هل تؤيّد وجود إعجاز عددي في القرآن الكريم؟

هل تؤيّد وجود إعجاز عددي في القرآن الكريم؟

  • نعم

    الأصوات: 12 29.3%
  • غير مستبعد

    الأصوات: 8 19.5%
  • لا

    الأصوات: 18 43.9%
  • بدون رأي

    الأصوات: 3 7.3%

  • مجموع المصوتين
    41
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
يا أستاذ عبد الله
لم اكن أتوقع منك أن تضع نفسك في هذا الميزان، وأن تجعل أركون عديلا لك!
أركون علماني جلد؛ بل ما رأيت في العلمانيين أخطر منه على الإسلام؛ فيتوقع أن يقول هذا وأكثر منه.
أما أنت فرجل مسلم غيور على القرآن الكريم؛ لذلك نبهتك على على عدم التساهل في إطلاق عبارات غير لائقة بالقرآن الكريم، كما تساهلت من قبل في إطلاق عبارات غير لائقة بعلماء السلف.
فإذا سألت: لماذا؟ كان الأمر أطمَّ.
 
تتمة لما قلتـُه عن منهج الإعجاز العددي وعلاقته برسم المصحف
وبماذا يحسبون الألفات المهموزة والواوات المهموزة والياءات المهموزة؟ هل يحسبونها همزات؟ وهي في رسم المصحف ألفات وواوات وياءات، والهمزة عليها ضبط وليست حرفا، غاية الأمر أنها ألفات وواوات وياءات ( تـُهـْمَزُ ) . بينما كُـتـَّاب الإعجاز العددي لا يسعهم إلا أن يحسبوها همزات ، لأنه هكذا جرى الاعتبار في الإملاء الحديث ، أي إن الألف المهموزة تُـعَدّ في اعتبار الإملاء الحديث همزة تُكتَب بذلك الشكل وليس ألفا . وكذلك الأمر في الواو المهموزة والياء المهموزة .
وهل يمكن أن لا يحسبوا النون الصغيرة (غير المرسومة رسما) في مثل (ننجي)؟ وهي موجودة وإنما لم تُرسَم لأنهم كرهوا توالي المتماثلين في الكتابة حتى من الحروف الصامتة واكتفوا بحرف واحد مكان الاثنين المتماثلين .
وهناك اختلاف بين علماء الضبط ، في مثل (رؤوف) ، والكلمة في رسم المصحف هكذا (روف) ، فبعضهم يضبطها هكذا (رءوف) وعليه العمل في المصاحف الآنَ ، والبعض الآخر يضبطونها بشكل (رؤوف) . كيف يحسب سادة الإعجاز العددي حروف سورة فيها هذه الكلمة مثلا ؟ هل تزيد السورة همزةً وتنقص واوا؟ أم تنقص همزةً وتزيد واوا؟ (بالنسبة للرسم والضبط الحاليّ)، أم تنقص السورة همزة أو واوا ( بالنسبة لرسم المصحف الأصلي روف ) ؟
هكذا هو الأمر مع الرسم ، لا يمكن أن يعدّ الرسم أساسا لعدّ الحروف ، وأما اللفظ فمن الواضح تماما أن اللفظ يختلف عدُّه باختلاف وجوه القراءات (العشر) والروايات (العشرين) .
أنا أرى أنه ينبغي أن يكون كل حديث عن القرآن الكريم مؤسسا على وعي تام بما تعب فيه علماء علوم القرآن من قراءات ورسم وضبط وغير ذلك ، لا أن يُترَك الأمر لكُـتـَّاب استبدلوا هذه العلوم العظيمة بعلوم(!!) من عندهم .
 
1. من أين لك أن الأمة قد أجمعت على أن رسم المصحف من عمل الصحابة. وقد سبق لنا أن بينا لك في مقام آخر أن الجمهور يذهب إلى أن الرسم توقيفي. فلماذا رعاك الله المماحكة في الوقت الذي يمكنك أن ترجع إلى كتب علوم القرآن؟!
.

الأخ أبا عمرو
إجماع العلماء على أن (الرسم توقيفي) يقصدون به أنه لا يجوز مخالفته، ولم يقصدوا أنه من عند الله.
 
الأخوة الكرام،.. الأخوات الكريمات،

1. اكتشاف النظام العددي القرآني جاء عن طريق الاستقراء، أي أنّ المشتغلين بالإعجاز العددي يَصِفون الواقع الذي لا يجوز إنكاره، وإن كان يجوز الجدال في دلالته. من هنا لا يصح أن نقول أين الدليل على وجود شيء وهو موجود.
2. لنفرض أنّ السنة لم تتحدث عن هذا الوجه، وكذلك الصحابة الكرام.... إلى يومنا هذا. فهل يعني ذلك رفضاً للإعجاز العددي؟! الجواب: بل هو من الأدلة على الإعجاز؛ لأننا نكتشف ما لم يَقل به أحد سابقاً، مما يعني أننا نتعامل مع كتاب ربّاني. أما لو صح في السنة أن تم الحديث عن هذا الوجه لكان مدخلاً للطاعنين في القرآن للزعم أن الرسول عليه السلام قد افتعله.
3. اختلاف العلماء في توقيف الرسم العثماني يفتح الباب للبحث عن أدلة ترجيحيّة، ووجود النظام العددي يُرجّح قول الجمهور. وهذا واضح في المنطق السوي. ونقول بلغة أخرى: يا من تزعم أن الرسم غير توقيفي، كيف تُفسّر لنا وجود النظام العددي المدهش؟! ليس له عندها إلا أن يقر أو أن يزعم أنها مصادفات (منطق الملاحدة طبعاً الذين يزعمون أنّ نظام الكون نتاج المصادفات).
4. نتفهم الذين يقولون إنّ ما قُدّم من أمثلة على الإعجاز العددي غير مقنع. نتفهم ذلك لأنهم يحكمون بمقدار علمهم وإحاطتهم بتفصيلات المسألة. وننصحهم بمراجعة الأبحاث الجادة، كالأبحاث المنشورة في صفحة مركز نون الإلكترونيّة.
5. أما بالنسبة لأسئلة الأخ السبني، نضيف إلى ماسلف:
أولاً: تُحسب الهمزات؛ فالهمزة هي حرف بغض النظر عن طريقة رسمها: على واو أو على ألف أو على ياء أو منفردة. والأبحاث السائدة حتى الآن تعد الحروف ولا تُفصّل. ولا مانع في المستقبل أن يتم إحصاء الهمزة بكل أحوالها، ثم إحصاؤها مع تفصيل حالاتها. ولا مانع من إحصاء الهمزة ثم إحصاء الواو واواً والألف ألفاً والياء ياءً.
ثانياً: في حساب الجُمّل نجد أن مركز نون يعتبر أن قيمة الهمزة هي (واحد) بغض النظر عن كيفية رسمها.
ثالثاً: هم يتعاملون مع المكتوب، ويمكن أن يتطور الأمر فنتعامل مع الملفوظ أيضاً.
رابعاً: الألفات الصغيرة لا علاقة لها بالرسم العثماني، ومن هنا لا تُحصى. وكذلك الياء أو النون التي لم ترسم في الرسِم العثماني ورسمت منفصلة وصغيرة للتعليم.
خامساً: قولك أخي جمال:((وإنما لم تُرسَم لأنهم كرهوا توالي المتماثلين في الكتابة حتى من الحروف الصامتة واكتفوا بحرف واحد مكان الاثنين المتماثلين)) غير صحيح وغريب، لأنهم كتبوا المتماثلات ــ مثل ما نَنْسخ، نُنْسها .....الخ ــ وشذّت كلمات قليلة، وهذا يشير إلى أن الرسم توقيفي.
سادساً: يعتمدون في الأبحاث على المصحف السائد في العالم الإسلامي أي الموافق في أغلبه لقراءة حفص. ومن هنا كلمة رءوف تحصى أربعة حروف. أما القراآت التي لا تلفظ الهمزة وبالتالي لا تكتبها المصاحف الموفقة لها لم تدرس بعد. وهنا جيد التنبه إلى أن العالم العربي يكتب ويلفظ العربية الفصحى بما يوافق قراءة حفص. تجد ذلك في الكتب ونشرات الأخبار والشعر والأدب وكل ما يكتب في هذا المنتدى...الخ.
 
خامساً: قولك أخي جمال:((وإنما لم تُرسَم لأنهم كرهوا توالي المتماثلين في الكتابة حتى من الحروف الصامتة واكتفوا بحرف واحد مكان الاثنين المتماثلين)) غير صحيح وغريب، لأنهم كتبوا المتماثلات ــ مثل ما نَنْسخ، نُنْسها .....الخ ــ وشذّت كلمات قليلة، وهذا يشير إلى أن الرسم توقيفي.

أخي أبا عمرو البيراوي
صحيح أنني أطلقتُ العبارة ، وكلامي على إطلاقه خاطئ، ولكن قصدي أنه وقع ذلك أحيانا ، وإذا وقع فهو التعليل ، أو ذلك هو أحد التعليلات لمثل تلك الظاهرة .
ومع ذلك يظل أصل الكلام على حاله : كيف يمكن ادعاء أن كتاب الإعجاز العددي يلتزمون برسم المصحف العثماني وهم لا يمكنهم حساب هذه النون وهي موجودة في قراءة الجمهور ، وإذا حسبوها فهذا يعني أنهم يعتمدون اللفظ ، وإذا كانوا قد اعتمدوا اللفظ فذلك يعني انهيار أي أساس موحّد لعدّ الحروف ، اللهم إلا إذا بحث كُـتـَّـاب الإعجاز العلمي في كل قراءة بل وكل رواية على حدة ، وحينئذ يتحدثون عن إعجاز عددي لرواية حفص وإعجاز عددي لرواية ورش وآخر لقالون .. وهكذا .
هذه هي الفكرة ..
وأراك لم تعرج على هذه النقطة المهمة .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من الإخوة المؤيدين للإعجاز العددي أن يعتبروني مناقشاً لهم هدفه الوصول إلى الحق.
أنا لا أنكر وجود الإعجاز العددي؛ لأني -فيما قرأت- لم أجد دليلاً، بل ولا شبهة دليل تدل على إنكار هذا العلم.
ولكني في نفس الوقت لا أؤيد وجوده؛ لأني -حسب ما قرأت- أرى كثيراً من الإشكالات في نفسي من هذا المكتوب.
لأجل ذلك صوتت بـ(لا أستبعد) في هذا التصويت، وأظن أن إثبات هذا العلم فيه نصرٌ واضحٌ للقرآن.

كنت قد طرحت إشكالاتي على صيغة أسئلة في هذا الموضوع، ولم أر رداً كافياً.
وإليكم إحدى إشكالاتي التي لم أطرحها:
الكلمة عند العلماء يراد بها ثلاثة أمور: اسم، وفعل، وحرف كما هو معلوم.
وقد اختلف باحثان في عدد كلمات سورة الجن، فأردت أن أعد كلماتها؛ فاكتشفت أنهم يعتبرون (الكلمات) كلمة واحدة فقط.
فمثلاً: (فقالوا) يعدونها كلمة واحدة، وهي ثلاث كلمات كما هو معلوم في اللغة: فالفاء الأولى حرف مستقل بذاته، والحرف كلمة.
وقال فعل، وهي كلمة.
وواو الجماعة اسم، وهي كلمة.

سؤالي هو: هل مثل هذا له قاعدة عند من كتب في الإعجاز العددي؟
وأيضاً في كل ما طرحه الإخوة من قبل، بالنسبة لرسم المصحف، وتجويده، وقراءاته.
يبقى سؤال مطروح هو: كيف تعدون الحروف؟
كلمة (فآمنا) كم حرف عندكم؟
هل هي خمسة حروف؟ ولماذا؟
هل هي ستة حروف؟ ولماذا؟
هل هي سبعة حروف؟ ولماذا؟
أرجو أن يجيبني بعضكم خاصة في عدد حروف كلمة (فآمنا) حتى يستمر النقاش، ونصل فيه لفائدة للجميع.
 
ومن هنا كلمة رءوف تحصى أربعة حروف.
يبدو أن الأخ أبا عمرو كتب مشاركته أثناء كتابتي للمشاركة السابقة.
وهنا أخي أبا عمرو يقع إشكالاً عليكم أن تجيبوا عنه بكل شفافية
كلمة (رءوف) في الرسم العثماني هي ثلاثة أحرف فقط وليس أربعة؛ لأن الهمزة ليس لها صورة كما هو معروف عند علماء الرسم، والهمزة الموجودة هنا إنما هي إلحاق من أهل الضبط لا أهل الرسم.
ولا بأس أن تعتدوا بها، ولكن عليكم أن تعتدوا بكل ما ألحقه أهل الضبط من المحذوفات، كالألفات الصغيرة.

ومع ذلك أقول: إن هذا لا يعني هدم هذا العلم، ولكني أظنه غير منضبط إلى الآن.
 
أولاً: تُحسب الهمزات؛ فالهمزة هي حرف بغض النظر عن طريقة رسمها: على واو أو على ألف أو على ياء أو منفردة. والأبحاث السائدة حتى الآن تعد الحروف ولا تُفصّل. ولا مانع في المستقبل أن يتم إحصاء الهمزة بكل أحوالها، ثم إحصاؤها مع تفصيل حالاتها. ولا مانع من إحصاء الهمزة ثم إحصاء الواو واواً والألف ألفاً والياء ياءً.
ثانياً: في حساب الجُمّل نجد أن مركز نون يعتبر أن قيمة الهمزة هي (واحد) بغض النظر عن كيفية رسمها.
.......
أما القراآت التي لا تلفظ الهمزة وبالتالي لا تكتبها المصاحف الموفقة لها لم تدرس بعد. وهنا جيد التنبه إلى أن العالم العربي يكتب ويلفظ العربية الفصحى بما يوافق قراءة حفص. تجد ذلك في الكتب ونشرات الأخبار والشعر والأدب وكل ما يكتب في هذا المنتدى...الخ.

أخي أبا عمرو البيراوي

ليست مسألة الهمزة مسألة قراءة فحسب ، بل هي مسألة كتابة ورسم أيضا ، فالهمزة (الكتابية) ليست موجودة في رسم المصحف ، وإنما هي الألف في البدايات ، والألف والواو والياء في الأوساط والنهايات أو لا شيء في النهايات .
ولذا لا يمكن القول بوجود الهمزة في رسم المصحف ، وإذا همزت قراءة ما وضبط المصحف على أساسها ، ذلك لا يعني وجود الهمزة كحرف ، بل الهمزة تظل ضبطا ، تُضبَط بها الألف أو الواو أو الياء .
وكاتب الإعجاز العددي المعاصر ، حين يعدّ مثل (سأل) سينا وهمزة ولاما ، يخالف رسم المصحف ، بل هي سين وألف ولام ، والهمزة مجرد علامة نضعها على الألف دلالة على أن بعض القراءات وبعض اللهجات تهمز هذه الألف .
والهمزات المفردة ( شيء ـ مثلا) هي أيضا من هذا القبيل ، فالقراءة أو اللهجة التي تهمز هذه الكلمة إنما همزت الياء الثانية المدغمة ، ولذلك الهمز وُضِعت علامة سميت بالهمزة .
ولم نسمع من عالم متمكن أن الهمزة حرف ( ولا أقول "صوت" )، ولم تكن في الكتابات السامية والعربية القديمة حرفا ، ففي العبرية أيضا الرمز الكتابي الذي يدلّ على الهمزة هو الألف نفسها .
وأما إذا اعتبرها أحدهم الآنَ حرفا فهذا لا علاقة له برسم المصحف ولا بعلوم القرآن . من الأسس التي قام عليها رسم القرآن أنه لا وجود للهمزة ، وإذا همزتَ في قراءتك فأنت حرّ ولا ننتهرك كما انتهر أهل المدينة الكسائيَّ حين همز في قراءة القرآن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم!
 
الكلمة عند العلماء يراد بها ثلاثة أمور: اسم، وفعل، وحرف كما هو معلوم.
وقد اختلف باحثان في عدد كلمات سورة الجن، فأردت أن أعد كلماتها؛ فاكتشفت أنهم يعتبرون (الكلمات) كلمة واحدة فقط.
فمثلاً: (فقالوا) يعدونها كلمة واحدة، وهي ثلاث كلمات كما هو معلوم في اللغة: فالفاء الأولى حرف مستقل بذاته، والحرف كلمة.
وقال فعل، وهي كلمة.
وواو الجماعة اسم، وهي كلمة.

صحيحة ملاحظتك أيها الأخ..
فهم يعنون بالكلمة (الكلمة الإملائية) وليس (الكلمة النحوية) ، وعليه فـ (فأسقيناكموه) عندهم كلمة! بينما هي في الحقيقة النحوية (5) أحرف ! وهذا يعني أن حسابهم ظاهري جدا ولا يعتمدون على حسابات لغوية ومعنوية بل اعتمادهم على الظاهر الإملائيّ ، وذلك اصطناع ولا حقيقة فيه.
وإذا كانت عبارة (فأسقيناكموه) كلمة إملائية واحدة فذلك لا علاقة له بالقرآن الكريم وإنما الأمر هكذا في الكتابة العربية ، ففي كتابات اللغات الأخرى أو أكثرها لا يلتصق الفعل بأداة وفاعل ومفعول ومفعول ثان.
 
رابعاً: الألفات الصغيرة لا علاقة لها بالرسم العثماني، ومن هنا لا تُحصى. وكذلك الياء أو النون التي لم ترسم في الرسِم العثماني ورسمت منفصلة وصغيرة للتعليم.

صحيح أن الألفات الصغيرة ليست من الرسم ، ولكن هذا لا يعني أنها ليست من القرآن !!
وهنا أتساءل : هل يبحث كُتّاب الإعجاز العددي عن إعجاز الرسم أم عن إعجاز القرآن ؟!!
ومذا يقول السادة كتاب الإعجاز العددي عن المصاحف الكثيرة التي نسخت بالرسم الإملائي ورُسِمت فيها هذه الألفات ، هل يقولون عنها إنها لا إعجازعدديا فيها أو إن الإعجازات فيها قليلة !
 
مركز نون يعتبر أن قيمة الهمزة هي (واحد) بغض النظر عن كيفية رسمها.

لم أفهم ، هل يشمل ذلك كل الهمزات ، أم أن الأمر مقتصر على الهمزة المكتوبة على الألف ؟
وإذا كان الأمر مقتصرا على الهمزة المكتوبة على الألف ، فذلك يعني أنهم اعتبروها ألفا ، بدليل أنهم أعطوها قيمة الألف (واحد) .
وأما إذا كان المقصود (كما هو الظاهر) أنهم اعتبروا أن قيمة الهمزة هي دائما واحد ؛ فهذا لا أعرف له وجها ولا أصلا . والحساب الذي ينبني على هذا الاعتبار حساب خاطئ . بل أقول : متى حُسِب للهمزة حساب في حساب الجمل ؟
وأرى أن كل تلك الأخطاء مردها إلى مقولات الإملاء الحديث ، التي تعتبر أن (ؤ) مثلا هي همزة تـُكتـَـب بهذا الشكل لأنها مضمومة أو ساكنة وما قبلها مضموم، بينما إذا راعينا أصول الكتابة العربية يجب أن نقول إن هذه العلامة الكتابية هي واو لأنها وُضِعت أساسا بإزاء لفظ الواو (أي الهمزة المخففة أو المسهـَّـلة إلى واو) ، وبعد أن قرئت العلامة بالهمز أو بتحقيق الهمزة وُضِعت هذه العلامة (ء) على الواو للالالة على الهمز .
 
سادساً: يعتمدون في الأبحاث على المصحف السائد في العالم الإسلامي أي الموافق في أغلبه لقراءة حفص.

ليس سائدا تماما ، فبلاد كثيرة من العالم الإسلامي تقرأ بقراءات / روايات أخرى ، أمثال روايات (ورش) و (قالون) و (الدوري)، وتطبع بها المصاحف .
ورواية ورش لقراءة عاصم ، ليست أكثر قرآنية من الروايات / القراءات الأخرى ، بل إن شيوعها في المشرق الإسلامي يعود إلى أن العثمانيين اعتمدوها ونشروها في البلاد الإسلامية التي شملها سلطانهم .
وأحيانا كثيرة تكون رواية حفص تغاير قراءة الجمهور أو باقي السبعة أو العشرة . ولا ريب أن ما عليه الجمهور لا يمكن تفضيله على ما عليه راو واحد ، فكيف يمكن إهماله أو تأجيل النظر فيه إلى موعد غير مسمى ؟!

وأقصد بهذا أنه كيف يمكن التخلي عن القراءات الأخرى ، بينما ما بين أيدينا هو رواية واحدة ليست كل ما أسندت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتواترت ؟
كيف يكون الأمر إذا وجـّه حضرات كتاب الإعجاز العددي أنظارهم إلى المصحف المطبوع بما يوافق رواية ورش لقراءة نافع ؟ هل سيكون هناك أيضا إعجازات عددية مماثلة ؟
 
ثالثاً: هم يتعاملون مع المكتوب، ويمكن أن يتطور الأمر فنتعامل مع الملفوظ أيضاً.

برهنـّـا على أنه لا يمكن اعتماد المكتوب لعدّ الحروف ، فحروف القرآن في الحقيقة أكثر من حروف المكتوب ، وفي المكتوب أحيانا زوائد ليست في اللفظ .
وينبغي أن نعلم أن المكتوب لم يكن دائما واحدا ، بل توجد مصاحف قديمة اختلفت فيها وجوه رسم بعض الحروف ، خصوصا الألفات والياءات .
وأما إذا تطوّر الأمر وشمل الملفوظ ، فهذا يعني ـ أولا ـ انهيار كل ما بني على المكتوب ، فنحن نعلم أن المكتوب والملفوظ يختلفان ، فما اعتـُبـِر إعجازا عدديا للمكتوب لا يكون له وجه في الملفوظ في أكثر الحالات .
وأما ما سمّيناه بالملفوظ ، فكما بينـّا ، ليس له عدّ موحّد للحروف ، ونعني بهذا القراءات / الروايات ، التي لحروف كل منها عدّ مختلف .
فما هو الضابط ؟
هل ستختارون قراءة / رواية واحدة تعتمدونها ؟ أم تطوّرون إعجازا عدديا خاصا لكل قراءة / رواية ، وهي عشرون قراءة / رواية متواترة ، مع الاقتصار على أشهر الطرق والوجوه ، والاقتصار على ما في الشاطبية والدرة .
 
أخي البيراوي أعتقد أنك قرأت ردي وجوابي على مسألة التوقيف وأنت تعلم أني لا أماحك وقد نقلت لك كلام العلماء ورجوتك -ولا أزال- أن تتحفنا بما عندك من أقوال الجمهور الذين قوّلتهم ما لم يقولوا لتنتصر لمذهبك الذي بدا أيضا ضعيفا بقولك: (اكتشاف النظام العددي القرآني جاء عن طريق الاستقراء، أي أنّ المشتغلين بالإعجاز العددي يَصِفون الواقع الذي لا يجوز إنكاره، وإن كان يجوز الجدال في دلالته. من هنا لا يصح أن نقول أين الدليل على وجود شيء وهو موجود.)
نعم نحن نناقش في دلالة الأرقام وليس في علم الرياضيات. فأنتم ادعيتم فيها الاعجاز بما يعني انها من عند الله وهذا ما أناقشكم به. ولو أنكم أتيتم بهذه الموافقات ولم تبنوا عليها نظرية غيبية عظيمة لما ناقشناكم بهذه الطريقة.
من الأدلة على اجماع الأمة على أن الرسم من عمل البشر تسميتهم رسم المصحف بالرسم العثماني وما كان لهم أن يعدلوا عن مسمى (الرسم الرباني) لو كان الرسم كذلك. ثم لو كان جبريل أمر محمدا صلى الله عليه وسلم بكتابة القاف مثلا دون نقط، فلا شك أن لذلك حكمة بالغة! وما كان ينبغي لأحد أن يضيف عليها نقطتان فإن ذلك تغيير وتدخل في الوحي وأعتقد أنه يفترض أن يكون محظورا مهما كانت الاسباب، لكن الأمة فعلت ذلك مما يدل على أن مسألة الكتابة من صنع البشر. كما أن نوع الخط تغير الى غير ذلك.
وأيضا لم يتكلم أحد من المتقدمين بمسألة رسم المصحف الا ويُفهم من كلامه أنها من عمل الصحابة، وإذا كان عندكم غير هذا فأفيدونا بارك الله في الجميع.
.
 
3. اختلاف العلماء في توقيف الرسم العثماني يفتح الباب للبحث عن أدلة ترجيحيّة، ووجود النظام العددي يُرجّح قول الجمهور. وهذا واضح في المنطق السوي. ونقول بلغة أخرى: يا من تزعم أن الرسم غير توقيفي، كيف تُفسّر لنا وجود النظام العددي المدهش؟! ليس له عندها إلا أن يقر أو أن يزعم أنها مصادفات (منطق الملاحدة طبعاً الذين يزعمون أنّ نظام الكون نتاج المصادفات).

أخي أبا عمرو البيراوي

أنا أقول :
لا يمكن أن يكون رسم المصحف توقيفيا بحال من الأحوال ، لأنه ببساطة لم يكن من سبيل إلى إيصال هذا (التوقيف) إلى الصحابة الكرام الذين كتبوا الآيات بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.. نحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجّههم بشيء في كيفية الكتابة ورسم الكلمات .. وهذا واضح تماما ..
بقي أن نقول إن الصحابة كانوا (مُلهَمين)!! فهل يصحّ القول بهذا؟ أنا أتورّع عن القول بهذا .
ولم ينزل القرآن مكتوبا ..
فكيف تمّ هذا التوقيف الذي تتحدثون عنه؟
ثم إننا على علم بتاريخ هذا الرسم المصحفي الذي هو الكتابة العربية الحجازية المستنبَطة من الكتابة النبطية ، ويمكن تعليل ظواهره من خلال تاريخه هذا ، ومن خلال ملاحظة أن هؤلاء الكتبة اجتهدوا وحاولوا أن تكون تلك الكتابة الخالية من الضبط ومن أكثر الحروف المصوتة دالة على اللفظ ومانعة للالتباس ومعينة على القراءة والترديد وعلى إدراك الإعراب وأمور أخرى.
ولا حاجة إلى كثير من التفكير والتروي لإدراك أن رسم المصحف كان من عمل الصحابة ، وأعتقد أن القول بتوقيفية رسم المصحف كان محاولة من جانب بعض العلماء لتعليل بعض الظواهر الغريبة في رسم المصحف ، وأما الآن وبعد أن أصبح تاريخ الكتابة العربية علما قائما بذاته لا مكان لتلك النظريات في تعليل رسم المصحف .

وأما الحديث عن (وجود نظام عددي مدهش) في نظم القرآن بالرسم العثماني ، فبغض النظر عن مدى التزام الذي يكتشف هذا النظام بالرسم وكيفية حسابه الكلمات والحروف ومدى تمييزه بين الرسم والضبط ؛ لا يمكن أن يُعتبَر حديثا عن إعجاز ، لأن الإعجاز يعني أن الأمر معجزة قطعية ، بينما لسنا متأكدين من أن هذا النظام (إن وُجِد) مقصود (خصوصا لأننا نحن معاشر المسلمين لم يبلغنا حتى ولا أثر يشير إلى قصد هذا النظام) أم أنه اتفاقات قد تحدث في كل النصوص والكتب .. ففي المصحف بالرسم العثماني تُكتشَف هذه الاتفاقات ، وفي المصحف بالرسم الإملائي قد تُكتشَف مثل هذه الاتفاقات (ولا أقصد عين هذه الاتفاقات)، وفي المصحف بالروايات / القراءات الأخرى قد تُكتشَف مثل هذه الاتفاقات (ولا أقصد هذه الاتفاقات عينها )، وفي كتاب آخر مثل (صحيح البخاري) قد تُكتشَف مثل هذه الاتفاقات ، وفي كتاب آخر عاديّ قد تُكتشَف مثل هذه الاتفاقات .. وربما وجد اليهود في كتبهم مثل هذه الاتفاقات ( وبالمناسبة لليهود أدبيات غنية في التفسير الحروفي الرقمي للنصوص ! ).. فلا نتأكد من شيء .. ونحن لا نجد كتابا ولا سنة ولا أثرا يرشدنا إلى مثل هذه الأمور ..
ولا يحق لأي مسلم أن يتهم أي مسلم بأن القول بوجود الاتفاقات غير المقصودة هو (منطق الملاحدة) ، فما يُسمّى (نظاما) قد لا يكون سوى علاقات مصطنَعة أو إيجاد علاقات لا تعدو أن تكون تقديرات شخصية تقوم على ملاحظة جوانب وأهمال جوانب أخرى . وإن من حقنا أن نتأكد ونفكّر قبل التسليم بما ليس فيه كتاب ولا سنة ولا أثر .
وأقول أيضا : إن من يزعم أنه وجد اتفاقات عجيبة في أعداد الحروف والكلمات والآيات ، يعني ذلك أنها مقصودة أي قصدها الله تعالى .. وأنى له أن يثبت ذلك ؟!

ثم يا أخانا أبا عمرو البيراوي ، أنا أناقشك لأن الناقش والمباحثة معك يتّسم بالطابع الجدي ، وأنت خير من استدللت لمدرسة الإعجاز العددي من بين من شارك في الموضوع .
 
.
وأقول أيضا : إن من يزعم أنه وجد اتفاقات عجيبة في أعداد الحروف والكلمات والآيات ، يعني ذلك أنها مقصودة أي قصدها الله تعالى .. وأنى له أن يثبت ذلك ؟!

.

وهنا يكمن الإشكال: إذا لم تكن مقصوده فماذا تكون؟

لاتنس أخانا الكريم أن الله تعالى قال:
(الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) سورة هود(1)

إن الذي ينفي القصد الإلهي عن عدد الآيات والحروف كالذي يقول إنه كان يمكن أن يستغنى عن بعض هذه الآيات والحروف وكالذي يقول إن الله خلق الإنسان بصورة معجزة لكن هناك بعض الخلايا والذرات في جسم الإنسان غير مقصوده.
 
أخي (حجازي الهوى)
لا تأخذ كلامي على أنه يعني أن ما يوجد في القرآن من نظم بديع ليس مقصودا.. فذلك يجب أن لا يخطر ببال أحد (!!).
بل ما أقصده هو أن الذي يعلل النظم القرآني وعدد الحروف والكلمات والآيات والسور بالإعجاز العددي ، إنما يزعم بفعله هذا أن الله تعالى قد جاء بالقرآن بهذا النظم والمقدار من أجل تلك الاتفاقات والحسابات الرياضية (التي يجدها صاحبنا الإعجازي العددي) ..
ومن أين لهذا أن يثبت ذلك ؟
ومثل هذا كمثل من يلوح له تفسير ظني (وجه من التفسير قد يكون مرجوحا وقد يكون خاطئا بالكلية) لآية من القرآن، ثم يعرضه على الملأ ويتحدث بلهجة تنمّ عن أنه اكتشف (مراد الله تعالى) .. !!
وهذا مسلك صعب لا تخفى خطورته ..
وأنا أقول : إنما جاء القرآن الكريم بهذا النظم والمقدار بحسب الرسالة التي أراد الله تعالى أن يبلغها النبي صلى الله عليه وسلم للناس ، لا أكثر ولا أقل .
وأما عن قولك عن الاتفاقات (إذا لم تكن مقصودة فماذا تكون؟) .. فأقول : إن تلك الاتفاقات هي مستخرَجة استخراجا مقصودا من قبل الباحث المشتغل بالإعجاز العددي ، وكل الناس من كل المشارب والأهواء يجدون في كتاب الله ما يعتبرونه مقصودا بينما هو (مقصودهم) و (حاجة في نفس يعقوب) ..
إن تلك الاتفاقات تستنبَط بالجهد الجهيد من خلال إيجاد علاقات عددية بين الحروف والكلمات والسور وترتيبها ، وهذا الاستنباط يقوم على أمور سلبية عدة من الانتقائية والإيهام بالاستقراء وتسامحات كثيرة وتنازلات عن المبدأ الأصلي المتخذ نظريا، و يصل الأمر أحيانا إلى تبريرات وترقيعات من أجل أن يستقيم أمر الاتفاق العددي العجيب .. ويظهر هذا لمن يخوض غمار حساباتهم الكثيفة ويحللها غير واقع في هواها .
وأقول : لولا ما لمدرسة الإعجاز العددي من قيمة دعوية في بعض الأوساط ، لما مرّت مزاعمها على الجماهير المسلمة بسلام ..
 
أنا أقول بأن الإعجاز العددي حقيقة وواقع موجود في المصحف ، ولا يقل أهمية عن أي وجه آخرمعترف به ، وقد اعطيت كثيرا من الأمثلة على ذلك .

وعلى من ينكر الإعجاز العددي أن يفسر لنا بعض تلك الأمثلة وما فيها من حسن ترتيب وتناسق ونظام وإحكام ..

وبالتالي فالقائلون بالاعجاز العددي ليسوا بحاجة لإثبات وجود ما هو موجود ، المطلوب أن يثبت منكرو الإعجاز العددي أنه ليس موجودا .
 
الأخوة الكرام؛ السبني، أبو عمرو، محمد منقذ، حفظهم الله

1. جاء في مناهل العرفان للزرقاني حول رسم المصحف:" للعلماء في رسم المصحف آراء ثلاثة: الرأي الأول: أنه توقيفي لا تجوز مخالفته، وذلك مذهب الجمهور...."انتهى. وعندما ننظر في أدلة الجمهور التي تنقلها كتب علوم القرآن ندرك أنهم لا يقولون فقط بوجوب الالتزام بالرسم، بل يُصرّحون أن ليس للصحابة في رسم المصحف دور. وليس هذا مقام الاستفاضة بتقديم الأدلة، فقد طال الخوض في هذه المسألة في مداخلات كثيرة سابقة.
2. قال سبحانه:" تلك آيات الكتاب وقرآن مبين" فالكتاب من جهة المكتوب، والقرآن من جهة المقروء. وعليه فالقائلين بالإعجاز العددي يقولون إنّ في رسم المصحف إعجازاً. وهذا لا يعني أنه ليس في الملفوظ أيضاً وجوهاً تتعلق باللفظ، ولكن لا نثبت إلا عن دليل.
3. وعليه فضابط ما هو كلمة يتعلق بالرسم: مثال: (وألّو) كلمة، أما (وأن لو) فكلمتان. و (يأيها) كلمة، أما (يا أيها) فكلمتان. (يإبرهيم) كلمة، (يا إبراهيم) ....ألخ. ونقول ببساطة: انظر أخي كيف تكتب ردك في المنتدى لتعلم ما هي الكلمة في الرسم. ثم انظر مثلاً في إحصاء الفيروزبادي في كتاب بصائر ذوي التمييز لتدرك أن الكلمة عندهم وفق الرسم. وإليك ما يقوله الرازي في مختار الصحاح عن (لاجرم) يقول:" قال الفراء: هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لابدّ..".
4. كلمة (ءامنا) وفق رسم المصحف خمسة حروف، فإذا أضيفت الفاء أصبحت ستة حروف.
5. بالنسبة لمسألة الهمزة فإليكم ما قاله شيخي في كتاب المقتطف من بينات الإعجاز العددي:((قول في الهمزة: نقل غانم الحمد في كتابه رسم المصحف، عن أبي عمرو الداني قوله: " والهمزة قد تصور على المذهبين من التحقيق والتسهيل، دلالة على فشوهما واستعمالهما فيها، إلا أنّ أكثر الرسم ورد على التخفيف..." . وجاء في مناهل العرفان للزرقاني عند الحديث عن قواعد رسم الهمزة: "..وإن سكن ما قبلها حذفت.." ويعقب في الهامش قائلاً: " أي حذفت من الحرف ورسمت مفردة". عند دراسة بعض الوثائق المتعلقة برسم المصحف في عهد عثمان، رضي الله عنه، وجدنا أنهم يكتبون بطريقة تجعلك تميّز بين ما مثلاً وماء. وهذا يدل على أنهم كانوا يرسمون الهمزة قبل وضع صورتها هكذا: ء )) انتهى. من هنا أرجو أن نعلم أن إضافة النقط والألفات والياءات الصغيرة .....ألخ. تختلف عن مسألة الهمزة؛ لأنّ الأولى إضافات إلى الرسم للتوضيح، والثانية لها قواعد في الرسم فصلها العلماء في كتب علوم القرآن ولم تُبحث في باب الإعجام.
6. اختلاف القراءات تنعكس بشكل محدود على مسائل الإعجاز العددي. ولابد من التزام قراءة بعينها للبحوث. وعندما يثبت وجود النظام العددي في مصحف حفص نكون قد أقمنا الحجة، وليس بالضرورة أن تكون باقي المصاحف تكرر الملاحظات نفسها. ألا يكفي إجماع الصحابة على رسم مصحف حتى نعتمده في البحث. وأحب هنا أن ألفت الانتاه إلى أن المصحف السائد في العالم الإسلامي يحتمل قراءة حفص وغيرها، ولننظر مثلاً إلى رسم كلمة (أدريك) والتي لم ترسم كما يقرأ حفص هكذا (أدراك).
7. عندما أملى الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن على المتقنين من الكتبة أقرّهم على اصطلاح العرب في الكتابة. وظواهر الرسم العثماني تدل على أنه عليه السلام لم يقرهم في مواضع كثيرة على اصطلاحهم في الكتابة. ونقول ذلك لعلمنا يقيناً أنهم رضي الله عنهم كانوا أشد الناس اتباعاً وأبعدهم عن الابتداع. وإلا فلماذا، مثلاً، يكتبون كلمة شيء هكذا (شيء) في 201 موضع في المصحف، ثم هم يكتبون في الآية 23 من سورة الكهف هكذا:(لشاىء). والأمثلة على ذلك كثيرة تؤكد استحالة أن يكون ذلك عن هوى أو خطأ. وإذا أفلح البعض أن يرجع ذلك إلى تعدد القراءات فماذا يقول في الرسم الذي لا علاقة له بالقراءة ككلمة (لأاذبحنه) وكلمة (بأييد) وكلمة (قرءنا) في موضعين...ألخ. إذن هناك إقرار وهناك عدم إقرار، وعليه يكون كله توقيفي من جهة الإقرار ومن جهة عدم الإقرار.
8. إنكار دلالة النظام على القصد في الخلق هو منطق الملاحدة. هذا عندما نُقيم الحجة على أن هناك نظاماً بديعاً. ومن هنا لا نتهم مسلماً بشيء من هذا، ولكن نربأ به أن يتشبّه بهم وهو لا يدري. إذن نحن نريد فقط اعترافاً بدلالة النظام، ثم بعد ذلك يكون علينا عبء إثبات وجود هذا النظام.
9. ما يوجد عند اليهود مما يسمى (القابالا) يشبه ما عند المتصوفة، ولا علاقة لهذا بالمسألة المطروحة. والقول إن التوافقات قد توجد في كلام البشر لا دليل عليه إلا ما يكون من توافقات محدودة لا يقصدها الكاتب. والمسألة المطرحة تشير إلى نظم بديعة يجهلها معظم الأخوة الذين يجادلون في المسألة. والحكم على الشيء فرع عن تصوره.
10. إذا سلمنا بوجود النظام العددي جزمنا أنه مراد لله، أما تفسير دلالة ذلك فهذا أمر آخر. مثال: كتاب شيخي المتعلق بزوال إسرائيل. فما جاء فيه من أعداد حتما هي مرادة لله. أما القول إنها حتماً تدل على زوال إسرائيل عام 2022م فقول غير صحيح. وقد سألت شيخي الشيخ بسام جرار عن ذلك فقال لي: ما هو عنوان الكتاب؟ فقلت: زوال إسرائيل 2022 م نبوءة أم صُدف رقمية؟! فقال: إذن لم أقل إنها ستزول عام 2022م، بل جعلت ذلك محتملاً أن يكون مصادفات رقمية، أو أرقام لا نجزم بدلالتها، ولكن نترك الحكم للقارئ الذي يجب أن يتحمل مسؤولية حكمه على هذه الأرقام. فقد تكون تفسيراً رياضياً للنبوءة القرآنية الواردة في سورة الإسراء وقد لا تكون. ولأنني لا أقبل بالصدفة فقد تكون تفسيراً للنبوءة وقد تكون دلالتها أعمق من ذلك. ثم قال لي: هل قرأت مقدمات الكتاب: قلت نعم. قال ألم تقرأ قولي: "لا أقول إنها نبوءة ولا أقول إنها ستحصل". قلت: نعم قرأت ذلك، بل قرأته بخط غامق لافت. ثم قلت له: فلماذا كتبت إذن حفظك الله؟! فقال: لا يسعني أن أكتم العلم. قلت: فإذا لم تصدق التوقعات فماذا سيكون موقفك؟ فقال: وهل قلتُ إنها ستزول؟! الناس يقولون.
 
الأخ الكريم أبا عمرو البيراوي ، والإخوة الكرام الآخرين..
السلام عليكم ورحمة الله..
أظن أنني أكثرت ( في المشاركات السابقة في هذا الموضوع ) من الكلام وأنني تفاعلتُ مع الموضوع أكثر من اللازم ، ولكنه الحرص على إيصال ما أعتقده حقا إلى الإخوة الزملاء والقراء ..
لا أريد أن أنتقص من قدر الجهود التي يبذلها الإخوة العاملون في مجال الإعجاز العددي ، فهم مجتهدون مأجورون إن شاء الله .. ولكن التباحث والتناقش يقتضي تقليب الأمر على وجوهه جميعا وفحص الموضوع من كل جوانبه ، ولذا أثرتُ اعتراضات كثيرة تتعلق برسم المصحف ، واتخذت من نقاط الأخ أبي عمرو البيراوي مقتبسات أعلق عليها بما أريد قوله وإثارته ، وذلك لأن ما يقوله الأخ أبو عمرو يأـي في نقاط مضبوطة يسهل استيعابها والتعامل معها .. وكل ذلك من أجل تتجه مناقضة الموضوع إلى الوجهة التي ينبغي أن أن تتجه إليها ..
وأريد مرة أخرى أن أعلق على بعض النقاط في كلام أخي (أبي عمرو البيراوي) ، وقبل ذلك أريد أن أصحح خطأ ورد سهوا مني في مشاركة سابقة ، إذ قلت إن الإخوة الباحثين في الإعجاز العددي يعدون (فأسقيناكموه) كلمة واحدة بينما هي في الحقيقة النحوية (5) أحرف .. والصحيح الذي أردت قوله وأخطأت كتابته هو (5 كلمات) . وهذا لا يخفى على الإخوة ، ولكنني أريد أن أريح نفسي .. وفي كلامي السابق بعض الأخطاء اللغوية أو النحوية الطفيفة التي لا تخفى ، ومن أكثر من الكلام ؛ وقع في الأخطاء ;)
 
1. جاء في مناهل العرفان للزرقاني حول رسم المصحف:" للعلماء في رسم المصحف آراء ثلاثة: الرأي الأول: أنه توقيفي لا تجوز مخالفته، وذلك مذهب الجمهور...."انتهى. وعندما ننظر في أدلة الجمهور التي تنقلها كتب علوم القرآن ندرك أنهم لا يقولون فقط بوجوب الالتزام بالرسم، بل يُصرّحون أن ليس للصحابة في رسم المصحف دور. وليس هذا مقام الاستفاضة بتقديم الأدلة، فقد طال الخوض في هذه المسألة في مداخلات كثيرة سابقة.
7. عندما أملى الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن على المتقنين من الكتبة أقرّهم على اصطلاح العرب في الكتابة. وظواهر الرسم العثماني تدل على أنه عليه السلام لم يقرهم في مواضع كثيرة على اصطلاحهم في الكتابة. ونقول ذلك لعلمنا يقيناً أنهم رضي الله عنهم كانوا أشد الناس اتباعاً وأبعدهم عن الابتداع. وإلا فلماذا، مثلاً، يكتبون كلمة شيء هكذا (شيء) في 201 موضع في المصحف، ثم هم يكتبون في الآية 23 من سورة الكهف هكذا:(لشاىء). والأمثلة على ذلك كثيرة تؤكد استحالة أن يكون ذلك عن هوى أو خطأ. وإذا أفلح البعض أن يرجع ذلك إلى تعدد القراءات فماذا يقول في الرسم الذي لا علاقة له بالقراءة ككلمة (لأاذبحنه) وكلمة (بأييد) وكلمة (قرءنا) في موضعين...ألخ. إذن هناك إقرار وهناك عدم إقرار، وعليه يكون كله توقيفي من جهة الإقرار ومن جهة عدم الإقرار.

دعونا نناقش القول بتوقيفية رسم المصحف ، أو نفهمه على الأقل :
كيف تمت عملية التوقيف هذه؟
التوقيف هو إما (نص من الكتاب أو السنة أو كليهما) ، أو دليل شرعي مستنبَط بوجه من وجوه الاستنباط..
بالنسبة للصحابة كان التوقيف هو أن يرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم ، أو ما ينزل من الوحي وما يأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم وما ينهاهم عنه ..
وفيما يخص مسألة كتابة القرآن ورسم الآيات ، لا يمكن لأحد أن يقول إن النبي أرشدهم إلى كيفية الكتابة أو حتى أن يقول أقرّهم على كيفية ما ، فالنبي صلى الله عليه وسلم كما نعلم جميعا كان أميا لا يقرأ ولا يكتب (حتى لو كان كتب وقرأ شيئا يسيرا في أواخر عمره المبارك ، على ما رآه البعض من العلماء وما يمكن فهمه من بعض الآثار والروايات) ، فإذا كان لا يقرأ ولا يكتب فكيف يمكنه أن يوجههم بشيء أو حتى أن يقرّهم على شيء ، اللهم إلا أن يُقال إنه صلى الله عليه وسلم أقرّهم على ما يحسنونه هم من الكتابة ، إقرارا عاما .. وهذا لا يفيد شيئا في مجال الجزئيات ..
إذن فلم يقع (توقيف) في كتابة الآيات ، وكل صحابي من كَتَبة النبي صلى الله عليه وسلم قد كتب ما كتب بناء على معرفته بالكتابة وعلى ما تعارف الناس عليه من الكتابة العربية في تلك المرحلة .. ولا يمكنني أن أفهم ـ مجرد الفهم ـ كيف يحدث توقيف الصحابة على كيفية رسم الكلمات .. كيف وبأية آلية من آليات التوقيف ؟
ولا يمكن أن نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم شرح لهم كيفية كتابة بعض الكلمات والحروف وهو في الوقت نفسه لا يقرأ ولا يكتب .. ولا يمكن أيضا أن نقول إن جبريل عليه السلام كان يأتي بالآيات النازلة مكتوبة وأن الصحابة اطلعوا على نماذج من ذلك!! وهذا أيضا خيال مفترَض ، ولماذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم كتبة (حوالي ثلاثين!) إذا كانت الآيات تنزل مكتوبة؟!
هذا إذا كان (توقيفي) بمعنى أنه إلهي وجاء من الله ..
وأما إذا كان (توقيفي) مصطلحا ضبابيا بمعنى (لا يمكن التغيير فيه) أو (يجب التمسك به) أو (يجب أن يُحافـَظ عليه) فهذا ليس محل المناقشة والاعتراض .. أي لا يفيد شيئا لمن يريد أن يجعل الرسم أساسا لموضوع الإعجاز العددي ..
ويمكن أن نطالب الذين قالوا بتوقيفية رسم المصحف بدليل نصي من الكتاب أو السنة أو حتى آثار الصحابة.. وإذا لم يستطيعوا أن يأتوا بدليل ، فنحن نقول : لا توقيف في توقيفية رسم المصحف !!

وأما لماذا يختلف رسم كلمة واحدة في موضع عن رسم الكلمة نفسها في موضع آخر ، فهذا ما تتكفل بتعليله وتوضيحه الدراسات الحديثة في مجال رسم المصحف وتاريخ الكتابة العربية الحجازية .. فقد وُجِدت آليات مختلفة في تلك الكتابة العربية (التي نجد في رسم المصحف نموذجا لها) لتكون تلك الكتابة الخالية من الإعجام ومن أكثر الألفات والواوات والياءات دالة على حقيقة اللفظ ، فقد تبين أنهم كانوا أحيانا يدلـّون على الفتح بالألف (أي يدلون بمصوت طويل على مصوت قصير)، كما في : لااذبحنه ، والأصل : لـَأذبحنه ، وربما دفعهم إلى هذه الكتابة أن (لاذبحنه) يلتبس بشيء آخر مثل (لـِأذبحنه) ..
وأما (لشاى) أي (لـِشَاْيْءٍ) ، فهذا مما تلقي عليه الدراسات الحديثة ضوءا كافيا ، وعندي كتاب من تلك الدراسات الحديثة يشرح ذلك ، بعنوان (تاريخ الكتابة العربية وتطورها) في جزءين ، وسأنقل ـ في مشاركات تالية ـ شرحه وتعليله لكل من (لشاى) و (لااذبحنه) و (بأييد) و (بأييكم) وغير ذلك ، لأنني الآنَ لا أتذكر تعليلاته بشكل جيد .. ويمكن أن نقول أيضا إن الصحابي الكاتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ارتأى وجها من الكتابة في موضع ووجها آخر في موضع آخر ، وربما كانت معرفة الصحابي الواحد بالكتابة وأصول الكتابة التي يعرفها تختلفان عما لدى صحابي كاتب آخر، ولذا وقع اختلاف في رسم كلمات متماثلة في مواضع مختلفة..
المهم أننا إذا لم نكن ندري وجه تعليل رسم كلمة ما في المصحف لا يجب أن يدفعنا ذلك إلى القول بأن في ذلك سرا إلهيا ، بل يجب أن ندرس المصاحف المخطوطة درسا استقرائيا ونكون على علم تام بتاريخ الكتابة العربية وتطوّر المصحف حتى نفهم أسرار ذلك الرسم وتلك الكتابة والأساليب المتبعة في ذلك الرسم..
وإذا كان الدليل على توقيفية رسم المصحف هو تلك الأساليب الغريبة في رسم بعض الكلمات ، فهو دليل ضعيف جدا لا يقوى على الثبات بعد تطوير علم الكتابة العربية ورسم المصحف على أيدي باحثين قديرين من أمثال الدكتور غانم قدوري الحمد والدكتور طيار آلتي قولاج وغيرهما..
وإذا كان أساس مدرسة الإعجاز العددي هو القول بتوقيفية رسم المصحف وكانت هذه المدرسة تعلل الكتابة الخاصة للكلمات القرآنية والحروف الناقصة والزائدة فيها على أنها أسرار رقمية أودعها الله سبحانه في القرآن ؛ كانت تلك المدرسة متهاوية من أساسها ، لأنه تبينت الآن الظروف الواقعية التي تمت فيها كتابة المصحف الشريف وتبينت خصائص تلك الكتابة العربية والأساليب التي كانت متبعة في الكتابة في تلك المرحلة .. وحتى أن طائفة من العلماء السابقين كانوا قد انتبهوا إلى بعض خصائص وأساليب رسم المصحف بشكل يقترب مما توصلت إليه الدراسات الحديثة ..
 
3. وعليه فضابط ما هو كلمة يتعلق بالرسم: مثال: (وألّو) كلمة، أما (وأن لو) فكلمتان. و (يأيها) كلمة، أما (يا أيها) فكلمتان. (يإبرهيم) كلمة، (يا إبراهيم) ....ألخ. ونقول ببساطة: انظر أخي كيف تكتب ردك في المنتدى لتعلم ما هي الكلمة في الرسم. ثم انظر مثلاً في إحصاء الفيروزبادي في كتاب بصائر ذوي التمييز لتدرك أن الكلمة عندهم وفق الرسم. وإليك ما يقوله الرازي في مختار الصحاح عن (لاجرم) يقول:" قال الفراء: هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لابدّ..".

أنا أقول إن اعتبار الكلمة هي (الكلمة الإملائية) ، شيء اصطناعي ولا يعبر عن حقيقة مطلقة ، و (الكلمة النحوية) أكثر قربا من أن تكون حقيقة جديرة بالاعتماد ..
وذلك لأن الكلمة الإملائية تقوم على الفصل والوصل ، وهذا الفصل والوصل قد يكون أحيانا مستندا إلى اللفظ وليس حقيقة الكلمة .. فمثلا (وألـَّو) ، هذا الرسم يعبـّر عن (وأن لو) ، وهذا الثاني لا يختلف عن الأول في اللفظ فيُنطَق مثله (وألـَّو) . ولذا فالكلمة الإملائية لا تنطوي على حقيقة مطلقة ..
وماذا عليّ إذا قلت إن الصحابي الذي كتب (وأن لو) كتب على الأصل ، وأما الصحابي الذي كتب (وألـَّو) فقد كتب على اللفظ ؟

بينما الكلمة النحوية حقيقة ثابتة ، لا تتأثر بالمواضيع والأساليب المختلفة .
وعلى اعتبار الكلمة النحوية ، فعبارة (وألـَّو) تتألف من ثلاث كلمات (و + أن + لو) وليست كلمةً واحدة. ودَع أن حرف العطف (و) يلتصق بما بعده وأن نون (أن) لم تظهر في اللفظ ولا في الخط ، فهذا كله لا يغير من الحقيقة النحوية شيئا ولا يجعل العبارة كلمة واحدة .
وإذا كان الإخوة الباحثون في الإعجاز العددي يستندون إلى حساب الكلمات الإملائية ، فنحن نستندون إلى حساب الكلمات النحوية .. وعليه فكلا الحسابين ظنيان ، لا يمكن أن يُعتمَد عليهما في تقرير شأن يتصل بالإعجاز والمعجزات ..
وأما عن قول الفراء عن عبارة (لا جرم) : (هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بدّ).. فـ (الكلمة) ـ هنا ـ جاءت بمعناها اللغوي العام الذي يشمل الكلام بصورة عامة ، سواء كان كلمة نحوية أو جملة مفيدة أو حتى خطابا .. وقد قال ابن مالك في الألفية:
[align=center]* وكلمة بها كلام قد يُؤَمّ *[/align]أي: يُقصَد .
 
2. قال سبحانه:" تلك آيات الكتاب وقرآن مبين" فالكتاب من جهة المكتوب، والقرآن من جهة المقروء. وعليه فالقائلين بالإعجاز العددي يقولون إنّ في رسم المصحف إعجازاً. وهذا لا يعني أنه ليس في الملفوظ أيضاً وجوهاً تتعلق باللفظ، ولكن لا نثبت إلا عن دليل.

الاستدلال بقوله تعالى (تلك آيات الكتاب وقرآن مبين) على أن المكتوب أيضا موحى به ، استدلال واهٍ بنظري .. فكلمة (كتاب) وإن كانت فِعالا بمعنى (مفعول) أي (مكتوب) ، ولكنها حال الاستعمال لا يتحتم أن يُقصَد بها هذا المعنى الاشتقاقي ، فقد يكون (الكتاب) بمعنى (ما يصير كتابا في المستقبل) أو (ما من شأنه أن يكون مكتوبا) أو (ما هو كتاب كامل في الأصل وينزل نجوما مفرَّقة أو يصدر أقساما متفرقة ) .. وقد تأتي كلمة (كتاب) أحيانا بمعنى (رسالة) ، أو (صحيفة)، كما جاء في الشاهد المشهور قول الأعرابي الذي حكاه أبو عمرو ابن العلاء (جاءته كتابي) .
وحتى إذا كانت الكلمة القرآنية بمعنى (مكتوب) تحديدا ، لا يتعين أن يُفهَم من ذلك أن كيفية كتابة ذلك المكتوب هي موحى بها أيضا .
وكما قلتُ في السابق : أسقط رسم المصحف حروفا كثيرة من الألفات والواوات والياءات وغيرها ، وهي من القرآن .
وعليه فمدرسة الإعجاز العددي تكون قد بحثت عن إعجاز الرسم وليس إعجاز القرآن .
 
4. كلمة (ءامنا) وفق رسم المصحف خمسة حروف، فإذا أضيفت الفاء أصبحت ستة حروف.
5. بالنسبة لمسألة الهمزة فإليكم ما قاله شيخي في كتاب المقتطف من بينات الإعجاز العددي : ((قول في الهمزة: نقل غانم الحمد في كتابه رسم المصحف، عن أبي عمرو الداني قوله: " والهمزة قد تصور على المذهبين من التحقيق والتسهيل، دلالة على فشوهما واستعمالهما فيها، إلا أنّ أكثر الرسم ورد على التخفيف..." . وجاء في مناهل العرفان للزرقاني عند الحديث عن قواعد رسم الهمزة: "..وإن سكن ما قبلها حذفت.." ويعقب في الهامش قائلاً: " أي حذفت من الحرف ورسمت مفردة". عند دراسة بعض الوثائق المتعلقة برسم المصحف في عهد عثمان، رضي الله عنه، وجدنا أنهم يكتبون بطريقة تجعلك تميّز بين ما مثلاً وماء. وهذا يدل على أنهم كانوا يرسمون الهمزة قبل وضع صورتها هكذا: ء )) انتهى. من هنا أرجو أن نعلم أن إضافة النقط والألفات والياءات الصغيرة .....ألخ. تختلف عن مسألة الهمزة؛ لأنّ الأولى إضافات إلى الرسم للتوضيح، والثانية لها قواعد في الرسم فصلها العلماء في كتب علوم القرآن ولم تُبحث في باب الإعجام.
أنا لم أجد حتى الآن في المصاحف الكوفية وما تبقى من المصاحف القديمة المكتوبة بالخط الحجازي المائل ، رسما للهمزة . وما أورده الأخ البيراوي من أنه وُجِد أن كتبة المصاحف يكتبون بطريقة تجعلك تميّز بين ما مثلاً وماء ، وهذا يدل على أنهم كانوا يرسمون الهمزة قبل وضع صورتها هكذا (ء) ؛ فهو شيء جديد ، نستفيد منه إذا اطلعنا على تفاصيله ، ولكنني لا أعتقد أن المعلومة دقيقة أو وُضِعت موضعها ، وربما يتعلق الأمر بمصحف أحدث من المصاحف الكوفية (والكلام في نفسه مشكل : كيف يمكن رسم الهمزة قبل وضع صورتها !!؟ أو كيف يمكن أن ترسم الهمزة بـ ء قبل أن توضع لها صورة !!؟ الكلام مشكل ولا يمكنني فهمه بشكل صحيح . ربما يوضحه لنا الأخ البيراوي فيما بعد ) .
ويُستفاد من كلام الداني وغيره أن رسم المصحف كله أو أكثره قائم على تخفيف الهمزة وتسهيلها حتى حذفها تماما في بعض الأحيان . فرسمت ألفا أو واوا أو ياءً أو حذفت تماما كما في (الخب) أي (الخَبْءَ) . ويجب أن نعلم أن كتابة المصحف جرت وفقا للهجة الحجازية التي تخفف الهمزة في أكثر الحالات ، ولهذا لم يَحْتـَجوا إلى وضع صورة للهمزة ، واحتاجوا إلى ذلك بعد غلبة لهجات غير الحجازيين التي تحقق الهمزة .
وأما (ءامنا) فليست الهمزة فيه مرسومة ، وإنما رسم المصحف (امنا) وهو أربعة أحرف (ا + مـ + ـنـ + ـا) وليست خمسة أحرف . ولا يتعين أن يُضبَط بتلك الصورة (ءامنا) بل يمكن أيضا أن يُضبَط بصورة (أ1منا) أو (آمنا). كما يمكن ضبط (روف) بصورة (رؤوف) وليس فقط بصورة (رءوف) .
ويحاول الأخ البيراوي أن يجعل مسألة الهمزة من باب الرسم وليس الضبط . وهذا لا ينجح ، صحيح أنها ليست من باب الإعجام والشكل ، ولكنها ليست من باب الرسم أيضا ، أي إنها لم تُرْسَم عندما كتب المصحف بالرسم العثماني ، وإنما الهمزة صورة مبتكرة أضيفت إلى كتابة المصحف من قبل علماء الضبط ، والضبط أعمّ من الإعجام.
 
6. اختلاف القراءات تنعكس بشكل محدود على مسائل الإعجاز العددي. ولابد من التزام قراءة بعينها للبحوث. وعندما يثبت وجود النظام العددي في مصحف حفص نكون قد أقمنا الحجة، وليس بالضرورة أن تكون باقي المصاحف تكرر الملاحظات نفسها. ألا يكفي إجماع الصحابة على رسم مصحف حتى نعتمده في البحث. وأحب هنا أن ألفت الانتاه إلى أن المصحف السائد في العالم الإسلامي يحتمل قراءة حفص وغيرها، ولننظر مثلاً إلى رسم كلمة (أدريك) والتي لم ترسم كما يقرأ حفص هكذا (أدراك).

يهون الأخ البيراوي هنا من أمر اختلاف عدّ الحروف والكلمات في المصحف المطبوع برواية حفص والآخر برواية ورش مثلا .
ولكن أحيانا نجد اختلافا حتى في عدد الكلمات وليس فقط الحروف ، وهو ما قرأ به نافع (وابن عامر وأبو جعفر) قوله تعالى : ( .. فإن الله الغني الحميد) ، وقرأ آخرون (فإن الله هو الغني الحميد) ، وكلتا القراءتين متواترتان . وأنت ترى هنا أن (هو) كلمة إملائية ونحوية مستقلة ، وبها تزيد السورة كلمةً وتزيد أيضا حرفين ، وهي ثابتة رسما وقراءة في مصاحف العراقيين والمكيين ولا توجد رسما ولا قراءة في مصاحف الشاميين وأهل المدينة . وهذا ينعكس على حسابات الإخوة العاملين في مجال الإعجاز العددي .
وقراءة حروف المضارعة (الياءات والتاءات والنونات) وحروف أخرى تختلف بالإعجام ؛ قد اختلفت فيها القراءات كثيرا ، وهذا لا يمكن الفصل فيه بالاعتماد على رسم المصحف ، فكرسي الحرف وحده لا يعني شيئا بدون النقط ، ولذا يختلف عدّ الياءات والتاءات والنونات حتما بحسب القراءات .
وصحيح أن رسم المصحف يحتمل أكثر وجوه القراءات المتواترة أو كلها تقريبا ، لكن وجود بعض الاختلافات التي لا يمكن حسمها عن طريق الالتجاء إلى الرسم العثماني ، يغير حساب الحروف ، وبالتالي يغير حسابات مدرسة الإعجاز العددي .
 
8. إنكار دلالة النظام على القصد في الخلق هو منطق الملاحدة. هذا عندما نُقيم الحجة على أن هناك نظاماً بديعاً. ومن هنا لا نتهم مسلماً بشيء من هذا، ولكن نربأ به أن يتشبّه بهم وهو لا يدري. إذن نحن نريد فقط اعترافاً بدلالة النظام، ثم بعد ذلك يكون علينا عبء إثبات وجود هذا النظام.

دعني أبدأ من جديد وأناقش مفهوم (النظام) الذي صار محوريا ـ كما يبدو ـ في مقولات الإعجاز العددي .
النظام يعني حالة مطردة ، بحيث أينما ذهبت وتوجهتَ واجهتـْكَ ووجدتـَها .
فهل الاتفاقات العددية المستخرجة لدى إخوة الإعجاز العددي ، هي كذلك ؟
إذا كانت مفردتا (الدنيا) و (الآخرة) قد وردتا كلتاهما (115) مرة [ولست متأكدا من المعلومة] ، فهل يعني هذا أن كل المفردات الأخرى جاءت كذلك ؟ وإذا كان قسم من الثنائيّات المتقابلة جاء بالعدد نفسه والقسم الآخر لم يكن كذلك ، هل يُسمّى هذا نظاما ؟
وأكثر الاتفاقات التي يستخرجونها تقوم على ملاحظة جانب هم يختارونه ، وفي موضع آخر يختارون جانبا آخر ويعلـّقون الأمر على جهة أخرى . وهكذا يكون الأمر أبعد شيء عن النظام ، بل هي حسابات وعلاقات مصطنعة بتكلف واضح ، ولا يجري الأمر على مبادئ واضحة . وأنت إذا أقسمتَ على إيجاد علاقة وارتباط بين شيئين ؛ ستجده ، ولكنك قد تجده أنت ولا يقتنع به غيرُك لأنك أوجدته بنفسك وارتكبت أمورا من الانتقائية والتصنع و الحسابات والتقديرات الشخصية .
يجب أن يقتنع الإخوة في مدرسة الإعجاز العددي بأن ما يجدونه هم له طابع شخصيّ وليس بمستوى التفسير ولا الدراسات القرآنية ، ولا يعدو أن يكون (لطائف) كما كان يقول علماؤنا القدامى .
 
9. ما يوجد عند اليهود مما يسمى (القابالا) يشبه ما عند المتصوفة، ولا علاقة لهذا بالمسألة المطروحة. والقول إن التوافقات قد توجد في كلام البشر لا دليل عليه إلا ما يكون من توافقات محدودة لا يقصدها الكاتب. والمسألة المطروحة تشير إلى نظم بديعة يجهلها معظم الإخوة الذين يجادلون في المسألة. والحكم على الشيء فرع عن تصوره.

ليس المقصود هو القبالاه عينها ، بل إنه من المعلوم أن تفسير النصوص بحساب الجمل واستخراج أسرار منها زائدة على ما أراد المتكلم إيصاله إلى المتلقي من معنى واضح جليّ ، يعود أصله إلى اليهود .
وتلتقي مدرسة الإعجاز العددي مع تلك التيارات الصوفية في الباطنية واستخراج أسرار مزعومة من النص زيادة على ما يؤديه النص كخطاب للناس جميعا .
والاتفاقات التي نتحدث عنها من الممكن أن توجد في كلام البشر ، ما دام مستخرج الاتفاقات يقوم بعمليات عدة من الانتقاء والتصنع وتغيير المبادئ النظرية من أجل وجود اتفاق متخيـَّـل ومقصود مسبقا .
وصحيح أنني لم أدرس بعدُ كل نتائج بحوث الإعجاز العددي ، وقد كان في نيتي ذلك ، إلا أن كل الدراسات الجادة وغير المنحازة تقول الشيء نفسَه .
وأحيل الإخوة هنا إلى بحث الدكتور أحمد شكري بعنوان (مقولة الإعجاز العددي دراسة نقدية ) وهو متوفر على الشبكة ، وإلى رسالة ماجستير قدمها (طارق بن سعيد القحطاني) إلى قسم العقيدة من كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى ، وهي بعنوان (أسرار الحروف وحساب الجمل ـ عرض ونقد) ، وهي دراسة نقدية لأفكار أسرار الحروف والأرقام لدى التيارات الباطنية وما لدى اليهود وما لدى مدرسة الإعجاز العددي ، ويمكن تحميلها من هذا الرابط:
[align=left]www.4shared.com/file/126915796/f23406a7/______.html [/align]
وأنبه هنا إلى أنه ربما يسعى الشيعة إلى استخراج حسابات واتفاقات مبنية على حساب الجمل وما إلى ذلك ، من أجل إثبات إمامة أئمتهم (وأذكر أنني وجدت أشياء من هذا القبيل) .. فالباب مفتوح للجميع ، ما دام غير محصن أصلا..
 
الأخ السبني حفظه الله،

1. وضع الأبجدية وحساب الجمّل كان من قِبل العرب، الذين تأثرت بهم الأمم المختلفة وأخذت عنهم بما في ذلك اليهود. ومن المضحك أن يلجأ بعض الكتّاب إلى خلط الأمور فينسب إلى اليهود ما يشاء ليتوصل بذلك إلى الإيحاء بالرفض.
2. أهل الشعوذة يلجؤون إلى توظيف كل ما هو مقدس ومؤثر، ومن هنا تجدهم يستخدمون الآيات القرآنية والحروف العربية والأرقام ...الخ. والإصرار على خلط الأمور هو تدليس على الناس أو جهل بالواقع. والذين يتكلمون بهذه اللغة يعلنون عن إفلاسهم. وعندما كنا نقرأ لأمثال هؤلاء كنا نزهد في فكرهم من غير تردد.
3. قرأت مقال الدكتور أحمد شكري فوجدته متوازناً وموضوعياً. والمشكلة الحقيقية هي في عدد ممن يكتبون ولا يميزهم إلا الأسلوب الخطابي والحرص على التعبير بشكليات بالفصحى بعيداً عن الجوهر. ومنهم من يحكم على المضمون من خلال العنوان. والشيعة وغيرهم يوظفون كل شيء لنصرة باطلهم. ويبقى السؤال الأهم: هل ينجحون؟!! (ولا يفلح الساحر حيث أتى).
4. الحكم على الشيء فرع عن تصوره. وواضح من كلامك أخي جمال أنك تحكم على بعض الأبحاث ثم تعمم، وليتك تُخصص جزءاً من وقتك لمطالعة بعض الأبحاث الجادة.
5. ضربتَ مثالاً باختلاف عدد الكلمات من قراءة إلى أخرى، وأنت تعلم أخي أن الأمثلة معددودة على الأصابع ولا تؤثر على نتائج عددية تُعدُّ بالمئات على أقل تقدير. ولا أدري ما ضرورة تتبع كل القراءات ولدينا قراءة متواترة ثابتة عن الرسول عليه السلام. بل هي القراءة التي تتوافق مع ما يكتبه ويلفظه علماء الأمة وعامتها من عصر الرسول عليه السلام إلى يومنا هذا.
6. كُتب علوم القرآن تتحدث مطولاً عن قواعد كتابة الهمزة. ولا أدري لماذا تُكتب على ألف أو على واو أو على ياء ثم لا تكتب في الحالة الرابعة. ولكنني أفهم ذلك عندما أجد أن جاء تلفظ في بعض القراءات جا. وأين نجد عربياً اليوم يكتب جا بدل جاء، في أي كتاب، في أي صحيفة، في أي نشرة أخبار.....؟. أما بالنسبة للمصاحف التاريخية فقد لاحظنا في نسخ منسوبة إلى عهد عثمان رضي الله عنه تكتب جا ،من غير نقط طبعاً ، ثم ترسم على يسار الألف نقطة صماء متصلة بالألف من الأعلى، ولا ترسم ذلك في ما. نقول ذلك مع علمنا أن أكثر ما يقال عن تطور الخط نظريات لا تزال محل جدل، كالنظرية التي تقول إن النقط لم يكن موجوداً قبل الإسلام.
7. ألا تلاحظ أخي جمال أنك ذهبت تصرف الكلام عن ظاهره في مثل قوله تعالى:"تلك آيات الكتاب وقرآن مبين"؛ فالنصوص تُصرّح أن الله تعالى أنزل القرآن والكتاب ثم نقول لم ينزل الكتاب وإنما أنزل ما سيكتب!!!
8. ولا أدري كيف يجروء الصحابة على حذف حرف نزل به جبريل عليه السلام ملفوظاً. فإذا قلتَ هكذا يكتبون دون ألفات!! قلنا: ولكنهم كتبوا الألفات في كلمات كثيرة جداً وحذفوها في كلمات مماثلة، بل كثيراً ما تتجاور الكلمات التي كتبت فيها الألف أو حذفت. وأكرر هنا القول: نعم يتعامل أصحاب الإعجاز العددي مع ما هو مكتوب.
9. لا أدري أخي الكريم لماذا تُكثر من الكلام عن الكلمة النحوية وأنت تعلم أننا نتعامل مع الرسم. وأرجو أن تعلم أن الفصل والوصل هو من مفردات علم القراءات، أي أن الأمر مرتبط بما تواتر من قراءات. ولماذا تصر أخي على فرض تصورك للكلمة الملفوظة ونحن نتكلم عن الكلمة المكتوبة، ومن هنا نتكلم عن توقيف الرسم الذي هو مذهب الجمهور.
10. ثبت أن الصحابة كانوا يكتبون بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم. ونحن نتكلم عن رسول، وأنت تعجب من أمّي يُملي على الكتبة!! بل العجب كل العجب من معرفته عليه السلام بما يُضمره فُضالة من شر وهو يطوف خلفه حول الكعبة. والعجب أيضاً كيف يروي عليه السلام وهو على المنبر أحداثاً تبعد ألف كيلومتراً فيقول عليه السلام: "ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله....". من هنا لا داعي للقول إنه أمي فكيف يُصوّب الكتبة. وعندما ندرس الرسم العثماني ندرك أن ما كتبه الصحابة لا يمكن أن يكون باجتهاد منهم. وبلغة أهل الحديث نقول: إنه الموقوف الذي له حكم المرفوع. ثم تقول أخي أين النص؟! نعم أنا أقول لك أين هو: عندما يثبت أنهم كتبوا القرآن كله بين يدي الرسول عليه السلام، وعندما يثبت أن اللجنة في زمن أبي بكر رضي الله عنه لم تكن تكتب من الذاكرة وكانت تحرص أن تنظر في صُحف الرسول عليه السلام وتتحقق من ذلك. وعندما نجد اللجنة في زمن عثمان رضي الله عنه تحرص على صحف أبي بكر. عندما نجد ذلك كله ونعلم علم اليقين أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أبعد ما يكون عن الابتداع وكانوا هم أهل الاتباع الصارم، ندرك أنه من المستحيل أن يتصرفوا في الكتابة على الوجه الذي نراه في المصاحف.
11. أما محاولة تفسير هذه الظواهر بعيداً عن القول بالتوقيف فهي كما يظهر لنا محاولات طفولية ومتهافتة؛ فكيف يمكنهم ذلك ورسم أغلب الكلمات القرآنية مألوف لنا وللقدماء، ثم نفاجأ ــ نحن ومن سلف ــ بمخالفة القواعد في كل المصاحف وفي الكلمات المتباعدة و المتجاورة والمتماثلة وغير المتماثلة... إذن بما تعدنا أخي جمال بعد أكثر من 1400 سنة، وبعد أن انقضى القرن الماضي بكل جدلياته؟! هل تعدنا بأبحاث تفسر ظواهر الرسم العثماني المختلف عن الرسم العثماني لينهار القول بالتوقيف؟! أقول ستكون المفاجأة لهم بعد ذلك أن يطلب منهم أن يفسروا لنا الظواهر العددية في الرسم، وأن يفسروا لنا كيف يمكن أن تصبح الصدفة هي القاعدة!!
 
استاذنا الكريم جمال

جزاكم الله خيراً على هذا الاسلوب الأخّاذ و المتزن في الحوار. بارك الله في جهودكم.
 
أسأل الله عز وجلَّ أن يرينا الإعجاز العددي على حقيقته
فلقد حاولت مراراً وتكراراً أن أحسن الظنَّ فيه
ولكن عبثاً
يأبى هذا الموضوع أن يسير على نور وعلى بصيرة
ويأبى إلا الذبذبة وعدم الانضباط
وإن حاول البعض أن يجري له عمليات تجميل إلا أنه لا يزال غير جميل

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
 
أسأل الله عز وجلَّ أن يرينا الإعجاز العددي على حقيقته
فلقد حاولت مراراً وتكراراً أن أحسن الظنَّ فيه
ولكن عبثاً

وإن حاول البعض أن يجري له عمليات تجميل إلا أنه لا يزال غير جميل

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه

لئن كنت لا تراه جميلا ، فأنا أراه فتانا رائعا بهيا . ليست المشكلة في الإعجاز العددي ، المشكلة في عيوننا.


أسأل الله عز وجلَّ أن يرينا الإعجاز العددي على حقيقته

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
إن كنت صادقا في دعائك ، فقد تراه . ولكن تذكر قوله تعالى :
( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) .
 
الاعجاز العددي ماهو الا اعجاز علمي في القرأن الكريم ومن منكم ينفي وجود اعجاز علمي في القران الكريم وهذا الاخير مازالت اياته وسوره للساعة تفسر بالعلم واخر الاكتشافات حسب ماتوصل اليه الانسان..
وقول الله تعالى في هذا الباب صريح جدا
قال تعالى ( واحصينا كل شيء عددا)
 
الاعجاز العددي ماهو الا اعجاز علمي في القرأن الكريم ومن منكم ينفي وجود اعجاز علمي في القران الكريم وهذا الاخير مازالت اياته وسوره للساعة تفسر بالعلم واخر الاكتشافات حسب ماتوصل اليه الانسان..
وقول الله تعالى في هذا الباب صريح جدا
قال تعالى ( واحصينا كل شيء عددا)

( وأحصى كل شيء عددا )
بارك الله بك ، ونعم القول .
 
الاعجاز العددي ماهو الا اعجاز علمي في القرأن الكريم ومن منكم ينفي وجود اعجاز علمي في القران الكريم

لا نـُـخفي أن ما يُسمّى بـ (التفسير العلمي للقرآن) و (الإعجاز العلمي للقرآن) ، هو أيضا لنا عليه تحفظات كثيرة ، لأن كثيرا مما يُسمّى تفسيرا علميا ، ليس تفسيرا أبدا ، بل هو خطأ في التفسير ومن القول في كتاب الله بغير علم.. بل نجد تفسيرات علمية تقوم على خطأ نحوي أو لغويّ .. وذلك لأن المشتغلين بذلك النوع من التفسير أكثرهم من المتخصصين في مضمار علمي تجريبي وليسوا متخصصين في علوم الدين وعلوم العربية والتفسير .. وليس فيهم مفسر متخصص محترف ..
فترى بعضهم يقول "إن قوله تعالى (.. كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ..) يعني أن أنثى العنكبوت تقوم ببناء البيت وهذا ما كشف عنه العلم الحديث.." ، بينما كلمة (عنكبوت) هي كلمة مؤنثة لأنها اسم جمع ، والقاعدة أن اسم الجمع لغير العاقل مؤنث ، إلا لضرورة تعرض في الشعر مثلا.. ولو أراد الله تعالى أن يشير إلى أنثى العكنبوت لعبّر في الآية بـ (عنكبة) لأن أنثى العكبوت يُقال لها في العربية (عنكبة) و (عنكباة)..
وقرأت لبعضهم عن قوله تعالى (.. يخرج من بطونها شراب..) ما مفاده أن الضمير المؤنث في (بطونها) إشارة إلى أن النحل التي تقوم بإنتاج العسل هن العاملات ، ولذا أنث الضمير..!!!
بينما تأنيث الضمير يعود في الحقيقة إلى أن كلمة (نحل) في نفسها مؤنثة لأنها اسم جنس .
وترى الكثير الكثير من أمثال هذه التفسيرات التي يحقّ للقاضي أن يمنع مبدعيها أو مبتدعيها من نشرها ، لأنها ببساطة ليست من التفسير في شيء .
وأكثر هذه التفسيرات العلمية ، تجمع إلى قلة العلم بالعربية وبالتفسير المأثور (أو تجاهُلِه)، الرغبة في إخضاع القرآن الكريم للعلم الحديث ونظرياته ، ولو عن غير قصد ووعي ..
وهكذا انتهى أمر علوم القرآن الجليلة وعلم التفسير إلى أيدٍ لا يهمّها إلا أن تفسر القرآن بالقياس على هواياتها .
ورحم الله (سيد قطب) الذي قال في ظلاله:
(وإني لأعجب لسذاجة المتحمسين لهذا القرآن ، الذين يحاولون أن يضيفوا إليه ما ليس منه ، وأن يحملوا عليه ما لم يقصد إليه وأن يستخرجوا منه جزئيات في علوم الطب والكيمياء والفلك وما إليها .. كأنما ليعظموها بهذا ويكبروه)..
 
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

رسم المصحف الشريف هو الأمر الذى أطال فيه الأخ جمال وحاول جاهدا أن يجرده من أى ميزة ربانية
وقد رد عليه أخونا الكريم البيراوى ردا علميا مقنعا ومصحوبا بالدليل
وقد سبق لى أن ناقشت مسألة رسم المصحف أكثر من مرة فى هذا الملتقى وفى أكثر من موضوع وأوردت الأدلة على توقيفية الرسم
ولهذا فلن أعيد ما سبق ذكره ، ولكنى سأكتفى بذكر ملاحظات جديدة :
جاء فى القرآن الكريم أن الله عز وجل قد كتب بنفسه لموسى عليه السلام ما فى الألواح التى تلقاها منه عز وجل مباشرة ودون وسيط ، قال تعالى :
" وكتبنا له فى الألواح من كل شىء موعظة وتفصيلا لكل شىء " 145 - الأعراف
ويقول العلامة الطاهر بن عاشور - رحمه الله - فى تفسير هذه الآية :
" وأسندت الكتابة إلى الله تعالى؛ لأنها كانت مكتوبة نقشاً في الحجر من غير فعل إنسان بل بمحض قدرة الله تعالى، كما يفهم من الإصحاح الثاني والثلاثين من سفر الخروج "
وقد جاء فى التوراة ذاتها ما يشهد للقرآن ويصدق له ، حيث نجد فيها أن الألواح كانت مكتوبة بأصبع الله ، وهو تعبير مجازى عن الكتابة الالهية للافادة بأنها كانت وحيا منه عز وجل فى الشكل والمضمون معا ، والشكل هو ما نعنيه بالرسم
وكذلك ورد في التوراة في الإصحاح الرابع والثلاثين من سفر الخروج : « ثم قال الرب لموسى إنحت لك لوحين من حجر مثل الأولين فأكتُبُ أنا على اللوحين الكلمات التي كانت على اللوحين الأولين اللذين كسرتهما " فالذى يكتب هنا هو الله تبارك وتعالى ، وهو يكتب بنفسه للمرة الثانية ناسخا اللوحين اللذين ألقاهما موسى فانكسرا ، وعملية النسخ هذه قد أشار اليها القرآن أيضا فى الآية 154 من سورة الأعراف بقوله تعالى : " ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفى نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون "
فاذا كان هذا هو حال التوراة التى نتفق على أنها أقل من القرآن عصمة من التحريف والتبديل ، فكيف يكون الحال مع القرآن الكريم الذى نتفق جميعا على كونه معصوما بالكلية من أدنى تحريف ولو فى الحرف الواحد منه ؟!
لماذا نستبعد أن يكون شكل كل حرف من القرآن جاء منه تعالى دون أدنى تدخل من البشر أيا كانوا ؟!
أليس من الجدير بنا أن ندعى للقرآن مثل ما يدعيه اليهود لتوراتهم على أقل تقدير ؟
فكيف بنا ونحن مطالبون بتنزيه القرآن عن كل زيادة أو نقص حتى لو كان حرفا واحدا من قبيل حرف الألف فى ( لاأذبحنه ) على سبيل المثال
كيف نقول أنه حرف زائد قد وضعه الكتبة الأولى من تلقاء أنفسهم لاعتبارات تتعلق بالضبط أو غيره ؟
ان محاولات التبرير هذه لن تعفي القائلين بها من القدح فى عصمة النص الكريم الذى أخبرنا الله عز وجل أن قد تكفل بحفظه
صحيح أننا لا نتهم هؤلاء القائلين بأنهم يتعمدون هذا القدح ونعلم أنهم لا يقصدون الى ذلك ، ولكن اذا هم أصروا على ذلك يكونوا قد جعلوا القرآن أدنى منزلة من التوراة والانجيل فى عصمة نصه الشريف
وقد اضفت الأنجيل لأنه هو أيضا قد قيل فيه نفس ما قيل فى التوراة ، حيث نجد فيه قولا على لسان السيد المسيح عليه السلام يقول فيه :
" السماء والأرض تزولان ، ولكن لا يزول حرف واحد من الناموس "
ولفظ الناموس يعم التوراة والآنجيل معا لأن السيد المسيح قد قال أنه جاء ليكمل الناموس
وقد ظل هذا القول يمثل عقيدة ثابتة لدى اليهود ولدى النصارى على مر عصورهم ولا يزال كثيرا منهم الى يومنا هذا يؤمنون بالعصمة الحرفية لكتبهم المقدسة ويتشددون فى هذا الى أقصى حد
فاذا كانت هذه هى عقيدة أهل الكتاب فى عصمة كتابهم الى اليوم ، فكيف بالله عليكم يأتى نفر منا ليقولوا بأن حروفا من القرآن قد زالت من رسم المصحف ، ويعللون هذا بقواعد الكتابة وتطورها من الناحية التاريخية ؟؟!!
وخلاصة القول : ان الله عز وجل حين أخبرنا بكفالته لحفظ كتابه المجيد فانه لم يخصص هذا الحفظ بالمضمون دون الشكل ، وانما جعل الحفظ على اطلاقه ليشمل الاثنين معا ودون تفريق ، ولعل مما يؤكد هذه الشمولية للأمرين معا أن الله عز وجل حين تحدث عن عصمة كتابه المجيد فانه قد اختار له لفظ ( الذكر ) تحديدا لأنه لفظ جامع يدل على الملفوظ والمكتوب معا ، بخلاف لفظ ( القرآن ) الذى ينصرف الى المتلو أو الملفوظ فى المقام الأول ، أو لفظ ( الكتاب ) الذى ينصرف - وعلى العكس - الى المكتوب بالدرجة الأولى ، فهذا اللفظ ( الذكر ) يعبر عن الحفظ التام والشامل للمتلو والمكتوب معا
ولعل مما يؤيد ذلك أننا نجد لفظ الذكر يرد فى القرآن كثيرا بمعنى الكتاب أو المكتوب ، ومن هذا قوله تعالى : " بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون " 71 - المؤمنون
قال العلماء ( بذكرهم ) أى : بكتابهم وهو القرآن
ومنه كذلك قوله تعالى : " وقد آتيناك من لدنا ذكرا " 99 - طه ، وقد جاء فى معجم ألفاظ القرآن الكريم أن " ذكرا " هنا بمعنى : كتابا ، وأن هذا اللفظ قد ورد بهذا المعنى كذلك فى سورة الصافات فى الآيتين 3 ، 168 وفى الآية الخامسة من سورة المرسلات

وخلاصة القول : ان ما ندعيه للنص القرآنى لا يصح أن يكون أقل مما يدعيه اليهود والنصارى لكتبهم التى يقدسونها ، فان كانوا هم يذهبون الى أن حرفا واحدا من كتبهم لم يتغير أو يزول أو يناله التحريف ، فما بال البعض منا يأتى اليوم ليقول ان حروفا من نص القرآن تنقص من رسمه أو تزاد عليه ؟!!
 
الأخ الكريم السبني،

لو قلت إن اسم الجمع هنا يذكر ويؤنث لقبلنا منك ذلك . ولكنك تقول إن التذكير للضرورة. وإليك بعض النقول عن أئمة التفسير:
يقول البيضاوي: "وتأنيث الضمير على المعنى فإن النحل مذكر". لاحظ أن البيضاوي يعتبر النحل مذكراً.
ويقول صاحب البحر، والذي هو من أئمة اللغة في عصره:" العنكبوت: حيوان معروف، ووزنه فعللوت ، ويؤنث ويذكر".
ثم أين الضرورة في قوله تعالى:"يا أيها النمل ادخلوا مسكنكم"، وليس:"ادخلن مساكنكن" مع جواز ذلك.
وأصحاب الإعجاز العلمي يشيرون إلى التزام التأنيث في النحل والعنكبوت وعند مخاطبة النمل ــ الذي يشمل الذكور والإناث ــ جاء بصيغة التذكير.
هل بعد ذلك لا تزال تتمسك بقولك:"وترى الكثير الكثير من أمثال هذه التفسيرات التي يحقّ للقاضي أن يمنع مبدعيها أو مبتدعيها من نشرها " نحمد الله تعالى أن منصب القضاء لم ينط بك، وإن كان قد أنيط....!!!
 
أسأل الله عز وجلَّ أن يرينا الإعجاز العددي على حقيقته

ابشر أيها الأخ الكريم بقرب استجابة الله عز وجل لدعائك هذا ، واذا أحيانا الله تعالى ويسر لنا فسوف يشهد العام الهجرى الجديد 1431 باذنه تعالى خروج البرهان المبين والحجة البالغة على مصداقية هذا الوجه من الاعجاز ، فأدعو الله أن ييسر لنا الأحوال ويقيض لهذا العبد الفقير من يعينه على اخراجه للناس

فلقد حاولت مراراً وتكراراً أن أحسن الظنَّ فيه
ولكن عبثاً

لا يوجد أى داعى لاساءة الظن بهذا الوجه من الاعجاز ، فانه لا يهدف لغير تقديم المزيد من الشواهد والبينات على اعجاز القرآن العظيم ، وأعتقد أن هذا يعد هدفا نبيلا ومطلوبا وينبغى أن ندعمه ونشجعه لا أن نسىء الظن به

يأبى هذا الموضوع أن يسير على نور وعلى بصيرة
ويأبى إلا الذبذبة وعدم الانضباط
وإن حاول البعض أن يجري له عمليات تجميل إلا أنه لا يزال غير جميل

ابشر أخانا الكريم بأنك - ان شاء الله - لن ترى منه أى ذبذبة مرة أخرى ، وسوف تراه أخيرا منضبطا كأشد ما يكون الانضباط فى سيره على وتيرة واحدة وقواعد محكمة ومطردة وخالصة من أدنى تكلف
واذا كنت تراه الآن غير جميل فأخشى عليك مستقبلا أن تصبح مفتونا بجماله الأخاذ الذى يسلب العقول ويذهل الأبصار !!
انها مسألة وقت لا غير ، فأدعو الله لى أن ييسر ويعين

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه

[align=center]اللهم آمين[/align]
 
الاعجاز العددي ماهو الا اعجاز علمي في القرأن الكريم ومن منكم ينفي وجود اعجاز علمي في القران الكريم وهذا الاخير مازالت اياته وسوره للساعة تفسر بالعلم واخر الاكتشافات حسب ماتوصل اليه الانسان..
وقول الله تعالى في هذا الباب صريح جدا
قال تعالى ( واحصينا كل شيء عددا)


الأخت الكريمة / الشريفة فاطمة
أنتى لم تبتعدى كثيرا عن الحقيقة فى أمر الاعجاز العددى ، فانه يشبه الاعجاز العلمى من بعض الوجوه

والآية الكريمة التى استشهدتى بها جاء استشهادك بها فى محله تماما
 
لو قلت إن اسم الجمع هنا يذكر ويؤنث لقبلنا منك ذلك . ولكنك تقول إن التذكير للضرورة. وإليك بعض النقول عن أئمة التفسير:
يقول البيضاوي: "وتأنيث الضمير على المعنى فإن النحل مذكر". لاحظ أن البيضاوي يعتبر النحل مذكراً.
ويقول صاحب البحر، والذي هو من أئمة اللغة في عصره:" العنكبوت: حيوان معروف، ووزنه فعللوت ، ويؤنث ويذكر".
ثم أين الضرورة في قوله تعالى:"يا أيها النمل ادخلوا مسكنكم"، وليس:"ادخلن مساكنكن" مع جواز ذلك.
وأصحاب الإعجاز العلمي يشيرون إلى التزام التأنيث في النحل والعنكبوت وعند مخاطبة النمل ــ الذي يشمل الذكور والإناث ــ جاء بصيغة التذكير.
هل بعد ذلك لا تزال تتمسك بقولك:"وترى الكثير الكثير من أمثال هذه التفسيرات التي يحقّ للقاضي أن يمنع مبدعيها أو مبتدعيها من نشرها " نحمد الله تعالى أن منصب القضاء لم ينط بك، وإن كان قد أنيط....!!!

السلام عليكم ورحمة الله

القاعدة تقول إن اسم الجمع (وهو لفظ مفرد أي غير مجموع ، ولكنه يدل على مجموعة ، و لا يمكن إدخال تاء الإفراد عليه للدلالة على أحد مصاديقه ، أي: لا واحد له من لفظه ) ، إذا كان لغير العاقل ، أي غير الإنسان ، فهو يؤنث . وهذا مثل (إبل) ، قال تعالى (وإلى الإبل كيف خلقت) ، ومثل (عنكبوت) ، قال تعالى (اتخذت بيتا) . فالتأنيث في الآيتين لأن لفظتي (إبل) و (عنكبوت) مؤنثتان لأنهما اسما جمع ، إذ لا واحد لهما من لفظهما ، فلا يُقال (إبلة) بل يقال (بعير ، أو ناقة) ، ولا يقال (عنكبوتة) بل يقال (عنكبٌ ، أو عنكبة) . وهكذا . وتأنيث اسم الجمع قاعدة ليس فيها اختلاف لهجات ولا اختلاف مدارس نحوية .
وعليه فلا يدلّ التانيث في قوله (اتخذت بيتا) على إرادة الأنثى ، كما يزعم بعض كتاب الإعجاز العلمي ، بل لأن اللفظة في نفسها مؤنثة ، هكذا تكلم بها العرب . وإذا كان يريد الأنثى فاللفظة هي (عنكبة) ، ولفظ (العنكبوت) عام يدلّ على الحيوان من دون تفريق بين الذكر والأنثى .
وفي الوقت نفسه يمكن تذكير (عنكبوت) حتى في النثر ومن دون ضرورة ، وذلك لأنه ليس مؤنثا حقيقيا واجبَ التأنيث . فيمكن تذكيره أيضا ، ولكن القاعدة هي التأنيث .
وإذا ورد تأنيث (عنكبوت) في كلام عربي فهو من أجل هذه القاعدة وليس من أجل إرادة الأنثى . فالأنثى هي (عنكبة) كما بينا .
وزغلول النجار ، سامحه الله ، إذ يورد عن بعض أئمة اللغة أن لفظ (عنكبوت) : (يذكر ويؤنث) ، ويوهم بذلك أن تأنيثه في قوله (اتخذت بيتا) هو مقصود قصدا خاصا من إجل إرادة الأنثى ؛ إنما يخلط الأمور ، لأن لفظ (عنكبوت) وإن كان يجوز تذكيره ويمكن أن يأتي تذكيره في كلام عربي (وإن لم أجده إلا في شطر بيت شعري ، ضرورةً ) ، ولكن ما ورد في الآية من التأنيث هو بمقتضى القاعدة الأصلية التي تجعل لفظ (عنكبوت) مؤنثا معنويا لا علاقة له بالتأنيث الحقيقي . فلا يفيده ورود التذكير في زعمه أن تأنيث اللفظ في الآية من أجل إرادة الأنثى . أي : إذا ورد التأنيث فهو القاعدة ، وإذا ورد التذكير فهو لأن التأنيث غير واجب مثل تأنيث المؤنث الحقيقي .
وأما ما قاله صاحب البحر، من أن لفظ (عنكبوت) : "يؤنث ويذكر" ، فهو من الاختصار المخل ، إذ يجب أن يكون واضحا أن لفظ (عنكبوت) ـ باعتباره اسم جمع لغير العاقل ـ مؤنث ، وكذلك (إبل) ، وبذلك نزل القرآن. وأما التذكير فهو جائز أيضا ، كما بينا ، ويمكن العثور على شاهد أو شواهد قليلة في الكلام العربي على ذلك . ومع ذلك ، فهذا القول المختصر لا يفيد شيئا لمن يريد أن يقول إن تأنيث (عنكبوت) في الآية من أجل إرادة الأنثى ، كما بينتُ .

وأما (نحل) و (نمل) مثلا ، فهما اسما جنس وليس اسما جمع ، لأنهما يمكن إفرادهما (أي : الدلالة على فرد واحد من مصاديقهما) بإدخال تاء الإفراد عليهما ، فيقال: نحلة ، نملة ، للدلالة على واحد من النحل والنمل . فهذا النوع ، أي اسم الجنس ، اختلفت فيه اللهجتان الحجازية والتميمية ، فلغة أهل الحجاز هي التأنيث وبه نزل القرآن ، ولغة تميم هي التذكير . وربما يعود تأنيث اللفظ في الحجازية إلى أن لفظ (نحل) مثلا وإن كان ليس مجموعا في نفسه إلا أنه يُعتبر جمعا و مفردُه (نحلة) ، ولذلك يؤنث في تلك اللهجة تأنيثَ الجمع .
ولذا يمكن لِلـُغويّ أن يقول إن النحل مذكر ، ولكن هذا محمول على قصد اللهجة التميمية ، وأما ما في القرآن فهو التأنيث . وإذا كان القرآن الكريم يؤنث (النحل) فذلك مصداق لكون القرآن نزل بلغة قريش ، ومن أجل التأنيث المعنوي للفظة في تلك اللهجة ، وليس من أجل تأنيث حقيقي .
أما ما قاله البيضاوي فشرحه ما قلته آنفا ، من أن لفظة (نحل) مذكرة في نفسها إذ لم تلحقها تاء (مثل ما في : نحلة ) ، ومن هنا يقول البيضاوي إن التأنيث من أجل المعنى ، أي من أجل أن لفظة (نحل) عامّة المعنى فتشبه اللفظ المجموع بدلالته على مجموعة . وربما أمكن لأحد أن يقول إن البيضاوي كان يقصد ما كان شائعا من التذكير الذي يعود إلى اللهجة التميمية ، ويبدو أنه شاع في اللسان العربي في العصور اللاحقة ، ونحن نعلم أن كثيرا من خصائص العربية الفصيحة الحديثة تعود إلى غير اللهجة الحجازية . ولكن ما يمنعني من تصديق ذلك هو أنه لا يمكن أن يطلق البيضاوي القول بتذكير لفظة (نحل) وهو يعلم اللهجتين المختلفتين في تأنيث وتذكير اسم الجنس مثل (نحل) . ولذا أرجح أن البيضاوي قصد أن لفظة (نحل) مذكرة لفظيا (أي لم تلحقه تاء) ولكنه أنثت في الآية باعتبار معناها الجامع الذي يجعلها في حكم الجموع الذي يؤنـَّث عادة ، و (كل جمع مؤنث) كما قيل. ومن هنا جاء التأنيث في اللهجة الحجازية .
وإلا فعبارة اللغويين القدماء تنص على تأنيث (النحل) وعلى جواز تذكيره مع ذلك. قال ابن الأنباري في (البلغة في الفرق بين المذكر والمؤنث):
[والنحل مؤنثة. قال الله تعالى: " وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً " . وقد يجوز فيها التذكير"]. لاحظ قوله (وقد..) الذي يدل على التقليل ..

وأما عن قولك ـ أخي البيراوي ـ : [ثم أين الضرورة في قوله تعالى:"يا أيها النمل ادخلوا مسكنكم"، وليس:"ادخلن مساكنكن" مع جواز ذلك.] ، فأقول : أنا لم أذكر أمر الضرورة بالنسبة لاسم جنس مثل (نمل) ، بل ذكرته لاسم جمع مثل (عنكبوت) الذي ورد تذكيره في شطر بيت ضرورة .
وأما قوله تعالى (ادخلوا مسكانكم) ، فضمير الجماعة فيه لا علاقة له بتذكير ولا تأنيث ، بل هو التغليب الذي يقتضي أن يُخبَر عن الجماعة كالذكور تغليبا وإن كانت فيهم إناث ، وهكذا اعتاد اللسان العربي . وما في الآية لم يُقصَد فيه تفريق بين ذكور وإناث ، بل المراد هو جماعة النمل ، من دون إرادة الذكورة والأنوثة ، والأسلوب العربي في هذه الحالات هو التذكير أي الإخبار عن جماعة الذكور .

وأعود إلى قولي : إن من يفسر قوله تعالى (اتخذت بيتا) و (يخرج من بطونها شراب) بأنه يقصد الأنثى ، إنما يثبت بذلك أنه لم يملك زمام اللسان العربي ، وأنه لا يرى في النص و لا يفهم إلا ما قرّر مسبقا أن يراه ويفهمه ، وهو بفعله هذا لا يدع القرآن يقول قوله ، بل يقوّله ما يريد ويهوى ، أقول هذا وأعلم أن عبارتي هذه قد تكون غير لائقة بمقام الحديث عن كتاب الله .

وأما عن القضاء وحالة إناطة القضاء بي ، كما تفضل الأخ البيراوي بأن تندّر بذلك ، فأقول : لو كنتُ قاضيا لمنعت كل الذين يفسرون القرآن برأيهم دون اعتماد على المأثور وخصائص اللسان العربي الذي نزل به القرآن ، من أن يتصدّروا الحلقات والمنابر .

وأقول : إن منطق التفسير العلمي يقضي بأن الأمة ، والنبي عليه الصلاة والسلام ، لم يفهموا القرآن ، أو لم يفهموه على وجهه الصحيح ، واستمرت هذه الحالة العصيبة ، إلى أن جاء سادة مدرسة الإعجاز العلمي بتفسير صحيح ففعلوا ما لم يستطع أن يفعله النبي عليه الصلاة والسلام ولا الصحابة ولا التابعون ولا المفسرون النابغون من بعدهم . هل هذا منطق ؟!

هل يمكن أن أعتبر كاتبا ـ يمكنني أن أعتبره قزما إذا قارنتـُه بمفسرينا القدماء العمالقة ـ مفسرا وآخذ منه التفسير ، وهو يأتي بتفسيرات تخالف ـ أحيانا كثيرة ـ الوجهَ اللغوي والنحوي و تخالف ـ أحيانا ـ أحاديث صحيحة صريحة جاءت تفسر بعض الآيات ؟
وهاكم مثالا ـ حتى لا يكون كلامي أسلوبا خطابيا وحرصا على التعبير بشكليات بالفصحى بعيداً عن الجوهر ;)ـ:
قال تعالى (والشمس تجري لمستقر لها) ، وجاءت الأحاديث الصحيحة تفسر ذلك الجريان بأنه الجريان اليومي للشمس من مشرقها إلى مغربها كما نراه كل يوم ، وتفسر ذلك الاستقرار بما يقع في الليل من استقرار الشمس حيث لا نجدها متحركة في السماء كما هي في النهار..
وبعد هذا يجيء كتـّاب التفسير العلمي ويقولون بل (مُراد الله تعالى) في تلك الآية هو الإخبار عن أن الشمس تدور حول مجرة درب التبانة ، وهذا ما توصّل إليه العلم الحديث في العقود الأخيرة من القرن العشرين ..
وهذا يعني أن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في الأحاديث الصحيحة لم يكن صحيحا ، أو ـ على الأقل ـ كان تفسيرا مرحليا مؤقتا !! (وهذا أقبح من الأول)..
هذا هو مؤدى منطق التفسير العلمي ونتيجته .. يا سادة ..
 
يجب أن يكون واضحا أن لفظ (عنكبوت) ـ باعتباره اسم جمع لغير العاقل ـ مؤنث ، وبذلك نزل القرآن. وأما التذكير فهو جائز أيضا ، كما بينا ، ويمكن العثور على شاهد أو شواهد قليلة في الكلام العربي على ذلك.

وكذلك قال ابن الأنباري في (البلغة) :
[والعنكبوت مؤنثة. قال الله تعالى: " مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء، كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً " . وقد يجوز فيها التذكير].

وقال الأزهري في (المحكم والمحيط الأعظم): (والعنكبوت دويبة تنسج في الهواء مؤنثة ، وربما ذكر في بعض الشعر) أي ربما جاء تذكير (عنكبوت) في بيت شعر أو أبيات قليلة، أي ضرورةً .
والشاهد الشعري هو قول أبي النجم:
[align=center]* مما يسدي العنكبوت إذ خلا *[/align]
وليس الاحتمال الوحيد فيه أن يكون قد ذكّر (عنكبوت) ، بل قال أبو حاتم: أظنه "إذ خلا المكان والموضع". أي إن الضمير المذكر يعود إلى مكان منويّ أو مذكور سابقا .

مشكلة أهل اللغة أن المتقدمين منهم ذكروا أشياء طفيفة أو وجها في تفسير نص أو لهجة أو فهما شخصيا لكلمة ، فيجيء المتأخرون ويبنون على ذلك أشياء تبدو لأول وهلة راسخة الجذور ، فإذا ما فحصتها أدركت أنها ليس لها أساس راسخ . فالمتقدمون رأوا أنه في بعض الأبيات جرى تذكير (عنكبوت) ، وهذا يعني أن اللفظة تـُؤنث وقد تـُذكـّر ، وأما المتأخرون فقالوا ـ إطلاقا ـ : (تـُؤنث وتـُذكـّر) .
وهكذا إذا فحصت المعجم العربي رأيت أشياء كثيرة من هذا القبيل . يذكرون معاني كثيرة لمفردة واحدة ، مع أن واحدا منها ـ على الأقل ـ قد يكون هو ما فهمه شارحُ بيت . وأما المتعلمون فيقرؤون المعجم ويظنون كل تلك المعاني معاني ثابتة ومتجذرة ، وربما يستعملون المفردة حين يتعلمونها بذلك المعنى الذي لم يكن سوى فكرة خطرت على قلب اللغوي أو الشارح الذي تصدى لشرح بيت شعر أو مثل ..
 
أما ما قاله البيضاوي فشرحه ما قلته آنفا ، من أن لفظة (نحل) مذكرة في نفسها إذ لم تلحقها تاء (مثل ما في : نحلة ) ، ومن هنا يقول البيضاوي إن التأنيث من أجل المعنى ، أي من أجل أن لفظة (نحل) عامّة المعنى فتشبه اللفظ المجموع بدلالته على مجموعة . وربما أمكن لأحد أن يقول إن البيضاوي كان يقصد ما كان شائعا من التذكير الذي يعود إلى اللهجة التميمية ، ويبدو أنه شاع في اللسان العربي في العصور اللاحقة ، ونحن نعلم أن كثيرا من خصائص العربية الفصيحة الحديثة تعود إلى غير اللهجة الحجازية . ولكن ما يمنعني من تصديق ذلك هو أنه لا يمكن أن يطلق البيضاوي القول بتذكير لفظة (نحل) وهو يعلم اللهجتين المختلفتين في تأنيث وتذكير اسم الجنس مثل (نحل) . ولذا أرجح أن البيضاوي قصد أن لفظة (نحل) مذكرة لفظيا (أي لم تلحقه تاء) ولكنه أنثت في الآية باعتبار معناها الجامع الذي يجعلها في حكم الجموع الذي يؤنـَّث عادة ، و (كل جمع مؤنث) كما قيل. ومن هنا جاء التأنيث في اللهجة الحجازية .

أنقل الآن تعليق الشهاب الخفاجي على ذلك الموضع من كلام البيضاوي الذي ذكر فيه أن (النحل مذكر) :
قال البيضاوي:
وتأنيث الضمير على المعنى ، فإن النحل مذكر .
وقال الشهاب:
وتأنيث الضمير: أي ضمير اتخذي وكلي .
وقوله على المعنى يعني به أنه اسم جنس يفرق بينه وبين واحده بالتاء ، ومثله يجوز تذكيره باعتبار لفظه وتأنيثه باعتبار معناه وهو أنه طائفة منه وجماعة . والتأنيث لغة أهل الحجاز ، وعليها ورد التنزيل هنا كما في قوله (نخل خاوية) ، وورد تذكيره في قوله (أعجاز نحل منقعر) ، لكن قوله فإنّ النحل مذكر يقتضي أنّ الأصل فيه التذكير وتأنيثه بالتأويل ، وهو مذهب الزمخشري ، وغيره من النحاة يخالفه كما نقلناه ، فمن ادّعى موافقة كلامه لهم فقد تعسف.
انتهى .

انظر : حاشية الشهاب . دار صادر ـ بيروت . جـ 5 ، ص 347
وهكذا يبيّن الشهاب أن البيضاوي إنما قصد أن لفظ (نحل) مذكر باعتبار لفظه الذي ليس فيه ما يمكن اعتباره علامة تأنيث أو موجبا للتأنيث أي التأنيث اللفظي ، وأنه يؤنث باعتبار معناه الجمعي ، كأنه قصد به معنى (طائفة) أو (جماعة) .
ويبين الشهاب أن البيضاوي في تعليله هذا لتأنيث (نحل) في الآية تابع للزمخشري (وتفسير البيضاوي ـ كما نعلم ـ بمثابة إعادة إنتاج أشعرية لتفسير الزمخشري ) ، وأن الزمخشري انفرد بذلك الرأي (أن يكون الأصل في اسم الجنس هو التذكير ، ويؤنث بتأويله بـ "جماعة" أو "طائفة") ولم يوافقه غيره من النحويين واللغويين .
وينبه الشهاب إلى أن كلتا لهجتي تأنيث اسم الجنس وتذكيره واردتان في القرآن ، فمن التأنيث (أعجاز نخل خاوية) ومن التذكير (أعجاز نخل منقعر) . وهذا يمكن اعتباره من باب (ما ورد من اللهجات في القرآن) ، أو يمكن تعليله بأن تذكير (نخل) في الآية الثانية (نخل منقعر) هو باعتبار أن لفظ (نخل) ليس واجب التأنيث فهو ليس دالا على مؤنث حقيقي ، وقد دعا إلى استخدام هذا الأسلوب الجائز (التذكير) توافق الفواصل في السورة التي تنتهي بالراء (منقعر) وليس بالهاء (منقعرة) .
 
أرجح أن البيضاوي قصد أن لفظة (نحل) مذكرة لفظيا (أي لم تلحقه تاء) ولكنه أنثت في الآية باعتبار معناها الجامع الذي يجعلها في حكم الجموع الذي يؤنـَّث عادة

بمثل ما قلتـُه شرح القونويٌّ عبارة البيضاوي ، إذ قال القونوي:
(وتأنيث الضمير على المعنى ، فإن النحل مذكر) : فإنه اسم جنس يفرق بينه وبين واحده بالتاء كتمر وتمرة فيجوز تأنيثه نظرا إلى المعنى ، كما جاز تذكيره بالنظر إلى اللفظ مثل قوله تعالى (نخل منقعر) ، وإنما قال [البيضاوي] (والنحل مذكر) لعدم علامة التأنيث فيه ، ففي مثله التذكير هو الأصل والتأنيث بالتأويل كما هو مذهب الزمخشري واختاره المصنف [أي البيضاوي] وبعض النحاة يخالفه [أي يخالف الزمخشري] .
انظر : حاشية القونوي على تفسير البيضاوي . دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2001. جـ 11 ، ص 321
 
10. ثبت أن الصحابة كانوا يكتبون بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم. ونحن نتكلم عن رسول، وأنت تعجب من أمّي يُملي على الكتبة!! بل العجب كل العجب من معرفته عليه السلام بما يُضمره فُضالة من شر وهو يطوف خلفه حول الكعبة. والعجب أيضاً كيف يروي عليه السلام وهو على المنبر أحداثاً تبعد ألف كيلومتراً فيقول عليه السلام: "ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله....". من هنا لا داعي للقول إنه أمي فكيف يُصوّب الكتبة. وعندما ندرس الرسم العثماني ندرك أن ما كتبه الصحابة لا يمكن أن يكون باجتهاد منهم. وبلغة أهل الحديث نقول: إنه الموقوف الذي له حكم المرفوع. ثم تقول أخي أين النص؟! نعم أنا أقول لك أين هو: عندما يثبت أنهم كتبوا القرآن كله بين يدي الرسول عليه السلام، وعندما يثبت أن اللجنة في زمن أبي بكر رضي الله عنه لم تكن تكتب من الذاكرة وكانت تحرص أن تنظر في صُحف الرسول عليه السلام وتتحقق من ذلك. وعندما نجد اللجنة في زمن عثمان رضي الله عنه تحرص على صحف أبي بكر. عندما نجد ذلك كله ونعلم علم اليقين أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أبعد ما يكون عن الابتداع وكانوا هم أهل الاتباع الصارم، ندرك أنه من المستحيل أن يتصرفوا في الكتابة على الوجه الذي نراه في المصاحف.

السلام عليكم ورحمة الله
أيها الإخوة
أخي أبا عمرو البيراوي

يبدو ـ من هذا الكلام المقتبس ـ أن نظرية توقيفية رسم المصحف تبلورت بالشكل التالي :
"الصحابة كتبوا ـ بإملاء الرسول صلى الله عليه وسلم ـ الآيات والسور بما يعرفونه من الكتابة ، وأقرّهم الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك ، إلا في رسم كلمات (وهي ليست بالقليلة) حيث أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم كيفية رسمها ، وما أخبرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم هو ما أوحي إليه أو ما أُلهـِمه ، ومع أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف الكتابة فقد بلـّغهم كيفية رسم تلك الكلمات والعبارات ، وهم اتبعوا ذلك ولم يفعلوا شيئا من تلقاء أنفسهم ، فكل ما في القرآن من الرسم وهيئات الكتابة هو توقيف وإرادة إلهية وليس فيه إرادة بشر ."

نتيجة عجيبة وغريبة ، ويبدو كقول من أعيته الحيلة وسدت بوجهه كل الأبواب والمنافذ واضطر إلى هذا القول الذي نرى فيه استحالات كثيرة ودعاوي بحاجة إلى إثباتات .
من ذلك :
1. القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوحيت إليه كيفية الكتابة الخاصة بالمصحف ، هو قول في أمر غيبي وإيماني، والغيبيات لا تثبت إلا بدليل وتوقيف .. فمن أين لنا أن نثبت أن شيئا كهذا حدث ؟ كيف لنا كمسلمين أن نعتقد بهذا مع أنه ليس لنا أن نعتقد بشي غيبي إلا بدليل من كتاب أو سنة وليس بدليل عقلي أو شبه عقلي ؟
ما انتهى إليه الأخ البيراوي لا دليل عليه حتى عند نفسه إلا ما يذكره من "إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم على الكتابة وأنه صلى الله عليه وسلم أرشدهم في كتابة بعض الكلمات بما أوحي إليه من الغيب" . وهذان الأمران (الإقرار العام والإرشاد الخاص) لا يثبتان إلا بدليل ديني ، لأن إقراره صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن وحيا فلا يمكن حتى تصوره بالنسبة للكتابة فهو صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ ولا يكتب ، وكذلك الأمر في أمر الإرشاد الخاص فهو أيضا يجب أن يكون وحيا وإلا لم يكن للرسول صلى الله عليه وسلم طاقة به .. والقول بهذا (أي صدور ذينك الإقرار والإرشاد عن الرسول صلى الله عليه وسلم كجزء مما كان عليه أن يبلغه للناس) يحتاج إلى دليل حقيقي من كتاب أو سنة ، ولا يثبت بدليل عقلي أو شبه عقلي أو رأي يراه أخي أبو عمرو في تعليل رسم المصحف . ورسم المصحف يمكن تعليله بغير القول بالتوقيف .
2. القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بلـّغ الصحابة كيفية الرسم الخاصة بالمصحف ، يكون في النهاية والنتيجة نوعا من الالتفاف على ما نعرفه من أمية الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستطيع أن يشرح أمورا تتصل بالكتابة ورسم الكلمات فهو ليس أميا .. وإذا افترضنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد بلغ أمور الكتابة تلك وهو لا يعرف حقيقتها ولا يفهمها ، نكون قد اتهمنا الله ـ سبحانه ـ بأنه كلـّف الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ ما لا يفهمه هو وكأنه حامل رسالة وليس عليه سوى حملها وإيصالها إلى الجهة المعنية ..!!
3. نحن نعرف أن أمورا وظواهر كثيرة في رسم المصحف نظنها خاصة برسم المصحف ، هي في الحقيقة من صلب خصائص الكتابة العربية قبل الإسلام بل الكتابات السامية عموما ، فالاختزال هو طبيعة هذه الكتابات السامية بما فيه الكتابة العربية والكتابة العبرية وغيرهما ، أقصد اختزال كثير من المصوتات (الألف والياء والواو ، والمصوتات الصغيرة = الحركات) ، فهذا ليس خاصا بالمصحف ، ومن هنا فحذف قدر كبير من الألفات ـ مثلا ـ في رسم المصحف ، يعود في الحقيقة إلى الطبيعة الأصلية للكتابة العربية . وحتى الحروف الزائدة والناقصة في الرسم يمكن العثور على حالات مماثلة لها في الكتابات العربية القليلة الباقية السابقة للإسلام . ويمكن العثور على تلك الأساليب الخاصة في الكتابة ، في الكتابات الإسلامية المبكرة التي نجدها في بعض النقوش والبرديات والرقوق ، فهل هذا يعني أن تلك الكتابات العادية رسمها توقيفي وفيها أيضا إعجاز عددي ؟!
إذن، فهذه الظواهر الغريبة في رسم المصحف ومخالفاته للرسم الإملائي ليست ـ في الحقيقة ـ خاصة برسم المصحف ، بل هي جزء من تقليد متبع في الكتابة العربية في تلك المرحلة . وكانت هذه الأساليب الخاصة مما يعرفه هؤلاء الصحابة الكـَتـَبة ولم يكونوا بحاجة إلى إرشاد إليها .
هل تقول لي ـ يا أبا عمرو ! ـ إن لفظة (رحمن) رُسِمت بحذف الألف بناء على توجيه إلهي لحكمة معينة ، مع أنها هكذا كانت ترسم في العبرية والسريانية والعربية الجنوبية بحذف الألف ، قبل الإسلام ؟
هل أنت بحاجة إلى تذكيرك بأن لفظة (مئة) التي رسمت بشكل (مائة) أي بزيادة الألف ، هي كذلك رُسِمت بزيادة الألف في الكتابات النبطية السابقة للإسلام ؟
نحن نعرف تاريخ هذه الكتابة ونعرف مسار تطورها ، ورسم المصحف حلقة في سلسلة هذا التاريخ ، ولذا لا نلتفت إلى قول من يعتبر رسم المصحف جزءا من الوحي ، لأننا نعرف أن هذا ليس على علم بهذا التاريخ أو يتغافل عنه .
 
7. ألا تلاحظ أخي جمال أنك ذهبت تصرف الكلام عن ظاهره في مثل قوله تعالى:"تلك آيات الكتاب وقرآن مبين"؛ فالنصوص تُصرّح أن الله تعالى أنزل القرآن والكتاب ثم نقول لم ينزل الكتاب وإنما أنزل ما سيكتب!!!

أخي أبا عمرو
أنا لم أقل بأن (الكتاب) في الآية هو بمعنى (ما من شأنه أن يُكتـَب) أو (ما سيُكتـَب) ، بل قلت إن المعنى الاشتقاقي لا يكون ـ في أغلب الحالات ـ مقصودا حين يكون للكلمة معنى محدد في العرف اللغوي . فالـ (كتاب) وإن كان في الأصل بمعنى مكتوب ، ولكن إذا أشرتُ إلى كتاب وقلتُ (ذلك الكتاب) فلا يتعيّن أنني قصدت كتابته أو كونه مكتوبا على هيئته المكتوبة الخاصة ، بل الاحتمال الأرجح هو أنني قصدت الكتاب بمحتواه وأفكاره أو قصدت الكتاب بصورة عامة من دون ملاحظة جانب خاص مثل كتابته ..
وعلى هذا ، فقوله (أنزل الكتاب) لا يمكن أن يُفهَم منه أن الله تعالى أنزل القرآن وأنزل معه رسمه وكتابته الخاصة ، كما كنتَ ـ أخي أبا عمرو ـ تسعى جاهدا لاستنباط ذلك من تلك النصوص القرآنية التي تشير إلى القرآن بالـ (كتاب) . وهو استنباط غير صحيح .
وحينما ذكرتُ في المشاركة معاني من قبيل (ما من شأنه أن يُكتـَب) وغيره ، فقد كان قصدي أن أبين المعاني المختلفة التي تفيدها الكلمة زائدة على المعنى الاشتقاقي الحرفي الذي لا يكون في الحسبان غالبا .
وأنا أميل إلى أن القرآن الكريم حين يصف نفسه بـ (الكتاب) فقصده هو أن هذا القرآن هو في الأصل والحقيقة كتاب كامل تنزل آياته منجَّمة مفرَّقة ، أي أرى أن القرآن لا يشير بلفظة (الكتاب) إلى ما كان بأيدي الصحابة من رقوق وآيات مكتوبة متفرقة ، بل يشير إلى الكتاب الكامل في اللوح المحفوظ ، وأما ما يصل النبي صلى الله عليه وسلم ويبلغها للناس فهو (آيات) ذلك الكتاب ، ونزلت هذه الآيات إلى أن اكتمل الكتاب على الأرض .
 
والشيعة وغيرهم يوظفون كل شيء لنصرة باطلهم. ويبقى السؤال الأهم: هل ينجحون؟!! (ولا يفلح الساحر حيث أتى).

المهم أن الشيعة وجدوا ـ بطريقة مدرسة الإعجاز العددي نفسها ـ اتفاقات رياضية بين كلمات وآيات قرآنية [مثل قوله تعالى (إنما يريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) وقوله (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم ركعون ) ] وعدد أئمتهم وإمامتهم وما إلى ذلك .. ولك أن تقول إنها اتفاقات غير مقصودة ، ولك كل الحق في ذلك ، ولكن النقطة المهمة هي أن الأسلوب هو أسلوب مدرسة الإعجاز العددي نفسه ، مما يعني أن هذه الاتفاقات لا وجود لها بل يتم إيجادها ، وكلٌّ يريد منها إثبات شيء يهمّه هو . الأسلوب هو الأسلوب نفسه ، ولكن تختلف زوايا النظر والغايات فقط.
 
وأكرر هنا القول: نعم يتعامل أصحاب الإعجاز العددي مع ما هو مكتوب.
---
ولماذا تصر أخي على فرض تصورك للكلمة الملفوظة ونحن نتكلم عن الكلمة المكتوبة، ومن هنا نتكلم عن توقيف الرسم الذي هو مذهب الجمهور.

يقضي منطق مدرسة الإعجاز العددي هذا بأن الحروف الزوائد والنواقص في رسم المصحف والأساليب الكتابية الخاصة بالمصحف هي بتوجيه وتوقيف إلهي ، وأن الله ـ سبحانه ـ أراد أن يكون رسم المصحف على ذلك النحو لأنه أودع في كلمات القرآن نظاما عدديا .

طيب!

أسألكم :

أليس الله بقادر على إيداع نظام عددي مماثل في نظم القرآن بدون فرض هذه الأساليب الغريبة في الكتابة ؟!!!

هل كان الله سبحانه محتاجا ـ والعياذ به ـ إلى أن يرتكب كتبة الوحي بعضا من مخالفات الرسم الإملائي وأساليبَ غريبة في الكتابة حتى يتسنـّى له أن ينشئ نظامه العددي في القرآن ؟!!
تعالى وتنزّه عما يصفون ..

أريد إجابة صريحة من دُعاة الإعجاز العددي على ذلك ..

وأريد أن ينتدب أخ لنا متمرس في الرياضيات ، ليجد لنا اتفاقات رياضية في القرآن بالرسم الإملائي الحديث ، وما أسهل ذلك !
وأقترح على باحثي الإعجاز العددي أن يجربوا ذلك بأنفسهم ، من باب المغامرة البحثية ، ليروا ما هي النتيجة ..!

وأسأل دُعاة الإعجاز العددي سؤالا آخر :
حين تحسبون حروف القرآن بحسب الرسم العثماني وتمرّون على ألف غير مرسومة رسما ولكنها مضبوطة ضبطا ولا تحسبونها ، ألا ترون أنكم تسقطون حرفا من القرآن من حسابكم ؟ كيف تسمحون لأنفسكم بذلك ؟
فعدم رسم الحرف في الرسم العثماني لا يدلّ على أنه ليس من القرآن ..
والقرآن هو اللفظ المتواتر ، والرسم مجرد دليل عليه ..
وهل للرسم المجرد معنى بدون لفظ وضبط مبني على اللفظ حتى تقولوا إن الإعجاز العددي يعتمد على الرسم ؟
وتوجد في الأبجدية العربية حروف متشابهة رسما وتتميز بالضبط الذي يعتمد على اللفظ ، مثل كرسي أحرف الياء والباء والنون والتاء والثاء في البدايات والأواسط ، وشكل أحرف الباء والتاء والثاء في النهايات، وشكل أحرف الحاء والخاء والجيم ، وشكل حرفي الراء والزاي ، وشكل حرفي الفاء والقاف في الأواسط والبدايات ، وشكل حرفي الدال والذال ، وشكل حرفي السين والشين ، وشكل حرفي الصاد والضاد ، وشكل حرفي الطاء والظاء ، وشكل حرفي العين والغين ، وشكل حرفي الهاء في النهايات والتاء المدورة (إضافة إلى شكل الألف اللينة والألف المهموزة، وشكل الواو الممدودة والواو المهموزة ، وشكل الياء الممدودة والياء المهموزة ، وشكل الياء في النهاية والألف المقصورة)، فكيف تُحسَب هذه الحروف بالاعتماد المجرد على الرسم ودون الاعتماد على اللفظ والضبط ؟
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
عودة
أعلى