مواقف تدل على تأثر السلف بالقرآن ووقوفهم عند آياته وتفاعلهم معها

إنضم
02/04/2003
المشاركات
1,760
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
السعودية
الموقع الالكتروني
www.tafsir.org
بسم الله الرحمن الرحيم

من نظر في سير السلف الصالحين ظهر له بجلاء أن من أبرز صفاتهم، وأجل مناقبهم: تأثرهم بالقرآن العظيم، وحرصهم الشديد على الاتصاف بكل وصف أثنى الله على أهله، وحذرهم من الوقوع في أي وصف ذم الله من اتصف به.

وقد كانوا - رضي الله عنهم - وقّافين عند كتاب الله، معظمين له، رجّاعين إليه إذا اختلفوا، مستدلين به إذا تكلموا.

وفي هذا الموضوع أردت ذكر شيئ من مواقفهم رجاء أن نسلك طريقهم، ونقتفي أثرهم، ونلحق بهم، ونقتدي بهداهم.

ومن الموقف في ذلك :

أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة عبدالله بن عمر رضي الله عنهما هذا الخبر:
(عن قزعة، قال: رأيت على ابن عمر ثيابا خشنة أو جشبة، فقلت له: إني قد أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان، وتقر عيناي أن أراه عليك. قال: أرنيه، فلمسه، وقال: أحرير هذا ؟ قلت: لا، إنه من قطن.
قال: إني أخاف أن ألبسه، أخاف أكون مختالا فخورا، {والله لا يحب كل مختال فخور}[الحديد:23] .)

ثم قال الذهبي رحمه الله معلقاً: ( قلت: كل لباس أوجد في المرء خيلاء وفخرا فتركه متعين، ولو كان من غير ذهب ولا حرير.
فإنا نرى الشاب يلبس الفرجية [الفرجية: ثوب واسع طويل الاكمام، بتخذ من قطن أو حرير أو صوف.] الصوف بفرو من أثمان أربع مئة درهم ونحوها، والكبر والخيلاء على مشيته ظاهر، فإن نصحته ولمته برفق كابر، وقال: ما في خيلاء ولا فخر.
وهذا السيد ابن عمر يخاف ذلك على نفسه.
وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية تحت كعبيه، وقيل له: قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما أسفل من الكعبين من الازار ففي النار "، يقول: إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء، وأنا لا أفعل خيلاء.
فتراه يكابر، ويبرئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء، ويترخص بقول الصديق: إنه يا رسول الله يسترخي إزاري، فقال: " لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء "
فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولا، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعد يسترخي.
وقد قال عليه السلام: " إزرة المؤمن إلى أنصاب ساقيه، لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين ". ومثل هذا في النهي لمن فصل سراويل مغطيا لكعابه.
ومنه طول الأكمام زائدا، وتطويل العذبة.
وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس.
وقد يعذر الواحد منهم بالجهل، والعالم لا عذر له في تركه الإنكار على الجهلة.) انتهى.
 
جزاك الله خيراً يا أبا مجاهد وليتك تواصل هذا الموضوع القيم ..



بارك الله بك أخي فعلا ليتك تواصل هذا الموضوع القيم
بكل ماتحمله الكلمه من معنى
وفقك الله ورعاك
 
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله

ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله

قال ابن حجر في الإصابة في معرفة الصحابة: ( عن نافع: كان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " يبكي حتى يغلبه البكاء.).
وهذا الأثر أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 / 305 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن عثمان بن واقد، عن نافع...ورجاله ثقات. كما قال محققو سير أعلام النبلاء.

وفي سير أعلام النبلاء أن الفضيل بن عياض كان شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدران إليها، إذا سمع تاليا يتلو: ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم..) [ الحديد: 16 ] فلما سمعها، قال: بلى يا رب، قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة، فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم: حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا.
قال: ففكرت، وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين هاهنا، يخافوني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لارتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام.
 
ما أجملها من وقفات أخي المبارك وتأملات تزيد المؤمن إيماناً ... فبارك الله فيك
 
جزاكم الله خيرا ، ومشاركة:

ينقل عن عبدالله بن المبارك قوله:
" لو أن رجلا اتقى مائة شيء ولم يتورع عن شيء واحد،
لم يكن ورعا.
ومن كانت فيه خلة من الجهل كان من الجاهلين ، ويستشهد بقول الحق تبارك وتعالى لنوح عليه السلام:
{ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي }(هود:45)
وقال الله عز وجل:
{ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } (هود:46).أهــ
 
(وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون)

(وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون)

جاء في ترجمة محمد بن المنكدر أنه كان ذات ليلة قائماً يصلي إذ استبكى، فكثر بكاؤه حتى فزع له أهله، وسألوه، فاستعجم عليهم، وتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء إليه، فقال: ما الذي أبكاك ؟ قال: مرت بي آية، قال: وما هي ؟ قال: * (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) * فبكى أبو حازم معه، فاشتد بكاؤهما.

وجاء عنه أنه جزع عند الموت، فقيل له: لم تجزع ؟ قال: أخشى آية من كتاب الله * (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) ؛ فأنا أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب.

انظر ترجمته في حلية الأولياء، وسير أعلام النبلاء.


وفي سير أعلام النبلاء في ترجمة سليمان بن طرخان التيمي البصري:
( وذكر مردويه، عن فضيل بن عياض قال: قيل لسليمان التيمي: أنت أنت، ومن مثلك؟ !
قال: لا تقولوا هكذا. لا أدرى ما يبدو لي من ربي عزوجل. سمعت الله يقول: (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) [ الزمر: 47 ])

وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي:
( حدثنا الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم، قال: حدثني يحيى بن معين، قال: حدثني محرز بن أبي محرز العابد وهو بن عون، قال: سمعت بكرا العابد يقول سمعت فضيل بن عياض يقول في قول الله عز و جل: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} قال: أتوا بأعمال ظنوها حسنات فإذا هي سيئات.
قال فرأيت يحيى بن معين بكى.)

وجاء في التفسير عن سفيانُ الثوريُّ أنه قال : ويلٌ لأهل الرياءِ مِن هذه الآية.
 
* قال الذهبي : بلغنا أن فخر الرازي وعظ مرة عند أبي المظفر محمد بن سام ، فقال يا سلطان العالم لا سلطانك يبقى ولا تلبيس الرازي يبقى وإن مردنا إلى الله وإن المسرفين هم أصحاب النار قال : فانتحب السلطان بالبكاء
 
عند ابن أبي شيبة والبيهقي وعبد الرزاق رحمهم الله أنَّ أمَّ المؤنينَ الطاهرةَ عائشةَ رضي الله عنها وأرضاها قرأت وهي تصلي قول الله تعـالى ( فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ) فبكت , وقالت:

(اللَّـهُـمَّ مُـنَّ علَيَّ وَقِنِـي عَذَابَ السَّمُـومِ إنَّكَ أَنتَ الْبَـرُّ الرَّحِـيمُ)
 
مشاركة بسيطة نقلتها للفائدة لي ولكم أسأل الله أن ينفعنا بها :-


* روى بن أبي الدنيا من حديث عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، قال :
سمعت عبد الله بن حنظلة يوما وهو على فراشه ، وعدته من علته فتلا رجل عنده هذه الآية [ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاش ] ،
فبكى حتى ظننت أن نفسه ستخرج ،
وقال : صاروا بين أطباق النار ثم قام على رجليه
فقال قائل : يا أبا عبد الرحمن أقعد ،
قال : منعني القعود ذكر جهنم ولعلي أحدهم .



* قال أبن أبي مليكة : صحبت ابن عباس – يعني في السفر – فأذا نزل قام شطر الليل ويرتل القرآن حرفاً حرفاً ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب .



* ومن حديث أبي بكر بن عياش قال : صليت خلف فضيل بن عياض صلاة المغرب و إلى جانبي علي ابنه فقرأ الفضيل [ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر]
فلما بلغ ... [ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيم ] ،
سقط مغشيا وبقي الفضيل لا يقدر يجاوز الآية ،
ثم صلى بنا صلاة خائف ، قال ثم رابطت عليا فما أفاق إلا في نصف الليل .




اللهم اجعلنا من أهل القرآن وخاصته ...
 
يااااااأسفى تفنى الحياة وتنقضي ولما نقضي نهمتنا من القرآن
 
جزاكم الله خيرا...و..و...و

جزاكم الله خيرا...و..و...و

جزك الله خير الجزاء
في الحقيقة أن الفطرة الإنسانية تميل إلى الخير والتفكر والتدبر والعمل بكل ما تحتوية الرسالة السماوية ولكن...........الغفلة..............!
أصابنا الوهن ...
نسأل الله العافية
 
من قرأ كتابي معرفة القراء الكبار للإمام الذهبي وغاية النهاية لابن الجزري أدرك وبجلاء خوف السلف وتأثرهم بكلام الله عز وجل .
 
جاء في كتاب الأسماء والصفات للبيهقي ما نصه:
(باب ما جاء في معنى قول الله عز وجل : {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثُونِي عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ وَالطُّورِ ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ : {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} ، كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ. ...

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : إِنَّمَا كَانَ انْزِعَاجُهُ عِنْدَ سَمَاعِ هَذِهِ الآيَةِ ، لِحُسْنِ تَلَقِّيهِ مَعْنَى الآيَةِ وَمَعرِفَتِهِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ بَلِيغِ الْحُجَّةِ ، فَاسْتَدْرَكَهَا بِلَطِيفِ طَبْعِهِ ، وَاسْتَشَفَّ مَعْنَاهَا بِذَكِيِّ فَهْمِهِ.

وَهَذِهِ الآيَةُ مُشْكِلَةٌ جِدًّا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ ، قَالَ : فَهِيَ أَصْعَبُ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ : لَيْسَ هُمْ بِأَشَدَّ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، لأَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ خُلِقَتَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ، وَهُمْ خُلِقُوا مِنْ آدَمَ ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ.
قَالَ : وَقِيلَ قَوْلٌ آخَرُ : أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ؟ أَمْ خُلِقُوا لِغَيْرِ شَيْءٍ ؟ أَيْ خُلِقُوا بَاطِلا لا يُحَاسَبُونَ وَلا يُؤْمَرُونَ وَلا يُنْهَوْنَ.
قَالَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ : وَهَهُنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ هُوَ أَجْوَدُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ ، وَهُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِنَظْمِ الْكَلامِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : أُمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ خَلَقَهُمْ ، فَوُجِدُوا بِلا خَالِقٍ ، وَذَلِكَ مَا لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ، لأَنَّ تَعَلُّقَ الْخَلْقِ بِالْخَالِقِ مِنْ ضَرُورَةِ الأَمْرِ ، فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ ، فَإِذْ قَدْ أَنْكَرُوا الإِلَهَ الْخَالِقَ ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُوجَدُوا بِلا خَالِقٍ خَلَقَهُمْ أَفْهُمُ الْخَالِقُونَ لأَنْفُسِهِمْ ؟ وَذَلِكَ فِي الْفَسَادِ أَكْثَرُ ، وَفِي الْبَاطِلِ أَشَدُّ ، لأَنَّ مَا لا وُجُودَ لَهُ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالْقُدْرَةِ ، وَكَيْفَ يَخْلُقُ وَكَيْفَ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْفِعْلُ ، وَإِذَا بَطَلَ الْوَجْهَانِ مَعًا قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ لَهُمْ خَالِقًا فَلْيُؤْمِنُوا بِهِ إِذًا ثُمَّ قَالَ : أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ ، أَيْ : إِنْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَدَّعُوا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَلْيَدَّعُوا خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَذَلِكَ شَيْءٌ لا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَدَّعُوهُ بِوَجْهٍ ، فَهُمْ مُنْقَطِعُونَ ، وَالْحُجَّةُ لازِمَةٌ لَهُمْ مِنَ الْوَجْهَيْنِ مَعًا ، ثُمَّ قَالَ : بَلْ لا يُوقِنُونَ فَذَكَرَ الْعِلَّةَ الَّتِي عَاقَتْهُمْ عَنِ الإِيمَانِ ، وَهِيَ عَدَمُ الْيَقِينِ الَّذِي هُوَ مَوْهِبَةٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلا يُنَالُ إِلاَّ بِتَوفِيقِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ انْزِعَاجُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قَالَ : كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَذَا بَابٌ لا يَفْهَمُهُ إِلاَّ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ.

قُلْتُ : وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، تَفْسِيرَ هَذِهِ السُّورَةِ ، وَقَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ : أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ، مِنْ غَيْرِ رَبٍّ ، أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ، يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ.) انتهى ما أورده البيهقي.
 
السلام عليكم و بعد
شكر الله للشيخ العبيدي على هذه الرسائل الدعوية و التربوية من خلال الآيات القرآنية ... كان من المنتظر أن نجعل حبيبنا صلى الله عليه و سلم فى مقدمة هؤلاء - بأبى هو و امى - فلقد وصفته عائشة - رضي الله عنها - بأنه قرآن يمشى
و السلام
 
جاء في ترجمة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أن ابنه صالحاً قال: ( وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لَقَدْ جَعَلتُ المَيِّتَ فِي حِلٍّ مِنْ ضَربِه إِيَّايَ.
ثُمَّ قَالَ: مَرَرْتُ بِهَذِه الآيَةِ: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ، فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ} [الشُّورَى: 40]،فَنَظَرتُ فِي تَفْسِيْرهَا، فَإذَا هُوَ مَا أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بنُ القَاسِمِ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الحَسَنَ يَقُوْلُ: إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ، جَثتِ الأُمَمُ كُلُّهَا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ رَبِّ العَالِمِيْنَ، ثُمَّ نُودِيَ أَنْ لاَ يقومَ إِلاَّ مَنْ أَجرُه عَلَى اللهِ، فَلاَ يَقومُ إِلاَّ مَنْ عَفَا فِي الدُّنْيَا.
قَالَ: فَجَعَلتُ المَيِّتَ فِي حِلٍّ.
ثُمَّ قَالَ: وَمَا عَلَى رَجُلٍ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ اللهُ بِسَبِبِهِ أَحَداً.) انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء للذهبي

ومن جميل الوصايا ما أورده ابن الجوزي في صفة الصفوة عن يونس بن عبد الأعلى أنه قال: ( قال لي الشافعي: يا يونس إذا بلغك عن صديق لك ما تكرهه فإياك أن تبادره بالعداوة وقطع الولاية فتكون ممن أزال يقينه بشك، ولكن القه وقل له بلغني عنك كذا وكذا، واحذر أن تسمي له المُبلِّغ، فإن أنكر ذلك فقل له أنت أصدق وأبر لاتزيدن على ذلك شيئا، وإن اعترف بذلك فرأيت له في ذلك وجها لعذر فأقبل منه، وإن لم تر ذلك فقل له ماذا أردت بما بلغني عنك، فإن ذكر ماله وجه من العذر فاقبل منه، وإن لم تر لذلك وجها لعذر وضاق عليك المسلك فحينئذ أثبتها عليه سيئة ثم أنت في ذلك بالخيار إن شئت كافأته بمثله من غير زيادة وإن شئت عفوت عنه، والعفو أقرب للتقوى وأبلغ في الكرم لقول الله تعالى: { وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله}..) انتهى من صفة الصفوة.
 
صفة التأثر الأكمل عند سماع القرآن

صفة التأثر الأكمل عند سماع القرآن

روى البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم "اقرأ علي" قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أُنزلَ؟ قال: "نعم، إني أحب أن أسمعه من غيري" فقرأت سورة النساء، حتى أتيت إلى هذه الآية: { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا } قال: "حسبك الآن" فإذا عيناه تَذْرِفَان.

وهذه الصورة عن أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم تعطينا الصورة الأكمل والأمثل للتأثر بالقرآن ، وهي حالة من التأثر تشمل القلب والفكر والجوارح بحيث لا يبقى مجال للنفس أن تنشغل بشيء آخر، وفي نفس الوقت يبقى معها الترابط النفسي حاضرا ولا يخرج بصاحبها عن المألوف.

وهذا النوع من التأثر جاء ذكره في القرآن عند الحديث عن المؤمنين من أهل الكتاب في قوله تعالى:
(وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)) سورة المائدة

والآية تشير إلى الاتزان والترابط النفسي لهؤلاء المؤمنين وانعاكس أثر القرآن في نفوسهم إلى ترجمة عملية لإيمانهم.

ومثله قول الله تعالى :
(قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)) سورة الإسراء

نعم قد يشتد وقع آيات القرآن وما تحمله من معاني على النفس فيكون لها أثر مختلف ، كما جاء في صحيح مسلم:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ
{ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي }
الْآيَةَ وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام
{ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ فَقَالَ اللَّهُ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ.

ومثله أيضا:
ما رواه أبو دواد في سننه :
عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَى مِنْ الْبُكَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

اللهم اكتب لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك.
 
جزاكم الله خيرا

نفعتني كثيراً هذه المقتطفات المجوهرة والرائعة من الشيخ أبو مجاهد وخاصة في حلقات التحفيظ للمرحلة الثانوية والموظفين ورأيت لها قبول في نفوسهم
أسأل الله أن ينفع بكم الإسلام والمسلمين
 
[align=justify]قال ابن حجر في الإصابة في معرفة الصحابة: ( عن نافع: كان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " يبكي حتى يغلبه البكاء.)..[/align]

وما كان يحدث لابن عمر - رضى الله عنهما - مع هذه الآية الكريمة هو ما حدث معى كذلك ، حيث كانت تنتابنى على اثر تلاوتها نوبة من البكاء فأسجد من فورى وأنا على هذه الحال واستمر هذا طويلا ، فهى من الآيات المؤثرة حقا

جزاكم الله خيرا على الموضوع وبارك فيكم
 
إن السلف كان لهم فهم عميق لكتاب الله تعالى ، وربما قرأ البعض قصص تأثرهم وتعجب من تأثرهم بآية معينة ، ولو دقق النظر لغير رأيه ، ليت الاخوة يكملون ، جزا الله صاحب الموضوع كل خير.
 
كان عمر وقافا عند كتاب الله

كان عمر وقافا عند كتاب الله

عن ابن عباس قال:
[ قدم عيينة ابن حصن فنزل على ابن اخيه الحر بن قيس وكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا فقال عيينة لابن أخيه :يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه قال : سأستأذن لك عليه قال ابن عباس :فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر رضي الله عنه فلما دخل عليه قال:هي يا ابن الخطاب فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم أن يوقع به فقال له الحر :يا أمير المؤمنين قال الله لنبيه(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)وإن هذا لمن الجاهلين والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافا عند كتاب الله].قال ابن كثير : انفرد بإخراجه البخاري
 
عن ابن ربيعة قال :​
نادى رجل من الخوارج عليا وهو في صلاة الفجر(ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)
فأجابه علي وهو في الصلاة (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون)​
 
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم!!!!!

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم!!!!!

[قال أبو بكر سألت رسول الله: ماشيبك ؟قال : شيبتني هود والواقعة وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت]أورده ابن كثير في تفسير سورة هود
 
من تاريخ ابن عساكر

من تاريخ ابن عساكر

في ترجمة عمرو ابن جامع:أن شابا كان يتعبد في المسجد فهويته امرأة فدعته إلى نفسها وما زالت به حتى كاد يدخل معها المنزل فذكر هذه الآية( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) فخر مغشيا عليه ثم أفاق فأعادها فمات فجاء عمر فعزى فيه أباه وكان قد دفن ليلا فذهب فصلى على قبره بمن معه ثم ناداه عمر فقال : يا فتى ( ولمن خاف مقام ربه جنتان) وأجابه الفتى من داخل القبر يا عمر قد أعطانيهما ربي في الجنة.مرتين أورده ابن كثير في تفسير قوله تعالى ( إن الذين اتقوا.....)
 
قال الإمام أحمد:

قال الإمام أحمد:

عن قيس ابن حازم قال :​
كان عبد الله ابن رواحة واضعا رأسه في حجر امرأته فبكى فبكت امرأته فقال : مايبكيك ؟ فقالت رأيتك تبكي فبكيت قال :إني ذكرت قول الله ( وإن منكم إلا واردها ) فلا أدري أنجو منها أم لا؟
 
عودة
أعلى