أبو فهر السلفي
New member
- إنضم
- 26/12/2005
- المشاركات
- 770
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
أما القرية في هذه الآية فهي مثل القرية في قوله سبحانه :{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}
وقوله : {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}
وقوله : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}
وهي نفسها القرية في قوله صلى الله عليه وسلم : ((وأيما قرية عصت الله ورسوله , فإن خمسها لله ولرسوله , ثم هي لكم )).
وقوله : ((فقرب الله عز وجل منه القرية الصالحة , وباعد منه القرية الخبيثة , فألحقوه بأهل القرية الصالحة)).
وقوله : ((إن نملة قرصت نبياً من الأنبياء , فأمر بقرية النمل فأحرقت , فأوحى الله إليه , أفي أن قرصتك نملةٌ أهلكت أمة من الأمم تسبح))
وذكر القرية والقرى في القرآن والحديث كثيرٌ , وفي ذلك كفايةٌ , وتلك الآيات والأحاديث كلها تدل على أن القرية بلسان العرب هي جماعةٌ من الناس لا ينتقلون تنقل البدو , وأرضهم التي يقيمون عليها , ودورهم المجتمعة غير المفترقة الآخذ بعضها ببعض , فلفظ القرية بلسان العرب لا يدل على الدور والأرض وحدها , كما حسب أولئك النحاة , ولا يدل على جماعةٍ من الناس وحدها , ولكنه يدل على جماعة الناس وأرضهم ومساكنهم , وهم أهل قرار لا يتنقلون تنقل البدو , ومساكنهم مجتمعة لاصقة بعضها ببعض غير متفرقة , وأهل قرار : أهل اجتماه وإقامة , وقرَّ الماء في الحوض اجتمع فيه وأقام , وعن ابن الأعرابي قال : المقرَّة الحوض الكبير يجمع فيه الماء , فلفظ القرية كذلك يدل على الاجتماع والإقامة , وهم جماعةٌ مقيمون وأرضهم وديارهم , فالكلام عن القرية هو كلامٌ عن جماعة من الناس في أرضهم وديارهم , أو كلام عن تلك الأرض والديار وفيها أولئك القوم , وقد تكون القرية صغيرة , أو كبيرةً جامعة , وقد تكون مدينةً , وقيل : يقال للقرية مدينة إذا بني بها حصنٌ ,وقيل غير ذلك .
فقول الله تعالى : ((واسأل القرية التي كنا فيها)) يقول بنو يعقوب لأبيهم : اسأل تلك الجماعة من الناس الذين كنا في أرضهم وديارهم , ومن كان من أهلها الذين ولدوا بها , ومن كان فيها من غيرهم , ممن قدمها للميرة مثلنا أو دخلها تاجراً , أو حلَّ بها ضيفاً , أو هاجر إليها , فكل من كان حاضراً في تلك القرية ؛ولو أرادوا أهل القرية = لكان الذين يشهدون لهم ويصدقوهم هم أهلها خاصة الذين ولدوا بها , وهم لم يريدوا ذلك , ولكن أرادوا أن كل من كان فيها يشهد لهم سواءٌ كان من أهل تلك القرية أو كان حاضراً بها من غيرهم .
فأولئك النحاة سيبويه وأبو عبيدة والأخفش والفراء , كانوا هم أول من زعم أن لفظ القرية يدل على الأرض والبنيان دون من فيها من الناس , وأن القرية لا تسأل , وأن أهل القرية هم كل من فيها من الناس , وأن قول الله تعالى : ((واسأل القرية)) فيه حذفٌ واختصارٌ , وأن تقديره : واسأل أهل القرية , وكل ذلك خطأٌ محدثٌ , وليست تلك الآية كما حسب أولئك النحاة , وأولئك النحاة وضعوا لفظ القرية غير موضعه , وكذلك وضعوا لفظ أهل القرية غير موضعه بلسان العرب , وليس لفظ القرية خاصة بالأرض والدور دون من فيها من الناس , ولا لفظ أهل القرية عاماً لكل من فيها من التاس , بل القرية جماعةٌ من الناس , أهل قرار ليسوا بدواً ينتقلون , وأرضهم التي يقيمون عليها ودورهم المجتمعة غير المفترقة الآخذ بعضها ببعضٍ , فكل ذلك القرية , الناس , والأرض , والدور وأهل القرية هم الذين ولدوا بها خاصة , وليس كل من فيها , وليس ((اسأل القرية)) بلسان العرب هو واسأل أهلها , ولكن اسأل أهلها , أي اسأل أولئك الذين ولدوا بها خاصَّة دون غيرهم ممن فيها , واسأل القرية أي :اسأل كل من حضر فيها من أهلها وغيرهم , وبنو يعقوب أرادوا من أبيهم أن يسأل تلك القرية , تلك الجماعة من الناس في تلك الأرض وتلك الدور , من شاء منهم , ولم يسألوه أن يسأل أهلها خاصة دون غيرهم ممن كان حاضراً بها , وما ينبغي أن يكون ذكر الأهل وحذفه في كلام الله تعالى , ولا في كلام العرب , سواء ولا فرق بينهما , فيكون ذلك اللفظ لغواً ذكره والسكوت عنه سواءٌ , وليس قول الله تعالى : ((كانت ظالمة)) , كقوله تعالى : ((إن أهلها كانوا ظالمين)) بل القرية الظالمة التي يكون فيها ظالمين سواءً كان ظلمهم فيها أو امتدَّ ظلمهم إلى غيرها , ولا حجَّة على أن تلك الآيات والأحاديث التي ذكر فيها قرية آمنت , وقرية عصت , وقريةٌ عتت , وقرية أخرجتك , وما يشبه ذلك , كلها فيها أهلٌ محذوف سكت عنه , وما يدل عليه لفظ القرية ولفظ أهل القرية ظاهرٌ بين في القرآن والحديث فلا حاجة إلى طلبه في أشعار العرب وأمثالهم .
والقرية ليست هي جماعة الرجال وحدهم , ولا هي الدور والبنيان وحدها , وهي كلهم جميعاً الناس والدور والبنيان ؛ و القرية مثل الإنسان , فكما أن الإنسان هو جسده ونفسه جميعاً , فكذلك القرية هي الناس والبنيان جميعا , وهذا هو الصواب الذي تشهد به تلك الآيات والأحاديث التي ذكر فيها لفظ القرية .
وقوله : {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}
وقوله : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}
وهي نفسها القرية في قوله صلى الله عليه وسلم : ((وأيما قرية عصت الله ورسوله , فإن خمسها لله ولرسوله , ثم هي لكم )).
وقوله : ((فقرب الله عز وجل منه القرية الصالحة , وباعد منه القرية الخبيثة , فألحقوه بأهل القرية الصالحة)).
وقوله : ((إن نملة قرصت نبياً من الأنبياء , فأمر بقرية النمل فأحرقت , فأوحى الله إليه , أفي أن قرصتك نملةٌ أهلكت أمة من الأمم تسبح))
وذكر القرية والقرى في القرآن والحديث كثيرٌ , وفي ذلك كفايةٌ , وتلك الآيات والأحاديث كلها تدل على أن القرية بلسان العرب هي جماعةٌ من الناس لا ينتقلون تنقل البدو , وأرضهم التي يقيمون عليها , ودورهم المجتمعة غير المفترقة الآخذ بعضها ببعض , فلفظ القرية بلسان العرب لا يدل على الدور والأرض وحدها , كما حسب أولئك النحاة , ولا يدل على جماعةٍ من الناس وحدها , ولكنه يدل على جماعة الناس وأرضهم ومساكنهم , وهم أهل قرار لا يتنقلون تنقل البدو , ومساكنهم مجتمعة لاصقة بعضها ببعض غير متفرقة , وأهل قرار : أهل اجتماه وإقامة , وقرَّ الماء في الحوض اجتمع فيه وأقام , وعن ابن الأعرابي قال : المقرَّة الحوض الكبير يجمع فيه الماء , فلفظ القرية كذلك يدل على الاجتماع والإقامة , وهم جماعةٌ مقيمون وأرضهم وديارهم , فالكلام عن القرية هو كلامٌ عن جماعة من الناس في أرضهم وديارهم , أو كلام عن تلك الأرض والديار وفيها أولئك القوم , وقد تكون القرية صغيرة , أو كبيرةً جامعة , وقد تكون مدينةً , وقيل : يقال للقرية مدينة إذا بني بها حصنٌ ,وقيل غير ذلك .
فقول الله تعالى : ((واسأل القرية التي كنا فيها)) يقول بنو يعقوب لأبيهم : اسأل تلك الجماعة من الناس الذين كنا في أرضهم وديارهم , ومن كان من أهلها الذين ولدوا بها , ومن كان فيها من غيرهم , ممن قدمها للميرة مثلنا أو دخلها تاجراً , أو حلَّ بها ضيفاً , أو هاجر إليها , فكل من كان حاضراً في تلك القرية ؛ولو أرادوا أهل القرية = لكان الذين يشهدون لهم ويصدقوهم هم أهلها خاصة الذين ولدوا بها , وهم لم يريدوا ذلك , ولكن أرادوا أن كل من كان فيها يشهد لهم سواءٌ كان من أهل تلك القرية أو كان حاضراً بها من غيرهم .
فأولئك النحاة سيبويه وأبو عبيدة والأخفش والفراء , كانوا هم أول من زعم أن لفظ القرية يدل على الأرض والبنيان دون من فيها من الناس , وأن القرية لا تسأل , وأن أهل القرية هم كل من فيها من الناس , وأن قول الله تعالى : ((واسأل القرية)) فيه حذفٌ واختصارٌ , وأن تقديره : واسأل أهل القرية , وكل ذلك خطأٌ محدثٌ , وليست تلك الآية كما حسب أولئك النحاة , وأولئك النحاة وضعوا لفظ القرية غير موضعه , وكذلك وضعوا لفظ أهل القرية غير موضعه بلسان العرب , وليس لفظ القرية خاصة بالأرض والدور دون من فيها من الناس , ولا لفظ أهل القرية عاماً لكل من فيها من التاس , بل القرية جماعةٌ من الناس , أهل قرار ليسوا بدواً ينتقلون , وأرضهم التي يقيمون عليها ودورهم المجتمعة غير المفترقة الآخذ بعضها ببعضٍ , فكل ذلك القرية , الناس , والأرض , والدور وأهل القرية هم الذين ولدوا بها خاصة , وليس كل من فيها , وليس ((اسأل القرية)) بلسان العرب هو واسأل أهلها , ولكن اسأل أهلها , أي اسأل أولئك الذين ولدوا بها خاصَّة دون غيرهم ممن فيها , واسأل القرية أي :اسأل كل من حضر فيها من أهلها وغيرهم , وبنو يعقوب أرادوا من أبيهم أن يسأل تلك القرية , تلك الجماعة من الناس في تلك الأرض وتلك الدور , من شاء منهم , ولم يسألوه أن يسأل أهلها خاصة دون غيرهم ممن كان حاضراً بها , وما ينبغي أن يكون ذكر الأهل وحذفه في كلام الله تعالى , ولا في كلام العرب , سواء ولا فرق بينهما , فيكون ذلك اللفظ لغواً ذكره والسكوت عنه سواءٌ , وليس قول الله تعالى : ((كانت ظالمة)) , كقوله تعالى : ((إن أهلها كانوا ظالمين)) بل القرية الظالمة التي يكون فيها ظالمين سواءً كان ظلمهم فيها أو امتدَّ ظلمهم إلى غيرها , ولا حجَّة على أن تلك الآيات والأحاديث التي ذكر فيها قرية آمنت , وقرية عصت , وقريةٌ عتت , وقرية أخرجتك , وما يشبه ذلك , كلها فيها أهلٌ محذوف سكت عنه , وما يدل عليه لفظ القرية ولفظ أهل القرية ظاهرٌ بين في القرآن والحديث فلا حاجة إلى طلبه في أشعار العرب وأمثالهم .
والقرية ليست هي جماعة الرجال وحدهم , ولا هي الدور والبنيان وحدها , وهي كلهم جميعاً الناس والدور والبنيان ؛ و القرية مثل الإنسان , فكما أن الإنسان هو جسده ونفسه جميعاً , فكذلك القرية هي الناس والبنيان جميعا , وهذا هو الصواب الذي تشهد به تلك الآيات والأحاديث التي ذكر فيها لفظ القرية .