خلدون ربابعة
New member
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فقد انشغلت زمانا في قراءه كتب التفسير، فوجدت فيها الخير والفضل والعطاء، ومن بين أهم التفاسير التي اشتملت على تفسير وبيان معاني كتاب الله عز وجل من ناحية النحو واللغة والبلاغة والفصاحة والبيان تفسير (التحرير والتنوير) للعالم الجليل ابن عاشور رحمه الله.
ومع أن المؤلف رحمه الله معاصر إلا أنه كتب هذا الكتاب وعالج فيه مشكلة من أهم مشكلات واقعنا وهي نسيان اللغة العربية، وفقدان قيمتها في المجتمع، فتجد في زماننا فجوة ظاهرة بيننا وبين اللغة العربية، وابن عاشور حاول جاهدا رد الناس إلى لغتهم الأصيلة لغة كتاب الله تبارك وتعالى.
وقد عنيت بهذا الكتاب قراءة ودراسة ولله الحمد، وكثيرا ما كنت ارجع إلى هذا التفسير العظيم لفهم وبيان معاني كتاب الله المنزل، وقد رأيت الكثير من طلاب العلم قد هجروا هذا السفر العظيم لأن لغته صعبه المنال فرغبت في تقديم منهاج قويم للتعامل مع تفسير التحرير والتنوير؛ يتضمن هذا المنهج قراءة كلام ابن عاشور وترتيبه من أجل تقريب المعنى للأفهام، فاخترت سورة محمد صلى الله عليه وسلم بالترتيب والتبيان والتقريب، ولم أغير في المعنى ولا في اللفظ إلا يسيرا، ولكن ما قمت به هو وضع عناوين للفقرات في أولها تبين مرادات الكاتب ومقاصده.
ثم إذا ذكر ابن عاشور مصطلحا من مصطلحات البلاغة والبيان بينت مفهومه هذا المصطلح بأسلوب موجز ومبسط، حتى يستذكر طلابنا الأفاضل معنى هذا المصطلح، وهذا الأسلوب في دراسة كتب التفسير هو الأسلوب التعليمي الذي يجب أن يتبعه طلاب العلم ورواد كتب التفسير.
فهذا الكتاب يعطينا طريقة منهجية عملية لقراءة كتب التفسير وفك عباراتها، وكنت قد كتبت هذا الكتاب في فترة دراسة الماجستير في تخصص التفسير وعلوم القرآن في جامعة العلوم الإسلامية العالمية في عمان، وذلك حين سألني بعض الطلاب كيف نقرأ في كتاب التحرير والتنوير لابن عاشور، وكيف نحفظ كل هذه المعلومات الموجودة في هذا التفسير، فأجبت عن سؤالاتهم بهذا الكتاب، فأفادوا منه كثيرا ولله الحمد، ثم أعدت ترتيب بعض الأمور، وقمت بتجهيز الكتاب ليكون مادة للتدريس في المساجد لموضوع التفسير التحليلي، فأفدت منه وأفاد الطلاب كثيرا بحمد الله وفضله.
وفي الطبعات القادمة سأضيف بإذن الله تعالى مجموعة التمرينات والنشاطات التي كتبت بعضها ولما أكملها بعد، ليكون بعد كل آية قرآنية تمرينات ونشاطات، تعميما للفائدة وزيادة في تسهيل مهمة التدريس.
أسماء السورة:
سُورَةَ مُحَمَّدٍ، وهو الْأَشْهُرُ، ذُكِرَ فِيهَا اسْم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهَا فَعُرِفَتْ بِهِ قَبْلَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [144] الَّتِي فِيهَا وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ.
سُورَةَ الْقِتَالِ؛ لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ فِيهَا مَشْرُوعِيَّةُ الْقِتَالِ، {وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ }.
سُورَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا، لافتتاحها بقوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا}
مَدَنِيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ.
وَعَنِ النَّسَفِيِّ: أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الثَّعْلَبِيِّ وَعَنِ الضَّحَّاكِ وَابْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ.
سبب هذا القول: وهم ناشئ عَمَّا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱ} [مُحَمَّد: 13] نَزَلَتْ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَى حِرَاءٍ، أَيْ فِي الْهِجْرَةِ.
مكان النزول: قِيلَ نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ.
ترتيب النزول: السَّادِسَةَ وَالتِسْعِينَ فِي عِدَادِ نُزُولِ سُوَرِ الْقُرْآنِ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْحَدِيدِ وَقَبْلَ سُورَةِ الرَّعْدِ.
عدد الآيات: الجمهور: 39، البصريون: 40، الكوفيون 38.
أغْرَاضُهَا وما اشتملت عليه:
التَّحْرِيضُ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِين.
وَتَرْغِيبُ الْمُسْلِمِينَ فِي ثَوَابِ الْجِهَادِ.
افْتُتِحَتْ بِمَا يُثِيرُ حَنَقَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَصَدُّوا عَنْ دِينِهِ.
وَأَعْلَمَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُ لَا يُسَدِّدُ الْمُشْرِكِينَ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَأَنَّهُ مُصْلِحُ الْمُؤْمِنِينَ فَكَانَ ذَلِكَ كَفَالَةً لِلْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ.
الْأَمْرِ بِقِتَالِ الكافرين.
وَعْدُ الْمُجَاهِدِينَ بِالْجَنَّةِ.
أَمْرُ الْمُسْلِمِينَ بِمُجَاهِدَةِ الْكُفَّارِ
إِنْذَارُ الْمُشْرِكِينَ بِأَنْ يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ الْأُمَمَ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ.
وَصْفُ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا، وَوَصْفُ جَهَنَّمَ وَعَذَابِهَا.
وَصْفُ الْمُنَافِقِينَ وَحَالِ انْدِهَاشِهِمْ إِذَا نَزَلَتْ سُورَةٌ فِيهَا الْحَضُّ عَلَى الْقِتَالِ،
قِلَّةِ تَدَبُّرِ الْقُرْآنَ
تَهْدِيدُ الْمُنَافِقِينَ بِأَن الله ينبىء رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِيمَاهُمْ
وَخُتِمَتْ بِالْإِشَارَةِ إِلَى وَعْدِ الْمُسْلِمِينَ بِنَوَالِ السُّلْطَانِ وَحَذَّرَهُمْ إِنْ صَارَ إِلَيْهِمُ الْأَمْرُ مِنَ الْفساد والقطيعة.
الدرس الثاني: الآية الأولى:
علة افتتاح السورة بــ {ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ}:
تَوْطِئَةٍ لِبَيَانِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ لِكُفْرِهِمْ وَصَدِّهِمُ النَّاسَ عَنْ دِينِ اللَّهِ
تَحْقِيرِ أَمْرِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ مُثِيرًا فِي نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ حَنَقًا عَلَيْهِمْ وَكَرَاهِيَةً فَتَثُورُ فِيهِمْ هِمَّةُ الْإِقْدَامِ عَلَى قِتَالِ الْكَافِرِينَ.
عَدَمُ الِاكْتِرَاثِ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنْ قُوَّةٍ، حِينَ يَعْلَمُونَ اللَّهَ يَخْذُلُ الْمُشْرِكِينَ وَيَنْصُرُ الْمُؤْمِنِينَ.
تَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ: {فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [مُحَمَّد: 4].
سبب الِابْتِدَاءِ بِالْمَوْصُولِ وَالصِّلَةِ {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا}:
تَشْوِيقٌ لِمَا يَرِدُ بَعْدَهُ مِنَ الْحُكْمِ الْمُنَاسِبِ لِلصِّلَةِ.
إِيمَاءٌ بِالْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ إِلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْخَبَرِ أَيْ لِأَجْلِ كُفْرِهِمْ وَصَدِّهِمْ... أضل أعمالهم.
بَرَاعَةُ اسْتِهْلَالٍ لِلْغَرَضِ الْمَقْصُودِ من السورة.
الْكُفْرُ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ كَمَا هُوَ مُصْطَلَحُ الْقُرْآنِ حَيْثُمَا أُطْلِقَ الْكُفْرَ مُجَرَّدًا عَنْ قَرِينَةِ إِرَادَةِ غَيْرِ الْمُشْرِكِينَ.
أوصاف الكافرين في الآية: الْكُفْرُ، وَالصَّدُّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَضَلَالُ الْأَعْمَالِ النَّاشِئُ عَنْ إِضْلَالِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ.
أشكال الصدّ عَن سَبِيل الله:
صَرْفُ النَّاسِ عَنْ مُتَابَعَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ.
صَرْفُهُمْ أَنْفُسَهُمْ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
إخراجهم الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْ مَكَّةَ.
صَدُّهُمْ عَنِ الْعُمْرَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ.
إِطْعَامُ الكافرين النَّاسَ يَوْمَ بَدْرٍ لِيَثْبُتُوا مَعَهُمْ وَيَكْثُرُوا حَوْلَهُمْ، وقِيلَ: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْمُطْعِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ.
صَدُّهُمُ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ تَعَالَى: {وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ٱ} [الْحَج: 25].
صَدُّهُمُ النَّاسَ عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ؛ {وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَٱلۡغَوۡاْ فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ ٢٦ }[فصلت: 26].
أُضِيفَ {السَّبِيلُ} إِلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ الدِّينُ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ {إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ } [آل عمرَان: 19].
اسْتُعِيرَ اسْمُ السَّبِيلِ لِلدِّينِ؛ لِأَنَّ الدِّينَ يُوصل إِلَى رضى اللَّهِ كَمَا يُوَصِّلُ السَّبِيلُ السَّائِرَ فِيهِ إِلَى بُغْيَتِهِ.
الْإِضْلَالُ: الْإِبْطَالُ وَالْإِضَاعَةُ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى الضَّلَالِ. وَأَصْلُهُ الْخَطَأُ لِلطَّرِيقِ الْمَسْلُوكِ لِلْوُصُولِ إِلَى مَكَانٍ يُرَادُ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْمَعَانِيَ الْأُخَرَ.
لفظ الإضلال: هَذَا اللَّفْظُ رَشِيقُ الْموقع هُنَا:
لِأَنَّ اللَّهَ أَبْطَلَ أَعْمَالَهُمُ الَّتِي تَبْدُو حَسَنَةً، فَلَمْ يُثِبْهُمْ عَلَيْهَا مِنْ صِلَةِ رَحِمٍ، وَإِطْعَامِ جَائِعٍ، وَنَحْوِهِمَا.
وَلِأَنَّ مِنْ إِضْلَالِ أَعْمَالِهِمْ أَنْ كَانَ غَالِبُ أَعْمَالِهِمْ عَبَثًا وَسَيِّئًا
ولِأَنَّ مِنْ إِضْلَالِ أَعْمَالِهِمْ أَنَّ اللَّهَ خَيَّبَ سَعْيَهُمْ فَلَمْ يَحْصُلُوا مِنْهُ عَلَى طَائِلٍ فَانْهَزَمُوا يَوْمَ بَدْرٍ وَذَهَبَ إِطْعَامُهُمُ الْجَيْشَ بَاطِلًا.
رابط تحميل الكتاب على مكتبة نور:
noor-book.com/su8rhi
أما بعد:
فقد انشغلت زمانا في قراءه كتب التفسير، فوجدت فيها الخير والفضل والعطاء، ومن بين أهم التفاسير التي اشتملت على تفسير وبيان معاني كتاب الله عز وجل من ناحية النحو واللغة والبلاغة والفصاحة والبيان تفسير (التحرير والتنوير) للعالم الجليل ابن عاشور رحمه الله.
ومع أن المؤلف رحمه الله معاصر إلا أنه كتب هذا الكتاب وعالج فيه مشكلة من أهم مشكلات واقعنا وهي نسيان اللغة العربية، وفقدان قيمتها في المجتمع، فتجد في زماننا فجوة ظاهرة بيننا وبين اللغة العربية، وابن عاشور حاول جاهدا رد الناس إلى لغتهم الأصيلة لغة كتاب الله تبارك وتعالى.
وقد عنيت بهذا الكتاب قراءة ودراسة ولله الحمد، وكثيرا ما كنت ارجع إلى هذا التفسير العظيم لفهم وبيان معاني كتاب الله المنزل، وقد رأيت الكثير من طلاب العلم قد هجروا هذا السفر العظيم لأن لغته صعبه المنال فرغبت في تقديم منهاج قويم للتعامل مع تفسير التحرير والتنوير؛ يتضمن هذا المنهج قراءة كلام ابن عاشور وترتيبه من أجل تقريب المعنى للأفهام، فاخترت سورة محمد صلى الله عليه وسلم بالترتيب والتبيان والتقريب، ولم أغير في المعنى ولا في اللفظ إلا يسيرا، ولكن ما قمت به هو وضع عناوين للفقرات في أولها تبين مرادات الكاتب ومقاصده.
ثم إذا ذكر ابن عاشور مصطلحا من مصطلحات البلاغة والبيان بينت مفهومه هذا المصطلح بأسلوب موجز ومبسط، حتى يستذكر طلابنا الأفاضل معنى هذا المصطلح، وهذا الأسلوب في دراسة كتب التفسير هو الأسلوب التعليمي الذي يجب أن يتبعه طلاب العلم ورواد كتب التفسير.
فهذا الكتاب يعطينا طريقة منهجية عملية لقراءة كتب التفسير وفك عباراتها، وكنت قد كتبت هذا الكتاب في فترة دراسة الماجستير في تخصص التفسير وعلوم القرآن في جامعة العلوم الإسلامية العالمية في عمان، وذلك حين سألني بعض الطلاب كيف نقرأ في كتاب التحرير والتنوير لابن عاشور، وكيف نحفظ كل هذه المعلومات الموجودة في هذا التفسير، فأجبت عن سؤالاتهم بهذا الكتاب، فأفادوا منه كثيرا ولله الحمد، ثم أعدت ترتيب بعض الأمور، وقمت بتجهيز الكتاب ليكون مادة للتدريس في المساجد لموضوع التفسير التحليلي، فأفدت منه وأفاد الطلاب كثيرا بحمد الله وفضله.
وفي الطبعات القادمة سأضيف بإذن الله تعالى مجموعة التمرينات والنشاطات التي كتبت بعضها ولما أكملها بعد، ليكون بعد كل آية قرآنية تمرينات ونشاطات، تعميما للفائدة وزيادة في تسهيل مهمة التدريس.
وأسأل الله التوفيق والسداد والعون.
أفضل الطرق لتدريس التفسير التحليلي
أفضل الطرق لتدريس التفسير التحليلي
- قبل الدرس يجب أن يقوم الأستاذ بالاستعداد الجيد للتمكن من تدريس المادة.
- قبل الدرس يجب أن يقوم الطالب بقراءة المادة جيدا.
- نبدأ الدرس بتقديم تصور أولي عن طبيعة الدرس وأهدافه.
- بعد ذلك نبدأ بقراءة نص تفسير الآيات، ويبدأ الطلاب قراءة جزء من التفسير بالدور ، مع ملاحظة أن جميع الكلمات مشكولة، ليسهل القراءة ويتعلم الطالب ضبط الكلمات، ويوجه للطالب أسئلة نحوية أثناء قراءته للاختبار.
- قمت بوضع عناوين فرعية أول الفقرة، لبيان مقصود الكلام الذي يليها. مثل:
- عند كل فقرة يتوقف المعلم ليشرح المعنى للطلاب، ويركز المعلم على أسلوب العرض والتحليل والنقد.
- أثناء الشرح كان ابن عاشور رحمه الله يذكر فوائد ولطائف نحوية ولغوية وبيانية، قمت بوضع شرح موجز في الحاشية لبعض المصطلحات البلاغية، يتوقف عندها المعلم ويلخصها للطلاب.
- يكلف الطلاب بالتحضير لبيان بعض المصطلحات النحوية أوالبيانية...، فيشرح الطالب ويستمع الجميع ويصوب المعلم ويوجه.
- عندما تتكرر أحد المصطلحات يسأل المعلم مختبرا عن المعنى والإيضاح.
- يكلف الطلاب بالإجابة عن سؤال: ماذا قال المفسرون غير ابن عاشور في تفسير الآية ( )؟ والهدف توسيع دائرة معارف الطلاب.
أسماء السورة:
سُورَةَ مُحَمَّدٍ، وهو الْأَشْهُرُ، ذُكِرَ فِيهَا اسْم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهَا فَعُرِفَتْ بِهِ قَبْلَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [144] الَّتِي فِيهَا وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ.
سُورَةَ الْقِتَالِ؛ لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ فِيهَا مَشْرُوعِيَّةُ الْقِتَالِ، {وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ }.
سُورَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا، لافتتاحها بقوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا}
مَدَنِيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ.
وَعَنِ النَّسَفِيِّ: أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الثَّعْلَبِيِّ وَعَنِ الضَّحَّاكِ وَابْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ.
سبب هذا القول: وهم ناشئ عَمَّا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱ} [مُحَمَّد: 13] نَزَلَتْ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَى حِرَاءٍ، أَيْ فِي الْهِجْرَةِ.
مكان النزول: قِيلَ نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ.
ترتيب النزول: السَّادِسَةَ وَالتِسْعِينَ فِي عِدَادِ نُزُولِ سُوَرِ الْقُرْآنِ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْحَدِيدِ وَقَبْلَ سُورَةِ الرَّعْدِ.
عدد الآيات: الجمهور: 39، البصريون: 40، الكوفيون 38.
أغْرَاضُهَا وما اشتملت عليه:
التَّحْرِيضُ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِين.
وَتَرْغِيبُ الْمُسْلِمِينَ فِي ثَوَابِ الْجِهَادِ.
افْتُتِحَتْ بِمَا يُثِيرُ حَنَقَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَصَدُّوا عَنْ دِينِهِ.
وَأَعْلَمَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُ لَا يُسَدِّدُ الْمُشْرِكِينَ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَأَنَّهُ مُصْلِحُ الْمُؤْمِنِينَ فَكَانَ ذَلِكَ كَفَالَةً لِلْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ.
الْأَمْرِ بِقِتَالِ الكافرين.
وَعْدُ الْمُجَاهِدِينَ بِالْجَنَّةِ.
أَمْرُ الْمُسْلِمِينَ بِمُجَاهِدَةِ الْكُفَّارِ
إِنْذَارُ الْمُشْرِكِينَ بِأَنْ يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ الْأُمَمَ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ.
وَصْفُ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا، وَوَصْفُ جَهَنَّمَ وَعَذَابِهَا.
وَصْفُ الْمُنَافِقِينَ وَحَالِ انْدِهَاشِهِمْ إِذَا نَزَلَتْ سُورَةٌ فِيهَا الْحَضُّ عَلَى الْقِتَالِ،
قِلَّةِ تَدَبُّرِ الْقُرْآنَ
تَهْدِيدُ الْمُنَافِقِينَ بِأَن الله ينبىء رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِيمَاهُمْ
وَخُتِمَتْ بِالْإِشَارَةِ إِلَى وَعْدِ الْمُسْلِمِينَ بِنَوَالِ السُّلْطَانِ وَحَذَّرَهُمْ إِنْ صَارَ إِلَيْهِمُ الْأَمْرُ مِنَ الْفساد والقطيعة.
الدرس الثاني: الآية الأولى:
قال تعالى: ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ ١ [سورة محمد: 1]
علة افتتاح السورة بــ {ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ}:
تَوْطِئَةٍ لِبَيَانِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ لِكُفْرِهِمْ وَصَدِّهِمُ النَّاسَ عَنْ دِينِ اللَّهِ
تَحْقِيرِ أَمْرِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ مُثِيرًا فِي نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ حَنَقًا عَلَيْهِمْ وَكَرَاهِيَةً فَتَثُورُ فِيهِمْ هِمَّةُ الْإِقْدَامِ عَلَى قِتَالِ الْكَافِرِينَ.
عَدَمُ الِاكْتِرَاثِ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنْ قُوَّةٍ، حِينَ يَعْلَمُونَ اللَّهَ يَخْذُلُ الْمُشْرِكِينَ وَيَنْصُرُ الْمُؤْمِنِينَ.
تَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ: {فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [مُحَمَّد: 4].
سبب الِابْتِدَاءِ بِالْمَوْصُولِ وَالصِّلَةِ {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا}:
تَشْوِيقٌ لِمَا يَرِدُ بَعْدَهُ مِنَ الْحُكْمِ الْمُنَاسِبِ لِلصِّلَةِ.
إِيمَاءٌ بِالْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ إِلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْخَبَرِ أَيْ لِأَجْلِ كُفْرِهِمْ وَصَدِّهِمْ... أضل أعمالهم.
بَرَاعَةُ اسْتِهْلَالٍ لِلْغَرَضِ الْمَقْصُودِ من السورة.
الْكُفْرُ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ كَمَا هُوَ مُصْطَلَحُ الْقُرْآنِ حَيْثُمَا أُطْلِقَ الْكُفْرَ مُجَرَّدًا عَنْ قَرِينَةِ إِرَادَةِ غَيْرِ الْمُشْرِكِينَ.
أوصاف الكافرين في الآية: الْكُفْرُ، وَالصَّدُّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَضَلَالُ الْأَعْمَالِ النَّاشِئُ عَنْ إِضْلَالِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ.
أشكال الصدّ عَن سَبِيل الله:
صَرْفُ النَّاسِ عَنْ مُتَابَعَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ.
صَرْفُهُمْ أَنْفُسَهُمْ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
إخراجهم الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْ مَكَّةَ.
صَدُّهُمْ عَنِ الْعُمْرَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ.
إِطْعَامُ الكافرين النَّاسَ يَوْمَ بَدْرٍ لِيَثْبُتُوا مَعَهُمْ وَيَكْثُرُوا حَوْلَهُمْ، وقِيلَ: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْمُطْعِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ.
صَدُّهُمُ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ تَعَالَى: {وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ٱ} [الْحَج: 25].
صَدُّهُمُ النَّاسَ عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ؛ {وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَٱلۡغَوۡاْ فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ ٢٦ }[فصلت: 26].
أُضِيفَ {السَّبِيلُ} إِلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ الدِّينُ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ {إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ } [آل عمرَان: 19].
اسْتُعِيرَ اسْمُ السَّبِيلِ لِلدِّينِ؛ لِأَنَّ الدِّينَ يُوصل إِلَى رضى اللَّهِ كَمَا يُوَصِّلُ السَّبِيلُ السَّائِرَ فِيهِ إِلَى بُغْيَتِهِ.
الْإِضْلَالُ: الْإِبْطَالُ وَالْإِضَاعَةُ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى الضَّلَالِ. وَأَصْلُهُ الْخَطَأُ لِلطَّرِيقِ الْمَسْلُوكِ لِلْوُصُولِ إِلَى مَكَانٍ يُرَادُ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْمَعَانِيَ الْأُخَرَ.
لفظ الإضلال: هَذَا اللَّفْظُ رَشِيقُ الْموقع هُنَا:
لِأَنَّ اللَّهَ أَبْطَلَ أَعْمَالَهُمُ الَّتِي تَبْدُو حَسَنَةً، فَلَمْ يُثِبْهُمْ عَلَيْهَا مِنْ صِلَةِ رَحِمٍ، وَإِطْعَامِ جَائِعٍ، وَنَحْوِهِمَا.
وَلِأَنَّ مِنْ إِضْلَالِ أَعْمَالِهِمْ أَنْ كَانَ غَالِبُ أَعْمَالِهِمْ عَبَثًا وَسَيِّئًا
ولِأَنَّ مِنْ إِضْلَالِ أَعْمَالِهِمْ أَنَّ اللَّهَ خَيَّبَ سَعْيَهُمْ فَلَمْ يَحْصُلُوا مِنْهُ عَلَى طَائِلٍ فَانْهَزَمُوا يَوْمَ بَدْرٍ وَذَهَبَ إِطْعَامُهُمُ الْجَيْشَ بَاطِلًا.
رابط تحميل الكتاب على مكتبة نور:
noor-book.com/su8rhi