نعم أخي جعل الملكين مكلفين بذلك هو ما استغربه ابن كثير لانك لو راجعت سبب ترجيح ابن جرير لتوجيه "ما" في الاية لعلمت انه يرجح ذلك لهذا السبب ولذلك وضعت لك خطا تحته . اي ان ابن جرير استغرب طريقة ابن جرير في ترجيح الدلالة, "وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْل مَنْ وَجَّهَ " مَا " الَّتِي فِي قَوْله : { وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ } إلَى مَعْنَى " الَّذِي " دُون مَعْنَى " مَا " الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الْجَحْد .
وَإِنَّمَا اخْتَرْت ذَلِكَ مِنْ أَجْل أَنَّ " مَا " إنْ وُجِّهَتْ إلَى مَعْنَى الْجَحْد بجعل الملكين...."
فابن كثير استغرب توجيهه ل"ما" كلام ابن جرير قد علله بنفسه كما ذكره الشيخ د-عبد الرحمن الشهري جزاه الله خيرا .
يأتي هنا سؤال آخر
هل يصح أن نستعين بما جاء من الروايات الكثيرة عن السلف في قصة الزهرة في ترجيح القول بأن ما بمعنى الذي وأنهما كانا ملكين أذن لهما في تعليم السحر-سواء شرعا أو قدرا- خصوصا وأنها رويت عن علي وابن عمر بأسانيد صححها ابن كثير
تجد الكلام على ذلك في
رأي آخر في الإسرائيليات في كتب التفسير-د.مساعد الطيار
اما اسلوب ابن جرير رحمه الله في التفسير فانه يعتمد على وجود هذه الروايات سواء كانت اسرائيليات ام غيرها على دلالة اللفظ ولو دققت في كلام ابن جرير ستجد ان ذلك واضح فهو استدل بسؤال السائل وعدم ترجيح المسؤول لايهما مثلا:قال ابن جرير :
"وقال آخرون: جائز أن تكون"ما" بمعنى"الذي"، وجائز أن تكون"ما" بمعنى"لم".
* ذكر من قال ذلك:
1678 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد - وسأله رجل عن قول الله: (يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) فقال الرجل: يعلمان الناس ما أنزل عليهما، أم يعلمان الناس ما لم ينزل عليهما؟ قال القاسم: ما أبالي أيتهما كانت.
*
1679 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، حدثنا أنس بن عياض، عن بعض أصحابه، أن القاسم بن محمد سئل عن قول الله تعالى ذكره: (وما أنزل على الملكين)، فقيل له: أنزل أو لم ينزل؟ فقال:
لا أبالي أي ذلك كان، إلا أني آمنت به. "
وهذا الامر تكلم عنه محمود شاكر في الحاشية حيث قال :
"وهذه الأخبار ، في قصة هاروت وماروت ، وقصة الزهرة ، وأنها كانت امرأة فمسخت كوكبا - أخبار أعلها أهل العلم بالحديث . وقد جاء هذا المعنى في حديث مرفوع ، ورواه أحمد في المسند : 6178 ، من طريق موسى بن جبير ، عن نافع ، عن ابن عمر . وقد فصلت القول في تعليله في شرح المسند ، ونقلت قول ابن كثير في التفسير 1 : 255"وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار ، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم" . واستدل بروايتي الطبري السالفتين : 1684 ، 1685 عن سالم عن ابن عمر عن كعب الأحبار .
وقد أشار ابن كثير أيضًا في التاريخ 1 : 37 - 38 قال : "فهذا أظنه من وضع الإسرائيليين ، وإن كان قد أخرجه كعب الأحبار ، وتلقاه عنه طائفة من السلف ، فذكروه على سيبل الحكاية والتحدث عن بني إسرائيل " : . وقال أيضًا ، بعد الإشارة إلى أسانيد أخر : "وإذا أحسنا الظن قلنا : هذا من أخبار بني إسرائيل ، كما تقدم من رواية ابن عمر عن كعب الأحبار . ويكون من خرافاتهم التي لا يعول عليها" .
وقال في التفسير أيضًا 1 : 260 ، بعد ذكر كثير من الروايات التي في الطبري وغيره : "وقد روى في قصة هاروت وماروت ، عن جماعة من التابعين ، كمجاهد ، والسدي والحسن البصري ، وقتادة ، وأبي العالية ، والزهري ، والربيع بن أنس ، ومقاتل بن حيان ، وغيرهم ، وقصها خلق من المفسرين ، من المتقدمين والمتأخرين . وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل ، إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى . وظاهر سياق القرآن إجمال القصة" من غير بسط ولا إطناب فيها . فنحن نؤمن بما ورد في القرآن ، على ما أراده الله تعالى . والله أعلم بحقيقة الحال" .
وهذا هو الحق ، وفيه القول الفصل . والحمد لله ." ج2 ص432 (نقلا عن المكتبة الشاملة )