم قد تكلموا فيها، وكيف يتكلم ابن عباس ومجاهد وابن جبير وغيرهم بما يختصُّ به الله تعالى؟!
إن كلامهم فيها يدل على أنها ليست من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.
ولا يمنع أن تظهر للمفسرين حِكَمٌ ولطائف في هذه الأحرف المقطعة ، وكل هذه تدخل في قاعدة : النِّكت لا تتزاحم.
وهذه الحِكَمُ واللطائف ليس تفسيرًا للحروف، وإنما هي من باب الاستنباطات والإشارت، وهذه بابها واسع، والله يفتحها لمن يشاء من عباده، مثل من لاخظ كثرة تكرار حرف القاف في سورة (ق) ، وهكذا غيرها من اللطائف.
الأخ الفاضل الشيخ مساعد معذرة إن كان فعلي هذا يخرج بالموضوع عن هدفه ، لكن أقول:
كلامك حفظك الله فيه نظر من جهات:
الأولى: أن هذه الأحرف اختلفت من سورة إلى أخرى في النوع والعدد ، وهذا يجعلنا نسأل لماذا هذا الحرف في هذه السورة دون غيره ؟ ولماذا هذا العدد دون غيره ؟
الثانية: أن الصحابة ومن تبعهم ما تركوا شيئا من القرآن إلا وتكلموا فيه ، وعلى مذهبكم ، يلزم أن لا متشابه في القرآن.
ثالثا: لا يمنع معرفة الحكمة من إيرادها أن لها معنى اختص الله بعلمه.
رابعاً: إن في القرآن ما عرف معناه ولكن لم تعرف حقيقته كأخبار الآخرة : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) الأعراف(53)
ولماذا لا تكون الأحرف المقطعة من هذا الباب ، فنحن نعرف معانيها كحروف وبعض الحكمة من إيرادها ، لكن حقيقة المراد منها يظهرها الله للناس في الآخرة ؟
خامساً: أن من الصحابة من تكلم في هذه الحروف وقال هي مما استأثر الله بعلمه:
قال بن كثير رحمه الله:
"اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور، فمنهم من قال: هي مما استأثر الله بعلمه، فردوا علمها إلى الله، ولم يفسروها حكاه القرطبي في تفسيره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم به، وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خثيم، واختاره أبو حاتم بن حبان ومنهم من فسَّرها، واختلف هؤلاء في معناها"
والأقوال متساوية ولا يمكن ترجيح قول على آخر.
وهذا ليس من باب تتبع المتشابه ، لأن الله تعالى قد بين لنا صفة أولئك الذي يتبعون المتشابه بقوله :
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ)
والضابط الذي يحكم به على متتبع المتشابه هو ذلك الذي يصادم به المحكم ، والصحابة رضوان الله عليهم بكلامهم على الحروف المقطعة ليس في أقوالهم ما يصادم شيئا من محكمات القرآن.
والله أعلى وأعلم.
 
تكليف ما لا يطاق

تكليف ما لا يطاق

ومما يستنبط من الآيات :
قال الرب تبار وتعالى : {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ... } البقرة7 .
قال أبو جعفر : وهذه الآية من أوضح الدليل على فساد قول المنكرين تكليف ما لا يطاق إلا بمعونة الله جل ذكره؛ لأن الله عز وجل أخبر أنه ختم على قلوب صنف من كفار عباده وأسماعهم، ثم لم يسقط التكليف عنهم ولم يضع عن أحد منهم فرائضه ولم يعذره في شيء مما كان منه من خلاف طاعته بسبب ما فعل به من الختم والطبع على قلبه وسمعه، بل أخبر أن لجميعهم منه عذابا عظيما على تركهم طاعته فيما أمرهم به ونهاهم عنه من حدوده وفرائضه مع حتمه القضاء عليهم مع ذلك أنهم لا يؤمنون.‏

تفسير الطبري : ( 1 / 268 ، 269 ) .
تحقيق الدكتور : عبد الله التركي .
دار عالم الكتب .

ومضة
المتكلمون كثير ، والوعاظ كثير ، ومن يكتب كثير ، ولكن من يريد وجه الله قليل " وقليل من عبادي الشكور " قليل من يخلص ، وقليل من يريد وجه الله ...
 

ومما يستنبط من الآيات :



قال الرب تبار وتعالى : {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ... } البقرة7 .


قال أبو جعفر : وهذه الآية من أوضح الدليل على فساد قول المنكرين تكليف ما لا يطاق إلا بمعونة الله عز ذكره؛ لأن الله عز وجل أخبر أنه ختم على قلوب صنف من كفار عباده وأسماعهم، ثم لم يسقط التكليف عنهم ولم يضع عن أحد منهم فرائضه ولم يعذره في شيء مما كان منه من خلاف طاعته بسبب ما فعل به من الختم والطبع على قلبه وسمعه، بل أخبر أن لجميعهم منه عذابا عظيما على تركهم طاعته فيما أمرهم به ونهاهم عنه من حدوده وفرائضه مع حتمه القضاء عليهم مع ذلك بأنهم لا يؤمنون.‏

الحقيقة أن هذا ليس من باب تكليف ما لا يطاق على الإطلاق
بل كلفهم الله بالإيمان وهم يطيقونه لو أرادوا
ولكنهم اختاروا الكفر على الإيمان فعاقبهم الله بالختم على قلوبهم وعلى سمعهم وجعل الغشاوة على أبصارهم ومن بعدها العذاب العظيم.
 
كنت أتوقع أن يعلق واحد من المشاركين على كلامي في الأحرف المقطعة، وليس هذا مجاله كما ذكرتم يا أبا سعد، وقد سبق أن طُرح موضوع الأحرف المقطعة ، وأرجو أن نترك الحوار فيها في مشاركة مستقلة ، فهو أفضل من الانشغال بها هنا، والله الموفق.
 
تأمل هذه الثقة في إلقاء الخبر ( ذلك الكتاب لا ريب فيه) هل يقوله بشر؟!
أبدًا والله.
لقد كان هذا النظر إلى هذه الفكرة مما استوقف بعض الغربيين الدارسين للقرآن الكريم، فدُهِش من هذه الثقة في إلقاء الخبر ، وكان ما كان له من الإيمان.
وإن الثقة بأخبار القرآن مما تجعلنا نطمئن ونحن ندعو الناس إلى دين الله، فالوحي معصوم بلا ريب ، ولا يهولنك بعض ما يلبِّس به من ضعُفت بصيرته، وقلَّت معرفته بأن هذا فهمك للآية ، وهناك فهوم أخرى، فليس القرآن محلاً لمثل هذه المحتملات المُلغِزة، بل هو آيات بينات.
 
في قوله :(ومن الناس) المنافقون
في هذا التعيبر تحقير وتنقص لهم _وهو كثير في القرآن يراد به الذم كقوله :(ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا...) وقوله:(فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق)وقوله:(ومن الناس من يعجبك قوله ...)هذا الأكثر وقد يأتي للمدح كما في قوله :(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله...).
وفي تأخيرهم في الذكر مناسبة لانحطاط حالهم وقبح فعلهم وإشعار بمكانهم من النار :(إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار).
والله أعلم.
 
من تفسير القرآن بالقرآن ( السياقي) أن يرد وصف عامٌ، فيفسره ببعض من يدخل فيه، وهذا كثير في القرآن.
وههنا قال : (هدى للمتقين) ، ثم فسَّر المتقيين بأنهم ( الذين يؤمنون بما أنزل إليك ...) الآيات.
فلو قيل لك: من هم المتقون؟
لقلت ـ مثلاً ـ : هم الذين يتقون الله بإتيان الطاعات واجتناب المنهيات.
لكن ، لو قلت لك : من هم المتقون في هذه الآيات؟
فسيكون جوابك من سياق القرآن نفسه ، فتقول : ( الذين يؤمنون بالغيب ... ) الآيات.
ولو قلت لك: من هم المتقون في قوله : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمرن :133)
لقلت : ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) .
فاختلفت تفسير المتقين بناء على اختلاف السياق القرآني.
وهذا النوع من تفسير القرآن بالقرآن مما قد يغفل عن تصنيفه من يبحث في هذا الموضوع، والله الموفق.
 
من أبواب البلاغة ما يسمى برد العجز على الصدر، وهو أن يذكر في آخر الكلام ما ذكره في أولَّه، وقد وقع ههنا، ففي أول السورة قال: (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (البقرة :4) ، وقال في آخر سورة البقرة: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (البقرة:285).
 
من لطائف التعبير القرآني أن عبَّر عن المُنزَل بالإيمان، وعبَّر عن الآخرة باليقين ، فقال : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (البقرة :4) ، ولعل من أسرار ذلك أن الإيمان بهذا المُنزَل هو طريق الحصول على اليقين بالآخرة.
ومن فوائد الآية أن حصول الإيمان يثبت به حصول اليقين، بخلاف البحث العقلي المجرد الذي قد يصل إلى العلم، لكن قد يضطرب على الباحث ، فلا يحصل له اليقين، كما هو معروف من حال بعض المتكلمين الذين بلغوا شأوًا في البحث العقلي ، لكن لم يسلموا من الاضطراب.
وإن من يرى ما عند العامة من يقين ليدرك أن دخول العبد في محيط الإيمان، واستسلامه ـ كما كان حال الصحابة ـ لأوامر الله، دون التوقف والتنقيب والمجادلة في الأوامر والنواهي ، كما كان بنو إسرائيل في شأن البقرة وغيرها = يقوده إلى مرحلة اليقين.
وأن بعض من يحكِّك الأمور ، وينقِّب عن العلل، ويكثر الجدل في الإيمان، فإنه لا يصل إلى اليقين.
 
5-بيان الاستنباطات والفوائد العامة واللوازم من الآيات
قال الآلوسي رحمه الله
: ((وأيضا افتتاح هذه السورة بالمبهم ثم تعقيبه بالواضح فيه أتم مناسبة لقصة البقرة التي سميت السورة بها)
.(١٤٠/ ٥) روح المعاني
 
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) (6)
قال الطبري رحمه الله تعالى:
"وكان ابن عباس يرى أنَّ هذه الآية نزلتْ في اليهود الذين كانوا بنَواحي المدينةِ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، توبيخًا لهم في جُحودهم نبوَّةَ محمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبِهم به، مع علمهم به ومعرفتِهم بأنّه رسولُ الله إليهم وإلى الناس كافّة."

أقول هذا قول تشهد لصحته آيات أخرى من سورة البقرة ، منها قول الله تعالى:
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76))
وقوله تعالى:
(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91))
وهذا يحل ما استشكله البعض في هذه الآية.
والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
 
5-بيان الاستنباطات والفوائد العامة واللوازم من الآيات
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله
((فلا جرم أن كانت الإشارة في الآية باستعمال اسم الإشارة للبعيد لإظهار ِ رفعة شأن هذا القرآن لجعله
بعيد المنزلة، وقد شاع في الكلام البليغ تمثيل الأمر الشريف بالشيء المرفوع في عزة المنال؛ لأن الشيء النفيس عزيز على أهله، فمن العادة أن يجعلوه في المرتفعات صونا له عن الدُّروس
وتناول كثرة الأيدي والابتذال
٢٢٠/ 1التحرير والتنوير
 
5-بيان الاستنباطات والفوائد العامة واللوازم من الآيات
قال السيوطي رحمه الله :
قد ظهر لي بحمد الله وجوهاً من هذه المناسبات [FONT=SimplifiedArabic,Bold][FONT=SimplifiedArabic,Bold]أحدها​
[/FONT][/FONT]
: أن القاعدة التي استقر بها القرآن: أن كل سورة تفصيل لإجمال ما قبلها، وشرح له،
وإطناب لإيجازه وقد استقر معي ذلك في غالب سور القرآن، طويلها وقصيرها وسورة البقرة
قد اشتملت على تفصيل جميع مجملات الفاتحة
تناسق الدرر في تناسب السور: ص/ ٦٥

 
(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) البقرة (4)
لا يتعارض العقل مع الإيمان ، بل الإيمان ثمرة إعمال العقل ، والذين تنكبوا الطريق إنما تمسحوا بما يظنونه عقليات ليصلوا إلى ما يوافق أهواءهم ، والصحيح أن العقل المتجرد وحده هو الموصل إلى الإيمان واليقين.
قال تعالى:
(اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) الرعد (2)
والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
 
5-بيان الاستنباطات والفوائد العامة واللوازم من الآيات
قال الشيخ السعدي رحمة الله عليه

( لم يقل : يفعلون الصلاة ، أو يأتون الصلاة ، لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة ، فإقام الصلاة ، إقامتها ظـاهراً بإتمام أركانها وواجباتها وشروطها ، وإقامتها باطناً بإقامة روحها ، وهو حضور القلب فيها ، وتدبر ما يقوله ويفعله منها )
 
5-بيان الاستنباطات والفوائد العامة واللوازم من الآيات
قال مجاهد :
أربع آيات من أول سورة البقرة في نعت المؤمنين ، وآيتان في نعت الكافرين ، وثلاثة عشر في المنافقين
نقلا عن تفسير ابن كثير
 
ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)
قال ابن جزي الكلبي: لا ريب فيه أي لا شك أنه من عند الله في نفس الأمر، وفي اعتقاد أهل الحق، ولم يعتبر أهل الباطل (التسهيل 1/ 190 تحقيق: محمد سيدي مولاي)

الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)
قال السعدي: كثيرا ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن، لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود، والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود، وسعيه في نفع الخلق، كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه، فلا إخلاص ولا إحسان. (تفسير السعدي ص 40 ط الرسالة)
 
بارك الله فيكم :
أولا : قوله –تعالى -: " أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" بتكرير اسم الإشارة "أُولَئِكَ " يشير إلى منزلتهم العالية عند الله وتأكيد على أنهم هم الفائزون المفلحون وكذلك تأكيده بضمير الفصل " هم"تأكيد بعد تأكيد لرفعة منزلتهم وفلاحهم .

وقوله - تعالى -: " خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" وبتكرير الخافض – حرف الجر "على "– تأكيد على كفرهم وضلالهم وأنهم لا يسمعون كلام الله بل يكذبونه ويحرفونه.

ثانيا : تقديم معمول الفعل –متعلق الفعل- عليه في قوله –تعالى -: " وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" بيان أن الرزق من عند الله فهو الرزاق ذو القوة المتين وكذلك إضافة الله الرزق لنفسه "رزقناهم"امتنان من الله عليهم

وقوله –تعالى -: " وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ" تقديم معمول الفعل "َبِالْآَخِرَة" بيان أن الإيمان بالآخرة ركن من أركان الإيمان لا يصح الإيمان من دونه وكذلك تأكيده بضمير الفصل " هم " بيان لأهمية الإيمان بالآخرة في فلاحهم و فوزهم
ثالثا : الإيجاز في قوله : " الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ" فعبر بالغيب ليشمل كل غائب من حقائق هذا الدين عن المؤمنين فالإيمان بها واجب فالإيمان بالله والملائكة ..................
رابعا : قوله –تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ " بيان وإيضاح لعلة الختم على قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ

خامسا : قوله –تعالى -: " وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ"
التلازم في الإيمان بين ما أنزل إلي النبي –صلى الله عليه وسلم –و ما أنزل من قبله وتقديم ما أنزل إلى النبي –صلى الله عليه وسلم –على ما أنزل من قبله دليل على أن الإيمان بما أنزل إلي النبي –صلى الله عليه وسلم - يستلزم الإيمان بما أنزل من قبله
 
ما شاء الله ...أسأل الله أن ينفعنا جميعا ..فى بيان الاستنباطات والفوائد العامة واللوازم من الآيات
قال الشيخ السعدى رحمه الله :1- المتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية، والآيات الكونية.
2- حقيقة الإيمان: هو التصديق التام بما أخبرت به الرسل، المتضمن لانقياد الجوارح، وليس الشأن في الإيمان بالأشياء المشاهدة بالحس، فإنه لا يتميز بها المسلم من الكافر. إنما الشأن في الإيمان بالغيب، الذي لم نره ولم نشاهده، وإنما نؤمن به، لخبر الله وخبر رسوله. فهذا الإيمان الذي يميز به المسلم من الكافر، لأنه تصديق مجرد لله ورسله.
- قال الله تعالى: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [البقرة:9]. (المخادعة) بوزن المفاعلة، وهي استعمال الخدع من الجانبين، وهذه المخادعة هي إظهار الخير واستبطان الشر. ومخادعة المنافقين لله سبحانه وتعالى هي مخادعة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقوله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80].
قوله: (( بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ )) في هذه الآية تقبيح للكذب وتنفير منه. إشارة إلى أن السبب في عذابهم واستحقاقهم هذا الوعيد هو أنهم كانوا يكذبون، ومعلوم أن الكذب أحد الأسباب الموجبة لتعذيبهم، أما الأسباب الأخرى فهي كثيرة ومعروفة كما سيتضح في هذه الآيات، لكن قد يعبر الله سبحانه وتعالى عن إهلاك الكافرين أحياناً ببعض الذنوب؛ تنفيراً منها وتغليظاً في حق فاعليها واستعظاماً لها وتنفيراً عن ارتكابها ....مفرغ من درس التفسير للدكتور / محمد إسماعيل المقدم
 
إن من سنة الله تعالى في عباده أن يتفضَّل عليهم بالهداية، فإذا لم يقبلوها ن وصاروا إلى الضلالة، فإن الله يمدهم في ضلالتهم جزاءً وفاقًا .
قال هنا في المنافقين: ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا) ، وقال في موضع آخر في اليهود : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) ، فلم يبتدئهم بالزيغ، وإنما جعل الزيادة فيه عقوبة لابتدائهم به.
نعوذ بالله من الحور بعد الكور.
 
انفرد العدُّ الكوفي بعدِّ ( ألم ) آية ، والباقون لا يعدونها آية.
ومما يبنى عليه اختلاف التخميس والتعشير ، كما هو الواقع الآن، في فكرتنا هذه ، فنحن نقف عند قوله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10).
وعند الباقين يكون تمام العشر : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) .
 
لما قرن الله الصلاة بالنفقة من الرزق؛ دلَّ على أنه الإنفاق من المال.
ومن إشارة الآية أن تكون النفقة من عموم ما رزقك الله من المال والجاه والأخلاق وغيرها.
فأنت تنفق من جاهك لمساعدة عباد الله، وتنفق من أخلاقك ما تتحمل به الناس ، وتنفق منه ما تدعوهم به إلى كريم الخصال ، وعبادة الله.
 
من الهدايات التربوية سورة البقرة : ( 1 - 10 )

من الهدايات التربوية سورة البقرة : ( 1 - 10 )

من الهدايات التربوية والسلوكية لهذه الآيات الكريمة:
1- الإشارة إلى العناية بتشويق المتربي، ولفت انتباهه لما يلقى له، بحيث يكون كامل الاستعداد صافي النفس والسمع، وهذا مأخوذ ممن علل ذكر الأحرف المقطعة في بداية السور، بلفت انتباه المشركين لسماع الحق، واسترعاء أسماعهم لسماعه، كما ذكر ذلك ابن عاشور أثناء سرده للأقوال حيث قال: "أنها حروف قصد منها تنبيه السامع مثل النداء المقصود به التنبيه في قولك يَافتى لإيقاظ ذهن السامع قاله ثعلب والأخفش وأبو عبيدة"(1).
2- تعويد النفس على تعظيم كلام الله تعالى، وامتلاء القلب هيبة له، وتغذية قلوب المتربين بذلك، وهذا مأخوذ من أن الله سبحانه قد أشار لكلامه بالإشارة للبعيد : (ذلك)، وقد علل ذلك بعض العلماء بأنه للإشارة إلى علو مكانته ومنزلته، كما قال ابن عرفة: "لأن الإشارة بلفظ ( البعيد ) للقريب على سبيل التَّعظيم وهو معنى ( يذكره ) البيانيون"(2). وقال ابن عاشور: " فلا جرم أن كانت الإشارة في الآية باستعمال اسم الإشارة للبعيد لإظهار رفعة شأن هذا القرآن لجعله بعيد المنزلة . وقد شاع في الكلام البليغ تمثيل الأمر الشريف بالشيء المرفوع في عزة المنال لأن الشيء النفيس عزيز على أهله فمن العادة أن يجعلوه في المرتفعات صوناً له عن الدروس وتناول كثرة الأيدي والابتذال ، فالكتاب هنا لما ذكر في مقام التحدي بمعارضته بما دلت عليه حروف التهجي في { الم } [ البقرة : 1 ] كان كالشيء العزيز المنال بالنسبة إلى تناولهم إياه بالمعارضة أو لأنه لصدق معانيه ونفع إرشاده بعيد عمن يتناوله بهُجر القول كقولهم : { افتراه } [ يونس : 38 ] وقولهم : { أساطير الأولين } [ الأنعام : 25 ] "(3).
3- أن إيمان المتربي بصحة المنهج الذي يتربى عليه، وقناعته به، ويقينه بسلامته؛ كفيل بثباته عليه، ودفاعه عنه، بخلاف ما إذا تلقاه إرثاً أو عادة، وهذا المعنى مستوحى من قوله تعالى: (ذلك الكتاب لا ريب فيه)، فقد بين الله سبحانه وتعالى في أولى آيات كتابه لعباده المؤمنين سلامة هذا الكتاب الكريم من أي ريب أو شك، مما يدعوهم إلى الثبات عليه والدعوة إليه.
4- أن وضوح المنهج الذي يتلقاه المتربي وبيان مفرداته المؤصلة شرعاً؛ سمةٌ لصحته، وضمانٌ لقبول الناس له، ويستوحى ذلك من بيان خصائص المؤمنين المنتفعين بالقرآن في أولى آياتِ أَوَّلِ سورةٍ من سُوَرِه بعد الفاتحة: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4))، فقد بين الله سبحانه أعمالهم وصفاتهم التي جعلتهم منتفعين بهذا القرآن الكريم، وفي هذا حثٌّ لمن أراد الانتفاع به أن يسلك سبيلهم.
ـــــ
(1) المحرر الوجيز: ( 1 / 60 ).
(2) تفسير ابن عرفة : ( 13 ).
(3) المحرر الوجيز : ( 1 / 65 ).
 
(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا)
يقول سيد قطب رحمه الله تعالى:
" وفي هذا النص وأمثاله نقف أمام حقيقة كبيرة ، وأمام تفضل من الله كريم . . تلك الحقيقة هي التي يؤكدها القرآن دائماً ويقررها ، وهي حقيقة الصلة بين الله والمؤمنين . إنه يجعل صفهم صفه ، وأمرهم أمره . وشأنهم شأنه . يضمهم سبحانه إليه ، ويأخذهم في كنفه ، ويجعل عدوهم عدوه ، وما يوجه إليهم من مكر موجهاً إليه - سبحانه - وهذا هو التفضل العلوي الكريم . . التفضل الذي يرفع مقام المؤمنين وحقيقتهم إلى هذا المستوى السامق؛ والذي يوحي بأن حقيقة الإيمان في هذا الوجود هي أكبر وأكرم الحقائق ، والذي يسكب في قلب المؤمن طمأنينة لا حد لها ، وهو يرى الله - جل شأنه - يجعل قضيته هي قضيته ، ومعركته هي معركته ، وعدوه هو عدوه ، ويأخذه في صفه ، ويرفعه إلى جواره الكريم . . فماذا يكون العبيد وكيدهم وخداعهم وأذاهم الصغير؟!
وهو في ذات الوقت تهديد رعيب للذين يحاولون خداع المؤمنين والمكر بهم ، وإيصال الأذى إليهم . تهديد لهم بأن معركتهم ليست مع المؤمنين وحدهم إنما هي مع الله القوي الجبار القهار . وأنهم إنما يحاربون الله حين يحاربون أولياءه ، وإنما يتصدون لنقمة الله حين يحاولون هذه المحاولة اللئيمة .
وهذه الحقيقة من جانبيها جديرة بأن يتدبرها المؤمنون ليطمئنوا ويثبتوا ويمضوا في طريقهم لا يبالون كيد الكائدين ، ولا خداع الخادعين ، ولا أذى الشريرين . ويتدبرها أعداء المؤمنين فيفزعوا ويرتاعوا ويعرفوا من الذي يحاربونه ويتصدون لنقمته حين يتصدون للمؤمنين . ."

 
لما قدَّم الإيمان بالغيب ، دلَّ على أن هذا من أخص خصائص المتقين التي بزُّوا بها الكفار الذين لا يؤمنون ، وكذا الذين يدعون أنهم لا يؤمنون إلا بالمحسوسات.
ولما أطلق الإيمان بالغيب، ولم يقيده بنوع منه = دل على العموم، فإيمانهم بما أنزل من قبل إيمان بالغيب، وإيمانهم بالقدر إيمان بالغيب...إلخ من أنواع الغيب التي ذكرها المفسرون أمثلة له.
 
دل قول مجاهد الذي سبق أن ذكره أحد الإخوة سابقًا على وقف التمام في أول هذه السورة:
المفلحون.
عظيم.
قدير.
 
طالبة الغفران
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح
 


الحقيقة أن هذا ليس من باب تكليف ما لا يطاق على الإطلاق
بل كلفهم الله بالإيمان وهم يطيقونه لو أرادوا
ولكنهم اختاروا الكفر على الإيمان فعاقبهم الله بالختم على قلوبهم وعلى سمعهم وجعل الغشاوة على أبصارهم ومن بعدها العذاب العظيم.
الذي يظهر والله أعلم أن الإمام ابن جرير الطبري قصد التكليف بما لا يطاق لا لذاته بل لتعلق علم الله سبحانه وتعالى بأنه لا يوجد، ويوضح ذلك أن العلماء قسموا ما لا يطاق إلى قسمين :
1- ما لا يطاق لذاته: كالجمع بين الضدين ، وهذا لا يجوز التكليف به كما قال تعالى: ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ).
2- ما لا يطاق لا لذاته بل لتعلق علم الله تعالى بأنه لا يوجد، كإيمان أبي لهب وأبي جهل، فمع كون ذلك مستحيلاً لعلم الله سبحانه وتعالى أنه لا يقع ، إلا أنه قد وقع التكليف به ، ولم يستثنِ الله سبحانه أبا لهب وأبا جهل من التكليف، فهذا النوع وقع التكليف به بإجماع المسلمين، وهو مراد الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله . والله أعلم .
 
لما قدَّم الإيمان بالغيب ، دلَّ على أن هذا من أخص خصائص المتقين التي بزُّوا بها الكفار الذين لا يؤمنون ، وكذا الذين يدعون أنهم لا يؤمنون إلا بالمحسوسات.
ولما أطلق الإيمان بالغيب، ولم يقيده بنوع منه = دل على العموم، فإيمانهم بما أنزل من قبل إيمان بالغيب، وإيمانهم بالقدر إيمان بالغيب...إلخ من أنواع الغيب التي ذكرها المفسرون أمثلة له.
وأيضاً فإن الإيمان بالغيب خصيصة ظاهرة لأمة محمدصلى الله عليه وسلم مقارنة مع بني اسرائيل وهذه الخصيصة لم تكن موجودة عند بني اسرائيل. والآيات القادمات التي ستتحدث بإسهاب عن أفعلهم تؤكد وتدل دلالة واضحة على أن هذه الآية تخص أمة محمدصلى الله عليه وسلم التي لا تجادل ولا تخاصم . كلها تسليم .: ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ .
وهذا المعنى يتفق أيضاً مع الآية التي في أواخر سورة البقرة حيث تقر هذا المعنى في النهاية وتؤكده:
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)
 
تأمل هذه الثقة في إلقاء الخبر ( ذلك الكتاب لا ريب فيه) هل يقوله بشر؟!
أبدًا والله.
لقد كان هذا النظر إلى هذه الفكرة مما استوقف بعض الغربيين الدارسين للقرآن الكريم، فدُهِش من هذه الثقة في إلقاء الخبر ، وكان ما كان له من الإيمان.
وإن الثقة بأخبار القرآن مما تجعلنا نطمئن ونحن ندعو الناس إلى دين الله، فالوحي معصوم بلا ريب ، ولا يهولنك بعض ما يلبِّس به من ضعُفت بصيرته، وقلَّت معرفته بأن هذا فهمك للآية ، وهناك فهوم أخرى، فليس القرآن محلاً لمثل هذه المحتملات المُلغِزة، بل هو آيات بينات.
هناك نقطتنان مهمتان أيضاً في هذه الآية:
الأولى : اسم الإشارة البعيد وهو يدل على التشريف والتفخيم وذلك بالإشارة اليه والتدليل عليه من رب العالمين.
الثانيّة: ذلك الكتاب لا ريب فيه. هل يعني أن الكتب الأخرى فيها ريب؟؟؟ والجواب نعم. فقد أصاب جميع الكتب التحريف والتبديل والتغيير والإفتراء والبيع والشراء. إلا أن هذا القرآن يختلف عن غيره من الكتب المنزلة الأخرى وهو أنه سيحفظه سبحانه الى يوم القيامة. إذاً ففي الآية إشارة خفية الى أن هذا القرآن باق محفوظ الى يوم القيامة. وأيضاً إشارة الى التحريف الذي اصاب الكتب السابقة بفعل من كانوا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً.
 
هناك نقطتنان مهمتان أيضاً في هذه الآية:(ذلك الكتاب لا ريب فيه)
الأولى : اسم الإشارة البعيد وهو يدل على التشريف والتفخيم وذلك بالإشارة اليه والتدليل عليه من رب العالمين.
الثانيّة:قوله: ذلك الكتاب لا ريب فيه. هل يعني أن الكتب الأخرى فيها ريب؟؟؟ والجواب نعم. فقد أصاب جميع الكتب التحريف والتبديل والتغيير والإفتراء والبيع والشراء. إلا أن هذا القرآن يختلف عن غيره من الكتب المنزلة الأخرى وهو أنه سيحفظه سبحانه الى يوم القيامة. إذاً ففي الآية إشارة خفية الى أن هذا القرآن باق محفوظ الى يوم القيامة. وأيضاً إشارة الى التحريف الذي اصاب الكتب السابقة بفعل من كانوا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً.
 
هل فكرت يوما لماذا أنزل الله (الم) أول آية في القرءان بعد الفاتحة
لا شك أن في ذلك أهمية كبيرة لهذه الحروف
بالنسبة لي أرى أن معنى الآية الثانية من سورة البقرة يختلف عما تفضلتم به
فمعنى الكتاب في الآية الثانية هو الحساب وليس القرءان
والقرءان يستبدل الحساب بالكتاب في مواقع كثيرة
فمثلا
فمن أوتي كتابه بيمينه بمعنى فمن أوتي حسابه بيمينه
فحقيقة أن الكتاب والحساب له مدلول واحد فسواء اوتي كتابه بيمينه أو اوتي حسابه بيمينه لا فرق بينهما
وبالعودة إلى الآية الأولى والثانية وإن كانت عند أكثرهم هي آية واحدة
فيكون معنى الآية الم ذلك الحساب لا ريب فيه
فيكون اسم الإشارة ذلك يعود على الم وليس على القرءان وهو أولى
والمعلوم أن حساب الم هو 71 وقد ورد في هذا الحساب حديث ضعيف وربما كان الضعيف من الحديث أقوى من الكثير من أقوال المجتهدين
ولو لاحظتم معي أن الآية 71 من سورة البقرة هي عبارة عن نهاية لقصة البقرة
وهل العبارة الواردة في الآية 71 من سورة البقرة (ألءن جئت بالحق) لها علاقة بهذه الحقيقة وهي حساب الجمّل
ولاحظوا معي أن الكلمة التي ترتيبها 71 في قصة البقرة هي كلمة (البقر)
 
بيان الهدايات التربوية والآداب السلوكية من الآيات.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ }.
يؤخذ من هذه الآية الكريمة والله أعلم وأحكم ضابط من ضوابط التكفير.
 
عودة
أعلى