السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب ..
أسأل الله أن يوفقك ويرعاك وأن ينفع بك ..
علم التفسير وفهم كتاب رب العالمين سبحانه وتعالى كغيره من علم الشرع وعامة العلوم الإنسانية، ليس له درجات حادة في الإدراك والتبحر. كذلك المجتهدون في أي علمٍ من العلوم لا يكونون على درجة واحدة، وإنما يتفاوتون في التبحر والتفنن.
والمقصود أن الإنسان يطلب أدوات التبحر والعلم بقدر المنزلة التي يروم بلوغها ويسعى إليها، فليس هناك حدٌ يتوقف عنده طالب العلم والفهم، خاصةٌ في علم اللغة وتعلقه ببقية العلوم، وكلما ازداد المرء تمكنًا من لغة = ازداد نفوذه إلى عمق كتاب رب العالمين سبحانه وتعالى، فتحديد ذلك كله راجع إلى همة المرء وعمره ووقته.
فلا يصح أن يأتيك رجلٌ لا علم له بك فيقول لك خذ من علم اللغة هذا الكتاب وذلك ثم دع؛ فإنه إن فعل ذلك فقد تجنّى عليك وعلى طلبك للاجتهاد.
ونصيحتي لك - إذا كنت للمعالي طالبًا - أن تضع بين يديك سلمًا طويلًا في علوم اللغة، كالنحو والصرف والبلاغة والمعاني والبيان والأدب وغيرها، ثم تسير في هذا السلم رويدًا حتى ينقطع بك وتلقى الله جل وعلا على هذه الحال.
واجعل جُلّ هذا الوقت في قراءة أشعار العرب وكتب المتقدمين، فإن ذلك سبيل المرء إلى روح اللغة. وأرى كذلك أن تهتم بالكتب التي لها عناية بربط اللغة مع القرآن، ككتاب ابن هشامٍ الفذ (مغني اللبيب) وأشباهه.
والكتب التي تعنى بالمفسرين وشروطهم كثيرة، وستجد فيها ذكرًا للأدوات التي يحتاجها المفسر في رحلته إلى عمق كتاب رب العالمين جل وعلا.