أبو فهر السلفي
New member
- إنضم
- 26/12/2005
- المشاركات
- 770
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
[align=center]قول الله تعالى : (( واشتعل الرأس شيباً )) ..
وتلك الآية هي الثالثة من الآيات التي ذكرها ابن المعتز , والاستعارة فيها عنده هي أن كلمة اشتعل استعيرت لشيءٍ لم يعرف بها , وهو الشيب , من شيء قد عرف بها و وهو النار , والشيب لا يشتعل بزعمه , وهي عند أبي عبد الله البصري المعتزلي ومن تبعه مجاز , يقولون : إن لفظ اشتعل وضع في أصل اللغة للنار , فهو حقيقة في النار , مجاز في غيرها , وهو يدل على أن النار من غير قرينةٍ , ولا يدل على غيرها إلا بقرينة بزعمهم .
والصواب في كل ذلك والله أعلم: أن الاشتعال في لسان العرب قوم النبي صلى الله عليه وسلم وبه نزل القرآن=هو أن يتفرق الشئ في الشئ وينتشر فيه ويعمه....
قلت: روى البخاري وغيره عن ابي هريرة , أن عبداً أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : مدعم , جاءه سهم غائر فقتله , فقال الناس : هنيئاً له الشهادة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بلى والذي نفسي بيده , إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً )) الحديث .
وقال البخاري في كتاب صلاة الخوف من (( صحيحه )) , باب : الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو , وقال أنس : حضرت عند مناهضة حصن تستر عند إضاءة الفجر , واشتد اشتعال القتال , فلم يقدروا على الصلاة , فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار , فصليناها ونحن مع أبي موسى ففتح لنا , قال أنس : وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها .ا هـ
وقال ابن حجر في (( فتح الباري )) : قوله : اشتعال القتال بالعين المهملة ., وروى الإمام أحمد
والطبري في (( تاريخه )) حديثاً في ذكر طاعون عمواس , وفيه : لما اشتعل الوجع , وفيه : إن هذا الوجع إذا وقع , فإنما يشتعل اشتعال النار , وإسناده لا يحتج به .,
وقال الأزهري : قال أبو عبيد عن الأصمعي وأبي عمرو , قالا : الغارة المشتعلة المتفرقة , وقد أشعلت , إذا تفرقت , قال : ويقال أشعلت القربة والمزادة , إذا سال ماؤها , وقال : أشعل فلان إبله ., إذا عمها بالهناء , ولم يطل النقب من الجرب دون غيرها من بدن البعير الأجرب ,
ويقال : أشعلت جمعهم , أي فرقته , وقال أبو وجزة :
فعاد زمان بعد ذاك مفرق .........وأشغل ولي من نوى كل مشعل
قال : وأشعلت الطعنة , إذا خرج دمها , وأشعلت العين : كثر دمعها , وقال ابن السكيت : جاء جيش كالجراد المشعل , وهو الذي يخرج في كل وجه , وكتيبة مشعلة , إذا انتشرت , وأشعلت الطعنة , إذا خرج دمها متفرقاً , وجاء كالحريق المشعل : بفتح العين .. ا هـ , كذلك هو في (( تهذيب اللغة )) : كتيبة مشعلة إذا انتشرت ,
وفي (( تهذيب الألفاظ )) باب : الكتائب , والشعواء المنتشرة يقال : كتيبة شعواء , وشجرة شعواء , والمشعلة المتفرقة , قال أبو كبير ووصف طعنة :
مستنة سنن الفلو مرشة تنفي التراب بقاحز معروف
يهدي السباع لها مرش جدية شعواء مشعلة كجر القرطف .. ا هـ
وكل ذلك يدل على أن اشتعل يعم النار وغيرها , ولا يخص النار وحدها , وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن الشملة لتشتعل عليه ناراً )) حجة بينة على أن اشتعل ليس خاصاً بالنار , ولا معروفاً فيها وحدها , ولو كان خاصاً بها لكفى أن يقال : لتشتعل عليه , أو لتشتعل عليه اشتعالاً , ولم يحتج إلى أن يبين ذلك الاشتعال ما هو , وأنها تشتعل ناراً , وليس شيئاً غيرها ,والتأسيس أولى من التأكيد...
واختلف النحاة لم نصب (( شيباً )) في تلك الآية : فقال الأخفش في (( معاني القرآن )) , وقال : شيباً لأنه مصدر في المعنى , كأنه حين قال اشتعل قال : شاب فقال : شيباً على المصدر , وليس هو مثل تفقأت شحماً , وامتلأت ماءً , لأن ذلك ليس بمصدر . ا هـ ., ونقله عنه الطبري في (( تفسيره )) , ثم قال : وقال غيره نصب الشيب على التفسير , لأنه يقال اشتعل شيب رأسي , واشتعل رأسي شيباً , كما يقال تفقأت شحماً , وتفقأ شحمي .. ا هـ , وقال أبو اسحاق الزجاج في (( معاني القرآن وإعرابه )) , وشيباً منصوب على التمييز , المعنى اشتعل الرأس من الشيب , يقال للشيب إذا كثر جداً
قد اشتعل رأس فلان .. ا هـ , وذكر ابن النحاس في (( إعراب القرآن )) قول الأخفش , وقول أبي إسحاق , ثم قال : وقول الأخفش أولى لأنه مشتق من فعل والمصدر أولى به .. ا هـ , وقال الأزهري في (( تهذيب اللغة )) ونصب شيئاً على التفسير , وإن شئت جعلته مصدراً وكذلك قال حذاق النحويين .. ا هـ , وقول الأخفش إنه مصدر , كأنه قال شاب شيباً , خطأ , ولو كان شاب شيباً , كما زعم لدل على أنه شاب شيباً ما أي شيب قل أو كثر , ولجاز أن يقال : شاب شيبا قليلاً أو كثيراً , وأن يسأل حينئذ : أكان شيبه قليلاً أم كثيراً ؟
والصواب – إن شاء الله – أنه نصب على التمييز , كما قال أبو إسحاق الزجاج , وهو التفسير في اصطلاح بعض النحاة , فإن اشتعل عام يدل على أن شيئاً ما عم رأسه وتفرق في نواحيه , فاحتاج إلى ما يفسره ويميزه ويبين ما هو ذلك الشيء الذي عمه , فجاء شيباً ليبين أن الشيب هو الذي عم رأسه وتفرق في كل ناحية منه, والله أعلم .
وإذا كانت العرب يقولون اشتعل للنار وغيرها , فلا ندري بأي ذلك تكلموا أولاً , ولا سبيل إلى العلم به , ولا يذكر اشتعل في كلامهم إلا وفي كلام المتكلم أو أنبائه ما يبين ما أراد به , سواء أراد النار أم غيرها , فقولهم : إن اشتعل كان يعرف في النار دون غيرها , وإنه وضع في أصل اللغة للنار , فهو يدل عليها من غير قرينة , ولا يدل على غيرها إلا بقرينة , كله زعم باطل لا حجة له[/align] .
وتلك الآية هي الثالثة من الآيات التي ذكرها ابن المعتز , والاستعارة فيها عنده هي أن كلمة اشتعل استعيرت لشيءٍ لم يعرف بها , وهو الشيب , من شيء قد عرف بها و وهو النار , والشيب لا يشتعل بزعمه , وهي عند أبي عبد الله البصري المعتزلي ومن تبعه مجاز , يقولون : إن لفظ اشتعل وضع في أصل اللغة للنار , فهو حقيقة في النار , مجاز في غيرها , وهو يدل على أن النار من غير قرينةٍ , ولا يدل على غيرها إلا بقرينة بزعمهم .
والصواب في كل ذلك والله أعلم: أن الاشتعال في لسان العرب قوم النبي صلى الله عليه وسلم وبه نزل القرآن=هو أن يتفرق الشئ في الشئ وينتشر فيه ويعمه....
قلت: روى البخاري وغيره عن ابي هريرة , أن عبداً أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : مدعم , جاءه سهم غائر فقتله , فقال الناس : هنيئاً له الشهادة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بلى والذي نفسي بيده , إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً )) الحديث .
وقال البخاري في كتاب صلاة الخوف من (( صحيحه )) , باب : الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو , وقال أنس : حضرت عند مناهضة حصن تستر عند إضاءة الفجر , واشتد اشتعال القتال , فلم يقدروا على الصلاة , فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار , فصليناها ونحن مع أبي موسى ففتح لنا , قال أنس : وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها .ا هـ
وقال ابن حجر في (( فتح الباري )) : قوله : اشتعال القتال بالعين المهملة ., وروى الإمام أحمد
والطبري في (( تاريخه )) حديثاً في ذكر طاعون عمواس , وفيه : لما اشتعل الوجع , وفيه : إن هذا الوجع إذا وقع , فإنما يشتعل اشتعال النار , وإسناده لا يحتج به .,
وقال الأزهري : قال أبو عبيد عن الأصمعي وأبي عمرو , قالا : الغارة المشتعلة المتفرقة , وقد أشعلت , إذا تفرقت , قال : ويقال أشعلت القربة والمزادة , إذا سال ماؤها , وقال : أشعل فلان إبله ., إذا عمها بالهناء , ولم يطل النقب من الجرب دون غيرها من بدن البعير الأجرب ,
ويقال : أشعلت جمعهم , أي فرقته , وقال أبو وجزة :
فعاد زمان بعد ذاك مفرق .........وأشغل ولي من نوى كل مشعل
قال : وأشعلت الطعنة , إذا خرج دمها , وأشعلت العين : كثر دمعها , وقال ابن السكيت : جاء جيش كالجراد المشعل , وهو الذي يخرج في كل وجه , وكتيبة مشعلة , إذا انتشرت , وأشعلت الطعنة , إذا خرج دمها متفرقاً , وجاء كالحريق المشعل : بفتح العين .. ا هـ , كذلك هو في (( تهذيب اللغة )) : كتيبة مشعلة إذا انتشرت ,
وفي (( تهذيب الألفاظ )) باب : الكتائب , والشعواء المنتشرة يقال : كتيبة شعواء , وشجرة شعواء , والمشعلة المتفرقة , قال أبو كبير ووصف طعنة :
مستنة سنن الفلو مرشة تنفي التراب بقاحز معروف
يهدي السباع لها مرش جدية شعواء مشعلة كجر القرطف .. ا هـ
وكل ذلك يدل على أن اشتعل يعم النار وغيرها , ولا يخص النار وحدها , وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن الشملة لتشتعل عليه ناراً )) حجة بينة على أن اشتعل ليس خاصاً بالنار , ولا معروفاً فيها وحدها , ولو كان خاصاً بها لكفى أن يقال : لتشتعل عليه , أو لتشتعل عليه اشتعالاً , ولم يحتج إلى أن يبين ذلك الاشتعال ما هو , وأنها تشتعل ناراً , وليس شيئاً غيرها ,والتأسيس أولى من التأكيد...
واختلف النحاة لم نصب (( شيباً )) في تلك الآية : فقال الأخفش في (( معاني القرآن )) , وقال : شيباً لأنه مصدر في المعنى , كأنه حين قال اشتعل قال : شاب فقال : شيباً على المصدر , وليس هو مثل تفقأت شحماً , وامتلأت ماءً , لأن ذلك ليس بمصدر . ا هـ ., ونقله عنه الطبري في (( تفسيره )) , ثم قال : وقال غيره نصب الشيب على التفسير , لأنه يقال اشتعل شيب رأسي , واشتعل رأسي شيباً , كما يقال تفقأت شحماً , وتفقأ شحمي .. ا هـ , وقال أبو اسحاق الزجاج في (( معاني القرآن وإعرابه )) , وشيباً منصوب على التمييز , المعنى اشتعل الرأس من الشيب , يقال للشيب إذا كثر جداً
قد اشتعل رأس فلان .. ا هـ , وذكر ابن النحاس في (( إعراب القرآن )) قول الأخفش , وقول أبي إسحاق , ثم قال : وقول الأخفش أولى لأنه مشتق من فعل والمصدر أولى به .. ا هـ , وقال الأزهري في (( تهذيب اللغة )) ونصب شيئاً على التفسير , وإن شئت جعلته مصدراً وكذلك قال حذاق النحويين .. ا هـ , وقول الأخفش إنه مصدر , كأنه قال شاب شيباً , خطأ , ولو كان شاب شيباً , كما زعم لدل على أنه شاب شيباً ما أي شيب قل أو كثر , ولجاز أن يقال : شاب شيبا قليلاً أو كثيراً , وأن يسأل حينئذ : أكان شيبه قليلاً أم كثيراً ؟
والصواب – إن شاء الله – أنه نصب على التمييز , كما قال أبو إسحاق الزجاج , وهو التفسير في اصطلاح بعض النحاة , فإن اشتعل عام يدل على أن شيئاً ما عم رأسه وتفرق في نواحيه , فاحتاج إلى ما يفسره ويميزه ويبين ما هو ذلك الشيء الذي عمه , فجاء شيباً ليبين أن الشيب هو الذي عم رأسه وتفرق في كل ناحية منه, والله أعلم .
وإذا كانت العرب يقولون اشتعل للنار وغيرها , فلا ندري بأي ذلك تكلموا أولاً , ولا سبيل إلى العلم به , ولا يذكر اشتعل في كلامهم إلا وفي كلام المتكلم أو أنبائه ما يبين ما أراد به , سواء أراد النار أم غيرها , فقولهم : إن اشتعل كان يعرف في النار دون غيرها , وإنه وضع في أصل اللغة للنار , فهو يدل عليها من غير قرينة , ولا يدل على غيرها إلا بقرينة , كله زعم باطل لا حجة له[/align] .