وقفات مع قصة طالوت وجالوت في القرآن الكريم

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,318
مستوى التفاعل
127
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]
وصلني هذا الموضوع عبر البريدي الالكتروني . وهو للأخ الكريم طارق مصطفى حميدة - من رام الله بفلسطين.

[align=center] ** ** **[/align]
[align=center][color=CC0000]وقفات مع قصة طالوت وجالوت في القرآن الكريم[/color][/align]
كثيراً ما تبتلى الأمم والشعوب بالهزائم وترك الديار وخسارة الأوطان والتشتت ومفارقة الأهل والولد والأحبة، ولا ريب في أن تلك الهزائم والنكبات لا تأتي من فراغ وإنما من خلال الأمراض الاجتماعية التي تعشش في النفوس والتي أوجدت القابلية للهزيمة مصداقاً لقوله تعالى " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ، وفي القرآن الكريم لقطة خاطفة عن مجتمع لديه الأسباب المادية للنصر وكان بإمكانه أن يصمد أمام الغزاة ولكن النفسية الخائرة المهزومة لأبنائه جعلته يترك دياره للغاصبين لقمة سائغة فاستحق الموت المعنوي والحقيقي في البلاد التي هاجر إليها عقوبة من الله على سوء فعلته ، يقول سبحانه " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " نلاحظ الاستهجان والاستغراب في فعلتهم من السؤال الإنكاري في قوله تعالى " ألم تر ؟" ..
والغرابة من وجوه :
[color=0000FF] أولها:[/color] أنهم خرجوا بإرادتهم واختيارهم ودون إجبار أو إكراه.
[color=0000FF]وثانيها:[/color] أنهم خرجوا من ديارهم والأصل أن الديار والأوطان غالية عزيزة لا يغادرها أهلها بهذه السهولة ، ثم هم في ديارهم متحصنون بها أمام الغزاة ويعرفون مداخلها ومخارجها وأزقتها ، بينما عدوهم الذي يحذرون هجومه جاهل بكل ذلك ، ثم هم يخرجون من ديارهم الفسيحة المريحة التي لا يزاحمهم فيها أحد ولا يزاحمون فيها أحدا ، يعيشون فيها بكرامتهم . ولكنهم يتركونها إلى ديار مجهولة لا يعرفون ما ينتظرهم فيها وربما يضطرون إلى أن تجتمع عدة أسر في بيت واحد أو خيمة واحدة أو مغارة أو تحت السماء ، ثم هم يزاحمون أهل الديار الجديدة في أرزاقهم فيصبحون محل نقمتهم واحتقارهم .
[color=0000FF]وثالثها:[/color] أنهم خرجوا وهم ألوف فلو كانوا عشرات أو مئات لكان لهم بعض العذر ولكنهم آلاف لا بل ألوف وهي جمع كثرة حيث غادروا ديارهم وهم بعشرات الألوف أو بمئاتها . ومهما كان تعداد الجيوش الغازية فإنها تضيع في خضم أهل الديار فكيف يهربون وهم بهذا العدد الهائل ؟؟
[color=0000FF]والرابعة :[/color] أنهم يخرجون حذر الموت فلم يكن خطر الموت والقتل ماثلاً أو واقعاً بهم ولا حتى متوقعاً بل هو الحذر والاحتياط من خطر قد يحل بهم ، فما بالهم يغلبّون الاحتمال الضعيف ويتجاهلون الاحتمال القوي وهو النصر ورد الغزاة خائبين إن هم واجهوهم ؟!
إن مجتمعاً تنحط فيه النفسيات والتفكير إلى هذا الحضيض لا يستحق الحياة ولا الكرامة ولا العزة ولذلك كانت العقوبة أن يموتوا ، لقد هربوا من الموت فلاقاهم ، ولو طلبوه لوهبهم الله الحياة ، هذا الموت قد يشمل الكوارث الطبيعية ومذابح أهل البلاد المضيفة وملاحقة الغزاة الغاصبين في البلاد الجديدة التي هاجروا إليها ، ويشمل الموت المعنوي بالذلة والاحتقار والاستهانة والاستهزاء بهم حيثما حلوا أو ارتحلوا جزاءاً وفاقاً ، وما ربك بظلام للعبيد . ولكن رحمة الله واسعة وفضله عظيم فهو سبحانه يعيدهم إلى رشدهم ، ويهديهم سبيل النصر والعودة ، ويدلهم إلى طريق الحياة .. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة فهذه الشعوب تكون مبتلاة بقيادات وزعامات تقودها إلى الضلال والهزائم والنكبات وتستمر في الزعامة على الرغم مما سببته من هزائم ، وفي أجواء الهزيمة تنشأ قيادات أخرى تستفيد من الوضع الجديد ، ويرعاها العدو المنتصر ويمكن لها أسباب القبول لدى أبناء شعبها .

[color=0000FF]ثلاثة مطالب:[/color]
وفي سورة البقرة وبعد آيات قلائل من الآية التي تتحدث عن مشهد الخروج نرى نموذجاً لزعامات نشأت وقادت وتزعمت في الظلام وفي غفلة من الشعب حتى كان ذات يوم جاء نفر من هؤلاء القادة إلى نبي لهم يتقدمون بطلبات ثلاثة : قال تعالى : "ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وابنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين ".
في هذه الآية يأتي الملأ _ وهم القيادات والأشراف _وسموا بالملأ لأنهم يملأون عيون الناس لمكانتهم ومالهم _ يأتي هؤلاء إلى النبي طالبين منه أن يعين لهم ملكاً يجمع شملهم ويوحد شتاتهم ذلك لأن الشعوب المهزومة يكون لها قيادات كثيرة.
والطلب الثاني أن يقودهم هذا الملك للقتال ، وحددوا نوع القتال في طلبهم الثالث بأنه في" سبيل الله" .

[color=0000FF]وجه الغرابة :[/color]
والحق أن صدور هذه المطالب الثلاثة من مثل هذه الزعامات أمر مستغرب بل مستهجن ويدعو إلى الشك والريبة ، فلقد عهد الناس في زعماء الهزيمة انهم لا يحبون الوحدة لأنها تكلفهم التنازل عن كراسيهم .. ولا يحبون القتال لأنه يكلفهم حياتهم وبالتالي فهم دعاة الصلح والسلام ، وأبغض شئ لديهم رفع راية " في سبيل الله " ولذلك فهم يفضلون عليها كل الرايات الوضيعة من شرقية وغربية .. إضافة إلى أنهم يريدون أن يكونوا أصناماً معبودة لا أناساً عاديين . وهنا يثور التساؤل مرة أخرى : لماذا توجهوا إلى النبي يطلبون هذه المطالب وهم كاذبون ؟! بدليل انهم بمجرد أن كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم ، وبمجرد أن عين طالوت ملكاً عليهم وقائداً عاماً للجيش رفضوا إمرته واعترضوا عليه مما يعني أن يرفضون الوحدة التي جاءوا يطالبون بها ، وكذلك فإن رفضهم لطالوت الذي اختاره الله واصطفاه عليهم يدل على أنهم غير صادقين في رفعهم راية " في سبيل الله " وقد بين لهم نبيهم ذلك "إن الله قد بعث لكم طالوت " فهو اختيار الله ، فما حقيقة الأمر يا ترى ؟

[color=0000FF]الوحدة :[/color]
إن الشعوب لا تظل مستغفلة عمياء أبد الدهر ولكنها تصحو من نومها وتفيق من سباتها وتدرك أن سببا رئيسياً من أسباب الهزيمة هو التفرق والتمزق ولذلك تسعى للوحدة ، ولكن هذه الشعوب تحس بأن القيادات المتسلطة هي سبب تفرقها فتتمنى الجماهير لو تزيلهم أو يتحدوا ، وها هنا يخشى الزعماء على أنفسهم فيجتمعون ويشكلون هياكل ومنظمات وحدوية هشة ليضحكوا بها على ذقون الشعوب وتكون بمثابة " اللهاية" التي تسكتهم عن المطالبة بالوحدة الحقيقية .. ولدينا العديد من الأمثلة والنماذج كالجامعة العربية ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي. …وربما سارع هؤلاء الزعماء أنفسهم إلى تقويض الوحدة الهشة التي صنعوها بأيديهم كي تيأس الجماهير ولا تعود تطالب بالوحدة ، ثم تسري في الناس مقالة " اتفق العرب على ألا يتفقوا" .

[color=0000FF]لماذا القتال ؟ [/color]
هذا عن الوحدة ولماذا يطالبون بها .. فلماذا يا ترى يطالبون بالقتال ؟؟ إن الشعوب التي بدأت تفيق وتصحو من سباتها تدرك أن هزيمتها كانت لأنها لم تدخل معارك حقيقية أو أنها حاربت بدون تخطيط واستكمال للعدة ، ونتيجة لتآمر زعمائها عليها ، وبالتالي فالقيادات تطالب بأن تخوض ميدان الوغى مدفوعة بحماس الجماهير حتى لا تتهم بالجبن والخيانة ، وربما كانوا يظنون بأن القتال لن يحصل فلا بأس من المزايدة . أو فليخوضوا الحروب ليكبروا في أعين الناس لأن الذي يقاتل يكسب احترامهم وثقتهم وتصبح له مكانة في قلوبهم .. مع أن هذه القيادات لم تشترك فعلياً في القتال بل زجوا الشعوب بها ، وبالتالي تظل القيادات على كراسيها .
وهم حين يخوضون الحروب فإنهم يخوضونها دون إعداد ولا تخطيط ، بل هم يتآمرون على مزيد من بيع الأوطان وجعل جنودهم وجيوشهم بين قتيل وأسير وجريح أمام الأعداء الذين يتسلمون اغلب الأسلحة والمعدات غنيمة باردة ، وتتحطم معنويات الشعوب وتصاب باليأس والإحباط فيقنعها الزعماء عن طريق وسائل إعلامهم بأن لا طاقة لهم بقتال الأعداء حتى يجدوا سبيلاً للتفاوض والاستسلام .
وبرغم ذلك فإن الشعوب لا تموت _ وبخاصة إذا كانت مؤمنة _ وبالتالي فهي لا تتوقف عن المطالبة بقتال الغاصبين ، وهنا يخوض الحكام بالشعوب المتحمسة المعبأة حروباً جديدة ، يحققون فيها انتصارات تكتيكية صغيرة ليكبروا في أعين الجماهير وتكون هذه الانتصارات الوهمية جسراً ومعبراً لمفاوضة الأعداء ووقف القتال وإسكات الجماهير عن المطالبة بكامل الحقوق المسلوبة والأوطان المضيعة … وينادي واحدهم فيقول انه بطل العبور .. وهو اليوم أيضاً بطل السلام .
لقد خاض بنا زعماؤنا معارك 48 و 67 ، كي تزرع اليأس في النفوس وتتحطم معنويات الشعوب ، ولكن إيمان هذه الأمة لا يزال يدفعها إلى ميدان الوغى دفعاً ، فاضطر الحكام إلى خوض مسرحية 73 ، وحققوا فيها نصراً تافهاً للتنفيس عن الغيظ المكبوت والجمر المتقد في النفوس والقلوب ليعبروا من هذا النصر التكتيكي الصغير إلى التفاوض مع الغاصب والتنازل له عما اغتصبه .. وإلا فهل يمكن مقارنة معركة الكرامة ونصر 73 بهزيمة 48 و 67 ؟؟

[color=0000FF]التستر بالدين.. ورفع راية " في سبيل الله " [/color]
وتدرك الشعوب من جملة ما تدرك وهي تصحو من سباتها أن أهم أسباب هزائمها المتلاحقة هو بعدها عن منهج الله .. حيث أنها قد جربت كل الرايات الوضعية فلم تحصد إلا الهزائم وانكبات … وتتذكر زماناً رفعت فيه راية الإسلام فسادت وملكت وحققت اعظم الانتصارات … كل هذا وغيره تسمعه الجماهير من القيادات المؤمنة والدعاة إلى الله فتستجيب لهم وتبدأ بهجر الرايات الأرضية والقادة الذين يدعون إليها … وهنا يخشى الزعماء وقادة الهزيمة أن تتركهم الشعوب وتسير خلف القيادات المؤمنة الصادقة … فيلجأوا إلى التستر بالدين ، وربما خاضوا حربهم في رمضان ، وربما اظهروا التودد للعلماء وزاروهم في بيوتهم كما حدث مع "الملأ " إذ أتوا إلى النبي ، ربما وضع المناضلون على رأس مجلسهم "جبة وعمامة" ، وربما تسموا باسم مقتبس من القرآن ، كل ذلك حتى ينخدع الشعب بهم ويظن انهم على الإيمان فلا ينبذهم ويتبع القيادات المؤمنة .
إن التاريخ يذكر انه خلال ثورة ال 36 اجتمعت وتوحدت عدة أحزاب وتنظيمات وأظهرت تأييدها للثورة ثم كان لها دور ، بالتنسيق مع بعض العرب والغربيين في احتوائها وتحويل مسارها وإيقاف الإضراب العام بعد ستة أشهر .

[color=0000FF]عِبَرْ طالوتية :[/color]
ونعود إلى قصة طالوت نستلهم منها مزيداً من العبر والدروس .. فالمتوقع انه بمجرد أن نكص الزعماء عن القتال أن يتولى معهم جنودهم وأنصارهم ، وحتى الذين لم يتولوا فليسوا جميعاً صادقين حيث انهم اعترضوا على قيادة طالوت قائلين " أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالمُلك منه ولم يؤت سعة من المال " … وهنا يظهر هدفهم سافراً واضحاً وهو أن يكون القائد الأعلى واحداً منهم ويكون الكيان الوحدوي هشاً … ويظل كل واحد منهم على كرسيه ويبقى التمزق على حاله … انهم يرفضون زعامة طالوت لأنهم _ في تصورهم _ أحق بالملك منه
…فهم الذين ورثوا الزعامة كابراً عن كابر … وهم أصحاب الغنى والثراء … وهم الذين شاركوا في الحروب السابقة وبالتالي هم الممثلون الشرعيون للشعب .
لقد ذهب زعماء القوم إلي النبي ليفوتوا الفرصة على طالوت وأمثاله من القيادات المؤمنة الصاعدة وحرصوا على أن يكون التعيين صادراً من القيادة الروحية_ النبي _ ولكن النبي الفطين الحكيم المؤيد بوحي الله ، يعيّن القائد الذي لا يصلح سواه لهذه المرحلة وليس ذلك فحسب بل انه قبل ذلك يكشفهم أمام جماهيرهم حين يعلمهم بان الله قد فرض عليهم القتال فيكون منهم النكوص .
ويشاء الله تعالى أن يجعل لطالوت كرامة يزيد فيها من رصيده في القلوب وقبوله في النفوس وليطوع له الرقاب ، فتكون آية ملكه وعلامة اصطفاء الله إياه أن يأتي التابوت إلى قومه بني إسرائيل تحمله الملائكة _ وهو صندوق فيه بعض آثار لما تركه آل موسى وآل هارون يبدو أن بني إسرائيل فقدوه في إحدى معاركهم التي هزموا فيها .
وكأن رب العزة يجعل في هذا الزمان آيات وكرامات للناس في ارض الإسراء لتكون دليلاً وآية على ملك الفئة المؤمنة واصطفائها لقيادة المسيرة الجهادية ، ومن اظهر هذه الآيات ما يحققه تعالى على أيدي الصادقين من إثخان في العدو ، إضافة إلى استمرارهم في الجهاد وتوقف غيرهم .. فإن ما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل .

[color=0000FF]اختبار وتمحيص : [/color]
ويدرك طالوت أن في جيشه من التحق به خجلاً أو بدون إيمان واقتناع ، وان فيهم المنافقين ومرضى القلوب وضعاف النفوس الذين إذا كانوا في الجيش زادوهم خبالاً … فكان لا مناص من استثنائهم … ويقف طالوت خطيباً بالجند فيعلمهم أن الله مختبرهم بنهر فمن شرب منه فليس من طالوت وليفارق الجيش وأما من يصبر ولم يشرب أو شرب غرفة بيده فهو فقط الذي يسمح له بالاستمرار .
إن من لا يصبر على الماء لا يرجى منه أن يصبر إذا حمي الوطيس واحمرت الحدق … والذي لا يطيع قائده في الأمر الصغير فلن يطيعه في الأمر الكبير … ومن هنا تلجأ الحركات الجهادية إلى طلب بعض التكليفات للجماهير أمراً أو نهياً لقياس مدى استجابة الجماهير لها ولقياس طاقة وإمكانيات وقدرات تحمل الشعب في الخطوات القادمة كما في الإضرابات وأيام المواجهة والصيام وغيره …
وتحكي الآيات نكوص أكثرية الجند وقعودهم إذ شربوا من النهر … ولا يبقى مع طالوت إلا اقل القليل وينظرون إلى أنفسهم فيستصغرونها أمام جحافل جالوت بعددهم وعُددهم ويقولون " لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده " … فلو تأخر القتال كي نزيد عددنا وعتادنا ، فيرد عليهم الذين يظنون انهم ملاقو الله " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " فيذكرونهم بالقانون الرباني بأن النصر ليس بكثرة العدد والعتاد ، وإذا أذن الله لفئة بالنصر فإنها تغلب الفئة الكثيرة والله مع الصابرين … إن موازين الدنيا كلها ليست هي التي تحدد المنتصر من المنهزم ، ولكن مشيئة الله هي التي تقرر ذلك وبالتالي فلا نصر لمن لم يرد الله نصره ولو كان معه كل القوى العظمى في العالم ، ولا هزيمة لمن أراد الله نصره ولو اجتمعت ضده كل القوى الباغية .
وحين يلتقي الجيشان يتوجه المؤمنون إلى الله أن يفرغ عليهم صبراً ويثبت أقدامهم وينصرهم " على القوم الكافرين " فهم لم ينسوا حتى في اشد حالات الهول أنهم يقاتلون لجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الكفار هي السفلى .. إن القضية إذاً ليست إزالة كافر أجنبي عن حكم الأوطان ثم استبداله بكافر وطني … وإنما إزالة نظام الكفر وظلمه ليحكم شرع الله وعدله .
وحين تكون الراية واضحة يستحق الجنود النصر وتحق على أعدائهم الهزيمة بمشيئة الله " فهزموهم بإذن الله " … إنه ما إن يدخل الإيمان ساحة الصراع مع الكفر حتى تحل بالكفر وأهله الهزيمة الماحقة سواء كان ذلك الصراع في حلبة القتال والنزال أو في ميدان العقل والفكر " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق " .. ويبرز من بين المجاهدين جندي شاب يقتل قائد الأعداء _ جالوت_ فتتضاعف هزيمة الأعداء وتتأكد ويؤتى الله داود
الملك … ذلك أنه لا يصلح للملك والقيادة إلا من كان جندياً ممتازاً … وإذا أراد الله لعبد التمكين هيأ له أسبابه وجعل له من الآيات والكرامات ما يرسخ مكانته في القلوب ليكون هذا الحدث جسراً ربانياً يعبر به داود لقيادة شعبه .. إن الاثخان في الأعداء ، وزعاماتهم بالذات هو السبيل إلى القيادة والنصر … وهو الأمر الذي أخفقنا فيه حتى الآن
بينما نجح فيه الأعداء .
ويأتي التعقيب القرآني " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين " فلولا انه سبحانه يدفع الكافرين بالمؤمنين ويسلطهم عليهم لتمادي الكفار في غيهم وفسادهم … وإذن فلا خوف على العباد والبلاد من مدافعة الكافرين وقتالهم ، وإنما الخوف من ترك الكافرين يعيثون فساداً.

[align=center]*** *** ***[/align]
جزى الله الكاتب خيراً على هذه الفوائد ، ونسأل الله أن يمكن لدينه وجنده في أرض الإسراء قريباً بعزته وتمكينه وفضله.
 
جزانا وجزاكم الله خيراً

اللهم فك أسرنا المسلمين في كل مكان .
 
السلام عليكم ورحمة الله

السلام عليكم ورحمة الله

إن أهم مايلفت النظر في هذه القصة

هو داود

فانه بدون مقدمات ؟؟؟؟ يصبح ملكا"

لم يبلغ عنه نبيهم ؟؟؟ الذي بلغ عن ملك طالوت

لم يأت بمعجزة سماوية كمعجزة التابوت ؟؟؟؟

ولا معجزة ماء النهر؟؟؟؟

فجأة وبدون مقدمات ؟؟؟؟ يظهر هذا الفتى ( داود ) ويقتل جالوت

فيؤتيه الله الملك؟؟؟؟
أين الملك طالوت؟؟؟؟؟ المؤيد بالمعجزات؟؟؟؟
ولماذا استبدل بهذا الفتى؟؟؟ ( داود )
تساؤلات محيرة ؟؟؟

لكن الجواب بسيط ؟؟
لقد كان داود فتى مؤمنا إيمانا قويا ولديه الجرأة في القتال حبا"للشهادة
فاختار قتال جالوت شخصيا" فقتل جالوت وانهار جيش البغي
فكانت مكافأة الله له أن يؤتيه الملك والنبوة ويؤثره على غيره من الناس ومنهم ( طالوت )

تساؤل أخير : إذا كان فينا الكثير مثل هذا الفتى ؟؟؟؟
من هو الشخص الذي يشبه جالوت ليقتله ؟؟؟
هل هو حب الدنيا وكراهة الموت كما ذكر سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

أم شخص ؟؟؟ أوأشخاص آخرين

لست أدري ؟؟؟؟
 
نفع الله بك يا أخ / طارق من فلسطين

وبارك الله فيك

ونصرك وإخوانك على عدوكم
 
كتب الأخ طارق حميدة :
السلام عليكم ورحمة الله
تعليق على مقال طالوت وجالوت.
معذرة لعدم تمكني من إدخال الرد بسبب قلة خبرتي في الإنترنت
بخصوص تساؤلات الأخ سليمان داود
أما أن داود عليه السلام أصبح ملكا نبيا بدون مقدمات ،فالتعبير في رأيي غير مناسب، وقد جاء في المقال من وحي الآيات . ويبرز من بين المجاهدين جندي شاب يقتل قائد الأعداء _ جالوت_ فتتضاعف هزيمة الأعداء وتتأكد ويؤتي الله داود" الملك … ذلك أنه لا يصلح للملك والقيادة إلا من كان جندياً ممتازاً … وإذا أراد الله لعبد التمكين هيأ له أسبابه وجعل له من الآيات والكرامات ما يرسخ مكانته في القلوب ليكون هذا الحدث جسراً ربانياً يعبر به داود لقيادة شعبه .. إن الاثخان في الأعداء ، وزعاماتهم بالذات هو السبيل إلى "القيادة والنصر .
ثم إن الأسلوب القرآني في القصص لا يركز على كل التفاصيل بل على موضع العبرة،ولذلك لم تركز الآيات على معجزة لداود أو شهادة له من النبي السابق ، وهل استلم الملك مباشرة أم بعد سنوات من ملك طالوت ،كل ذلك لو علم الله فيه لنا نفعا لذكره ، ولكنه سبحانه أورد لنا ما فيه الكفاية ،ولا داعي لطلب تفاصيل أخرى قد تدفعنا إلى الأخذ بالإسرائيليات، ويظهر أن دور طالوت كان التمهيد لدور داود عليهما السلام، الأول يحقق النصر والثاني
يقيم الملك والخلافة .
أما حديث الأخ سليمان عما أسماه معجزة ماء النهر، فليس ثم معجزة كما أفهم الآيات، ولا عبرة بما تحفل به كتب التفسير مما لا دليل عليه.

أخوكم: طارق حميدة
[email protected]
 
لديَّ محاضرة بعنوان (وقفات مع قصة طالوت في سورة البقرة) بعد أسبوع، فليتكم أيها الفضلاء تفيدونني بما تعرفونه مما يفيد في مثل هذه المحاضرة من المراجع أو المقالات هنا ، أو على بريدي الإلكتروني الذي يظهر في توقيعي جزاكم الله خيراً .
 
طالوت

طالوت


من كتابي : الاردن في الكتاب والسنة

نهر الاردن نهر الابتلاء
قال اكثر اهل العلم ، ان نهر الاردن هو النهر ذاته الذي اجتازه طالوت وأمر جنوده بعدم الشرب منه اختبارا لهم . وامتحانا لهم على التزام الطاعة والصبر
قال الله تعالى :
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ.([1]).
قيل: إن طالوت قال:"إن الله مبتليكم بنهر"، لأنهم شكوا إلى طالوت قلة المياه بينهم وبين عدوهم، وسألوه أن يدعو الله لهم أن يجري بينهم وبين عدوهم نهرا، فقال لهم طالوت حينئذ ما أخبر عنه أنه قاله من قوله:"إن الله مبتليكم بنهر".
هو طالوت بن قيس من ذرية بنيامين بن يعقوب شقيق يوسف عليه السلام يقال إنه كان سقاء ويقال إنه كان دباغا . وقد ذكر الله قصة طالوت وجالوت في القرآن في سورة البقرة وذكر أهل العلم في الأخبار أن المراد بالنهر نهر الأردن وأن جالوت كان رأس الجبارين وأن طالوت وعد من قتل جالوت أن يزوجه ابنته ويقاسمه الملك فقتله داود فوفى له طالوت وعظم قدر داود في بني إسرائيل.([2])
وعن ابن إسحاق قال، حدثني بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه قال: لما فصل طالوت بالجنود قالوا: إن المياه لا تحملنا، فادع الله لنا يجري لنا نهرا! فقال لهم طالوت:"إن الله مبتليكم بنهر" الآية.
"والنهر" الذي أخبرهم طالوت أن الله مبتليهم به، قيل: هو نهر بين الأردن وفلسطين.
ذكر من قال ذلك:
عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال:"إن الله مبتليكم بنهر"، قال الربيع: ذكر لنا، والله أعلم، أنه نهر بين الأردن وفلسطين.
- عن يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:" إن الله مبتليكم بنهر"، قال: ذكر لنا أنه نهر بين الأردن وفلسطين.
- عن عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قوله:"إن الله مبتليكم بنهر"، قال: هو نهر بين الأردن وفلسطين.
عن ابن جريج، عن ابن عباس قال: فلما فصل طالوت بالجنود غازيا إلى جالوت، قال طالوت لبني إسرائيل:"إن الله مبتليكم بنهر"، قال: نهر بين فلسطين والأردن، نهر عذب الماء طيبه.([3])
يقول تعالى مخبرا عن طالوت ملك بني إسرائيل حين خرج في جنوده ومن أطاعه من ملأ بني إسرائيل وكان جيشه يومئذ فيما ذكره السدي ثمانين ألفا فالله أعلم أنه قال { إن الله مبتليكم } أي مختبركم بنهر قال ابن عباس وغيره : وهو نهر بين الأردن وفلسطين يعني نهر الشريعة المشهور.([4])




[FONT=&quot][1][/FONT] -سورة البقرة آية(249)

[FONT=&quot][2][/FONT]- فتح الباري ج7 ص292


[FONT=&quot][3][/FONT] - جامع البيان للطبري/ ج5/ ص 340

[FONT=&quot][4][/FONT] - تفسير القرآن العظيم ج1 /ص406 .
 
إليك شيخنا الكريم هذا المقال وجدته في موقع مركز نون للدراسات القرآنية بعنوان طالوت:جاء في الآية 247 من سورة البقرة: " وقال لهم نبيهم إنّ الله قد بعث لكم طالوتَ مَلِكاً قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحقُّ بالملك منه ولم يؤت سعةً من المال، قال إنّ اللهً إصطفاه عليكم وزاده بسطةً في العلم والجسم....".ورد في العهد القديم، في سفر صموئيل، قصة مطولة قد تصلح لإلقاء الضوء على ما لم تُصرّح به الآيات الكريمة المتعلقة بطالوت، الذي قاد بني إسرائيل في مواجهة أعدائهم، واستطاع أن يهزم جيش جُليات الفلسطيني، وفق عبارة العهد القديم، وتمّ لهم استرجاع تابوت العهد وإقامة نظام ملكي بعد أن كانوا قبائل متفرقة يحكم كل قبيلة منهم قاض. وقد جاء ترتيب سفر صموئيل في العهد القديم بعد سفر القضاة. قي المقابل ينبغي الحذر عندما ننظر في العهد القديم، وذلك لما خالط الحقيقة من أوهام ومزاعم وأساطير، وحتى لا نقع فيما وقع فيه بعض أهل التفسير من القدماء، من التوسع عند الأخذ من الإسرائيليات من غير تمحيص.لم يُصرّح القرآن الكريم باسم النبي الذي لجأ إليه بنو إسرائيل يطلبون ملكاً يوحد كلمتهم ويقودهم في صراعهم مع أعدائهم من أهل البلاد الأصليين. أما العهد القديم فقد صرّح بأنه يُدعى صُموئيل. وفي الوقت الذي يُصرح فيه القرآن الكريم باسم الملك المختار: " إن الله قد بعث لكم طالوت.. "، نجد أنّ العهد القديم يسميه شاؤل. وهذا، كما هو واضح، تباين كبير في الاسم. أما قائد الأعداء فقد صرّح القرآن الكريم بأنّ اسمه جالوت، وهذا قريب من الاسم جوليات الوارد في سفر صموئيل. لقد أصبح مبتوتاً عند علماء التاريخ والآثار بأنّ العهد القديم لا يصلح كمستند تاريخي؛ لكثرة ما ورد فيه من أخطاء تاريخيّة تتعلق بالأماكن والأشخاص والأزمان والأحداث. ونحن هنا لسنا في مقام إقامة الحجة على صدقيّة القرآن الكريم، وإنما في مقام تنبيه المؤمنين إلى بعض أسرار العبارة القرآنية. أليس من اللافت أن يكون اسم الملك الذي نُصِّب ليقود بني إسرائيل هو (طالوت)، وأن يكون اسم قائد الأعداء من الفلسطينيين القدماء هو (جالوت)!؟يلاحظ أنّ الإسمين ينتميان إلى لغة واحدة، بل يتماثلان في الحروف إلا الحرف الأول. وواضح أنّ كل اسم منهما يتكون من مقطعين المقطع الثاني مشترك بينهما، وهو الواو مع التاء أي: (طال + وت) (جال+ وت). فماذا يمكن أن يعني هذا التماثل!؟تشير التقديرات التاريخية إلى أنّ بني إسرائيل أقاموا في فلسطين ما يُقارب القرنين من الزمان وهم قبائل يحكمها القضاة وتعيش مع السُكّان الأصليين من الفلسطينيين القدماء. وغني عن البيان أنّ علاقتهم مع السكان الأصليين كانت تتراوح بين السلم والحرب، مما يعني أن يتم التأثر والتأثير المتبادل، وهذا من بدهيات الاجتماع البشري. والظاهر أنّ الاسم (طالوت) كان اسماً فلسطينياً، وهذا يشير إلى تأثر الإسرائيليين بالفلسطينيين حتى على مستوى الأسماء، مما يدلل على التفوق الحضاري للفلسطينيين القدماء، وهو أمر متوقع، لأنّ الإسرائيليين كانوا يعيشون المرحلة القبليّة بعد التيه الذي امتد أربعين سنة بعد خروجهم من مصر. وهناك من يرى أنّ الأقليات الخائفة قد تعمد إلى أن تتسمى بأسماء الأكثرية المسيطرة كنوع من الحماية وإخفاء الهوية. وقد يعزز مثل هذا القول ما ورد في الآية 246 من سورة البقرة على لسان الإسرائيليين: " وما لنا ألا نقاتلَ في سبيل الله وقد أُخرجنا من ديارنا وأبنائنا... "، ومثل هذه الحالة من الضعف هي التي دعت بني إسرائيل إلى أن يطلبوا من نبيٍّ لهم أن يدعو الله تعالى أن يبعث ملكاً يجمع كلمتهم، كما أشارت الآيات الكريمة من سورة البقرة. تُزاد الواو والتاء في اللغة العربية للمبالغة في الصفة، مثل: الجبروت، الملكوت، الطاغوت... وهذا يقوي احتمال أن يكون اسم (طالوت) مبالغة في صفة إيجابية اتصف بها مما جعله مؤهلاً فيما بعد لأن يملك ويقود. وهذا يفتح الباب لاحتمال أن تكون صفته هذه قد طغت على اسمه الأصلي فسمي بها، وهذا كثير في أسماء القدماء. ولا شك أنّ العبرة في الأسماء لما شاع وتمّ تداوله. أمّا ما يطلقه الأهل من أسماء فلا وزن لها إن هي توارت واندثرت. فأي الأسماء هو الأحق أن يُطلق على البطل المسلم فاتح الأرض المقدسة، يوسف بن أيوب أم صلاح الدين الأيوبي!؟ قد يكون المدخل لفهم سر هذا الاسم هو ما ورد في الآية 247 من سورة البقرة:" قال إنّ الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم ..."، فقد كان ذا طَوْل في العلم والجسم. وما قيل في طالوت يُقال في جالوت، مع اختلاف في الصفة التي استحق ذلك الجبّار أن يوصف بها؛ فقد كان صاحب صولات وجولات في أرض المعركة، إلى درجة أن يقول الإسرائيليون عند اللقاء:" لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده"، فقد قدّموا جالوت في الذكر على جنوده، بل كأنه في نظرهم نصف الجيش.
 
جزاكم الله خيرا كثيرا وبارك لكم
من أفضل ما قرأت في قصة طالوت وجالوت ما كتبه دكتور صلاح الخالدي حفظه الله في كتابه القيم ( مع قصص السابقين في القرآن)
 
عودة
أعلى