نقد محاضرة الشيخ الدكتور عبد المحسن العسكر حول المجاز...

إنضم
26 ديسمبر 2005
المشاركات
770
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ الدكتور عبد المحسن العسكر رجل فاضل من أهل العلم، ولا تزال أخباره العلمية تبلغني من بعض وثيقي الصلة به ، وقد فرحتُ لما علمتُ بمحاضرته تلك؛ إذ فضل مخالفك لا يقل أبداً عن فضل موافقك ؛فالمخالف يهديك بخطأه قبل صوابه إلى جوانب من الحق لربما ما كنت تهتدي إليها لولا منازعته إياك الرأي،ومماراته لك في المذهب،وإني إذ أرجو نقل نقدي له= أرجو أن يتقبله بقبول حسن ،وأنه نقد محب يحب لأخيه من موافقة الحق ما يُحب لنفسه،وأنه نقد عارفٍ بفضل وعلم من يردُ عليه..

1- قال الدكتور : ((أيها الأخوة ، لم أجد بابا من أبواب العلم كثر الخوض فيه ممن يحسنون العلم وممن لا يحسنونه - كما وقع في المجاز)).

قلت: هذه مبالغة من الدكتور فما كان هكذا في أبواب العلم كثير ،والمجاز في هذا دون غيره.

2- قال الدكتور: ((فبينما ترى في علماء الإسلام من يعُد المجاز شطر الحسن في القرءان ، ويعده أحدَ مفاخر العربية ودليل الفصاحة فيها ورأس البلاغة ، ومن أكبر الوسائل إلى الافتنان في التعبير وإيراد المعنى الواحد بالصور المختلفة ، وأنه يُكسب اللغة مرونة وتجددا واتساعا يؤدي إلى استيعاب المكتشفات الحديثة وافتراع المصطلحات التي تناسبها)).

قلت: الحمد لله فقد جمع نفاة هذه القسمة الباطلة بين نفي الباطل= والتمتع بهذا الحسن الذي أشار إليه الدكتور على وجه هو أتم وأحسن، وهذا الكلام من الدكتور هو أول مثال على المغالطات التي تكثر في كلام مثبتة هذه القسمة ؛ فثبوت ظاهرة الاتساع في الكلام واستعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى ليس محلاً للنزاع ، وبالتالي فنفاة المجاز يثبتونه ويتمتعون بما فيه من مواطن الجمال = لكنهم يرفضون تأطير هذا الاتساع وتلك الظاهرة =تحت هذه القسمة بما تحمله من قوانين = ثم هم أسعد بمواطن الجمال في الاتساع من مثبتة القسمة من وجوه أهمها: أنهم يطلبون القرينة الدالة على مراد المتكلم في كل كلام فلا يتوقفون عن تدبر الكلام لمعرفة مراد المتكلم تحت دعوى أن المعنى الأصلي هو الذي يتوقف عنده أو المعنى المتبادر،وأنه لا حاجة للبحث عن مراد المتكلم إلا إذا ظهرت قرينة تصرف عن إرادة المعنى الأصلي.
فالذي يتدبر ويتأمل ويبحث في كل لفظ عن المعنى المراد =ولا يركن إلى السهولة والتيسير الكامنين في القسمة =هو أسعد وأمتع بوجوه الجمال ومواطنه في ظاهرة الاتساع تلك ،وذلك كله من جنس قول الشافعي عن سنن العرب: ((وتكلَّمُ بالشيء تُعَرِّفُه بالمعنى دون الإيضاح باللفظ كما تعرِّف الإشارةُ ثم يكون هذا عندها من أعلى كلامها لانفراد أهل علمها به دون أهل جَهَالتها)).

الخلاصة: أن ظاهرة الاتساع باستعمال اللفظ الواحد في عدة معاني = ثابتة ، والتمتع بمواطن الجمال فيها لا يتوقف على قسمة تلك المعاني إلى حقائق ومجازات.وأن تمتع الباحث عن القرائن المحيطة بكل لفظ من غير حاجز يحجزه عن توقع إرادة أي معنى من معاني اللفظ = هو أعظم من تمتع غيره ممن تحجزه الحواجز المشار إليها.

3- قال الدكتور: (( ... إذ تجد في مقابل ذلك من يطعُن في المجاز ويحاول هدمه من أصوله وأنه حادث في هذه الأمة ، وما جاء إلا من المعتزلة والجهمية وأضرابهم من المتكلمين ، وأن المجاز طاغوت التجأ إليه المعطلة لتعطيل نصوص الوحي ، وأن الذين اخترعوه جهمية وزنادقة ، كما قرأنا هذا في مصنفات بعض المعاصرين)) .

قلت : ليس هذا زعم المعاصرين فحسب يا دكتور ، ومن أئمة أهل السنة السابقين من وكد كون المجاز بدعة جهمية ومركب معتزلي وسنة أشعرية = كل ذلك والمعاصرون في أصلاب آبائهم ؛فإلصاق هذا بالمعاصرين فحسب = غير حسن وغير دقيق.

4- قال الدكتور : ((إن الذين يثبتون المجاز هم علماء هذه الأمة)).
قلت: كذا قال الدكتور ((علماء هذه الأمة)) (!!) ثم عاد واستدرك بغير صيغة استدراك فقال: ((جمهورهم يحكي القول بالمجاز)).. ثم لم يترك لنا مجالاً للاعتذار له بأن الثانية تفسر الأولى فعاد فقال مضرباً على لفظ الجمهور : ((بل حكى يحيى بن حمزة العلوي في كتابه ( الطراز ) إجماعَ علماء الأمة على القول بالمجاز)).


الآن فلنترك التعليق على هذا ونعزوه لطبيعة المحاضرة الصوتية ، ونكتفي بالتعليق على النقل الذي نقله الدكتور عن العلوي والذي من المفترض أن نجدَ فيه حكاية ثبوت المجاز بإجماع علماء الأمة ...

قال العلوي : ((أجمعَ أهل التحقيق من علماء الدين والنظار من الأصوليين وعلماء البيان - أجمعوا على جواز دخول المجاز في كلام الله تعالى ، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - )) انتهى كلامه .
قلت: نعم انتهى كلامه وقد برئ الرجل وسلمت عبارته من هذه الدعوى العريضة (إجماع علماء الأمة)) وما قال الرجل غير الصدق ، فأهل التحقيق (لا غيرهم عنده) من علماء الدين = والنظار (لا غيرهم عنده) من الأصوليين = وعلماء البيان (من أول الشيخ الجاحظ) أجمعوا على ما ذكر..

وإن كنتُ لا أخلي الشيخ العلوي من بعض التهمة (!)

ألم يك يكفيه ما في حكايات الإجماع من إجمال وتعميم حتى يحكي عبارته مملؤة بالقيود ،أولم يعلم أن من الناس من سيُعرض عن قيوده الحذرة فيجعل الكلام إجماعاً لعلماء الأمة...

ما علينا...

الحق أن الدكتور قد قذف بي بسبب كلامه هذا في أودية من الحيرة..
هل يعني الدكتور بالفعل أن الإجماع منعقد على ثبوت المجاز (؟!)
هذا عجيب..
أبِجَدٍ يعتقد الدكتور العسكر أن إثبات المجاز هو من معاقد الإجماع عند المسلمين (؟؟!!)
إن كان هذا فهو عجيب عجيب...بل لا يكون هذا الإجماع أبداً..
ما أعجب هذا الإجماع الذي لا يستطيع مدعيه أن ينقل لفظاً واحداً يدل عليه دلالة تخلو من المصادرة عبر مائتي عام من عمر هذه الأمة(!!)
ما أعجب هذا الإجماع الذي يُقر مدعيه معنا أن من أهل العلم من أنكر المجاز قبل ولادة العلوي (!!)

وَ لَمُنْكِرُ المجاز حقيق بأن يدعي هذه الدعوى وأن ينافحَ عنها ، ومعه الأصل الثابت الواضح = أن ليس لعالمٍ من علماء القرون الثلاثة فمن بعدهم من الأئمة الأربعة عبارة واحدة تشير إلى المجاز تخلو دلالتها من المصادرة ، والمجاز نصف بلاغة القرءان كما ادعى الشيخ ..
أفيليق بنصف بلاغة القرآن أن يُعرض عن بيانه سادة مفسري القرآن من الصحابة والتابعين وأتباعهم فالأئمة الأربعة (؟؟!!)
وليطمئن الدكتور فلسنا نلزمه بلفظ المجاز وإنما نريد على الأقل شيوع استعمال معاني المجاز وقوانينه وتطبيقاته بين السلف = شيوعاً يليق بنصف بلاغة القرآن..
ولكنا نريح الدكتور فلن يجد من ذلك شيئاً ..فالمجاز وقوانينه كذبة يونانية برئ منها قوم خلقهم الله عُرب القلوب والوجوه والألسنة وهم أفصح وأبلغ من أن تجري على ألسنتهم أوهام أرسطوطاليس.

فهذا التقسيم هو اصطلاح حادثٌ بعد انقضاء القرون الثلاثة , لم يتكلم به أحدٌ من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان , ولا أحدٌ من الأئمة المشهورين في العلم , كمالك والثوري والأوزاعي , وأبي حنيفة , والشافعي , بل ولا تكلم به أئمة اللغة والنحو , كالخليل , وسيبويه , وأبي عمرو بن العلاء , ونحوهم .

وإذاً : فليس لثبوت هذا الإجماع شبر من الأرض يقف عليه، فلا هو بالثابت في نفسه = ولا عبارة العلوي التي نقلها الدكتور تدل عليه..
لم يبق في أيدينا إذاً، إلا أن يكون الدكتور قصد بسياقه هذا أن يُغري سامعه بأن يقع في أسر الوهم المجرد .فما دام أهل التحقيق والنظار وأهل البيان وجماهير العلماء وهم من هم = قد أثبتوا المجاز فلا حيلة لنا إلا الإذعان والتسليم قبل إبداء الحجج وتمحيص الأدلة. وهذا وجه من تقرير الصواب اعتاده الناس اليوم وقبل اليوم ، وكل من نجاه الله من أسر هذا الوهم المجرد عبر تاريخ الأمة كان أهدى للحق وأعرف به، إذ تلك الكثرة التي اعتاد الناس الاعتزاء إليها هي من بعد القرون المفضلة لا تزال تبعد عن النور الأول في الصدر الأول ، ويوماً من بعد يوم يكثر الظلام المحيط بالنور الأول فلا يكاد يستبين ذلكم النور إلا من جعل طلبه والوصول إليه = أكبرهمه و أعظم قصده ، أما من اعتزى للكثرة بعد افتراق الناس فِرقاً بعدت كل واحدة منها عن النور الأول بقدر ما كتب لها الله= فلا يكاد يُبصر هذا النور الأول أو يهتدي إليه إلا ما شاء الله.

5- قال الدكتور : ((المجاز في اللغة عند المثبتين يقابل الحقيقة)).

قلت : وهذا تعميم غير دقيق،وهو من آفة الباحثين في العلم عموماً وآفة الباحثين في المجاز على وجه الخصوص ؛ فما كل مثبتة المجاز قسموا الكلام إلى حقيقة يُقابلها المجاز ، وإنما هذا من محدثات أبي عبد الله البصري الشهير بالجُعل..
فأبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي لم يذكر لفظ الحقيقة في كتابه , وابن المعتز ذكر الاستعارة , ولم يذكر حقيقة ولا مجازاً , والجاحظ لم يجعل الحقيقة قسماً من الكلام يقابله المجاز , وأولئك الثلاثة كانوا أئمة المتكلمين في المجاز والاستعارة إلى آخر المائة الثالثة من الهجرة , فالذي وقع في المائة الثالثة , وأواخر الثانية هو ذكر المجاز والاستعارة , وليس تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز , وأما تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز فلم يظهر إلا في المائة الرابعة من الهجرة , وكان أول من أظهره هو أبو عبد الله البصري المعتزلي , وأصحابه من بعده : أبو الحسن الكرخي , وأبو بكر الجصاص , والقاضي عبد الجبار , وأبو الحسين البصري , ومن اتبعهم .ولسنا نزعم أن الجاحظ ومن معه قد ازوروا عن هذه القسمة =لا. فالأصل الذي ينقل منه الجاحظ والبصري واحد .نحن فقط نريد شيئاً من الدقة العلمية،ونُرجع عدم ذكر الجاحظ للقسمة بتمامها مع كونه ينقل عن نفس الأصل اليوناني الذي ينقل عنه البصري إلى أحد سببين:
الأول: اختلاف التعبيرات عند ترجمة النص اليوناني.
الثاني: أن يكون الجاحظ –كعادته-أعمل عقله ولسانه في الأصل اليوناني فأخذ منه وترك وزاد فيه ونقص= على العكس من البصري وطبقته الذين كانوا يتقيلون الأصل اليوناني حذو القذة بالقذة.

6- قال الدكتور: ((الذي يظهر - يا أخوة - أن هذا التقسيم - تقسيم الكلم إلى حقيقة ومجاز - ليس خاصا بالعربية - كما ذهب إلى ذلك جمع من العلماء - ، بل هو أمر فطري تقتضيه طبيعة اللغات ، وتفرضه قرائح المتكلمين ؛ لأنه خروج بالكلام عن الأصل الذي اطرد به الاستعمال ، وهذا موجود في كل لغة ، ولا تختص به لغة دون لغة ، ولا تختص به أمة دون أمة ، ومن المعلوم بداهة أن هناك طرائق في التعبير ، وأساليب مشتبهة بين البشر ، وهذه الأساليب المشتركة إنما هي تتبع الخصائص الموجودة في النوع الإنساني ، فطبعي بعد ذلك أن يكون في كل لغة حقيقة ومجاز .
والتعبير بـ ( القمر ) عن الطلعة البهية ، وبـ ( السبع ) عن الرجل الشجاع ، هذا لا تختص به هذه اللغة العربية ، بل هو موجود في كل لغة ، نعم هذه اللغة العربية تمتاز بوفرة مجازاتها وبوفرة أساليبها حتى اعترف بذلك المستشرقون الذين لهم اطلاع على لغات واسعة)) .


قلت: الآن أرجو أن ينتبه الإخوة إلى أهم المغالطات والمصادرات الكامنة في كلام مثبتة المجاز.
عندنا ظاهرة تشترك فيها الألسنة جميعاً وهي : استعمال اللفظ الواحد للدلالة على أكثر من معنى.
هذا القدر لا نزاع فيه.


محل النزاع: هو قول مثبتة المجاز إن واحداً من هذه المعاني بعينه فقط، هو الأصل = وهو ظاهر اللفظ = (وبدءاً من أبي عبد الله البصري) سيُجعل هذا المعنى: هو الذي وضع اللفظ للدلالة عليه أول الأمر،أو وضعت له في اصطلاح التخاطب بعدُ = وهذا المعنى تُعرف دلالة اللفظ عليه من غير احتياج إلى قرينة = وهذا المعنى هو الأصل الذي يجب التمسك به فلا نقول أن غيره من المعاني هو مقصود المتكلم من اللفظ إلا بقرينة تدل على ذلك = وأن هذا المعنى الذي زعم أنه الأصل وأول ما وضع اللفظ للدلالة عليه هو الحقيقة = وأن غيره من المعاني مجازات.

هذا هو القانون الذي وُضع ليحكم قضية استعمال اللفظ الواحد في عدة معاني .

الآن نفاة هذه القسمة لا يُنازعون في حقيقة الظاهرة الموسومة أولاً، وإنما ينازعون في تأطيرها داخل هذا القانون، ويقولون، إن هذا القانون فيه من التألي على الألسنة عموماً وعلى لسان العرب خصوصاً ما فيه = وأن فيه من التألي على المتكلم وجعل ظنون السامع حكماً على مراده شئ كثير = وأنه يقود إلى ضروب شتى من الأوهام في تفسير الكلام = ويقولون أنه لا يوجد معنى من المعاني التي استعمل فيها أهلُ اللسانِ اللفظَ ؛ لا يحتاج هذا المعنى لقرينة = وأن قضية أصل الوضع اللغوي التي يتكئ عليها المتكلم بهذه القسمة كثيراً ؛ وهم علمي ومن أكثر قضايا العلم افتقاداً للبرهان الصادق= بل هي درب عماية وجهالة = وليس مع المتكلم بها إلا ظنون وخيالات ودعاوى عارية عن البينات= وأن قضية اصطلاح التخاطب التي بنى عليها مثبتة الحقائق الشرعية كلامهم ؛ هي من اختلاف الألسنة = وأن بحثها على ضوء أن لكل لسان ولكل لسان ظواهره هو البحث الصحيح = وأن إثبات أن لسان النبي صلى الله عليه وسلم فارق لسان قومه عن طريق النقل والتغير الدلالي ؛ بدعة عقدية من افتراع المعتزلة = ويقولون أن السبيل الصحيح للتعامل مع هذه الظاهرة هو جمع القرائن المحيطة بالكلام للوقوف على المعنى المعين الذي أراده المتكلم من كلامه من غير الوقوع في أسر أحكام مسبقة من أوهام أصل الوضع والمعنى الأصلي ،والمعنى المتبادر،وغيرها من الأشياء التي تُضل عن الصواب في فهم مراد المتكلم.
الآن أين مكمن المغالطة: تكمن المغالطة والمصادرة في أن الدكتور تجاهل أن مخالفيه لا ينكرون ظاهرة استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، وإنما ينازعون في تقسيم هذه المعاني إلى حقيقة ومجازات أو مجاز = والتعامل مع هذه المعاني بعد هذا التقسيم وفقاً للقانون السابق ، راح يستدل بوجود الظاهرة التي لا خلاف على وجودها= على إثبات المجاز وهذه مغالطة وحيدة عن محل النزاع = ثم صادر فبدلاً من أن يستعل ألفاظاً تدل على القدر المشترك الذي لا نزاع فيه وفي كونه أمراً واقعاً = استعمل لفظي الحقيقة والمجاز وبات يقول إنهما هما الأمر الواقع وأنه يستدل بوجود هذه الظاهرة (التي باتت عنده : انقسام اللفظ إلى حقيقة ومجاز)على ثبوت القسمة إلى حقيقة ومجاز.

7- قال الدكتور: ((إن تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز ، هذا في الحقيقة يشبه تقسيمه إلى خبر وإنشاء ، وتقسيمه إلى اسم وفعل وحرف ، وليس يخلو كلام - أي كلام - من هذه التقسيمات ؛ فهي تقسيمات تفرضها طبائع اللغات ، وهذه التقسيمات مفهومة من معاني كل كلام ، ومن مدلولات الألفاظ .
هذه التقسيمات - وفيها التقسيم إلى حقيقة ومجاز - تقسيمات اصطلاحية تواطأ عليها العلماء ، والمقصود منها ضبط دلالات الألفاظ وتحرير معانيها )).


قلت: هذه مغالطة اخرى من مغالطات مثبتة هذه القسمة، وهي دعواهم أن هذه القسمة قسمة اصطلاحية كغيرها من تقسيمات العلوم،وهم يقرنون هذا عادة بأن خلاف نفاة القسمة معهم لفظي ..

وهذا الكلام خطأ من وجهين:

الوجه الأول: أن كل تقسيم لابد أن يستند إلى براهين علمية تبرر هذه القسمة وتظهر معالم الفصل بين القسمين.
الآن: عندنا لفظ واحد ..استعمله العربي للدلالة على عدة معاني ، ما هو البرهان الذي استند عليه من قسم هذه المعاني إلى معنى واحد هو الحقيقة ومعنى أو معان هي مجازات(؟؟)
هذا البرهان ينحصر في شئ واحد وهو نظرية بدء اللغة والوضع اللغوي،وأن الألفاظ وضعت أولاً للدلالة على المحسوسات فإذا عبر بها عن غيرها كان هذا خروجاً عن المعنى الأصلي إلى المعنى المجازي.
وهذه نظرية يونانية أخذها المعتزلة عن كتب اليونان ،وهي نظرية باطلة .وهي شديدة الاتصال بنظرياهم في بدء الخليقة ، ولي مقال منفصل في الإشارة لهذه النظرية وأصولها أكتفي بالإحالة إليه.

http://majles.alukah.net/showthread.php?t=10924
وهنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=11069

أما كلام الدكتور في إجابة الأسئلة عن كون الاستعمال هو ضابط الحقيقة ، فليس انفكاكاً عن القول بالوضع كما ظن الدكتور، بل هو عين القول بالوضع = غاية الأمر أن القائلين بالوضع جعلوا من علامات معرفة الأصل الذي وضعت له الكلمة أولاً هو شيوع وكثرة استعمالها في معنى معين،وظن الدكتور أنه بمسألة الاستعمال هذه قد فر من مسألة الوضع= هو من أعجب ما وقع لي من كلامه في محاضرته هذه.فالوضع والاستعمال وجهان لعملة واحدة وتأمل تعبير شيخ الإسلام: ((سواء ثبت وضع متقدم على الاستعمال او كان المراد بالوضع هو ما عرف من الاستعمال)).
فتأمل كيف جعل الشيخ القول بالاستعمال أحد مفاهيم الوضع،ومع ذلك فقد نص على أن استعمال الألفاظ للدلالة على المعاني لا يكون إلا مصحوباً بالقرينة الدالة على المعنى المراد و لا يصلح لمعرفة مراد المتكلم باللفظ بغير قرينة يقول الشيخ: ((كذلك لا يوجد في الاستعمال لفظ مطلق مجرد عن جميع الأمور المعينة ، فإن الكلام إنما يفيد بعد العقد و التركيب و ذلك تقييد و تخصيص =كقولك أكرم الانسان أو الانسان خير من الفرس و مثله قوله أقم الصلاة و نحو ذلك و من هنا غلط كثير من الناس فى المعانى الكلية حيث ظنوا و جودها في الخارج مجردة عن القيود و في اللفظ المتواطىء حيث ظنوا تجرده فى الاستعمال عن القيود و التحقيق أنه لايوجد المعنى الكلي المطلق فى الخارج إلا معيناً مقيدا و لا يوجد اللفظ الدال عليه فى الاستعمال إلا مقيداً مخصصا و إذا قدر المعنى مجرداً كان محله الذهن و حينئذ يقدر له لفظ مجرد غير موجود فى الاستعمال مجرداً)).

وأبلغ رد على محاولة الدكتور حشر شيخ الإسلام في كلامه عن الاستعمال=أن مثال جناح الطائر الذي ضربه الشيخ العسكر على دلالة الاستعمال =قد أبطله وأبطل دلالته على القسمة ومنع أن يكون جناح الطائر هو الأصل=نعم نفس المثال وعينه أبطله الشيخ في رده على الآمدي.

ودلالة الاستعمال هذه تحتاج إلى استقراء لكلام أهل اللسان المراد تفسير كلامهم ،أما ما يفعله من يستدل بها=فهو أن يُفسر كلام المتكلم بغلبة استعمال اللفظ في لسانه هو لا في لسان المتكلم،والسبيل الصحيح أن يُنظر في لسان المتكلم نفسه وإلى موارد استعمال اللفظ نفسه عنده وعند طبقته فإن ثبتت غلبة الاستمال في معنى معين=فغاية ذلك أن يكون قرينة تحتاج إلى مساعد لها ينفي إرادة معنى آخر،ا أن يُتمسك بغلبة استعمال مظنونة متأثرة بلسان المتلقي يحمل بها المتلقي لسان المتكلم على لسانه هو ويفسره به.طلباً للسهولة،وقعوداً عن طلب القرائن ،وتحقيق الصدق في تفسير كلام المتكلم.

فإذا ظهر بطلان النظرية التي بني عليها التقسيم بطلت هذه القسمة من ناحية الأسس العلمية وصارت باطلة في نفسها بقطع النظر عن البدع التي بنيت عليها= وبقطع النظر عن قوانين التألي التي سنشير إليها في:

الوجه الثاني الدال على بطلان القول بأن هذه القسمة كغيرها من التقسيمات وأن خلاف مثبتة ظاهرة الاتساع نفاة القسمة=خلاف لفظي يظهر بتأمل ما يلي:

العرب استعملت اللفظة الواحدة وأرادت بها أكثر من معنى...إلى هنا وهذا قدر متفق عليه لا نزاع فيه...

الآن: لنتصور أن باحثاً سمى هذا الأسلوب من أساليب العرب= توسعاً

وسماه آخر: تجوزاً

وسماه ثالث: فخامة

وسماه رابع: اتساعاً

إلى هنا وهنا فقط يمكننا تسمية ذلك خلافاً لفظياً ويمكننا عد الخلاف هنا من بابة الخلاف في التلقيب فحسب....

طيب ....هل هذه هي حقيقة الحال في مسألة المجاز والنزاع فيه (؟؟؟)

الجواب: لا وكلا وكلا ولا .......

فواقع الحال: أن لدينا تياراً كبيراً نحن نتنازع معه .هذا التيار مارس من أنواع التألي والادعاء على العرب والعربية والشرع ما لا يمكن وصفه ووصف خطورته إلا بوصف واحد وهو: الجناية.

زعموا :

1- إن أحد هذه المعاني التي تكلمت العرب بهذا اللفظ تريدها هو المعنى الحقيقي وهو الذي ينبغي حمل الكلام عليه إذا خلا الكلام من القرائن ...ومعنى حمل الكلام : أنك تقول: إن المتكلم الذي بيني وبينه قرون قد أراد هذا المعنى بالذات.

2- ثم زادوا في الزعم والتألي فقالوا إن هذا المعنى الحقيقي هو الذي وضع له اللفظ منذ نشأة اللسان ...يا سلام
3- ثم زادوا في الزعم والتألي فقالوا إن المعاني الأخرى غير هذا المعنى الحقيقي مجاز وإنه لا يجوز أن يقال إن المتكلم أراد معنى منها إلا مع وجود القرينة ...ومش بس كده حتى لو وجدت القرينة فمادام الحمل على المعنى الأول الحقيقي ممكن فإنه يمتنع الحمل على المجاز...

وزادوا وعادوا وكرروا وفرعوا وزادوا ونقصوا وبنوا وهدموا واشترطوا وأجازوا ومنعوا...

ولو جئت تسأل من أنبأكم بهذا عن العرب...ومن أين لكم هذه الحدود والقوانين ومن أخبركم أن اللغة موضوعة ومن أعلمكم أن هذا المعنى بالذات حقيقي وأن الآخر مجاز...حاروا وأبلسوا وصارت الألسنة مضغ لحم تُلاك في الفم لا تدري ما البيان....

ما علينا....

الآن مع كل هذه الأحكام التي رتبها من وصف طريقة العرب آنفة الذكر هل لا يزال يسوغ أن نقول: إن الخلاف خلاف في التلقيب وما الفرق بين أن نسميه حقيقة ومجازاً وبين أن نسميه اتساعاً وتوسع ،أو حقيقة مفردة وحقيقة تركيبية و...و... (؟؟)


لا لا يجوز أبداً ...بل هذا لعب بالعقول وسخرية باللسان وأهله...

بل مذهب المجاز مذهب تام قائم له أحكام وقوانين وتبعات وليس مجرد تلقيب...

ولا والله ما جرت أحكامه وقوانينه على أمة العرب والإسلام إلا الفساد =فساد الدين وفساد اللسان...

8- تكلم الدكتور كلاماً طويلاً عن شيوع القسمة في أوساط البلاغيين والأصوليين ،وختم كلامه بقوله: ((إن الأقلام المختلفة إذا تعاورت على باب من أبواب العلم ، فلا شك أنها تزيده وضوحا وجلاء ، وتكسب الموضوع عمقا)) .

قلت: والحق أنه ما ثم إلا قلم واحد شيخنا الفاضل وهو القلم الاعتزالي ومخنثه الأشعري ،لن يخرجه عن هذين الوصفين تدثره بدثار البلاغة أو استخفاءه بلثام الأصول،ولن يُساعده على النجاء من التهمة تسليم بعض أهل السنة بهذه الألفاظ ورضاءهم بهذه التقسيمات؛ فللشيوع أثره،ولغلبة الكثرة أثرها،ولضعف غير المتخصص تحت ضغط الألفاظ التي يلوكها المتخصص وطأته.

9- تكلم الدكتور عن وجود المجاز في شعر الجاهلية وفي القرآن وفي كلام النبي ثم ذكر الاتساع الذي ذكره سيبويه وأشار إلى سعة تصرف العرب في كلامها الذي ذكر الشافعي.

قلت: لا يزال الدكتور سادراً في نفس المغالطة والمصادرة = وهي : الاستدلال بوجود ظاهرة الاتساع واستعمال اللفظ الواحد في أكقر من معنى وإشارة سيبويه والشافعي إليها= على ثبوت القسمة ..بل والتعبير بالقسمة نفسها على الرغم من أن من نقل عنهم لم يستعملوا نفس ألفاظ القسمة ولا أشاروا إلى الأحكام والقوانين المنضوية تحت القسمة. أما تفسير مثبة المجاز من شراح سيبويه لاتساع سيبويه بأنه مجاز فليس أقل كذباً من تفسير كلام الله على المعاني البدعية الذي فعله كثير ممن فسر القرآن، فلا يصلح ذلك دليلاً يكشف عن مراد سيبويه، واستدلال الدكتور بوحدة الأمثلة عجيب جداً ؛ لأن محل البحث واحد وهو ظاهرة الاتساع وأمثلتها،وإنما الشأن في القسمة والتلقيب والأحكام المنضوية تحت التقسيم فستظل الأمثلة واحدة عند الجميع.

وقد أشرتُ إلى وجه المغالطة والمصادرة من قبل فلا أعيد..وإنما أُقرب بمثال:

إنما مثل الدكتور في كلامه كمثل من يثبت التواتر والآحاد ولا يحتج بالآحاد في الاعتقاد فيستدل فيقول: وهذا الذي نقرره ظاهر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن حاققته: أين لفظ التواتر ولفظ الآحاد في كلام النبي(؟؟)
أجابك: ليست العبرة بالألفاظ والمسميات ألا ترى أن من الأحاديث ما روي من طرق لا تُحصى كثرة ومنها ما روي من طريق واحد

فتجيبه: نعم أرى هذه الظاهرة وأقر بوجودها وأقدر بوجود أساس مبدئي واضح للتفريق وهو اختلاف عدد الطرق ولكني لا أعلم أن أحداً سمى هذه متواتر وتلك آحاد فهذا قدر زائد على مجرد وجود الظاهرة.

القدر الزائد الثاني على مجرد وجود الظاهرة وعلى مجرد تقسيم الظاهرة إلى قسمين = إعطاء كل قسم أحكام تخالف القسم الآخر من ناحية الحجية مثلاً = بلا بينة.

الآن أرجو تطبيق هذا على قضية المجاز مع التنبه للفرق في قضية المجاز فالقدر الزائد فيها أكبر : ظاهرة الاتساع موجودة في الكلام العربي .

القدر الزائد الأول: تقسيم المعاني (أو الألفاظ)إلى بلا دليل صالح.
القدر الزائد الثاني: تسمية قسم بالحقيقة والباقي بالمجاز أو المجازات.
القدر الزائد الثالث: الأحكام التي ستُعطى لما زعم أنه حقيقة وتنزع عن ما زعم مجازاً.

10- قال الدكتور: ((ممن سمى المجاز في عصر سيبويه ( استعارةً ) أبو عمرو بن العلاء ( ت 154 هـ ) ؛ فإنه - رحمه الله - قد سمى المجاز ( استعارةً ) ، ونقل له شواهد على ذلك ابنُ رشيق في ( العمدة ).

قلت: هذا نقل معلق لا سند له.

11- ذكر الدكتور كلام الأخفش.

قلت: والأخفش بصري معتزلي لا يٌفرح بمثله.

12- ذكر الدكتور أبا عبيدة معمر بن المثنى.

قلت: كتبتُ عن كتابه مقالاً طويلاً فليُراجع.

13- ذكر الدكتور كلام ابن قتيبة والبخاري وغيرهم من أهل السنة وهناك بعدهم .
وختم بقوله: ((وهذا الإيراد للمجاز بمعناه الاصطلاحي في هذه البيئات المختلفة ؛ الأدباء ، واللغويون ، والمحدثون ، وعلماء الشريعة - يدل على أنه كان مشهورا في القرن الثالث لا سيما في المنتصف الأول منه )).


قلتُ: نحن لا ننفي ورود المجاز على لسان هؤلاء ،بعد شيوعه على لسان الجاحظ ومن بعده وسطوة اللفظ والتقسيم وتلقي العقول السنية له ليس بمستنكر فقد نُقب النقب.
ولذا فالذي ادعاه نفاة المجاز عدم وجود هذا اللفظ قبل المعتزلة ومنظريهم وسلامة القرون الثلاثة الأول والأئمة الأربعة ،وطبقتهم = منه.
وإن كنت أستشعر من سياق الدكتور وحرصه على إثبات وجود المجاز في القرن(المئوي) الثالث = أنه أخطأ في فهم مراد أهل العلم عموماً ونفاة المجاز خصوصاً من عبارة: ((القرون الثلاثة)) ..فالمراد بلفظ القرن في تلك العبارة في كلام أهل العلم وفي كلام النبي صلى الله عليه وسلم = القرن أي الجيل من الناس وليس القرن الذي هو (مئة عام) فهذا اصطلاح متأخر.
فالقرون الثلاثة: هم الصحابة والتابعون وأتباعهم.فليتنبه وليُجعل هذا مثالاً على خدعة الشيوع والمتبادر للذهن.

14- تطرق الدكتور لنفي نسبة القول بنفي المجاز عن جماعة ممن نُسب إليهم ذلك ، ولا أحب التعرض لذلك فليس مع الدكتور في نفيه علم يُرد عليه،وليس معنا في إثبات نسبة القول لهم إلى تتابع النقل عنهم تتابعاً نطمئن إلى ثبوت النقل به عنهم.

15- تطرق الدكتور لشيخ الإسلام وحاول حصر دافع الشيخ في الدافع العقدي وهذا خطأ محض والمتأمل في كلام الشيخ وربطه بين مثبتة المجاز وبين الأصول اللغية للمسألة يعلم أن الشيخ يُبطل المجاز في نفسه بقطع النظر عن أثره العقدي..وما نقله الدكتور عن الشيخ بواسطة القاسمي سبق إبطاله .

16- تطرق الشيخ للأصول العقدية التي تيسر الجمع بين ثبوت المجاز وبين النجاة من توسل المبتدعة به إلى بدعهم.وهنا فقط أحب أن أشير لشئ مهم تجمعه نقاط خمس:

الأولى: إنكار القسمة لمجرد منع توسل أهل البدع بها لمراميهم = غير صحيح.
الثانية: لا يلزم مثبتة المجاز غبش بدع من جمع إلى إثبات المجاز التوسل به إلى بدع الصفات والمنزلة بين المنزلتين.
الثالثة: إنفكاك إثبات القسمة عن البدع المبنية عليها أحياناً لا يمنع جعل إثبات القسمة من أصول أهل البدع.لكن لا من جهة مجرد إثبات القسمة وإنما من جهة إثبات القسمة وتطبيقها على النصوص والمسائل المعينة.

الرابعة : هذا التقسيم باطل في نفسه ومن ناحية الأسس العلمية ، والمنهج العلمي = بقطع النظر عن الدوافع الكلامية التي كانت وراءه والقضايا العقدية التي بنيت عليه.

الخامسة وهي أهم النقاط: صورة النعامة تدس رأسها في الرمال= هي أصدق الصور المعبرة عن من يغفل أو يتغافل عن أن شيوع فكرة التقسيم بقوانينها كان على يد الجاحظ وأن أهم قوانينها وتعريفاتها صاغته يد أبي الحسين البصري المعتزلي،وأن الذي أكمل العمل عبد القاهر الجرجاني الذي لم يخرج من جرجان وكانت دراسته على يد ابن أخت أبي علي الفارسي المعتزلي،وأن هذه الفكرة بقوانينها لا أثر لها عبر مائتي عام من عمر هذه الأمة.
 
ليس من عادتي أن أعلق على مثل هذه المواضيع، غير أنني أود فقط القول إن هذا النقد برأيي يعتني بالأمور الشكلية عوض العمق في التحليل.
 
يا أبا فهْر:

رويدكَ...رويدك..
الدكتور عبدالمحسن متخصصٌ تخصصاً أكاديميا في اللغة العربية ولا سيما علم البلاغة ومهتم به من قديم الزمان، ولا يخفى على ذي لب أن علم البلاغة قائم على عَدَداً ودرسها دراسة عميقة، ولم يخرج هذا البحث ولم يصل إلى هذه النتيجة إلا بعد جهد وعناء.
فلا تظنَّ أن ما طرحه في المحاضرة هو وليدُ بحثِ يومٍ وليلة.
وفقكَ الله.
 
[align=center]الأستاذ محمد بن جماعة لو لم تُعلق لكان أسلم لك من الزلل ، أما عن العمق فأمسك عن بيان رأيي حياء..ولعلي أبديه بعدُ..

الفاضل أبا محمد البدري..

ما ذكرتَه ليس بخاف علي..ولكنه لا يعصم الدكتور ولا من هو أعلم منه ..ولا يمنعني من بيان الحق ولا يمنع من هو أجهل مني..

والحق إنما يتقرر بالحجة والبرهان لا بالدعوى والطيلسان
...[/align]
 
بارك الله فيك يأبو فهر - رفعتك لانك تستحق الرفع ولو غضب أهل العربية -
نشهد الله على حبك فيه ولم نعرفك إلا في هذا الملتقى المبارك ، وما تكتبه دائما يدل على علم وافر ومعدن طيب ، وما أظن الدكتور العسكر يغضب مما كتبت ، ولو رد عليك ما تجاوز في رده ، وأقول غفر الله لأخينا محمد بن جماعة - وهو صاحب علم وأدب - فقد تعجل في رده
جمعنا الله على ما يرضيه وجنبنا مساخطه ، ونعوذ به من زلل اللسان وسقطاته
 
بارك الله فيك يأبو فهر - رفعتك لانك تستحق الرفع ولو غضب أهل العربية -
نشهد الله على حبك فيه ولم نعرفك إلا في هذا الملتقى المبارك ، وما تكتبه دائما يدل على علم وافر ومعدن طيب ، وما أظن الدكتور العسكر يغضب مما كتبت ، ولو رد عليك ما تجاوز في رده ، وأقول غفر الله لأخينا محمد بن جماعة - وهو صاحب علم وأدب - فقد تعجل في رده
جمعنا الله على ما يرضيه وجنبنا مساخطه ، ونعوذ به من زلل اللسان وسقطاته

آمين، آمين، آمين..

وما رايكم في العودة إلى صلب الموضوع الآن، بالتركيز على الآراء فقط؟
فما زلت أرغب (بصدقٍ) في الاستفادة منكم في هذا الموضوع.
 
أشكر الأخ الكريم أبا فهر السلفي على ما تفضل به ، وأشكر الزملاء المعقبين جميعاً ، ولعلنا نبقى في دائرة النقد العلمي لفكرة المجاز نفسها وأدلتها حتى ننتفع بالحوار إن شاء الله .
وأنا منذ التفكير في إقامة المحاضرة أتوقع أن تأخذ مثل هذه الأبعاد النقدية الجادة وأنتظر من كل متأمل يهمه هذا الأمر أن يُقلِّبَ الأدلة في ذهنه بحسب ما يتيسر له من الوقت ويشارك في هذا الحوار حول الموضوع للخروج برأي علمي يستوفي جوانب النظر ما دام مجال القول هنا ذا سعة من حيث الوقت والمساحة .
وأنا أكرر شكري وتحيتي لأخي أبي فهر السلفي على نقده وأدعوه للاستقصاء بشكل أكثر ، والتبسط في إيضاح الأدلة التي يستدل بها ، والزوايا التي ينظر منها للموضوع ، وسأطلب من الدكتور عبدالمحسن العسكر مثل ذلك وهو له رغبة في مواصلة البحث في الموضوع ليكون أكثر نضجاً ، ولسنا في عجلةٍ من أمرنا ، فلو استمر الحوار سنة أو أكثر لما رأيتُ بذلك بأساً إن شاء الله .
وما دامت غايتنا الوصول للحق فلا يضيرنا تشعب النقاش وطوله ، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين سبحانه وتعالى .
 
[align=center]الشيخ الفاضل عبد الرحمن الشهري...

أشكر لك سعة صدرك وأريحيتك ، والله يعلم مابي رغبة للخروج عن أُطر النقد العلمي..غير أنك أدرى الناس أن تلقي الناس لعبارات المتكلم لا يساوي عين ما أراده المتكلم بعبارته،ويكون اللوم في هذا على المتكلم تارة وعلى السامع أخرى = ومن هنا ربما ظن بي بعض إخواني أني أتنقص الشيخ الدكتور عبد المحسن العسكر = ولا والله ما كان مني هذا ولا شبهه..

وعموماً فقد كنت أعرض موقفي من نظرية المجاز وهو موقفي منها من عشر سنين وقد تلقيت جله عن أجل مشايخي وأقربهم لنفسي ولا زال هو يزيد فيه وينقص وأنا أنقص من زيادته وأزيد من نقصه ..وأوافقه وأخالفه ..فيس الذي يراه الإخوان هنا = نظرة عاجل أو رأياً فطيراً ..والمتأمل في تاريخ موضوعي عن نقا القاسمي لعبارة شيخ الإسلام على ملتقى أهل الحديث يَبين له هذا..بل وقبل هذا بسنتين مقدمة أحد كتبي التي حققتُها..

وأنا على استعداد لمواصلة الطرح = بشرط ألا يحجب عني حق النظر في كلامي بإنصاف = كوني لستُ صاحب شهادة علمية
..[/align]
 
أحسن الله إليك وبارك فيك ، وهذا هو الظن بكم يا أبا فهر وبجميع الزملاء هنا ، وليس للشهادة العلمية علاقةٌ مباشرةٌ بما نحن فيه ما دام الدليل وحسن التعليل والأدب هو الحاضر في الحوار ، والغرض حفظ حقوق المحاور ، ومراعاة أبسط أدبيات الحوار لينتفع بالحوار دوماً .
 
بارك الله في الدكتور العسكر والشيخ أبي فهر .
وأنا أتابع منذ فترة مقالات أبي فهر حول المجاز ، وأنتظر مقالا يبين فيه ثمرات هذا الخلاف بين مثبتي المجاز ونافيه .

وأقترح على الشيخ أن يكتب مؤلفا كاملا حول المجاز يوضح فيه الأفكار والمباحث بشكل متكامل، حتى لا يرمى بهذا الكلام الذي يرميه به البعض عند نشر كل مقال من سوء في الفهم وتطاول على الناس ونحو ذلك .
 
[align=center]جزاك الله خيرا.
الخلاف قوي في هذه المسألة ، لأن لكل فريق أدلة قوية ، وتنازع أطرافها جمع من كبار أهل العلم.

نطلب من أبي فهر التدليل العلمي - ولو بضرب بعض الأمثلة على أقل تقدير - على هذا الاستنتاج :

هذا التقسيم باطل في نفسه ومن ناحية الأسس العلمية ، والمنهج العلمي

ومن خلال نبرته الحازمة الجازمة في تقرير النتيجة المذكورة أفهم أن أبا فهر لديه أدلة قوية و حجج واضحة - بالنسبة له - ذللت له سبيل هذا الاستنتاج.

كيف باطل في نفسه ؟
كيف باطل من ناحية الأسس العلمية والمنهج العلمي ؟
هذه حكمها حكم الدعاوى العريضة ، أين البينة العلمية فهي أهم ما في الموضوع ؟

ولامانع من الإحالة على بحث سابق لك على الانترنت بشرط أن يتضمن أبرز حججك وبراهينك ، وإلا فاستئناف هذا الأمر حتم لكي نتعامل مع الحقائق التي استندت إليها ، لأنها هي التي ستكون مادة البحث والنقاش.

لا نريد اقتباسات من كلام شيخ الإسلام أو تلميذه وغيرهما ، نريد حجة أبي فهر واجتهاده التفصيلي الشخصي الذي أوصله إلى النتيجة السابقة. أما رسم الخطوط العريضة فلا يكاد يصعب على أحد.

أطلب من أبي فهر أن يتفضل بما نؤمل منه.[/align]
 
ارجو لهذا الحوار ان يستمر دافئا بعيدا عن الهمز واللمز كما لمز ابو فهر الاشعريَّ بعبارة لاتليق بمسلم
وانصح قبل ان يستطير خبر هذا الحوار ان يرجع المتحاورون الى الكتاب الكبير الذي سطره العلامة المرحوم الاستاذ عبد العظيم المطعني والذي سماه المجاز في اللغة والقران بين المثبتين والمانعين
فاني اعتقد ان هذا الكتاب من خير ما كتب في هذا الباب
وان كانت بعض فصول الكتاب تحتمل الاخذ والرد
 
نشكر الأخ أبا فهر على مشاركته في هذا الموضوع الشائك ، وأقترح عليه أن يفرد رأيه ببحث مستقل عن الرد وينشره في مقال مستقل حتى يُعلم رأيه بشكل عام ، لأن الرد قد لا يبين كل ما يريد قوله في هذا الموضوع، مع استمرار هذا الحوار بالطريقة التي أشار إليها هو وفقه الله والدكتور عبد الرحمن الشهري حفظه الله..
 
المشرفون على الملتقى وفقكم الله وسددكم
مما يثلج صدور الأعضاء جميعا نظركم في مشاركاتهم وردودهم ،فما كان فيه تجاوزات ،أو عبارات يشعرظاهرها بشيء من التنقص لأحد فلا تترددوا - وفقكم الله - في حذفها ،وتصفية الملتقى منها ، وقد أكون أنا ممن تخونة العبارة ،ولكم كامل الحق- مع خاص الدعاء - بحذف ما ترونه مني ، والمؤمن مرآة أخية
 
[align=center]بارك الله في المشايخ جميعاً...وأسأل الله أن يؤلف بين قلوبنا..وأن يشرح صدورنا ..وأن يجعل عاقبة أمورنا حسناً..

===========

الشيخ الفاضل عبد الله الشهري مقال النقد ملئ بالتدليل العلمي على هذه النتيجة وعماده دليلان:

الأول: بطلان الاعتماد على الوضع الأول أو الاستعمال كأساس للتفريق بين معنى هو حقيقة ومعنى هو مجازوما يستتبع ذلك من أحكام فهو إذاً فهو تفريق بلا مستند ولا موجب .

الثاني: عدم صلاحية التقسيم -على فرض صحته- لأن يكون أداة يُفسر به كلام المتكلم ، بل تفسير كلام المتكلم عبر آلية المجاز = محض جناية على كل متكلم بدءاً من كلام الملك الجليل ونهاية بكلام آهل الجنة في جنتهم وأهل النار في نارهم.

وللحديث بقية..
[/align]
 
ارجو لهذا الحوار ان يستمر دافئا بعيدا عن الهمز واللمز كما لمز ابو فهر الاشعريَّ بعبارة لاتليق بمسلم
وانصح قبل ان يستطير خبر هذا الحوار ان يرجع المتحاورون الى الكتاب الكبير الذي سطره العلامة المرحوم الاستاذ عبد العظيم المطعني والذي سماه المجاز في اللغة والقران بين المثبتين والمانعين
فاني اعتقد ان هذا الكتاب من خير ما كتب في هذا الباب
وان كانت بعض فصول الكتاب تحتمل الاخذ والرد

ليس هناك لمز ولاشئ ..ولستُ بحاجة للمز ولا غيره ...والعبارة التي أنكرتَها أنت عبارة صحيحة وهي على قوانين التشبيه بليغة لكن تحتاج لفضل تأمل منكم..

أما كتاب الدكتور المطعني -رحمه الله- فكتاب عادي جداً ملئ بالأخطاء العلمية ولعلي أذكر بعضها..
 
نشكر الأخ أبا فهر على مشاركته في هذا الموضوع الشائك ، وأقترح عليه أن يفرد رأيه ببحث مستقل عن الرد وينشره في مقال مستقل حتى يُعلم رأيه بشكل عام ، لأن الرد قد لا يبين كل ما يريد قوله في هذا الموضوع، مع استمرار هذا الحوار بالطريقة التي أشار إليها هو وفقه الله والدكتور عبد الرحمن الشهري حفظه الله..

أؤيد هذا وأرجو من أبي فهر تحقيقه ، فإن كان وقته لا يسمح بعرض الموضوع كاملا فلا أقل من أن يعرض أصول فهم الموضوع عنده وأصول الخلل عند المخالف
وفقك الله
 
فما كان فيه تجاوزات ،أو عبارات يشعرظاهرها بشيء من التنقص لأحد فلا تترددوا - وفقكم الله - في حذفها ،وتصفية الملتقى منها

نرجو تفعيل هذا المطلب وشطب كل تجاوز في حق أي عضو كان .
 
دعوة المشرفين لحذف ما (فيه تجاوزات، أو عبارات يشعر ظاهرها بشيء من التنقص لأحد) فيه دعوة للاستبداد وتكميم الأفواه وإشاعة ثقافة التخويف :) أعاذنا الله وإياكم من هذه الويلات. ولو وجدت تعويذة شرعية لحماية هذا المنتدى من السقوط فيها لبحثت عن مستجابي الدعوة للقيام بها بدون استشارة أحد :)

وأفضّل أن يقوم المشرفون بمراسلة المعني بالأمر ودعوته لتغيير عباراته فقط، ثم إعطاء الحق لبقية الأعضاء في إبداء عدم رضاهم على كلامه، دون حذف شيء بغير علمه. ولا يصار إلى الحذف إلى في حالات الضرورة القصوى مما لا يختلف فيه أهل الظاهر والباطن :)
 
قرأت هذه المناقشة الماتعة مرة أخرى .
وجزى الله الشيخ أبا فهر خير الجزاء .
في المرفقات نص المحاضرة مع النقد .
 
سؤال لمن أثبت المجاز : ما هو الفرق الدقيق بين المجاز والتحقيق ؟

سؤال لمن أثبت المجاز : ما هو الفرق الدقيق بين المجاز والتحقيق ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى : "هَذَا التَّقْسِيمُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ ؛ وَلَيْسَ لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا حَدٌّ صَحِيحٌ يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ بَاطِلٌ وَهُوَ تَقْسِيمُ مَنْ لَمْ يَتَصَوَّرْ مَا يَقُولُ بَلْ يَتَكَلَّمُ بِلَا عِلْمٍ ؛ فَهُمْ مُبْتَدِعَةٌ فِي الشَّرْعِ مُخَالِفُونَ لِلْعَقْلِ " .

فائتوني بفرق دقيق بين المجاز والتحقيق حتى تتم القسمة ، وإلا فقد تبين بطلان القسمة من أصلها فكيف يبنى على أساسها أحكام ؟ .
 
الرجاء من الإخوة الإجابة عن إشكال في الموضوع :
أيليق شيخ الإسلام أن ينكر ثبوت المجاز في القرون الأولى وهو يعلم ذلك لأجل الدفاع عن العقيدة كما قال الدكتور الفاضل عبد المحسن ؟ أظن هذا طعناً في شيخ الإسلام وفي مصداقية حكايته لعلوم السلف لم يقصده الدكتور !!
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى : "هَذَا التَّقْسِيمُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ ؛ وَلَيْسَ لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا حَدٌّ صَحِيحٌ يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ بَاطِلٌ وَهُوَ تَقْسِيمُ مَنْ لَمْ يَتَصَوَّرْ مَا يَقُولُ بَلْ يَتَكَلَّمُ بِلَا عِلْمٍ ؛ فَهُمْ مُبْتَدِعَةٌ فِي الشَّرْعِ مُخَالِفُونَ لِلْعَقْلِ " .

فائتوني بفرق دقيق بين المجاز والتحقيق حتى تتم القسمة ، وإلا فقد تبين بطلان القسمة من أصلها فكيف يبنى على أساسها أحكام ؟ .

الفرق بينهما فرق موجود ، ولكن رتبة الدقة هي محل الإشكال ، والفرق يستفيد وجوده من أسبقية المعنى الحقيقي للمعنى المجازي عند الإطلاق وانعدم القرائن ، فالفرق موجود من هذه الجهة ، ولا يستطيع أحد عالم بواقع اللغة في سياقات الخطاب أن ينكر هذا الفرق بهذا الاعتبار إلا بشق الأنفس ، ولا يشترط لتمييز الدلالات بعضها عن بعض حد كبرزخ بين بحرين ، لا يبغيان ، إذ يكفي وجود ضابط أغلبي ، وهذا بحسب الاستعمال والعرف اللغوي للناس من زمن لزمن ، ولكني - شخصياً - أرى الإشكال متمثلاً في الحد والاصطلاح الذي اقترحه المعتزلة وأمثالهم ، فهو يجعل المعنى المجازي كالظل المختبيء وراء المعنى الحقيقي ، وهذا تصوير خادع يوقع في إشكالات تصورية وتصديقية كبيرة ، ولكن - بحسب تأملي في المسألة - أؤمن أن ظاهرة أسبقية معنى من المعاني عند الإطلاق للذهن قضية لغوية مستقرة ، ولكني أخالف في توظيفها توظيفاً فاسداً ، كمن يوظفها لتقويض العقائد الصحيحة ، كما أني أخالف من ينكر الاصطلاح أو التقسيم من أصله على حساب وجود الظاهرة اللغوية كحقيقة ثابتة في لغات البشر.
 
بعيدا عن إثبات المجاز أو نفيه أذكر نقاطا:
1- قد أثبت المجاز عدد كبير من أهل السنة, وقد نفاه كذلك عدد كبير منهم.
2- لا أعلم مسألة -على ضآلة علمي, وضحالة فكري- شنع فيها كل قائل على المخالف كما شنعوا في هذه المسألة, مع أني لا أعتقد أن هناك مسوغا لكل هذا التشنيع، وكانت أمنيتي أن يكون النقاش في هذا الملتقى بمنأى عن هذا التشنيع ولكن يبدو أنه قد خاب ظني.
3- لئن اتخذ المعتزلة والأشاعرة المجاز مطية ركبوها لتعطيل صفات البارئ جل وعلا فلسنا ملزمين بهذا القول، لما يعلمه كل من اطلع على كلام من يثبت المجاز من أهل السنة.(على أن ابن تيمية رحمه الله ومن معه يجعلون من لوازم القول بالمجاز نفي الصفات، وهو أمر قد خولفوا فيه).
4- نعم، الذي وضع أسس هذه المسألة هم المعتزلة، ولكني أسأل نفسي: ومن وضع أسس علوم البلاغة وأرساها، ومن رفع عمادها وقواها؟ أليسوا هم المعتزلة والأشاعرة؟ فهل يعني هذا أن نرمي بكل كتب هذا العلم جملة وتفصيلا, وأن نرد جزئياته كلها بحجة أن المعتزلة هم الذين ابتدعوا هذه البدعة أساسا؟


وأنا لا أتبنى إثبات المجاز ولا نفيه.
ولي طلب أخير لأخي أو أستاذي -لست أدري- أبي فهر السلفي أن يفصح عن نفسه، ويذكر من يكون حتى نعرف بم نخاطبه؟ فإن كان كبيرا احترمناه، أو شاباً وقرناه، ووددت لو غير معرِّفه إلى اسم يعرف به، فنحن في ملتقى علمي لا يطرح فيه إلا الرصين من الكلام، والوجيه من القول مما لا يخجل كاتبه أن ينسب إليه، فإلام التخفي خلف الأقنعة؟؟؟؟؟؟؟
 
4- نعم، الذي وضع أسس هذه المسألة هم المعتزلة، ولكني أسأل نفسي: ومن وضع أسس علوم البلاغة وأرساها، ومن رفع عمادها وقواها؟ أليسوا هم المعتزلة والأشاعرة؟ فهل يعني هذا أن نرمي بكل كتب هذا العلم جملة وتفصيلا, وأن نرد جزئياته كلها بحجة أن المعتزلة هم الذين ابتدعوا هذه البدعة أساسا؟

ليس كل الكتب بل قسم كبير منها...والعبرة بما قالوه موافقاً للحق ولسنن الصدر الأول وذلك قليل جداً..
 
تقول: (ليس كل الكتب بل قسم كبير منها...والعبرة بما قالوه موافقاً للحق ولسنن الصدر الأول وذلك قليل جداً..). أفهم من ردك أنك تنسف كثيرا جدا من علوم البلاغة، وتقرر في هذا المنتدى أن علم البلاغة لا يجوز تعاطي كثير من مسائله؟ فكان ينبغي لك إذن ان تناقشنا في علم البلاغة أساساً لا أن تناقش في مسالة من مسائله.

وما زلت أنتظر إجابة طلبي السابق ورجائي الخاص.
 
[align=center]1- نعم أنا أرى ضعف ووهاء قدر غير قليل من مسائل البلاغة وما أرى ضعفه على قسمين:

الأول: ما أرى ضعفه من مسائل هذا العلم ؛ لفساده من جهة المنهج العلمي.

الثاني: ما أرى ضعفه من مسائل هذاالعلم من جهة كونه مأخوذاً عن الفلسفة اليونانية وأن تطبيقه بعدُ على اللسان العربي يشوبه قصور بحيث نكون أحوج إلى إعادة قراءة اللسان العربي وأن نضع نحن بلساننا نحن تصوراتنا نحن عن وجوه الإبداع في لساننا نحن.

2- أنا أكتب هنا مسائل علمية كما ترى.وأكتب في مواقع أخرى مسائل سياسية .ونحن في بلد يُعتبر فيه النشاط العلمي والدعوي من السلفيين = محل اشتباه ومشروع اتهام.ولي كتب باسمي الصريح ولا أريد أن يُحاسب أبو فهر على ما كتبه (أحمد...)ولا أن يُحاسب (أحمد...)على ما يكتبه أبو فهر = (الآن)..فأنا يا سيدي لا أزال في طور تكوين المنهج وصياغة المذهب ..وجل ما أكتبه هنا وهناك = مذاكرات علمية أرجو أن أهتدي بها إلى صياغة منهجي صياغة أرتضيها..ومع ذلك فلستُ مخفياً تماماً وكثير من المشايخ الذين تقرأ أسمائهم على طرر الكتب يعلمون من أنا ويحاسبونني على ما أكتب محاسبة الشريك الشحيح فقد زعموا أنهم يرجون مني خيراً..ولا والله ما أراني أهل لخير مالم يتغمدني الله بتوفيقه.

فدع عنك اسمي ومن أنا واطمئن فلستٌ دكتوراً ولا حتى من حملة الليسانس أو البكالوريوس.

وبعد ذلك إن أردت مذاكرتي فعلى الرحب والسعة وإن صدك عنها جهالتي فلا أظن أنك ستخسر شيئاً ذا بال ؛ فليس ما أتكلم به مما لا يسع المسلم جهله.[/align]
 
الفرق بينهما فرق موجود ، ولكن رتبة الدقة هي محل الإشكال ، والفرق يستفيد وجوده من أسبقية المعنى الحقيقي للمعنى المجازي عند الإطلاق وانعدم القرائن ، فالفرق موجود من هذه الجهة ، ولا يستطيع أحد عالم بواقع اللغة في سياقات الخطاب أن ينكر هذا الفرق بهذا الاعتبار إلا بشق الأنفس ، ولا يشترط لتمييز الدلالات بعضها عن بعض حد كبرزخ بين بحرين ، لا يبغيان ، إذ يكفي وجود ضابط أغلبي ، وهذا بحسب الاستعمال والعرف اللغوي للناس من زمن لزمن ، ولكني - شخصياً - أرى الإشكال متمثلاً في الحد والاصطلاح الذي اقترحه المعتزلة وأمثالهم ، فهو يجعل المعنى المجازي كالظل المختبيء وراء المعنى الحقيقي ، وهذا تصوير خادع يوقع في إشكالات تصورية وتصديقية كبيرة ، ولكن - بحسب تأملي في المسألة - أؤمن أن ظاهرة أسبقية معنى من المعاني عند الإطلاق للذهن قضية لغوية مستقرة ، ولكني أخالف في توظيفها توظيفاً فاسداً ، كمن يوظفها لتقويض العقائد الصحيحة ، كما أني أخالف من ينكر الاصطلاح أو التقسيم من أصله على حساب وجود الظاهرة اللغوية كحقيقة ثابتة في لغات البشر.

حسب ضابطك الذي تفضلت به ، يكون لفظ الأسد في قول رجل لآخر - قد رأيا فارساً مغواراً قادماً - : " جاء الأسد " حقيقة ، لأنه يستحيل أن يتبادر إلى ذهنه الأسد الذي هو الحيوان المعروف .
 
ليس عندي لفظ حقيقة ولا مجاز في أي صورة من صور منهجي ..بل كل هذا: استعمال للفظ في بعض ما يدل عليه ..وكفى.
 
حسب ضابطك الذي تفضلت به ، يكون لفظ الأسد في قول رجل لآخر - قد رأيا فارساً مغواراً قادماً - : " جاء الأسد " حقيقة ، لأنه يستحيل أن يتبادر إلى ذهنه الأسد الذي هو الحيوان المعروف .

أحسنت. ها قد قررت ما قررناه. وذلك من أوجه:

1- أنك لم تستطع أن تجيء بكلمة "أسد" مجردة ، من غير سياق ، لتدل على المعنى الذي ذكرت. وهذا أبرز سمات المجاز ، وهو الحاجة لقرينة السياق وما يحتف به ، ليدل على غير المعنى الذي يمكن أن تدل عليه المفردة لو كانت مجردة عن أي سياق. يشهد لصحة ما ذكرت الواقع من جهتين:

أ - في حق الأطفال غالباً : حتى لو أخبرت الطفل أنك رأيت أسداً يخترق الصفوف و يجندل الأعداء ، فإنه سيتبادر إلى أذهانهم المعنى الذي يعلمه كل طفل وكل بالغ في العالم ، وهو الحيوان ، فحتى قرينة السياق لا تفيده كثيرا لأنه لا يفطن لها وهذا يدل على تأصل معنى محدد في ذهن الطفل (والطفل ليس إلا الإنسان في اطواره الأولى). هكذا نرى أن سبق المعنى الحقيقي ليس في الذهن فقط بل حتى في السلم الزمني لحياة الإنسان. وهذا الأخير يعكس طبيعة الواقع الاجتماعي للغة ، ويعكس وعي المربين - حتى ولو كانوا أميين - كالوالدين وغيرهما بهذه الحقيقة من جهة أنهم لا يستحسنون تعليم أطفالهم المعاني المجازية قبل المعاني الحقيقية وإلا لفسدت قدرتهم على التواصل الصحيح [1].

ب - في حق البالغين : فلو قلت "أسد" ، منزوعة من كافة السياقات ، لما تبادر إلى ذهنه غير ذلك الحيوان. وهذا واضح كالنهار لا يحتاج إلى دليل.

2- أنك وصفت الموصوف بصفات ، وهي كونه "فارساً مغواراً" ، وهي صفات لائقة بالآدمي ، أي حقيقة فيه ، والدليل على ذلك أنك لا تكاد تجد من يستعملها بالعكس فيصف "الأسد" بكونه "فارساً مغواراً" (!!). لماذا هذه الظاهرة ؟ لماذا لا يليق في العرف اللغوي أن نعكس - مادام أن المعاني كلها حقائق كما تقول - فنقول إذا رأينا أسداً (حيوان) "رأيت أسداً مغواراً" ؟ [2] هذا يحملنا على ضرورة الإعتراف بأهمية التقسيم ، أو قل ضرورة التفريق ، من ناحية اصطلاحية ، وذلك لوجود ما يدعم هذا في الواقع اللغوي. لا من فراغ.


= = = = = = = = = = =
[1] قد أفردت لهذا موضوعاً خاصاً بعنوان "ملاحظة لغوية نفسية قد تعزز موقف من يُقسِّم إلى حقيقة ومجاز".
[2] جرّب أن تقول "أنت إنسان رائع" تريد بذلك وصف البعير أو الحصان ، ماذا ستبرر استعمالك - ما دام أن المعاني كلها حقيقة عندك ؟ ولو أجرينا دراسة ووزعنا استبيان على ألوف الناس وطلبنا منهم أن يختاروا : هل هذا تعبير لائق أو غير لائق في عرف الاستعمال ، لاختاروا كلهم أنه تعبير "غير لائق". وما وظيفة التفرقة بين الحقيقة والمجاز إلا المساعدة في معرفة ما يليق مما لا يليق في عرف الاستعمال ، ولو كان كل شيء لائق بناءً على أن كل المعاني حقيقية فيما أوفي من تطلق عليه ، لحصل من الخلل في حياة البشر ما لايوصف. أنت تقول أعلاه "استعمال للفظ في بعض ما يدل عليه" ، فلو استعمل رجل "إنسان" يصف بها "الدلفين" لأنه حيوان فطن ويساعد الآخرين - كما هو معروف عنه - فهل نقول هنا "إطلاق إنسان على الدلفين هو إطلاق للفظ على بعض ما يدل عليه" !! هل حصل شيء مثل هذا تاريخ البشرية ؟ أي هل حصل أن أطلق "إنسان" - إطلاقاً حقيقياً - على "بهائم" أو "عجماوات" ؟ بل هل يمكن - في ضوء العرف اللغوي للبشر - أن يقع شيء مثل هذا في المستقبل ؟
 
[align=center]بوركتَ ..

1- قرأتُ مقالك الذي تُشير إليه وهو يدور حول فكرة بدء اللغة وتطورها وهي فكرة ضعيفة جداً ، وقضية الأطفال والبالغين إما أن تقصد الاستدلال بها على نظرية تطور اللغة = ولا يقول مسلم بها ...وإما أنك تستدل بدرك الأطفال للشائع على أن الشائع هو المعنى الأصلي ، وهذا باطل وباطل جداً وما يشيع في لسان ليس يكون حكماً على لسان ، وربما صح كلامك لو جئتَنا بطفل من عرب الجاهلية حينئذ يستقيم سياق الحجة ويبقى النظر فيها ...

2- لا أقول: الجميع حقيقة ولا وجود للفظ الحقيقة عندي...

3- لي مقال مفرد في أنه لابد من السياق سواء في الأسد الحيوان أو في الأسد الرجل، وطالبتُ، ولا زلت أطالب متحدياً بنص عربي واحد فيه الأسد يدل على الحيوان من غير قرينة وقد استقرأتٌ في المقال المشار إليه لفظ الأسد في الشعر العربي فليُراجع.

4- النص الذي اقتبسته هو من كلام العضو أبي الحسنات الدمشقي وليس كلامي فتنبه.[/align]
 
من ثمرات هذه النقاشات الجادة في هذا الموضوع الذي طرحه أخي أبو فهر وفقه الله كتب أخي العزيز الدكتور يوسف بن عبدالله العليوي الأستاذ المساعد بقسم البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بحثاً علمياً نشره في مجلة الجمعية العلمية السعودية للغة العربية في العدد الثالث في جمادى الآخرة 1430هـ بعنوان :
إثبات القول بالمجاز عند أئمة أهل السنة والجماعة
وقد جاء البحث في 117 صفحة من القطع العادي وهو في المجلة من صفحة 275 إلى 393 .
وقد وصلتني نسخةٌ مستلةٌ من البحث هديةً من الباحث وفقه الله . ولم أقرأ البحث بعدُ ، ولعل الدكتور يوسف أن يتفضل علينا هنا بنشر البحث في الملتقى ، بعد أن أشار في مقدمة بحثه إلى هذا الحوار الذي كان دافعاً لكتابة البحث . وهذا يسعدنا كثيراً أن يكون صدى ما يثار في ملتقى أهل التفسير يتردد في المجلات العلمية والمؤتمرات وغيرها .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .​
 
وأنا أضم صوتي إلى صوت الدكتور عبد الرحمن الشهري، فإن مثل هذا البحث للدكتور يوسف مما تكتمل به صورة الموضوع ويستجمع به شتات هذه المسألة التي كثر فيها اللجاج وقامت فيها سوق الحجاج، لا سيما إذا تناولت أقاويل السلف في المسألة، فلا غنى لنا عن قولهم، فأرجو من الشيخ يوسف رفع الموضوع في الملتقتى أو ممن كان عنده البحث واستطاع إدخاله بأي صيغة word أو pdf أن لا يبخل علينا ويحتسب ذلك عند الله تعالى، والدال على الخير كفاعله.
 
في ضمن بحوث مؤتمر ( الدراسات البلاغية الواقع والمأمول ) بحث للدكتور عبدالمحسن العسكر بعنوان : ( البلاغة في ضوء مذهب السلف في الاعتقاد ) تطرق فيه لمضمون محاضرته . وفي التقييد من التحرير ما ليس في الإلقاء .
 
أرجو تصوير بحث الشيخ العسكر وبحث الدكتور يوسف؛لأستفيد منهما..
 
أرجو تصوير بحث الشيخ العسكر وبحث الدكتور يوسف؛لأستفيد منهما..
أما بحث د. عبدالمحسن العسكر فهو ضمن بحوث ندوة (الدراسات البلاغية : الواقع والآمال) ، وقد أرفقته لك مع هذا الرد .
وأما بحث د. يوسف العليوي فقد وعدني بإرساله بشكل إلكتروني وسأرفعه حال وصوله إن شاء الله .
 
وأما بحث الدكتور يوسف بن عبدالله العليوي بعنوان (إثبات القول بالمجاز عند أئمة أهل السنة والجماعة) فهو مرفق لكم مع هذه المشاركة ، وأشكر أخي د. يوسف العليوي الذي بعث به لبريد مشكوراً ، وأرجو أن يكون في الاطلاع عليه ثراء للموضوع والنقاش بإذن الله .
 
قرأت بحث الشيخ يوسف جزاه الله خيراً على اعتنائه بالرد على مجهول مثلي..

وأحييه مرة أخرى على مشاركته العلمية هذه بقطع النظر عن الخلاف..

وقد قرأت البحث وحقاً لم أجد فيه إضافة علمية ..

فهذه النقولات التي نقلها عن علماء أهل السنة بعد القرن الثالث (المفضل والهجري) ليست محلاً للنزاع،ويمكنني أن أزيده نقولاً فاتته ،وقد سبقه إلى نقل كثير منها غيره،وكل أولئك إنما هم بعد إحداث المعتزلة والجهمية لتلك البدعة،وبعضهم بعد تطوير الأشعرية لها،وبعضهم ممن شيوخه من أئمة المعتزلة،وبعضهم ممن دخل عليه خلل الأشعرية من جهات أخرى..

وليس فيمن نقل الشيخ عنهم القول بالمجاز أحد من السلف الصالح القرون المفضلة ولا أحد من الأئمة الأربعة وطبقتهم،وهم مقصودي بعبارتي التي نقلها أنهم عرب القلوب والألسنة..

أما من بعدهم من علماء أهل السنة فأخذوا المجاز من مورده اللغوي ولم يتنبهوا لفساد تأصيله في تفسير النصوص،فليسوا حجة على من يجعل أصل النظر في السنة والبدعة وأصول النظر في تفسير النصوص هو قول السلف القديم ما هو ؟

والذي يفر منه مثبتة المجاز أنهم لا يجدون أثارة واحدة من علم تدل على هذا الأصل العظيم في تفسير النصوص عن واحد من الصحابة ولا التابعين ولا أتباعهم ولا الأئمة الأربعة ولا أثر له إلا بعد توطين المعتزلة له ودخوله على بعض الأئمة في إزار العربية..

والذي لا ينتبهون إليه كما هو واضح من تقريرات الشيخ العسكر والشيخ يوسف : أن إشكال المجاز إنما هو في فساد بنائه العلمي وافتقاده للمنهجية العلمية وقيامه على فرضيات غير مؤسسة،وهذا نفسه فساد علمي بقطع النظر عن مسألة الصفات.

والذي لا ينتبهون إليه أخرى : أن المعنى الحقيقي الذي يزعم مثبتة المجاز من السلفيين أنهم يجرون آيات الصفات عليه فيخلصون من آفة المجاز،هذا المعنى الحقيقي عند منظري المجاز إنما هو المعنى الحسي المشاهد،وبالتالي فما يظن سلفيو المجازيين أنهم يثبتونه ليس معنى حقيقياً أصلاً ولا يكون المعنى حقيقياً إلا إن كان مرده لمحسوس كما قرر مؤصلو نظرية المجاز،ولذلك يستطيل الأشاعرة على سلفيي المجازيين،ويقولون لهم : ما تزعمون أنه معنى حقيقي تثبتونه،ليس معنى حقيقياً،والمعنى الحقيقي هو الجوارح المحسوسة،وهذا من أعظم أسباب استطالة الأشعرية على مثبتة المجاز من السلفيين.

هذه إشارة سريعة أعود لها بتفصيل بعد أن ننتهي من أحداث مصر وموجها الفكري والسياسي.

ومرة أخرى جزى الله فضيلة الشيخ يوسف خير الجزاء وأنا سعيد بمحاورته العلمية هذه جداً..
 
عودة
أعلى