مساعد الطيار
مستشار
- إنضم
- 15/04/2003
- المشاركات
- 1,698
- مستوى التفاعل
- 5
- النقاط
- 38
إن مما لا يخفى على من نظر في الساحة العلمية المعاصرة ما تحظى به من تعدد الملقين من الشيوخ وطلاب العلم الكبار ، ومن المشاركين لهم في بعض فنون العلم ممن لهم في العلم شيء لا بأس به .
وإنني بصدد الحديث عن مشكلة تتكرر ، وهي أن بعض من تخصَّص في علم ما تراه فجأة ممن صار يُعنى بالتفسير ، وإذا به يفتح فيه حلقة أو ينشر فيه برنامجًا .
وترى آخر يأخذ كتابًا في أحد مجالات علوم القرآن فيشرحه للطلاب ، وإذا به ينحو به إلى العلم الذي برع فيه ، ولا ترى فيه تحقيقًا في أصل مسائل العلم التي عُني بها مؤلف الكتاب .
وآخر لا تراه إلا مرددًا عبارة : (فيه قولان) ، حتى صارت كل مسألة عنده لا تخرج عن كونها فيها قولان مكتفيًا بعرضهما ، ومعرضًا عن تحريرهما .
إن الذين يمكنهم الجمع بين العلوم قلَّة ، وإن من احترام الإنسان لذاته ، ومن احترامه لطلابه أن لا يذهب بهم كل مذهب في العلوم بدعوى التفنن .
وإن الساحة العلمية اليوم ـ ولله الحمد ـ مليئة بالمتخصصين ، وإن علينا أن نبعث فيهم روح تدريس هذا العلم الذي تخصصوا فيه ، وأن يكونوا مقصدًا للطلاب بدل أن نراهم منشغلون في غير ما تخصصوا فيه .
وأعود إلى من بدأت حديثي فيهم ، فأقول :
إن مما يؤسف عليه أن يخرج من له شعبية وقبول بدرس تفسير ، وتجد عليه ملاحظات من الجهة العلمية ، وذلك لأسباب متعددة ، منها :
ـ ضعف التحضير ، وعدم اكتمال المعلومة التي يريد المتحدث أن يبسط الحديث فيها ، فتراها تخرج هزيلة مفككة لا روح فيها .
ومنها الاعتداد بالنفس بالقدرة على الإلقاء ، والاكتفاء بذلك في تزيين الدرس بهذه القدرة ، حتى لا تكاد ترى ما يفيد في درس يستمر ساعة تلو أخرى .
ـ وإن من أكبرها عدم معرفة منهجية التفسير ، وعدم التمييز بين القول المقبول والقول المرذول ، وبين القول الصحيح والقول الشاذ الضعيف .
ـ ومنها الاعتراض على قول سائر معروف ، قال به كبار الصحابة والتابعين وأتباعهم ، وصار قولاً لجمهور الخالفين ، حتى لا يكاد يُذكر غيره .
ومنها الاستطراد العجيب في ذكر مسائل ثقافية لا علاقة للآية بها من قريب ولا من بعيد ، اللهم إلاَّ أنه ذُكِر فيها ذلك اللفظ ، فترى هذا الذي تعرض للتفسير يجر الكلام إلى أمور تتعلق بهذه اللفظة ، وهو كلام ثقافي وليس كلامًا في معنى الآية وتحرير اللفظة فيها .
وإن هذا الخلط العجيب الذي أراه بدأ يبرز في الساحة العلمية يحتاج منا إلى وقفات :
الأولى : إلى أولئك الذين منَّ الله عليهم بالجمهور المحبِّ لهم ، المتقبِّل منهم ، أقول : اتقوا الله في التفسير ، فإنما هو الرواية عن الله .
وأقول : إن الإعداد الجيد للدرس ، وعدم الذهاب إلى المخالفات والشذوذات ، وعدم الاستطرادات الغريبة التي لا علاقة للآية بها هو من أكبر سبل نجاح الدرس .
ولا يكن في حسِّك أن تقدم ما لم يأت به الأوائل ، فإن وجود هذا في حسِّ العالم وطالب العلم يشغله عن فهم العلم إلى البحث والتنقيب عن الغريب ، حتى يقع في شذوذات ومخالفات ، والجادة الجادة تسلموا .
إن من الخسارة العظيمة أن ترى هذا الجمهور العريض يستمع إلى أخطاء علمية لا يمكن تقويمها عندهم لثقتهم بمن يلقيها إليهم ، وإن من الخسارة أيضًا أن تتجه بوصلة بعض الفضلاء إلى ما لا يحسنون ، ويتركون ما يحسنون ، ولهم فيه أثر ظاهر ، فالله الله في أن يعرف كل واحد منَّا ما يحسن ، ويجتهد فيه ليفد أمته .
إن التخبط الذي يُنعى على المبتدئين في طلب العلم ، والذين يعبِّر عنهم بعض العلماء بأنهم ذوَّاقون كثيرو التنقل قد يقع عند بعض الدعاة والوعاظ والبارعون في علم ما ، فتراهم يتجهون إلى تدريس علم من العلوم بدعوى : أريد أن أستفيد !
إن التدريس في الهواء الطلق أمام جمهور الناس ليس هو مجال الاستفادة ، وإنما مجالها المدارسة الخاصة مع بعض الطلاب .
وإذا كان هؤلاء قد انصبوا إلى هذا الشأن ، وفتحوا دروس التفسير ، فما بال من يُعدُّ من المتخصصين يقصِّر في أداء هذه المهمة ، ولا ترى له أي نشاطٍ علمي في مجال تخصصه ؟!
الثانية : إلى المتخصصين ، فأقول : إن من أسباب بروز مثل هذه الظاهرة عزوف كثير من المتخصصين عن التصدي للعامة ، وإقامة الدروس والمحاضرات والدورات والندوات .
إننا أمام مشكلة تحتاج إلى دراسة ومدارسة ، وتستدعي النظر والتفكير في كثير من الدروس التي تقام في العلم الشرعي سواء أكان في التفسير أم في غيره .
وللحديث بقية في شأن آخر من هموم المتخصصين ، والله الموفق والمعين .
وإنني بصدد الحديث عن مشكلة تتكرر ، وهي أن بعض من تخصَّص في علم ما تراه فجأة ممن صار يُعنى بالتفسير ، وإذا به يفتح فيه حلقة أو ينشر فيه برنامجًا .
وترى آخر يأخذ كتابًا في أحد مجالات علوم القرآن فيشرحه للطلاب ، وإذا به ينحو به إلى العلم الذي برع فيه ، ولا ترى فيه تحقيقًا في أصل مسائل العلم التي عُني بها مؤلف الكتاب .
وآخر لا تراه إلا مرددًا عبارة : (فيه قولان) ، حتى صارت كل مسألة عنده لا تخرج عن كونها فيها قولان مكتفيًا بعرضهما ، ومعرضًا عن تحريرهما .
إن الذين يمكنهم الجمع بين العلوم قلَّة ، وإن من احترام الإنسان لذاته ، ومن احترامه لطلابه أن لا يذهب بهم كل مذهب في العلوم بدعوى التفنن .
وإن الساحة العلمية اليوم ـ ولله الحمد ـ مليئة بالمتخصصين ، وإن علينا أن نبعث فيهم روح تدريس هذا العلم الذي تخصصوا فيه ، وأن يكونوا مقصدًا للطلاب بدل أن نراهم منشغلون في غير ما تخصصوا فيه .
وأعود إلى من بدأت حديثي فيهم ، فأقول :
إن مما يؤسف عليه أن يخرج من له شعبية وقبول بدرس تفسير ، وتجد عليه ملاحظات من الجهة العلمية ، وذلك لأسباب متعددة ، منها :
ـ ضعف التحضير ، وعدم اكتمال المعلومة التي يريد المتحدث أن يبسط الحديث فيها ، فتراها تخرج هزيلة مفككة لا روح فيها .
ومنها الاعتداد بالنفس بالقدرة على الإلقاء ، والاكتفاء بذلك في تزيين الدرس بهذه القدرة ، حتى لا تكاد ترى ما يفيد في درس يستمر ساعة تلو أخرى .
ـ وإن من أكبرها عدم معرفة منهجية التفسير ، وعدم التمييز بين القول المقبول والقول المرذول ، وبين القول الصحيح والقول الشاذ الضعيف .
ـ ومنها الاعتراض على قول سائر معروف ، قال به كبار الصحابة والتابعين وأتباعهم ، وصار قولاً لجمهور الخالفين ، حتى لا يكاد يُذكر غيره .
ومنها الاستطراد العجيب في ذكر مسائل ثقافية لا علاقة للآية بها من قريب ولا من بعيد ، اللهم إلاَّ أنه ذُكِر فيها ذلك اللفظ ، فترى هذا الذي تعرض للتفسير يجر الكلام إلى أمور تتعلق بهذه اللفظة ، وهو كلام ثقافي وليس كلامًا في معنى الآية وتحرير اللفظة فيها .
وإن هذا الخلط العجيب الذي أراه بدأ يبرز في الساحة العلمية يحتاج منا إلى وقفات :
الأولى : إلى أولئك الذين منَّ الله عليهم بالجمهور المحبِّ لهم ، المتقبِّل منهم ، أقول : اتقوا الله في التفسير ، فإنما هو الرواية عن الله .
وأقول : إن الإعداد الجيد للدرس ، وعدم الذهاب إلى المخالفات والشذوذات ، وعدم الاستطرادات الغريبة التي لا علاقة للآية بها هو من أكبر سبل نجاح الدرس .
ولا يكن في حسِّك أن تقدم ما لم يأت به الأوائل ، فإن وجود هذا في حسِّ العالم وطالب العلم يشغله عن فهم العلم إلى البحث والتنقيب عن الغريب ، حتى يقع في شذوذات ومخالفات ، والجادة الجادة تسلموا .
إن من الخسارة العظيمة أن ترى هذا الجمهور العريض يستمع إلى أخطاء علمية لا يمكن تقويمها عندهم لثقتهم بمن يلقيها إليهم ، وإن من الخسارة أيضًا أن تتجه بوصلة بعض الفضلاء إلى ما لا يحسنون ، ويتركون ما يحسنون ، ولهم فيه أثر ظاهر ، فالله الله في أن يعرف كل واحد منَّا ما يحسن ، ويجتهد فيه ليفد أمته .
إن التخبط الذي يُنعى على المبتدئين في طلب العلم ، والذين يعبِّر عنهم بعض العلماء بأنهم ذوَّاقون كثيرو التنقل قد يقع عند بعض الدعاة والوعاظ والبارعون في علم ما ، فتراهم يتجهون إلى تدريس علم من العلوم بدعوى : أريد أن أستفيد !
إن التدريس في الهواء الطلق أمام جمهور الناس ليس هو مجال الاستفادة ، وإنما مجالها المدارسة الخاصة مع بعض الطلاب .
وإذا كان هؤلاء قد انصبوا إلى هذا الشأن ، وفتحوا دروس التفسير ، فما بال من يُعدُّ من المتخصصين يقصِّر في أداء هذه المهمة ، ولا ترى له أي نشاطٍ علمي في مجال تخصصه ؟!
الثانية : إلى المتخصصين ، فأقول : إن من أسباب بروز مثل هذه الظاهرة عزوف كثير من المتخصصين عن التصدي للعامة ، وإقامة الدروس والمحاضرات والدورات والندوات .
إننا أمام مشكلة تحتاج إلى دراسة ومدارسة ، وتستدعي النظر والتفكير في كثير من الدروس التي تقام في العلم الشرعي سواء أكان في التفسير أم في غيره .
وللحديث بقية في شأن آخر من هموم المتخصصين ، والله الموفق والمعين .