ٱلرَّحۡمَـٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ

إنضم
15/09/2010
المشاركات
159
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
جدة
الاستواء على العرش يتضمن معنىً زائدًا على العُلُوّ المطلق، وإلّا لما اختص العرش بذلك لأن الله -سبحانه- له العلوّ مطلقًا على كل شيء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح حديث النزول صفحـ٣٩٥ـة:-
«...الاستواء علوٌّ خاص، فكلُّ مستوٍ على شيءٍ [فهو] عالٍ عليه، وليس كلُّ عالٍ على شيء مستويًا عليه.
ولهذا لا يقال لكل ما كان عاليا على غيره: إنه مستو عليه واستوى عليه، ولكن كل ما قيل فيه: إنه استوى على غيره؛ فإنه عالٍ عليه. والذي أخبر الله أنه كان بعد خلق السموات والأرض "الاستواء" لا مطلق العلو، مع أنه يجوز أنه كان مستويا عليه قبل خلق السموات والأرض لمّا كان عرشه على الماء، ثم لما خلق هذا العالم كان عاليا عليه ولم يكن مستويا عليه، فلما خلق هذا العالم استوى عليه، فالأصل أن علوه على المخلوقات وصف لازم له، كما أن عظمته وكبرياءه وقدرته كذلك، وأما الاستواء فهو فِعلٌ يفعله -سبحانه وتعالى- بمشيئته وقدرته؛ ولهذا قال فيه: {ثم استوى} ولهذا كان الاستواء من الصفات السمعية المعلومة بالخبر.
وأما علوه على المخلوقات فهو عند أئمة أهل الإثبات من الصفات العقلية المعلومة بالعقل مع السمع، وهذا اختيار أبي محمد بن كلاب وغيره، وهو آخر قولي القاضي أبي يعلى، وقول جماهير أهل السنة والحديث ونظار المثبتة.»

أقول:-
لا شك أن العقل هنا يحار في تصور الاستواء على العرش كما أنه يحار في تصور ذات الرب -سبحانه- ومايقوم بها من أفعال لازمة غير متعدية.

وقد نـبّـه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن النصوص والأخبار قد تأتي بمحارات للعقول ولكنها لا تأتي بمُحالات وممتنعات.

أي: لا تأتي بأمر مُحال وممتنع في صريح العقل إلا أن يكون الخبر ضعيفا أو موضوعا أو تكون دلالته محتملة وغير ظاهرة، ولكن العقول قد تُمتحن بما تحار في حقيقته وواقعه.
فالمُحال كالإخبار عن شيء واحد بأنه موجود ومعدوم في وقت واحد، أو لاموجود ولامعدوم، أما أن يتخذ ملك الملوك عرشا عظيما يليق بعزه وملكه ويظهر فيه من حسن صنعه وعظم ملكوته وعجيب قدرته ما لا يظهر في مخلوق آخر، ويكون منتهىٰ عباده المقربين يحفون به ويسجدون تحته ولايطمعون بموضع أقرب إلى الرحمن منه، إذ العرش أخص مخلوق بربه اختصه واصطنعه لنفسه غيرَ محتاج إليه ثم ثَـبَـتَ واستقَـرّ مُـتـمَـكّـنـًا عليه كما شاء-سبحانه- وهذا مَحار للعقل، أي يحار العقل فيه عند تخـيّـله لقصوره وضعفه أصلا عن تصوّر ذات الرحمن المتفرد عن شبيهٍ يُعتبَر به ويُقاس ويُبنَىٰ التصور عليه. فالله وعرشه واستواءه غيب مطلق لا سبيل إلى تصوّر كيفيةٍ فيه، إلا أننا نُـنَـزّه الله عن أن يخاطب عباده بما لايدركون له معنىً ظاهرا يُـفـهَم ويترجَم ويُتدبَّر: {أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَاۤ}
وفي هذا ابتلاء وامتحان لأذهان وعقول الأذكياء حتى يسقط ويفتضح أهل الغرور والعُجب بعقولهم واجتهادهم، وحتى يظهر فضل أهل الخضوع والتسليم للعزيز العليم سبحانه وتعالى، فإن إعجاب البشر بعقولهم وطغيانهم واغترارهم بظنونهم داء قديم، فلابد من ترويض عقولهم وتذليلها وتعبيدها حتى يتواضع ابن آدم ويعترف بعجزه عن معارضة وحي ربه، فإن للأذهان والعقول عبوديةً لاتتحقق لكثير من الناس ولو اجتهدوا في العبادات البدنية المعروفة، فشاء الله أن يمتحن عقولنا وأفئدتنا بمثل هذه الأخبار ليميز العقل الخبيث من الـطـيـّـب الذي يعرف قدره فيؤمن ويسلّم فيستحق رحمة ربه، وفي هذا تربية لعقل المؤمن حتى يتأهل لتلقي أخبار الغيب عن الله والدار الآخرة كما وقع لأحد الصحابة لما نزلت ﴿ٱلَّذِینَ یُحۡشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُو۟لَــٰۤئِكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ سَبِیلࣰا﴾ ففِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: "إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ قَادِرٌ أَنْ يُمشِيَه عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

آمنّا بربّ يفعل ما يشاء !
﴿لَا یُسۡـَٔلُ عَمَّا یَفۡعَلُ وَهُمۡ یُسۡـَٔلُونَ﴾

اللهم إيمانًا كإيمان أبي رزين، آمـيــــن...
عن أبي رزين العقيلي قال: قال رسول الله ﷺ : «ضَحِكَ رَبُّنا عزَّ وجلَّ من قُنُوطِ عبادِهِ وقُربِ غِيَرِهِ» فقال أبو رزينٍ: "أَوَيَضْحَكُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ؟" قالﷺ : «نَعَمْ»، فقال: "لَنْ نَعْدَمَ من رَبٍّ يَضْحَكُ خيرًا".
قال الألباني في السلسلة الصحيحة [٢٨١٠] : "حسن بجموع الطرق".
*قلت: "غِيَر" على وزن: "عِبَر" و "عِنَب" ، والمراد بغِيَر الله ما يحدثه -سبحانه- من أحوال متغَيّرة.

فأبو رزين بسلامة فطرته وصفاء عقله وفطنته انتفع بهذا الخبر عن الله بعد أن تثبّت منه، ولو تفكّر في الكيفية لتحيّر وما انتفع بشيء.

فالخبر عن استواء الرحمٰن على عرشه لا يُبحث عن واقعه وكيفيته، ولكن يُتفكر في أثره وفائدته، وهذا باب واسع ومشرع رحب فسيح وهو من التَدَبُّر الذي من أجله نزل القرآن !

ونحن نشهد أن القرار والوقار من كمال المُلْك وجلالة القدر أن يقضيَ الله أمور الخلق أجمعين، يحي ويميت، ويرزق ويُغيث، ويعاقب وينتقم، ويفعل ما يشاء -سبحانه- لايحتاج إلى الحركة والتنقل في ذلك فهذا أدلّ على الجلال والكبرياء والعظمة وأدعىٰ للخشية والإكبار والهيبة.

وهذا المعنىٰ أمرٌ فطري عامّ لاتختص به أمة من الأمم، فكان من ملوك البشر ما كان من المبالغة في تفخيم شأنهم وتثبيت هيبتهم باتخاذ القصور المشيدة والعروش المزخرفة العظيمة وكثرة الأعوان والجنود ولو قلّت الحاجة لهم.

ولقد كان سليمان-عليه السلام- نبيّا ملِكا، بل أوتي من الملك ما لاينبغي لأحد من بعده، وكان من أظهر معالم هذا الملك العظيم ذلك الصرح العجيب الذي بهَرَ الملكة بلقيس حتى أسلمت مع سليمان لله رب العالمين !
وكان من شواهد عظمة ملكه -عليه السلام- أنه أُحضِر إليه عرشها وهو في تمام وقاره وأُبّـهَـة مُلكه لم يتحرك هو في ذلك ولم يلتفت ببصره إلا والعرش بين يديه.

أفلا يكون واهب هذه المعاني أحقّ بها بل بأعظم وأجلّ منها كيفما شاء سبحانه وتعالى؟ ... بلىٰ والله ! {وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ}

وهذا شأن كل صفات الله -سبحانه- وأفعاله لايمكن أن يُعقل لها معنى ولا فائدة إلا في ضوء المحسوس المشاهَد في غير الكيفية الواقعة فِعلًا ولكن في أصل المعنىٰ كما أن صفة الوجود والحياة لها معنىً واحدٌ في أصله ولكن إذا أُضيف إلى الخالق والمخلوق اختلف وتباين وتفاوت أشدَّ ما يكون من التفاوت والتباين والاختلاف ! {لَیۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَیۡءࣱۖ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیرُ}.
 
كل الصفات من سمع وبصر وحياة...إلخ لا بد لها من تشابهٍ في أصل المعنى، وبهذا التشابه أمكنَ إدراكُ وفهمُ ما وُصِف اللهُ به من ذلك، ثم تتفاوت الصفات في الواقع الفعلي بحسب الموصوف بها، حتى معنى الوجود له أصل كليّ مشترك وهو معنىً مجرّد في الذهن أما في الواقع فوجود المخلوق غير وجود الخالق ولا نسبة بين الوجودين إلا كالنسبة بين الخالق والمخلوق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في [شرح حديث النزول] صفحـ١١١ـة :-
«ولولا أن هذه الأسماء والصفات تدل على معنىًٰ مشتركٍ كُـلّيٍّ يقتضي من المواطأة والموافقة والمشابهة ما به نفهم ونثبت هذه المعاني لله لم نكن قد عرفنا عن الله شيئا ولا صار في قلوبنا إيمان به ولا علم ولا معرفة ولا محبة ولا إرادة لعبادته ودعائه وسؤاله ومحبته وتعظيمه، فإن جميع هذه الأمور لا تكون إلا مع العلم، ولا يمكن العلم إلا بإثبات تلك المعاني التي فيها من الموافقة والمواطأة ما به حصل لنا ما حصل من العلم لما غاب عن شهودنا.»
 
[FONT=Arial, Helvetica, sans-serif]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين اما بعد الاستاذ الفاضل مساعد احمد الصبحي ارجو من حضرتكم توضيح الفقرة التالية في المشاركة 1 : (
[/FONT]ونحن نشهد أن القرار والوقار من كمال المُلْك وجلالة القدر أن يقضيَ الله أمور الخلق أجمعين، يحي ويميت، ويرزق ويُغيث، ويعاقب وينتقم، ويفعل ما يشاء -سبحانه- لايحتاج إلى الحركة والتنقل في ذلك فهذا أدلّ على الجلال والكبرياء والعظمة وأدعىٰ للخشية والإكبار والهيبة )
ان هذا الكلام يناقض حديث النزول والله تعالى اعلم .
 
وهو نزولٌ ذاتيٌّ حقيقةً لأن الله له العلوّ المطلق

ما معنى نزول ذاتي حقيقة ؟؟ مامعنى حقيقة وماذا يقصد بالحقيقة ؟؟؟
السؤال الثاني ماهو العرش أولاً حتى نفهم الاستواء ؟؟
 
وما معنى غَضِبَ يغضب غضَبا ؟؟؟

وما معنى رَضِيَ يرضىٰ رضًا ؟؟؟

بل ما معنى أَحَبّ يُحِبُّ محبّةً ؟؟؟

كلها جميعا معروف معناها بداهة وفطرة
وكذلك معنى: (العرش) الذي يناسب أن يُضاف إلى المَـلِـك الحق سبحانه وأنه استوىٰ عليه وأن الملائكة تحفّ به وتسبح بحمد ربها

فإذا سأل سائل بعد ذلك عن المعنىٰ فهو إما أعجميّ عليه أن يتعلم ألف باء العربيّة

أو متعنت مجادل بالباطل عليه أن يراجع إيمانه وتسليمه وعقيدته



}
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين اما بعد غفر الله تعالى لنا ولكم الاستاذ مساعد الصبحي لقد قيل : خير الكلام ما قل ودل
أسأل حضرتكم سؤالا تحيلني الى مدونتكم لا أملك الوقت الكافي لقرائتها أرجو الاجابة الواضحة لا تلك التي تحتمل الظنون هذا من جانب ومن جانب آخر لا يليق بحضرتكم ما كتبتوه في المشاركة السابعة فطالب العلم له حق على من عنده علم ان اذا لم يفهم يبسط له المفاهيم العلمية حتى يفهم لا ان يستهزأ به ويضحك عليه وجزاكم الله تعالى خيرا .
 
أستاذي البيهجي وأستاذي عدنان الغامدي: اطلعت عل هذا المقال فيه تفصيل لما سألتم عنه وعرض لأقوال العلماء..

"هل يصح أن يقال: ينزل الله بذاته أم لا؟

اعلم - رحمك الله -: أن أهل السنة في جواز إطلاق القول بأن الله ينزل بذاته على ثلاثة أقوال[7]:

منهم من قال: إنه ينزل بذاته، وعزاه لأبي القاسم الأصبهاني، ونقل عن شيخ الإسلام أن هذا قول طوائف من أهل الحديث والسنة.


ومنهم من قال: لا ينزل بذاته.
والطائفة الثالثة قالت: ينزل، ولا تقول بذاته ولا بغير ذاته بل تطلق اللفظ كما أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم، وتسكت كما سكت عنه)[8].

ومما استدل به أصحاب القول الأول حديث أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أراد الله أن ينزل عن عرشه نزل بذاته))، والحديث لا يصح، ولا يصلح للاستدلال[9].

قال شيخ الإسلام - رحمه الله - بعد هذا الحديث: (قلت: ضعف أبو القاسم إسماعيل التيمي وغيره من الحفاظ هذا اللفظ مرفوعًا، ورواه ابن الجوزي في "الموضوعات"، وقال أبو القاسم التيمي: ((ينزل)) معناه صحيح، أنا أقر به، لكن لم يثبت مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يكون المعنى صحيحًا، وإن كان اللفظ نفسه ليس بمأثور، كما لو قيل: إن الله هو بنفسه وذاته خلق السماوات والأرض، وهو بنفسه وذاته كلم موسى تكليمًا، وهو بنفسه وذاته استوى على العرش، ونحو ذلك من أفعاله التي فعلها هو بنفسه وهو نفسه فعلها، فالمعنى صحيح، وليس كل ما بُيِّن به معنى القرآن والحديث من اللفظ يكون من القرآن مرفوعًا)[10].


وقال ابن القيم - رحمه الله -: (ولعل إثبات النزول مع الإمساك عن القول بذاته أو بغير ذاته هو الأقرب؛ تمشيًا مع النصوص، ويحمل قول من أطلقه أنه أراد بذلك تحقيق القول بالنزول، والرد على المبتدعة ممن ينكر ذلك، أو يقول إنه في كل مكان، كما ألمح إلى شيء من هذا شيخ الإسلام في كلامه السابق[11].



هل النزول بحركة أم بغير حركة؟

3) اعلم - رحمك الله -: أن أهل السنة اختلفوا في هذه المسألة على أربعة أقوال:

القول الأول: إن النزول يكون بحركة وانتقال، وهذا ما ذهب إليه الإمام الدارمي وهو قول أبي عبدالله ابن حامد، وحرب بن إسماعيل الكرماني.


القول الثاني: نفي أن يكون النزول بحركة وانتقال، وهذا ما ذهب إليه أبو سليمان الخطابي، وهو قول أبي الحسن التميمي، وابنيه عبدالواحد وعبدالوهاب، وابن الزاغواني.


القول الثالث: إثبات المعنى، مع عدم إطلاق اللفظ لعدم مجيء الأثر به، وهو مذهب بعض أهل الحديث، كما ذكره ابن عبدالبر وغيره[12].


القول الرابع: الإمساك في هذه المسألة، فلا يقال: بحركة، ولا بغير حركة، وهذا ما ذهب إليه الإمام ابن بطة، وهو قول أبي بكر عبدالعزيز بن جعفر - صاحب الخلال - وهو اختيار كثير من أهل الحديث والفقهاء.


ولعل الراجح من هذه الأقوال القول الرابع، وذلك أن لفظ "الحركة" لفظ مجمل لم يرد في إثباته ولا نفيه نصٌّ؛ إذ لو ورد في ذلك نصٌّ صحيح صريح كان فيصلًا في المسألة، فلما لم يرد شيء من هذا، وجب التوقُّف والإمساك كما هي الحال في كثير من الألفاظ المجملة، وهذا ما رجَّحه الإمام ابن القيم، وأشار إليه شيخ الإسلام، حيث قال - بعد أن حكى الأقوال في المسألة -: (والأحسن في هذا الباب مُراعاة ألفاظ النصوص فيثبت ما أثبته الله ورسوله باللفظ الذي أثبته، وينفي ما نفاه الله ورسوله كما نفاه، وهو أن يثبت النزول والإتيان والمجيء، وينفي المثل، والسمي، والكفؤ، والند... )[13].

وقال ابن القيم - رحمه الله -: (وأما الذين أمسكوا عن الأمر، وقالوا: لا نقول يتحرك وينتقل، ولا ننفي ذلك، فهم أسعد بالصواب والاتِّباع، فإنهم نطقوا بما نطق به النص، وسكتوا عمَّا سكت عنه، وتظهر صحة هذه الطريقة ظهورًا تامًّا فيما إذا كانت الألفاظ التي سكت النص عنها مجملة، محتملة لمعنيين: صحيح، وفاسد؛ كلفظ الحركة والانتقال، والجسم، والحيِّز، ونحو ذلك من الألفاظ التي تحتها حق وباطل، فهذه لا تقبل مطلقًا ولا ترد مطلقًا، فإن الله سبحانه لم يثبت لنفسه هذه المسميات ولم ينقلها عنه، فمن أثبتها مطلقًا فقد أخطأ، ومن نفاها مطلقًا فقد أخطأ)[14]


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/131782/#ixzz6MRoMO1iM
 
ما كنا بحاجة إلى التصريح بأن النزول للذات لولا تهافت بعضهم في التأويل المتكلَّف الركيك الذي يسلب حديث النزول رُوحه ولُـبّـه وأثره على قلب المؤمن سليم الفطرة والدين والذوق والعروبة ....

فرحمة الله وفضله وأمره لاينتهي عند السماء الدنيا بل يتجاوزها إلى كل ذرة من ذرات الكون: ﴿فَٱنظُرۡ إِلَىٰۤ ءَاثَارِ رَحۡمَةِ الله﴾ !
والقرآن كلام الله وفضله ورحمته وقد تجاوز السماء الدنيا حتى تلقّاه النبيّﷺ من جبريل ثم تلقّاه الصحابة من النبيّﷺ ﴿قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَ ٰ⁠لِكَ فَلۡیَفۡرَحُوا۟ هُوَ خَیۡرࣱ مِّمَّا یَجۡمَعُونَ﴾


وهل أمر الله ورحمته وفضله لاينزل إلا في ثلث الليل الآخِر ؟ !

هل يدري الأعاجم مايقولون ؟ ؟ ؟

ما هذا الهذيان !

نعوذ بالله من الخذلان...

وهذا كما أن العلماء لم يحتاجوا إلى التصريح بأن الله "شَيْءٌ" حتى طرأ من قال: " إن الله ليس بشيء" !

أخزاهم الله !

﴿قُلۡ أَیُّ شَیۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَـٰدَةࣰۖ قُلِ ٱللَّهُۖ شَهِیدُۢ بَیۡنِی وَبَیۡنَكُمۡۚ..﴾
 
"وهو نزولٌ ذاتيٌّ حقيقةً"
هذا الكلام مستحيل من ناحية قطعية وناحية منطقية، لأن كل حركة تحصل في الأبعاد (مثل البعد الثالث) نتيجة تغيّر، والتغير يلزم الحاجة (هذه قاعدة)، والله تعالى لا يحتاج إلى شيء. للأسف بعض الناس يظنون أن الله يعيش في البعد الثالث، لكن هذا الكلام مستحيل، لأن قبل خلق السماوات والأرض لم يكن هناك أي أبعاد موجودة أصلا. الأبعاد كلّها مخلوقة، والله تعالى كان ولم يكن شيء، كان موجودا قبل وجود الأبعاد أصلا.
 
هذه هي السفسطة التي بها تُهدم النصوص وتُعطل عن معانيها الظاهرة

وبمثل هذا سيُكذب الخبر بأن النار لم تحرق إبراهيم عليه السلام

فقل لمن يدّعي في العلم فلسفةً
. عرفتَ شيئا وغابت عنك أشياءُ !

قولك:
"كل حركة تحصل في الأبعاد (مثل البعد الثالث) نتيجة تغيّر،"

أقول:
هذا ما عرفتَه عن المخلوقات !

فلماذا تُلْحِقُ الخالقَ بالمخلوق في هذا الأمر وتقيسه به ؟!

تعالى الله وتقدس : ﴿وَلَا یُحِیطُونَ بِهِۦ عِلۡمࣰا﴾ !

والنزول الحقيقي صفة تابعة لذاته -سبحانه- وهي ذاتٌ لا تُقاس بذوات المخلوقين ولايجري عليها من السنن والقوانين الكونية ما يجري على المخلوقين، فلايصح بحالٍ قياسُ نزوله بنزول المخلوقين، لأن الله العـظـيـم الكـبـيـر القديـر لا يُعجزه أن يدنو ويقرب من خلقه دون أن يفقد استواءه على العرش وفوقيّته وعلوّه على الخلق.

فأفعال المخلوق وما يلزمها ويصحبها وما يجوز عليه وما لايجوز كل ذلك من خصائص المخلوق الضعيف المقهور المحكوم بأحكام الله الكونية التي وُجدت معه قدَرا مقدورا لا يفارقه:{یَـٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُوا۟ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُوا۟ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَـٰنࣲ}

أما الواحد القهار فلا يمكن أن يحدّه ويُـقـيّـده ما أبدعه ووضعه هو-سبحانه- من حدود وقيود كونية خاصة بأجساد المخلوقات وذواتهم، وقد أبطل الله بعض هذه السنن لبعض أنبيائه كإبراهيم إذ صارت النار بردا وسلاما عليه.


وهذا هو معنى قول بعض السلف حين سُئل عن النزول: «آمنتُ برب يفعل ما يشاء». وقال حماد بن زيد: «إن الله على عرشه، ولكن يقرب من خلقه كيف شاء.»

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح حديث النزول:-

«..وهذا الباب ـ ونحوه ـ إنما اشتبه على كثير من الناس؛ لأنهم صاروا يظنون أن ما وُصِف الله ـ عز وجل ـ به من جنس ما توصف به أجسامهم، فيرون ذلك يستلزم الجمع بين الضدين؛ فإن كونه فوق العرش مع نزوله يمتنع في مثل أجسامهم.»
 
حقًّا إنه ابتلاء !

وامتحان ! !

واختبار ! ! !

في الإذعان والتسليم للعزيز العليم سبحانه وتعالىٰ

فاعتبروا يا أولي الألباب !
 
عودة
أعلى