هل في القرآن أعجمي معرّبٌ؟

محمد يزيد

Active member
إنضم
24/01/2012
المشاركات
534
مستوى التفاعل
26
النقاط
28
العمر
44
الإقامة
الجزائر
بسم1
امتن الله على الناس باختلاف اللغات فجعلها آية، قال الله سبحانه وتعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ } (سورة الروم 22)، وأرسل الله إلى الأمم رسلا بألسنتهم تيسيرًا للبلاغ، وذلك قوله عز وجل: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (سورة إِبراهيم 4)، ثم جعل الله آخر كتبه القرآن، وكان أن اجتبى له العربية لتكون وعاءه قبل أن يخلق الخلق: { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } (سورة يوسف 1 - 2).
إذا علم أن القرآن كلام الله لفظا ومعنى، وهو قديم أزلي، فاللازم أن تكون لغته التي تعدل من حيث عدد جذورها ثلث اللغة العربية وقفية موضوعة من باريها، وليس للإنسان فيها من دخل. ويلزم من هذا أن القول بأعجمية بعض الكلمات وأصلها الفارسي أو الحبشي أو الآرامي كلام باطل، إذ كيف يقاس السابق وهو عربية القرآن على اللاحق وهو لغة فارس مثلا الناشئة مع أمة الفرس ليقال: الإستبرق فارسي معرب!!!!.
والباحث في اللسانيات وخصوصا اللغات السامية منها، يميز بوضوح قوة الفرضية القائلة أن اللغات السامية لها أصل واحد، وربما كانت اللغات كلها ذات لغةٍ أمٍّ واحدة تفرعت عنها، وهذا ما يسعى للكشف عنه علماء اللسانيات، ونسأل الله أن تسفر عنه الأيام قريباً، وينطق المنصفون منهم به، وعسى أن تكون اللغة العربية هي تلك الأم.
وإذا تدبرنا ما جاء في القرآن عن موضوع عربيته وجدنا أن عربيته تحوي معنى اكتمال اللسان واعوجاج ما دونه من اللغات حتى تسمت أعجمية: { قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } (سورة الزمر 28)، { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ } (سورة فصلت 44).
ومعلوم أن الأعجم كما في لسان العرب وغيره هو الذي لا يفصح، ولا يبين كلامه. أليس في تسمية اللغات التي هي خلاف اللغة العربية أعجمية دلالة واضحة على عمل الناس (وربما إبليس) في اللغة الأصل تبديلا وتحريفا حتى آلت إلى ما نعرف، وأليس الابتعاد عن الدين الحق مدعاة إلى التردي في مهاوي النقص في اللغة أيضا كما في العقيدة.
أيسهل أن نسلِّم أنَّ السماء هي اسم مؤنثٌ في القرآن وكان التأنيث فيها من غير قصد امتياز بعلة. وإن كان من وراء التأنيث والتذكير علل محكمة، فكيف يجتمع أن تكونَ السماء في لغة الفرنسيين مثلا مذكرًا وتكون متفقة مع تلك الأصول في وضع اللغة. ألا يوحي الأمرُ بفسادٍ لا يفطن له الناسُ أصابَ لغة البشر فما كان من الشارع الحكيم إلا أن يتعاهدها بالوحي باللغة الأم الكاملة لإرجاع الأمور إلى نصابها.
إن ما أخرجه ابن جرير بسند صحيح عن أبي ميسرة التابعي الجليل أنه قال: "في القرآن من كل لسان"، دلالة على أن لكل لسان أصلا في القرآن، أي أنه انحدر منه، وهذا تِبعًا لما أثبته القرآن من احتوائه كل شيء وتفصيل كل شيء، ولا يدل على ما يفهم بادئا أنَّ القرآن نزل بلغات العالم كلها.
___
كأني بقائل يقول: حسبك، فإن من الوحي ما كان بلغات الأعاجم، وجوابي أن هذا لا يقوم عليه دليلٌ، وحتى التوراة والإنجيل والزبور ما من دليل على كونها بغير اللغة العربية، اندثرت الأصول من تلك الكتب، وكتبت بعدها بأزمانٍ محفوظات بألسنة القوم على تحريفٍ وتبديل. والمسلم به أن الرسل أرسلوا بألسنة أقوامهم مفسرين، وليس لازما أن تكون الكتب كذلك. وهناك دراسات قوية تقول أن العبرية هي لهجة عربية قديمة لاشتراكها معها فيما يربو عن 900 صفحة من كلماتها قبل أن تنشأ العبرية الحديثة الآخذة من لغات شتى، ومع ذلك فإن أكثر من ألفي كلمة مازالت مشتركة بينهما.
ألسنا نقرأ: { وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ } (سورة البقرة 58)، وقد بدلوها حنطة، وفي: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا } (سورة البقرة 104)، والراعن الخطّاء كما عند الطبري قالوه استهزاء أو أن النهي لكونها مقولة عن سوء خلق غير لائقة لخطاب النبي صلى الله عليه وسلم، ألم يبين الله لنا علة قولهم ذاك فقال: { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ } (سورة النساء 46)، إن ليَّ لسان الوحي خطيئة، وإن كانت العربية لسان الوحيِ كما تقدم فإنهم استهدفوا الطعن في الدين بليِّ الألسنة وتكوين لغات أخرى قصد صدِّ الناس عن ذكر الله وفهم مراده فيما أنزل، لكن الله رحيم بعباده، يخطئون ويرسل إليهم رسلا بألسنتهم لعدم تحمل الذرية جريرة الآباء والأسلاف.
ثم لنتأمل قوله جل وعلا: { وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } (سورة الشعراء 192 - 199).
لقد أقر الله أنه في زبر الأولين مبثوث، وأردف بمعرفة علماء بني إسرائيل هذا، ثم ردَّ على من تخيل أنّ نزوله على الأعاجم مما يرتجى نفعه. ولعل ذلك لاختلاف اللسان، وربما مما كان في سالف الأزمان مع من لا نعرف من الرسل أنَّهم يفسرون لهم وحي الله المنزل باللغة العربية بألسنتهم تيسيرًا ورحمة.
والله تعالى أعلى وأعلم.
___
 
هلْ في اللُّغَاتِ الأعْجميَّةِ ما ليسَ أصلُهُ عربيًّا؟

هلْ في اللُّغَاتِ الأعْجميَّةِ ما ليسَ أصلُهُ عربيًّا؟

بسم1​
هكذَا حدثَ الأمرُ واللهُ أَعلم:

1- خلق الله آدمَ في أتمِّ خِلْقَةٍ، ثمَّ علَّمَه الأسماءَ كُلَّهَا، وبذلك حاز كلمات "الكتابِ" الكاملِ للغَة العَربيَّة الأولى التي لا تختلفُ عن الحاليّةِ إلا في كِبَر حجم قاموس مفرداتها، وإنما تجنَّبْتُ كلمة المعجمِ مع قربها للاصطلاح الشائع بسبب كون المعجم من العُجْمة.
وإذا علمنا أن المعَلِّمَ هُوَ الله سبحانه وتعالى، والمُعَلَّمَ آدمُ عليه السلام فهِمْنَا بسهولةٍ معنى كمال اللغةِ العربيَّة الأولى.
2- عصى آدمُ ربَّهُ، وذلك نقصٌ ونزول عن مرتبة الكمال في العقل والقلب ومنطق اللسان، فهذا سبب العجمة الأوَّل.
3- أهْبِطَ آدم وزوجه من الجنَّة، وأصبحت دواعي العُجمةِ أكثر.
4- ثمَّ كثرت ذريَّة آدمَ وافترقوا عن أبيهم، واقترفوا من الآثام كالقتل وغيره ما بهِ استَحقُّوا اختلاطَ الألسنةِ التي هي من وراء العقول والقلوب أدلَّتها.
5- أنزل الله الكتابَ (مكتوبًا باللغة العربيَّة)، فمنْ أتقَنَ العربيَّة فذاكَ، ومن عرفَ منها جزءًا أو تَعلَّمها من الأنبياء فتلك سنَّةُ الله بترجمةِ الرُّسُلِ الكتابَ لأقوامهم.
6- فقهُ العَربيَّةِ أحدُ أجزاء النبوَّة، وهو ما حدثَ مع إسماعيل عليه السلام، يُلْهَمهُ الأنبياءُ لتوافق العربيَّة مع كمالِ رجاحة العقلِ واتزانِ الخُلُقِ والتفكير الفطريِّ السليم.
7- جعَل أهل الكتابِ الكتابَ في قراطيسَ، أبدوا بعضها وأخفوا أكثرها.
8- قليلُ ما أبدوهُ لم يوافق هواهم فحرفوهُ.
9- ما سلِمَ من التحريفِ وهو قليلٌ جدًّا لم يَسْلَم من سوءِ فهمهم له بسبب كونه عربيًّا، وهمْ أثقلتهم العجمةُ، فإن همْ أظهروه للعربِ حاجوهم به، وإنْ هم أبقوهُ مخفيًّا لمْ يسعدوا بما فيه.
10- بعَثَ اللهُ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم بالكتابِ المُبينِ، وسماهُ قرآنًا، وجعله عربيًّا هيَّأ له على مراحلَ من نسل إسماعيل عليه السلام من يفقهه.
11- والتسميَة بالقرآن لها حكمتانِ ظاهرتَان:
- فمن جهةِ عدم التباس نصِّهِ المتوفِّرِ أجزاءٌ منه لدى أهل الكتاب وزيادة معنى القراءة على الكتابة فيه سمّي قرآنًا، أي أنه كتَابٌ مكتوبٌ وكذلكَ هُو قُرآنٌ يُقرأُ.
- ومن جهَة كثرة قراءته، فلا كتابَ على وجه الأرضِ يُقْرَأُ كما يقرأ القرآن، ودليلهُ في واقعِ الحال مشهودٌ، ومن جهة اللغة فالدَّليل أنَّ صيغة الكلمة "فُعْلانٌ" مثل "حسبانٍ" لأدقِّ الحساب وأتَمّه، و"فُرقان" لشدّة التفريق.

والله أعلم.
 
بسم1​
هكذَا حدثَ الأمرُ واللهُ أَعلم:

1- خلق الله آدمَ في أتمِّ خِلْقَةٍ، ثمَّ علَّمَه الأسماءَ كُلَّهَا، وبذلك حاز كلمات "الكتابِ" الكاملِ للغَة العَربيَّة الأولى التي لا تختلفُ عن الحاليّةِ إلا في كِبَر حجم قاموس مفرداتها، وإنما تجنَّبْتُ كلمة المعجمِ مع قربها للاصطلاح الشائع بسبب كون المعجم من العُجْمة.
وإذا علمنا أن المعَلِّمَ هُوَ الله سبحانه وتعالى، والمُعَلَّمَ آدمُ عليه السلام فهِمْنَا بسهولةٍ معنى كمال اللغةِ العربيَّة الأولى.
2- عصى آدمُ ربَّهُ، وذلك نقصٌ ونزول عن مرتبة الكمال في العقل والقلب ومنطق اللسان، فهذا سبب العجمة الأوَّل.
3- أهْبِطَ آدم وزوجه من الجنَّة، وأصبحت دواعي العُجمةِ أكثر.
4- ثمَّ كثرت ذريَّة آدمَ وافترقوا عن أبيهم، واقترفوا من الآثام كالقتل وغيره ما بهِ استَحقُّوا اختلاطَ الألسنةِ التي هي من وراء العقول والقلوب أدلَّتها.
5- أنزل الله الكتابَ (مكتوبًا باللغة العربيَّة)، فمنْ أتقَنَ العربيَّة فذاكَ، ومن عرفَ منها جزءًا أو تَعلَّمها من الأنبياء فتلك سنَّةُ الله بترجمةِ الرُّسُلِ الكتابَ لأقوامهم.
6- فقهُ العَربيَّةِ أحدُ أجزاء النبوَّة، وهو ما حدثَ مع إسماعيل عليه السلام، يُلْهَمهُ الأنبياءُ لتوافق العربيَّة مع كمالِ رجاحة العقلِ واتزانِ الخُلُقِ والتفكير الفطريِّ السليم.
7- جعَل أهل الكتابِ الكتابَ في قراطيسَ، أبدوا بعضها وأخفوا أكثرها.
8- قليلُ ما أبدوهُ لم يوافق هواهم فحرفوهُ.
9- ما سلِمَ من التحريفِ وهو قليلٌ جدًّا لم يَسْلَم من سوءِ فهمهم له بسبب كونه عربيًّا، وهمْ أثقلتهم العجمةُ، فإن همْ أظهروه للعربِ حاجوهم به، وإنْ هم أبقوهُ مخفيًّا لمْ يسعدوا بما فيه.
10- بعَثَ اللهُ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم بالكتابِ المُبينِ، وسماهُ قرآنًا، وجعله عربيًّا هيَّأ له على مراحلَ من نسل إسماعيل عليه السلام من يفقهه.
11- والتسميَة بالقرآن لها حكمتانِ ظاهرتَان:
- فمن جهةِ عدم التباس نصِّهِ المتوفِّرِ أجزاءٌ منه لدى أهل الكتاب وزيادة معنى القراءة على الكتابة فيه سمّي قرآنًا، أي أنه كتَابٌ مكتوبٌ وكذلكَ هُو قُرآنٌ يُقرأُ.
- ومن جهَة كثرة قراءته، فلا كتابَ على وجه الأرضِ يُقْرَأُ كما يقرأ القرآن، ودليلهُ في واقعِ الحال مشهودٌ، ومن جهة اللغة فالدَّليل أنَّ صيغة الكلمة "فُعْلانٌ" مثل "حسبانٍ" لأدقِّ الحساب وأتَمّه، و"فُرقان" لشدّة التفريق.

والله أعلم.
جزاك الله خيرا،
ذُكر في النقطة الرابعة ان اختلاط الألسنة عقوبة مستحقة، فهل ذلك يوافق قول الله "ومن آياته اختلاف ألسنتكم وألوانكم"؟
 
احسن الله إليك استاذ محمد
هناك بحث للأستاذ زياد السلوادي بعنوان " عجائب وأسرار اللغة العربية ، هل هي سماوية أم أرضية توافقية " يصل فيها الباحث أن النظام العجيب والتناسق الغريب في تركيب ألفاظ اللغة العربية لا يمكن أن يكون نظاما عشوائيا توافقت عليه جموع من البدو الرحل والأعراب البدائيين ، وأن هذه اللغة كانت موجودة منذ الأزل وقديمة قدم كلمة "الله" وأنها الأصل لكل اللغات والأم لكل الألسنة وهي ما ستكون لأهل الآخرة في الجنة كما كانت قبل خلق آدم.
وإذا خيرت بين قول الله "قرآنا عربيا" وبين قول القائلين بوجود كلمات أعجمية في كتاب الله ، ضربت بأقوالهم عرض الحائط وقدمت خبر السماء على فلسفة الدهماء.
والله اعلم
 
هذا الموضوع يحتاج إلى تفصيل وتحرير.
التعريب في اللغة العربية لا يناقض عربية اللغة بل ولا يناقض كون القرآن كلام ربنا عز وجل. فلو أن لفظة ما أُدرجت في كلام العرب -قبل نزول القرآن الكريم- من اللغة الفارسية ،ثم استعملها العرب بعد التعريب على السليقة. فهذه الكلمة عربية بغض النظر عن أصلها. وهذا مايُعرف باسم التوطين أو التجنيس. وهو ظاهرة معروفة في كل لغات العالم.

أمّا فيما يتعلق بِبَلبلة الألسن وكونها عقاب ، فهذا ما يقوله الكتاب المقدس لليهود، والقرآن الكريم يحكي خلاف ذلك! فاختلاف الألسن هو آية من آيات الله.
 
جزاك الله خيرا،
ذُكر في النقطة الرابعة ان اختلاط الألسنة عقوبة مستحقة، فهل ذلك يوافق قول الله "ومن آياته اختلاف ألسنتكم وألوانكم"؟

هذا الموضوع يحتاج إلى تفصيل وتحرير.
أمّا فيما يتعلق بِبَلبلة الألسن وكونها عقاب ، فهذا ما يقوله الكتاب المقدس لليهود، والقرآن الكريم يحكي خلاف ذلك! فاختلاف الألسن هو آية من آيات الله.
ينبغي أن نضع في الحسبان أمورًا:
- أوَّلها أن الآية ليست في كل الأحوالِ من إرادة الله الشرعية، بل كثيرا ما تكون من إرادة الله الكونية، ومثال ذلك قوله سبحانه: { فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ } (سورة يونس 92)، وقوله: { وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (سورة القمر 15)، وقوله: { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا } (سورة الإسراء 59).
- ثانيهَا ما ذكرته في منشور سابقٍ أن من حكمة الله أنَّهُ لا يؤاخذ الذرية بجريرة الآباءِ، لذا فإن الشرائع السماويَّة تساير ما يُحْدث البشر من بِدَعٍ وآثامٍ مسايرة المصلحِ القيُّوم على الأرض والسماء لئلا تفسدا وتزولا.
ومثاله أن القتل والحرابة وقطع السبيل من كبائر الإثم المستحدثة عند البشر؛ لم تتوقَّف الشريعةُ عند تجريمها، بل شرعت لها القصاص وجعَلَت أضدادها من القتل تحت مسمى الجهاد أحد أعظم القربات.
والشاهدُ أنَّ قتل النفس بغير الحق آية، والجهاد آية والثانية من مراد الله الشرعيِّ.
واللغاتُ الأعجميةُ آياتٌ مستحدثة بالضعْف والإثم ولاحرَجَ على وارثها من آبائه، واللغة العربيَّة آية متعبَّدٌ بتعلمها بنية فهم كلام الله ومراده، وهيَ أوْلى لجلب خيري الدنيا والآخرة.
والعلم يُصدق هذا، والأممُ التي بلغَتْ شأوًا في البحث والدراسة في هذا الموضوع أدركت أن مآل اللغات الأعجمية الزوالُ العاجل فهي تكتب أرشيفها باللغة العربية؛ فقطْ لأن مقوماتها ربانيةٌ قرآنية صرفة لم تعبث بها أيدي البشر وقرائحهم الضالة.

وكذلك إذا زنى الأسودُ بالبيضاءِ فنشأَ ولدٌ مختلفٌ عن أحدِ أبويه أو كليهما، فليسَ لنا أن نعترضَ عن كونِ اختلاف ألوانهم آيةً بسبب كونها ناتجةً عن الزِّنى.
{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ } (سورة الروم 22).

والله أعلم.
 
احسن الله إليك استاذ محمد
هناك بحث للأستاذ زياد السلوادي بعنوان " عجائب وأسرار اللغة العربية، هل هي سماويَّة أم أرضية توافقية" يصل فيها الباحث أن النظام العجيب والتناسق الغريب في تركيب ألفاظ اللغة العربية لا يمكن أن يكون نظاما عشوائيا توافقت عليه جموع من البدو الرحل والأعراب البدائيين ، وأن هذه اللغة كانت موجودة منذ الأزل وقديمة قدم كلمة "الله" وأنها الأصل لكل اللغات والأم لكل الألسنة وهي ما ستكون لأهل الآخرة في الجنة كما كانت قبل خلق آدم.
وإذا خيرت بين قول الله "قرآنا عربيًّا" وبين قول القائلين بوجود كلمات أعجمية في كتاب الله، ضربت بأقوالهم عرض الحائط وقدمت خبر السماء على فلسفة الدهماء.
والله اعلم
الأستاذ عدنان،
بارك الله فيك وأفادك الله وأفاد بك.
سأقرأه إن شاء الله.
ما أحوجنا إلى أن نسبر أغوارها، ونكشف عجائبَهَا وأسرارهَا.
رحم اللهُ حافظًا حينَ نطقَ على لسانها فقال:
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ ::: فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي.

على أنَّ التوجيهَ الذي ذكرهُ الأخ عبد الله الأحمد حسنٌ لمنْ ضعُفتْ الأدلَّةُ عنده بربانية اللغة العربية وتوقيفها.
وأقصد ما قالهُ:
هذا الموضوع يحتاج إلى تفصيل وتحرير.
التعريب في اللغة العربية لا يناقض عربية اللغة بل ولا يناقض كون القرآن كلام ربنا عز وجل. فلو أن لفظة ما أُدرجت في كلام العرب -قبل نزول القرآن الكريم- من اللغة الفارسية ،ثم استعملها العرب بعد التعريب على السليقة. فهذه الكلمة عربية بغض النظر عن أصلها. وهذا مايُعرف باسم التوطين أو التجنيس. وهو ظاهرة معروفة في كل لغات العالم.


وأما عن بحث الأستاذ زياد السلوادي الذي أشرتَ إليهِ، فأحسبُ أن أمثال هذا البحث وغيره من مؤلفات عبد الرحمن البوريني ومحمود العقاد وفتحية عبد العزيز ومهند عبد الرزاق الفلوجي هي التي تضعُ الأمور في نصابها لنعرف أي الحزبينِ أقوى بما ادَّعاه.

والله أعلم.
 
ينبغي أن نضع في الحسبان أمورًا:
- أوَّلها أن الآية ليست في كل الأحوالِ من إرادة الله الشرعية، بل كثيرا ما تكون من إرادة الله الكونية، ومثال ذلك قوله سبحانه: { فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ } (سورة يونس 92)، وقوله: { وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (سورة القمر 15)، وقوله: { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا } (سورة الإسراء 59).
......
وكذلك إذا زنى الأسودُ بالبيضاءِ فنشأَ ولدٌ مختلفٌ عن أحدِ أبويه أو كليهما، فليسَ لنا أن نعترضَ عن كونِ اختلاف ألوانهم آيةً بسبب كونها ناتجةً عن الزِّنى.
{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ } (سورة الروم 22).

والله أعلم.

سبحان الله! كأنك تقول أن الآية الكونية محصورة في التخويف؟ الشمس و القمر والغيث والشجر كلها آيات كونية تدل على الواحد الأحد. هذا من بديع صنع الله، واقرأ آيات اختلاف الألسن في السياق التي أتت به لترى ماهو مراد الله عز وجل.

وعلى العموم استشهادك بهذه الجزئية على أن القرآن يجب أن لا يكون فيه معرب هو استشهاد وربط غير سليم حتى لو قلنا أن اختلاف الألسن هو " عقاب من الله ".

فالله عز وجل أنزل كتباً قبل القرآن وكل رسول أتى بلسان قومه.

والموضوع فيه تفصيل.
 
سبحان الله! كأنك تقول أن الآية الكونية محصورة في التخويف؟ الشمس و القمر والغيث والشجر كلها آيات كونية تدل على الواحد الأحد. هذا من بديع صنع الله، واقرأ آيات اختلاف الألسن في السياق التي أتت به لترى ماهو مراد الله عز وجل.
لو تتبَّعتَ سياق الشاهد لفهمتَ أنَّ مرادي هو إزاحة فكرة خيريَّة الآية بإطلاقٍ بل لابد من تفصيل؛ لذا لم أعمد إلى ذكر الآيات الكونية الأخرى التي تملأ آيات القرآن.
فرعونُ شرٌّ مستطير جعله الله آيةً بكفره، وأمَّا الخيرُ فآية خلْقِه وتنجيته وضرب المثَلِ به.
ليُّ الألسنة بالكتاب وعدم تعاهد لغة الوحي بالحفظ والرعاية إثمٌ وباطل، واللغات الأعجميَّةُ آيةٌ نجمتْ عن أسباب كثيرة بعضها تلك الآثامُ، واختلافُها آية.
___​
..وعلى العموم استشهادك بهذه الجزئية على أن القرآن يجب أن لا يكون فيه معرب هو استشهاد وربط غير سليم.
اقرأ حجتي (1) وإيتني بحجَّتك حفظك الله.
___​
.. حتى لو قلنا أن اختلاف الألسن هو "عقاب من الله".
الجوع والعطش والعرق والبول والغائط والحيض والنفاس والنسيانُ والعُريُ وغيرها من الأعراض كلها آياتٌ تدل على ضعف ابن آدم، وأصلها "عقاب من الله" لآدم حين عصى { فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} (سورة طه 117 - 121)، وكتبها الله لذريته لأنهم يعصُونَ "فَنَسِيَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَعَصَى آدَمُ فَعَصَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ". وجعل الله لتلك الأعراضِ آياتٍ أخرى كالطعام والشراب واللباس وغيرها.
وبدأُنا الحديث عن آية اللباس مثلا وامتنان الله علينا به {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (سورة الأَعراف 26)، لا يجعلنا ننكرُ أن العُريَ هو ناجمٌ عن معصية.
المختصر: الله يوجد للإنسان الحلول للمصائب التي يتسبب فيها، وذلك من حكمة الله وعلمه وصبره وقيوميته.
___
فالله عز وجل أنزل كتباً قبل القرآن وكل رسول أتى بلسان قومه.
فالله عز وجل أنزل كتباً قبل القرآن: باللغة العربية.
وكل رسول أتى بلسان قومه: ليبين لهم.
والله أعلم.
 
الجزئية التي نتكلم عنها هي فكرتك والتي تقول: أنه من المستحيل أن يكون في القرآن معرّب لأن اللغات الأخرى غير العربية هي نتاج عقاب من الله لقلة الفهم والخطيئة. وهذا القول ليس عليه دليل لا من قرآن ولا من سنة. أما الآية في سياقها فهي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار. و " المقارنات " التي أتيت بها ليست في محلها.



أما قولك أن الكتب السابقة أنزلت باللغة العربية فهذه مجرد دعوى أخي ليس عليها دليل.
 
الجزئية التي نتكلم عنها هي فكرتك والتي تقول: أنه من المستحيل أن يكون في القرآن معرّب لأن اللغات الأخرى غير العربية هي نتاج عقاب من الله لقلة الفهم والخطيئة. وهذا القول ليس عليه دليل لا من قرآن ولا من سنة. أما الآية في سياقها فهي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار. و " المقارنات " التي أتيت بها ليست في محلها.
أنا لم أقل:

(أنه من المستحيل أن يكون في القرآن معرّب
لأنَّ
اللغات الأخرى غير العربية هي نتاج عقاب من الله لقلة الفهم والخطيئة).

هذا فهمك أنت، ولا أدري من أين استقيته.

وأما قولكَ:
.. و" المقارنات " التي أتيت بها ليست في محلها.
فلستُ معصومًا، وقد أكون أخطأت، فدُلَّني أين هو موضع الخلل في مقارناتي.
 
المقارنة خاطئة لأن الآية أتت في سياق التحدث عن آيات الله المتحدثة بمجده جل جلاله والدالة على وحدانيته وقارنت ذلك بأمثلة مثل الولد الناتج من الزنى والعري!
فأين هذا من هذا ؟
 
إنَّ اللهَ يخلق الخلقَ متفاوتين في الحُسن والكمال، وفقَ نواميسَ وظواهر مرحليةٍ بقوانين السبب والمسبب قدَّرها.
واللغاتُ الأعجمية تطوَّرتْ بخصائصها تلكَ غير خارجة عن تلك الأسباب والمرحليَّة.
والذي يُهمني هو رصدُ الأسباب والمراحلِ التي صنعت العُجمةَ في لسان ابن آدم.

سُقتُ لك مثالَ الزنى والعُري والعطش والجوع وسائر الأعراض لتعلم أنَّ الناتجَ عن الزنى لا يطعنُ في كون اختلاف الألوان آية؛ وتعلم أنَّ من الآيات ما هو تصحيحٌ لآثامٍ وويلات.
قال الله عز وجل:{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (سورة الأَعراف 26).

والله أعلم.
 
عودة
أعلى