هل يمكن أن ييأس الرسل؟!

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
{ اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ}
حرفا [السين والتاء] أول الفعل الأصل فيهما أنهما للطلب،
فهل طلب الرسل اليأس؟!

قال الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110].لقد حيرني ما ذهب إليه علماء التفسير من تأويل {استيأس الرسل} إذ أولوها باليأس من إيمان قومهم، أو اليأس من انتصار الله لهم؛ فإن قلبي لم يركن إلى هذا التأويل، ولم يطمئن إليه.


فلو تساءلنا: هل يمكن أن ييأس الرسل؟
قلت: لا، لو كان ذلك ممكنا ما بقي نوح عليه السلام يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، فضلا عن ذلك أنه لم يأت في كتاب الله ولا في حديث رسول الله عن نبي من الأنبياء أنه يئس من قومه قط، فقد كانوا صلوات الله عليهم يدعون أقوامهم دون كلل أو يأس، فإما أن يؤمن القوم، وإما أن ينزل بهم العذاب، وإما أن يقتل القوم نبيهم.

فإن قلتم: إن يونس عليه السلام قد يئس، وترك قومه وخرج.
قلت : غير صحيح، إن يونس لم ييأس، إنما يئس حين علم أن عذاب الله نازل بالقوم فخرج من بينهم، وكان خطؤه أنه خرج قبل أن يأذن له الله عز وجل..

وإني أرى رأيا آخر غير الذي ذهب إليه علماؤنا الأفاضل:
وكما قلنا سلفا: إن [السين والتاء] في الفعل {استيأس} الأصل فيهما أنهما للطلب، وليس المقصود هنا الطلب، وإنما المقصود استنفاد الطاقة في الدعوة واستنفاد كل السبل والحيل في دعوة الناس للإيمان،
فالغرض من [السين والتاء] هنا المبالغة في بذل الطاقة والجهد.


ولسيد قطب كلام بديع في تأويل الفعل [استيأس] قال رحمه الله : "تلك سنة الله في الدعوات، لا بد من الشدائد، ولا بد من الكروب، حتى لا تبقى بقية من جهد ولا بقية من طاقة ثم يجيء النصر بعد اليأس من كل أسبابه الظاهرة التي يتعلق بها الناس، يجيء النصر من عند الله، فينجو الذين يستحقون النجاة، ينجون من الهلاك الذي يأخذ المكذبين، وينجون من البطش والعسف الذي يسلطه عليهم المتجبرون، ويحل بأس الله بالمجرمين، مدمراً ماحقاً .. ذلك كي لا يكون النصر رخيصاً فتكون الدعوات هزلاً"


وقد ورد الفعل {استيأس} في آية أخرى تحمل نفس الدلالة وهي قول الله عز وجل في سورة يوسف: {فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: 80]،
إن الفعل {استيأسوا} هنا بمعنى يئسوا، فما قيمة السين والتاء؟
إنهما للمبالغة في بيان أنهم حاولوا مرارا مع يوسف، وأَلَحُّوا عليه إلحاحا شديدا ليأخذ أحدهم بدلا من أخيهم حتى فقدوا الأمل ويئسوا.
والله أعلم
د. محمد الجبالي
هذه الوقفة مع الفعل [استيأس] بعض فكرة في مشروع كتاب جديد، أرجو الله أن ييسر له الخروج قريبا.

 
بسم الله الرحمن الرحيم


إن يأس الرسل من إيمان قومهم لا يكون إلا بوحي وعلم ويقين

قال تعالى

﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين﴾١١٠ يوسف

وهنا جاء اليأس بعلم ويقين لقوله تعالى( وظنوا أنهم قد كذبوا ) والظن هنا بمعنى العلم واليقين

كقوله تعالى ﴿الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون﴾٤٦ البقرة


وكما حكى الله في قصة نوح عليه السلام قوله تعالى ﴿وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون﴾ ٣٦


ومن معاني اليأس العلم كما جاء في لسان العرب
ويَئِسَ يَيْئِسُ ويَيْأَس : عَلِمَ مثل حَسِب يَحْسِبُ ويَحْسَب :، قال سُحَيْم ابن وَثِيلٍ اليَرْبُوعي ، وذكر بعض العلَماء أَنه لولده جابر بن سُحَيْم بدليل قوله فيه : أَني ابنُ فارس زَهْدَم ، وزهدم فرس سحيم : أَقُولُ لَهُمْ بالشِّعْبِ إِذ يَيْسِرُونَني : أَلم تَيْأَسُوا أَني ابْنُ فارِسِ زَهْدَم ؟ يقول : أَلم تعْلمواِ
وقال القاسم بن مَعْن : يَئِسْتُ بمعنى عَلِمْت لغة هَوازِن ، وقال الكلبي : هي لغةَ وَهْبِيل حيّ من النَّخَع وهم رهط شَريكٍ ، وفي الصحاح في لغة النَّخَع .
وفي التنزيل العزيز : أَفَلَمْ يَيْأَس الذين آمنوا أَن لو يَشاء اللَّه لَهَدى الناسَ جميعاً ؛ أَي أَفَلم يَعْلَم



وهكذا فجميع الأنبياء قد عصموا من اليأس في دعوة قومهم حتى يأتيهم الوحي وهو العلم واليقين بذلك .



والله أعلم
 
السلام عليكم،
نعم ممكن أن ييأس الرسل من النصر حسب الآية أعلاه، ولا يعنى ذلك قلة إيمان أو شك منهم.

هناك أيضا الآية :

[FONT=&quot]وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله؟ ألا إن نصر الله قريب.

صدق الله العظيم

ونجد ايضا فى سورة يوسف والتى وردت بها (الآية موضوع هذه المشاركة) عذاب النبى يعقوب فى فقدان يوسف عليهما السلام وطال الفراق لسنوات طويلة.

[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
قال ابن تيمية رحمه الله: فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى إذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} الْآيَةُ: قِرَاءَتَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقْرَأُ بِالتَّثْقِيلِ وَتُنْكِرُ التَّخْفِيفَ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ - وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِهِ: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} مُخَفَّفَةً قَالَتْ - مَعَاذَ اللَّهِ لَمْ تَكُنْ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا - قُلْت: فَمَا هَذَا النَّصْرُ - {حَتَّى إذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ} بِمَنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَظَنَّتْ الرُّسُلُ أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ لَعَمْرِي لَقَدْ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ. وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ جريج سَمِعْت ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {حَتَّى إذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} خَفِيفَةً ذَهَبَ بِهَا هُنَالِكَ وَتَلَا {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} فَلَقِيت عُرْوَةَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: مَعَاذَ اللَّهِ وَاَللَّهِ مَا وَعَدَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ إلَّا عَلِمَ أَنَّهُ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ؛ وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ الْبَلَاءُ بِالرُّسُلِ حَتَّى ظَنُّوا وَخَافُوا أَنْ يَكُونَ مَنْ مَعَهُمْ يُكَذِّبُهُمْ؛ فَكَانَتْ تَقْرَؤُهَا: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} مُثَقَّلَةً. فَعَائِشَةُ جَعَلَتْ اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِنْ الْكُفَّارِ الْمُكَذِّبِينَ وَظَنَّهُمْ التَّكْذِيبَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ وَلَكِنَّ الْقِرَاءَةَ الْأُخْرَى ثَابِتَةٌ لَا يُمْكِنُ إنْكَارُهَا وَقَدْ تَأَوَّلَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَظَاهِرُ الْكَلَامِ مَعَهُ وَالْآيَةُ الَّتِي تَلِيهَا إنَّمَا فِيهَا اسْتِبْطَاءُ النَّصْرِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ: {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} فَإِنَّ هَذِهِ كَلِمَةٌ تُبْطِئُ لِطَلَبِ التَّعْجِيلِ. وَقَوْلُهُ: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} قَدْ يَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِ: {إذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} وَالظَّنُّ لَا يُرَادُ بِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الِاعْتِقَادُ الرَّاجِحُ كَمَا هُوَ فِي اصْطِلَاحِ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ فِي الْعِلْمِ وَيُسَمُّونَ الِاعْتِقَادَ الْمَرْجُوحَ وَهْمًا بَلْ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ} وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} . فَالِاعْتِقَادُ الْمَرْجُوحُ هُوَ ظَنٌّ وَهُوَ وَهْمٌ وَهَذَا الْبَابُ قَدْ يَكُونُ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ} وَقَدْ يَكُونُ مِنْ بَابِ الْوَسْوَسَةِ الَّتِي هِيَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ كَمَا ثَبَتَ {فِي الصَّحِيحِ أَنَّ الصَّحَابَةَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أَحَدَنَا لَيَجِدُ فِي نَفْسِهِ مَا لَأَنْ يُحْرَقَ حَتَّى يَصِيرَ حُمَمَةً أَوْ يَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ: أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: أَوَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ ذَلِكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ} وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: {إنَّ أَحَدَنَا لَيَجِدُ مَا يَتَعَاظَمُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ.} فَهَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي هِيَ تَعْرِضُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مِنْهَا مَا هُوَ ذَنْبٌ يَضْعُفُ بِهِ الْإِيمَانُ وَإِنْ كَانَ لَا يُزِيلُهُ. وَالْيَقِينُ فِي الْقَلْبِ لَهُ مَرَاتِبُ وَمِنْهُ مَا هُوَ عَفْوٌ يُعْفَى عَنْ صَاحِبِهِ وَمِنْهُ مَا يَكُونُ يَقْتَرِنُ بِهِ صَرِيحُ الْإِيمَانِ. وَنَظِيرُ هَذَا: مَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ؛ وَلَوْ لَبِثْت فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْت الدَّاعِيَ وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إبْرَاهِيمَ إذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} } وَقَدْ تَرَكَ الْبُخَارِيُّ ذِكْرَ قَوْلِهِ: " بِالشَّكِّ " لَمَّا خَافَ فِيهَا مِنْ تَوَهُّمِ بَعْضِ النَّاسِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} وَلَكِنْ طَلَبَ طُمَأْنِينَةَ قَلْبِهِ كَمَا قَالَ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالِاطْمِئْنَانِ سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكًّا لِذَلِكَ بِإِحْيَاءِ الْمَوْتَى كَذَلِكَ الْوَعْدُ بِالنَّصْرِ فِي الدُّنْيَا: يَكُونُ الشَّخْصُ مُؤْمِنًا بِذَلِكَ؛ وَلَكِنْ قَدْ يَضْطَرِبُ قَلْبُهُ فَلَا يَطْمَئِنُّ فَيَكُونُ فَوَاتُ الِاطْمِئْنَانِ ظَنًّا أَنَّهُ قَدْ كُذِّبَ فَالشَّكُّ مَظِنَّةُ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَهَذِهِ الْأُمُورُ لَا تَقْدَحُ فِي الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا هُوَ ذَنْبٌ فَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ مَعْصُومُونَ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي أَفْعَالِهِمْ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ أُصُولِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ. وَفِي قَصَصِ هَذِهِ الْأُمُورِ عِبْرَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يُبْتَلَوْا بِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَيْأَسُوا إذَا اُبْتُلُوا بِذَلِكَ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَدْ اُبْتُلِيَ بِهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَكَانَتْ الْعَاقِبَةُ إلَى خَيْرٍ فَلْيَتَيَقَّنْ الْمُرْتَابُ وَيَتُوبُ الْمُذْنِبُ وَيَقْوَى إيمَانُ الْمُؤْمِنِينَ فَبِهَا يَصِحُّ الاتساء بِالْأَنْبِيَاءِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} . وَفِي الْقُرْآنِ مِنْ قِصَصِ الْمُرْسَلِينَ الَّتِي فِيهَا تَسْلِيَةٌ وَتَثْبِيتٌ لِيَتَأَسَّى بِهِمْ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} . . . (1) وَلَنَا؛ لِأَنَّهُ أُسْوَةٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} وَقَالَ: {مَا يُقَالُ لَكَ إلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} وَقَالَ: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} ...
 
السلام عليكم،
نعم ممكن أن ييأس الرسل من النصر حسب الآية أعلاه، ولا يعنى ذلك قلة إيمان أو شك منهم.

هناك أيضا الآية :

[FONT=&quot]وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله؟ ألا إن نصر الله قريب.

صدق الله العظيم

ونجد ايضا فى سورة يوسف والتى وردت بها (الآية موضوع هذه المشاركة) عذاب النبى يعقوب فى فقدان يوسف عليهما السلام وطال الفراق لسنوات طويلة.

[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
معاذ الله أن ييأس الرسل أو يكون من خصالهم اليأس حيث رد يعقوب على بنيه حين استيأسوا بقوله
﴿يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون﴾٨٧ يوسف
 
{ اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ}
حرفا [السين والتاء] أول الفعل الأصل فيهما أنهما للطلب، فهل طلب الرسل اليأس؟!

السلام عليكم ورحمة الله ،
ليس الطلب هو المعنى الوحيد لهذا البناء ...(فصيغة استفعل) لها ثلاث معاني .

***الطلب .
***التحول أو الصيرورة.
***اعتقاد صفة الشي (وضع صفة الفعل على المفعول من قبل الفاعل).


مثال توضيحي ..عند الاخبار عن احدهم بصيغة الغائب ونقول (استجمل زيد الثوب) قد لايعرف المستمع مباشرة المعنى المقصود هل (المعنى الاول المتبادر) ، فهل طلب زيد من أحدهم إجراء تعديلات للثوب ليصبح جميلا (المعنى الاول) ،أوأن زيدا باشر بنفسه التحسينات المطلوبة للثوب(المعنى الثاني ) ، أو هل إعتقد زيد صفة الجمال في الثوب ووجده جميلا(المعنى الثالث).

قول الله تعالى (حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ ) ، فالاية خبر عنهم بصيغة الغائب ، فالمعنى الاول والمعنى الثاني ممتنعان في حق رسل الله ومقامهم الكبير عليهم السلام، قوله تعالى ( وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُون).
فالمعنى الثالث في إجتهادي والله أعلم ، وهو أن الإستياس كان مصدره اقوامهم ، فأتوا بكل الاقوال والافعال الدالة على إعراضهم ورفضهم للايمان ، وتوسم رسل الله فيهم هذه الصفة وايقنوها منهم .


والله أعلم
 
السلام عليكم،
نحن أمام موقفين مختلفين :
هناك الموقف الأول بسورة يوسف نرى فيه كيف أن أبناء يعقوب عليه السلام يسخرون من أبيهم وعلى طول إنتظاره وثقته فى عودة إبنه يوسف عليه السلام ، ويحاولون زرع اليأس فيه :

قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ، وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ، قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ، قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ.

وبناءا على هذا الموقف يمكننا تفسير الآية بأنها :

حَتَّىٰ إِذَا إسْتَيْأَسَ (الناس) الرُّسل (من النصر) وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ.
وتقرأ الرسل منصوبة.
أى أن الناس حاولوا زرع اليأس فى الرسل بعد طول إنتظار لنصر الله تعالى، ولكن الرسل لا ييأسون من تحقق النصر .

وهى تتوافق مع آية أخرى ليعقوب عليه السلام يقول فيها :
يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ


الموقف الثاني:
جاءت كلمة (إستيأس) فى نفس السورة بمعنى يأسوا من أنفسهم، أى جاء اليأس من النفس دون مؤثر آخر:
قالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُون،
فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا ۖ قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ ۖ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.
فتكون الآية :
حتى إذا إستيأس الرسل (من النصر) وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين.

وهنا الرسل تكون مرفوعة.
 
السلام عليكم،
حَتَّىٰ إِذَا إسْتَيْأَسَ (الناس) الرُّسل (من النصر) وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ.
وتقرأ الرسل منصوبة.
بالنصب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 
رغم ان الترجيح له اصول وقواعد ، لكن ارى تفسير الشيخ سيد قطب رحمه الله وجيه وواضح وبعيد عن التكلف ويتفق مع ما ورد فى ايات عديده من وعد الله للرسل بالنصر والتمكين ، فيكون توجيه الاية ان الرسل بذلوا كل الاسباب المأمور بها ، مع يقينهم بوعد الله ، وتيقنوا من ان القوم لن يؤمن منهم الا من امن فيأسوا من قومهم ممن لم يستجب لدعوتهم ، وياسوا من ان ياتى نصر من قوة ارضيه فاخلصوا التوجه لله وهم كذلك لكن مع اشتداد الامر زاد تعلقهم بالله وياسهم من كل سبب غير نصره ، انه اليقين الذى ياتى معه الفرج ، انها دعوة المكروبين المضطرين ، كما اخلص الرسول صلى الله عليه وسلم الاستغاثة فى بدر . وهذه الايات تثبيت للدعاة والمجاهدين للثبات مهما كانت الخطوب وان الشدائد اذا توالت ولت واذا تناهت انتهت ، وليس ذلك الا ببذل الممكن المشروع ثم اعتماد القلب بالكلية على الله .
 
فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ

الحلقوم منصوبة، أين الفاعل فى الآية أعلاه؟؟!


بحثت في كل القراءات بما في ذلك الشاذة عن قراءة واحدةٍ فيها "استيأس الرسلَ" بالنصب فلم أجدْ، فليتكِ تدلينني من أين جئتِ بها؟
 
عودة
أعلى