لَفْتَةٌ فيْ قَوْلِهِ تَعَالىَ: مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ؟

إنضم
10/05/2012
المشاركات
1,360
مستوى التفاعل
37
النقاط
48
الإقامة
جدة
الموقع الالكتروني
tafaser.com
لَفْتَةٌ فيْ قَوْلِهِ تَعَالىَ: مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ؟
يقول تعالى :
(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ)[ص:75]
(قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [الأعراف:12]​
قد يتوهم بعض من لا يفقه اللغة وجود تعارض بين الآيتين في قوله تعالى : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ وأنها تعارض قوله تعالى: مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ وقد اجتهد الكثير من العلماء في محاولة التوفيق بين الآيتين سأعرض أقوالهم بعد توضيح ما تبادر لفهمي ووجدته توجيهاً سديداً ينقض الحاجة لما سواه ، فأقول وبالله التوفيق:
إن المنع في الآية الأولى غير المنع في الثانية ، فهناك منع بمعنى الحجب والصد والإيقاف والقطع ، وهناك منع بمعنى حماية وإلجاء فكانت المفردة القرآنية مختلفة المعنى في كلا الآيتين ، و لما كان المنع له وجهان أولهما القطع والحرمان وثانيهما الحماية والحفظ والإلجاء فنلحظ أن المنع أتى بوجهيه في آيتين متشابهتين فكانا على النحو التالي:
* مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ : ماذا حال بينك وبين السجود كما أمرت ، ماذا جعلك تنهى نفسك عن السجود ، ماذا دعاك للانقطاع عن السجود وترك الطاعة.
ومثال ذلك في القرآن الكريم من المواضع التي أتت فيها مفردة "منع" بمعنى القطع والحرمان في ما يلي:
(قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا)[طه:92]​
أي ما الذي جعلك تمتنع عن نهيهم عن المنكر ودعوتهم لنبذ العجل ، أي ماذا صدك عن مقاومة لأفعالهم وردهم لطريق الحق بعد إذ ظلوا السبيل؟
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[البقرة:114]​
منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه: والمنع هنا هو الصد عن المساجد وحرمان المؤمنين من الصلاة فيها.
(وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) [الماعون:7]​
وهنا يأتي المنع بمعنى الحرمان والقطع ، يمنعون الماعون يحرمون سواهم من كل ما يعينهم.

وهذا الوجه الأول ، أما الوجه الثاني وهو بمعنى الحماية فقد تحقق في الآية الأخرى :
* مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ : ما الذي كنت تتمنع وتدفع به قدرة الله عليك فآثرت عدم السجود ، ماذا ظننت أنه سيحميك ويمنعك من الله فعصيت أمره .
وبذلك فالله جل وعلا لم يكرر الآية في موضعين بل إن كلاً منهما مختلفتان عن بعضهما والمراد أن الله أتاح الفرصة لإبليس الرجيم أن يدافع عن نفسه ويتراجع وإلا فهو جل وعلا أعلم بحاله وأدرى بما سيقول فأقام عليه الحجة.

يقول تعالى :
(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)[الحشر:2]​
وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ: أي حسبوا أن حصونهم منيعة قوية تمنع وقوع العذاب عليهم من الله ومن المؤمنين وتحميهم من وصول أيدي المؤمنين إليهم وأنها ملجأ آمن من الخطر، فكان المنع هنا بمعنى الحماية والإلجاء.

ويقول تعالى:
(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء:141]​
أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ: أي نصرفهم عنكم ونحميكم فتأمنون وتسلمون منهم وتتمنعون من أذاهم.
(أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) [الأنبياء:43]​
آلهة تمنعهم من دوننا : أي تحميهم وتصرف الأذى عنهم ويلجئون إليها من الله فأتى المنع بمعنى الحماية والإلجاء.
جاء في تفسير النابلسي: " المانع: هو الذي يمنعك من كلِّ ما يؤذيك، يمنعك من العطب في دينك ودنياك، الله عزَّ وجلَّ مانع للمؤمنين، يدافع عنهم ويحفظهم ويوفِّقهم، ويؤيِّدهم.
المانع بشكل مطلق.. هو الذي يجعل الحيلولة بين شيئين، إنسان هجم على إنسان لينال منه فاحتمى بإنسان قوي، فهذا القوي منع الأول من أن يعتدي على الثاني فهو مانع أي جعله في منعة وحماية، وهذا غير معنى المانع ضدُّ الإعطاء، المانع هو الحافظ. انتهى كلامه.
فقوله (ما منعك ألا تسجد) لأي شيء لجأت وتمنعت، وبماذا احتميت من الله فأمنته ومن ضمن لك المنعة والحماية فرفضت السجود بينما قوله تعالى (ما منعك أن تسجد)ماهو سبب الحيلولة دون سجودك فأمرك بعدم السجود سواء من ذاتك أو بسبب خارجي.
والمانع من أسماء الله، فهو يمنع المؤمنين ويحميهم وهو يقطع المبتغى إن شاء تعالى، فكان بذلك كلا المعنيين متحققين على أي وجه حُمِلا.



بعض ما قال العلماء في تفسير هذه الآية:

قال ابن جرير رحمه الله رحمه الله في هذا الموضع : "القول في تأويل قوله: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) } قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قيله لإبليس، إذ عصاه فلم يسجد لآدم إذ أمره بالسجود له. يقول: قال الله لإبليس: = (ما منعك) ، أيّ شيء منعك = (ألا تسجد) ، أن تدع السجود لآدم = (إذ أمرتك) ، أن تسجد ="قال أنا خير منه"، يقول: قال إبليس: أنا خير من آدم ="خلقتني من نار وخلقته من طين".
فإن قال قائل: أخبرنا عن إبليس، ألحقته الملامة على السجود، أم على ترك السجود؟ فإن تكن لحقته الملامة على ترك السجود، فكيف قيل له: (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) ؟ وإن كان النكير على السجود، فذلك خلافُ ما جاء به التنزيل في سائر القرآن، وخلاف ما يعرفه المسلمون! قيل: إن الملامة لم تلحق إبليس إلا على معصيته ربه بتركه السجود لآدم إذ أمره بالسجود له.
غير أن في تأويل قوله: (ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك) ، بين أهل المعرفة بكلام العرب اختلافًا، أبدأ بذكر ما قالوا، ثم أذكر الذي هو أولى ذلك بالصواب ، فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: ما منعك أن تسجد = و"لا" ها هنا زائدة، كما قال الشاعر:
أبَى جُودُهُ لا البُخْلَ، وَاسْتَعْجَلَتْ بِهِ ... نَعَمْ، مِنْ فَتًى لا يَمْنَعُ الجُوعَ قَاتِلهْ
وقال: فسرته العرب:"أبى جوده البخل"، وجعلوا"لا" زائدةً حشوًا ها هنا، وصلوا بها الكلام. قال: وزعم يونس أن أبا عمرو كان يجر"البخل"، ويجعل"لا" مضافة إليه، أراد: أبى جوده"لا" التي هي للبخل، ويجعل"لا" مضافة، لأن"لا" قد تكون للجود والبخل، لأنه لو قال له:"امنع الحق ولا تعط المسكين" فقال:"لا" كان هذا جودًا منه.
وقال بعض نحويي الكوفة نحو القول الذي ذكرناه عن البصريين في معناه وتأويله، غير أنه زعم أن العلة في دخول"لا" في قوله: (أن لا تسجد) ، أن في أول الكلام جحدا = يعني بذلك قوله: (لم يكن من الساجدين) ، فإن العرب ربما أعادوا في الكلام الذي فيه جحد، الجحدَ، كالاستيثاق والتوكيد له .. الى أن يقول :
وقال بعضهم: معنى"المنع"، الحول بين المرء وما يريده. قال: والممنوع مضطّر به إلى خلاف ما منع منه، كالممنوع من القيام وهو يريده، فهو مضطر من الفعل إلى ما كان خلافًا للقيام، إذ كان المختار للفعل هو الذي له السبيل إليه وإلى خلافه، فيوثر أحدهما على الآخر فيفعله. قال: فلما كانت صفة"المنع" ذلك، فخوطب إبليس بالمنع فقيل له: (ما منعك ألا تسجد) ، كان معناه كأنه قيل له: أيّ شيء اضطرك إلى أن لا تسجد؟
قال أبو جعفر: والصواب عندي من القول في ذلك أن يقال: إن في الكلام محذوفًا قد كفى دليلُ الظاهر منه، وهو أن معناه: ما منعك من السجود "
وفي آخر عرضه للأقوال فقد رد على من ادعى أن إبليس اُمرَ بالامتناع عن السجود فقال رحمه الله:
"وبعدُ، فإن إبليس لم يأتمر لأمر الله تعالى ذكره بالسجود لآدم كبرًا، فكيف كان يأتمر لغيره في ترك أمر الله وطاعته بترك السجود لآدم، فيجوز أن يقال له: "أي شيء قال لك: لا تسجد لآدم إذ أمرتك بالسجود له؟ ولكن معناه إن شاء الله ما قلت: "ما منعك من السجود له فأحوجك، أو: فأخرجك، أو: فاضطرك إلى أن لا تسجد له"، على ما بيَّنت.
أقول تعليقاً على ذلك : وبذلك لا نجد أثراً لإيراد المنع بمعنى الحماية والإلجاء كأحد الوجوه المحتملة مما عرض الطبري رحمه الله.

وإذا استعرضنا قول الشعراوي رحمه الله في تفسيره نجده يقول :
" ونحن حين نحلل هذا النص، نجد قوله: {مَا مَنَعَكَ} أي ما حجزك، وقد أورد القرآن هذه المسألة بأسلوبين، فقال الحق مرة: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} . وقال مرة أخرى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ} . وهذا يعني أن الأسلوب الأول جاء ب «لا» النافية، والأسلوب الثاني جاء على عدم وجود «لا» النافية. وقوله {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ} كلام سليم واضح؛ يعني: ما حجزك عن السجود. لكن {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} هي التي تحتاج لوقفة. لذلك قال العلماء: إن «لا» هنا زائدة، ومَنْ أَحْسَن الأدب منهم قال: إن «لا» صلة. لكن كلا القولين لا ينفع ولا يناسب؛ لأن من قال ذلك لم يفطن إلى مادة «منع» ولأي أمر تأتي، وأنت تقول: «منعت فلاناً أن يفعل» ، كأنه كان يهم أن يفعل فمنعته.
إذن {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ} كأنّه كان عنده تهيؤ للسجود، فجاءت قوة أقوى منه ومنعته وحجزته وحالت بينه وبين أن يسجد. لكن ذلك لم يحدث. وتأتي «منع» للامتناع بأن يمتنع هو عن الفعل وذلك بأن يقنعه غيره بترك السجود فيقتنع ويمتنع، وهناك فرق بين ممنوع، وممتنع؛ فممنوع هي في {مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ}، وممتنع تعني أنه امْتنع من نفسه ولم يمنعه أحد ولكنّه أقنعه. وإن كان المنع من الامتناع فالأسلوب قد جاء ليؤكد المعنى الفعلي وهو المنع عن السجود. وهذا هو السبب في وجود التكرار في القرآن. ولذلك قال الحق سبحانه: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: 12]
فأقول : رجح رحمه اللهرحمه الله أن الفرق في كل الحالتين كما كان قول الطبري رحمه الله أنها امتناع ذاتي أو منع خارجي وهو مختلف عن قولنا بأن الأولى منع بمعنى القطع والحيلولة دون السجود سواء بقوة داخلية أو خارجية ، والمنع في قوله "ما منعك ألا تسجد" أي بما احتميت واستقويت فأبيت أن تسجد.
والله تعالى أعلم.
 
أَخَانَا عَدْنَانُ, سَلَامٌ عَلَيْكُمْ

إِقْرَؤُوا هَاتِهِ الآيَةَ:
"وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً" عَسَى أَنْ تُعِينَكُمْ !
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اتقوا فتنة : احذروا ان تقع فتنة وقوا أنفسكم من الوقوع فيها.
لا تصيبين الذين ظلموا منكم خاصة : أي لن يقتصر أثرها على الظالمين منكم بل ستتعدى لغيرهم ، أي ستكون فتنة شاملة لا يسلم من الوقوع فبها برٌّ ولا فاجر.

ولكن ما علاقة هذه الآية بموضوع البحث ؟
احسن الله اليكم.
 
لا تصيبين الذين ظلموا منكم خاصة : أي لن يقتصر أثرها على الظالمين منكم بل ستتعدى لغيرهم ، أي ستكون فتنة شاملة لا يسلم من الوقوع فبها برٌّ ولا فاجر.

ولكن ما علاقة هذه الآية بموضوع البحث ؟
احسن الله اليكم.



"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ-وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً"

أَيْ يَا أَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا إِتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الذِّينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً.

أُسْلُوبُ الآيَةِ النَّحْوِيُّ هُوَ الإِسْتِثْنَاءُ: لَا...إِلَّا لِأَنَّ هَاتِهِ الفِتْنَةُ لَا تُصِيبُ جَمِيعَ المُؤْمِنِينَ, بَلِ الذِّينَ ظَلَمُوا مِنْهُ, فِرْقَةً مِنْهُمْ...خَاصَّةً.
فَحَضَرَتْ فِي هَاتِهِ الآيَةُ
"اللَّامُ" النَّافِيَةُ وَ غَابَ حَرْفُ الإِسْتِثْنَاءِ "إِلَّا", أُنْظُرُوا: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ" وَ "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ " وَ "وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ " وَ "وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى" وَ "فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" وَ "
وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ"

إِذًا أَصْلُ الآيَةِ:
يَا أَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا إِتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ إِلَّاَ الذِّينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً, أَيْ بِزِيَادَةِ حَرْفِ "إِلَّاَ" المَحْذُوفِ"

سَائِلٌ يَسْأَلُ: لِمَاذَا أُخْفِي حَرْفُ الإِسْتِثْنَاءِ
"إِلَّا" ؟
(مَع العِلْمِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الحُرُوفِ التِّي يُمْكِنُ أَنْ يُحْذَفَ مِنَ الجُمَلِ لِأَنَّهُ هُوَ الذِّي يُعْطِي صِيغَةَ الإِسْتِثْنَاءَ فَلَوْ أَخْفَيْنَاهُ لَتَبدَّلَ المَعْنَى وَ لَضَلَّ النَّاسُ وَ إِخْتَلَفُوا. وَ هَذَا مَا حَدَثَ)

الجَوَابُ فِي الآيَةِ نَفْسُهَا: لَفْظُ
"خَاصَّةً" ! فَقَدْ جَاءَ لِيَحُلَّ مَحَلَّ "إِلَّا", لَفْظُ خَاصَّةً جَاءَ لِيُنَبّهَ القَارِئَ أَنَّ فِي الآيَةِ تَخْصِيصٌ !
إِسْتِثْنَاءٌ ! وَ مَعَنَاهُ: يَا أَيُّهَا القَارِئُ إِنَّ هَذِهِ الفِتْنَةَ خَاصَّةٌ, خُصِّصَتْ, تَخُصُّ الذِّينَ ظَلَمُوا, فَأَتَى بِهَا مَصْدَرًا فِي آخِرِ الآيَةِ.

سَتَسْأَلُونَ: إِلَى الآنَ مَاهُوَ الرَّابِطُ بَيْنَ هَاتِهِ الآيَةِ و هَذَا الكَلَامِ الذِّي قُلْنَا وَ قَوْلُهُ:
"مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" ؟

الرَّابِطُ هُوَ أنَّ الآيَةَ التِّي بَيَّنَا أَعْلَاهُ لَا يَسْتَقِيمُ مَعْنَاهَا إِلَّا فِي حَالَتَيْنِ: أَيْ لَهَا وَجْهَانِ:
- الأُوَّلُ: الذِّي أَظْهَرْنَا, بِزِياَدَةِ حَرْفِ الإِسْتِثْنَاءِ
"إِلَّا"
- الثَّانِي: بِإِخْفَاءِ حَرْفِ "اللَّامِ" النَّافِي فَتُصْبِحُ الآيَةُ: يَا أَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا إِتَّقُوا فِتْنَةً تُصِيبَنَّ الذِّينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً (هُنَا يَظْهَرُ لِلْقَارِئِ فَائِدَةُ كَلِمَةِ "خَاصَّةً") مَا يَعْنِي أَنَّ حَرْفَ "اللَّامِ" زَائِدٌ.

وَ هُوَ مَا يُفَسِّرُ قَوْلَهُ
"مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" أَيْ حَرْفُ "لَا" زَائِدٌ, لَا إِعْرَابَ لَهُ. (أَلَّا= أَنْ+لَا)
أَيْ أَنَّ أَصْلَ الآيَةِ: "مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ" وَ هَذَا هُوَ المَعْنَى الأَصْلِي للْآيَةِ وَ قَدْ وَرَدَ هَكَذَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
 
باختصار اخي عبدالله

ما منعك أن تسجد = ما منعك ألا تسجد
متساويتان لا اختلاف بينهما وكلا الجملتين تؤديان المعنى ذاته ، واللام مجرد زيادة لا فعل ولا حاجة لها ؟؟
أهذا مقتضى كلامك بارك الله فيك ؟
 
شكراً بارك الله فيك
هذا باعتقادي - وقد أكون مخطئ- ينسب الحشو لكلام الله ، فعدم إدراكنا لفهم معنى الآية لا يسوغ نسبة الحشو والزيادة الغير لازمة لكلام الله ، وإن كان ممكنا في حق البشر أما القرآن فمنزهٌ عن ذلك ، فلماذا يضيف الله حروفاً زائدة طالماً لا استعمال ولا وظيفة لها ؟؟
ولهذا قلنا بأن المنع في الآية الأولى غير المنع في الآية الثانية وبذلك ينتفي القول بالنقيصة والعشوائية والحشو في كلام الله تعالى وما نقوله لا يشكل عليه شيء ولا يظهر ما يرده ، بينما القول بالحشو والزيادة يعالج الاشكال بإشكال آخر ما يدل - في رأيي- على فساده وعدم اتساقه.
هذا رأيي الخاص لا ألزم به أحد ، وفقنا الله واياكم لفهم كتابه على الوجه الذي يرضيه.
 
شكراً بارك الله فيك

هذا رأيي الخاص لا ألزم به أحد ، وفقنا الله واياكم لفهم كتابه على الوجه الذي يرضيه.


نَحْنُ لَسْنَا ضِدَّ آرَائِكُمْ لَكِنَّهَا يَجِبُ أَنْ تُكُونَ مُتَّبِعًةً لِقَاعِدَةٍ أَوْ قِيَاسٍ فِي القُرْآنِ أَوْ فِي كَلَامِ العَرَبِ.
حَتَّى لَوْ كَانَتْ لَكُمْ قَاعِدَةٌ جَدِيدَةٌ فَلَا بَأْسَ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهَا أَمْثِلَةٌ و أنَّهَا لَوْ قِيسَتْ تَسْتَقِيمُ.

المُشْكِلَةُ فِي تَفْسِيرِكُمْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَتَّبِعُ قَاعِدَةً أَوْ قِيَاسًا, هُوَ إِجْتِهَادٌ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلُ.

مَثَلًا, فِي كَلَامِكُمْ لَا يَظْهَرُ أَنَّكُمْ تُفَرِّقُونَ بَيْنَ الحَشْوِ فِي الكَلَامِ وَ الزِّيَادَةُ.

الحَشْوُ لَا يَعْنِي الكَلَامَ الزَّائِدَ الذِّي لَا مَعْنَى لَهُ وَ لَا إِعْرَابَ وَ إِنَّمَا الحَشْوُ فِي الكَلَامِ هُوَ الفَضْلُ وَ هُوَ الرُّذَالَةُ أَيِ الكَلَامُ السَّاقِطُ. أَمَّا الكَلَامَ الزَّائِدَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ حَشْوًا, لَا رَابِطَ بَيْنَهُمَا, هُنَاكَ فَرْقٌ.
الكَلَامُ الزَّائِدُ لَا إِعْرَابَ لَهُ نَحْوِيًّا لَكِنْ لَهُ قِيمَةٌ فِي التَّنَاسُقِ و التَّرْصِيفِ وَ التَّرْكِيبِ.
حَرْفٌ زَائِدٌ لَا يَعْنِي حَشْوًا.

أُنْظُرْ مَثَلًا:
"لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ" "لَا أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَدِ" "فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ"
حَرْفُ اللَّامِ يُسَمَّىَ زَائِدًا لَا إِعْرَابَ لَهُ, لَكِنَّ وُجُوَدَهُ لَهُ شَأْنٍ, فَجَرِّبْ حَذْفَهُ سَتُصْبِحُ الآيَةُ "أَقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ" وَ "أُقْسِمُ بِمَا تَبْصِرُونَ", مَاذَا حَدَثَ ؟
تَبَدَّلَتْ صِيَغَةُ الجُمْلَةِ وَ مَعْنَاهَا وَ
تَسَاوَى قَسَمُ اللَّهِ مَعَ أَيِّ قَسَمٍ آخَرَ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ قَسَمَ اللَّهِ أَعْظَمُ لِذَلِكَ زَادَ "اللَّامِ" لِتَعْظِيمِهِ, وَ الدَّلِيلُ قَوْلُهُ: "فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ-وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ". حَرْفُ اللَّامِ زَائِدٌ لَا إِعْرَابَ لَهُ لَكِنْ لَهُ دَلَالَةٌ وَ مَعْنَى وَهُوَ التَّعْظِيمُ.
وَ ذَاكَ هُوَ النَّحْوُ وَ كَلَامُ العَرَبِ, الحَرْفُ يَكُونُ إِعْرَابِيًّا زَائِدًا فِي الجُمْلَةِ لَكِنَّ أَثَرَهُ كَبِيرٌ وَ قِيمَتُهُ.

وَحَرْفُ اللَّامِ مِنْ أَكْثَرِ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ, و الزِّيَادَةُ فِي كَلاَمِ العَرَبِ نَوْعٌ مِنَ البَلَاغَةِ.

الكَلَامُ الزَّائِدُ فِي القُرْآنِ مُنْتَشِرٌ لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ العَرَبِ مَعْرُوفٌ وَ فِيهِ بَلَاغَةٌ وَ دَلَالَةٌ وَ مِثْلَمَا أَنَّ هُنَاكَ الزِّيَادَةَ فَهُنَاكَ الحَذْفُ وَ الإِخْفَاءُ.
 
مالدلالة والبلاغة أن ينفي مثبتاً فنتورط ونقول زائدة ، وفي موضع آخر يؤدي نفس النتيجة ولكن بإثبات مباشر
أما في قولكم أن رأيي ليس له قياس في القرآن فقد سقت لك الادلة القرآنية التي استعملت فيه المفردة -نفسها- استعمالين مختلفين كل له دلالته فهنا جناس تام واضح بين المنع بمعنى القطع والمنع بمعنى الحماية ، فعلك تسوق سبباً آخر لرفض هذا الرأي.
ولا شك أن الزيادة التي لا معنى لها حشو ، والأدهى أن تنفي ما يراد اثباته أي يكون لها اثر بيّن على الجملة فتكون زيادة ذميمة ، ولم أجد ما سقت من الامثلة ما يطابق ما نحن فيه ، فما تفضلت به لا علاقة له بمحل الاشكال لدينا.
إضافة بسيطة: لو أن ما تفضلت به كافٍ ويرد الاشكال لما اشكلت الآية على المفسرين والعلماء والباحثين ولتقبلوا الرأي مباشرة بصورة بديهية ولكن لو استعرضت آراء العلماء السابقين والمعاصرين لوجدت أن الأمر لم يحله قول "زائدة" بل زادته غموضاً وتعقيداً.
وفقكم الله
 
لَا يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ إِذَا جِيءَ بِحُجَجٍ تَرُدُّ قَوْلَهُ أَنْ يَغْضَبَ, وَ لَا يَجِبُ أَنْ يَتْرُكَ الشَّيْطَانَ يُصِيبُهُ بِنَزْغٍ.

فِي العَرَبِيَّةِ وَ فِي القُرْآنِ هُنَاكَ قَوَاعِدُ وَ أُسُسٌ تَحْكُمُ فِي الجَمِيعِ.
وَ مِنْهَا حُرُوفُ الزِّيَادَةِ مِثْلُ اللَّامِ وَ البَاءِ وَ مِنْ وَ عَنْ, لَهَا مَعَانٍ لَكِنَّهَا تَرِدُ لَا إِعْرَابَ لَهَا فِي الكَلاَمِ وَ هَذَا لَا يُسَمَّى حَشْوًا بَلْ بَلَاغَةًَ. الزَّياَدَةُ مِنَ البَلَاغَةِ مِثْلُ الحَذْفِ وَ الإِخْفَاءِ مِنَ البَلَاغَةِ, وَ أَنَّكَ تُرَدُّ هَذَا القَوْلَ وَ لَا يُدْرِكُهُ عَقْلُكُ لَا يَعْنِي أَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ أَوْ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ لَمْ تُحِيطُوا بِهِ عِلْمًا.

لِذَلِكَ لِمَاذَا لَا تَبْحَثُونَ فِي الكُتُبِ عَنْ مَعَانِي الحُرُوفِ مِثْلُ اللَّامِ وَ البَاءِ وَ مِنْ وَ عَنْ فَسَتَجِدُونَ أَنَّهُ مِنْ مَعَانِيهَا الزِّيَادَةُ وَ سَتَجِدُونَ أَمْثِلَةً مِنَ القُرْآنِ وَ مِنَ الشِّعْرِ

أَمَّا القَوْلُ بِأَنَّ الآيَةَ مُعَقَّدَةٌ وَ الدَّلِيلُ أَنَّهَا أَشْكَلَتْ عَلَى النَّاسِ فَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ وَ لَيْسَ حُجَّةً !
هَلْ إِذَا أَعْطَيْنَا بَعْضَ العَلَفِ لِبَعْضِ الدَّوَابِ وَ لَمْ تَأْكُلْهُ فَهَذَا يَعْنِي أَنَّ العَلَفَ بِهِ شَيْءٌ ؟ أَوْ أَنَّهُ فَاسِدٌ ؟

ثُمَّ إِعْطَاؤُكُمْ مَعْنًى جَدِيدًا لِكَلِمَةِ
"مَنَعَ" أَلَا وَهُوَ الحِمَايَةُ و إِسْتِدْلَالُكُمْ عَلَيْهِ بِالآيَةِ "مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" هَذَا غَرِيبٌ جِدًّا ! المَنْعُ خِلَافُ الإِعْطَاءِ وَ المَنْعُ هُوَ الحُؤُولُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ, تَحْجِيرُ الشَّيْءِ قَطْعُهُ, أَمَّا مَنَعَ بِمَعْنَى "حَمَى" فَهَذَا لَمْ نَسْمَعْ بِهِ وَ لَا نَجِدْ لَهُ سُلْطَانًا إِلَّا تَفْسِيرُكُمْ لِهَاتِهِ الآيَةِ
ثُمَّ أَضَفْتُمْ إِلَيْهَا مَعْنًى سُمَّيْتُمُوهُ
"الإِلْجَاءَ" , تُرِيدُونَ اللُّجُوءَ, هَذَا أَكْثَرُ غَرَابَةً مِنَ الأَوَّلِ فَلَيْسَ مِنْ مَعَانِي مَنَعَ لَجَأَ

وَمِنَ الأَشْيَاءِ العَظِيمَةِ فِي القُرْآنِ أَنَّهُ لَا يُعْطِي فَقَطْ حُجَّةً بَلْ حُجَجًا ! مِنَ الأَشْيَاءِ الجَمِيلَةِ فِيهِ كَثْرَةُ الأَمْثِلَةِ !

لِذَلِكَ مَا رَأْيُكُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
"قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ-أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي"
أَ لَا تَنْظُرُونَ إِلَى حَرْفِ "أَلَا" أَيْ أَنْ وَ لَا ؟؟ وَ أنَّ اللَّامَ هُنَا لَيْسَتْ لِلْنَّفْيِ وَ لَا لِلْجَزْمِ وَ لَا لِلْنَّهْيِ وَ أَنَّهَا "لَامٌ" زَائِدَةٌ !
أَ لَيْسَتْ اللَّامُ جَاءَتْ وَرَاءَ فِعْلِ مَنَعَ وَ بِصِيغَةِ إِسْتِفْهَامِ النَّفْيِ
"مَا مَنَعَكَ" ؟؟

مَعَ العِلْمِ أَنَّكُمْ فِي كِتَابِكُمْ هَذَا أَوْرَدْتُمْ هَاتِهِ الآيَةَ لَكِنَّكُمْ لَمْ تُورِدُوا بَقِيَّتَهَا وَ التِّي فِيهَا صِيغَةُ
"أَلَّا".

أَعْطَيْنَاكُمْ أَدِلَّةً عَلَى أَنَّ "اللَّامَ" زَائِدَةٌ مِنْهَا قَوْلُهُ "لَا أُقْسِمُ" فَتَجَاهَلْتُمُوهَا
سَنَزِيدُكُمْ
- حَرْفُ
"مِنْ" زَائِدٌ: يَقُولُ تَعَالَى: "وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مُحْدَثٍ" وَ الأَصْلُ مَا يَأْتِيهِمْ ذِكْرٌ, قَوْلُهُ: "مَالَكُمْ مِنْ إِلَهُ غَيْرُهُ" أَصْلُهُا مَا لَكُمْ إِلَهُ غَيْرُهُ, قَوْلُهُ "هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ" أَصْلُهَا هَلْ تَرَى فُطُورًا, قَوْلُهُ: "يغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ" أَصْلُهَا يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ, وَ قَوْلُهُ "مَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ" أَصْلُهَا مَا تَسْقُطُ وَرَقَةٌ.
- حَرْفُ
"البَاءِ" يَقُولُ تَعَالَى: "وَالذِّينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا"
وَ أَصْلُ الآيَةِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ مِثْلُهَا وَ الدَّلِيلُ قَوْلُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
"وَ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا", قَوْلُهُ: "كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا" وَ أَصْلُهَا كَفَى اللَّهَ شَهِيدًا.

أَمَّا سَبَبَ وُرُودِ آيَةِ الأَعْرَافِ:
"قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ" وَ إِخْتِلَافِهَا عَنْ آيَةِ صَ: "قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" فَهُوَ كَالآتِي:
- في سُورَةِ الأَعْرَافِ: جَاءَتِ الآيَةُ بعْدَ قَوْلِهِ
"فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يُكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ"
- وَ فِي سُورَةِ ص: جَاءَتِ الآيَةُ بَعْدَ قَوْلِهِ: "إِلَّا إِبْلِيسَ إِسْتَكْبَرَ وَ كَانَ مِنَ الكَافِرِينَ"


أيْ أَنَّ سَبَبَ إِخْتِلَافِ الصِّيغَتَيْنِ هُوَ فِي الآيَاتِ اللَّاتِّي قَبْلَهُنَّ فَأَنْظُرُوا لَهُنَّ مَلِيًّا !

الفَرْقُ أَنَّهُ فِي سُورَةِ الأَعْرَافِ أَخْبَرَ اللَّهُ النَّاسَ بِعَدَمِ سُجُودِ إِبْلِيسَ لَا غَيْرَ.
أَمَّا فِي سُورَةِ ص فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ تَكَبُّرِ إِبْلِيسَ وَ كُفْرِهِ ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ عَدَمِ سُجُودِهِ لِيَعْلَمَ السَّامِعُ أَنَّ سَبَب عَدَمِ سُجُودِ إِبْلِيسَ هُوَ الإِسْتِكْبَارُ وَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الكُفْرِ

يا أَخْ عَدْنَانُ نَحْنُ نَسْتَدْرُكُ عَلَى بَعْضِنَا لِنُوقِظَ بَعْضَنَا وَ لِنُنَبِّهَ بَعْضَنَا البَعْضَ وَ نُصْلِحَ أَخْطَاءَنَا و نُحَسِّنَ أَنْفُسَنَا وَ لَيْسَ لِنَسْتَكْبِرَ عَلَى النَّاسِ أَوْ لِنُبَيِّنَ لَهُمْ أَنَّنَا أَعْلَمُ مِنْهُمْ, لِذَلِكَ الإِنْسَانُ لَا يَجِبُ أَنْ يَأْبَى وَ يَسْتَكْبِرَ وَ أَنْ يُنْصِتَ عَلَّهُ يُفلِحُ, أَمَّا إِذَا كَانَ كُلُّ أَحَدٍ يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ بِالحُجَّةِ تَأْخُذُهُ العِزَّةُ فَإِنَّ الحِوَارَ يُصْبِحُ حِينَهَا لَا فَائِدَةَ مِنْهُ وَ لَا مَنْفَعَةَ.
 
لَا يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ إِذَا جِيءَ بِحُجَجٍ تَرُدُّ قَوْلَهُ أَنْ يَغْضَبَ, وَ لَا يَجِبُ أَنْ يَتْرُكَ الشَّيْطَانَ يُصِيبُهُ بِنَزْغٍ.

وفقك الله لكل خير ، لا أعلم لم اسأت الظن بي وتوقعت أني غاضب لأنك لم تقتنع بقولي ، برغم أني سبقت بالقول أني لا ألزم برأيي أحداً وليس بقول مقطوع بصحته عند غيري ولو كان عندي هو الأصوب ، وعلى كل حال لا بأس فلم أنشر لكي يتفق معي الناس بل لأعلم مثالب رأيي واستدل على مواطن الخلل فيه ، ولكني حتى الآن لم أجد فيه خللاً.

قلت :

ثُمَّ إِعْطَاؤُكُمْ مَعْنًى جَدِيدًا لِكَلِمَةِ "مَنَعَ" أَلَا وَهُوَ الحِمَايَةُ و إِسْتِدْلَالُكُمْ عَلَيْهِ بِالآيَةِ "مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" هَذَا غَرِيبٌ جِدًّا ! المَنْعُ خِلَافُ الإِعْطَاءِ وَ المَنْعُ هُوَ الحُؤُولُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ, تَحْجِيرُ الشَّيْءِ قَطْعُهُ, أَمَّا مَنَعَ بِمَعْنَى "حَمَى" فَهَذَا لَمْ نَسْمَعْ بِهِ وَ لَا نَجِدْ لَهُ سُلْطَانًا إِلَّا تَفْسِيرُكُمْ لِهَاتِهِ الآيَةِ

هنا تأكدت بأنك لم تقرأ المقال كاملاً لانك استغربت من وجود كلمة "منع" بمعنى الحماية وظننت أنني أعطيتها معنى جديداً، برغم أني أتيت بأمثلة ووآيات بينات ولكنك لم تقرأها فلا بأس من إعادتها هنا :
أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ [الأنبياء:43]

تحميهم منا ومن وقوع العذاب عليهم


الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء:141]

ونمنعكم من المؤمنين : نحميكم منهم


هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر:2]

وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ : مانعتهم ملجأ لهم يحميهم من الله​



وقال الراغب: المنع يقال في ضد العطية كرجل مانع ومناع أي بخيل ويقال في الحماية، ومنه مكان منيع وقد منع وفلان ذو منعة أي عزيز ممتنع على من يرومه. والمنع في الآية من الثاني أي ما حماك عن عدم السجود إِذْ أَمَرْتُكَ بالسجود، وإِذْ ظرف لتسجد، وهذه الآية أحد أدلة القائلين بأن



وبما أنكم لم تطلعون على هذه الآيات فقد يتغير رأيكم عند ملاحظتها .
وفقكم الله لكل خير
 
نَحْنُ نُذَكِّرُ أَنْفُسَنَا وَ إِيَّاكُمْ لِكَيْ لَا يَنْزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنَنَا أَيْ نَسْتَبِقُهُ وَ نُحَذِّرُ مِنْهُ و لَا تَغْضَبَنَّ مِنْ قَوْلِنَا أَرْجُوُكُمْ.

حَسَنًا:
مَعَانِي وَ مَوَاضِعُ إِسْتِعْمَالِ حَرْفِ
"اللَّامِ":
- النَّفْيُ: يَقُولُ تَعَالَى:
"ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ" اللَّهُ يَنْفِي وُجُودَ الإِخْتِلَاطِ وَ الشَّكِّ وَ الرِّيبَةِ فِي ذَلِكَ الكِتَابِ الذِّي أَنْزَلَهُ عَلَى النَّبِيِّ.
- النَّهْيُ: يَقُولُ تَعَالَى:
"وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ", اللَّهُ يَنْهَى المُؤْمِنِينَ عَنِ القَوْلِ بِأَنَّ الذِّينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ أَيْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ الفِعْلِ.
- الزِّيَادَةُ:
"لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ", وَ قَوْلُهُ "لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ" أَصْلُهَا لِأَنْ لَا أَيْ لِأَنْ يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ وَ اللَّامُ زَائِدَةٌ وَ قَوْلُهُ "لَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ" حَرْفُ "اللَّامِ" الثَّانِي زَائِدٌ وَ الأَصْلُ لَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَ السَّيِّئَةُ.

وَ نَحْنَ إِخْتَصَرْنَا مَعَانِي إِسْتِخْدَامِ الحَرْفِ.


حَسَنًا, أَنْتُمْ تُنْكِرُونَ قَاعِدَةً مَعْرُوفَةً فِي كَلَامِ العَرَبِ وَ هِي زِيَادَةُ الحُرُوفِ, وَ لَمْ نَأْتِ بِأَدِلَّةٍ مِنَ الشَّعْرِ لَأَنَّكُمْ تُنْكِرُونَ الزِّيَادَةَ فِي الآيَاتِ أَصْلًا إِذًا فَسَتُنْكِرُونَهَا فِي الشِّعْرِ كَذَلِكَ.
إِذًا سَنُبْقِي لِأَجْلِكُمْ إِسْتِعْمَالَانِ لِلْحَرْفِ أَيْ
"اللَّامِ" لَا تَأْتِي إِلَّا لِتَنْفِي شَيْئًا حَدَثًا أَوْ صِفَةً أَوْ غَيْرُهُمْ أَوْ لِتَنْهَى عَنْ شَيْءٍ.

هَلْ يُمْكِنُ أَنْ تُخْبِرُونَا بِمَعْنَى اللَّامِ فِي قَوْلِهِ:
"مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" ؟
بِمَا أَنَّكُمْ تُنْكِرُونَ الزِّيَادَةَ فِي كَلَامِ العَرَبِ وَ القُرْآنِ, إِذًا بَقِيَ لَكُمْ مَعْنَيَانِ إِثْنَانِ هُمَا النَّفْيُ وَ النَّهْيُ فَهَلْ فِي قَوْلِهِ:
"مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" اللَّهُ يَنْفِي شَيْئًا ؟ إِذًا كَانَ نَعَمْ, أَخْبِرْنَا مَاذَا يَنْفِي.
إِذَا كَانَ لَا يَنْفِي فَقَدْ بَقِيَ النَّهْيُ, إِذًا أَخْبَرِنَا عَمَّاذَا يَنْهَانَا اللَّهُ فِي الآيَةِ بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ.

أَخِيرًا: بَعْدَ أَنْ تُجِيبُونَا, وَ نَتَمَنَّى أَنْ تُجِيبُوا حُجَجَنَا لِأَنَّنَا كَتَبْنَا حُجَجًا عَدِيدَةً رَدًّا عَلَيْكُمْ وَ لَمْ تَرُدُّوا عَلَى أَيَّةِ وَاحِدَةٍ مِنْهِمْ, نُرِيدُ أَنْ نُذَكَّرَكُمْ أَنَّ هَذَا قُرْآنٌ كَرِيمٌ مُحْكَمٌ مُتْقَنٌ, كَلَامٌ اللَّهِ حَقٌّ وَ نُورٌ مُنَزَّلٌ يَتَّبِعُ قَوَاعِدَ وَ أَحْكَامَ لِذَلِكَ إِذَا أَرَادَ إِنْسَانٌ أَنْ يُبْرِزَ فِيهِ شَيْئًا فَيَجِبُ أَنْ يَأْتِي بِالحُجَجِ وَ القَوَاعِدِ, أَمَّا رَأْيِي وَ رَأْيُكَ وَ آرَاءُنَا فِإذَا كَانَتْ دُونَ نَصٍّ أَوْ دَلِيلٍ أوْ حُجَّةٍ أَوْ قَاعِدَةٍ فَهِيَ قَوْلٌ بَاطِلٌ يَدْعُو إِلَى ضَلَالَةٍ

وَ قَوْلُ رَأْيٌٍ لَا أُُلْزِمُ بِهِ أَحَدًا وَ أَنَا حُرٌّ وَ أَنْتَ حُرٌّ تَقُولُ مَا تُرِيدُ وَ أَقُولُ مَا أَرِيدُ وَ آخُذُ الرَّأْيَ أَوِ القَوْلَ الذِّي يُعْجِبُنِي أَوْ أرَاهُ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِي فَهَذِهِ التَّبْرِيرَاتُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَقِيمَ مَعَ كَلَامِ اللَّهِ.

أَنَتَ أَتَيْتَ بِحُجَّةٍ وَ أَنَا أَتَيْتُ بِحُجَّةٍ, إِمَّا أَنْ تَأْخُذُ حُجَّتِي أَوْ آخُذَ حُجَّتَكَ و تَرْكِي لِحُجَّتِكَ أَوْ تَرْكُكَ لِحُجَّتِي يَجِبُ أَنْ يُكُونَ مُبَرَّرًا فَاللَّهُ سَائِلُنَا عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ, يَا عَبْدَ اللَّهِ قَدْ جَاءَكَ عَدْنَانٌ يَوْمًا مَا بِحُجَّةٍ فِلِمَا تَرَكْتَهَا ؟ يَجِبُ أَنْ يُكُونَ لِي مُبَرِّرٌ وَ مُبَرِّرٌ حَقٌّ وَ لَيْسَ لَا يَا رَبِّي لَمْ تُعْجِبْنِي حُجَّتُهُ وَ حُجَّتُهُ لَمْ تَدْخُلْ قَلْبِي وَ أَبَتْهَا نَفْسِي. و اللَّهُ سَائِلُكَ وَ سَائِلٌ كُلَّ إِنْسَانٍ قَرَأَ حُجَجًا عَنْ كِتَابِهِ, سَائِلُهُ عَنْ سَبَبِ إِتِّبَاعِهِ هَذَا القَوْلَ و تَرْكِ غَيْرِهِ

مَثَلًا لَوْ قَرَأْنَا حَدِيثًا فِي البُخَارِيِّ صَحِيحٌ مُتْقَنٌ لَكِنْ فِي أَنْفُسِنَا شَيْءٌ مِنْهُ وَ أَحْسَسْنَا أَنَّهُ ضَعِيفٌ لَكِنْ لَمْ نَأْتِ بِحُجَجٍ عَلَى ضَعْفِهِ فَهَلْ لَدَيْنَا الحَقُّ أَنْ لَا نَعْمَلَ بِهِ ؟ أَوْ أَنْ نَتْرُكَهُ ؟ أَبَدًا !

صَحِيحٌ نَعْمَلُ بِهِ وَ نَخْضَعُ لَهُ إِلَى أَنْ نُثْبِتَ ضَعْفَهُ كَذَلِكَ الحَالُ مَعَ التَّفْسِيرِ, نَأْخُذُ مَاهُوَ مَوْجُودٌ إِلَّا التِّي ثَبُتَ ضَعْفُهَا وَ وَهَنُهَا وَ أَتَيْنَا عَلَيْهَا بِالحُجَّةِ, أَمَّا أَنْ يَرْغَبَ الإِنْسَانُ عَنْ آيَةٍ وَ يَأْتِي بِشَيْءٍ يُخَالِفُهَا وَ يُخَالِفُ القَوَاعِدَ دُونَ حُجَّةٍ أَوْ بُرْهَانٍ لِأَنَّ التَّفَاسِيرَ وَ الأَقْوَالَ الأُخْرَى لَمْ تُعْجِبْهُ فَهَذِهِ مُشْكِلَةٌ كَبِيرَةٌ و كَبِيرَةٌ جِدًّا.

نَحْنُ نَعِظُكُمْ كَمَا نَعِظُ أَنْفُسَنَا وَ إِخْوَانَنَا لِذَلِكَ نَرْجُوكُمْ أَنْ لَا تَغْضَبُوا مِنْ قَوْلِنَا وَ لَا تَتْرُكُوا الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَنَا وَ نَحْنُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ نَتَحَاوَرُ دُونَ بُغْضٍ أَوْ حِقْدٍ
 
. ما منعك ألا تسجد، أي شيء منعك تفسق عن أمر ربك، هنا جاءت للدلالة على اللوم على فسقه و خروجه عن طاعته و أكدته الاية 50 سورة الكهف بكلمة "فسق عن أمر ربه"،أي عامة :(و عبر عنه ب إذ أمرتك), و هذا فيه شناعة الفعل، لأن الأوامر يجب أن تمتثل مهما كانت. بينما ما منعك ان تسجد السجود لأدم هو خاص (عبر عنه ب لما خلقت بيدي و فيه تذكير بالوصية التي أوصاها الله قبل خلق آدم).

قال الله تعالى : قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا۠ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍۢ وَخَلَقْتَهُۥ مِن طِينٍۢ[الأعراف:12]

قوله تعالى : إذ قُلْنَا لِلْمَلَٰٓئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لِءَادَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِۦٓ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّيَّتَهُۥٓ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِى وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّۢ ۚ بِئْسَ لِلظَّٰلِمِينَ بَدَلًا[ سورة الكهف:50]
] تفسير البقاعي: ﴿ما مَنَعَكَ﴾ ولَمّا كانَتْ هَذِهِ العِبارَةُ قَدْ صَرَّحَتْ بِعَدَمِ سُجُودِهِ، فَكانَ المَعْنى لا يُلْبَسُ بِإدْخال (لا) في قَوْلِهِ: ﴿ألا تَسْجُدَ﴾ أتى بِها لِتُفِيدَ التَّأْكِيدَ بِالدِّلالَةِ عَلى اللَّوْمِ عَلى الِامْتِناعِ مِنَ الفِعْلِ والإقْدامِ عَلى التَّرْكِ، فَيَكُونُ كَأنَّهُ قِيلَ: ما مَنَعَكَ مِنَ السُّجُودِ وحَمَلَكَ عَلى تَرْكِهِ

2. ما منعك أن تسجد : جاءت خاصة عن سؤال الامتناع عن الأمر و هو بالذات سجوده لآدم عليه السلام عليه السلام (خاصة: لما خلقت بيدي)و أكدته الآية, 34 من سورة البقرة.بكلمة "آبي"

قوله تعالى:قَالَ يَٰٓإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ [سورة ص75].


و قوله : وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰٓئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لِءَادَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ سورة البقرة 34.

تفسير القرطبي :قوله تعالى : قال يا إبليس ما منعك أي صرفك وصدك " أن تسجد " أي عن أن تسجد لما خلقت بيدي أضاف خلقه إلى نفسه تكريما له ،

فكأن الأولى لماذا فسقت عن أمر ربك(عامة) و التانية لماذا أبيت ان تسجد.(خاصة).
و الله أعلم
 
اخي المبارك عبدالله بن بشر
أتيت لك بما يثبت أنني استشهدت بكتاب الله وأثبت لك أن منع لها معنيين أولهما القطع وثانيهما الحماية
ومررت عليه كمر السحاب :)
لا تعليق ولا كأنك رأيت كلامي لا في الموضوع الأصلي ولا في الردود
ولازلت أقول لم ولن أغضب
 
اخي المبارك عبدالله بن بشر
أتيت لك بما يثبت أنني استشهدت بكتاب الله وأثبت لك أن منع لها معنيين أولهما القطع وثانيهما الحماية
ومررت عليه كمر السحاب :)
لا تعليق ولا كأنك رأيت كلامي لا في الموضوع الأصلي ولا في الردود
ولازلت أقول لم ولن أغضب

بَلَى بَلَى وَ أَرْجَعْنَا عَلَيْكَ حَوْلَ مَعَانِي فِعْلِ "مَنَعَ"
وَ مَعَكُمْ حَقٌّ لَمْ نَرَ بَعْضَ مَا كَتَبْتُمْ لَكِنْ لَا نَدْرِي لِمَاذَا.

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.

شَيْءٌ جَمِيلُ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ غَاضِبِينَ وَ كَذَلِكَ نَحْنُ وَ هَذَا هُوَ مَطْلَبُنَا أَنْ نَتَحَاوَرَ بِلُطْفٍ وَ وِدٍّ وَ بِحُجَجٍ.
لَكِنَّكُمْ لَمْ تُجِيبُوا عَنْ سُؤَالِنَا:

هَلْ
"مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" نَفْيٌ أَوْ نَهْيٌ ؟ إِذَا كَانَ نَفْيًا فَمَاذَا يَنْفِي وَ إِذَا كَانَ نَهْيًا فَعَنْ مَاذَا يَنْهَى ؟
هَذَا هُوَ طَلَبُنَا لَا غَيْرُ

وَ قَبْلَ أَنْ تُجِيبُوا إِعْلَمُوا أَنَّهُ فَخٌّ لِأَنَّكُمْ عِنْدَ إِجَابَتِكُمْ سُتُبْطِلُونَ قَوْلَكُمْ.
لَكِنْ بِمَا أَنَّكُمْ قَلْتُمْ بِأَنَّهُ قَوْلٌ لَا خَلَلَ فِيهِ يَعْنِي أَنَّهُ مُسْتَقِيمٌ وَ مُتَمَاسِكٌ يَعْنِي لَا خَوْفَ عَلَيْهِ

هَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ.
 
مَعَكُمْ حََقٌّ هُنَاكَ جُزْءٌ مِنْ قَوْلِكُمْ الذِّي فِيهِ آيَاتٌ بَيَّنْتُمْ فِيهَا مَنَعَ وَ أَعْطَيْتُمُوهَا مَعَنَى حَمَى سُنُجِيبُكُمْ عَلَيْهَا بِإِذْنِ اللَّهِ بَعْدَ حِينٍ وَ لَكِنَّنَا نَنْتَظَرِ مِنْكُمْ إِجَابَتَنَا عَلَى طَلَبِنَا

الآيَةُ نَهْيٌ أَوْ نَفْيٌ ؟ إِذَا كَانَتْ نَهْيًا عَنْ مَاذَا تَنْهِي ؟ إِذَا كَانَتْ نَفْيًا مَاذَا تَنْفِي ؟
 
ليست نفياً ولا نهياً

هو سؤال استنكاري فالله يستجوب ابليس عن سبب امتناعه عن السجود هل هو سبب ذاتي امتنع لأجله عن تنفيذ أمر الله وعبر عن ذلك بقوله تعالى (ما منعك أن تسجد) أي ماهو سبب عصيانك لأمري بالسجود لآدم.
أما في الموضع الآخر فهو سؤال يستجوب فيه ابليس عمن اتكلت عليه في أن يحميك من بطش الله فعصيت الله وأمنت عقابه ؟؟ ، فقال : (ما منعك ألا تسجد) أي من الذي وفر لك الحماية والمنعة مني فجعلك تعصي أمري ولا تسجد؟
فمعنى "منع" في الآيتين مختلف لذلك حصل الاشكال واللبس عند المفسرين عندما صرفوا المنع في الآيتين لذات المعنى وهو الامتناع والرفض ، ولو أنزلوا معنى المنع بمعنى الحماية في الموضع الثاني لوجد أن كتاب الله لا يوجد فيه حرف زائد وأنه في موضعه تماماً.

فلا يوجد في الآية لا نهيٌ ولا نفي.

أرجو حفظك الله أن تقرأ ما أجيبك به بتؤدة وتفحص وعناية ، ولو اضطر الأمر للعودة لمتن الموضوع والله الموفق.
 
ليست نفياً ولا نهياً

فلا يوجد في الآية لا نهيٌ ولا نفي.

أرجو حفظك الله أن تقرأ ما أجيبك به بتؤدة وتفحص وعناية ، ولو اضطر الأمر للعودة لمتن الموضوع والله الموفق.

[FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif]نَعَمَ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنَّنَا لَمْ نَرَ الجُزْءَ الذِّي ذَكَرْتُمْ فِيهِ تَفْسِيرَ فِعْلِ [/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif]"مَنَعَ"[/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif] وَ لَا جَرَمَ أَنَّهُ خَطَأُنَا وَ عَذْرًا.

نَحْنُ سَنَتْرُكُ تَفْسِيرَ
[/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif]"مَنَعَ"[/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif] بَلْ سَنَقُولُ: حَسَنًا [/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif]"مَنَع"[/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif] تَعْنِي [/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif]"حَمَى".[/FONT]
[FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif]
لَكِنْ إِذَا كَانَ حَرْفُ
[/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif]"اللَّامِ"[/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif] لَا يَنْهَى وَ لَا يَنْفِي حَسْبَ قَوْلِكُمْ, وَ أَنْتُمْ تُنْكِرُونَ الزِّيَادَةَ, فَلَوْلَا أَخْبَرْتُمُونَا مَاذَا جَاءَتِ [/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif]"اللَّامُ"[/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif] تَفْعَلُ فِي الآيَةِ إِذًا ؟ لِمَاذَا هُنَاكَ [/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif]"لَامٌ"[/FONT][FONT=Tahoma, Geneva, sans-serif] ؟ فَمَا سَبَبُ وُجُودِهَا ؟[/FONT]
 
دعني اتبع أسلوباً آخر لعلني فشلت في توصيل الفكرة ، وحبذا النجدة من الاخوة والأخوات إن كنتُ أسأت التعبير والايضاح فصوبوني رجاءً..

حسناً دعنا اخي عبدالله نعوض بدلا من الكلمة بمعناها :

نحن متفقون أن :

تسجد = تطيع أمري (لأنك نفذت أمر السجود لآدم)

لا تسجد = تعصي أمري (لأنك خالفت أمر الله ولم تسجد لآدم)

حسنا دعنا نستبدل تسجد ولا تسجد بما يساويها:

(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تطيع أمري (وهنا يظهر المعنى ، وماذا حال بينك وبين طاعتي بالسجود؟؟)
(قَالَ مَا مَنَعَكَ تعصي أمري إِذْ أَمَرْتُكَ (وهنا يظهر المعنى بماذا احتميت مني ولجأت له لتعصي أمري وتأنف من السجود؟؟)

ألّا تسجد تنفي السجود فلو كان (منعك) اي حجزك وحال دون الفعل لصار ابليس سجد فعلا لله والله يسأله لماذا لم تمتنع عن السجود يا ابليس ؟؟ (ما منعك ألا تسجد) وهذا ما قاله العلماء والمفسرون وحاروا فيه وبحثوا عن مخرج فلم يجدوا الا أن يقولوا زائدة ، وفات على فهم كثير منهم أن كلمة منع لها وجهين فلو صرفوا وجه الحماية لآية الثانية لانتفى اللبس واختفى الاشكال.

ارجوك اقرأ ما قلت بدقة ، ويا أهل التفسير إن فشلت في ايضاح مقصدي ارجوكم صوبوني وابلغوني .
 
نَحْنُ فَهِمْنَا مُرَادَكُمْ لَكِنَّنَا نُرَاقِبُ مَدَى إِسْتِقَامَةِ كَلَامِكُمْ وَ قَاعِدَتِكُمْ مَعَ الآيَاتِ وَ البَرَاهِينِ.

نُلَخِّصُ:
بِالنِّسْبَةِ لَكُمْ: سَجَدَ تَعْنِي أَطَاعَ وَ لَمْ يَسْجُدْ تَعْنِي عَصَى
أَيْ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ تَعْنِي مَا مَنَعَكَ أَنْ تُطِيعَ
وَ مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَسْجُدَ تَعْنِي مَا مَنَعَكَ أَنْ تَعْصِيَ ثُمَّ لِيَسْتَوِيَ المَعْنَى قُلْتُمْ أَنَّ سَبَبَ إِخْتِلَافِ الآيَتَيْنِ هُوَ إِخْتِلَافُ مَعَانِي فِعْلِ
"مَنَعَ" وَ قُلْتُمْ أَنَّهُ فِي الأُولَى مَعْنَاهُ هُوَ الحَجْزُ وَ الصَّدُّ وَ فِي الثَّانِيَةِ مَعْنَاهُ هُوَ الحِمَايَةُ وَ اللُّجُوءُ (مَعَ العِلْمِ أَنَّ الحِمَايَةَ لَيْسَ مِنْ مَعَانِيهَا اللُّجُوءُ فَهَذَانِ فِعْلَانِ مُخْتَلِفَانِ).

هَذَا كَلَامُكُمْ عِنْدَ تَعْرِيفِكُمْ مَعْنَى فِعْلِ
"مَنَعَ" فَقُلْتُمْ: "إن المنع في الآية الأولى غير المنع في الثانية ، فهناك منع بمعنى الحجب والصد والإيقاف والقطع ، وهناك منع بمعنى حماية وإلجاء"

يَعْنِيِ أَتَيْتُمْ بِقَاعِدَةٍ جَدِيدَةٍ هِيَ إِذَا جَاءَتْ كَلِمَةُ "مَنَعَ" مَعَ فِعْلٍ فَهْيَ تَعْنِي حَجَزَ وَ صَدَّ أَمَّا إِذَا جَاءَتْ مَنَعَ مَعَ حَرْفِ "اللَّامِ" ثُمَّ فِعْلٍ فَإِنَّهَا تَعْنِي حَمَى.

يَعْنِي أَيُّ قَارِئٍ لِلْقُرْآنِ إِذَا رَأَى:
مَنَعَ + فِعْلٍ = فَمَعْنَاهُ الأَصْلِيُّ المَنْعُ وَ الحَجْزُ وَ الصَّدُّ.
وَ مَنَعَ + لَا + فِعْلٍ = فَمَعْنَاهُ الحِمَايَةُ وَ اللُّجُوءُ.

أَ رَأَيْتُمْ ؟ قَدْ فَهِمْنَا مُرَادَكُمْ.

** الآنَ سَنَتَّبِعُ قَاعِدَتَكُمْ وَ نُجَرِّبُهَا وَ نُسْقِطُهَا عَلَى الآيَاتِ:
- يَقُولُ تَعَالَى:
"قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ":
تَرْكِيبَةُ الآيَةِ هُنَا: مَنَعَ + فِعْلٍ دُونَ حَرْفِ اللَّامِ أَيْ حَسْبَ قَاعِدَةِ عَدْنَانَ المَعْنَى هُوَ الحَجْزُ وَ الصَّدُّ أَيْ قَالَ المُنَافِقُونَ لِلْكَافِرِينَ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَ نَصُدَّكُمْ وَ نَمْنَعْكُمْ مِنَ المُؤْمِنِينَ

إِذَا قَلْتُمْ يَا عَدْنَانُ نَعَمْ هَذَا مَعْنَاهَا فَإِنَّكُمْ طَبَّقْتُمْ القَاعِدَةَ لِكِنَّكُمْ تَضْطَرِبُونَ مَعَ أَنْفُسِكُمْ فَقَدْ قُلْتُمْ أَعْلَاهُ عِنْدَ تَفْسِيرِكُمْ لِهَاتِهِ الآيَةِ: "
ونمنعكم من المؤمنين : نحميكم منهم"


المِثَالُ الثَّانِي: يَقُولُ تَعَالَى: "قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَتَّبِعَنِ"
تَرْكِيبَةُ الآيَةِ:
مَنَعَ + لَا + فِعْلٍ = حَسْبَ قَاعِدَتِ عَدْنَانَ فَإِنَّ المَعْنَى الحِمَايَةُ وَ اللُّجُوءُ
إِذًا تَعْنِي الآيَةُ: يَا هَارُونُ مَا الذِّي حَمَاكَ وَ لَجَأْتَ لَهُ

إِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ هَذَا تَفْسِيرُهَا فَحِينَهَا تَكُونُونَ إِتَّبَعْتُمْ قَاعِدَتَكُمْ فِي تَفْسِيرِ هَاتِهِ الآيَةِ لِكِنَّكُمْ أَعْطَيْتُمُوهَا مَعْنًى غَيْرَ مَفْهُومٍ ثُمَّ سَتَكُونُونَ مُنَاقِضِينَ لِأَنْفُسِكُمْ فَقَدْ ذَكَرْتُمْ أَعْلَاهُ: "
أي ما الذي جعلك تمتنع عن نهيهم عن المنكر ودعوتهم لنبذ العجل ، أي ماذا صدك عن مقاومة لأفعالهم وردهم لطريق الحق بعد إذ ظلوا السبيل؟"

المِثَالُ الثَّالِثُ: يَقُولُ تَعَالَى: "أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا"
تَرْكِيبَةُ الآيَةِ: مَنَعَ + فِعْلٍ = إِذَا طَبَّقْنَا القَاعِدَةَ فَالآيَةُ تَعْنِى أَ لَهُمْ آلِهَةٌ تَصُدُّهُمْ مِنْ دُونِنِا
إِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ ذَاكَ مَعْنَاهَا فَأَنْتُمْ تَتَّبِعُونَ قَاعِدَتَكُمْ لَكِنَّكُمْ سَتُنَاقِضُونَ أَنْفُسَكُمْ لِأَنَّكُمْ قُلْتُمْ أَعْلَاهُ: "
أي تحميهم وتصرف الأذى عنهم ويلجئون إليها من الله فأتى المنع بمعنى الحماية والإلجاء." و قلتم: "تحميهم منا ومن وقوع العذاب عليهم"

هَا قَدْ أَتْيْنَا بِتَلْخِيصٍ لِمَا قُلْتُمْ, أَوْرَدْنَا أَقْوَالَكُمْ, أَخْرَجْنَا القَاعِدَةَ التِّي تَتَّبِعُونَهَا و أَتْبَعْنَاهَا بِأَمْثِلَةٍ
نَحْنُ نَنْتَظِرُ تَفْسِيرَكُمْ لِهَذَا رَغْمَ أَنَّكُمْ هَرَبْتُمْ مِنْ مَطْلَبِنَا السَّابِقِ عِنْدَمَا سَأَلْنَاكُمْ عَنْ فَائِدَةِ حَرْفِ
"اللَّامِ" فَقُلْتُمْ أَنَّهُ لَيْسَ نَفْيًا وَ لَا نَهْيًا وَ لَمْ تُعْلِمُونَا بِإِعْرَابِهِ و فَائِدَتِهِ إِذًا, قُلْتُمْ إِسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِي, الإنْكَارُ هُوَ النَّفْيُ
 
يَعْنِي أَيُّ قَارِئٍ لِلْقُرْآنِ إِذَا رَأَى:
مَنَعَ + فِعْلٍ = فَمَعْنَاهُ الأَصْلِيُّ المَنْعُ وَ الحَجْزُ وَ الصَّدُّ.
وَ مَنَعَ + لَا + فِعْلٍ = فَمَعْنَاهُ الحِمَايَةُ وَ اللُّجُوءُ.

أخي أحسنت في فهم مرادي وأسأت في تطبيقه، وأحسن الظن فأقول انه خطأ غير متعمد ، نعم أقول منع تختلف في معناها حسب السياق ، فالسياق هو من يحدد أي المعنيين هو المراد في الآية ، وهذا ليس في مفردة (منع) بل في مفردات أخرى تحتمل معنى في كل سياق تأتي فيه ، ولنر كيف أنك لم تلتزم بما أقريت به واستخدمت آيات لم اقل بأن معنى فيها بمعنى (حمى وحفظ) :


** الآنَ سَنَتَّبِعُ قَاعِدَتَكُمْ وَ نُجَرِّبُهَا وَ نُسْقِطُهَا عَلَى الآيَاتِ:
- يَقُولُ تَعَالَى: "قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ":
تَرْكِيبَةُ الآيَةِ هُنَا: مَنَعَ + فِعْلٍ دُونَ حَرْفِ اللَّامِ أَيْ حَسْبَ قَاعِدَةِ عَدْنَانَ المَعْنَى هُوَ الحَجْزُ وَ الصَّدُّ أَيْ قَالَ المُنَافِقُونَ لِلْكَافِرِينَ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَ نَصُدَّكُمْ وَ نَمْنَعْكُمْ مِنَ المُؤْمِنِينَ

سبحان الله استبدلت كلمة نمنعكم بكلمة نصدكم في حين كان المفروض نزولا عند قاعدتي على حد زعمك ان تستعمل "نحميكم" وليس نصدكم التي لا أعرف من اين اتيت بها في حين اني قلت "فهناك منع بمعنى الحجب والصد والإيقاف والقطع ، وهناك منع بمعنى حماية وإلجاء " فعندما نوظف المفردة الشارحة للسياق فنقول:
"قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ"
"قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ ونحميكم مِنَ الْمُؤْمِنِينَ"
فهنا يتسق معنى العبارة الشارحة مع السياق فانتبه اخي.


المِثَالُ الثَّانِي: يَقُولُ تَعَالَى: "قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَتَّبِعَنِ"
تَرْكِيبَةُ الآيَةِ: مَنَعَ + لَا + فِعْلٍ = حَسْبَ قَاعِدَتِ عَدْنَانَ فَإِنَّ المَعْنَى الحِمَايَةُ وَ اللُّجُوءُ
إِذًا تَعْنِي الآيَةُ: يَا هَارُونُ مَا الذِّي حَمَاكَ وَ لَجَأْتَ لَهُ

لا يوجد في كتاب الله آية كما قلت


المِثَالُ الثَّالِثُ: يَقُولُ تَعَالَى: "أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا"
تَرْكِيبَةُ الآيَةِ: مَنَعَ + فِعْلٍ = إِذَا طَبَّقْنَا القَاعِدَةَ فَالآيَةُ تَعْنِى أَ لَهُمْ آلِهَةٌ تَصُدُّهُمْ مِنْ دُونِنِا
إِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ ذَاكَ مَعْنَاهَا فَأَنْتُمْ تَتَّبِعُونَ قَاعِدَتَكُمْ لَكِنَّكُمْ سَتُنَاقِضُونَ أَنْفُسَكُمْ لِأَنَّكُمْ قُلْتُمْ أَعْلَاهُ: " أي تحميهم وتصرف الأذى عنهم ويلجئون إليها من الله فأتى المنع بمعنى الحماية والإلجاء." و قلتم: "تحميهم منا ومن وقوع العذاب عليهم"

هنا ترتكب مغالطة أخرى فتستعمل مفردة شارحة معاكسة للقاعدة التي قلناها :

أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ [الأنبياء:43]
أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تحميهم مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ
فعوضنا بالكلمة المناسبة للسياق ووجدناها متسقة فعلا ، فالله يسأل سؤال استنكاري ، هل لهم آلهة تحميهم وتنصرهم بدوننا بل هم لا يستطيعون نصر انفسهم فكيف سيحمون من يعبدون.

وأزيدك آية لتدرك مفهوم المنع الذي نقول به:


مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا۟ وَظَنُّوٓا۟ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا۟

مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا۟ وَظَنُّوٓا۟ أَنَّهُم حاميتهم حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا۟

هل وضحت الفكرة ، اعتقد حفظك الله أني سلكت كل السبل لإيضاح مرادي وفي كل مرة جزاك الله خيراً تلف تدور وتحور كلامي وانا احسن الظن بأن ذلك ليس تعمداً بل عدم علم وأعذركم بارك الله فيكم ويسر لنا ولكم فهم كتابه على الوجه الذي يرضيه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
"قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا-أَلَّا تَتَّبِعَنِي"
أَخْطَأْنَا عِنْدَمَا حَذَفْنَا مِنْهَا "إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا" لِنُقَرِّبَ فِعْلَ "مَنَعَ" مِنْ المَفْعُولِ "أَلَّا تَتَّبِعَنِي".
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ العَظِيمَ.

نَحْنُ عِنْدَ ذِكْرَنَا مَا قُلْتُمْ وَ تَلْخِيصُنَا لَهُ لَمْ نَأْتِ بَأَشْيَاءِ مِنْ عِنْدِنَا إِنَّمَا جَمَعْنَا أَقْوَالَكُمْ وَ رَتَّبْنَاهَا.
نُلَخِّصُهَا مَرَّةً أَخِيرَةً:

عِِنْدَمَا أَتَى مَنَعَ+مَفْعُولٍ:
-
"وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" فَقُلْتُمْ: " والمنع هنا هو الصد عن المساجد وحرمان المؤمنين من الصلاة فيها"
- "وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ" فَقُلْتُمْ: "وهنا يأتي المنع بمعنى الحرمان والقطع"
- "مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ" فَقُلْتُمْ: أي حسبوا أن حصونهم منيعة قوية تمنع وقوع العذاب...وتحميهم من وصول أيدي...وأنها ملجأ آمن من الخطر، فكان المنع هنا بمعنى الحماية والإلجاء.

يعْنِي أَنَّ صِيغَةَ مَنَعَ+مَفْعُولٍ أَعْطَيْتُمُوهَا مَعْنَيَيْنِ فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ:
- الآيَةُ الأُولَى وَ الثَّانِيَةُ: الصَّدُّ وَ الحِرْمَانُ وَ القَطْعُ
- الثَّالِثَةُ: الحِمَايَةُ وَ اللُّجُوءُ

لَا يُمْكِنُ أَنْ نَكُونَ أَخْطَأْنَا فَتِلْكُمْ أَقْوَالُكُمْ !

ثُمَّ عِِنْدَمَا أَتَى مَنَعَ+لَا+مَفْعُولٍ:

- "قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا-أَلَّا تَتَّبِعَنِي" فَسَّرْتُمُوهَا وَ قُلْتُمْ: "أي ما الذي جعلك تمتنع عن نهيهم عن المنكر ودعوتهم لنبذ العجل ، أي ماذا صدك عن مقاومة لأفعالهم وردهم لطريق الحق بعد إذ ظلوا السبيل؟"
- "
مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" : فَسَّرْتُمُوهَا وَ قُلْتُمْ: ما الذي كنت تتمنع وتدفع به قدرة الله عليك فآثرت عدم السجود ، ماذا ظننت أنه سيحميك ويمنعك من الله فعصيت أمره

يعْنِي أَنَّ صِيغَةَ مَنَعَ+لا+مَفْعُولٍ أَعْطَيْتُمُوهَا مَعْنَيَيْنِ فِي آيَتَيْنِ:
- الآيَةُ الأُولَى: الصَّدُّ فَقَدْ قُلْتُمْ:
"أي ماذا صدك عن مقاومة لأفعالهم"
- الثَّانِيَةُ: الحِمَايَةُ وَ اللُّجُوءُ فَقَدْ قُلْتُمْ: "ماذا ظننت أنه سيحميك"
(مَع زِيَادَةِ فِعْلِ الظَّنِّ هُنَا, سَنَحْسِبُ أَنَّ ظَنَّ أَنَّهُ يَحْمِيهِ يَعْنِي حَمَاهُ)

نَحْنُ لَمْ نَفْعَلْ شَيْئًا ! نَحْنُ فَقَطْ نَقَلْنَا أَقْوَالَكُمْ وَ رَتَّبْنَاهَا حَسْبَ صِيَغِ الجُمَلِ ! أَنْ تَقُولُوا أَخْطَأْنَا فِي نَقْلِنَا عِنْدَ تَعْلِيقُكُمُ السَّابِقُ ! سُبْحَانَ اللَّهُ ! لَسْنَا مَعْصُومِينَ لَكِنْ هَاتِهِ المَرَّةَ نَحْنَا زِدْنَا التَّرْتِيبَ وَ التَّشْدِيدَ وَ اللَّهُ أَشَدُّ مِنَّا.

كَمَا تَرَوْنَ فِي أَقْوَالِكُمْ: أَنْتُمْ لَا تَتَّبِعُونَ قِاعِدَةً فَقَدْ أَعْطَيْتُمْ نَفْسَ المَعَانِي لِصِيَغٍ مُخْتَلِفَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ:

"مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ" وَ قَوْلِهِ: "مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" أَعْطَيْتُمْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ مَعْنَى الحِمَايَةِ وَ اللُّجُوءِ رَغْمَ أَنَّ الآيَتَيْنِ كَانَتَا بِصِيغَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ الأُولَى مَنَعَ+مَفْعُولٍ وَ الثَّانِيَةُ مَنَعَ+لَا+مَفْعُولٍ

الإِضْطِرَابُ يَتَوَاصَلُ, فَفِي قَوْلِهِ: "مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" وَ قَوْلِهِ "مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا-أَلَّا تَتَّبِعَنِي" أَعْطَيْتُمُ الآيَتَيْنِ مَعْنًى وَاحِدًا وَهُوَ الصَّدُّ رَغْمَ إِخْتِلَافِ صِيغَتَيْ الآيَتَيْنِ فَفِي الأُولَى جَاءَتْ مَنَعَ+مَفْعُولٍ و فِي الثَّانِيَةِ جَاءَتْ مَنَعَ+لَا+مَفْعُولٍ

كَذَلِكَ: وَرَدَ فِعْلُ مَنَعَ بِنَفْسِ الصِّيغَةِ فِي بَعْضِ الآيَاتِ لَكِنَّكُمْ أَعْطَيْتُمُوهُ مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٌ مِثْلُ قَوْلِهِ: "وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ" فَقُلْتُمْ يَعْنِي الحِرْمَانَ وَ القَطْعَ وَ أَمَّا قَوْلُهُ: "مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ" فَقُلْتُمْ مَعْنَاهَا الحِمَايَةُ وَ الإِلْجَاءُ رَغْمَ وُرُودِ مَنَعَ+مَفْعُولٍ فِي كِلْتَا الآيَتَيْنِ.

آخِرُ مِثَالٍ: قَوْلُهُ:
"مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" وَ هِي الآيَةُ سَبَبُ الكِتَابِ وَ الإِخْتِلَافِ وَقَوْلُهُ: "مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا-أَلَّا تَتَّبِعَنِي" قَوْلَانِ مُتَطَابِقَانِ فِي الصِّيغَةِ وَ هِي: مَنَعَ+لَا+مَفْعُولٍ أَعْطَيْتُمُوهُمْ مَعْنًى مُخْتَلِفًا فَمَعَ الأُولَى قُلْتُمْ الحِمَايَةَ وَ اللُّجُوءَ وَ أَعْطَيْتُمْ الثَّانِيَةَ مَعْنَى الصَّدِّ !

هَذَا الكِتَابُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ فِيهِ أَخْطَاءٌ لِأَنَّهَا أَقْوَالُكُمْ, جَمَعْنَاهَا رَتَّبْنَاهَا وَ قَارَنَّهَا بِالإِعْتِمَادِ عَلَى شَيْئَيْنِ: الأَوَّلُ صِيغُ الجُمَلِ:
مَنَعَ+مَفْعُولٍ وَ مَنَعَ+لَا+مَفْعُولٍ وَ الثَّانِي المَعَانِي التِّي أَعْطَيْتُمُوهَا لِفِعْلِ "مَنَعَ".
فَإِذَا لَمْ تَتَبَيُّنُوا مِنْهَا إِضْطِرَابَ أَقْوَالِكُمْ و تَضَّادُهَا و عَدَمِ إِتِّبَاعِهَا لِقَاعِدَةٍ فَحِينَهَا لَا يُمْكِنُ لَنَا مُسَاعَدَتُكُمْ.
 
اعتقد أني أوضحت وجهة نظري وانتهيت وما سيتلو ذلك فسيكون من الجدال المذموم من غير طائل ، وأنت اوضحت وجهة نظرك مشكوراً ، فالخيار للقارئ الكريم فإن استقرت قناعته بقولك أو قولي فهذا شأنه ، نحن عرب ولدنا بيئة تحتفظ بلسانها العربي المبين من قبل بعثة سيد الخلق ونحن احفاد لصحابته ولم تدخلنا العجمة وما نقول إلا ما اعتادت عليه السنتنا ، فكان اجدادنا وجداتنا يدعون لنا بالمنع (منعك الله) اي حماك وحفظك ، لذا فلا استغرب صعوبة فهمكم لهذه المعاني، في حين اختلطت العجمة ببقية الامم وصارت لغتهم يقعدها الفرس والعجم.
اصلحنا الله واياكم وفتح علينا وعليكم من نور علمه انه هو الفتاح العليم
 
[منع]
مَنَعَهُ كَذَا يَمْنَعُه بفَتْحِ نُونِهِما، وإنَّمَا ذَكَرَ آتِيَهُ لأنَّهُ لَو أطْلَقَه لظُنَّ أنَّه مِنْ حَدِّ نَصَرَ، كَمَا هيَ قاعِدَتُه، وإنَّمَا قَيّدَ بفَتْحِ النُّونِ، لِئَلَّا يُظَنَّ أنّه منْ حَدِّ ضَرَبَ، كَمَا هيَ قاعِدَتُه إِذا ذَكَرَ الآتِيَ، فتأمَّلْ. مَنْعاً: ضِدُّ أعْطَاهُ. قِيلَ: المَنْعُ: أنْ تَحُولَ بينَ الرَّجُلِ وبَيْنَ الشَّيءِ الّذِي يُرِيدُه، ويُقَالُ: هُوَ تَحْجِيرُ الشَّيءِ، ويُقَالُ أَيْضا: مَنَعَه منْ كَذَا، وعنْ كَذَا، ويُقَالُ مَنَعَه منْ حَقِّهِ، ومَنَعَ حَقَّهُ منْهُ، لأنَّهُ يَكُونُ بمَعْنَى الحَيْلُولَةِ بينَهُمَا، والحِمَايَةِ، وَلَا قَلْبَ فيهِ، كَمَا تُوُهِّم، قالَهُ الخَفَاجِيُّ فِي العِنَايَةِ، ونَقَلَه شيْخُنَا كمَنَّعَهُ تَمْنِيعاً، فامْتَنَعَ مِنْه، وتَمَنَّعَ فهُوَ مانِعٌ، ومَنّاعٌ، كشَدَّادٍ، ومَنُوعٌ، كصَبُورٍ.

وأمّا المانِعُ فِي أسْمائِهِ جلَّ ذِكْرُه فهُوَ: الّذِي يَمْنَعُ منِ اسْتَحقَّ المَنْعَ، وقِيلَ: يَمْنَعُ أهْلَ دِينهِ، أَي: يحُوطُهُم ويَنْصُرُهُمْ، جَمْعُ الأوَّلِ مَنَعَةٌ، مُحَرَّكَةً، ككافِرٍ وكَفَرَةٍ.

ويُقَالُ: هُوَ فِي عِزٍّ ومَنَعَةٍ، مُحَرَّكَةً، ويُسَكَّنُ عَن ابنِ السِّكِّيتِ، وعَلى التَحْرِيكِ فيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ جَمْعَ مانِعٍ، كَمَا حَكَاهُ الجَوْهَرِيُّ وعَزَاهُ ابنُ بَرِّيّ للنَّجِيرَمِيِّ، أَي: هُوَ فِي عِزوٍّ مَعَهُ منْ يَمْنَعُهُ منْ) عَشيرَتهِ، كَمَا فِي الصِّحاحِ، فمِنْ بَيَانِيَّةٌ، أَي: مَعَهُ ناسٌ مُتَّصِفُونَ بأنَّهُمْ يَمْنَعُونَه منَ الضَّيْمِ والتَّعَدِّي عليهِ، لَا مُتَعَلِّقٌ بمَنَعَ، كماتُوُهِّمَ، وَهَكَذَا رُوِيَ الحَدِيثُ بالوَجْهَيْنِ: سَيَعُوذُ بِهَذَا الدِّينِ قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ مَنَعَةٌ.

وأمّا على تَقْدِيرِ السُّكُونِ، فالمُرَادُ بهِ أَي: قُوَّةٌ تَمْنَعُ منْ يُرِيدُه بسُوءٍ 1


1-ص219 - كتاب تاج العروس - منع


ولكن يبدو أنها عنز ولو طارت
اذا كانت هذه معاناتنا ونحن من اقل البشر تعرضاً للعناد فكيف بأنبياء الله عليهم صلواته وتسليمه ؟
 
حَقًّا لَمْ نَكُنْ مُتَشَجِّعِينَ لِلْرَّدِّ لِسَبَبَيْنِ إِثْنَيْنِ:
الأَوَّلُ كَبِيرٌ وَ هُوَ عَدَمُ يَقِينِكُمْ بِمَا تَكْتُبُونَهُ وَ إِدْرَاكُكُمْ لَهُ وَ إِضْطِرَابُكُمْ فِي السَّرْدِ وَ مُخَالَفَتُكُمْ لِحُجَجِكُمْ وَ هَذَا شَيْءٌ عَظِيمٌ ! كَيْفَ لِشَخْصٍ أَنْ لَا يَكُونَ مُدْرِكًا لِمَا يَقُولُ وَ كَيْفَ بِهِ مُضْطَرِبًا فِي أَقْوَالِهِ وَ يُرِيدُ إِبْرَازَ شَيْءٍ لِلْنَّاسِ هُوَ لَا يَتَّبِعُهُ وَ لَا يُتْقِنُهُ ؟!

الثَّانِي هُوَ التَّعَالِيقُ الخَارِجَةُ عَنِ الحِوَارِ و الحَشْوُ مِثْلُ إِظْهَارِ الرَّغْبَةِ عَنِ الحِوَارِ وَ الإِدْبَارُ و الإِدِّعَاءُ بِأَنَّكُمْ ضِدُّ الجِدَالِ المَذْمُومِ وَ كَأَنَّ مُخَاطِبَكُمْ هُوَ مَنْ يَدْعُو إِلَى الجِدَالِ وَ المَذْمُومِ خَاصَّةً !
التَّعَالِيقُ بِمَعَارِيضِ الكَلَامِ بِأَنَّ لِسَانَكُمْ عَرَبِيٌّ صَافٍ لَمْ تُدْخُلْهُ عُجْمَةٌ وَ أَنَّ مُخَاطِبَكُمْ دَخَلْت عَلَى لِسَانِهِ عُجْمَةٌ وَيْكَأَنَّكُمْ إِمْرُئُ القَيْسِ أَوْ عَنْتَرَةَ وَ أَنَّ مُخَاطِبُكُمْ جُنُبٌ مَعَ العِلْمِ أَنَّنَا لَوْ أَرَدْنَا تَتَبُّعَ الأَلْفَاظِ الغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ وَ الدَّخِيلَةِ و الهَجِينَةِ فِي مَا تَكْتُبُوهُ لَجَعْلَنَاكُمْ تُحِسُّونَ أَنْفُسَكُمْ مِنَ الرُّومِ أَوِ الفُرْسِ ! مِثْلُ لَفْظِ
"إِسْتَقْوَى" فَلَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ العَرَبِ "إِسْتَقْوَى" ! لَا نَدْرِي لِمَاذَا الأَلِفُ وَ السِّينُ ؟ وَ الأَصْلُ "تَقَوَّى" ! و لَفْظُ "إِسْتَقْرَءَ" التِّي تُورِدُونَهَا تُرِيدُونَ بِهَا مَعْنَى "قَرَأَ" تَظُنُّونَ أَنَّ إِسْتَقْرَءَ كَقَرَءَ وَ الفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَالفَرْقِ بَيْنَ الجَمَلِ وَ الهُدْهِدِ !
وَ الأَمْثِلَةُ كَثِيرَةٌ ! وَ هِيَ أَلْفَاظٌ لَا يَقُولُهَا صَبِيٌّ مِنْ صِبْيَةِ الجَاهِلِيَّةِ !
ثُمَّ أَمْثِلَةٌ لَا نَدْرِي سَبَبَ وُجُودِهَا عَنْزٌ لَوْ طَارَتْ !! غَرِيبٌ غَرِيبٌ !

هَذِهِ طَرِيقَةُ حِوَارِ صِبْيَانَ أَوْ عِرَاكٌ بَيْنَ طَوَاوِيسَ !! وَ لَسْنَا هُنَا لِهَذَا !
وَ كَوْنُ الإِنْسَانِ صَّخَّابًا لَا يَعْنِي أنَّهُ عَلَى حَقٍّ !

آخر قَوْلٍ لَنَا فِي هَذَا الكِتَابِ:

"مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" سَأَلْنَا سُؤَالًا:
هَلْ حَرْفُ
"اللَّامِ" لِلْنَّفْيِ أَوْ النَّهْيِ ؟ هَذَا سُؤَالٌ سَهْلٌ لَيِّنٌ, سُؤَالٌ مُقَيَّدٌ, أَيْ إِجَابَتُهُ مُقَيَّدَةٌ مِثْلُ: "يا عَلِيُّ هَلْ صَلَّيْتَ ؟" الإِجَابَةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ نَعَمْ صَلَّيْتُ أَوْ لَا لَمْ أصَلِّ !!

"مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" هَلْ حَرْفُ نَافٍ أَوْ نَاهٍ أَوْ غَيْرُهُ, فَإِذَا كَانَ غَيْرُ النَّهْيِ وَ النَّفْيِ فَإِنَّكَ تُخْبِرُنَا مَاهُوَ !
الإِجَابَةُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ إِلَّا النَّفْيَ أَوِ النَّهْيَ أَوِ الزِّيَادَةَ فَحَذَفْنَا الزِّيَادَةَ لِأَنَّكُمْ تُنْكِرُونَهَا.

أَجَبْتُمُونَا فَقُلْتُمْ هُوَ إِسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ !!

نَحْنُ لَمْ نَسْأَلْ عَنْ نَوْعِ الإِسْتِفْهَامِ ! وَ لَمْ نَسْأَلْ مَا إِعْرَابُ الجُمْلَةِ أَوْ نَوْعُهَا !
نَحْنُ سَأَلْنَا عَنْ عَمَلِ جُزْءٍ, رُكْنٍ مِنَ الجُمْلَةِ وَ هُوَ حَرْفُ
"لَا" ثمَّ أَحْبْتُمْ فَقُلْتُمْ لَمْ تَكُ "اللَّامُ" لِلْنَّفْيِ أَوِ النَّهْيِ ! إذًا هِي "لَامُ" مَاذَا ؟ لَمْ تُجِيبُوا إِلَى الآنِ عَنِ السُّؤَالِ !!!

وَ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَنْ تُجِيبُوا عَلَى هَذَا السُّؤَالِ !!
كَيْفَ لِرَجُلٍ فَصِيحٍ لَمْ تَدْخُلْ العُجْمَةُ فِي لِسَانِهِ أَنْ لَا يَعْلَمَ مَعَانِي
"اللَّامَ" ؟

ثُمَّ أَتَيْتُمْ بِقَاعِدَةٍ نَحْوِيَّةٍ وَ زَعَمْتُمْ تَغَيُّرَ أَحَدِ مَعَانِي فِعْلِ
"مَنَعَ" وَ قُلْتُمْ أَنَّ "مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" تَعْنِي مَا ظَنَنْتَ أَنَّهُ حَامِيكَ وَ مَا أَلْجَأَكَ وَ قُلْتُمْ أَنَّهُ مِنْ مَعَانِي "مَنَعَ" حَمَى وَ لَجَأَ !

يَعْنِي
"مَنَعَ" تَعْنِي حَمَى أَوْ لَجَأَ أَوْ ظَنَّ ؟ لِأَنَّ حَمَى لَيْسَ لَهَا مَعْنَى لَجَأَ وَ حَمَى لَيْسَ لَهَا مَعْنَى ظَنَّ أَنَّهُ حَمَى ! وَ لَجَأَ لَيْسَ لَهَا مَعْنَى ظَنَّ أَنَّهُ لَجَأَ !
يَعْنِي ثَلَاثَ مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٌ لِفِعْلٍ وَاحِدٍ ؟؟؟
لَجَأَ وَ حَمَى و ظَنَّ !!!!!! معيز و لو طاروا !!!! و الثَّلَاثُ مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٌ لَيْسَ لَهَا وَجْهُ شَبَهٍ وَاحِدٍ !!
لَوْ نَسِيتُمْ كَلَامَكُمْ فَهَاهُوَ:
"ما الذي كنت تتمنع وتدفع به قدرة الله عليك فآثرت عدم السجود ، ماذا ظننت أنه سيحميك ويمنعك من الله فعصيت أمره"

ثُمَّ فِي تَفْسِيرِكُمْ لِقَوْلِه: "قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا-أَلَا تَتَّبِعَنِي" قُلْتُمْ أَنَّ الآيَةَ هُنَا تَعْنِي "صَدَّ" أَيْ يَا هَارُونُ مَا الذِّي صَدَّكَ...
هَذَا مَعْنًى رَابِعٌ لِنَفْسِ الفِعْلِ !!!!!! معيز و لو طاروا !!!!

وَ الغَرِيبُ جِدًّا !

"مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" وَ "مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِي" لَهُمَا نَفْسُ الصِّيغَةِ يَعْنِي فِعْلٌ+لَا+مَفْعُولٍ فَأَعْطَيْتُمْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَعْنًى مُغَايِرٌ لِلْأُخْرى !

ثُمَّ تَوَاصَلَ إِضْطِرَابُكُمْ وَ تَنَاقُضُكُمْ فَأَعْطَيْتُمْ نَفْسَ الفِعْلِ
"مَنَعَ" فِي نَفْسِ الصِّيَغِ مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٌ:

"مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ" وَ قَوْلِهِ: "مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ" أَعْطَيْتُمْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ مَعْنَى الحِمَايَةِ وَ اللُّجُوءِ رَغْمَ أَنَّ الآيَتَيْنِ كَانَتَا بِصِيغَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ الأُولَى مَنَعَ+مَفْعُولٍ وَ الثَّانِيَةُ مَنَعَ+لَا+مَفْعُولٍ

"مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" وَ قَوْلِهِ "مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا-أَلَّا تَتَّبِعَنِي" أَعْطَيْتُمُ الآيَتَيْنِ مَعْنًى وَاحِدًا وَهُوَ الصَّدُّ رَغْمَ إِخْتِلَافِ صِيغَتَيْ الآيَتَيْنِ فَفِي الأُولَى جَاءَتْ مَنَعَ+مَفْعُولٍ و فِي الثَّانِيَةِ جَاءَتْ مَنَعَ+لَا+مَفْعُولٍ

كَذَلِكَ: وَرَدَ فِعْلُ مَنَعَ بِنَفْسِ الصِّيغَةِ فِي بَعْضِ الآيَاتِ لَكِنَّكُمْ أَعْطَيْتُمُوهُ مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٌ مِثْلُ قَوْلِهِ: "وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ" فَقُلْتُمْ يَعْنِي الحِرْمَانَ وَ القَطْعَ وَ أَمَّا قَوْلُهُ: "مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ" فَقُلْتُمْ مَعْنَاهَا الحِمَايَةُ وَ الإِلْجَاءُ رَغْمَ وُرُودِ مَنَعَ+مَفْعُولٍ فِي كِلْتَا الآيَتَيْنِ.

ثُمَّ وَ عِوَضَ أَنْ تُتَابِعُوا أَقْوَالَكُمْ وَ تُصْلِحُوهَا و تتَبَّعُوا مَوَاضِعَ الإِضْطِرَابِ فِيهَا تَلْجَؤُونَ إِلَى بَعْضِ الكُتُبِ التِّي يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُ فِيهَا أَقْوَالٌ مِثْلُ أَقْوَالِكُمْ فَتُنَاقِضُوا أَنْفُسَكُمْ مَرَّةً أُخْرَى
وَ تَأْتُونَ بِدَلِيلٍ مِنَ أَقْوالِ الرَّاغِبِ الأَصْبَهَانِيُّ الذِّي أَنْكَرْتُمْ مَرَّةً أَنَّكُمْ تَعْرِفُونَهُ ! الآنَ أَصْبَحَ قْدَوَةً وَ مَصْدَرًا لِلْحُجَجِ ؟

هُنَاكَ أَشْيَاءٌ يَجِبُ أَنْ تَعْلَمُوهَا:
- لَسْنَا فِي سِبَاقٍ مَعَكُمْ أَوْ تَنَافُسٌ وَ لَا نَحْتَاجُهُ فَعِنْدَمَا كَتَبْنَا لَكُمْ كَتَبْنَا مَوَدَّةً وَ إِصْلَاحًا مُخْلِصِينَ النِّيَّةَ لِلَّهِ وَ نُشْهِدُهُ عَلَى مَا فِي قُلُوبِنَا وَ لَسْنَا أَلَدَّ الخِصَامِ !
- نَحْنْ لَمْ نُعَلِّقْ إِلَى الآنِ عَنْ حُجَجِكُمْ وَ أَقْوَالِكُمْ إِنَّمَا كَمَا ذَكَرْنَا نَحْنُ دَقَّقْنَاهَا فِي كَلَامِكُمْ نَفْسُهُ
وَ رَتَّبْنَاهَا وَ قَارَنَّا كَلَامَكُمْ بِكَلَامِكُمْ, يَعْنِي تَعَالِيقُنَا لَيْسَتْ أَقْوَالُنَا بَلْ هِي إِعَادَةٌ لِأًقْوَالِكُمْ !
- إِلَى الآنَ لَمْ نَأْتِكُمْ بِتَفَاسِيرَ لِلَفْظِ
"مَنَعَ" مِنَ القُرْآنِ وَ الحَدِيثِ وَ المَعَاجِمِ ! رَأَيْنَا كُلَّ هَذَا التَّضَارُبِ دُونَ الإِتْيَانِ بِهَا فَمَا بَالُنَا لَوْ أَتَيْنَاكُمْ بِالتَّفَاسِيرِ الحَقِّ لِلَّفْظِ !
- الرُّدُودُ سَيِّئَةٌ جِدًّا: نَحْنُ فُصَحَاءُ ! أَجْدَادُنَا عَلَّمُونَا
"مَنَعَ" تَعِنِي حمَى
! جَعْلُ أَقْوَالِنَا هُزُوًا ! أَمْثِلَةٌ سَيِّئَةٌ ! و نَحْنُ البَشَرُ لَقِينَا هَذَا فَمَا بَالُنَا بِالأَنْبِيَاءِ ؟! أَوَ تَظُنُّونَ رَدًّا مِنْ أَحَدِهِمْ و تَشْدِيدُهُ عَلَيْكُمْ وَ مُطَالبَتُكُمْ بِحُجَجٍ و تَدْقِيقُ كَلَامِكُمْ شِدَّةٌ ؟؟ أَ وَ تَظُنُّونَ هَذَا شِدَّةً وَ فِتْنَةً وَ إِبْتَلاءًا ؟
- تَطْلُبُونَ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَنَا ؟ أَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَحْكُمُوا وَ تَكُونُوا الخَصْمَ وَ الحَاكِمَ ؟
قَالَ المُتَنَبِّي لِسَيْفِ الدَّوْلَةِ:

"يا أَعْدَلَ النَّاسِ إِِلَّا فِي مُعَامَلَتِي ـــ فِيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ"
كُونُوا أَنْتُمُ الحَاكِمَ وَ القَوْل الفَصْلَ !
أَعِيدُوا قِرَاءَةَ كَلَامِنَا وَ إِفْتَحُوا أَعْيُنَكُمْ عَلَى تَضَارُبِ قَوْلِكُمْ هَدَاكُمُ اللَّهُ !

هَذَا آخِرُ كَلَامٍ لَنَا عَلَى هَذَا الكِتَابِ وَ لَسْنَا غَاضِبِينَ مِنْكُمْ أَوْ مَغْتَاضِينَ لَا وَ اللَّهِ
!
إِنْ أَيْقَنْتُمْ مَوَاضِعَ إِضْطِرَابِكُمْ أَعَنَّاكُمْ عَلَيْهَا وَ أَصْلَحْنَا بَعْضَنَا, أَمَّا إِذَا ذَهَبْتُمْ لِكُتُبٍ دُونَ غَيْرِهَا تَبْحَثُونَ عَمَّا يُقَارِبُ أَقْوَالَكُمْ أَنْتُمْ أَحْرَارٌ وَ مَسْؤُولُونَ لَنَا أَعْمَالُنَا وَ لَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَ لَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ وَ نَبْقَى نُوِدُّكُمْ وَ نُوَقِّرُكُمْ.
 
عودة
أعلى