هل مازال في التفسير ما لم يحسم بعد ؟

الإعجاز القرآني له وصف مخصوص لعدد من الآيات معروف مفارق للمألوف مقرون بالتحدي .. يكون في حده الأدنى سورة ، وأقل سورة ثلاث آيات ، فمهما جئت بثلاث آيات ، من أي مكان من المصحف ، مهما كانت السورة ، ومهما كان الموضوع ، فقد رأيت ما يبهر ويعجز ، وهو الذي تُحُدّيت العرب وغيرها في عقر دارها ، وفي أقوى قواها ، أن تأيي بمثله ، ولم يستطع أحد من الإنس والجن ، من قبل ومن بعد ، أن يفعل ذلك ، هذا هو العجز حقاً .
أما الحكمة التشريعية والحكمة العلمية ، ولا أقول إعجازاً تشريعاً ولا علمياً إلا تجوزًا، فقد تأتي السورة وليس فيها تشريع كشأن أغلب السور المكية ، التي كانت فاتحة الإعجاز للعرب ، وتأتي الآيات الطويلة ذوات العدد المجاوز للثلاث وليس فيها علوم كونية ولا نفسية . هذا النوع تابع للبياني ضمناً .
فكيف يسمى إعجازاً وقد تخلف عنه أهم شرائط الإعجاز ؟ وهو قدر السورة المتحدى بأن يؤتى بمثلها ؟
.
أخى الحبيب عصام
أعتقد أنه قد جانبك الصواب فى هذا التحليل لمسألة الإعجاز وفى تقديرك للحد الأدنى منه
فليس معنى أن أقصر سورة فى القرآن تتكون من ثلاث آيات أن يكون القدر المتحَدى به هو أى ثلاث آيات من أى مكان من المصحف كما تقول ، بل يجب أن تُشكّل تلك الآيات الثلاثة سورة مستقلة حتى يصح التحدى بها ، ففى كلامك قياس يُسميه المناطقة قياس فاسد منطقيا ، لأن وجه التحدى المنصوص عليه هو ( سورة كاملة ) بصرف النظر عن عدد آياتها
ثانياً : قصرك للإعجاز القرآنى على الوجه البيانى وحده بلا منازع أراه غير صحيح كذلك ، وذلك لقوله تعالى :
"قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا "

ففى هذه الآية الكريمة نجد أن التحدى موجه للانس جميعا وعلى اختلاف ألسنتهم ، أى أنه يعم العرب والعجم جميعا ، فضلا عن كونه يعم الجن كذلك ، مما يقطع بأن اعجاز القرآن العظيم يتحقق بأى وجه دون تخصيصه أو حصره فى وجه بعينه
ومن اللافت للنظر فى تلك الآية الكريمة أن الله عز وجل لما وسّع دائرة من تحداهم ( الانس والجن مجتمعين ومتظاهرين ) فانه قد وسّع بالمثل دائرة المتحدى به ( القرآن كله ، وليس سورة واحدة منه )
وبناءً على سعة تلك الدائرة الأخيرة ( القرآن ككل ) فإنه يصح أن توجد وجوه عديدة يقع بها الإعجاز ولا يقتصر وجودها على سورة واحدة ، بل تشيع فى ثنايا القرآن كله
ومن ذلك مثلا وجوه الإعجاز : العلمى ، والإحصائى ، والتشريعى
كما أنه بناءً على سعة الدائرة الأولى ( الموجه إليهم التحدى ) يكون وجه التحدى هنا غير قاصر على البيان فحسب ، لأن التحدى هنا ليس موجها الى العرب وحدهم ، وانما الى الأعجمين كذلك ، أى الى من لا يحسنون العربية ، بل ولا يفقهون منها شيئا بالمرة، بما يعنى أن وجه التحدى هنا فيه اطلاق و تعميم ليناسب أحوال المتحدين جميعا على اختلاف فنونهم ومعارفهم
هذا والا لو كان المراد بالتحدى هنا هو البيان العربى فحسب فكيف يصح تحدى الأعجمين به وهو خارج نطاق قدرتهم أصلا؟
هذا ، والله عز وجل هو أحكم وأعلم
 
إذا كان المقصود من الحسم هو رفع الخلاف
فهذا دونه خرط القتاد كما يقولون

هذا حق لا ريب فيه ، فمن المحال رفع الخلاف بالكلية ، وتلك سُنّة الله فى خلقه

وإذا كان المقصود أن في القرآن ما لم يفهم معناه بشكل من الأشكال وننتظرالكشف عن معناه فهذا قطعا لا يوجد
وهذا كذلك صحيح ، ولكن بصورة نسبية وليس على إطلاقه
وإلا فماذا نقول عن الإشارات العلمية فى القرآن الكريم ، وعن دلائل إعجازه العلمى التى لم تُعرف إلا مؤخرا
فمما لا ريب فيه أن تلك الإشارات والدلائل لم تكن معلومة للرعيل الأول رضى الله عنهم
وهذا لا يقلل أبدا من فضلهم أو من علمهم ، لأنهم لم يكونوا مخاطبين بها ، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، فلم يكن فى وسعهم – فى ذلك العصر البعيد – أن يدركوا المغزى من تلك الإشارات العلمية
وكذلك لأن القرآن لا تنقضى عجائبه ، فوجب أن يبقى قدرا كبيرا من تلك العجائب محجوبا إلى أجله المسمى ووقته المعلوم عند الله
والذى أعلمه عن فضيلتكم أخى أبا سعد أنك من أنصار الإعجاز العلمى للقرآن الكريم
ولهذا تعجبت من قولكم المذكور ، ولعلك تقصد معنىً آخر فالتبس الأمر علىّ
ويبدو لى أنك كنت تقصد الآتى :
لا يوجد فى القرآن ما لم يُفهم معناه بشكل مطلق وعلى أى نحو من الأنحاء
فإن كان هذا قصدك – وهو ما أرجّحه - فإننى أوافقك عليه كل الموافقة أخى الكريم



 
عذرااخى المصرى فهذا عتاب المحبين .... ووالله انى احبك فى الله مادام كلنا ننشد الحق ولا ارى الاخ الدكتور عبد الرحمن لايمانع من ذلك​

لا تثريب عليك فيما سلف أخى الكريم ، وأَحبّكم الذى أحببتمونى فيه
أما ما قلتَه بشأن الأخ الدكتور عبد الرحمن وعدم ممانعته فإننى أُفضّل أن أسمع ذلك منه هو شخصياً
وكما قلت لك من قبل :
إن لهذا الملتقى سياساته الخاصة ، ومن الواجب ونحن ضيوف فيه أن نحترمها ، حتى ولو لم تعجبنا ، فللبيوت حُرمتها التى يجب أن تُصان ، وللضيافة آدابها التى يجب أن تُراعى
والقرآن قد علّمنا ألا ندخل بيوتاً غير بيوتنا حتى نستأنس ونُسلّم على أهلها
أشكر لك اهتمامك الكبير أخى البتار ، والسلام عليكم
 
أخى الحبيب عصام
أعتقد أنه قد جانبك الصواب فى هذا التحليل لمسألة الإعجاز وفى تقديرك للحد الأدنى منه
فليس معنى أن أقصر سورة فى القرآن تتكون من ثلاث آيات أن يكون القدر المتحَدى به هو أى ثلاث آيات من أى مكان من المصحف كما تقول ، بل يجب أن تُشكّل تلك الآيات الثلاثة سورة مستقلة حتى يصح التحدى بها ، ففى كلامك قياس يُسميه المناطقة قياس فاسد منطقيا ، لأن وجه التحدى المنصوص عليه هو ( سورة كاملة ) بصرف النظر عن عدد آياتها
ثانياً : قصرك للإعجاز القرآنى على الوجه البيانى وحده بلا منازع أراه غير صحيح كذلك ، وذلك لقوله تعالى :
"قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا "

ففى هذه الآية الكريمة نجد أن التحدى موجه للانس جميعا وعلى اختلاف ألسنتهم ، أى أنه يعم العرب والعجم جميعا ، فضلا عن كونه يعم الجن كذلك ، مما يقطع بأن اعجاز القرآن العظيم يتحقق بأى وجه دون تخصيصه أو حصره فى وجه بعينه
ومن اللافت للنظر فى تلك الآية الكريمة أن الله عز وجل لما وسّع دائرة من تحداهم ( الانس والجن مجتمعين ومتظاهرين ) فانه قد وسّع بالمثل دائرة المتحدى به ( القرآن كله ، وليس سورة واحدة منه )
وبناءً على سعة تلك الدائرة الأخيرة ( القرآن ككل ) فإنه يصح أن توجد وجوه عديدة يقع بها الإعجاز ولا يقتصر وجودها على سورة واحدة ، بل تشيع فى ثنايا القرآن كله
ومن ذلك مثلا وجوه الإعجاز : العلمى ، والإحصائى ، والتشريعى
كما أنه بناءً على سعة الدائرة الأولى ( الموجه إليهم التحدى ) يكون وجه التحدى هنا غير قاصر على البيان فحسب ، لأن التحدى هنا ليس موجها الى العرب وحدهم ، وانما الى الأعجمين كذلك ، أى الى من لا يحسنون العربية ، بل ولا يفقهون منها شيئا بالمرة، بما يعنى أن وجه التحدى هنا فيه اطلاق و تعميم ليناسب أحوال المتحدين جميعا على اختلاف فنونهم ومعارفهم
هذا والا لو كان المراد بالتحدى هنا هو البيان العربى فحسب فكيف يصح تحدى الأعجمين به وهو خارج نطاق قدرتهم أصلا؟
هذا ، والله عز وجل هو أحكم وأعلم


أخي العليمي


1) قد وقع التحدي في مرحلة من مراحل تنزل القرآن بما ليس سورة كاملة ((( فليأتوا بحديث مثله ))) الطور 32. والحديث يكون قدر السورة . فحصرك الإعجاز في سورة كاملة غير صحيح .

2) توجيه خطاب التحدي لأبلغ البشر (لتنذر به قوماً لداً) (بل هم قوم خصمون) وانقطاعهم عنه وعجزهم عن الإتيان بشيء من مثله = لهو دليل على أن من سواهم سيكون أعجز ، وقد كان .
إذا قهرت الأقوى خضع بعده الأدنى ضرورة ..
فإدخالك العجم وعجزهم المتأصل في التحدي البياني لا يغير شيئاً بعد ثبوت عجز بيان العرب ..
والدقيق : أن الله قال : ((( الإنس والجن ))).. لم يذكر العجمية في مناط تحديه ؟ فمن أين أتيت بها ؟ ..​

3) أصرح إعجاز في القرآن هو الإعجاز البياني وكل آيات الإعجاز تذكره ، وتتحدى أن يأتي الناس من أهل البيان بمثل البيان القرآني ، وهو الذي سجل الله على العرب عجزهم عن مجاراة بيانه فيه .
ألا يجعلنا هذا التصريح نجعل الإعجاز البياني هو الأصل الجامع ؟؟
أليس هذا هو ما اتفق عليه الباحثون أن القرآن معجزة هداية بيانية .. من عبدالقاهر .. مروراً بالرافعي .. إلى سيد قطب .. إلى محمود شاكر ؟.
البيان هو أخص خصائص الإنسان .. وهو الذي عليه مدار الإعجاز والبلاغ وآلة الذكر والفكر ولسان القراءة والتلاوة وبرهان قيام الحجة ووضوح المحجة .. هو المكتوب في المصحف .. المقروء في المحراب .. الأنيس في القبر .. الشفيع في الموقف والحجيج في المساءلة والشافي من المعضلة ......
(( تلك آيات الكتاب المبين ))
(( هذا بيان للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب ))
فمن الذي جانب الصواب أيها الحبيب ؟​
 
ما خطبك أخى عصام ؟!
أراك تحدثنى بحمية وحماس عن الإعجاز البيانى وكأننى أُنكره !!
فلتعلم أخى أن الإعجاز البيانى هو المقدم عندى على كل وجوه الإعجاز الأخرى
كل ما فى الأمر أنى لا أراه الوجه الوحيد للإعجاز
فهل فى هذا جريرة أو إثم ؟!!
ولقد طالعت لك اليوم مشاركة فى الملتقى عن الإعجاز العلمى الرائع فى قوله تعالى : " يخرج من بين الصُلب والترائب "
وهذا يعنى أنك تؤيد الإعجاز العلمى ولا تتنكر له
فلماذا الإعتراض على كلامى إذاً ؟!!
وأرجو أن تعتبره سؤالا استنكاريا لا استفهاميا ، لأنى لا أرغب فى مواصلة الحديث الآن عن مسألة الإعجاز لإبتعادها عن مسار الموضوع الرئيس
تقبل تحياتى ، والسلام عليكم
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد ألا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك
 
أخي العليمي


1
والدقيق : أن الله قال : ((( الإنس والجن ))).. لم يذكر العجمية في مناط تحديه ؟ فمن أين أتيت بها ؟ ..​
هو لم يذكرها اسماً ولكن العجم يدخلون ضمن الفئة المستهدفة ضمناً .
أما قولك أخي الفاضل (فإدخالك العجم وعجزهم المتأصل في التحدي البياني لا يغير شيئاً بعد ثبوت عجز بيان العرب .. ) فأظن أن ذلك ليس صحيحاً لأن العجم ربما يملكون آلات وقواميس وحواسيب لصناعة الجمل وإنشاء التعابير . وما القرآن الأمريكي المتداول الآن في أمريكا عنا ببعيد. وما المستشرقين والمبشرين وجهودهم وكيدهم عنا ببعيد أيضاً.
 
المسألة لها تعلق كبير في عمومها بمسألة أصولية عظيمة: إذا اختلف الصحابة (أو السلف) على أكثر من قول ، فهل يجوز لمن بعدهم الإجماع على قول واحد أو يجوز لهم أن يحدثوا قولاً إضافياً ، فقس على هذا ما إذا اختلف السلف في تفسير آية على ثلاثة أقوال مثلاً ، فهل يجوز لمن بعدهم الإجماع على قول واحد من هذه الأقوال ، والأشهر أنه لا يجوز ، وعليه لم يحسم تفسير بهذا المعنى ، أي بمعنى إصابة القول الحق من بين تلك الأقوال ، لا سيما إذا كانت الأقوال ليست من اختلاف التنوع ، كاختلافهم في معنى قوله تعالى (فأتوهن من حيث أمركم الله) على أقوال يتعلق بكل واحد منها حكم يخالف الآخر. فمن يذهب إلى المنع من الإجماع على قول واحد من بينها وإلى المنع من إحداث قول ثالث فأمر التفسير محسوم عنده ، ومن يختار عدم المنع ، لا سيما في جواز إحداث قول ثالث وقد اختاره بعض العلماء ومن المعاصرين الشيخ الدكتور عياض السلمي ، فأمر التفسير ليس محسوماً عنده.والله أعلم.
وهذه دعوة لنفسي وإخواني : أن يحرروا المسائل من اصلها حيثما أمكن وفي كتب أصول الفقه من الأصول ما يمكن رد المسائل الخلافية والفرعية إليه ، فيكون أعون على تقعيد النقاش على أساس قائم ، كما أن فيه فرصة التمرّن على استحضار ومعالجة ما نتعلمه من أصول الفقه.
 
هو لم يذكرها اسماً ولكن العجم يدخلون ضمن الفئة المستهدفة ضمناً .
أما قولك أخي الفاضل (فإدخالك العجم وعجزهم المتأصل في التحدي البياني لا يغير شيئاً بعد ثبوت عجز بيان العرب .. ) فأظن أن ذلك ليس صحيحاً لأن العجم ربما يملكون آلات وقواميس وحواسيب لصناعة الجمل وإنشاء التعابير . وما القرآن الأمريكي المتداول الآن في أمريكا عنا ببعيد. وما المستشرقين والمبشرين وجهودهم وكيدهم عنا ببعيد أيضاً.

الرد على قولك الكريم ، واغفر لي بعض التكرار الذي لابد منه :
(( فأظن أن ذلك ليس صحيحاً لأن العجم ربما يملكون آلات وقواميس وحواسيب لصناعة الجمل وإنشاء التعابير... ))

1. ما كان يملكه العرب من تلك الآلات البيانية التي ذكرتَ كان أضخم مما تملكه جامعات الغرب الأعجمية قاطبة ..
2. لا يدخل العجم في قوله تعالى (((الإنس والجن ))).. إلا إذا تعلموا اللسان العربي الذي نزل به القرآن ، وهذا أول شرط يمكنهم من إنشاء كلام عربي يضاهون به القرآن العربي ، وإذا تعلموا لسان العرب صاروا عرباً "من تعلم لسان العرب فهو عربي" ، فسقط أن يكون العجم داخلين في مضمون الآية أصلاً وفصلاً .
3. إذا عجز العرب وهم أبلغ الناس بياناً ، وتراثهم الأدبي خير شاهد ، عن الإتيان بقرآن عربي ، وهذا أمر مسجل عليهم ، فغيرهم عن ذلك أعجز .. وما زال التحدي قائماً رغم كل التقدم المادي التقني والبياني الذي طرأ على الغرب الأعجمي .
فليخلقوا ذباباً وليجتمعوا له ، وليأتوا بحديث من مثله ، وليتظاهروا وليتعاونوا .. إن كانوا صادقين .
هذه هي أقوى معركة فاز فيها القرآن عبر القرون .
 
فلتعلم أخى أن الإعجاز البيانى هو المقدم عندى على كل وجوه الإعجاز الأخرى
كلامك هذا لن يرضي الكثيرين ..
كل ما فى الأمر أنى لا أراه الوجه الوحيد للإعجاز
كل وجه غيره يحتاج إلى دليل مقنع حتى يجوز لنا أن نسميه : إعجازاً ؛ حقيقة وحكماً .. ويحتاج إلى معرفة موقعه من هذا الأصل المقدم الذي أقررت أنه هو المقدم على غيره :
ما موقع غيره منه ؟ وما موقعه من غيره ؟ أين الأصل وأين الفرع ؟ أم هما فرعان فأين الأصل ؟ أم أصلان فأين الأحق والأولى بالدراسة والإظهار والتبيين للناس والدعوة إليه وإهدار الأوقات والجهود فيه ؟؟؟ .

لاحظ أخي أنك نقلت فيما سلف هذه المقولة :
(( لا نرى بأسا من فتح أبواب جديدة لفهم الرموز التى جاءت فواتح لبعض سور القرآن الكريم ، والتى لم تعد تفسيرات القدماء لها مقنعة للعقل المسلم فى العصر الذى نعيش فيه. . . ان بقاء الباب مفتوحا لاكتشاف المعانى الجديدة والأسرار غير المسبوقة لهذه الحروف والرموز هو الطبيعى ، فنحن أمام كتاب لا تنقضى عجائبه ولا تنفد مكتشفات أسراره ، ولسناأمام نص قد طوت الأفهام - حتى ولو كانت أفهام الصحابة - كل أسراره ومعانيه ومراميه )) انتهى الإقتباس
أكرر
(( .. والتى لم تعد تفسيرات القدماء لها مقنعة للعقل المسلم فى العصر الذى نعيش فيه .. ))
كيف لا تكون مقنعة مع أنك تقول الآن :
الإعجاز البيانى هو المقدم عندى على كل وجوه الإعجاز الأخرى
كيف يجتمع كل هذا ؟
فهل فى هذا جريرة أو إثم ؟!!
الجريرة في إهمال أضخم الوجوه الإعجازية تأثيراً في الحياة البشرية وتقديم غيرها عليها منفلتة من محورها الذي يجب أن تدور فيه وتخدمه .. وحتى يصير الذي هو أدنى هو الشغل الشاغل ويترك الذي هو خير .
ولقد طالعت لك اليوم مشاركة فى الملتقى عن الإعجاز العلمى الرائع فى قوله تعالى : " يخرج من بين الصُلب والترائب "
وهذا يعنى أنك تؤيد الإعجاز العلمى ولا تتنكر له
فلماذا الإعتراض على كلامى إذاً ؟!!
مشاركتي تلك داخلة في دائرة العلم المتحقق في الآفاق والأنفس والذي كلفنا الله النظر فيه والتفكر فيه آناء الليل وأطراف النهار .
وهي معجزة منذ نزول الوحي بسورة الطارق ، ومنذ سمعها العرب من نبيئهم الكريم ، وفهموها فهماً مجملاً معجزاً أن الماء الدافق يخرج من بين الصلب والترائب ، فجاء العلم الحديث وقال نعم هي من بين الصلب والترائب .. العجز الجديد هو هو العجز القديم .. مع زيادة اعتماد الجديد على قوته العلمية ، وتسليم القديم بفطرته المرهفة (وشتان). لا يجوز أن نقول إنها صارت معجزة الآن فقط كما يعتقد بعضهم ، لقد كانت معجزة أمس واليوم وغداً ، ظاهرة في أنها معجزة أمس واليوم وغداً ..
أليس كذلك ؟؟
وأرجو أن تعتبره سؤالا استنكاريا لا استفهاميا ، لأنى لا أرغب فى مواصلة الحديث الآن عن مسألة الإعجاز لإبتعادها عن مسار الموضوع الرئيس
لا أراه خروجاً عن المسار كما تراه .. أراه أمراً يتعلق بقضية موضوعنا : الحسم وعدمه ، وبما يشغل الملتقى هذه الأيام : الإعجازات ، ولكن كما تشاء .
تقبل تحياتى
وتحياتي ومودتي واحترامي ...
 
الرد على قولك الكريم ، واغفر لي بعض التكرار الذي لابد منه :
(( فأظن أن ذلك ليس صحيحاً لأن العجم ربما يملكون آلات وقواميس وحواسيب لصناعة الجمل وإنشاء التعابير... ))

1. ما كان يملكه العرب من تلك الآلات البيانية التي ذكرتَ كان أضخم مما تملكه جامعات الغرب الأعجمية قاطبة ..
2. لا يدخل العجم في قوله تعالى (((الإنس والجن ))).. إلا إذا تعلموا اللسان العربي الذي نزل به القرآن ، وهذا أول شرط يمكنهم من إنشاء كلام عربي يضاهون به القرآن العربي ، وإذا تعلموا لسان العرب صاروا عرباً "من تعلم لسان العرب فهو عربي" ، فسقط أن يكون العجم داخلين في مضمون الآية أصلاً وفصلاً .
3. إذا عجز العرب وهم أبلغ الناس بياناً ، وتراثهم الأدبي خير شاهد ، عن الإتيان بقرآن عربي ، وهذا أمر مسجل عليهم ، فغيرهم عن ذلك أعجز .. وما زال التحدي قائماً رغم كل التقدم المادي التقني والبياني الذي طرأ على الغرب الأعجمي .
فليخلقوا ذباباً وليجتمعوا له ، وليأتوا بحديث من مثله ، وليتظاهروا وليتعاونوا .. إن كانوا صادقين .
هذه هي أقوى معركة فاز فيها القرآن عبر القرون .
أحسنت أخي عصام وقد أقنعتني بقولك هذا. بارك الله بك. وزادك علماً .
 
عودة
أعلى