لماذا أطلق القرآن ( بكة ) على ( مكة ) ؟

الأخ الكريم العليمي حفظه الله،

1. تقول لي:(ثم دعنى أقول لك : دعك من مسألة هل المزامير هى الزبور أم لا ، دعك من هذا تماما وانظر الى الأمر نفس نظرتك التاريخية ، تعامل مع المزامير على أنها نصوص تراثية ، وهذا فى حد ذاته يعد كافيا جدا للدلالة على أن لفظة بكة الواردة فيها تعد لفظة قديمة فى التراث العبرى سواء أكان هذا التراث دينيا أم غير دينى)، صحيح، وهذا ما قلتُه لك في النقطة الأولى والتبست عليك .
2. أعظك أن تتساوق حفظك الله مع كلام طالبة التفيسر، فإذا صح في الأسماء العربية أن تقلب الباء ميماً فتصبح مكة بعد أن كانت بكة، فكيف يصح أن تكون زبور هي زمور؟!! والزبور من زبر وتجمع على زُبُر. والمزمار من زمر وجمها مزامير، ولكلٍّ معنى ولا يلتقيان.
3. أما استشهادك بالأستاذ النجار فلا اعتراض عليه، ولكنك تعلم أن الأزهر في حينه قد شكل لجنة لدراسة كتابه وتقييمه وكان بينه وبين اللجنة مساجلات أثبتها في كتابه. ثم إن كتب القصص مليئة بالإسرائيليات لتساهل العلماء في هذا الباب الذي لا تنبني عليه الأحكام الشرعية.
4. كل ما أريده أن يقدم من يقول إن المزامير هي الزبور الدليل المقنع، بل وأقبل منه شبهة الدليل. ومن أعجب ما عجبت له أخي أنك اعتبرت ورود جملة في مزامير العهد القديم تتوافق مع القرآن الكريم دليلاً على ما تقول، ثم تردف قائلاً:"وليس بعد كلام الله شهادة ". ولا يعدم باحث أن يجد في أي كتاب شاء كلاماً يتوافق مع معنى من معاني القرآن الكريم.
5. لم يذكر القرآن الكريم ولا السنة الشريفة أن الزبور قد أنزل على داود عليه السلام، بل:"وآتينا داود زبوراً"، لاحظ لم يقل سبحانه الزبور بل زبوراً. وداود عليه السلام في ذلك كغيره من الرسل الذي أرسلوا بـ:"جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير"، "جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير".
وعليه على كل من قال إن الله أنزل الزبور على داود عليه السلام أن يأتينا بالدليل. وأعلم أن عدم التدقيق وعدم التحقق وتناول الأمور ببساطة وتقليد هو الذي حمل الناس على هذا القول.
وفي الختام لك حبي وتقديري، وكل ما أهدف إليه هنا التناصح، مع اتفاقي معك في الكثير من المسائل.
 
الأخ الكريم العليمي حفظه الله،

1 . . . . ، صحيح، وهذا ما قلتُه لك في النقطة الأولى والتبست عليك .

أشكرك على التوضيح أخى الكريم

أعظك أن تتساوق حفظك الله مع كلام طالبة التفيسر، فإذا صح في الأسماء العربية أن تقلب الباء ميماً فتصبح مكة بعد أن كانت بكة، فكيف يصح أن تكون زبور هي زمور؟!! والزبور من زبر وتجمع على زُبُر. والمزمار من زمر وجمها مزامير، ولكلٍّ معنى ولا يلتقيان

فى هذه عندك حق ، فانها قد أخطأت بالفعل ولا أدرى كيف لم أنتبه لخطأها هذا ؟!!!
ولكن جل من لا يسهو ، وهذا لتعرف أنى مع الحق كما يقول توقيعى ، ولست ممن يجادلون بالباطل أو يصطنعون المعاذير والحمد لله ، وجزاك الله خيرا على التنبيه.

4
. كل ما أريده أن يقدم من يقول إن المزامير هي الزبور الدليل المقنع، بل وأقبل منه شبهة الدليل. ومن أعجب ما عجبت له أخي أنك اعتبرت ورود جملة في مزامير العهد القديم تتوافق مع القرآن الكريم دليلاً على ما تقول، ثم تردف قائلاً:"وليس بعد كلام الله شهادة ". ولا يعدم باحث أن يجد في أي كتاب شاء كلاماً يتوافق مع معنى من معاني القرآن الكريم

أما فى هذه فقد جانبك التوفيق ، فان المزامير هى الزبور بالفعل ، هى الزبور يقينا ، ولاتعجب من قولى أن القرآن قد شهد بذلك ، فهذا هو الواقع بالفعل ، والقياس الذى ضربته لتفنيد هذه الحقيقة أراه لا يصح على الاطلاق ، لأنك أخى الكريم فيما يبدو قد سهوت عن أمر مهم للغاية ، وهو أن توافق المزامير مع القرآن لم يأت اتفاقا ، وانما جاء بارشاد الله لنا وتوجيهنا اليه ، فالله عز وجل هو الذى قال أن هذا المعنى ( وراثة الصالحين للأرض ) قد كتبه هو عز وجل فى الزبور ، وهذا هو ما يعطى لهذه المسألة مصداقية مطلقة ، لأننا بعد أن بحثنا فى الكتاب الوحيد المنسوب الى داود عليه السلام وهو سفر المزامير كما يسميه أهل الكتاب فاننا قد وجدنا مصداق ما أخبرنا به رب العزة جل وعلا ( تأمل فى الألفاظ الملونة بالأحمر رعاك الله ) ، فالمسألة لا تقتصر على مجرد توافق جاء عرضا ، وانما المسألة أكبر من هذا جدا
وقد يصح كلامك فى حالة واحدة : أن تأتينى بنص آخر مما يسمى الكتاب المقدس غير نص المزامير المذكور نجد فيه مصداق المعنى القرآنى ، وليس هذا فحسب بل يجب أن يكون هذا النص منسوبا الى داود عليه السلام حتى يصح أن نطلق عليه زبورا
وأقول لك من الآن : انها حالة مستحيلة تماما ، فلن تجد أبدا مثل هذا النص الذى تنطبق عليه تلك الشروط ، لن تجده أبدا خارج سفر المزامير ، ولكنك تجده بيسر داخلها ، فلماذا نترك اليسير بحثا عن المستحيل ؟!

تقول أخى : ولا يعدم باحث أن يجد فى أى كتاب شاء كلاما يتوافق مع معنى من معانى القرآن الكريم
وأقول : ولكن كلام المزامير المذكور ليس كأى كلام ، بل انه كلام مستدل عليه ، ثم ان الدال عليه ليس أى أحد ، بل هو الله تبارك وتعالى ، ثم ان دائرة الاستدلال محددة بدقة ومذكورة حصريا ( الزبور )
لكل الاعتبارات سالفة الذكر لا تصح مقارنته بأى كلام كما تقول أخى الكريم

لم يذكر القرآن الكريم ولا السنة الشريفة أن الزبور قد أنزل على داود عليه السلام، بل:"وآتينا داود زبوراً"، لاحظ لم يقل سبحانه الزبور بل زبوراً

عجيب أن يصدر هذا الكلام عنك أنت !
نعم ، ان القرآن لم يقل أن الزبور أنزل على داود عليه السلام ولكن قال " وآتينا داود زبورا "
هذا حق ، ولكنه لن يفيدك فى شىء مما ذهبت اليه
فماذا تقول اذن فى قوله تعالى : " ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون " ؟

بل فى قوله تعالى : " ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم " ؟؟
أو فى قوله تعالى : " ولقد آتيناك من لدنا ذكرا " ؟؟؟ ( لاحظ لم يقل سبحانه الذكر بل ذكرا ، وأقولها ردا على ملحوظتك السابقة )
وأمثال تلك الآيات كثير جدا أخى الكريم ، فهل دل أى منها على ما ذهبت اليه ؟

وفي الختام لك حبي وتقديري، وكل ما أهدف إليه هنا التناصح، مع اتفاقي معك في الكثير من المسائل

ونبادلكم بالمثل الحب والتقدير والله خير الشاهدين
وشكرا لك على نصحك ، وأجزل لك الله الأجر والثواب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
الأخ الكريم العليمي حفظه الله

1. أرجو أن تعيد النظر فتدقق فيما كتبتُه عن الزبور، لأن ردك غير مفهوم لي. قصدت أن أقول إن الزبور نزل على عدد من الرسل ومنهم داود عليه السلام.
2. جاء في الإنجيل المنسوب إلى متى، في الإصحاح الخامس السطر الخامس:"طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض"، وجاء في العهد القديم في سفر أشعيا الإصحاح 60 السطر 21:" وشعبك كلهم أبرار إلى الأبد يرثون الأرض". هذا لأقول لك إن مثل هذا الكلام يقوله كل دين ينتسب إلى السماء.
3. في سيرة الرسول عليه السلام نجد الكثير من القرآن الكريم، وهذا لا يعني أن السيرة هي القرآن.
 
الأخ الكريم العليمي حفظه الله

1. أرجو أن تعيد النظر فتدقق فيما كتبتُه عن الزبور، لأن ردك غير مفهوم لي. قصدت أن أقول إن الزبور نزل على عدد من الرسل ومنهم داود عليه السلام.

أرى أننا قد ابتعدنا عن موضوعنا الرئيس وتوقفنا طويلا عند مسألة فرعية لا تقدم ولا تؤخر فى النتائج المستخلصة
ومع ذلك فلا بأس من مناقشتها لأنها تتعلق بركن هام من أركان الايمان هو الايمان بكتب الله تعالى المنزلة قبل القرآن والتى كان منها زبور داود عليه السلام ، ولكنك أخى لا تجعل من الزبور اسما بل صفة ، فترى أن زبور تعنى مكتوب ، فهو فعول ( من جهة الوزن ) لكن بمعنى مفعول ، وهذا يا أخى خطأ محض لا زال يلتبس على أفهام كثير من الناس ، فان الزبور هو اسم علم للكتاب الذى اختص الله به داود عليه السلام ، و هذا الاسم ليس مشتقا من زبر بمعنى كتب كما توهمت أخى الكريم وكما يظن اناس كثر، ولا معنى مطلقا لهذا الاشتقاق هنا بالذات لأنه يؤدى الى خطأ كبير آخر تمثل فى قولك العجيب : ان الزبور نزل على عدد من الرسل منهم داود !!!
لا يا أخى الحبيب ، ليس الأمر كذلك قطعا ، لم ينزل الزبور على جماعة من الرسل كما تقول ، ونص القرآن لا يفيد ذلك على الاطلاق ، وانما على العكس يفيد أن الله عز وجل قد اختص نبيه داود بهذا الزبور، ولو كان الأمر كما تقول فلا معنى لذكر داود وحده من دون الرسل المزعوم اشتراكهم معه فى قوله تعالى فى سورة الاسراء : " وآتينا داود زبورا " هكذا على وجه الاختصاص ، ويدلك على هذا بوضوح أن الله عز وجل قد قال ذلك فى معرض التفضيل والاصطفاء ، وهذا ملحظ هام لا يجب أن يفوت عليك ، فالآية بتمامها تقول :
" ولقد فضلنا بعض الأنبياء على بعض وآتينا داود زبورا " ( الاسراء - 55 )
بما يعنى أن ايتاء داود زبورا كان فضلا استأثر به داود من دون الأنبياء ، وهذا وحده كافى فى الدلالة على أن الزبور لا تعنى مطلق الكتاب كما تظن أخى ، فما أكثر الأنبياء الذين آتاهم الله كتبا ، فلا ميزة لداود عليهم فى هذا الأمر ، وانما ميزته أن الله عز وجل قد خصه هو تحديدا من بينهم جميعا بكتاب له اسم علم مخصوص هو الزبور ، مثلما اختص موسى بكتاب اسمه التوراة ، وعيسى بكتاب اسمه الانجيل ، ومحمد بالقرآن ، صلوات الله وتسليماته عليهم أجمعين
أما بخصوص اشتقاق اسم الزبور فان الكلام فيه يطول كثيرا، والتحقيق العلمى الرصين للمسألة تجده فى كتاب العلامة رؤوف أبو سعدة ( من اعجاز القرآن ) الجزء الثانى من ص 152 الى ص 158 وأدعوك أنت وجميع الأخوة الأفاضل الى قراءة هذا الكتاب النفيس ، فان هذا الكتاب قد وصفه النقاد بحق بأنه : من أهم الكتب فى اعجاز القرآن التى شهدها القرن العشرون ، ان لم يأت فى صدارتها جميعا !!
كما أن مؤلفه - رحمة الله عليه - كان عالما متبحرا فى علوم الألسن الشرقية ، بل والغربية ، فكان عالما باللغات العربية والعبرية والسريانية واليونانية و غيرها من اللغات ، اللهم ارحمه واجزه عنا خير الجزاء

2 - جاء في الإنجيل المنسوب إلى متى، في الإصحاح الخامس السطر الخامس:"طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض"، وجاء في العهد القديم في سفر أشعيا الإصحاح 60 السطر 21:" وشعبك كلهم أبرار إلى الأبد يرثون الأرض". هذا لأقول لك إن مثل هذا الكلام يقوله كل دين ينتسب إلى السماء

يا أخى هذه اقتباسات من سفر المزامير وليست سابقة عليه ، ومعلوم أن السيد المسيح عليه السلام كان يكثر فى أقواله من الاقتباسات من العهد القديم وبخاصة من سفر المزامير ، وكذلك سفر أشعياء نجده تاليا فى الزمان لسفر المزامير وليس سابقا عليه ، وكل منهما ( الانجيل وسفر أشعياء ) لا يصح اطلاق وصف الزبور عليهما ، هذا من جهة
أما من جهة أخرى فانك تجد أن الله عز وجل قد قال بأسلوب يتحرى التاريخ والترتيب الزمنى : " ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون " ، فانظر رعاك الله الى دقة التعبير القرآنى " من بعد الذكر " فانه يفيد أن هذا المعنى ( وراثة الصالحين للأرض ) قد ورد أول ما ورد فى الزبور الذى جاء بدوره عقب التوراة ( الذكر )
ونحن نجد بالفعل أن أول من أورد هذا المعنى القرآنى كان هو سفر المزامير لم يسبقه فى ذلك كتاب غيره
وقبل أن أختم أذكرك أخى الكريم بموضوعنا الرئيس ، لأننا قد حدنا عنه كثيرا ، ولعلك توافقنى فى أن هذه المسألة الفرعية لا تؤثر بالسلب على النتائج التى انتهينا اليها ، وهذا هو المهم فى الأمر

وأخير وليس آخرا تقبل تحياتى وتقديرى لشخصكم الكريم.
 
الأخ الكريم العليمي حفظه الله،

1. أخي الكريم أرجو أن تدقق في كلامي، وهذه إعادة:
ا. قوله تعالى:" وآتينا داود زبورا": قد نقبل أنه يعني الزبور لو لم يرد في القرآن الكريم أن الله تعالى قد أنزل الزبر على الأنبياء، وإليك بعض الآيات الكريمة:
ب. "فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ" 184 آل عمران. "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" 44 النحل. " وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ" 25 فاطر.
2. قلتُ إن الزبور من زبر، وبإمكانك أن ترجع إلى كل المعاجم. ولم أقل إن زبر بمعنى كتب، وإن كان هذا هو قول جماهير المفسرين. ولكن القرآن ينص على أن الزبر معناه القطع: "آتوني زبر الحديد"، " فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً".
3. طالما أن كلمة الزبور والتي جمعها زبر هي عربية فصحى فلا يليق بنا أن نذهب إلى اللغات الأخرى نبحث عن معنى آخر.
4. استشهدتَ بقوله تعالى:" ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر"، فإذا كان الذكر هو التوراة، كما تقول وقاله بعض العلماء، فإن ذلك يثبت أن هذه العبارة وردت في التوراة قبل الزبور، ولم يختص بها الزبور. هذا طبعاً لو وافقنا على التفسير.
5. أبو سعدة رحمه الله له في كتابه ومضات وإبداعات وله ما دون ذلك؛ فهو مثلاً يخلص إلى نتيجة أن معنى إبليس هو (أبو ليس) لأنه رفض السجود لآدم، وما تنبّه إلى أن هذا الاسم كان له قبل أن يقول لا، بدليل: "يا إبليس ما منعك.."، وبدليل أن هذا الاسم كان قبل وجود اللغات البشرية. أما كلامه في الزبور فلم أطلع عليه لعدم توفر الجزء الثاني عندنا.
وفي الختام: كما قلتَ أنت لم تكن هذه هي المسألة المطروحة ابتداءً، ولكن لعل النقاش يثري ويُنبّه إلى تدبر أعمق. وجزاك الله خيراً
 
الأخ الكريم العليمي حفظه الله،

1. أخي الكريم أرجو أن تدقق في كلامى

هذا هو عين ما أرجوه منك أنا كذلك أخى الحبيب : أن تدقق فى كلامى السابق ذكره مباشرة ، والذى قبله أيضا

أما كلامه في الزبور فلم أطلع عليه لعدم توفر الجزء الثاني عندنا.

سوف أكتبه لك قريبا ان شاء الله ، ولكن حتى أفعل ذلك أدعوك لتأمل كلامى مرة أخرى

وفي الختام: كما قلتَ أنت لم تكن هذه هي المسألة المطروحة ابتداءً، ولكن لعل النقاش يثري ويُنبّه إلى تدبر أعمق. وجزاك الله خيراً

على الرحب والسعة أخى الكريم ، وسعيد بنقاشك ، وجزاكم خيرا
 
اشتقاق لفظ : زبور

اشتقاق لفظ : زبور

الأخ الكريم العليمي حفظه الله، . . . . .
3. طالما أن كلمة الزبور والتي جمعها زبر هي عربية فصحى فلا يليق بنا أن نذهب إلى اللغات الأخرى نبحث عن معنى آخر.

نعم أخى الكريم لم نختلف معك ، هى كلمة عربية لا شك فى ذلك ، فهذا أيضا هو ما قال به العلامة الألمعى رؤوف أبو سعدة - عليه رحمة الله - فى ختام حديثه عنها ، وهذا نص كلامه :

(( الزبور اذن عربية ، ليس فيها شبهة عجمة ، ومن ثم فهى لا تدخل فى مقاصد هذا الكتاب ، لأنها ليست من العلم الأعجمى الذى يفسره القرآن للعرب وفق منهجنا فى هذا الكتاب الذى نكتب ، ولكننا تصدينا لها لجلاء شبهات فهمها عربيا بغير معناها المقصود فى القرآن ، ودفعا لمقولة أدعياء الاستشراق انها من الأعجمى الذى عربه القرآن فأبدل من الميم التى فى " مزمور " العبرية باء )) ص 158 من الجزء الثانى

هذا ما أردت أن أنوه به أولا قبل الشروع فى بيانه الفذ للأصل الاشتقاقى لهذا اللفظ ، والذى سيكون هو محور المداخلة القادمة ان شاء الله تعالى
ولكن ليعذرنى أخى البيراوى وباقى الأخوة الكرام ان أنا تأخرت قليلا فى ادراجها ، لأننى أنقلها كتابة على الكيبورد من الكتاب مباشرة ، ولذا فقد تستغرق منى بعض الوقت نظرا لطول هذا البحث ( سبع صفحات ) ، وسأحاول اختصاره قدر الامكان ، والله ولى التوفيق

[align=center]( يتبع )[/align]
 
اشتقاق لفظ : زبور

اشتقاق لفظ : زبور

(( العهد القديم فى نصه العبرانى لا يسمى هذا السفر " سفر المزامير " كما تسميه ترجمات العهد القديم ، وانما يسميه " سفر تهليم " أى " سفر التسابيح " ، من ( هلل ) العبرى المأخوذ من هلل العربى لا بمعنى صاح وصوت ، ولكن بمعنى " سبح " ، ومنه لفظ " هللويا " الشهيرة فى أناشيد أهل الكتاب ، وأصلها العبرى " هللو - يه " ، أى هللوا له ، أى سبحوه ! يعنى سبحوا الله ، على التمجيد ، فالترجمة العربية الدقيقة لاسم هذا السفر بالعبرانية هى " سفر التسابيح " أو " سفر التهاليل " ، لا سفر المزامير
ولكن النص العبرانى أيضا لهذا السفر يضع " مزمور " العبرية عنوانا لكل فصل من فصوله المسماة " مزامير " ، تسبق رقم هذا المزمور أو ترتيبه بين المزامير فيقول " مزمور ريشون " ، أى المزمور الأول ، " مزمور شينى " ، أى المزمور الثانى ، الى آخره
يجىء " زمر " العبرى بمعان ليس بينها قط الزمر بالمزمار :
المعنى الأول والأساسى هو قطع وقسم وشذب ، ومنه " زمورا " العبرية بمعنى الغصن والفنن
والمعنى الثانى ، وهو مشتق من الأول ، يستخدم فيه " زمر " العبرى مضعفا ، والمراد منه تقطيع القصيد ، يعنى نظمه ، فهو الكلام المقطع المنظوم
والمعنى الثالث ، وهو المترتب على الثانى ، معنى الانشاد أوالغناء ، ومنه " زمرا " العبرية يعنى الأنشودة أو الأغنية
والمعنى الرابع ، وهو المترتب على المعنى الثالث ، معنى اللحن الموسيقى ، أو العزف على آلة موسيقية ما
ليست " مزمور " العبرية اذن من الزمر بالمزمار ، وانما هى بمعان ثلاثة هى : الأنشودة - المعزوفة - الكلام المقطع المنظوم أى المقطوعة
وقد نظر القرآن الى هذا المعنى الأخير : المقطوعة والمقطعات ، فقال " الزبور " خلافا لقول علماء اللغة العربية وكل مفسرى القرآن الذين قالوا " الزبور " يعنى المكتوب ، فهو فعول بمعنى مفعول من زبره يزبره زبرا ، يعنى كتبه ، أو جود كتابته ، فهو الكتاب المزبور بمعنى المكتوبوقد حملهم على اختيار هذا المعنى وحده من بين مختلف معانى مادة " زبر " العربية ورود هذه المادة فى مثل قوله عز وجل :
" وانه لفى زبر الأولين " يعنى القرآن فى كتب السابقين ، وقوله عز وجل :
" وكل شىء فعلوه فى الزبر " أى سجلنا عليهم أعمالهم فى الكتب
وكان هذا كافيا لصدهم عن التماس المعنى الآخر فى " زبر " العربى ، الذى فى قوله عز وجل :
" فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا " ، لا تستطيع أن تقول : فتقطعوا أمرهم بينهم كتبا

أو الذى فى قوله عز وجل على لسان ذى القرنين : " آتونى زبر الحديد " ، أى آتونى " قطع الحديد " بلا خلاف بين المفسرين
والذى نقول به نحن أن الأصوب فى فهم " مزمور " العبرية بكسر الميم أن تفهم عبريا على أصل معناها : المقطعة ، يعنى القصيد المنظوم
وقد فهم القرآن المراد من " زمر " العبرى على أصله : تقطيع القصيد ، فجاء به على " زبور " ، ولو فهم منه المعنى الغنائى لقال " زمور " بالميم ، وسبحان العليم الحكيم
أما " الزبور " العربية القرآنية فى وصف وحى الله عز وجل على نبيه داود عليه السلام ، فليس من الجيد فهمها بمعنى مطلق الكتاب ، والا لما تميز وحى الله على داود باسم علم يختص به من دون كتب الله على رسله ، كما اختص باسمه العلم كل من التوراة والانجيل والقرآن
وانما أريد له معنى مضاف يميزه عن غيره من الكتاب المكتوب ، فقيل له " زبور " بمعنى مزبور ، منظورا فى ذلك الى مادته وصيغته : انه كتاب " تسابيح " مقطعات
))

المصدر السابق باختصار وتصرف

وشكرا لأخى الكريم سنان الأيوبى على كلماته المشجعة
 
استدراك

استدراك

وقع خطأ فى كتابة الآية 55 من سورة الاسراء وذلك فى المشاركة رقم 54 ، اذ كتبت لفظ ( الأنبياء ) بينما صحته ( النبيين ) لذا لزم التنبيه ، وأستغفر الله العظيم الكريم الذى لا يؤاخذ على السهو والنسيان
 
للفائدة أيها الإخوان؛ فقد كتب الأخ : فيصل بن علي الكاملي، مقال بعنوان : "بكة" ولو كره الكافرون، في مجلة البيان فليُرجع إليه.

قد اطلعت عليه ووجدته مقالا قيما بالفعل ، وفيه تحليل عميق لفقرة المزمور- التى استشهدنا بها - فى لغتها الأصلية ( العبرية ) ، وقد كشف هذا التحليل عن اشارات أخرى - وردت فى نفس تلك الفقرة - الى آيات قرآنية أخرى تتعلق ببيت الله الحرام ، منها مثلا قوله تعالى عنه (( سواء العاكف فيه والباد )) ، ومنها كذلك وصفه بأنه (( مباركا )) ، ومنها - ولعلها هى الأكثر أهمية - وصفه بأنه وادى (( غير ذى زرع )) وذلك أخذا من كلمة ( صهيون ) الواردة بالنص العبرى والتى هى فى حقيقتها قبل التحريف ( صيون ) بمعنى ( الأرض القاحلة الجرداء الجدباء )
واجمالا فان تحليل الباحث دقيق ويسترعى الانتباه بحق
ومن هنا أدعو الأخوة والأخوات لمطالعته ، وهذا هو رابطه على موقع ( شبكة فلسطين للحوار ) :

http://www.paldf.net/forum/showpost.php?p=8234401&postcount=1

ونشكر أخانا التويجرى على تنبيهنا اليه
 
الأخ الكريم العليمي،
3. عندما نقرأ المزامير ندرك أنها أدعية وصلوات ومناجاة منسوبة لداود عليه السلام. فمن أين لنا أن الزبور كان أدعية وصلوات ومناجاة؟!



من القرآن مباشرة ، هذا هو جواب السؤال المطروح ، حيث يمكن لنا أن نستدل على هذا من أمرين وردا بالقرآن :

الأمر الأول ( وكنت قد أشرت اليه فى مداخلة سابقة ) هو تقرير القرآن بأن داود عليه السلام قد برع للغاية فى التسبيح والشدو بالأناشيد والابتهالات ، نأخذ هذا من موضعين بالقرآن ، وهما :
أ - قوله تعالى :
( وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين )) - ( الأنبياء - 79 ))
ب - قوله تعالى :
" ولقد آتينا داود منا فضلا ، يا جبال أوبى معه والطير " ( سبأ - 10 )

هاتان الآيتان تدلان على أن ما اشتهر به داود عليه السلام وبرع فيه للغاية هو التسبيح والأدعية والمناجاة ، وأن هذا بالتالى يعد أقرب شىء الى أن يكون هو مضمون كتابه ( الزبور ) ، وهذا أيضا هو ما نجد أنه مضمون سفر المزامير الذى ينسب اليه ، وبناءا عليه فان من اليسير أن نستنتج أن الزبور والمزامير يعنيان شيئا واحدا ، هذا هو الأمر الأول
أما الأمر الثانى فقد كشف عنه بذكاء شديد الأستاذ رؤوف أبو سعدة - يرحمه الله - حين قال :

(( كان الزبور كتاب تسابيح وتهاليل ، ليس فيه شىء من التعاليم أو التكاليف كالذى تجد فى توراة موسى وانجيل عيسى وقرآن خاتم النبيين ، دليلك فى هذا ما بقى من وحى الله على داود فى تلك المزامير التى فى العهد القديم
ودليلك فى هذا ، بل قبل هذا ، من القرآن نفسه ، الذى لا يذكر الزبور بالاسم كلما جمع بين القرآن وبين توراة موسى وانجيل عيسى ، كما تجد فى قوله عز وجل :
(( ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ، يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون ، وعدا عليه حقا فى التوراة والانجيل والقرآن )) - ( التوبة : 111 )
بل لا يجمع بين التوراة والانجيل وبين الزبور فى سلك واحد حين ذكر ما علمه الله عبده ورسوله عيسى بن مريم :
(( ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل )) - ( آل عمران : 48 )

وما ذاك الا لأن التسابيح ليست علما يعلم ، فهى ليست من ذات جنس كتب الله على أنبيائه ، وان كانت وحيا منه تبارك وتعالى على نبيه داود ، صلوات الله وسلامه على جميع رسله وأنبيائه ، بل قد كانت خصيصة لداودعليه السلام ، فضلا آثره به عز وجل من دون أنبيائه ، لقوله عز وجل :
(( ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا )) - ( الاسراء : 55 )
وسبحان العليم الخبير ))
 
ذكرت كلمة بكة في آية الحج وتدل على الزحام الشديد، لأن بكٌّ هو الجذر الثلاثي لبكة ومعناه الزحام، والتدافع.
أما مكة فجذرها هو مكٌّ ومعناه المَصُّ نقول مَكَّ الطفل ثديَ أمَّهُ أي مصَّهُ، فالحجاج عندما يطوفون عند البيت كأنها تمص ذنوبهم مصا ..والله أعلم ..
 
لقد ذكر الأخوة، والأخوات ما المقصود من ( بكة )؛ والكلام الأقرب والله أعلم أنه التزاحم والمغالبة، أما ( مكة )، فجذرها الثلاثي هو ( مَكٌّ )، والمَكُّ : هو المَصُّ، تقول: مَكَّ الطفل ثدي أمه أي : مصَّه؛ والمعنى أنها تمص ذنوب الحجاج لأنهم يطوفون حولها والله أعلم ...
 
لقد ذكر الأخوة، والأخوات ما المقصود من ( بكة )؛ والكلام الأقرب والله أعلم أنه التزاحم والمغالبة، أما ( مكة )، فجذرها الثلاثي هو ( مَكٌّ )، والمَكُّ : هو المَصُّ، تقول: مَكَّ الطفل ثدي أمه أي : مصَّه؛ والمعنى أنها تمص ذنوب الحجاج لأنهم يطوفون حولها والله أعلم ...
هذا موضوع قديم وطويل ، وقد نسيت ماذا قال المشاركون فيه على وجه الإحاطة والتفصيل !!
ولكن يمكن القول أن الجميع قد اجتهد ، وكلهم مأجور على اجتهاده إن شاء الله
أما ماذا يكون المراد على وجه القطع واليقين ، فنفوض العلم فيه إلى علام الغيوب سبحانه وتعالى
وجزاك الله خيراً على متابعتك واهتمامك
 
فى المشاركتين 5 و 31 كنتُ قد عرضتُ لأربع تراجم انجليزية مختلفة للفقرة السادسة من المزمور 84 من مزامير داود عليه السلام ، وفيها وجدنا اسم بكة مذكوراً كإسم علم لأحد الأودية القاحلة الجافة مجهولة المكان ، وذلك بإعتراف نفر من المترجمين أنفسهم والتى جاءت على هامش ترجماتهم
واليوم أستكمل عرضى لترجمات انجليزية أخرى تلتقى مع الترجمات الأربعة السابق عرضها فى الأمر ذاته ، وسأذكر أولاً اسم الترجمة وأجعله باللون الأزرق ، ثم أتلوه بذكر الشاهد من الترجمة ذاتها مع تلوين عبارة " وادى بكة " باللون الأحمر :

5 – New English Translation
As they pass through the Baca Valley

6 Common English Bible
As they pass through the Baca Valley
,
7 – Complete Jewish Bible :
Passing through the [dry] Baka Valley
,
8 – Good News Translation :
As they pass through the dry valley of Baca
,
9 – Holman Christian Standard :
As they pass through the Valley of Baca

10 – Lexham English Bible :
Passing through the Valley of Baca
,
11 – New American standard :
Passing through the valley of Baca

12 – New Century Version :
As they pass through the Valley of Baca

13 – New International Reader,s Version :
As they pass through the dry Valley of Baca

14 – New King James Version :
As they pass through the Valley of Baca

15 – New Revised Standard :
As they go through the valley of Baca

16 – Revised Standard Version :
As they go through the valley of Baca

17 – The Darby translation :
Passing through the valley of Baca

18 – The Webster Bible :
Who] passing through the valley of Baca

19 – The Millennium Bible :
who passing through the Valley of Baca

20 - Today,s New International Version :
As they pass through the Valley of Baka

[FONT=&quot]21 – The Voice :[/FONT]
On their way through the valley of Baca

[FONT=&quot]22 - [/FONT]Easy-to-Read Version :
They travel through Baca Valley
,
23 - Expanded Bible :
As they pass through the Valley of Baca

وهكذا نجد أن ( بكة ) منصوص عليه بوصفه اسم علم لأحد الأودية فى أكثر من عشرين ترجمة انجليزية مختلفة للفقرة السادسة من المزمور 84 من مزامير داود عليه السلام ، علماً بأنى لم أقم بمسح شامل لكل الترجمات الإنجليزية – وإن كدتُ اقتربُ من ذلك - وعليه فهذا العدد من الترجمات المتفقة قابل للزيادة
وغنى عن القول ، أن اسم بكة قد ورد فى كل تلك الترجمات مبدوءاً بحرف كبير (كابيتال ) بما يعنى فى الإنجليزية أنه اسم علم
ولكن مما يلفت النظر بقوة أن نجد ( وادى بكة ) قد ورد فى ثلاث من تلك الترجمات بصريح العبارة بصفته وادى جاف ( أنظر الترجمات : 7 ، 8 ، 13 ) وهو ما يتفق مع وصفه فى القرآن بأنه " واد غير ذى زرع "
والله ولى التوفيق
 
اخي استاذ عليمي قرات في هذا الموضوع ولكن ليس كله والحق اجده عمل متميز منك الربط بين القران والمزاميرلانه لابد ان يكون هناك رابط بين القران وغيره من الكتب السماويه لهيمنته عليها حتي ولو كان هناك تحريف فيها ومن الواضح جهدكم الكبيرفيي هذا الموضوع واردت ان اعرف هل في العقيده النصرانيه او اليهوديه عدم اعتراف اصلا ببناء سيدنا ابراهيم للكعبه او وجود مكان مقدس في هذا المكان
 
بارك الله جهدكم الأخ المبارك
أعمل حاليا في استنباط قواعد دعوة أهل الكتاب والحجج في مجادلتها من سورة آل عمران ..واستوقفتني هذه الآية وظهر لي منها أن السبب في اختيار هذا الاسم هو موافقته لما في كتابهم لأن محور السورة هو دعوتهم وإبطال الفاسد من عقائدهم
وكنت قد قرأ ت نص المزامير في كتاب ( كيف تدعو نصرانيا للإسلام ) فوجدت أن مناسبة استعمال هذا الاسم في هذه السورة هو ما ذكرتم بغض النظر عن معناه أو اشتقاقه .فرأيت اليوم بحثكم وأثلج صدري ما وصلتم إليه

وفقكم الله
 
بارك الله جهدكم الأخ المبارك
....وكنت قد قرأ ت نص المزامير في كتاب ( كيف تدعو نصرانيا للإسلام ) فوجدت أن مناسبة استعمال هذا الاسم في هذه السورة هو ما ذكرتم بغض النظر عن معناه أو اشتقاقه .فرأيت اليوم بحثكم وأثلج صدري ما وصلتم إليه
وفقكم الله
بارك الله فيكم أبى عاتكة وجزاكم خيراً
وأُبشّركم أخى الكريم بأنه قد بدا لى أخيراً ما أظن أنه معنى اسم ( بكة ) على الحقيقة ، وأصل اشتقاقه كذلك ، ولكن الأمر قد يحتاج منى الرجوع إلى بعض المصادر والمراجع قبل أن أعرضه هنا إن شاء الله
 
اخي استاذ عليمي قرات في هذا الموضوع ولكن ليس كله والحق اجده عمل متميز منك الربط بين القران والمزامير ،لانه لابد ان يكون هناك رابط بين القرآن وغيره من الكتب السماويه لهيمنته عليها حتي ولو كان هناك تحريف فيها ، ومن الواضح جهدكم الكبير في هذا الموضوع
واردت ان اعرف هل في العقيده النصرانيه او اليهوديه عدم اعتراف اصلا ببناء سيدنا ابراهيم للكعبه او وجود مكان مقدس في هذا المكان
عُذراً أخى أحمد ، فلم أنتبه إلى مشاركتك إلا مؤخراً
أشكرك على كلامك الطيب . أما عن سؤالك فالجوب هو :
لم يرد فى أسفار أهل الكتاب نص صريح عن بناء إبراهيم صلى الله عليه وسلم للكعبة ، أو بالأحرى عن رفعه لقواعدها مع ابنه اسماعيل عليهما السلام
ولكن وردت فيها اشارات إلى الكعبة ذاتها ، وذلك فى سفر حزقيال النبى وتحديداً فى الإصحاحات من 40 إلى 47 منه . حيث يحكى النبى حزقيال عن رؤيا حدثت له فى اليوم العاشر من آخر شهور السنة (وهذا يوافق موعد عيد الأضحى عندنا !)
وكانت رؤياه عن بناء بيت الرب فى مدينة جهة الجنوب من أرض اسرائيل ( أى أرض الحجاز ) وقد رأى حزقيال المدينة من فوق جبل شاهق الارتفاع ( مثل الجبال المحيطة بمكة ) ... وقد ذكر تفاصيل كثيرة ، كلها تنطبق على الكعبة الشريفة ، مثل كونها مربعة الشكل ، ووقوعها وسط الجبال ، ووجود بئر ماء داخل حرمها هو بئر زمزم عندنا ..... الخ
وإذا أردت معرفة كافة تلك التفاصيل فعليك بكتاب : " القرآن وتصديق التوراة والإنجيل " لمؤلفه الدكتور ممدوح جاد ، الصفحات : 218 – 232
والكتاب صدر فى مصر سنة 1996 لكن بدون ناشر ، ويمكنك الاطلاع عليه من دار الكتب المصرية
تحياتى ، وتهنئتى بشهر رمضان الكريم
 
قد بدا لى أخيراً ما أظن أنه معنى اسم ( بكة ) على الحقيقة ، وأصل اشتقاقه كذلك ، ولكن الأمر قد يحتاج منى الرجوع إلى بعض المصادر والمراجع قبل أن أعرضه هنا إن شاء الله

مشكلة " بكة "
والطريق نحو الحل

( 1 )
عرضتُ من قبل لـلترجمات الإنجليزية التى احتفظت بإسم بكة كما هو بنطقه العربى ، وقد بلغ عددها 23 ترجمة ( أنظر المشاركة 66 )
وقد قلت حينها أن هذا العدد قابل للزيادة لأنى لم أكن بحثت كل الترجمات المتاحة . ثم قررتُ أن أواصل البحث فى كل الترجمات التى يمكن الوصول إليها ، فعثرتُ على أربع ترجمات أخرى تقول بالمثل : وادى بكة :
the Valley of Baca
وهذه الترجمات هى :
21st Century King James Version Geneva Bible
Orthodox Jewish Bible - Expanded Bible
وقد لفت نظرى فى الترجمة الأخيرة أنها قالت :
[FONT=&quot] [the Valley of Baca [FONT=&quot][ weeping, location unknow[/FONT][/FONT]
أى أنها بعد أن تركت اسم بكة كما هو أوردت بين معقوفين عبارة شارحة لمعناه تقول : ( وادى البكاء ، والموقع غير معروف !! )
ومن الطبيعى أن يكون الموقع غير معروف لهم ، لأنهم بحثوا عنه فى أرض فلسطين ، بينما كان عليهم أن يرنوا بأبصارهم إلى وادى بكة بأرض الحجاز ، وحينها كان سيتبدد جهلهم ويزول عجبهم !!
إن اعتراف المترجم بأن المكان غير معروف يمكن اعتباره من جنس " وشهد شاهد من أهلها " ، فهى شهادة تأتينا من أهل الكتاب أنفسهم
وهى شهادة هامة جداً ، لأنها تُبطل مزاعم بعض القساوسة العرب الذين حاولوا ايهام المسلمين بأن هذا الوادى معروف فى التوراة ، وذلك لكى يدفعوا انطباقه على بكة الإسلامية ، ولكن هيهات هيهات لمحاولاتهم الهزيلة
وهكذا نجد اسم بكة مكتوبا بلفظه ونطقه العربى فى 27 ترجمة انجليزية دفعة واحدة
أما بقية الترجمات الانجليزية فأغلبها قد ترجم العبارة إلى (وادى البكاء) فحسب هكذا :
the valley of Weeping
هذا ما وجدته فى 10 ترجمات ، وتلك هى اسماؤها :
Amplified Bible - Hebrew Names Version - New Living translation - World English Bible - Young,s Literal Translation - American Standard Version - Literal Translation Version - Modern King James Revised Version - Updated Bible Version 1.9
كما توجد ترجمات أخرى استبدلت كلمة دموع بكلمة بكاء ، فقالت :
the valley of tears
أى " وادى الدموع " ، وقد وجدت هذا فى ثلاث ترجمات ، هى :
Open English Bible - Wycliffe Bible- Douay Rheims
وبذلك يرتفع عدد الترجمات الإنجليزية التى شملها البحث إلى أربعين ترجمة
هذا عدا خمس ترجمات أخرى لم أذكر اسماءها ، لأن ترجمتها تبدو ضعيفة وشاذة ، فمنها ما يترجم " وادى بكة " إلى " وادى أشجار البلسم " ، ونصها بالانجليزية :
the valley of balsam-trees
ومنها ما يترجمه إلى (الوديان المُوحِشة ) بصيغة الجمع ، هكذا :
lonesome valleys
والآن وبعد هذا العرض المفصّل الشامل نكون قد تحققنا من أن أغلب الترجمات الإنجليزية قد أبقت على اسم بكة كما هو ، فقد تحقق هذا فى 27 ترجمة من أصل 45 ترجمة تُمثل كل ما أمكننى أن أصل إليه من ترجمات ، وقد بذلت فى ذلك كل وسعى ، ويعلم الله وحده مدى حرصى الشديد على مراجعة كل الترجمات المتاحة فى كافة المواقع العلمية المتخصصة على الشبكة العنكبوتية

نخلص مما سبق إلى أن اسم بكة نجده مكتوبا دون تحريف فيما يُقَدَر بـ 60 % من جملة الترجمات الإنجليزية ، وهى نسبة كبيرة لا يستهان بها فى ظل وجود التحريف المتعمد أحياناً ، والذى يظهر بصورة أشد وضوحا لدى المترجمين العرب بوجه خاص وكما سنرى لاحقاً
( يتبع إن شاء الله )
 
إشكال " بكة "
والطريق نحو الحل

( 2 )
عرضنا فى الحلقة رقم ( 1 ) للترجمات الإنجليزية المختلفة للفقرة السادسة من المزمور 84 من مزامير داود عليه السلام ورأينا كيف أن نحو 60 بالمائة منها قد أبقت على اسم بكة كما هو بنفس نطقه العربى
أما فقرة المزمور فى لغتها الأصلية أى العبرية فنجد أنها تُنطق هكذا : " عوفيري بعيميك هاباخا "
עֹבְרֵי | בְּעֵמֶק הַבָּכָא:
فنلحظ أن الكلمة في اصلها العبرى تنطق " هابخا " ، حيث حرف الهاء المفتوحة فى أولها هو أداة التعريف فى العبرية ، أما "بخا" فهى إما "بكة" أو "بكاء" حيث أن حرف الكاف يُنطق فى العبرية خاء ، كلفظ ملاك مثلا الذى يُنطَق فيها ملاخ ، ولفظ ميكائيل الذى يُنطَق ميخائيل ... وهكذا
فماذا عن الترجمات العربية ؟
الملاحظ أن أغلب الترجمات العربية قد ترجمت اسم بكة إلى البكاء ، ولم تحذو حذو الترجمات الإنجليزية التى رأيناها كيف كانت أمينة بالإبقاء على الإسم كما هو
ففى الترجمات العربية نجد الفقرة مترجمة هكذا :
" عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعا "
وغالباً ما نجد القساوسة العرب يعترضون على أطروحة علماء المسلمين بخصوص ورود اسم بكة فى الزبور بقولهم أن الإسم فى اللغة العبرية إنما يعنى البكاء لا بكة
وقد رأيتُ أن نسايرهم فى هذا الزعم حتى نقضى على هذا الإعتراض وحتى نصل إلى كلمة سواء بيننا وبينهم
فماذا كانت النتيجة ؟
سبحان الله ، لقد وجدتُ أنه حتى على فرض صحة قولهم فإنه سوف يؤدى بنا إلى نفس النتيجة ، وهى أن : وادى البكاء إنما ينطبق تماما على وادى بكة !!!
كيف هذا ؟
ذلك ما سوف نراه لاحقاً بإذن الله
( يتبع إن شاء الله )
 
تحيه لك استاذ عليمي علي هذا المجهود الضخم وفعلا الموضوع شيق . انا اري انه من ادلة القران علي كتب اهل الكتاب وتاكيد لهيمنته عليها
 
تحيه لك استاذ عليمي علي هذا المجهود الضخم وفعلا الموضوع شيق . انا اري انه من ادلة القران علي كتب اهل الكتاب وتاكيد لهيمنته عليها
من جهة كونه مجهوداً ضخماً ، فهو كذلك بالفعل ، فقد فحصت عشرات التراجم الإنجليزية لنص المزمور 84 ، لم أكتفِ بعشرة أو عشرين أو حتى ثلاثين ترجمة ، بل ناهز عدد ما فحصته الخمسين ترجمة
وإذا كنت أشكر لك متابعتك أخى أحمد ، فإننى فى نفس الوقت أتعجب متسائلاً : ألم يعد يتابع الموضوع أحد سواك ؟!!
أين الناس ؟!
سبحان الله ولا قوة إلا بالله !
وللأسف فالذين كانوا يناقشونى ويتجاذبون معى أطراف الحديث أغلبهم قد غادر الملتقى ، غادر الأساتذة : أبو عمرو البيراوى وأبو سعد الغامدى وعصام المجريسى ، ولم يبق إلا أنت أخى أحمد ، وربما انضم إليك أبو عاتكة
على أية حال فهذا لن يثنينى عن مواصلة الموضوع وعن تقديم الكشف الرائع عن أصل الاسم : بكة
ولكن قد يتأخر عرضه قليلاً ، حيث عثرتُ على مراجع هامة للغاية تزيد من ثراء هذا الموضوع وتجعله يخرج فى أبهى حلة
فادعوا الله لى بالتوفيق والسداد
 
على أية حال فهذا لن يثنينى عن مواصلة الموضوع وعن تقديم الكشف الرائع عن أصل الاسم : بكة
ولكن قد يتأخر عرضه قليلاً ، حيث عثرتُ على مراجع هامة للغاية تزيد من ثراء هذا الموضوع وتجعله يخرج فى أبهى حلة
فادعوا الله لى بالتوفيق والسداد
وهذا عهدي دائما بك استاذ عليمي وفقك الله
 
حل الإشكال حول معنى " بكة "
( 3 )
وغالباً ما نجد القساوسة العرب يعترضون على أطروحة علماء المسلمين بخصوص ورود اسم بكة فى الزبور بقولهم أن الإسم فى اللغة العبرية إنما يعنى البكاء لا بكة
وقد رأيتُ أن نسايرهم فى هذا الزعم حتى نقضى على هذا الإعتراض وحتى نصل إلى كلمة سواء بيننا وبينهم
فماذا كانت النتيجة ؟
سبحان الله ، لقد وجدتُ أنه حتى على فرض صحة قولهم فإنه سوف يؤدى بنا إلى نفس النتيجة ، وهى أن : وادى البكاء إنما ينطبق تماما على وادى بكة !!!
كيف هذا ؟
ذلك ما سوف نراه لاحقاً بإذن الله
الحمد لله الذى هدانا لمعنى ذلك الاسم المبارك الذى حارت فيه الأفهام وقيل فى تعليل أصله الكثير من الأقوال ، دون أن تطمئن إلى واحد منها النفوس ، أو تقتنع به العقول ، وما ذلك إلا لأنها تفتقر إلى الدليل القاطع والبرهان الساطع
وكان من فضل الله تعالى على هذا الفقير ، أن لفت نظره القاصر إلى قرينة قوية فى نص المزمور الذى أورد اسم "بكة"
هذه القرينة ويا للعجب قد وجدتُ ما يناظرها فى نص آخر من التوراة يتعلق بوادِ بكة أيضا ، وهى تفسر لنا أصل اسم " بكة " تفسيرأ لغوياً صحيحأ فى اللسانين العربى والعبرى معاً ، وسنرى هذا لاحقا ،لكن علينا أولاً أن نتعرف على موضوع المزمور 84
( عما يتحدث المزمور ؟ ) :
اختلفت وجهات النظر إلى المزمور 84 بإختلاف عقيدة الناظر إليه ، فأهل الكتاب من اليهود والنصارى رأوا فيه غير ما رأى علماء مقارنة الأديان المسلمين ، وتعالوا نتعرف على وجهتى النظر الرئيستين :
أولاً : وجهة النظر الكتابية :
يقول أهل الكتاب أن هذا المزمور إنما يعبر عن الاشتياق إلى حج بيت الله المقدس ، والذى هو عندهم الهيكل اليهودى فى أورشاليم ، وأنه يصف رحلات الحجيج إليه وعبورهم آخر محطاته والمسماة "وادى بكا" فى النص العبرى الأصلى أو "وادى البكاء" فى الترجمات العربية (وهو وادى جاف لم يتعرفوا على مكانه بشكل قاطع ) وأنه يصف كيف أن عبورهم له قد جعله ينبوع ماء زلال بعد أن كان قفراً مُوحشاً ، أى أن المزمور من وجهة نظرهم يصف واقعاً حياً ومرئياً ، تلك بإيجاز هى وجهة نظرهم بوجه عام
ثانياً : وجهة النظر الإسلامية :
وافق علماء المسلمين على التصور السابق ، لكنهم خالفوه فى نقطتين رئيستين :
الأولى : أن هذا البيت المقدس الذى يقصده الحجيج إنما هو بيت الله المحرم الواقع فى بكة تحديداً ، وليس هو الهيكل اليهودى فى أورشاليم ، حيث لم يجرِ أى ذكر فى المزمور للهيكل أو لأورشاليم على الإطلاق
الثانية : أن المزمور لا يصف واقعاً حياً وقت كتابة المزمور ، وإنما يمثل نبؤة مستقبلية عن حج المسلمين إلى الكعبة ، والذى لن يحدث قبل مرور بضعة عشر قرناً على كتابة المزمور
و هم يدعمون وجهة نظرهم بملاحظات عديدة أخذوها من نص المزمور ، وكلها تدور حول مواصفات الوادى المذكور فيه ، من أهمها أنه :
1- يُسمّى وادي " بكة "
2- طقسه جاف وقاحل
3- فيه يينبوع ماء ، هو زمزم
4- فيه يطير الحمام آمنا حيث الصيد حرام فيه
5- يأتى إليه الحُجاج من كل مكان
تلك المواصفات جميعاً وردت فى نص المزمور ، والأحق بها - فيما يرى علماء المسلمين - هى بكة وحدها ، وذلك لذكر الإسم الصريح " بكا" فى النص الأصلى ، حيث لا يوجد أي مكان على الأرض يُسمى بكة غير مكة المكرمة ، كما أن فيها ينبوع ماء هو بئر زمزم ، ويكفى اجماع أغلب شراح التوراة من اليهود والنصارى معاً على أن هذا الوادى موصوف فى المزمور بأنه وادى قاحل جاف ويقع في الصحراء ، وهو ما ينطبق كل الانطباق على وادى بكة ، حيث وصفه القرآن بكونه " وادى غير ذى زرع "
تلك بإيجاز هى أهم البراهين التى دعم بها العلماء المسلمون وجهة نظرهم
الموازنة بين الرؤيتين :
إذا التزمنا الموضوعية والحياد العلمى ونحينا جانباً العاطفة الدينية ، فسنجد أن وجهة النظر الإسلامية هى الأقرب للصواب بالفعل ، نظرأ لقوة وكثرة البراهين التى تدعمها
ومع هذا أقول – ومن منطلق الحيدة والموضوعية كذلك – أن تحليلى الشخصى للمزمور واستقرائى للمشهد بدقة يجعلانى أختلف قليلاً مع زملائى من علماء مقارنة الأديان المسلمين ، ولكنه – بفضل الله – اختلاف تنوع ، لا اختلاف تضاد
ففى حين أنهم يرون أن المزمور ليس أكثر من ( نبؤة مستقبلية ) عن الحج الإسلامى الذى لن يظهر إلا بعد حوالى ستة عشر قرناً ( 1600 سنة ) من زمن تدوين النبؤة ، فإننى أخالفهم فى هذه الرؤية . كما أخالف بالمثل علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى فى تصورهم أن المزمور يصف واقعاً حياً ومرئياً وقت كتابته . فهذا المزمور لا هو عندى بالنبؤة عن مستقبل بعيد جدا يُقدر ببضعة عشر قرنا ، ولا هو كذلك بالتسجيل الواقعى لمشهد كان حاضراً وقت أن كُتِب ( لأن فى عصر كتابته لم يكن الهيكل اليهودى قد بُنى بعد ، وبالتالى فلا معنى للحج إليه )
فما الذى يصفه المزمور إذاً ؟!
أقول وبالله التوفيق : بعد أن دققت النظر جيداً فى نص المزمور ككل ، وجدتُ أن كاتبه – والمفترض أنه داود عليه السلام -كان يعبر فيه عن تأثره البالغ وانفعاله الشديد بذكرى حادثة شريفة سجلتها التوراة فى أول أسفارها المسمى "سفر التكوين"
إنها ذكرى أول رحلة قام بها عباد الله الصالحين إلى بيت الله الحرام ببكة ، فالمزمور يصف تحديداً وحصراً رحلة السيدة هاجر وابنها اسماعيل عليهما السلام إلى وادى بكة الجاف ، كما يصف تفجير الله لهما عين ماء هناك ( هى بئر زمزم ) بعد أن كاد اسماعيل أن يهلك من العطش ، وبعد أن بكت عليه السيدة هاجر بكاءاً مراً ، تجاوباً مع بكاء صغيرها اسماعيل كذلك ، وهذا كله مكتوب ومُسَجل فى التوراة ، فاستحق المكان الذى استقبل أول زائريه الصالحين بهذا البكاء المزدوج منهما أن يُدعى وعن جدارة : ( وادى البكاء ) ، أو هكذا رأى داود عليه السلام على أثر انفعاله بتلك الحادثة التى بدأت بالأتراح وانتهت بالأفراح !
ولكن داود فى هذا المزمور لم يكن يقصد ذم هذا الوادى بهذا الإسم (وادى البكاء) ، وإنما على العكس كان يقصد - وكما هو واضح من المزمور نفسه - إظهار قدرة الله تعالى على تحويل القحط الشديد إلى نعيم كبير، وعلى استبدال السرور بالبكاء والفرح بالأحزان ؛ لأن هذا البكاء المر من اسماعيل وأمه معا قد أعقبه على الفور - وبنص المزمور نفسه – انفجار ينبوع ماء وسط هذا الجفاف الشديد ، فى إشارة قوية إلى بئر زمزم التى لم ينضب معينها أبداً منذ هذه الالآف من السنين ، ومن هنا جاء هذا الاسم ( البكاء ) ليكون علامة تذكارية على نعمة الله العظيمة وقدرته البالغة ، وعلى رأفته ورحمته الواسعة بعباده الصالحين
وهكذا نجد أن كل هذه المعانى المتقابلة ما بين : الجفاف والنضارة ، القحط والرخاء ، الحزن والفرح ، البكاء والسرور ، كلها قد اختزلها داود عليه السلام بإختياره لهذا الاسم "وادى البكاء" ، فهو يريد بذلك أن يقول أن قدرة الله قد أحالت وادى البكاء الجاف المهجور إلى وادى البهجة الخصب المعمور ، فصار الناس يقصدونه من كل حدب وصوب بعد أن كان مُوحِشاً مهجوراً ، وصار يُجبَى إليه ثمرات كل شىء بعد أن كان قفراً مجدباً !!
تلك هى رؤيتى للمسألة ، ولى عليها أكثر من دليل وبرهان آخر بخلاف ما سبق ذكره ، وهى أدلة فى غاية القوة ، وسأعرض لها واحدأ تلو الآخر فى المشاركة التالية
( يتبع إن شاء الله )​
 
4 - معنى "بكة" مؤيداً بالبراهين ( تابع ما سبق )​

البرهان الأول : اشتراك العربية والعبرية فى لفظة " بكاء " نطقأ ومعنى :
من المعلوم أن اللغتين العربية والعبرية يرجعان إلى أصل واحد ، هو اللسان السامى ، ومن هنا فإنهما تشتركان فى العديد من الألفاظ الدالة على معنى واحد فيهما معاً
ومن تلك الألفاظ المشتركة بينهما فى النطق والمعنى لفظ " بكاء " ، حيث يدل هذا اللفظ فيهما معاً على ذرف الدموع .وقد رأينا من قبل أن وادى "بكا" فى النص العبرى للمزمور قد تُرجم فى العربية إلى : وادى "البكاء" ، وذلك من منطلق إشتراك اللغتين معا فى هذا اللفظ
ولكن ما دلالة البكاء على " بكة " كإسم لهذا الوادى ؟
هنا يأتى دور البرهان الثانى ، والذى نعرض فيه للقرينة القوية فى المزمور والتى وجدتُ ما يماثلها فى نص توراتى آخر مشابه لنص المزمور 84 ، وهى القرينة التى أشرت إليها فى بداية المشاركة السابقة

البرهان الثانى : إشارة المزمور إلى بئر زمزم عقب بكاء اسماعيل وهاجر :
نجد إشارة قوية إلى بئر زمزم فى الفقرة السادسة من المزمور والتى تقول :" طُوبَى لِأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ. عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعاً. "
وبعد أن ننتبه إلى الألفاظ التى تحتها خطوط والملونة بالأحمر نسأل :
هل لاحظتم أن البكاء الذى هو اسم الوادى قد أعقبه مباشرة ذكر ينبوع ماء ؟!
فلنضع هذه الملاحظة فى الحسبان ونحن نطالع النص التالى والموجود فى أول أسفار التوراة والمسمى سفر التكوين ، والذى يقص علينا بدايات وصول السيدة هاجر وابنها إسماعيل عليهما السلام إلى وادِ بكة ، فلننظر فيه مع الإنتباه إلى العبارات التى تحتها خطوط والملونة بالأحمر:
15 وَعِنْدَمَا فَرَغَ الْمَاءُ مِنَ الْقِرْبَةِ طَرَحَتِ الصَّبِيَّ تَحْتَ إِحْدَى الأَشْجَار 16 وَمَضَتْ وَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ، عَلَى بُعْدِ نَحْوِ مِئَةِ مِتْرٍ، لأَنَّهَا قَالَتْ: «لاَ أَشْهَدُ مَوْتَ الصَّبِيِّ». فَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَبَكَتْ 17 وَسَمِعَ اللهُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا: «مَا الَّذِي يُزْعِجُكِ يَاهَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي، لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُلْقًى. 18قُومِي وَاحْمِلِي الصَّبِيَّ، وَتَشَبَّثِي بِهِ لأَنَّنِي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً». 19ثُمَّ فَتَحَ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ، فَذَهَبَتْ وَمَلأَتِ الْقِرْبَةَ وَسَقَتِ الصَّبِيَّ./ تكوين 21 : 15- 19 ( ترجمة كتاب الحياة )
والآن : هل لاحظتم كذلك -كما فى النص السابق- أن البكاء ( والصادر هنا من هاجر واسماعيل تحديداً وحصراً ) قد أعقبه مباشرةً ذكر بئر ماء ؟!
وبضم هذه الملاحظة إلى الملاحظة السابقة ينقشع الغمام عن الحقيقة الساطعة ، وهى أن المزمور فى حقيقة الأمر يفسر نص سفر التكوين ، وعلى هذا يكون اسم "وادى بكة" أو "وادى البكاء" مشتقأ من بكاء هاجر وإسماعيل ، ويكون "بكة" اسم سامى قديم يعنى البكاء ، أو قد يعنى " الباكية " ، كإشارة مباشرة إلى هاجر عليها السلام ، على إعتبار أن التاء المربوطة فى نهاية " بكة " تمثل تاء التأنيث ، فتكون "بكة" فى اللسان السامى القديم هى "الباكية" فى اللسان العربى المبين ، والله أعلم

البرهان الثالث : إشارة المزمور إلى دور هاجر وإسماعيل فى تفجير زمزم :
وردت فى المزمور فقرة عجيبة وغامضة تحتاج إلى تأمل وتفكير ، فهى تقول :
"عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعاً "، وفى ترجمة أخرى :"يَجْعَلُونَهُ يَنَابِيعَ مَاءٍ"
لو كانت هذه الفقرة تتحدث عن قوافل الحجيج المعتادة لصار المعنى غامضاً ، حيث لم نعهد فى قوافل الحجيج أنها تقوم بتحويل الوادى الجاف الذى تعبره إلى ينبوع ماء ، فهذا أمر ليس فى مقدور عابر سبيل ، حتى لو أراده وعمد إليه
أما لو كان هؤلاء العابرون هم " هاجر وإسماعيل " تحديداً وحصرأ لزال عندئذ كل غموض ولصار الأمر واضحاً جليأ . فمن المعلوم والثابت من الأحاديث النبوية الصحيحة أن واقعة عطش إسماعيل وهرولة أمه هاجر بين الصفا والمروة بحثاً عن الماء ، كانت هى السبب الحقيقى والمباشر فى تفجير بئر زمزم لهما ، أى أنهما قد تسببا بالفعل فى تحويل هذا الوادى القاحل الجاف إلى " ينبوع ماء " على الحقيقة وكما قال المزمور، ولا حاجة بنا إلى التفسير المجازى ، طالما التفسير بالظاهر ممكن وبهذا الفهم يستقيم المعنى ويتأكد لنا أن هاجر وإسماعيل هما المعنيان فى المزمور

البرهان الرابع : إشارة المزمور إلى استيطان هاجر وإسماعيل وادى بكة :
من العجيب جداً أن هذا البرهان كان يمثل من قبل إعتراضاً من بعض القساوسة على علماء المسلمين الذين قالوا أن بكة فى المزمور مقصود بها مكة المكرمة !!
فقد اعترض علينا بعض قساوسة النصارى بأن المزمور إنما يتكلم عن الاشتياق للسكني في بيت الرب وليس عن مجرد زيارته ،حيث تقول إحدى فقرات المزمور :
" طُوبَى لِلسَّاكِنِينَ فِي بَيْتِكَ أَبَداً يُسَبِّحُونَكَ.سِلاَهْ "
ورغم أن هذا الإعتراض غير صحيح ،لأن المزمور تكلم أيضاً عن العابرين إلى بيت الله ، ولكن حتى لو افترضنا صحة كلام القساوسة فإن هذا بحد ذاته سيكون – ويا للعجب - حجة لنا لا حجة علينا !!
هذا لأننا إذا أخذنا بالإعتراض المذكور فإنه سيؤكد - من جهة أخرى - أن نص المزمور إنما يتحدث تحديداً عن السيدة هاجر وابنها اسماعيل عليهما السلام ، فقد كانا هما اللذان استوطنا وادى بكة وعمروه طيلة حياتهما ، ومن المعلوم أن اسماعيل وذريته من بعده كانوا هم حقأ " الساكنين فى بيت الرب " (الكعبة ) إلى الأبد وكما قال المزمور !!!
إن هذه المسألة تُعد فى غاية الأهمية ويجب الانتباه إليها جيداً ، لأنها تؤكد لنا – وللمرة الرابعة - أن اسم بكة مأخوذ من قصة هاجر وإسماعيل عليهما السلام ، وبالتحديد من واقعة بكائهما

وختامأ : لقد تبين لنا من خلال هذا التحليل أن داود عليه السلام فى هذا المزمور لم يكن يصف طوائف الحجيج العادية إلى بيت الله ، وإنما كان ينظر إلى أصل القصة فى التوراة ، أى إلى رحلة إبراهيم صلى الله عليه وسلم وزوجه هاجر وابنه إسماعيل عليهما السلام إلى بيت الله الحرام ، وذلك بوصفهم أول من قصد هذا الوادى المبارك بهدف الإستيطان فيه ، تمهيداً لبناء بيت الله فيه من جديد
كما نخلص من هذا التحليل إلى أن "بكة" هو الإسم السامى القديم لمكة المكرمة ، وأنه مشتق من البكاء الذى صدر من إسماعيل وهاجر عليهما السلام
ومما ينبغى ذكره كذلك أن من إعجاز القرآن الكريم أن يذكر مكة بأقدم أسمائها ( وهو اسم بكة ) حين أراد الحديث عن أول بيت وُضع للناس ، أى أقدم بيوت العبادة على الإطلاق ، فاختار لمكة أقدم اسم لها ليناسب هذا السياق التاريخى
قال تعالى: " إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّة مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ "
هذا ما بدا لى ، والله أعلى وأعلى
تم بحمد الله وتوفيقه​
 
استدراك
سقط منى سهواً ما يلى :
البرهان الخامس : إشارة المزمور إلى السعى بين الصفا والمروة :
هذا البرهان عثرتُ عليه فى مقال بمجلة البيان ( شهر صفر1431) للأستاذ / فيصل بن على الكاملي ، وعنه ننقل بتصرف يسير قوله :
(( إن عبارة النص العبرى الأصلى التى تقول : " يلخو مِحايل إل حايل " قد تُرجِمت فى بعض النسخ العربية مثل نسخة الفاندايك وغيرها إلى :" يذهبون من قوة إلى قوة " ، ولكن كلمة (حايل) العبرية تقابل فى العربية كلمة (حائل) ، والحائل كما نعرف هو الحاجز بين شيئين ،كالسور أو الجبل أو التل المرتفع
وبالبحث فى ترجمات العهد القديم وجدت الترجمة العربية اليسوعية قد ترجمت الفقرة إلى :" من ذروة إلى ذروة يسيرون " ، ثم زادني يقيناً ما وجدته في الترجمة العربية المشتركة :" ينطلقون من جبل إلى جبل " ، فأدركت حينها أن الفقرة تشير إلى السعي بين الصفا والمروة ))
لاشك الآن فى أن هذا المزمور يشير إلى بدايات بعض شعائر الحج والتى نجد أصولها فى قصة هاجر وإسماعيل عليهما السلام
تم بحمد الله​
 
السلام عليكم
سبحان الله

والله جاء على بالي أن بكة من البكاء قبل أن اقرا تحليلك الرائع

فقدأصبت في ظني والله أعلم
بارك الله فيكم
 
السلام عليكم
سبحان الله
والله جاء على بالي أن بكة من البكاء قبل أن اقرا تحليلك الرائع
فقدأصبت في ظني والله أعلم
بارك الله فيكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ظنك فى محله ، وفى هذه الحالة لا يكون ظنأ ، بل يكون حدسأ وبصيرة
و بوركت أخى
 
بارك الله مجهودك استاذ عليمي في هذا الموضوع الذي ظهر لي مدي خبرتك وعلمك في كتب اهل الكتاب فقد قدمت براهين قويه ومقنعه لتاكيد ان مكه هي بكه وهي مشتقه من البكاء وهذا من اعجاز القران
مما يقيم الحجه الكامله علي اهل الكتاب
 
نسيت أن أذكر أمرأ هامأ يتعلق بإحدى مزايا هذا التحليل عن أصل الإسم ( بكة )
فهذا التحليل يمتاز بأنه يدفع إعتراضأ شهيرأ من إعتراضات النصارى على أن "بكا" فى المزمور هى "بكة" ، وذلك بقولهم أن جميع المخطوطات العبرية للمزمور قد أوردت هذه الكلمة مسبوقة بأداة التعريف العبرية "ها" ، أى أنها تُنطق "هابكا"
وهذا - فيما يقولون - يتعارض مع كونها اسم عَلَم لمكان ، لأن أداة التعريف لا تدخل على الأعلام ، فلا يصح أن يقال (البكة) ، وإنما يصح أن يقال: البكاء
وها قد وافقناهم على أنها تعنى البكاء ، ومع ذلك أثبتنا ببراهين عديدة ومن كتبهم هم أنها تنطبق على بكة !!
إنها "بكة" فى مزامير داود عليه السلام ، ولو كره الكافرون
ولله الحمد
 
عودة
أعلى