وقفات مع الشيخ صالح المغامسي في تفسيره لآيات من سورة الإسراء

إنضم
01/02/2009
المشاركات
33
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :

فقد نقلت قناة المجد الفضائية إبان اعتداء اليهود على إخواننا في غزة كان الله لهم في (برنامج قطوف دانية) كلاما للشيخ الفاضل صالح بن عواد المغامسي حفظه الله، عن تفسير آيات من سورة الإسراء، وقد لفت نظري تفسيره لقوله تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) ).
وخلاصة ما ذكره الشيخ أن العلماء اختلفوا في هاتين المرتين اختلافا كثيرا، واستبعد قول من قال أن الإفساد الأول قد وقع وأن عقوبته كانت على يد بختنصر، ثم استظهر الشيخ أن الإفساد الأول هو ما يحصل في هذه الأيام في فلسطين لإخواننا المستضعفين على أيدي اليهود المعتدين، وأن العباد أولي البأس الشديد لعلهم حركة حماس أو أنهم قوم يأتون بعد حماس.
فاستغربت كلامه وترجيحه لقول بدون أن يذكر حجته في ذلك، وكذلك استبعاده للقول الثاني بدون أن يذكر حجة لذلك ، فقلت في نفسي : لعل بعض المفسرين ذكر ما يؤيد هذا، فذهبت إلى التفاسير أفتش فيها وأبحث، فلم أجد بغيتي، بل وجدت اتفاق المفسرين على أن الإفسادين قد وقعا، وقد عاقب الله بني إسرائيل عليهما.
بل قال العلامة الشيخ السعدي رحمه الله : "واختلف المفسرون في تعيين هؤلاء المسلّطين إلا أنهم اتفقوا على أنهم قوم كفار". تفسير السعدي - (ج 1 / ص 453). فلا أدري كيف يقوى الشيخ صالح على مخالفة هذا الاتفاق!!.

ثم ظهر لي أن الشيخ صالح استفاد هذا القول من الشيخ محمد متولي الشعراوي حيث يقول: "هذه هي المرة الأولى التي انتصر فيها المسلمون على اليهود يقول الحق سبحانه وتعالى { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكرة عَلَيْهِمْ } ومادام الحق سبحانه وتعالى قال عليهم فهي على المسلمين لأنهم هم الذين انتصروا على اليهود، وقوله تعالى : { وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ } معناها أنهم ينتصرون على المسلمين وهذا ما هو حادث الآن، وما شاهدناه وما نشاهده في الفترة الأخيرة أي أن المدد والقوة تأتيهم من الخارج وليس من ذاتهم. ونحن نرى أن إسرائيل قائمة على جلب المهاجرين اليهود من الدول الأخرى وجلب الأموال والمساعدات من الدول الأخرى أيضا أي أن كل هذا يأتيهم بمدد من الخارج وإسرائيل لا تستطيع أن تعيش إلا بالمهاجرين إليها وبالمعونات التي تأتيها فالمدد لابد أن يأتي من الخارج إذا كانت هناك معركة وطلب قائد المدد . . فمعناه أنه يريد رجالا يأتونه من خارج أرض المعركة ليصبحوا مددا وقوة لهذا الجيش ... ويقول الحق سبحانه وتعالى : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ المسجد كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } . . ومعنى هذا أن المسجد الأقصى سيضيع من المسلمين ويصبح تحت حكم اليهود فيأتي المسلمون ويحاربونهم ويدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه" تفسير الشعراوي - (ج 1 / ص 170).
وكلام الشعراوي هذا موافق لما قاله المغامسي، إلا أن الشعراوي جعل الواقع الآن هو الإفساد الثاني والمغامسي جعل الواقع هو الإفساد الأول.
ومما ينبغي أن يعلم أنه لا يؤخذ بقول أحد إذا خالف اتفاق المفسرين وما عليه أئمتنا ، ولا أدري كيف حادا عما عليه المفسرون فليتنبه لذلك.

ومن العجائب والعجائب جمة أن الشعراوي - غفر الله له - يقول أيضا : "تحدّث العلماء كثيراً عن هاتين المرتين، وفي أيّ فترات التاريخ حدثتا، وذهبوا إلى أنهما قبل الإسلام – من الواضح أنه ينقل اتفاق العلماء على أنهما قبل الإسلام – ثم يقول مخالفا لهذا الاتفاق: والمتأمل لسورة الإسراء يجدها قد ربطتهم بالإسلام ، فيبدو أن المراد بالمرتين أحداثٌ حدثتْ منهم في حضْن الإسلام" . تفسير الشعراوي - (ج 1 / ص 5100)


وأحب هنا أن أنقل للقارئ الكريم طرفا يسيرا ونزرا قليلا من أقوال الأئمة في هذه الآية، والمراد بالإفسادين الواقعين من بني إسرائيل ليكون القارئ على بينة ظاهرة وحجة قاطعة:


1- ما روي عن الصحابة في تفسير الآية: نقل ابن جرير بسنده عن أبي صالح، وعن أبي مالك، عن ابن عباس، وعن مرّة، عن عبد الله – يعني: ابن مسعود – "أن الله عهد إلى بني إسرائيل في التوراة ( لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ) فكان أوّل الفسادين: قتل زكريا، فبعث الله عليهم ملك النبط، وكان يُدعى صحابين فبعث الجنود، وكان أساورته من أهل فارس، فهم أولو بأس شديد، فتحصنت بنو إسرائيل، وخرج فيهم بختنصر يتيما مسكينا، إنما خرج يستطعم، وتلطف حتى دخل المدينة فأتى مجالسهم، فسمعهم يقولون: لو يعلم عدونا ما قُذف في قلوبنا من الرعب بذنوبنا ما أرادوا قتالنا، فخرج بختنصر حين سمع ذلك منهم، واشتد القيام على الجيش، فرجعوا، وذلك قول الله ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا ) ثم إن بني إسرائيل تجهَّزوا، فغزوا النبط، فأصابوا منهم واستنقذوا ما في أيديهم، فذلك قول الله ( ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ) يقول: عددا". تفسير الطبري ( ج17/ ص375 ).
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله : لتفسدن في الأرض مرتين قال : "الأولى قتل زكريا عليه الصلاة والسلام والأخرى قتل يحيى عليه السلام". الدر المنثور للسيوطي - (ج 5 / ص 239) فتح القدير للشوكاني (ج 3 / ص 302).
فهؤلاء ثلاثة من أعلم الصحابة: علي رابع الصحابة قدرا وفضلا، وابن مسعود أقرب الناس بالنبي هديا وسمتا ودلا، وابن عباس ترجمان القرآن الذي ملأ الدنيا علما، وهم جميعا قد فسّروا هذه الآية بما ترى، ونحن مأمورون أن نفهم القرآن بفهمهم، أفندع تفسيرهم لتفسير لم نسمع به إلا في القرن الخامس عشر الهجري؟!!
ثم إن هذه الآثار وإن كان فيها ضعف فإن ورودها عن جمع من الصحابة ينبئ أن لها أصلا، ثم إن الأخذ بها على ما فيها من ضعف أولى بالإتيان بقول لم يقل به أحد من السلف، ولا ورد عن أحد من أئمة التفسير، وهذا ظاهر لا يخالف فيه أحد.

2- ما روي عن أئمة السلف في تفسير الآية: روى ابن جرير في تفسيره عن الربيع في قوله: ( لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) قال: "كان الفساد الأول، فبعث الله عليهم عدوًّا فاستباحوا الديار، واستنكحوا النساء، واستعبدوا الولدان، وخرَّبوا المسجد. فغَبَرُوا زمانًا، ثم بعث الله فيهم نبيًّا وعاد أمرهم إلى أحسن ما كان. ثم كان الفساد الثاني بقتلهم الأنبياء، حتى قتلوا يحيى بن زكريا، فبعث الله عليهم بُخْتنصَّر، فقتل من قتل منهم، وسبى من سبى، وخرب المسجد. فكان بختنصر الفسادَ الثاني". تفسير الطبري - (ج 10 / ص 459)
وقال قتادة: "إفسادهم في المرة الأولى ما خالفوا من أحكام التوراة، وركبوا المحارم".
وقال ابن إسحاق: "إفسادهم في المرة الأولى قتل شعياء بين الشجرة وارتكابهم المعاصي". تفسير البغوي - (ج 5 / ص 79)
ويقول البغوي: ( { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا } قال قتادة: "يعني جالوت الخزري وجنوده وهو الذي قتله داود". وقال سعيد بن جبير: "يعني سنجاريب من أهل نينوى". وقال ابن إسحاق: "بختنصر البابلي وأصحابه". وهو الأظهر ). تفسير البغوي (ج 5/ ص 79).

3- أقوال أئمة التفسير في معنى الآية:
يقول الإمام القرطبي رحمه الله: "فإذا جاء وعد أولاهما ( أي أولى المرتين من فسادهم ) بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ( هم أهل بابل وكان عليهم بختنصر في المرة الأولى حين كذبوا إرمياء وجرحوه وحبسوه قاله ابن عباس وغيره، وقال قتادة: أرسل عليهم جالوت فقتلهم فهو وقومه أولوا بأس شديد وقال مجاهد: جاءهم جند من فارس يتجسسون أخبارهم ومعهم بختنصر فوعى حديثهم من بين أصحابه ثم رجعوا إلى فارس ولم يكن قتال وهذا في المرة الأولى فكان منهم جوس خلال الديار لا قتل". الجامع لأحكام القرآن - (ج 10 / ص 215).

ويقول الرازي : "واختلفوا في أن هؤلاء العباد من هم ؟ قيل : إن بني إسرائيل تعظموا وتكبروا واستحلوا المحارم وقتلوا الأنبياء وسفكوا الدماء، وذلك أول الفسادين فسلط الله عليهم بختنصر فقتل منهم أربعين ألفاً ممن يقرأ التوراة وذهب بالبقية إلى أرض نفسه فبقوا هناك في الذل إلى أن قيض الله ملكاً آخر غزا أهل بابل واتفق أن تزوج بامرأة من بني إسرائيل فطلبت تلك المرأة من ذلك الملك أن يرد بني إسرائيل إلى بيت المقدس ففعل، وبعد مدة قامت فيهم الأنبياء ورجعوا إلى أحسن ما كانوا، فهو قوله : {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} .
والقول الثاني : إن المراد من قوله : {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَآ} أن الله تعالى سلط عليهم جالوت حتى أهلكهم وأبادهم وقوله : {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ} هو أنه تعالى قوى طالوت حتى حارب جالوت ونصر داود حتى قتل جالوت فذاك هو عود الكرة.
والقول الثالث : إن قوله : {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَآ} هو أنه تعالى ألقى الرعب من بني إسرائيل في قلوب المجوس ، فلما كثرت المعاصي فيهم أزال ذلك الرعب عن قلوب المجوس فقصدوهم وبالغوا في قتلهم وإفنائهم وإهلاكهم. واعلم أنه لا يتعلق كثير غرض في معرفة أولئك الأقوام بأعيانهم ، بل المقصود هو أنهم لما أكثروا من المعاصي سلط عليهم أقواماً قتلوهم وأفنوهم". تفسير الفخر الرازى - (ج 1 / ص 2776).

ويقول ابن عاشور : "ويتعيّن أنّ ذلك إشارة إلى حادثين عظيمين من حوادث عصور بني إسرائيل بعد موسى عليه السّلام، والأظهر أنّهما حادث الأسْر البابِلي إذ سلّط الله عليهم ( بخنتصر ) ملك ( أشُور ) فدخل بيت المقدّس مرات سنة 606 وسنة 598 وسنة 588 قبل المسيح، وأتى في ثالثتها على مدينة أورشليم فأحرقها وأحرق المسجد وحَمَل جميع بني إسرائيل إلى بابل أسارى، وأنّ توبة الله عليهم كان مظهرها حين غلب ( كُورش ) ملك ( فَارس ) على الأشوريين واستولى على بابل سنة 530 قبل المسيح فأذن لليهود أن يرجعوا إلى بلادهم ويعمّروها فرجعوا وبنوا مسجدهم، وحادث الخراب الواقع في زمن ( تِيطس ) القائد الرّوماني وهو ابن الأنبراطور الرّوماني ( وسبسيانوس ) فإنّه حاصر ( أورشليم ) حتّى اضطرّ اليهود إلى أكل الجلود وأن يأكل بعضُهم بعضاً من الجوع، وقتَل منهم ألفَ ألفِ رجلٍ، وسبى سبعة وتسعين ألفاً، على ما في ذلك من مبالغة، وذلك سنة 69 للمسيح . ثمّ قفّاه الأنبراطور ( أدريان ) الرّوماني من سنة 117 إلى سنة 138 للمسيح فهدَم المدينة وجعلها أرضاً وخلط ترابها بالمِلح . فكان ذلك انقراض دولة اليهود ومدينتهم وتفرّقَهم في الأرض. وقد أشار القرآن إلى هذين الحدثين بقوله : ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتُفْسِدُنّ في الأرض مرّتَيْن ولتَعَلُنّ عُلُوّاً كبيراً فإذا جاء وعد أُولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولِي بأسٍ شديد فجاسوا خِلال الدّيار وكان وَعْداً مفعولاً ثُمّ رددنا لكم الكَرّة عليهم وأمددناكم بأموالٍ وبنِين وجعلناكم أكثر نَفيراً إنْ أحسنتُم أحسنتم لأنفسكم وإنْ أسأتم فلها فإذا جاء وعْد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوّل مرّة وليُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تتبيراً. التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية - (ج 6 / ص 277-278).

ويقول العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي : "لما بين جلَّ وعلا أن بني إسرائيل قضى إليهم في الكتاب أنهم يفسدون في الأرض مرتين، وأنه إذا جاء وعد الأولى منهما: بعث عليهم عباداً له أولي بأس شديد، فاحتلوا بلادهم وعذبوهم. وأنه إذا جاء وعد المرة الآخرة: بعث عليهم قوماً ليسوءوا وجوههم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيراً. وبين أيضاً: أنهم إن عادوا للإفساد المرة الثالثة فإنه جلَّ وعلا يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم. وذلك في قوله: {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا}[17/8]، ولم يبين هنا: هل عادوا للإفساد المرة الثالثة أو لا؟ ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتم صفاته ونقض عهوده، ومظاهرة عدوه عليه، إلى غير ذلك من أفعالهم القبيحة. فعاد الله جلَّ وعلا للانتقام منهم تصديقاً لقوله: {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا}[17/8] فسلط عليهم نبيه صلى الله عليه وسلم، والمسلمين. فجرى على بني قريظة والنضير، وبني قينقاع وخيبر، ما جرى من القتل، والسبي، والإجلاء، وضرب الجزية على من بقي منهم، وضَرْب الذلة والمسكنة. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (ج 18 / ص 23-25).

وقفة مع سياق الآيات: المتأمل في سياق الآيات يتبين له قطعا أن الإفسادين قد وقعا من بني إسرائيل، وأن القوم المسلَّطين عليهم قوم كفار، وذلك من عدة أوجه :
1- قوله تعالى : ( وليتبروا ما علوا تتبيرا ) قال الشنقيطي : "تبّر كلاًّ منهم تتبيرًا، أي: أهلكهم جميعًا إهلاكًا مستأصلاً، والتتبير الإهلاك والتكسير، ومنه قوله تعالى: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً}" أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (ج 28 / ص 97). وقال ابن عاشور : والتتبِير : الإهلاك والإفساد . التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية - (ج 15 / ص 37).
والجهاد في الإسلام ليس فيه إفساد وتكسير، بل هو جهاد غرضه الأكبر الدعوة إلى الله، وليس الهدف منه إراقة الدماء والتكسير والإفساد في الأرض، وهذا يبين أن القوم المسلطين قوم كفار.

2- قوله تعالى : ( عسى ربكم أن يرحمكم ) وعسى من الله واجبة، كما قال ذلك ابن عباس رضي الله عنهما فيما أخرجه ابن المنذر والبيهقي. انظر: الدر المنثور - (ج 1 / ص 587)، فهل يعقل أن يقال أن الله سيرحم بني إسرائيل وهم على دينهم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ؟!! أم أن المقصود الظاهر من الآية أن الله يرحمهم إذا عادوا للتمسك بدينهم، وهذا إنما يقال حين كان دينهم صحيحا.
وكذلك قوله تعالى : ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ) قال الفخر الرازي : "اعلم أنه تعالى حكى عنهم أنهم لما عصوا سلط عليهم أقواماً قصدوهم بالقتل والنهب والسبي ، ولما تابوا أزال عنهم تلك المحنة وأعاد عليهم الدولة ، فعند ذلك ظهر أنهم إن أطاعوا فقد أحسنوا إلى أنفسهم ، وإن أصروا على المعصية فقد أساؤا إلى أنفسهم". تفسير الفخر الرازى - (ج 1 / ص 2777).

3- قوله تعالى : ( وإن عدتم عدنا ) يقول تعالى وإن عدتم يعني في المستقبل للإفساد عدنا لعقوبتكم.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "بعث الله عليهم في الأولى جالوت فجاس خلال ديارهم وضرب عليهم الخراج والذل ... إلى أن قال: قال الله : بعد الأولى والآخرة عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا قال : فعادوا فسلط الله عليهم المؤمنين". الدر المنثور - (ج 5 / ص 239-240).
وفي ذلك يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "ثم بين أنهم إن عادوا إلى الإفساد عاد إلى الانتقام منهم بقوله: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}، فعادوا إلى الإفساد بتكذبيه صلى الله عليه وسلم، وكتم صفاته التي في التوراة، فعاد الله إلى الانتقام منهم، فسلط عليهم نبيه صلى الله عليه وسلم فذبح مقاتلة بني قريظة، وسبى نساءهم وذراريهم، وأجلى بني قينقاع، وبني النضير. كما ذكر تعالى طرفاً من ذلك في سورة الحشر". أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (ج 6 / ص 160).
أقول هنا: لقد كان للشيخين الفاضلين غنية عن مخالفة اتفاق المفسرين، إذ لو اعتمدا في الواقع الذي يجري في فلسطين على قوله تعالى : ( وإن عدتم عدنا ) لكفى، فمتى ما عاد بنو إسرائيل للإفساد في الأرض عاد الله للانتقام منهم.

وبعد سرد هذه الأقوال يتبين لكل ذي لب صحة ما قاله الشيخ السعدي في تفسير الآية وما نقله من الاتفاق على أن القوم المسلطين عليهم قوم كفار، وبها يظهر جليا خطأ ما ذهب إليه الشيخ صالح المغامسي مقلدا فيه الأستاذ محمد متولي الشعراوي. والله أعلم.

تتمة: وأثناء اطلاعي على ما ذكره الشيخ محمد متولي الشعراوي لفت نظري أنه يربط هذه الآية بآية أخرى في سورة الإسراء وهي قوله تعالى (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) [الإسراء/104] حيث يقول: "قوله تعالى : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } والمراد بوَعْد الآخرة : هو الإفساد الثاني لبني إسرائيل ... وهذه الإفسادة هي ما نحن بصدده الآن، حيث سيتجمع اليهود في وطن واحد ليتحقق وَعْد الله بالقضاء عليهم، وهل يستطيع المسلمون أن ينقضُّوا على اليهود وهم في شتيت الأرض؟ لا بُدَّ أن الحق سبحانه أوحى إليهم بفكرة التجمُّع في وطن قومي لهم كما يقولون، حتى إذا أراد أَخْذهم لم يُفلتوا ، ويأخذهم أخْذ عزيز مقتدر. وهذا هو المراد من قوله تعالى: { جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } أي: مجتمعين بعضكم إلى بعض من شَتّى البلاد، وهو ما يحدث الآن على أرض فلسطين" . تفسير الشعراوي - (ج 1 / ص 5334). ورأيت في شبكة الانترنت للشيخ المغامسي ما يوافق هذا الكلام، فظهر لي بهذا أن الشيخ صالح المغامسي يستفيد كثيرا من الأستاذ محمد متولي الشعراوي.
وعندما قرأت هذا التفسير استغربت أشد الاستغراب من هذا التفسير ومن هذه الجرأة على حمل الآية على الواقع المعاصر بالجزم واليقين، وكأن هذا التفسير قد ثبت بالنص الصحيح الصريح !!!

وبعد تتبع أقوال الأئمة في الآية وجدتهم يفسرون الآية بما هو ظاهر ومتبادر إلى الذهن من أن المراد بالآخرة الساعة ويوم القيامة وهؤلاء هم الأكثر، وفسّرها بعضهم بنزول عيسى عليه السلام، وأذكر للقارئ الكريم طرفا من أقوالهم :

1- يقول الطبري: ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) يقول: "فإذا جاءت الساعة، وهي وعد الآخرة، جئنا بكم لفيفا: يقول: حشرناكم من قبوركم إلى موقف القيامة لفيفا: أي مختلطين قد التفّ بعضكم على بعض، لا تتعارفون، ولا ينحاز أحد منكم إلى قبيلته وحيِّه". تفسير الطبري - (ج 17 / ص 572).

2- ويقول القرطبي: "فإذا جاء وعد الآخرة ( أي القيامة ) جئنا بكم لفيفا ( أي من قبوركم مختلطين من كل موضع قد اختلط المؤمن بالكافر لا يتعارفون ولا ينحاز أحد منكم إلى قبيلته وحيه". الجامع لأحكام القرآن - (ج 10 / ص 338).

3- وقال ابن الجوزي: "قوله تعالى: فاذا جاء وعد الآخرة يعني القيامة جئنا بكم لفيفا أي جميعا قاله ابن عباس ومجاهد وابن قتيبة". زاد المسير - (ج 5 / ص 95).

4- ويقول الألوسي: "{ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الاخرة } أي الكرة أو الحياة أو الساعة أو الدار الآخرة، والمراد على جميع ذلك قيام الساعة { جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا } أي مختلطين أنتم وهم ثم نحكم بينكم ونميز سعداءكم من أشقيائكم". تفسير الألوسي - (ج 11 / ص 123).

5- ويقول ابن عاشور: "ووعد الآخرة ما وعد الله به الخلائق على ألسنة الرسل من البعث والحشر . واللفيف : الجماعات المختلطون من أصناف شتى، والمعنى : حكمنا بينهم في الدنيا بغرق الكفرة وتمليك المؤمنين، وسنحكم بينهم يوم القيامة". التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية - (ج 15 / ص 229).

6- وفي التفسير الميسر: "وقلنا من بعد هلاك فرعون وجنده لبني إسرائيل: اسكنوا أرض "الشام"، فإذا جاء يوم القيامة جئنا بكم جميعًا مِن قبوركم إلى موقف الحساب". التفسير الميسر - (ج 5 / ص 98).

فهذه خلاصة ما ذكره الأئمة في معنى ( وعد الآخرة ) ولم يشر أحد منهم إلى علاقة الآية بإفساد بني إسرائيل كما ترى والله أعلم.

وقفة مع حال إخواننا المسلمين في غزة وفي غيرها : من خلال هذه الآيات كان من الواجب أن يبيَّن أن الله ساق لنا أخبار بني إسرائيل وبين لنا أنهم لما أفسدوا في الأرض بالمعاصي عاقبهم الله وسلط عليهم عدوهم لنعتبر ونتعظ، فنحن المسلمين إن حصل منا إفساد في الأرض بالشرك والبدع والمعاصي سلط الله علينا أعداءنا وعشنا في حياة الذل والخزي والعار، يقول الرازي في تفسير الآية : " المقصود هو أنهم لما أكثروا من المعاصي سلط عليهم أقواماً قتلوهم وأفنوهم".
ويقول السعدي في الآية : "سلطهم الله على بني إسرائيل لما كثرت فيهم المعاصي وتركوا كثيرا من شريعتهم وطغوا في الأرض". تفسير السعدي (ج 1 / ص 453). ومصداق ذلك قول الله تعالى : (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ).
وهذا نداء وتذكير لنا ولإخواننا المستضعفين في غزة وللمسلمين في سائر المعمورة عموما ، بأن يتوبوا إلى ربهم ويوحدوا الله حق التوحيد ، ويحذروا الشرك بالله صغيره وكبيره ، وأن يوالوا أهل الإسلام والسنة، ولا يركنوا إلى أهل الكفر والزيغ من الرافضة وغيرهم، وأن يقلعوا عن جميع المعاصي، وأن يقبلوا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تعلما وعملا ودعوة وتعليما، فإن الله قد وعد بالنصر من نصره قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ) وقال تعالى : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) ووعد الله لا يتخلف، ولنتذكر ما حصل لخير القرون يوم أحد لما خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلننصر الله بأقوالنا وأفعالنا ولنأمر بالمعروف ولننه عن المنكر، ولنتمسك بالسنة ولنبتعد عن البدع والأهواء، وليبدأ كل واحد بالإصلاح من بيته وأهله وأقاربه ومجتمعه، ولنلازم الاستغفار، ولا نغفل عن الإعداد الذي أمرنا الله به في قوله تعالى : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ) ولنعلم أن الإعداد الديني الإيماني هو مقدمة الإعداد البدني.


أسأل الله أن يرفع عن أمتنا ما أصابها من الذل والمهانة، وأن ينصرنا على أعدائنا، وأن يحمي المسلمين من كيد الكافرين، وأن يوفق قادة الأمة لما فيه نصر المسلمين وعزهم. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل.
والله تعالى أعلى وأعلم وأجل وأحكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 
[align=center]
قرأت هذا الطرح أيضا للدكتور طارق السويدان وفقه الله ،

وبحثت حينها هل لهذا القول من سلف فلم أجد ،

وزادني تأكيدا هذا البحث الجميل المفيد ،

فشكر الله لك هذا الجهد وتقبله منك ،

وقول ليس له سلف لا بركة فيه .

[/align]
 
جزاكم الله خيرا شيخنا عصام ، ورفع قدركم ، وأشكركم على تقويمكم للكتابة.
 
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :

فقد نقلت قناة المجد الفضائية إبان اعتداء اليهود على إخواننا في غزة كان الله لهم في (برنامج قطوف دانية) كلاما للشيخ الفاضل صالح بن عواد المغامسي حفظه الله، عن تفسير آيات من سورة الإسراء، وقد لفت نظري تفسيره لقوله تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) ).
وخلاصة ما ذكره الشيخ أن العلماء اختلفوا في هاتين المرتين اختلافا كثيرا، واستبعد قول من قال أن الإفساد الأول قد وقع وأن عقوبته كانت على يد بختنصر، ثم استظهر الشيخ أن الإفساد الأول هو ما يحصل في هذه الأيام في فلسطين لإخواننا المستضعفين على أيدي اليهود المعتدين، وأن العباد أولي البأس الشديد لعلهم حركة حماس أو أنهم قوم يأتون بعد حماس.
فاستغربت كلامه وترجيحه لقول بدون أن يذكر حجته في ذلك، وكذلك استبعاده للقول الثاني بدون أن يذكر حجة لذلك ،
ثم ظهر لي أن الشيخ صالح استفاد هذا القول من الشيخ محمد متولي الشعراوي والله تعالى أعلى وأعلم وأجل وأحكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل كنت أتمنى أن توثق ماذكرت من كلام للشيخ صالح برابط صوتي إذا كانت مسجلة لديك ليتأكد المشايخ من كلام الشيخ صالح حفظكما الله جميعا وسدد خطاكم
ثم أليس من الأفضل والأولى بين طلبة العلم هو مناقشة المسائل العلمية بينهم قبل نشرها على العامة أمثالي فالشيخ صالح حي يرزق وعنوانه منتشر في الأنترنت فليتك اتصلت به أو راسلته قبل تحرير المسألة فلربما لديه ما يقوله في هذا الأمر ..

أخي الحبيب إن جانب ماكتبته الصواب فأرجو أن تلتمس لأخيك العذر وجزاك الله خيرا على غيرتك على دين الله

قال تعالى (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء )الفتح29
 
أوافقك أخي ( سؤال ) على ما ذكرت إذ كان ينبغي مناشة الشيخ قبل في ما ذكر ..

مع أني أرى ذلك من باب الأفضلية فقط ..

وفقنا الله واشيخ لما يرضاه من الحق ..
 
أحسن ما قرأت في هذا الموضوع كتاب صدر قبل سنتين تقريبا عن دار القلم بدمشق عنوانه: (لتفسدن في الأرض مرتين) من تأليف الأستاذ: محمد علي دولة.
وهو يثبت أن الإفسادين المذكورين في الآية قد تحققا.
وقد حاول استقصاء كل ما كتب عن هذه القضية.
ودعم بحثه بالنقولات المهمة والدراسة التحليل العميقين.
وختم كتابه بالتعليق على أقوال العلماء الذين قالوا بخلاف هذا القول في المسألة، بتعداد أسمائهم وبيان ما أقاموا عليه حججهم، ثم الرد عليها.

وقد وعد بإصادر كتاب آخر يذكر فيه الجزء الثاني من النبوءة وهو قوله تعالى: (وإن عدتم عدنا) حيث وعد الله تعالى بإعادة العذاب على بني إسرائيل عند عودتهم إلى الكفر والمعصية، مثبتا أن كل ما يقع الآن ويقع لاحقا من عذابات لهذه الشرذمة إنما هو تحقيق لهذا الوعد الإلهي الذي لا يُخلف.
 
أخانا الكريم حفظك الله .

بحث طيّب، وجهد مشكور، والخلاف في الرأي لا يُنقص من قيمة البحث، كما أنه لا يُفسد للودّ قضية .
وقبل البدء بالكلام، أحمد الله وأصلي على رسوله وعلى آله وصحبه وأسلّم تسليماً كثيراً، وبعد :
فإن الخلاف في تفسير هذه الآيات التي كنتَ – أيها الحبيب - بصدد الحديث عنها خلاف سائغ – على ما نزعمه - .

والصحيح - ابتداء – أن الدكتور المغامسي حفظه الله ليس أوّل الذاهبين إلى هذا الرأي، وليس كذلك الشعراوي متفرّدا به، بل جمهور من كتب في هذا الموضوع، وفسّر هذه الآيات من علماء التفسير المعاصرين على هذا القول - أقصد تفسير أحد الإفسادين وخصوصا الثاني بأنه في هذا العصر – والكتب في المكتبات بيننا لإثبات هذا الأمر - .
ومن أكابر من ذهبوا إليه منهم : فضيلة الدكتور العلامة فضل عباس حفظه الله، وكذلك الدكتور أحمد نوفل، وقد سطّر في ذلك بحثاً مسدّدا، وكذلك الدكتور صلاح الخالدي في كتابه الرائق "حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية"، وغير هؤلاء الأكابر، حتى ممن معنا من علماء الملتقى المبارك، ومن المتخصصين في التفسير.

وأرجو أن لا تحمل - أي أُخيّ – تَعدادي لهذه الأسماء على الاحتجاج بقولهم والاستدلال بها على صحّة ما ذهب إليه الدكتور المغامسي، ومن قبله الشعراوي – على ما بيّنتَ - .
وإنّما أردت بيان كون هذا الرأي مشهورا بين المتخصصين والمفسرين من المعاصرين .
ولا أحسب أن من المنهج المعتدل المستقيم تسفيه ما ذهب إليه هؤلاء، فإنهم هم أهل هذا الشأن، وحملة هذا العلم، وفي الحديث (يحمل هذا العلم من كلّ جيل عدوله) .
وأمام هذا الطعن الذي أوردتَه على هذا القول فإنه يليق بي أن أسجّل ما يأتي :

- أن ادعاء كون الإفسادين مما مرّ قبل الإسلام محلُّ إجماع دونه "لبن العصفور"، وبيانه :

• أنك إذ نقلت ما تيسّر من أقوال المتقدمين في هذه المسألة، فإن ذلك لا يكفي في إثبات أن أحداً من أهل العلم لم يقُل بغيرِه، خصوصاً وأن أحدا لم ينقل الإجماع صراحة .

فما أدري أين هو الإجماع "المزعوم" ؟ وما أدلّته ؟ ومن نصّ عليه من أهل العلم – صراحة - ؟
فإن لم تأتنا بذلك فلا دليل لك به علينا ؟ وكيف يكون ؟

• أنه وإن سلّمنا أنه لم يقل أحدٌ من السلف بهذا القول الذي ذهب إليه جمهور المعاصرين من المتخصصين في التفسير، فإن الخلاف الذي وقع بين السلف في تحديد محلّ الإفسادين تماماً يسوّغ الاجتهاد في تحديد موضعهما .
فإن السلف قد اختلفوا في تحديدهما ولم يتفقوا، فمن قائل بأن الإفساد الأول هو قتلهم "زكريّا"، ومن قائل بأنه قَتْلهم "شعيا"،ومن قائل بأنه قتْلهم "يحيى بن زكريا" عليهم السلام .
وفي تفسير العباد "أولي بأس الشديد" أكثر من خمسة أقوال منقولة عن السلف . (انظر : زاد المسير، لابن الجوزي،ص:734) .
وقد اختلفوا كذلك في تفسير الإفساد الثاني على أقوال عديدة .(انظر المرجع السابق) .
وقد سُقتَ – حفظك الله – شيئا من الاختلاف بينهم في تحديد مفردات هذه الآية ومسائلها، وما لم يُنقل من الخلاف ههنا أكثر .

والمقصود : أن تفسير الآية موضع خلاف لا موضع إجماع؛ وكيف يكون الخلاف "إجماعا" في صورة من الصور ؟؟
ولعلك أردتَ أن الخلاف الذي وقع بينهم لا يخرج عن الأقوال المذكورة، وكلها مما يذهب أصحابها إلى أنها مما مرّ قبل الإسلام، على خلاف في التحديد ؟

والذي يتوجّه عليك عند هذا سؤالٌ، بيانه :

أنّ مثل هذا "الخلاف" الذي ادّعيته "إجماعاً"؛ هل ينهض للاحتجاج القطعي الذي لا تجوز مخالفته ؟

أقول : في هذه المسألة خلاف بين الأصوليين، فبعضهم اعتبره إجماعاً؛ بحيث لم يجيزوا الخروج عن مجموع هذه الأقوال، ويبقى التّخيّر بينها .

وذهب آخرون إلى أنه ليس كذلك، وأنه لا يمكن للخلاف أن يكون إجماعاً.

والوجه :
أن مثل هذا "الخلاف الإجماعي" ليس "إجماعاً" حقيقة، بل إن في إطلاق الإجماع عليه نوعُ تجوّز !!
وهذا تقرير الخلاف في هذه المسألة .

فإن أخذتَ بقول أخذنا بالثاني، والأمر قد اختلف فيه أكابر الأئمة، وما وسع أولئك الكبار يسعنا !!

على أيّ حال؛ فإن المقصود ههنا مرّة أخرى : إثبات أن الأمر فيه فسحة في قبول الخلاف في تفسير هذه الآيات، وكونها ليست قطعية يجب التزام قول معيّن فيها .

حتى إذا قرّرتُ جواز الخلاف في تفسير الآية، وبيّنت أنها من المسائل التي هي محلّ النظر والتدبر يجدر أن أشير إلى أن ثمّة ما يضعّف تفسير المتقدمين لهذه الآيات، ويدلّ على ما ذهب إليه جمهور المعاصرين من المفسرين مما عزوتَه إلى الشيخ الشعراوي والدكتور المغامسي .

وقد نصّ هؤلاء على مآخذهم في قولهم وأدلّتهم فيه؛ فلتُنظر، وليُرجع إليها .
فإن الحجّة بقول الله، وبقول رسوله صلّى الله عليه وسلّم لا بقول أحد آخر .
كما أنني أجد المقام يوجب أن أذكّر بأنّ ترك قول المتقدّمين إلى قول المعاصرين ليس تقليلا من شأن المتقدمين، ولا زعماً بأن المتأخرين أكثر علماً منهم ! وكيف يكون ذلك تقليلاً من شأنهم وقد اتفق أهل العلم على جواز ترك قول الفاضل إلى المفضول إذا اقتضى الدليل ذلك .
خصوصاً، وأن قدماء المفسرين اعتبروا معطيات عصرهم من ذلّة اليهود وضعفهم، ولم يكن ليخطر ببال أحدٍ منهم إمكان دول الدولة لهم على المسلمين .

ثم إن من الغريب – فعلا – أنك اعتبرت السياق عاضداً لما انتصرت له، على الرغم من وضوح دلالته على قول المتأخرين، ومطابقته الشديدة له، وشهادة التاريخ كذلك .
وإذا اتّسع وقتي أعود لأبيّن طرفاً مما فتح الله به في تفسيرها، إن شاء الله تعالى .
لكن مقصودي من مداخلتي هذه، التدليل على كون المسألة محل اجتهاد لا قطع .

لكن لي تعقيبا على وقفتك مع حال إخواننا في غزة الذي ختمت به كلامك وفقك الله ...
ذلك أني لمست شيئا من التعريض بإخوانك، مما قد أسميته ميلا إلى الروافض وموالاتهم والبدع ...
ولن أقف مع هذا الأمر، ولا أحسب أن هذا الملتقى العلمي معدٌّ لمثل هذه النزاعات، ولن أناقش في هذه المسألة ههنا .
لكنني لم أجد من اللائق أن تحمل ما يتعرّض له الأهل بغزة في سبيل الله وبتمسّكهم بخيار الإسلام، أن تجعله مما جَنَتْه أيديهم من ترك أمر الله، والابتداع وموالاة الروافض .
وهل حوصر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالشِّعب ثلاثا من السنوات بسبب ذلك ؟
وهل يضيّق على المؤمن ويعادى في دينه بسبب ذلك ؟؟ أم أنه يبتلى ويُختبر ثباته، ويمتحن في ادعائه الإسلام ؟
(أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون)، وقال تعالى : (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين)
قد وقع في قلبي أن ادّعاء ما يُصيبهم في سبيل الله هو بسبب ذنوبهم ضربٌ من التألّي على الله !! يستلزم الرجوع والاستغفار !!
[/size][/font]
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل كنت أتمنى أن توثق ماذكرت من كلام للشيخ صالح برابط صوتي إذا كانت مسجلة لديك ليتأكد المشايخ من كلام الشيخ صالح حفظكما الله جميعا وسدد خطاكم
ثم أليس من الأفضل والأولى بين طلبة العلم هو مناقشة المسائل العلمية بينهم قبل نشرها على العامة أمثالي فالشيخ صالح حي يرزق وعنوانه منتشر في الأنترنت فليتك اتصلت به أو راسلته قبل تحرير المسألة فلربما لديه ما يقوله في هذا الأمر ..

أخي الحبيب إن جانب ماكتبته الصواب فأرجو أن تلتمس لأخيك العذر وجزاك الله خيرا على غيرتك على دين الله

قال تعالى (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء )الفتح29

أخي لم يخطئ الباحث في عرض هذا الموضوع أبدا

ولا بد كي نرقى بتفكيرنا أن نفرق بين التقدير والتقديس ؟؟

وهذا المنتدى للمتخصصين وليس للعامة كما تعلم حفظك الله ...

ثم لماذا يرد على أئمة المذاهب الأربعة دون بأس أما غيرهم فلا وانتبه وإياك ... كأن غيرهم معصوم !!!!! ؟؟؟؟؟؟؟؟
 
أستأذن صاحب الموضوع وجزاكم الله خيرا



أخي لم يخطئ الباحث في عرض هذا الموضوع أبدا
أخوك لم يخطيء الكاتب حفظك الله وبارك فيك ولست أهلا لذلك فهنا وهناك من العلماء من يستطيع أن يحكم إن كان في هذا الموضوع خطأ أو غيبة أو بهتان أو تسرع أو غير ذلك من الأمور التي ترضي الله سبحانه وتعالى أو تغضبه ..
ولا بد كي نرقى بتفكيرنا أن نفرق بين التقدير والتقديس؟؟؟؟؟؟

من قدس من في هذا الموضوع ؟

وهذا المنتدى للمتخصصين وليس للعامة كما تعلم حفظك الله ...؟؟؟؟؟؟؟؟[/
للأسف لم أكن أعلم بأن هذا الملتقى يمنع العامة من المشاركة فاعذرني وليعذرني المشايخ الأفاضل
وأخوك شارك في المنتدى لسببين :
الأول : أدعو الله أن ارتقي وأكون من المتخصصين ومن أهل القرآن
الذين هم أهل الله وخاصته ومشاركتي في هذا الملتقى من الأسباب إن شاء الله تعالى
الثاني : استجابة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( فقال: ملك من الملائكة: إن فيهم فلاناً ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: فهم الجلساء لا يشقى جليسهم))).

ثم لماذا يرد على أئمة المذاهب الأربعة دون بأس أما غيرهم فلا وانتبه وإياك ... كأن غيرهم معصوم !!!!! ؟؟؟؟؟؟؟؟[/

أحسنت أحسن الله إليك فمن منهج أهل السنة والجماعة أنهم لا يتعصبون لأي كائن من كان سوى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكما يعلم فضيلتكم كل يؤخذ منه ويرد إلا محمد صلى الله عليه وسلم وكلامك هذا ذكرني بقول العز بن عبدالسلام - رحمه الله تعالى - ( (( من
العجب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا ، ومع هذا يقلده فيه ويترك الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه على تقليد إمامه بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة ويتأولها بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده ))


الشيخ العالم صالح المغامسي مريض بالقلب فأوصيكم ونفسي بالدعاء له ولكل مريض
قال تعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الفتح29
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل كنت أتمنى أن توثق ماذكرت من كلام للشيخ صالح برابط صوتي إذا كانت مسجلة لديك ليتأكد المشايخ من كلام الشيخ صالح حفظكما الله جميعا وسدد خطاكم
ثم أليس من الأفضل والأولى بين طلبة العلم هو مناقشة المسائل العلمية بينهم قبل نشرها على العامة أمثالي فالشيخ صالح حي يرزق وعنوانه منتشر في الأنترنت فليتك اتصلت به أو راسلته قبل تحرير المسألة فلربما لديه ما يقوله في هذا الأمر ..

أخي الحبيب إن جانب ماكتبته الصواب فأرجو أن تلتمس لأخيك العذر وجزاك الله خيرا على غيرتك على دين الله

قال تعالى (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء )الفتح29


أنا أوافق أخانا"سؤال",وهذا لا يعني أني أخالف صاحب الموضوع..فجزاه الله خيراً على ما نبه عليه,وعلى البحث الذي قام به,مما يدل على حبه لله,وغيرته على دينه,
لكن الشيخ الفاضل"صالح المغامسي"حفظه الله وشفاه,وطيب ممشاه,قد يكون له أصل عاد إليه,أو قد يكون قاس الواقع الآن على الآية؛لاختلاف المفسرين قديماً وحديثاً في تأويل المرتين...
فأرى أنه كان ينبغي أن يسأل عن سبب ترجيحه لهذا القول,ثم بعد ذلك يطرح الموضوع حتى يكن الكل على بينة,,وحتى لا يفتح المجال لمن يهوى الطعن في طلاب العلم والعلماء..

والله أعلم....ونعوذ بالله من الشيطان,وهمزه,ونفخه,ونفثه,,

وأتمنى أن تعود المياه لمجاريها,وألا يحمل أحد في نفسه على الآخر...


وعذراً:أرجو ألا يغضب مني أحد...قولي مجرد رأي!!!
 
بل ما ذكره الشيخ صالح المغامسي هو الأقرب - والله أعلم -.

وآراء المفسرين السابقين ليست عليها أدلة قطعية في أن الإفسادين قد حصلا .

وفي الآيات الكريمة قرائن تؤيد ما ذهب إليه الشيخ صالح المغامسي منها :

- أن إفساد بني إسرائيل مصحوبٌ بعلو كبير وهذا ما يظهر في زماننا فإن لهم تأثيراً كبيراً على الأمم المتحدة وعلى الدول الغربية بل حتى على كثير من الدول العربية لا يخفى تأثيرهم ، وكذلك تسلطهم على وسائل الإعلام العالمية ، وما حدث في غزة مؤخراً من إفسادهم وقتلهم وتدميرهم و العالم يتفرج عربه وعجمه ، و لكن الله أبطل مكرهم وكيدهم ولم يمكنهم من التوغل داخل غزة وقد كانوا يريدون ذلك.

- وفي التاريخ لم يرد لبني إسرائيل علو مصحوب بإفساد كهذا الذي يحدث في زماننا ، فإن قيل فأين ملك داود وسليمان عليهما السلام فالجواب أنه ملك عظيم لكنه لم يكن مصحوباً بإفساد .

- كما أن الآيات فيها قرينة على أن الذين يدخلون المسجد في المرة الثانية هم نفسهم الذين دخلوه في المرة الأولى ، ( كما دخلوه أول مرة ) وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
وبختنصر وقومه لن يدخلوا المسجد مرة ثانية ... ولم يذكر تاريخياً أن هناك من قاتل اليهود مرتين ودخل عليهم المسجد مرتين ...( حسب معلوماتي ) - والله أعلم - .

ثم هناك قرينة أوضح و هي أنها ذكرت بصيغة المستقبل ( لتفسدن ) و قد يرد قائل بأن هذه الصيغة المستقبلية هي ما نصت عليه التوراة والجواب على هذا بأنه لو كان قد حدث فلِمَ لم يأت الخبر في الآية التي تلتها بصيغة : فلما جاء وعد أولاهما بدلاً من فإذا جاء .. ؟ .... فإن ( إذا ) تدل على حدوث الشئ مستقبلاً ...

ولو أن هذا الإفساد حدث قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لربما ورد في قصص بني إسرائيل المذكورة في القرآن فقد ذكر الله قصصهم منذ البداية وقصص أنبيائهم ( موسى ، يوشع ، داود ، سليمان ، عيسى ) عليهم السلام ، وحدث كهذا (دخول المسجد و علوهم في الأرض ) لو كان حدث قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لربما ذكرت تفاصيله في القرآن الكريم أو في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .. أو على الأقل لتحدث به أحبارهم الذين عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم كعبدالله بن سلام رضي الله عنه.


والله أعلم ، واستغفر الله إن كان في قولي خطأ .
 
بارك الله في الأخوة جميعاً وحياكم الله .
لا أدري كيف استطاع الأخ كاتب الموضوع أن يقول ما قال في مسألة هي من أكثر المسائل اختلافاً في الرأي فمن ذاهب إلى أن الإفسادين حدثا قبل البعثة ، ومن قائل إلى أن أحد الإفسادين حدث قبل البعثة وثانيهما يكون بعد البعثة ، إلى قائل بأن الإفسادين سيكونان بعد البعثة وهكذا ..... ولو أردنا أن نستعرض الأقوال في هذا لطال المقام .
فهل يمكن أن نحكم على هذا التفسير وهذا الاختلاف بأن ثمة إجماع في شأنه ؟؟ !!!
وما ذهب إليه المغامسي وافقه فيه عدد لا بأس به من العلماء والمتخصصين كما تكلم الأخوة قبلي ، ولعل آخر من كتب في هذا الأمر هو الدكتور عمر سليمان الأشقر في كتاب لم يطبعه بعد ذهب فيه إلى أن الإفساد الثاني لم يحدث بعد ونحن نعيش إرهاصاته .
أما توجيه الكاتب الأخير لأهل غزة فهو بحاجة لمشاركة ثانية والله الموفق .
 
ذكر الشيخ صالح المغامسي في برنامجه "محاسن التأويل" في تفسيره لسورة الإسراء أقوالا كا فية لسرد أدلته وترجيحه لما ذهب إليه ..
ثم إني لا أظن أن برنامج القطوف الدانية كان كافياً لذلك ..

قال في تفسير (وانصح بالعودة للحلقة في محاسن التأويل كاملة فقد اختصرت المتعلق بما نقلت ، وآمل نقل ما ذكره الشيخ كما نقلت الموضوع للفائدة لك ولكاتب الموضوع )

اللهُ جل وعلا هُنا يقول : (وَقَضَيْنَا )
والقضاء -أيُها المُبارك- في القرآن ورد بصيغ يجبُ أن تُحرّرها حتى تفهم :
- ورد القضاء بمعنى الخلق في قولهِ سُبحانه (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} فصلت 12) أي خلقهُن سبع سماوات .
- وورد القضاء بمعنى الحُكم ({إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ }النمل78) أي يحكُم .
- وورد القضاء بمعنى الأمر ومنهُ قول الله جل وعلا (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) ما معنى وقضى ربُك ؟ أي أمر ربُك .
هُنا الله جل وعلا يُخبر أنهُ قدّر وأخبر بني إسرائيل بقدره أنّ لهُم علُوان في الأرض يصحبُهما إفسادان وأنّ الله جل وعلا سيُعليهِم ذات مرة ثم يردُ كيدهُم بواسطة عبادٍ له ثم يجعل الغلبة مرةً أُخرى لبني إسرائيل ثم يردُ الكرة عليهِم وتكونُ كرة أخيرة إذ ظاهرُ القرآن أنهُ لا يكونُ لهُم بعدها ظهور .

ما الذي اتفق عليهِ المُفسرون وما الذي اختلفوا عليه ؟
اتفقوا وهذا واجب الاتفاق إن هناك مرتين يعلو فيها بني إسرائيل وهذا نص القرآن (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً) وأنهُم مرتين أُخريين يُقهرون لكنّ السؤال الذي أشكل على الناس:
هل وقعَ هذين العلوين وانتهى هل وقع هذان العلوان وانتهيا أم لم يقع ، هل وقع أحدهُما وبقي الآخر ؟

بكُلٍ قال العلماء -وسنذكُر بعض الأقوال دون النظر إلى من قال بها ثم نُبين أين الإشكال في الآية الذي يرُدها-
قال بعضُ العُلماء إن كلا الأمرين وقع قبل الإسلام وهذا الجوابُ يُردُ عليهِ بالقرآن :
أن الله ذكر المسجد ولا يُعلم حسب تاريخ اليهود أن فريقاً واحداً حاربهُم حول المسجد لأن الله يقول ( وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فالله يتكلم عن طائفة واحدة .
والسابقون يقولون إنهُ جالوت على قول .
وقول إنه بُختنصر ملك بابل ستة قرون تقريباً قبل الميلاد هذا الذي يدفع القول أنهُ ماذا ؟ أنهُ قد سبق .
وبعض الناس يقول لا ، حصل الأول والثاني لم يحصُل وسيحصُل في زماننا هذا على ما نحنُ فيهِِ من علو بني إسرائيل الموجود عالمياً اليوم وهؤلاء يقولون إنّ العلو الأول قد ظهر لكن يبقى السؤال على يد من قُهروا ؟
فإذا قُلنا أنهُ قبل الإسلام لا يستقيم هذا مع القرآن لأن القرآن كما قُلنا يتكلم عن طائفة واحدة لأن الله يقول (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً{4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً{5} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ) على من ؟ على الأولين الذين جاسوا خلال الديار (وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً)
ثم قال جل وعلا (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) ثم ذكر الثانية (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) فهم نفسُ الطائفة .
إذاً يُفهم من الآية أن الآية تتحدث عن صراع اليهود مع طائفة واحدة ومعلومٌ قطعاً أن عُمر الخطاب فتح القُدس سلماً أو حرباً ؟ سلماً .ولم تكُن القُدس أيام عُمر تحت حُكم اليهود إنما كانت تحت حُكم النصارى ويوجد قصيدة ذائعة أظُنّها لشاعر الفلسطيني خالد أبو العمرين التي فيها :
اضرب تحجّرت القلوبُ فمالها إلا الحجر
اضرب فمن كفيك ينهمرُ المطر
في خان يونس في بلاطة في البوادي والحضر
من فتية الأنفال والشُورى و لُقمانٍ وحُفاظ الزُمر
الذي يعنيني منها أن الأبيات لها لازمة تتردد أدبياً فيها يقول :
في القُدس قد نطق الحجر
لا مؤتمر لا مؤتمر
أنا لا أُريد سوى عُمر
طبعاً يقصد هو لا مؤتمر لا مؤتمر للسلام مؤتمر النرويج أو سلو هذا قصد الشاعر .
هذا قصدُ الشاعر لكنّ الشاعر هنا فيما أعلم أنهُ فلسطيني ولستُ مُتأكداً لكن يدُل على أنهُ لم يحفظ السياق التاريخي لماذا ؟ لأن قولهُ
لا مؤتمر لا مؤتمر أنا لا أُريدُ سوى عُمر
خطأ علمي، أين الخطأ العلمي ؟
أن عُمر دخلها سلماً ولم يدخُلها حرباً دخلها ماذا ؟ دخلها سلما ونزعها من النصارى بالسِلم لم ينزعها من اليهود بالحرب وأنت تتحدث عن اليهود وتتحدث عن الحرب هذي يجب استصحابُها ..

نعود للآيات :. هذا يدفُعنا إلى أُمور عدة قُلنا هذا قول .
قال آخرون : الإشكال كذلك في قول الله جل وعلا (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ) وعسى من الله واجبة يقول المُفسرون وهذا يدُل على أنهُم داخلون في الرحمة ومعلومٌُ أن اليهود بعد الإسلام لا يُسمّون يهوداً إذا امنوا سيُسمّون مُسلمين فلا يُمكن أن تصلهُم رحمة وهم كُفار الرحمة بمفهومها الخاص والله يقول (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا) فقال بعضهُم : أنهم كُلما عادوا للإفساد عاد اللهُ جل وعلا لتذليل والتنكيل بهِم ويستشهدون بأنهُم في عصرنا هذا ظهر إفسادهُم فسلّط الله عليهِم هتلر هذهِ كُلها أقوال منثورة لكنها إذا طُبقت على الآية ومع السياق التاريخي ما يُمكن تتفق والذي يترجح عندي واحدة :
أن (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً) ليس لها علاقة باليهود هذهِ الآية ليس لها علاقة بما قبلها مُنفكة لا تتحدث عن بني إسرائيل لأن عسى من الله واجبة والله قد علم أن اليهود لن تعود لدين الإسلام والتاريخ يشهد على هذا وسنُقاتلهُم حتى قُبيل قيام الساعة ولو عادوا لما سُمّو يهود فـ(عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا) المُخاطب بها كُل من ءامن بالقرآن هذا الذي أفهمهُ من الآية هذي أكادُ أجزم بها وإن قُلت في بعض الدروس أن المُفسرين يقولون (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا) أي كُلما عُدتم للإفساد عُدنا لتنكيل والعذاب واستشهدوا بقضية هتلر وقالوا فسدوا في أول الزمان فسلّط اللهُ عليهِم نبيهُ وأصحابه فأخرجوا بني النظير و بنو قينُقاع وبني قُريظة لكن قُلنا هذا لا يستقيم مع الآيات ،، الآيــات تتحدث عن مسجد لا تتحدث عن شيءٍ عام
هذا يدفُعنا للحديث في أُمورٍ كثيرة والذي يظهرُ - أتوقف أنا لا أستطيعُ أن أجزم- لكن يظهر أن كلا الإفسادين و العلوّين لم يقع ربُما -والعلمُ عند الله- وقد قال بهذا بعضُ المُؤرخين المُعاصرين أن ما يحصُل الآن هو العلوّ الأول لبني إسرائيل ثم فيما يبدو -والعلمُ عند الله- أنهُ يتمُ إخراجهم من المسجد الأقصى دون أن تذهب دولتهُم بالكُلية بمعنى إلى حدود قبل 67 ثم بعد ذلك فيما يظهر -ظاهر القرآن- أنهُم يستعينون بقوى العالم فتُعينهُم فيُخرجون المُسلمين من المسجد الأقصى ثم إنّ الله جل وعلا يُهيأ للأُمة آنذاك من يردُ كيد اليهود وهي الملحمة الأخيرة التي فيها الحديث ستُقاتلون اليهود وفيها نطقُ الحجر والشجر إلا الغرقد [ واضح ] هذا الذي يبدو -والعلمُ عند الله- .

دولةُ إسرائيل المُعاصرة سُميت بإسرائيل نسبةً يعقوب الذي من ذُريته وقد أُعلنت عام 1948م والذي أعلن من رُؤساء إسرائيل قيام الدولة بنقريون أول زعيم إسرائيلي وفي مطار هناك باسمهِ بعد 11 دقيقة من إعلان بنقريون قيام دولة إسرائيل أعلن تومان الرئيس الأمريكي آنذاك اعتراف الولايات المُتحدة الأمريكية بقيام دولة إسرائيل بعد كم ؟ إحدى عشر دقيقة بالضبط على إعلان بنقريون قيام دولة إسرائيل مما يدُلُ على أن الأمر كان مُتفقاً عليهِ وهذا أمرٌ لا يحتاجُ إلى شرحاً ولا دليل .
حين ذاك لم يكُن المسجد الأقصى مدينة القُدس لم تكُن تحت حُكم دولة إسرائيل عام 48 كانت تل أبيب وما حولها ولم تدخُل ما يُسمّى الآن بالضفة الغربية وقطاع غزة في الحُكم الإسرائيلي .
ثم حدثت حرب خمسة حُزيران 67 م في تلك الحرب دخلت القُدس وبالتالي المسجد الأقصى في حُكم بني إسرائيل فيُصبح الإفساد المقصُود بهِ في الآية هو الحيلولة بين الناس وبين المسجد الأقصى .
(وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً).


هذا ما قاله الشيخ صالح المغامسي في برماج محاسن التأويل والبرنامج متوقف له سنة ،، فالحلقة قبل أحداث غزة الأخيرة وقبل حلقة القطوف الدانية..

*منقول للفائدة والإبضاح
*
 
شيئا من الحلم والأناة..!

شيئا من الحلم والأناة..!

بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله في الإخوة جميعا وجزاهم كل خير.. وإنما أنصح نفسي وأحبتي من طلبة العلم بخصلتين يحبهما الله ورسوله، هما: الحلم والأناة. فمشكلة بعض الإخوة التسرع في إصدار الأحكام، دون تأن ولا ترو ولا جمع لأطراف الموضوع. وهو ما يخالف الأناة. والثانية: الشدة والغلظة في معاملة أهل العلم! وهو ما يخالف الحلم. ويا حبذا لو تكرم كل من كتب شيئا بإعادة قراءة ما كتب! ليرى ما موقع كلامه من الحلم والأناة؟
وفي الختام أقول إنني سعدت بما كتبه جميع الإخوة بمن فيهم حبيبنا أبو صالح المدني. لكني أقول، والحق إن شاء الله أقول: لقد أُعْجِبْتُ بالدقة العلمية التي كتب به الأستاذ رأفت المصري. فلله دره! وهذا لا ينقص عندي من قدر الأخ أبي صالح المدني، كلا وحاشا. وإنما أنصح نفسي وإياه بالتأني في إصدار الأحكام، وبالحلم في مخاطبة أهل العلم. فلقد أكثر من التعجيب منهم! والتسفيه لآرائهم؛ مما يشعر القارئ بما يشبه التحامل عليهم! غفر الله لنا جميعا! وألهمنا مراشدنا! وجعلنا وإياكم من الراشدين!
أخوكم عبد الله المدني المغربي عفا الله عنه.
 
الشيخ صالح ذكر هذا القول قبل محاسن التأويل كذلك ، ذكره في تأملات قرآنية و أطال فيه ، و كذلك في شريط له آخر مفرد ، و في تأملات قرآنية أطال و رد على الأقوال الأخرى . فليراجع .


و مما أذكره أنه استدل بعلو يهود و انهم لم يعلو إلا في هذا الزمن .

أن ما ذكر من الإفساد في الماضي لم يكن من اليهود و إنما من المشركين عامة و الآية في اليهود .

هذا ما أذكره من قوله إن لم تخني الذاكرة
 
للشيخ شريط اسمه ( وإن عدتم عدنا )
اطال فيه الحديث عن هذا الموضوع
 
أولا: أشكر جميع الإخوة الذين شاركوا في هذا الموضوع، وأسأل الله أن تكون مشاركاتهم لوجه الله، وأن يكونوا تحروا الصواب في ذلك.

ثانيا: أسأل الله أن يشفي الشيخ صالح المغامسي ويعافيه، وليعلم أني لم أكتب ما كتبت بغضا للشيخ أو تحاملا عليه، بل أنا من المستفيدين منه ومن علمه.

ثالثا: أتراجع عن قولي: ( فاستغربت كلامه وترجيحه لقول بدون أن يذكر حجته في ذلك، وكذلك استبعاده للقول الثاني بدون أن يذكر حجة لذلك )، وأشكر جميع الإخوة الذين نبهوا على المواضع التي ذكر فيها الشيخ حججه في الموضوع.
 
أما بالنسبة للمسألة التي معنا:
فأولا: أقول كما قال الشيخ عصام العويد: ( قول ليس له سلف لا بركة فيه ).

ثانيا: نحن -أعني: أهل السنة والجماعة - نفهم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، وقد ورد عن ابن عباس ترجمان القرآن، وعلي وابن مسعود وغيرهم من السلف ممن نقلت أقوالهم ما يكفينا ويغنينا.

ثالثا: الاتفاق الذي نقلته ليس في تحديد الإفسادين أو تحديد القوم المسلطين عليهم كما لبس به بعض الإخوة هداهم الله، وإنما نقلت الاتفاق على أن الإفسادين قد وقعا، وأن القوم المسلطين قوم كفار، ولم أقل ذلك من تلقاء نفسي، وإنما قاله الشيخ السعدي رحمه الله.
ثم الاتفاق السابق المنعقد، هل ينقضه الاختلاف الطارئ المعاصر، الذي لم نسمع به إلا في القرن الخامس عشر؟؟؟

رابعا: قول بعض الإخوة: ( جمهور المعاصرين ) فأين من هؤلاء الجمهور أئمة التفسير المعاصرين ( السعدي، وابن عاشور، والشنقيطي )!!!؟ وقد نقلت أقوالهم.
ثم هل من ذكرت من جمهور المعاصرين يبلغ علم هؤلاء الأئمة أو يقرب منهم؟؟!!

أرجو من الجميع التأمل في الموضوع دون النظر إلى القائل.
وأسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويقينا شر أنفسنا. والله الموفق.
 
أما بالنسبة للمسألة التي معنا:
فأولا: أقول كما قال الشيخ عصام العويد: ( قول ليس له سلف لا بركة فيه ).

ثانيا: نحن -أعني: أهل السنة والجماعة - نفهم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، وقد ورد عن ابن عباس ترجمان القرآن، وعلي وابن مسعود وغيرهم من السلف ممن نقلت أقوالهم ما يكفينا ويغنينا.

ثالثا: الاتفاق الذي نقلته ليس في تحديد الإفسادين أو تحديد القوم المسلطين عليهم كما لبس به بعض الإخوة هداهم الله، وإنما نقلت الاتفاق على أن الإفسادين قد وقعا، وأن القوم المسلطين قوم كفار، ولم أقل ذلك من تلقاء نفسي، وإنما قاله الشيخ السعدي رحمه الله.
ثم الاتفاق السابق المنعقد، هل ينقضه الاختلاف الطارئ المعاصر، الذي لم نسمع به إلا في القرن الخامس عشر؟؟؟

رابعا: قول بعض الإخوة: ( جمهور المعاصرين ) فأين من هؤلاء الجمهور أئمة التفسير المعاصرين ( السعدي، وابن عاشور، والشنقيطي )!!!؟ وقد نقلت أقوالهم.
ثم هل من ذكرت من جمهور المعاصرين يبلغ علم هؤلاء الأئمة أو يقرب منهم؟؟!!

أرجو من الجميع التأمل في الموضوع دون النظر إلى القائل.
وأسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويقينا شر أنفسنا. والله الموفق.


جزاك الله خيرا ونفع بعلمك المنتدى خاصة والمسلمين عامة
 
][][§¤°^°¤§][][بسم الله الرحمن الرحيم][][§¤°^°¤§][][

][][§¤°^°¤§][][الرجاااااء المسااااااااعدة][][§¤°^°¤§][][

«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»سلام عليكم أخوتي ورحمة الله وبركاته...«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»
سؤال لأهل الاختصاص:
هل في القرآن معاني لا يعلمها إلا الله؟؟
أو بصيغة أخرى هل يخلو أحد من معرفة القرآن كله؟؟

و جزاكم الله خيرا"
 
لقد شغلتني هذه الايات كما شغلت غيري وقد كتبت في هذا بحثا نشرته في المجلة الاردنية في الدراسات الاسلامية وعنوانه طلائع الاعجاز الغيبي في طوالع سورة الاسراء واظنني اجبت فيه عن كثير من التساؤلات المطروحة وكنت اود ان اطرحه هنا لكن الايقونة التي فيها اضافة ملفات في المشاركة مختفية ولا ادري اين ذهبت
 
لقد شغلتني هذه الايات كما شغلت غيري وقد كتبت في هذا بحثا نشرته في المجلة الاردنية في الدراسات الاسلامية وعنوانه طلائع الاعجاز الغيبي في طوالع سورة الاسراء واظنني اجبت فيه عن كثير من التساؤلات المطروحة وكنت اود ان اطرحه هنا لكن الايقونة التي فيها اضافة ملفات في المشاركة مختفية ولا ادري اين ذهبت


راسل الأستاذ نايف الزهراني أو الشيخ الدكتور عبد الرحمن الشهري

وأضم صوتي لصوتك للاستفادة من بحثكم في المنتدى المبارك
 
جزاك الله خيرا شيخنا جمال فقد استمتعت ببحثك القيم وكل كلمة فيه تجذب ما بعدها ، وما استطعت أن اتوقف عند فكرة منه دون الحاقها بما بعدها حتى وصلت الى الدعوة بالتوفيق فقلت لك مثل ذلك
 
اني لاشكر لكم قراءتكم للبحث يا اخانا الدكتور فاضل ولكل من قراه وافاد منه واني لارجو ان يكون فيما قدمت فائدة او على الاقل ارجو ان اكون فتحت الباب للفائدة
 
بارك الله فيكم ، وبارك الله تعالى في الأخ أبي صالح المدني .
مَنْ مِنَ السلف قال بالقول المعاصر هذا في تفسير هذه الآية؟
على حدّ اطلاعي على التفاسير في هذه الآية لم أجد أحدا فسر الكرة الثانية بأنها بعد لم تقع ، ومع قول العلامة السعدي بالاتفاق في فهم هذه الآية ، أليس الواجب ألا يخرج عن فهم السلف في فهم كتاب الله عزوجل؟
 
انا ذكرت في هذا البحث الذي وضعته هنا ان السلف لم يقولوا بمثل هذا القول لانهم لم يكونوا ليتصوروا مثل هذه الاوضاع التي نعيشها
والقول بعدم الخروج عن اقوال السلف في التفسير تضييق لا حجة له مع شديد الاحترام لما قالوه.
 
قال شيخ الإسلام في (مقدمة التفسير):
(من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك، كان مخطئاً في ذلك، بل مبتدعاً، وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه، ثم قال: فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم، فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعاً)اهـ.
قال العلامة العثيمين في شرح المقدمة :
(وهنا يجدر التنبيه إلي هذه المسألة المهمة فإن من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين
وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في هذا؛ بل يكون مبتدعاً وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه، يعني نحن نصفه بأنه مخطئ وبأنه مبتدع، لأن كل قول في دين الله لم يأت في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا في قول الصحابة والتابعين لهم بإحسان فهو قول مبتدع؛ لأنه محدث، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (( وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة )).
أو في الأمور العلمية العقدية ، فكل شيء مخالف لما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان فإنه قول مبتدع، وصاحبه مخطئ ، ولكن هل يأثم هذا القائل؟ ينظر إذا كان مجتهداً باذلاً وسعه في طلب الحق ولكن لم يصل إليه فهو مغفور له، ولهذا قال الشيخ رحمه الله:
(( وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه)).
قلنا الآن نظران: نظر إلى القول أو التفسير، ونظر إلي القائل أو المفسر، فالقول أو التفسير المخالف لما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان هذا قول مبتدع باطل، وأما بالنسبة للقائل فينظر فإن كان قد بذل الجهد وسعى بقدر ما يستطيع إلى الوصول إلى الحق ولكن لم يتبين له إلا ما قال، فإنه يغفر له خطؤه لأن الله يقول:
(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا)(البقرة:286)، فيعذر بهذا الخطأ، وهذه القاعدة تكاد تكون مجمعاً عليها، وإن كان الصحابة يختلفون في تفصيلها أحياناً لكن هي قاعدة أصيلة وأصل في هذا.
ورب سائل يقول: كيف يقال لمن عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم مبتدعاً وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه ؛كما ذكر ذلك المؤلف رحمه الله؟
والجواب على ذلك: بأنه قال بقول ليس معروفاً عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وعلى ذلك فهو مبتدع في قوله هذا، ولكن لا نعطيه الوصف المطلق وإن كان مبتدعاً في ذلك.
ورب سائل يقول: بالنسبة إلي التفاسير العلمية التي تنظر للمكتشفات الحديثة، عندما يكون هناك تفسير لآية ليس هناك دليل شرعي عليه، بمعني حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن هنا أقوال عن الصحابة أو أقوال عن السلف في تفسير هذه الآية، وقد يكون أيضاً هناك أكثر من قول ، ويأتي مفسر يستند في التفسير إلي جانب اللغة العربية أو المكتشفات الحديثة.فما هو القول في هذا؟ وهل يدخل في القاعدة السابقة فيقال عنه إنه مبتدع؟
والجواب: أنه إذا صحت دلالة القرآن عليه فليس بمبتدع ، إذا كان لا يخالف قول السلف في ذلك، أما إذا خالف قولهم فإننا نقول : إنه مبتدع ونرده ، لكن غالب ما تكون من هذه المكتشفات مسكوت عنه بالنسبة لمن سبق، لأنهم لم يطلعوا عليها، لكن قد يكون القرآن دل عليها بعمومه أما أن يدل عليها بخصوصها فهذا بعيد ولو دل عليها بخصوصها لكان الصحابة يدرون عنه وفسروه بها. فهذه الاكتشافات العلمية إذا صح أنها داخلة في الآية أما إذا لم يصح فهذا يجب أن يرد على قائله.
فمثلاً هناك من فسر الفتنة بالغزو الفكري، وهذا صحيح ، كما أخبر بها الرسول صلي الله عليه وسلم : (( فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً)) )اهـ.
 
هذه النقول من هؤلاء الاعلام نقول غير مستندة الى اي دليل من الشرع فليس تفسير القران مقتصرا على فهم السلف والا لماذا امر الله عباده ان يتدبروا القران اذا كان غاية ما سيصلون اليه لا يجوز ان يخالف ما قاله السلف
وعلى كل كل اعتقد انا ان بسط هذه المسالة ليس هنا وقد سبق طرح هذه القضية في هذا الملتقى اكثر من مرة وارجو من الاخ ان لا يضيق واسعا
 
أشكرك أخي علي الفضلي على هذه النقول الذهبية.

وأرجو من الشيخ جمال أبوحسان أن يراجع كلامه الأخير، فإنه جد خطير، ويفتح الباب لكل من أراد التلاعب بكلام الله.

اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا.
 
هذه النقول من هؤلاء الاعلام نقول غير مستندة الى اي دليل من الشرع فليس تفسير القران مقتصرا على فهم السلف والا لماذا امر الله عباده ان يتدبروا القران اذا كان غاية ما سيصلون اليه لا يجوز ان يخالف ما قاله السلف
وعلى كل كل اعتقد انا ان بسط هذه المسالة ليس هنا وقد سبق طرح هذه القضية في هذا الملتقى اكثر من مرة وارجو من الاخ ان لا يضيق واسعا

ما هذا يا شيخ جمال عفا الله عنك لو قالها غيرك ؟؟؟؟
 
ابدا ليس في كلامي اي خطر اذا فهم على وجهه وليس فيه فتح باب التفسير لكل احد كما فهم الاخ المعقب وللتفسير رجاله كما لكل فن رجاله فالمسالة عندي كما هي عند غيري محسومة وان اشتراط التفسير وعدم خروجه عن اراء السلف قول ليس له اي مستند شرعي سوى الوهم وان قال به بعض الفضلاء فلسنا نتعبد الله تعالى بقول غير قول الله ورسوله
وعلى المدعي لعدم جواز الخروج عن اقوال السلف في التفسير ان يعرض ادلته فان كانت قويمة رجعنا عما عندنا فلست من المتعصبين واحب الحوار الهادف
 
هذه مسألة طالت ذيولها ، وقد كثرت فيها المسائل ، وكنت منذ ألقي الموضوع أود أن أكتب فيه ، لكن حالت دون ذلك الأشغال ، والله الموفق والمبارك في الوقت والجهد .
وأحب أن ألقي بعض النقاط السريعة :
أولاً : إن تصوُّر عدم فهم السلف لمعنى من معاني القرآن يلزم منه لازم باطل ، وهو أن تكون الآية ( أو مقطع منها ) قد جُهل معناها على من سبقنا ، وهذا ـ بلا ريب ـ لو قال به قائل ، فقد ادَّعى أن الله خاطب الصحابة بما لا يعلمون ، وأنهم قد جهلوا معنى كلام الله المنزل على لسانهم .
ثانيًا : أن الإجماع قد وقع بوقوع الإفسادين ، وإن اختلفت أقوالهم في تحديدهما ، وهذه مسألة معروفة في الأصول في النظر إلى ما وقع عليه الاتفاق من أقوال العلماء ، ولا أظن أن من اطلع على كلام السلف ينكر اتفاقهم على هذا القدر ، وهو وقوع الإفسادين .
ثالثًا : أن الله سمى (المسجد الأقصى ) إما باعتبار ما سيكون ، فقال ( إلى المسجد الحرام ) قبل أن يوجد ، وفي هذا دلالة غيبية على تسميته بهذا الاسم، وإما بكونه اسمًا له لأنه موضع سجود ، وهذا محل بحث ونظر .
رابعًا : أن ما يريد المعاصرون إثباته من كون الإفساد الثاني هو الواقع الآن يوجد ما يدل عليه من القرآن ، ولسنا بحاجة إلى تكلف تأويل الآيات لنجعل المرة الثانية لم تقع ، فقد قال الله تعالى : ( وإن عدتم عدنا ) ، وهذه تحتمل وقوع الإفساد مرَّات كثيرة ، والله أعلم بغيبه .
والقول بدخول هذا الإفساد المعاصر في هذا المقطع من الآية يُبقي فهم السلف صحيحًا ، ويَبقى للمعاصرين ما ذهبوا إليه ، لكن من مدلول ( وإن عدتم عدنا ) ،و بهذا لا حاجة إلى هذا النزاع في فهم هذه الآيات من سورة الإسراء .
 
في مسألة الخروج عن أقوال السلف في التفسير يكثر الكلام والاختلاف بين المعاصريين بين مؤيد ومانع
وحل الإشكال في نظري القاصر يتوقف على أمر مهم تضبط به المسألة وهو :
التفريق بين تفسير الآية بالمعنى أو المعاني التي تدل عليها ألفاظ الآية ، وبين ما يُذكَر حول الآية من استنباطات وفوائد وتدبرات
فتفسير المعنى أو المعاني الذي تدل عليه ألفاظ الآية منحصر في أقوال السلف أو خارج عنها بشرط أن لا يصادمها ، وأما باب التدبر والاستنباط فهو لكل المسلمين بل قد خاطب الله بالتدبر المنافقين والكفار ،
والفرق بين التفسير الذي هو بيان معنى الآية ومعنى التدبر فرق شاسع ، ومن لم يتضح له الفرق بين الأمرين أو حصل عنده فيه تداخل تعجب من القول بعدم جواز الخروج عن أقوال السلف في التفسير
ومن فرق بين التفسير وغيره من التدبر والاستنباط فالأمر عنده يسير
وإلا فلا يستطيع أحد من الطرفين أن يقول إن فهم القرآن مقصور على السلف وأن بقية الأمة محجور عليها تدبره
ولكن منشأ الإشكال ما ذكرت . والله أعلم
 
هذا الموضوع من أهم مواضيع المنتدى التي قرأتها منذ شهور.
ولا اقصد أصل الموضوع عن عبارة د. المغامسي (شفاه الله). وإنما الحوار الذي تفرع عنه.
ورغم كوني لست متخصصا، فأرجو أن يتعامل مع تعليقي بصدر رحب:

===

استغربت من وصف بعض الإخوة لعبارة د. جمال أبو حسان (والقول بعدم الخروج عن اقوال السلف في التفسير تضييق لا حجة له مع شديد الاحترام لما قالوه) بأنها "جد خطيرة".
وأنا أميل لهذا الفهم الذي عبر عنه د. جمال. ولم يظهر لي أي دليل مقنع في قول المخالفين (مع شديد الاحترام لمن قال به).

وعبارة د. مساعد الطيار تستدعي التأمل، وأرى أن إطلاقها فيه نظر:

إن تصوُّر عدم فهم السلف لمعنى من معاني القرآن يلزم منه لازم باطل ، وهو أن تكون الآية ( أو مقطع منها ) قد جُهل معناها على من سبقنا ، وهذا ـ بلا ريب ـ لو قال به قائل ، فقد ادَّعى أن الله خاطب الصحابة بما لا يعلمون ، وأنهم قد جهلوا معنى كلام الله المنزل على لسانهم.

في تقديري ليس هناك أي داع نقلي أو عقلي يستوجب على السلف أن يكونوا على علم كلي بجميع المعاني المضمنة في الوحي الذي يخاطب العالمين، في كل زمان ومكان. كما أن عكس ذلك لا يعني بالضرورة أن الله خاطب الصحابة بما لا يعلمون.

فالخطاب القرآني موجه للبشرية جمعاء، وكل جيل محتاج لفهم الخطاب القرآني بالقدر الذي يلبي حاجته في عصره وعالمه.

وبالتالي فلعل العبارة تكون أدق لو صيغت كما يلي: (إن الله لا يخاطب البشرية جمعاء بما لا تعلم، ولا يمكن أن تجهل شيئا من معانى كلام الله المنزل لهدايتها) لكانت العبارة أدق في تقديري (وقد أكون مخطئا).

وكل جيل تتراكم لديه معارف إضافية ناتجة عن الخبرات البشرية السابقة، وعن الأدوات المعرفية الجديدة التي توفرت لديه في عالمه وعصره، تتولد لديه بلا شك حاجات معرفية إضافية. وحين يتدبر القرآن فلا ريب في انفتاح آفاق جديدة له في الفهم. وليس في هذا أي انتقاص لفهم السلف، بل لا يمكن لأي جيل من الأجيال أن يفهم النص القرآني الفهم الضروري الذي يلبي حاجاته إلا باستدعاء الفهوم السابقة له بشكل تراكمي.
والنص القرآني حجة على كل جيل من الأجيال وعصر من العصور بقدر الطاقة المعرفية التي تتوفر لذلك الجيل أو ذلك العصر. وكل جيل من البشرية يستوعب من النص القرآني بقدر حاجته الواقعية.

في تقديري يوجد اتجاهان خاطئان في التعامل مع القرآن الكريم:

1- النهج الأول: يرى الاكتفاء بدلالة النص زمن نزوله، وأن كتاب الله قد فسره العلماء الراسخون في العلم تفسيرات استغرقت جميع معانيه، وما على المسلم في أي جيل من الأجيال التالية إذا أراد فهمه سوى أن يعود إلى أقوال السلف الصالح، ولا مجال بعدها لمستزيد. ويقوم هذا الاتجاه على أن للقرآن معنى تاريخيا فقط، يتمثل في جملة المعاني التي استنبطها المفسرون الأوائل كالصحابة والتابعين والعلماء بعدهم، والتي مثلت إطارًا دلاليًّا للغة القرآنية. ويكمن خطأ هذا الاتجاه في كونه يؤدي إلى:
- السقوط في تعارض بين الإطار التاريخي للمعنى القرآني وبين صلاحيته لكل زمان ومكان،
- وإلى الوقوع في وهم المطابقة بين الكلام المفسِّر والكلام المفسَّر في التنزيه والقدسية.

2- والاتجاه الثاني: يرى أن النص القرآني نص لغوي مفتوح يخضع، كأي نص من النصوص، لتطور الدرس اللغوي والأدبي والتاريخي، ويبقى ميدان تجربة للقارئ يقرأ فيه ما يشاء. ويرى هذا الاتجاه أن معنى النص يمكن أن تتعدد وتتنوع قراءاته، وبالتالي فما يهم هو دلالة النص "زمن قراءته". ويتمثل انحراف هذا الاتجاه في كونه يجعل النص تابعاً للمتلقي المزوّد برؤى قبلية ومعانٍ جاهزة، بدل أن يتجه المعنى من النص إلى القارئ.

===

هذا من جهة.

ومن جهة أخرى: ماذا لو صغنا السؤال التالي وحاولنا الإجابة عليه:

(( هل يمكن القول إن النتائج المستخلصة من قبل العلماء السابقين تجعل من غير الضروري إعادة البحث في هذا الموضوع؟ وهل أصبح مهمة الخلَف محدودة في تدوين هذه النتائج الجاهزة، وبالنظر إليها كأنها الكلمة الأخيرة حول حقيقة الأشياء؟))

الجواب في تقديري هو النفي لسببين:

- أولهما أنه بقدر ما تتطور معارفنا حول الطبيعة والنفس البشرية، وكلما اكتسبنا سببا جديدا يحملنا على أن نرى الأشياء من زاوية مختلفة، فإن ذلك يدعونا إلى أن نضع المشكلات حين ندرسها بما يتفق وهذا الجديد من العلم. والمسألة الدينية عموما -وبشكل خاص المسألة القرآنية- لا تخرج عن هذه القاعدة.

- وثانيهما: لأن مهمة الأجيال التي أتت وستأتي بعد الأجيال الأولى للإسلام لا يمكن قصرها على مجرد جمع المعلومات وتخزينها في الذاكرة ومن ثم نشرها، وإنما هي مكلفة أيضا بالمساهمة بجهدها ودورها في خدمة (الحقيقة)، والبحث بوسائلها الذاتية عما يتعين اتخاذه في سبيلها. أضف إلى ذلك أن التشكيك في (الحقيقة) قائم ودائم ويجدد وسائله وأساليبه ومقولاته، بحسب ما يتوفر لديه من أدوات معرفية جديدة، وهو ما يشكل تحديا يفرض على كل جيل من الأجيال أن يتعامل مع واقعه وفق هذه المستجدات والمتغيرات بما يسمح له بالاستمرار في خدمة (الحقيقة).
 
في تقديري ليس هناك أي داع نقلي أو عقلي يستوجب على السلف أن يكونوا على علم كلي بجميع المعاني المضمنة في الوحي الذي يخاطب العالمين، في كل زمان ومكان. كما أن عكس ذلك لا يعني بالضرورة أن الله خاطب الصحابة بما لا يعلمون.

فالخطاب القرآني موجه للبشرية جمعاء، وكل جيل محتاج لفهم الخطاب القرآني بالقدر الذي يلبي حاجته في عصره وعالمه.


ا[align=center]لقرآن جاء هدى وشفاء ومنهاجاً وشرعة يعني شريعة للأمة بأفرادها وأسرها ومجتمعاتها ودولها بل للبشرية جميعاً .

ولذلك فهو منهج اعتقادي وعملي يجب أن يحكم حياة الناس ولا يحكم حياة الناس إلا بتفسير له لأن القرآن كلام الله - عزّ وجلّ – يحتاج إلى أن تسنبط منه القواعد والأحكام التي يرجع إليه المسلمون في تطبيقاتهم وأعمالهم بأفرادهم ومجموعاتهم؛ فمن هنا لابد من تفسيره لكن من الذي يفسره ؟


القرآن:

أولاً: يخضع لمنهج الاستدلال


والثاني: وهو أن القرآن يجب أن يفسر بالقواعد المتفق عليها عند أهل الحق بصرف النظر عما أحدثه أهل الباطل والزيغ فإنهم قد يفسرون القرآن على مناهج غير مناهج السلف الصالح مناهج المؤمنين، فإذاً: تفسيراتهم غير معتبره ؛لأن التفسير المعتبر للقرآن هو:

أولاً: تفسير القرآن بالقرآن على مقتضى قواعد الاستدلال.

ثانياً: تفسير القرآن بسنة النبي – صلى الله عليه وسلم – القولية والفعلية والتقريرية .

ثالثاً: تفسير القرآن بالتطبيقات للمجتمع المسلم في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – فإن أكثر القرآن طبقه النبي – صلى الله عليه وسلم – بمفرده وبالجماعة التي كانت في عهده - صلى الله عليه وسلم – جماعة الصحابة .

فأما بمفرده فإنه كما قالت: عائشة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ( كان خلقه القرآن ) يتمثل القرآن في سلوكه وأعماله ،في علاقته بربه، في علاقته بمن حوله، في علاقته بالخلق فهذا- إذاً - تفسير قطعي للقرآن.

رابعاً: تفسير القرآن بفعل الصحابة ،بتفسيرات الصحابة، بمفاهيمهم، وتفسيراتهم، وتطبيقاتهم فإن هناك كثيراً من أحوال الناس استجدت بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – في عهد الخلفاء الراشدين لأن الأمة في عهد الخلفاء الراشدين عاشت ما يشبه الطفرة في نشر الإسلام يعني زادت رقعة الأمة الإسلامية أضعافاً، وزادت أعداد الأمم التي دخلت في الإسلام كماً وكيفاً جغرافياً وأممياً بأضعاف ما كانت في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – فهذا احتاج إلى ممارسة تصديقات للدين لابد أن تؤخذ بمقتضى النصوص، طبق الصحابة في عهد الخلفاء الراشدين أكثر صور مناهج الدين، فمن هنا يكون فعلهم حجة، هو تفسير للقرآن لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لما ذكر الاختلاف قال: ( عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) ثم أيضاً تفسير القرآن بفهوم الصحابة على مقتضى اللغة لأن الصحابة أصحاب لغة يفقهون العربية فقهاً فطرياً ذاتياً غير متكلف، ما كانوا يحتاجون أن يدرسوا القواعد والنحو كما ندرس ولذلك يكون فقهنا للغة - مهما بلغنا في الدراسة وتعمقنا- لأن أولئك كانوا عرباً بالسليقة،فكانوا يفسرون القرآن وتفسيرهم تراث موجود الآن عظيم بين أيدينا، تفسير قولي وفعلي ،وتفسير تطبيقات.


خامساً: تفسير القرآن أيضاً بفهم السلف الصالح على مناهج الدين ومقتضى القواعد المعتبرة في التفسير.

- ولا يجوز تفسير القرآن بالرأي المجرد. الرأي السليم يستخدم في استنباط المعاني من القرآن في الأمور الاجتهادية، أقول هذا لأن بعض الناس يظن أن السلف يحجرون على الرأي، لا بل السلف هم أفضل من يستخدم الرأى على وجهه، بل إنهم استخدموا أقصى ما يمكنهم من طاقة في الاستفادة من الرأي والعقل السليم على وجه شرعي سليم فمن القول بالرأي المذموم هو أن يقول الإنسان في تفسير القرآن برأيه المجرد من غير مراعاة لقواعد التفسير ، ومن غير أهلية كأن لا يكون عنده العلم الكافي والرسوخ .

أما إذا توفر عند العالم الأهلية والرسوخ والقدرة فإن استخدام الرأي في استنباط الاجتهاديات هذا يسمى اجتهاداً ؛ لأن الرأي المذموم فهو الرأي المجرد من استعمال القواعد الصحيحة في الاستدلال .

الرأي المجرد أي الرأي الذي لا يكون سائغاً لا يكون على وجه شرعي صحيح هو من القول على الله بغير علم، والله - عزّ وجلّ – ذم ذلك وجعله قرين الشرك ونهي عنه في قوله - سبحانه وتعالى – ﴿ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴿[الاسراء:36] .
[/align]
 
الأخت (محبة القرآن).
أقدّر ما كتبت، ولم أجد علاقة حقيقية بين كلامي وبين تعقيبك، إلا في أمور عمومية.
 
بوركت،أخي الكريم...

ولكن كان المقصد من كلامي هو المرجع في فهم كتاب الله: هو النصوص المبينة لها، وفهم السلف الصالح، ومن سار على منهجهم من الأئمة.
 
أخي محمد بن جماعة ، حياك الله ، واسمح لي أن أقول لك إن تصوير المسألة ـ من جهتي ـ لم يكتمل ، فأقول :
لا يمكن أن يكون فهم السلف للقرآن ناقصًا ، بل فهموه كله على وجه صحيح من وجوه التأويل ، ولم يغب عنهم أحد وجوه تأويله الصحيحة ، وإن لم يأت عنهم كل ما يحتمله القرآن من وجوه التأويل لعدم ظهور ما يدعو إليها آنذاك .
والمتأخرون قد يزيدون وجوهًا صحيحة لا تنقض ما كان عليه السلف ، وهذه الزيادات قد سار عليها علماء الأمة جيلاً بعد جيل .
أما أن يكون فهم السلف ناقصًا ، ولم يقع لهم فهم لجملة من القرآن على وجه صحيح معتبر ، وفهمناه نحن ـ المتأخرين ـ فهذا هو محطُّ الإشكال ، وهو الذي لا أراه كائنًا .
وبهذا التنبيه يمكن القول بأن القرآن مفتوح لفهم العلماء ، لكن بشرط أن لا يأتي فهم متأخرٍ على قول السلف بالإبطال ؛ لأنه يلزم من ذلك أن الأمة لم تكن تعلم خطاب ربها على وجه صحيح معتبر طيلة هذا الوقت ، حتى جاء هذا القول المتأخر ,
أرجو أن تتأمل هذا التوضيح ، ولك ولكل المداخلين أجمل تحية وتقدير .
 
أخي محمد بن جماعة ، حياك الله ، واسمح لي أن أقول لك إن تصوير من جهتي المسألة لم يكتمل ، فأقول :
لا يمكن أن يكون فهم السلف للقرآن ناقصًا ، بل فهموه كله على وجه صحيح من وجوه التأويل .
والمتأخرون قد يزيدون وجوهًا صحيحة لا تنقض ما كان عليه السلف ، وهذا الذي سارت عليه الأمة جيلاً بعد جيل .
أما أن يكون فهم السلف ناقصًا ، ولم يقع لهم فهم لجملة من القرآن على وجه صحيح معتبر ، وفهمناه نحن المتأخرين فهذا هو محطُّ الإشكال ، وهو الذي لا أراه كائنًا .
وبهذا التنبيه يمكن القول بأن القرآن مفتوح لفهم العلماء ، لكن بشرط أن لا يأتي فهم متأخرٍ على قول السلف بالإبطال ؛ لأنه يلزم من ذلك أن الأمة لم تكن تعلم خطاب ربها على وجه صحيح معتبر طيلة هذا الوقت ، حتى جاء هذا القول المتأخر.
أرجو أن تتأمل هذا التوضيح ، ولك ولكل المداخلين أجمل تحية وتقدير .

أحسن الله إليك أخي الفاضل. والتوضيح أزال اللبس (عندي على الأقل).

نعم، لا أظن أحدا يجادل في (أن السلف قد فهموا القرآن كله على وجه صحيح أو معتبر من وجوه التأويل). وهذا التقييد دقيق، ويعني احتمال وجود أوجه أخرى صحيحة ومعتبرة من أوجه التأويل لم يقل بها السلف، أو لنقل: لم يصلنا كلام من السلف بشأنها، فربما قالوه وربما لم يكن هناك داع معرفي لديهم كي يتداولوه بينهم.

وهذا هو المعنى الذي أفهمه من عبارة د. جمال أبو حسان: (ليس تفسير القرآن مقتصرا على فهم السلف)، وقوله أيضا: (القول بعدم الخروج عن اقوال السلف في التفسير تضييق لا حجة له مع شديد الاحترام لما قالوه). فهو وصف سليم لا غبار عليها.
 
إذا كان هذا هو ما فهمته من كلام حبيبنا أبي محمد الدكتور جمال ، فالذي يظهر لي أنه لا يريد ذلك ، وإلا لما قال بأن المرة الثانية لم تأت بعد ، ولعله يشاركنا في هذا .
وأقول لك في هذه المسألة على الترتيب الذي ذكرته لك ليتبين موطن الخلاف .
1 ـ السلف فهموا أن المرتين قد وقعتا وانتهتا .
2 ـ القول بأن الثانية لم تقع ينقض قول السلف .
الأسلوب الصحيح : أن نقول :
إن المرتين قد وقعتا كما فهم السلف ، ونحن نعيش مرةً غيرها ، وهي تدخل في قوله تعالى : (وإن عدتم عدنا ) .
وبهذا يكون ما قاله السلف وفهموه صحيح معتبر ، وما قاله المعاصرون صحيح معتبر .
وموطن النزاع : تصحيح فهم السلف في وقوع المرتين وانتهائهما .
وكلام حبيبنا جمال يخالف هذا التحليل الذي ذكرته لك .
وإن كنت أخطأت في فهم كلامه ، فلعله يصوبني .
 
عفوا:

فيبدو أن أبا عبد الملك قد عدّل عبارته قليلا بعد إرسالها، (وهذا يحصل لي أيضا). وقد أجبت بناء على ما قرأت في تعقيبه قبل التعديل.

فقد لاحظت أنه اضاف تقييدات أخرى ما زالت تستدعي النظر في تقديري. وهذه عبارة د. مساعد بكاملها:

1- لا يمكن أن يكون فهم السلف للقرآن ناقصًا، بل فهموه كله على وجه صحيح من وجوه التأويل.
2- ولم يغب عنهم أحد وجوه تأويله الصحيحة، وإن لم يأت عنهم كل ما يحتمله القرآن من وجوه التأويل لعدم ظهور ما يدعو إليها آنذاك.
3- والمتأخرون قد يزيدون وجوهًا صحيحة لا تنقض ما كان عليه السلف، وهذه الزيادات قد سار عليها علماء الأمة جيلاً بعد جيل.
4- أما أن يكون فهم السلف ناقصًا، ولم يقع لهم فهم لجملة من القرآن على وجه صحيح معتبر، وفهمناه نحن المتأخرين فهذا هو محطُّ الإشكال، وهو الذي لا أراه كائنًا .


أما الجزء الأول والجزء الثالث من العبارة، فأتفق معهما، وهما مدار تعقيبي السابق. والخلاف في الثاني والرابع:

أما الثاني فلا أرى داعيا شرعيا أو عقليا للزومه (ولم يغب عنهم أحد وجوه تأويله الصحيحة). كما أنه ليس لدينا أي قدرة لتأكيد ذلك.

وأما الرابع (أما أن يكون فهم السلف ناقصًا، ولم يقع لهم فهم لجملة من القرآن على وجه صحيح معتبر..) ففي العبارة أيضا نظر (ويبدو لي أن في شطريها بعض التناقض):

فالقول بوجود أوجه صحيحة معتبرة لم يقلها السلف (أو لم تبلغنا عن السلف) لا يعني بالضرورة أن فهم السلف كان ناقصا. فالمسالة كما ذكرتها في تعقيبي السابق متعلقة أساسا بفهم السلف على مقدار حاجتهم المعرفية، والأدوات المعرفية المتوفرة في عالمهم وعصرهم. وبهذا المقياس لا يمكن وصف فهم السلف بأنه ناقص.

وفعلا: لا يمكن للسلف، في تقديري، أن تمر عليهم جملة من القرآن (دون أن يقع لهم فهمها على وجه صحيح معتبر) بمقدار حاجتهم المعرفية والواقعية. ولكن هل يلزم من هذا أن يكون السلف قد اكتشفوا أو بلّغوا كل الأوجه الصحيحة المعتبرة في فهم كل جملة من القرآن؟
أظن أن تأكيد ذلك أمر لا يمكن الاستدلال عليه.

وأعود لملاحظة إضافية حول عبارة (النقص في الفهم):
فعلا، لا يمكن وصف فهم السلف بالنقص، بل لا شك في أن فهمهم كان كاملا، ولكن بالنظر لحاجتهم وواقعهم.
والإشكال إنما يقع للعصور التالية، ولعصرنا نحن من باب أولى، حين تتوفر أدوات معرفية إضافية وحاجات معرفية جديدة، ثم لا نوظف هذه الأدوات لخدمة تلك الحاجات. فعندها لا شك في أن فهمنا يصبح ناقصا.

ولعل هذا بعض مما يمكن فهمه من الآية الأخيرة من سورة البقرة :

(( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ))

محبكم.
 
قولكم حفظكم الله : ( أما الثاني فلا أرى داعيا شرعيا أو عقليا لزومه (ولم يغب عنهم أحد وجوه تأويله الصحيحة). كما أنه ليس لدينا أي قدرة لتأكيد ذلك) .
هذا إن كنتم ترونه يصدق عليكم ـ حفظكم الله ـ لعدم ممارستكم علم التفسير . أما أنا فأقول ـ وأعوذ بالله من ذلك ـ إنني قد توصلت إلى هذه بالاستقراء بما لم يدع عندي مجالاً للشك في هذه القضية ، وأنا ـ ولله الحمد ـ لم يضق بي درب النظر في أقوالهم بعد أن تدربتُ على كتاب أبي جعفر الطبري وابن عطية وابن تيمية وابن القيم وولي الله الدهلوي وغيرها مما يطول ذكره .
وأقول لك : إن من الخلل الذي أراه عند بعض من يمارس التفسير هو عدم فهمه لوجه تفسير بعض السلف ، ولا يدري كيف جاء كلامهم في هذه الآية أو تلك ، وتراه يسارع في تضعيف القول أو يعرض عنه فلا يذكره لعدم بصره بصحته من جهة المعنى أو عدم قدرته على ردِّه .
وأقول : لو وضعنا للسلف اعتبارهم في العلم ، واجتهدنا في تخريج أقوالهم والاحتجاج لهم كما نفعل في تخريج أقوال من نحب من أشياخنا وأحبابنا لما ضاق بنا فضاء التوجيه لأقوالهم ، لكني أرى أن القصور يصيبنا بسبب مقدمات علمية ، وقواعد ذهنية قد اصطبغت بعقولنا ، ولم نستطع الفكاك منها ، فصرنا نحكِّمها على قول من سبقنا ، ونلزمهم بما لم يكن لهم به علم ، ولا هو من مصطلحاتهم .
ولا زلت أدعو إلى أن نقرأ تفسير السلف ، وأن نجتهد في فهمه ، وبهذا سيكون عندنا من سعة الأفق ما لايضيق بنا ، وسيكون عندنا من المعرفة بكيفية الزيادة على أقوالهم ، والتخريج عليها ما يجعل التفسير مجالاً رحبًا يفتح لنا من آفاق المعرفة الشيء الكثير .
لكن الذي أراه في بعض من يتعاطى التفسير عدم اعتداده بقولهم ، أو سهولة الاعتراض عليهم فيما وقع عندهم فيه اتفاق أو إجماع ، والدعوى عليهم بأنهم بشر غير معصومين ، وأننا لسنا ملزمين بفهمهم ، وهذه الإطلاقات فيها نظر وتفصيل ، ولعلي أبنت عن تلخيص له في المداخلة السابقة ، والله الموفق .
 
لا أشك في أن كثيرا من الأمور تخفى علي لعدم تخصصي في علم التفسير. وأسأل الله عز وجل أن يغفر لي هذا التقصير.

وأدعو الله لك، مخلصا، بالتوفيق والبركة في الوقت كي تظهر ما خفي من درر السلف (ولا أشك في ضرورة الاهتمام بها والاستفادة منها أكثر). وأنا وأمثالي عالة عليكم في هذا الأمر.

ويبقى الموضوع غير محسوم لدي، ومدعاة للاستمرار في البحث والتأمل.
 
ارجو ان يتكرم الحبيب ابو عبد الملك وبقية الاخوة الفضلاء بالاطلاع على البحث المرفق في اول مشاركة في هذا الحوار واظن انني اجبت عن كثير من المسائل واسر سرورا بالغا بانتقادات الاخوة العلمية الهادفة الى تحسين الاداء في البحث
 
قرأت هذا الطرح أيضا للدكتور طارق السويدان وفقه الله ،

وبحثت حينها هل لهذا القول من سلف فلم أجد ،

وزادني تأكيدا هذا البحث الجميل المفيد ،

فشكر الله لك هذا الجهد وتقبله منك ،

وقول ليس له سلف لا بركة فيه .

[align=center]لاشك أن القول الصواب هو ما تفضل به الشيخ أبوصالح المدني,
لكنني أعتب على الشيخ عصام العويد, فإنني انتظرت في تعقيبه
أن يضيف برهاناً, وإذا به يفاجئنا بقوله عن اجتهاد الشيخ صالح:
إنه (لابركة فيه)، والحقيقة أن هذا كلام رخيصٌ يحسنه كل أحد،
وهو أشبه ما يكون بنزوات الظافر في حومة القتال.

وحسبنا أن الشيخ صالحاً المغامسي مجتهدٌ يملك الآلة, وهو بين
الأجرين -إن شاء الله، لكن الدَّاء الدويّ أن ينفِر لتفسير القرآن
طائفةٌ من (الوعاظ) و (القصاص)، ويأتي أحدهم بتفسيرِ لا سلف
له فيه ولاخلف، وربما وقف حكماَ بين العلماء أطت لهم المنابر،
وصرَّت بأناملهم الأقلام.

نسأل الله أن يعصمنا من الزلل، وأن يجنبنا هذر القول.[/align]
 
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين :
وبعد هذه مشاركة متواضعه أرجو أن تتسع لها صدوركم أردت بها التنبيه على قضية وهي أن المسائل الخلافية لا يمكن الجزم فيها بشيء إلا من باب القناعة الشخصية ، لأن الخلاف إذا وقع لا يمكن رفعه ، وتبقى المسألة محل اجتهاد ، والتحجير على الأراء ليس من منطق العلماء ، وكل ما بوسع العالم في المسائل الخلافية إلا أن يقول مقولة الشافعي رحمه الله تعالى : قولنا صواب يحتمل الخطأ ، وقول الآخر خطأ يحتمل الصواب .
وأبدأ مشاركتي هذه وهي الأولى في هذا المنتدى المبارك بالتعقيب على مقولة الأخ الفاضل صالح المدني فأقول:
يقول أخونا المبارك صالح المدني حفظه الله :

"وأحب هنا أن أنقل للقارئ الكريم طرفا يسيرا ونزرا قليلا من أقوال الأئمة في هذه الآية، والمراد بالإفسادين الواقعين من بني إسرائيل ليكون القارئ على بينة ظاهرة وحجة قاطع"
وأنا أسأل : أين الحجة القاطعة؟
فما أرودتَه عن ابن جرير وبن عساكر عن الصحابة رضوان الله عليهم آثار ضعيفة ، والضعيف لا تقوم به حجة ، فضلاً أن يكون حجة قاطعة في المسألة.
ثم إنَّ ما ذكر عن السلف لم يكن قولاً واحداً في المسألة وهذا يدل على أن المسألة محل اجتهاد ، قال بن كثير في تفسيره :
"وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف في هؤلاء المسلطين عليهم: من هم؟ فعن ابن عباس وقتادة: أنه جالوت الجَزَريّ وجنوده، سلط عليهم أولا ثم أديلوا عليه بعد ذلك. وقتل داود جالوت؛ ولهذا قال: { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا }
وعن سعيد بن جبير: أنه ملك الموصل سنجاريب وجنوده. وعنه أيضًا، وعن غيره: أنه بختنصر ملك بابل.
وقد ذكر ابن أبي حاتم له قصة عجيبة في كيفية ترقيه من حال إلى حال، إلى أن ملك البلاد، وأنه كان فقيرًا مقعدًا ضعيفًا يستعطي الناس ويستطعمهم، ثم آل به الحال إلى ما آل، وأنه سار إلى بلاد بيت المقدس، فقتل بها خلقًا كثيرًا من بني إسرائيل.
وقد روى ابن جرير في هذا المكان حديثًا أسنده عن حذيفة مرفوعًا مطولا وهو حديث موضوع لا محالة، لا يستريب في ذلك من عنده أدنى معرفة بالحديث! والعجب كل العجب كيف راج عليه مع إمامته وجلالة قدره! وقد صرح شيخنا الحافظ العلامة أبو الحجاج المزي، رحمه الله، بأنه موضوع مكذوب، وكتب ذلك على حاشية الكتاب.
وقد وردت في هذا آثار كثيرة إسرائيلية لم أر تطويل الكتاب بذكرها؛ لأن منها ما هو موضوع، من وضع بعض زنادقتهم، ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحًا، ونحن في غُنْيَة عنها، ولله الحمد."
تفسير ابن كثير - (ج 5 / ص 47)
وهذا الخلاف في من سلط عليهم يدل على أن القول في وقوع الافسادتان لا يستند إلى دليل صحيح ثابت.
وهل يعنى هذا الكلام أن السلف لم يفهموا معنى الآية ؟
قطعاً: لا ، فالسلف ابتداءً من الصحابة فمن بعدهم قد فهموا المعنى العام من الآية ، وهو كما قال بن كثير رحمه الله تعالى:
"يقول تعالى: إنه قضى إلى بني إسرائيل في الكتاب، أي: تقدم إليهم وأخبرهم في الكتاب الذي أنزله عليهم أنهم سيفسدون في الأرض مرتين ويعلون علوًا كبيرًا، أي: يتجبرون ويطغون ويفجرون على الناس كما قال تعالى: { وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ } [ الحجر: 66 ] أي: تقدمنا إليه وأخبرناه بذلك وأعلمناه به.
وقوله: { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا } أي: أولى الإفسادتين { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي: سلطنا عليكم جندًا من خلقنا أولي بأس شديد، أي: قوة وعدة وسلطة شديدة { فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ } أي: تملكوا بلادكم وسلكوا خلال بيوتكم، أي: بينها ووسطها، وانصرفوا ذاهبين وجائين لا يخافون أحدا { وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا }" تفسير ابن كثير - (ج 5 / ص 47)
ثم قال:
وقوله: { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ } أي: المرة الآخرة أي: إذا أفسدتم المرة الثانية وجاء أعداؤكم { لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ } أي: يهينوكم ويقهروكم { وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ } أي بيت المقدس { كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي: في التي جاسوا فيها خلال الديار { وَلِيُتَبِّرُوا } أي: يدمروا ويخربوا { مَا عَلَوْا } أي: ما ظهروا عليه { تَتْبِيرًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ } أي: فيصرفهم عنكم { وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا } أي: متى عدتم إلى الإفساد { عُدْنَا } إلى الإدالة عليكم في الدنيا مع ما ندخره لكم في الآخرة من العذاب والنكال، ولهذا قال [تعالى] { وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا } أي: مستقرًا ومحصرًا وسجنًا لا محيد لهم عنه. تفسير ابن كثير - (ج 5 / ص 48)
وأعتقد أن هذا القدر من المعنى واضح لكل أحد .فهل يكفي هذا القدر للقول أن السلف فهموا معنى الآية والمراد منها أم لا؟

أما قولك:
"وقفة مع سياق الآيات: المتأمل في سياق الآيات يتبين له قطعا أن الإفسادين قد وقعا من بني إسرائيل، وأن القوم المسلَّطين عليهم قوم كفار، وذلك من عدة أوجه:
1. قوله تعالى : ( وليتبروا ما علوا تتبيرا ) قال الشنقيطي : "تبّر كلاًّ منهم تتبيرًا، أي: أهلكهم جميعًا إهلاكًا مستأصلاً، والتتبير الإهلاك والتكسير، ومنه قوله تعالى: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً}" أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (ج 28 / ص 97). وقال ابن عاشور : والتتبِير : الإهلاك والإفساد . التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية - (ج 15 / ص 37).
والجهاد في الإسلام ليس فيه إفساد وتكسير، بل هو جهاد غرضه الأكبر الدعوة إلى الله، وليس الهدف منه إراقة الدماء والتكسير والإفساد في الأرض، وهذا يبين أن القوم المسلطين قوم كفار."
فأقول إن هذا الاستدلال فيه نظر للآتي:
أولاً : أن المراد بالعلو في الآية هو العلو بغير الحق وهو علو مقرون بالفساد ، وهذا النوع من العلو لا ضير في تتبيره وإزهاقه لا عقلاً ولا شرعاً.
ثانياً: هذا قد وقع شرعاً بفعل الله تعالى وبفعل عباده المؤمنين ، كما قال تعالى :
(وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39)) سورة الفرقان
وقال تعالى:(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ) سورة الحشر(2)
وقال تعالى : ( وَأَنزَلَ الذين ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الكتاب مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرعب فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا ) الأحزاب : 26-27.
أما قولك:
2. قوله تعالى : ( عسى ربكم أن يرحمكم ) وعسى من الله واجبة، كما قال ذلك ابن عباس رضي الله عنهما فيما أخرجه ابن المنذر والبيهقي. انظر: الدر المنثور - (ج 1 / 587،) فهل يعقل أن يقال أن الله سيرحم بني إسرائيل وهم على دينهم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ؟!! أم أن المقصود الظاهر من الآية أن الله يرحمهم إذا عادوا للتمسك بدينهم، وهذا إنما يقال حين كان دينهم صحيحا."
هذا أيضا فيه نظر ، لأن أهل التفسير قالوا في تفسير الآية " { عَسَى رَبُّكُمْ } يا بني إسرائيل { أَنْ يَرْحَمَكُمْ } بعد انتقامه منكم فيرد الدولة إليكم { وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا } أي: إن عدتم إلى المعصية عدنا إلى العقوبة. قال قتادة: فعادوا فبعث الله عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون." تفسير البغوي - (ج 5 / ص 80)
فأقول هل كان بنو اسرائيل مرحومين قبل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم ولم تنزل بهم العقوبة حتى مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أم أنهم كانوا مضطهدين ومشردين في الأرض منذ تكذيبهم لعيسى عليه السلام ، بل من قبل ذلك فقد كانوا تحت حكم الدولة الرومانية في زمن بعثة المسيح عليه السلام؟

وبهذا يظهر لي على الأقل أن القطعية التي زعمتَ لا تثبت وتحتاج إلى دليل أوضح مما ذكرتَ ، وتبقى المسألة محل نظر واجتهاد .
وللحديث بقية ، هذا والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد.
 
أولاً : أشكر فضيلة الدكتور مساعد الطيار على مروره وإدلائه بدلوه.
وكم كنت أنتظر ذلك منه بفارغ الصبر.

ثانيًا : طال الكلام عن الأخذ بتفسير السلف الصالح، وأحب أن ألفت الانتباه إلى أن المسألة ليس فيها مخالفة لقول السلف فحسب، بل فيها مخالفة لأقوال جميع المفسرين السابقين، حتى نهايات القرن السابق. فهل يسوغ الأخذ به، والحال ما ذكرت ؟؟؟

والشكر لكل من كتب في الموضوع مريدًا الوصول للحق.
 
أولاً : أشكر فضيلة الدكتور مساعد الطيار على مروره وإدلائه بدلوه.
وكم كنت أنتظر ذلك منه بفارغ الصبر.

ثانيًا : طال الكلام عن الأخذ بتفسير السلف الصالح، وأحب أن ألفت الانتباه إلى أن المسألة ليس فيها مخالفة لقول السلف فحسب، بل فيها مخالفة لأقوال جميع المفسرين السابقين، حتى نهايات القرن السابق. فهل يسوغ الأخذ به، والحال ما ذكرت ؟؟؟

والشكر لكل من كتب في الموضوع مريدًا الوصول للحق.

الأخ الفاضل أبو صالح المدني:
الخلاف الدائر بين الأخوة ليس في مخالفة قول المتأخرين لقول السلف ، بل هل ما ذكر عن السلف يستند إلى دليل قطعي لا يجوز مخالفته ، أم أنه قول فيه نظر، وتبقى المسألة محل اجتهاد ، وكل قول فيها تسنده قرائن يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار؟
هذا هو محل الخلاف في نظري.
والله أعلم.
 
الأخ الفاضل أبو صالح المدني:
الخلاف الدائر بين الأخوة ليس في مخالفة قول المتأخرين لقول السلف ، بل هل ما ذكر عن السلف يستند إلى دليل قطعي لا يجوز مخالفته ، أم أنه قول فيه نظر، وتبقى المسألة محل اجتهاد ، وكل قول فيها تسنده قرائن يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار؟
هذا هو محل الخلاف في نظري.
والله أعلم.

جزاك الله خيرا.

وأضيف: بل حتى مخالفة السلف في بعض أقوالهم إن وجدت مسوغات مشروعة لمخالفتهم، ليست جرما.

مع احترامي للمخالفين.
 
عودة
أعلى