قضايا وفوائد علمية للمناقشة من كتاب: ( التفسير ورجاله ) للشيخ محمد الفاضل ابن عاشور

إنضم
24 أبريل 2003
المشاركات
1,398
مستوى التفاعل
5
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ... وبعد ..
فمن الكتب المتأخرة في مناهج المفسرين كتاب: ( التفسير ورجاله ) للشيخ محمد الفاضل بن الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (ت: 1390هـ ) رحمهما الله تعالى، وفي هذا الكتاب فوائد وفرائد مهمة بحاجة للتأمل فيها ، وقضايا علمية ينبغي الوقوف معها ودراستها، أحببتُ نقل نتف قليلة منها، للعلم والمدارسة، أسأل الله أن ينفع بها:

1- الإجماع على أنه لم يرد في القرآن ما لا معنى له:
قال رحمه الله: ( وعلى ذلك انعقد إجماع الأمة الإسلامية على أن لكل لفظٍ في القرآن معناه الإرادي، وكل كلام له معناه التركيبي، وأنه لم يرد في القرآن ما لا معنى له ، ولم ترد فيه نصوص لها معان لا تُفهم إلا بالتوقيف عليها من طرف شخصٍ معيَّنٍ؛ بل إن كل ما فيه يدل على معانٍ ظاهرة، دلالته عليها بحسب الوضع اللغوي، وقوانين التركيب العربي ) [ 16 ].

2- القرآن يحتاج إلى التفسير حاجة عارضة لا أصلية:
قال رحمه الله: ( فالقرآن العظيم عندنا معاشر المسلمين، كلام دالٌّ على معانيه، دلالة مأخوذة بالطريق الواضح العادي لدلالة الكلام العربي، فليس هو على ذلك بمحتاج إلى التفسير احتياجاً أصلياً، ولكن حاجة القرآن إلى التفسير إنما هي حاجة عارضة، نشأت من سببين... ) ثم ذكرهما [ 17 ].

3 - ما أضافه ابن عباس رضي الله عنهما من الفهم اللغوي والأخبار لا تعد من التفسير بالمأثور:
ذكر رحمه الله أن ابن عباس رضي الله عنهما أضاف عناصر زائدة في التفسير وهي:
أ ـ العنصر اللغوي في فهم المفرد أو فهم سر التركيب، ويتخذ مادة لذلك من الشعر الجاهلي.
ب ـ عنصر الأخبار التي لم تجيء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم مما يرجع إلى بيان مبهمات القرآن.
ثم قال: ( ومن الظاهر أن هذين العنصرين ـ وإن وجدا في بعض كلام ابن عباس ـ لا يصح اعتبارهما من التفسير بالمأثور؛ لأن مرجعهما إلى الفهم وإلى المعرفة العامة مما يجوز أن يكون محل خلاف مقبول من طرف من يفهم فهماً غير الفهم الذي ارتضاه ابن عباس، اعتماداً على شاهد غير الذي اعتمد عليه أو جنوحاً إلى تخريج للتركيب على غير ما خرجه عليه، أو يكون محل خلاف معتبر أيضاً من طرف من عنده معرفة أمر من التواريخ أو أخبار الكتب السماوية القديمة يختلف عما عند ابن عباس ) [ 25 ـ 26 ].

4- أول من ألف في التفسير :
قال رحمه الله: ( فلما استهل القرن الثاني، ودخلت العلوم الإسلامية في دور التدوين، انبرى أحد الأئمة الثقاة من رجال الحديث: وهو عبد الملك بن جريج المتوفى سنة 149هـ إلى جمع تلك الأخبار في كتاب، فكان أول من ألف في التفسير ) [ 28 ].

5- يحيى بن سلام مؤسس طريقة التفسير الأثري النظري والطبري ربيبها:
قال رحمه الله: ( إذا اعتبرنا يحيى بن سلام مؤسس طريقة التفسير الأثري النظري، في القرن الثاني ـ وإنه لكذلك ـ فإن محمد بن جرير الطبري هو ربيب تلك الطريقة وثمرة ذلك الغراس ) [ 39 ].

6- تفسير ابن جرير الطبري يغلب فيه الجانب النظر على الأثر:
قال رحمه الله: ( وبهذه الطريقة أصبح تفسير ابن جرير الطبري تفسيراً علمياً، يغلب فيه جانب الأنظار غلبة واضحة على جانب الآثار ... فلذلك يصح أن نعتبره تحولاً في منهج التفسير ذا أثر بعيد، قطع به التفسير ما كان يربطه إلى علم الحديث من تبعية ملتزمة. بل إنه جعل العنصر الذي كان الحديث يسيطر به على التفسير أقل عناصر التفسير أهمية وذلك هو عنصر تفسير المبهمات، ومعرفة أسباب النزول، وجعل العنصر الذي لا غنى للتفسير فيه عن النقل، وهو عنصر بيان الأحكام معتمداً على فتاوى الفقهاء معتضداً بمعاقد الإجماع، وإن الذين يعتبرون تفسير الطبري تفسيراً أثرياً، أو من صنف التفسير بالمأثور، إنما يقتصرون على النظر إلى ظاهره بما فيه من كثرة الحديث والإسناد، ولا يتدبرون في طريقته وغاياته التي يصرح بها، من إيراد تلك الأسانيد المصنفة المرتبة الممحصة ) [ 44 ].

7- بين منهج التدريس الشرقي ومنهج التدريس المغربي للعلوم:
قال رحمه الله: (فكان منهج التدريس الشرقي شرحاً للكتب وتقريراً وتعليقاً، وكان منهج التدريس المغربي دراسة للعلوم وبحثاً وإملاء، وكانت بلاد الشرق العربي ملتقى لهذين المنهجين يتناظران بها حول الجامع الأزهر الشريف متجهاً أحدهما إلى الضفة الشرقية لوادي النيل وتجهاً الآخر إلى الضفة الغربية له ) [ 120 ].
وقال: ( عندما كان التفسير بالمغرب وتونس خاصةً يسير على منهج الإملاء والجمع والتحليل، في القرن الثامن والقرن التاسع، ويجلي فيه الإمام ابن عرفة وأصحابه، كان التفسير ببلاد الشرق الأوسط في إيران وما وراء النهر راكباً بحر التقرير والبحث والتفكيك، مغرقاً فيه، سابحاً بين أمواج متلاطمة من المباحث والأنظار تترامى على عبريه، وقد قام على أحدهما تفسير الكشاف، وقام على العبر الآخر تفسير البيضاوي ) [ 128 ].

8- الطريقة الأعجمية في تحرير العلوم :
قال رحمه الله في تفسير البيضاوي: ( وسبك تلك الأنظار البعيدة والتحارير العالية سبكاً دقيقاً رقيقاً، بناء على تنقيح العبارة وضبطها وتهذيبها واختصارها الاختصار المحكم القابل للبسط والإيضاح، على ما هي الطريقة المختارة المسلوكة يومئذ في تحرير العلوم، وهي المشتهرة عند العلماء بـ "الطريقة الأعجمية" ) [ 108 ].
هذه بعض القضايا العلمية، وهي نتيجة دراسة الشيخ رحمه الله لمناهج المفسرين، وخلاصات بحاجة إلى التأمل والنظر...
والله تعالى أعلم،،،
 
جميل ما قد نقلته شيخنا المبارك ،
استفدنا منه ، و لا حرمت الأجر بإذن الله .
 
جزاكم الله خيــراً على هذا الطرح الرائع والمفيد زادكم الله من فضله ولا حرمكم من أجره وجزيل ثوابه وعطائه ..بورك بكم..
 
ما شاء الله عقلية واعية و فهم راق ونقل مهم جزاك الله كل خير
وأحب أن أعلق على قوله عن ابن عباس رضى الله عنهما
أولا ينسحب هذا القول إلى بقية الصحابة
فماذا قال المحققون
هذا ما نقلته في رسالتي العالمية لعلكم تفيدوننا في هذا الموضوع قلت
قد علمنا أن الإمام القاسمي جعل في مقدمة تفسيره قاعدة أمهات مآخذه وجعل المرتبة الثانية بعد النقل عن النبي صلي الله عليه وسلم النقل عن الصحابي وذلك لأن تفسيره عندهم بمنزلة المرفوع إلي النبي صلي الله عليه وسلم وهذا كان سبب نزول أو نحوه وإلا فإنما هو موقوف كما قال الحاكم وابن الصلاح وغيرهما[1]وبين أن خير مراتب المفسرين هم صحابة النبي صلي الله عليه وسلم لما ثبت من الثناء عليهم في الكتاب والسنة ولأن القرآن أنزل علي لغتهم فالغلط عنهم أبعد من غيرهم ولأنهم سألوا رسول الله صلي الله عليه وسلم عما أشكل عليهم، كما نقل عن الزركشي قوله وأعلم أن القرآن قسمان قسم ورد تفسيره بالنقل وقسم لم يرد والأول إما أن يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم أو الصحابة أو رؤوس التابعين فالأول يبحث فيه عن صحة السند والثاني ينظر في تفسير الصحابي فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتماده أو بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه ……[2](3)
و الإمام القاسمي يعرف لكل ذي فضل فضله ويعلم ما للصحابة من درجة وفضيلة ويوضح أنه لاغني عن الرجوع إلي تفسيرهم فبعد أن ذكر تأويلاً لأبي علي الجبائى(ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدين والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم …. 1) قال: أقول: هذا التأويل المذكور وما قبله طريقة من لا يقف مع الآثار السلفية في التفسير ويرى مزاحمتهم في الاجتهاد في ذلك ذهاباً إلي أن ما لم يتواتر في معني الآية من خير أو إجماع فلا حجة في المروي منه آحاداً مرفوعاً أو موقوفاً وإن صح. وهذه الطريقة سبيل طائفة قصّرت في علم السمع وأقلت البحث عنه فنشأ من ذلك النقص في الدين والزيادة فيه بالرأي المحض ومذهبنا أن لا غني عن الرجوع إلي تفسير الصحابة رضي الله عنهم لما ثبت من الثناء عليهم في الكتاب والسنة ولأن القرآن أنزل علي لغتهم فالغلط أبعد عنهم من غيرهم لا سيما تفسير حبر الأمة وبحرها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فمتي صح الإسناد إليه كان تفسيره من أصح التفاسير مقدما علي كثير من الأئمة الجماهير لوجوه متعددة:

منها أنه رضي الله عنه ثبت عنه أنه كان لا يستحل التأويل بالرأي([3]) روي عنه أنه قال: من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار وفي رواية (بغير علم رواه أبو داود في العلم والنسائي والترمذي فإذا جزم رضي الله عنه بأمر كان دليلا علي رفعه كما أسلفنا في المقدمة [4] أما ما ذكر في المقدمة فقد ذكر فيها مراتب المفسرين وأن خيرهم الصحابة رضي الله عنهم وذكر أن ابن عباس أكثرهم تفسيرا وأن تفسيره من أصح التفاسير وذلك لوجوه :_
1_دعاء النبي صلي الله عليه وسلم له بالفقه في الدين وتعلم التأويل .
2_أن الصحابة اتفقوا علي تعظيمه في العلم عموما وفي التفسير خصوصا وسموه الحبر والبحر وقدمه عمر علي من هو أكبر منه من الصحابة .
3_كونه من أنه من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة .
4_أنه لم يكن يستحل التأويل بالرأي .
5_أن الطرق ٌإليه محفوظة غير منقطعة فصح منها تفسير نافع [5]
ونقل عن الزركشي قوله: وإن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة فإن أمكن الجمع فذاك إن تعذر قدم ابن عباس[6].

http://vb.tafsir.net/newreply.php?do=newreply&p=138312#_ftnref11_هذا ولأبي علي الجبائي تأويل آخر في الآية قال تقدير الآية ولكل شيء مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم موالي . ورثة فآتوهم نصيبهم أي فآتوا الموالي والورثة نصيبهم فقوله والذين عاقدت أيمانكم معطوف علي قوله والوالدان والأقربون والمعني إن ما ترك الذين عاقدت أيمانكم فله وارث هو أولي به وسمى الله تعالي الوارث مولى والمعني لا تدفعوا المال إلي الحليف بل إلي المولى والوارث .وقال أبو مسلم الأصفهاني : المراد بالذين عاقدت أيمانكم ) الزوج والزوجة والنكاح يسمي عقدا قال تعال( ولا تعزموا عقدة النكاح )(البقرة 235 ) فذكر تعالي الوالدين والأقربين وذكر معهم الزوج والزوجة ونظيره آية المواريث في أنه لما بين ميراث الولد والوالدين ذكر معهم ميراث الزوج والزوجة وقد ذكر القاسمي قبل أن المراد بهم الحلفاء أي التوارث بالحلف ثم نسخ بقوله (وأولوا الأرحام ). الأنفال 75 المحاسن : 5/12-16

[2] الترمذي أبواب في تفسير القرآن باب ما جاء في الذي يفسر القرآن8/277 التحفة وفيه ضعف

[3] المحاسن :5/1217

[4] مقدمة المحاسن 1/15

[5] مقدمة المحاسن : 1/11

[6] المائدة 6
 
عودة
أعلى