بسم1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اولا : اود ان اشكرك اخي / فكري حمدي على تساؤلك ، ففيه نوع من التدبر - جزيت خيرا
بعد قول الله سبحانه وتعالى ...سقت اقوال العلماء وكيف ان لهم في اعراب الاية التي ذكرتها وجهان فرجحت، وعقبت على ماذكرت من تساؤلات بقدر المستطاع ، والله المستعان وعليه التكلان ..
قوله تعالى ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ
لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)
السمين الحلبي رحمه الله في الدر المصون
قال حول الاية ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ)
" لكل " " كل " مضافة لشيء محذوف ، وذلك المحذوفُ يُحتمل أن يكونَ لفظة " أمة " أي : لكل أمة ، ويراد بهم جميعُ الناس من المسلمين واليهود والنصارى ، ويحتمل أن يكونَ ذلك المحذوفُ " الأنبياء " أي : لكل الأنبياء المقدَّمِ ذكرُهم . و " جَعَلْنا " يُحتمل أن تكونَ متعديةً لاثنين بمعنى صَيَّرْنا ، فيكون " لكل " مفعولاً مقدماً ، و " شِرْعة " مفعولٌ ثان . وقوله : { منكم } متعلقٌ بمحذوفٍ ، أي : أعني منكم ، ولا يجوزُ أَنْ يتعلَّق بمحذوف على أنه صفةٌ ل " كل " لوجهين ، أحدُهما : أنه يلزمُ منه الفصلُ بين الصفة والموصوف بقوله " جَعَلْنا " وهي جملةٌ أجنبية ليس فيها تأكيدٌ ولا تسديدٌ ، وما شأنه كذلك لا يجوز الفصلُ به .
والثاني : أنه يلزم منه الفصلُ بين " جَعَلْنا " وبين معمولِها وهو " شِرْعةً " قاله أبو البقاء وفيه نظر ، فإن العامل في " لكل " غيرُ أجنبي ، ويدل على ذلك قوله :{ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ } [ الأنعام : 14 ] ففصل بين الجلالة وصفتِها بالعمل في المفعول الأول ، وهذا نظيره . وقرأ إبراهيم النخعي ويحيى بن وثاب : " شَرْعة " بفتح الشين ، كأن المكسور للهيئة والمفتوح مصدر .
في اعرابها - من كتاب الجدول في اعراب القران
الاية وقوله تعالى ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ)
لكل : جار ومجرور متعلق ب . (جعلنا ).
جعلنا : فعل ماض مبني على السكون و ( نا) فاعل
منكم : من حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بنعت ل.. ( كل)
فالاعراب هنا ،فيه مسألة فصل النعت عن المنعوت باجنبي ، وانتصر السمين الحلبي -رحمه الله - لصحة هذا القول على من خالف كابوالبقاء العكبري - رحمه الله . قال السمين الحلبي ( فإن العامل في " لكل " غيرُ أجنبي ويدل على ذلك قوله :{ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ } [ الأنعام : 14 ] ففصل بين الجلالة وصفتِها بالعمل في المفعول الأول ، وهذا نظيره ففصل بين الجلالة وصفتِها بالعمل في المفعول الأول ، وهذا نظيره ) انتهي
اجتهادي في الاية ، وفيه ترجيح ما ذهب اليه - ابوالبقاء العكبري - رحمه الله تعالى
الاية وقوله تعالى ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ)
متعلق
لكل هو كما جاء عن ائمتنا - رحمهم الله تعالى، وهو ..جميع الامم السابقة ( اليهود والنصارى )
اجتهادي وقولي ماعدا امة محمد صلى الله عليه وسلم ، فيكون المعنى : جعل - الله سبحانه وتعالى- شرعتنا ومنهاجنا ناسخة ومهيمنه على الشرائع السابقه
فلكل : المتعلق المحذوف هاهنا هو.. (الامم السابقة ) غير امة رسول الله صلي الله عليه وسلم.
جعلنا منكم : جعل الله منكم يا امة محمد صلى الله عليه وسلم ( الشرع والمنهج المهيمن )
على كل الامم السابقة ، واستدلالا بالسياق القراني.
قال تعالى ( أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ )
وقوله تعالى في الاية التالية ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)
ل ..كل : تخص جميع ماسبق من الامم وشرائعهم لايدخل فيها امة الاسلام وشرعه .
من ..كم : ضمير متعلق بمحذوف اخر الا وهو امة محمد صلى الله عليه وسلم ، يبينه ويدل عليه السياق .
فالشرعة والمنهج في الاية هي دين الاسلام ، فالايات فيها فضل الله سبحانه وتعالى العظيم على امة محمد صلى الله عليه وسلم بهدايتهم للشرع والمنهج الذي ارتضاه فلله الحمد والمنه، وبجعل الهيمنه والظهور في هذا الدين ليوم الدين وقوله سبحانه وتعالى : (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ) الجاثية 18 .
تاويل للاية مرة اخرى : جعل الله دينكم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم الا وهو الاسلام (شرعة ومنهاجا ) مهيمن وظاهر على كل وجميع ماسبق من الشرائع ويتم ذلك بناء على ماقدمت من الادلة ،
والفصل الذهنى السريع بين ( لكل) و(جعلنا منكم ) ومراعاة الفروق في متعلقاتهما
وتوجه الخطاب من بعد وقبل( لكل ) لامة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.فما انزلناه اليك يامحمد صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمه هو المهيمن وهو الحكم على كل ماسبق من الاديان والشرائع.
أشير .. لقول ابو البقاء العكبري - رحمه الله - قال : ( لايجوز ان تكون ( منكم ) صفة ( لكل ) يوجب هذا الفصل بين الصفه والموصوف باجنبي ولاتشديد للكلام فيه، ويوجب ايضا ان يفصل بين جعلنا وبين معمولها وهو .. ( شرعة ) .
وختاما . .
التقديم والتاخير الذي ذكرته اخي / فكري حمدي - جزاك الله خيرا
لايستقيم، لماذا ؟ لانه تغير جذري في المقصود ، بمساواته وادخاله لامة محمد صلى الله عليه وسلم في الامم السابقة ولامر اخر مهم الا وهو عمله المباشر كمحسن لشرعهم ومنهجهم المنسوخ الذي كان فيه كثير من الاصر والاغلال بسبب التعنت والكبر من جانبهم .
والله اعلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته