ماهو الجزاء المشترك الذي تكرر عنذ ذكر الأنبياء في سوررة الصافات في قوله تعالى:(كذلك)؟


إنضم
18/05/2011
المشاركات
1,237
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
في سورة الصافات


جاء في ذكر نوح عليه السلام:


وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ
سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ


وجاء في ذكر ابراهيم عليه السلام:


وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ
سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ
كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ



وجاء في ذكر موسى وهارون عليهما السلام:


وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الآخِرِينَ
سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ



وجاء في ذكر إلياس عليه السلام:


وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ
سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ




السؤال: ماهو الجزاء المشترك الذي تكرر عنذ ذكر الأنبياء في هذه السورة في قوله تعالى:(كذلك)؟

و ملاحظ أن الآيات الأربع لم تتكرر عند ذكر يونس ولوط عليهما السلام !
 
الجزاء المشترك هو ذكرهم في الآخرين بالخير و السبب أنهم من عباد الله المؤمنين أو من المحسنين ... و نحن لا نفرق بين أحد من رسل الله ولكن !

يونس عليه السلام و لوطاً عليه السلام حدث معهما أمران كرد فعل على عدم إسلام أقوامهما

فقال لوطٌ عليه السلام : ( لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد)
فظهر كأنه - من شدة ما وجد منهم من أذى - أنه كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " رحم الله أخي لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد".
أما يونس عليه السلام فأبق إلى الفلك المشحون
فقال الله عزو جل : ( فالتقمه الحوت و هو مليم , فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون )
فالله عز وجل حصر المؤمنين بقوله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسوله ثم لم يرتابوا و جاهدوا بأموالهم و أنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)

فظهر لوطٌ عليه السلام - في موقف شديد على نفسه من أذى قومه - كأنه ارتاب – للحظة -و نسي قوةالله !
أما يونس عليه السلام فنسي – في موقف شديد على نفسه من أذى قومه - أن المؤمن يجاهد بنفسه و لكنه هرب بنفسه بعيدا ً عن قومه.

إن أخطأت فمن نفسي و إن أصبت فمن الله .
وأسأل الله أن يمن عليّ بالثبات وأن يهديني إلى الصراط المستقيم و أن يثبت الله قلبي على دينه عز و جل, وأن يجنبنا جميعاً الفتن ما ظهر منها و ما بطن اللهم آمين.
وأذكر ها هنا موقف الصحابي عبدالله بن رواحة رضي الله عنه بعد مقتل جعفر رضي الله عنه في غزوة مؤتة
فقد أخذ الراية ( يعني لم يترك الجهاد و يقعد) و تقدم بها و هو على فرسه و لكنه تردد بعض التردد فقال لنفسه بعض أبيات و فيها: ما لي أراك ( يا نفس) تكرهين الجنة!
فقاتل حتى قتل و استشهد بعد رفيقيه ولكن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر أنه في منزلة في الجنة أدنى من رفيقيه.



 
السؤال: ماهو الجزاء المشترك الذي تكرر عنذ ذكر الأنبياء في هذه السورة في قوله تعالى:(كذلك)؟

هو الذي تركه سبحانه على رسله في الآخرين : هو السلام عليهم المذكور . تفسير ابن القيم رحمه الله
 
كيف يكون جزاء المحسنين ذكرهم في الآخرين كالأنبياء؟
هذا غير متصور عندي!
وكذلك الأمر في السلام عليهم!
كيف يكون جزاء المحسنين السلام عليهم في العالمين؟
 
كيف يكون جزاء المحسنين السلام عليهم في العالمين؟
السلام عليكم اخي محمد
بنقل لك كلام ابن القيم رحمة الله بعد قليل ، لكن عندي تأمل احب أن اشاركك فيه وإخوانا الكرام ، خص رسل الله عليهم السلام بشي وهو سلام العالمين عليهم ، والانبياء هم نوح ، ابراهيم ، موسى وهارون وإلياس عليهم السلام .
أنت تعرف أن الصلاة كانت فرض حتى على الامم السابقة ، فخص هؤلاء الانبياء بذكرهم والسلام عليهم في صلاة كل من جاء بعدهم من أمم ، مع العلم أننا في الاسلام نصلى عليهم جميعا ولكن نخص منهم إبراهيم عليه السلام في الصلاة الابراهيميه (التشهد) . وضح التأمل فهم خصوا بدخلوهم في الصلاة الواجبة والسلام عليهم فيها .
ولم تكن هذه الميزه الا لهم ولرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، أما غيرهم من الرسل والانبياء عليهم السلام ، لم يعطوا ميزه الذكر في الصلوات منهم لوط ويونس واسماعيل واسحاق ويعقوب وعيسى وغيرهم من الرسل عليهم سلام الله .والله أعلم


كلام ابن القيم رحمه الله من
التفسير القيم لابن قيم الجوزية (ت 751هـ ).
قال تعالى عن نوح عليه السلام { وتركنا عليه في الآخرين * سلام على نوح في العالمين * إنا كذلك نجزي المحسنين } [ الصافات : 78 . 80 ] .
وقال عن إبراهيم خليله صلى الله عليه وسلم : { وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إبراهيم } [ الصافات : 108 . 109 ] .
وقال في موسر وهارون – عليهما السلام - : { وتركنا عليهما في الآخرين * سلام على موسى وهارون } [ الصافات : 130 ] .
فالذي تركه سبحانه على رسله في الآخرين : هو السلام عليهم المذكور .
وقد قال جماعة من المفسرين - منهم مجاهد وغيره - : { وتركنا عليهما في الآخرين } الثناء الحسن ، ولسان الصدق للأنبياء كلهم . وهذا قول قتادة أيضا . ولا ينبغي أن يحكى هذا قولين للمفسرين ، كما يفعله من ليس له عناية بحكاية الأقوال ، بل هما قول واحد . فمن قال : إن المتروك هو السلام عليهم في الآخرين نفسه ، فلا ريب أن قوله : «سلام على نوح » جملة في موضع نصب بتركنا . والمعنى : أن العالمين يسلمون على نوح ومن بعده من الأنبياء .
ومن فسره بلسان الصدق والثناء الحسن . نظر إلى لازم السلام وموجبه ، وهو الثناء عليهم ، وما جعل لهم من لسان الصدق الذي لأجله إذا ذكروا سلم عليهم .
وقد زعمت طائفة – منهم : ابن عطية وغيره - أن من قال : تركنا عليه ثناء لها حسنا ولسان صدق . كان { سلام على نوح في العالمين } جملة ابتدائية ، لا محل لها من الإعراب . وهو سلام من الله سلم به عليه .
قالوا : فهذا السلام من الله أمنة لنوح في العالمين أن يذكره أحد بشر - قاله الطبراني .
وقد يقوي هذا القول : أنه سبحانه اخبر أن المتروك عليه هو في الأخرى وأن السلام عليه في العالمين ، وبأن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أبقى الله عليه ثناء حسنا .
وهذا القول ضعيف لوجوه :
أحدهما : أنه يلزم منه حذف المفعول لتركنا ولا يبقى في الكلام فائدة على التقدير ، فإن المعنى يؤول إلى : أنا تركنا عليه في الآخرين أمرا لا ذكر له في اللفظ . لأن السلام عند هذا القائل منقطع بما قبله ، لا تعلق له بالفعل .
الثاني : أنه لو كان المفعول محذوفا كما ذكره لذكروه في موضع واحد ، ليدل على المراد منه حذفه . ولم يطرد في جميع من أخبر أنه ترك عليه في الآخرين الثناء الحسن . وهذه طريقة القرآن ، بل وكل كلام فصيح : أن يذكر الشيء في موضع ثم يحذفه في موضع آخر ، لدلالة المذكور على المحذوف . وأكثر ما تجده مذكورا وحذفه قليل .
وإما أن يحذف حذفا مطردا ولم يذكره في موضع واحد ، ولا في اللفظ ما يدل عليه . فهذا لا يقع في القرآن .
الثالث : أن في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه : «وتركنا عليه في الآخرين . سلاما » بالنصب وهذا وهذا يدل على أن المتروك هو السلام نفسه .
الرابع : أنه لو كان السلام منقطعا مما قبله لأخل ذلك بفصاحة الكلام وجزالته ، ولما حسن الوقوف على ما قبله .
وتأمل هذا بحال السامع إذا سمع قوله : { وتركنا عليهما في الآخرين } كيف يجد قلبه متشوقا متطلعا إلى تمام الكلام واجتناء الفائدة منه ، ولا يجد فائدة الكلام انتهت وتمت ، ليظهر عندها ، بل يبقى طالبا لتمامها وهو المتروك . فالوقف على { الآخرين } ليس بوقف تام .
فإن قيل : فيجوز حذف المحذوف من هذا الباب ، لأن «ترك » هنا بمعنى «أعطى » لأنه أعطاه ثناء حسنا أبقاه عليه في الأخرى ويجوز في باب «أعطى » وذكر المفعولين وحذفهما والاقتصار على أحدهما : وقد وقع ذلك في القرآن . كقوله : { إنا أعطيناك الكوثر } [ الكوثر : 1 ] ، فذكرهما . وقال تعالى : { فأما من أعطى } [ الليل : 5 ] فحذفهما . وقال تعالى : { ولسوف يعطيك ربك } [ الضحى : 5 ] فحذف الثاني ، واقتصر على الأول . وقال : { يؤتون الزكاة } فحذف الأول . واقتصر على الثاني .
قيل : فعل الإعطاء فعل مدح ، لفظه دليل على أن المفعول المعطى قد ناله عطاء المعطي والإعطاء إحسان ونفع وبر ، فجاز ذكر المفعولين وحذفهما والاقتصار على أحدهما بحسب الغرض المطلوب من الفعل .
فإن كان المقصود إيجاد ماهية الإعطاء المخرجة للعبد من البخل والشح والمنع ، المنافي للاحسان ذكر الفعل مجردا . كما قال تعالى : { فأما من أعطى واتقى } ولم يذكر ما أعطى ، ولا من أعطى . وتقول فلان يعطي ويتصدق ويهب ويحسن ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت » .
لما كان المقصود بهذا تفرد الرب سبحانه بالعطاء والمنع لم يكن لذكر المعطى ولا لحظ المعطى معنى ، بل المقصود : أن حقيقة الإعطاء والمنع إليك لا إلى غيرك ، بل أنت المتفرد بها ، لا يشركك فيها أحد ، فذكر المفعولين هنا يخل بتمام المعنى وبلاغته .
وإذا كان المقصود ذكرهما ذكرا معا كقوله تعالى : { إنا أعطيناك الكوثر } [ الكوثر : 1 ] فإن المقصود إخباره لرسوله صلى الله عليه وسلم بما خصه به وأعطاه إياه من الكوثر . ولا يتم هذا إلا بذكر المفعولين . وكذا قوله تعالى : { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا } [ الإنسان : 8 ] .
وإذا كان المقصود أحدهما فقط اقتصر عليه . كقوله تعالى : { ويؤتون الزكاة } المقصود به : أنهم يفعلون هذا الواجب عليهم ، ولا يهملونه . فذكره لأنه هو المقصود .
وقوله عن أهل النار : { لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين } [ المدثر : 43 . 44 ] لما كان المقصود الإخبار عن المستحق للإطعام أنهم بخلوا عنه . ومنعوه حقه من الإطعام ، وقست قلوبهم عنه كان ذكره هو المقصود ، دون ذكر المطعوم وتدبر هذه الطريقة في القرآن ، وذكره للأهم المقصود ، وحذفه لغيره ، يطلعك على باب من أبواب إعجازه وكمال فصاحته .
وأما فعل الترك : فلا يشعر بشيء من هذا ، ولا يمدح به . فلو قلت : فلان يترك لم يكن مفيدا فائدة أصلا ، بخلاف قولك : يطعم ، ويعطي ، ويهب ، ونحوه ، بل لا بد أن تذكر ما يترك . ولهذا لا يقال : فلان يأكل ، ويقال : مطعم ومطعم . ومن أسمائه سبحانه «المعطي » .
فقياس «ترك » على «أعطى » من أفسد القياس .
وقوله : { سلام على نوح في العالمين } جملة محكية . قال الزمخشري : وتركنا عليه في الآخرين من الأمم . هذه الكلمة - وهي { سلام على نوح } - يعني يسلمون عليه تسليما . ويدعون له ، وهو من الكلام المحكي ، كقولك : قرأت : سورة أنزلناها .
الخامس : أنه قال : { سلام على نوح في العالمين } فأخبر سبحانه أن هذا السلام عليه في العالمين ، ومعلوم أن هذا السلام فيهم هو سلام العالمين عليه ، كلهم يسلم عليه ، ويثني عليه ، ويدعو له . فذكره بالسلام عليه فيهم .
وأما سلام الله سبحانه وتعالى عليه . فليس مقيدا بهم ، ولهذا لا يشرع أن يسأل الله تعالى مثل ذلك : فلا يقال : السلام على رسول الله في العالمين ، ولا : اللهم سلم على رسولك في العالمين ، ولو كان هذا هو سلام الله لشرع أن يطلب من الله على الوجه الذي سلم به .
وأما قولهم : «إن الله سلم عليه في العالمين . وترك عليه في الآخرين » .
فالله سبحانه وتعالى أبقى على أنبيائه ورسله سلاما وثناء حسنا فيمن تأخر بعدهم ، جزاء على صبرهم وتبليغهم رسالات ربهم ، واحتمالهم للأذى من أممهم في الله . وأخبر أن هذا المتروك على نوح عليه السلام هو عام في العالمين ، وأن هذه التحية ثابتة فيهم جميعا ، لا يخلون منها . فأدامها عليه في الملائكة والثقلين طبقا بعد طبق ، وعالما بعد عالم مجازاة لنوح عليه السلام بصبره ، وقيامه بحق ربه ، وبأنه أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض . وكل المرسلين بعده بعثوا بدينه ، كما قال تعالى : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا } [ الشورى : 13 ] .
وقولهم : إن هذا قول ابن عباس ، فقد تقدم . أن ابن عباس وغيره : إنما أرادوا بذلك أن السلام عليهم من الثناء الحسن ولسان الصدق . فذكروا بمعنى السلام عليه وفائدته . والله سبحانه أعلم .
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي عمر
جزاك الله خيرا على نقلك كلام ابن القيم رحمه الله الوارد في جلاء الأفهام..
وحيث أن محل البحث هنا هو في معنى قوله تعالى(كذلك)!
فهل المعنى: وكما تركنا الثناء والذكر الحسن والسلام على هؤلاء الأنبياء فيمن جاء بعدهم نتركه كذلك على المحسنين في الآخرين؟ مع مايرد على هذا القول من أن ذلك ليس إلا للأنبياء عليهم السلام!
أم أن المعنى: وكما جزينا هؤلاء الأنبياء بتفريج كربهم وإجابة دعائهم نجزي المحسنين كذلك فنفرج عنهم كربهم ونستجيب لدعائهم؟
والله سبحانه أعلم بمراده.
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لما أسري برسول الله محمد صلى الله عليه و سلم إلى بيت المقدس و عرج به إلى السماء , كان يجد في كل سماءٍ نبيّاً من الأنبياء , ولم يجدهم كلهم في الفردوس الأعلى أو في السماء السابعة !
وهذا مما يحيّر الصغار الذين يظنون أن كل الأنبياء موجودون في نفس الدرجة من الجنة.
ولكن اقتضت سنة الله و حكمة الله أن يصطفي من البشر بعضاً منهم كما اصطفى من الملائكة أيضاً, فقال الله تعالى: ( الله يصطفي من الملائكة رسلاً و من الناس إن الله سميع بصير ) , و لكن هل الرسل كلهم بنفس الدرجة ؟ يجيب الله تعالى : ( تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض منهم من كلّم الله و رفع بعضهم درجات) و كان ممن فضلهم الله عز و جل أولوا العزم من الرسل , واختار الله و فضّل عليهم جميعاً إمام الأنبياء في بيت المقدس وسيدهم و خاتم النبيين محمد صلى الله عليه و سلم.
ونحن أُمِرنا كمسلمين أن لا نفرق بين أحد من رسله ( لأننا لا نصل إلى درجة صبرهم وإحسانهم فالله عز و جل عصمهم ) بينما نحن نخطئ و نصيب و نجتهد .
ومن بعد الأنبياء فضّل الله الصحابة , و من الصحابة كان الخلفاء الراشدون هم أفضل الناس و أمثلهم طريقة. ولكن هل جزاء الإحسان إلا الإحسان !
هل كل البشر ( من غير الأنبياء و الرسل ) يبتلون بنفس النوع من الابتلاءات ؟ فمن ابتلي كابتلاء نبي من الأنبياء مثلا ( و لكن بدرجة أقل فالأنبياء أشد الناس بلاءاً بلا ريب ) , و ذكر صبر ذاك النبي في ذات الموقف , وامتثل أمر الله بالصبر على ما أصابه متأسياً بالنبي ( بدلا أن يشتكيَ همه للخلق و يبث شكواه لغير خالقه ) فهل يعتبر من المحسنين أم لا ؟
ألا يباهي الله بنا ملائكته ويذكرنا -إن ذكرناه في ملأ- في ملأ خير منهم ؟! ثم من هم الذين سيذكرون الأنبياء و يتأسّون بهم ؟!
ليس كل الناس منقادين لله و لكتبه السماوية , هذا أولا.
وثانيا : من المسلمين من لا يتأسى بالأنبياء و لا يأبه لدين الله.
وثالثا : من يجزع من المؤمنين أو يرتاب في لحظات ضعف كثر , و قد أكون منهم و لكني أستغفر الله و أتوب فورأ لقول الله تعالى : ( إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) في رأيي أن المقصودين من الآخرين في الآية هم ذاتهم الآخرين في سورة الواقعة ( ثلة من الأولين و قليل من الآخرين ) , ذلك أن من يذكر الله و أنبياءه بخير في زماننا من المسلمين أو النصارى أو اليهود هم قلة .. بل الكثير من المسلمين الشباب بالكاد يعرف قصص الأنبياء , فما بالك أن يسترشد و يعتبر بأحوالهم.
لو تأملت الآيات في سورة فصلت لوجدت الفرق بين الكلمتين : المحسنين و المؤمنين.
جاء جبريل عليه السلام ذات يوم على هيئة رجل لم يعرفه أحد من الصحابة , وعندما خرج من مجلس الرسول صلى الله عليه و سلم , قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أن هذا جبريل جاء ليعلمكم دينكم !هذابالرغم من أن جبريل عليه السلام سأل الرسول محمد صلى الله عليه و سلم ثلاثة أسئلة و أجابها الرسول صلى الله عليه و سلم ... فما الذي كان يعلمنا إياه جبريل عليه السلام بتلك الأسئلة ؟
سأل عن الإسلام.

ثم سأل عن الإيمان.
ثم سأل عن الإحسان.
الإسلام بكلمات مبسطة هو الدخول في الدين والشريعة و أداء فرائض الجوارح .

الإيمان بكلمات مبسطة هو الدخول في المعتقد الجديد و لكن من ناحية القلب و اليقين .
الإحسان بكلمات مبسطة هو أن تفعل كليهما معاً و لكن تكبر الله , فتراه معك دائما و مطلع على قلبك و على فرائضك فتستحي أن لا يكون خارجك متوافق مع داخلك .و تظل تبحث عن الكمال في العبادة والأخلاق ارضاءاً لخالقك. وهذا هو الإحسان و هو مطلب فرضه الله على الناس ما بين حياتهم و مماتهم في سورة تبارك ( الملك ) لقول الله تعالى : ( تبارك الذي بيده الملك و هو على كل شيء قدير(1) الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً و هو العزيزالغفور(2) )لا أدري أين الخطأ في أن تفكر أن الله سوف يجازي المحسن من الناس بنفس الجزاء كما الأنبياء ... هذا مع التذكر دوما بأن المحسنين قلة و لكننا نذكرهم بأحسن أعمالهم ,ونثني عليهم , وليس في هذا أي خطأ فهذه آثارهم التي تركوها خلّدها الله في أذهان الناس , و رفع بها ذكرهم , فهل ننسى صلاح الدين الأيوبي مثلاً لأننا لا نريد أن نذكره كما نذكر أنبياء الله .. ثم إن ما وصلنا من تاريخ الأنبياء هو ما نعرفه من كتاب الله أما ما وصلنا من تاريخ الشافعي و مسلم و صلاح الدين الأيوبي و أحمد بن حنبل و غيرهم كثر , ما وصلنا من تاريخهم كثير , و نذكرهم بالخير و بالفقه و العلم, و حينما نرد إليهم العلم فإننا نبارك لهم فيه , و نرد إليهم الفضل في تفصيلهم و اجتهادهم, فنحن نثني عليهم و لكن ليس كأنبياء بل كمحسنين .
ثم إن مما يغيب عن بالك أخي الكريم أنك مطالب في الصلاة بأن تقول لنفسك في التشهد كلاما مقارباً لما قاله عيسى بن مريم عليهما السلام حين ولدته أمه , قال : ( والسّلام عليّ يوم ولدت و يوم أموت و يوم أبعث حيّاً ) و أنت في صلاتك تقول :السلام علينا و على عباد الله الصالحين .

إن أردت أن أقربها لك فسأفعل .. المؤذن له أجر و من يسمعه و يردد خلفه له أجر مثله فهل هما في الأجر متساويان؟
هما متساويان من حيث أصل الأجر و لكن من حيث مضاعفة الأجر فالمؤذن يأخذ أجور من صلوا معه.
ولا أدري أي بأس في أن يقول الله لعباده المحسنين : إنا بمثل هذا نجازي المحسنين ( إنا كذلك نجزي المحسنين )فإن النبي المشار إليه عبدا طائعا لله بجوارحه و مؤمنا بقلبه ( إنه من عبادنا المؤمنين) وأتركك مع حديث لرسول الله صلى الله عليه و سلم :" إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم , كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب , لِتَفاضُلِ ما بينهم ", قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم, قال : " بلى و الذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدّقواالمرسلين".ولكن مع التذكير أن سبعين ألفاً من المتقدمين و كذلك المتأخرين الذين سوف يأتون بعدنا أيضا ( فنحن لسنا نهاية العالم) فقط سبعون ألفا سيدخلون الجنة بلا حساب !وهذا معناه قلة المحسنين , فنحن نجاهد أنفسنا و فتن الدنيا و المصائب و الابتلاءات و نسأل الله الثبات لأننا لا نملك لأنفسنا نفعا و لا ضرا... فقل الحمدلله الذي لم يتخذ ولدا و لم يكن له شريك في الملك و لم يكن ولي من الذل و كبره تكبيرا.
 
عودة
أعلى