عويض العطوي
New member
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
الحمد لله الذي خلقنا ورزقنا , وحدد لنا مهمتنا في هذه الحياة , وشرع لكل جنس ما يناسبه ويصلحه , فقال سبحانه : ﴿ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن. فَضْلِهِ ﴾ [النساء 32 ] ، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير، محمد بن عبدالله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد.
فهذه وقفات مع آيات اشتملت على لطائف تخص عمل المرأة وخروجها من بيتها، أستهلها بهذا السؤال: هل لابد للمرأة من العمل خارج البيت، هل هو من الضروريات التي لاتقوم حياتها إلا بها؟
نقول إجابة على ذلك إن الذي يقتضيه العقل ، وجاء به النقل أن الذي يجب عليه الكد والعناء والتعب والشقاء هو الرجل، لأن الله سبحانه قال عن أبينا آدم وحواء: ﴿ فَقُلْنَا يٰـئَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ﴾ [ طه 117 ] كانا يعيشان في نعيم في الجنة، فحذرهما ربهما من إخراج الشيطان لهما من دار النعيم إلى دار العمل والتعب (الدنيا)، فقال سبحانه: ﴿ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ﴾، تأملي يا مؤمنة هذه الآية بعين بصيرتك، تجدين التحديد الدقيق لمهمة كلٍ من الرجل والمرأة في هذه الدنيا، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في طريق الهجرتين: (( انظر كيف شرك بينهما في الخروج ﴿ يُخْرِجَنَّكُمَا﴾، وخص الذكر بالشقاء ﴿ فَتَشْقَىٰ ﴾، وما قال: (فتشقيا) لاشتغاله وحده بالكسب والمعاش، والمرأة في خدرها )).
وهذا مدلول جلي من مدلولات الآية، لأن الله تعالى قال بعد ذلك: ﴿إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ ﴾ [ طه 118/119 ]كل ذلك في الجنة، أما في الدنيا فلك يا آدم الجوع والتعب والنصب والظمأ، إذن من الذي يتعب ويعمل ويشقى وينصب؟! إنه الرجل لا المرأة، لأن الله قال: ﴿ فَتَشْقَىٰ ﴾، وخص آدم وحده بذلك، أما المرأة فقال عنها سبحانه: ﴿ هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [ الأعراف 189 ] وقال سبحانه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[الروم 21]
وإن من أعظم آثار خروج المرأة من بيتها وتركها لمسؤولياتها اختلال نظام الأسرة وزعزعة كيان البيت بأكمله,لأن الأم المكدودة بالعمل, المرهقة بالأشغال المقيدة بمواعيدها, المستغرقة لطاقتها خارج منزلها, لا يمكن أن تهب للبيت جوه وعطره, لا يمكن أن تمنح للطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها, لا يمكن أن ترعى للزوج مكانته ولا أن تهيئ له ما يريد من السكينة والراحة والطمأنينة والهدوء.
إن بيوت الموظفات و العاملات لا تزيد عن جو الفنادق والمطاعم, لا يشيع فيها الأرج الذي يشيع في بيت الأم القائمة بواجبها، لإن البيت ليس جدرانًا وأبوابًا, ليس أثاثًا فخمًا منظمًا, كل ذلك لا قيمة له إذا فقد روحه وعطره وأرجه, البيت دون المرأة هو اسم دون حقيقة, وأرج البيت وأنسه لا يفوح إلا أن تطلقه زوجة, وحنان البيت لا يشيع إلا أن تتولاه أم.
والمرأة أو الأم أو الزوجة التي تقضي وقتها وطاقتها الروحية في العمل والوظيفة لن تنشر في البيت غالبًا إلا الإرهاق والهموم والكلال والملال, وأزواج الموظفات يعرفون ذلك ويشعرون به, إذ لا يكادون يحسون بالزوجة إلا في أوقات الإجازات, وقد يكون بعضهم مع طول الزمن قد تعود تلك الحياة، فأصبح لا يفرق ولا يشعر بشيء مما نذكر.
ومقتضى السكنى أن تبقى المرأة في البيت، تهيئ شؤونه، وترتب أموره انصياعًا لأمر الله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ ﴾ [ الأحزاب 33 ]، وهذا هو الأصل، وما سواه يعد خروجا عن الأصل له أحوال تقتضيه، وأسباب تستدعيه،: وهو خطاب موجه لأمهات المؤمنين أطهر النساء وأبعدهن عن الفتنة، فكيف بغيرهن؟!.
تأمل أيها المؤمن بربه فالله قد قال: ﴿قَرْنَ﴾ ولم يقل (امكثن) ولا (ابقين)، لأن ﴿قَرْنَ﴾ هذه تدل على جملة أشياء لابد لطالبة الحياء والحشمة منها، فهي إما من القرار وهو المكوث والاستقرار، وإما من الوقر وهو الثقل، وإما من الوقار وإما من قرة العين، فيكون المراد أي أقررن عيونًا في بيوتكن، أي في بيوتكن قرة عين فلا تتطلعن إلى ما جاوز ذلك، ولو تأملت كل هذا أختي الكريمة، لأدركت السر في إيثار هذا الفعل ﴿قَرْنَ﴾، وفي قراءة ﴿قِرْنَ﴾ على ما سواه، لأن كل هذه المعاني: القرار – الاستقرار – المكوث – الوقار – قرة العين – الثقل ، كلها مقصودة في حفظ المرأة ذات المنزلة الرفيعة في هذا الدين، ولم تحصل لها تلك الحماية إلا في بيتها، لذا قال سبحانه: ﴿ فِى بُيُوتِكُنَّ ﴾، فنسب البيوت إليهن لا إلى الرجال، وإلا لقال: (في بيوتكم) ، ولم يجعلها مطلقة، وإلا لقال: (في البيوت)، كل ذلك لندرك أن البيت بدون المرأة لا يستحق هذا الاسم, لأن البيت هو مستقر المرأة, ومثابة نفسها, ومبرز قدراتها, وحافظ حشمتها, هو مصنعها تجد فيه حقيقة ذاتها وتحقق فيه كيانها كما أرادها الله, غير مشوهة غير ملوثة غير مكدودة في غير وظيفتها التي هيأها الله لها بالفطرة.
وحتى يتم ذلك وتقوم المرأة بواجبها, وتؤدي مسؤوليتها, جعل سبحانه القوامة للرجل وجعل السعي والشقاء عليه, وألزمه بالنفقة, فقال سبحانه: ﴿ ٱلرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاء بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ ﴾, [ النساء 34 ].
وهذه الآية ذات مدلول عجيب, فالمذكور هنا هو (القوامة), لا الأمر ولا التعالي, ولا الاستعباد, كما يردد هؤلاء الموتورون, والقوامة هي الإدارة, فالزوج مدير لشؤون البيت, جاء في اللغة: قام الرجل المرأة: ( أي قام بشؤونها ), والقوَّام هو المبالغ في القيام بالأمر, فالرجل إذًا هو المأمور بالمحافظة الشديدة, والحياطة الأكيدة للمرأة وشؤون الأسرة.
وقد يقال: ولماذا الرجل دون المرأة؟.
الجواب: أن الإدارة لأي مؤسسة لا تعني الأفضلية من كل وجه, بل تعني القدرة, والمهارة في ذلك الأمر خصوصًا وهو الإدارة, والأسرة تحتاج إلى شيء مهم آخر وهو الكسب, والرجل في ذلك كله أبرز من المرأة, وأصبر على المشاق, وأقدر على تلقي الصدمات, وحل الأزمات, لذلك علل سبحانه قوامته بأمرين اقتضيا التفضيل في جانب الإدارة البيتية وهما: ﴿ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ ﴾.
إن تفضيل الرجل على المرأة, فيما يخص تكوينه الجسمي بل وحتى العقلي أضحى أمرًا معروفًا مقررًا, وهو يتواءم تمامًا مع مقتضيات المسؤولية والإدارة, لذا نرى أن رؤساء الدول حتى المنادية بحرية المرأة منها هم من الرجال, وكذلك المؤسسات الكبرى, والمواقع القيادية في كل دول العالم من قديم الزمن إلى وقتنا هذا, ويقول علماء الإدارة: الرئيس رجل.
والمرأة لها موقعها الذي تتميز به على الرجل بل وتفضله فيه, ذلك هو تربيتها لأولادها, ورعايتها لما في داخل بيتها فهي زوجة, وأم, وقد فضلت الأم على الأب (الرجل) ثلاث مرات في أحقية البر, المرأة أقدر من الرجل على الإنفاق من رصيد المشاعر الضخم لديها, إنها أكثر حنانًا ورحمة وشفقة, لذا فهي أقدر من الرجل على الاستمالة واحتواء الخلافات العاطفية, وحل المشكلات العائلية, كما أثبتت ذلك الدراسات النفسية, وهذا لا يكون بالإشعار بالندية, بل بالطاعة والاحتواء, وتلك قدرة فائقة لا يستطيعها كثير من الرجال.
ومما أهل الرجل للقوامة أيضًا (الكسب) كما قال سبحانه: ﴿ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ ﴾, والقانون العالمي يقول: من ينفق يشرف, والرجل في هذا المجال أقدر وأظهر على كل حال.
إن كل هذا يدل على أن مسؤولية القوامة تقييد وتكليف, ومن يريد نقلها إلى المرأة فهو لا يريد تحريرها كما يزعم, بل يريد تقييدها, بعدد من المسؤوليات التي لا تناسب طبيعتها.
الحمد لله الذي خلقنا ورزقنا , وحدد لنا مهمتنا في هذه الحياة , وشرع لكل جنس ما يناسبه ويصلحه , فقال سبحانه : ﴿ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن. فَضْلِهِ ﴾ [النساء 32 ] ، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير، محمد بن عبدالله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد.
فهذه وقفات مع آيات اشتملت على لطائف تخص عمل المرأة وخروجها من بيتها، أستهلها بهذا السؤال: هل لابد للمرأة من العمل خارج البيت، هل هو من الضروريات التي لاتقوم حياتها إلا بها؟
نقول إجابة على ذلك إن الذي يقتضيه العقل ، وجاء به النقل أن الذي يجب عليه الكد والعناء والتعب والشقاء هو الرجل، لأن الله سبحانه قال عن أبينا آدم وحواء: ﴿ فَقُلْنَا يٰـئَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ﴾ [ طه 117 ] كانا يعيشان في نعيم في الجنة، فحذرهما ربهما من إخراج الشيطان لهما من دار النعيم إلى دار العمل والتعب (الدنيا)، فقال سبحانه: ﴿ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ﴾، تأملي يا مؤمنة هذه الآية بعين بصيرتك، تجدين التحديد الدقيق لمهمة كلٍ من الرجل والمرأة في هذه الدنيا، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في طريق الهجرتين: (( انظر كيف شرك بينهما في الخروج ﴿ يُخْرِجَنَّكُمَا﴾، وخص الذكر بالشقاء ﴿ فَتَشْقَىٰ ﴾، وما قال: (فتشقيا) لاشتغاله وحده بالكسب والمعاش، والمرأة في خدرها )).
وهذا مدلول جلي من مدلولات الآية، لأن الله تعالى قال بعد ذلك: ﴿إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ ﴾ [ طه 118/119 ]كل ذلك في الجنة، أما في الدنيا فلك يا آدم الجوع والتعب والنصب والظمأ، إذن من الذي يتعب ويعمل ويشقى وينصب؟! إنه الرجل لا المرأة، لأن الله قال: ﴿ فَتَشْقَىٰ ﴾، وخص آدم وحده بذلك، أما المرأة فقال عنها سبحانه: ﴿ هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [ الأعراف 189 ] وقال سبحانه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[الروم 21]
وإن من أعظم آثار خروج المرأة من بيتها وتركها لمسؤولياتها اختلال نظام الأسرة وزعزعة كيان البيت بأكمله,لأن الأم المكدودة بالعمل, المرهقة بالأشغال المقيدة بمواعيدها, المستغرقة لطاقتها خارج منزلها, لا يمكن أن تهب للبيت جوه وعطره, لا يمكن أن تمنح للطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها, لا يمكن أن ترعى للزوج مكانته ولا أن تهيئ له ما يريد من السكينة والراحة والطمأنينة والهدوء.
إن بيوت الموظفات و العاملات لا تزيد عن جو الفنادق والمطاعم, لا يشيع فيها الأرج الذي يشيع في بيت الأم القائمة بواجبها، لإن البيت ليس جدرانًا وأبوابًا, ليس أثاثًا فخمًا منظمًا, كل ذلك لا قيمة له إذا فقد روحه وعطره وأرجه, البيت دون المرأة هو اسم دون حقيقة, وأرج البيت وأنسه لا يفوح إلا أن تطلقه زوجة, وحنان البيت لا يشيع إلا أن تتولاه أم.
والمرأة أو الأم أو الزوجة التي تقضي وقتها وطاقتها الروحية في العمل والوظيفة لن تنشر في البيت غالبًا إلا الإرهاق والهموم والكلال والملال, وأزواج الموظفات يعرفون ذلك ويشعرون به, إذ لا يكادون يحسون بالزوجة إلا في أوقات الإجازات, وقد يكون بعضهم مع طول الزمن قد تعود تلك الحياة، فأصبح لا يفرق ولا يشعر بشيء مما نذكر.
ومقتضى السكنى أن تبقى المرأة في البيت، تهيئ شؤونه، وترتب أموره انصياعًا لأمر الله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ ﴾ [ الأحزاب 33 ]، وهذا هو الأصل، وما سواه يعد خروجا عن الأصل له أحوال تقتضيه، وأسباب تستدعيه،: وهو خطاب موجه لأمهات المؤمنين أطهر النساء وأبعدهن عن الفتنة، فكيف بغيرهن؟!.
تأمل أيها المؤمن بربه فالله قد قال: ﴿قَرْنَ﴾ ولم يقل (امكثن) ولا (ابقين)، لأن ﴿قَرْنَ﴾ هذه تدل على جملة أشياء لابد لطالبة الحياء والحشمة منها، فهي إما من القرار وهو المكوث والاستقرار، وإما من الوقر وهو الثقل، وإما من الوقار وإما من قرة العين، فيكون المراد أي أقررن عيونًا في بيوتكن، أي في بيوتكن قرة عين فلا تتطلعن إلى ما جاوز ذلك، ولو تأملت كل هذا أختي الكريمة، لأدركت السر في إيثار هذا الفعل ﴿قَرْنَ﴾، وفي قراءة ﴿قِرْنَ﴾ على ما سواه، لأن كل هذه المعاني: القرار – الاستقرار – المكوث – الوقار – قرة العين – الثقل ، كلها مقصودة في حفظ المرأة ذات المنزلة الرفيعة في هذا الدين، ولم تحصل لها تلك الحماية إلا في بيتها، لذا قال سبحانه: ﴿ فِى بُيُوتِكُنَّ ﴾، فنسب البيوت إليهن لا إلى الرجال، وإلا لقال: (في بيوتكم) ، ولم يجعلها مطلقة، وإلا لقال: (في البيوت)، كل ذلك لندرك أن البيت بدون المرأة لا يستحق هذا الاسم, لأن البيت هو مستقر المرأة, ومثابة نفسها, ومبرز قدراتها, وحافظ حشمتها, هو مصنعها تجد فيه حقيقة ذاتها وتحقق فيه كيانها كما أرادها الله, غير مشوهة غير ملوثة غير مكدودة في غير وظيفتها التي هيأها الله لها بالفطرة.
وحتى يتم ذلك وتقوم المرأة بواجبها, وتؤدي مسؤوليتها, جعل سبحانه القوامة للرجل وجعل السعي والشقاء عليه, وألزمه بالنفقة, فقال سبحانه: ﴿ ٱلرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاء بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ ﴾, [ النساء 34 ].
وهذه الآية ذات مدلول عجيب, فالمذكور هنا هو (القوامة), لا الأمر ولا التعالي, ولا الاستعباد, كما يردد هؤلاء الموتورون, والقوامة هي الإدارة, فالزوج مدير لشؤون البيت, جاء في اللغة: قام الرجل المرأة: ( أي قام بشؤونها ), والقوَّام هو المبالغ في القيام بالأمر, فالرجل إذًا هو المأمور بالمحافظة الشديدة, والحياطة الأكيدة للمرأة وشؤون الأسرة.
وقد يقال: ولماذا الرجل دون المرأة؟.
الجواب: أن الإدارة لأي مؤسسة لا تعني الأفضلية من كل وجه, بل تعني القدرة, والمهارة في ذلك الأمر خصوصًا وهو الإدارة, والأسرة تحتاج إلى شيء مهم آخر وهو الكسب, والرجل في ذلك كله أبرز من المرأة, وأصبر على المشاق, وأقدر على تلقي الصدمات, وحل الأزمات, لذلك علل سبحانه قوامته بأمرين اقتضيا التفضيل في جانب الإدارة البيتية وهما: ﴿ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ ﴾.
إن تفضيل الرجل على المرأة, فيما يخص تكوينه الجسمي بل وحتى العقلي أضحى أمرًا معروفًا مقررًا, وهو يتواءم تمامًا مع مقتضيات المسؤولية والإدارة, لذا نرى أن رؤساء الدول حتى المنادية بحرية المرأة منها هم من الرجال, وكذلك المؤسسات الكبرى, والمواقع القيادية في كل دول العالم من قديم الزمن إلى وقتنا هذا, ويقول علماء الإدارة: الرئيس رجل.
والمرأة لها موقعها الذي تتميز به على الرجل بل وتفضله فيه, ذلك هو تربيتها لأولادها, ورعايتها لما في داخل بيتها فهي زوجة, وأم, وقد فضلت الأم على الأب (الرجل) ثلاث مرات في أحقية البر, المرأة أقدر من الرجل على الإنفاق من رصيد المشاعر الضخم لديها, إنها أكثر حنانًا ورحمة وشفقة, لذا فهي أقدر من الرجل على الاستمالة واحتواء الخلافات العاطفية, وحل المشكلات العائلية, كما أثبتت ذلك الدراسات النفسية, وهذا لا يكون بالإشعار بالندية, بل بالطاعة والاحتواء, وتلك قدرة فائقة لا يستطيعها كثير من الرجال.
ومما أهل الرجل للقوامة أيضًا (الكسب) كما قال سبحانه: ﴿ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ ﴾, والقانون العالمي يقول: من ينفق يشرف, والرجل في هذا المجال أقدر وأظهر على كل حال.
إن كل هذا يدل على أن مسؤولية القوامة تقييد وتكليف, ومن يريد نقلها إلى المرأة فهو لا يريد تحريرها كما يزعم, بل يريد تقييدها, بعدد من المسؤوليات التي لا تناسب طبيعتها.