هل هلك يوسف عليه السلام

فارس منقاش

New member
إنضم
23/02/2017
المشاركات
31
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
سوريا
بسم الله الرحمن الرحيم
هل هلك يوسف عليه السلام

قال تعالى
﴿ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب﴾
غافر٣٤

جاء في قواميس اللغة
هلك /مات (ولا يكون إلا في ميتة سوء)
/زوال وفناء و انقطاع /
/ عذاب/

✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍

وجل ايات القران في الهلاك كانت في الكافرين
قال تبارك وتعالى
﴿قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون﴾
الانعام ٤٧
﴿ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون﴾الانعام ١٣
﴿فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية﴾. ﴿وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية﴾
وغيرها كثير في كتاب الله
وبالنظر لآيات الهلاك في الكافرين نجد انه اصابتهم المعاني الثلاثة للهلاك اي ( العذاب والموت السيء والزوال والفناء والانقطاع )

✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍


هلك بمعنى /عذاب/

عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلَّا هَلَكَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ : حِسَابًايَسِيرًا؟ قَالَ : ذَاكِالْعَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ صحيح مسلم
وفي رواية من نوقش الحساب عذب

✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍

اما الزوال

قال تعالى
﴿ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون﴾ القصص ٨٨

﴿هلك عني سلطانيه﴾ الحاقة ٢٩

✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍

اما قوله تعالى
﴿قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين﴾٨٥
فهذا قول ابناء يعقوب لأبيهم انه مايزال ولم يتوقف عن ذكر يوسف حتى يمرض ولا يقوى ( وهذا عذاب له حتى يموت) وذلك قولهم ( حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين) ومعلوم ان يعقوب قد ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم
حيث جاء في لسان العرب. (والهَلاكُ: الجَهْدُالمُهْلِكُ.)

✍✍✍✍✍✍✍✍✍ ✍✍✍✍
وجاء الهلاك بمعنى الانقطاع والفناء

فالرجل ان مات ولم يترك ذرية له من بعده فقد وصفه القران بالهالك اي المقطوع الذي ليس له باقية من بعده
كقوله تعالى
﴿قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون﴾ النمل ٤٩
وهذه الآية في نبي الله صالح حيث مكر الرهط التسعة لقتله واهله جميعا فوصفهم القوم (بالهالكين هو وذريته) لانقطاعهم وفنائهم ولم يبقى منهم احد

وقوله تعالى
﴿يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم﴾النساء ١٧٦
فهنا الرجل مات وانقطع لعدم وجود ذرية من بعد( لترثه) فوصف بالهلاك

وقوله تعالى
﴿ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب﴾
غافر٣٤
اعتاد القوم ان الانبياء ترث بعضها في النبوة فيوسف نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي فلما مات ولم يكن له ذرية من بعده ترث النبوة قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا ( فهذا معنى الهلاك الذي وصف به يوسف عليه السلام انه مات وليس له ولد فهو مقطوع الذرية) ولم يصح ان يوسف كان له ذرية او أثر بهذا.

✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
فلو بحثنا في ايات الكتاب لم نجد احد مات فقط ووصف بالهلاك إلا ان يكون مع الموت سبب لوصفه بالهلاك

ولو قلنا ان يوسف هلك اي( مات فقط) لحملنا ذلك على ان كل من مات فقد هلك ومنه ان تقول مثلا( ان الرسول صلى الله عليه وسلم هلك منذ كذا من الزمن ) وهذا لا يصح اطلاقا اذ انه لا يقال عن النبي هالك إلا في هذا المعنى انه مات وليس له ولد فمعنى الهلاك هنا يصح .
الا الرجل الكافر فيصح ان تقول هلك ابو جهل وهلك ابولهب لان الهلاك هنا العذاب والموت السيء والفناء ولأن عملهم يوصل الى الهلاك لقوله تعالى ولا ترموا بأنفسكم إلى التهلكة .

✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍

وقد ورد حديث( متفق عليه ) فتح بابا للبحث والتعمق في المسألة :

حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:((كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون)، قالوا: يا رسول الله،فما تأمرنا؟ قال:(أوفوا ببيعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم، واسألوا الله الذي لكم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم))، متفق عليه.
فهذا الحديث يؤكد ما تقدم من القول بأن هلاك الانبياء له معنا واحدا (هو ان هلاك النبي اي انه مات وليس له ذرية )
حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال( كلما هلك نبي خلفه نبي) ولم يقل ( كلما هلك نبي ورثه نبي ) لان الوراثة شيء والخلافة شيء اخر،

الفرق بين يخلف ويرث
ورث/ ملك من بعده /وادخل فيه ويقال ورثه كابر عن كابر
خلف/ ناب من بعده / خلفه صار مكانه/قام مقامه

فعندما يموت النبي ويترك ولدا نبيا فإنه يرثه في النبوة ،اما ان مات النبي وانتقلت النبوة لنبي من غير ذريته فهنا يقال خلفه في النبوة اي صار مكانه وقام مقامه

قال تعالى
﴿وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين﴾النمل ١٦
﴿يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا﴾مريم ٦

والميراث الذي يتركه الانبياء هو النبوة والرسالة والعلم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة
وفي رواية،(إن الأنبياء لا يورثون) اي لايورثون المال

ومن هنا نعلم ان قول النبي صلى الله عليه وسلم ( كلما هلك نبي خلفه نبي ) اي انه كلما مات نبي ولم يترك ذرية ترث النبوة فيخلفه نبي من غير ذريته ولكنه حتما من ذرية يعقوب ( اسرائيل) وهكذا تبقى النبوة متعاقبة في بني اسرائيل

أما قوله تعالى
﴿وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين﴾ الاعراف ١٤٢
فهنا قول موسى لأخيه هارون عليهما السلام ( اخلفني في قومي ) اي انابه مكانه وقام مقامه ولم يملكه الامر ( يورثه)

فائدة
( فإن مات الرجل المؤمن وكان ابناؤه جميعا كفارا فهنا نقول عن الرجل انه هلك لانه مات وانقطع ولم تبقى له باقية من بعده( الذرية) لأن ابناءه هؤلاء ليسوا من اهله انهم عمل غير صالح كما في الاية ﴿قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين﴾هود ٤٦
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق عليه:((لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم))
وهكذا يكون الامر في الانبياء فإن مات النبي وترك من بعده ابناء كفار ولم يكن بينهم مؤمن فحينها يقال هلك النبي .

والله اعلم

فارس منقاش
 
وفقك الله واحسن اليك
توجيه جميل وسديد ، ولكن هل من إحالة تحيلنا إليها تدعم قولك من أثر او قول لسلف الأمة بنفس ما قلت ؟؟
فتح الله عليك .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا اجتهاد شخصي
حيث اني كلما قرأت قوله تعالى
﴿ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب﴾٣٤ غافر وجدت الامر غريبا ان يقال عن يوسف عليه السلام ( هلك)
فبحثت في كتب التفسير واهل العلم فوجدتهم قالوا (هلك اي مات)
وهذا مادفعني للبحث .
ولا أعلم أحدا قال بهذا على ما علمت
فإن كان من صواب فمن الله وحده وإن كان من خطأ فمني ومن الشيطان
والله ورسوله منه براء
واستغفر الله منه .
 
أحسنت ، وفقك الله وبارك في علمك وعقلك ، وهذا الموضع مما يشكل فعلاً ولم يسبق من المفسرين أو الباحثين على حد علمي من تتبع المفردة بهذه الصورة ووصل للتوجيه الجميل الذي وصلتم إليه ، وستجد من الكثير ممن يرفضون إعمال عقولهم أذىً كثيراً ومناكفات لا تستند إلى فهم ولا "حِجْر" وسيكون جلَّ ما يظنون أنهم حطموا ما أتيت به هو سؤال : من سبقك من السلف إلى هذا القول ؟؟
ظنا منهم أن القرآن انتهى تفسيره والسلف لم يبقوا لنا فيه شيئا ، فنسمع بآذانهم ونقرأ بأعينهم ونكتب بأيديهم وأن وظيفتنا في الحياة هي "النسخ واللصق" وعندما تناقشه في الفكرة اللي لصقها تجده خاوياً لا يفقه ما ينقل ، فلا هم الذين فهموا كتاب الله على وجه صحيح ولا هم الذين سلموا السنتهم وأقلامهم من المسلمين ومن ذممهم وعقائدهم من طعنٍ وتشكيك.
فاستمر على بركة الله واعلم أن النظر في كتاب الله واستظهار معانيه من أجلِّ وأشرف ما يوفق الله العبد إليه ، و أذكِّرُ نفسي وإيّاك بأن الرضوخ للحق والدليل والرجوع عن الباطل والوهم من أسمى القيم عند طالب العلم ومن سمات الأمانة والإيمان والخوف من الرحمن جل جلاله.
وبرغم تحفظي على رؤيتك لمسالة (القرية والمدينة) ولكني بانتظار ما يفتح الله به عليك ولك صادق الدعاء بالتوفيق والسلام عليكم.
 
أين الإشكال أخي فارس في تأويل أهل التفسير لهلك بمات ؟
نقرأ رواية في صحيح مسلم عن عائشة عليها السلام قالت: هلكت خديجة قبل أن يتزوجني بثلاث سنين. فأين الإشكال هنا ؟
الفعل هلك حدث إذا جردته عن متعلقاته في الكيفيات والأحوال فإنه يعني السقوط أو هكذا جاء في مقاييس اللغة:
(هلك) الهاء واللام والكاف: يدل على كسر وسقوط. منه الهلاك: السقوط، ولذلك يقال للميت هلك.
ولاحظ الإشتراك الجذري مع كهل فنفهم زال أو سقط شبابه. أما المعاني الأخرى فتفهم من توظيف هلك في السياق، كما نقرأ في القرءان { إن امرؤ هلك ليس له ولد} أو {وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا} وغيرها .

أما الإيحاء السلبي في التهلكة فمرده والله أعلم إلى كثرة إستعمال الكلمة مع تلك الكيفيات والأحوال المذكورة في المشاركة، وعلى المسلم العربي إستعمال مادة هلك في السياقات المحايدة والسلبية حتى لا يميت هذه المادة من خلال تخصيصها بالمحمولات السلبية.

وبارك الله فيك.
 
السلام عليكم

حقيقة أن هذا الأمر دائما ما كان يلفتني إذا مررت على هذه الآية لماذا استخدمت لفظة (هلك) وقمت بمحاولة اطلاع على سبب ذلك في الكتب وأقوال العلماء قبل أربع سنوات وقد جمعت بعضا منها وأرى أنه من المناسب عرضها في هذا الموضوع.



وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ


وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ.


ما الفرق في المعنى بين لفظ هلك ومات ؟؟
بعد مراجعة معظم التفاسير وجدت أن علماء التفسير قالوا أن هلك بمعنى مات. إلا أن هلك تحتمل معنى غير معنى الموت كقوله تعالى (هلك عني سلطانية) أو قوله (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) وقد تأتي هلك أيضاً بمعنى الموت المقرون بالعذاب وفي هذا فإن صيغة هلك تأتي على معنى الذم. أو أنها تأتي بمعنى الموت المقرون بالإبادة والانتهاء مثل ذكر الأقوام السابقة بغض النظر عن أنهم مؤمنين أم كافرين فقد اندثروا ولم نعلم عن أخبارهم إلا ما علمنا منها من خلال القرآن العظيم.
ومن أجل الإجابة على هذا السؤال بشكل مباشر أسوق اليكم هذه الدلالات علّها تصلح لأن تكون بداية لإجابة لم يتطرق اليها حسب ظني كثير من أهل التفسير :
•هذه الآية من مجمل قول مؤمن آل فرعون فصيغت على لسانه.
•كان مؤمن آل فرعون يخاطب الفئة الكافرة التي لا تؤمن باليوم الآخر ولا بالرسالات ولا بالبعث.
•إن معنى هلك فيه إشارة خفيّة الى الطمس والانتهاء وعدم الذكر وهذا ما يتمشى مع عقيدة الكافرين المخاطبين الذين لا يؤمنون بالبعث. وقد أشار القرآن الى هذا المعنى بوضوح في قوله تعالى على لسان الكافرين: وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ.
•وبما أن الهلاك قد يشير الى الإبادة وانتهاء الذكر واختفاء الأثر فإن ذلك يناسب قولهم (لن يبعث الله من بعده رسولاً) فتكون كلمة هلك أنسب من كلمة مات التي يمكن أن يأتي بعدها توريث نبوّة أو خلافة رسالة. والى هذا المعنى أيضاً يشير القرآن الكريم في آية توريث الكلالة . والكلالة هو الذي ليس له ولد ولا والد أي ليس له عقب ولا وريث من عصبته.وهو في قوله تعالى:( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ....)
__________________
د. تيسير الغول /كاتب وباحث ومؤلف



وقال في "روح المعاني" عند قوله تعالى: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ}: "والمرادُ بالإهْلاك الإماتة والإعدام مُطْلقاً لا عن سخطٍ وغَضَب،... وتَعميم إرادة الإهلاك مع حُصُول الغَرَض بقَصْرِها على عيسى - عليه الصلاة والسلام - لتَهْوِيل الخَطْبِ وإظْهار كَمال العَجْزِ ببيان أنَّ الكُلَّ تَحْتَ قَهْرِه ومَلَكُوتِه تعالى، لا يَقْدِرُ (أحد) على دفْعِ ما أُريدَ به فضلاً عما أريدَ بغيره، وللإيذان بأنَّ المسيح أسوةٌ لِسائر المخلوقات في كونِه عُرضةً للهلاك كما أنَّه أسوةٌ لَهُم في العجْزِ وعدَم اسْتِحْقاق الألوهيَّة". اهـ.


حديث عائشة
ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة هلكت قبل أن يتزوجني ، لما كنت أسمعه يذكرها ، وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب ، وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن .
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3816

ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة . ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين . لما كنت أسمعه يذكرها . ولقد أمره ربه عز وجل أن يبشرها ببيت من قصب في الجنة . وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها .
الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2435



وكأن سياقها عن يوسف عليه السلام وخديجة رضي الله عنها يقصد به من مات في زمن قديم وانتهى الحزن عليه وقل ذكره.

وما ذكره الإخوان وما جاء عن السلف متقارب متداخل وبين بعضها تلازم.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صحيح اخي الكريم بارك الله فيك
جاء في الحديث المتفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت في خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم:((ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين, هلكت في الدهر, فقد أبدلك الله خيراً منها))
. وورد في هذه القصة في غير الصحيحين بأسانيد حسان زيادة أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب حتى أقسمت عائشة ألا تذكر خديجة بعد ذلك إلا بخير,
الحديث رواه الطبراني (23/14) (18978). قال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1/426): إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين لكنه منقطع.
وفي رواية زيادة قوله صلى الله عليه وسلم:((ما أبدلني الله خيراً منها))وذكره صلى الله عليه وسلم جملة من فضائلها
رواه أحمد (6/117) (24908). قال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (3/126)، والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (9/227)، والشوكاني في ((در السحابة)) (249): إسناده حسن.
. ولقد قالت عائشة رضي الله عنه:((ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة, وما رأيتها ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صداق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول: إنها كانت وكانت, وكان لي منها ولد ، /البخاري/
وهذا دليل على ان ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت ذلك غيرة من خديجة رضي الله عنها وانها ارادت أن تذكرها بشر ،فلما رأت غضب النبي صلى الله عليه وسلم أقسمت الا تذكرها الا بخير.
والله اعلم.
 
بسم1​
استميح اخي فارس عذراً في الإدلاء برأيي المتواضع تجاه ما تفضل به:
أولاً: إن خصوصية القرآن الكريم في استعمال وتوظيف مفرادت دون أخرى هو أمر لافت يدعو للتفكر والتدبر والتوصل للمعاني الغائبة عن اذهاننا ، فعندما يستعمل ربنا جل في علاه مفردة "هلك" فيجب أن نقرّ ونسلّم بأنه لا يناسب هذا الموضع سواها ولا يصلح أن نستبدلها بمفردة "مات" لأن من لوازم التركيب اللغوي القرآني خصوصية المفردات وتوقيفها وما ذلك إلا لأنه لا يمكن استعمال سواها في محلها البتة.

ثانياً: إن أقرب مفردة لمعنى الهلاك والإهلاك هي "الاجتثاث" وهو اقتلاع النبتة او الشجرة بكل ما يتعلق بها من الأرض فلا تبقى لها باقية ولا يرجى أن ينبت منها بقية أبداً ، فالمسالة لا تتعلق فقط بالموت والفناء ولكن تتعلق بانقطاع الأثر واجتثاث الأصل وما يتعلق به ، لذلك فإن كل مواضع إهلاك الكافرين كانت تشير لعملية إبادة جماعية (لأهل) القرية الظالمة وليس حادثة تخص بعض أهلها لذلك ارتبط "الهلاك" "بالأهل" لأنهم يُلحقون بالهالك فلا تبقى له بذلك بقية :
{ ذَٰلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ } وقوله تعالى: { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } وقوله تعالى: { قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ }وقوله تعالى: { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } وقوله تعالى: { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ } .



ثالثاً : يعزز مفهوم الأخ فارس وفقه الله العديد من القرائن والشواهد الأخرى فالهلاك يعني انقطاع العمل والذرية والعقب وهنا يجدر بنا أن نذكر حديث نبوي متعلق بهذا المفهوم ، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، رواه مسلم. لذلك يقول الحق جل جلاله مصداقاً لهذا المفهوم :
{ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [البقرة:195] فالامتناع عن الانفاق تهلكة لأن عمله ينقطع والإنفاق صدقة جارية تبقي اثره وعمله متصلاً فيكون الموت بدون إنفاق من الهلاك وهذا من أظهر أدلة مفهوم الهلاك في القرآن الكريم.
والهالك وإن بقيت له دعوة فإن الدعوة التي تصل عمله في حياته لابد أن تكون دعوة ولد صالح من عقبه سواء من ولده او من حفدته ، فإن مات كلالةً فقد هلك ، ولا وجه لإيراد حديث عائشة رضي الله عنها فلا يوجد توقيف لالفاظ الحديث والآثار فقد ذكر حديث عائشة رضي الله عنها بسند صحيح في تسع مواضع تفاوتت الفاظها ولم ترد لفظة هلكت إلا في موضعين ، فلا سبيل للاحتجاج بذلك على كتاب الله فكتاب الله حجة عليه ، ومن هنا وتأسيساً على استعمال المفردة في السياق القرآني فإن الآثار المنسوبة لعائشة رضي الله عنها بلفظ "هلكت" غير صحيحة لأن خديجة رضي الله عنها وارضاها توفيت عن ذرية ولم تنقطع وتجتث من الارض ، والعمدة في ذلك على كتاب الله ، ولا ينفي ذلك صحة هذا الحديث بلفظ آخر ولكن ليس بهذا اللفظ.
ويدعم ايضاً هذا المفهوم الآية الكريمة التي نزلت في ابي طالب فيقول تعالى:
{ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } [الأنعام:26]​
فإن نأيه عن رسول الله وعدم اتباعه له يهلكه فلا ينتفع بنبوة ابن أخيه ولا يتصل له عمل ينقذه فحتى وجود عقبه (علي ابن أبي طالب) بعده فهو يهلكه إذ لا اتصال بين عمل ميت كافر وذريته المؤمنة ، لذلك نفى الله تعالى صلة ابن نوح بأبيه (ليس من اهلك) فهو هالك مع الهالكين الذين اجتثهم الله واستأصلهم جميعاً ولم يبقي من عقبهم ولا ذويهم أحداً.
ويقول جل شأنه :
{ قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } [الأعراف:129]
والاستخلاف لا يتحقق لو بقي من آل فرعون بقية فإنهم سيرثون الارض ويبقى قوم موسى تحت عذاب جديد ، فكان الاجتثاث هو سبيل التمكين لانهاء حرث عدوهم ونسله فلا تبقى لهم باقية.
رابعاً: ارتبط الإهلاك بالنساء والذرية ، وبالذكور والإناث وليس هو كالموت ، فالموت يبقي من عقب الميت شيئاً أما الإهلاك فإنه يستأصل ويجتث الرجل وعقبه ومن تحته ومن علاه ، فلا يبقى له بعد موته أثر يقول الحق تعالى:

{ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ } [البقرة:205]
فالحرث النساء ، والنسل الأبناء ، والحرث الأمهات ، والنسل الذراري ، والحرث المزارع ، والنسل نباتها ، والحرث أنثى النعم ، والنسل صغارها وولدها ، وهكذا فالإهلاك اجتثاثٌ للهالك ولا يقتضي الموت فحسب بل يتعداه إلى انقطاع الأثر والذرية ، وقد يكون هذا الانقطاع والاجتثاث بفعل العذاب كما في حال الأمم التي عذبت واستئصلت وابيدت فكان حالها هلاكاً لأنه شمل كل من عاصرهم وعاش بينهم وكان من نسلهم ، وقد يكون لان الهالك لم ينجب اصلاً ولم يترك أثراً بعده كما حدث لنبي الله يوسف عليه السلام ، فكان الهلاك بذلك نوعين يشتركان في المفهوم ويختلفان في السبب ، فمنها ماهو عذاب من الله حاق بهم جميعاً ، ومنها ما كان واقع حدث بما جرت به المقادير وليس أمر سوء أراده الله بالهالك كما حدث ليوسف عليه السلام.

والحقيقة ان المبحث واسع ممتع وودت لو أن أخي فارس احاط به من جميع جوانبه لتتبلور الصورة وتبرز بشكل يليق بما وصل إليه من مفهوم إلا أنها على كل حال مدارسة مغرية جاذبة رائعة مثمرة تبعث على السعادة ، وفق الله الجميع لفهم كتابه على الوجه الصحيح والله اعلم.
 
بارك الله فيك اخي عدنان على ماقدمت واوفيت
لبنة في جدار
 
بسم الله الرحمن الرحيم :
جزى الله الأخ فارس منقاش خيرا على موضوعه ...لكن ليتك استخدمت عنوانا غير هذا .
ولا بأس أبدا بأن يتجدد في الكلمة معنى آخر .. وهذا تتبع طيب منك ودلالة على تدبرك لما تقرأ ...زادك الله حرصا على الخير ... وطيب أن تكون رؤيتك موفقةً...
قال في تفسير المنار :
وَقَدِ اشْتَرَطَ الْعُلَمَاءُ لِكُلِّ فَهْمٍ جَدِيدٍ فِي الْقُرْآنِ شَرْطَيْنِ ; أَحَدُهُمَا : أَنْ يُوَافِقَ مَدْلُولَاتِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَثَانِيهُمَا : أَلَّا يُخَالِفَ أُصُولَ الدِّينِ الْقَطْعِيَّةَ .
لكن العجبَ من الأخ عدنان ...يطلب من الأخ فارس أن يُحيله على قول لسلف الأمة أو أثرفي مسألة لغوية لا ينبني عليها كثيرُ عمل ... ثم هو يَرد أمورا ... قد اجتمع الأثرُ والسلفُ على صيانتها وصياغتها ...... والذي يقوم هو برده مع اجتماع الأثر والسلف عليه أهم وأخطر بكثير من فارق بين كلمتين مؤداهما واحد تقريبا ...
والأعجب أنه يناقض نفسه في مشاركته الثانية في نفس الموضوع ....!!!!!
ويزعم أن الكلمة لم تنل حظها من التحقيق لا بحثا ولا تفسيرا .....!!!
أما فيما يتعلق بالموضوع .... فالفارق بين الكلمتين محل خلاف بسيط بين العلماء ..فمنهم من أمرر الكلمة ومنهم من استوقفته ... وقال فيها ما تحمله من زيادة ودلالة ..
وهناك مشاركة قديمة بهذا الشأن لأخ كريم سأرفعها قريبا إن شاء الله .
 
عجيب أمرك يا أخ عدنان ...لستَ قادرا على أن تخفي ما في داخلك من تنحية السنة بحجة علو القرآن عليها مع أن الأخ ساق لك رواية صحيحة صريحة ومع أن الرواية لا تخالف صريح القرآن ولا صحيح اللغة ....
فلست أدري هل أنتم حقا كما تسميتم أم هناك غموض لا يعلمه إلا الله ..
فأمرك وأمر رفاقك لمحير جدا ..... والله غالب على أمره ...
 
وأود أن ألفت انتباه أخي يوسف بارك الله في جهده أن هذا التفسير أصله من تفسير أبي السعود رحمه الله لا من روح المعاني .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أعجب جدا عندما يدعي امرؤ أن لفظا قرآنيا لم يذكر في المعاجم إلا بمعنى كذا ، فكان أول ما بدر إلى ذهني أن أراجع كتاب المفردات للإمام الراغب الأصبهاني رحمه الله فوجدته يذكر لهذه الكلمة في القرآن أربعة معاني الذي يخصنا هنا منه قوله:
والثالث: الموت كقوله: [ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ ]] وقال تعالى مخبرا عن الكفّار: [ وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ ]
ولم يذكر الله الموت بلفظ الهلاك حيث لم يقصد الذّمّ إلّا في هذا الموضع، وفي قوله: [ وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا ] وذلك لفائدة يختصّ ذكرها بما بعد هذا الكتاب انتهى
ولعل هذه الفائدة التي يقصدها هو ما قال العلامة البقاعي رحمه الله ونصه :
[ وكأنه عبر بالهلاك إيهاماً لهم أنه غير معظم له ، وأنه إنما يقول ما يشعر بالتعظيم لأجل محض النصيحة والنظر في العاقبة ]
فكأنه رحمه الله يرشدنا إلى أن النظر للآية كما يكون بمثل البحث اللغوي للكلمة فإنه ينبغي أن يضاف إليه النظر لسياق الموضوع وما يتعلق به من قرائن ترشد العاقل كثيرا لحل المشكلات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
أخي فارس
أولا أشكرك بمناسبة فتحك لهذا الموضوع الجميل وأسأل الله أن يبارك لك في نشاطك التدبري للقرآن العظيم؛ وإن جمالية الموضوع قائمة في علاقته بمبحثين هما منابع الشبهات والمترادفات في القرآن. وتطور (إستعمال) اللغة منبع من منابع الشبهات وقد رأيت من حاول الطعن في أم المؤمنين عائشة عليها السلام بسبب تلك الكلمة ( هلك ) التي جاءت في تلك الرواية وغيرها، لكن إذا بحثنا في الروايات فسوف نجد روايات أخرى صحيحة ركبت بالفعل هلك للصالحين ومنهم واحد من المبشرين بالجنة ولا أتذكر الرواية الآن. وفي صحيح البخاري رواية عن جابر بن عبدالله هلك أبي وترك سبع أو تسع بنات فهذه الرواية مع تلك الآية " إن امرؤ هلك وليس له ولد " نفهم منها أن كلمة الهلاك لا ترادف الموت وإن كان الأصل واحد وهو السقوط فتأتي هلك لمن مات ولا ولد له وهذه الإضافة هي المقصود بالكيفيات والأحوال المحيطة بالهلاك. والخلاصة أن هلك في ذاتها مجردة لا تفيد الذم ولا المدح.
 
أخي حسن علي
كلام العلامة البقاعي رحمه الله يوهم بأن الكلمة سلبية في كل الأحوال. أليس كذلك؟ لو ثبت الإيحاء السلبي من حيث الأصل فسوف نفضل " قال الله على لسانهم " أي أجدادهم قالوا هلك.. على قول الإمام البقاعي. ما رأيك ؟
 
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ هَلَكَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ ، أَصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حَارِثَةَ مِنْ قَلْبِي ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا سَوْفَ تَرَى مَا أَصْنَعُ ، فَقَالَ لَهَا : " هَبِلْتِ أَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ ، إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ ، وَإِنَّهُ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى " . صحيح البخاري
 
أخي الفاضل حفظكم الله :
الذي فهمته من قولكم [ الإيحاء السلبي ] أن الكلمة تعطي معنى الموت ومعه معنى آخر سيئا .
- وقد وجدت في تعاملي مع كلام أهل العلم حول هذه اللفظة وغيرها منهجان :
* الأول : يفسر الكلمة بمرادفها مجردا عن المعنى السيء الملاصق لها ، ومنهم هنا من فسر الهلاك بمعنى الموت بلا تعقيب ، وهم كثر ، ومنهم من صرح بنفي المعنى السيء ، فمنهم العلامة الزبيدي كما في تاج العروس ونصه :
وقولُه: مات تفْسِيرٌ لقولِه هَلكَ، ولم يُقيِّدْه بشيء لأَنه الأَكْثر في اسْتِعمالِهم، واخْتِصاصُه بمِيتةِ السّوءِ عرفٌ طارِئٌ لا يُعْتدُّ به، بدَلِيل ما لا يُحْصَى من الآي، والأَحادِيثِ.
قالَ شيخُنا: ولُطُروِّ هذا العُرفِ قال الشِّهابُ في شرحِ الشِّفاءِ: إِنْه يَمْنعُ إِطْلاقه في حق الأنْبِياءِ عليهِمُ الصّلاةُ والسّلامُ، ولا يُعْتدُّ بأَصْلِ اللّغةِ القدِيمَةِ كما لا يَخْفي عَمَّنْ له مَساسٌ بالقواعِدِ الشَّرعِيَّةِ، واللّه أَعْلمُ. انتهى
وأنا معكم - حفظكم الله - أن الأولى إحياء اللغة القديمة طالما جاء بها القرآن حتى لا يفهم المعنى القرآني غلطا ، بدلا من إصدار فتوى بالمنع ، الذي يزيد من توغل المعنى السلبي أكثر وأكثر.
و وافقه على هذا الاتجاه صاحب تفسير المنار بقوله هَلَكَ: مَاتَ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ مُنْذُ قُرُونٍ إِلَّا فِي مَقَامِ التَّحْقِيرِ ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ بِمَعْنَى الْمَوْتِ مُطْلَقًا ، بِقَوْلِهِ عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ [ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا ]
هذا منهج ، وهو يسير في فهمه ، واضح للمبتدئ والمتوسط والمنتهي ، ومن ثمرته أنه يجعل المرء ينشغل بالأساسات من كل علم بدلا من البحث وراء فنيات دقيقة قد نختلف أو نتفق حولها تاركين ما هو من فروض ديننا من تعلم الإيمان والتوحيد والحلال والحرام.

المنهج الثاني : يأبى هذه الطريقة ، ويجعل ذكر القرآن للفظة ما دليل على أن هذه اللفظة تحمل معنى لا تحمله اللفظة الأخرى ، ثم يتعمقون بما أعطاهم الله من علم راسخ في اللغة والنحو والصرف والبلاغة لبينوا الفرق بين اللفظتين ، فيأتون بأبحاث رائقة رائعة يطرب لها العقل ويفرح بها القلب ، ويرى المتأمل فيها خيرا كثيرا ، ومن أئمة هؤلاء : أبو جعفر بن الزبير الغرناطي رحمه الله صاحب ملاك التأويل وشيخُ أبي حيان وابن جزي رحمهما الله ، ومنهم الراغب الأصفهاني صاحب المفردات القائل في أولها :
وأتبع هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ونسأ في الأجل بكتاب ينبئ عن تحقيق «الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد ، وما بينها من الفروق الغامضة» ، فبذلك يعرف اختصاص كل خبر بلفظ من الألفاظ المترادفة دون غيره من أخواته ، نحو ذكر القلب مرّة والفؤاد مرة والصدر مرّة ، ونحو ذكره تعالى في عقب قصّة [ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ] وفي أخرى: [ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ] وفي أخرى: [ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ] ، وفي أخرى: [ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ] ، وفي أخرى: [ لِأُولِي الْأَبْصارِ ] ، وفي أخرى: [ لِذِي حِجْرٍ ] وفي أخرى: [ لِأُولِي النُّهى ]، ونحو ذلك ممّا يعدّه من لا يحقّ الحقّ ويبطل الباطل أنّه باب واحد ، فيقدّر أنه إذا فسّر: الْحَمْدُ لِلَّه بقوله: الشكر لله ، ولا رَيْبَ فِيهِ بـ: لا شك فيه ، فقد فسّر القرآن ووفّاه التبيان. انتهى
وقد قَيَّمَ العلماء مجهود الراغب فقال العلامة الزركشي رحمه الله

القرآن قسمان:

أحدهما: ورد تفسيره بالنقل عمّن يعتبر تفسيره.

وقسم لم يرد فيه نقل عن المفسرين ، وهو قليل ، وطريق التوصل إلى فهمه النظر إلى مفردات الألفاظ من لغة العرب ومدلولاتها واستعمالها بحسب السياق ، وهذا يعتني به الراغب كثيرا في كتاب المفردات ، فيذكر قيدا زائدا على أهل اللغة في تفسير مدلول اللفظ، لأنه اقتنصه من السياق . انتهى
* ومن تأمل جهد هذه المدرسة فلعله ينتقد قول الزركشي رحمه الله [ وهو قليل ] ،
وقد اعتنى السمين الحلبي رحمه الله بكتاب الراغب فأخذه كاملا وأضاف إليه من علمه الغزير ليخرج لنا كتابه [ عمدة الحفاظ ] ونقل عنه كذلك في الدر المصون كثيرا .

وبعد هذا الطواف المتواضع جدا حول هذه المدرسة أقول مدارسا لكم :
الذي يظهر لي أن الإمام البقاعي رحمه الله كالإمام الراغب رحمه الله كلاهما يرى أن الهلاك هنا بمعنى الموت ، لكنهما يبحثان عن سبب استخدام هذه اللفظة دون تلك ، وكلاهما رأى أن هذه الكلمة تستخدم كثيرا بالمعنى السلبي وقليلا بالمعنى المجرد ، فنص الإمام البقاعي رحمه الله هنا على أن المجرد فيه نكتة ولطيفة ، ثم استخرجها بنظره إلى السياق ، وقد يوافقه المتأمل أو يخالفه ، ومختصر تأمله أن المخاطِبَ مؤمن يكتم إيمانه في وسط أكفر الناس ، فقال لهم هذه النصيحة ، وفيها ألفاظ صريحة
في تعظيم الحق ، فكأنه أراد التورية عليهم و إيهامهم " أنه غير معظم له، وأنه إنما يقول ما يشعر بالتعظيم لأجل محض النصيحة والنظر في العاقبة "
فخلاصة ما فهمته من طريقته رحمه الله البحث عن نكتة استخدام هذا اللفظ بهذا المعنى في الكلام المنزَّل .
*** أما الكلام غير المنزل فلا يخفى عليكم ظاهرة التوسع في الكلام العربي لحكمة وبدون حكمة ، فيقولون مثلا : تعال معناها الأصلي اصعد إلى جهة العلو ، فقد توسعوا فيها فصارت بمعنى أقبل والله أعلم
فهذه إجابتي إليكم على عجرها وبجرها ، وأنا أشكر أخي فارس حفظه الله جدا أن فتح لي باب بحث وعلم ، ناصحا إياه بالتأني خاصة إذا كان حكما على السابقين أنهم لم يقولوا كذا وكذا ، فهذه تحتاج لبحث كبير أو إحاطة كبيرة ، وقد رأى رفع الله قدره في بحثي - وهو قاصر - من المعاجم العامة : تاج العروس ومن الخاصة المفردات وعمدة الحفاظ ، وأسأل الله لي ولكم أن نكون من أهل القرآن .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
للأسف هناك تلاعب بالاصطلاحات وبألفاظ العلماء ، وتوجيهها في غير محلها.
علم السلف علم شريف ، وهم الأقرب لفهم نصوص القرآن إذ أنهم الأقرب لزمن النبوة.
علاوة على ذلك القرآن أمرنا أن نتبع هؤلاء.
لا شك أن الإسلام لا يدعو للصق واللزق. بل يدعو للتفكر والتدبر. لكن هذا التدبر يجب أن يكون على أصول ومقاييس معروفة. هذه الأصول والمقاييس مبثوثة في كلام العلماء عن أصول التفسير ، وإلا لن يعدم قادياني أن يفسر كلمة ( خاتم ) بما يقتضيه هواه.
وعندما لا يكون هناك رادع لهؤلاء كحد ردة أو سلطان قائم بأمر الله ، تجدهم يبثون سمومهم على كتاب الله بدعوى التدبر فيه . وهذه فكرة محمد أركون وغيره ممن "تفرسنوا" ، كانوا يقولون القرآن غزير المعاني وهم يريدون بذلك أن ( فسر كيفما تشاء ).

وعلى هذا الانتساب لأهل السنة والجماعة هو أمر عزيز لا ينطبق على كل أحد. فأول من أطلق هذا المصطلح هم شيوخ البخاري رحمه الله حسب ما سمعت من بعض العلماء . فجاء بعدهم من يأخذ من أصول الإغريق في الذائقة اللغوية والفهم ليطبق ذلك على قرآن عربي مبين قد أنزل على أهل سليقة سليمة لا تحتاج لكل هذا التكلف، فوجدناهم قد أتوا بالعجائب. ومن ذهب للفلسفة الشرقية الهندية وأتى بفلسفة التصوف والتقعر في المعاني قد ذهبوا إلى مرحلة من الهذيان لا تحتملها لغة العرب. ولعل في هذا نكتة - والله أعلم - لماذا جعل الله العرب هم مادة الإسلام الأولى . فهم لم يتلوثوا بقدر ماتلوثت به الأمم في تركيبتهم الفكرية إن صح التعبير. فالآية الواحدة كانت تحرك كيان الصحابي كله.
 
بارك الله بك لفتتك جميلة ولطيفة

قال تعالى
﴿ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب﴾
غافر٣٤

الحقيقة قادني ما تفضلت به انه ربما هنا كلمة الهلاك اتت للدلالة على طول الزمن منذ موت يوسف عليه السلام و قول اهل الكتاب فكما ان هلاك المجرمين بالعذاب يخرج انفسهم و يهلك اجسادهم فطول الزمن يهلك الجثث ايضا وبما ان اجساد الانبياء لا تهلك فانها مجاز للتعبير عن طول الزمن

قال تعالى
﴿ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب﴾
غافر٣٤

فسياق الاية هنا يدل على تطاول الدهر بين موت سيدنا يوسف وبين من ظنوا انه لن يبعث الله من بعده رسولا فلربما كلمة هلك تدل على هذا المعنى وليس بالضرورة على انقطاع الذرية مع انه معنى يحتمل

وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25)
 
جزاك الله خيرا.
مسائل
1- كيف تُكتب عبارة تفسير قوله تعالى "حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين"؟
إن اُتبع المذكورُ في المقالة كانت عبارة التفسير "تكون حرضا او تكون من المُهلَكين جَهداً"، أليس كذلك؟
وفي لسان العرب "اسْتَهْلَكَ الرجلُ في كذا إذا جَهَدَ نَفْسَه، واهْتَلَكَ معه".
2- لم يذكر في المقالة قوله تعالى "نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر"، فهل يكون تفسيرها وما يميتنا إماتةً باترةً إلا الدهر؟ كيف وقد ذُكر قبلها نموت ونحيا؟ أليس الاهلاك ههنا أقرب الى الاماتة عامة منه إلى الاماتة الباترة؟
3- لا يوجب المذكور آنفا أن يُنقض المعنى المستنبط فالهلاك في اكثر الآيات هو للموت الباتر، ولكنّ القواعد بعضها كلية وبعضها اغلبية.
4- في كتاب التعبير القرآني للاستاذ فاضل السامرائي قول في خصوصيات الفاظ القرآن فإن كان الهلاك في القرآن هو الموت الباتر فلا موجب أن يكون له نفس المعنى الخاص في السنة النبوية وكلام العرب.
للاطلاع على خصوصيات القرآن في كتاب التعبير القرآني الصفحة 14 و15 و16
https://ia800206.us.archive.org/3/items/T3BER/T3BER.pdf
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى
﴿الر تلك آيات الكتاب المبين﴾١ ﴿إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون﴾٢ يوسف
وقال سبحانه﴿كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون﴾٣ فصلت
لقد انزل الله هذا الكتاب العظيم بلغتنا العربية التي اختارها لنا ربنا كلغة عظيمة تشرفت بحمل كلمات كتابه العظيم ، وقد قال احد علماء اللغة( لو اجتمعت لغات العالم على ان توفي معاني الفاظ هذا الكتاب لعجزت ولكن لغتنا العربية قامت بهذا الدور العظيم )
ومن هنا استسمح اخي عدنان الغامدي بأن استشهد بالمقدمة التي افادنا بها لانها عين الصواب واقول
(إن خصوصية القرآن الكريم في استعمال وتوظيف مفرادت دون أخرى هو أمر لافت يدعو للتفكر والتدبر والتوصل للمعاني الغائبة عن اذهاننا ، فعندما يستعمل ربنا جل في علاه مفردة هلك فيجب أن نقرّ ونسلّم بأنه لا يناسب هذا الموضع سواها ولا يصلح أن نستبدلها بمفردة مات لأن من لوازم التركيب اللغوي القرآني خصوصية المفردات وتوقيفها وما ذلك إلا لأنه لا يمكن استعمال سواها في محلها البتة.)( عدنان الغامدي)
ولتأكيد هذا الفهم لكتاب الله نأتي بمثالا واحدا فقط حتى لا نطيل

ورد في القرأن الألفاظ التالية
الجسد/ الجسم / البدن
وهذه المفردات هي لشيء واحد هو (الجثة)
فيقال جسدك ويقال جسمك ويقال بدنك
فهل القرأن اتى بها بمعنا واحدا ام لكل واحدة معناها وهل يصح ان نستبدل مفردة بأخرى .
≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤
أولا
الجسد
≤≤≤≤≤
ويطلق على ( جثة ) الحي والميت العاقل وغير العاقل

*قال تعالى
١/﴿واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين﴾١٤٨ الأعراف
٢/﴿فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي﴾٨٨ طه
هنا جاء الجسد لغير العاقل وهو العجل

*اما قوله تعالى
٣/﴿وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين﴾٨ الأنبياء
وقوله صلى الله عليه وسلم
[ وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب. (صحيح البخاري)
[ ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه ويديه وغسل رأسه ثم صب على جسده ثم تنحى . (صحيح البخاري)
هنا جاء الجسد للحي العاقل

*اما قوله تعالى
٤/﴿ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب﴾٣٤ ص

[فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين من طعنة ورمية. (صحيح البخاري)
[فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم".(متفق عليه).
≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤

ثانيا
الجسم
≤≤≤≤≤
وتطلق على الجسد الضخم/ القوي فهي صفة للجسد
فيقال رجل جسيم اي جسده ضخم قوي

* قال تعالى
١/﴿وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم﴾٢٤٧ البقرة
٢/﴿وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون﴾٤ المنافقون
وقوله صلى الله عليه وسلم
[ رأيت عيسى وموسى وإبراهيم فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر وأما موسى فآدم جسيم سبط كأنه من رجال الزط. (صحيح البخاري)
[عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين قالت فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وإنه ليتعشى وفي يده عرق فدخلت فقالت يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا قالت فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن. (صحيح البخاري)
≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤

ثالثا
البدن
≤≤≤≤
وتطلق على الجسد السمين المكتنز
وتطلق على المسن الذي ضعف

* قال تعالى
١/﴿والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون﴾٣٦ الحج
وسميت أنعام الأضاحي ( بدن) لأنهم كانو يسمنونها للذبح
٢/﴿فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون﴾٩٢ يونس. (وقيل ببدنك اي بدرعك ) ( وهنا لمسة بيانينة نعلم ان فرعون كان بدينا مكتنزا وربما كبيرا مسنا ضعف )
وقول عائشة رضى الله عنها
﴿لما بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل كان أكثر صلاته جالسا﴾ (صحيح مسلم)

≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≥≥≥≥≥≥≥≥≥≥

وبعد ان تبين لنا معاني هذه الألفاظ وكيف ان كل مفردة منها اتت بسياقها وانه لايمكن ان تاتي واحدة منها مكان الأخرى علمنا أن الله تبارك وتعالى اراد بهذه المفردات شيئا محددا ولو اراد اطلاق المعنى لأتى بالمطلق وهو الجسد
فالأصل هو الجسد واما الجسم والبدن فها صفتان له ،فعندما اراد القوة والضخامة اتى بالجسم ولا ينوب عنه الجسد او البدن وهكذا جميعا فتصور اخي القارئ لو اتت لفظة البدن بدلا عن الجسم لكان طالوت قد زاده الله بسطة في السمن والاكتناز و زاده كبر في السن والضعف.!
وهكذا اخي المسلم فكل مفردة في كتاب الله اتت في سياقها و مكانها لتؤدي المعنى المطلوب تماما ولا ينوب عنها مفردة اخرى
≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤

لقد ذكر الله تبارك وتعالى انه (يحيي الارض بعد موتها ١١ مرة )
ولم يذكر في كتابه اية واحدة انه يحيي الارض بعد هلاكها ومنه ان الهلاك هو الزوال والانقطاع وعدم الاستخلاف بعدها فكل ما وصف بالهلاك في كتاب الله هو زائل مقطوع لا امتداد له ، ولو قيل عن الارض هلكت لكان زوالها وانقطاعها
قال تعالى
﴿فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين﴾٤٥ الانعام
﴿وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين﴾٦٦ الحجر
﴿فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين﴾الاعراف ٧٢
﴿وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون﴾٩٥ الانبياء
ونلاحظ ان الله قال يحيي الارض( وليس الزرع وغيره من دواب الارض ) لأن الزرع يهلك وينقطع ويزول ويستخلفه الله بزروع ودواب غيرها قال تعالى﴿وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد﴾٢٠٥ البقرة
﴿مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون﴾١١٧ ال عمران

ولقد كان العرب قبل الاسلام يعتقدون ان كل من مات هلك وزال لأنهم لا يعتقدون بالبعث بعد الموت
﴿وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون﴾٢٤ الجاثية
اي تموت اجيال وتحيا اجيال وما يهلكنا الا تعاقب الليل والنهار ( الزمن)
ولهذا نجد في السنن والسير انهم يصفون الميت بالهالك( اي الزائل) طبعا مع اليقين بالبعث والنشور، وهنا يأتي القرأن ليؤكد ان الهلاك هو الزوال والقطع والبتر
ثم يكون الاستخلاف بغيرهم
﴿ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين﴾٦ الانعام
﴿قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون﴾١٢٩ الاعراف.
≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤≤
ومن خلال ماتقدم نقول ان عندما تأتي لفظة مات فلها دلالة الموت وعندما تأتي لفظة هلك فلها دلالة أخرى وهو الزوال والقطع ولا تحل لفظة مكان الأخرى .
فعند العموم يأتي بلفظ العموم وهو الموت كقوله نعالى ﴿كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور﴾١٨٥ ال عمران
وقوله ﴿فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين﴾١٤ سبأ
وعند الخصوص يأتي بالأخص وهو القتل و الهلاك..

اما قوله تعالى
﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين﴾ ١٤٤ ال عمران
فهنا جاء بأمرين لا ثالث لهما جاء بالموت وهو الاعم وجاء بالقتل وهو الاخص ولم يأتي بالهلاك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مقطوعا بعد الموت لقوله تعالى
﴿إن شانئك هو الأبتر﴾٣ الكوثر.

والله اعلم
 
جزاكم الله خيرا
لا شك أن يوسف عليه السلام له ذرية لم يختلف في ذلك العلماء
ومن ذريته يوشع بن نون ومن ذريته عبد الله بن سلام وبنو قينقاع
 
لا نعرف اذا كان ليوسف ذرية ام لا فلا
ولو اطلعنا على هذه الايات في سورة غافر فالمتحدث هنا رجل من ال فرعون كتم ايمانه وهو يحذرهم من التكذيب بموسى وهو عندما تحدث عن يوسف تحدث عن نبي مات منذ زمن بعيد وربما لهذا استخدم الله سبحانه لفظة هلك وربما قصد هذا المؤمن هنا ان الناس في عصره نسوا يوسف وما جاء من البينات
والذي فهمته من الايات ان يوسف كان يعيش في عصر الفراعنة ولا كما قيل انه كان يعيش في عصر الهكسوس
 
يوسف عليه السلام له ذرية بلا شك
ولفظة هلك لا تدل على انقطاع الذرية
قال الله تعالى إن امرؤ هلك ليس له ولد
ولو كان هلك يدل على عدم الذرية لما زاد القرآن ليس له ولد
وهناك علة لاستعمال هذه الكلمة تناسب السياق والله اعلم
 
سيد مصعب على اساس قلت ان له ذرية ولا شك هذا في علم الغيب ولا دليل عليه ويمكن ان يكون له اولاد لكن ذريتهم انتهت
 
أولا أنزل الله تعالى القرآن مصدقا لما عند بني إسرائيل من حيث الأصل فلا يستعجل الإنسان بتكذيب ما عندهم

ثانيا أبناء يوسف لم ينقرضوا ومنهم بنو قينقاع وعبد الله بن سلام وكانت كنيته أبا يوسف على اسم جده
وكذلك يوشع بن نون حفيد يوسف مباشرة
والسلف فسروا آية الأسباط بأنهم أبناء يعقوب الاثنا عشر
وقال الله تعالى وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما
فذرية يوسف تحولت إلى أمة ولم تنقرض
هذا هو ما عند السلف والخلف وهذا هو ما عند بني إسرائيل
وليس كل شيء عند بني إسرائيل تجوز مخالفته
فقد سماهم الله أهل العلم وأهل الكتاب ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تكذيبهم
والآية لها تفسير من عرفه استغنى عن غيره
وفقكم الله
 
ومن ينفي كون الأسباط أبناء يعقوب فليخبرنا من هم
ومن سبقه بهذا القول وقد أخبر الله أنهم اثنا عشر امة
 
يوشع بن نون النبي هو حفيد يوسف عليهما السلام كما قد قيل في نسبه والله تعالى أعلا وأعلم وأظن ان نسبه هكذا في التوراة وفيها "وولد ليوسف ابنان قبل أن تأتي سنة الجوع" ولا اومن به ولا اكذبه حتى يثبت صحته أو عكسه
والله تعالى اعلى وأعلم وأجل واحكم وأعظم
دمتم سالمين
 
انا ضد ان ناخذ شيئا من التوراة او غيرها من الكتب غكتابنا هو القران وهو المهمين قال تعالى " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ "
والله سبحانه لم يفرط في الكتاب من شىء اما بالنسبة الى يوشع بن نون فنحن لا نعرفه فربما يكون نبيا وربنا يكون فاسدا او لا وجود له اصلا
التوراة كتاب محرف والحمد لله الذي انزل علينا الكتاب
 
انا ضد ان ناخذ شيئا من التوراة او غيرها من الكتب غكتابنا هو القران وهو المهمين قال تعالى " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ "
والله سبحانه لم يفرط في الكتاب من شىء اما بالنسبة الى يوشع بن نون فنحن لا نعرفه فربما يكون نبيا وربنا يكون فاسدا او لا وجود له اصلا
التوراة كتاب محرف والحمد لله الذي انزل علينا الكتاب
غفر الله لك أخي الكريم
أولا قال النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" حديث صحيح رواه البخاري
ثانيا جاء السؤال التالي
السلام عليكم
من هو يوشع بن نون والذي يذكر في سورة الكهف بدون ذكر اسمه وإنما بالفتى الذي كان مع موسى عليه السلام نريد أن نعرف عنه وكيف كان يعيش وهل صحيح بأنه كان نبيا ؟
وجزاكم الله خيرا.... والسلام عليكم




الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالمسؤول عنه هو يوشع بن نون بن أفرانيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، وقد ذكره الله تعالى في القرآن بدون ذكر اسمه في قصة موسى والخضر، قال تعالى:وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ [الكهف:60].
وقد جاء تعيينه في صحيح البخاري من رواية أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يوشع بن نون. قال ابن كثير: وقد اتفق أهل الكتاب على نبوته عليه السلام.
وقد ذكر المؤرخون أن الله تعالى فتح على يديه بيت المقدس، وقد خصه الله بكرامة لم ينلها غيره، وهي حبس الشمس له، روى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس.
قال ابن كثير في البداية والنهاية: ولما استقرت يد بني إسرائيل على القدس استمروا فيه وبين أظهرهم نبي الله يوشع يحكم بينهم بكتاب الله التوراة حتى قبضه الله إليه وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة، فكان مدة حياته بعد موسى سبعا وعشرين سنة.
والله أعلم.

قد سماه البخاري نبيا وكذلك بن كثير وبن حنبل رحمهم الله تعالى وأذكر أن في تفسير الجلالين ذكر في الآية "قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما" قال هما كالب ويوشع وهما من النقباء الذين بعثهم الله قال تعالى "ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا"
وانطلاقا من قوله تعالى "إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون" بدأت بتعلم اللغة العبرية ودراسة "التلمود" العبري والقرآن الكريم هو من يرشدني إلى أن هذا محرف أو هذا كان في الأصل ومنها ما سكت عنه فلا نعلم أهو صحيح أم خطأ فهذا قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" والله تعالى أعلم وأمرنا ألا نكذبهم ولا نصدقهم
انظر صحيح البخاري حديث رقم (4725)
والله تعالى أعلى وأعلم وأجل وأحكم وأعظم
دمتم سالمين

 
عودة
أعلى