هل العرب الذين اتهموا النص القرآني بأن كاتبه شاعر لايدركون الفرق بين الشعر وغير الشعر؟

إنضم
19/09/2008
المشاركات
173
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الكويت
من إملاء أستاذي الفاضل الدكتور نعيم اليافي – رحمه الله – في أكتوبر1996م عند حديثه عن كتاب إعجاز القرآن للباقلاني بعد أن ذكر محاوره الأربعة :
"ثم حاول أن يقدم بعد ذلك أربع دراسات أَمِلَ من خلالها أن يحقق بغيته في اكتشاف سر الإعجاز إلا أنه أخفق"ا.هـ
وذكر الدكتور اليافي هذه الدراسات والتي منها – كما أملانا – :
" 2) ثم عقد فصلا آخر لنفي الشعر عن القرآن وعلل ذلك من خلال وجهة نظره ، والسؤال الذي نطرحه هنا : هل كان العرب الذين اتهموا النص القرآني بأن كاتبه شاعر لا يدركون الفرق بين الشعر وغير الشعر ؟" ا.هـ
واقترحه واجبا اختياريا بتوجيهاته التالية :
1. عدم الرجوع إلى كتب التفسير ؛ لأنها – كما ذكر – ليست مظنة الإجابة البلاغية التي أرادها .
2. التنويه بذكر مصادر الإجابة الصحيحة ( التصوير الفني للقرآن : سيد قطب ، مجلة المنتدى : شعر ونثر "موسيقى القرآن : دراسة فنية في طريقة الأداء والتعبير" ) .
ولستُ ممن يَقترِح – كما اقترح أستاذي – ، ولكن التشبه بالكرام فلاحُ ، فهل من مُدارَسة بين شيوخنا الأفاضل حول السؤال ولهم سبق الفضل وجزيل الشكر ؟
 
من يعرف الشعر منهم يعرف الفرق ولا شك ..

ولذا - أحسب - أنه استقر رأيهم أنه سحر ..

وهم يعرفون أنه كذلك ليس بسحر لكنه التلبيس والصد ..

وفقك الله ..
 
هل كان العرب الذين اتهموا النص القرآني بأن كاتبه شاعر لا يدركون الفرق بين الشعر وغير الشعر ؟" ا.هـ
أولا رحم الله شيخك وأسكنه فسيح الجنان.
ثانيا: أظن أن الجواب بمنتهى الاختصار ـ وأرجو من الله التوفيق ـ يتلخص في :

أن القوم يجوّدون فنون الكلام، فبضاعتهم التي تغص بها الأسواق في هذه الحقبة من الزمن هي الفصاحة والبلاغة والبيان ، ومن هنا فإننا نجزم بأن القوم كانوا يدركون بجلاء الفرق بين الشعر بأنواعه " رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ..."

ولنا أن نحمل قولهم " بشعرية القرآن " ـ إن صح التعبير ـ على الكيد وإبداء السخط فحسب ، إذ هو تشويه متعمد مع سبق منهم وترصد .

ومن أدل الأدلة على ذلك ما رواه عكرِمة، أن الوليد بن المُغيرة جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقرأ عليه القرآن، فكأنه رقّ له، فبلغ ذلك أبا جهل، فقال: أي عمّ إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ؟

قال: لِمَ؟ قال: يعطونكه فإنك أتيت محمدا تتعرّض لما قِبَله، قال: قد علمت قريش أني أكثرها مالا،
قال: فقل فيه قولا يعلم قومك أنَّك مُنكر لما قال، وأنك كاره له.

قال: فما أقول فيه؟

فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني.
ولا أعلم برجزه مني.
ولا بقصيده.
ولا بأشعار الجنّ.
والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا،
ووالله إن لقوله لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو ولا يعلى، قال: والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر فيه؛ فلما فكَّر قال: هذا سحر يأثره عن غيره، فنزلت( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) قال قتادة: خرج من بطن أمه وحيدا، فنزلت هذه الآية حتى بلغ تسعة عشر.

وفي البحر ـ مع كامل تقديرنا لوجهة أستاذك ـ رحمه الله ـ في قوله تعالى" :"{ إنه فكر وقدر }
روي أن الوليد حاج أبا جهل وجماعة من قريش في أمر القرآن وقال : إن له لحلاوة ، وإن أسفله لمغدق ، وإن فرعه لجناة ، وإنه ليحطم ما تحته ، وإنه ليعلو وما يعلى ، ونحو هذا من الكلام ، فخالفوه وقالوا :
هو شعر .
فقال : والله ما هو بشعر .
قد عرفنا الشعر هزجه وبسيطه .
قالوا : فهو كاهن ، قال : والله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان ، قالوا : هو مجنون ، قال : والله ما هو بمجنون ، لقد رأينا المجنون وخنقه ، قالوا : هو سحر ، قال : أما هذا فيشبه أنه سحر ويقول أقوال نفسه . وروي هذا بألفاظ غير هذا ويقرب من حيث المعنى ، وفيه : وتزعمون أنه كذب ، فهل جربتم عليه شيئاً من الكذب؟ فقالوا : في كل ذلك اللهم لا ، ثم قالوا : فما هو؟ ففكر ثم قال : ما هو إلا ساحر . أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه؟ وما الذي يقوله إلا سحر يؤثره عن مثل مسيلمة وعن أهل بابل ، فارتج النادي فرحاً وتفرّقوا متعجبين منه . وروي أن الوليد سمع من القرآن ما أعجبه ومدحه ، ثم سمع كذلك مراراً حتى كاد أن يقارب الإسلام . ودخل إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه مراراً ، فجاءه أبو جهل فقال : يا وليد ، أشعرت أن قريشاً قد ذمّتك بدخولك إلى ابن أبي قحافة ، وزعمت أنك إنما تقصد أن تأكل طعامه؟ وقد أبغضتك لمقاربتك أمر محمد ، وما يخلصك عندهم إلا أن تقول في هذا الكلام قولاً يرضيهم ، ففتنه أبو جهل فافتتن وقال : أفعل.."

وقديما قال عبد اللّه بن معاوية:
وعين الرِّضا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ ****** ولكنَّ عينَ السُّخط تُبْدي المساويا
وقال رَوْح أبو همَّام:
وعينُ السُّخْطِ تبصِرُ كلَّ عيبِ ******** وعينُ أخي الرِّضا عن ذاكَ تَعْمى
وقيل:
وعين البغض تبرز كل عيب ... وعين الحب لا تجد العيوبا

ولقد دافع رب العزة عن القرآن من خلال حكاية أقوال الكفار المترجمة لتخبطهم مع علمهم المتيقن بأنهم لا يلون على شيء فقال تعالى:

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }يونس38

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }هود13

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ }هود35

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ }السجدة3

{أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءهُم بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ }المؤمنون70

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }الشورى24

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الأحقاف8

{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ }الطور30

الرد: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ }الحاقة41

{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ }الطور33

إذن فالعرب يعرفون القرآن كلاما معجزا كما يعرفون أبناءهم ، ويعرفون أنه ليس بشعر كمعرفتهم المتيقنة بالشعر وضروبه وفنونه .

والله الموفق
 
أذكر أن شيخنا الدكتور محمد العواجي تطرق لهذا السؤال أثناء تدرسيه مادة إعجاز القرآن، حيث وقف عند كل تهمة وجهها المشركون للقرآن:
الشعر
الكهانة
السحر
لماذا اتهموه بها؟
وما وجه الارتباط بينهما؟

ومما علق في ذاكرتي من كلامه أن وجه اتهامهم بالشعر هو ما اشتمل عليه القرآن الكريم من جرس في ألفاظه وتناسق في عباراته يجعل السامع يطرب من حسن وقعه وانتظام كلماته وحروفه حتى لكأنه شعر.!
ووجه اتهامهم بالكهانة والسحر هو الأثر العظيم الذي يحدثه القرآن في قلوب وعقول سامعيه، إذ تنقلب حياة أحدهم كلها من لحظة سماع واحدة!
ويتغير الشخص بمجرد السماع من الكفر إلى الإيمان!
وهو ما جعلهم يشبهونه بالسحر من شدة التأثير ..
وما هو والله بالشعر ولا بالسحر ..
ولكنه كلام العليم الخبير.​
 
فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ

فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ

كل ما قاله الكفار عن القرآن أو عن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عن تشهي ولمجرد التكذيب لا عن شبهة عرضت لهم فقالوا ما قالوا.

وهذا واضح من قول الله تعالى:
( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ) سورة الأنعام(33)

وقوله تعالى :
( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) سورة فصلت (26)

المشركون لم يكونوا جادين يوما في البحث عن الحقيقة ، ولو كانوا كذلك لقارعوا الحجة بالحجة لا بالسخرية والاستهزاء ، وهذا ما سجله عنهم القرآن كما في قوله تعالى :
(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) سورة الأنفال(31)

وقوله تعالى :
(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) سورة يونس (15)

وقوله تعالى:
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4) بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5)سورة الأنبياء
فتأملوا معي الأوصاف التي وصفهم الله بها :
استمعوه وهم يلعبون
لاهية قلوبهم
وأسروا النجوى
كل هذه توحي بأنهم لم يكونوا أصحاب حجة أو مدافعين عن حق ، بل إن السرية التي اتبعوها في مخاطبة بعض تشهد بعجزهم يضاف إليه التخبط في الوصف : سحر أضغاث أحلام ، إفتراء ، شعر فهذا أكبر دليل على عبثيتهم.

ومن تتبع القرآن عرف حال القوم.

والعجيب في الأمر أن كل مكذب لهذا القرآن من ذلك الزمن إلى يومنا هذا يسير على نفس المنوال ، ويعزف كما يقولون على نفس الأوتار،ولا عجب فالأستاذ واحد والمشرب واحد ، ولا نقول إلا ما قال الله تعالى :
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) سورة المعارج(42)
 
شيوخي الفضلاء بداية بالجعفري ومرورا بالدكتور خضر والعبادي وانتهاءً بمحب القرآن الكريم : أتحفتم فوفيتم وكفيتم أسأل الله جل وعلا أن يبارك لكم في مأدُبتكم ويثبتكم ويزيدكم فضلا إلى فضل ، ويجعل عملي وعملكم خالصا لوجهه الكريم .
أَساتِذِيَّ الأفاضل .. لا متين علم لدي ، فلا مزيد على ما قدمتموه أحسن الله إليكم ونفعني بعلومكم ، إنما هي لطائف شَحَذَها التأمُّل – آنذاك – في الآيات التي ورد فيها الاتهام بالشعر قيدتُها لأستاذي – رحمه الله – فأقرني ووافقني في جميع نقاطها عدا نقطة تعقيبي على ما قاله سيد قطب – رحمه الله – قال عنها : " الطالبة ضلَّتْ في فهمها لسيد قطب " ، وها هي أعرضها لكم بالأسلوب الأدبي الذي طلبه أستاذي دونما تفسير ، والخطأ فيها لازم ، ورجاء التصويب منكم مؤمَّل :
..
• هل كان العرب الذين اتهموا النص القرآني بأن كاتبه شاعر لا يدركون الفرق بين الشعر وغير الشعر ؟
- بل كانوا يدركون الفرق بين الشعر وغيره ، فهذا الطفيل بن عمرو الدوسي يقول ما معناه : إني لأعرف الشعر والله ما هو بالشعر .. ، بل هذا الوليد بن المغيرة رأس الكفر يعترف بأن القرآن ليس شعرا .

وقد تَتَبَّعْتُ الآيات التي ذكر تعالى قولهم بأن محمدًا شاعرٌ فوجدتها 3 مواضع :
1- قال تعالى : { بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ } الأنبياء5 ، وفي هذه الآية يُلمس التردد والحيرة والاضطراب في الإجابة ؛ فقالوا عن القرآن : رُؤى منامية ، ثم أضربوا عنها إلى أنه كلام كاذب ، ثم أضربوا عنه إلى مقولتهم بالشعر ، وبعد أن أعياهم التفكير ولم يجدوا منفذا لهم على القرآن عادوا إلى أسلوبهم القديم : أسلوب المكابرة والتَّعَنت فقالوا : { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ } .
إذن فَوْلَتُهُم عن القرآن بأنه شعر ليس من اقتناع جاء بعد نظر وتدقيق وتمحيص ، وإنما جاء نتيجة اضطراب – { بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ } – وتذبذب نتج عنهما ذلك الاستكبار والتعنت وركوب الرأس { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ } ، هذه ملاحظة أولى .

2- قال تعالى : { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } الصافات36 ، وهذه ملاحظة ثانية أتساءل فيها : إذا سلمنا أن القرآن شعر وقد جاء بأجود ما يكون الحديث وبأبلغ ما يكون النظم ، فأنّى لمجنون أن يأتي به ؟ إذا كان الشعر الحسن الذي لا يرتقي إلى مستوى الروعة والجمال لا يمكن أن يصدر ممن ليس له مسكة من الأدب ؛ فكيف بروائع الشعر – تَنَزُّلا – تَرِدُ على لسان مجنون ؟ إن هذا القَرْنَ بين صفتي الشعر والجنون لشخص واحد لا يعقله أحد ، فضلا من أن يطلقه أرباب الفصاحة والبيان . وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى عداوتهم ومعاندتهم ومكابرتهم للقرآن ، فهم قد استنفدوا كافة الطرق لمحاربته ، فلم تنجع ، فلجأوا إلى الهذيان والتناقض كما ذكرتُ آنفا .

3- قال تعالى : { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ } الطور30 ، والسؤال هنا : إذا كان شاعرا وقد أتى بأجود ما قيل من الشعر – كما زعموا – فَلِمَ التربص به ريب المنون ؟ ليس إلا لعلة واحدة عندهم وهي أنه ينتهي أمره ويَنسى الناس شعره ! ألم يعلموا أن جياد القصائد من الأشعار قد تفانوا أصحابها وبقيت هي مُعَلَّقة في نفوس مَن بعدهم مِن العرب ؟ فكيف يتربصون به ريب المنون ؟ ما الفائدة من هذا التربص إذا كان قوله سوف يبقى – سواء كان شعرًا أم كان كلام رب العالمين – ما دام ما لا يضاهيه أو يماريه جودة قد عَلِقَ في النفوس وبقي خالدًا في الأدب ؟ ليس إلا ذلك الاضطراب الذي كررتُهُ مرارًا ، اضطرابٌ نتج عن ثورة عارمة ضد القرآن ومن نزل إليه .

من هذا كله يُسْتَخْلَصُ أن مقولتهم بأن القرآنَ شعرٌ ليس لظنهم أن الشعر هكذا ، وإنما هو ذريعة لصرف الناس عن سماع القرآن ودخول الإسلام ؛ قال تعالى حاكيا عن هؤلاء قولهم { لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } .

أما ما قاله سيد قطب في كتابه التصوير الفني في القرآن فذكر أن سبب قولهم شاعر هو أن ذلك السحر الذي يجدونه في الشعر وذلك الخاطر الذي يحرك الوجدان ويطربها عند سماع الشعر هو كذلك عند سماع القرآن ، فالشعر يسحر الألباب بأسلوبه ومعانيه ومراميه و ... الخ ، والقرآن يسحرها بنفس ما يسحر الشعر ، ( راجع التصوير الفني في القرآن : 102 ) ، ولذا ذكروا أن القرآن سحرٌ يفرق بين الرجل وأهله ومواليه عندما يسلم وهم على كفرهم .
وهذا القول لا يمكن تخطئته لأن صاحبه رجل أديب يعرف ما للشعر من سحر وبيان ، ولكن يُنتَبَه هنا إلى أن الشعر منه ما هو حسن ومنه ما هو قبيح ، منه ما هو صادق ومنه ما هو كاذب ، والذي يُطرب أكثر هو الكاذب فقد قيل : "أعذب الشعر أكذبُه" ، أما القرآن فهو كلام رب العزة لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، ومع هذا فهو أبلغ وأجمل وأجل وأروع من أن يُقاس تأثيره في القلوب والوجدان بتأثير الشعر فيها .

ومن خلال الاستقراء للآيات التي وردت فيها مقولتهم للنبي صلى الله عليه وسلم بالشعر لم أجد ما يوحي بقياسهم القرآن بالشعر ، فأهل الفصاحة منهم بينوا أن القرآن ليس بشعر – ، وإنما ما وجدته هو التخبط والحيرة الناتجان عن الكيد والعداء ومحاربة القرآن وأهله .
 
الحمد لله وحده والصلاة على من لانبي بعده،

وبعد،،،

المتأمل لحال المستشرقين ومن شاكلهم الآن يلحظ أمورا جساما منها:-

1- تكرارهم لنفس التهم الساقطة التي أثارها كفار مكة في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وإن تنوعت أساليب العرض والخلط، أتواصوا به بل هم قوم طاغون!

2- إثارة هذه الشبه ليس عن جهل إنما عن علم عقيم مثل ريح قوم عاد، ومن ثم تحققت فيه ذات النتيجة، ما يذر من شيء أتى عليه إلا جعله كالرميم! وحالهم أصدق دليل على هذا.

3- هذه التهم المتهافتة تدل بوضوح على اليأس والإسقاط والعجز والتيه والضياع الذي حل بمن يثيرها، ومن ثم تصدق عليهم آيات سورة الطور: ﴿فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَـهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ - أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ - قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّى مَعَكُمْ مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ - أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَـمُهُمْ بِهَـذَآ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ - أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ - فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَـدِقِينَ - أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ الْخَـلِقُونَ - أَمْ خَلَقُواْ السَّمَـوَتِ وَالاٌّرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ - أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ - أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَـنٍ مُّبِينٍ - أَمْ لَهُ الْبَنَـتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ - أَمْ تَسْـَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ - أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ - أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ الْمَكِيدُونَ - أَمْ لَهُمْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَـنَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾

4- وختاما نقول دعهم يعملون فسيحاسبون!

والله الهادي إلى سبيل الرشاد
 
بارك الله فيمن ألقى السؤال ابتداءً ، وفيمن تفضل بالجواب والتعقيب ، فقد أفدتم جميعاً وأجدتم أحسن الله إليكم ونفع بكم .
وهذا من ثمار المدارسة العلمية الهادئة لكتاب الله وآياته على صفحات مثل هذا الملتقى العلمي .

ما تفضل به الدكتور عبدالفتاح خضر والأستاذ العبادي ومحب القرآن الكريم كلام رائع وكذلك ما تفضلت به الأخت متبعة وختمت به . وما ذكره سيد قطب رحمه الله له حظ من النظر برأيي ، وليس بعيداً عن الصواب .
وأما تكرار التهم ذاتها حتى اليوم فكما تفضل الأستاذ وليد شحاته بارك الله فيه .
نسأل الله للجميع العلم النافع والتوفيق للعمل الصالح .
 
للمنفلوطي كلام جميل يصف فيه الشعر وحقيقته وتكوّنه في النفوس، وتطرق فيه لتحليل سبب تسمية العرب لما سمعوه من القرآن شعراً، في كلام بليغ أنقله هنا تتميما للفائدة ودعوة للتأمل.​

"ما كان العربيُّ في مبدأ عهده ينظم الشعر ولا يعرف ما قوافيه وأعاريضه، وما عِلَله وزِحافاته، ولكنه سمع أصوات النواعير وحفيف أوراق الأشجار وخرير الماء وبكاء الحمائم فلذَّ له صوت تلك الطبيعة المترنمة، ولذَّ له أن يبكي لبكائها، وينشج لنشيجها، وأن يكون صداها الحاكي لرناتها ونغماتها. فإذا هو ينظم الشعر من حيث لا يفهم منه إلا أنه ذلك الخيال الساري المتمثل في قريحته، المتردد بين شدقيه ولا من أوزانه وضروبه إلا أنها صورةٌ من صورِه، ولونٌ من ألوانه.
ذلك منتهى نظر العربي إلى الشعر، وذلك ما دعاه إلى أن يسميَ النبيَّ الذي بعثه اللهُ إليه شاعرا، وهو يعلم كما يعلم غيره من الناس أنه ما قَصَد في حياته قصيدة ولا رَجَز أُرجوزه، ولكنه سمع من كتاب الله وآياته المفصلات أبلغ الكلام وأفصحه، وأعلقه بالنفوس وآخذه بالألباب، وأملكه للعواطف والوجدانات، وأجمعه لصنوف التشبيهات البديعة، الاستعارات الدقيقة، والمجازات الرائعة، والكنايات المستطرفة ،وأمثال تلك مما لا ينطق به الناطق، في أكثر منازعه ومناحيه إلا عند ذهابه مذهب الخيار الشعريّ، فشُبِّه له فسمّى ما سمعه شعراً، وسمّى الناطقَ به شاعراً، وما هو بشاعر ولا ساحر ولا كاهن ولا مجنون" ا.ه. من مختارات المنفلوطي
 
في ورقتي التي ألقيتها في لقاء الجمعية العلمية السعودية فرع أبها -جامعو الملك خالد
وكان عنوانها " القراءات المعاصرة للقرآن الكريم والغايات الأيديولوجية - نصر أبو زيد أنموذجا "

كتبت تحت عنوان "الصلة بين القرآن والشعر عند أبي زيد":

وكما جعل أبو زيد بين النبوة والكهانة صلة ما كذلك جعل بين القرآن والشعر نسبا فيقول:
"والنص القرآني منظومة من مجموعة من النصوص , وهو يتشابه في تركيبته تلك مع النص الشعري , كما هو واضح من المعلقات الجاهلية مثلاً , والفارق بين القرآن وبين المعلقة من هذه الزاوية المحددة يتمثل في المدى الزمني الذي استغرقه تكون النص القرآني , فهناك عناصر تشابه بين النص القرآني ونصوص الثقافة عامة , وبينه وبين النص الشعري بصفة خاصة , وسياق مخاطبة النساء في القرآن المغاير لسياق مخاطبة الرجال هو انحياز منه لنصوص الصعاليك "
إنها المركسة مرة أخرى وثالثة ورابعة ......وكأن القرآن الكريم صدى للشعر الكائن في الواقع لا أنه شيء خارج عن الواقع.
وقد يقول قائل:
أليس القرآن قد نقل وصف القرآن للرسول بأنه شاعر وأنه كاهن ؟ ثم نفاه بقوله [وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ 41 وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ 42 ] (الحاقة:41 ، 42) فلم لا يكون أبو زيد محقا في قوله: إن العرب تقبلوا فكرة الوحي لدعم الواقع للفكرة ؟
والجواب أننا ذكرنا أن العرب استنكروا الفكرة ولم يتقبلوها بشهادة القرآن.
وأما عن وصفهم القرآن بأنه شعر أو كهانة ، ووصف الرسول بأنه شاعر أو كاهن ، فهو عندي وصف الصدمة الأولى ، إذ إنهم لما سمعوا القرآن وأدركوا تميزه على كلامهم وصفوه بأفضل ما يعرفون ، فهم لا يعرفون من الكلام أبلغ من الشعر ومن القوة الذاتية للأفراد أفضل من الكهان الذين كان لهم اتصال بالجن ، حيث كانت العرب يفزعون إليهم بين الحين والآخر ليرسموا لهم خطا مستقبلهم ، ويلجئون إليهم قبل أسفارهم ليباركوا لهم سفرهم ، أو ليردوهم عنه.
لكن لما استفاقت العرب من هول الصدمة بدأوا يفكرون ويدركون أنهم امام نص هو نسيج وحده بلا نظير ولا شبيه ، وأنه لعلو بلاغته المجاوزة لطاقة البشر لا يقاوم ولا يعارض ، وأنه ليس أمامهم إلا الإذعان له ، خصوصا أنه قد تحداهم واستنفر هممهم ليعارضوه بسورة منه ، ومع توفر الدواعي للقيام بأمر هذه المعارضة قد ضعفوا وعجزوا.
ومن ثم فإن الوليد بن المغيرة في لحظة يقظة لضميره اعترف بفضل القرآن ونفى عنه أن يكون شعر شاعر أو زمجرة كاهن. وقال كلامه الذي اشتهر اشتهار الأمثال:
"لقد رأينا الكهان فما هو بزَمْزَمَة الكاهن ولا سجعه‏.‏ و لقد عرفنا الشعر كله رَجَزَه وهَزَجَه وقَرِيضَه ومَقْبُوضه ومَبْسُوطه، فما هو بالشعر، ولقد رأينا السحرة وسحرهم، فما هو بنَفْثِهِم ولا عقْدِهِم‏.‏ قالوا‏:‏ فما نقول‏؟‏ قال‏:‏ والله إن لقوله لحلاوة، ‏وإن عليه لطلاوة‏‏ وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يعلى "
لكنه عاد بعد ذلك إلى غفوة ضميره وغفلته وقارب بينه وبين السحر ليكسب ود قومه في قصة لا تخفى على أهل العلم.
 
كل ما قاله الكفار عن القرآن أو عن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عن تشهي ولمجرد التكذيب لا عن شبهة عرضت لهم فقالوا ما قالوا.

وهذا واضح من قول الله تعالى:
( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ) سورة الأنعام(33)

وقوله تعالى :
( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) سورة فصلت (26)

المشركون لم يكونوا جادين يوما في البحث عن الحقيقة ، ولو كانوا كذلك لقارعوا الحجة بالحجة لا بالسخرية والاستهزاء ، وهذا ما سجله عنهم القرآن كما في قوله تعالى :
(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) سورة الأنفال(31)

وقوله تعالى :
(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) سورة يونس (15)

وقوله تعالى:
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4) بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5)سورة الأنبياء
فتأملوا معي الأوصاف التي وصفهم الله بها :
استمعوه وهم يلعبون
لاهية قلوبهم
وأسروا النجوى
كل هذه توحي بأنهم لم يكونوا أصحاب حجة أو مدافعين عن حق ، بل إن السرية التي اتبعوها في مخاطبة بعض تشهد بعجزهم يضاف إليه التخبط في الوصف : سحر أضغاث أحلام ، إفتراء ، شعر فهذا أكبر دليل على عبثيتهم.

ومن تتبع القرآن عرف حال القوم.

والعجيب في الأمر أن كل مكذب لهذا القرآن من ذلك الزمن إلى يومنا هذا يسير على نفس المنوال ، ويعزف كما يقولون على نفس الأوتار،ولا عجب فالأستاذ واحد والمشرب واحد ، ولا نقول إلا ما قال الله تعالى :
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) سورة المعارج(42)

جزاك الله خيراً
 
عودة
أعلى