هل بدأ ابن كثير تفسيره بتفسير سورة الأنعام؟

إنضم
10 أبريل 2007
المشاركات
17
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
سمعت في دروس الشيخ عبدالكريم الخضير في تفسير سورة الفاتحة من تفسير الجلالين أن ابن كثير بدأ تفسيره بسورة الأنعام ثم لما أكمل عاد وفسر باقي السور من البقرة إلى المائدة.

فهل هذا صحيح؟

مع أنه لما فسر سورة الأعراف قال في أولها: ( قد تقدم الكلام في أول "سورة البقرة" على ما يتعلق بالحروف وبسطه، واختلاف الناس فيه.)

أرجو التوضيح.
 
لم يظهر لي ما يدل على ما ذكره الشيخ عبدالكريم وفقه الله.

وقد رجعت إلى كتاب الأستاذ الدكتور سليمان اللاحم عن منهج ابن كثير في تفسيره ، وإلى مراجع أخرى مع بعض مقدمات محققي التفسير فلم أر أحداً ذكر شيئاً حول هذه القضية.
 
ممن تكلم على هذه المسألة بإيجاز الشيخ محمد الفالح في كتابه عن حياة ابن كثيروتفسيره ص69-70،والله أعلم.
 
جزاكم الله خيراً

وليت أخانا أبا صالح التميمي يتحفنا بنقل ما وجده في الموضوع من الكتاب الذي ذكره وفقه الله.
 
أعتذر عن التأخر في الرد ،ويصعب علي النقل لبطئ الشديد في الكتابة فأرجو ممن عنده الكتاب أن ينقل كلام الشيخ.
 
إليك كلام د. محمد الفالح في هذه المسألة في كتابه ( حياة ابن كثير وكتابه تفسير القرآن العظيم) وأصله مقدمة لتفسير ابن كثير حققه إلى نهاية الجزء الأول من القرآن في رسالته للدكتوراه حيث قال:
( كيف ألف ابن كثير تفسيره:
ما ورد عن ابن كثير – رحمه الله- في تفسيره من عبارات وإحالات وما جاء في بعض مخطوطاته من تحشيات يدل على أن المؤلف لم يبدأ تفسيره بالترتيب المتوقع وأنه بدأه من أوله إلى آخره.
وإنما بدأه من تفسير الآية رقم: مائة من سورة الأنعام ، وإلى آخر القرآن ثم عاد ففسر أوله حتى انتهى إلى حيث بدأ.
1- فقد جاء في حاشية النسخة الخطية:31لوحة [843/أ] المحفوظة في مكتبة السليمانية بتركيا برقم: 123. (( حاشية الأصل: آخر أجزاء المؤلف رحمه الله من هذه السورة – الأنعام- ومن هذه الآية -100- ابتدأ بتعليق هذا التفسير إلى آخر القرآن العظيم، ثم فسّر من سورة البقرة إلى ههنا ووافق آخر التعليق يوم الجمعة رابع عشر ذو القعدة سنة741هـ فكتب الجميع في نحو أربع سنين)). وهي عبارة صريحة الدلالة.
2- كما أن ابن كثير قال عند تفسير آية : (29) من سورة البقرة ما نصه: ( وقد قررنا ذلك في تفسير سورة النازعات)) .
3- ثم إن ابن كثير قد أحال في كتابه: البداية والنهاية إلى تفسيره في سورة الرعد، والأحقاف، والبروج.
في حين أنه أحال في أول تفسيره إلى البداية والنهاية، كما دل ذلك إشارته إلى الخلاف في الجنة التي دخلها آدم عليه السلام، هل هي في السماء أو في الأرض؟. ) أ.هـ ص69-70
وقد علق د. محمد عند قوله ( وقد قررنا ذلك في تفسير سورة النازعات)) قال : ( أما قول المصنف في التفسير (2/197) من الرسالة المذكورة- يعني رسالته للدكتوره – (( وسيأتي تقرير ذلك في سورة الأعراف إن شاء الله)) فهو محمول على أن المصنف ذكر ذلك في مراجعاته للتفسير بعد إكماله.
 
سبقتني ياشعلة وقد كنت أكتب ما قاله الشيخ الفالح فلما انتهيت فوجئت بإضافتك بارك الله فيك وجعلني وإياك من المتسابقين في الخيرات ودخول الجنات .
ولعلي أذكر تعليقي على النقل قأقول :
وبه ثبت مصداق كلام شيخنا عبد الكريم الخضير - حفظه الله - .
وفي نظري أن ما ذكره الشيخ الفالح قرائن قوية ، وهذه فائدة نفيسة ، ولكن هل يترتب عليها شيء ؟
أقول : نعم ، ومن ذلك :
دفع ما قد يستشكل من إحالة ابن كثير في سورة البقرة على ما حرره في سورة النازعات ، ومنها ما لو اختلف رأيه في تفسير الجزء الأخير من القرآن مع ما في أوله فإنه يقدم ما في الأول لأنه الآخر بعكس الأصل في هذا الباب .
والله تعالى أعلم .
 
لكن يظل السؤال قائما:

لماذا فعل الحافظ ذلك؟

المعلوم أن المفسر عادة ما يبدأ من أول القرآن، ولا يغير نهجه إلا لنكتة ما.

فمثلا تفسير الجلالين معروفة قصته

والشيخ الشعراوي بدأ بجزء قد سمع والأجزاء التي يحفظها معظم المسلمين.

ولم يظهر لي سبب التقطيع الحاصل عند صاحب مفاتيح الغيب، لكن لعلها حسب توفر المادة المطلوبة من القاضايا العقلية والمذاهب الفكرية التي كان يجمعها ليرد عليها كما هو معلوم من منهجه.

لكن الحافظ ابن كثير المادة التفسيرية عنده متوفرة فيما يحفظه بل وبرع فيه من مادة حديثية

ثم خطر لي أن أرجع للآية وأتأملها لعل فيها جوابا فوجدتها (وجعلوا لله شركاء الجن) فلم يظهر لي وجه الإلهام منها مع ما فيها من توحيد المولى الكريم جل وعلا. ثم تذكرت أن القراءة التي كانت منتشرة في بلاد الشام آنذاك هي رواية الدوري وهذه هي الآية مئة

1.png

وهي هكذا آية (100) في عدد مصحف البصرة الذي عليه قراءة أبي عمرو


فلعل خاتمتها وما فيها من دعوة للتأمل كانت مبتدأ لما فتح الله عليه وأكرمه بهذا التفسير العظيم المبارك والثواب الكبير الذي ما زال يتضاعف له إلى يوم الدين رحمه الله تعالى وأراني أحب مشاركتكم بنقل تفسيره لهذه الآية الكريمة

إذ يقول رحمه الله تعالى:

وقوله تعالى " وهو الذي أنزل من السماء ماء " أي بقدر مباركا ورزقا للعباد وإحياء وغياثا للخلائق رحمة من الله بخلقه " فأخرجنا به نبات كل شيء " كقوله " وجعلنا من الماء كل شيء" " فأخرجنا منه خضرا " أي زرعا وشجرا أخضر ثم بعد ذلك نخلق فيه الحب والثمر ولهذا قال تعالى " نخرج منه حبا متراكبا " أي يركب بعضه بعض كالسنابل ونحوها " ومن النخل من طلعها قنوان" أي جمع قنو وهي عذوق الرطب دانية أي قريبة من المتناول كما قال علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس " قنوان دانية " يعني بالقنوان الدانية فصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض . رواه ابن جرير قال ابن جرير وأهل الحجاز يقولون قنوان وقيس يقول قنوان قال امرؤ القيس : فأثت أعاليه وآدت أصوله ومال بقنوان من البسر أحمرا قال وتميم يقولون قنيان بالياء قال وهي جمع قنو كما أن صنوان جمع صنو وقوله تعالى " وجنات من أعناب " أي ونخرج منه جنات من أعناب وهذان النوعان هما أشرف الثمار عند أهل الحجاز وربما كانا خيار الثمار في الدنيا كما امتن الله بهما على عباده في قوله تعالى " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا " وكان ذلك قبل تحريم الخمر وقال " وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب " وقوله تعالى " والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه" قال قتادة وغيره متشابه في الورق والشكل قريب بعضه من بعض ومختلف في الثمار شكلا وطعما وطبعا وقوله تعالى " انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه" أي نضجه قاله البراء بن عازب وابن عباس والضحاك وعطاء الخراساني والسدي وقتادة وغيرهم أي فكروا في قدرة خالقه من العدم إلى الوجود بعد أن كان حطبا صار عنبا ورطبا وغير ذلك مما خلق سبحانه وتعالى من الألوان والأشكال والطعوم والروائح كقوله تعالى " وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل " الآية . ولهذا قال ههنا " إن في ذلكم " أيها الناس " لآيات " أي دلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته " لقوم يؤمنون " أي يصدقون به ويتبعون رسله .

اهـ
فجزاه الله عن أمة سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم خير الجزاء.
 
الذي يظهر ـ والله أعلم ت أن ابن كثير كان يلقي درس التفسير ، وبدا من سورة البقرة ، لكن لم يظهر له أن يقيده إلا من الجزء المذكور في سورة الأنعام ، وليس المراد أنه ابتدأ التفسير بلا سابق من هذا المقطع .
 
عودة
أعلى