فهد الوهبي
Member
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ... وبعد ..
فمن الكتب المتأخرة في مناهج المفسرين كتاب: ( التفسير ورجاله ) للشيخ محمد الفاضل بن الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (ت: 1390هـ ) رحمهما الله تعالى، وفي هذا الكتاب فوائد وفرائد مهمة بحاجة للتأمل فيها ، وقضايا علمية ينبغي الوقوف معها ودراستها، أحببتُ نقل نتف قليلة منها، للعلم والمدارسة، أسأل الله أن ينفع بها:
1- الإجماع على أنه لم يرد في القرآن ما لا معنى له:
قال رحمه الله: ( وعلى ذلك انعقد إجماع الأمة الإسلامية على أن لكل لفظٍ في القرآن معناه الإرادي، وكل كلام له معناه التركيبي، وأنه لم يرد في القرآن ما لا معنى له ، ولم ترد فيه نصوص لها معان لا تُفهم إلا بالتوقيف عليها من طرف شخصٍ معيَّنٍ؛ بل إن كل ما فيه يدل على معانٍ ظاهرة، دلالته عليها بحسب الوضع اللغوي، وقوانين التركيب العربي ) [ 16 ].
2- القرآن يحتاج إلى التفسير حاجة عارضة لا أصلية:
قال رحمه الله: ( فالقرآن العظيم عندنا معاشر المسلمين، كلام دالٌّ على معانيه، دلالة مأخوذة بالطريق الواضح العادي لدلالة الكلام العربي، فليس هو على ذلك بمحتاج إلى التفسير احتياجاً أصلياً، ولكن حاجة القرآن إلى التفسير إنما هي حاجة عارضة، نشأت من سببين... ) ثم ذكرهما [ 17 ].
3 - ما أضافه ابن عباس رضي الله عنهما من الفهم اللغوي والأخبار لا تعد من التفسير بالمأثور:
ذكر رحمه الله أن ابن عباس رضي الله عنهما أضاف عناصر زائدة في التفسير وهي:
أ ـ العنصر اللغوي في فهم المفرد أو فهم سر التركيب، ويتخذ مادة لذلك من الشعر الجاهلي.
ب ـ عنصر الأخبار التي لم تجيء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم مما يرجع إلى بيان مبهمات القرآن.
ثم قال: ( ومن الظاهر أن هذين العنصرين ـ وإن وجدا في بعض كلام ابن عباس ـ لا يصح اعتبارهما من التفسير بالمأثور؛ لأن مرجعهما إلى الفهم وإلى المعرفة العامة مما يجوز أن يكون محل خلاف مقبول من طرف من يفهم فهماً غير الفهم الذي ارتضاه ابن عباس، اعتماداً على شاهد غير الذي اعتمد عليه أو جنوحاً إلى تخريج للتركيب على غير ما خرجه عليه، أو يكون محل خلاف معتبر أيضاً من طرف من عنده معرفة أمر من التواريخ أو أخبار الكتب السماوية القديمة يختلف عما عند ابن عباس ) [ 25 ـ 26 ].
4- أول من ألف في التفسير :
قال رحمه الله: ( فلما استهل القرن الثاني، ودخلت العلوم الإسلامية في دور التدوين، انبرى أحد الأئمة الثقاة من رجال الحديث: وهو عبد الملك بن جريج المتوفى سنة 149هـ إلى جمع تلك الأخبار في كتاب، فكان أول من ألف في التفسير ) [ 28 ].
5- يحيى بن سلام مؤسس طريقة التفسير الأثري النظري والطبري ربيبها:
قال رحمه الله: ( إذا اعتبرنا يحيى بن سلام مؤسس طريقة التفسير الأثري النظري، في القرن الثاني ـ وإنه لكذلك ـ فإن محمد بن جرير الطبري هو ربيب تلك الطريقة وثمرة ذلك الغراس ) [ 39 ].
6- تفسير ابن جرير الطبري يغلب فيه الجانب النظر على الأثر:
قال رحمه الله: ( وبهذه الطريقة أصبح تفسير ابن جرير الطبري تفسيراً علمياً، يغلب فيه جانب الأنظار غلبة واضحة على جانب الآثار ... فلذلك يصح أن نعتبره تحولاً في منهج التفسير ذا أثر بعيد، قطع به التفسير ما كان يربطه إلى علم الحديث من تبعية ملتزمة. بل إنه جعل العنصر الذي كان الحديث يسيطر به على التفسير أقل عناصر التفسير أهمية وذلك هو عنصر تفسير المبهمات، ومعرفة أسباب النزول، وجعل العنصر الذي لا غنى للتفسير فيه عن النقل، وهو عنصر بيان الأحكام معتمداً على فتاوى الفقهاء معتضداً بمعاقد الإجماع، وإن الذين يعتبرون تفسير الطبري تفسيراً أثرياً، أو من صنف التفسير بالمأثور، إنما يقتصرون على النظر إلى ظاهره بما فيه من كثرة الحديث والإسناد، ولا يتدبرون في طريقته وغاياته التي يصرح بها، من إيراد تلك الأسانيد المصنفة المرتبة الممحصة ) [ 44 ].
7- بين منهج التدريس الشرقي ومنهج التدريس المغربي للعلوم:
قال رحمه الله: (فكان منهج التدريس الشرقي شرحاً للكتب وتقريراً وتعليقاً، وكان منهج التدريس المغربي دراسة للعلوم وبحثاً وإملاء، وكانت بلاد الشرق العربي ملتقى لهذين المنهجين يتناظران بها حول الجامع الأزهر الشريف متجهاً أحدهما إلى الضفة الشرقية لوادي النيل وتجهاً الآخر إلى الضفة الغربية له ) [ 120 ].
وقال: ( عندما كان التفسير بالمغرب وتونس خاصةً يسير على منهج الإملاء والجمع والتحليل، في القرن الثامن والقرن التاسع، ويجلي فيه الإمام ابن عرفة وأصحابه، كان التفسير ببلاد الشرق الأوسط في إيران وما وراء النهر راكباً بحر التقرير والبحث والتفكيك، مغرقاً فيه، سابحاً بين أمواج متلاطمة من المباحث والأنظار تترامى على عبريه، وقد قام على أحدهما تفسير الكشاف، وقام على العبر الآخر تفسير البيضاوي ) [ 128 ].
8- الطريقة الأعجمية في تحرير العلوم :
قال رحمه الله في تفسير البيضاوي: ( وسبك تلك الأنظار البعيدة والتحارير العالية سبكاً دقيقاً رقيقاً، بناء على تنقيح العبارة وضبطها وتهذيبها واختصارها الاختصار المحكم القابل للبسط والإيضاح، على ما هي الطريقة المختارة المسلوكة يومئذ في تحرير العلوم، وهي المشتهرة عند العلماء بـ "الطريقة الأعجمية" ) [ 108 ].
هذه بعض القضايا العلمية، وهي نتيجة دراسة الشيخ رحمه الله لمناهج المفسرين، وخلاصات بحاجة إلى التأمل والنظر...
فمن الكتب المتأخرة في مناهج المفسرين كتاب: ( التفسير ورجاله ) للشيخ محمد الفاضل بن الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (ت: 1390هـ ) رحمهما الله تعالى، وفي هذا الكتاب فوائد وفرائد مهمة بحاجة للتأمل فيها ، وقضايا علمية ينبغي الوقوف معها ودراستها، أحببتُ نقل نتف قليلة منها، للعلم والمدارسة، أسأل الله أن ينفع بها:
1- الإجماع على أنه لم يرد في القرآن ما لا معنى له:
قال رحمه الله: ( وعلى ذلك انعقد إجماع الأمة الإسلامية على أن لكل لفظٍ في القرآن معناه الإرادي، وكل كلام له معناه التركيبي، وأنه لم يرد في القرآن ما لا معنى له ، ولم ترد فيه نصوص لها معان لا تُفهم إلا بالتوقيف عليها من طرف شخصٍ معيَّنٍ؛ بل إن كل ما فيه يدل على معانٍ ظاهرة، دلالته عليها بحسب الوضع اللغوي، وقوانين التركيب العربي ) [ 16 ].
2- القرآن يحتاج إلى التفسير حاجة عارضة لا أصلية:
قال رحمه الله: ( فالقرآن العظيم عندنا معاشر المسلمين، كلام دالٌّ على معانيه، دلالة مأخوذة بالطريق الواضح العادي لدلالة الكلام العربي، فليس هو على ذلك بمحتاج إلى التفسير احتياجاً أصلياً، ولكن حاجة القرآن إلى التفسير إنما هي حاجة عارضة، نشأت من سببين... ) ثم ذكرهما [ 17 ].
3 - ما أضافه ابن عباس رضي الله عنهما من الفهم اللغوي والأخبار لا تعد من التفسير بالمأثور:
ذكر رحمه الله أن ابن عباس رضي الله عنهما أضاف عناصر زائدة في التفسير وهي:
أ ـ العنصر اللغوي في فهم المفرد أو فهم سر التركيب، ويتخذ مادة لذلك من الشعر الجاهلي.
ب ـ عنصر الأخبار التي لم تجيء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم مما يرجع إلى بيان مبهمات القرآن.
ثم قال: ( ومن الظاهر أن هذين العنصرين ـ وإن وجدا في بعض كلام ابن عباس ـ لا يصح اعتبارهما من التفسير بالمأثور؛ لأن مرجعهما إلى الفهم وإلى المعرفة العامة مما يجوز أن يكون محل خلاف مقبول من طرف من يفهم فهماً غير الفهم الذي ارتضاه ابن عباس، اعتماداً على شاهد غير الذي اعتمد عليه أو جنوحاً إلى تخريج للتركيب على غير ما خرجه عليه، أو يكون محل خلاف معتبر أيضاً من طرف من عنده معرفة أمر من التواريخ أو أخبار الكتب السماوية القديمة يختلف عما عند ابن عباس ) [ 25 ـ 26 ].
4- أول من ألف في التفسير :
قال رحمه الله: ( فلما استهل القرن الثاني، ودخلت العلوم الإسلامية في دور التدوين، انبرى أحد الأئمة الثقاة من رجال الحديث: وهو عبد الملك بن جريج المتوفى سنة 149هـ إلى جمع تلك الأخبار في كتاب، فكان أول من ألف في التفسير ) [ 28 ].
5- يحيى بن سلام مؤسس طريقة التفسير الأثري النظري والطبري ربيبها:
قال رحمه الله: ( إذا اعتبرنا يحيى بن سلام مؤسس طريقة التفسير الأثري النظري، في القرن الثاني ـ وإنه لكذلك ـ فإن محمد بن جرير الطبري هو ربيب تلك الطريقة وثمرة ذلك الغراس ) [ 39 ].
6- تفسير ابن جرير الطبري يغلب فيه الجانب النظر على الأثر:
قال رحمه الله: ( وبهذه الطريقة أصبح تفسير ابن جرير الطبري تفسيراً علمياً، يغلب فيه جانب الأنظار غلبة واضحة على جانب الآثار ... فلذلك يصح أن نعتبره تحولاً في منهج التفسير ذا أثر بعيد، قطع به التفسير ما كان يربطه إلى علم الحديث من تبعية ملتزمة. بل إنه جعل العنصر الذي كان الحديث يسيطر به على التفسير أقل عناصر التفسير أهمية وذلك هو عنصر تفسير المبهمات، ومعرفة أسباب النزول، وجعل العنصر الذي لا غنى للتفسير فيه عن النقل، وهو عنصر بيان الأحكام معتمداً على فتاوى الفقهاء معتضداً بمعاقد الإجماع، وإن الذين يعتبرون تفسير الطبري تفسيراً أثرياً، أو من صنف التفسير بالمأثور، إنما يقتصرون على النظر إلى ظاهره بما فيه من كثرة الحديث والإسناد، ولا يتدبرون في طريقته وغاياته التي يصرح بها، من إيراد تلك الأسانيد المصنفة المرتبة الممحصة ) [ 44 ].
7- بين منهج التدريس الشرقي ومنهج التدريس المغربي للعلوم:
قال رحمه الله: (فكان منهج التدريس الشرقي شرحاً للكتب وتقريراً وتعليقاً، وكان منهج التدريس المغربي دراسة للعلوم وبحثاً وإملاء، وكانت بلاد الشرق العربي ملتقى لهذين المنهجين يتناظران بها حول الجامع الأزهر الشريف متجهاً أحدهما إلى الضفة الشرقية لوادي النيل وتجهاً الآخر إلى الضفة الغربية له ) [ 120 ].
وقال: ( عندما كان التفسير بالمغرب وتونس خاصةً يسير على منهج الإملاء والجمع والتحليل، في القرن الثامن والقرن التاسع، ويجلي فيه الإمام ابن عرفة وأصحابه، كان التفسير ببلاد الشرق الأوسط في إيران وما وراء النهر راكباً بحر التقرير والبحث والتفكيك، مغرقاً فيه، سابحاً بين أمواج متلاطمة من المباحث والأنظار تترامى على عبريه، وقد قام على أحدهما تفسير الكشاف، وقام على العبر الآخر تفسير البيضاوي ) [ 128 ].
8- الطريقة الأعجمية في تحرير العلوم :
قال رحمه الله في تفسير البيضاوي: ( وسبك تلك الأنظار البعيدة والتحارير العالية سبكاً دقيقاً رقيقاً، بناء على تنقيح العبارة وضبطها وتهذيبها واختصارها الاختصار المحكم القابل للبسط والإيضاح، على ما هي الطريقة المختارة المسلوكة يومئذ في تحرير العلوم، وهي المشتهرة عند العلماء بـ "الطريقة الأعجمية" ) [ 108 ].
هذه بعض القضايا العلمية، وهي نتيجة دراسة الشيخ رحمه الله لمناهج المفسرين، وخلاصات بحاجة إلى التأمل والنظر...
والله تعالى أعلم،،،