وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً

أبو إسحاق

New member
إنضم
25/05/2005
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
القدس
يقول الله تعالى:" وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" (الاسراء),وقد اجمع المفسرون على انه لا عذاب لمن لم يصله من الله خبراً، ويأتيه من الله بـيِّنة، ويبعث فيهم رسولاً.
وهذه مقتطفات من اقوال بعضهم:
قال الطبرسي:"معناه وما كنا معذبين قوماً بعذاب الاستئصال إلا بعد الإعذار إليهم والإنذار لهم بأبلغ الوجوه وهو إرسال الرسل إليهم مظاهرة في العدل وإن كان يجوز مؤاخذتهم على ما يتعلق بالعقل ومعجلاً فعلى هذا التأويل تكون الآية عامة في العقليات والشرعيات, وقال الأكثرون من المفسرين وهو الأصح أن المراد بالآية أنه لا يعذب سبحانه في الدنيا ولا في الآخرة إلا بعد البعثة فتكون الآية خاصة فيما يتعلق بالسمع من الشرعيات فأما ما كانت الحجة فيه من جهة العقل وهو الإيمان بالله تعالى فإنه يجوز العقاب بتركه وإن لم يبعث الرسول عند من قال إن التكليف العقلي ينفك من التكليف السمعي على أن المحققين منهم يقولون إنه وإن جاز التعذيب عليه قبل بعثة الرسول فإنه سبحانه لا يفعل ذلك مبالغة في الكرم والفضل والإحسان والطول فقد حصل من هذا أنه سبحانه لا يعاقب أحداً حتى ينفذ إليهم الرسل المنبّهين إلى الحق الهادين إلى الرشد استظهاراً في الحجة لأنه إذا اجتمع داعي العقل وداعي السمع تأكد الأمر وزال الريب فيما يلزم العبد. وقد أخبر سبحانه في هذه الآية عن ذلك وهذا لا يدل على أنه لو لم يبعث رسولاً لم يحسن منه أن يعاقب إذا ارتكب القبائح العقلية إلا أن يفرض في بعثة الرسول لطفاً فإن عند ذلك لا يحسن منه سبحانه أن يعاقب أحداً إلا بعد أن يوجه إليه مما هو لطف له فيزاح بذلك علته.
وقال الزمخشري: وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ } وما صحّ منا صحة تدعو إليها الحكمة أن نعذب قوماً إلا بعد أن { نَبْعَثَ } إليهم { رَسُولاً } فتلزمهم الحجة. فإن قلت: الحجة لازمة لهم قبل بعثة الرسل، لأنّ معهم أدلة العقل التي بها يعرف الله، وقد أغفلوا النظر وهم متمكنون منه، واستيجابهم العذاب لإغفالهم النظر فيما معهم، وكفرهم لذلك، لا لإغفال الشرائع التي لا سبيل إليها إلا بالتوقيف، والعمل بها لا يصح إلا بعد الإيمان. قلت: بعثة الرسل من جملة التنبيه على النظر والإيقاظ من رقدة الغفلة، لئلا يقولوا: كنا غافلين فلو لا بعث إلينا رسولاً ينبهنا على النظر في أدلة العقل.
وقال إبن عاشور: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً }عطف على آية { من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه } الآية.
وهذا استقصاء في الإعذار لأهل الضلال زيادة على نفي مؤاخذتهم بأجرام غيرهم، ولهذا اقتصر على قوله: { وما كنا معذبين } دون أن يقال ولا مثيبين. لأن المقام مقام إعذار وقطع حجة وليس مقام امتنان بالإرشاد.والعذاب هنا عذاب الدنيا بقرينة السياق وقرينة عطف{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها }[الإسراء: 16] الآية. ودلت على ذلك آيات كثيرة، قال الله تعالى:{ وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين }[الشعراء: 209] وقال:{ فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون }[يونس: 47].
على أن معنى (حتى) يؤذن بأن بعثة الرسول متصلة بالعذاب شأن الغاية، وهذا اتصال عرفي بحسب ما تقتضيه البعثة من مدةٍ للتبليغ والاستمرار على تكذيبهم الرسول والإمهال للمكذبين، ولذلك يظهر أن يكون العذاب هنا عذاب الدنيا وكما يقتضيه الانتقال إلى الآية بعدها.
على أننا إذا اعتبرنا التوسع في الغاية صح حمل التعذيب على ما يعم عذاب الدنيا والآخرة.
ووقوع فعل { معذبين } في سياق النفي يفيد العموم، فبعثة الرسل لتفصيل ما يريده الله من الأمة من الأعمال.
ودلت الآية على أن الله لا يؤاخذ الناس إلا بعد أن يرشدهم رحمة منه لهم. وهي دليل بين على انتفاء مؤاخذة أحد ما لم تبلغه دعوة رسول من الله إلى قوم، فهي حجة للأشعري ناهضة على الماتريدي والمعتزلة الذين اتفقوا على إيصال العقل إلى معرفة وجود الله، وهو ما صرح به صدر الشريعة في التوضيح في المقدمات الأربع. فوجود الله وتوحيده عندهم واجبان بالعقل فلا عذر لمن أشرك بالله وعطل ولا عذر له بعد بعثة رسول.
وتأويل المعتزلة أن يراد بالرسول العقل تطوُّحٌ عن استعمال اللغة وإغماض عن كونه مفعولاً لفعل { نبعث } إذ لا يقال بعث عقلاً بمعنى جعل.
هذه اقوال بعض المفسرين,والسؤال الذي يطرح نفسه الان:هل كفارهذا الزمان ممن تنطبق عليهم هذه الآية ,أي أن الله ليس بمعذبهم لعدم إيصال الاسلام اليهم على نمط يلفت النظر,خاصة بعد ان هدمت الخلافة وتغيّب تطبيق الاحكام الشرعية من قِبل الدولة.
لقد حسم هذا الامر إبن عاشور حيث قال:"والعذاب هنا عذاب الدنيا بقرينة السياق وقرينة عطف{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها }[الإسراء: 16] الآية. ودلت على ذلك آيات كثيرة، قال الله تعالى:{ وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين }[الشعراء: 209] وقال:{ فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون }[يونس: 47].
على أن معنى (حتى) يؤذن بأن بعثة الرسول متصلة بالعذاب شأن الغاية، وهذا اتصال عرفي بحسب ما تقتضيه البعثة من مدةٍ للتبليغ والاستمرار على تكذيبهم الرسول والإمهال للمكذبين، ولذلك يظهر أن يكون العذاب هنا عذاب الدنيا وكما يقتضيه الانتقال إلى الآية بعدها.على أننا إذا اعتبرنا التوسع في الغاية صح حمل التعذيب على ما يعم عذاب الدنيا والآخرة".
 
لإعادة النظر

لإعادة النظر

( لا عذاب لمن لم يصله من الله خبرا ..) صواب القول : خبرٌ . وبالله التوفيق .
 
السلام عليكم
أخي الفاضل منصور مهران, شكرًا على التصحيح وبارك الله فيك,وجّل من لا يسهو.
 
الأخ الكريم أبوإسحاق.. بارك الله فيك
ما نقلته عن الطبرسي (الشيعي) والزمخشري (المعتزلي) في تفسير هذه الآيات لا يخلو من مخالفات عقدية، مبنية على مسألة التحسين والتقبيح العقليين.
وكلام أئمة التفسير الذين هم على الجادة في المعتقد يغني عن النقل عن تفاسير تشتمل على مثيل ما تقدم.
وكان الأولى على الأقل عدم تصدير النقل عنهما، والإشارة إلى الخطأ المشتمل عليه كلامهما.
ودم مفيدًا.
هذه أول مشاركة لي.
 
والسؤال الذي يطرح نفسه الان:هل كفارهذا الزمان ممن تنطبق عليهم هذه الآية ,أي أن الله ليس بمعذبهم لعدم إيصال الاسلام اليهم على نمط يلفت النظر,خاصة بعد ان هدمت الخلافة وتغيّب تطبيق الاحكام الشرعية من قِبل الدولة.".
هذا السؤال جوابه عند ربي وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير
ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح هو :
هل قام المسلمون بواجبهم في دعوة البشرية إلى الإسلام ؟
هذا السؤال الذي يجب أن نبحث عن إجابته عند المسلمين على جميع المستويات وفي مقدمتهم الحكام والعلماء
والله إن الله تعالى سيسألنا جميعا
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) الزخرف (44)
 
في الحديث عن النبي عليه الصلاة ةوالسلام أنه قال :(أربعة يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في فترة فأما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار قال: فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما))
 
عودة
أعلى