هل قوله تعالى : ( وترى الجبال تحسبها جامدة ...) في الدنيا أم في الآخرة ؟ أرجو التعليق

وأما سياق الآية فألفاظها تدل على أن المقصود - والله أعلم - إظهار كمال صنع الخالق للجبال في الدنيا ولهذا عبّر بقوله ( وترى) بفعل المضارع وخطاب النبي وهو صلى الله عليه وسلم ابتداءَ ، وهو لن ير تغير الجبال في الآخرة ، ( تحسبها ) والناس في الآخرة لايحسبون الجبال بل يرونها عياناَ تسير عن مكانها، ( تمر ) والمرور يدل على تكرار بخلاف السير وهذا يدل على دوران الأرض . (صنع الله الذي أتقن ) وهذا أظهر في حال الدنيا . وختم الآية كما ذكرت موافق لذلك .
وعليه فيمكن القول بأن الآية تدل على القولين المذكورين ، الثاني نصاَ والأول تعريضاَ وإشارة .
والله أعلم .

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

بعد قراءة متأنية لهذا الموضوع ، وبعد موازنة دقيقة لكافة الآراء الواردة فيه أقول :
تبين لى - بالدليل والبرهان - أن ما جاء فى الاقتباس أعلاه هو الأقرب للصواب والله أعلم
ذلك لأن الآية الكريمة قد جاءت بفعلين مضارعين يدلان على التجدد والاستمرار وهما ( ترى ) و ( تمر ) ، ومن البديهى أن التجدد والاستمرار هما الأوفق بحال الحياة الدنيا والأنسب لأحداثها ، فى حين يتعذر وقوعهما فى أحداث قيام الساعة ، هذا من جهة
ومن جهة أخرى نجد أن المخاطب فى الآية وفى المقام الأول هو النبى صلى الله عليه وسلم ، وهو - كما ذكر من اقتبسنا قوله - لن يعاصر أحداث قيام الساعة ، فى حين أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يرى الجبال فى حياته
ومن جهة ثالثة نجد قوله تعالى " صنع الله الذى أتقن كل شىء " هو الأوفق كذلك بحال الحياة الدنيا ولا يناسب أحوال قيام الساعة
والحق أن من ينكر الاعجاز العلمى لهذه الآية الكريمة ودلالتها على دوران الأرض وسبق القرآن الى تقرير هذه الحقيقة العلمية الثابتة يقينا ، أقول أن من ينكر ذلك عليه أن يراجع نفسه ، ولا أزيد على هذا
وبرغم هذا كله أقول : ان التفسير الآخر للآية هو تفسير مشروع وليس خاطئا ، ولكن يخطىء حقا من يقتصر عليه وحده رافضا الاشارة الاعجازية للآية الكريمة
وقولى انه تفسير مشروع يأتى من منطلق النظر للقرآن الكريم على أنه حمال أوجه ، بما يجعله مناسبا لكل العصور ، فلا يوجد ما يمنع فهمه قديما على وجه ما ، ثم فهمه اليوم على وجه آخر ، شريطة ألا يكون بين هذين الوجهين تعارضا جذريا يحول بين قبولهما معا ، وأعتقد أن هذا هو ما انتهى اليه كذلك الاقتباس المذكور أعلاه
ويبقى علينا فى النهاية أن نقول على الدوام : والله جل وعلا هو أعلى وأعلم
 
العبرة في ألفاظ القرآن الكريم بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
فقوله تعالى ( وترى ) (تحسبها) (وهي تمر) مخاطب فيها كل إنسان ، وقد جاءت جميعها بأفعال مضارعة ، ومعلوم أن الفعل المضارع يدل على الاستمرار، فالمرجح إذا أن الآية الكريمة تتحدث عن الحياة الدنيا .
أما الاستشهاد بالآية الكريمة ( وترى الناس سكارى) فهذا ليس في محله لأنها تتحدث عن الحياة الدنيا حين تقع الواقعة، قال تعالى :
(يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) (الحج:2)، وما ألزم الشيخ نفسه به لا يلزم به أحدا
فقوله لو كان .. يوم القيامة لكان خطأ . فليس من الصحيح أن نحكم بصحّة أو خطأ على أمر غير مُسَلَّم به ، ثم ننفي هذا الأمر لنستدل على قولنا الأول .
والله سبحانه وتعالى أعلم وهو الهادي إلى سواء السبيل
 
وما ألزم الشيخ نفسه به لا يلزم به أحدا
فقوله لو كان .. يوم القيامة لكان خطأ . فليس من الصحيح أن نحكم بصحّة أو خطأ على أمر غير مُسَلَّم به ، ثم ننفي هذا الأمر لنستدل على قولنا الأول .

عفوا أخى الحبيب : لم يتبين لى من هو الشيخ الذى تعنيه ، فقد فاتكم عمل اقتباس لنص كلامه
فالمرجو تعيين شخصه ، وذكر الاقتباس حتى لا اضطر الى معاودة قراءة الموضوع من أوله ، وجزاكم الله خيرا
 
أقصد الشيخ الشنقيطي في ما نقل عنه في أول الموضوع

لم أجده فى كلام الشيخ الشنقيطى رحمه الله تعالى بأول الموضوع كما ذكرتم - وجل من لا يسهو - وانما بعد معاودتى لقراءة الموضوع من أوله وجدته فى كلام الشيخ العثيمين رحمه الله الذى أورده الدكتور عمر المقبل فى المداخلة رقم 27

ويطيب لى أن أضيف الى ما سبق ذكره دليلا جديدا يؤيد أن الآية انما تصف حال الجبال فى الحياة الدنيا وليس يوم تقوم الساعة
هذا الدليل يكمن فى قوله تعالى عن الجبال ( تحسبها جامدة ) الذى هو متحقق بالفعل حين ننظر اليها فى الحياة الدنيا
أما حين تقوم الساعة فلا جمود ولا استقرار لشىء فى الدنيا بأسرها ، بل كل أحوالها ستعم فيها الفوضى والحركة والاضطراب الشديد : فالسماء تمور والبحار تتفجر والأرض تتزلزل والجبال نفسها ينسفها ربى نسفا
انها حالة ثورة عامة وعارمة ، ولا ثبات أو استقرار لشىء حتى وان كان فى رأى العين ، فكل ما تقع عليه العين يومها سيبدو مضطربا كأشد ما يكون الاضطراب ، واقرأوا ان شئتم قوله تعالى :

فاذا النجوم طمست ، واذا السماء فرجت ، واذا الجبال نسفت
وقوله تعالى :
اذا الشمس كورت ، واذا النجوم انكدرت ، واذا الجبال سيرت
وقوله تعالى :
واذا الوحوش حشرت ، واذا البحار سجرت
وقوله تعالى :
اذا السماء انفطرت ، واذا الكواكب انتثرت ، واذا البحار فجرت ، واذا القبور بعثرت
وكذلك :
اذا السماء انشقت ، وأذنت لربها وحقت ، واذا الأرض مدت ، وألقت ما فيها وتخلت
وكذلك :
اذا زلزلت الأرض زلزالها ، وأخرجت الأرض أثقالها
وكذلك :
يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ، وتكون الجبال كالعهن المنفوش

وهكذا نجد كل الجمادات فى حالة حركة عارمة لا ثبات فيها ولا جمود
ثم ان الآية الأخيرة مما سلف ذكره من آيات تكفى وحدها لتأكيد ما نقول ، لأنها تعنى أن الجبال ستكون كالصوف المنفوش فى تفرق الأجزاء والتطاير فى الجو هنا وهناك ، فأين هذا كله من حالة الجمود التى تبدو للناظر اليها كما تفيد الآية الكريمة ، فلم يبق الا أن يكون هذا فى الحياة الدنيا كما أسلفنا
ودوما نقول : والله عز وجل هو أعلى وأعلم
 
(وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (النمل:88)
أقوال المفسرين في تفسير هذه الآية :


الشنقيطي :...وإيضاح ذلك أن بعض الناس قد زعم أن قوله تعالىٰ: {وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ}، يدلّ على أن الجبال الآن في دار الدنيا يحسبها رائيها جامدة، أي: واقفة ساكنة غير متحركة، وهي تمرّ مر السحاب،...
والنوعان المذكوران من أنواع البيان، يبينان عدم صحة هذا القول.
أمّا الأول منهما: وهو وجود القرينة الدالَّة على عدم صحته، فهو أن قوله تعالىٰ: {وَتَرَى ٱلْجِبَالَ} معطوف على قوله: {فَفَزِعَ}، وذلك المعطوف عليه مرتّب بالفاء على قوله تعالىٰ: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ}، أي: ويوم ينفخ في الصور، فيفزع من في السمٰوات وترى الجبال، فدلّت هذه القرينة القرءانية الواضحة على أن مرّ الجبال مرّ السحاب كائن يوم ينفخ في الصور، لا الآن.
وأمّا الثاني: وهو كون هذا المعنى هو الغالب في القرءان فواضح؛ لأن جميع الآيات التي فيها حركة الجبال كلّها في يوم القيامة؛ كقوله تعالىٰ: {يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَاء مَوْراً * وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً}، وقوله تعالىٰ: {وَيَوْمَ نُسَيّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلاْرْضَ بَارِزَةً}، وقوله تعالىٰ: {وَسُيّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً}، وقوله تعالىٰ: {وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيّرَتْ}. )

وقد نقل الشيخ حسين الحربي بعض كلام الشنقيطي السابق مقراً له في كتابه : قواعد الترجيح عن المفسرين 1/182-183 ... .

هذا كلام الشنقيطي ، الذي نقل عنه
 
هذه عودة مني لأفي بما وعدت به من نقل كلام شيخنا رحمه الله على الآية .

قال رحمه الله : وفي الحديث فوائد .... ثم ذكر أربعاً ،والخامسة ـ هي بيت القصيد ـ وهذا نص كلامه :
5 - وفيه ـ أيضاً ـ أن الناس في ذلك اليوم ، تراهم : أي : فتظنهم سكارى ، وما هم بسكارى ؛ لأنه من شدة الهول يكون الإنسان يتصرف كالمرعوب ، كالسكران ، وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد .
ومن هنا يتبين بطلان من رجح أن معنى قول الله تعالى : ( وترى الجبال تحسبها جامدة ، وهي تمر مر السحاب ) أن ذلك في الدنيا ، وليس في الآخرة ، واستدل به على دواران الأرض .
وقد علل أن قوله تعالى : ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ) بأنه لو كان يوم القيامة ، لكان خطأً ؛ لأن الناس يوم القيامة لا يتوهمون الأشياء ، بل يرونها على حقيقتها ، فلا يرون الجبال يحسبونها جامدة .
فنقول : هذا غلط
، ها هو الله يقول : ( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ) ، فيتوهمون أن هؤلاء ـ الذين ليس بسكارى ـ يتوهمون أنهم سكارى ، والإنسان إنسان ، في الدنيا وفي الآخرة .
وهذا كلام الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى
أشكرك أخي الكريم للتنبيه وإلتصحيح وجل من لا يسهو
وقد يكون ذلك من مشاكل تواجهني عند مشاركتي في هذا المنتدى ، فتتوقف لوحة المفاتيح عن الإستجابة لثواني ، مما قد يظهر خطأ في الطباعة إن لم تراجع الموضوعات، أو تحذف الشاشة كاملة ، أو ينقطع الاتصال فيضيع ما أكتبه والذي يأخذ وقتا فلا أعلم أمثل هذه الأمور تواجهني وحدي أم تواجه أعضاء المنتدى.
 
بسم الله الرحمان الرحيم

هذا مجمل ما قاله فظيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله في معنى هذه الآية

تظنها ثابتة، وتحكم عليها بعدم الحركة؛ لذلك نسميها الرواسي والأوتاد { وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } [النمل: 88] أي: ليس الأمر كما تظن؛ لأنها تتحرك وتمر كما يمرّ السحاب، لكنك لا تشعر بهذه الحركة ولا تلاحظها لأنك تتحرك معها بنفس حركتها.
وهَبْ أننا في هذا المجلس، أنتم أمامي وأنا أمامكم، وكان هذا المسجد على رحاية أو عجلة تدور بنا، أيتغير وضعنا وموقعنا بالنسبة لبعضنا؟
إذن: لا تستطيع أن تلاحظ هذه الحركة إلا إذا كنتَ أنت خارج الشيء المتحرك، ألاَ ترى أنك تركب القطار مثلاً ترى أن أعمدة التليفون هي التي تجري وأنت ثابت.
ولأن هذه الظاهرة عجيبة سيقف عندها الخَلْق يزيل الله عنهم هذا العجب، فيقول { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } [النمل: 88] يعني: لا تتعجب، فالمسألة من صُنع الله وهندسته وبديع خَلْقه، واختار هنا من صفاته تعالى: { الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } [النمل: 88] يعني: كل خَلْق عنده بحساب دقيق مُتقَن.
البعض فهم الآية على أن مرَّ السحاب سيكون في الآخرة، واستدل بقوله تعالى:{ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ }[القارعة: 5].

وقد جانبه الصواب لأن معنى{ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ }[القارعة: 5] أنها ستتفتت وتتناثر، لا أنها تمر، وتسير هذه واحدة، والأخرى أن الكلام هنا مبنيٌّ على الظن { تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } [النمل: 88] وليس في القيامة ظن؛ لأنها إذا قامتْ أحداثها مُتيقنةٌ.
ثم إن السحاب لا يتحرك بذاته، وليس له موتور يُحركِّه، إنما يُحرِّكه الهواء، كذلك الجبال حركتها ليست ذاتيةٌ فيها، فلم نَرَ جبلاَ تحرَّك من مكانه، فحركة الجبال تابعة لحركة الأرض؛ لأنها أوتاد عليها، فحركة الوتد تابعة للموتود فيه.

لذلك لما تكلم الحق ـ سبحانه وتعالى ـ عن الجبال قال:{ وَأَلْقَىا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ }[النحل: 15].
ولو خُلِقتْ الأرض على هيئة السُّكون ما احتاجتْ لما يُثبِّتها، فلا بُدَّ أنها مخلوقة على هيئة الحركة.

في الماضي وقبل تطور العلم كانوا يعتقدون في المنجِّمين وعلماء الفلك الكفرة أنهم يعلمون الغيب، أما الآن وقد توصَّل العلماء إلى قوانين حركة الأرض وحركة الكواكب الأخرى في المجموعة الشمسية واستطاعوا حساب ذلك كله بدقة مكّنتهم من معرفة ظاهرة الخسوف والكسوف مثلاً ونوع كل منهما ووقته وفعلاً تحدث الظاهرة في نفس الوقت الذي حددوه لا تتخلف.

واستطاعوا بحساب هذه الحركة أنْ يصعدوا إلى سطح القمر، وأن يُطلِقوا مركبات الفضاء ويُسيِّروها بدقة حتى إنَّ إحداها تلتحم بالأخرى في الفضاء الخارجي.
كل هذه الظواهر لو لم تكن مبنية على حقائق مُتيقَّنة لأدتْ إلى نتائج خاطئة وتخلفتْ.
ومن الأدلة التي تثبت صحة ما نميل إليه في معنى حركة الجبال، أن قوله تعالى { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } [النمل: 88] امتنان من الله تعالى بصنعته، والله لا يمتنُّ بصنعته يوم القيامة، إنما الامتنان علينا الآن ونحن في الدنيا.


[align=center]مقتبس من تفسير الشيخ الشعراوي و هذا ما أراهو أرجحه والله أعلم[/align]

وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ [النمل : 88]


فإذا كانت حركت الجبال أو سيرها لا نحس بها فأين الفزع إذن..؟ إذا كان المقصود بها في اليوم الآخر.

أحسنتم و جزاكم الله
 
بسم الله الرحمان الرحيم

هذا مجمل ما قاله فظيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله في معنى هذه الآية
. . . . .
البعض فهم الآية على أن مرَّ السحاب سيكون في الآخرة، واستدل بقوله تعالى:{ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ }[القارعة: 5].

وقد جانبه الصواب لأن معنى{ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ }[القارعة: 5] أنها ستتفتت وتتناثر، لا أنها تمر، وتسير هذه واحدة، والأخرى أن الكلام هنا مبنيٌّ على الظن { تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } [النمل: 88] وليس في القيامة ظن؛ لأنها إذا قامتْ أحداثها مُتيقنةٌ.
ثم إن السحاب لا يتحرك بذاته، وليس له موتور يُحركِّه، إنما يُحرِّكه الهواء، كذلك الجبال حركتها ليست ذاتيةٌ فيها، فلم نَرَ جبلاَ تحرَّك من مكانه، فحركة الجبال تابعة لحركة الأرض؛ لأنها أوتاد عليها، فحركة الوتد تابعة للموتود فيه . . . . .


رحم الله شيخنا الشعراوى رحمة واسعة ، وجعل الفردوس الأعلى مستقره ومثواه

شكرا لك أخى بلفاع على هذا النقل ، جزاكم الله خيرا
 
جزم ـ بل قال : لا أشك ـ فضيلة الدكتور عبدالعزيز الحربي في كتابه (وجه النهار) أن هذه الآية في الدنيا !!

وهذا نص كلامه وفقه الله: ( لا أشك في أن هذه الآية في دوران الأرض؛ بدليل قوله تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل: 88]؛ فهذا صنع وليس بتخريب، وبدليل قوله: {تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} [النمل: 88] والجبال حين تقوم الساعة لا يحسبها جامدة من يراها؛ لأنها تدك دكاً، وتنسف نسفاً.
ثم إن خاتمة الآية لا يناسبها إلا هذا المعنى؛ وهو مخاطبتهم بما يفعلونه، وهم في حياتهم الدنيا، والجبال تمر مرّ السحاب.) انتهى من كتاب وجه النهار ص 283
 
استدلالات وتوجيهات نفيسة في معظمها
تلك التي أوردها الإخوة الذين بحثوا هذا الموضوع وناقشوه
وأريد أن أقول هنا كلمة
بعيداً عن الانتصار لهذا القول أو ذاك:

إذا ثبت علمياً وبشكل يقيني أن الأرض في الحياة الدنيا تدور، فهل في الآية المذكورة ما يمنع
من القول بذلك؟
وأضرب مثالاً يسيراً للتوضيح:
إذا ركبت في سيارتك، وأخذت معك حقيبة فوضعتها في صندوق السيارة وربطتها بإحكام حتى لا تتحرك، ثم
انطلقت في سيارتك إلى وجهتك: فهل هذه الحقيبة المثبتة في صندوق السيارة تسير أم أنها ثابتة؟
طبعاً هي تسير بسير السيارة، مع أنها مثبتة ومشدودة.
وهكذا الشأن في الجبال: مشدودة إلى متن الأرض يحسبها الرائي جامدةً،
والأرض تدور بسرعةٍ هائلة: حول نفسها، وحول الشمس، والأرض والشمس وسائر المجموعة الشمسية تدور في
مداراتها مع المجرة، والمجرة الهائلة الضخمة تسبح في هذا الفضاء الفسيح، وتجري لمستقر لها،
(والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون).
فهل هناك ما يمنع من القول بحركة الأرض؟
وإذا تحركت الأرض أليست الجبال تتحرك بحركتها؟
اللهم ارزقنا العلم النافع، والفهم العميق، والتدبر الدقيق، والعمل بما علمنا، والإخلاص والقبول. آمين.
 
الجمود ليس الثبات

الجمود ليس الثبات

السلام عليكم ورحمة الله
أرى والله أعلم - أن الجمود ليس بمعنى الثبات هنا
فالجمود عكسه الذوبان
الثبات عكسه الحركة
وأرى أن الآية تتحدث عن جبال الثلج التي تعوم في البحار متحركة حركةً بطيئةً كحركة السحاب
وتحسبها جامدة وهي في حالة ذوبان مستمر,
كذلك يكون تبخرها من عوامل تشكل السحاب
هكذا تكتمل حلقات الدلالة جميعها

وكثرة هذه الجبال هي من نذر الساعة فذوبان المحيطات يهدد الأرض
 
آيات تثبت أن تسيير الجبال من نذر يوم القيامة... لكن استعمال الفعل (تمرّ) كان حالةً استثنائية في هذا الجانب فالمرور يتطلب أن يكون هناك شيء ثابت يُمر عليه أو يوقف عليه أثناء السير وليس سيرا عاما نحو قوله تعالى:
"* أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ...) (البقرة : 259 )
*وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (يونس : 12 )
* َصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ) (هود : 38 )
*(وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف : 105 )
* (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ) (الصافات : 137 )



--------------------------
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) (النور : 43 )
َيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (الكهف : 47 )
(وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً) (الطور : 10 )
(وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً) (النبأ : 20 )
(وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) (التكوير : 3 )

----------------------------------
آيات تفصل الأرض عن الجبال
* (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب : 72 )
* (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) (الحاقة : 14 )
* (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً) (المزّمِّل : 14 )
*(وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاءُ اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (الرعد : 31 )

----------------------
ومرتكز الدلالة يكمن في قوله( تحسبها جامدة) مما يدل على أنه لم يقصد يوم القيمامة لأن الأرض تمور والجبال تسير ....
وهذا حال جبل الجليد الذي يطفو فوق الماء ويمر مرورا بطيئا حيث ينسجم مع الضوابط اللغوية للسياق التي تتلخص فيما يلي:
الحركة البطئة
الجمود الظاهر
نفي أن يكون يوم القيامة
انسجام مع تمام الآية : صنع الله...
انسجام مع السحب من عدة زوايا: في الشكل واللون والحجم والعنصر المكون (الماء) مع لفت الانتباه إلى أنه يمثل حالتين من حالات الماء السائلة والمتجمدة والغازية أو البخار
*
 
السلام عليكم ورحمة الله
أرى والله أعلم - أن الجمود ليس بمعنى الثبات هنا
فالجمود عكسه الذوبان
الثبات عكسه الحركة
وأرى أن الآية تتحدث عن جبال الثلج التي تعوم في البحار متحركة حركةً بطيئةً كحركة السحاب
وتحسبها جامدة وهي في حالة ذوبان مستمر,
كذلك يكون تبخرها من عوامل تشكل السحاب
هكذا تكتمل حلقات الدلالة جميعها

وكثرة هذه الجبال هي من نذر الساعة فذوبان المحيطات يهدد الأرض

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الذوبان يا أخي هو عملية تحويل مادة صلبة إلى مادة سائلة بواسطة الحرارة، فإذا عكسنا العملية وعرضنا السوائل إلى البرودة فإنها تتحول إلى جليد نقول عنه إنه تجمد.
لماذا نصف الجليد بالتجمد؟
لأن المادة السائلة طبيعتها الانسياب والاستطراق، أي أنك لا يمكنك أن تفرغ إناء مكعبا مليئا بالماء على الأرض فيبقى حجم الماء متخذا الشكل التكعيبي كما كان في الإناء المكعب بل سينساب ويستطرق أفقيا،
أما لو كان الماء جليدا في الإناء فسيقبى شكل حجمه هو نفسه بعد إخراجه لأنه تحول إلى مادة صلبة شكل حجمها جامد في مكانه كقطعة الصابون.
إذن فالأصل في الجماد هو الثبات وعدم الحركة ، فالمخلوقات المادية أربعة أنواع : الإنسان والحيوان والنبات والجماد.
لا يمكن أن يكون هذا النوع الرابع (الجماد) هو الجليد بل هو كل شيء غير متحرك بذاته كالحجر والجدار وهكذا...

آية سورة النمل (وترى الجبال تحسبها جامدة) هي آية غيبية بالنسبة للمعاصرين للتنزيل الحكيم بدليل قوله تعالى في آخر السورة ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ).
لو كان الناس في عهد التنزيل قد عرفوا مدلول الآية 88 من سورة النمل لما أتى بها الله في سورة قال عن آياتها ( سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ) ، إذا أتيتك بمسألة رياضية وقلت لك : سأريك حلها، فإني ما قلت لك هذا الكلام إلا لأني أعلم أنك لن تستطيع حلها، كذلك ما قال الله تعالى عن آية الجبال في سورة النمل(سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ) إلا لأنها نبأ غيبي يتعلق بالمستقبل، فآية دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس لم تكن معروفة لهم لأن الوسائل العلمية المتاحة للناس في عصرنا لم تكن لديهم ليروا بها هذه الآية المتقنة، وبما أن هذه الآية هي نبأ غيبي فإن الله يسلك بين يديه ومن خلفه رصدا ليظل غيبا لا يعرفه الناس قبل آوانه، فإذا جاء أوانه وتحقق واقعا عند ذلك يخرجه الله من حالته الغيبية إلى حالة الشهادة ، فتفك الأرصاد عنه.
قال تعالى : عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا .
الغيب الذي نحن بصدده هو ما جاء في الآية 88 من سورة النمل: ((وترى الجبال تحسبها جامدة....).
أما الرصد الذي كان يمنع معرفة التفسير الصحيح لآية سورة النمل والذي سلكه الله بين يدي هذا الغيب (أي قبله) فهو ما جاء في الآية التي قبلها (الآية 87) : وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ .
هي آية تتكلم عن يوم القيامة.
وأما الرصد الذي سلكه الله من خلف هذا الغيب (أي من بعده) فهو ما جاء في الآية التي بعده (الآية 89) : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ )، وهي أيضا آية تتكلم عن يوم القيامة.
إذا فما قبل هذا النبأ الغيبي آية تتكلم عن يوم القيامة ، وما بعده آية أيضا تتكلم عن يوم القيامة، فهما آيتان كانتا رصدا يحفظ الغيب ويمنع كشفه قبل أوانه ، وهذا ما حصل بالفعل ، فكل المفسرين قبل هذا العصر صدهم هذا الرصد عن كشف هذا النبأ الغيبي قبل أوانه فأجمعوا أن آية الجبال التي تمر مر السحاب إنما تتكلم عن يوم القيامة، واستدلوا على ذلك بالآية التي جاءت قبلها والآية التي جاءت بعدها.
 
عودة
أعلى