مؤلف كتاب (صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي) والمبالغة في اتهام ابن مالك بالكذب

شكرا لك أخي عمار
إن كان في ردي هنا ما يخالف النهج العلمي فبينه لي.
كل ما قاله البدري والمنصور لا يخرج عن دائرة الظن والاحتمال ولا يرقى مطلقا إلى درجة الدليل العلمي.
ما رأيك - بعد هذا_ بهذه العبارة:
الذي أردتّه من قولي ذلك أنَّ معانيَ هذه الأبيات تشبِه النظم،
كيف المعاني تشبه النظم؟ فهو قد وصف المعنى بالسقوط والغثاثة، ولم يصف اللفظ، وتشبيهه لبيت ابن مالك بالبيتين: عجب عجب .. بقر تمشي ولها ذنب إلى آخر البيتين يؤكد أنه كان يريد المعنى، يعني أنه تحصيل حاصل لا فائدة فيه من جهة المعنى.. ثم إن للبيت الذي ذكره ابن مالك نظائر في شعر الاحتجاج خذ مثلا قول عدي بن الرقاع
وَإِذا ما أَرادَ رَحمَةَ قَومٍ رَبُّهُم فَهوَ فاعِلٌ ما يَشاءُ
أليس هذا أيضا خاليا من روح الشعر وفق منظور المنصور؟
ولو تصفحت الشعر القديم لوقفت على أبيات كثيرة تشبه النظم ، ثم مسألة شبه النظم أيضا معيار لا يمكن ضبطه والاتفاق عليه، فكيف نجعله أساسا لحكم خطير وهو نبز ابن مالك بالتدليس وهو المجمع على عدالته وضبطه وورعه وتقواه؟
أما ملتقى المنصور ففي الفضاء الشبكي عنه منأى واسع.
مع التحية الطيبة.
 
الكاتب مسبوق إلى هذه الدعوى الباطة أصلا وليس في هذا الكتاب الذي أصله بحث تكميلي للماجستير من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ولا في الكتب التي سبقته إلى هذه الدعوى أي دليل قاطع بل هي كلها مجرد ظنون وأوهام بنيت عليها أباطيل.
وجمال الدين ابن مالك - صب الله على ضريحه سحائب العفو والغفران والرحمة - عندنا أكبر وأعظم وأعلى من أن تظن به مثل هذه الظنون التي هي أوهى من بيت العنكبوت.
وهذه الأوهام طرحت ونوقشت وردت أكثر من مرة في السنوات الماضية في أكثر من موقع ولا جديد فيها يذكر. والله الموفق.
 
كتب زميلنا بجامعة أم القرى وبمجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية د. عبد الله الأنصاري تعليقا على هذا البحث الغريب:
لايوجد عندنا أحد فوق النقد إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الأخطاء والغلو الممقوت في العلماء تنزيههم عن الخطأ وتقليدهم بلا تحقيق في كل ما يقولونه، وأن تجعل أقوالهم بمنزلة النصوص الشرعية! هذه من الآفات التي تدمر الفكر وتقضي على الإبداع. وابن مالك رحمه الله أثبت شواهد من كلام العرب على سبيل الاستشهاد والتمثيل، وهو ثقة غير متهم، وناقده نفى فصاحة تلك الشواهد ونسبتها للعرب الفصحاء، واعتمد في نفيه على الشك المبني على فهمه الخاص وذوقه، وأيد ذلك بمجموعة من استنباطات وظواهر عامة لاتمت إلى التحقيق العلمي بصلة. فصار في شكه كالماشي في مكانه، لم يتجاوز الشك إلى شيء من اليقين عند التحقيق، وبحثه يخلو من الأدلة العلمية، بل لم يأت ببرهان واحد يصح الاعتماد عليه في مجال البحث العلمي الدقيق، فهو ناف وابن مالك مثبت، والمثبت مقدم على النافي في التحقيق العلمي، لأن المثبت يتكلم عن شيء يعلمه ويتيقنه، والنافي ليس لديه إلا النفي، والنفي ليس علما. والشك لاينفي اليقين.
فيبقى كلام ابن مالك كغيره من كلام العلماء صحيحا وحجة على الأصل، قابلا للرد متى ثبت بدليل علمي نقيض ذلك، وكتب العلماء تعج بمثل هذه الشواهد وليس لدى الناس حجة على قبولها إلا الاعتماد على أن ناقليها ثقات لايشك في أمانتهم وعدلهم ما لم يثبت خلاف ذلك، فما الفرق بين ابن مالك وغيره؟ والكلام يطول في هذا، ولكن أردت تلخيص المسألة ولو بشيء من النقص. والله المستعان.
 
سليمان خاطر:
حياك الله أخي المفضال الدكتور عبد الله الأنصاري وشكر الله لك هذا البيان للحقيقة العلمية.
ولمن يهمه بحث هذا الأمر الغريب في البحث العلمي: أول من عرفته مثيرا لهذه الدعوى هو الدكتور نعيم سلمان البدري في كتابه(صناعة الشاهد النحوي عند ابن مالك الأندلسي) وقد نشره سنة 2010م وفيه وصف ابن مالك بالكذب والنصب واللصوصية وما إلى ذلك من ألفاظ وقحة لا تليق.
وقد أثار هذا الكتاب جدلا واسعا في حينه، وتصدى للرد عليه عدد من الباحثين منهم د.سعد هاشم الطائي.
وكان د.محسن طه قد أشار إشارة إلى هذه الدعوى دون أن يتهم ابن مالك بشيء، في مقدمة تحقيقه لكتاب ابن مالك(التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصيح) وذلك قبل نعيم البدري بمدة طويلة.
وكتب د. جواد الدخيل بحثا في الموضوع بعنوان(نظرة في شواهد ابن مالك،كتاب شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح نموذجا) نشره في مجلة الدراسات اللغوية، العدد الثاني من المجلد الرابع عشر، سنة ١٤٣٣ه . ومضمون البحث هو الدعوى نفسها.
وبعد هذا جاء الأستاذ فيصل المنصور فكتب هذا الموضوع أولا في ملتقى أهل اللغة الذي هو مؤسسه ومديره، وبعد ذلك قدمه موضوعا لبحثه للماجستير من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بعنوان(وضع ابن مالك للشواهد النحوية بين النفي والإثبات) وهو بحث تكميلي نوقش سنة ١٤٣٤ه ولكن عند النشر غير العنوان إلى(تدليس ابن مالك في شواهد النحو عرض واحتجاج) وما أظن أن جامعة يمكن أن تجيز هذا العنوان الأخير الجامع بين الإثارة والاستفزاز في حكم مسبق.
ومن هذا السرد يتضح أن مؤلف الكتاب الأخير أو صاحب البحث الأخير ليس له في الموضوع إلا النقل والتبني والتعمق في دراسة التهمة، والفكرة كلها لمن سبقه؛ فلا أدري كيف أجاز زملاؤنا في الجامعة الإسلامية موضوعا قد قتل بحثا قبل تسجيله، من الباحث ومن سبقوه من وقت قريب ؟! ولأول مرة أرى موضوعا يسجل لدرجة علمية ولو كان بحثا تكميليا للماجستير، بعد أن انتهى بحثه ودرسه والانتهاء من نتائجه وتبني الباحث له ونشره له على الشبكة الدولية للمعلومات !
وكل من يطلع من أهل العلم والتخصص على كل ما كتب في هذه الدعوى أخذا وردا وإثباتا ونفيا ينتهي إلى أنها مجرد دعوى بلا دليل قاطع؛ فكل ما سيق دليلا لإثبات هذا الادعاء الغريب مجرد أوهام وظنون لا ترقى لمستوى الأدلة العلمية القاطعة لأثبات هذه التهمة الباطلة في حق هذا الإمام الجليل والعالم الموسوعي الكبير الذي حفظ ألفيته الملايين في القرون المتطاولة في كل زمان وكتب الله لكتبه الذيوع والانتشار في كل زمان ومكان كما وضع له هو القبول في نفوس أهل العلم وطلبته منذ ظهر للناس عالما متمكنا واسع المعرفة والحفظ والإدراك شديد الحرص على نشر العلم والنفع به. وهو بشر يخطئ ويصيب، وقد رد ورد عليه وناقش ونوقش وجادل وجودل في حياته وبعد مماته من كثير من أعلام أهل العلم؛ فلم ينكر ذلك أحد.
ولا يتوهمنَّ متوهم أننا نرى أحدا من علمائنا السلف فوق النقد؛ إذ كل يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لكن لا يمكن هدم جبل من جبال العلم كابن مالك بمثل هذه الدعاوى المتهافتة المتداعية القائمة على الظنون والأوهام والتخرصات.
وبناء على هذا لا أرى هذه التهمة جديدة من الباحث الأخير ولا على أهل العلم في تاريخ تراثنا العظيم الذي يبدو لي أنه الهدف الذي يراد زعزعة الثقة به في نفوس الأجيال.
وقد اتهم كثير من أهل العلم بمثل هذا في التاريخ حسدا وبغضا وإثارة للشبهات التي تسوقها الشهوات شهوات الرغبة الجامحة في في الشهرة والزهور والبروز التي قد تقصم الظهور.
ولا أرى الأمر في حاجة إلى تكوين لجنة من مجمعنا بل في حاجة منه إلى بيان يحذر من السير وراء مثل هذه الدعاوى الخالية من كل دليل علمي الهادفة إلى زعزعة مكانة التراث وصناعه في نفوس الأجيال.
ومن الإنصاف أن أذكر أني عرفت الباحث الشاب فيصلا المنصور من خلال كتاباته وجهوده ومشاركاته في عدد من المنتديات،منذ ما يقرب من عشر سنوات طالب علم متمكنا في علوم العربية عموما رصين العبارة قوي الحجة واسع الاطلاع شديد الغيرة على العربية وعلومها والتراث عموما جاهدا في الأخذ والعطاء له جهود كبيرة في خدمة العربية وعلومها وطلبتها في كل مكان، وما أرى تبنيه لهذه الدعوى الشنيئة إلا كبوة منه ولعل الله يكشف له الحقيقة يوما؛ فيتراجع عنها. والله الموفق.
 
شكرا لك أخي عمار
إن كان في ردي هنا ما يخالف النهج العلمي فبينه لي.
بارك الله فيكم. لم يعجبني قولكم " ولكن حب الشهرة يعمي ويصم ". فالأحكام إنما تكون على ظاهر الأمور ، وأما النيات...فهي لرب الأرض والسماوات.

كل ما قاله البدري والمنصور لا يخرج عن دائرة الظن والاحتمال ولا يرقى مطلقا إلى درجة الدليل العلمي.
ما رأيك - بعد هذا_ بهذه العبارة:
الذي أردتّه من قولي ذلك أنَّ معانيَ هذه الأبيات تشبِه النظم...
أستاذنا الكريم ، هل قرأتم كتاب الأستاذ فيصل من أوله إلى آخره؟
لا أستطيع الحكم على غائب! وإني والله أحب أن يكون أخي المنصور مخطئا في ما رمى به ابن مالك...ولكن الحق لا يكون بالتمني والتشهي! و"الاجتهاد في العمل ، أصوب من الاتكال على الأماني ".
لعلي يكون لي رأيٌ في ما قال بعد الاطلاع على كتابه:
إذا ما قتلتَ الشيءَ عِلْمًا فَقُلْ به ** وإيَّاك والأمرَ الذي أنتَ جاهِلُه

جزاكم الله خيرا.
 
أحب هنا أن أرحب بالأستاذ الكبير والنحوي القدير المبدع الدكتور بهاء الدين بن عبدالوهاب بن عبدالرحمن الذي انتفعت كثيراً ببحوثه وتحقيقاته النفيسة.
ونحن نسعدُ بكم يا دكتور بهاء في ملتقى أهل التفسير، وقد تشرفنا بحضوركم الكريم، وكم نتوق لمشاركاتكم ونشر بحوثكم في الملتقى لنستفيد منها.
وأما موضوع النقاش فهو كما تفضلتم وتفضل أخونا د.سليمان خاطر ولا مزيد ، وابن مالك هو ابن مالك.
 
كتبت في ملتقى أهل اللغة:
- ابن مالك عالم حجة ثقة بشهادة أهل العلم، لم يتهمه أحد منهم بالكذب أو بأخيه، ومن تكلم فقد آذى نفسه. ولعل أول من اتهمه بالكذب المدعو نعيم سلمان البدري، ولا عجب في ذلك فقد زعم المستشرقون وأفراخهم من قبل أن الشعر الجاهلي كله منحول!
- عدم العلم بالشيء ليس دليلا على العدم، ومن علم حجة على من لم يعلم، والمثبت مقدم على النافي. هذه قواعد علمائنا. وليس التشهي والتحكم والذوق الصوفي من العلم في شيء!ُ
[FONT=&quot]
[/FONT]
وكتبت:
يكفي ردا عليكم أن يكون قدوتكم في اتهام ابن مالك باختلاق الشواهد الشعرية الرافضي الشيعي الخبيث نعيم سلمان غالي البدري رئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية جامعة واسط العراقية، وهو يريد من فعلته الشنيعة أن يطعن في القرآن، وقد فعل من خلال مشاركته في مناقشة رسالة "آراء ابن مالك النحوية في تفاسير القران الكريم، دراسة وتحليل " للطالب (هاني كنهر عبد زيد؟ العتابي)، التي تناول فيها دراسة آراء ابن مالك النحوية التي نقلها المفسرون، ووجهوا إزاءها النصوص القرآنية، فقد نقل المفسرون - كما يزعم- شواهد ابن مالك النحوية الشعرية المتهم باختلاقها، واستدلوا بها في توجيه النصوص القرآنية الكريمة.
 
شكرا جما جزيلا أخي المفضال الدكتور عبد الرحمن زادك الله علما وفضلا ورفعة ذكر، وبارك في منتداكم العلمي وجعله منارة هداية للسالكين سبل العلم والمعرفة.. ويسعدني أن أشارك في مجالسكم العامرة فالله أسأل أن يهيّئ لي الوقت ويعينني على تقديم ما فيه النفع ..
والشكر أيضا لأخي العزيز الأستاذ الدكتور أبي عمر فقد أثنى على المنتدى ومشرفه خير الثناء .
لا زال منتداكم للطالبين موئلا وللسالكين دوحة وظلا.
 
أخي عمار
يكفيني أني قرأت ماكتبه المنصور في منتداه، وهذه قضية لا تستحق أن أنشغل بها أكثر مما انشغلت ، أما ما يتعلق بقولي: حب الشهرة يعمي ويصم، فليس آتيا من فراغ، فالمنصور آفته الغرور وقد احتفظت له بهذه العبارة في مناقشة جرت بيني وبينه، قال المنصور:
وإنَّي أعلمُ أن قومًا ممن يطعنونَ عليَّ = لو كانَ الله تعالَى قدَّرَ أن أكونَ في عهدِ الأولينَ ، ثمَّ رأوا هذا القولَ منسوبًا إليَّ ، لأقبلوا عليهِ يدرسُونَه ، ويستنبطونَ منه ، ولكانَ غايةَ أحدِهم ، ومنتهى مناهُ أن يقالَ عنه : ( فلانٌ يحسِنُ قراءَةَ كتبِ أبي قصيِّ ، أو يفهمُ عنهُ ما يقولُ )
أليس الحكم على قائل هذا الكلام من قبيل الحكم على الظاهر؟
مع التحية الطيبة.
 
أما ما يتعلق بقولي: حب الشهرة يعمي ويصم، فليس آتيا من فراغ، فالمنصور آفته الغرور وقد احتفظت له بهذه العبارة في مناقشة جرت بيني وبينه، قال المنصور:
وإنَّي أعلمُ أن قومًا ممن يطعنونَ عليَّ = لو كانَ الله تعالَى قدَّرَ أن أكونَ في عهدِ الأولينَ ، ثمَّ رأوا هذا القولَ منسوبًا إليَّ ، لأقبلوا عليهِ يدرسُونَه ، ويستنبطونَ منه ، ولكانَ غايةَ أحدِهم ، ومنتهى مناهُ أن يقالَ عنه : ( فلانٌ يحسِنُ قراءَةَ كتبِ أبي قصيِّ ، أو يفهمُ عنهُ ما يقولُ )
أليس الحكم على قائل هذا الكلام من قبيل الحكم على الظاهر؟
حياكم الله.
هذا كلامٌ لا أدري متى قيل ولم قيل! ويظهر لي أنه قد جرى بينك وبين صديقنا الأستاذ فيصل ملاحاة...وقانا الله وإياكم شر التفرق والنَّزاع.
أستاذنا الكريم ، العبد الضعيف يرى في أخيه المنصور عين ما رآه الأستاذ الكريم الدكتور سليمان خاطر من قبل: "عرفت الباحث الشاب فيصلا المنصور...طالب علم متمكنا في علوم العربية عموما رصين العبارة قوي الحجة واسع الاطلاع شديد الغيرة على العربية وعلومها والتراث عموما جاهدا في الأخذ والعطاء له جهود كبيرة في خدمة العربية وعلومها وطلبتها في كل مكان...".
الكتاب بين يديَّ الآن أنظر فيه ، وأحب أنْ أخبركم أَنَّ ما قاله أخونا الباحث في ملتقى أهل اللغة يساوي قدر وريقات معدودات في كتابه الذي كاد يبلغ 200 ورقة! والخلاصة أَنَّ الباحث قد اجتهد في كتابه ، والاجتهاد يُدْفَعُ باجتهادٍ مثله.

جزاكم الله خيرا.
 
لا مزيد عندي حول هذه المسألة على ما ذكره الأساتذة الكرام قبلي، وفقهم الله ، لكن أُحب أن أنبه إلى قضية منهجية أو أخلاقية، وهي أن إنكار التَّعجُّل في انتقاد أو مناطحة الأئمة الكبار الذين أطبق الناس على الاحتفاء بتراثهم وتقدير آرائهم والإفادة من علومهم لا يعني تقديسَهم وسلامتهم من الأخطاء، ولذلك لا ينبغي أن يكون النَّقدُ لابن مالك رحمه الله بهذه الجرأة والأسلوب المثير الذي قد يكون سبباً في تشكيك الطلاب وعوام الناس في قواعد لغتنا الأصيلة.
 
الكاتب مسبوق إلى هذه الدعوى الباطة أصلا وليس في هذا الكتاب الذي أصله بحث تكميلي للماجستير من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ولا في الكتب التي سبقته إلى هذه الدعوى أي دليل قاطع بل هي كلها مجرد ظنون وأوهام بنيت عليها أباطيل...
وهذه الأوهام طرحت ونوقشت وردت أكثر من مرة في السنوات الماضية في أكثر من موقع ولا جديد فيها يذكر. والله الموفق.
جزاكم الله خيرا.
أستاذنا الكريم ، هل تُثْبِتُ الوضعَ أم لا تُثبته؟ يظهر لي أنَّ مذهب الدكتور العتيبي هو أعدل المذاهب ، وبه أقول حتى الساعة...ولكني لا أزال متوقفا في مسألة أنَّ ذلك إنما كان من ابن مالك لغرض التمثيل! وكنتُ قد قرأتُ مقالا صغيرا للدكتور أبي أوس أعجبني...ولعلكم اطلعتم عليه:
مداخلات لغوية - شواهد أم أمثلة:
"أدهشني الدكتور جواد بن محمد بن دخيّل بموضوع مثير عن جملة من بيوت الشعر التي وجدها في كتب ابن مالك وبخاصة كتاب شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح، وتنبه بذكائه المعهود إلى أن هذه البيوت ليست من الشواهد التي وردت في كتب السالفين قبله، ولما دقّق في أمرها وجد أنها ترد أول ما ترد في كتب ابن مالك، وهي بيوت لا تنسب إلى شاعر من الشعراء السابقين ابن مالك؛ فهي إما غير منسوبة وإمّا منسوبة إلى أحد الطائيين، ولما كان ابن مالك طائيًّا استنتج الدكتور جواد من ذلك أن هذه البيوت من نظم ابن مالك نفسه...والأمر على طرافته يحوك في النفس لأمور: الأول أنّ كثيرًا من كتب العربية لمّا تحقق بعدُ، فلعل هذه البيوت واردة فيها، والأمر الثاني استبعاد غفلة النحويين الخالفين ابن مالك عن الفرق بين التمثيل والاستشهاد، والأمر الثالث أنا نجد الشواهد في كتب القدماء لا ينص على أنها شواهد بل تساق مساق بيوت ابن مالك هذه، ومن تلك البيوت مجاهيل لا يعلم لها قائل، والأمر الرابع أن عبارة ابن مالك أقرب إلى الإشعار بالاستشهاد بالبيت لا التمثيل، كما في قوله في (ص28) من شواهد التوضيح والتصحيح «أما مخالفة السماع فمن قِبَل أن الاتصال ثابت في أفصح الكلام المنثور. كقول النبيّ صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه (إنْ يكُنْهُ فلن تسلَّطَ عليه، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله). وكقول بعض العرب: عليه رجلا ليسي. وفي أفصح الكلام المنظوم كقول الشاعر:
لجارِيَ من كانه عزّةٌ
يُخالُ ابنَ عمٍّ بها أَوْ أَجلّ
والأمر الخامس أنه يلي هذا البيت بيت آخر صُدّر بعبارة ابن مالك «ومثله» وهذا البيت من شواهد سيبويه وما نصّ ابن مالك على أنه شاهد وما نسبه لقائله، وهو أبو الأسود الدؤليّ، ومعنى ذلك أن عبارات ابن مالك ليست قاطعة في دلالتها على التمثيل لا الاستشهاد. ووصفه البيت المذكور بأنه من أفصح الكلام المنظوم يشعر بالاستشهاد لا التمثيل مع تقديمه على شاهد سيبويه وتسويته به بقوله (ومثله).
والأمر السادس أن الكتاب موسوم بأنه (شواهد) وقد نص على هذه التسمية في أول الكتاب، قال «هذا كتاب سمّيته شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح»، فالمتوقع أن يكون محتواه كذلك.
ومن أجل ذلك لا أرى النحويين مخطئين في ثقتهم بابن مالك ورواية ما أورده في معرض الاستشهاد.
" اهـ
 
لا تناقض بين ما ذكرته عن غرور صاحبك وما كتبه عنه صاحبي الدكتور سليمان حفظه الله ، ولأن صاحبك لا يرى تناقضا بين أن يكون ابن مالك كما أثنى عليه العلماء وأن يكون في الوقت نفسه مدلسا كذلك لا أرى تناقضا بين أن يكون المنصور واسع الاطلاع وأن يكون مغرورا.
وأفيدك أن هذه العبارة التي تدل على غروره العجيب مأخوذة بالنسخ واللصق من رد له على تعليق لي على مسألة في منتداه ، ولكن للأسف عدّل في المناقشة وبدل وحذف منها أشياء ، وهذا يدل على عدم أمانته أيضا. فهنيئا لك صاحبك.
 
لا تناقض بين ما ذكرته عن غرور صاحبك وما كتبه عنه صاحبي الدكتور سليمان حفظه الله ، ولأن صاحبك لا يرى تناقضا بين أن يكون ابن مالك كما أثنى عليه العلماء وأن يكون في الوقت نفسه مدلسا كذلك لا أرى تناقضا بين أن يكون المنصور واسع الاطلاع وأن يكون مغرورا.
وأفيدك أن هذه العبارة التي تدل على غروره العجيب مأخوذة بالنسخ واللصق من رد له على تعليق لي على مسألة في منتداه ، ولكن للأسف عدّل في المناقشة وبدل وحذف منها أشياء ، وهذا يدل على عدم أمانته أيضا. فهنيئا لك صاحبك.
حيَّاكمُ الله.
أود أن أسألكم سؤالا: هل موضوع الحوار الآن فيصل المنصور أم شواهد ابن مالك؟ فإن كان الأول ، فأنا خارج من هذه الخصومة...والله يقضي بينكم بالحق. وإن كان الثاني ، فلعلك أو أي أحد من الحاضرين يكرمنا بردٍّ عِلْمِيٍّ على كتاب المنصور ، ونحن لكم من الشاكرين.

جزاكم الله خيرا.
 
أبعد كل ما كتب هنا ما زلت تبحث عن رد علمي؟
كأني بك تقول: ما نبز به المنصور ابن مالك من التدليس مبني على أسس علمية وما كتب هنا من ردود ليس من العلم في شيء.. إذن نحتاج إلى تحرير معيار (العلمي وغير العلمي) قبل أن نبحث عن الحق.
 
حبذا يا دكتور بهاء الدين وأنت أستاذنا ومعلمنا أن تكرمنا بعلمك وخبرتك التي نحن في أمسِّ الحاجة إليها في الموضوعات العالقة التي تحتاج الخبراء من أمثالكم من مثل هذا الموضوع :
http://vb.tafsir.net/tafsir25354/
وتوفير وقت مناقشة موضوع شواهد ابن مالك فلا جديد في الموضوع كما تفضلتم .
وأستميح أخي عمار الخطيب أن نتوقف عن نقاش هذا الموضوع في الملتقى، فلا إضافة تذكر فيه، والأمر كما قال د.سليمان خاطر والدكتور بهاء الدين .
وفقكم الله جميعاً ورضي عنكم .
 
أبعد كل ما كتب هنا ما زلت تبحث عن رد علمي؟
ما كَتَبَهُ الأستاذُ أبو مالك العوضي كان رَدًّا على كتاب البدري ، ولم يكن ردًّا على كتاب المنصور...ولا يحفى على عاقلٍ الفروق بين الكتابين. وأما بقية المشاركات ، فهي ردودٌ عامَّةٌ ، والرَّدُّ العلميُّ لا يكون إلا بنقض جميع الأدلة التي ساقها المنصور في كتابه دليلا دليلاً.
والأدلة التي ساقها في كتابه في ما سماه " أدلة اللفظ " هي أقواها في نظري ، وكلامه في هذا الباب قويٌّ...وليس أوهاما وتخرصات كقول البعض! وإذا كنتُ أخالفه في بعض ما ذهب إليه...فإني لا أستطيع دفع بعض ما جاء به أيضا.
أستاذنا الكريم ، الأستاذ فيصل أثبت الوضع ، وهو في هذا مسبوق...ولكنْ قد تَبَيَّن له خطأ من يقول إنَّ ابن مالك لم يضع هذه الأبيات إلا لغرض التثميل لا الاحتجاج...فهو إذن يرى في هذه الشواهد أنها:
1- موضوعة.
2- وأنها شواهد احتجاج لا استئناس.
وإذا كان ذلك كذلك ، فهو صائرٌ بعد ذلك إلى أمرين: إما أن يتوقف في الحكم على ابن مالك ، وإما أن يرميه بالتدليس ، وقد فعل - غفر الله للجميع -!
ولعلي أنقل كلام الذهبي في ابن مالك وقد ذكره المنصور في كتابه:
" وأمَا أشعار العرب الّتي يُستشهَد بها على اللّغة والنّحْو فكانت الأئمّة الأعلام يتحيّرون فِيهِ ، ويتعجبّون من أَيْنَ يأتي بها...".
فإذا كنتَ ممن يقول بالوضع ، وترى أن هذه الشواهد إنما سيقت للتمثيل ، فلعلكم تبسطون القول في ذلك...وإذا كنتَ تثبتُ الوضع ، وترى أنَّ هذه الشواهد شواهد احتجاج...فبماذا
إذن تصف فعل ابن مالك؟
وأما إذا كنتَ تنفي كلا الأمرين ، فهذا يلزم منه الردُّ على البدري والعتيبي والدخيل والمنصور!

حفظكم الله ورعاكم.
 
وأستميح أخي عمار الخطيب أن نتوقف عن نقاش هذا الموضوع في الملتقى، فلا إضافة تذكر فيه، والأمر كما قال د.سليمان خاطر والدكتور بهاء الدين .
وفقكم الله جميعاً ورضي عنكم .
أرسلتُ ردي قبل رؤية مشاركتكم....
ولكن يا أبا عبد الله ، نريد أن ننعم بعلم الأستاذ الكريم الدكتور بهاء الدين...وعلم الدكتور سليمان خاطر ، فلم تمنعنا من مواصلة الحوار غفر الله لك؟
ولو كان الأمر سهلا كما تقولون ، لما أتبعتُ نفسي بالكتابة واستحثاث الفضلاء على مناقشة هذه القضية...ولاتهمتُ عقلي وعقل غيري أيضا.

جزاكم الله خيرا ، وبارك الله فيكم.
 
للذكرى والتاريخ: تعليقي على صدور كتاب تدليس فيصل بن علي المنصور.
كتبت هذا التعليق في ملتقى أهل اللغة؛
فعمد فيصل إليه فأخفاه، وعمد إلى اسمي فحجبه عن موقعه!
ومن طريف ما يروى هنا أن فيصلا المنصور طرب في موقعه لقول صاحبه سعد الماضي
بأنه قد ضارع في كتابه
الجاحظ وأهل عصره في الأسلوب وسحر البيان.
فقلت معلقا:
ليته يكتب تحت ذلك أيضا ما قال
أبو منصور:
"وممَّن تكلم فِي لُغَات الْعَرَب بِمَا حضر لسانَه وروى عَن الْأَئِمَّة فِي كَلَام الْعَرَب مَا لَيْسَ من كَلَامهم عَمْرو بن بَحر الْمَعْرُوف بالجاحظ، وَكَانَ أوتيَ بسطةً فِي لِسَانه، وبياناً عذباً فِي خطابه، ومجالاً وَاسِعًا فِي فنونه، غير أَن أهل الْمعرفَة بلغات الْعَرَب ذمُّوه، وَعَن الصِّدق دفَعوه.
وأخبرَ أَبُو عُمر الزَّاهِد أَنه جرى ذكره فِي مجْلِس أَحْمد بن يحيى فَقَالَ: اعذِبوا عَن ذكر الجاحظ فَإِنَّهُ غير ثِقَة وَلَا مَأْمُون".

 
رأي أ.د. أبي أوس الشمسان في كتاب: تدليس ابن مالك، لفيصل المنصور

رأي أ.د. أبي أوس الشمسان في كتاب: تدليس ابن مالك، لفيصل المنصور

كتب الأستاذ الدكتور أبي أوس إبراهيم الشمسان المقال الآتي حول كتاب الأستاذ فيصل المنصور:

تدليس ابن مالك
يُرَوّعك هذا العنوان الذي تخيّره الأستاذ القدير أبوقصيّ فيصل بن عليّ المنصور لكتابه؛ ولكنه يَروعك متى شرعت تقرأ مقدمته وأخذك بأسلوبه الساحر، وبيانه الباهر، وحسن تخيره ألفاظه، وجمال سبك عباراته التي تجافت عن ترهل جمل المحدثين، واحتذت سمت المتقدمين؛ فكأنه قادم من العصر الرابع أو قبله، جمله قصيرة آخذ بعضها بحجز بعض مؤلفة منظومة رائعة تنسيك جفاف النحو وثقل معالجة العلوم الجادّة. وليس أمر بيوت ابن مالك التي نثرها في أعماله الغزيرة وجهوده العلمية التي تلقاها الناس بالقبول بخاف كل الخفاء عن أفذاذ العلماء؛ بل رابهم من أمرها ما راب غير واحد من أبناء عصرنا هذا؛ ولكنّ لفضل الرجل ومكانه ما درأ عنه التصريح بالأمر. وإني أجد فيصلاً أحسن إذ بادر إلى القول «ومعاذَ الله أن يكونَ غرضي الطَّعنَ في ابنِ مالكٍ، أو الغضَّ من قدرِه، فهو بلا شكٍّ عالمٌ جليلٌ، وركنٌ باذخٌ من أركانِ النَّحو. وقلَّ رجلٌ تعلَّم النَّحو بعدَه إلا وله في عنقِه منَّةٌ، غيرَ أن الحقَّ أكبرُ من الجَميعِ». وليس هذا الكتاب الذي يضعه كاتبه بشجاعة بين أيدينا ثمرة تأمل عابر بل هو نتيجة بحث وتنقير وإحصاء ومراجعة، فهو متصف بمنهج البحث العلمي السليم في إجراءاته وخطواته، عرض لنا في فصله الأول أدلة الوضع على هدي المحققين من علماء الحديث من حيث معالجة السند والمتن، وكان من أدلة الوضع في السند التفرّد والنسبة، وكان من أدلة المتن جانباه لفظه ومعناه، وفي اللفظ كانت الإشارة إلى أن منها المولد ومنها المكررة التي تشي بتكرارها بانتمائها إلى قائل فرد، ومنها اتصافها بقلة الغريب وقلة اشتمالها الأعلام وهذا مخالف لطريقة الشعر القديم، ومنها اجتماع أمور لا تجتمع إلا في صناعة متعمدة، وأما المعنى فكان من أدلته شيوع معان بأعيانها كالمعاني الدينية، ومنها الانحصار في معانٍ محدّدة تدور فيها، ومنها رداءة بعض المعاني، وغثاثتها، ومنها ما سماه تساوق المعاني، ومنها استقلال الأبيات بالمعاني. ولما استوى للباحث أمر فحص بيوت ابن مالك لفظها ومعناه أجاءه هذا إلى الحكم عليه في الفصل الثاني، وهو فصل قصير يبين فيه أن النظر العقلي للمسألة يفضي إلى ثلاثة أقوال لا بد فيها من التخير، فإما القول بأنّه وضعها للتمثيل لا الاستشهاد، وإمّا أنه وضعها للكذب، وإما أنه وضعها للتدليس، وأما القول الأول فيدفعه أنّ ابن مالك صرح بالاستشهاد ببعضها كما في قوله «ومن أظهر الشواهد على صحّة الاستعمال المشار إليه قول الشاعر: ما جادَ رأيًا، ولا أجدى محاولةً إلا امرؤ لم يُضِع دنيا، ولا دينا»(1) وأما القول الثاني فأبطله المؤلف بحجج غير قوية ليختار القول الثالث (التدليس)، فقال «وهو عندي الرأيُ السديدُ الذي لا يجوز العدولُ عنه». وحاول المؤلف التفرقة بين الكذب والتدليس؛ ولكنها محاولة غير مقنعة عندي؛ إذ العبرة بما يؤول إليه الأمر بعدُ، إذ صاحب التدليس عندي أكبر ذنبًا من الكاذب؛ لأن المدلس لم يصدقني القول، ثم صرفني عن التحقق من أمر قوله. ويعقد المؤلف فصلًا بالغ الأهمية يترتب على ما وصل إليه من كشف أمر بيوت ابن مالك، وهو الفصل الثالث، يبين فيه أثرها عند ابن مالك نفسه وأثرها في من جاء بعده من النحويين، وجعل فصلًا رابعًا هو مسرد للبيوت التي تفرد بها ابن مالك، منها ما يجزم بوضعها ومنها ما يظن بوضعها، وحقيق بهذا الفصل أن يجعل ملحقًا بالكتاب لا فصلًا من فصوله. ختم الكاتب عمله بجملة أمور من أهمها أن عدد البيوت التي تفرد بذكرها ابن مالك فلم ترد عند أحد قبله 688 بيت، وأن واضع هذه البيوت هو ابن مالك نفسه من غير تصريح بقائلها؛ فأوهم من جاء بعده أنها من أشعار العرب، وذكر أنَّ ابن مالك لم يبتدع بسبب هذه البيوت أحكامًا جديدة؛ ولكنّ من جاء بعده عدّوها شواهد فرجحوا بها بعض الأقوال والمذاهب؛ ولذلك دعا المؤلف إلى اطراح تلك البيوت، وأنا معه لا لأنني أوصد باب الاستشهاد أو أزويه في زمان أو مكان بل لأنّ اللغة ما انتزع نظامها من اللغة الطبيعية لا المصنوعة. وكنت اطلعت على بعض من الكتابات في العنكبية ألمت بهذا الكتاب فلم تحسن تفهم غرضه ولا اهتدت إلى مداخله، فوقعت في الكاتب لا الكتاب، ولم تقدم ما ينقض ما غزل، ولا ما يفلّ ما أبرم وفتل، وبمثل هذا فعلوا بسلفه نعيم سلمان غالي البدري صاحب كتاب «صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي». إن كان ابن مالك أخطأ في إيهامه فمعاصروه أخطأوا في توهمهم أيضًا، فما من رجل منهم راجعه في أمر تلك البيوت ونسبتها، وأولهم وأولاهم ابنه بدر الدين الذي انبرى لشرح خلاصته واستكمال ما نقص من تأليفه، وهو أمر لا ينتهي منه العجب.
http://www.al-jazirah.com/2014/20140329/cu11.htm
 
الشمسان يرد على الشمسين

الشمسان يرد على الشمسين

وله كذلك في مجلة الجزيرة الثقافية، العدد 382، الخميس 18 من ذي القعدة 1433ه، تعقيب على الدكتور جواد بن محمد بن دخيّل بعنوان "شواهد أم أمثلة"، وهذا نصه:

«أدهشني الدكتور جواد بن محمد بن دخيّل بموضوع(1) مثير عن جملة من بيوت الشعر التي وجدها في كتب ابن مالك وبخاصة كتاب شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح، وتنبه بذكائه المعهود إلى أن هذه البيوت ليست من الشواهد التي وردت في كتب السالفين قبله، ولما دقّق في أمرها وجد أنها ترد أول ما ترد في كتب ابن مالك، وهي بيوت لا تنسب إلى شاعر من الشعراء السابقين ابن مالك؛ فهي إما غير منسوبة وإمّا منسوبة إلى أحد الطائيين، ولما كان ابن مالك طائيًّا استنتج الدكتور جواد من ذلك أن هذه البيوت من نظم ابن مالك نفسه، ويسوغ هذا أن ابن مالك شاعر نظم الكافية الشافية في ألفين وسبع مئة وسبعة وخمسين بيتًا، ولو أن الأمر بقي رهن كتب ابن مالك لهان الأمر؛ ولكنّ من جاء بعده ردّدوا هذه البيوت شواهد من غير شكّ أو مراجعة، وهو أمر دعا الدكتور جوادًا إلى التنبيه إليه لأهميته عند من يلتزم بالشواهد التزام النحويين القدماء من حيث الزمان والمكان، وخشي الدكتور أن يظن ظانٌّ الوضع في ابن مالك فدفع عنه هذه الظنة بأن شأنه شأن أبي علي الفارسيّ الذي مثّل لمسألة نحوية بشعر أبي تمام، وهو ليس من شعراء الاستشهاد، فابن مالك في إيراده تلك الأبيات كان يمثّل للظواهر لا يستشهد لها، واستدل بأنّه يصدّرها بقوله "كقول الشاعر" و"مثله قول الشاعر" و"منه قول الشاعر" وبأنّه لم يقل و"من شواهد ذلك قول الشاعر" أو "يشهد على ذلك قول الشاعر"، وبيّن الدكتور أن المشكلة تكمن في وهم النحويين الخالفين أن هذه البيوت من الشواهد فأوردوها في كتبهم على هذا الأساس.

والأمر على طرافته يحوك في النفس لأمور:

الأول أنّ كثيرًا من كتب العربية لمّا تحقق بعدُ، فلعل هذه البيوت واردة فيها،

والأمر الثاني استبعاد غفلة النحويين الخالفين ابن مالك عن الفرق بين التمثيل والاستشهاد،

والأمر الثالث أنا نجد الشواهد في كتب القدماء لا ينص على أنها شواهد بل تساق مساق بيوت ابن مالك هذه، ومن تلك البيوت مجاهيل لا يعلم لها قائل،

والأمر الرابع أن عبارة ابن مالك أقرب إلى الإشعار بالاستشهاد بالبيت لا التمثيل، كما في قوله في (ص28) من شواهد التوضيح والتصحيح "أما مخالفة السماع فمن قِبَل أن الاتصال ثابت في أفصح الكلام المنثور. كقول النبيّ صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه (إنْ يكُنْهُ فلن تسلَّطَ عليه، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله). وكقول بعض العرب: عليه رجلا ليسي. وفي أفصح الكلام المنظوم كقول الشاعر:
لجارِيَ من كانه عزّةٌ *** يُخالُ ابنَ عمٍّ بها أَوْ أَجلّ


والأمر الخامس أنه يلي هذا البيت بيت آخر صُدّر بعبارة ابن مالك "ومثله" وهذا البيت من شواهد سيبويه وما نصّ ابن مالك على أنه شاهد وما نسبه لقائله، وهو أبو الأسود الدؤليّ، ومعنى ذلك أن عبارات ابن مالك ليست قاطعة في دلالتها على التمثيل لا الاستشهاد. ووصفه البيت المذكور بأنه من أفصح الكلام المنظوم يشعر بالاستشهاد لا التمثيل مع تقديمه على شاهد سيبويه وتسويته به بقوله (ومثله).

والأمر السادس أن الكتاب موسوم بأنه (شواهد) وقد نص على هذه التسمية في أول الكتاب، قال "هذا كتاب سمّيته شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح"، فالمتوقع أن يكون محتواه كذلك.
ومن أجل ذلك لا أرى النحويين مخطئين في ثقتهم بابن مالك ورواية ما أورده في معرض الاستشهاد».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)نظرة في شواهد ابن مالك: كتاب شواهد التوضيح والتصحيح نموذجًا، مجلة الدراسات اللغوية، مج14، ع2، ربيع الآخر-جمادى الآخرة، 1433ﻫ، مارس-مايو 2012م. ص ص 41-63.
 
عودة
أعلى