يقول المؤلف في مقدمة كتابه " زين الفتى في شرح سورة هل أتى " ، الذي هذبه وعلق عليه الشيخ/ محمد باقر المحمودي ، وسمى التهذيب : " العسل المصفى من تهذيب زين الفَتى في شرح سورة هل أتى " ، ونشره مجمع إحياء البحوث الإسلامية في مدينة قم الإيرانية ، وصدرت الطبعة الأولى سنة 1418 هـ :
(( ... وسماته أصدق السمات ، وأصله أزكى الأصول ، وعقله أصفى العقول، ونعته أزهر النعوت ، وبيته أطهر البيوت ، وأولاده أكرم الأولاد ، وأحفاده أعظم الأحفاد ، وأوتاده أفخم الأوتاد ، وأزواجه خير الأزواج ، ومنهاجه أصوب المنهاج ، وهو صاحب البراق والمعراج ، وكتابه أحسن الكتب ، وخطابه أزين الخطب ، ورتبته أرفع الرتب.
زيّن اللَّه بهم العالَم ، وأنطق بفضلهم اللبيب والعالِم ، ونبّه بهم الوسنان والحالم.
فصلوات اللَّه عليه ما دام الخالدان ، وكرّ الجديدان ، وعلى آله الطاهرين ، وأصحابه الزاهرين ، وأزواجه أمّهات المؤمنين ، وسلامه عليهم أجمعين ، وعلى الأنبياء والمرسلين.
قال الشيخ الإمام زين السنّة والإسلام وحيد عصره وفريد دهره أبو محمّد أحمد بن محمّد بن على العاصمي - قدّس اللَّه روحه و نوّر ضريحه - :
أمّا بعد ، فقد سألني بعض من أوجبت في اللَّه سبحانه حقّه وذمامه ، وألزمت نفسي إتحافه وإكرامه ، لمّا اتّفق في الاختلاف إلينا أيّامه ، أن أذكر له نكتاً من شرح سورة (الإنسان) ، وأجعل ذلك إليه من غرر الصنائع والإحسان ، بعد ما رآني لحظت بعض فوائد سورة (الرحمن) ، واستخرجت أصولاً في علوم القران ، ثمّ راجعني فيه مرّة بعد أخرى ؛ ليكون ذلك له عظة وذكرى ، فرأيت الاشتغال بإسعافه أولى وأحرى ؛ مراعاةً لحقوقه وحقوق أسلافه ، ومبادرةً إلى إنعامه وإتحافه ، ومحاماةً على أوليائه وأخلافه ، فابتدأت بعد الاستخارة ، معتصماً باللَّه سبحانه ، فإنّه نعم المولى ونعم النصير ، وراغباً إليه فيما وعد من الأجر، فإنّ ذلك عليه سهل يسير، وهو على ما يشاء قدير.
ولقد كان من أوكد ما دعاني إليه ، وأشدّ ما حداني عليه - بعد الّذي قدّمت ذكره وثبتّ أمره - ظنُّ بعض الجهلة الأغتام ، والغفلة الّذين هم في بلادة الأغنام ، بنا معاشر آل الكرّام ، وجماعة أهل السنّة والجماعة الأحكام ، أنّا نستجيز الوقيعة في المرتضى - رضوان اللَّه عليه ، وحباه خير ما لديه - ، و في أولاده ، ثمّ في شعبه وأحفاده.
و كيف أستجيز ذلك ؟ وهو الّذي قال [ فيه ] النبي - صلى اللَّه عليه - : (( من كنت مولاه فعليّ مولاه )). وهذا حديث تلقّته الأمّة بالقبول وهو موافق للأصول.
1 ـ أخبرنا الشيخ الزاهد جدّي أبوعبد اللَّه أحمد بن المهاجر بن الوليد - رضي اللَّه عنه وأرضاه – قال : أخبرنا الشيخ الزاهد أبو علي الهروي الأديب ، عن عبد اللَّه بن عروة قال : حدّثنا يوسف بن موسى القطان ، عن مالك بن إسماعيل قال : حدّثنا جعفر بن زياد الأحمر ، عن يزيد بن أبي زياد ، وعن مسلم بن سالم قالا : أخبرنا عبد الرحمان بن أبي ليلى قال : سمعت عليّاً - كرّم اللَّه وجهه - ينشد النّاس [و] يقول : أنشد كلّ امرئ مسلم سمع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه [ و آله وسلم] يوم غدير خمّ يقول : (( [ ما قال ] إلّا قام [ فشهد به ] )).
فقام اثنا عشر بدرياً فقالوا : أخذ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه [ و اله وسلّم ] بيد عليّ فرفعها ، ثم قال : (( أيّها النّاس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ )) قالوا : بلى يا رسول اللَّه. قال : (( الّلهم من كنت مولاه فهذا مولاه ، الّلهم وال من والاه وعاد من عاداه )).
..........................................................................................................
وأنشدني شيخي الإمام أبورجاء رحمه اللَّه :
عليّ رضيّ له دولة *** يقص على دينه مفتر
فمن مبغض أو محبّ له *** ومن ذي وذاك عليّ بري
وأنشدني أيضاً رحمه اللَّه :
ليس الترفض من شأني ولا وطري *** ولا التنصّب من همّي ولا فكري
ولست منطوياً واللَّه يعلمه *** على انتقاص أبي بكر ولا عمر
لكنّ آل رسول اللَّه حبّهم *** يحلّ منّي محلّ السمع والبصر
فارعني أيّها السائل الحاذق سمعك ، ولا تسلّط عليك طبعك ، فإنّ العقل ميزان اللَّه في الأرض يتبيّن النقص والرجحان ، وعنه يستخرج الفوز والخسران ، فطوبى لمن كان عقله أميراً وهواه أسيراً ، وإيّاك ثمّ إيّاك أن تتّبع الهوى ] فيضلّك عن سبيل اللَّه إنّ الّذين يضلّون عن سبيل اللَّه لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب [.
وتأمّل هذا الكتاب الّذي أسّسنا ، وما فيه من الفصول والأبواب على ما رتّبناه ؛ فإنّك تقف به على فوائد كثيرة ومعانٍ غفيرة.
و سمّيته : " زين الفتى في شرح سورة ] هل أتى [ ''.
ومدار هذا الكتاب على عشرة فصول :
الفصل الأوّل : في ذكر نزول وعدد آيات السورة وحروفها وكلماتها وثواب قارئها.
الفصل الثاني : في ذكر إعراب هذه السورة ومواضع الوقوف منها.
الفصل الثالث : في ذكر بعض فوائد هذه السورة على وجه الإيجاز والاختصار.
الفصل الرابع : في ذكر نظم هذه السورة وتلفيق آياتها وخصائصها.
الفصل الخامس : في ذكر مشابه المرتضى - رضوان اللَّه تعالى عليه -.
الفصل السادس : في ذكر أسامي المرتضى - كرّم اللَّه وجهه - ، وتلخيصها.
الفصل السابع : في ذكر خصائص المرتضى - نور اللَّه حفرته - ، وتفصيلها.
الفصل الثامن : في ذكر خصائص السبطين وفضائلهما.
الفصل التاسع : في فضائل أهل البيت والعترة ، وبيان الشيعة ، وذكر شعار أهل السنّة المرويّة عن أهل البيت ، وبسط القول فيها.
الفصل العاشر: في فضائل الصحابة ، وفي مذمّة من يطعن فيهم.
فهذه عشرة فصول لكلّ فصل منها قواعد من نكت وأصول ألّفت فيها ، اختصرناها ليكون الكتاب نافعاً جامعاً ، وعن ظنون السوء بنا دافعاً قامعاً ، وباللَّه التوفيق والتأييد ومنه العصمة والتسديد ، وهو الملك المجيد المبدئ المعيد )).
وقد سقط من النسخة الوحيدة المعتمدة في التحقيق بعض المقدمة ، وتتمة الفصل السادس ، ومعها الفصول الأربعة الأخيرة.
ويقول العاصمي في أول ( الفصل الرابع : نظم السورة وتلفيق آياتها وخصائصها ) :
(( وأمّا الّذي وعدناه من ذكر نظم هذه السورة بعد ذكر فوائدها فهو أحقّ ما نفتتح به بعد الفراغ من ذكر الفوائد ، وإن كنّا قد أوردنا لنظم آيات القران كتاباً عنونّاه بكتاب " المباني لنظم المعاني " ، وبيّنّا [ هناك ] مقدّمات الكلام في هذا الفنّ التي لايسع لمن يتكلّم في القرآن الإغفال عنها ؛ إذ لابد له منها ، ولا يمكننا ذكرها جميعاً في هذا الكتاب ؛ لأنّا أسّسناه في غير ذلك الباب ، إلّا أنّا ذكرنا [ هاهنا ] طرفاً من ذكر النظم ، ومن أراد الزيادة عليه فقد هديته إليه ، وقد قيل : أنجز حرٌّ ما وعد.
وأقول : لمّا قال اللَّه سبحانه في آخر سورة القيامة [المتقدّمة على سورة ] هل أتى [] ، بعد ذكر دلائل البعث والنشور : ] أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى [ بلفظ الاستفهام على معنى الإثبات ، وإن كان مقارناً بالجحد ، و تأويله : أنّ الّذي فعل ذلك من تحويل ... )).