جزى الله أبا عبدالملك خيراً على هذه الفائدة الجليلة .
ومما تجدر الإشارة إليه أن كلية القرآن الكريم في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة قد سبقت إلى هذه الفكرة.
ففي العدد الأول والأخير من مجلة كلية القرآن الكريم الذي صدر عام 1402- 1403هـ حينما كان الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالفتاح القارئ عميداً للكلية
[align=center]
[/align]
[align=center]
[/align]
نشروا نموذجاً لمصحفٍ بهذه الصورة في آخر العدد كانوا ينوون القيام بإخراجه.
وقد كتب الشيخ المقرئ محمود سيبويه البدوي المحاضر حينذاك بقسم القراءات بالكلية بحثاً بعنوان \
[align=center](المصاحف العثمانية - المصحف الكوفي)[/align]
ذكر فيه ما تعتزم الكلية عمله من طباعة المصحف ، فقال تحت عنوان :
عملنا في المصحف :
من أهم المشروعات التي وضعتها الكلية ضمن أهدافها إخراج مصحفين :
- مصحف مطبوع تشرف الكلية على إعداده بالطريقة العلمية المرعية عند علماء القراءات والرسم والضبط والفواصل.
- ومصحف مرتل بالقراءات المتواترة .
وقد بدأت الكلية الخطوات الأولى في المشروعين ... وأما المصحف المطبوع الذي تعتزم الكلية نشره ، فأول خطوة منه هي كتابة سورة الفاتحة وثلاثين آية من أول سورة البقرة في هذا العدد من المجلة ، ومرادنا من نشر هذا القدر هنا أن يطلع عليه أهل الفن فيوافونا بملاحظاتهم واقتراحاتهم ، فيتسنى لنا بذلك الاستفادة منها قبل طبع المصحف . وبعد دراسة مستفيضة من قبل الجهة المتخصصة ، وهي (قسم القراءات) بالكلية ، رأينا أن نلتزم بما يأتي في طبع المصحف :
أولاً : إبراز (جوهر الرسم) : أي النص القرآني كما كتب في جمعة الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ولما كان النص القرآني في مصاحف عثمان قد كتب مجرداً من النقط والشكل
فقد اخترنا أن نكتبه بالمداد الأسود ، على أن يكتب ما سواه من الضبط والشكل ، وعلامات الفواصل ، وأرقام الآيات ، وعلامات الأجزاء والأحزاب والأرباع ، وأسماء السور ، كل ذلك بمداد مخالف ، واخترنا أن يكون بالحمرة اتباعاً لطريقة المتقدمين في كتابة المصاحف ، وقد نص عليه بعض المحققين كالنووي.والغرض من ذلك واضح وهو التفريق بين النص القرآني وغيره ، وإبراز جوهر الرسم العثماني .
ثانياً : اعتمدنا في كتابة النص القرآني على مصحف الكوفة ، حيث إننا ضبطناه على قراءة حفص عن عاصم (الكوفيين) ، وهي القراءة المتداولة اليوم في معظم الأقطار الإسلامية .
ثالثاً : حرصنا على تجريد المصحف - قدر الإمكان - ولم نثبت فيه شيئاً سوى القرآن ، إلا ما اضطررنا إلى إثباته لشدة الحاجة إليه كالضبط والشكل ، ورموز الفواصل ، وترقيم الآيات ، وأسماء السور ، واكتفينا في الرمز للأجزاء والأحزاب والأرباع بوضع نجمة على علامة الفواصل (وهي الدائرة) وخصصنا كلاً من الجزء والحزب بعلامة في الهامش إلا أننا نضع رقم الجزء في هذه العلامة ، ونترك علامة الحزب بدون ترقيم ، وجردنا باقي الهوامش فلم نثبت فيها شيئاً .
وبناء على ذلك نكون قد حذفنا ما درج عليه كثير من المطابع من إثبات اسم السورة والجزء في أعلى الصفحة ، وبيان نوع السورة - مكية أم مدنية - وذكر عدد آياتها ، كل ذلك لم نره ضرورياً مع ما فيه من محذور هو : إثبات غير القرآن بين الدفتين دون أن يكون هناك حاجة ماسة .
ومما حذفناه رموز الوقف ، فإن هذه الرموز فائدتها إعانة القارئ على التدبر وعلى معرفة مواضع الوقف ، إلا أنها غير متفق عليها ، لذلك تختلف المصاحف الآن فيها اختلافاً كبيراً ، بل إن علماء الوقف أنفسهم اختلفت الرموز التي وضعوها لأقسام الوقف ، تبعاً لاختلافهم في هذه الأقسام.
وأمر ثانٍ دعانا إلى تجريد المصحف من هذه الرموز هو أنها محل اجتهاد ، وتابعة لفهم واضعها للمعاني ، والأفهام تتفاوت ، وقد يكون للآية أكثر من وجه في المعنى فترجيح وجه على وجه آخر حصر بدون دليل في كثير من الأحيان ، فلم نر أن نثبت بين دفتي المصحف هذه الرموز الاجتهادية المحتملة للخطأ والصواب والتي تكون محل منازعة واختلاف.
وربما لاحظ المتأمل في النموذج المنشور في هذا العدد أننا حرصنا أيضاً على تجريد المصحف من الأشكال والزخارف التي درج الطابعون على الإكثار منها ، والإسراف فيها مع إنها في رأينا تصرف جزءاً كبيراً من انتباه القارئ ، بينما الأحسن أن يركز انتباهه على النص)
[العدد الأول من مجلة كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية 325-328]
ثم أورد نماذج للمصحف .
[align=center]
[/align]
[align=center]
[/align]
ولم تنفذ هذه الفكرة ، وإنما وافق الملك فهد رحمه الله بعد ذلك على إنشاء مجمع الملك لطباعة المصحف الشريف ، ونشر مصحف المدينة النبوية بعد ذلك بسنوات قليلة ، وكان تنفيذ هذه الفكرة على يد الدكتور أشرف محمد فؤاد طلعت وبدعم من سلطان بروناي جزاه الله خيراً ، والأهداف التي قصدها من إخراج هذا المصحف هي نفسها التي سبقت الإشارة إليها في كلام الشيخ محمود سيبويه البدوي . إلا أن الدكتور أشرف طلعت قد أضاف أشياء كان من المقرر استبعادها في مصحف كلية القرآن الكريم . والله أعلم .