فهد الوهبي
Member
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد ..
فلا شكَّ أنه قد اشترك في العناية بالقرآن جميعُ علماء المسلمين ، إذ هو المعين الأول ، والنبع الصافي الذي يستقي منه الجميع في سائر العلوم والمعارف، وقد قال تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) [النحل: 89].
وقد تنوعت أبحاث العلماء المتعلقة بالقرآن، واختلفت باختلاف الفنون والمعارف، ومن تلك العلوم المهمة التي لها صلة بعلوم القرآن؛ علمُ أصول الفقه، الذي به تتكون ملكة الاستنباط والفقه، ولا يستغني عنه طالبُ العلم في غالب التخصصات الشرعية إن لم يكن في جميعها.
والناظر في مسائل أصول الفقه، يجد جزءاً منها خاصاً بالفقه، وكيفية استخراجه من الأدلة، وجزءاً آخر لا يختص بالفقه، بل له علاقة بعدد من الفنون والعلوم.
وأحببت في هذه الورقة المختصرة، أن أبين محلَّ الاشتراك بين علم علوم القرآن، وعلم أصول الفقه، ليسهل على دارس علوم القرآن معرفة المسائل المشتركة، فيسهل عليه مراجعة كلام الأصوليين فيها والاستفادة مما كتبوه.
ولكي يتم التصور لهذه القضية أودُّ أن أذكر تعريفاً مختصراً لعلم أصول الفقه، ومن ثمَّ أذكر محل تلك المسائل المشتركة باختصار .
تعريف أصول الفقه:
عُرِّف أصول الفقه باعتباره عَلَماً ولقباً على الفنِّ المعروف بتعريفات من أحسنها أنه:
( أدلةُ الفقه الإجمالية، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد)(1).
وعليه فإن مباحث علمِ أصول الفقه أربعة ـ ثلاثة منها مذكورة في التعريف ـ وهي:
1.أدلة الفقه الإجمالية:
وهي الأدلة الشرعية المتفق عليها ـ كالكتاب والسنة ـ والمختلف فيها ـ كقول الصحابي والاستحسان ـ.
2.وكيفية الاستفادة منها:
والمقصود طرق الاستنباط ودلالات الألفاظ، كالعام والخاص، والمطلق والمقيد، والأمر والنهي.
وفي هذا المبحث تكون المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه.
3.وحال المستفيد:
أي: المجتهد، ويدخل في حال المستفيد: مباحث التعارض والترجيح والفتوى، لأنها من خصائص المجتهد، ثم تدخل مباحث التقليد؛ لكون المقلد تابعاً للمجتهد.
وهذه المباحث الثلاثة هي التي اقتصر عليها التعريف، وبقي مبحث رابع وهو:
4.مبحث الأحكام:
وهذا المبحث لا يدخل في التعريف باعتبار أنَّ موضوع أصول الفقه هو الأدلة، فتكون الأحكام بهذا الاعتبار مقدمة من مقدمات علم أصول الفقه غير داخلةٍ في موضوعه(2).
وبهذا يتبين أن محل غالب المسائل المشتركة بين علوم القرآن وعلم أصول الفقه هي في مبحث كيفية الاستفادة من الأدلة.
وهذه الأنواع المشتركة والمدروسة في كلٍّ من عِلْمَي: أصولِ الفقه وعلومِ القرآن، أصيلةٌ في كلِّ علمٍ، فهي تشغل في علمِ أصول الفقه حيزاً كبيراً من المبحث المتعلق بكيفية المستفيد، وهو ربع مباحث علم أصول الفقه، وهي مؤثرة في استخراج الأحكام الذي من أجله وضع علم أصول الفقه.
كما أنها مؤثرة جداً في تفسير كتاب الله تعالى ـ من حيث الجملة ـ ولا يستغني عنها المفسِّرُ على وجه الخصوص، فدراستها في علوم القرآن أصيلةٌ أيضاً؛ لأن مقصود مباحث هذا العِلْمَ هو إعانة المفسر، كما قال الزركشي (ت : 794 هـ) في هدف تأليفه لكتابه: "ليكون مفتاحاً لأبوابه، وعنواناً على كتابه، معيناً للمفسِّر على حقائقه، ومطلعاً على بعض أسراره ودقائقه"(3)، وقال البلقيني ( ت : 824 هـ ) في بداية كتابه: "وأجعل ذلك مقدمة للتفسير"(4)، وقال السيوطي ( ت : 911هـ ) في بداية الإتقان: "وجعلته مقدمةً للتفسير الكبير"(5).
[align=center]والله تعالى أعلم
24/2/1431هـ[/align]
ـــــــ
(1) انظر: شرح الكوكب المنير: ( 1 / 44 ).
(2) انظر: معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة: ( 21 ).
(3) البرهان: ( 1 / 9 ).
(4) مواقع العلوم: ( 147 ).
(5) الإتقان: ( 1 / 15 ).
فلا شكَّ أنه قد اشترك في العناية بالقرآن جميعُ علماء المسلمين ، إذ هو المعين الأول ، والنبع الصافي الذي يستقي منه الجميع في سائر العلوم والمعارف، وقد قال تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) [النحل: 89].
وقد تنوعت أبحاث العلماء المتعلقة بالقرآن، واختلفت باختلاف الفنون والمعارف، ومن تلك العلوم المهمة التي لها صلة بعلوم القرآن؛ علمُ أصول الفقه، الذي به تتكون ملكة الاستنباط والفقه، ولا يستغني عنه طالبُ العلم في غالب التخصصات الشرعية إن لم يكن في جميعها.
والناظر في مسائل أصول الفقه، يجد جزءاً منها خاصاً بالفقه، وكيفية استخراجه من الأدلة، وجزءاً آخر لا يختص بالفقه، بل له علاقة بعدد من الفنون والعلوم.
وأحببت في هذه الورقة المختصرة، أن أبين محلَّ الاشتراك بين علم علوم القرآن، وعلم أصول الفقه، ليسهل على دارس علوم القرآن معرفة المسائل المشتركة، فيسهل عليه مراجعة كلام الأصوليين فيها والاستفادة مما كتبوه.
ولكي يتم التصور لهذه القضية أودُّ أن أذكر تعريفاً مختصراً لعلم أصول الفقه، ومن ثمَّ أذكر محل تلك المسائل المشتركة باختصار .
تعريف أصول الفقه:
عُرِّف أصول الفقه باعتباره عَلَماً ولقباً على الفنِّ المعروف بتعريفات من أحسنها أنه:
( أدلةُ الفقه الإجمالية، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد)(1).
وعليه فإن مباحث علمِ أصول الفقه أربعة ـ ثلاثة منها مذكورة في التعريف ـ وهي:
1.أدلة الفقه الإجمالية:
وهي الأدلة الشرعية المتفق عليها ـ كالكتاب والسنة ـ والمختلف فيها ـ كقول الصحابي والاستحسان ـ.
2.وكيفية الاستفادة منها:
والمقصود طرق الاستنباط ودلالات الألفاظ، كالعام والخاص، والمطلق والمقيد، والأمر والنهي.
وفي هذا المبحث تكون المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه.
3.وحال المستفيد:
أي: المجتهد، ويدخل في حال المستفيد: مباحث التعارض والترجيح والفتوى، لأنها من خصائص المجتهد، ثم تدخل مباحث التقليد؛ لكون المقلد تابعاً للمجتهد.
وهذه المباحث الثلاثة هي التي اقتصر عليها التعريف، وبقي مبحث رابع وهو:
4.مبحث الأحكام:
وهذا المبحث لا يدخل في التعريف باعتبار أنَّ موضوع أصول الفقه هو الأدلة، فتكون الأحكام بهذا الاعتبار مقدمة من مقدمات علم أصول الفقه غير داخلةٍ في موضوعه(2).
وبهذا يتبين أن محل غالب المسائل المشتركة بين علوم القرآن وعلم أصول الفقه هي في مبحث كيفية الاستفادة من الأدلة.
وهذه الأنواع المشتركة والمدروسة في كلٍّ من عِلْمَي: أصولِ الفقه وعلومِ القرآن، أصيلةٌ في كلِّ علمٍ، فهي تشغل في علمِ أصول الفقه حيزاً كبيراً من المبحث المتعلق بكيفية المستفيد، وهو ربع مباحث علم أصول الفقه، وهي مؤثرة في استخراج الأحكام الذي من أجله وضع علم أصول الفقه.
كما أنها مؤثرة جداً في تفسير كتاب الله تعالى ـ من حيث الجملة ـ ولا يستغني عنها المفسِّرُ على وجه الخصوص، فدراستها في علوم القرآن أصيلةٌ أيضاً؛ لأن مقصود مباحث هذا العِلْمَ هو إعانة المفسر، كما قال الزركشي (ت : 794 هـ) في هدف تأليفه لكتابه: "ليكون مفتاحاً لأبوابه، وعنواناً على كتابه، معيناً للمفسِّر على حقائقه، ومطلعاً على بعض أسراره ودقائقه"(3)، وقال البلقيني ( ت : 824 هـ ) في بداية كتابه: "وأجعل ذلك مقدمة للتفسير"(4)، وقال السيوطي ( ت : 911هـ ) في بداية الإتقان: "وجعلته مقدمةً للتفسير الكبير"(5).
[align=center]والله تعالى أعلم
24/2/1431هـ[/align]
ـــــــ
(1) انظر: شرح الكوكب المنير: ( 1 / 44 ).
(2) انظر: معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة: ( 21 ).
(3) البرهان: ( 1 / 9 ).
(4) مواقع العلوم: ( 147 ).
(5) الإتقان: ( 1 / 15 ).