و قفة مع آية:

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مراكش-المغرب
بسم1


و قفة مع آية:

قال تعالى:" وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85)" المائدة.
تساءلت كيف قال الله تعالى:" فأثابهم بما قالوا" مع أن القول وحده لا يكفي كما هو مذهب أهل السنة و الجماعة الذين يعتبرون أن الإيمان قول باللسان و اعتقاد بالجنان و عمل بالأركان؟
و لعل من الأجوبة التي ظهرت لي:
1- أن الله سبحانه عبر بالقول لعلمه سبحانه أن قولهم بألسنتهم يوافق اعتقادهم و يصدقه عملهم. و قد ورد ما يدل على إخلاصهم و إحسانهم، قال تعالى:" و ذلك جزاء المحسنين" و الإحسان في الفعل أبلغ منه في القول و قال قبلها:" ترى أعينهم تفيض من الدمع".
و قد وجدت كلاما للإمام البغوي رحمه الله تعالى يؤيد هذا القول حيث ذكر عند تفسيره لهذه الآيات:" وإنما أنجح قولهم وعلق الثواب بالقول لاقترانه بالإخلاص، بدليل قوله: { وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ } يعني: الموحدين المؤمنين، وقوله من قبل: "ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق" يدل على أن الإخلاص والمعرفة بالقلب مع القول يكون إيمانا". –معالم التنزيل: 3/88-
و في نفس المعنى يقول الإمام الألوسي رحمه الله تعالى:" فإن القول إذا لم يقيد بالخلو عن الاعتقاد يكون المراد به المقارن له كما إذا قيل هذا قول فلان لأن القول إنما يصدر عن صاحبه لإفادة الاعتقاد".-روح المعاني:5/107.
و من المفسرين من حمل "القول" على ظاهره مريدا به مجرد القول:
يقول الشعرواي رحمه الله تعالى:" ولنا أن نعرف أن للقول أهمية كبرى لأنه يرتبط من بعد ذلك بالسلوك"
ثم قال:" والحق يريد أن يؤكد لنا أن كل حركة إيمانية حتى ولو كانت قولاً إنما تأخذ كمالها من عمرها . ونعلم أن الإيمان في مكة كان هو الإيمان بالقول . ذلك أن الناس آمنت ولم تكن الأحكام قد نزلت ، فغالبية الأحكام نزلت في المدينة".
و هذا الكلام فيه نظر و الله أعلم لأن الإيمان ليس قولا فقط بل هو قول و اعتقاد و عمل، و الصحابة في مكة لم يقتصر إيمانهم على مجرد القول باللسان بل كان نابعا عن اعتقاد جازم تصدقه الجوارح، و إن كان كثير من الأحكام لم تنزل إلا بعد الهجرة لكن هناك أحكام شرعت بمكة و كانت هناك سلسلة الأخلاق التي أتى النبي صلى الله عليه و سلم ليتممها...
2- أن القول قد يطلق و يراد به العمل و هو كثير في لغة العرب، كما في قول النبي صلى الله عليه و سلم لعمار رضي الله عنه :" إنما يكفيك أن تقول هكذا" أي أن تفعل.
و من كان عنده تعقيب أو إفادة فلا يبخل، و الله أعلم و أحكم.
 
شكرالله لك وبارك فيك وعليك، ولعلي ادلي معك بما استرشد اليه مستعينا بالله جل في علاه فأقول:

وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85)" المائدة.

يحسن بنا أن نذكر ان المقصود هم النصارى عموماً والقسيسين والرهبان على وجه الخصوص ويمكن تقسيم السياق إلى مرتقيات :
المرتقى الأول : السماع للحق من آيات الكتاب والفرقان وهذا السماع أتى عارضاً فاجأهم حيث عبر عنه الحق بقوله (سمعوا) ولم يقل (استمعوا) فكان المرتقى التالي تلقائياً ووليداً للحظة لم يعقبه طول تفكير.
المرتقى الثاني: ما انفجر في صدورهم من ينابيع الايمان وبرد اليقين ففاض من اعينهم بمالا يمكنهم اخفاؤه ورده ، فلم يكن بكاء حزن ولا نشيج ندم بل دموع فرح لما قادهم الله اليه من مراحل العرفان فهذا النبي الذي (يعرفونه كما يعرفون ابنائهم) فهو الحق المبين الذي وجدوه في كتبهم وانتظروه سنين طويلة يمثل وحيه أمامهم.
المرتقى الثالث: تصديق الايمان واليقين بالقول فبدأوا يعبرون عما يختلج في صدورهم فكان قولهم من الثلث الاخير للآية 83 مسترسلاً حتى نهاية الآية التالية 84 فيقولون جملة : (يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤)
فكان في وجود الايمان بالقلب وابتداء القول في ذات الآية دلالة على صدقهم وعلم الله بحقيقة مافي قلوبهم .
هم يعلمون موقف الانبياء واتباعهم من المؤمنين واقوامهم من المكذبين ويعلمون تصنيف تلك الفئات يوم الموقف العظيم عندما يكون النبي شهيداً على قومه والتابع شاهداً لنبيه والكافر مشهوداً عليه بالبلاغ لا مفر له من الديان ، فكانوا يسألون الله ان يكونوا من الشاهدين لا من المشهود عليهم ، ثم يسوقون حجتهم على من سيلومهم بسؤال استنكاري يقولون كيف لا نؤمن بالله وما انزل من الكتاب اذا كنا نريد ان نكون من الصالحين؟ فلن نكون داخلين في ركاب الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ مالم يتحقق هذا الايمان.
المرتقى الرابع : يخبرنا الحق جل وعلا بأن أولئك قد صدقوا فوافق قولهم اعتقادهم حيث اطلع على صدقهم فكان ثوابهم متحقق وهو جنات تجري من تحتها الانهار ووصفهم بالاحسان لقاء توافق الاعتقاد بالجنان مع القول باللسان .
وهنا يجدر بنا ان نعيد النظر في القول (قول باللسان واعتقاد بالجنان) والاجدر ان يسبق الاعتقاد القول فيقال ان الايمان هو ( اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالاركان)

والله اعلى واعلم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
 
الجواب هو أن قولهم في هذه الآية هو الشهادة بالإيمان وبصدق الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع ما اخبر به وهو قوله تعالى: (يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ...) فلا تعارض بين قوله (فأثابهم الله بما قالوا) وباقي نصوص الشريعة من أن القول أو العمل بدون إيمان لا يكفي
 
عودة
أعلى