عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
- إنضم
- 29/03/2003
- المشاركات
- 19,331
- مستوى التفاعل
- 138
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الرياض
- الموقع الالكتروني
- www.amshehri.com
بسم الله الرحمن الرحيم
تاريخُ طباعة القرآن الكريم والعناية به من الأبحاث الطريفة التي كتبت فيها مؤخراً أبحاث قيمة، منها كتاب الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي (كتابة المصحف الشريف وطباعته: تاريخها وتطورها) الذي نشره مجمع الملك فهد . وقد تناول فيه تاريخ طباعة المصحف بشيء من التفصيل، وقد أشار فيه إلى بداية العناية بطباعة القرآن في العالم الإسلامي وأبرز محطاتها .
ومنذ افتتاح مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف عام 1405هـ وصدور أول نسخة من ثمار ذلك المجمع أقبل الناس على هذا المصحف الذي أطلق عليه (مصحف المدينة النبوية)؛ لما حظي به من العناية العلمية والفنية العالية، ومشاركة كبار علماء القراءات في الإشراف عليه، واستقر أبناء الجيل على الحفظ من خلال هذه الطبعة التي حظيت بعناية كبيرة في كل مراحلها، وأقبل الناس عليه محبةً وثقة في اللجنة التي أشرفت عليه، ومحبة لمكان صدروه حيث نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وما حولها، ولم يظهر في العالم الإسلامي ما يجاري هذه الطبعة في الجودة والإتقان وتوفر الإمكانيات المادية التي تساعد على الانتشار والمنافسة طيلة ما يقارب عشرين عاماً .
وفي الآونة الأخيرة وبعد ازدياد أعداد المسلمين في كل مكان، وثورة التواصل بين الشعوب، وكثرة المقبلين على القرآن وتلاوته وحفظه من مختلف الشعوب والطبقات زادت الحاجة إلى نسخ المصاحف، ولم يستطع مجمع الملك فهد تلبية حاجات جميع المسلمين في أنحاء العالم لأسباب كثيرة ظهرت محاولات جادة من عدد من الجهات الأهلية والدول الإسلامية لإصدار مصاحف في طبعات فاخرة، وحاولت بعض هذه الجهات الحصول على إذن طباعة النسخة التي روجعت في مجمع الملك فهد وكتبها الخطاط عثمان طه، ولكن لم يتيسر ذلك لرأيٍ رآه القائمون على مجمع الملك فهد، مما اضطر بعض الذين قاموا على إصدار تلك المصاحف إلى الذهاب للدار الشامية في سوريا التي تملك حقوق طباعة النسخة الأولى التي كتبها عثمان طه لهم، والتي بدأ مصحف المدينة النبوية بها أول مرة بعد إصلاحات طفيفة من قبل لجنة المصحف، وأخذوا الإذن بطباعتها.
دار مصحف أفريقيا (1)
ومِمَّن فعل ذلك دار مصحف أفريقيا التي بدأت فكرتها عام 1415هـ لتلبية حاجة المسلمين في أفريقيا وأصدرت مصحفاً انتشر الآن في القارة الأفريقية التي تتزايد حاجة أهلها للمصاحف في ظل الهجوم الشديد عليهم من قبل المنظمات التنصيرية وغيرها، وقد أصدرته برواية حفص عن عاصم وثلاث روايات أخرى ، وظهر في حلة فاخرة جميلة جداً بخط عثمان طه للنسخة الأولى للدار الشامية بسوريا .
مصحف دولة الكويت (2)
كما قامت دولة الكويت بإصدار مصحف الكويت اعتماداً على طبعة دار مصحف أفريقيا أيضاً بإشراف الدكتور ياسر المزروعي في طبعة فاخرة جميلة برواية حفص عن عاصم، وبإجراء بعض التعديلات الطفيفة في بعض علامات الضبط .
مصحف قطر (3)
وأما دولة قطر فقد رأت أن تقوم بكتابة مصحف خاص بها، فاتبعت أسلوباً فريداً غير مسبوق حيث أعلنت عن مسابقة لكتابة المصحف الشريف، وتولى مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا) بأستانبول تركيا الإشراف على هذه المسابقة والطباعة بعد ذلك، واختير المصحف الذي خطه الخطاط السوري عبيدة بن صالح البنكي ليكون هو المصحف الذي يحمل اسم (مصحف قطر) وتَمَّ تدشينهُ مؤخراً في العاصمة القطرية الدوحة ليكون هو المصحف المعتمد في قطر ويُصدَّر إلى بقية العالم الإسلامي ليكون في متناول الجميع، وصدر في حُلَّةٍ فاخرةٍ ولونٍ مُميزٍ جداً، والأتراك لهم إبداعٌ وتفوق في الإخراج والتذهيب والزخرفة لا يكاد يجاريهم فيه إلا الإيرانيون، وأتوقع لهذا المصحف أن يَحتلَّ مكانةً طيبةً في العالم الإسلامي.
مصحف الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم (4)
وفي عام 1416هـ تقريباً شرعت دولة الإمارات العربية المتحدة بإصدار مصحف الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم وصدرت الطبعة الأولى عام 1423هـ بإشراف لجنة علمية لهذا الغرض ضمت في عضويتها عدداً من كبار علماء الرسم والضبط والقراءات، وصدر منه حتى الآن طبعتان فاخرتان برواية حفص عن عاصم عام 1423هـ وعام 1429هـ، وقام بكتابة هذا المصحف الخطاط جمال بوستان، وأتوقع لهذا المصحف الانتشار أيضاً لما تملكه دائرة الشؤون الإسلامية بدبي من إمكانيات تتيح لها التوزيع على نطاق واسع في العالم الإسلامي، ولما تميز به المصحف من جودة الخط والإخراج .
ومنذ افتتاح مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف عام 1405هـ وصدور أول نسخة من ثمار ذلك المجمع أقبل الناس على هذا المصحف الذي أطلق عليه (مصحف المدينة النبوية)؛ لما حظي به من العناية العلمية والفنية العالية، ومشاركة كبار علماء القراءات في الإشراف عليه، واستقر أبناء الجيل على الحفظ من خلال هذه الطبعة التي حظيت بعناية كبيرة في كل مراحلها، وأقبل الناس عليه محبةً وثقة في اللجنة التي أشرفت عليه، ومحبة لمكان صدروه حيث نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وما حولها، ولم يظهر في العالم الإسلامي ما يجاري هذه الطبعة في الجودة والإتقان وتوفر الإمكانيات المادية التي تساعد على الانتشار والمنافسة طيلة ما يقارب عشرين عاماً .
وفي الآونة الأخيرة وبعد ازدياد أعداد المسلمين في كل مكان، وثورة التواصل بين الشعوب، وكثرة المقبلين على القرآن وتلاوته وحفظه من مختلف الشعوب والطبقات زادت الحاجة إلى نسخ المصاحف، ولم يستطع مجمع الملك فهد تلبية حاجات جميع المسلمين في أنحاء العالم لأسباب كثيرة ظهرت محاولات جادة من عدد من الجهات الأهلية والدول الإسلامية لإصدار مصاحف في طبعات فاخرة، وحاولت بعض هذه الجهات الحصول على إذن طباعة النسخة التي روجعت في مجمع الملك فهد وكتبها الخطاط عثمان طه، ولكن لم يتيسر ذلك لرأيٍ رآه القائمون على مجمع الملك فهد، مما اضطر بعض الذين قاموا على إصدار تلك المصاحف إلى الذهاب للدار الشامية في سوريا التي تملك حقوق طباعة النسخة الأولى التي كتبها عثمان طه لهم، والتي بدأ مصحف المدينة النبوية بها أول مرة بعد إصلاحات طفيفة من قبل لجنة المصحف، وأخذوا الإذن بطباعتها.
دار مصحف أفريقيا (1)
ومِمَّن فعل ذلك دار مصحف أفريقيا التي بدأت فكرتها عام 1415هـ لتلبية حاجة المسلمين في أفريقيا وأصدرت مصحفاً انتشر الآن في القارة الأفريقية التي تتزايد حاجة أهلها للمصاحف في ظل الهجوم الشديد عليهم من قبل المنظمات التنصيرية وغيرها، وقد أصدرته برواية حفص عن عاصم وثلاث روايات أخرى ، وظهر في حلة فاخرة جميلة جداً بخط عثمان طه للنسخة الأولى للدار الشامية بسوريا .
مصحف دولة الكويت (2)
كما قامت دولة الكويت بإصدار مصحف الكويت اعتماداً على طبعة دار مصحف أفريقيا أيضاً بإشراف الدكتور ياسر المزروعي في طبعة فاخرة جميلة برواية حفص عن عاصم، وبإجراء بعض التعديلات الطفيفة في بعض علامات الضبط .
مصحف قطر (3)
وأما دولة قطر فقد رأت أن تقوم بكتابة مصحف خاص بها، فاتبعت أسلوباً فريداً غير مسبوق حيث أعلنت عن مسابقة لكتابة المصحف الشريف، وتولى مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا) بأستانبول تركيا الإشراف على هذه المسابقة والطباعة بعد ذلك، واختير المصحف الذي خطه الخطاط السوري عبيدة بن صالح البنكي ليكون هو المصحف الذي يحمل اسم (مصحف قطر) وتَمَّ تدشينهُ مؤخراً في العاصمة القطرية الدوحة ليكون هو المصحف المعتمد في قطر ويُصدَّر إلى بقية العالم الإسلامي ليكون في متناول الجميع، وصدر في حُلَّةٍ فاخرةٍ ولونٍ مُميزٍ جداً، والأتراك لهم إبداعٌ وتفوق في الإخراج والتذهيب والزخرفة لا يكاد يجاريهم فيه إلا الإيرانيون، وأتوقع لهذا المصحف أن يَحتلَّ مكانةً طيبةً في العالم الإسلامي.
مصحف الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم (4)
وفي عام 1416هـ تقريباً شرعت دولة الإمارات العربية المتحدة بإصدار مصحف الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم وصدرت الطبعة الأولى عام 1423هـ بإشراف لجنة علمية لهذا الغرض ضمت في عضويتها عدداً من كبار علماء الرسم والضبط والقراءات، وصدر منه حتى الآن طبعتان فاخرتان برواية حفص عن عاصم عام 1423هـ وعام 1429هـ، وقام بكتابة هذا المصحف الخطاط جمال بوستان، وأتوقع لهذا المصحف الانتشار أيضاً لما تملكه دائرة الشؤون الإسلامية بدبي من إمكانيات تتيح لها التوزيع على نطاق واسع في العالم الإسلامي، ولما تميز به المصحف من جودة الخط والإخراج .
المصحف الحسني المسبَّع بالمغرب (5)
وهذا كله في المشرق العربي ، وأما في المغرب العربي فقد قامت وزارة الأوقاف المغربية بإصدار المصحف الحسني المسبع الذي أمر به ملك المغرب الحسن الثاني وأصدرته وزارة الأوقاف في حلقة فاخرة بالخط المغربي وبرواية ورش عن نافع المدني وهي الرواية المعتمدة في المغرب والجزائر وبعض الدول في المغرب العربي، وأتوقع لهذا المصحف الانتشار في المغرب وغيرها على نطاق واسع، ولا تجد هناك أي وجود لمصحف المدينة النبوية أو غيره من المصاحف المشرقية الآن لكونهم لا يقرأون بها، إلا القلة من طلاب العلم المهتمين بالقراءات ورسم المصحف .
مصحف ليبيا برواية قالون
وأصدرت ليبيا قبل ذلك طبعة للمصحف برواية قالون عن نافع المدني، وحظيت بانتشار وقبول في ليبيا ولا أكاد أجد لها وجوداً خارج ليبيا لعدم قراءة الناس بهذه القراءة في غيرها إلا طلبة العلم الذين يتتبعون روايات المصاحف المطبوعة ويحرصون على اقتنائها، وهي طبعة لا بأس بها من حيث العناية والإخراج ولكنها ليست في مستوى الطبعات السابقة. وأحسب أن هناك طبعات أخرى للمصحف في ليبيا ولكنني لم أتتبعها في هذا المقال، ولعل الزملاء من ليبيا يفيدوننا بذلك.
وهذا كله في المشرق العربي ، وأما في المغرب العربي فقد قامت وزارة الأوقاف المغربية بإصدار المصحف الحسني المسبع الذي أمر به ملك المغرب الحسن الثاني وأصدرته وزارة الأوقاف في حلقة فاخرة بالخط المغربي وبرواية ورش عن نافع المدني وهي الرواية المعتمدة في المغرب والجزائر وبعض الدول في المغرب العربي، وأتوقع لهذا المصحف الانتشار في المغرب وغيرها على نطاق واسع، ولا تجد هناك أي وجود لمصحف المدينة النبوية أو غيره من المصاحف المشرقية الآن لكونهم لا يقرأون بها، إلا القلة من طلاب العلم المهتمين بالقراءات ورسم المصحف .
مصحف ليبيا برواية قالون
وأصدرت ليبيا قبل ذلك طبعة للمصحف برواية قالون عن نافع المدني، وحظيت بانتشار وقبول في ليبيا ولا أكاد أجد لها وجوداً خارج ليبيا لعدم قراءة الناس بهذه القراءة في غيرها إلا طلبة العلم الذين يتتبعون روايات المصاحف المطبوعة ويحرصون على اقتنائها، وهي طبعة لا بأس بها من حيث العناية والإخراج ولكنها ليست في مستوى الطبعات السابقة. وأحسب أن هناك طبعات أخرى للمصحف في ليبيا ولكنني لم أتتبعها في هذا المقال، ولعل الزملاء من ليبيا يفيدوننا بذلك.
نظرة للمستقبل القريب
والذي دفعني إلى كتابة هذا المقال هو محاولة استشراف مستقبل (مصحف المدينة النبوية) في ظل خروج هذه الطبعات للمصحف التي حظيت بعناية علمية وفنية لا تقل عن مصحف المدينة النبوية، وهل سيبقى لمصحف المدينة النبوية تلك المكانة التي تبوأها أول صدوره.
الذي يبدو لي من خلال قراءتي للواقع أن الإقبال على مصحف المدينة النبوية خارج السعودية سوف يقل لصعوبة الحصول عليه وارتفاع ثَمنه، مما يحول بين عدد كبير من المسلمين والقدرة على شراءه، والحصول على مصحف المدينة النبوية حتى داخل السعودية فيه نوع من المشقة عندما ترغب في شراء كميات كبيرة للتوزيع، ولا يوزع إلا إهداءً للحجاج والزوار للسعودية في مواسم العبادة السنوية، ونسبة هؤلاء الحجاج والزوار لا تمثل إلا القليل من نسبة المحتاجين للمصحف، وهذا على مستوى القراء المنتفعين بالمصحف.
وهناك مستوى آخر وهو مستوى المستفيدين من طبعة مصحف المدينة النبوية في الأعمال العلمية التجارية وغيرها، فإِنَّ تشدد مجمع الملك فهد في منح الإذن باستخدام طبعته في عدد من الجهات التي ترغب في طباعة المصحف ونشره أضعف انتشار هذه الطبعة التي حظيت بعناية ممتازة، مما اضطر تلك الجهات - ولا يزال - إلى العودة للطبعة التي نشرتها الدار الشامية في سوريا لشراء نسخة منها والطباعة بناء عليها، سواء كانت تلك المشروعات طباعة مصاحف فقط، أم طباعة تفاسير مختصرة على حاشية المصحف، وبقيت طبعة مجمع الملك فهد خاصةً بِالمُجمع وبِما يُصدره من إصدارات مثل التفسير الميسر وغيره، وليت القائمين على مجمع الملك فهد نظروا للأمر من زاويةٍ أخرى وهي خدمة القرآن نفسه، وإتاحة انتشار واعتماد طبعتهم في كل المشروعات التي تصدر لخدمة القرآن حول العالم، ولو كنت مكان المسئولين في مجمع الملك فهد لأعطيت من يطلبني الإذنَ باستخدام طبعة المُجمع مكافأةً ماليةً لاستخدامه لطبعة المُجمع في مشروعه وشجعته بدل المنع من ذلك وملاحقة كل من يستخدم هذه الطبعة في أعماله التجارية، واضطرارهم للبحث عن النسخ القديْمة هنا وهناك.
ولذلك فإِنَّني أقترح على القائمين على مصحف قطر - إن أرادوا أن ينتشر مصحف قطر - أن يَمنحوا إذناً مفتوحاً لكلِّ راغبٍ في عمل مشروع يخدم القرآن الكريم ويحتاج إلى استخدام النص القرآني كاملاً أو جزء منه كالتفاسير المختصرة وغيرها، وسيكون ذلك كفيلاً بانتشار هذه الطبعة القطرية على نطاق واسع وخدمتها .
إنَّ سياسة حفظ الحقوق - في نظري - لا تصلح في كل المشروعات، ومشروع طباعة المصحف من تلك المشروعات التي ينبغي إتاحة حقوقها لكل مخلص يرغب في خدمة القرآن وطلابه، وسيكون هذا أدعى لانتشار الطبعات الموثوقة وإقبال الناس عليها، وتوحيد الرسم والخط بين أيديهم .
وأنا أتساءل عن الضرر الذي يلحق مجمع الملك فهد عندما يأذن باستخدام طبعته للمصحف في كل مشروعات خدمة القرآن؟ فالخطاط أخذ حقوقه كاملة من المجمع، والمجمع جهة حكومية أنشأها خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبدالعزيز رحمه الله لتتيح المصحف لجميع المسلمين، ولم يكن الربح من أهداف المجمع عند إنشائه حتى اليوم، فلماذا لا يأذن المجمع إذناً مفتوحاً لكل المشروعات القرآنية التي تحتاج إلى استخدام نص المصحف كاملاً بذلك، ولا بأس من استئذان المجمع في ذلك. وسيكون في ذلك نشر لهذه الطبعة، وانتشار واسع لها لما يكنه الناس لهذه الطبعة من حب وتقدير وثقة لا يحظى به غيرها .
أرجو أن يجد هذا النداء قبولاً لدى الإخوة في مُجمّع الملك فهد، وفقهم الله وتقبل من كل مخلص جهده وبذله في سبيل خدمة القرآن والمسلمين .
والذي دفعني إلى كتابة هذا المقال هو محاولة استشراف مستقبل (مصحف المدينة النبوية) في ظل خروج هذه الطبعات للمصحف التي حظيت بعناية علمية وفنية لا تقل عن مصحف المدينة النبوية، وهل سيبقى لمصحف المدينة النبوية تلك المكانة التي تبوأها أول صدوره.
الذي يبدو لي من خلال قراءتي للواقع أن الإقبال على مصحف المدينة النبوية خارج السعودية سوف يقل لصعوبة الحصول عليه وارتفاع ثَمنه، مما يحول بين عدد كبير من المسلمين والقدرة على شراءه، والحصول على مصحف المدينة النبوية حتى داخل السعودية فيه نوع من المشقة عندما ترغب في شراء كميات كبيرة للتوزيع، ولا يوزع إلا إهداءً للحجاج والزوار للسعودية في مواسم العبادة السنوية، ونسبة هؤلاء الحجاج والزوار لا تمثل إلا القليل من نسبة المحتاجين للمصحف، وهذا على مستوى القراء المنتفعين بالمصحف.
وهناك مستوى آخر وهو مستوى المستفيدين من طبعة مصحف المدينة النبوية في الأعمال العلمية التجارية وغيرها، فإِنَّ تشدد مجمع الملك فهد في منح الإذن باستخدام طبعته في عدد من الجهات التي ترغب في طباعة المصحف ونشره أضعف انتشار هذه الطبعة التي حظيت بعناية ممتازة، مما اضطر تلك الجهات - ولا يزال - إلى العودة للطبعة التي نشرتها الدار الشامية في سوريا لشراء نسخة منها والطباعة بناء عليها، سواء كانت تلك المشروعات طباعة مصاحف فقط، أم طباعة تفاسير مختصرة على حاشية المصحف، وبقيت طبعة مجمع الملك فهد خاصةً بِالمُجمع وبِما يُصدره من إصدارات مثل التفسير الميسر وغيره، وليت القائمين على مجمع الملك فهد نظروا للأمر من زاويةٍ أخرى وهي خدمة القرآن نفسه، وإتاحة انتشار واعتماد طبعتهم في كل المشروعات التي تصدر لخدمة القرآن حول العالم، ولو كنت مكان المسئولين في مجمع الملك فهد لأعطيت من يطلبني الإذنَ باستخدام طبعة المُجمع مكافأةً ماليةً لاستخدامه لطبعة المُجمع في مشروعه وشجعته بدل المنع من ذلك وملاحقة كل من يستخدم هذه الطبعة في أعماله التجارية، واضطرارهم للبحث عن النسخ القديْمة هنا وهناك.
ولذلك فإِنَّني أقترح على القائمين على مصحف قطر - إن أرادوا أن ينتشر مصحف قطر - أن يَمنحوا إذناً مفتوحاً لكلِّ راغبٍ في عمل مشروع يخدم القرآن الكريم ويحتاج إلى استخدام النص القرآني كاملاً أو جزء منه كالتفاسير المختصرة وغيرها، وسيكون ذلك كفيلاً بانتشار هذه الطبعة القطرية على نطاق واسع وخدمتها .
إنَّ سياسة حفظ الحقوق - في نظري - لا تصلح في كل المشروعات، ومشروع طباعة المصحف من تلك المشروعات التي ينبغي إتاحة حقوقها لكل مخلص يرغب في خدمة القرآن وطلابه، وسيكون هذا أدعى لانتشار الطبعات الموثوقة وإقبال الناس عليها، وتوحيد الرسم والخط بين أيديهم .
وأنا أتساءل عن الضرر الذي يلحق مجمع الملك فهد عندما يأذن باستخدام طبعته للمصحف في كل مشروعات خدمة القرآن؟ فالخطاط أخذ حقوقه كاملة من المجمع، والمجمع جهة حكومية أنشأها خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبدالعزيز رحمه الله لتتيح المصحف لجميع المسلمين، ولم يكن الربح من أهداف المجمع عند إنشائه حتى اليوم، فلماذا لا يأذن المجمع إذناً مفتوحاً لكل المشروعات القرآنية التي تحتاج إلى استخدام نص المصحف كاملاً بذلك، ولا بأس من استئذان المجمع في ذلك. وسيكون في ذلك نشر لهذه الطبعة، وانتشار واسع لها لما يكنه الناس لهذه الطبعة من حب وتقدير وثقة لا يحظى به غيرها .
أرجو أن يجد هذا النداء قبولاً لدى الإخوة في مُجمّع الملك فهد، وفقهم الله وتقبل من كل مخلص جهده وبذله في سبيل خدمة القرآن والمسلمين .
الرياض في 26/6/1431هـ
ـــ الحواشي ــ :
(1) كتبت تعريفاً بهذا المصحف تجده في موضوع مصحف أفريقيا
(2) نشر أخي المساهم جزءاً من هذا المصحف وتعريفاً به في موضوع مصحف دولة الكويت .
(3) تجد تعريفاً بالمصحف في موضوع إضاءات حول مصحف قطر .
(4) سبق التعريف بالمصحف في موضوع لمحة موجزة عن مشروع طباعة مصحف الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم بالإمارات، ويمكن الاطلاع على هذا المصحف كاملاً بصيغة PDF من خلال هذا الرابط مصحف الشيخ مكتوم بن راشد رحمه الله.
(5) سبق أن قام شيخنا الدكتور أحمد الضاوي حفظه الله بالتعريف بهذا المصحف في موضوعه المصحف الشريف الحسني المسبع